النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 684

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء محلي 684

    في هذا الملـــــف:

    ü وقاحة اسرائيلية !!
    بقلم: حديث القدس - القدس
    ü رسالة مفتوحة الى المجلس المركزي لمنظمة التحرير
    بقلم: د. ممدوح العكر – القدس
    ü مصالحة؟ فعول، فاعلاتن، مستفعلن .. ومفاعلتن!
    بقلم: حسن البطل – الايام
    ü الهجوم الفلسطيني الإستراتيجي المعاكس بدأ الآن
    بقلم: حسين حجازي – الايام
    ü إكرام المجلس دفنه
    بقلم: رامي مهداوي – الايام
    ü "طلوع" روح لا "حلاوة"
    بقلم: وليد ابو بكر – الايام
    ü تغريدة الصباح - الأغنية والقذيفة والمليحة
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    ü المصالحة في ضوء المتغيرات السياسية
    بقلم: د. إيهاب بسيسو – الحياة
    ü الرد على الجنون الاسرائيلي
    بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة


    وقاحة اسرائيلية !!
    بقلم: حديث القدس - القدس
    حملة التحريض الاسرائيلية السافرة التي اطلقتها حكومة نتانياهو المتطرفة ويشارك فيها وسائل الاعلام الاسرائيلية، ضد القيادة الفلسطينية بسبب الاعلان عن الاتفاق الفلسطيني الداخلي لتطبيق المصالحة، هذه الحملة إضافة الى التهديد بفرض سلسلة من الاجراءات والتدابير ضد الفلسطينيين تثير الاشمئزاز وتبعث على الادانة والاستنكار ليس فقط بسبب الزرائع الواهية والاكاذيب التي تستند اليها وانما ايضا وبالاساس بسبب الدوافع الحقيقية ورائها وهي خطيرة جدا وما تكشفه هذه الحملة التي يشارك فيها اقطاب هذه الحكومة كافة من اليمين وما يسمى بالوسط وحتي اولئك الذين ينتمون لليسار او صنفوا انفسهم كذلك، ما تكشفه من زيف هذه التقسيمات لتؤكد ان الغالبية الساحقة في الحلبة السياسية الاسرائيلية وفي وسائل الاعلام انما هي مناهضة للسلام وللشرعية الدولية وتنتمي الى عقلية الاحتلال واطماع الاستيطان والتوسع.
    بداية لابد من التأكيد ان المصالحة الفلسطينية شأن داخلي فلسطيني لا شأن لنتانياهو وحكومته ومستوطنيه كما لا يحق لأي طرف أجنبي التدخل في هذا الشأن الداخلي. كما يجب التأكيد لنتانياهو وحكومته ان اسرائيل ليست هي الجهة التي يحق لها منح الحقوق أو فرض العقوبات على الشعب الفلسطيني وقيادته بل انها هي الجهة التي يجب ان تحاسب وتعاقب على احتلالها غير المشروع وانتهاكاتها الفظة للقانون الدولي ومصادرتها حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وانتهاكاتها اليومية لحقوق الانسان ... الخ من الممارسات والمواقف التي تضع اسرائيل في مصاف قوى الاحتلال والعنصرية التي ناضلت البشرية طويلا في مكافحتها والتخلص منها.
    لقد تذرع نتانياهو واقطاب حكومته المتطرفة وكذا اقطاب الحكومة السابقة بأن القيادة الفلسطينية لا تتحدث باسم كل الفلسطينيين بسبب الانقسام وعندما استطاع الفلسطينون التوصل لاتفاق لانهاء هذا الانقسام أقام نتانياهو الدنيا ولم يقعدها تحت ذريعة جديدة وهي أن على الرئيس عباس ان يختار بين السلام مع اسرائيل أو السلام مع "حماس" وكأن حكومته جاهزة للسلام متناسيا أن محادسات حكومته ومواقفها هي التي وأدت عملية السلام، كما تذرع بأن "حماس" لا تعترف باسرائيل ولا بالاتفاقيات متجاهلا ان بعض اقطاب أئتلافه الحكومي دعت الى الغاء اتفاق اوسلو ولا تعترف بالحقوق الفلسطينية وتؤيد الضم والتوسع، عدا عن ان نتانياهو نفسه لا يعترف حتى الآن بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
    والغريب العجيب ان تنبري تسيبي ليفني زعيمة حزب "الحركة" التي طالما تشدقت شعارات السلام الى هذه الحملة المسعورة ضد السلام وضد الشعب الفلسطيني وحقوقه لتكشف مجددا عن وجهها الحقيقي المتطرف المناهض للشعب الفلسطيني ولمتطلبات السلام العادل. والأغرب ان تعطي نفسها الحق في التدخل السافر بالشأن الفلسطيني متجاهلة انها تمثل قوة احتلال غير مشروع والاجدر بها ان تنظر لنفسها بالمرآة قبل ان توجه المواعظ للشعب الفلسطيني وقيادته.
    إن ما يجب ان يقال هنا ان هذه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة بكل اقطابها لا تريد السلام ولا تعترف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتبحث عن ذرائع جديدة يوميا للتستر على عزلتها الدولية بعد ان بات العالم بأسره يدرك من هو الذي يعطل عملية السالم وبعد ان أكدت الولايات المتحدة حليفة اسرائيل الكبرى الأولى ان مواقف نتانياهو وحكومته اسهمت في وصول عملية السلام الى طريق مسدود.
    كما أن ما يجب ان يقال انه يجدر بنتانياهو وحكومته ولفني التي اوهمت العالم انها تبحث عن السلام، التخلي عن هذه الغطرسة وان يدركوا أن حقوق الشعب الفلسطيني ليست منَّةً تمنحها اسرائيل وان الشعب الفلسطيني لن يقبل بأن يكون موضعا لعقوبات اسرائيل وغطرستها تماما كما يرفض أي تدخل من قبل اسرائيل في شؤونه الداخلية.
    واخيرا فإن هذه الحملة المسعورة انما تكشف عجز وافلاس الاحتلال الذي يعود بالتلويح باجراءات وتدابير عفا عليها الزمن ناسيا ان الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يقايض حقوقه المشروعة بكل اموال الدنيا ولن نركع أو نستسلم اذا ما عادت اسرائيل وفرضت اجراءات اقل ما يقال فيها انها انتهاكات فظة للقانون الدولي. كما تكشف هذه الحملة زيف الادعاء بأن وسائل الاعلام الاسرائيلية وصحفها مستقلة وموضوعية بل هي تتماهى مع الاحتلال وتخدم سياساته وتشكل بوق دعاية بشع لاطماع التوسع والاستيطان والاحتلال واستمرار الانتهاكات رغم بعض الاصوات الشاذة لكتاب اسرائيليين امتلكوا الجرأة كي يقولوا ان المصالحة شأن فلسطيني وفرصة لتقدم عملية السلام.
    رسالة مفتوحة الى المجلس المركزي لمنظمة التحرير
    بقلم: د. ممدوح العكر – القدس
    السادة أعضاء المجلس المركزي المحترمين،
    أشعر كمواطن أن من واجبي الوطني ان أخاطبكم بكل مسؤولية وصراحة وأنتم مِمّنً يتحملون عبء اللحظة التي تواجهها بلادنا فلسطين ، أرضاً وقضيةً وشعباً، خاصة وأن توقيع اتفاق المصالحة الوطنية في غزة قبل أيام يمكن أن يؤشر إلى مرحلة جديدة تفتح أفاقاً واسعة لشق مسار جديد لحركتنا الوطنية بقيادة م ت ف أذا ما أحسنّا مراجعة تجربة أكثر من عقدين واستخلصنا الدروس والعبر الصحيحه، وإذا ما أدركنا أن هذه المرحلة التي قد نكون مقبلين عليها تتطلب تعزيز تماسكنا الداخلي مقروناً بالإرتقاء بآلية اتخاذ قراراتنا إلى مستوى المسؤولية الجماعية وأن تكون هذه الآليه قائمة على المعرفة والتحليلات المعمقة والسيناريوهات والخيارات المدروسه.
    وأي محاولة للإسهام في هذه المراجعة الشاملة كخطوة ضروريه لشق هذا المسار الجديد لا بد وأن ترى أن المشروع الصهيوني يزداد تغولاً ، ونراه يسابق الزمن وبشكل خاص في نشاطاته الاستيطانية المحمومة وفي عملية تهويد القدس بما لا سابق لها. بينما تقطعت السبل بنا وبمشروعنا الوطني، في حق تقرير المصير والاستقلال والعودة ، منذ ان دخلنا نفق أوسلو المظلم والمغلق ، أجل المظلم والمغلق .
    فقد قبلنا على أنفسنا الالتزام بأن نسلك طريقا وحيداً أوحداً لحل " الصراع " وهي طريق المفاوضات. فسلكناها دون ضوابط ومرجعيات واضحة وبلا سقوف زمنية ، وبلا أخذ الحيطة بالعمل على بلورة بدائل وخيارات فيما لو اتضح لنا ، خلال هذه المفاوضات ، سوء النوايا الإسرائيلية وسعيها لأن تجعل ميزان القوى على الأرض وإملاءاته المحدد الأساسي للحل دونما اعتبار لحقوق شعبنا ، و فيما إذا تبين لنا ان إسرائيل تستغل المفاوضات غطاءً لتعميق الاحتلال بدلاً من تفكيكه ، وللمضي حثيثاً في تنفيذ المشروع الصهيوني لتحويل فلسطين الى وطن قومي حصرياً للشعب اليهودي .
    قبلنا بكل ذلك ، وتعاملنا مع اتفاق أوسلو بحسن نية مفرطة وبتوقعات لا أساس لها على أرض واقع الممارسات الإسرائيلية اليومية ، بل ورضينا حتى بما هو أقسى من ذلك حين قبلنا بالتنسيق الأمني مع الاحتلال .
    لقد اعتبرنا أن كل ذلك إنما كان ثمناً نقدمه على مذبح حريتنا واستقلالنا ، وأن طريق المفاوضات التي أُجبرنا على سلوك نفقها كممر إجباري وحيد لا بد وأن نرى نور الحرية في نهاية هذا النفق .
    فماذا كانت نتيجة هذا المسار . لا أظنني بحاجة لأن أسرد عليكم تفاصيل الواقع ألذي آلت إليه أحوالنا من منظور اقترابنا أو ابتعادنا عن أهدافنا الوطنية المعلنة التي من أجلها دخلنا عملية المفاوضات .
    والآن ، أما وقد اتضحت أمامنا كل الصورة وحقيقة ظلمة وانسداد نفق المفاوضات، وما آلت إليه حالنا بعد مسار أكثر من 22 عاما من التفاوض المرير مع إسرائيل خاصة مع تجربة الشهور التسعة الأخيرة، أما آن لنا ان يتوقف مجلسنا المركزي لمواجهة الحقيقة، وندرس هذه التجربة، ونستخلص الدروس والعبر وصولا إلى تصحيح ذلك المسار .
    حتى صاحب أي مشروع فردي إذا ما أكتشف ان مشروعه يعاني من خسائر متتالية بعد سنتين او ثلاثة او خمس سنوات، فإنه يجد نفسه مضطراً لأن يراجع نفسه ويعيد حساباته وطريقة إدارته للمشروع . فما أحرانا بمثل هذه المراجعة ونحن لسنا بأصحاب مشروع فردي بل أصحاب مشروع وطني ومصير وطني، وأمضينا أكثر من 22 عاماً من الالتزام بسلوك طريق وحيد هو المفاوضات رغم أنها أدت وتؤدي يومياً الى خسائر متواصلة من لحم قضيتنا ودمها . أما آن لنا ان ندرك ان هذه المفاوضات قد حشرتنا في مربع وفي قلب ملعب المشروع الصهيوني الذي أصبح واضحاً للقاصي والداني أنه لا يمكن أن يقبل لنا بأكثر من حكم ذاتي فاقد للسيادة حتى لو طاب لنا ان نسمي ذلك إمبراطورية وليس فقط دولة. أما آن لنا ان ندرك أننا لن نتمكن من إنهاء الاحتلال من خلال عملية تفاوضية فقط ، حتى لو كان لدينا عشرات كبار المفاوضين، لن ينتهي الاحتلال يا سادة إلا عندما يصبح هذا الاحتلال مشروعاً خاسراً لإسرائيل يومياً، وعلى كل الأصعدة: مادياً، واقتصادياً، وأمنيا، وسياسياً، ودبلوماسياً، وأخلاقياً. آن لنا أن ندرك يا سادة، وقبل فوات الأوان، أن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة هو مشروع كفاحي نضالي بامتياز ، ولا يمكن ان يكون على الإطلاق مشروعاً تفاوضيا. دور المفاوضات في المشروع الكفاحي يأتي فقط في مرحلة تالية ، و فقط بعد أن يدرك المحتل ان مشروعه أصبح خاسراً وأن " عليه أن يحمل عصاه ويرحل".هذه حقائق و بديهيات أدركتها كل حركات التحرر الوطني من قبلنا، ولن نكون نحن الفلسطينيون استثناءً تاريخياً لهذه البديهية، خاصة أننا نواجه خصماً ليس محتلاً وحسب بل هو صاحب مشروع استعمار استيطاني إحلالي وبنكْهةٍ خاصةٍ لنظام أبارتيد وفصل عنصري .
    الإخوة أعضاء المجلس المركزي
    أمامكم الآن، وأمام شعبنا و قضيتنا، فرصةٌ فريدة، وأكاد أقول أنها ربما تكون الفرصةٓ الأخيرةٓ لمجلسكم كي يمارس دوراً تاريخياً فيقوم بتصحيح المسار، بعد أن أصبح هذا التغيير ضرورةً ملحةً لا تحتمل المزيد من التأخير أو المماطلة أو الهروب من استحقاقاتها. ومن هنا وفي هذا السياق أرى أهمية أن يكرس اجتماعكم جلّ اهتمامه للتصدي للأولويات التالية: -
    أولاً - حول المفاوضات :
    لا بدّ من اتخاذ قرار حاسم بالنسبة للمفاوضات على ضوء استعراض التجربة كاملةً على نحو ما ذكرت آنفاً، كخطوة أولى لتغيير المسار باتجاه تفعيل الخيارات الأخرى المتاحة والممكنة والضرورية، مع وضع العمل السياسي بما فيه المفاوضات في سياق المسار الجديد والتوجهات الإستراتيجية الجديدة وليس العكس. بمعنى ان العمل السياسي والمفاوضات يجب ان يخدما التوجهات الإستراتيجية وجزءا داعماً لها، لا أن نجمد كل خياراتنا خدمة لخيار المفاوضات ، وفقط المفاوضات، ومفاوضات إثر مفاوضات .
    ويجب أن ندرك أن المراجعة الشاملة لمسيرة المفاوضات على طريق تغيير المسار يجب ان يقترن بإعادة النظر بالكثير من المواقف التي أتت في سياق تلك المفاوضات، وأولها سحب فكرة تبادل الأراضي من التداول. ففكرة تبادل الآراضي أًصبحت غطاءً إسرايلياً لشطب حدود 67 التي نريد إقامة دولتنا الحره المستقلة عليها، كما أصبحت صكاً يمنح الشرعية للإستطيان الذي هو جوهر المشروع الصهيوني
    من الضروري أن يكون قراركم واضحاً وقاطعاً أن لا رجعة للمفاوضات ( عندما تنضج الظروف الملائمة لها) إلا ضمن الشروط التي تم الإعلان الرسمي عنها من حيث التزام إسرائيل بالإفراج عن الأسرى، وتجميد كافة النشاطات الإستطيانيه بما يشمل القدس، والتزامها بحدود 67، وأن تكون مفاوضات ذات مرجعية واضحه وملزمه. كما لا بد من التمسك إضافة لذلك بأن تتم المفاوضات مستقبلاً ضمن إطار دولي ذي مصداقية وألا نعود إطلاقاً لمفاوضات تنفرد أمريكا برعايتها. وأهم من كل ذلك ألا تتم أية مفاوضات مستقبلاً إلا في سياق مسارٍ جديد وجزءاً من خيار استراتيجي جديد أخذت مكوناته في التبلور في السنوات الأخيرة ، وتتركز في المحاور التالية: -
    أ - تفعيل كافة أشكال المقاومة الشعبية. وهذا يعني تلقائياً وقف التنسيق الأمني . مٓنْ يقاوم الاحتلال لا يمكن أن ينسق معه أمنياً.
    ب - المضي قدماً في تفعيل دور القانون الدولي، واستكمال الخطوات المترتبة على حصول فلسطين على مكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، من أجل مساءلة إسرائيل ومحاصرة سياساتها على الساحة الدولية. فهناك الكثير مما يمكن عمله لقضِّ مضاجع إسرائيل على هذه الساحة.
    ج - دعم برنامج مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها ( bds ) ولا يليق بنا في هذا السياق أن نحاكم نشطاء حملة (bds) لممارستهم حقهم في حرية الرأي والتعبير طالما وشريطة أن يتم ذلك بطرق سلمية. كما لا يليق بنا ونحن نوقع على أرقى ما وصلت إليه الإنسانية من مواثيق وعهود لصيانة حقوق الإنسان أن نلجأ إلى نصوصٍ قانونيه تم العثور عليها في قوانين عقوبات بالية وليست بذات صلة ووردت في قانون يتعلق بضبط "التسول"
    د - تبنّي خطة صمود اقتصادية تنسجم مع مقتضيات ومتطلبات شعب تحت الاحتلال ، من حيث استعادة روح التضامن والتكافل المجتمعي وضبط النزعات الاستهلاكية المفرطة والتي جعلت شرائح واسعة من شبابنا رهائن لرواتب وقروض ، وإعادة النظر في الكثير من السياسات الاقتصادية الخاطئة التي قادت بنا الى تكريس جلّ ميزانيتنا العامة نحو أجهزة "الأمن "بدلاً من تكريسها نحو شبكة "الأمان" المجتمعية ونحو التعليم والصحة والزراعة على سبيل المثال. خطةً تدير ظهرها لكل محاولات مقايضة وربط المساعدات الاقتصادية بالمساومة على مواقفنا السياسية وحقوقنا الوطنية.
    ثانياً - حول إعادة بناء منظمة التحرير :
    لا بد من اتخاذ خطوات عملية لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتستعيد دورها إطاراً وجسماً تمثيلياً حقيقياً يقود الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، بما في ذلك إعادة موضعة دور السلطة الوطنية كذراع لمنظمة التحرير الجديدة ويخدم توجهاتها الإستراتيجية الجديدة بعد أن أصبحت هذه السلطة في وضعها الحالي عبئاً، إن لم تكن عقبةً على طريق المشروع الوطني ، وبعد أن أصبح الحفاظ عليها هدفاً في حد ذاته بدلاً من أن تكون وسيلةً وأداة على طريق إنهاء الاحتلال . وفي هذا السياق علينا أن ننتبه، وبإمعان شديد لمغزى ودلالات التهديدات الإسرائيلية والأمريكية ضدنا لمجرد تلميحاتنا بحلّ السلطة ...!
    ثالثاً - حول تعزيز المصالحة وإنهاء الانقسام
    والآن وقد تم اتخاذ خطوه كبيره على طريق إنهاء الإنقسام والتي لن تكون بالتأكيد طريق تنفيذها معبدهً بالورود وخالية من الصعاب والإحباطات. اسمحوا لي في هذا السياق ان اقترح أن يتم التركيز بشكل خاص على أحد أهم بنود إتفاق المصالحة لاعتقادي أن من شأن هذا البند أن يكون مدخلاً لإعادة بناء. م.ت. ف.، ويمكن له أن يكون في ذات الوقت مدخلاً لتعزيز المصالحة والوحده الوطنية،
    وذلك البند هو المتعلق بتشكيل الإطار القيادي المؤقت. إذ أنني أعتقد مع الكثيرين بألا نكون في عجلةٍ من أمر الإنتخابات قبل أن يتم التمهيد الضروري لإجرائها كي تأتي هذه الإنتخابات تتويجاً للوفاق الوطني، وللحيلولة دون أن تتحول إلى آلية لإعادة إنتاج الإنقسام والاستقطاب الداخلي، وكي لا تعيدنا إلى كوابيس التناحر العشائري والجهوي والفصائلي، وحتى داخل الفصيل الواحد نفسه. وهذا يتطلب أن نسير في تشكيل الإطار القيادي المؤقت جنباً إلى جنب مع بلورة توافق على برنامج عمل وطني ومسار جديد يعيد صياغة مشروعنا الوطني
    هذا من جهة، ومن جهة أخرى ولتأكيد أن لا نكوص عن الانتخابات يترتب على الإطار القيادي المؤقت المبادرة إلى إجراء انتخابات قاعدية لمختلف النقابات والاتحادات المهنية والقطاعية في كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني كخطوات تمهيدية لإعادة بناء م . ت .ف . من الأسفل الى الأعلى .
    الأخوه أعضاء المجلس المركزي:
    إذا كنا قد وصلنا، أخيراً، إلى الاستنتاج الدقيق والذي عبّر عنه مراراً د. صائب عريقات بأن بعض أهداف اسرائيل الاستراتيجية تتلخص في أن إسرائيل تريد لنا سلطة بدون سلطة وتريد إحتلالاً بدون تكلفة وتريد أن تبقى غزه خارج فضائنا الوطني.
    ألا يقودنا هذا إلى ضرورة تغيير المسار للحيلولة دون تحقيق إسرائيل لهذه الأهداف؟؟
    فهل يستطيع مجلسكم الموقر ان يسمو ويرتقي الى تحديات المرحلة المصيرية ، وأن يفكر خارج الصندوق ؟
    إذا لم يتمكن مجلسكم الآن من ذلك، فمتى ؟
    وإذا لم يتحمل مجلسكم هذه المسؤولية ، فَمَنْ غيركم ؟
    أبٓعْدٓ فوات الأوان ؟ وهل يغفر لكم التاريخ وشعبنا ذلك ؟
    وهل يبقى لكم من شرعيةٍ بعدئذٍ .. ؟؟
    مصالحة؟ فعول، فاعلاتن، مستفعلن .. ومفاعلتن!
    بقلم: حسن البطل – الايام
    إن قالوا: جدّ الجدّ، قد نسأل عن المستجد في إعلان غزة. من بين عناوين الصحف الوطنية، لعل عنوان "الأيام" على ثمانية أعمدة هو المقاربة الأنجح: "إعلان غزة يرسم خارطة طريق لإنهاء الانقسام".
    خارطة طريق فلسطينية هذه المرّة، وقد نتذكر أن المفاوضات الحالية، المستجدة، بدأت من خارطة طريق صار لها من العمر عقد من السنوات، وخلالها توضّح الطريق الرئيس (دولتان لشعبين) ولم تتوضح الطرق المفضية الفرعية الى خارطة (دولتان لشعبين).
    لنسأل عن المستجد في "خارطة طريق" فلسطينية، فقد نجده أن "جاهة" الضفة للصلحة كانت، هذه الخطرة، في معيتها رؤساء أحزاب فلسطينية صغيرة (وشخصيات كبيرة فيها) ورجال أعمال مستقلون.
    قرار إيفاد "الجاهة" الى غزة اتخذته القيادة الفلسطينية ليحمل راية م.ت.ف، وليكون الحوار هذه المرة، أقرب الى حوار بين فصائل م.ت.ف وفصيل "حماس"، وليس كالسابق حواراً (وأوراق تفاهم) بين فصيلين. يعني: قريباً من حوار وطني شبه شامل لا حواراً بين "فتح" و"حماس".
    ما السر في أن أجل تنفيذ "خارطة طريق" إنهاء الانقسام متزامن تقريباً مع أجل مفاوضات الشهور التسعة العاثرة، أو حتى مع تمديدها فترة مماثلة؟
    "لخمة" في إسرائيل من "إعلان غزة" و"خيبة" في واشنطن.. وأما في الشعب الفلسطيني فالأغلبية في "حيرة" والأقلية بين تشاؤم وتفاؤل.
    هذه، ربما، نالت خطوة، خلال عامين، فاجأت فيها القيادة الفلسطينية إسرائيل وأميركا: جرأت القيادة عام 2012 على تحدي التحذير الأميركي، وربحت التحدي بالتصويت في الجمعية العامة على عضوية فلسطين دولة مراقبة. المفاجأة الثانية كانت أول نيسان عندما وقع رئيس السلطة، بطريقة مشهدية، أوراق انضمام الى مجموعة من المواثيق الدولية (14 ثانوية وواحدة مهمة) .. والآن، قبل أيام من 29 نيسان "مفاجأة" ثالثة لإسرائيل، و"خيبة" أمل لأميركا.
    في هذه المفاجآت الثلاث كان أبو مازن كمن "يضرب كفّ ويعدّل طاقية" وهو نفسه قال، عندما ترأس وفد السلطة للتصويت على عضوية - مراقب، قال مداعباً: كنت كمن ضرب كفاً .. واحتمى تحت الطاولة. (من أميركا؟).
    في حين أن المستجد الفلسطيني - الفلسطيني كان "جاهة" وطنية من أحزاب وشخصيات الضفة، فإن "حماس" كانت ستحسن صنعاً لو أشركت في وفدها فصيل "الجهاد الإسلامي" حتى لو عارض او تحفظ.
    معه حق خالد البطش، القيادي في "الجهاد الإسلامي" لأن حكومة تشكيل كفاءات (خبراء تكنوقراط) لا تحتاج خمسة أسابيع، ما دام هذا البند متوافقا عليه من قبل (الدوحة والقاهرة) وكذلك بند الاحتكام الى الانتخابات بعدها بنصف عام.
    هل يشمل هذا العام 2014 نجاح مفاوضات مديدة ومتقطعة ومكثفة، مع إسرائيل، أم أننا لن نجد الطريق الى "خارطة الطريق". هل يشهد هذا العام إنهاء انقسام وحوار حثيث عمره سبع سنوات. او أن الاتفاق مع إسرائيل مستبعد، والوفاق الفصائلي سيضيف الى ملف المصالحة مشروع وفاق ثالث أو رابع؟
    في الأقل، سيتمتع الفلسطينيون، حتى نهاية العام الحالي، بهدنة من "المناكفة" بين الحكومتين (اذا تشكلت حكومة تكنوقراط خلال شهرين)، ومعها فترة تركيز فلسطينية على "مناكفة" تفاوضية مع إسرائيل.
    خلالها، لرئيس السلطة الفلسطينية أن "يضحك في عبّه" على الهستيريا الإسرائيلية بعد "إعلان غزة" وبالذات حول الخيار الذي يطرحه نتنياهو: إما السلام مع "حماس" وإما السلام مع "إسرائيل". أبو مازن لا يرى تعارضاً بين استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وتعزيز مطلب المفاوض الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية.
    إسرائيل لا تريد، حقاً، ان تسفر المفاوضات عن دولة فلسطينية تضم غزة والضفة، حسب اتفاقية أوسلو عن الوحدة السياسية بين المنطقتين، بل تريد شبه دولة فلسطينية في الضفة، تكون محتواة من إسرائيل في جميع جهاتها.
    ترفض إسرائيل أن يشمل تمديد المفاوضات ترسيم الحدود، وكذا تجميد الاستيطان، ولكنها تجمّد اتفاق تحرير النبضة الرابعة، والآن تجمد جلسة مفاوضات لتمديد المفاوضات؟
    المهم، ان الفلسطينيين يسيرون على سكة ثلاثية: المفاوضات، اللجوء الى الشرعية الدولية، ومحاولة أُخرى لإنهاء الانقسام.
    لا بد أن شارون يتقلب في قبره، لأنه قال: أبو مازن صوص بلا ريش؟

    الهجوم الفلسطيني الإستراتيجي المعاكس بدأ الآن
    بقلم: حسين حجازي – الايام
    الانتصار على الذات وتصفية التفكك الداخلي أولاً:
    انتصر الفلسطينيون على أنفسهم وأعادوا السلام إلى بيتهم، عاقدين المصالحة أولاً مع ذاتهم قبل أن يذهبوا الى عقده مع عدوهم، ان كان لهذا الصلح أن يتحقق يوماً ما. والمسألة واضحة قالها السيد المسيح ابن هذه الأرض وعلى هذه الأرض : "كل بيت ينقسم على نفسه مصيره الدمار". وقد نجونا الآن أيها الفلسطينيون من هذا الدمار الذاتي، الذي هو أصعب من الطاعون وكل تهديدات إسرائيل وأميركا. وحيث أميركا هي الطاعون قال شاعرنا أيضا منذ زمن، فالسلام أولا داخل البيت وبعد ذلك كل شيء مقدور عليه، حين يتعلم الفلسطينيون بعد الآن على جلدهم ويعلمون انفسهم بأنفسهم بكل جماع ذكائهم وعنفوانهم شيوخهم وشبابهم، انه ليس أمامهم سوى وحدهم يهتدون الى الوسيلة التي بها يقهرون خيال عدوهم. فنحن هنا يا نتنياهو وليبرمان لا "فتح" تخشى "حماس" ولا "حماس" تخشى من "فتح" واللعبة السخيفة انتهت.
    بشروا ولا تنفروا
    ستعاقبنا إسرائيل وربما أميركا وربما الشيطان الذي ينتظرنا في التفاصيل، ومعهم أيضا ويضاف اليهم كل أولئك الذين كانوا يصرخون ويولولون ليل نهار، من بين ظهرانينا عن كارثة الانقسام، ولما قربت ساعة إنهاء الانقسام لم يصدقوا وحاولوا بث الشك التنفير بدل التبشير، ولما صار الأمر حقيقة تلعثموا وحبسوا ألسنتهم وكأن على رؤوسهم الطير، أولئك المستترون غربان الشؤم يمكن ان يعاقبونا، وقد نمر بضائقة شديدة وسيرى البعض من خفافيش الظلام يقرأ علينا من الذي انتصر على من؟ من الذي كسب ومن الذي خسر؟ وقد كان لماحاً وسباقاً هذا القيادي الضليع عزام الأحمد حين خاطب الإعلام الفلسطيني، مطالباً إياه بالدعم في هذه اللحظة. لم تنتصر "فتح" على "حماس" ولا "حماس" على "فتح"، لقد انتصرا معا على انفسهم وعلى إسرائيل.
    يعاقبنا كل من ورد ذكرهم آنفا، ولكني أقول لكم أيها الفلسطينيون، ان كل هذه العقوبات لا تساوي في ميزان الواقع، الحقيقة، والتاريخ معاقبتنا وظلمنا لأنفسنا، لو أننا لم نقوَ على هذا الانتصار.
    الإستراتيجية على أصولها
    هذه هي ممارسة الإستراتيجية على أصولها باعتبارها نوعاً من الفن الخلاق، أن تواصل الضرب المتلاحق على رأس الإزميل بالشاكوش بلا توقف وبلا هوادة، لكي تحدث الخرق في الجدار. هل عرفت الآن يا بنيامين نتنياهو ان ساعة الحقيقة قد حانت؟ وبعد الانضمام الى الـ 15 اتفاقاً ومعاهدة دولية فإن الإنزال يحدث هكذا بصورة مفاجئة ومباغتة على شاطئ البحر في مخيم الشاطئ. المصالحة مع "حماس" نعم، ولو كان الظرف يحتمل نوعاً من التفكه او الفانتازيا، فقد يكون السؤال ماذا حل بالاعتراف بيهودية الدولة بعد الآن؟ ماذا حل بترف الطلب من محمود عباس الاعتراف بيهودية الدولة بعد ان أصبحت المسألة المؤرقة لواشنطن، هي اعتراف حكومة الوحدة الوطنية الجديدة بإسرائيل. وقالت "حماس" مراراً على لسان إسماعيل هنية انها لن نعترف بإسرائيل، فهل تكون المقايضة الآن على ثمن صمت "حماس" فقط عن الموضوع، وفتح المجال أمام أبو مازن للمناورة بهذه الورقة بعد أن أحرق أبو مازن وهنية ورقة الدولة اليهودية.
    كضربة ثنائية موجعة
    إعادة خلط الأوراق
    شهدتُ شخصياً في مثل هذه الأيام من شهر نيسان العام 1987، في قاعة قصر الصنوبر في الجزائر مهرجان حفل التوقيع على انتهاء الانقسام الفلسطيني آنذاك، بين الجبهتين الشعبية والديمقراطية و"فتح". كان ذالك في زمن القادة الشيوخ وفي المقدمة ياسر عرفات، وكان نجم الحفل جورج حبش الحكيم، ببدلته البيضاء وعصاه التي يتكئ عليها، ويتوسطهما صلاح خلف (أبو إياد) والى جوارهم خليل الوزير (ابو جهاد ). وسوف يخاطب عرفات حبش "يا حكيم الثورة وضميرها ". لكن أحداً في ذلك الوقت لم يعر اهتماماً الى ان الانقسام الحقيقي لم يكن بين هذين الممثلين لليسار حبش وحواتمة وبين عرفات، ولكن الأزمة والانقسام الحقيقي كان في الانشقاق الذي قاده العقيد ابو موسى في "فتح"، وكان الخصم الأساسي الذي يقف أمام عرفات هو الرئيس السوري حافظ الأسد.
    لقد أعطى عرفات الكلمة السحرية التي طلبها حبش وحواتمة، إعادة توحيد منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة العداء للإمبريالية الأميركية. واحتد صارخاً في وجهي نايف حواتمة أمد الله في عمره اكثر من مرة، بينما كنت استفزه بأسئلتي وهو يتحدى صحيفتي ان كانت ستجرؤ على نشر أجوبته رداً على أسئلتي، فيما كان رجل واحد يراقبنا بفضول يغلب عليه الابتسام، وكان هذا الرجل الذي يجلس قبالتنا هو محمود عباس (أبو مازن)، ولا زلت أذكره بشاربه الأسود المحفوف بعناية وأناقة لباسه غير المتكلف.
    كان إنهاء الانقسام سهلاً وبجرة قلم بسيطة كما كان إنهاء الانقسام ظهر يوم الأربعاء في منزل إسماعيل هنية، لم يستغرق سوى جلستين. فهل ندرك الآن ان الانقسام الحقيقي ما كان أيضا في المرة الثانية بين "فتح" و"حماس"، بل كان يضرب في حقيقته على محور او مفصل خفي، هو ما سمي في حينه بأزمة صراع الأجيال داخل "فتح" نفسها وليس بين أبو مازن وهنية، او بين "فتح" و"حماس". حين اقر الرجل بفوز "حماس" وكلف هنية بتشكيل الحكومة، وكتبت هنا مبكراً في حينه منبهاً ومحذراً "حماس" من عدم الخطأ، من أن هذا الرجل هو الحليف لكم وكان من الواضح أن ثمة من تدخل لإفساد ومنع هذه الشراكة وقتلها في مهدها.
    على يد رجلين من الجيل الثاني في "فتح" و"حماس" تم الإعلان والتوقيع على نهاية الانقسام، سوف أقابل عزام الأحمد سفيرنا في العراق العام 1978، حين كانت العراق تدعم انشقاق أبو نضال. وبدا لي هذا الممثل المخلص لـ "فتح" وعرفات في بغداد وسط كل هذه الضغوط والحملات الإعلامية، ضد الخط السياسي لـ "فتح" وعرفات، كما لو انه رجل المهمات الصعبة الذي اختير بذكاء من عرفات لمواجهة هذا العراك في ملعب على ارض الخصم.
    ولعلني أرى اليوم دلالة رمزية في حفل التوقيع في بيت إسماعيل هنية، على إنهاء هذا الفصل المشؤوم بمثابة رد الاعتبار لهذا الجيل الثاني، وتعبيرا عن إعادة تصحيح مسار خاطئ. وبهذه الضربة اللامعة خرجوا جميعا من مأزق، وأكاد أقول من مؤامرة وخطة كانت تستهدف التخلص من كليهما "فتح" و"حماس" معاً، الأولى بخلق أزمة تمثيل داخلي، والثانية بتطويقها بين كفي كماشة وإنهاء سلطتها في غزة.
    لقد كان الصراع القادم على غزة يلوح في الأفق كنذر مشؤومة في مخطط نتنياهو للهروب من استحقاق المفاوضات في الضفة، وللانقلاب على أبو مازن و"حماس" معا. والذي حدث أن أبو مازن و"حماس" تغديا بنتنياهو واستبقا المؤامرة التي كانت تعني الحاق الهزيمة بهما معاً على مراحل متعاقبة، قبل ان يؤكل الواحد منهم قبل الثاني على طريقة الثور الأبيض. وللإنصاف والتاريخ فإن الفضل في هذه الضربة الاستباقية التي تعني اليوم بداية التحول الفلسطيني، في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم الاستراتيجي المعاكس، لا يعود الفضل فيه الى أحدهما وإنما للإثنين معا أبو مازن وإسماعيل هنية على حد سواء، وهذا ما أغاظ خصومهما وجعل هذه الضربة الثنائية موجعة أكثر.
    إكرام المجلس دفنه
    بقلم: رامي مهداوي – الايام
    اجتماعات... اجتماع.. لقاءات.. مؤتمر.. جلسة... ما فائدة أي "قعدة" لأي مؤسسة إذا ذات المؤسسة جسداً وروحاً وبنيوياً بانهيار... مُنْهارة!! هل الشكل والاسم والبنية أهم من فعل الجسد المؤسساتي؟! من السهل خلق مسميات ومناصب وكراسيّ... أنت عضو في الجمعية، أنت عضو في المؤسسة، أنت عضو مجلس، أنت عضو وهو عضو وهي عضو، أعضاء الوفد المفاوض، أعضاء وفد المصالحة، عضو في النادي، والبعض تجده عضوا في كل شيء بس لو أنه عضو نشيط... يا دوب 3 حبات زُرُق تخليه نشط!! يا جماعة الخير.. نحن شعب أعضاء ودولتنا أصبحت عضوا.
    حاولت النظر الى مفهوم "المجلس" و "العضو" في النظام السياسي الفلسطيني من حيث الدور والمهام والوظائف وعلاقة المجلس بالمجالس الأخرى وخصوصاً أن مجالسنا كثر _والحمد لله_ ما بخفي عليكم بأني تعبت لدرجة ضياعي في مفهوم النظريات الخاصة بالعلوم السياسية التي تختص بالواقعية السياسية، لهذا قمت محاولاً التعرف على حقائق المجالس الفلسطينية كما هي على واقعيتها.
    ولذلك فان تحليل الطبيعة السياسية للمجال السياسي في المجتمع بمكوناته التنظيمية الفردية والجماعية ومؤسساته السياسية وعوامل البيئة المحيطة "بالواقع الفلسطيني" لا تفهم إلا إذا أخذت كل العوامل المؤثر والمتأثر بتفاعل وتداخل لكون أن طبيعة هذا المجال تختلف من دولة إلى أخرى.
    لكن بقراءة سريعة لعدد من التجارب الدولية الشبيهة نوعاً ما بحالتنا، وجدت أن حل الصراعات التي تدب في داخل المجتمع لأسباب اقتصادية، سياسية، ثقافية.....الخ والتي يفترض إيجاد حلول لها إذا ما أريد للمجتمع أن يستمر بالوجود، يفترض وجود قوة منظمة تعمل داخل مؤسسة ما.
    في حالتنا الفلسطينية هناك فائض في المؤسسات والتي تتداخل وتتشابك وتتقاتل في بعض الأحيان فيما بينها سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي. إذن كيف لنا أن نعالج ما يجب علاجه والأدوات التي نعالج بها" المجالس" أكل الدهر عليها وشرب؟! إلا إذا كان المقصود فقط بهذه المجالس هو الشكل أكثر من المضمون.
    اسمحوا لي أن أنظر الى المجالس الفلسطينية من خلال عين العم جون لوك، هذه المجالس غير موجودة في الطبيعة، بل هي من صنع الإنسان أوجدها لخدمة مصالحه، وان هذه المجالس في جوهرها هي سلطة الحرية التي تهدف إلى تحقيق سعادة الإنسان.. وتعني هذه الأفكار أن جذور شرعية الدولة تجد سبب وجودها في حاجة الأفراد الذين ولدوا أحراراً لحماية حريتهم وملكيتهم الخاصة ضد ممارسات السلطة التعسفية. لهذا فان المجالس التي وجدت لابد أن تكون سلطة عدل، وهنا عند العم جان جاك روسو، فبالنسبة له أن الدولة تجد شرعية وجودها من خلال التقاسم المشترك لأفراد مجتمع ما للمصالح المشتركة بتفضيل المصالح العامة على الخاصة في تنظيم المجتمع من خلال تقاسم السلطات، حيث تعتبر إرادتهم المشتركة مصدرا للقانون لأنها تمثل سيادتهم التي لا تعلوها سيادة ثانية.
    وللتعبير عن هذه السيادة فان فكرة التفويض تترجم عملياً تلك الإرادة الجماعية بحكم المواطنين أنفسهم بأنفسهم من خلال ممثليهم المنتخبين في "المجالس" عندما يفوض هؤلاء بالتكلم عنهم لوضع القوانين وصنع السياسة كتعبير عن الإرادة الجماعية.
    وهنا مربط الفرس!! إن أعضاء هذه "المجالس" هرمووووووووا وانتهت صلاحيتهم.. ولا يمثلون المجتمع وربما لا يمثلون أنفسهم، وهنا تسأل المواطن عن وظائف هذه "المجالس" تجده يستغرب من ماهية هذا المجلس؟ وما الفائدة التي يقدمها مجلس "س" له كمواطن!؟ بالتالي أستطيع الادعاء بأن أغلبية أعضاء هذه "المجالس" هدفهم الوحيد الحصول على السلطة بمفهومها الحرفي، وذلك من خلال تبني شعارات ومبادئ قد تكون في بعض الأحيان متناقضة مع وجودها أو مع الأفكار والمبادئ التي تنادي إليها "المجالس" ذاتها، ولإثبات حالة الوجود تجد هؤلاء الأعضاء من فترة الى فترة يخرج لنا بتصريح صحافي ناري، من أجل إشباع الرغبات الذاتية بأنه صاحب سلطة كونه "عضوا" من أجل الحفاظ على مصالحه الشخصية ثم يختفي كأنه في سبات عمييييييييق.
    فحالتنا تنطبق على تحليل روبيرتو ميشيل "إن احتلال القيادات مركز الصدارة داخل الحزب يسمح لها أولا الحصول على السمعة الاجتماعية التي تلعب دورا في الحصول على شرعية تواجدهم في قمة الهرم الحزبي، وثانياً التعرف على آراء المنتمين إلى صفوفهم، مما يسهل عليهم العمل باتجاه إشباع مصالحهم والاستجابة لها، وثالثاً الاستفادة من هذا الموقع أيضا في استخدام وسائل الاتصالات الجماهيرية لجلب الأنظار من حولهم وللتلاعب بالرأي العام".
    بالنهاية أقولها وبكل قوة أن هذه "المجالس" هي بذمة الله، علينا التجديد والتجدد وضخ دماء جديدة لها، وإعادة هيكلتها من جديد بما يتلاءم مع التغيرات التي تمر بها قضيتنا والتغيرات الإقليمية والعالمية، وإعطاء الشعب حقه المقدس بأن يكون شعباً فقط لا غير.... لهذا على الشعب أن يقوم بإكرام هذه المجالس.

    "طلوع" روح لا "حلاوة"
    بقلم: وليد ابو بكر – الايام
    تحتاج إلى صبر حتى تجبر نفسك على استكمال فيلم "حلاوة روح" وأنت تكتشف، لقطة بعد لقطة، أن هذا الفيلم ليس فيه حلاوة ولا فيه روح، خصوصا وأن "روح" هو اسم المرأة التي توصف بهذه الحلاوة، فتخرج التعبير من شاعريته الأصلية، لتستعرض اللقطات جسدها، قطعة قطعة، دون هدف آخر، مهما ادعى صانعو الفيلم غير ذلك.
    الفيلم من أوله حتى آخره، إذا اعتبر له أول أو آخر، مجرّد لقطات تنطلق من قصدية مسبقة، تهدف إلى "إثارة" نمط معين من المشاهدين، لأن محاولة الإثارة بهذا الشكل الفجّ لا تثير. وقد ركبت على هذه اللقطات حكاية سخيفة، فكان كل مضمون الفيلم الصريح يقول: تفرّجوا على تفاصيل حميمة (تبدو لمن اختاروها مثيرة) لامرأة (مطروحة في سوقهم باعتبارها من الجميلات)!
    يكاد الفيلم يعلي من شأن مهنة الدعارة دون تخفّ، وهو يدين المرأة التي تحافظ على شرفها وسط حارة تبيع هذا الشرف، ولا يتوقف فيه من "يسوّق" النساء عن الفخر بالنجاح الذي يحققه في مهنته، وهو يتمنى لابنه، الفتى الصغير، مستقبلا بمثل هذا "النجاح" في "التزبيط"، كما أنه يشرح له "فلسفته" حول الشرف الذي لا يكون إلا فيما يخصّ منزله، أما أعراض الأخريات فهي مجرّد سلع في تجارة يتقنها، وهو يراهن، من خلال خبرته الطويلة، على أن أية امرأة لا تستطيع في آخر الأمر أن تهرب من قدرها أمام هذه الخبرة.
    من الصعب الحديث عن "حلاوة روح" ـ وكلمة يا حلاوة مرتبطة بإحدى لوازم التحرّش الجنسي إلى حدّ كبير ـ كفيلم سينمائي، حتى مع التفكير بتصنيفه في فئة أفلام "البورنو"، وهو ما يميل إليه الظن، خصوصا حين تنظر ممثلته إلى الكاميرا، مقلدة ممثلات تلك الأفلام، (الصريحة في توجّهها، دون أن تدعي حمل رسالة تثقيفية!)، وكأنها تسأل المصوّر (أو المخرج): على أي عضو من الجسد سوف تركز اللقطة التالية، حتى تستعرضه؟ إن ما نشاهده مجرد لقطات فيها مباشرة، وفيها افتعال، وفيها ما هو منفر أيضا، رغم كل تجليات "ما يقترب من العري"، التي تسودها.
    لا توجد في الفيلم سوى أربع شخصيات: رجل يسوّق النساء بقناعة تامة واحترام للذات والمهنة، ورجل يدفع من ماله (الذي لا يتضح من أين يجيء به ـ كتاجر سيارات في حارة صغيرة ـ بالقدر الذي يصرفه)، ثمن الأعراض، وامرأة زوجها غائب، يطمع فيها كلّ طامع، ويطاردها صاحب الخبرة بهدف تقديمها للغني الذي يشتهيها (ويدّعي العشق)، وأخيرا صبيّ، يثير الحزن والأسف، ويثير دوره (واستغلاله) كثيرا من الغضب، لأن عمرَه يُنتهك بهذا الشكل: فهو يشتهي، ويتلصص، ويدعي الحب، والقدرة على الحماية، ويكذب، فيقدم دروسا لمن هم في مثل سنه حول مشروعية كلّ الرذائل التي يمارسها، باعتباره ابن أبيه "الكشخان". أما بقية "الوجوه" في الفيلم، فلا فعل لها، من "أم الزوج الغائب" التي لا فعل لها سوى الصراخ، إلى الموسيقيّ الأعمى، ودوره المفتعل، حتى الراقصة المتقاعدة، التي تمارس تسويق النساء أيضا، في دور أكثر افتعالا.
    تقول حكمة الفيلم إن "كلّ امرأة مومس"، والمرأة التي تحاول أن تصون عرضها لا يكون لها مكان في الحارة "الشريفة" التي لم يخرج الفيلم منها، لأن كل "الأحداث" تجري حول "تكتيكات" محترف المهنة من أجل إلحاق "روح" العصية هذه ببقية النساء، فالشريفة في حارة لا تعترف بالشرف، هي "الخاطئة"، كما أن العاقل في بلد المجانين هو المجنون!
    أما كيف تحافظ على نفسها هذه الشريفة العفيفة وتحفظ فرجها في غياب الزوج، (غير المفهوم، وغير المبرر، ويتبعه طلاق، لا يشار إلى سبب يستلزمه الفن ــ فالفن كله يغيب عن الفيلم تماما)؛ فذلك هو الذي يفجع المشاهد، ولا يثيره قط، رغم أن شكل الفيلم يوحي بأن هذه الإثارة الغائبة هي التي كانت هدفا لصناعه. الفيلم ليس أكثر من امرأة تستعرض تفاصيل جسدها كل الوقت، فحين تفعل أي شيء تنحني، وحين تستلقي، تكشف الزاوية التي يرغب الفيلم في إبرازها، بحركات مفتعلة ليس فيها من العفوية شيء. أما حين تحلم (نائمة أو يقظة)، فإن تعبيرها عن ذلك يكون بما يظنّ الفيلم أنه رقص، وإن كان في الواقع مجرد عرض ـ يريد أن يكون مثيرا ـ لبعض أعضاء الجسد، وكل ذلك يجعل من الصعب إقناع المشاهد بأن "المحافظة على الشرف" يمكن أن تمثلها هذه المرأة.
    وحتى مع تجاوز هذا الخلل الصارخ في كلّ شيء، فإن في الفيلم أمرين يستحقان الإدانة، إلى جانب تهافته الفني الذي لا لبس فيه: الأول هو أن محصلة الفيلم تعلن أن المرأة الشريفة غير مقبولة، ولا تستطيع أن تحافظ على نفسها في هذه الحارة ـ التي تمثل نموذجا لمجتمع بالطبع ـ ولذلك يتمّ اغتصابها بالقوة، بعد تخطيط كامل، وإرادة واعية، وبشكل علني يكاد يكون مقبولا من الجميع، وكأنه حقّ طبيعي في حقها، كما تضطر في نهاية الفيلم إلى مغادرة الحارة (مع إضاءة على الوجه تثير السخرية من سذاجة الإخراج)، بينما يستعرض الرجل الذي اغتصبها رجولته في جلسة مع الأرجيلة، توحي بانتصار كبير، دون ندم أو تأنيب ضمير، وكأنه يعلن بكلّ صفاقة أن "الشرّ" هو الأصل، وأن على "الخير" أن يغادر الساحة.
    الأمر الثاني هو الذي يتعلق بموضوع "انتهاك الطفولة"، وهو صحيح مئة بالمئة، والطفل (وبعض زملائه من الأطفال في الفيلم) يوصل إلى أبناء سنه رسالة شديدة السوء، تبدأ من التلصص على البيوت، وتشهي النساء، والكذب، ومساعدة الوالد في تسويق المجون، والسهر مع الكبار في مجالس المخدرات والنساء، والاستماع إلى كلّ كلمة قبيحة من "لغة المهنة". وكل هذه "السوءات" لا يمكن أن تغفرها محاولة حماية المرأة، لأنها تنبع من شهوة في الأساس، ولا تغفرها معارضة الأب فجأة، لأن فيها كل ما في الفيلم نفسه من افتعال، ومن هدف تسويق ما لا يمكن تسويقه في أي مجتمع، مهما بلغ تحرره، أو حرية العمل الفني فيه، لأن هذه الحرية، في أي مجتمع يحترم نفسه، محكومة بعدم تجاوز ما لا يجوز تجاوزه، من تسليع للجسد، ومن انتهاك لحرمة الطفولة. إن محصلة القول هي أن "حلاوة روح" ليس أكثر من "طلوع" روح في سوق لحم رخيص، لا يستطيع أن يغري حتى الجائعين إلى ما يحاول أن يغريهم به.

    تغريدة الصباح - الأغنية والقذيفة والمليحة
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    على قدر ما أنا شغوف بآداب الروس؛ فإنني لا أعرف من اللغة الروسية، ما يزيد عن تلك الكلمة التي يمكنك فيها الإعراب عن الامتنان: سباسيبا.
    كثيرة هي أغنيات هؤلاء، الشجية والحزينة والبهيجة. لكن "كاتيوشا" ربما تكون عميدة الأغنيات، بمعيار تاريخي، مثلما هي أم الصواريخ التي سُميت باسمها.
    فما وجه للعلاقة بين "كاتيوشا" الأغنية و"كاتيوشا" القذيفة؟! ثمة حكاية بنت ريفية، اسمها "كاترين" ولهذا الاسم عند الروس، تدليع وتصغير. الثاني "كاتيا" بينما يطابق الأول اسم الصاروخ الذي كنت ذات يوم معلماً يشرح كيفية إطلاقه. يعجب واحدنا لسبب إطلاق اسم البنت على القذيفة، إذ كيف تتماهى المليحة الأنثى، الناعسة الحالمة، مع ذكر حارق ذي نيران عشوائية، مثلما توصف "كاتيوشا" القذيفة؟
    سجلات الأغاني، تأخذنا الى المغزى الحقيقي لـ"كاتيوشا" الصغيرة العذراء، والى مناخها الأول. فقد أذيعت الأغنية في خضم الحرب العالمية الثانية، وصدحت بها المطربة الشعبية "راسلانوفا". أما كلماتها فهي لواحد من أهم شعراء روسيا وهو "إيساكوفسكي" الذي تولاه الروائي "مكسيم غوركي" بالرعاية في حياته.
    يُقال إن "كاتيوشا" وهي في طور الشعر وقبل أن تصبح لحناً؛ كانت أنشودة رددها تلامذة المدارس في مناسبات وداع الجنود المتجهين الى الجبهة، لمقاتلة النازيين. وقد رآها القائمون على التعبئة المعنوية، سطوراً تختزل مطولات الحماسة والحب، للوطن وللإنسان فيه. وسأحاول الآن، وقد قرأت كلمات تلك الأغنية بالإنجليزية، وضع مقاربة لمعانيها:
    فيما كانت تُزهر أشجار التفاح والكُمثرى، وبينما كان ضباب الصُبح يهبط فوق مجرى النهر؛ صعدت "كاتيوشا" الصبية الى حافة ناهدة، فرأت الضباب يلف النهر. بدأت تغني من علوْ، وتستذكر النسر الشامخ في السهول. استحضرت طيف الحبيب الغائب، الذي خبأت رسائله الرقيقة اليها في موضع مصون. فيا أيتها الأغنية القصيرة التي سطعت بها الفتاة الصغيرة المليحة؛ طيري وتتبعي خيوط الشمس. حلّقي كطائر حتى تصلي الى الجندي المحارب على الحدود البعيدة. أوصلي له السلام من "كاتيوشا". فربما يتذكر هو الحالمة القروية ويسمعها كيف تغني. لعله يحمي وطنه الأم مثلما تحمي "كاتيوشا" الحب الذي بينهما.
    * * *
    على أجنحة المشترك الإنساني، بين الأمم، وفيه الكثير من مشاعر العشق لكل وطن، ومن إحساس النفس البشرية بكراهية الطغاة المتجبرين الأوغاد، الذين يجافون حقوق الشعوب وكراماتها؛ طارت "كاتيوشا" الى إيطاليا وإسبانيا وحطت في الولايات المتحدة التى أعاد فيها مقدمو أغنيات الضجر الاجتماعي، ومبغضو التوحش الرأسمالي، توزيع لحن الأغنية نفسها، وإخراجها على النحو الذي يلائم حروبهم ضد التهميش والإقصاء والاستعلاء الطبقي. قبلهم، كان الطليان، يرشقون فاشيي بلادهم ونازيي ألمانيا، بالأغنية نفسها. أما الإسبان، فقد جعلوها نشيداً وهم يقاتلون ضد الفاشيست في الحرب الأهلية. تضاءل الصاروخ الأول الذي تنازل لـ "كاتيوشا" الحنونة، عن اسمه الأول (بي 8 عيار 107 ملم) وبات عاجزاً، لكن اللحن والمعنى والأغنية والمليحة، ظلوا حاضرين على الشفاه جاهزين للإطلاق. الفتاة الريفية تحفظ رسائل المحارب. أما الريف ومعه المدينة، فإنهما يحفظان رسائل الوطن ومدركاته وأسراره. قبة حديدية، يمكن أن تعترض "كاتيوشا" القذيفة، لكن كل قباب الفولاذ، لا تحمي ظالماً ظلامياً استعمارياً، مما يضطرم في وجدان شعب أو أمة. أما نواطير الهوان والصِغر والامتثال؛ فإنهم ذاهبون حتماً.
    عند حافة ناهدة، تطل على نهر الحياة والتاريخ، سوف تقف الأمم البريئة الحزينة التي جُرحت كراماتها، لتتأمل هذا الضباب الذي يلف راهنها. تماماً مثلما رأت "كاتيا" الصغيرة، الضباب الذي يلف النهر، فتوعدته بشمس طاردة. ترسل الأمم للأجيال التي أحبت أرضها وحفظت ذاكرة وطنها ورسائله، أغنية قليلة الكلام عميقة المعنى. لقد ترعرع الفاشيون والنازيون والإمبرياليون الظالمون، وظنوا في أسابيعهم المشمشية، أن الدنيا والمستقبل قد انعقدا لهم، وأنهم ماكثون على صدور ضحاياهم الى الأبد. أين هم اليوم؟ ليتهم ظفروا بما ظفرت به القمامة في مزابلها الأنيقة، الموزعة في شوارع الأمم الهانئة. متفائلون نحن على الرغم من كل الإحباطات. إن غابت "كاتيوشا" النيران العشوائية، وعزّت النيران المُحكّمة؛ فإن "كاتيوشا" الأغنية وقلب المليحة ـ الأمة، سيتكفلان بإنصاف المستضعفين.
    المصالحة في ضوء المتغيرات السياسية
    بقلم: د. إيهاب بسيسو – الحياة
    إمكانية أن تكون المصالحة مدخلاً لحالة سياسية فلسطينية جديدة وارد في ظل المتغيرات السياسية المحلية والاقليمية، فخارطة المشهد السياسي المتغيرة عربياً تنعكس وبشكل تدريجي على ديناميكة السياسة الفلسطينية المحلية، كما أن التحديات السياسية على صعيد المفاوضات تدفع باتجاه تعزيز القدرات السياسية الداخلية، للحد من ضعف البنية السياسية الفلسطينية بسبب سنوات الانقسام. في هذا السياق تبدو التوجهات العامة للمصالحة ايجابية وملائمة لطبيعة المشهد السياسي بتكويناته الدولية والعربية والمحلية، وهي تختلف عن كل المحاولات السابقة باختلاف طبيعة المشهد العربي، واختلاف التوجهات الداخلية.
    يمكن القول إن الحالة السياسية هذه المرة تتميز عن سابقاتها في سياقها الاستراتيجي العام وهي بحاجة إلى دعم جاد للدفع باتجاه خلق واقع سياسي فلسطيني بديل للانقسام، لهذا فإن أي محاولة أو ذريعة لعرقلة هذه الجهود التي انطلقت مجددا مع التوقيع في غزة ستؤدي إلى تكريس الخلل البنيوي في الجسم الفلسطيني السياسي والمجتمعي.
    في المقابل فإن إنجاح المصالحة على المستوى السياسي والمجتمعي (بتنوعاته السياسية والإعلامية والثقافية) في ظل المتغيرات المختلفة يشكل بداية حقيقية لرسم مسار سياسي مغاير للحالة الفلسطينية في السنوات الماضية، رغم كل ما قد يبدو من صعوبات أو تحديات على صعيد آليات تنفيذ اتفاق المصالحة في الإطار الإجرائي أو المؤسساتي.
    إن النظر - بشكل جزئي - إلى التراكمات السياسية الماضية، وما نتج عنها من مواقف وتجاوزات كرَّست حالة الانقسام وأفضت إلى مناخ سياسي فلسطيني يتسم بالثنائيات الحادة، قد يكون بحاجة إلى نظرة موازية تهتم بتقليص الآثار السلبية التي انعكست على الرأي العام الفلسطيني، هذا التوجه الموازي يتمثل بامكانية الدفع قدماً - رغم كل العراقيل والتحديات - باتجاه الخروج من واقع الاكتفاء بتشخيص الحالة وتحليل نتائجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، إلى إمكانية تغيير طبيعة الواقع السياسي بالانتقال من مفهوم إدارة الانقسام إلى آليات انهاء الانقسام.
    إن النظرة المقترحة الموازية تسعى إلى تغليب الرؤية الوطنية العامة لتشمل التوجهات الاستراتيجية الفلسطينية على الصعيد الدولي، فقد شكل التوجه إلى الأمم المتحدة والحصول على مقعد دولة مراقب، مدخلاً استراتيجياً على صعيد العمل السياسي الفلسطيني الدولي، هذه الخطوة التأسيسية أفسحت المجال لغلاف سياسي دولي يحصن الحالة الفلسطينية بالقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، ونقلت المشهد السياسي الفلسطيني من حالة شعب تحت الاحتلال إلى حالة دولة تحت الاحتلال، بالتالي فإن خطوة التوقيع على 15 معاهدة دولية مؤخراً جاءت لتعزيز هذا التوجه السياسي ضمن الغلاف الاستراتيجي الفلسطيني كخطوة مرحلية وتدريجية نحو دخول الدولة الفلسطينية الأسرة الدولية بشكل مؤسساتي فعّال يعزز الحضور الفلسطيني من خلال المجال الملائم سياسياً.
    إن الانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية يمثل انتقالة نوعية في طبيعة العمل السياسي الفلسطيني على المستوى الدولي وذلك من خلال تفعيل آليات العلاقات الخارجية بشكل مؤسساتي ضمن القوانين الدولية من أجل دعم الموقف الفلسطيني في سعيه للوصول إلى الحرية والاستقلال.
    وباعتبار أن هذه الحالة تمثل مدخلاً استراتيجياً للمشهد الفلسطيني على المستوى المؤسساتي الدولي، فإن المصالحة تمثل في المقابل المدخل الأبرز على صعيد المشهد السياسي المحلي، وبالتالي فإن دعم المصالحة بتوفير المناخ المناسب سياسياً لإجراء الانتخابات يعيد الحيوية إلى المؤسسة الديموقراطية الفلسطينية وينقذ المشهد الفلسطيني من تداعيات الانقسام ويعزز من الحضور السياسي الفعّال بإعادة الاعتبار إلى قدرة المؤسسة الفلسطينية على مواجهة التحديات وذلك بالاستناد إلى موقف وحدوي فعال يعزز التوجهات الاستراتيجية الفلسطينية في المرحلة المقبلة.
    الرد على الجنون الاسرائيلي
    بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
    الاتفاق التتويجي لاتفاقات المصالحة السابقة يوم الاربعاء الماضي بين فصائل منظمة التحرير وحركة حماس اطلق صرخات الجنون الاسرائيلية والاميركية ضده، لانه وجه لطمة قوية لخيارهم الاستراتيجي، الهادف لتأبيد الانقلاب والتشرذم في صفوف الشعب الفلسطيني كمقدمة لتبديد المشروع الوطني.
    الجوقة الاسرائيلية بدءا من رئيس الحكومة نتنياهو ومرورا بليبرمان وبينيت وارئيل وصولا للبيد وتسيبي ليفني، صرخت بأصوات وردود فعل منددة بالاتفاق، ورافضة له، ووضع اتفاق المصالحة وكأنه يتناقض مع خيار التسوية والسلام، داعية لتخلي القيادة عموما والرئيس محمود عباس عنه وإلا فالويل والثبور وعظائم العقاب، وبدأت باجراءات عقابية، وجميعها معروفة وليس فيها جديد، مثل: وقف المفاوضات (وكأن هناك مفاوضات بالمعنى الدقيق للكلمة) ووقف تحويل اموال المقاصة ووقف التسهيلات الممنوحة للسلطة والمواطنين والشروع بقصف ابناء الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب كما حصل في بيت لاهيا يوم اعلان الاتفاق، وحدث ولا حرج عن اعلان العطاءات وزيادة الاستيطان... إلخ
    المواقف الاسرائيلية تعكس بشكل واضح وعميق اهمية استمرار الانقلاب على الشرعية، لانها تعتبره خيارا استراتيجيا في برنامجها السياسي لتصفية القضية الوطنية أو على اقل تقدير تقزيم الأهداف الوطنية في نطاق الإمارة الغزية مع حكم اداري هلامي ومشوه في محافظات الشمال. وهو ما يفرض على القوى المختلفة دفع الخطوات الوحدوية للامام، وقطع الطريق على كل المنغصات والقنابل الموقوتة، التي شاء البعض دسها في نطاق الحوارات التفصيلية لتنفيذ الاتفاق المذكور. وعدم الالتفات لردود الافعال الاسرائيلية، أو التوقف امامها، لأن وحدة الشعب والارض الفلسطينية اولوية وطنية لا تعلو عليها اولوية اخرى، وكون الوحدة الوطنية اساساً لخيار التسوية السياسية، ولا يمكن استثناء اي جزء من الاراضي المحتلة عام 1967 من مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
    كما ان القيادة الاسرائيلية بمكوناتها المختلفة، تعلم ان الوحدة الوطنية شأن داخلي وطني لاصلة لها به. وكما في اوساط المجتمع الاسرائيلي قوى سياسية وفكرية من أقصى اليمين واليمين والوسط واليسار، يوجد في الشعب الفلسطيني قوى من اتجاهات ومشارب مختلفة تمتد على مساحة العقائد الدينية والمشارب الفكرية والسياسية القومية والوطنية والليبرالية واليسارية، أم ان إسرائيل وأميركا تريد ان تفصل الشعب العربي الفلسطيني على مقاس رؤاها ومشروعها الاستيطاني؟
    بالنسبة للموقف الاميركي المتعارض مع المصالحة، اولا مرفوض جملة وتفصيلا، لأن اميركا بمعارضتها المصالحة ووحدة الارض والشعب، تتساوق مع إسرائيل وسياساتها التدميرية لعملية السلام، كما انها تعلم دون اي جهد كبير، ان المصالحة شأن داخلي فلسطيني، وآن الاوان ان تكف اميركا عن لعب دور البلطجي في حياة الشعوب، وعليها ان تتجه نحو سياسات اكثر عقلانية ودعما لحرية واستقلال ارادة شعوب الارض وخاصة الشعب الفلسطيني، الذي يئن تحت نير الاحتلا ل الاسرائيلي الاخير في العالم. فضلا عن ان الحكومة التي سيقودها الرئيس ابو مازن، هي حكومة تلتزم بخيار السلام ليس لسواد عيون اميركا واسرائيل، بل لأن السلام، هو خيار القيادة والشعب الفلسطيني، وتلتزم بقرارات الشرعية الدولية وتعترف باسرائيل، وبالتالي على الادارة الاميركية ان ترتقي الى مستوى دورها كراعي لعملية السلام، لا ان أداة تخريب وتفجير للتسوية السياسية كما ربيبتها وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل.
    المصالحة والوحدة الوطنية لا تتعارضان مع خيار السلام، بل تعززه وتدعمه، في حين الانقسام والانقلاب على الشرعية يهدده حتى لو خدم مؤقتا مصالح اسرائيل واميركا، لكنه بالمعنى الاستراتيجي يضرب ركائز السلام، لانه ينتج كل عوامل تفجير المنطقة.
    فهل تدرك اميركا واسرائيل خطر دعم الانقلاب والتشرذم داخل صفوف الشعب الفلسطيني؟

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 572
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-10, 08:58 AM
  2. اقلام واراء محلي 571
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-10, 08:56 AM
  3. اقلام واراء محلي 570
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-09, 12:16 PM
  4. اقلام واراء محلي 569
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-09, 12:15 PM
  5. اقلام واراء محلي 298
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:20 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •