استعداد وتوتر في الجبهة الشمالية وشعور بوجود قنبلة موقوتة لا أحد يعرف متى وأين ستنفجر
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
ما يتبدى في اسرائيل هو صورة لعملية قاسية بشكل خاص.يريد حزب الله والإيرانيون أن يروا الدماء، الكثير منها، والتقدير هو أنهم سيوجهون العملية باتجاه العسكريين وذلك كي يحصلوا من اسرائيل على ثمن مؤلم – أكبر قدر من القتلى والجرحى، وذلك من اجل المعاقبة والانتقام وتعليمهم درسا وردعهم. تصفية النخبة من حزب الله في شمال الجولان بقيادة جهاد مغنية وباشراف الجنرال الإيراني محمد الله دادي، وضعت حزب الله في موقف لا خيار فيه. حزب الله والسوريون ينظرون باتجاه السيد الإيراني ويريدون رؤية ماذا يمكنه أن يعمل عندما تقوم اسرائيل باهانته هو ايضا بصورة علنية.
الافتراض هو أنهم يبحثون عن تجمع الجنود: موقع، معسكر عسكري وقافلة. هذا يمكن أن يحدث على طول الحدود، ويمكن أن يحدث ايضا في داخل اسرائيل. إن تجربة الماضي تُعلم بأنه يوجد لحزب الله خلايا نائمة داخل الخط الاخضر، واذا أراد تنفيذ عملية ضد الجنود داخل البلاد يمكنه ايقاظ تلك الخلايا. في الماضي تم القاء القبض على إيرانيين وصلوا لتنفيذ مهام في اسرائيل، كسياح. قبل سنتين تم اكتشاف مخزن في الناصرة يحوي 40 كغم من المواد المتفجرة البالستية المتطورة بشكل خاص، التي تم تهريبها من حزب الله إلى داخل اسرائيل. حتى اليوم ليس من الواضح لمن كانت هذه الشحنة موجهة، ويمكن الافتراض أن مخازن اخرى لوسائل قتالية من هذا النوع تنتظر في اماكن مختلفة من البلاد. لهذا فان التوتر ليس فقط على طول الحدود بل ايضا في المعسكرات الدائمة.
على خلفية الافتراض بأن الهدف الحالي للانتقام سيكون عسكريا وليس مدنيا، فقد تم اصدار التوجيهات للسكان في اسرائيل بالاستمرار بحياتهم الاعتيادية. ولكن عندما يكون حزب الله وإيران يريدان تنفيذ عملية تظاهرية كبيرة تصيب اسرائيل بالصدمة، فلا شيء يكون آمنا. وهكذا فان مواطني اسرائيل ليسوا معفيين من هذا التهديد. هناك احتمال قائم، كما هو مفهوم، بأن يحاولوا اخفاء بصماتهم عن طريق عملية ضد أهداف يهودية أو اسرائيلية خارج البلاد كما في الارجنتين.
ليس صدفة أنهم يحرصون في جهاز الأمن على التفريق بين عملية انتقامية ضد قوة عسكرية وبين أن يتم تنفيذ هذه العملية ضد نتنياهو لأن هذا ما سيصنع الفرق بين حادثة محلية وبين التصعيد على الحدود الذي من شأنه أن يتدهور إلى حرب شاملة في الشمال. إن ضرب المدنيين يلزم اسرائيل القيام بعملية عسكرية تشمل تنفيذ البرامج الواسعة التي أعدتها قيادة الجبهة الشمالية ضد حزب الله في لبنان. اذا نفذ حزب الله مثلا اطلاق نار باتجاه مواقع استراتيجية بالقرب أو داخل المستوطنات – ميناء حيفا، مصافي التكرير وغيرها، أو حاول السيطرة على مستوطنة على الحدود ونفذ مذبحة فيها، فان اسرائيل لن ترى نفسها ملزمة برد محدود – ليس بقوة النيران ولا بطول الجبهة. من أجل التغطية على هذا القرار فقد غير الجيش الاسرائيلي انتشاره في الجبهة الشمالية: تعزيز القوات، اضافة وحدات اطلاق نار بعيدة المدى من أنواع مختلفة، سلاح الجو وُضع في حالة تأهب، نصب «قبة حديدية» للدفاع عن مواقع استراتيجية ومدن كبيرة من الجولان وحتى الشاطيء. ومن اجل تجسيد التهديد الاسرائيلي تم تصوير حركة القوات وتوثيقها لكي يرى اللبنانيون ويفهموا.
الآن ينتظرون في اسرائيل أن يروا كيف سيتطور برنامج الانتقام الإيراني. في قيادة الجبهة الشمالية، وفي هيئة الاركان العامة ولدى وزير الأمن يقومون بتحليل المعلومات التي تتدفق إلى الجهاز، يرسمون سيناريوهات مختلفة ويستعدون لها. هناك شعور بوجود قنبلة موقوتة لا يعرفون متى وأين ستنفجر. وحتى ذلك الحين سيستمر الاستعداد والتوتر في الجبهة الشمالية.
بين القنيطرة ومغنية
اذا كانت اسرائيل حقا مُشاركة في التصفية، فانه توجد أمأمنا مشكلة بدأت في الحقيقة قبل سنة. فقد شخص الإيرانيون ضعفا كبيرا في قدرتهم على تفعيل حزب الله حسب حاجاتهم حيث أن كل محاولة للتحرش باسرائيل من الحدود اللبنانية كانت تورط المنظمة مع الحكومة اللبنانية. لهذا فقد بحثوا عن طريقة لخلق الردع ضد اسرائيل.
وهكذا فانهم في اسرائيل شخصوا حينئذ وجود قرار استراتيجي اتخذه حزب الله، بالتعاون مع الإيرانيين، لاقامة بنية تحتية عملياتية في شمال هضبة الجولان، وهي منطقة ما زالت تحت سيطرة الاسد. هذه البنية التحتية لم تُهييء للتعامل مع المتمردين في الجولان أو أن تُستخدم كقاعدة انطلاق ضد المتمردين داخل سوريا. لقد أُقيمت من اجل هدف واحد: فتح جبهة ثانية ضد اسرائيل استمرارا للجبهة اللبنانية إلى داخل الجولان.
من ناحية حزب الله فان السيطرة على القطاع الشمالي لهضبة الجولان ستخلق موقعا متقدما من شأنه منع امكانية قيام اسرائيل بالالتفاف والدخول إلى داخل لبنان، أو أن تشكل حاجزا في وجه تسلل عناصر جهادية معادية لحزب الله إلى داخل لبنان عن طريق جبل دوف. كان من المهم لنصر الله أن يُظهر أن البنية الجديدة في شمال الجولان ليس لها علاقة مباشرة بحزب الله، وهكذا ففي كل مرة تنطلق منها عمليات ضد اسرائيل يستطيع حزب الله أن ينفي المسؤولية عنها والادعاء بأن التعليمات لم تصل من بيروت، وكأن الحديث يدور عن تنظيم جديد في سوريا تتم ادارته من دمشق.
عمليا هذا صحيح. فهذه البنية التي كانت تتكون من رجال حزب الله تمت ادارتها من قبل قيادة الحرس الثوري – «قوة القدس» في سوريا. وقد تم تعيين جهاد مغنية الشاب على رأس هذه البنية، ولكن انشاء تلك البنية وتجنيد رجالها وتدريبهم على الاعمال التخريبية والقنص وعمليات الكوماندو واطلاق الصواريخ، تم القاء مسؤوليتها على عاتق الجنرال الإيراني الله دادي. رجال هذه القوة لم يستقروا بشكل دائم في هضبة الجولان بل تموقعوا في منطقة دمشق، وقد زودهم الإيرانيون بالمعلومات الاستخبارية والاحتياجات اللوجستية، وانطلقوا لتنفيذ العمليات على طول الحدود حسب المخطط.
لم يكن ذلك هو التنظيم الاول الذي أقامه الإيرانيون في منطقة الجولان من اجل فتح جبهة اخرى ضد اسرائيل. على رأس التنظيم السابق وقف القاتل سمير قنطار، إبن الطائفة الدرزية، الذي أُطلق سراحه من السجن الاسرائيلي في 2008. وقد تمكنوا من تنفيذ عدد من العمليات مثل كمين لدورية من كتيبة المظليين 202، اطلاق قذائف ووضع عبوات على الجدار، ولكن المجموعة التي نظمها قنطار – التي تشمل مجندين من القرى الدرزية في شمال الجولان السوري – تم تجميدها بسلسلة عمليات أظهرت للإيرانيين بأن هذه الشبكة مكشوفة «للعدو الصهيوني»، فقد تم تصفية نائب قنطار قبل سنة في سيارته التي كانت متجهة إلى دمشق.
وفي مكان تنظيم قنطار حل التنظيم الجديد بقيادة جهاد مغنية. الذي رغم عمره الصغير، كان الرجل الموثوق من قبل النظام الإيراني وسكرتير عام حزب الله. النشاط البارز الاول لتنظيمه كان اطلاق اربع قذائف باتجاه الجانب الاسرائيلي من جبل الشيخ خلال عملية «الجرف الصامد». ولكن محاولة فتح جبهة ثانية، والتخفيف في نفس الوقت من ضائقة سكان غزة، لم تنجح. ومنذ ذلك الحين لم يتم تسجيل عمليات مميزة لاعضاء هذا التنظيم، الذين عدد منهم لبنانيين وفي الأساس من رجال حزب الله، وعدد آخر سوريين. وقد كان نضج التنظيم هو مسألة وقت بحيث يصبح قادر على تنفيذ عمليات ضد اسرائيل من موقعه في سوريا، الموجود قبالة القرى الدرزية في الجولان الاسرائيلي.
السباعية غير السرية
في يوم الاحد الماضي، في الجانب السوري من الجولان، مرت قافلة من سيارتين: سيارة تندر وجيب. يمكن اعتبار هذا السفر للسيارتين كدورية للقادة تمهيدا لعملية. كان هناك جهاد مغنية ونائبه واثنان من الرجال التنفيذيين، أبو عيسى – المعروف لمن خدم في القيادة الشمالية كقائد لقطاع الخيام التابع لحزب الله، واليوم هو قائد قوة حزب الله في جنوب الجولان – الجنرال الله دادي ومساعده اللبناني. سبعة رجال وليس 12 رجلا كما قيل. اذا كانت اسرائيل هي التي هاجمت القافلة فمسموح لنا الافتراض أن هوية السبعة كانت معروفة للمهاجمين – بما فيهم الجنرال الإيراني. بالمناسبة، يحاولون في اسرائيل التقليل من مستوى رتبة الإيراني وعرضه كضابط بدرجة متوسطة وليس كجنرال. ولكن في تراتبية «قوة القدس» الإيرانية كان يقل بدرجتين عن قائد القوة الجنرال سليماني. في الواقع، لا يهم فعليا ما تعتقده اسرائيل عن مكان الرجل في التراتبية. ففي أعين الإيرانيين يعتبر جنرالا مهما.
قامت القافلة بالتجول في شمال هضبة الجولان السوري، ووصلت إلى منطقة مزرعة الأمل، التي تبعد 5 كم عن حدود اسرائيل، وعندها في الساعة 11:40 أصيبت بصواريخ أُطلقت من الجو، النيران اندلعت بالسيارتين وتم قتل ركابهما السبعة. مراقبو الامم المتحدة، رجال الاوندوف، أرسلوا إلى مجلس الأمن تقريرا جاء فيه أنه في الساعة 11:35 تم تشخيص طائرتين بدون طيار اخترقتا الحدود إلى داخل الجولان السوري. وحسب ادعاء المراقبين فقد تم اطلاق الصواريخ من هاتين الطائرتين التي أصابت السيارتين. اذا كانت اسرائيل قد نفذت الهجوم وتحاول التشويش على مشاركتها، فقد جاء أندوروف و»وشى» بها.
نقاشات في دائرة العمليات البرية والجوية
الخط الفاصل بين المخاطرة المحسوبة وبين التفكير الخطر دقيق جدا، ورأي متخذي القرارات في مثل هذه الحالات يخضع لفحص من الأعلى. اذا انتهى الحادث برد فعل ضعيف، فان متخذي القرارات يسجلون لأنفسهم نجاحا، ولكن اذا تعقد الحادث – يكون ذلك من مسؤوليتهم الكاملة.
عندما يدور الحديث عن عمليات خاصة خلف حدود الدولة، يُقدم الجيش المخطط لوزير الدفاع في اطار المنتدى التنفيذي للعمليات، ويقوم وزير الدفاع بالمصادقة عليه أو رفضه. واحيانا يُطلب من الجيش عرض الموضوع ايضا على رئيس الحكومة من اجل اقناعه. هذه الاجراءات هي جزء من مصفاة لها عدة طبقات هدفها في نهاية الامر أن تعرض أمام المستوى السياسي فكرة عملية مصفاة تمت مناقشتها وموازنتها من كل الجوانب. هذه المصفاة تبدأ في المستويات الدنيا في القيادة، الكتائب والوحدات الخاصة. هناك تولد بصورة عامة الافكار العملياتية، ويشجع الجيش على هذه الابداعية. ولكن الرؤية العملية ليست دائما هي الأساس في اتخاذ قرار التنفيذ أو عدمه. الفكرة التي تولد في الميدان تمر عن طريق قائد اللواء ومنه إلى قائد المنطقة الذي يحاول اقناع رئيس الاركان. في مستوى قائد المنطقة ورئيس الاستخبارات العسكرية، رئيس قسم العمليات ورئيس الاركان، فان الرؤية تكون أوسع. عشية النقاش لدى الوزير يتم اجراء نقاش في قسم العمليات، وثانية يتم نقل المواد. بعد النقاش يقوم رئيس الاركان بمراجعة المخططات قبل عرضها على وزير الأمن. العمليات لا تبرز فجأة، إنها تمر باجراءات بيروقراطية عسكرية منظمة، حتى لا يتم تنفيذ عمليات غير ناضجة أو نصف ناضجة.
الحاجز الاخير هو لدى وزير الأمن، وهو حاجز حاسم. هنا يأتي التعبير عن خبرة الرجل الذي يجلس في هذا المكان. رئيس حكومة ووزير أمن لديهما ماض عسكري، وخدما كقادة كبار، يفهمان جيدا اللغة العسكرية، متى يمكن ومتى لا يمكن التنفيذ، ويستطيعان أن يشكلا حاجزا فعالا أمام الحماسة الزائدة. حتى اريئيل شارون واهود باراك، المعروفان بحماسهما للعمليات العسكرية، أرسلا الجيش في أكثر من مرة لاعداد واجباته المدرسية، لمعرفتهما الدقيقة للقطاع الذي تتم العمليات فيه، والمعرفة الجيدة لقدرات الجيش.
هكذا يتم رفض العمليات، وهذا يحدث ايضا عندما توجد فرصة عملية فريدة يصعب تكرارها. مثلا دولة اسرائيل عاشت لسنوات مع الانفاق التي حفرت من قطاع غزة ولم تشعر بالحاجة للقيام بتنفيذ عملية عسكرية من اجل القضاء على هذا التهديد. إن الذي يحسم هو الانجاز المطلوب مقابل الثمن المطلوب دفعه. اذا كان الثمن الذي عليك دفعه عاليا مقارنة مع الانجاز الممكن، فعليك أن تكون مجربا من اجل التنازل حتى عن الفرصة العملية.
السؤال الاول الذي يجب أن نسأله لمن اتخذ قرار التصفية هو ما الهدف الذي كان مطلوبا تحقيقه، وما هو الثمن الذي على الدولة التي سيُنسب لها قرار التصفية، أن تدفعه على هذه العملية. اذا كانت التصفية بهدف منع اطلاق صاروخ على طبرية غدا صباحا، فيجب أن نرفع القبعة أمام الاشخاص الذين اتخذوا قرار التصفية. ولكن اذا كان هناك من ظن أنه بتصفية الاشخاص السبعة يتم تصفية البرنامج الإيراني لاقامة شبكة إرهاب في هضبة الجولان، عندها تكون لدينا مشكلة في القرار.
معقول جدا الافتراض أن قتل سبعة اشخاص لا يغير قرار الحكومة في طهران اقامة وفتح جبهة ثانية في الجولان. إن موت الجنرال الإيراني لا يشكل ازمة قيادية في إيران، فهم سيقومون باستخلاص الدروس الاستخبارية، وشخص آخر سيحل محله. يمكن أن شخصا ما لم يستطع مقاومة الاغراء العملياتي وأصدر أوامره بتنفيذ التصفية على أمل أنه بهذا يمنع اقامة البنية ويحبط تنفيذ العمليات في المستقبل.
هل الطريقة الوحيدة للقضاء على هذه البنية كانت بتصفية السبعة، واذا قمنا بتصفيتهم فلماذا يتم التوقيع على العملية من مستويات أعلى.
لسبب ما يسود في القمة الأمنية في اسرائيل نوع من الشعور بأن لدينا بوليصة تأمين أمام الاشتعال في الحدود الشمالية. نوع من المفهوم الذي يقول بأن الإيرانيين – وعلى خلفية المحادثات النووية في فيينا ومحاولتهم الوصول إلى انجازات أمام الولايات المتحدة والغرب – ليس لهم أي مصلحة في المواجهة مع اسرائيل. يحبون عندنا القول إنه ايضا حزب الله يقع اليوم أمام ضغوط داخلية تمنعه من فتح جبهة ضد اسرائيل وتوريط دولة لبنان التي منها يستمد شرعية عمله.
لكنهم في اسرائيل ايضا لم يقدروا أن حماس ستقاتل 51 يوما. يتضح أن قدرتنا على قراءة سلوك المنظمات الإرهابية بشكل خاص، والعالم العربي بشكل عام، ليست جيدة. ربما أن متخذي القرارات اعتمدوا على أن الإيرانيين سيبلعون ما حدث لهم، ويمضي حزب الله في أعقابهم ويكتفي بعملية رمزية. الايام القادمة ستخبرنا.
الآن الجميع يجلس متوترا، وحتى الفائدة من التصفية الناجحة في هضبة الجولان ليست واضحة تماما. في المقابل، فان المخاطرة بأن تتدهور المنطقة إلى التصعيد والى درجة مواجهة شاملة، كبيرة.
في الفترة الاخيرة يوجد لدى اسرائيل ميل لأن تكون أكثر حذرا من السابق. في 7 كانون الاول هوجمت مخازن سلاح لحزب الله في منطقة مطار دمشق، ونُسبت العملية لسلاح الجو الاسرائيلي. خلافا لعمليات مشابهة في الماضي التي لم تعلن اسرائيل المسؤولية عنها، فقد تم تنفيذ هذه العملية في وضح النهار حيث أن كل عابر سبيل كان يمكنه تصوير الطائرات المهاجمة. إن التبرير للتغيير في نمط هذه العملية هو «فرصة عملية»، وكانت الرسالة هي: نحن لا نعتقد أن لديكم القدرة على الرد، لهذا فاننا نخاطر أكثر مما في الماضي. لسنا ملزمين بالحفاظ على النشاط السري من تحت الرادار، لأن قوة ردعنا قوية بما يكفي. يوجد هنا لعب بالنار يشير إلى ثقة زائدة بالنفس يمكن أن يكون له ثمنا عاليا.
التوتر في الشمال، حركة الدبابات، اغلاق طريق الشمال القديم، التهديدات المتبادلة – كل هذه متشابكة في جو عنيف يغلي في قطاعات اخرى. وهذه تؤثر على تلك. التوتر مقابل غزة يزداد ويقترب من نقطة الغليان. ليس فقط سكان حدود غزة مطلوب منهم الابتعاد عن الجدار من اجل ألا يشكلون هدفا، بل ايضا المزارعون في غلاف غزة. الازمة مع البدو في رهط ليست مرتبطة ظاهرا بالتوتر على الحدود، ولكنه نتيجة تصرف اشكالي من قبل سلطات الحكم، لكن كمية الغضب والعنف التي انفجرت هناك تُشير إلى احباط كبير في اوساط أبناء الاقليات يؤدي بهم إلى التطرف والسخرية من السلطة والقانون، اللذين يزدادان ضعفا أمامهم منذ سنوات.
صب زيت الانتخابات على النار
كأنه لا يكفي كل هذا. تأتي التصريحات النارية للحملة الانتخابية في اسرائيل لتصب الزيت على النار. يتضح أن الفلسطينيين يأخذون اقوال السياسيين بجدية أكثر من الجمهور في اسرائيل. عندما يسمعون أكثر من الماضي تصريحات لزعماء اسرائيليين بأنهم لا يعترفون بحق الوجود لدولة فلسطين أو بالتسوية مع الفلسطينيين لا يبقى لهم الكثير من الامل. ايضا رفع نسبة الحسم الذي جاء لاخراج عدد من الحركات العربية القومية في اسرائيل إلى خارج الكنيست يزيد اضطراب المجتمع العربي الاسرائيلي.
على هذه الخلفية – عملية الطعن في تل ابيب. حمزة متروك، 23 سنة، من سكان طولكرم وبدون ماض جنائي قرر شراء سكين والدخول إلى اسرائيل لتنفيذ عملية طعن. إنه يقوم بذلك بسهولة وكأنه ليس هناك حدود مع الفلسطينيين. لا يخاف أن يتم القاء القبض عليه، لأنه يعرف أنه خلال فترة قصيرة سيتم طرده إلى بيته. كما هو معروف هناك الآلاف من المتسللين غير القانونيين في اسرائيل. إن قضية هؤلاء المتسللين هي قضية اقتصادية، وطالما أن الموضوع اقتصاديا للمشغل وللعامل الفلسطيني ليس بالامكان وقف هذه الظاهرة. في حالته انتهى ذلك بعملية طعن مع عشرة جرحى، ومن سيأتي بعده سيأتي بقنبلة.
يشرحون لنا صباح مساء أنه ليس بالامكان منع دخول الماكثين غير القانونيين، وليس بالامكان منع العمليات الفردية. اذا ماذا تعرف شرطة اسرائيل وقوات الأمن الاخرى أن تعمل؟ عندما اجتاحت موجة من العمليات الواسعة القدس حول احداث المسجد الاقصى كان الحل هو ملء المنطقة بالقوات وبالتواجد الشرطي. هل شرطة اسرائيل مستعدة لنشر قوات بهذا الحجم كل يوم ايضا في تل ابيب؟.
إن اعمال العنف في مناطق مختلفة هي جزء من الجو العام الذي تظهر فيه اسرائيل كدولة ليست جدية بما يكفي. إن ردع اجهزة الأمن الاسرائيلية – سواء تجاه الخارج أو الداخل – ليس في كامل قوته. لهذا فان ظاهرة دخول الماكثين غير القانونيين إلى اسرائيل، وتنفيذ عمليات ليس لها علاقة بالتنظيمات ستتزايد. في القدس يحدث ذلك في فترات متقاربة. تقريبا تعودنا. في تل ابيب حتى الآن يتفاجأون كل مرة من جديد. منذ وقت حدث ذلك مع شاب صغير في محطة القطار، وأمس في باص في قلب المدينة. متى ستقرر اسرائيل أن الحديث يدور عن تهديد يستوجب بناء وسائل اخرى من اجل التعامل معه، هل سيتم ذلك عندما يحدث ذلك مرة كل اسبوع، مرتين؟ كل يوم؟ ربما ينتظرون أن يتم الاعلان هنا رسميا عن انتفاضة ثالثة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اوباما لنتنياهو: توقف عن محاولاتك دفع الكونغرس لفرض عقوبات على إيران
هدف الدعوة حشد الدعم في المعركة الانتخابية القادمة
بقلم:براك رابيد،عن هآرتس
طلب رئيس الولايات المتحدة الامريكية براك اوباما من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الكف عن محاولاته تشجيع اعضاء الكونغرس والشيوخ الامريكي لتشريع قانون عقوبات جديدة ضد إيران. وقد صرح موظف امريكي كبير طلب عدم ذكر اسمه، انه ببسبب الحساسية الدبلوماسية قال اوباما ذلك لنتنياهو خلال مكالمة هاتفية بينهما يوم الاثنين الماضي.
واضاف الموظف الامريكي الكبير ان اوباما اكد امام نتنياهو ان الولايات المتحدة معنية بالتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران يمنع من إيران صنع القنبلة الذرية ويضمن للمجتمع الدولي ان يكون مشروع الطاقة الإيراني معد لاغراض مدنية فقط.
وقال أوباما لنتنياهو ان مبادرات التشريع كهذه قد تحبط المفاوضات الدبلوماسية التي تديرها الولايات المتحدة وباقي القوى العظمى مع إيران. وقد اوضح اوباما لرئيس الحكومة الاسرائيلي أنه إذا مرت مثل هذه القوانين في الكونغرس فسيستخدم الفيتو ضدها .
وأضاف المسؤول الأمريكي أن أوباما حذر نتنياهو بعدم التدخل في الكونغرس بشأن تشريع ضد إيران وكان ذلك قبل اكثر من أسبوع من نشر الدعوة التي وجهت له من قبل رئيس مجلس النواب عن الحزب الجمهوري جون باينر. ومن المتوقع أن يركز خطاب نتنياهو على البرنامج النووي الإيراني وضرورة زيادة الضغط على طهران. وسياتي الخطاب في اوج المعركة بين أوباما والأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ومجلس النواب على قانون العقوبات ضد إيران.
في الأسابيع الأخيرة، يعمل السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، وأعضاء اللوبي المؤيد لإسرائيل ايباك – بتكليف من نتنياهو – لتشجيع أعضاء الكونغرس على تشريع عقوبات جديدة على إيران، ويطرح نتنياهو قضية الحاجة إلى زيادة العقوبات ضد إيران خلال المفاوضات في جميع اللقاءات التي تعقد مع المشرعين الامريكيين، بما في ذلك في وقت سابق من هذا الأسبوع مع وفد برئاسة السناتور الجمهوري جون ماكين.
وفي البيت الابيض يدركون الاجراءات التي يدبرها نتنياهو وديرمر في الكونغرس، التي لا يحاول اخفاءها كبار رجالات الحزب الجمهوري، وكان السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي زار إسرائيل مرتين في الأسابيع الأخيرة، الأكثر صراحة. وفي بيان مشترك في بداية اللقاء مع غراهام في مكتب رئيس الحكومة في 29 كانون الأول/ديسمبر قال نتنياهو امام الكاميرات ان هناك حاجة لمزيد من العقوبات ضد إيران. وقال غراهام أيضا حتى أمام الكاميرات «ان مجلس الشيوخ سيتبع الخط الذي يقوده نتنياهو» في الموضوع الإيراني، مؤكدا أن القانون الجديد سوف يعرض للتصويت قريبا.
ان التوتر بين اوباما ونتنياهو حول تحركات الاخير في الكونغرس تفاقم اكثر وتحول إلى ازمة علنية في اعقاب الدعوة التي تلقاها نتنياهو لالقاء خطاب في الكونغرس – تم اعداد الدعوة بالتنسيق بين السفير الامريكي في واشنطن ديرمر وبين قيادة الحزب الجمهوري في الكونغرس.
دعي نتنياهو للخطاب في 11 شباط/فبراير ولكن بالامس طلب من باينر تاجيل الخطاب لعدة اسابيع إلى 3 اذار /مارس قبل اسبوعين فقط من انتخابات الكنيست.
واوضح جو باينر ان نتنياهو معني بتاخير زيارته حتى رحلته إلى اجتماع اللوبي الاسرائيلي ايباك في 1 اذار/مارس .
وبعد ان عبروا في الادارة الامريكية عن غضبهم على طريقة الدعوة لرئيس الحكومة لالقاء الخطاب في الكونغرس جاءت بالامس الخطوات الانتقامية. فقد اعلن البيت الابيض ان الرئيس اوباما لن يلتقي نتنياهو خلال زيارته واشنطن واعلن وزير الخارجية جون كيري ايضا انه لن يلتقي نتنياهو خلال زيارته لواشنطن وهكذا ايضاً سيتصرف نائب الرئيس جو بايدن .
والتبرير الرسمي للبيت الابيض ولوزارة الخارجية هو قرب ذلك اللقاء لموعد الانتخابات في اسرائيل. ورغبة منها في عدم القيام باجراءات قد تفهم بانها تدخل في الاجراء الديمقراطي .
وصرح الناطق باسم مجلس الأمن القومي الامريكي ان «الادارة الامريكية لا تقابل شخصيات سياسية في مواعيد قريبة من الانتخابات في بلادها. ونحن نقوم بذلك لكي لا يفسر الامر بانه تدخل او محاولة للتاثير على نتائج الانتخابات الديمقراطية في دولة اجنبية. ووفقاً لذلك فان الرئيس اوباما لن يقابل نتنياهو في مواعيد قريبة من الانتخابات الاسرائيلية التي ستجري بعد اسبوعين فقط من خطابه في الكونغرس».
بما يعتبر رسالة لنتنياهو قبل القاء خطابه في الكونغرس فان الرئيس اوباما كان معارضا جداً لتشريع عقوبات جديدة من قبل الكونغرس ضد إيران. بسبب ان مثل هذه العقوبات ستؤثر على المفاوضات الدبلوماسية الجارية مع إيران ومن شانها شق الائتلاف الدولي. وقد كان للرئيس مكالمات كثيرة مع نتنياهو في هذا الموضوع واني اعتقد انهم سيستمروا في الحفاظ على اتصال بهذا الخصوص .
ومن وراء اللغة الدبلوماسية كان هناك غضب كبير في البيت الابيض على ان نتنياهو عمل من وراء ظهر الادارة الامريكية بالاعداد للخطاب في الكونغرس. وهذا الشعور ادى إلى القرار بمقاطعة رئيس الحكومة بشكل مطلق عند زيارته لامريكا. وكما قال مسؤول امريكي اخر «اعتقدنا اننا نعرف كل شيء ولكن نتنياهو يفاجئنا. فهناك امور يجب ان لا يعملها احد، فهو يبصق في وجوهنا علناً وهكذا لا يتصرف الزعماء. وعلى نتنياهو ان يتذكر انه لا زال للرئيس اوباما سنة ونصف في الحكم وسيكون لذلك ثمن. وفي مكتب رئيس الحكومة حاولوا التقليل من هذا التوتر مع البيت الابيض فاوضح رجال نتنياهو ان الدعوة لالقاء الخطاب نقلت باسم قيادة الحزبين في الكونغرس. وان الخطاب سيمنح رئيس الحكومة فرصة لشكر الرئيس اوباما والكونغرس والشعب الامريكي على دعمهم لاسرائيل. وقال نتنياهو بنفسه ان دعوته إلى الكونغرس تعكس العلاقة الحميمة بين اسرائيل وامريكا ودعم الحزبين القوي لاسرائيل في ارجاء الولايات المتحدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هيا نعزل نتنياهو سياسيا!
الاحزاب التي تدعي أنها احزاب اليسار والوسط ترفض التوجه إلى حملة انتخابية تعكس نواياها في إحداث تقدم سياسي نحو السلام مع الفلسطينيين
بقلم:عكيفا الدار،عن هآرتس
هيا نفترض ان وزير الخارجية، افيغور ليبرمان، بلور «اطار لاتفاق اقليمي» مع شخصيات عربية مهمة. هيا نقبل التقدير بان هذه هي الفرصة الوحيدة لتحقيق السلام في المستقبل المنظور، وان ليبرمان ينوي طرح الاتفاق إلى الاستفتاء الشعبي، كما تنبأ ايال مجيد في مقاله «الخسارة كلها خسارتنا» (هآرتس، 9/1).
لننسى شعار الانتخابات العنصري الخاص به «ارئيل لاسرائيل، ام الفحم لفلسطين» ولنصفح عنه لاتهامه عضو الكنيست احمد الطيبي وحنين الزعبي بطعن المسافرين في الحافلة في تل ابيب بالامس. وبالامكان ايضاً تجاهل كل التحقيقات والقضايا في اسرائيل بيتنا. وعلى الرغم من كل هذه الامور اتعهد بذلك، انه اذا دفع ليبرمان السلام ولو بمليمتر واحد فسألحس جميع مقالاتي النقدية التي كتبتها ضده (وتوجد عشرات كهذه).
ولكن قبل ان احضر السلسة، على ليبرمان ان يقوم بخطوة سياسية صغيرة، والتي هي خطوة كبيره نحو السلام: التوقيع على تعهد للجمهور انه مهما يكن من امر، لن يجلس مع حزب بنيامين نتنياهو في اي ائتلاف حكومي ومثل هذا التعهد مطلوب ايضا ان يوقع عليه اسحق هرتسوغ وتسيبي لفني ويئير لبيد – جميع القادة السياسيين الذين اكتشفوا فجأة مبادرة السلام العربية التي بلغ عمرها 13 سنة. فهل هذا صعب؟ منذ فترة قريبة صرح ليبرمان ان نظرية الوضع الراهن الخاصة بنتنياهو قد فشلت. وان اسرائيل لا تسمح لنفسها تبني سياسات الـ «صفر مبادرات سياسية». لقد امضى ليبرمان سنين بالقرب من نتنياهو الم تكفه هذه السنين ليفهم ان نتنياهو والمبادرات السياسية لا يسيران في طريق واحد؟
تعرض كل الاحزاب الصهيونية التي على يسار الليكود نتنياهو كمحب لاشعال النار، مراوح للمكان، أخرق (هرتسوغ)، أو كجبان، مهووس وكذاب، يورط اسرائيل في المشاكل (ليفني). ويصفه لبيد كـ «زعيم عديم المسؤولية ومنقطع» وكمن «لا يفعل شيئا». موشيه كحلون هو الاخر يدعي بان نتنياهو خدعه («أجرى لي جولة).
أما المكسب الجديد الذي اشتراه وهو يوآف غالنت فألمح بان نتنياهو أمر بالهجوم في الجولان لاعتبارات سياسية. وبعد كل هذا، فانهم جميعهم يرفضون أن يصفوا الدواء اللازم لتشخيصاتهم الحادة هذه عن مساهمة نتنياهو في عزلة اسرائيل الدولية: أي العزل السياسي لنتنياهو.
هل اوري افنيري الذي وجه دعوى لاحزاب الوسط – اليسار بالتكتل ضد نتنياهو من خلال مقاله في (هآرتس» 2+2= 22» – «هآرتس» 141) مستعد للرهان على بطاقته في صندوق الاقتراع في أن هرتسوغ سيرفض عرضا لان يكون وزير خارجية في حكومة نتنياهو وأن لفني سترفض العودة إلى وزارة العدل في حكومة نتنياهو؟ هل يضمن افنيري ألا يعود يئير لبيد ليشرح لنا أنه ملزم بانهاء الاصلاحات التي خلفها في المالية وأن كحلون الذي عاد من الكافور، سيوافق على ان يجف في المعارضة؟.
جميعنا نعرف الوعود المزيفة التي تدعي أن الدولة تتقدم على الاحزاب والمصالح الشخصية، وأن علينا أن نضع حدا لنفتالي بينيت وميري ريغف اللذين ذهبا إلى حيث أراد نتنياهو، ربما يقوم نتنياهو بتعيين بينيت وزيرا للخارجية وميري ريغف وزيرة للثقافة وأوري اريئيل لوزارة العدل كي يُخلي وزارة البناء والاسكان لأوريت ستروك، وسنرى كيف أن حكومة نتنياهو – بينيت – درعي تواجه قرار مجلس الأمن حول الاعتراف بدولة فلسطين بدون انهيار قبة مسيرة السلام على رأس هذه الحكومة. فليبنوا المزيد من المستوطنات وليرووا قصصا لناخبيهم وليدعوا أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي على اسرائيل هي نتيجة اللاسامية.
وفي هذا الوقت فان ميرتس هي الحزب الصهيوني الوحيد الذي يقف على يسار الليكود، والذي لا خوف من أن يذهب للجلوس في حكومة اليمين. إن رفض رؤساء الاحزاب التي تتفاخر بلقب «الوسط»، الذهاب في أعقاب زهافا غلئون يثير الشكوك حول استعدادهم لتبني سياسات سلمية صحيحة وشجاعة. ومن يمنحهم صوته لن يُفاجأ عندما يكتشف بعد الانتخابات أن الصوت – صوت اسحق هرتسوغ، لفني، لبيد، كحلون وليبرمان. ولكن الأيدي بقيت هي نفس الأيدي اليمينية لنتنياهو.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ثرثرة عدم التأكد
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
إن عملية الطعن في تل ابيب والتوتر في الشمال تؤكد ثانية حقيقة أن سنة 2015 هي سنة المخاطر العالية. يوجد لحزب الله قدرة كبيرة بامكانها اصابة اسرائيل بجراح شديدة. يوجد لحماس قدرة متجددة، بامكانها تشويش حياة ليس فقط غلاف غزة ولكن ايضا مركز البلاد. الهدوء في يهودا والسامرة هو هدوء هش. التطرف الإسلامي يجلب قوات مجنونة إلى الحدود الشمالية والجنوبية. في الماضي كانت اسرائيل محاطة بدول عدوة لكنها منظمة، لكن اليوم هي محاطة بديناميت متملص وغير ثابت من الفوضى العربية.
مراقب أجنبي مُجرب وذكي عرض الفكرة التالية: الربيع العربي في السنوات الاربعة الاولى له لم يصل إلى داخل الدول الكبرى غير العربية في الشرق الاوسط (إيران، تركيا واسرائيل). ولكن الآن الصورة مختلفة. إن الاضطرابات بدأت تجذب إلى داخلها دول الانظمة غير العربية، التي وقفت حتى الآن مثل قلعة جبل طارق في العاصفة الاقليمية. إن حقيقة أن الفضاء العربي عن شرق اوسط مضطرب ليس فيه قاض ولا قضاء، جعلت الدول الاقليمية تتنافس فيما بينها وتحتك الواحدة بالاخرى بصورة خطيرة. وفي نفس الوقت فان القبلية والتعصب التي اندلعت في العراق وسوريا وليبيا واليمن تزيد من التوجهات القبلية والتعصبية حتى عند غير العرب، إن الفترة التي كان يمكن فيها عزل اسرائيل أمام ما يحدث في العالم العربي وصلت إلى نهايتها. لقد إنتهى وهم أن الشرق الاوسط ليس هنا.
لا يجب أن تكون كلمنس مترنيخ أو هنري كيسنجر من أجل أن تفهم أن الوضع التاريخي الجديد يقتضي استراتيجية جديدة. إن محاولة السعي وراء السلام بنفس الطريقة التي سعينا اليها عندما كانت الفيزياء الاقليمية مختلفة – غير مجدية. في الظروف الجديدة لا يوجد لأي زعيم عربي معتدل ما يكفي من الشرعية من اجل أن يوقع اتفاق مصالحة رسمي مع دولة اليهود. ولكن ايضا محاولة الامتناع عن عمل أي شيء، هي محاولة حمقاء. إن الرغبة في التحصن في الملجأ والأمل بألا تدخل القوة الفاقدة للسيطرة الموجودة في الخارج اليه، هي من قبيل الغباء. إن الطريق الوحيدة للتعامل مع اختلال الاستقرار في الشرق الاوسط، في العالم العربي وفي فلسطين، هي أن ننشيء بناءً اقليميا جديدا وثابتا، يقلص مخاطر (الحرب)، ويزيد من احتمالات (عدم الحرب). إن امكانية انشاء مبنى كهذا كبيرة وذلك بسبب أن معتدلين سعوديين، مصريين، اردنيين، فلسطينيين واسرائيليين يخشون جدا مما يجري. من اجل استثمار هذا الجمع من التهديدات الجديدة والفرص الجديدة، ومن اجل أن نستخرج الحلو من المُر، مطلوب قيادة، رؤيا وشجاعة سياسية.
هل يوجد كهذه فيما هو موجود؟ الجواب «لا» مدوية. لقد شجعت الولايات المتحدة في العقد الاخير تطورات تزعزع الاستقرار (العراق ومصر)، بدون أن تفهم التداعيات بعيدة المدى لاعمالها. اوروبا لم تتدخل (ليبيا)، واستمرت في الفحص في سياسات اعلانية منقطعة عن الواقع. اسرائيل نتنياهو قامت بما تحب أن تقوم به: الاستيطان والاستيطان. المجتمع الدولي والدولة الاسرائيلية لم تخطر ببالهم فكرة أصيلة، ولم يبادروا إلى مبادرة واقعية طوال السنوات التي انهارت فيها سايكس بيكو وتفتتت فيها الدول القومية العربية. وازاء التطورات التاريخية التي لم يسبق لها مثيل لم يقم أي سياسي لعمل أي شيء. هذا الاهمال غير المفهوم أدى إلى أن العالم وقف في الجانب المضاد في الوقت الذي إنتصب فيه الشرق الاوسط وأصيب بالدوار وغرق في الهاوية.
نحن الآن محاطين بالديناميت. في سوريا، لبنان وغزة – لا نعرف ماذا سيلد اليوم. في يهودا والسامرة – كل شيء ممكن. ليست الدول هي التي تسيطر على الأحداث، ولكن الأحداث هي التي تسيطر على الدول. ليس المحافظين هم الذين يهدئون المتزمتين، ولكن المتزمتين هم الذين يدمرون المحافظين. بدون قيادة مناسبة وبدون استراتيجية جيدة، فان اللغو أو الثرثرة السوداء تزيد جدا هذه الايام.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ظاهرة المقيمين غير القانونيين هي نتيجة للسياسة الاسرائيلية المتبعة تجاه الفلسطينيين وهي خطر أمني دائم
بقلم: يوآف ليمور،عن اسرائيل اليوم
الماكثون غير القانونيين – خطر أمني دائم. إن العملية التي تم تنفيذها أمس في تل ابيب لم يكن بالامكان احباطها. فهي عملية شخص منفرد وتعتبر تحديا كبيرا لاجهزة الامن، فكيف يمكن التسلل الى دماغ انسان لا يُشرك أحدا في أفكاره ومخططاته، كيف يمكن منعه من الوصول الى هدفه.
لكن العملية أمس في تل ابيب كان يمكن التشويش عليها. في التحقيق معه في “الشباك” أبلغ المخرب أنه استيقظ أمس صباحا في منزله في مخيم اللاجئين في طولكرم ودخل الى اسرائيل كماكث غير قانوني، وأنه أحضر السكين معه من طولكرم ونفذ بها العمل الارهابي. ورغم البعد الايديولوجي لهذا الانسان إلا أن عمله يبدو مأخوذا من الافلام التي تُنشر عن داعش.
يجب أن نقرأ مرة اخرى لكي نؤمن: مخرب يخرج من طولكرم ويدخل بشكل حر الى اسرائيل وبدون ازعاج في وضح النهار ويمضي في طريق رئيس وهو مسلح بسكين. هذا الشيء يحصل هنا في دولة اسرائيل، بطلة العالم في احباط الارهاب.
قلنا اسرائيل؟ كلمة حلم ملائمة أكثر لمثل هذه القصة. إن أكثر من 40 ألف ماكث غير قانوني يدخلون كل يوم الى اسرائيل. إنهم ينتقلون بطرقهم المعروفة ويتم تجميعهم في سيارات محددة مُعدة لهم سلفا وتنتظرهم في نقاط محددة، ويعملون لدى مُشغلين في أغلبيتهم معروفين ايضا هنا. السلطات تعرف هذه الظاهرة واحيانا تعرف ايضا الماكثين غير القانونيين، ومع ذلك لا يعملون ضدهم.
بالنسبة لاغلبية الماكثين غير القانونيين فانه ليست لهم أي علاقة بالارهاب، فهم يبحثون عن وسائل العيش فقط لعائلاتهم. المشكلة هي في طريقة دخولهم الى هنا، كما حدث أمس حيث جاء شخص معادٍ وبدون مراقبة ودخل ونفذ عملية. وفي الاجهزة الامنية أوصوا منذ زمن بترتيب هذا الموضوع. فقد أوصوا بزيادة عدد التصاريح للعمل لتكون اغلبية الماكثين غير القانونيين عمالا قانونيين، واغلاق الطرق بشكل مطلق لمنع المرفوضين من الدخول.
المشكلة هي أن هذه التوصيات ما زالت عالقة، وأن الجدار مخترق. عدد التصاريح لم يزيد في أجواء القطيعة السياسية مع السلطة الفلسطينية وبالتأكيد فانه لن يزيد بعد هذه العمليات. وتوجد مشاكل اخرى تتعلق بالميزانيات وبالسياسات تمنع استكمال جدار الفصل واصلاح الاجزاء التي تضررت منه. النتيجة هي طريق رئيسي مفتوح للماكثين غير القانونيين وخطر أمني دائم.
عندما نضيف الى هذه القضية، الأجواء العدوانية المكشوفة تجاه السلطة الفلسطينية، وأجواء التحريض في الشارع الفلسطيني، فاننا سنتلقى النتائج المتوقعة وهي ازدياد عدد العمليات والخوف من “المنتظرين” الذين سيقومون غدا صباحا ليروا كم هو سهلا هذا الامر، ويخرجون لطعن اسرائيليين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ


رد مع اقتباس