أقــلام وآراء إسرائيلي (618) الخميس 01/05/2014 م
في هــــــذا الملف
كيري وثمن ‘الفصل العنصري’
بقلم: حيمي شليف،عن هآرتس
الأبارتهايد ليس في مدرستنا ياكيري
بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
كيري لا يتعلم دروس التاريخ
بقلم: ابراهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم
اعتراف بفلسطين الآن
بقلم: تسفي برئيل،عن هأرتس
المفاوضات التي انتهت
بقلم: شالوم يروشالمي،عن معاريف
القضاء على المفاوضات
بقلم: يسرائيلا اورون العميد احتياط، نائبة رئيس مجلس الامن القومي سابقا، من قادة مبادرة جنيف،عن معاريف
كيري وثمن ‘الفصل العنصري’
بقلم: حيمي شليف،عن هآرتس
بدا وزير الخارجية الامريكي جون كيري مسحوقا في اليوم الاخير. فلا يكفي أن استثماره الضخم والشجاع الذي قد يكون متسرعا ايضا لاحلال سلام بين اسرائيل والفلسطينيين قد أصبح أثرا بعد عين، حتى أصبح الآن محتاجا الى أن يتعوج ويعتذر عن ‘فصل عنصري’ واحد صغير صدر من فمه في حلقة مغلقة. ولولا أن ذلك محزن لكان مضحكا حقا.
ولمنع سوء الفهم نقول إن هذه المشكلة جلبها كيري على نفسه بخلاف انهيار المسيرة السياسية الذي يجب أن يُتهم به في الأساس الطرفان أنفسهما. كان يجب على كيري باعتباره يعظ فلادمير بوتين كل يوم بلغة مشابهة، أن يستدخل في نفسه أن قواعد الحديث المغلق الذي لا يُسجل في القرن التاسع عشر لم تعد قابلة للتنفيذ في القرن الواحد والعشرين.
وكان يفترض أن يعرف كيري بصفته سياسيا خبيرا محنكا ما زال يتجول في واشنطن منذ ثلاثين سنة، كان يفترض أن يعرف قواعد السلامة السياسية المستعملة مع اسرائيل: فكما لا يحل للبيض ألبتة أن يكرروا انتقادا يوجهه الافارقة الامريكيون على أبناء جلدتهم، يُمنع كيري ايضا من أن ينبس بكلمة ‘فصل عنصري’ برغم أن كثيرين وكبارا في السياسة الاسرائيلية فعلوا ذلك قبله.
ولهذا حينما قال كيري لاعضاء المنتدى الحصري ‘لجنة الثلاث’ إن اسرائيل قد تصبح مع عدم وجود حل الدولتين: ‘دولة فصل عنصري مع مواطنين من الدرجة الثانية’ استعمل صيغة لو استعملت في الكنيست لتم استقبالها بهز كتف، لكنه أحدث سببا لنشوء جلبة في تل الكابتول. وحينما اطلع كارهو كيري المحافظون وأعداء المسيرة السياسية اليمينيون على الغضب الهادىء الصادر من القدس وعلى الاحتجاج الصارخ للمنظمات اليهودية لم يتوقفوا للفحص عن صيغة كلامه الدقيقة بل بدأوا قصفا وجها لوجه لوزير الخارجية هاجم عمله وطلب رأسه.
من سوء حظ كيري أن عاصفة الفصل العنصري الناشئة وجدت رب عمله براك اوباما في مؤتمر صحافي في مانيلا وفي وقت عصبي بصورة مميزة حينما كان يصد عن نفسه في نفاد صبر الانتقاد العام المتزايد للسياسة الخارجية التي يُصرفها من الشرق الاقصى الى الأدنى.
وقد نتف موظفون في البيت الابيض لم يكونوا أصلا راضين عن استلام كيري الكامل لعمله ولا عما بدا لهم تفاؤله المفرط، فيما يتعلق باحلال سلام بين اسرائيل والفلسطينيين، نتفوا شعرهم بسبب هفوته المتعلقة بالفصل العنصري. وشجعوه كما قالت مصادر مطلعة على أن يطلب أن تُمحى الكلمة المسيئة من محضر الجلسة.
وهكذا تبين أن الاعلان الشخصي غير العادي الذي نشره كيري مساء يوم الاثنين أرضى أعداءه الذين لم يتوقعوا إقالة في الحقيقة وحظوا باذلال لا بأس به بدلا منها. وأرضى المنظمات اليهودية التي تخشى قدرة مصطلح ‘الفصل العنصري’ على سلب الشرعية أكثر وتخشى الانطباع الذي نشأ عن أنها قادرة على أن تُملي على وزير الخارجية الامريكية كلامه، بقدر أقل. وقد أفرح بالطبع معارضي التسوية مع الفلسطينيين الذين يأملون أنهم ربما نجحوا آخر الامر في قمع شهوة كيري السيزيفية لصنع سلام.
وبقينا نحن مع مشهد مؤثر في القلب كما يجب أن نعترف لمشجع امريكي واضح آخر أراد أن ينقذ اسرائيل من نفسها فطُحن طحنا دقيقا عوض ذلك وانطبق عليه القول المعروف: ‘كل فعل صالح يحظى بعقوبة’.
وبقي الآن أن نرى هل سيدير كيري مثل كاثوليكي صالح خده الآخر أو يفضل السير في الطريق التي اختارها اوباما بعد أن جرب تجربة مشابهة في الشرق الاوسط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الأبارتهايد ليس في مدرستنا ياكيري
بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
في شهر كانون الاول زرت متحف الابرتهايد في يوهانسبورغ. وقد ساعدتني هذه الزيارة على ان افهم في اي واقع كان يعيش الرئيس الاسود الاول لجنوب افريقيا.
المتحف مخطط بشكل يشعر فيه الزائر وكأنه يعيش على جلدته الابرتهايد، هنا والان. احساس غير لطيف في الداخل، ولكن تخفيف مضمون في الخارج في الوقت الذي يسير فيه السود، البيض والملونون الواحد الى جانب الاخر على ذات الرصيف.
وزير الخارجية الامريكي جون كيري أحدث في الايام الاخيرة عاصفة، بعد أن كشف الموقع الامريكي ‘ديلي بوست’ النقاب عن تصريحات قالها. فقد حذر من انه اذا لم تكن تسوية، ‘ستصبح اسرائيل دولة أبرتهايد’. اسرائيل. أبرتهايد؟ ماذا يعني هذا يا سيد كيري؟ طابور لليهود، طابور للعرب وطابور للسود أمام أبو العافية في شارع ييفيت في يافا، إذا لم يوقع أبو مازن وشريكه الجديد هنية على اتفاق؟ ‘لو كان بوسعي أن ارجع الشريط الى الوراء لاخترت كلمة اخرى’، قال كيري الذي ندم على ما قاله. لعله حان الوقت لان نفهم كم هو مغاير واقع جنوب افريقيا بين أعوام 1948 و 1994 مقابل اسرائيل من العام 1948 وحتى الابد.
في جنوب افريقيا، حيث تحكمت أقلية بيضاء بأغلبية ساحقة سوداء، انتهج نظام أبرتهايد قام على أساس مبادىء الفصل العنصري بين البيض، السود والملونين، ومنح حقوق زائدة لابناء الاقلية البيضاء. حكومة دانييل فرانسوا مالن سنت في العام 1948 سلسلة من القوانين العنصرية في جنوب افريقيا وصنفت كل المواطنين حسب العرق. الفصل كان شاملا.
الواقع الاسرائيلي ليس مثاليا. وهو يخلق عدم المساواة، واحيانا، كما ينبغي الاعتراف، يوجد مس بحقوق قسم من السكان. ولكن الامر ينبع من واقع سياسي امني قانوني خاص، فيما أن التطلع هو لتغييره ذات يوم، بمساعدة جيراننا. في دولة اسرائيل، خلافا لجنوب افريقيا في حينه، لا يوجد قانون أو نظام تقف خلفه فكرة الفصل على خلفية عنصرية.
اسرائيل ليست كاملة (يحتمل أن مثل باقي دول العالم، لن تكون كذلك في اي وقت من الاوقات). اما اتهامها بكونها دولة أبرتهايد (الامر الذي أصبح موضة) فهذا سخيف وليس صحيحا.
غير أن الفكرة تسللت عميقا جدا حتى وصلت الى وزير الخارجية الامريكي. حسن أن ندم. يمكن اتهامنا بكثير من الامور، اما الابرتهايد فليس في مدرستنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
كيري لا يتعلم دروس التاريخ
بقلم: ابراهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم
منذ أن أدى جون كيري اليمين الدستورية لوزير الخارجية في 1 شباط 2013، سارت الدبلوماسية الامريكية في طريق مشحون بأعراض فصامية: فقد تم تعظيم من جهة اسلوب سلوك المهادنة، المستخذي الذي يرد على الاحداث، الذي تبنته ادارة اوباما في مواجهة تهديدات وتحديات. وأظهر وزير الخارجية الامريكي في مقابل ذلك في المجال الاسرائيلي الفلسطيني نشاطا وسواسيا مكثفا لا يكل في جهد لاحراز تقدم.
وهكذا في حين رد الرئيس الامريكي ووزير خارجيته في مواجهتهما الامواج المتكررة من هجمات نظام الاسد بالسلاح الكيميائي بنقل الكرة (وفخامة الشأن) الى ملعب فلادمير بوتين، كان الامر يختلف تمام الاختلاف في ميدان التفاوض في منطقتنا. ففي هذا الميدان عمل كيري (الذي فصل نفسه بالتدريج عن توجه اوباما الذي هو أكثر وعيا) عمل في جد وتصميم وكأن مصير التسوية العالمية كلها سيُحسم في هذه الجبهة وفي المدى القصير. ومن هذه الجهة كان كلامه في نهاية الاسبوع الاخير على ‘دولة الفصل العنصري’ (الذي اضطر الى الاعتذار عنه) كان لبنة اخرى في سلسلة اقوال واعمال أشارت قبل كل شيء الى بساطة تفكيرية والى عدم وجود دراسة كافية لمبادرات وساطة سابقة في هذا الصعيد.
ويثور في هذا السياق انطباع أن كيري برغم أنه استعار من الرئيس كارتر التشبيه البائس بنظام الفصل العنصري (فتناول الفصل العنصري يظهر بصراحة في عنوان أحد كتب الرئيس المتقاعد)، لم يستخلص الدروس المطلوبة من الفشل الصارخ لمبادرة الرئيس في 1977 الى التوصل الى تسوية اسرائيلية عربية شاملة في مؤتمر جنيف. فقد استعمل كارتر آنذاك كما هي الحال اليوم توجها طموحا غير واقعي أراد أن يخفي بمرة واحدة كل جذور الصراع وعناصره وفي مركزها القضية الفلسطينية.
استعمل كيري استراتيجية ‘من الجذر’ التي حاولت أن تجعل قضايا جوهرية مسائل اجرائية وتقنية بدل أن يستمد من التاريخ طريقة الخطوة بعد خطوة الموزونة التدريجية التي استحدثها وزير الخارجية هنري كيسنجر بعد حرب يوم الغفران. والى ذلك تجاهل ايضا التجربة التاريخية العامة التي تشهد بأن اتفاقات السلام بين اسرائيل وجاراتها يجب أن يصوغها الطرفان أنفسهما من البداية. وكان عمل الادارة الامريكية أن تساعد مرة بعد اخرى وأن تكون وسيطة وأن تقترح حوافز بعقب شق الطريق الأولي الذي أحرزه القادة في المنطقة.
دخل كيري في مقابل ذلك في خضم الاحداث برغم عدم وجود قاعدة مسبقة لاتفاق على المسائل الأساسية المشحونة الثقيلة جدا، وذلك على الخصوص في فترة أصبحت فيها منزلة القوة العظمى الامريكية في الحضيض، وفي وقت تعاني فيه مشكلة ثقة بها شديدة.
وفي الختام أثبت كلام وزير الخارجية وتهديداته حقيقة أنه لم يستطع برغم أنه كان رئيسا للجنة الخارجية في مجلس الشيوخ أن يتعلم حكم التاريخ حينما يكون الحديث عن مصير محاولات امريكية سبقت للمبادرة الى تسوية مفروضة. وقد فشلت هذه المحاولات تماما في 1954 وفي 1977 (بعقب انهيار مبادرة كارتر الى تسوية شاملة في جنيف) وارتدت على واشنطن مثل عصا مرتدة.
ونقول بايجاز إن التعبير عن الغضب وخيبة الأمل كما نشهده لا يمكن أن يكون بديلا عن استراتيجية سياسية تدعمها رؤية واقعية لما يمكن تنفيذه والدفع به قدما في واقع الامر، لا المأمول والمرجو لكن المقطوع عن ارض الواقع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اعتراف بفلسطين الآن
بقلم: تسفي برئيل،عن هأرتس
هل أتوقع أن يخطو الطرفان من هذا الباب في الاسبوع القادم؟ أو في الشهر القادم؟ أو في الاشهر الستة القادمة؟ الجواب لا’، قال براك اوباما في جزم حينما عرض على اسرائيل والفلسطينيين، وعليه هو نفسه في الأساس، أخذ مهلة من ‘المسيرة’. إن ذلك الباب الذي يفترض أن يفضي الى اتفاق سلام لم يبق مغلقا في الحقيقة لكنه لا يفضي الى أي مكان مثل أبواب وهمية في المسرح.
لا يمكن أن يُدعى على ادارة اوباما أنها لم تبذل جهدا خارقا كي تُحدث التحول في الحبكة، ومن الفضول ايضا اتهامها بالفشل، فليست هي المحتاجة الى السلام بل اسرائيل والفلسطينيون. لكن اوباما في المهلة التي أخذها يستطيع أن يكتب سيناريو جديدا بل أن يحققه. فعلى سبيل المثال لا يوجد أي تفسير منطقي لاستمرار رفض الولايات المتحدة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة تحظى بمنزلة دولية معترف بها وتتمتع بحقوق دولة تحت احتلال. فالادعاء القديم الذي يرى أن الاعتراف بدولة فلسطينية هو مسألة اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين، لم يعد نافذا. فمع عدم وجود تفاوض سياسي وحينما تبدو كل محاولة جديدة لاحيائه مثل عملية جراحة بعد الموت، يشبه التبرؤ من الطلب الفلسطيني الموافقة على استمرار الاحتلال. ويناقض تعريف الجهد الفلسطيني لاحراز هذا الاعتراف بخطوة من طرف واحد، قول اوباما الذي قال إن الطرفين عملا عملاً من طرف واحد وأنهما يتحملان المسؤولية عن فشل المحادثات.
إن فلسطين أصبحت تُعد الأساس لهذا الاعتراف سواء أكان ذلك خطوة من طرف واحد أم لا. وترمي المصالحة مع حماس التي لم تستكمل الى الآن في الحقيقة، الى انشاء قيادة فلسطينية موحدة، والى لحم جزئي الدولة المنفصلين بعضهما ببعض من جديد والى تعجيل النضال الدبلوماسي. فاذا لم يلق تحقيق المصالحة اختلافات مرة اخرى فان حماس قد تتحول الى حزب سياسي مع ايديولوجية خاصة، لكن دون قوة مسلحة خاصة بخلاف مكانة حزب الله. وحينما تعلن حماس أنها حزب وإلم تعترف باسرائيل، فلن تستطيع أية دولة ولا الولايات المتحدة ايضا الامتناع عن الاعتراف بالحكومة الفلسطينية الموحدة. ولن يصعب على هذه الحكومة أن تؤدي الى فتح معبر رفح مجددا من الجانب المصري وأن تجند دعما ماليا من الدول العربية وأن تنضم الى جميع المواثيق الدولية وأن تطلب اعترافا بأراضيها في حدود 1967. وهذا هو العدل القليل الذي يستطيع المجتمع الدولي أن يمنحه للفلسطينيين وهو المجتمع غير القادر على اضطرار اسرائيل الى الكف عن الاحتلال أو أن توقف على الأقل استمرار الغزو الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية.
في الظروف الحالية وبرغم الاعتراف بأن اسرائيل ساعدت كثيرا على فشل التفاوض، سيكون من الوهم أن نتوقع أن تستعمل الولايات المتحدة على اسرائيل ضغوطا وتهديدات تشبه ما تستعمله على روسيا التي ضمت شبه جزيرة القرم. لكن لا يوجد ما يدعو الى عدم رعايتها الرئيس الفلسطيني وحكومته ودعوته الى لقاءات في البيت الابيض، وتحويل اموال لتطوير الخدمات المدنية، وأن تمنع اسرائيل من فرض عقوبات اقتصادية على فلسطين، وأن تعلن أن فلسطين حليفة.
إن للاتحاد الاوروبي الذي كان ينظر الى التفاوض حتى الآن مثل مراقب سلبي، دور حيوي. فهو يستطيع أن يقترح للدولة الفلسطينية منزلة دولة مصاحبة، وأن ينشيء علاقات تجارية رسمية، وأن يشجع مستثمرين ومنتجين على العمل في الضفة وغزة، وأن يشترط عمق التعاون مع اسرائيل بمقدار القيود التي تفرضها اسرائيل على الدولة الفلسطينية. وسيكون هدف هذه السياسة أن تفك تعلق الحكومة الفلسطينية باسرائيل وتضمن ألا يُشتق نوع حياة المواطن الفلسطيني من نزوات المحتل. إن الاقتصاد النامي والدعم الدولي لن يحلا في الحقيقة الاختلاف على الارض لكن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيجعل اسرائيل تواجه المعضلة الحقيقية وهي أهي جزء من المجتمع الدولي أم ترسخ في الوعي باعتبارها دولة ليست أهلاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
المفاوضات التي انتهت
بقلم: شالوم يروشالمي،عن معاريف
صعب عليّ بعض الشيء أن أفهم لماذا يحاول الناس الذي ينشغلون بالنزاع الاسرائيلي الفلسطيني تجميل الواقع واعادة ترتيب الحقائق. فقد قال وزير الخارجية الامريكي جون كيري لزعماء أجانب التقى بهم يوم الجمعة انه اذا لم تتبنى اسرائيل حل الدولتين فانها ستصبح دولة ابرتهايد تضم مواطنين من الدرجة الثانية. وفي سياق الامور قال كيري انه يتوقع اندلاع عنف من الجانب الفلسطيني تجاه اسرائيل بشكل عام والاسرائيليين بشكل خاص.
تشخيصا كيري صحيحان، رغم أنه تحفظ منهما بعد أن سجل وهو يقولهما ونشرت تصريحاته في موقع الاخبار الشعبي ‘ديلي بوست’. الواقع في هذه اللحظة صعب، وهو يؤدي بنا الى كارثة حقيقية.
نحن نسير نحو أزمة سياسية واقتصادية مع الامريكيين والعالم، نحن نسير نحو نزاع دموي آخر مع الفلسطينيين وفي المدى الابعد، اذا لم يكن حل سياسي، وعلى ما يبدو لن يكون، نحن نقترب من دولة ثنائية القومية لا يمكنها أن تحوي في داخلها في ظروف السلام شعبين يناوشان الواحد الاخر فقط منذ قرابة 100 سنة.
يمكنني أن أفهم جيدا ما قاله كيري للزعماء الذين التقى بهم. فاسرائيل تسيطر اليوم على عدد من السكان بملايين الاشخاص.
ويمنع الاحتلال عن الفلسطينيين حقوق انسان اساسية. هذا ليس أبرتهايد بعد، إذ لا يوجد هنا فصل عنصري فظ مثلما في جنوب افريقيا، ولكن في نظر العالم نحن الشعب المحتل، القامع والمستغل لشعب آخر لانه ينتمي الى قومية مختلفة. مسيرة المقاطعة على اسرائيل بطيئة، يوجد فيها تعذيب ضمير، ولا سيما لدى الاوروبيين، ولكن الاتجاه واضح. وزير الخارجية كيري حدده.
ان الارتباط بين فتح وحماس لا يبشر بالخير، بالذات بسبب الازمة السياسية التي ترافقه. فقد قررت اسرائيل وقف المحادثات، قتل المفاوضات وفرض عقوبات من جانبها على السلطة الفلسطينية. والهجمة الاعلامية الكثيفة لاسرائيل ضد الحكومة الجديدة لا تثير انطباعا كبيرا في العالم. فنحن، كما ينبغي الاعتراف، مذهولون من أن ابو مازن يخرج عن دور رئيس حكومة الدمى الذي خصصناه له، وبدلا من مكافحة حماس يرتبط بها. وفي هذه الاثناء تطالب حماس بوقف التنسيق الامني بين اسرائيل والسلطة. اننا نغرق في أيام ظلماء من المواجهات والانتفاضة، العمليات والحروب في غزة، وليتني أكون مخطئا.
تسألون الان ما العمل؟ كيف الخروج من هذه الورطة الرهيبة؟ الجواب واحد: لا يمكن. كل شيء ضائع. لقد خلقت اسرائيل على الارض واقعا هي غير قادرة وغير راغبة في مواجهته. لا يوجد في اسرائيل رئيس وزراء يمكنه أن يعود اليوم الى خطوط 67، الى هذا الحد او ذاك، يخلي مئات الاف المستوطنين من منازلهم (بما في ذلك اريئيل وكريات أربع)، يقسم القدس، يتوصل الى حلول وسط على الاماكن المقدسة، يتخلى عن غور الاردن ويصل الى حل متفق عليه على حق العودة. من جانب آخر لا يوجد زعيم فلسطيني يساوم على أقل من هذا، وواضح ان ليس على حق العودة. هذا هو السبب الذي جعل ابو مازن يهرب من المفاوضات في لحظات الحقيقة. هو أيضا ليس معداً للقرارات التاريخية.
هذا هو الوضع الفظيع، وكل الباقي فرض السيادة على المناطق ج، الاقتراحات لدولة فلسطينية في حدود مؤقتة وما شابه هي اقتراحات عابثة بالضبط مثل المفاوضات الفاشلة وعديمة الاحتمال التي أدارتها تسيبي لفني مع الفلسطينيين في الاشهر التسعة الاخيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
القضاء على المفاوضات
بقلم: يسرائيلا اورون العميد احتياط، نائبة رئيس مجلس الامن القومي سابقا، من قادة مبادرة جنيف،عن معاريف
منح الاتفاق الذي وقع هذا الاسبوع بين حركة فتح وحماس حكومة اسرائيل فرصة لخوض مناورة ما يسمى في اللغة العسكرية ‘نار تلقائية’ أو ‘كمين مخطط’. فقد قفزت اسرائيل على الفرصة وسارعت الى الاعلان عن الوقف الفوري لمحادثات المفاوضات مع الفلسطينيين.
أحد الادعاءات المركزية لمعارضي المفاوضات في السنوات الاخيرة كان أن الرئيس الفلسطيني أبو مازن لا يمثل كل الشعب الفلسطيني بل فقط سكان الضفة مؤيدي فتح. واذا ما خرج الاتفاق الذي وقع بين فتح وحماس بالفعل الى حيز التنفيذ، فانه سيكون للاتفاق الذي سيوقع بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية التي تمثل الان عموم السكان الفلسطينيين مفعولا قانونيا.
سيتعين على اسرائيل أن تفحص طبيعة الاتفاق بين فتح وحماس: هل سيؤدي الى الخضوع التام من فتح لاملاءات حماس أم ربما حماس هي التي ستكون مستعدة لقبول شروط الرباعية للمسيرة السياسية. السيناريو المعقول هو اذا ما نفذ اتفاق المصالحة بالفعل خلافا للاتفاقات السابقة فسيكون حل وسط بين مواقف المعسكرين. وفي هذه اللحظة يبدو أنه يوجد لفتح احتمال افضل لان تملي طبيعة الحل الوسط بين المعسكرين، واحتمال أكبر لان تفعل كذلك اذا ما تحقق تقدم حقيقي في المفاوضات مع اسرائيل.
في حالة معارضة حماس للمفاوضات لانها ليست مستعدة لان تعترف بدولة اسرائيل، فما بالك ان تعترف بها كدولة يهودية، فان القرار بالنسبة لمستقبل المسيرة السياسية سيكون من مسؤولية ابو مازن وسيتعين عليه أن يحسم بين المصالحة مع حماس وبين التسوية مع اسرائيل. وكانت هذه النقطة الزمنية الصحيحة بالنسبة لاسرائيل كي تطرح عليه انذارا لوقف المحادثات. فالقرار العاجل بوقف المحادثات الان في خطوة تلقائية يجعلنا، نحن وليس الفلسطينيين الرافضين. كان ينبغي لاسرائيل أن تفحص طبيعة الحل الوسط بين فتح وحماس وان تخطط لرد فعل عقلاني ومدروس يخدم مصالحها الحقيقية. على اسرائيل أن تسأل نفسها اي سيناريو افضل من ناحيتها: اتفاق بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية يحظى بشرعية واسعة في أوساط الشعب الفلسطيني أم وقف تام للمحادثات بين الطرفين.
لمن ينظر من الجانب يبدو وكأن الحكومة انتظرت فقط الفرصة لتفجر المحادثات، وها هو تدحرج الى بوابتها اتفاق مصالحة فلسطينية يسمح لها باتهام ابو مازن بالتعاون مع محافل الارهاب والاعلان عن وقف المفاوضات. وحتى بفرض أن هدف الحكومة هو منع التقرب بين فتح وحماس، فلا يوجد منطق في قرار تفجير المحادثات. العكس هو الصحيح. في حينه بالذات كان ينبغي مواصلة المفاوضات التي تجعل من الصعب التقرب بين المعسكرين. ان المنطق يستوجب أن نقرر ما هو الهدف وعندها العمل. في هذه اللحظة يبدو أن الهدف الاساس هو تصفية المفاوضات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس