أقلام وآراء (545 )
أحجية العصر ومتاهة الدهر
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
|
انعكاسات فوز أردوغان
بقلم خالد معالي عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
المعبر حكاية عذاب لا تنتهي
بقلم عمر قاروط عن فلسطين اون لاين
|
مدى جدية (إسرائيل) بإعادة احتلال غزة
بقلم عدنان أبو عامرعن فلسطين اون لاين
|
عقوبة الجلد تكشف حقيقتهم
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
|
حماس والسيسي ومستقبل العلاقة
بقلم إبراهيم المدهون عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
حظر القضاء المصري لحركة حماس: تداعيات وآثار
بقلم هشام منور عن فلسطين اون لاين
|
يوم الأرض ذكرى وذاكرة
بقلم خالد حسين عن الرأي
|
|
يوم الأرض ذكرى وذاكرة
بقلم خالد حسين عن الرأي
خلقنا من الأرض والى الأرض نعود و فوقها نحيى ومن خيراتها نأكل وهي بمثابة الأم الثانية للإنسان، وهي الكرامة والشرف والعرض والحب ، فالأرض تعني الوطن فإن ضاعت ضاع الوطن وتشتت الإنسان وامتهنت كرامته ، لقد وصف الله عز وجل الأرض ـ في قرآنه الكريم ـ بأنها فراش ومهاد··
يقول عزَّ وجلَّ: (والأرض فرشناها فنعم الماهدون) الذاريات: 48، ويقول عزَّ وجلَّ: (الذي جعل لكم الأرض مهاداً(1) وسلك لكم فيها سبلاً) طه: 53،
يقول عز وجل: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه(4) وإليه النشور) الملك: 15.
الحادي والثلاثين من آذار عام 1967م يوم خالد في ذاكرة الشعب الفلسطيني يحييه الفلسطينيون كل عام ، للتمرد على ظلم وعنصرية المحتل الصهيوني الجاثم على ارض فلسطين الحبيبة هذه الأرض التي كانت ولازالت مركز الصراع وجوهر القضية الفلسطينية و كينونة وجودنا ومستقبلنا فبقاءنا مرتبط ارتباط وثيق بأرضنا وبذل الغالي والنفيس من اجل تحريرها من دنس المحتل الصهيوني فمنذ أكثر من ثلاثة عقود على هبة الفلسطينيين في الحادي والثلاثين من آذار عام 1967 م في وجه سياسة التهويد ومصادرة الأراضي والشعب الفلسطيني يتعرض لأبشع ممارسات عرفها التاريخ من قتل واعتقال وهدم للبيوت ونهب للأراضي وإقامة المستوطنات وتشريد الأهالي ، فكل يوم يمر على الشعب الفلسطيني بمثابة الحادي والثلاثين من آذار عام 1967م، فالدفاع عن الأرض واسترجاعها من اللصوص وشذاذ الأفاق واجب مقدس على كل فلسطيني غيور على وطنه وعرضه ، فالأرض هي الكرامة والعزة والشرف والعرض وهي تعني الشهادة والتضحية والفداء .
يعتبر يوم الأرض حدثا مهما ومعلما بارزا في تاريخ الشعب الفلسطيني وهو يوم من أيام النضال اثبت فيه الشعب الفلسطيني مدى حبهم لأرضهم وتشبثهم بأرض الآباء والأجداد والدفاع عن حقهم في الوجود وعن هويتهم الوطنية والإسلامية في ظل عمليات القمع والقتل والإرهاب ومصادرة الأراضي والمضايقات اليومية بهدف إبعاد الفلسطينيين عن أرضهم ووطنهم ، فهبة الحادي والثلاثين من آذار عام 1967م جاءت بعد مصادرة المحتل الصهيوني للأرض الفلسطينية وتشريد سكانها و لثبتت للعالم خطأ المقولة الصهيونية عن فلسطين بأنها ارض بالا شعب لشعب بالا وطن، فكانت هبه شعبية عارمة وإضراب شامل راح ضحيتها ستة من الشهداء وعشرات الجرحى وأكثر من ثلاثمائة معتقل، فمنذ ذلك الحين أصبحت ذكرى يوم الأرض مناسبة وطنية وعربية ورمزا لوحدة الشعب الفلسطيني الذي لم تنل منه كل ممارسات القهر والقتل والتمزيق والإبعاد.
تأتي ذكرى الحادي والثلاثين من آذار عام 1967م على الشعب الفلسطيني ونحن الآن نعيش ذكرى يوم الأرض الخالد في الحادي والثلاثين من آذار عام 2014م في ظل ظروف صعبة وممارسات صهيونية متواصلة في مصادرة الأراضي وتهويد المقدسات وبناء جدار الفصل العنصري ، وهدم للمنازل وقتل للمناضلين كما حدث في جنين ، ومفاوضات عقيمة لم نجني منها سوى المزيد من الاستيطان ونهب الأراضي و تهويد المقدسات ، وأيضا تأتي هذه الذكرى في ظل أوضاع مأساوية تمر بها الأمة العربية والإسلامية وثورات دامية تدمي القلوب في بعض الدول الشقيقة ، ومذابح بشعة ترتكب بحق المسلمين .
كلمة أخيرة لأبناء الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه السياسية في الوطن والشتات من خلال هذا المقال ندعوهم للمشاركة بكثافة لإحياء هذه المناسبة الخالدة ، وان تكون هذه الذكرى دافع للوحدة الوطنية الحقيقية وجعل يوم الحادي والثلاثين من آذار عام 2014م يوم للمصالحة الفلسطينية ونبذ الخلافات والوحدة الوطنية للوقوف في وجه المحتل الصهيوني والتصدي له وبذل الغالي والنفيس لتحرير الأرض والإنسان وتوجيه رسالة للعالم اجمع بان لفلسطين شعب يدافع عنها ويفتديها بالأرواح والدماء ،ومستمر بالدفاع عنها مهما كلف الأمر ومهما تكالب علية القريب والبعيد حتى يعود الحق لأصحابه ودحر المحتل وتطهير البلاد من دنس اليهود الغاصبين وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ، فلن يتحقق ذلك إلا بوحدة الشعب الفلسطيني والرجوع إلى الله وتطبيق شرعه وإعلاء كلمة التوحيد امتثالا لقوله تعالى :
} أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ(39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40){
أحجية العصر ومتاهة الدهر
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
حالة من الغموض والعتمة تكتنف مصير المفاوضات. انتهى الموعد المضروب سلفا للمفاوضات. قبل الانتهاء التقى اوباما شخصيا بكل من نيتنياهو وعباس كل على انفراد في البيت الأبيض بغرض تحقيق اختراق وإقرار اتفاق إطار أعده وزير الخارجية جون كيري. لم تسفر ضغوط اوباما عن نجاح ذي مغزى. وقبل أيام التقى جون كيري عباس في عمان بالأردن.
في الصحافة العبرية يقولون: إن جون كيري بدأ في اللقاء يتخلى عن اتفاق الإطار، وحدد هدف اللقاء بالحصول على موافقة فلسطينية على تمديد المفاوضات الى نهاية العام. الطلب الأميركي تضمن حوافز لعباس تمثلت بعرض الإفراج عن الدفعة الرابعة المتفق عليها، ثم الإفراج عن (400) معتقل تحددهم السلطات الإسرائيلية.
لم يصدر عباس تصريحا في الموضوع الذي بات حديثاً لوسائل الإعلام. عباس يلوذ بالصمت. هل سيوافق على العرض الأميركي ويمدد المفاوضات، أم سيرفض الطلب، ويعود للشعب؟ وهل سيتوجه الى الأمم المتحدة ، أم سيبقى مترددا بلا قرار ؟ ( السياسة الفلسطينية أحجية العصر، ومتاهة الدهر).
لا توجد إجابة دقيقة حول الخيار الفلسطيني، غير أن المشهد الفلسطيني محتقن جدا. ومن مظاهر الاحتقان تلكم الرسالة الشبابية الموجه لعباس تطالبه بقرار واضح ( يقلب الطاولة) في وجه الأطراف، وأن يوجه ثورة الشباب ضد المحتل، قبل أن تتحول الى ثورة ضد السلطة. وقد تضمنت الرسلة الشبابية جردا لأهم الخسائر التي تتكبدها فلسطين بسبب انعدام القرار، وبسبب الاعتقالات والتنسيق الأمني.
إن الموافقة على عرض تمديد المفاوضات يرتقي الى مستوى الكارثة، لأسباب عديدة، ومنها: أن حكومة نيتنياهو تستفيد من الوقت في تعزيز الاستيطان، وتهويد القدس، والخروج من دائرة النقد الدولي لها كسلطة محتلة تقوم بتغيير معالم الأرض التي تحتلها خلافا للقانون الدولي، بينما يعمل التمديد ضد مصالح الشعب الفلسطيني، لأنه لا يملك فرص حقيقية لاستثمار وقت التمديد لصالحه.
إن عرض كيري بالإفراج عن (400) معتقل تحددهم حكومة نيتنياهو، هو عرض سخيف، ومستفز، لا سيما حين نعلم أن دولة الاحتلال قد اعتقلت في عام 2013م ، ما مجموعة (951) فلسطينيا من القدس والضفة الغربية، بحسب بعض الإحصاءات، وهي في أقل الإحصاءات (800) معتقلا بحسب ( الاورمتوسط) لحقوق الإنسان، وعليه فما هي قيمة عرض كيري المقدم كحافز لتمديد المفاوضات.
ثمة إجماع فلسطيني على الخروج من المفاوضات حتى ولو بقلب الطاولة التي طالبت بها الرسالة الشبابية، وقلب الطاولة قد يعني حل السلطة، والعودة الى الشعب، وقد يعني الذهاب الى الانتفاضة الثالثة، والى الأمم المتحدة. لقد ملّ الشغب طاولة المفاوضات، وملّ الغموض، وملّ التردد في القرار. نريد قرارا وطنيا جريئا يجتمع الشعب عليه، ولن نخسر به شيئا لم نخسره بالمفاوضات، لأنها كانت خسارة صافية، وما تزال كذلك.
انعكاسات فوز أردوغان
بقلم خالد معالي عن المركز الفلسطيني للاعلام
أحكمت دولة الاحتلال وأمريكا، وأنظمة حكم عربية رجعية خططها؛ لإزاحة اردوغان بوسائل ماكرة خبيثة كانت لتزول منها الجبال؛ بالتشويه والطعن وبث الإشاعات، وإنفاق المليارات؛ لإفشال تجربته الناجحة في الانطلاق بتركيا؛ لمصاف الدول المتحضرة والقوية؛ ولكل واحد منهم أسبابه للتخلص من اردوغان؛ إلا أن ما يجمعها مع بعضها؛ هو الخوف من وجود نموذج إسلامي حي، معتدل ووسطي ناجح، يكون مثالا لبقية الدول الإسلامية المبتلاة بحكام طغاة، وظلمة.
انتخابات المجالس البلدية التي جرت أمس وفاز فيها اردوغان بشكل مدهش؛ صدم وأذهل دولة الاحتلال ومن لف لفيفهم، كونها؛ تمثل استفتاء للشعب التركي في تأييد رئيس وزرائه أكثر من أن تكون انتخابا لرئيس بلدية، وكونها؛ تعطي دفعة قوية ومصداقية للإسلام السياسي ذو القيادة الناجحة، علمية ومتطورة، غير متحجرة ومتكلسه.
تكمن انعكاسات وارتدادات فوز اردوغان في عيون مسئولي دولة الاحتلال التي أذلها اردوغان، ففوزه يعني التشدد في سرعة فك حصار غزة، وإجبار الاحتلال على الانصياع التام لمطالب تركيا حول مجزرة سفينة مرمرة.
وبالنسبة لمصر؛ فقد انخرط إعلام السيسي في تشويه اردوغان؛ والآن هو في صدمة كما هي دولة الاحتلال؛ ففوز اردوغان يعني دفعة معنوية كبيرة للإخوان المسلمين في مصر، لتشابه الحالتين؛ فالسيسي كان يزعم دجلا وكذبا أن إرادة الشعب هي من دعته للانقلاب على الشرعية، وتريده رئيسا للبلاد، ولكن الحقيقة غير ذلك.
بعد أربعة أشهر ستجري في تركيا انتخابات الرئاسة التركية؛ وفوز اردوغان في المجالس البلدية مهد له الطريق الى الرئاسة؛ وهو ما ستتعامل دولة الاحتلال وأمريكا وأنظمة الحكم العربية الرجعية معه بقلق بالغ وكبير، مجبرين ومكرهين، لا مخيرين.
اردوغان منع الخمر؛ بينما هناك حكام عرب سمحوا به. اردوغان كان صريحا مع شعبه في كل شيء، وكان لا يكل ولا يمل من العمل لشعبه؛ بعكس حكام العرب الذين يعملون ضد شعوبهم، جهارا نهارا دون خجل أو وجل.
كيف لا يفوز اردوغان وهو قد حقق مطالب شعبه بالعيش الكريم واحترام الذات، والقوة والانطلاق للأمام؛ فقد سجلت تركيا بين 2002 و2012 اكبر نمو بين الدول، وكله فضل اردوغان المخلص لشعبه.
اردوغان الآن بات يشكل نموذج حيا وناجحا لكل الشعوب والدول العربية والإسلامية المقموعة، وأن لا بديل عن التداول السلمي للسلطة، بعيدا عن الحروب والقتل، وهدم المدن بأكملها والمنازل فوق رؤوس أصحابها، فصناديق الاقتراع هي الحكم، وهي من تحمي البلاد ومقدراتها وقياداتها؛ وليس القتل والتعذيب في السجون وملؤها بالمعارضين.
في المحصلة والنتيجة النهائية؛ بان كذب ودجل وضعف الباطل وانكشف؛ بفوز اردوغان الباهر؛ وسيشكل ذلك دعما لقضيتنا الفلسطينية؛ حيث ان اردوغان يتعامل مع القوى الفلسطينية بنفس المسافة، ويحترمها جميعها ويدعمها دون تفرقة، وهو الآن شوكة وغصة كبيرة في حلق الظلمة؛ أمثال "نتنياهو" والسيسي، ومن لف لفيفهم.
لو خيرت الشعوب العربية المظلومة؛ وأتيح لها أن تختار ممثليها وقياداتها؛ لاختارت دون تردد من هم أمثال رجب طيب اردوغان، كيف لا؛ وهو زعيم وقائد مخلص متفانٍ، معارضوه ليسوا في السجون، ويحاججهم بالمنطق والأسلوب العلمي، ويغلبهم، لا ينام إلا أربع ساعات في اليوم لأجل شعبه، صريح وواضح، يتخذ قراراته بشكل علمي جماعي دون ارتجالية، ولا يقول لهم (ما أريكم إلا ما أرى)؛ بل ما ترونه انتم مناسبا، ولذلك هو ينطلق ويتقدم ويزدهر، وسيبقى يغيظ أعداءه على الدوام.
حماس والسيسي ومستقبل العلاقة
بقلم إبراهيم المدهون عن المركز الفلسطيني للاعلام
لا أحد ينكر أن حركة حماس تنتمي فكريا لمدرسة الإخوان المسلمين. وأنها متمسكة بانتمائها الفكري وعلى الجميع تقبل هذه الحقيقة والكف عن محاولات تغيير وقائع لا ينبغي لها أن تتبدل، وهذا لا ينفي أنها حركة وطنية فلسطينية مستقلة ورأس حربة مشروع التحرير، ولها مشوار طويل في مقارعة الاحتلال، وخاضت وصمدت في حربين كبيرتين مع الجيش الإسرائيلي، ولم تتورط بعملية واحدة ضد عربي طوال تشابك علاقتها الخارجية.
النظام المصري معروف بعدائه وكرهه لجماعة الإخوان المصرية، إلا أنه متوازن مع الحركات الفلسطينية والسياسة لا تقوم على الحب والكره بل موازين القوة والضعف، وما هو مسموح به داخليا ممنوع وخطير خارجيا، لهذا أخطأ الإعلام المصري وبعض الجهات الامنية المتوترة من خلط أوراق حماس والإخوان، ومحاولة استكمال حربهم على الاخوان بالقضاء على حركة حماس وتغيير الواقع في قطاع غزة.
فبالإضافة إلى أن حماس حركة تحرر وأي مساس بها هي ورطة قيمية وأخلاقية وسياسية وتاريخية; إلا أنها ليست بالفصيل الهامشي الضعيف المعزول، فهي حكومة منتخبة تسيطر على قطاع غزة، وتمتلك جيشا مسلحا يستطيع الإثخان بالاحتلال، ولها عمق جماهيري وحاضنة قوية ظهرت في مهرجانها الأخير، وتتمتع بقبول شعبي في النسيج الفلسطيني المختلف ظهر جليا برفض دعوات التمرد في 11-11، كما أن لها تشابكات محورية متينة، وتنتمي لتوجهات إقليمية تحتضنها وتدافع عنها وتتبنى مقاومتها للاحتلال.
كما أن حركة حماس هي عنصر استقرار في المنطقة وتمتلك الكثير من أوراق القوة القادرة على بعثرة الترتيبات وفتح الاحتمالات على مصراعيها، زد أنها حكيمة ومتوازنة ولا تتدخل بالمطلق بصورة عملية وتنفيذية في الشئون العربية الداخلية، ومن يعيب على بعض وسائلها الاعلامية أنها غطت حشودات رابعة ومذبحتها، فمن باب أولى عليهم لوم التحريض المكثف من قبل الإعلام المصري المنفلت والذي تجاوز كل الحدود، فلا يعقل أن تستمر القنوات الإعلامية المصرية بالتحريض على المقاومة الفلسطينية بهذه السخافة ألا منطقية.
المشير السيسي أدرك تماما أن حماس لا يمكن تجاوزها ولهذا بدأت تبرز أصوات مصرية عاقلة، كما سُربت ونشرت وثائق تبرئ حماس تماما من التهم العشوائية القديمة، وطالب الرئيس المؤقت عدلي منصور بفك الحصار عن قطاع غزة وهي مطالب إيجابية وإن كانت غير معقولة حيث أن نظامه من يقوم بإحكام الحصار على سكان القطاع، إلا أنها بادرة حسن نية يمكن البناء عليها.
المطلوب من السيسي فلسطينيا أن يسكت إعلامه عن التحريض المتكرر على المقاومة الفلسطينية، وأن يسحب جميع الملفات القضائية المفبركة وان يفتح معبر رفح ويعترف بحماس حركة مقاومة يجب دعمها، كما أن حماس من جهتها ستستمر في سياستها المركزة على مقاومة الاحتلال دون التدخل بأي شكل من الأشكال في الشئون المصرية.
أي محاولة لاستعداء حماس سيخسر من يعاديها ويحاربها ويحاصرها، فالشعوب العربية تدعم حق حماس في المقاومة وترفض حصار غزة، وإن أكبر أخطاء حسني مبارك وحبيب العدلي كانت بحصار غزة ومعاداة المقاومة الفلسطينية.
حظر القضاء المصري لحركة حماس: تداعيات وآثار
بقلم هشام منور عن فلسطين اون لاين
جاء قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر أنشطة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في مصر والتحفظ على جميع مقارها في القاهرة، ووقف التعامل معها، ليقطع شعرة معاوية التي حرصت الأخيرة على إبقائها مع النظام المصري في أعقاب التحولات التي جرت في مصر منذ الثلاثين من يونيو، وربما قبل ذلك، على وجه التحديد.
العلاقة بين الحركة الفلسطينية ذات الجذور الإخوانية والتي تتبنى مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وبين مصر علاقة قديمة ووطيدة، على الرغم من فترات الفتور التي شابتها إبان نظام حسني مبارك، ولا سيما إغلاق معبر رفح لفترات طويلة، وتقييد حرية الحركة للغزيين إلى مصر منفذها الوحيد مع العالم، والوقوف علناً مع خصم حركة حماس (حركة فتح) في أي مفاوضات أو مباحثات للمصالحة الوطنية بين الفريقين الفلسطينيين، وهو ما أسهم في تأخير هذا الملف وتعطيله حتى الآن، على الرغم من تبدل الموازين والقوى في فترة حكم الإخوان القصيرة لمصر.
شيطنة حماس، إن جاز لنا التعبير، بدأت في وسائل الإعلام التي ناصبت جماعة الإخوان المسلمين العداء منذ توليها السلطة، وبدا للمتابع أن أي استهداف للثانية يصب في خانة الأولى استهداف الأولى بالضرورة، ونشر الكثير من الشائعات التي طالت رموز الحركة وقياداتها، على الرغم من التزام حماس الصمت إزاء هذه الحملات، والتي اعتبرت سكوتها عن الرد خدمة لحاكمي مصر آنذاك، وحتى لا تتورط في التجاذبات السياسية الجارية حينها في مصر.
فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة الأخبار القومية الصادرة في العاصمة المصرية القاهرة يوم 28 يناير/كانون الثاني الماضي، خبراً يشير إلى أن حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" قامت بإرسال كتائب بقيادة المجاهد أحمد الجعبري إلى مصر لتخريب احتفالات الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير المجيدة.
وهذا الخبر الذي نشرته تلك الصحيفة كان من الممكن أن يصدقه العامة في مصر، لولا أن القائد الحمساوي المشار إليه كان قد استشهد في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012 عندما قصفت طائرة آباتشي "إسرائيلية" سيارته التي كان يستقلها في قطاع غزة.
حركة حماس وعلى الرغم من كون القرار القضائي الصادر يعد الأقسى بحقها خلال تاريخ علاقاتها مع الجارة الكبرى مصر، اكتفت بإدانة الحكم وقالت إنه حكم مسيس ويستهدف الشعب الفلسطيني ومقاومته. لا يخفى أن القرار القضائي المصري يعد سابقة في تاريخ العلاقات الفلسطينية المصرية، وسوف ينعكس شئنا أم أبينا على هذه العلاقة. لكن حسابات الربح والخسارة من الناحية السياسية والاقتصادية يمكن لها أن تؤثر في مسارات العلاقة الثنائية بين الطرفين.
زيادة الحصار الذي يعاني منه قطاع غزة ورقة فلسطينية قد تلعب في هذا السياق في مواجهة أي محاولة مصرية للانتقاص من شرعية الحركة ووجودها على الحدود مع مصر، فرغم الآثار الاقتصادية القاسية التي قد يتعرض لها القطاع جراء تشديد الحصار عليه وعلى أهله، إلا أن الحصار نفسه قد يضع النظام المصري في خانة واحدة مع "إسرائيل" من حيث محاصرتها لسلطة حماس في غزة، وهو ما قد تلعب عليه الحركة مستقبلا ولمحت إليه خلال ردها على القرار القضائي، فشعبية الحركة في العالم العربي والإسلامي لا تزال كبيرة على الرغم من الهزات التي تعرضت لها حركة الإخوان المسلمين بوصف الحركة الفلسطينية حركة مقاومة للاحتلال من وجهة نظر الشعوب العربية حتى الآن.
ما تخشاه الحركة الآن لا سيما بعد الموجة الارتدادية التي تعاني منها جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي وفي أكثر من بلد، وبالذات في الخليج العربي أن تتقلص مواردها وتحاصر ويتم التضييق عليها بسبب ذلك، وأن تغلق منافذ دخول تلك الأموال التي غالباً ما تكون مصر بسبب الموقف المصري الرسمي الأخير، وعليه، فلا يتوقع أن يكون رد الحركة عنيفاً او تحاول التصعيد إزاء ذلك، تخوفاً من خنقها في غزة في مواجهة الاحتلال، بل سوف تحاول تهدئة الأمور وامتصاص الصدمة وفتح قنوات جديدة مع مصر بعيداً عن علاقتها بالإخوان المسلمين، وربما تلجأ إلى فك الارتباط ولو شكلياً مع الجماعة والتأكيد على هويتها الفلسطينية المقاومة التي يمكن لها أن تستثمرها في مواجهة أي تداعيات على الحركة.
لن يكون القرار القضائي الأخير ضد حركة حماس من وجهة نظرها سوى حلقة في مسلسل شيطنة الحركة بالدرجة الأولى، والفلسطيني بوجه عام بدرجة تالية، وهو قرار قد يجد صدى لدى الشارع المصري المنفعل حالياً بحكم التطورات المتسارعة على مشهده السياسي، لكن الأمور قد تتبدل سريعاً فيما لو هدأت الأمور وقررت مصر استعادة دورها في الملفات الإقليمية وبالذات الفلسطيني منها، على الرغم من علاقتها الوطيدة مع حركة فتح الخصم اللدود للحركة فلسطينياً، لكن شعبية حماس التي لم تنتقص منها جذورها الإخوانية قد يدفع حكام مصر الجدد إلى إعادة النظر في سياق العلاقة ومآلاتها.
المعبر حكاية عذاب لا تنتهي
بقلم عمر قاروط عن فلسطين اون لاين
بعد نحو سبع وأربعين يومًا فتحت السلطات المصرية السبت 29/3/2014 المعبر لمدة ثلاثة أيام أمام المسافرين الفلسطينيين من قطاع غزة للخارج ضمن الفئات الأربع التي حددتها قبل نحو ثمانية شهور وهي "المرضى- الطلبة- أصحاب الإقامات – حملة الجوازات"، وبنفس الآلية غير الواضحة كما سيسمح لهم بالسفر في اليوم، وموعد عبورهم، رغم أن القوائم جاهزة مبكرا لدى الطرف الفلسطيني، وهذا يعني أن يتجمع الناس الراغبون بالسفر ضمن الفئات الأربع في منطقة المعبر من ساعات الفجر الأولى بانتظار مناداة أسمائهم ضمن مسافري اليوم، وعليهم أن يصعدوا للباصات المخصصة للنقل وينتظروا ساعات لا حدود لها قد تكون ساعة وهذا نادرا، وقد تستمر عشر ساعات، وقد تنتهي بالعودة من حيث أتوا بانتظار يوم آخر، أو ربما بعدم إمكانية السفر لأي سبب تراه سلطات المعبر على الجانب المصري، مع العلم أن جميع الحالات هي في الأساس إنسانية بحتة وخارج إطار الشروط الأمنية أو غيرها.
وهنا لكم أن تتخيلوا بين هذه الترتيبات والانتظارات حجم العذابات التي يعانيها الراغبون بالسفر من أصحاب الحالات الإنسانية وعلى رأسهم المرضى.
السؤال الذي يقفز للواجهة هنا: هل عذاب المسافرين الفلسطينيين بات هدفا في حد ذاته؟ وهل باتت هناك شوفانية غير مفهومة ولا مبررة من قبل سلطات المعبر على الجانب المصري يتلذذون فيها بتعذيبهم للمسافرين الفلسطينيين؟ وهل هذه المعاملة غير الإنسانية لهم من شأنها أن تحل أو تخفف من مشكلات مصر الداخلية؟ الأسئلة كثيرة، لكن في مجملها تخلص إلى: إلى متى ستستمر السلطات المصرية بهذه الطريقة في تعاملها مع المسافرين الفلسطينيين؟ وهي ترى تلك السلطات أن هذا العمل مقبول أو مبرر؟
الكثير يعتبر ذلك عملا مخالفا للقانون، ولحقوق الإنسان، ولخصوصية العلاقات الفلسطينية المصرية التي يمتزج فيها التاريخ، والمصير والأمن واللغة والدين. هذه مسلمات لا نحتاج للحديث فيها، ولا التذكير بها. لكن السؤال الذي يتردد على لسان كل فلسطيني اليوم إلى متى سيظل هذا الوضع؟ وماذا تريد السلطات المصرية جراء ذلك؟
يصعب على المرء أن يتكلف الإجابة نيابة عن الإخوة في مصر، لكن نحاول أن نسهم في فهم هذا الوضع لعلنا نجلي حقائق الأشياء امام من يرغب في رؤيتها.
إذا سلمنا أن الأمر متعلق بالأمن في سيناء، فالفلسطينيون معتادون على هذا الوضع، وتكيفوا معه، وأما إذا كان منطلقه الخوف من أن بعض المسافرين يمكن أن يقيموا علاقات مع جماعات تهدد الأمن في سيناء، فالأمر بسيط ولا يحتاج لعناء لضبط الأمر، ووضع الإجراءات الكافية للتأكد من التزام المسافرين حدود أغراضهم المعلنة من السفر، وهذه بديهيات في عمل الأجهزة الأمنية في أي بلد، ولو كان هذا السبب يدفع الدول لمثل هذه الإجراءات لأوقفت جميع الدول السفر من وإلى أراضيها.
وإذا سلمنا أن السبب يكمن في الموقف من حماس، وما يتعلق بهذا الأمر من ملابسات وشكوك واتهامات، نقول بأنه مهما كان من مبررات في هذا الإطار فإنها لا ترقى لحد تبرير إغلاق المعبر، باعتبار أن حركة حماس هي مكون في النظام السياسي الفلسطيني، وهي ملتزمة بمسئولياتها ودورها في إطار الصراع مع الاحتلال، وأن ما تقوم به لا هدف أبعد من ذلك مهما بلغت المزاعم والتبريرات خصوصا وأن ملف الحركة مع النظام المصري الرسمي معروف ومفهوم ومحسوب في حدود المصالح العليا لمصر وفلسطين ومن يقول غير ذلك يدرك تماما بأن ذلك كمن يحاول أن يغطي الشمس بالغربال، بل على فرض صحة أي من المزاعم، وأخطأت حماس في بعض الأمور أو التقديرات، فإن الأخطاء خاصة العمل السياسي تقع فيه كل الدول بما فيها مصر ولترجع لصفحات تاريخها على هذا الصعيد، وكذلك الجماعات والأحزاب، لكن أي خطا وأي تجاوز يمكن معالجته من قبل أطراف إذا توافر حسن النوايا شريطة عدم الرغبة من أي طرف في شطب أو تجاهل الآخر أو القفز على خصوصياته.
وإذا سلمنا بأن مصر تمر بظروف استثنائية، وتغيرات بنيوية، تجعلها حساسة إزاء حركة المسافرين نحوها، نقول ذلك أمر يمكن تفهمه، والتعامل مع متطلباته لكن لا يمكن أن يبرر إغلاق المعبر باعتبار أنها تستقبل عبر مطاراتها ومعابرها مسافرين آخرين، وحتى إن صح أنها أوقفت ذلك وهذا مستحيل، فإنه لا يصح أن يكون ذلك بحق الفلسطينيين الذين يعانون من الحصار الإسرائيلي، وحصار الجغرافيا التي حصرت معابرهم فقط بالشقيقة مصر.
لذا فإننا نقول في هذا السياق بأنه آن الأوان لأن نعيد النظر في وضع المعبر مصريا وفلسطينيا. فمصريا نطلب من الإخوة في مصر الشقيقة بإعادة النظر فورا في طريقة عمل المعبر، والتوقف عن إغلاقه، ووضع أية ضوابط ولوائح ناظمة للحركة عبره وفقا لمقتضيات الحالة المصرية الأمنية والداخلية بالتنسيق مع الإخوة على الجانب الفلسطيني في المعبر دون التمييز بين الحكومة في غزة أو رام الله، فالأمر في العموم شأن فلسطيني لا يختلف عليه أحد، وإلغاء التصنيف الفئوي للمسافرين، وإتاحة الفرصة أمام جميع الراغبين في السفر طالما أنهم قدموا الوثائق الخاصة بذلك.
أما فلسطينيا، فنقول بأن التعاطي مع المعبر على الوضع الراهن أمر لا يليق، ولا بد من التوقف عن القبول بذلك، فإما يفتح أمام جميع المواطنين بالتساوي، وإما يغلق أمام الجميع بالتساوي، لكن إرهاق المواطنين باللعبة الحالية على المعبر أمر لم يعد مقبولا مطلقا، ولم يعد مبررا رغم الحاجة الملحة لذلك. وأعتقد أنه بإمكان جامعة الدول العربية التدخل ووضع صيغة وضوابط ناظمة تكفل فتح المعبر بصورة دائمة، ولائقة بدور ومكانة ومسئوليات مصر، وبحق وحاجات الفلسطينيين وصمودهم في وجه الاحتلال والحصار.
عقوبة الجلد تكشف حقيقتهم
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
يدرس المجلس التشريعي في قطاع غزة إقرار قانون عقوبات جديد يكون أكثر ردعًا وعقابًا للمجرمين من القانون الحالي، وهناك من يطرح إدراج عقوبة الجلد لبعض القضايا الجنائية والجنح في القانون المقترح. رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي المستشار محمد فرج الغول أكّد أن القانون لم يتم إقراره بعد, وأنه سيتم دراسته ومناقشته في جميع الأوساط وبمشاركة أصحاب الرأي والمؤسسات والجمعيات والفئات الفكرية والاجتماعية, بالإضافة إلى مختصين وخبراء.
بعد تناقل وسائل الإعلام للمعلومات آنفة الذكر احتجّت بشدة مؤسسات حقوقية وأحزاب يسارية وشخصيات علمانية، ولأنه لم يتم إقرار القانون بعد فإن كل الحجج المتعلقة بدستورية الإجراء تكون باطلة من الأساس ولا يجوز مناقشتها، علمًا أن قوانين كثيرة تسن في الشق الآخر من ربع الوطن (الضفة الغربية) بلا أي اعتراض يذكر من تلك الفئات التي تدعي حرصها على الوحدة وتخشى من تعزيز الانقسام, وكأنّ الانقسام لم يبلغ مبلغه بعد.
لو كان الهجوم على مشروع القانون وما تعلق به من مقترحات وآراء في الإطار الدستوري لكان مقبولاً دون تحفظ، ولكن المحتجّين تعدّوا كل الحدود حين اتخذوا من تلك القضية ذريعة للنيل من الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية الغرّاء, بل وصل الأمر إلى الاستهزاء بالدين وأنه لا يصلح إلا للقرون الوسطى.
يدعي بعضهم أن عقوبة الجلد لا تتماشى مع روح القوانين الإنسانية, وأن الحكومة في غزة تسعى إلى أسلمة قطاع غزة، وبعضهم يرى أنها تتنافى مع "مدنية الدستور" وآخرون يرون أن أي قانون يجب أن يراعي "اختلاف" الثقافات وتعدد الديانات في المجتمع الفلسطيني، وكل هذه هرطقات وتفاهات مدفوعة الأجر كما هو شأن الكثير من المؤسسات التي تسمى بـ"الحقوقية", أو أنها مدفوعة بشهوات أصحابها وانحرافاتهم الفكرية.
القوانين الإنسانية الغربية فاسدة نصًا وروحًا، وتبيح كل أشكال الانحلال والانحراف, وتدمر أخلاق المجتمعات, وهي السبب في كل الشرور في العالم, ونحن نرفض الكثير مما تحتويه، أمّا أن حكومة غزة تسعى إلى أسلمة المجتمع فهي "آخر نكتة" سمعتها، وهل هناك شك في إسلام الغالبية العظمى من أهل فلسطين بما فيهم غزة؟ شعب غزة مسلم موحّد, ولكن هناك من يريد تحويل المسلمين إلى علمانيين وملحدين وهذه بعيدة عن "خشومهم".
أما رأيي الشخصي بالنسبة لمشروع قانون العقوبات الجديد وتحديدًا لمقترح عقوبة الجلد فإن تلك العقوبة غير مناسبة في الوقت الحالي, مع أنها قد تزيد من ردع المجرمين في قطاع غزة, ولكنها في المقابل ستعطي مجرمين آخرين في قطاع غزة والدول المجاورة فرصة لتحريض المجتمع الدولي ضد غزة ومن فيها، وما ذكرناه في هذا المقال ما هو إلا مثال بسيط على التحريض ودليل على وجود من يتربص بغزة وأهلها.
مدى جدية (إسرائيل) بإعادة احتلال غزة
بقلم عدنان أبو عامرعن فلسطين اون لاين
خاضت المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي منتصف مارس الحالي مواجهة جديدة ضمن جولات متعددة، شملت إطلاق عشرات الصواريخ على غزة والمستوطنات الإسرائيلية.
وكان يفترض أن تنتهي هذه الجولة مثل سابقاتها بتصريحات متبادلة بين غزة و(تل أبيب)، لكن الأخيرة رفعت سقفها هذه المرة بإطلاق تهديدات غير مسبوقة تتعلق بإمكانية إعادة احتلال قطاع غزة من جديد، لتطهيره من الترسانة العسكرية والقدرات الصاروخية التي يحتفظ بها، كما جاء في دعوة "أفيغدور ليبرمان" وزير الخارجية.
لكن المخاوف زادت في غزة بعد أن زادت وتيرة هذه التصريحات المهددة، وخرجت عن رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" و"موشيه يعلون" وزير الجيش، و"بيني غانتس" قائد الجيش.
وبالتزامن مع هذه التهديدات، نشرت كتائب القسام شريط فيديو يظهر رصدها لزيارة وزير الجيش الإسرائيلي "يعلون"، إلى حدود غزة الشرقية، لم تحدد تاريخها بدقة، ووقوعه تحت مرمى قناصتها.
فيما أجرى جيش الاحتلال الإسرائيلي تمرينًا عسكريًا يوم 19/3 في المنطقة المحاذية لقطاع غزة، بمشاركة وحدات قتالية مختلفة، لرفع مستوى جاهزيتها القتالية.
وقد تلا ذلك إعلان (إسرائيل) مساء 20/3 اكتشافها نفقًا جديدًا يربط غزة بأراضيها لتنفيذ هجمات، يتوغل مئات الأمتار، وأن بناءه كان بهدف تنفيذ هجوم مسلح، بُني على عمق 6-8 أمتار، واستخدمت في بنائه قطع كبيرة من الإسمنت، لكن كتائب القسام أعلنت أن اكتشافه يعود للأمطار، وليس إنجازًا إسرائيليًا.
ثم بادرت حماس مساء 22/3 لخطوة هي الأولى من نوعها بإرسال عشرات الرسائل لهواتف خليوية إسرائيلية، تضمنت تهديدات لهم بخطفهم وتنفيذ عمليات ضدهم.
لكن ردود الفعل من غزة لم تتأخر كثيرًا في الرد على التهديدات باحتلالها، وكان على رأسها إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس، الذي هدد أمام مئات الآلاف من أنصاره في مهرجان حماس وسط غزة يوم 23/3 في ذكرى اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، بأن "أي عدوان جديد على القطاع سيكلف (إسرائيل) غاليًا، لأن ما تخفيه المقاومة من إمكانيات أكبر من تقديراتها".
كاتب السطور علم أن الأوساط السياسية والعسكرية في غزة تداولت جدية التهديدات باحتلال القطاع مجددًا، لأن تهديداتها تزامنت مع حراك عسكري متلاحق، سواء على الحدود مع غزة، أو في المناورات الداخلية للجيش، لأن أي هجوم متوقع سيرتبط بدعم إقليمي ودولي، كما أن غزة تفتقر للعمق الاستراتيجي لوقوعها ضمن نيران المدفعية، ومدينة محاصرة يمكن اقتحامها عسكريًا واحتلالها وتدمير القوى المدافعة عبر الضغط العسكري والاستنزاف الميداني".
ووصل الأمر بقناة الجزيرة الفضائية، ذات المتابعة الفلسطينية الكثيفة، أن تضع استطلاعًا للرأي على صفحتها الرئيسة، بطرح سؤال: هل التصعيد الإسرائيلي الأخير بداية اجتياح لقطاع غزة؟.
ورغم أن الشعور السائد في غزة بأن التطورات السابقة التي ذكرها هذا التحليل تعجل من قرار (إسرائيل) بمهاجمة غزة، لكن حماس في غزة قالت: إن ما وصفتها بـ"المفاجآت" التي تعدها، تجعلها تستبعد إقدام (إسرائيل) على إعادة احتلال غزة بالكامل، معتبرة التهديدات "فقاعات هوائية"، لأن الإقدام على هذه الخطوة، سيجعل (إسرائيل) تبقي مسئوليتها على القطاع، وهذا ما لا تريده في الوقت الراهن.
كما أن إعادة احتلال (إسرائيل) لغزة يتطلب منها تكلفة باهظة لا تريد أن تدفعها، والأمر لا يتجاوز رسائل تدعو المقاومة للتوقف عن تصعيدها العسكري الخفي تحت الأرض عبر الأنفاق، واصفة تصريحات "نتنياهو ويعلون وليبرمان" بأنها جزء من الحرب النفسية التي يشنّونها ضد غزة.
من جهته، انشغل الإعلام الفلسطيني خلال الأيام الأخيرة بتهديدات احتلال غزة، واستضاف خبراء عسكريين، لوضع تصور متوقع لطبيعة الاحتلال المفترض، خشية (إسرائيل) من تصاعد مفاجئ في حال قيام مواجهة محدودة مع حماس، وربما تحصل بتشجيع وتمويل من الدول العربية لإنهاء حكم حماس بغزة، فضلاً عن حصول اتفاق بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل)، يترتب عليه ضرورة إنهاء العقبة المعيقة في تطبيقه وهي حكومة حماس بغزة.
على الصعيد العسكري، ولمواجهة الاجتياح المفترض، تجري الأجنحة الفلسطينية المسلحة تدريبات عسكرية يومية لصد أي هجوم محتمل، لا سيما في المناطق المسماة "المحررات" وهي المستوطنات التي انسحبت منها (إسرائيل) عام 2005، خاصة جنوب ووسط وشمال قطاع غزة.