أقــلام وآراء إسرائيلي (594) الاربعاء 02/04/2014 م
في هــــــذا الملف
ينبغي الحداد على ادانة اولمرت
بقلم: ابراهام تيروش ،عن معاريف
صندوق أوبئة مهندس حرب لبنان الثانية
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هآرتس
رئيس حكومة جيد أسقطه الفساد
بقلم: يوسي فيرتر ،عن هآرتس
النخب عرفت وأفسدت مملكتها
بقلم: آري شبيط،عن هآرتس
أسرار تغريدات العصافير في السعودية والإمارات
بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس
ينبغي الحداد على ادانة اولمرت
بقلم: ابراهام تيروش ،عن معاريف
انظر لترى عارنا، الويل لما حصل لنا’، هذه آية للحداد على التاسع من آب. وكنت أتقدم بها لأرفعها اليوم على رؤوس الأشهاد بيافطات ضخمة تصرخ بالبكاء وتؤبن بالذات في اليوم الذي بين البوريم والفصح. ولكن بلدة يسراباكا ضجت فرحا. احتفال حقيقي رئيس وزراء سابق يدان بالأعمال الجنائية ونوع من الفرح كسى أقوال المذيعين والمحللين والقانونيين، وهيا نعترف ايضا بان هذا شمل الكثيرين من الناس العاديين في اسرائيل. بمعنى ان أخيرا امسكوا بالحرامي. ذاك الذي خدعنا وخدع الدولة لزمن طويل وبدد اداناته السابقة بالتبرئة إثر التبرئة.
أما أنا بالذات فكنت أعلن عن يوم حداد وطني تنكس فيه الاعلام. يمكن التباهي بدولة تعرف كيف تحاكم زعماءها الذين فسدوا ولكن ماذا يفعل الفرح في هذا؟ ينبغي البكاء، الحداد، الحزن، وارتداء السواد.
ان ادانة اولمرت تكمل دائرة. والان يوجد لنا رئيس سجن، رئيس وزراء مدان، اربعة وزراء، بينهم كبار ادينوا هم ايضا وثلاثة منهم حبسوا. ومثلهم ايضا نواب ورؤساء سلطات محلية وموظفون كبار. ويكاد لا يكون اسبوع لا يكون فيه شخصية عامة ما تخضع للتحقيق. بالفعل، الويل لما حصل لنا!
الحنين يشوه غير مرة الواقع. ومع ذلك، لا يمكن للمرء أن يفر من المقارنة مع زعمائنا، رؤساء الوزراء والوزراء، في الماضي الابعد. صحيح، كانت ثغرات ايضا في الطريق الذي اداروا به حياتنا والدولة ‘البطاقات’، الافضلية لجماعتهم، تعظيم الحزب الحاكم وتفضيله وامور اخرى ولكنهم لم يفعلوا شيئا لبيوتهم ولجيوبهم. بقوا متواضعين في نمط حياتهم، وفي اعقابهم سارت الدولة وهي ترتدي ملابس ‘آتا’. فكروا مثلا ببن غوريون، شاريت، اشكول، غولدا، بيغن وشمير وقارنوهم بزعمائنا من الجيل ‘الشاب’، أولئك الذين أدينوا وأولئك الذين لم يدانوا من محبي الحياة الطيبة والسيجار.
وها هي قصة عن رئيس الوزراء ووزير الخارجية في الخمسينيات موشيه شاريت، تظهر في يومياته التي نشرها ابنه يعقوب. فبعد أن نحاه بن غوريون عن الحكومة، بقي شاريت بلا شقة خاصة به واضطر الى طلب الركوب بالمجان، ضمن آخرين من تيدي كوليك كي يصل الى جلسات مؤسسات حزبه في تل ابيب. وذات يوم تلقى طلبا من سيدة ما في لندن عرضت عليه الخروج في حملة محاضرات في الولايات المتحدة مقابل مبلغ بائس جدا للمحاضرة. وقد ثار شاريت غضبا ليس بسبب المبلغ بل لان السيدة المذكورة مجرد فكرت على الاطلاق بانه سيجني المال مقابل علم اكتسبه في اطار مناصبه العامة الوطنية. ارووا هذا لبيبي، باراك واولمرت، وهم سيتفجرون ضحكا.
من السهل القفز الان الى الاقوال المتطرفة مثل ‘الدولة كلها فاسدة اليوم. انتهى عصر المثاليين. الاجواء السائدة هي ‘كل واشرب’ واصنع لبيتك بكل وسيلة. جرائم الياقة البيضاء المتسعة تمثل التغيير الذي مر على اسرائيل وزعماؤها، وما العمل، نشأوا منها وبروحها وهم لحم من لحمها. الويل لنا اذا كان هذا صحيحا. وهذا بذاته جدير بالحداد. العكس التام هو ما ينبغي أن يكون صحيحا: الزعماء ملزمون بان يشكلوا قدوة لشعبهم وان يقودوه وراءهم في الطريق القويم، حتى اذا وعندما تهب ريح اخرى، فاسدة وخاطئة، بوجوههم بقوة.
هم لا يفعلون ذلك. لديهم على ما يبدو مشاكل أهم لمعالجتها. وربما هم غير قادرين. ونحن، مرة اخرى الويل لنا، نبقى مع الاية الشهيرة من سفر يشعياهو: ‘وزراؤك عاقون واصدقاء للسارقين. الكل يحب الرشوة ويسعى الى الشهوات’. نعم، كان هو نبيا هذا اليشعياهو. وقد عرف ما يتنبأ به.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
صندوق أوبئة مهندس حرب لبنان الثانية
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هآرتس
ولدت قضية هولي لاند التي أُدين ايهود اولمرت أمس بسببها لتلقيه رشوة، ولدت في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي وانتقلت الى السنوات الاولى من العقد السابق. ويتبين الآن أنه في الوقت الذي كانت فيه عمليات الحافلات التفجيرية تهشم القدس، كانت لرئيس بلديتها اشغال اخرى. وإن سائر القضايا المعوجة التي خلص ايهود اولمرت من أكثرها الى الآن بصعوبة، مغروسة في تلك الفترة.
إن مركز الاستثمارات، ومغلفات الاموال، وريشون تورز، وبنك ليئومي، كلها حدثت حينما كان اولمرت رجل حياة عامة تولى مناصب مركزية (رئيس بلدية ووزير التجارة والصناعة ووزير المالية). ونقول بعبارة اخرى إن كل شبهات الجنايات هذه صيغت قبل أن تنقل الجلطة الدماغية التي أصيب بها اريئيل شارون، اولمرت الى ديوان رئيس الوزراء في كانون الثاني 2006، بكثير.
إن هذا الجدول الزمني يثير سؤالا واحدا وهو ماذا اعتقد بحق الشيطان؟ إنه لمعلوم بحسب قرارات المحكمة أن اولمرت عمل عن تضارب مصالح على تقديم مشروعات لمقربين منه في مركز الاستثمارات، وأنه حصل على مبالغ مالية ضخمة في مغلفات من رجل اعمال امريكي (برغم أن المحكمة لم تقتنع بأن ذلك كان لاحتياجات شخصية ولهذا برأته)، ودارت حوله صناعة متشعبة غير عادية من رحلات الى خارج البلاد، وحصل على نصف مليون شيكل رشوة لاحلال خطط بناء مرفوضة. كان اولمرت عالما بكل ذلك على نحو ما حتى حينما ورث مكان شارون.
لندع حقيقة أنه تولى المنصب دون خلفية أمنية سياسية جوهرية، وهو شيء برز الى حد الألم في صورة ادارته لحرب لبنان الثانية بعد نصف سنة. ألم يخش حينما عُين لأهم وظيفة في اسرائيل من أنه قد يتعرض لابتزاز؟ ومن أن الكثير جدا من الناس من ماضيه يعرفون عنه معلومات يمكن أن تكلفه عمله؟ يبدو في نظرة الى الوراء أنه توجد اماكن يجب على الانسان أن يقول فيها شكرا على التكريم، لكن الحقيقة أن هذا المنصب أكبر مني في هذه الظروف.
إن رؤساء حكومات اسرائيل في الجيل الاخير بعيدون عن أن يكونوا أنقياء بلا فساد. ويبدو أن لا أحد منهم يستحق أن يكون قدوة اخلاقية وادارية سليمة. فقد بلغت قضايا تتعلق بهم جميعا الى غرف التحقيق: اهود باراك والجمعيات، واريئيل شارون والجزيرة اليونانية وسيريل كيرن وجمعيات اخرى، وبنيامين نتنياهو والهدايا. ولا بد أن اولمرت كان يعلم أنه في ازمات أعمق من ازمات كل هؤلاء. ويبرهن تأثيمه أمس اذا لم يتحول بالاستئناف على أن تعيينه رئيسا للوزراء في 2006 كان فاسدا من الأساس.
وتثور في هذا السياق فكرة كئيبة اخرى. إن اولمرت قد دافع عنه على الدوام مدة عشر سنوات جهاز اعلامي كان يثني على قدراته على القيادة والادارة، وامتدح اعتداله السياسي واستخف بسلسلة تحقيقات صحفية عن اعماله. ووجد محامون وخبراء علاقات عامة مختصون كسبوا رزقهم من ذلك، لكن عمل معهم غير قليل من الصحفيين والمقربين قاموا بعملهم تطوعا. وقد كشف قرار المحكمة أمس ستار الدخان حول قضية هولي لاند.
وهذه فرصة اخرى لنقول كلاما واضحا ايضا في الانجاز المريب الثاني الذي سيتم تذكر اولمرت بفضله عدا أنه أول رئيس حكومة اسرائيلي يُحكم عليه بالرشوة، وأعني الحرب في صيف 2006. فتلك الحرب برغم الدعاوى التي يشيعها اولمرت وأنصاره منذ ذلك الحين قد أُديرت على نحو فظيع. وخرجت القيادة الاسرائيلية اليها في غرور وعدم تفكير ودون أن تفهم معنى القرارات الحاسمة التي اتخذتها. وقد تعوجت في قراراتها في الثلاثين يوما التي تلت ذلك، وهي تستعمل وحدات الجيش الاسرائيلي دون وجود هدف واضح. وفي المرحلة الاخيرة الحاسمة من الحرب وافقت على مسار تقدم قبيح كلف حياة 33 جنديا في ستين ساعة دون أن يكون له انجاز حقيقي واحد.
إن الهدوء الذي يسود حدود لبنان منذ نحو من ثماني سنوات ليس نتيجة ادارة اولمرت اللامعة بل هو نتيجة الدمار الذي سببه الطرفان بعضهما لبعض، فقد أدركت اسرائيل وحزب الله جيدا ما الذي يمكن أن تُحدثه قوة نيران العدو في جبهتيهما الداخليتين؛ هذا الى أن حزب الله مشغول في السنوات الثلاث الاخيرة بمساعدة نظام الاسد في سوريا. ومن الممكن جدا أن يكون اولمرت صرف بحكمة عملية قصف المنشأة الذرية السورية التي نسبت الى اسرائيل في 2007.
قد يكون مديرا بالفطرة وشخصا حميما محسنا، كما يُقسم كل من عمل معه تقريبا. لكن ما كان يجب أن ينهي حياته العامة في آذار 2009 مع تقدم الاجراءات في محاكمة تلنسكي ولا أمس على إثر الادانة، بل كان يكفي ما أحدثه في لبنان. كان يجب أن يستقيل في 14 آب 2006 وهو اليوم الذي دخلت فيه الهدنة التي وافق على قبولها بتأخر باهظ جدا، حيز التنفيذ.
لم أستطع منذ أن نشر الحكم أن أتحرر من التفكير في قائدي سريتين كتبت عنهما قتلا في ذلك الشهر اللعين في لبنان. كيف كان سيكون اعتقادهما في الشخص الذي أرسلهما الى الحرب لو علما أنه يوجد وراءه آنذاك صندوق أوبئة كهذا؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
رئيس حكومة جيد أسقطه الفساد
بقلم: يوسي فيرتر ،عن هآرتس
كان رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت رئيس وزراء جيدا بل من أفضل رؤساء الوزراء في اسرائيل لكن الفساد أسقطه فصار من الصعب أن ينافس أحد اليوم نتنياهو في رئاسة الوزراء
إن طلاب دروس المدنيات الفتيان الذين ينظرون لاجل الدراسة في الصورة الاحتفالية لوزراء الحكومة الـ 31 لدولة اسرائيل التي التقطت في يوم أدائهم القسم في بيت الرئيس في شهر أيار 2006، سيسألون أنفسهم في تعجب: ما الذي كان هناك بحق الشيطان؟ أذاك جدي؟ هل أداروا حقا الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط قبل ست سنوات أو سبع فقط حينما كنا اولادا صغارا؟ ليس من الممكن، سيقولون لأنفسهم غير مصدقين، أن يكون رئيس الدولة الجالس في وسط الصورة أُدين باغتصاب وأُرسل الى السجن، وأن يكون رئيس الوزراء الجالس بجانبه قد أُدين بتلقي رشوة وبخيانة أمانة قبل ذلك، وأن يكون وزير المالية الذي له صورة الجد القائم فوقهما قد أُدين بسرقة وحكم عليه بالسجن، وأن يكون وزير القضاء الحبيب البسام قد أُدين بجناية جنسية ضئيلة في الحقيقة، وعوقب باعمال خدمة.
لكن الامر كذلك للأسف الشديد. إن إدانة اولمرت بأشد جناية ينسبها سفر القوانين لرجل حياة عامة تُقربه بخطوات واسعة جدا الى السجن، هذا مع فرض ألا ينقلب قرار المحكمة في المحكمة العليا بالاستئناف الذي من المؤكد أنه سيُقدم. وتواجهه الى ذلك عقبتان جديتان أخريان وهما قرار العليا المتوقع في استئناف الدولة على تبرئته من قضايا مغلفات المال التي تلقاها من موريس تلنسكي والرحلات المزدوجة لـ ‘ريشون تورز′. وليس من الواضح الى الآن ماذا سيكون مآل قضية التشويش على الاجراءات الجديدة المنسوبة اليه في ظاهر الامر في الاشرطة المسجلة التي قدمتها الى الشرطة رئيسة مكتبه في الماضي شولا (‘محارِبة الفساد’ كما عرفها الدفاع) زاكين. لكن على ألا تطلب ايقاد شعلة في يوم الاستقلال القريب مع النساء الاخريات.
من المؤكد أنه يوجد شامتون كثيرون اليوم باولمرت. ولا يشعر سوى قليلين ممن كانوا يأملون عودته، بخيبة الأمل وبالأسى. لكن يجب أن نقول في هذا اليوم خاصة شيئا ليس من المعتاد وهو أن اولمرت كان رئيس وزراء جيدا، بل كان من أفضل من تولوا رئاسة الوزراء هنا: فقد أحسن توجيه الحكومة والائتلاف الحكومي وادارتهما، وقام بذلك في ظروف عسيرة جدا مع اظهار علاقات انسانية لا مثيل لها؛ وكانت له علاقات ممتازة بكثير من زعماء العالم كانوا يودونه كثيرا ونشأت بينهم صداقة شخصية نادرة؛ وقد أثار الاعجاب ببرود أعصابه عند اتخاذ القرارات في شؤون أمنية مصيرية. وعرف كيف يخاطر مخاطرة منضبطة وواجبة حينما أرسل طائرات وجنودا الى ما وراء خطوط العدو، كما أظهر شجاعة ورؤيا باستعداده أن يمضي نحو الفلسطينيين كما لم يفعل أحد من أسلافه؛ حتى إن حرب لبنان الثانية التي جعلته مكروها عند الشعب وحظيت بتقرير قاتل، تبدو معقولة اذا نظرنا لها بمنظار ثماني سنوات، مع الهدوء الذي يسود الحدود الشمالية منذ ذلك الحين ومع الردع الذي تم احرازه.
كان اولمرت منذ ثلاثة عقود مع مناصب عامة كثيرة تولاها، يسير على الحبل الدقيق بين الحلال والحرام، والجنائي و’العام’، والمحتمل وغير المناسب والصالح والفاسد. ونجح مرة بعد اخرى منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي في الخلاص من القانون وكان ذلك احيانا بعد تضييق الخناق عليه جدا. وقد ولد هذا التسلسل نظرتين اليه: قالت الاولى إن هذا الرجل فاسد من الأساس لكنه فنان في التخلص من مخالب القانون. ونسبت الثانية الى جهاز تطبيق القانون وسوسة غير متحكم فيها وغير مغتفرة في شأنه. وزعمت الاولى أنه هو هو الرمز الواضح الى فساد الحكم. وصرخت الثانية مع الدموع: حسبكم، دعوا اولمرت وشأنه!.
وانتصرت اليوم النظرة الاولى، فبعد عدة ضربات شديدة تلقتها النيابة العامة بسبب تقديرها الامور فيما يتعلق بعاملين كبار في الحياة العامة كان آخرهم وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي بُريء في المحكمة جاءت الادانة اليوم فقومت الظهور المعوجة للمدعين العامين من شارع صلاح الدين في شرقي القدس.
إن ابعاد اولمرت على نحو نهائي ورسمي لا عودة عنه هذه المرة عن كل صلة بالسياسة، لا يؤثر ألبتة في الجهاز السياسي. وقد كثر التساؤل حوله قبيل الانتخابات الاخيرة قبل سنة وربع تقريبا: هل يعود أم لا يعود؟ هل يتحدى نتنياهو أم لا يتحداه؟ واحتار اولمرت وتردد وتعذب، واستقر رأيه في الدقيقة التسعين على ألا يقرر وبقي خارج الملعب وحسنا فعل، فخمنوا أنه كان نافس وأصبح رئيس وزراء ثم أُدين بعد سنة بقضية هولي لاند.
في تلك الايام ايضا حينما كانت دولة كاملة وشخصيات سياسية ووطنية جدية جدا من تسيبي لفني وشاؤول موفاز الى يئير لبيد وروني بار أون وداليا ايتسيك ومئير دغان ويوفال ديسكن ينتظرون وقد حبسوا أنفاسهم القرار الحاسم للمسؤول السابق الذي اشتاق الى العودة، ولم يكن مرشحا ذا شعبية عند أكثر الشعب بل كان بعيدا عن ذلك. إن مؤيديه ولن نقول مُجليه، كانوا يُعدون في طبقة دقيقة عليّة من بين نخب معسكر المركز اليسار في الأساس: من وسائل الاعلام ومن الأمن وأرباب المال والاقتصاد والاكاديميا.
وكان هناك مرشح محتمل آخر جمع حوله وقتا قصيرا آمالا وتوقعات مشابهة وهو رئيس الاركان السابق غابي اشكنازي. وأصبحا اليوم مُحيدين ممنوعين من الانضمام الى الساحة السياسية، لكن الفرق بينهما كبير: فاشكنازي بريء بالطبع بيد أنه متورط في تلك القضية. وأما اولمرت فسيشغل كما قلنا المحاكم سنوات بعد. ومع عدم وجود هذين الاثنين يصعب في هذه المرحلة أن نرى من هو المرشح الذي سينجح في منع بنيامين نتنياهو من فترة ولاية رابعة رئيسا للوزراء. ومن المؤكد أنه لن يكون يئير لبيد الذي خيب الرجاء. ويبدو أنه لن يكون اسحق هرتسوغ الذي يتمتع بعدد من القدرات ليكون رئيس وزراء.
إن اشكنازي واولمرت، واولمرت واشكنازي هما باختصار صورة لفظ معسكر المركز اليسار في اسرائيل أنفاسه في نيسان 2014.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
النخب عرفت وأفسدت مملكتها
بقلم: آري شبيط،عن هآرتس
كان الفساد مكتوبا في الجبل، فكل من عاش في القدس علم أن الجبل فاسد. وكل مقدسي لم يحصل من رئيس بلدية القدس على سبق صحفي أو معانقة أو نسب بناء علم أن رئيس بلدية القدس فاسد. ومع كل ذلك ارتفع رئيس بلدية القدس رتبة بعد اخرى وصار وزيرا رفيع المستوى ثم صار قائما بأعمال رئيس الوزراء ثم رئيس الوزراء. وأصبح رئيس بلدية القدس الفاسد بدعم فاعل من النخب الاسرائيلية، رئيس الوزراء الفاسد لدولة اسرائيل. فقد احتشدت النخب التي اختارت ألا ترى الكتابة في الجبل حول الفاسد من الجبل ومسحته بزيت الملك وبذلك خانت عملها وبذلك أفسدت مملكتها. فالى أين، الى أين سيبعدون العار الآن.
لن أنسى ألبتة تلك الايام المظلمة. فقد كنت أحضر في ايام الجمعة الى برنامج تلفاز كان والد وزير المالية (الحالي) والعم (المجازي) لوزير المالية يشتمانني ويسبانني فيه لأنني كنت أقول إنه يوجد فساد في رأس الجبل. وكان وزير المالية يسخر مني في أمسيات السبت لأنني كنت أقول له إنه يحمي في أعمدته الصحفية ومقابلاته الصحفية وبتملقاته الفاسدة من الجبل. وكان يجب علي في الايام العادة أن أدفع عن نفسي المسؤولين عني الذين كانوا مقربين من الفاسد من الجبل. ولم تكن في تلك الايام في البلاد وسيلة اعلام واحدة قالت لمواطني اسرائيل ما عرفه كل مقدسي حينما رفع عينيه الى الجبل.
لم توجد في تلك الايام نخبة واحدة حذرت من الفساد الظاهر للعيان في رأس الجبل، فقد كان الجميع اصدقاء للفاسد. وتبادل الجميع العناق والضحك والمعلومات الداخلية مع الفاسد. وكان هناك من حصلوا منه على ابواب مفتوحة ومن حصلوا منه على جائزة اسرائيل. وكان هناك من اشتروا منه أملا متوهما بسلام. ومضى الفاسد فأفسد كل قطعة جيدة في البلاد وكل نخبة نزيهة في البلاد أعمالية واعلامية وأمنية وسياسية بل قضائية. إن أمر عاره الكبير هو أمر عارنا العظيم. وقد نقلنا الفاسد من رأس الجبل الى رئاسة الدولة بذهن صاف وعن عمى طوعي. كان المسار الجنائي مسارا طويلا مرهقا، لكن ما كان يُحتاج الى شموئيل دخنر الى شولا زاكين والى القاضي النادر دافيد روزان لنعلم من هو ايهود وما هو اولمرت. إن هذا الشاب الواعد المحارب للفساد بعد حرب يوم الغفران تحول في غضون سنوات معدودة الى تجسيد للفساد العام في اسرائيل. وكان كل شيء ظاهرا معلوما: بنك امريكا الشمالية، وحسابات الليكود، والبيت في التاسع والعشرين من تشرين الثاني. وما كان يُحتاج الى العمل الدقيق لمحققي شرطة نشطاء والى الشجاعة العامة لمدعي دولة نشطاء كي نعلم أن السمكة تفسد من رأسها وأن الرأس فاسد كسمكة. لكن شبكة اولمرت كانت في كل مكان وعمل مبعوثو اولمرت في كل مجال.
نجح ليكودينا ومصدرنا وسائسنا الودود بتأليف عبقري بين الاغراء والتهديد والذكاء العاطفي التهكمي، نجح في أن يبسط شبكته على دولة كاملة. وحينما قام دان مرغليت الشجاع ليقول الحقيقة نُبذ وأُبعد. وحينما بدأت الشرطة تقوم بعملها بصورة مخلصة هوجمت وهُددت. وحينما أنقذ مراقب الدولة (السابق) والمستشار القانوني (السابق) والحكومة صورة الدولة الاخلاقية طوردوا بلا هوادة.
عمل واستُعمل فائزون بجائزة اسرائيل مختلفون ووزراء مالية مختلفون وكثيرون آخرون مثل أذرع الاخطبوط الطويلة للرجل الفاسد من القدس. وقد أسكتوا كل من حاول أن يقول الحقيقة وكل من حاول أن يُقر العدل. وأفضوا باسرائيل الى هاوية اخلاقية. فماذا يفعلون اليوم اذا وقفوا أمام المرآة؟ والى أين، الى أين سيبعدون العار الآن؟.
يبدو أن قصة هولي لاند هي أكبر قصة فساد في تاريخ الدولة. لأنه يُعد في آخذي الرشوة ومعطي الرشوة رئيس وزراء ورئيس بلدية ومهندس بلدية واعضاء مجلس بلدية ورئيس أكبر بنك في الدولة وشخص تحكم تحكما كبيرا بأهم قناة اعلامية في اسرائيل. لكن قصة اولمرت قصة أكبر من الحياة فهي تحتاج الى أديب كبير يكتب عنها رواية كبيرة مثل ‘بلزاك’. كيف حلل ذلك الشخص مبنى القوة الاسرائيلية، وكيف سيطر على شبكات القوة الاسرائيلية. وكيف عاش حياة مزدوجة ومثلثة ومربعة. وكيف كانت فيه القوة النفسية والسحر الآثم اللذان مكّناه من أن يقود دولة كاملة الى فشل اخلاقي لم يوجد له مثيل في سنوات حياتها الـ 66.
أصبح ايهود اولمرت بمعنى ما الاسرائيلي الفرد في الجيل الأخير: فهو مستقيم وداهية ايضا، وهو ذكي وسطحي ايضا، وهو مستميل ومؤمن بالقوة ايضا، وهو محلي ودولي ايضا، وهو شره الى المال وصديق ايضا، وهو عظيم السحر وغامض ايضا. لكن هذا الاسرائيلي الفرد كان فاسدا حتى الأساس. وقد أفسد وأفسد وكاد يحول الدولة الوحيدة التي لنا الى مملكة فساد وعفن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أسرار تغريدات العصافير في السعودية والإمارات
بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس
عندما أغلقت الحكومة التركية الاسبوع الماضي شبكة ‘تويتر’ لا بد أنها لم تنسى بأن أحد أكبر المساهمين فيه هو الأمير السعودي الوليد بن طلال، ابن شقيق الملك السعودي، الذي اشترى في نهاية 2011 اسهمه، بمبلغ 300 مليون دولار وهو مال صغير بالنسبة لهذا الملياردير الذي تنتشر استثماراته في كل العالم.
معقول الافتراض بان الوليد كان راضيا جدا من حقيقة أن شبكة المدونات الصغيرة التي يحتفظ بـ 4 في المئة من قيمتها هي بالذات التي كشفت عن الاسرار الدفينة لرجب طيب اردوغان وأصدرت الاشرطة التي سمع فيها وهو يأمر هاتفيا ابنه بالتخلص من مبالغ مالية طائلة. وللسعودية توجد علاقات شائكة مع تركيا، على خلفية الدعم غير المتحفظ من أردوغان للاخوان المسلمين في مصر. ومن يرغبون في المس باردوغان، السعودية والوليد، لن يعفوه من ذلك.
ما لم يقدره الوليد، ولا بد أحدث لديه رضى أقل، هو ان ‘التويتر’ سيكون هو الذي سينشر الاسرار الدفينة للاسرة المالكة السعودية ويبلغ عن فساد حليفته، دولة اتحاد الامارات. ففي الشهر الذي اشترى فيه الوليد نصيبه في التويتر فتح مدون سعودي، يسمي نفسه مجتهد بن حارث بن همام، حسابا في ‘التويتر’ يهز المملكة منذئذ. أكثر من مليون ونصف متابع جمع حتى الان في حسابه، الذي ينشر فيه تفاصيل عن الفساد السائد في البلاط الملكي السعودي.
في السعودية، في البلاد التي تكون فيها الشائعات هي الحقائق الدامغة، وذلك لانه في وسائل الاعلام لا تظهر الحقائق الا بشكل مغسول ولا يمكن ان تجد فيها بالطبع اكتشافات عن الفساد في الاسرة الملكية اصبح ‘التويتر’ بديلا لصحافة التحقيقات. ومن حساب مجتهد يعلم السعوديون مثلا عن الصفقات الخفية التي رافقت تعيين نائب وزير الداخلية السعودي، عن اسباب تعيين وزير الثقافة، عن الخصام التجاري بين الامير خالد التويجري والامير خالد بن سلمان (ابن ولي العهد) عن الصفقة لشراء الصواريخ بمبلغ 4 مليار دولار، والتي أيد فيها التويجري الشركة الهولندية بينما بن سلمان فضل شركة فرنسية وكذا عن الاستعدادات العائلية لوفاة الملك عبدالله ابن التسعين.
‘التويتر’، الذي يخترق سور الدفاع الاعلامي المنيع الذي اقامته المملكة على مدى سنوات السيطرة على وسائل الاعلام العربية، استخرج منذ الان عدة فتاوى أوصت المؤمنين بالامتناع عن استخدامه. وبالمقابل، هناك من يقترح على الشيوخ بالذات استخدام التويتر لنشر عقيدتهم، كي يكونوا متواجدين حتى بين الشباب.
وفي هذه الاثناء لا يحصر ‘التويتر’ نفسه بالسعودية. فقد قام لمجتهد منافس جدي في دولة اتحاد الامارات المجاورة، وهو يسمي نفسه ‘مخلص الامارات’، ومع أنه ليس شعبيا مثل نظيره السعودي، الا ان قصصه ومكتشفاته مثيرة بقدر لا يقل. وهكذا مثلا، نشر تفاصيل مثيرة عن المغامرات الجنسية لضاحي خلفان، الذي كان قائد شرطة دبي، في زياراته الى تركيا، مكتشفات أكدتها وسائل الاعلام التركية وهزت علاقاتها مع اتحاد الامارات. كما أنه نشر في الاسبوع الماضي تفاصيل عن التعاون بين خلفان والسي.أي.ايه في قضية مقتل محمود المبحوح، رجل حماس الذي صفي في كانون الثاني 2010. وحسب تقارير المدون، نقل خلفان معلومات مفصلة عن تحركات المبحوح لـ السي.أي.ايه، المعلومات التي انتقلت لاحقا الى الموساد وكانت حيوية لتخطيط التصفية.
قصة اخرى تتعلق بشبكة العلاقات السرية بين اتحاد الامارات واسرائيل. ظاهرا، وزير خارجية دولة الامارات، أنور كركاش، الذي هو صاحب عدة وسائل اعلامية، مسؤول عن العلاقة غير الرسمية مع اسرائيل ويعمل مثابة ‘مكتب مصالح’ بعد أن اغلق المكتب في قطر. ويروي المغرد بان النائب احمد الطيبي عن رجل الارتباط الاسرائيلي بين مكتب كركاش وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
‘كل اسبوع يأتي الى الامارة رجال أعمال اسرائيليون، وكأن اسرائيل لا تحتل القدس والمسجد الاقصى’، يكتب مخلص الامارات. وهو يزعم أن كركاش مسؤول ايضا عن تمويل الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر في الصيف الماضي، من خلال رجل الاعمال المصري احمد ابو الشيمة، صاحب صحيفة ‘اليوم السابع′ الذي تلقى اكثر من 120 مليون جنيه مصري كي يحقق الدعم للنظام العسكري.
في دولة تكون فيها وسائل الاعلام التقليدية ممنوعة من نشر تفاصيل حقيقية عن علاقاتها الخارجية وعن الارتباطات المالية لزعمائها، اصبح ‘التويتر’ قناة معلومات بديلة، يعتبر مصداقا حتى لو كانت تقارير مستخدمه بعيدة عن الحقيقة. والمشوق هو أنه حتى الان، فإن احداً من المذكورين في هذه التقارير لم يكلف نفسه عناء نشر النفي. يبدو أن التجاهل يستخدم كسلاح ضد هذه الشائعات، ولا سيما عندما يعرف ‘المشبوهون’ بان أحدا لن يحقق في طبيعة أفعالهم. ويعد المغرد بنشر تفاصيل اخرى عن صفقات الفساد وعن الارتباطات المتفرعة لزعماء الدولة مع من يعرفون كأعدائها ويبدو أن دولة الامارات هي الاخرى ستنضم قريبا الى نادي مغلقي ‘التويتر’ اذا لم تنجح في وضع يدها على المدون المتحرش. فجأة تبدو شبكة ‘الجزيرة’ كوسيلة اتصال بريئة، مقابل 140 خطا يمكنه أن يهز الحكومات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس