النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 681

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 681

    في هذا الملـــــف:
    ü على مفترق طرق ... ورسالة التهديد بحل السلطة وصلت !!
    بقلم: حديث القدس – القدس
    ü الفلسطينيون أمام سيناريوهات كارثية وتحدِ وجودي!!
    بقلم: الدكتور ناجي صادق شراب – القدس
    ü ثورات ملونة...
    بقلم: خيري منصور - القدس
    ü حلُّ السّلطةِ أم مقاربةٌ جديدةٌ؟
    بقلم: هاني المصري – الايام
    ü تغريدة الصباح - هذا المثقف لهذه المناسبة..
    بقلم: أحمد دحبور – الحياة
    ü احذروا السقوط في شرك «التلموديين» !
    بقلم: موفق مطر – الحياة
    ü حملة المقاطعة و"معاداة اسرائيل!"
    بقلم: حيدر عيد – معا
    على مفترق طرق ... ورسالة التهديد بحل السلطة وصلت !!
    بقلم: حديث القدس – القدس
    نقف نحن الفلسطينيين ومعنا المنطقة بأسرها على مفترق طرق حاسم خلال الايام القليلة القادمة. بعد اسبوع تنتهي رسمياً الفترة التي تم تحديدها لدى استئناف المفاوضات، لتكون فاتحة عهد جديد نحو الحل السياسي المأمول. الا ان شيئاً لم يحدث ويقترب موعد انتهاء المرحلة في 29 الجاري وتتكثف اللقاءات الاسرائيلية الفلسطينية بحضور الوسيط الاميركي مارتن انديك، ومن المتوقع ان يعود وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى المنطقة في محاولة جديدة لاخراج المفاوضات من مأزقها.
    وفي هذه الاثناء يستمر الاستيطان والتهويد والتهجير بدون توقف وتتصاعد النبرة السياسية الاسرائيلية لدى قادة في الحكومة ورؤساء احزاب، سواء بالتهديد بالانسحاب من الحكومة وربما الدعوة الى انتخابات نيابية جديدة، او بتوجيه الاتهامات الى السلطة الوطنية ورئيسها ابو مازن وقد وصلت حد المطالبة بالتخلص منه لانه حسب خزعبلاتها، ليس شريكاً مناسباً لتحقيق السلام.
    ازاء ذلك بعثت القيادة الفلسطينية رسالة اولية بسيطة الى حكومة اسرائيل تمثلت بطلبها الانضمام الى عدد محدود من المعاهدات والمنظمات الدولية، مما اغضب اسرائيل وجعلها تتخذ خطوات مالية وسياسية ضد السلطة، وكأنها كانت تتوقع ان تقوم بكل ممارساتها من استيطان وتهويد واقتحام للمسجد الاقصى المبارك ومصادرة الارض ورفض القبول بحدود 1967 كمرجعية للحل القائم على مبدأ الدولتين، والمطالبة بيهودية الدولة، وما الى ذلك، وان نظل نحن وتظل السلطة «سعداء» بذلك ونظل ندور في الحلقة المفرغة من المفاوضات لعشرين عاماً آخر ولا نحرك ساكناً ولا نقوم بأي رد فعل.
    اليوم تتحرك الازمة التي خلقتها اسرائيل خطوة اخرى نحو التصعيد وذلك من خلال التصريحات القوية المباشرة من الرئيس ابو مازن والتي اعلنا فيها احتمال اتخاذ قرار بحل السلطة، بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات في منتهى الجدية والخطورة على كل الاصعدة الفلسطينية والاسرائىلية والاقليمية وربما الدولية ايضاً. وسيعقد المجلس المركزي الفلسطيني اجتماعاً خاصاً لاتخاذ القرار المناسب لمواجهة هذا التعنت الاسرائيلي والغطرسة بلا حدود والاستهتار بكل الحقوق والقوانين والمفاهيم الدولية وبكل أسس حل الدوليتن.
    ليس من المؤكد اتخاذ قرار حل السلطة، بل ان مسؤولاً فلسطينياً نفى طرح الموضوع للنقاش اساساً بينما اكد مسؤول آخر عكس ذلك تماماً، وذلك ادراكاً لمعنى قرار كهذا، الا ان الرسالة من كل هذا قد وصلت الى اسرائيل بكل وضوح وخلاصتها ان حل السلطة احتمال وارد ان لم يكن خلال هذه الجلسة للمجلس المركزي ففي جلسة اخرى قادمة متى تطلب الامر ذلك واذا اغلقت كل الابواب امام اية حلول. وقد يكون الامر انذاراً غير مباشر للوسيط الاميركي وعلى طاولة محادثات كيري في زيارته القادمة الينا قريباً.
    لقد وصلت الامور الى اخطر مراحلها السياسية، وبدون تحرك اميركي جدي وبدون تجاوب اسرائيلي مع متطلبات اي حل سياسي، فان كل الاحتمالات واردة وعلى رأسها حل السلطة، كما يحذر الرئيس ابو مازن، .... فهل يسمعون أم ان غطرسة القوة تعمي ابصارهم واوهام التوسع تلغي افكارهم...؟!
    الفلسطينيون أمام سيناريوهات كارثية وتحدِ وجودي!!
    بقلم: الدكتور ناجي صادق شراب – القدس
    هل يستيقظ الفلسطينيون ويلحقون بقطار المصالحة ويعيدون لهويتهم وقضيتهم القومية اعتبارها، ام أنهم سيبقون أدوات في يد غيرهم يحركونهم كما يشاؤون ومتى يشاؤون؟ وقد ينطبق على الحالة الفلسطينية القول الشكسبيري إما أن نكون أو لا نكون ، وقول البرت أينشتاين :«لا أفهم كيف يعيد شخص نفس التصرف بنفس التفكير في نفس الظروف ثم يتوقع نتائج مختلفة».
    ويبدو لي أن من يتحكمون في قرار الإنقسام والمصالحة لم يقرأوا تاريخ فلسطين جيدا ، ولم يستوعبوا التحولات الإقليمية والدولية التي تلف بالقضية الفلسطينية ، وهم يصرون على الإنقسام ، ويديرون قضيتهم بنفس الأدوات التاريخية التقليدية التي تجاوزها الزمن ، وفي الوقت ذاته يريدون تحرير الأرض وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ، الفشل الذي نحن فيه وأحد أهم مخرجاته الإنقسام ،سببه التفكير بنفس الطريقة ، وبنفس الأسلوب، وبنفس العقلية التقليدية .وإذا إستمرت الحالة الفلسطينية على هذه الحالة فلا خيار أمامهم إلا مزيدا من الإنحدار والتراجع والتقوقع حول كينونات سياسية هشة لا تحكم نفسها. وقد تكون أشبه بمن ينتهج سياسة الأغنام أو ما يطلق عليه سياسة المأمأة ، اي الذي ينتظر ما يقدمه له الآخرون حتى يعيش في زمن لا يعرف إلا القوة.
    والمفارقة فلسطينيا أن ظاهرة الإنقسام السياسي والتي كانت سمة من سمات التاريخ الفلسطيني والتي صاحبت نشوء الحركة الصهيونية كانت سببا في التراجع الفلسطيني، وفي عدم القدرة على إحتواء كل المشاريع المجهضة للمطالب الفلسطينية الوطنية ، والسبب في عدم التوصل لرؤية فلسطينية واحدة على غرار الحركة الصهيونية التي نجحت في وضع برنامج عمل صهيوني أوصلهم لقيام إسرائيل كدولة ـ وتفاديا لحالة التعدد والتفتت والتشرذم الصهيونية نجحت إسرائيل في تكوين نظام سياسي بمرجعية سياسية وأيدولوجية صهيونية تمكنت من خلاله من احتواء كل التناقضات في إطار نظام سياسي توافقي دون إلغاء دور الدين الذي وظّف لأهداف قومية وسياسية.
    هذا لم يحدث على الجانب الفلسطيني، حتى عندما أتيحت لنا الفرصة في بناء نظام سياسي قبل قيام الدولة فشلنا في بناء نظام سياسي توافقي يحتضن كل القوى السياسية والفصائل الفلسطينية في إطاره، وبدلا من ذلك عملنا على إنشاء نظام سياسي احادي القوة ، وأحادي الرؤية الفلسطينية، وأحادي الخيارات. وكانت النتيجة أن هذه السياسة كانت أحد أهم الأسباب لحالة الإنقسام السياسي، والسبب واضح أنه عندما نجحت «حماس» في الإنتخابات الفلسطينية عام 2006 بأغلبية تؤهلها لتشكيل حكومة كاملة منها ، وبالتالي كانت بديلا للحكومة السابقة التي سيطرت عليها فتح، إكشتفت إن النظام السياسي او السلطة التي مسؤوليتها إدارتها وتشكيلها لم تكن قد فصلت على مقاسها، وكان هذا التحدي الأول، السلطة او هيكليتها ليست لها ، فظهر التناقض والصراع بين مؤسسات السلطة على الصلاحيات ، والأخطر على المشروع السياسي، حماس جاءت ومعها مشروعها الذي أرادت تطبيقه وتنفيذه فكان التحدي والتناقض الثاني، هذه الحالة هي التي أوصلت إلى الإنقسام السياسي، فحماس رأت أنه ليس امامها إلا الإنقلاب على السلطة او على نفسها لتعيد تشكيل السلطة في غزة كما تريد، وهكذا وجدنا أنفسنا أمام كيانيين منفصلين ومنقسمين.
    وهذا هو السبب حتى الآن في تعميق حالة الإنقسام السياسي وفشل كل محاولات المصالحة لأنها تتم في نفس الإطار التقليدي للسلطة الذي لم يعد صالحا في إنهاء الإنقسام. ولم تكتف حركة «حماس» أو «فتح» كل في منطقة نفوذه الجغرافية التي تتحكم فيها إسرائيل في العمل على الذهاب بالإنقسام درجة أكثر تقدما، وهي الذهاب نحو الإستقلال من خلال خلق بنية تعمل على تعميق هذا الإنقسام تمهيدا لمرحلة الإستقلال التي تتطلب إستحقاقات سياسية وإقتصادية، تتمثل في توفير الموارد الذاتية والعلاقات الإقليمية والدولية او شبكة من التحالفات الإقليمية التي تحتضن بنية الإنقسام.
    والحالة الفلسطينية تعيش هذه المرحلة وهي مرحلة الإستقلال، تمهيدا للذهاب لمرحلة الإنفصال التام على غرار اي كيانين سياسيين مستقلين، وقد يبدو هذا السيناريو الكارثي بعيدا الآن ، لكنه الخيار البديل للمصالحة ، فعدم تحقيق المصالحة سوف يدفع في اتجاه هذا الإستقلال. وليس صعبا تحقيق هذا الخيار ، ففي الضفة الغربية ومن خلال صيغة تفاوضية ما وبإرتباط أردني يمكن الذهاب إلى هذا الخيار، وفي غزة ايضا الوضع ليس صعبا من خلال هدنة طويلة الامد مع إسرائيل مع رفع الحصار بدور تركي واضح في هذا المجال على اعتبار غزة نموذجا للحالة السياسية الثابتة والمتبقية من امل لإستعادة الأخوان دورهم وسلطتهم السابقة ، وهذا التعامل مع غزة ليس من منظور فلسطيني بحت، بل من منظور تنظيمي أوسع وأشمل.
    وكان من الممكن تحقيق هذا الخيار لولا خسارة الأخوان الحكم في مصر. الوقائع على الأرض تؤكد هذا الخيار الكابوس الذي سيكون ثمنه بلا شك ضياع القضية الفلسطينية ، وليس فقط تراجعها ، وتذويب الكيانية الفلسطينية في كيانات أخرى.
    هذا ما اردت أن احذر منه في حال فشل خيار المصالحة الفلسطينية . فالبديل هو الإستقلال وليس بالضرورة بالمعنى السياسي التقليدي، فهل نستفيق قبل فوات الأوان؟
    ثورات ملونة...
    بقلم: خيري منصور - القدس
    لم تكن مفردة "ثورة" متداولة في تاريخنا السياسي . شأن مفردات عدة دخلت إلى القواميس بعد الحرب العالمية الثانية . وكانت كلمات مثل الفتنة والهوجة هي ما يستخدم للتعبير عن اندلاع حراكات شعبية . لهذا سُميت حركة أحمد عرابي المصرية "هوجة" وهي مشتقة من الهياج الشعبي، وحتى عندما استخدمت مفردة الثورة كانت تنحصر في نمطين من الحراك فهي إما بيضاء سلمية كما وصفت ثورة يوليو المصرية 1952 أو حمراء كما وصفت ثورات دموية، وأضافت الماركسية عبر مختلف أشكالها ومواقعها مصطلحات من طراز الثورة الدائمة والثورة المضادة .
    لكن عصرنا الذي تفتنه الألوان أطلق ألوان قوس قزح كلها على حراكات شعبية بدءاً من شرقي أوروبا . وكأن التاريخ يخضع هو الآخر للتطور التكنولوجي بحيث يكون هناك تلفزيون ملون مقابل الأبيض والأسود . حتى كلمة فوضى المستقرة في كل معاجم العالم باعتبارها نقيضاً للنظام أو النّسق من أي نوع، تم التلاعب بها وأضيفت إليها صفة ليست من عالمها أو دلالاتها وهي الخلاقة .
    وليس مهماً الطرف الذي يُنسب إليه هذا الاشتقاق سواء كان وزيرة خارجية أمريكية أو مستشرقاً يعمل في أحد مراكز الأبحاث المتعلقة بالشرق الأوسط . والأهم هو ما يسمى الآن استراتيجية التسمية . وهو علم لا يستخف به على الإطلاق . لأن هناك قضايا كبرى في التاريخ تتلخص أخيراً في اسم واحد، منها القضية الفلسطينية التي جعلت من الجغرافيا المقدسة حلبة صراع بين اسمين هما فلسطين أو إسرائيل.
    وهناك ساسة من العرب خلطوا الكوميديا بالتراجيديا ومنهم من اقترح اسماً مركباً هو "إسراطين" .
    إن توصيف الثورات بالألوان كأن تكون برتقالية أو ليمونية أو بنفسجية أو خضراء يتيح المجال لمزيد من التلاعب بتعريف الظواهر التاريخية . بحيث يبقى الباب مفتوحاً على مصراعيه للهواه ومَن يتسلون بلعبة الكلمات المتقاطعة .
    وهناك على ما يبدو مَن صدقوا أن التاريخ بمعناه الكلاسيكي الذي عاش عدة ألفيات قد شاخ ودخل طور الاحتضار ثم تطوع موظف من أصل ياباني ليعلن نعيه الفوضى المدمرة ليست وصفة خاصة بالشرق الأوسط الذي وضع خلال العقدين الأخيرين على طاولة العمليات وتوغلت فيه مباضع الجراحين بدءاً بالأوسط الجديد حسب أطروحة بيريس حتى الأوسط الكبير تبعاً لوصفة كونداليزا رايس . لكن ما حدث هو أن محاولة قطّهِ بالقوة لكي يكبر فشلت لكنها قطعت الكثير منه.
    أما محاولة تجديده بطبعه عبرية بمناسبة الاحتفال بمئوية سايكس-بيكو فقد اخفقت أيضاً . لأن الجغرافيا ليست كعكة رخوة، بقدر ما هي تاريخ تصلب في تضاريس .
    حلُّ السّلطةِ أم مقاربةٌ جديدةٌ؟
    بقلم: هاني المصري – الايام
    هناك معلومات تشير إلى أنّ المجلس المركزي الذي سيعقِد اجتماعًا بعد غياب طويل سيقوم "بتجديد الشرعيات الفلسطينية"، كما أنّ بعض القيادات وعلى رأسها الرئيس أعلن أنّ المجلس سيقرر "تسليم مفاتيح السلطة"، وكأنّها "بوابة أو شركة"، لأصغر ضابط يمثل الاحتلال، أو للأمم المتحدة، وكأنّ إسرائيل ستستلم السلطة ولن تتركها إلى قيادات محلية وإلى مجموعات مسلحة مختلفة، بحيث تنشب الفوضى وتأكل ما تبقى من قضية ووحدة فلسطينية.
    هذا في نفس الوقت الذي يستعد فيه وفد قيادي لزيارة قطاع غزة للاجتماع بإسماعيل هنية والبحث في تطبيق اتفاق القاهرة، وتحديدًا تشكيل حكومة وفاق وطني، وتحديد موعد للانتخابات التشريعية والرئاسية، أو ترك الأمر للرئيس ليقرر به متى يشاء. أما انتخابات المجلس الوطني وإعادة بناء وإصلاح مؤسسات منظمة التحرير، فقد سقطت سهوًا على قارعة الطريق.
    توجد تسريبات أن قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين أنهم وضعوا خطة لتفكيك الأجهزة الأمنية تمهيدًا لتسليم مفاتيح السلطة. هذا في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس أنه سيحافظ على التنسيق الأمني مع الاحتلال. كما أن هناك تسريبات بأن دائرة المفاوضات باشرت دراسة حل السلطة!
    تمديد المفاوضات أو حل السلطة. تشكيل حكومة وفاق وإجراء الانتخابات أو انتخابات بمن حضر. استكمال التوجه نحو الأمم المتحدة أو بقاء الأمور على ما هي عليه بانتظار "غودو" الذي لن يأتي.
    لا ينفع وضع الشتاء والصيف على سطح واحد ونيل الجنة والنار معًا، فإما استمرار الرهان على ما يسمى "عملية السلام" وعلى الإدارة الأميركية بحجة أنها وحدها تملك مفاتيح الضغط على إسرائيل، أو اعتماد إستراتيجيات جديدة تهدف أساسًا لتغيير موازين القوى المختلة بشكل كبير لصالح إسرائيل، بحيث تسمح بتحقيق الحقوق الفلسطينية.
    لا ينفع تقديس الوضع الراهن البائس واستخدام كل شيء، بما في ذلك التهديد بالوحدة الوطنية أو بالتوجه إلى الأمم المتحدة أو المقاطعة والمقاومة الشعبية، أو التهديد بحل السلطة وتسليم مفاتيحها كتكتيك للضغط من أجل استئناف المفاوضات وتحسين شروطها، فطريق المفاوضات الثنائية برعاية أميركية ثبت بالدليل القاطع أنه طريق جهنم. طريق أدى إلى تآكل القضية والحقوق والأرض والوحدة الوطنية، ونقطة البداية تكمن في إغلاقه نهائيًا وعدم العودة إليه على الإطلاق.
    في ظل غياب الرؤية والإرادة والإحباط والتخبط والحيرة بين المتناقضات يصبح كل شيء ممكنًا ومستحيلًا في الوقت نفسه، ولا يكفي عدم القبول بالعرض الأميركي الإسرائيلي على أهميته، لأن التهديد المتكرر بحل السلطة قد يتحول من مناورة للضغط إلى ضربة يأس لا تحمل أملًا ولا طريق نجاة.
    إن الأنظار كلها متوجهة صوب مسألتين:
    الأولى والحاسمة، على الجهود الأميركية، وخصوصًا نتائج جولة جون كيري الجديدة، وفيما إذا ستنجح أو ستفشل في التوصل إلى صيغة لتمديد المفاوضات، وستكون في أحسن الأحوال تكرارًا للصيغة التي استؤنفت على أساسها المفاوضات في نهاية تموز الماضي، أي مفاوضات مقابل إطلاق سراح دفعات جديدة من الأسرى، من ضمنهم قادة، إضافة طبعًا لإطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو.
    الثانية والثانوية، نجاح أو فشل وفد المصالحة للاتفاق على تشكيل حكومة، وتحديد موعد إجراء الانتخابات.
    إذا لم ينجح كيري لا يعني ذلك بالضرورة إغلاق الباب نهائيًا على خيار "المفاوضات حياة وإلى الأبد"، وإنما قد يعني قفزة نحو تعميق الانقسام بالدعوة إلى إجراء انتخابات بمن حضر من دون قطاع غزة، لا يترشح فيها الرئيس أو يترشح مع نائب له حتى يرحل وقتما يشاء من دون مضاعفات كبيرة لرحيله.
    ذلك رغم الادعاء أن قطاع غزة سيشارك تمثيلًا وليس تصويتًا، أو سيشارك في مرحلة استكمالية عندما تسمح الظروف بإجرائها. وربما تجرى الانتخابات من دون القدس، إذا جاء إجراؤها في ظل وقف المفاوضات وتجمع نذر المجابهة، وفي ظل الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفًا وعنصرية منذ تأسيس إسرائيل، وبالتالي لن تسمح بإجراء الانتخابات في القدس إلا إذا جاءت ضمن عملية سياسية تستفيد منها إسرائيل، من خلال تكريس الانقسام الفلسطيني وتمديد المفاوضات والتوصل إلى اتفاق إطار أو اتفاق انتقالي أو نهائي.
    "المكتوب يقرأ من عنوانه"، ويقرأ من خلال استمرار التركيز على الجهود لتمديد المفاوضات، بدليل أن المفاوضات من أجل إنقاذ المفاوضات وتمديدها التي شهدناها في الأسابيع الأخيرة أكثر عددًا وزخمًا من المفاوضات التي شهدناها إبان فترة ما قبل الأزمة الأخيرة، لأن هناك مصلحة لإسرائيل والولايات المتحدة ولجماعات المصالح والنفوذ الفلسطينية لاستمرار خدعة ما يسمى "عملية السلام"، لأن سحبها من التداول سيؤدي إلى بروز خيارات وبدائل وأطراف أخرى، وإلى عزلة إسرائيل ومقاطعتها وصولًا إلى فرض العقوبات عليها.
    واذا توقفت المفاوضات ليس بالضرورة أن تنهار "عملية السلام"، بل ستبقى الجهود مستمرة لإنقاذها وإبقائها على قيد الحياة، ولو في غرفة العناية المشددة عبر أنابيب الأكسجين والسيروم. تمامًا مثلما كان الأمر في الأعوام الأخيرة التي سبقت المفاوضات الأخيرة، حيث لم تكن هناك مفاوضات علنية ورسمية، بل كانت هناك مفاوضات سرية أكثر عددًا وزخمًا من العلنية، ولكن كل شيء تقريبًا بقي على حاله، خصوصًا لجهة الالتزام الفلسطيني بالاتفاقيات المبرمة من جانب واحد رغم تخلي الحكومات الإسرائيلية عنها منذ فترة طويلة، ومضيها في تعميق الاحتلال وتوسيع الاستيطان وتقطيع الأوصال والحصار.
    طبعًا، من الصعب بقاء الوضع على حاله بعد أن اتضح للقاصي والداني أن المفاوضات الجارية لا يمكن أن تقود إلى حل عادل أو متوازن أو حتى إلى تسوية عرجاء؛ بسبب إصرار إسرائيل على فرض شروطها وإملاءاتها وحلها، وبشكل واضح جدًا رفض قيام دولة فلسطينية ذات سيادة عاصمتها القدس.
    إن قيام هذه الدولة أصبح أبعد، ويحتاج إلى إستراتيجيات جديدة وإلى كفاح طويل يجعل الاحتلال مكلفًا جدًا لإسرائيل ، وهذا أمر لا يبدو أن القيادة الفلسطينية والفصائل القائمة يملكون القناعة والقدرة على توفير متطلباته.
    كان لا بد أن يسبق اجتماع المجلس المركزي دعوة الإطار القيادي المؤقت الذي يضم الجميع للانعقاد، مع إضافة عناصر جديدة إليه تمثل الشباب والمرأة والشتات، ليبحث أساسًا في كيفية مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية في عصر الثورات والمستجدات والمتغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم كله، وفي ظل حصول الدولة الفلسطينية ولو بصفة "مراقب" على الاعتراف الأممي بعد تصويت 138 دولة لصالحها.
    لا يعقل أن تتصرف القيادة الفلسطينية بعد حصولها على هذا القرار مثلما كانت تتصرف قبله، وبالتالي تحوّل القرار إلى قرار لا قيمة له على الإطلاق. والتفكير بالقفر دائمًا بأن الحل يكمن في إجراء الانتخابات التي لا يمكن أن تكون حرة ونزيهة تحت الاحتلال وتكرارها يعطي شرعية له، ويذكي التنافس الداخلي في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى تعزيز وتطوير القواسم المشتركة من أجل خوض مجابهة ناجحة مع الاستعمار الاستيطاني الاحتلالي العنصري.
    بعد هذا القرار استمرت السلطة كما هي من دون سلطة ملتزمة بالالتزامات السياسية والأمنية والاقتصادية. في حين وفّر الاعتراف الدولي فرصة لاعتماد مقاربة جديدة مختلفة كليًا تقوم على:
    أولًا، تشكيل حكومة دولة فلسطين يشارك فيها الجميع وفق نسب تتناسب مع معايير يتفق عليها، وتشكيل مجلس تأسيسي مؤقت يمكن أن يضم أعضاء المجلسين المركزي والتشريعي وعناصر جديدة تمثل الفصائل والقطاعات غير الممثلة، إلى حين إجراء انتخابات لبرلمان الدولة.
    ثانيًا، الإعلان عن وقف العمل بالالتزامات المترتبة على اتفاق أوسلو، وتغيير شكل السلطة ووظائفها لكي تستجيب للمصلحة الوطنية، والدعوة إلى إجراء مفاوضات في إطار دولي مستمر وعلى أساس مرجعية القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة لتجسيد الدولة التي اعتُرف بها وبحدودها وبعاصمتها في القرار الدولي الذي اعترف بدولة فلسطين، بحيث لا يمكن التفاوض على هذه الحدود، بل من أجل تأمين الانسحاب الإسرائيلي منها، من دون ربط ذلك بأي شيء، خصوصًا بإنهاء الصراع والكف عن المطالب وبتصفية قضية اللاجئين عن طريق إفراغ حق العودة من مضمونه.
    تغريدة الصباح - هذا المثقف لهذه المناسبة..
    بقلم: أحمد دحبور – الحياة
    ما إن تلقيت نبأ رحيل الكاتب العالمي غارسيا ماركيز، حتى قفز إلى ذهني اسم صديقي العزيز جدا صالح العلماني. فنحن من أبناء مخيم واحد جمع طفولتنا معا، ذلكم هو مخيم الثكنة الخاص باللاجئين الفلسطينيين في حمص، وكان صالح قد عاد الى المخيم غير محبط من اسبانيا، مع أنه حاول أن يدرس فيها طب العيون، الا ان مزاجه الأدبي أوقف ذلك المشروع، والطريف أن أهله البسطاء الطيبين لم يلوموه على تركه الدراسة، وتركوا الأمور تمشي في مقاديرها متكلين على الله، ولم يكونوا يعلمون أنه جلب من اسبانيا ما هو أهم بكثير من شهادة الطب، اذ لم تمر بضع سنوات حتى أصبح أشهر مثقف عربي من المتعاملين مع اللغة الاسبانية.
    ولعلنا نذكر معا، أنا وصالح، تلك المصادفة الطيبة التي فتحت له هذا الباب، فقد كنت في احدى زياراتي إلى موسكو يوم تعرفت على شاعر شاب - يومذاك - من تشيلي، اسمه عمر لارا، وقد جند السوفييت ثقلا اعلاميا للتركيز على هذا الشاعر، فكان من نصيبي نسخة باللغة الاسبانية من احدى مجموعاته الشعرية، فحملت النسخة الى صديقي وابن مخيمي صالح، سائلا أن يعطيني ولو فكرة عن هذا الشاعر الذي صرصعونا به في موسكو. وكانت المفاجأة المذهلة أنه بعد ثمان وأربعين ساعة فقط، أتاني صالح بمجموعة عمر لارا وقد نقلها إلى العربية بمستوى متميز من نصاعة اللغة وتلقائية الصياغة، ولم أكن كسولا، فقد أخذت ما ترجمه صالح وأرسلته إلى شاعرنا الكبير محمود الذي كان يحرر مجلة «شؤون فلسطينية».
    ذهل محمود درويش بالمفاجأة، فرد علي برسالة مقتضبة يقول فيها: من صالح علماني هذا؟ أرجو أن تسارع إلى تأميمه!! واطلب منه أن يبعث إلي بشيء مما ينقله عن الاسبانية.
    وأن يأتي تشجيع بهذا الحجم من شاعر مثل محمود درويش، كان أمرا مثيرا للغبطة والفرح لدى صالح الذي سرعان ما نقل إلى العربية مجموعة شعرية للاسباني الكبير رافائيل ألبرتي الذي أعطاني السوفييت، بوصفي أحد الضيوف، نسخة من كتابه فأعطيتها بدوري لصديقي صالح، فقام بدوره بترجمتها فورا إلى العربية، وأصبح في المكتبة العربية اسم كاتب جديد يترجم عن الاسبانية، اسمه صالح عمر العلماني..
    غني عن القول ان ترجمات أبي عمر، قد لفتت أنظار عدد من الناشرين العرب، وتدفقت عليه الطلبات حتى أصبح الاسم الأبرز لدى العرب في مجال تعريب الأدب الاسباني..
    ولا أزال أذكر ذهول الكاتب الكبير المرحوم سعيد حورانية، وأنا أطلعه على نص نقله صالح من أدب لوركا، وكان بعنوان «شؤم الفراشة» حتى أنه أشار إلى ذلك في محاضرة له ألقاها على منبر المركز الثقافي العربي في دمشق، مع أن أي قريب من عالم المرحوم سعيد حورانية، يعرف كم كان هذا الكاتب المتطلب ضنينا في الاشادة بالأسماء الجديدة..
    وكما هو متوقع مني، أنا المتباهي بمعرفة صالح وصداقته، رحت ألح عليه أن يترجم رائعة ماركيز «مئة عام من العزلة»، الا أن صالحا تحفظ قائلا إن القارئ العربي لا يزال يذكر ويشكر ترجمة د. سامي الجندي لتلك الرواية مع أنه عربها نقلا عن الفرنسية لا الاسبانية، ولكن صالحا يأمل أن يعيد تعريبها ذات يوم، ولو بعد بضع سنين.
    وها هو ذا صالح يحقق أملي قبل أمله، فأفاجأ، منذ أيام، بصدور «مئة عام من العزلة» وقد نقلها صالح، بلغته الرشيقة البهية، إلى اللغة العربية.. يا الله، كأن حظي مع صديق العمر صالح علماني، ان نواصل الحوار حتى بعد المسافة الجغرافية التي تفصل ما بيننا هذه الأيام، ودعوني أعترف بأن شيئا من النرجسية قد هيأ لي أن هذه الترجمة، انما تمت - بمعنى ما - من أجلي أنا، ولكن ليس لهذا السبب أشكر صديقي أبا عمر، بل أشكره لأنه هو: الصديق الصدوق أبو عمر، فأحييه وأحيي لهذه المناسبة رفيقة عمره أم عمر، نادية وأغبطها على وقوفها إلى جانب سفير اللغة الاسبانية لدى العرب، أخي الحبيب، صالح علماني واسمه للمناسبة: علماني بفتح العين واللام لا كما يغيظني بعض الأصدقاء الذي ينطقونه بكسر العين وتسكين اللام، حتى أنه استسلم لهذا الالحاح وأصبح يرضى باسمه حسب ذلك النطق. وفي كل خير.
    ويبقى، بعد كل شيء، ان نطلب الرحمة لأديب كولومبيا والعالم غابريل غارسيا ماركيز الذي كان رحيله المباغت مناسبة لكتابة هذه الخاطرة.
    احذروا السقوط في شرك «التلموديين» !
    بقلم: موفق مطر – الحياة
    نسي الذين هاجموا وزير الأوقاف الدكتور محمود الهباش في اليومين الماضيين، ان دولة فلسطين قد اصبحت متعاقدا ساميا في اتفاقية جنيف، وان انضمامها لخمس عشرة معاهدة دولية يعني التزامها بالمبادئ الأساسية الكافلة لحقوق الانسان وقيمته وكرامته، وبمكافحة التمييز بين انسان وآخر، فكيف يصفقون ويؤيدون توجهات القيادة على مسار القانون الدولي وتعزيز مكانة فلسطين كدولة تنطبق عليها الاتفاقيات والمعاهدات الحامية لمصالح وحقوق شعبنا، وبنفس الوقت يطلبون من وزير في حكومة السلطة الوطنية الاتجاه بمنحى تمييزي، لا يمكن تفسيره الا باعتباره توجهات عنصرية لأصحاب القرار في السلطة الفلسطينية، خاصة ان سلطات الاحتلال تتصيد هفوات بعضنا المدفوعة بمفاهيم خاطئة تم توريثها عن قصد او يتم ترويجها بعناية بقصد الاساءة الى الصورة الحضارية المدنية للشعب الفلسطيني.
    ما قاله الدكتور محمود الهباش انتصار لدم وكرامة الانسان عموما، وللفلسطيني خصوصا، فالرجل قال حرفيا: «نرفض كل اعمال العنف سواء كانت موجهة لفلسطينيين أو اسرائيليين» ثم اردف موجها كلامه للاسرائيليين يذكرهم بمبدأ المساواة والعدالة بين افراد امة الانسان من حيث القيمة والكرامة فقال: «الدم الفلسطيني مثل الدم الاسرائيلي هو دم انساني غال، ولا احد يريد لأحد ان يقتل» .. ونعتقد أن الحاصلين على علامة متوسط في اللغة العربية يعرفون ان الضمير (هو) يعود على (الدم الفلسطيني) أي ان الدم الفلسطيني دم انساني غال، وليس الدم الاسرائيلي وحده كما يعتبره غلاة المتطرفين الاسرائيليين، فالوزير خاطب الجمهور الاسرائيلي عبر وسائل اعلام اسرائيلية، فأين المشكلة في تأكيد مسؤول فلسطيني على قيمة الدم الانساني الفلسطيني (الغالي)، وبعث رسالة واضحة للمسؤولين والجمهور في اسرائيل، بعدم جواز اعلاء قيمة الدم الاسرائيلي على دم الفلسطيني، فهذا منهج تمييز عنصري، فقيمة الدم الانساني واحدة من حيث المبدأ بغض النظر عن العرق واللون والدين والجنس.
    يجب الحذر من السقوط في مربع التمييز، او الاستعلاء بما يتناقض مع مكارم الأخلاق الانسانية، ومبادئ نضالنا الوطني، فنحن أكثر الشعوب تضررا من منهجية التمييز والاستعلاء، ولا يجوز الانجرار وراء أغراض ونزعات شخصية، او عناوين صحفية مثيرة، فندفع ثمن انفعالات لا محسوبة، فالعناوين التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي او ببعض وسائل الاعلام (المغرضة) وبعضها الموجهة بدافع الثأر الشخصي من الدكتور الهباش، حفلت بعناوين يمكن ان تشكل كنزا لا ينضب للعرائض التي ترفعها سلطات حكومة دولة الاحتلال للمنظمات الدولية تحت عناوين التحريض والتمييز والكراهية والعدائية...رغم قناعتنا بالدافع الوطني للبعض الآخر الذي اكتفى بقراءة العناوين، ولم يقرأ كلام الوزير بعمق.
    نعتقد بعقلانية وحكمة الفلسطيني الوطني، ونعتقد أن واحدا منا لا يريد وضع نفسه بمرتبة أعلى من القيمة المشتركة للانسان في العالم، فنحن نعيب على المتطرفين الاسرائيليين التلموديين، الاحتلاليين الاستيطانيين العنصريين، أخذهم منطق الحياة بغطرسة وتمييز، حتى اجازوا قتل وسلب ونهب ارض الأغيار، فهل يقبل فلسطيني وطني على نفسه السقوط في شرك التلموديين.
    حملة المقاطعة و"معاداة اسرائيل!"
    بقلم: حيدر عيد – معا
    "أتمنى نكون حضاريين...بدنا أصدقاء للشعب الفلسطيني, مش أعداء لاسرائيل. بدنا أصدقاء إلنا بمنظورنا الحضاري اللائق!"
    هذا ما قالته المسئولة الفلسطينية في ردها على محاولة مجموعة من نشطاء المقاطعة ايقاف عرض فرقة الرقص الهندية "كاتك" في رام الله بعد أن كانت قد قدمت عرضاً آخراً في تل أبيب في خرق واضح لمعايير حملة المقاطعة كما أقرتها الغالبية الساحقة من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني و قواه الوطنية و الاسلامية. و تعمل هكذا زيارات الى تبييض صورة اسرائيل المشوهة ويتم استغلالها في اطار حملة "تسويق اسرائيل" وإبرازها على أنها دولة ديمقراطية غير عنصرية. بل أن هكذا فعاليات تضع الجاني و الضحية في سلة واحدة من حيث إبرازهما "كطرفين متساويين", و ما على الزائر الأجنبي إلا أن يرضيهما معا من خلال الرقص أو الغناء لهما في تل أبيب و رام الله.
    من المؤسف أن نفس المسئولة الفلسطينية اعتبرت أن الموقف الوطني الذي مثله نشطاء المقاطعة"غير حضاري!"و بناء عليه فإن المواقف التي اتخذها أمثال نلسون مانديلا و دزموند توتو غير "حضارية" لأنهم كانوا يدعون لمقاطعة الفرق التي "تسلي" المضطهِدين البيض في جنوب أفريقيا ثم تحاول تبييض ذلك "بتسلية" المضطهَدين السود.

    و لكن الواقع اللذي لا يغطي بغربال هو أنه لولا حملة المقاطعة الدولية ضد هذا النظام لما خرج نلسون مانديلا من غياهب السجون العنصرية, و لما تم القضاء على هذا النظام عام 1994 في أول انتخابات ديمقراطية تعددية أدت الى تولي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قيادة الدولة الجديدة, دولة ما بعد الأبارتهيد. من هذا المنطلق تحاول حملة المقاطعة الفلسطينية, و بنجاح كبير مشهود له على الصعيد العالمي, توجيه طاقاتها نحو تعزيز مفهوم المقاطعة كأسلوب مقاومة لاعنفي, مدني نجح في أكثر من دولة محتلة, و بالذات ضد نظام الأبارتهيد البغيض. وليس من الغريب أن الكثيرمن القيادات النقابية والشعبية الفلسطينية قد أعربت عن تأييدها و تبنيها لنداء المقاطعة الفلسطيني الصادر عام 2005 والذي يتمحور حوله شبه اجماع فلسطيني الأن. فهل هذا يمثل موقفا "بربرياً؟!
    و للتعريف بمنطق المقاطعة فانه يقوم على أساس الحق الأخلاقي للمضطهَد (بمقاومة المضطهِد, و الطلب من المجتمع الدولي التدخل لصالح الأول في حالة وجود هوة هائلة بين الطرفين من ناحية العتاد و القوة العسكرية...الخ. ان (الحوار) لم يثيت تاريخيا أنه نجح في اقناع أي مستعمر بالتخلي عن امتيازاته. و في حدود علمي فان المقاومة المدنية الفعالة و الأخلاقية, و بالذات المقاطعة التي تعتمد على وضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته من خلال الضغط على المحتل الغاشم, هي أنجع الطرق لانهاء القمع الاسرائيلي المركب. و في هذا السياق فإن ما قام به نشطاء المقاطعة, حينما طالبوا بمقاطعة الفرقة الهندية, يمثل الموقف الفلسطيني كما تعبر عنه لجنة المقاطعة الوطنية.
    و تأتي هذه الحادثة المؤسفة بعد استجابة العديد من مؤسسات المجتمع المدني العالمية للنداء الفلسطيني من خلال فعاليات مصحوبة ببيانات تعرب ليس فقط عن تفهمها الكامل بل وتقديرها للنداء الفلسطيني كذلك. و الانجازات المتراكمة بشكل سريع لحملة المقاطعة الدولية تتحدث عن نفسها, و هي تأتي من منطلق خلق أعداء لسياسات اسرائيل من احتلال و أبارتهيد و استيطان, و ذلك بناء على ما أقره القانون الدولي, إلا إذا كان ذلك القانون لا يعتبر "حضاريا" بالشكل الكافي!
    لا حاجة للقول أن الطريقة التي تحدثت بها المسئولة و عملية الاعتقال, مصحوبة بالاعتداء الجسدي على نشطاء المقاطعة, تشكل أسبقية و ضربة مؤلمة جدا ليس فقط لمنطق المقاطعة, بل للمقاومة الشعبية برمتها. نعم هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها مسئول فلسطيني تقويض حملة المقاطعة، من لقاءات مع ممثلي منظمات اسرائيلية, وإصدار تصريحات مثيرة للجدل, و لكن التصريح بأننا لا نريد خلق أعداء لاسرائيل, و اعتبار بعض نشاطات المقاطعة غير"حضارية", بل الاعتداء بالضرب على النشطاء و اعتقالهم, ثم تقديمهم لمحاكمة, هو أمر غير مسبوق, و يتطلب رد فعل فوري من جميع القوى التي تتبنى نداء المقاطعة قولا و فعلا! إن ما يزيد الطين بلة هو أنه قد تم الإفراج عن الناشطين بكفالة مقدارها 5000 دينار مع الإصرار على تقديمهم للمحاكمة! و هذا بدوره يعني أن هذا الشكل السلمي من أشكال المقاومة المدنية والشعبية ضد الاحتلال أصبح جريمة يحاسب كل من يرتكبها أمام القضاء! أضف الى ذلك أنه و منذ انطلاق حركة المقاطعة bds عام 2005 وحتى اليوم، لم يتم اعتقال أي ناشط في حركة المقاطعة bds حول العالم، حتى في اسرائيل! و ها هو يحصل في فلسطين!
    إن الضرر الهائل الناتج عن هكذا تصريحات و مواقف, هو أن نشطاء المقاطعة في فلسطين يعولون كثيرا على التأييد الأممي لحملتهم و على الفعاليات الحضارية التي يقوم بها النشطاء في العالم لابراز الوجه غير الحضاري للاحتلال و الأبارتهيد. إن التأييد الذي حصلت عليه الحملة الفلسطينية للمقاطعة من قبل كبار المناضلين أمثال الأسقف دزموند توتو والمناضل ابراهيم كثرادة و المغني روجر ووترز و العالم ستيفن هوكنجز و المفكرة جوديث بتلر, و العديد العديد من المناضلين والمغنيين و الشخصيات الثقافية البارزة, قد يتعرض لضربة يجب العمل على تجنب عواقبها بكل الأشكال. فحملة المقاطعة الفلسطينية لا تستطيع أن تضحي بهكذا انجازات بسبب عقد دونية يعاني منها البعض. فهذا الحفل الذي أقيم في مدينة رام الله ما هو إلا تعد صارخ على الاجماع الفلسطيني الممثل بقرارات اللجنة الوطنية للمقاطعة، والتي تضم في عضويتها الغالبية الساحقة من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني و القوى الوطنية و الاسلامية. و بالتالي فإن المعايير التي حددتها لجنة المقاطعة الوطنية لحملة المقاطعة الدولية قد يدور حولها الكثير من علامات الاستفهام و التعجب بسبب عدم قدرة الحملة على تطبيق هكذا معايير فلسطينياً.
    و من هذا المنطلق لابد لنا من وقفة جادة. لابد لنا أن نتساءل عن وموقف حركة فتح, ومنظمة التحرير الفلسطينية؟ هل نفهم أن بيان وزارة الثقافة حول الفعالية و ما تخللها ,و هو بيان مليء بالمغالطات التي تم تفنيدها في المؤتمر الصحفي للنشطاء في تاريخ 19.4.2014, هو الموقف الرسمي الفلسطيني؟ و بالتالي فإن الموقف الرسمي يدعو لتقويض حملة المقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات (bds) على إسرائيل؟ و اذا كان الجواب بالنفي فما هي الخطوات التي سيتم اتخاذها في حق أي مسئول فلسطيني يعمل على تقويض الحملة بل والتعاون مع الأجندة الدعائية الإسرائيلية الساعية لتبرير انتهاك إسرائيل لحقوقنا وللقانون الدولي؟
    لم يعد هناك مجال للحديث عن "طرفين" لأن اسرائيل تستغل هكذا فعاليات فنية تطبيعية لتبييض صورتها في نفس الوقت الذي تزيد فيه عدد المستوطنات بشكل ينفي, و بلا عودة, امكانية اقامة دولة فلسطينية على حدود 67, و بنت جدار الفصل العنصري, و حاصرت غزة, و شنت حربي ابادة أدت لمقتل ما يزيد عن 1500، معظمهم من المدنيين , بينهم ما يزيد عن4500 طفلا, و هاجمت كل من حاول التضامن مع الشعب الفلسطيني, وتسعى لتهويد القدس, و زادت عدد الحواجز في الضفة الغربية الى أكثر من 650 حاجز, و تستمر بسن وترسيخ القوانين العنصرية ضد فلسطينيي ال 48, و تمنع عودة أكثر من 6 مليون لاجئ.فهل هذا وضع طبيعي؟! ألا يتطلب ذلك العمل على زيادة عدد من يعادي هكذا نظام؟!
    في جنوب أفريقيا كان الحل مع نظام الأبارتهيد واضح للجميع: المقاطعة حتى القضاء على هذا النظام, أي خلق حالة عدائية مستديمة له, لا حوار على أساس تحسين شروط الاضطهاد, بل القضاء على الاضطهاد برمته. و لم يكن من يطالب بذلك يُعتبر "متخلفا", و إلا فإن ذلك سيطال المهاتما غاندي و مارتن لوثر كنج اللذين طالبا و بشكل واضح لا لبس به بعدم المساواة بين الضحية و الجلاد, و على خطاهما سار نلسون مانديلا و رفاقه اللذين رسخوا ما يميز الحضارة الانسانية المعاصرة من عدم التسامح مع أشكال الاضطهاد المغرقة بهمجيتها, المعادية لكل ما هو إنساني. و لكن كان هناك من اعتبر مانديلا "ارهابيا", بالضبط كما يوجد الآن من يعتبر نشطاء المقاطعة "غير حضاريين!"

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 571
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-10, 08:56 AM
  2. اقلام واراء محلي 570
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-09, 12:16 PM
  3. اقلام واراء محلي 569
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-09, 12:15 PM
  4. اقلام واراء محلي 568
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-09, 12:14 PM
  5. اقلام واراء محلي 298
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:20 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •