في هذا الملـــــف:
ü وصمة عار اسرائيلية !
بقلم: حديث القدس – القدس
ü لا مصالحة بدون حسم النهج والخيار!!
بقلم: راسم عبيدات - القدس
ü من امتهان "الحرية" بالاستبداد .. فإلى امتهان "الديمقراطية" بالانتخاب !
بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
ü قنابل الرئيس حقيقية وليست صوتية ..
بقلم: طلال عوكل – الايام
ü المصالحة: كذبة آخر نيسان؟
بقلم: عاطف أبو سيف – الايام
ü قطر وتشغيل الفلسطينيين
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ü الاستيطان وخارطته السياسية
بقلم: يحيى رباح – الحياة
ü في وجه العاصفة: رحلتنا الى معسكرات الموت النازية في بولندا
بقلم: سليم سويدان – معا
وصمة عار اسرائيلية !
بقلم: حديث القدس – القدس
الاجراءات المشددة التي اتخذتها السلطات الاسرائيلية أمس الأول ومنعت بموجبها آلاف المواطنين المسيحيين من الوصول الى كنيسة القيامة للاحتفال بسبت النور ومنعها روبرت سيري المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام والوفد المرافق له من الوصول أيضا الى الكنيسة وكذا إقدامها على إغلاق أبواب المسجد الأقصى لمنع وصول المصلين للمسجد في الوقت الذي كان يتأهب فيه متطرفوها لاقتحام المسجد الأقصى وكل ذلك وسط تحويل المدينة المقدسة الى ما يشبه الثكنة العسكرية بانتشار قواتها المكثف في محيط الأماكن المقدسة وفي مختلف شوارع المدينة وكذا في محيط المدينة ، إنما يشكل وصمة عار في جبين اسرائيل التي لطالما ادعت زورا أنها تحترم حرية الأديان وتضمن وصول المصلين والمؤمنين الى أماكنهم المقدسة في محاولة لتبرير استمرار سيطرتها على القدس العربية المحتلة.
بهذه الممارسات وما سبقها على مدى أعوام طويلة من اعتداءات المتطرفين اليهود على الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية ومن منع اسرائيل المسلمين والمسيحيين من الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول الى أماكنهم المقدسة ، ترتكب اسرائيل انتهاكا فظا للقانون الدولي وخاصة اتفاقيات جنيف وكافة القوانين الدولية التي تفرض على قوة الاحتلال عدم القيام بمثل هذه الممارسات.
وهي بذلك أيضا تحاول جاهدة الاستمرار في تنفيذ مخططاتها لتهويد المدينة المقدسة بشتى الطرق بما في ذلك تكثيف الاستيطان والتضييق على أهلها الأصليين لدفعهم الى مغادرة القدس وهو ما ينتهك ايضا القانون الدولي الذي يحظر على دولة الاحتلال القيام بمثل هذه التغييرات او ممارسة سياسة تطهير عرقي او نقل مدنيين من أماكن سكناهم او التعرض لممتلكاتهم وأموالهم.
ان ما يجب ان يقال هنا ان اسرائيل كشفت بذلك وأكثر من أي وقت مضى زيف ادعاءاتها بشأن الحرية الدينية وأكدت أنها لا تحترم القانون الدولي ولا مشاعر المسيحيين والمسلمين وأنها لا تنتمي الى قيم ومبادىء الديمقراطية وحقوق الانسان التي طالما تفاخرت بأن تلك القيم هي التي تجمع بينها وبين العالم الغربي المسيحي الذي تنتهك اليوم حرمة مقدساته وتمنع وصول المسيحيين الى احد أهم أماكنهم المقدسة في القدس.
وبذلك ، فقد حان الوقت كي يتحرك العالم أجمع الإسلامي والمسيحي لوقف هذه الغطرسة الاسرائيلية وإفهام اسرائيل انها لا تستطيع الاستمرار بالتستر خلف مزاعمها وأكاذيبها بشأن الحرية الدينية من جهة وان ما تقوم به من انتهاكات يجب ألا يمر مرور الكرام بل يجب محاسبتها ومعاقبتها على كل ما ترتكبه.
وإذا صحت الأنباء القائلة ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري سيصل المنطقة في مسعى أخير لمنع الانهيار التام للمفاوضات قبل انتهاء مهلة التسعة شهور في التاسع والعشرين من الشهر الجاري فإن من الأجدر به ان يضع النقاط على الحروف أمام هذه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة وأن ينقل لها رسالة واضحة بأن العالم بأسره سئم انتهاكاتها وممارساتها وأن الوقت قد حان لإنهاء احتلالها غير المشروع للأراضي الفلسطينية وفي مقدمتها القدس العربية.
لا مصالحة بدون حسم النهج والخيار!!
بقلم: راسم عبيدات - القدس
كلما شعر أحد طرفي الإنقسام بتأزم أوضاعه أو دخل في مرحلة حرجة،يجري ويهرب للعب على وتر المصالحة وإستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام، وتبدأ اللقاءات والإجتماعات المارثونية بين طرفي الإنقسام، يؤكدان ويشددان على إنهاء الإنقسام، ويعقدان المؤتمرات الصحفية ويصدران البيانات النابذة للإنقسام، وما يتركه من تداعيات وآثار مدمرة على قضيتنا ومشروعنا الوطني، وكأن الإنقسام ليس من فعلهما، بل بفعل مخلوقات فضائية. وما ان تتحسن ظروف احد طرفي الإنقسام، او يشعر بأن ظروفه واوضاعه مريحة، حتى يباشر في حملة قدح وذم وتشهير وتخوين للآخر للتهرب من إستحقاقات المصالحة.
المصالحة ليست قضية تحظى بأولويات طرفي الإنقسام، فهي ورقة يستخدمها هذا الطرف او ذاك، فحماس عندما كان محمد مرسي يحكم في مصر، شعرت بأن مشروعها يتقدم ويحقق نجاحات،وبالتالي لم تستعجل المصالحة، وارادت أن تفرض شروطها وبرنامجها على المصالحة، ولكن بعد سقوط مرسي وما قام به النظام المصري الجديد من إجراءات بحق «الإخوان المسلمين» و«حماس»، وجدنا حماس تخفف من سقف مطالبها وتسعى للمصالحة بأثمان اقل بكثير مما كانت تطرحه، وهذا ليس مرتبطا بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، بل إرتباطاً بأوضاعها الداخلية، وكذلك السلطة في رام الله التي تفاوض اسرائيل برعاية امريكية غير مستعجلة المصالحة،حتى لا تتهم بتخريب المفاوضات،ولكن عندما دخلت المفاوضات في أزمة، ولم تحقق أي نتيجة تشكل إنجازاً له، أخرجت ورقة المصالحة كقضية ضغط وتكتيك ليس اكثر، وكلتا السلطتين نمت لهما مصالح وامتيازات والمصالحة هي مجرد ورقة ابتزاز سياسي وتكتيك لهما، وللظهور أمام الجماهير بأنهما ليستا العائق أمام إتمام المصالحة، ولذلك وجب ان يكون هناك تحرك جماهيري واسع ضد هاتين السلطتين،وأشدد على جماهيري وشعبي،لأن القوى الاخرى الرافضة للإنقسام ،لم تنجح في ان تشكل ضاغطاً حقيقياً على تلك السلطتين من اجل انهاء الإنقسام، ولذلك فإن الوفد المشكل من سلطة رام الله او التنفيذية او المركزية فالأمر سيان، والذهاب الى قطاع غزة تحت يافطة المصالحة لن يحقق اي اختراق جدي، فالمفاوضات بعد الفصح اليهودي قد تمدد وهناك خشية في ان يتراجع ملف المصالحة خطوات الى الوراء،وسيستمر الطرفان في إدارة الإنقسام والعمل على شرعنته وتعميقه،وهذا مرضي وحيوي للطرفين.
إنهاء الانقسام بحاجة الى إرادة سياسية،إرادة تغلب المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة،وبحاجة الى قيادات جريئة تتحرر من التدخلات الخارجية والأجندات غير الفلسطينية، قيادة قادرة على القول لا مصلحة فوق مصلحة الشعب الفلسطيني بدون ان يتم حسم النهج والخيارات، وبدون ان يجري عليها توافق وطني وفصائلي ومجتمعي وجماهيري، سنبقى كمن يخض الماء من اجل الحصول على زبد، ولن نحصل ابدا على الزبد، فالمفاوضات تثبت في ارض الواقع وبالملموس،بأنها خيار عقيم وبائس لن يقودنا الى تحقيق ولو الحد الأدنى من الحقوق المشروعة لشعبنا في دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، بل ان هذا النهج يجري ويتواصل، وبما يسمح للمحتل ان يواصل مشاريعه ومخططاته في تهويد الأرض واسرلة السكان، وممارسة كل أشكال التطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني،فلا إستيطان توقف لا في القدس ولا في باقي الضفة، ولا حتى الإقتحامات والإعتقالات والإغتيالات في المناطق التي يقال بأنها تخضع لسيطرة السلطة كاملة،مناطق(أ)،وبالتالي فرض الإحتلال للوقائع والحقائق على الأرض متواصل وكان هناك موافقة ضمنية من الجانب الفلسطيني على ذلك.
وبالمقابل فان من يتمسكون بخيار المقاومة،هم أيضاً لم يحققوا إنجازاً حقيقياً في هذا الجانب،على الرغم من اهمية التمسك والتشبث بهذا الخيار،حتى لو كانت الممارسة موسمية،ونحن صرنا نتلمس بأن هناك من هو مستعد لقمع المقاومة وضربها في سبيل الحفاظ على مصالحه وسلطته،تحت يافطة وذريعة الحفاظ على المصالح العليا للشعب الفلسطيني.
نحن امام كارثة حقيقية لا نتعامل مع قضايانا المصيرية بجدية عالية،فالمرحلة التي يمر بها شعبنا حالياً،اخطر من أي مرحلة سابقة، والمطلوب ليس رأس الزعيم الفلاني او العلاني،وليس مطلوباً المقامرة بحقوق الشعب الفلسطيني، واستخدام ورقة المصالحة للاستهلاك الاعلامي والمناكفة.
اسرائيل تستهدف المشروع الوطني، والمطلوب اسرائيليا شطب حق العودة نهائياً،وتصفية القضية الفلسطينية ولذلك بات من الملح والضروري ان تكون فصائلنا على مستوى الحدث والمؤامرة ولذلك الدعوة الى عقد المجلس المركزي ودعوة «حماس» والجهاد لحضوره،يعني بان هذه جهة مقررة للشعب الفلسطيني،يجب أن تحترم قراراتها وما يجري الإتفاق عليه،يجب ان يكون ملزماً للجميع، فنهج قولوا ما تشاؤون وانا أفعل ما اشاء قادنا الى الدمار،ومن يخرج عن تلك القرارات أي كان فلا شرعية له،ويجب ان يستوعب جيداً بانه لا يقرر بالنيابة عن الشعب الفلسطيني،أو يغتصب شرعية تمثيله،فهذا يدخلنا في اتون الحروب الداخلية والإقتتال.
الهجوم الإسرائيلي – الأمريكي على شعبنا،يتسلح ويستقوي بحالة الضعف والإنقسام الفلسطيني،وكذلك حالة الإنهيار العربي غير المسبوقة،حيث ان عدداً من الأقطار العربية،أخذت علاقاتها وتنسيقاتها وإتفاقياتها مع دولة الإحتلال تخرج الى العلن،وهي تشارك معه ومع امريكا بالضغط على الشعب الفلسطيني وقيادته،وتبتزها من اجل الموافقة على مشاريع تصفية القضية،وفي المقدمة منها الإعتراف بيهودية اسرائيل ،وانا هنا أقول بان اي اتفاق مع دولة الإحتلال توافق فيه السلطة الفلسطينية على إسقاط الجنسية الإسرائيلية عن أسرى الداخل،سيكون مقدمة وترجمة عملية لشعار يهودية اسرائيل وتبادل الأراضي.
المصالحة وإنهاء الإنقسام،يجب ان يكونا مستندين الى برنامج سياسي واستراتيجية موحدة تتوافق وتلتف حولها كل ألوان الطيف السياسي والمجتمعي والشعبي الفلسطيني،وهي قضايا جوهرية واستراتيجية،وليست قضايا ذات طابع تكتيكي وإستخدامي لخدمة هذا الطرف او ذاك،فخطر الإنقسام يوازي خطر اوسلو،إن لم يكن اكثر،فكلاهما يقسم ويفصل الشعب الفلسطيني،ويشرع الإنقسام والإنفصال.
من امتهان "الحرية" بالاستبداد .. فإلى امتهان "الديمقراطية" بالانتخاب !
بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
في المجاز هناك: عالم عربي. نظام عربي.. وربيع عربي. في غير المجاز نقول إن الربيع العربي فكفك قليلاً امتهان الاستبداد العربي للحرية العربية، ولعل الربيع العربي، بعد ثلاث سنوات، بدأ مرحلته الثانية: امتهان الديمقراطية بالانتخاب!
ليس أقل من نصف دزينة من الدول العربية تشهد، هذا العام، مختلف صنوف الانتخابات: للرئاسة؛ للبرلمان، للبلديات، من شرعية الشارع والميادين، في مستهل الربيع العربي (عالم عربي في المجاز؛ ونظام عربي في المجاز) .. فإلى شرعية الصوت في صناديق الاقتراع!
بدأ الربيع العربي بهيجاً، وانتهى في كل بلد تقريباً إلى نموذجه القطري الخاص في تحويل شرعية الشارع الغاضب إلى شرعية صوت الناخب.
في الثلث الأخير من القرن المنصرم، وضع أحد المؤلفين الأجانب كتاباً معنوناً: "هؤلاء المرضى الذين يحكمون العالم"، فقد كان هناك مرضى ومسنون من الرؤساء يحكمون، في الأقل، ديمقراطيات عريقة: فرنسا والرئيس المريض ميتران، أميركا والرئيس العجوز ريغان، والاتحاد السوفياتي حيث ينتخب الحزب عجوزاً تلو العجوز، توافيه المنيّة بعد قليل من انتخابه (تشيرننكو، أندروبوف).
والآن، لماذا انتخب شعب الجزائر لرئاسة رابعة، رئيساً عليلاً ومعاقاً في عقله وجسمه؟ يقولون إنه لن يحكم فعلاً، بل سيكون ظلاً للحزب الحاكم، وإن الحزب بدوره هو ظل الجيش القوي المنتصر على الإرهاب.. ومن ثم، فالشعب انتخب الاستمرار والاستقرار، بعد أن اكتوى بحرب أهلية اخترمت حياة 200 ألف إنسان.
سلم أهلي واستقرار؟ هكذا فسّرت النتيجة لويزة حنون، المرأة الوحيدة بين ستة متنافسين، وزعيمة حزب العمال التروتسكي.
لا أعرف كم أحرزت لويزة من أصوات المقترعين، لكنها تستحق الاحترام لدخولها منافسات الرئاسيات للمرة الثالثة.. لكن ما فاجأني هو تأييدها لانتخاب بوتفليقة، الذي وصفت فوزه بـ "تصويت دفاعي مقاوماتي"!
أحرز بوتفليقة 81.53% من أصوات الناخبين (وليس من أصوات أصحاب حق الاقتراع) وأحرز منافسه الرئيس ورئيس وزرائه السابق بن فليس 12.18%، وجاء بلعيد ثالثاً.
كانت هذه انتخابات تنافسية فعلاً، كما هي الانتخابات التونسية، وكذا الانتخابات العربية الأهم، أي المصرية.
من الواضح ان امتهان الحرية في نظام الاستبداد العربي السابق كان مديداً، ولكن امتهان الديمقراطية سيكون قصير الأجل أو مرحلة انتقالية، ريثما تتمأسس الديمقراطية بقرانها من الحرية.
لعلّ الناخب الجزائري نظر إلى أحوال العراق وسورية ومصر وليبيا، ثم أعطى صوته للرئيس الذي أنهى الحرب الأهلية المريرة، وبدأ مرحلة تعدد الأحزاب والانتخابات التنافسية.
كثيرون من العرب غير الجزائريين سخروا من ترشيح بوتفليقة نفسه، ومن فوزه، رغم أنه وعد شعبه أن يسلم الشباب (بعده فقط؟) قيادة البلاد.
هناك فلسطينيون بين الساخرين العرب، لكن أحد الجزائريين المؤيدين للرئيس، قال: على الفلسطينيين الاهتمام بأمورهم.. "وكل الدول والشعوب تحكمها حكومة.. إلاّ أنتم أصحاب الحكومتين"!
صحيح، أن انتخابات الرئاسة الجزائرية كانت تنافسية، لكن التصويت جاء أقرب إلى "الاستفتاء" على السلم الأهلي والاستقرار، وكذلك الحال في الانتخابات المصرية وهي تنافسية للمرة الثانية، لكن ستكون النتيجة أقرب إلى "استفتاء" على انتخاب قائد الجيش، وهو القوة الأقوى والأكثر شعبية في مصر، وعامل استقرار من فوضى واقتتال كما في سورية والعراق وليبيا. انتظروا فوز بشار الأسد بانتخاب ـ استفتاء.
من ينظر إلى عالم عربي بالمجاز، ونظام عربي بالمجاز، وربيع عربي بالمجاز، سيلاحظ أنه منذ ربع قرن قبل الربيع العربي، انتقل "مركز" العالم العربي من الدول الجمهورية الاستبدادية القوية، إلى "أطراف" العالم العربي في دول الخليج.
صحيح أن دول الخليج تمتهن الحرية بالاستبداد، والديمقراطية بانتخابات غير ديمقراطية، لكنها وفرت لشعوبها (شعوبها لا الوافدين إليها) شروط الثراء ومتعة العيش، وصارت "المركز" العربي على كل صعيد مالي، إعلامي، عمراني، وحتى ثقافي.
انتهى زمن التقسيم القديم للعالم العربي حسب محمد حسنين هيكل: دول الثورة والجمهوريات (المركز) ودول الثروة (الأطراف) إلى دول (الفوضى) في المركز ودول الاستقرار في (الأطراف).
***
وددت القول لمواطن جزائري مغتاظ من رأي بعض الفلسطينيين: بدأت الحرب الأهلية الجزائرية برفض الجيش التسليم بفوز الجماعات الإسلامية، لكن انقسام الفلسطينيين بين حكومتين كان نتيجة التسليم بفوز الإسلاميين بلدياً وبرلمانياً.
الشعب على حق، مبدئياً، لكن الناخب ليس دائماً على حق!
قنابل الرئيس حقيقية وليست صوتية ..
بقلم: طلال عوكل – الايام
قبل أيام قليلة، على بلوغ المفاوضات محطتها الأخيرة في التاسع والعشرين من هذا الشهر، ألقى الرئيس محمود عباس، جملة من القنابل، التي تنطوي على رسائل خطيرة، لكل من يقف على الناحية الأخرى فلسطينياً وعربياً، ودولياً.
القنابل التي أطلقها الرئيس ليست صوتية، ولا ننصح أحداً من الموالين له أو وخصوصاً من المعارضين، أن يتعامل معها بخفة واستهتار أو على أنها مجرد ثورة غضب مؤقتة، أو رد فعل لحظي على التصعيد الإسرائيلي الذي اتخذ طابع التهديدات، أو طابع الإجراءات العقابية.
السادس والعشرون من هذا الشهر أي قبل ثلاثة أيام من انتهاء العمر المخصص للمفاوضات، سيترتب على المجلس المركزي لمنظمة التحرير أن يقف بمسؤولية، كاملة أمام أجندة صعبة، تنطوي على تحولات وتداعيات استراتيجية، ينبغي على الجميع أن يشارك في دفع استحقاقاتها.
يدرك الرئيس وتدرك كل الفصائل السياسية أن خيار المصالحة، هو خيار مجابهة واشتباك مع إسرائيل التي تبني مخططاتها وسياساتها على أساس ما يوفره الانقسام الفلسطيني من مزايا وفوائد بقدر ما ينطوي عليه من مخاطر وأكثر على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
أن يختار الرئيس هذا التوقيت، لإرسال وفد من منظمة التحرير الفلسطينية يفترض أن يصل إلى غزة اليوم والأرجح أن يصل غداً، هذا أمر يستحق التفكير في مدى جدية المسعى نحو المصالحة أولاً، والتفكير أكثر في مدى جدية الحديث عن إجراء الانتخابات بمعزل عن التوافق الوطني، في حال فشل الوفد في التوصل إلى نتائج عملية واضحة.
المطلوب بحسب مصادر قريبة من الوفد، أن توافق حركة حماس على تشكيل الحكومة، وتحديد موعد لا يتجاوز الستة أشهر لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، يتبع ذلك اجتماع للمرجعية الوطنية التي تشارك فيها حماس والجهاد لبحث موضوع الخيارات السياسية، وآليات متابعة ما تبقى من ملف اتفاق المصالحة.
الحاجة لحوار استراتيجي أمر لا ينكره أحد، ولكن الإصرار على البدء به وتأخير تنفيذ بنود المصالحة إلى ما بعد الانتهاء منه، يعني استهلاك المزيد والكثير من الوقت قبل أن نتأكد من أن الكل جاهز لتنفيذ المصالحة، وفي الحقيقة فإن تحقيق المصالحة السياسية، التي توفرها الحكومة، أمر يحظى بأولوية وتدرأ خطر إعلان فشل المصالحة، والذهاب إلى خيارات صعبة من النوع الذي يشير إليه الرئيس.
من الواضح أن تشكيل الحكومة لا ينهي ملف توحيد المؤسسة، وهو أمر شائك ومعقّد إلى حد كبير، الأمر الذي يرتب على حماس أن تفكر في كيفية التعاطي مع ملف خمسة وخمسين ألف موظف مسجلين لدى حكومتها، إلى أن ينتهي البحث في كيفية معالجة هذا الملف نحو توحيد المؤسسة.
يرتب ذلك على حماس أن تفكر ملياً، وأن تتحمل مسؤوليات كبيرة في حالتي الاتفاق على تنفيذ المصالحة كما يريدها وفد المنظمة أو الاستعداد للتعامل مع ما هو أصعب في حال فشل المصالحة، وتنفيذ وعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بمعزل عن التوافق الوطني.
هنا يكمن السؤال بشأن الشرعية، التي يجري تجاهلها أو التقليل من قيمتها، فإذا كان الرئيس فاقدا للشرعية والصلاحية، فإن التشريعي أيضاً فاقدها، وإن كان الرئيس رئيساً، فإن لجوءه لتجديد الشرعيات انتخابياً، سيؤدي إلى تجديد شرعيته، وسحب الشرعية عن المجلس التشريعي، الذي تتغطى به حركة حماس.
يمكن لأي طرف فلسطيني معارض أن يستمر في التحدث عن عدم شرعية الرئيس، وعدم شرعية قراراته، ولكن الشرعية لا تتوقف على البعد الانتخابي فهو يستمد شرعيته فوق ذلك على الشرعية العربية، والدولية، وحتى الشرعية الإسرائيلية، إن كانت هذه تحسب من بين الشرعيات، وحين ذاك لا يبقى لحركة حماس كحكومة سوى شرعية الأمر الواقع، وهي شرعية غير مستقرة في أحسن الأحوال.
وعلى حماس أن تفكر في وضعية قطاع غزة، في حال فشلت المصالحة، وقرر الرئيس الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، وعليها أن لا تستهتر أو تستخف بالتداعيات التي تنجم عن ذلك.
وبرأينا فإن إسرائيل من غير المرجح أن توافق وتسهل إجراء انتخابات فلسطينية عامة، بتوافق وطني لأن ذلك سيؤدي إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، ولكنها قد تغض النظر عن انتخابات، دون توافق وطني لأن ذلك سيؤدي إلى استمرار وتفاقم الانقسام وإلى، إضعاف دور ومكانة حركة حماس، التي تخضع لحصار مشدد، وأزمات تزداد تفاقماً.
الأمر الآخر، الذي ينطوي على تحد خطير لكل الأطراف المعنية فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً، هو حديثه عن الاستعداد لتسليم مفاتيح السلطة أو ما سماه الفندق خمس نجوم، للأمم المتحدة، ولأي ضابط إسرائيلي صغير.
هذا الحديث ليس حديث الغاضب أو المحبط، أو الذي يلوح بتهديد لا يترك أثراً عند صنّاع القرارات، خصوصاً وأن وجود السلطة واستمرار وظيفتها ودورها، هو أمر مطلوب إسرائيلياً بإلحاح، لأنه يوفر لها احتلالاً غير مكلف، وهو أمر مطلوب عربياً ودولياً، لأن بدائله مكلفة جداً من حيث، إنه يفتح الصراع واسعاً، وينهي أوسلو، وكل مجرى المفاوضات، ويعيد بناء حركة التحرر الوطني الفلسطينية وفق استراتيجيات وخيارات جذرية مختلفة.
عند الحديث عن واقعية هذا الخيار، الذي طالب به العديد من الفصائل والشخصيات، وإقفال ملف التفاوض كخيار في هذه الفترة، يصبح على جميع القوى الفلسطينية أن تفكر في الثمن الذي عليها أن تقدمه، مقابل الثمن الكبير الذي سيدفعه الاحتلال، الذي عليه أن يتحمل كافة مسؤولياته تجاه ملايين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والذين أقرت لهم الشرعية الدولية حق تقرير المصير، ودولة قد تصبح عضواً كاملاً، ولكنها تحت الاحتلال.
لم يدر في ذهن راسمي السياسة الإسرائيلية، معنى التصريحات والتهديدات والإجراءات المتطرفة التي لم يتوقفوا عن إطلاقها واتخاذها، وربما لم يدر في خلد الإدارة الأميركية أن تصل الأمور إلى هذا المستوى من توظيف أوراق القوة الفلسطينية، والأرجح أن على الطرفين الإسرائيلي والأميركي أن يتعاملا بجدية كاملة مع ما تبقى من الوقت حتى نهاية الفرصة المتاحة للمفاوضات، وأن يستعدا لدفع الثمن المطلوب للطرف الفلسطيني قبل أن تنزلق العربة إلى هاوية سحيقة.
المصالحة: كذبة آخر نيسان؟
بقلم: عاطف أبو سيف – الايام
تبدو مهمة الوفد القادم من رام الله إلى غزة لبحث قضية المصالحة مع حماس سهلة وصعبة في نفس الوقت، ويمكن لها أن تكون فرصة تاريخية أو مجرد خبر يضاف لعشرات الأخبار الأخرى حول المصالحة والحوار الوطني، وحتى تصبح ممكنة، فإن توفر النوايا الحقيقية وعدم جعل التفاصيل المملة تفشل فرص التوافق أهم من كل شيء، فإذا ما تم التعامل مع المصالحة على أنها مطالب واستحقاقات وحصص، فإن مصير هذه اللقاءات دفتر الماضي القريب.
تكمن معضلة المصالحة البنيوية في أنه تم التعامل معها بالقطّاعي بحيث تم الالتفات للتفاصيل على حساب الفكرة العامة.
ضمن هذا التعامل كان يتم مناقشة الأفكار الصغيرة والتفاصيل الدقيقة بوصفها جوهر الصراع والخلاف، فيما كان يمكن للاتفاق على الفكرة الكبرى أن يجعل تلك التفاصيل ليست ذات أهمية، لأنه في المشاريع الكبرى، كما في الأحداث المفصلية في التاريخ، فإن التوقف عند التفاصيل يكون على حساب النجاح.
الذي حصل في مسيرة المصالحة الوطنية التي سبقت الانقسام بأحداثه الدامية في حزيران 2007، أن النقاش تركز على الكثير من الهوامش على حساب المتون، لم يكن هذا ربما بلا قصد، إذ إن مراجعة نقدية لتلك المسيرة تكشف عن تقصد من البعض من أجل تضييع فرص الاتفاق. والحال كذلك، لم يكن غريباً أن تفشل المصالحة حتى حين يتم التوقيع على اتفاق شامل، لأن البعض كان ينظر إلى تفاصيل الاتفاق أكثر من نظرته لفكرة الاتفاق، وبسبب ذلك فإن النقاش على نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية كان من شأنها أن تُبطل اتفاقاً شاملاً تم التوصل إليه.
وبعد ذلك إذا تم تجاوز هذه النقطة يظهر تفصيل أدق ربما حول نسبة الدوائر من مجموع التمثيل البرلماني لتكون سيفاً يقطع رقبة الاتفاق.
وأيضاً في ظل هذه الدائرة المفرغة، فإنه ما أن يتم تجاوز هذه النقطة حتى تظهر نقطة جديدة، انظر مثلاً إصرار "حماس" على ضرورة أن يتم ضم موظفيها الذين تم إدماجهم على كادرها المدني والعسكري ضمن ولاء حزبي لتثبت الانقسام وتمكينه، القصة بالطبع في جزء منها مالية، لكنها تعكس بصورة أدق الوعي العميق حول المصالحة بوصفها اقتسام الغنائم والحفاظ على الحصص.
فلو كانت المصالحة هي الشغل الشاغل، وهي الغاية المنشودة لأمكن بقليل من الحكمة المسنودة بالرغبة والإرادة أن يتم القفز عن هذه التفاصيل التي بطبيعة الحال يمكن حلها خلال عملية إعادة اللحمة للمؤسسة ولشرعية النظام السياسي، بيد أن ثمة مصالح حزبية وزبائنية تقتضي الدفاع عن هذه المصالح.
إن النظام الزبائني البتريمونيالي الذي تم بناؤه يقتضي أن يحافظ على أكبر قدر ممكن من أعمدته وهياكله حتى يصلح للعودة إلى الوراء في الوقت المناسب.
وهذه معضلة أخرى من معاضل المصالحة، وربما هي أحد أهم تحديات تجسيد الوحدة الوطنية، حيث إن الأجسام التي خلقت بعد الانقلاب كان يقصد منها أن تدوم للأبد، فلو أن ما حدث في حزيران الدامي العام 2007 كان نقطة سوداء في تاريخ شبعنا (وأنا بكل يقين أقول ذلك) ولو أنه كان خطأ يجب تصحيحه كما قد يميل بعض الناس ممن دافعوا عما حدث في السابق ضمن مراجعات الذات، ولو أن ما تم كان مجرد غضبة وردة فعل، لكانت العبرة في تخفيف تبعات هذا الانقسام المؤسساتي، لا أن يتم تعزيزه وتمكينه.
فوراً تم الشروع في بناء مؤسسات موازية وأجهزة موازية وقوانين بديلة وتشريعات تلغي التي سبقها، وتم التعامل مع هذا الوضع الشاذ كأنه باق للأبد، وعليه فإن عملية المصالحة الوطنية (على وزن عملية السلام) عليها أن تتعاطى مع كل شيء لأنه صار أمراً واقعاً، ليس هذا فحسب، بل لأن هناك من سيأتي على طاولة الحوار الوطني حتى يدافع عن هذه التفاصيل، وتأسيساً، فإن هذه الجهود واللقاءات قد تفشل في إلغاء تشريع صغير يتعلق ربما بزي المحامين في المحاكم أو ببعض الأحكام المدنية العامة.
هل هناك من يقول إننا وقعنا في نفس المطب في قضية المفاوضات منذ أوسلو، حين قبلنا النظر إلى التفاصيل على حساب الحقوق الكبرى التي لم تقر بها إسرائيل، فباتت القصة هي الانسحاب من كذا كيلو متر وعملية تسهيلات لمرور خط الكهرباء إلى تلك المنطقة، وكان الأساس هو مبدأ الانسحاب الكامل وإطلاق سراح الأسرى بشكل كامل، نعم هذا ما حدث أيضاً في المصالحة الوطنية.
هل من ضمانات بأن هذه المرة لن تختلف عن سابقتها، يبدو أن ثمة شعورا بأن الحديث مع "حماس غزة" أكثر جدوى من الحديث مع "حماس الخارج"، لأن من يمسك بزمام أمور الانقسام هي غزة وليس السيد خالد مشعل ومكتبه السياسي في الخارج، ويبدو هذا في بعضه منطقياً ولكن هذه المرة يجب الانتباه أن تفاصيل الانقسام من شأنها أن تغرق مركبة المصالحة الأكبر، وهي أكبر من مجرد تقاسم السلطة أو إيجاد سبل للعودة لرأي الشارع حتى يقرر، إذ إن الانقسام ليس على السلطة بل أيضاً نحن بحاجة لتجسيد أشمل للوحدة الوطنية يضمن أن نكون شعباً واحداً يتحدث بصوت واحد، يختلف داخل البيت وفي مؤسسات النظام السياسي ولا يختلف عليها وخارجها.
على من يريد أن تنجح هذه الجهود أن يكون أولاً صادقاً مع نفسه ومع شعبه.
إن إدراك "حماس" بضرورة فعل ذلك مهم، وإن النظر إلى دوران العجلة بوصفه انحناءة أمام العاصفة الشديدة التي تهب على "حماس" أيضاً يغلف الحقيقة بالكثير من القشدة الفاسدة التي ستفشل تجسيد المصالحة في حال تم التوصل إلى اتفاق، لأنه من الممكن مرة أخرى أن يتم وضع خطط عملية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولكن في التنفيذ ندخل مسلسلا جديدا من الحبكات غير المتناهية والدوامة التي تنقضي، وينتهي نيسان بكذبة آخر نيسان الجديدة.
قطر وتشغيل الفلسطينيين
بقلم: عدلي صادق – الحياة
في سابقة حميدة، كانت حكومة د. الحمد الله، طرفاً في تفاهم مع حكومة قطر، حول تشغيل عدد من الفلسطينيين المؤهلين والقادرين على العمل. جاءت الإشارة الأولى من قطر نفسها. وقد كتبنا مراراً، نؤكد على ضرورة استثمار حضورنا السياسي في الاقليم وفي العالم، لخدمة الحال الاجتماعي ـ الاقتصادي لشعبنا. وفي سياق ذلك أعربنا عن تمنياتنا بأن تولي الحكومات السابقة في اتصالاتها الاقليمية، أهمية لموضوع تشغيل الشباب الفلسطينيين في أقطار الوفرة المالية العربية وحيثما تُدار وتُنفذ عمليات التنمية والتوسع الحضري والاستثمار في البنية التحتية، من صحة وتعليم وخدمات. ذلك استناداً الى كون العرب مؤهلين لسماع شروحات تتعلق بالأثر الايجابي لتفاهمات واتفاقيات العمل، على صمود الشعب الفلسطيني وعلى القضية الفلسطينية وعلى اللُحمة بين الفلسطينيين وأشقائهم العرب، وعلى صدقية الخطاب العربي الرسمي. فالمبادرات العربية الايجابية على هذا الصعيد، تعطي الصدقية فعلاً، للمواقف السياسية على النحو الذي لا تفعله الخطابة ودواوين الإنشاء البلاغي في القصور. أما من الجانب الفلسطيني، فإن عجز الحكومات السابقة، عن انجاز أية اختراقات لسوق العمل العربية، لصالح الشباب الفلسطيني؛ كان وظل يمثل جزءاً معتبراً من مساحة الهواء الناقص، في مناخات عمل هذه الحكومات. وكانت حكومات مصر والسودان والمغرب وسواها، تولي أهمية كبرى لأسواق العمل العربية وتفتح المسارب للشبان والخريجين والعمال المهرة، من خلال اتفاقيات وتفاهمات، مستفيدة من مواقعها السياسية.
وبالطبع، لم نكن ننتظر من المستوى السياسي لأية سوق عربية أن يبادر الى الإعراب عن الرغبة في استقدام الشبان الفلسطينيين للعمل، مثلما كان يحدث أيام كنا نختزل خيمة اللاجئين وبلا حركة وطنية. أيامها، كان الرهان رابحاً على الشاب الفلسطيني المعلم أو الطبيب أو المهندس أو العامل. وعندما أصبحت صورتنا قرينة بملامح الثائر المسلح، استُبدلت الرغبة في الاستعانة بالشاب الفلسطيني، بالمساعدة المالية للثورة الفلسطينية، على قاعدة أسعدك الله وأبعدك، فضاقت مسارب الانتقال للعمل في الخليج، وتطورت القوانين ووضعت الضوابط التي حدّت من تدفق العاملين الفلسطينيين الى سوق العمل العربية، بنسب متفاوتة بين سوق وأخرى. وكأن الفلسطيني الذي يخلق بيئته المدنية والانتاجية وسط الحصار وفي أجواء العدوان، سيكون معنياً وهو يفتش عن رزقه وعن مقومات صمود أسرته على أرضها؛ سيُنشىء مناخاً آخر يقلق المستوى السياسي لأسواق العمل. ذلك علماً بأن بيئة العمل في الأسواق العربية لا عدو للفلسطيني فيها، وإنما فيها شقيق عربي يسمونه "كفيلاً". وكلما استعيدت فرضيات التوطين، كان المستوى السياسي لأسواق العمل العربية، ينام ويقوم على كابوس توطين الفلسطينيين في بلاده التي تستوعب بلوشاً آسيويين وإيرانيين من العجم. وحيال مثل هذه العوائق، كان المستوى الرسمي الفلسطيني، مضطراً الى عدم فتح ملفات التشغيل، لكي يحافظ على ملفات التمويل. ودولة قطر هذه، شعباً وقصراً، التي يحتفظ لها الفلسطيني بامتنان كبير، بسبب مآثر العمل المنتج والعيش المشترك، في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات؛ أصبحت صارمة ـ للأسف ـ في قرارها عدم استقدام عاملين فلسطينيين، ما دعا بعض الكادرات الطليقة خارج فلسطين المحاصرة، يبتاعون جنسية دولة "جُزر القُمر" التي لا يعرف معظمهم موقعها على الخارطة. فالقمر يستدير ويضيء عند حمل جنسية جُزره. ومن المفارقات أن المراسيم واللوائح، كانت تضيّق على الفلسطيني كلما اتسع وطغى طنين "الجزيرة" وصوت خطابها الجهادي والمقاوم المُحلى بنكهة قرضاوية، حتى أصبح من يعمل في قطر ويخدمها ويطبب مرضاها أو يعلم أولادها، لا يستطيع استقدام زوجته لكونها فلسطينية وقمراً بلا جُزر.
غير أن انخراط الحكم في قطر، بالمطلق الجهادي الفلسطيني الذي كان؛ وسّع الفجوة بين الخطاب والممارسة على نحو محرج ومثير للأسئلة. واشترك الفلسطيني صاحب "برنامج المقاومة" بالمستوى السياسي القطري صاحب خطابها وإعلامها ومشروعات دعمها، في منظومة "الإخوان" وُعلقت في غزة يافطات تحمل صور حمد وتميم، وكان لا بد من رد التحية بأحسن منها وبشكل ملموس يحس به الناس ويفتح أفقاً في الجدار الكئيب. من هنا جاءت الإشارة القطرية بأن الدوحة ستتقبل العاملين الفلسطينيين. ولا ندري ما الذي جرى لكي تعود قطر عن إشارتها. ونتساءل بلا مؤاخذة: هل كان التراجع ضمن صفقة المصالحة أو تسوية أزمة السفراء ـ وهي في أهم حيثياتها قضية أمنية ـ مثلما يتبادر الى الذهن بسبب هذا التراجع؟!
الاستيطان وخارطته السياسية
بقلم: يحيى رباح – الحياة
من هم المتطرفون الاسرائيليون اليهود الذين هاجموا قبل ايام قليلة مسجد ابو بكر الصديق في مدينة ام الفحم «عاصمة المثلث» والحقوا اضرارا بواجهة المسجد, وكتبوا شعارات عنصرية معادية على الجدران؟
والجواب بالنسبة لشعبنا الفلسطيني معروف, انهم جماعة «تدفيع الثمن» وهي واحدة من اذرع الاستيطان الاسرائيلي الارهابية, التي تعمل ليل نهار في جميع انحاء الضفة الغربية للاعتداء عن الفلسطينيين اصحاب الارض الاصليين, وترويعهم وضرب اولادهم وهم ذاهبون الى مدارسهم, واحراق سياراتهم, واحراق مساجدهم الصغيرة في القرى احتجاجا على صوت الآذا ن عند الفجر, وهذه الجماعة واحدة من اذرع الاستيطان اليهودي, وهو استيطان يكره الزيتون فيعدم اشجاره, ويكره الفلسطينيين فينهدم بيوتهم, ويعتدي على اطفالهم ويهاجم مزارعهم وحظائر اغنامهم ومواشيهم ويواجه مظاهراتهم السلمية بالحديد والنار.
واذرع الاستيطان هذه محمية بالجيش الاسرائيلي الذي رفض قادته مرات عديدة حتى تنفيذ احكام صادرة عن المحكمة الاسرائيلية العليا باخلاء بعض قطع الارض او البؤر الاستيطانية غير الشرعية بموجب القانون الاسرائيلي كما انها محمية بالشرطة الاسرائيلية التي اذا تحركت فلكي تحميهم من الفلسطينيين المعتدى عليهم, او تتظاهر بانها تفض الاشتباك بين هذه الجماعات الارهابية اليهودية والفلسطينيين الذين يدافعون عن تفاصيل حياتهم وبقائهم في ارضهم !!! بل ان هذه الجماعات الارهابية غالبا ما تكون محمية مباشرة بوزراء من حكومة نتنياهو حين يذهب هؤلاء الوزراء علنا على رأس المهاجمين للاقصى وباحاته.
لو نظرنا بعمق الى سلوك هذه الجماعات الارهابية, جماعات المستوطنين, سنكتشف بوضوح انها تتحرك وفقا لأجندة سياسية تطلقها الحكومة الاسرائيلية, بينما يبدو الامر ظاهريا كما لو ان هذه الجماعات تتحرك عشوائيا، وفي مستوطنة يتسهار جنوب نابلس اشتبكت هذه المجموعات الارهابية مع الجيش الاسرائيلي نفسه, وخرجت تصريحات متوترة من وزير الدفاع الجنرال يعلون, ولكنها تصريحات زائفة, فكيف يقف على راسهم ويشجعهم بالصباح ثم يستنكر افعالهم في المساء؟ انها لعبة مكشوفة, وكيف نبرر ذهاب هذه الجماعات الارهابية الى ام الفحم بعيدا عن تصريحات ليبرمان الاخيرة عن تبادل الاراضي والسكان؟ مجمل القول إن الاستيطان ابتداء من القدس وحتى اصغر قرية في شمال نابلس وجنوب الخليل له اجندة سياسية يتحرك على اساسها, وله خارطة سياسية ينفذها بالتدريج, ولذلك تتحطم كل المفاوضات دائما عل صخرة هذا الاستيطان اليهودي, لأن هذا الاستيطان لا يريد ان يتوقف, وتأتي المفاوضات لتدور حول نفسها, لتحرق الوقت, ذلك ان هذا الاستيطان الذي لا يدفع اي ثمن ولا يتكبد اية خسائر, يكاد يصبح حالة مستقلة, مؤسسة كبرى توازي الحكومة الاسرائيلية نفسها وان من يحكمون اسرائيل لكي يظلوا في اي حكومة فيجب عليهم ان يكونوا خدما بالمطلق لهذا الاستيطان وليس اي شيء آخر.
المقاومة الشعبية السلمية في فلسطين اذا بقيت على حالها رسما بلا مسمى, وضجيجا بلا فعل, وعناوين بلا تفاصيل واقية, فان الاستيطان سوف يتوحش اكثر, وسوف تصبح الحكومة التي تتفاوض معها مجرد وسيط لا اكثر ولا اقل.
من اجل هذا اصلا خططت اسرائيل للانقسام, وهيأت له ظروفه الموضوعية ولذلك فان هذا الانقسام من العار ان يبقى, ومن العار ان يظل هو الذي يرفع الفيتو ضد المشروع الوطني الفلسطيني, يجب كسر الدائرة, والخروج الى افق جديد, وايقاع جديد, لانه حتى المكاسب التي حققنا على الصعيد الدولي, سوف تتآكل اذا لم يصاحبها بانوراما موازية لها, تماما مثلما تآكلت المكاسب التي حققناها من اوسلو في السنوات الاولى, فقد جاءت السياسات الاسرائيلية والصراعات الفلسطينية المشبوهة لتأكل كل المكاسب التي لم يعد لها من يحميها ويتقدم بها الى الامام.
في وجه العاصفة: رحلتنا الى معسكرات الموت النازية في بولندا
بقلم: سليم سويدان – معا
منذ اسبوعين تقريبا قام وفد فلسطيني بزيارة علمية لمعسكر الاعتقال النازي اوشفتز في بولندا، وقام البعض بتزوير واضح للحقائق وتألفت الروايات حول الزيارة ولم يتصل اي صحفي عربي او فلسطيني للتأكد من المعلومة بعكس عشرات الصحفيين الاجانب. وبما انني كنت احد الزوار ارسل لكم مقال تفصيلي حول الرحلة وحيثياتها.
في وجه العاصفة: رحلتنا الى معسكرات الموت النازية في بولندا.. سليم سويدان
صادف قبل عدة ايام الذكرى 888 لميلاد الفيلسوف والمفكر ابن رشد، وبعد انتهاء محاكم التفتيش في التاريخ الاوروبي والاسلامي ايضاً، ما زالت تعقد حتى اليوم محاكم تفتيش من نوع آخر تؤدي للتحريض والحقد والكراهية ، وقد تؤدي ـ لا قدر الله ـ للعنف وإسالة الدماء.
كنا صغاراً في المدارس عندما قرأنا عن سنوات سجن الامام ابن حنبل على خلفية اختلافه بالرأي مع الخليفة المأمون، وعن مئات المفكرين الذين عوقبوا بتهمه جاهزة، الزندقة او الهرطقة، من أثينا التي أعدمت سقراط بتهمة إفساد النشأ الى عالمنا الاسلامي الى اوروبا القرون الوسطى ومحاكم التفتيش، واليوم يوجد تهم اكثر حداثة وجاهزة لالقائها وهي التطبيع والتخوين والعمالة.
أثارت الزيارة العلمية التي قام بها الوفد الفلسطيني الطلابي الى معسكرات الموت النازية في كراكاو واوشفيتز في بولندا في اواخر شهر أذار الماضي، موجة عالمية من التعاطف مع الشعب الفلسطيني وأظهرت التعليقات التي نشرت من أفراد مختلفين من جميع أنحاء العالم تأييدا مطلفا للرحلة الى درجة أن العديد طالبوا بمنح منظم الرحلة البروفيسور محمد سليمان الدجاني الداودي، وهو أستاذ العلوم السياسية ومدير المكتبات في جامعة القدس، جائزة نوبل للسلام. ولكن وللأسف سارعت جامعة القدس وجامعات فلسطينية اخرى باعلان براءتها من هذه الرحلة الدراسية وأتهام منظم الرحلة البروفيسور محمد الدجاني هو منفرد بهذه البادرة الدراسية ولا يمثل احد من الشعب الفلسطيني.
وتم تحميل الزيارة الاكاديمية ما لا تحتمل من ابعاد سياسية او تطبيعية او أيدولوجية، والقول أن جهات إسرائيلية وصهيونية هي وراء تنظيم الرحلة وتمويل وتمويلها، وإنها هدفت لغسل الأدمغة بهدف التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني. مما أعطى الفرصة للمتشددين من الطرف الاسرائيلي لنفي الطابع الانساني والحضاري للشعب الفلسطيني وللتعاليم الاسلامية، مدعين بأن منظم الرحلة البروفيسور محمد سليمان الدجاني الداودي، وهو مؤسس تيار الوسطية في فلسطين، له تاريخ في السباحة عكس التيار، وأن الفلسطينيين سيكونون سعيدين بقيام محرقة (هولوكوست) جديدة لليهود، وهذا مبرر كاف لعدم دعم قضيتهم ومنحهم حقوقهم أو اعطائهم دولة فلسطينية على حدود عام 1967 او لعقد اية اتفاقية عادلة معهم.
تمنيت كثيرا ضمن سيل المكالمات من مئات الصحفيين الاجانب للبروفيسور الدجاني وللطلبة المشاركين ( وانا أحدهم ) مكالمة واحدة من صحفي عربي او فلسطيني لمعرفة حيثيات الرحلة وأهدافها قبل الكتابة عنها، ولكنهم فضلوا استقاء معلومات مغلوطة نقلتها صحيفة الكترونية وبعدها موقع اخباري بترجمة مغلوطة عن صحيفة هآرتس الاسرائيلية، وكل من قرأ المقال باللغة الانجليزية وترجمته بالعربية لاحظ التفاوت الكبير ما بين النصين، فتمت ترجمة "يصاحبهما اثنين من أبناء ناجين من المحرقة" الى القول: " أن الرحلة ممولة من منظمتين يهوديتين". ولا ادري ان كان بالخطأ ام ترجمة تنافي الحقيقة وفقط لتناسب المزاج العام الفلسطيني من خلال سوق مبررات للتخوين مبنية على معلومات خاطئة، وبحث بسيط باستخدام محرك البحث جوجل يمكن التأكد ان الخبر المغلوط نفسه أاعيد صياغته بشكل مختلف قليلاً بأكثر من موقع عربي او فلسطيني.
وبناء على النقاشات حول هذه الرحلة في الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ارجو توضيح النقاط التالية:
1. موقفي الشخصي وما زال هو انني ضد العقيدة النازية وكل معتقد مبني على ان البشر ليسوا متساوين، وان هناك عرق افضل من آخر ضد مجازر الهولوكوست وضد قتل اي انسان سواء على خلفية دين او جنس او لون او عرق او معتقد سياسي او فكري او اجتماعي او غيرها. وقد قال الله تعالى: ((من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً.)) (المائدة 32)
كما قال الله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) . وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا)
2. لا تعتبر المحرقة (الهولوكوست) مجزرة ضد اليهود فحسب، بل هي مجزرة ضد الانسانية جمعاء، فضحايا الهولوكوست كانوا من اليهود والمسيحيين والغجر وكبار السن والاطفال الابرياء والمثليين جنسيأ والمرضى النفسيين والمعاقين جسدياً والسوفييت والبولندين والمعارضين السياسيين الألمان وغيرهم والشيوعيين وفئات أخرى، وفي مفهومها الواسع تشمل كل من لا يمت للعرق الآري (بما فيهم العرب) والافارقة السود، ولكن نهاية الحرب عجلت بنهاية احلام هتلر بأن يحكم الشعب الآري العالم، وتسخير كل من هم غير آريين لخدمة الشعب الاري.
3. بالنسبة للوفد افضل تسميته بوفد اكاديمي فلسطيني اكثر من وفد طلابي يضم 27 مشاركا، وباستثناء 3 طلاب في مرحلة البكالوريس كان معظم الطلاب من طلبة الماجستير او من يحملون شهادة الماجستير، بالاضافة الى اربع طلاب في مراحل متقدمة من الحصول على شهادات الدكتوراه، واستاذان يحملان شهادة الاستاذية الكاملة، وتم اختيار المشاركين 30 من بين 70 مرشحا. وليس كما ذكر في بعض المواقع العربية من ان الدكتور الدجاني أرغم الطلبة على السفر لمعسكرات الاعتقال النازية، فمشاركين في هذه المراحل الاكاديمية يمكن اعتبارهم باحثين وليس طلبة، ولا يمكن التغرير بهم وسافروا طلبا للعلم والمعرفة، عملا بقوله تعالى في الآية 114من سورة طه: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ).
4. جميع المشاركين بهذه الرحلة العلمية كانوا على معرفة تامة بحيثياتها وتفاصيلها الدقيقة، وعلى معرفة بالهدف المرجو منها، وجميعهم وافق على القيام بهذه الرحلة العلمية بقناعة تامة، وبالمناسبة لم يكن الوفد من طلبة البروفيسور الدجاني فقط، بل العديد من التخصصات والمواقع، ومعظم المشاركين لهم وضعهم العلمي والمهني والاجتماعي ويمثلون كافة ألوان الطيف الفلسطيني من منظمة التحرير وغير منظمة التحرير.
5. الرحلة ممولة بالكامل من مؤسسة حكومية ألمانية من خلال جامعة فريدرش شيلر في جانا في ألمانيا ( وليس جامعة فيينا )، كما ذكر البعض، او اية جهة اسرائيلية او يهودية او منظمة لها علاقة بالناجين من المحرقة، وهدف الرحلة هو بحثي علمي أكاديمي، ولا أدري ان كان طرح موضوع التمويل هو خطأ بريء ام يهدف لتشويه هذه الرحلة والقائمين عليها.
6. في الساعات الأولى من الرحلة رافقنا في بولندا اثنين من اليهود من ابناء الناجين من الهولوكوست، وعندما تحول خطابهم من اكاديمي تاريخي الى حديث عاطفي غير علمي اشترط الوفد لاكمال الزيارة ان يقوم بها الوفد الفلسطيني لوحده برفقة دليل سياحي بولندي موضوعي متخصص بهذا الموضوع ، وهذا ما كان حتى نهاية الرحلة.
7. لم الاحظ في الاعلام المحلي او مواقع التواصل الاجتماعي اي اشارة لزيارة 30 طالب يهودي من جامعة بن غوريون الاسرائيلية لمخيم النكبة في الدهيشة للاطلاع على معاناة اللاجئين الفلسطينين من ضحايا النكبة، وهل هذا يعتبر تطبيع أيضاً؟
8. في رأيي أنه علينا إعادة تقييم موضوع محاربة التطبيع والتعاون مع الجامعات الأسرائيلية من حيث طرح المبدأ من أن من يدعم القضية الفلسطينية ويطالب بإنهاء الاحتلال من الجامعات الاسرائلية والاكاديميين الاسرائيليين نتعاون معه لاختراق المعسكر الاسرائيلي ولإثارة الاحساس بالذنب نتيجة عدم اعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه. فماذا عن تضامن عشرات الاسرائيليين اسبوعيا في نعلين وبلعين والنبي صالح وغيرها من مواقع النضال السلمي ضد الاحتلال؟ أو الذين يرفضون الخدمة في الجيش الاسرائيلي؟ هل سيطلب من الفلسطينيين مقاطعتهم ام تشجيع المزيد من الاسرائيليين على دعم الموقف الفلسطيني ؟
لن ادعي خبرتي بالتحليل السياسي ، ولكن وجود معسكر سلام اسرائيلي قوي وضاغط في سبيل السلام بجانب حركة المقاومة السلمية الفلسطينية قد يكون أكثر فائدة للشعب الفلسطيني من كثير من النشاطات الأخرى، ودراسة تاريخ الطرف الآخر وتفهمنا لتركيبته النفسية تجعلنا أكثر قرباً من تحقيق انجازات واختراقات تاريخية لصالح حل سياسي عادل ودائم لقضيتنا الفلسطينية .
في النهاية، أشكر من قلبي كل من عارض زيارتنا لاسباب فكرية أوعقائدية ولكن ليس لاسباب عاطفية، كما أشكر كل من آزرنا وطلب عدم نشر موقفه، واشكر العشرات من الباحثين والمفكرين وطلاب الدراسات العليا الفلسطينيين الذين تآزروا معنا سواء بالعلن او بالسر، وأشكر آلاف الباحثين والمفكرين والمدرسيين الجامعيين حول العالم من عرب او غيرهم الذين رأوا في هذه الزيارة نقطة مضيئة لصالح الشعب الفلسطيني، واعربوا عن استعدادهم لعمل الكثير لحشد الدعم والتأييد لصالح عدالة القضية الفلسطينية.
وهنا أود التوضيح بأنني لن اتوانى ومعظم المشاركين في الرحلة العلمية ـ ان لم يكن كلهم ـ للقيام بأية زيارة علمية لأي مكان في العالم من شأنه أن يزيد معارفي العلمية واحساسي بمشاكل ومعاناة شعوب العالم المختلفة، وحشد اي تأييد شعبي عالمي او انساني لصالح عدالة قضيتنا أو أية قضايا إنسانية ىخرى ، وقد جاء في كتابه الحكيم: ? قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ? [الزمر:9].
وأكرر شكري وتقديري واحترامي لاستاذنا الفاضل البروفيسور محمد سليمان الدجاني الداودي الذي اتاح لنا هذه الفرصة التاريخية لزيادة العلم والسعي للمعرفة والبحث عن الحقيقة.
سليم سويدان : صحفي وطالب دراسات عليا قي جامعة القدس وأحد المشاركين بالرحلة.


رد مع اقتباس