النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 12/05/2014

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء محلي 12/05/2014

    في هذا الملـــــف:
    مسؤولية الحكومة والجهاز التعليمي -التربوي
    بقلم: حديث القدس - القدس
    ضرورة المصارحة... بعد المصالحة
    بقلم: رائد دحبور – القدس
    مجرمو "بوكو حرام" ... والموقف المطلوب!
    بقلم: د. خالد الحروب – الايام
    فلسطين: دولة الأمر الواقع
    بقلم: عاطف أبو سيف – الايام
    تغريدة الصباح - تدفيع الثّمن
    بقلم: محمد علي طه – الحياة
    فلسطين و"نكبة البرامكة" (1 من 2)
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    تعيينات تقهر الناس
    بقلم: د. سفيان ابو زايدة
    مسؤولية الحكومة والجهاز التعليمي -التربوي
    بقلم: حديث القدس - القدس
    النبأ الذي تناقلته وسائل الاعلام المحلية واكدته مصادر رسمية ومفاده ان اربعين الف خريج وخريجة تقدموا امس الاول لامتحان توظيف أجرته وزارة التربية والتعليم للتنافس على ثمانمائة وظيفة فقط ، هذا النبأ يثير الصدمة والذهول ويعكس الحالة المأساوية التي يعيشها خريجو الجامعات من جهة كما يكشف حالة التخبط وفقدان استراتيجية تعليمية واضحة تأخذ بالاعتبار الواقع الذي نعيشه واحتياجات المجتمع في مختلف التخصصات .
    السؤال الاهم الذي يطرح بهذا الشأن هو : من الذي يتحمل مسؤولية هذا الكم الهائل من الخريجين العاطلين عن العمل وهذه الفوضى في التخصصات الزائدة عن حاجة القفطاع التربوي - التعليمي؟ وبالمقابل من هو المسؤول عن النقص الواضح في نخصصات عدة يحتاجها مجتمعنا وخاصة في الجانب المهني - التقني؟!
    هذه التساؤلات تزداد اهمية في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن بناء دولتنا المستقلة العتيدة ، وعندما نقول بناء فان ذن ذلك يعني وضع اسس متينة لنهضة وتطور المجتمع والدولة بما ينسجم مع التطور العلمي - الصناعي العالمي وكذا التكنولوجي وبما يخلق مجتمعا قادرا على الانتاج وبما يخلق مجتمعنا قادرا على الانتاج والتقدم .
    ان ما يجب ان يقال هنا ان الازمة التي نعيشها الخريجون وهي احد اهم مظاهر ازمة الوضع التعليمي- التربوي من بلادنا يقف ورائها عدة اسباب تبدأ من مسؤولية الحكومة والجهاز التربوي التعليمي بما في ذلك وزارة التعليم العالي وصولا الى مسؤولية الاحتلال خاصية ما يتعلق بالتدهور الاقتصادي ومحاولة منع اي تطور صناعي - تكنولوجي في فلسطين وكذا وصولا الى بعض جوانب الثقافة المجتمعية التي تدفع بالفتاة في غالبية الاحيان الى قطاع التعليم لتصبح مدرسة او معلمة وهو ما يشير اليه المعطى الذي يؤكد ان اكثر من 80 ٪ من الخريجين الاربعين الفا الذين تقدموا للامتحان هم من الاناث .
    الحكومة مسؤولة لأنها لم تضع استراتيجية طويلة المدى لضبط عملية التعليم الجامعي بما ينسجم واحتياجات المجتمع الفلسطيني ومتطلبات بناء دولتنا العتيدة، بحيث بات الخريجون الاكاديميون بمئات الآلاف بلا وظائف في مجالات تخصصهم في الوقت الذي تم فيه اهمال اهمية التعليم المهني - التقني ومختلف مجالات التعليم التكنولوجي الضرورية اذا كنا نطمح فعلا في بناء وتطوير دولة قادرة على النهوض الاقتصادي والتطوير الصناعي - التكنولوجي بما يغنيها عن استمرار العيش على المساعدات الخارجية.
    والجهاز التربوي - التعليمي بما في ذلك وزارة التعليم العالي مسؤولة ايضا عن هذا الفشل فعلا فلا يعقل ان يبقى هذا الجهاز مكتوف الايدي في الوقت الذي يزداد فيه عدد العاطلين عن العمل من الخريجين سنويا بعشرات الآلاف ممن يحملون تخصصات فائضة عن حاجة المجتمع المحلي وفي الوقت الذي نرى فيه بوضوح النقص في مجال التعليم المهني - التقني التكنولوجي وفي ظل غياب جامعات او مؤسسات تعليم عال في هذه المجالات رغم محدودية ما يوجد لدينا بهذا الشأن.
    ولذلك فان على الحكومة ووزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم القيام بمسؤوليتها بهذا الشأن بما يصلح الخلل الواضح القائم وبما يعالج الازمة التي يعيشها الخريجون كل عام .
    كما انه يجب الاشارة الى ضرورة معالجة الخلل في بعض اوجه الثافة المجتمعية السائدة بالتركيز على تخصصات معينة دون غيرها وخاصة للفتيات وهي مسؤولية مجتمعية شاملة ايضا للحكومة وللجهاز التربوي التعليمي دون اساسي في تصحيح المسار بهذا الشأن .
    وفي المحصلة حان الوقت كي تكون الحكومة والجهاز التربوي والتعليمي تكثر فاعلية في معالجة الازمة القائمة واخذ دورها بما ينسجم مع مصلحة الوطن العليا ومصالح ابنائنا وبناتنا الخريجين.
    ضرورة المصارحة... بعد المصالحة
    بقلم: رائد دحبور – القدس
    لا شك انَّ المصالحة التي تمت مؤخَّراً بين كلٍّ من حركتي فتح وحماس تُمَثِّلُ ظاهرة صحيَّة وصحيحة، كما أنَّها تُمَثِّلُ ضرورة وطنية ملحَّة، وهذا يعتبَرُ جيداً بكل المقاييس وبغض النَّظر عن كل الظروف الذاتية والموضوعيَّة المحيطة بالواقع وبالشان الفلسطيني الدَّاخلي..
    ولكن لكي تقف هذه المصالحة على قدمين ثابتتين، ولكي تتجاوز الإختبارات الجدية التي ستواجهها داخلياً وموضوعياً، ولكي تستقر كواقعٍ مُعاش فعلا بحيث يمكن استثماره وطنياً، وليس فصائلياً أو فئوياً، فإنَّها ومن حيث المفهوم، يجبُ، إبتداءً، أن تستقر في العقل والوجدان الوطني الجمعي كضرورة وطنيَّة وكهدفٍ أعلى له كل الأولويَّة وكواقِعٍ صحيٍّ وطنياً واجتماعيَّاً وكجزءٍ أساسي من الثَّقافة الوطنيَّة، ويجب أن تتجسَّد على مستوى السلوك كواجبٍ لا فكاك من إمضائه.
    انَّ هذا الجانب يملكه الفلسطينيون بإرادتهم، أي أنَّ ذلك يقع ضمن دائرة المُستطاع الفلسطيني، بمعزلٍ عن المعيقات، أو على الأقل هو الشرط الضروري الواجب التحقق لامتلاك القدرة على التعامل مع العوائق والمطبَّات في الطريق، بحيث لا تؤدِّي هذه المطبَّات الى الإنحراف عن الجادِّةِ الصحيحة، والخروج الى هوامش الطريق مرَّةً بعد مرَّة، بما تحويه من تشويشات ومصاعب، ستؤدِّي فيما تؤدِّي، الى تفعيل قانون ومنطق القصور الذِّاتي، الذي سيفضي حتماً الى التوقُّف دون الوصول الى الهدف المرجو.
    هذا يتطلَّب من الجميع وتحديداً من كلٍّ من حركتي فتح وحماس أن تكونا مستعدَّتان لدفع الإستحقاقات والتنازلات الضروريَّة، على مستوى إخلاء بعض المساحات التي كانت كل منهما تُصِرُّ على التمسُّك بها، والى ترك منطق الوقوف طويلاً عند مناقشة التفاصيل الصغيرة، مما يفضي الى سيادة منطق المناكفة مُجدَّداً والى التنافس على تسجيل المواقف ضمن مساحاتٍ تقع على هامش الأولويَّات الوطنيَّة، وتحديداً فيما يخص المسائل الإجرائيَّة والشَّكليَّة والبروتوكوليَّة، ومنها ، على سبيل المثال، قانون الإنتخابات الذي دار ويدور الحديث حول تعديله من قانون مزدوج يجمع بين التمثيل النسبي والتمثيل المناطقي ضمن نظام الدَّوائر الإنتخابيَّة المنفصلة، كما جرت وفق انتخابات المجلس التشريعي الأخيرة عام 2006 ، أو إجرائها وفق قانون القوائم النسبيَّة الذي يقضي بجعل الوطن ، شرقي القدس والضفة الغربية وغزة، دائرة انتخابيَّة واحدة.
    يجب أن يصارح الجميع نفسه بحقيقة أنَّ منطق الجدل حول التفاصيل وحول الشكليَّات، وأنَّ تقديم منطق التنافس خارج مساحات وحدود الأولويَّات الوطنية الجامعة، ومصالح المجتمع الفلسطيني بعمومه؛ كانت هي السبب الأساسي وراء سيادة حالة الإنقسام طيلة السنوات الماضية. وبالتَّالي فإنَّ المطلوب من الجميع أن يقف حيال تلك الحقائق الموقف المسؤول وطنياً وأخلاقيَّاً وتاريخيَّاً.
    وقبل ان يتم الإغراق في النقاش حول قانون الإنتخابات، يجب على الجميع أن يقف أمام حقيقة وأهميَّة السؤال المتعلِّق بموقف إسرائيل من موضوع إجراء الإنتخابات، وكذلك بالسؤال المتَّصل بأهميَّة موقف وبمدى حماس الأسرة الدولية وبمدى قناعتها، وخاصة الرباعية الدولية والولايات المتحدة، حيال اهميَّة وضرورة إجراء إنتخابات جديدة في مناطق السلطة الفلسطينية، وبمدى اقتراب أو توافق أو افتراق موقف تلك الدول حيال أهميّة وضرورة إجراء الإنتخابات في هذه المرحلة، وهل أنَّ البيئة الدولية والإقليمية التي توفَّرت عام 2006 وكانت داعمة وراعية لإجراء الإنتخابات يمكن توفيرها مجدداً، في ظل خيبة الأمل الكبيرة والفشل على صعيد المفاوضات، وعلى ضوء تجربة الإنتخابات السَّابقة وما أفضت إليه من نتائج ووقائع ؟!.
    من وجهة النظر المنطقيَّة والواقعية والعمليَّة، لا يمكن أن تجري الإنتخابات بسهولةٍ وبسلاسة، وخاصَّة في مناطق الضفَّة الغربيَّة، والأهم من ذلك في القدس، دون أن توافق إسرائيل على ذلك، أو على الأقل أن تقف من ذلك موقف الحياد السلبي، أي بمعنى أن لا تعترض على إجرائها أو تحاول إعاقة مجرياتها. ومن المؤكَّد أنَّهُ ودون توفُّر مقدار كبير من الضَّغط الدولي لن تُغيِّر إسرائيل من موقفها، ومن المُرجَّح أنّ إسرائيل، واستناداً الى تجربة الإنتخابات الفلسطينيَّة السَّابقة والدُّروس والعبر التي استخلصتها إسرائيل منها، ستقوم هذه المرَّة ببناء موقفها على أساس قراءَتها الخاصَّةِ بها للواقع الفلسطيني، وعلى أساس تقديرات أجهزتها الأمنيَّة، ومراكز الأبحاث المتَّصلة بها، للنتائج المتوقَّعة للإنتخابات، محاولة التقليص والتخلُّص قدر الإمكان من التَّأثُّر بوجهات النظر الإقليميَّة والدولية والأمريكية فيما يتعلَّق بذلك الأمر كما حصل في المرَّة السَّابقة، في عهد حكومة إيهود أولمرت.
    من الواضح أنَّ الحكومة الإسرائيلية وحتَّى الآن وربَّما لفترة طويلة قادمة، ومن خلال التصريحات العلنيَّة والإجراءات العملية، تعترض على تشكيل الحكومة الفلسطينية إبتداءً، كما أنَّها تبعث برسائل واضحة، وتشير الى انَّها لن توافق مرَّةً اخرى على إجراء انتخابات تُشارك فيها حركة حماس دون أن تلبِّي الشروط الإسرائيلية، والأمريكية والأوروبيَّة، والمتمثلة بالإعتراف بإسرائيل وبنبذ العنف، والإقرار بالإتِّفاقيَّات السابقة المبرمة بين السلطة الفلسطينيَّة وإسرائيل.
    وكما أنَّ إجابة حركة حماس على تلبية تلك الشروط، بوضوح ودون لبس كما يطلب منها، ما زالت الرَّفض، ومع محاولة حركة حماس وكذلك محاولة السلطة الفلسطينية تجاوز الوقوف عند تلك الشروط، تُصِرُّ إسرائيل مجدداً عليها وبشكلٍ أكثر إلحاحاً هذه المرَّة ودون القبول بأنصاف مواقف كما تراها هي، وعلى الأرجح أنَّ موقفها هذا سيحظى مجدداً بتأييد الولايات المتحدة ومجموعة الرُّباعيَّة الدَّوليَّة، وهنا يجب التنبيه الى ضرورة استثمار والإستفادة من موقع وموقف روسيا، كونها عضوا في الرُّباعيَّة الدولية، وعلى ضوء ما جرى ويجري من وقائع تؤشِّر الى تنامي الدَّور الرُّوسي في مجريات السياسات الدولية والإقليميَّة.
    حيال ذلك لا بُدَّ من مواجهة الحقائق، والنَّظر إليها، والتعامل معها كما هِيَ، وأوَّلُ هذه الحقائق يتعلَّقُ بأهميَّة التوافق على برنامج وطني شامل بحدِّه الأدنى على الأقل يكون جامعاً وقاسماً مشتركاً أعلى لكافَّة البرامج الجزئية أو الفصائلية، دون أن يتم التعامل مع موضوع الإنتخابات كما لو أنَّه شأنٌ يتعلَّق فقط بقياس وبإثبات الوزن النِّسبي للفصائل، بحيث يتم تقديم برامج انتخابيَّة غير واقعيَّة هدفها بالدَّرجة الأولى دعم الإفتراضات التي تؤدِّي الى تحقيق ذلك الهدف، المتمثِّل بالحصول على أكبر عدد من الأصوات، ودون مراعاة آليات تنفيذ وتطبيق تلك البرامج النظرية.
    وثاني هذه الحقائق يتَّصِلُ بأهميَّةِ توفُّر المرونة في تناول الإجراءات والقوانين التي قد تتيح تجاوز العوائق الإسرائيلية، وذلك في أمرين هامَّين، هما:
    1: مسألة تشكيل الحكومة، التي يجب أن تكون فعلاً حكومة بتركيبتها ووظائفها بعيدة عن الإستقطابات السياسية، ودون اعتبارها مساحةً للتقاسم وموضوعاً للتنازع والتنافس، وأن تكون ذات تركيبةٍ مهنيَّة أوتوقراطيَّة جوهريَّا وفعليَّاً وليس شكليَّاً.
    2: والمسألة الثَّانية هي تلك المتعلَّقة بالتعديل الذي يمكن أن يتم على قانون الإنتخابات، بحيث يصبح الوطن دائرة انتخابيَّة واحدة، مما يتيح إجراء الإنتخابات لكافَّة المرشحين ضمن القوائم النسبيَّة بغض النَّظر عن الفواصل الجغرافيَّة، والمعيقات التي يمكن ان تنشأ بسبب ذلك، وخاصّةً فيما يتعلَّق بالقدس، وبضرورة توفير أكبر قدر ممكن من المشاركة في اختيار القوائم الإنتخابيَّة على أساس برامجها وليس على أساس شخوصها، وبحيث يوفِّرُ هذا النظام الإنتخابي عبوراً وتجاوزاً لحواجز الجغرافيا التي يفرضها واقع السيطرة الإسرائيلية.
    المطلوب من الجميع التعاطي مع نِظام الدَّائرة الواحدة، وخصوصاً من جانب حركة حماس، على أساس أهميَّته الواقعيَّة والعمليَّة والسياسيَّة والقانونيَّة، وليس على أساس مقدار ما يوفِّره أو لا يوفِّره من فرصٍ انتخابيَّة لأي طرفٍ كان.
    والأمر الأكثر اهميَّة من بين كل ما تم الإشارة إليه، هو ضرورة مراجعة تجربة انتخابات عام 2006 وما تمخَّضت عنه من نتائج ووقائع، وأهميَّة أخذ العبرة من الخطأ الذي تمَثَّلَ في عدم حساب ورؤية وتقدير الخطوة التالية لما بعد الإعلان عن نتائج الإنتخابات، فيما لو حصلت، ضمن ظروفها التي لن تكون على الأغلب مريحة موضوعيَّاً.

    مجرمو "بوكو حرام" ... والموقف المطلوب!
    بقلم: د. خالد الحروب – الايام
    بوكو حرام حركة دينية نيجيرية مهووسة وبالغة التطرف تأسست منذ اكثر من عقد من السنوات بهدف تحريم التعليم الغربي وملاحقة الطلبة والطالبات وحرق المدارس على رؤوس الدارسين فيها. بوكو حرام تعني "التعليم الغربي حرام" ولحظر هذا التعليم تقوم الحركة بالذبح شمالا ويمينا، وبالحرق طولا وعرضا. واليوم توسع وتنوع من قائمة جرائمها لتمتد إلى خطف البنات وبيعهن. ربما كانت هذه الحركة اكثر حركة في تاريخ الاسلام والمسلمين انحطاطا واجراماً، وتنافس في اجرامها وسخف افكارها كل من سبقها وكل من عاصرها من جماعات متطرفة اخرى, لأنها تجمع سخف الافكار إلى دموية الإجرام في منظومة واحدة. المعلم الاشهر في "جهاد" هذه الحركة هو الهجوم على المدارس والكليات وخاصة الداخلية وقتل الطلبة وهم نيام ورميا بالرصاص. لكن التطور الاخير والانتقال الى الخطف نقل النشاط الدموي للحركة إلى مستوى جديد. فزعيم العصابة اعلن منذ عدة ايام ان الفتيات المخطوفات سوف يعاملن كسبايا ويتم بيعهن او تزويجهن بالقوة.
    مطلوب اكثر بكثير من مجرد الإدانة واصدار البيانات والفتاوى التي تقول ان الجماعة المجرمة التي تسمى بوكو حرام وافعالها لا تمت لدين او لخلق او لإنسانية بصلة. خطف مئات الصغيرات بإسلوب غادر وجبان ثم الاحتفاظ بهن والتبجح بالتخطيط لبيعهن هو سلوك يشل اللغة عن الوصف. مطلوب تضامن اوسع واعمق في العالم الاسلامي مع المخطوفات البريئات واهاليهن, ومطلوب التعبير المكثف عن هذا التضامن. اعلاميا وشعبيا وسياسيا, وعلى الاقل في البلدان العربية, ليس هناك سوى التغطية الاعلامية والإدانات الرسمية الجافة والتصريحات الدينية التي تدين الجريمة وتبتعد عنها, وكل ذلك وبرغم اهميته، يحدث خارج الحدث ولا ينخرط فيه بعمق وقوة. لكن كيف يمكن الإنخراط في الحدث وما هو التعبير المطلوب؟ الإجابة على هذا السؤال يمكن استنباطها عبر قلب الفاعل والمفعول به وإفتراض ان هناك جماعة اصولية مسيحية في نيجيريا اختطفت عدة مئات من بنات المسلمين وتهدد ببيعهن والإتجار بهن. عند ذلك ماذا سيكون الموقف وكيف سيكون رد الفعل في البلدان العربية والاسلامية, رسميا وشعبيا ومنظماتياً؟ ستخرج بطبيعة الحال مظاهرات كبيرة تندد بالفعل الاجرامي وتطالب بتحرير الفتيات، وتحمل الحكومة المعنية مسؤولية سلامة المخطوفات. وسوف تندلع الاحتجاجات امام السفارات النيجيرية في العالم الاسلامي وبعضها سوف يتعرض للإعتداء بل وربما الحرق. وبطبيعة الحال سوف تقفز وسائل الاعلام المتلفز منها والاجتماعي لنقل كل ما له علاقة بالحدث من قريب او بعيد، وتخصص له لقاءات اعلامية على مدار الساعة. واستيعابا للحالة الشعبية الغاضبة والاعلام الملتهب سوف تضطر الحكومات الاسلامية والعربية لإتخاذ خطوات او على الاقل بيانات تضامنية تقترب من الحس الشعبي الجارف. على صعيد المنظمات غير الحكومية والجمعيات الاسلامية وغيرها سوف تنظم حملات تبدأ من التبرع للمال دعما لعوائل المخطوفات ثم تمتد لتشمل كل شيء.
    في ضوء هذه الاجابة المتوقعة على الحدث الافتراضي الذي يقلب شكل الحدث الحقيقي الواقع اليوم نستطيع ان نرى قصور رد الفعل العربي والاسلامي, وضرورة ان يتطور ويأخذ اشكالاً فعالة, او على الاقل منخرطة ومتفاعلة معه. وعلينا ان نقول انه في ضوء السجل الاسود الذي ابدعت في تسطيره جماعات الارهاب والاجرام التي تقوم بما تقوم به وتنسبه للدين والجهاد فإن الحاجة تزداد إلى رد فعل متفاعل ومتضامن مع المخطوفات واهلهن ومع نيجيريا بشكل عام ضد العصابة المتوحشة التي تروع الآمنين في شمالها. فهنا وخلال العقدين الماضيين او اكثر تم ترسيم صورة شائعة عناصرها هي التالية: اقلية صغيرة جدا في العالم الاسلامي تنفذ اجراما وإرهابا في طول وعرض العالم بإسم الاسلام والمسلمين, بينما الغالبية الكاسحة من المسلمين بريئة ولا علاقة لها بما يتم من اجرام ينُفذ بإسمها. لكن هذه الغالبية تكتفي بالصمت او الإدانة الخافتة لما يحدث, ليس لأنها موافقة عليه, بل بكل بساطة لأنها كسلى ولا أبالية وتعتقد ان بإمكانها ان تواصل العيش في نفس السفينة التي تعمل تلك الاقلية المجرمة على خرقها وتوسيع الثقوب في قعرها. بالتالي فإن نواتج ومنعكسات الاجرام الاقلوي تعود على الاغلبية ودينها وصورتها, ولذلك صار "العربي والمسلم" وليس فقط متطرفو الجماعات المسلحة ارهابي في كل مكان يذهب اليه. صوت التفجيرات المرعبة هو الذي يرتفع في العالم تحت رايات تحمل شعارات اسلامية, بينما صوت الغالبية الكاسحة مبحوح او غير موجود اصلا.
    مطلوب ان يتحرك الناس بفعالياتهم المدنية وغيرها ويعلنوا تضامنهم مع المخطوفات: ان تتوجه وفود منهم مع الاعلام الى السفارات النيجيرية لتقدم عرائض تضامن مع اهالي البنات, وان تتوجه وفود من الجميعات الخيرية وغيرها الى نيجيريا لذات الغرض, ان يعلن المسلمون حيث كانوا وبالفم المليان ان ما تقوم به بوكو حرام من خطف وقتل ضد الابرياء هو جرائم دموية لا عنوان لها سوى الغدر بالآمنين مما لا يقره مبدأ او دين. وليس من المروءة هنا المماحكة والقول ولكن ماذا عن الضحايا من المسلمين الذين يقعون في افريقيا الوسطى او ميانمار وهنا وهناك. هؤلاء الضحايا هم ايضا يستحقون كل التضامن وكل التأييد وكل العمل الممكن لوقف الإبادات التي تنفذ ضدهم. لكن يجب عدم خلط الامور, فسقوط ضحايا هنا لا يبرر ولا بأي شكل من الاشكال قبول سقوط ضحايا هناك او التقليل من مآساتهم. والموقف الانساني والحقيقي والوجودي هو في اصلة الانتصار للضحايا والوقوف الى جانبهم بغض النظر عن خلفياتهم القومية وانتماءاتهم الدينية او الإثنية.

    فلسطين: دولة الأمر الواقع
    بقلم: عاطف أبو سيف – الايام
    ظلت الدولة حلم الفلسطينيين طوال عقود من الكفاح الوطني وشكل البحث عنها أحد أيقونات الوطنية الفلسطينية واعمدة نضالها التحرري. ورغم تأخر ظهور الدولة كمفهوم في أدبيات النضال الفلسطيني بسبب طغيان القتال من اجل العودة إلى الفردوس المفقود، إلا أنها وبمجرد تسللها منذ نهاية السبعينيات وجدت مكاناً مرموقاً في الخطاب السياسي الفلسطيني واحتلت مكانة متقدمة في أجندة المطالب السياسية الفلسطينية، ودخلت كإحدى اهداف الكفاح الوطني الفلسطيني. وخلال تلك المسيرة الطويلة من تطور مفهوم الدولة الفلسطينية في أدبيات الثورة الفلسطينية خاصة أدبيات حركة فتح العمود الفقري للوطنية الفلسطينية طرأت تحولات وتطورات كثيرة على حدود هذه الدولة وعلى ماهيتها ونوعها. وهي تطورات لم تمس فقط قشور الفكرة بقدر ما مست جوهرها، وتركت أثراً كبيراً على جل مواقف وادبيات الثورة الفلسطينية.
    وربما وبمراجعة سريعة ونقدية لممارسة الخطاب السياسي الفلسطيني خلال السنوات الأربعين الماضية يجب الاعتراف بأن هذا التركيز العالي على مفهوم الدولة ومحاولة تحقيقها كان له ثمن غال كثيراً من الناحية السياسية وقاد إلى الكثير من التغيرات في مواقف الثورة الفلسطينية. لقد أدي الإنشغال بمفهوم الدولة وبفكرة تحققها لأسباب كثيرة إلى غض النظر عن التغيرات التي باتت تطرأ على جل الأدبيات السياسية الفلسطينية خاصة المتعلقة بقضايا الصراع الكبرى مثل تحرير كامل التراب الوطني والعودة إلى داخل أرض الآباء والأجداد والعلاقة مع العدو ومستقبل الصراع وآليات حله. لم يتم التنازل عن هذه القضايا ولطن ما حدث عمليات تكييف بطيئة بات من المنطقي عن محاولة المزاوجة فيما بينها أن يتطلب الأمر بعض التحويرات على المواقف الأصلية. فلم يتم مثلاً التنازل عن فكرة الحق الطبيعي في أرض الآباء والأجداد ولكن مجرد التفكير في دولة على جزء من هذه الأرض فإن ثمة مقايضة سياسية (لا منطقية ربما ولكن ضرورية) تتطلب إقراراً بدولة العدو (الذي سيصبح جاراً) على بقية هذه الأرض. وإن القبول بالجزء كسر قوة المقولة بالحق الطبيعي الأبدي وجعل أي جزء قد يفي بالغرض حيث أن مبدأ تجزئة الحق واردة.
    ثمة أسباب كثيرة قد تفسر مثل هذا "الشغف" الفلسطيني بفكرة الدولة والتي تقف حقيقة غياب الدولة في صلبها. فلم يعان الفلسطيني ربما من شيء سياسياً قدر معاناته من غياب الدولة كممارسة حقيقية وفعلية. ويمكن تصور سياقات مختلفة لتطور الصراع العربي الإسرائيلي منذ الهجرة الصهيونية الأولى لأرض فلسطين لو كان هناك في لحظة تاريخية قبل النكبة دولة فلسطينية مستقلة. بالطبع فقد كان جل جهد الصهيونية وفور انتصار الحلفاء على الرجل المريض في الحرب العالمية الأولى ان لا تتمتع فلسطين بأي استقلال كان حتى يحرم الفلسطينيين من دولتهم التي سيكون من العسير في حال وجودها تمزيقها والاستيلاء عليها. ليس لأن الصهيونية كانت حساسة بشكل كبير للقانون الدولي ولاحترامه، ولكن حتى على الصعيد الأخلاقي كان يجب أن يظل الفلسطينيون كما صورتهم دعايتهم بعض العرب الرحل العابرين في أرض التوراة. وهي صورة يمكن لمراجعة كتابات نقدية إسرائيلية أن تكشف عنها بشكل كبير مثل كتابي شلومو ساند "اختراع أرض إسرائيل" و"اختراع شعب إسرائيل" الصادرين عن مركز مدار.
    وامام الممانعة الإسرائيلية الكبيرة لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية وحتى من خلال اتفاق مع إسرائيل فقد نجح الفلسطينيون، رغم الكثير من الملاحظات، في تثبيت فكرة الدولة الفلسطينية في أدبيات المجتمع الدولي حول الصراع وصارت عبارة "الدولة الفلسطينية" لازمة لأي تصور حول مستقبل الصراع المزمن في الإقليم، ولم يعد تقبل الدعاية الصهيونية حول حقوق الفلسطينيين ممكناً كما كان من قبل. بدأ هذا من تقرير شومان الاوروبي في مطالع السبعينات من القرن الماضي مروراً بإعلان البندقية عام 1980 وبعد ذلك إعلان برلين عام 1999 وخطاب بوش أمام الجمعية العامة عام 2001. خلال ذلك جرت مياه كثيرة تحت الجسر.
    تكرز الزحف الفلسطيني من الدولة باتفاق إلى الدولة كأمر واقع، وحقق الفلسطينيون الكثير من النجاحات في ذلك سيما في الاعوام الثلاثة الأخيرة. كان قبول فلسطين عضواً وإن ناقص العضوية في الجمعية العامة واحدة من اهم معارك الفلسطينيين الدبلوماسية ربما منذ الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. لقد صار في التنظيم الدولي جسم معنوي اسمه دولة فلسطين، حتى إن لم توجد الدولة ككيان مستقل. تعزز هذا مع وجود مؤسسات وهيئات وموظفين وأفراد شرطة وشيء قريب من الجيش وسفارات وممثليات. لا يدور الأمر عن دولة افتراضية بكلمات نائب وزير الخارجية الإسرائيلي في تعليقه الساخر على عضوية فلسطين بل إن ثمة لحماً يكسو العظام وأسمنتاً يملأ الاعمدة.
    أظن أن الرئيس محمود عباس رجم إسرائيل خلال هذا الصراع بحجارتها المفضلة: "سياسة الامر الواقع". فهو يعرف أن ما يثبت في السياسة هو ما يتحقق. لذا عمل وامام أي تعطيل تقوم به إسرائيل في عملية التفاوض على فرض أمر واقع جديد عليها. كان ثمار ذلك الكبرى في تحصيل العضوية عام 2012. وما ان عطلت اسرائيل اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسري حتى وقع على الانضمام إلى 15 منظمة وهيئة دولية. احتجت إسرائيل وهددت وتوعدت ولكنها في آخر المطاف عادت للمفاوضات. وعلى نفس المنوال ذهب الرئيس أبو مازن للمصالحة رغم زعيق إسرائيل وتهديدها، ففي نهاية المطاف ستقبل إسرائيل بالامر الواقع وهو وجود حماس كجزء من النسيج السياسي الفلسطيني.
    بالتراكم، فإن ثمة وضعا قانونيا ومؤسساتيا وسياسيا يجعل الدولة الفلسطينية امرا واقعا لا يمكن تغيره ويصبح على المجتمع الدولى ان يجب على أسئلة كبرى تتعلق بمستقل عضو اساس فيه هو دولة فلسطين. يساهم في ذلك تنشيط حركات المقاطعة والتضامن وتفعيل المقاومة الشعبية. إن الدولة الفلسطينية التي لم تتحق دفعة واحدة تتجسد خطوة خطوة وحبة حبة كما يقول المثل، حيث أن تمظهر هذه الدولة يصبح أكثر تحققاً من خلال تلك الخطوات الصغيرة والجريئة، وإن على إسرائيل التي اكتشف الكثير من سكانها فقط مع الانتفاضة الفلسطينية أنهم يحتلون شعباً آخر، ستدرك أنها تحتل دولة أخرى، وأن المجتمع الدولي الذي اعترف بعد جهد جهيد ان ثمة شعب آخر اسمه الشعب الفلسطيني سيدرك بان ثمة دولة أخرى موجودة فعلاً اسمها دولة فلسطين، وعليه أن يتصرف وفق هذا الأساس. إنها دولة الأمر الواقع.
    تغريدة الصباح - تدفيع الثّمن
    بقلم: محمد علي طه – الحياة
    لا أحد من قريب أو من بعيد في المؤسّسة الإسرائيليّة يعرف الصّبيّ المدلّل المدعو "تدفيع الثّمن".
    لعلّه قدم إلينا من صخرة صمّاء أو ربّما انشقّت الأرض وقذفته أو كأنّ جنيّاً تغوّطه أو كوكباً بلا اسم بصقه.
    والأمن الاسرائيليّ الذي قصف قافلة سيّارات في السّودان لأنّه عرف حمولتها ووجهتها والذي قبض على سفينة في عرض البحر على بعد مئات الأميال بعد أن تأكّد من محتوياتها لا يعرف هذا الصّبيّ الشقيّ الذي حرق مساجد وكنائس وسيّارات وهدّد وتوعّد بتنظيف البلاد من العرب.
    ولا يعرف تعني لا يعرف. دون لفّ أو دوران. صدّقوا أو لا تصدّقوا. ولكن في شهر أيّار 2013 صدر عدد من مجلّة "يسرائيل" التي تصدر عن "معهد بحثّ الصّهيونيّة" في جامعة تل أبيب وفيه مقال مثير للباحثة افرات زكبخ بعنوان "الأعمال الانتقاميّة لمئير هار-تسيون ? واقع وذكريات"، تعتمد فيه على مصادر موثوقة، وذكرت فيه أنّ "شوشانة" وصديقها "عوديد" عبرا الحدود الأردنيّة في العام 1954 في مغامرة لهما وقُتلا هناك، ولمّا علم أخوها مئير هار-تسيون بذلك حمل، وثلاثة من رفاقه، سلاحاً من مخزن الجيش الإسرائيليّ وتوغّلوا في الأراضي الأردنيّة وبعد 9 كيلومترات هاجموا خيمة وأسروا أربعة من البدو الأبرياء وقادوهم إلى الوادي القريب لقتلهم، وفي الطّريق صادفوا خيمتين فهاجموهما وقتلوا بدويّين وأسروا بدويّاً عجوزاً. وتروي الباحثة أنّ هار-تسيون ورفاقه حقّقوا مع البدو الخمسة حول مقتل شوشانة وصديقها ولم يتوصّلوا إلى شيء، وعندئذ طعنوا الرّجال البدو الأربعة بالسّكاكين واحداً بعد الآخر حتّى الموت، وأمّا البدويّ الخامس، أيّ العجوز، فأطلقوا سراحه كي يروي لأبناء قبيلته ما شاهده بأمّ عينيه.
    تساءل موشيه شاريت، رئيس حكومة إسرائيل يومئذ، في مذكّراته: "كيف حقّقوا معهم وفهموا أقوالهم وهم لا يعرفون اللغة العربيّة ألبتة؟" وطلب شاريت توضيحاً من الجنرال موشيه ديّان، رئيس الأركان. واتّضح لشاريت أنّ قادة هارتسيون، جندي المظلات، عرفوا مراده منذ البداية إلا أنّهم وبما فيهم أرئيل شارون ساعدوا على اخفاء الجريمة.
    وتحوّل مئير هارتسيون إلى بطل قوميّ وترقّى إلى قائد فرقة وبعد تسريحه من الخدمة العسكريّة منحوه مزرعة واسعة شاسعة من الأراضي العربيّة وتطوّع جنود للعمل فيها معتبرين الرّجل قدوة والعمل في المزرعة واجباً قوميّاً.
    في شهر نيسان 2014، بعد ستين عاماً، مات مئير هارتسيون فكتب أدباء معروفون، وصحفيون بارزون مراثي تشيد ببطولته كما رثاه رئيس دولة إسرائيل.
    وكلمة مئير معناها منير وأمّا هارتسيون فتعني جبل صهيون!!
    هل كان هارتسيون رائداً في "تدفيع الثمن"، أم أنّه واحد من قافلة امتدّت منذ قدوم هربرت صموئيل إلى بلادنا حتّى اليوم؟
    قال القاضي المعروف، بروفيسور اهرون براك، رئيس محكمة العدل العليا الأسبق: "ما حدث في دولة غوتة وشيللر قد يحدث في كل مكان".
    فلسطين و"نكبة البرامكة" (1 من 2)
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    لا تروق لي تسمية الغزو الذي أدى الى استلاب وطني "نكبة"، لما في هذه التسمية من تجهيل لفاعلين معلومين، ولكونها ليست إعصاراً لا يُشتكى صانعه ولا يلاحق إلا بالحمد والشكر. ربما للمرة الأولى، يعترض فلسطيني على التسمية ويراها رزّية نفتتح بها الحديث عن سائر الرزايا. وليس الاعتراض هنا، يتعلق بقدرية النكبات وحسب، من حيث كونها وقائعَ أقدار أوقعتها، في السياق الموضوعي للحياة، قوة علوية هي رب العالمين عند المؤمنين. فهذا هو منحى التعليل عندما تعصف بالناس نكبات الزلازل، ولا يكون في وسع المنكوب سوى الرضوخ للأقدار، وإجزال الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه!
    لا خلاف على كون التسمية المختزلة، كعنوان؛ هي مُفتتح الرواية التي تدلك كل صفحة منها على أسماء فاعلين وأدوار خائنين. وربما لا اختلاف على أن التسمية أطلقت ببراءة أو بغير إحاطة بالأبعاد النفسية للتسميات التاريخية. ونقدم هنا، مقاربة لما يمكن افتراضه من أسباب هذا التسكين في تسمية عمل بربري، جرى فيه احتلال أرضنا والاستحواذ على كل ما عليها من بيوت وحقول ودكاكين وجوامع وكنائس ومعامل ومدارس ومتنزّهات وخلافه، وتشتيت شعبنا في أربع جهات الدنيا اللئيمة. يمكن القول في هذه المقاربة، إن جريان التسمية وتكريسها، لا علاقة لهما بنوايا مُطلقها الأول، ولا علاقة للأمرين بالسياسة، مع التسليم بعلاقتهما بالوجدان!
    المُخترع الأول، هو شاعر مصري بديع، من أصول شركسيّة، اسمه أحمد مُحرّم (1877 ــ 1945) لم يكن أصلاً، يتحدث عن بانوراما المشهد بعد انتهاب فلسطين. فقد نشر قصيدته في العام 1933 أي قبل ما نسميه "النكبة" بخمسة عشر عاماً وضمّنها إحساسه بالهول مما يجري في بلادنا: يا فلسطين اصطَليها نكبةً..هاجها للقوم عهدٌ مضطرمْ/ واشهديه في حماهم مأتماً..لو رعوا في الضعف حقاً لم يَقُمْ/ واشربي كأسك مما عصروا.. من زعافٍ جائل في كل فمْ/أذكري يومك في أفيائهم..ودّعي الأمس فلا يُغني الندم/الجهاد الحرُّ يقضي حقَّه..سؤددُ العُربِ ويحميه العَلَمْ/ لا تنامي للعوادي وادأبي..واذهبي طامحةً في المُزدَحَمْ/ ليس بالمُدرك حقاً..نامَ والأحداث يقظى لم تنمْ!
    الشاعر أحمد محرم، نشر قصيدته في جريدة "البلاغ" المصرية التي أصدرها في أوائل العشرينيات، عبد القادر حمزة، أحد أعلام الفكر الوطني في مصر. ومن المفارقات، أن أحمد محرم، عندما اختار تسمية "النكبة" لوصف ما يحدث في فلسطين، قبل أن تنكبها الصهيونية ومعها القوى الاستعمارية وأذنابها من الطرابيش العربية؛ أوقع نفسه في التكرار بحُسن نية، لأنه نشر قبل ذلك قصيدة بعنوان "نكبة البرامكة" تصف المقتلة والتشريد اللذين اقترفهما هارون الرشيد في حق البرامكة ذوي الفضل عليه، وقضى على مركز قوتهم ونفوذهم في الدولة العباسية إبان حكمه. ولا مجال هنا، للإسقاط على موضوع "النكبة" فينا، بما يتشابه من مفارقات وأسباب تلك التي أصابت البرامكة. فبعد أن وقع لنا ما وقع، التقط "عارف العارف" التسمية من القصيدة، فأطلقها على مجمل عملية الغزو الفاحش والانتهاب، وأصدر كتابه "النكبة والفردوس المفقود" وهو ما ستأتي الإشارة اليه.
    الشاعر السباق الى التنكيب في وصف حدث الغزو التاريخي لفلسطين وتواطؤاته؛ تحمس لإنصاف البرامكة، وهم من أصل فارسي وكان جدهم مجوسياً، بينما هو صاحب ملحمة شعرية من ثلاثة آلاف بيت، باسم "الإلياذة الإسلامية" يمجد فيها بطولات التاريخ الإسلامي. كان الشاعر رقيقاً تقياً، منصفاً في انحيازه للضحايا ضد فعل استبدادي. أم كبير الضحايا أرضعت هارون الرشيد، مع ابنها الذي بات نديمه وصديقه ومؤنسه الفصيح ووزيره الأثير فيما بعد "جعفر". تماماً مثلما أرضع العرب طفولة الوجود البريطاني في بلادنا وتفاصح شعراؤنا في مديحه. كان نفوذ البَرْمك في الدولة العباسية، طبيعياً بحكم التداخل والمآثر. لكن هارون الرشيد، حرّم ما حلله الله من الحق. لقد فاضت محبته لـ "جعفر" حتى لم يعد يحتمل فراقه، وهو في الوقت نفسه، شديد الإعجاب بشقيقته "العباسة" ولا يقوى على مفارقتها. فكيف يجمع الاثنين معاً في مجلسه، فيما يخالف تقاليد القصر؟ اضطر الى عقد قرانهما مشترطاً أن يكون نكاح كلام مع امتناع عن المضاجعة. تُتاح المجالسة وكفى. وحسب "الطبري" قال "هارون" لصاحبه "جعفر": سأزوجك إياها ليحل لكما أن تجتمعا، ولك أن تنظر كيفما تشاء، ولا اجتماع بدوني". غابت عنه حكاية الحب واحتمالات الجموح واشتعالات الرغبة في "ممارسة" الحق البهيج. طمأنه كون "أم جعفر" تقدم لابنها، مليحة عذراء من الجواري في ليلة كل جمعة، ولا حاجة عنده لنكاح "العباسة" على الرغم من ملاحتها. لكن هذه الأخيرة، رغبت في امتطاء عاجل، يُحيل الحب الى كيمياء شاملة؛ فلجأت الى حيلة إحلال نفسها محل عذراء الجمعة المقبلة!
    كانت الأمور تفاقمت على صعيد المشهد العام، واستحكمت حلقات الدسائس التي حيكت للبرامكة، فجاء فض البكارة، لكي يفتح أفقاً للسيف والى جنون التشريد والاستلاب. كان الفاعل ــ بالطبع ــ معلوماً، والضالعون، من أهل الدسيسة والتواطؤ والخيانة كانوا معلومين. وقعت "نكبة" وهذا هو اسمها طالما أن خاتمة الاستلاب، جاءت بسلب إرادة الضحايا في استرجاع أي حق!



    تعيينات تقهر الناس
    بقلم: د. سفيان ابو زايدة
    جدل كبير جرى خلال الايام الاخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي بعد نشر صورة لقرار تعيين مدير لمكتب رئيس وزراء السلطة د. رامي الحمد الله. هذا الجدل استوجب رد توضيحي من امين عام مجلس الوزراء السيد علي ابو دياك الذي اكد فيه ان من حق رئيس الوزراء ان يعين له مدير مكتب .
    وفقا للتعليقات و الانتقادات لم يجادل احد على حق رئيس الوزراء ، الانتقادات كانت على آلية التعيين و الاهم من ذلك على المؤهلات التي يحملها الشخص الذي تم تعيينه لهذة الوظيفة التخصصية و التي تحتاج الى مهارات وخبرات ومؤهلات، حيث الانتقاد الاساسي هو ان الذي تم تعيينه لهذا المنصب يحمل بكالوريس في الفندقة مما اثار سخرية الفيس بوكييين حيث ان الشهادة لا تتناسب بالمطلق مع طبيعة العمل الذي سيؤدية الموظف الجديد اضافة الى انه تم تعيينه مباشرة الى درجة مدير A, وليس بدرجة c حيث يحتاج الموظف الى سنوات لكي يصل الى هذة الدرجة.
    الامر كان بالامكان ان يمر مر الكرام مثل الكثير من القرارات التي صدرت و تصدر في المستقبل والتي يشتم منها رائحة المحسوبية والبعد عن النزاهة و الشفافية لولا ان صورة قرار التعيين تم تداولها على صفحات التواصل الاجتماعي.
    لكم ان تتخيلوا ماذا سيحدث لو تدوال الشباب على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة اولئك الذين يحملون الشهادات العليا العاطلين او الباحثين عن عمل ، لو عرفوا ان احد الوزراء المشهود لهم بالنزاهه جدا جدا اول قرار اتخذة هو تعيين اولاده الاثنين في نفس الوزارة الذي يقف على رأسها وان نفس الوزير قد عين زوجة قاضي محكمة عليا بعقد ليصبح راتبها من السلطة هي وزوجها على الاقل سبعة وعشرون الف شيقل، على اعتبار ان راتب قاضي المحكمة العليا حوالي ثلاثة و عشرون الف شيقل والعقد الذي تم تعيين زوجته بموجبه هو اربعة الاف شيقل.
    هذا الحديث ليس بهدف الاساءة الى احد، وليس مجرد نميمة واذا ما راجعني احد عن هذا الامر سأقول له من اقصد ان لم يكن يعرف واذا اتضح ان ما قلته غير صحيح لن اتردد في تقديم الاعتذار لاي متضرر من هذا الامر .
    قرارات من هذا النوع لا يمكن ان تمر مر الكرام في اي دولة او سلطة تحترم نفسها و تحترم شعبها و على الفور يتم محاسبة المسؤول عن استغلال المنصب ، فكيف يكون الحال عندما تتجاوز نسبة البطالة بين الشباب الفلسطيني حوالي 30%، صحيح لا يوجد عدالة سوى في السماء ولكن من حق ابناء الشعب الفلسطيني ان يتساووا في الفرص و من واجب الجهات المختصة ان تجيب على ملاحظات الناس وانتقاداتهم.
    الزمن تغير كثيرا، ولم يعد هناك قدرة لاحد على حجب المعلومات وما حدث من صخب على تعيين مدير مكتب رئيس الوزراء سيتكرر كثيرا .

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 11/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-04, 09:21 AM
  2. اقلام واراء محلي 10/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-04, 09:20 AM
  3. اقلام واراء محلي 05/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-04, 09:16 AM
  4. اقلام واراء محلي 04/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-04, 09:15 AM
  5. اقلام واراء محلي 03/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-04, 09:14 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •