النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 289

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء محلي 289

    اقلام واراء محلي 289

    في هذا الملف
    تقييمي لمهرجان "فتح" التاريخي ..بلا رتوش
    علاء أسعد الصفطاوي عن سما الإخبارية(مقال مهم لكاتب حمساوي ينتقد حماس وإدارتها للقطاع واهتمامها فقط بأبنائها)

    ديسكن يبق البحصة!
    عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة

    مليونية الجمعة
    أحمد دحبور عن الحياة الجديدة

    رجل لم يعرف اليأس .. «لذكرى القائد أبو العبد خطاب»
    يحيى رباح عن الحياة الجديدة

    الحق على عباس
    عدلي صادق عن الحياة الجديدة

    رسائل غزة إلى الفضاء المفتوح
    طلال عوكل عن الأيام

    "العاشقين" في غزة
    د. عاطف أبو سيف عن الأيام

    حدث غزة !
    سميح شبيب عن الأيام

    غزة، الخروج عن النص
    غسان زقطان عن الأيام

    مليونية الإنطلاقة ... الإنتصار والدولة
    عكرمة ثابت عن جريدة القدس

    لا يجب السماح للوبي إسرائيل بالتدخل في التعيينات الأميركية
    جيمس بيسير - (نيويورك تايمز) عن جريدة القدس

    مهرجان تجدد الآمال و تبدد الاوهام
    سفيان ابو زايدة عن وكالة معا

    بقعة ضوء على يوم الجمعة المنقضية
    محمد وحيد عوض عن وكالة معا

    ما بعد ثورة فتح الثانية
    د.تحسين الاسطل عن وكالة معا

    الفدرالية مشروع إسرائيلي
    حمادة فراعنة عن وكالة معا

    يجوّعون شعبنا للهبوط بسقفه السياسي!!
    د.حسن عبدالله عن وكالة معا

    في غزة ثمة عيد
    موسى أبو كرش وكالة معا

    انتهى موسم الانطلاقات ...
    سامي الأخرس عن سما الإخبارية

    مهرجان "فتح".. ما الذي دفع بكل هذه الحشود..؟ ..
    اكرم عطا الله عن سما الإخبارية

    غزة تدق على جدران الخزان، نحو مراجعة جديدة للعلاقة مع جماهير الشعب الفلسطيني
    محمد أبو مهادي عن الصباح الفلسطينية









    تقييمي لمهرجان "فتح" التاريخي ..بلا رتوش
    علاء أسعد الصفطاوي عن سما الإخبارية
    بحكم أن والدي الشهيد "أسعد الصفطاوي" رحمه الله هو أحد مؤسسي حركة فتح ..،وبحكم أن السياسة كانت ولم تزل خبز يومنا في العائله ..وبالرغم من تركي لعضوية حركة فتح مبكرا في العام 1984 وانضمامي الى احدى الفصائل الاسلاميه الفلسطينية ..، إلاّ أنني أجد نفسي مشدودا الى اعلان موقفي ازاء الحشد الهائل من الناس الذين تجمهروا مؤخرا في ساحة السرايا- عرفات بغزة للاحتفاء بالانطلاقة السادسة والأربعين لحركة فتح ..،
    أجد أنه من العيب أن أقدم نفسي ناطقا باسم الناس كي أتحدث عن أسباب "هجومهم " الجماهيري اللامسبوق باتجاه ساحة السرايا ..ولكنني سأحاول أن أحلل مشاعر بعض أفراد أسرتي الذين انتخب غالبيتهم حركة حماس في العام 2006 ثم عادوا وشدوا الرحال مبكرا الى انطلاقة فتح تأييدا لها في يناير 2013..!
    عقابا ل "فتح" على الفساد الذي استشرى فيها وفي دويلة أوسلو التي أقامتها أعتقد ببساطة شديدة أن الذين منحوا حركة " حماس " ثقتهم في انتخابات عام 2006م فعلوا ذلك ليس حبا في حركة حماس..وانما عقابا لحركة "فتح" .. مع الأخذ بعين الاعتبار للانصاف اسهامات حركة "حماس" الحقيقية في المقاومة بكل جد واقتدار ومشاركتها الرئيسيه عسكريا في دحر الاحتلال واخراجه من قطاع غزه عام 2005 ..
    هؤلاء ..مرة أخرى ..،هم أنفسهم الذين خرجوا للهتاف لفتح في مهرجان انطلاقتها الأخيره ليس حبا في فتح المنقسمه على ذاتها ولا في قيادتها المهترئه- واعذروني على هذه الكلمة القاسية - ولكن عقابا ل حماس ..، على ماذا ؟؟ ..
    أعتقد أن على حماس أن تجيب على هذا السؤال الصعب والمؤلم ..
    وهو ما أحاول هنا أن أساعد في العثور على بعض الاجابه عليه ..!فقط كوني أنتمي للتيار الاسلامي ..ولا أتحمل أن يُظلم قادة وعناصر هذا التيار حتى من أقرب الناس اليهم ..
    وبذات الوقت كوني ابن قائد مؤسس ل "فتح" ..وخدمت في صفوفها عدة سنوات ..
    في عهد حكم حماس للقطاع التي جاءت اليه بطريقة ديمقراطية ..لا يجب أن ننسى أن أكثر من نصف أهل قطاع غزه أعمارهم اليوم ما دون العشرين ..وقد أقفل عليهم أفق الوظيفة العموميه ..وحتى الكوبونات التشغيلية المؤقتة التي استأثر بها فريق دون الآخر ..(..) !!
    في حين لا يجب أن ننكر على أبي مازن أنه استمر وبذكاء ولا يزال في صرف رواتب أكثر من ستين ألف أسره في قطاع غزه ..من عائلات الموظفين المستنكفين ..أو الذين أُرغموا على البقاء في بيوتهم بعد فتنة عام 2007..!
    عادت " فتح " تتصدر واجهة الجماهير الفلسطينية ..فليتحملني اخواني في حماس ..لأن " حماس " أصبحت فكرة قبليه في عيون الكثير من الناس..انجازاتها لها وحدها ..وبطولاتها لها وحدها ..وغانمها لها وحدها ..وادارتها لمؤسساتها هو لأبناء القبيلة وحدها من دون الناس ..
    الكلام قاسي هنا ..نعم ..،ولكن لا مناص من وقفة مشروعة مع النفس ..
    لاشك أن من ظلمتهم "فتح" يوم أن كانت تدير حكم غزه قد انتقموا منها يوم أستاثروا بالحكم لوحدهم ..سأضرب مثلا بسيطا جدا جدا ليسمعني فيه صديقي الأخ العزيز اسماعيل هنيه ..في بلدية غزه مثلا التي يحكمها حتى اليوم مجلس بلدي كل أعضائه من حركة حماس ..، خلال خمسة أعوام وأكثر تم تعيين عشرات الموظفين المؤقتين والدائمين في البلديه ..يا ترى .كم واحد من هؤلاء المعينين الجدد هو مستقل أو من حركة غير حماس ؟.. أتحدى إن زاد العدد عن (......) أخجل من ذكر الرقم ..، في المائه منهم ..فقط حتى يعتبر الاسلاميون ..!!
    فالشعب ليس مخبولا ..مسحورا وانطلى عليه كذب فتح كما حاول أن يقول أحد قادة حماس في مقال له ظهر على وكالة "سما " الاخباريه ..!
    الشعب عاقل ..فقط لأنه شعب رباط حتى لو ارتزق جزء منه من رام الله .....وصفق جزء آخر منه لقوى غير اسلاميه ..!
    لم تستطع حماس أن تؤلف قلوب الناس ..نعم ..فلنتصارح هنا ..، هي حافظت فقط على أبنائها ورسخت تواجدهم في القبيله ومارست نفس سياسة التوظيف كعادتها وكما مارستها في الجامعة الاسلامية على سبيل المثال ..!
    ..وهي التي يفترض أن تكون أكثر رحمة بعموم الناس من بعض العلمانيين الاستئصاليين ..أما الجهاد الاسلامي الذي زهد في السلطه – وهذا يُحسب له - فقد اكتفى قادته وكوادره أن يأكلوا من صحنهم الصغير ..وطبعا لوحدهم هم كذلك..من دون الناس!
    ..هناك ثلاثة أشخاص مشاعرهم متباينة جدا من مشهد مئات الآلاف من الجماهير التي أتت تشارك حركة فتح في انطلاقتها :
    الشخص الأول وهو الرئيس أبومازن ..الذي أجزم أنه مذهول جدا حتى اللحظة من هذا الحشد ..وقراره القادم الصائب – في رأيي - سيكون هو نقل مركز ثقله الى غزه ، ولكن هل يفعل ؟؟ ، أشك في ذلك ..فهو لا يزال يراهن على الاسرائيلي ,وسيوظف هذا الزخم اللامسبوق لاستثماره في سوق المزاد الشرق أوسطي على طاولة المفاوضات المجرمة حقا ..!
    ..والشخص الثاني : هو د. أبو خالد الزهار ..الذي أعتقد أن المشهد المهيب هاله ..شأنه كشأن غالبية قيادات "حماس" ..وأعتقد أن قراره الأصوب يفترض أن يكون بالانفتاح أكثر على جماهير الشعب وحركة فتح بالذات رغم أنني أخشى أن يصيبه منظر مئات الآلاف من محتفيي "فتح" بالخوف ..والخشية من اجراء الانتخابات القادمة ..!!
    ..والشخص الثالث هو : محمد دحلان .. الذي يختلط اعجابه ودهشته بالمشهد ..بأسى كبير.. وحزن عميق ..أن غزه لا تفتح ذراعيها له ..رغم سيل الدولارات التي تدفق كثيرا على غزه ..!
    غزه مدينة عجيبه ..لم لا ؟..وهي بوابة آسيا الى أفريقيا ..و موطن الامام الشافعي ..وبها دفن جد النبي صلى الله عليه وسلم .. هاشم بن عبد مناف ..
    وهي من أطلق أول صاروخ فلسطيني حقيقي على تل أبيب. .وليس صاروخ " شلّقت" كما كان يحلو لأحد قادة فتح من الذين عادوا الى غزة مؤخرا أن يتفوه به ..!
    القدس ..على مرمى حجر واحد من غزه .
    هو حجر الأٌمه ..وحجر الوحدة الوطنيه ..
    عمار يا فلسطين .

    ديسكن يبق البحصة!
    عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
    في النصف الاول من ثمانينيات القرن الماضي التقيت في بلد اوروبي مع الراحل سالم جبران، رئيس تحرير «الاتحاد» الحيفاوية آنذاك، في حوار عن واقع إسرائيل آنذاك أكد ابو السعيد، أنها دولة «مسوسة، تعاني من مشاكل ونقاط ضعف في بنائها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني» و«تعود قوة إسرائيل لضعف العرب، وليس لشيء آخر!» .
    لقاء يوفال ديسكن الجمعة مع صحيفة «يديعوت احرونوت» الماضي، اماط اللثام مجددا عن بؤس وتهافت الواقع القيادي الاسرائيلي، وسقوط النموذج الصهيوني في ظل قيادة نتنياهو وباراك. لان كليهما لا يفكر سوى بحساباته الشخصية، ولا يتوقف كثيرا امام مصالح الدولة والمجتمع الاسرائيلي. لا بل يجير الحكومة ومؤسساتها لصغائر الامور المرتبطة بمصالحه ومكانته الخاصة.
    ما ادلى به ديسكن، ليس جديدا، لان كل من عوزي اراد ومائير داغان، تحدثا بمرارة عن قيادة نتنياهو. وكشفا عن ضعف جلي في معالجة القضايا الاسرائيلية المختلفة السياسية والاقتصادية والامنية – العسكرية. واهمية ما ذكره القادة الامنيون الثلاثة، الذين قدر لهم المشاركة في كافة اللقاءات، التي تناقش القضايا الاستراتيجية، لاسيما وان القرار السياسي يستند الى المعلومات المتوفرة لديهم، كما ان رؤيتهم وتقديراتهم للمستوى السياسي غاية في الاهمية، ولا يمكن للقيادة السياسية تجاوز رؤية القادة الامنيين.
    اهمية ما ادلى به ديسكن كونه جاء عشية الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية التي ستتم في ال 22 من كانون الثاني الحالي، الامر الذي قد يؤثر بهذا القدر او ذاك على مكانة تكتل «الليكود بيتنا»، لا سيما وان مقابلة يوفال المطولة ترافقت مع اقرار المستشار القانوني للحكومة والمحكمة الاسرائيلية، التي تابعت قضية فساد ليبرمان، بوجود فضيحة العار المتصلة بتعيين السفير الاسرائيلي في لاتفيا.
    حاول بعض المناصرين لنتنياهو، ان ينتقص من قيمة المقابلة، من خلال ربطها بتسلم ديسكن لموقع امني رفيع، ولكن عندما لم يكلف بالمهمة، وجه طعنة في الظهر لرئيس وزراء إسرائيل. وتساوق مع ذلك موشيه يعلون، وزير الشؤون الاستراتيجية، للتخفيف من أثر اللقاء على مجريات الانتخابات الاسرائيلية ومكانة التكتل الموعود حسب الاستطلاعات بالفوز بحصة الاسد منها.
    لكن من تابع مقابلات القادة الامنيين الثلاثة، وغيرهم ممن عملوا مع نتنياهو في مكتبه، لاحظ ان بيبي ووزير دفاعه الانتهازي باراك، قادا دولة التطهير العرقي نحو مزيد من الانحدار والتطرف والعنصرية، وتخريب عملية السلام، وتعميق الفجوات والفوارق الاقتصادية بين الفقراء والاغنياء، وسحق الطبقة الوسطى بسبب الخصخصة والانحياز للرأسمالية، ودفع مكانة إسرائيل من وجهة النظر الصهيونية الى مزيد من العزلة السياسية نتيجة السياسات الاقصوية، وربط مسألة الحرب على الملف النووي الايراني بحسابات ضيقة وشخصانية.
    ديسكن بق البحصة، وحرص على ذلك عشية الانتخابات ليلفت نظر الناخب الاسرائيلي الى المآل، الذي يقوده اليه تحالف نتنياهو ليبرمان وباراك ومن لف لفهم. وليشير لقادة الكتل الصهيونية الاخرى، بان تعمل على التصدي لتكتل «الليكود بيتنا»، لحماية دولة اسرائيل من الانزلاق اكثر فاكثر نحو الهاوية. وهو ما يعمق ما اكد عليه المغفور له ابو السعيد. ويستدعي من القادة الفلسطينيين والعرب اشتقاق سياسة ورؤى اكثر شجاعة وقوة في التعامل مع القيادات الصهيونية الحاكمة، وان يعيدوا الاعتبار للمكانة العربية، وان يكفوا عن ابتذالها اكثر مما ابتذلوها بسياساتهم الرخيصة.


    مليونية الجمعة
    أحمد دحبور عن الحياة الجديدة
    سنذكر طويلا وجيدا هذا اليوم، الجمعة الرابع من كانون الثاني - يناير للعام 2013، يوم خرجت غزة بكاملها، عدا المسنين والمقعدين، لتحيي نهاراً كاملاً في الاحتفال بعيد الثورة الفلسطينية، وقد أجمع المراقبون على أن مسيرة غزة المليونية، تعد، قياساً إلى عدد سكانها من أكثف التظاهرات الشعبية في عالمنا. وأنها لدلالة ذات مغزى أن تتدفق جماهير هذه المسيرة إلى شوارع المدينة الباسلة حيث الإدارة السياسية ليست للسلطة الوطنية، وإن كان مما يسعد الوطنيين جميعاً أن المناخ الفلسطيني العام يتجه حثيثاً إلى التقارب ووحدة الصف.. أي أن الناس أتوا وتدفقوا تلقائياً باعتبار المسيرة نشاطاً وطنياً قبل أي اعتبار..
    سنذكر طويلاً وجيداً ذلك اليوم، لا لنعلقه في ياقة الزي الوطني التاريخي، بل لنضعه في مكانه من حيث هو مأثرة للوحدة الوطنية، ودليل عمل من أجل إنجازها، ودرس إيجابي للأجيال الفلسطينية..
    على أن الأهم والأجدى من أي تقدير لهذه المناسبة، هو أن نجعلها تقليداً وطنياً دورياً، فنحتفل جميعاً بأيامنا الوطنية كلها، فليس لفتح في هذه الذكرى أكثر مما هو لحماس والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وبقية الفصائل والقوى الفلسطينية في الوطن والشتات..
    إن المعنى المعطى الأول لمسيرة الجمعة هذه، هو أن اللحظة الفلسطينية الجامعة تخص كل وطني فلسطيني، وإذا كانت إحدى الفضائيات المعروفة قد حاولت الغمز والانتقاص من شعبية فتح الكاسحة، بالإشارة إلى أن المسيرة ليست لفتح وحدها، بل شاركت فيها حماس والفصائل، فإن هذا لمما يثلج صدور أبناء فتح الذين لم يزعموا ولم يريدوا أن تكون الساحة مقتصرة عليهم، بل إن المدرسة الوطنية منذ انطلاقة ثورتنا المعاصرة كانت سجلاً مشرفاً للسعي الدؤوب من أجل الوحدة الوطنية.. ولعلنا نذكر كلنا عناق الرئيس الشهيد ياسر عرفات لأحمد جبريل في أحد المجالس الوطنية، مع أن جبريل هذا يكاد يموت كراهية ومقتاً لياسر عرفات ولفتح. لكن أبا عمار لم يكن في شوق الى عناق هذا الرجل، بل كان يحرص على رسالته الدائمة الى العالم: إن منظمة التحرير هي بيت الفلسطينيين كلهم بلا استثناء، وإذا كانت الأمعاء في الأحشاء تتدافع أحياناً فإن الجسم بكليته يجب أن يكون متجانساً متكاملاً في مشوار الحياة.
    إن مشروع العدو لا يخفى، فمن حصار خانق لقطاع غزة بهدف قذفه الى مصر، ومن ابتلاع تدريجي لأراضي الضفة بهدف تهجير أهلها أو القائهم في حضن الأردن، إلى تحقيق النتيجة التي لا ينكرها هذا العدو وهي وفاة السلطة الفلسطينية بالسكتة الوطنية والقضاء على مشروعنا التحرري، وإذا كنا نعي نوايا هذا العدو، وإننا لنعيها جيداً، فليس يكفي أن نهنئ أنفسنا بما نعرف، بل يجب أن نستنفر انفسنا وحضور العالم المؤيد لنضالنا حتى نفوت الفرصة على العدو، وما ذلك إلا بالتأكيد العملي الميداني أننا باقون على أرضنا بل إننا جزء نوعي من حركات التحرير العالمية.
    لقد عبر نتنياهو عن صدمته من مسيرة غزة، فإلى مزيد من الصدمات يجرعه إياها شعبنا القادر على ابراز امكاناته بفعل قانون الاستجابة والتحدي، وما يوم الكرامة بسر..
    لقد أعطينا علامتين ايجابيتين باحتفالات حماس في الضفة واحتفالات فتح في غزة، واسهام الحركتين في انجاح الاحتفالات هنا وهناك، ولكن هذا لا يكفي، بل ان ما تحقق من علامات المصالحة يجب أن يحرضنا على المزيد، مع ضم القوى الوطنية الفلسطينية كلها إلى ميدان العمل الموحد.. وقل اعملوا.. فبعد المسامحة والمصالحة والمصافحة يبقى ان نحقق وحدتنا الوطنية مجتمعاً وفصائل ومصيراً.. فهل هذا كثير؟


    رجل لم يعرف اليأس .. «لذكرى القائد أبو العبد خطاب»
    يحيى رباح عن الحياة الجديدة
    لا أستطيع أن أصف لكم خليط المشاعر التي اجتاحتني حين تلقيت خبر رحيل اللواء عارف خطاب «أبو العبد» وهو يتحول وسط الحشود التي تجمعت في ليل الخميس الماضي في ساحة الشهيد ياسر عرفات «السراي سابقا» في قلب مدينة غزة، استعدادا للمهرجان الكبير بذكرى الانطلاقة يوم الجمعة الماضي الذكرى الثامنة والأربعين للانطلاقة فتح،. انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة!!! حيث كان أهل القطاع المليون وثمانمائة ألف قد دعوا أنفسهم لمهرجان الفرح والضوء والوفاء وقوة الانتماء الوطني، الذي حضره يوم الجمعة قرابة مليون ومئتي ألف شخص بكل أجيالهم وشرائحهم، رجالاً ونساء، مسنين وأطفالاً رضعاً، حشوداً في توازن الشتات والقوة وذوي احتياجات خاصة من كل الفئات.
    جاءني الخبر مفاجئا، ما الذي أثقل عضلات القلب الواهنة؟؟؟ ما الذي أغلق الشرايين المتدفقة بالدماء؟؟؟ تتعدد الأسباب والموت واحد، ثم إنكم إذا جاء أجلكم لا تستقدمون ساعة ولا تستأخرون، وقد ارتأى الأصدقاء أن يشارك أبو العبد خطاب في المهرجان بجثمانه بينما كانت روحه تحلق فوق المكان صاعدة إلى الملأ في مقبرة الشهداء يوم السبت، فليرحمه الله، ويسكنه فسيح جناته.
    عرفت « أبو العبد خطاب « أول مرة في العام 1964 في القاهرة، حيث كان لاجئا سياسيا، بعد أن شارك في انقلاب عسكري في دمشق في بدايات عام 1962 ردا على الانفصال، ولم ينجح الانقلاب، فهرب إلى مصر واستقبل كلاجئ سياسي، وحين التعبئة في العام 1954، كان اللقاء في منزل مناضل فلسطيني كبير من الطراز الأول وهو الشهيد صبحي ياسين الذي كان قد أسس مجموعة كفاح مسلح باسم «طلائع الفداء» سرعان ما انضمت إلى حركة فتح بعد حرب حزيران عام 1967. ثم تعمقت علاقتي مع أبو العبد حين التقينا في فضاء فتح، ويا له من فضاء واسع، ثري، متنوع، مزدهر، بكل ألوان الورود النادرة، لأن الحضن الوطني يتسع للجميع وليس فيه حواجز ولا ممنوعات آيديولوجية، فكن كما شئت المهم أن تكون فلسطينيا، وحين تختار وتحسم أمرك وتصبح عضوا في فتح التي تعني فلسطين، تكتشف أن أصعب شيء، وأثقل عبء، وأخطر ملاحقة، وأفدح ثمن هو أن تكون فلسطينيا، وكذلك حينئذ تكون قد اكتشف واقتنعت إلى حد بياض اليقين، أن أقدس شيء، وأجمل شيء، وأنبل شيء أيضا هو أن تكون فلسطينيا.
    في فضاء فتح، وقوات العاصفة، وقوات الثورة الفلسطينية، وجيش التحرير الفلسطيني، توطدت صداقتي مع أبو العبد خطاب، ابتداء من كتيبة شهداء أيلول التي كان مؤسسها وقائدها في القاطع الشرقي من جنوب لبنان، إلى البقاع، وانتشارا في مواقع أخرى، حيث كان ابرز قادة معسكرات التدريب، حيث اشتهر بتنظيم المقاتلين الجدد في نهاية فترة التدريب بالذخيرة الحية، وكان يطرز الرصاص من أمامهم ومن خلفهم ومن جنوبهم ومن شمالهم، وهم يصعدون من الخنادق أو يزحفون من تحت الأسلاك الشائكة، كأنما يعزف سيمفونية متناسقة مبدعة تثير الإعجاب إلى حد الدهشة، وكانت آخر اللحظات في المنفى قبل أن نلتقي في الوطن، حيث كان قائدا لقواتنا في عدن في جنوب اليمن، وذهبت هناك لأكون أول سفير فلسطيني في دولة الوحدة اليمنية التي شاهدت ميلادها إلى جانب الرئيس عرفات، وأدعو الله من كل قلبي أن تظل موحدة إلى الأبد.
    كنت قد رأيته قبل ساعات من موته، حيث جمعنا لقاء في فندق المتحف مع عدد من الأجسام القيادية الفتحاوية استعدادا للمهرجان، قادة من هيئات الضباط المتقاعدين، ومن المجلس المركزي الفتحاوي للمرأة، ومن أمناء سر الأقاليم والمكاتب الحركية... الخ، تبادلنا الابتسامات، سوف أظل أذكر حتى يأتيني يقيني كم كانت ابتسامة حميمة، وكم كان وجهه ذهبيا، هل الأرواح تتوهج لحظة الصعود؟
    حكاية أبو العبد خطاب مثل حكاية أي فلسطيني من أبناء جيله من الفلسطينيين، هو أتى من قرية في الشمال، من الجليل، وأنا أتيت من قرية في الجنوب، كل واحد من أبناء جيلنا خرج ولم يعد، طفنا كل أصقاع الأرض، وعاصرنا التجارب حلوها ومرها، أعطينا بقدر ما أراد لنا الله، وأبدعنا، وحاولنا، ولم نعد، اقتربنا كثيرا جدا ولم نعد، إنه السر كامن هناك، في أعمق تلافيف الذاكرة، في طيات القلب العميقة، أنت أيها الفلسطيني، سرك معك لا يراه غيرك، لا يتحسسه سواك، ومن اجل هذا السر العميق المفرح الموجع، القريب البعيد، الممكن المستحيل، يجب علينا جميعا كفلسطينيين أن نقسم بألا نيأس، بل نظل نحاول، نخرج من الكبوات، نرفض تزوير أجندتنا، نرفض أن نكون نماذج مبرمجة سلفا، لا تقبل الخديعة، وحين يداهمنا الحزن كسيل جارف، نبكي ونخفي دموعنا عن أعدائنا، ألم تكن أنت هكذا يا صديقي؟؟؟
    فلروحك السلام

    الحق على عباس
    عدلي صادق عن الحياة الجديدة
    إن "أغلبية الفلسطينيين، تؤيد المقاومة المسلحة" حسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة أميركية، يستند الى استطلاع رأي، أجراه مركز خاص، لغسان الخطيب، الناطق السابق باسم الحكومة. فقد نقلت الصحيفة عن غسان بعد نشر الاستطلاع قوله "إن الجمهور يقارن بين النهج الدبلوماسي السلمي والتفاوضي لمحمود عباس الذي ظل ينقلنا من سيئ الى أسوأ، مع نهج (حماس) في غزة الذي يبدو أنه أكثر جاذبية للجمهور"!
    عموماً، لا تحتاج الخلاصة الأولى الى استطلاعات. فغالبية الفلسطينيين تتمنى أن تتوافر لشعبنا مقومات كبح جماح هذا الاحتلال بالمقاومة المسلحة. فهذا طبيعي، بخاصة في ظل ظروف الانسداد والعربدة الإسرائيلية. ولكن هناك فارق بين التأييد والاستعداد المجتمعي المحسوب، لمباشرة المقاومة المسلحة فعلياً. أما أن يكون الحق على "نهج عباس" في الإحباط الذي يعاني منه الفلسطينيون، وليس الحق على "نهج" الاحتلال ونتنياهو والمجموعة التي معه، فهذا هو الذي يحتاج الى استطلاع حول وجاهته، لأن اللوم ربما لا يقع على المفاوضات بحد ذاتها، ولا على ما سمّاه غسان الخطيب "النهج". فعلى الأرجح، سيكون العكس هو الصحيح، بمعنى أن المشكلة تكمن في تغييب المفاوضات وليس في إجرائها بشكل جاد وبمرجعيات محددة. فلم تكن هناك قيمة فعلاً للمفاوضات التي حرص المحتلون على جعلها بلا فحوى، في المناسبات القليلة المتقطعة التي جرت فيها. ولكن من العدل والمنطق، إحالة المسؤولية عن الإحباط الى المتسببين فيه، وهم ـ قطعاً ـ ليسوا على الطرف الذي اختار الأخذ بناصية السياسة والمفاوضات، على أمل الوصول الى تسوية متوازنة!
    لو كان لمحسوبكم أن يعدد أسباب الإحباط الفلسطيني، لبدأ بعد الانتهاء من عد العناصر الاحتلالية والمصاعب الموضوعية، في الإشارة الى العوامل الفلسطينية الذاتية المحبطة، التي سيكون من بينها، تردي شرائح من الطبقة السياسية، وانتهازيتها، وسذاجتها أحياناً. وسيكون من بين هذه العناصر، قفز الكثيرين من المحسوبين على هذه الشرائح، من الحزب الى الوظيفة، ومن الوظيفة الى نقيضها، ومن اليسار الفقير الى اليمين المترف، ومن اليمين "الطفران" الى اليسار "محدث النعمة"، ومن النقيض الى النقيض في داخل الوظيفة نفسها، مع وضع قدم في الحكومة الى وضع الأخرى في الـ "إن جي أوز". ومن لمعان العيون على كل مصدر يعدد الدخل ويراكم والأرباح، الى الحرص على أن تظل المسائل رمادية، بحيث يختفي الخيط الفاصل بين طرفين يشتبكان على مسرح المصيبة، فتلتبس الأمور على المحزونين، وينتهز الفرصة تجار الآلام، لكي يروّجوا الشائعة التي تزعم أن الطرف الوطني المتأذي، هو المسؤول الحصري عن المصيبة وعن توابعها، وحتى عن مظهرها العام!
    * * *
    ولكي لا تكون هناك مزاودة، فإن محسوبكم مضطر للبوح بخاطرة في حجم مخالفة أمنية بالنسبة لكل حكومات المنطقة. تقع هذه الخاطرة، في المساحة الفاصلة بين العاطفة والحقيقة، أو بين التأييد والاستعداد، وبين التمني والاستطاعة. فكلما ازداد التجبر والقتل الجماعي للناس في سوريا مثلاً، وكلما توغل الطائفيون في طائفيتهم في العراق ولبنان وسواهما، وكلما توغل العشائريون في عشائريتهم والجهويون في جهويتهم، وكلما استنكفت حكومات ماكثة جاثمة على صدر الأمة عن الحلحلة أو اللحلحة، ولو كذباً، في اتجاه مربع الكرامة واحترام النفس وأخذ المقتضى الصحيح لمصالح الناس ولشرفها؛ فإن محسوبكم يتمنى التوفيق لـ "جبهة النُصرة". وحين يُعدد متفذلك، ذمائم جبهة كهذه ومخاطرها على السلام الاجتماعي في أي بلد، فإن صاحب الخاطرة، يؤيد هذا التنظير الرشيد، ولكن لا خلاف على كون أنظمة الفساد والاستبداد، والاحتلال، والطائفيين، والعشائريين، والمناطقيين، هم المنتجون لجميع الذمائم والشرور، كلٌ منهم في اختصاصه وعلى صعيد خطه في الإطاحة بالعدالة. وكلهم مجتمعين، هم سبب صعود نجم القوى الاجتجاجية والعنفية!
    * * *
    بالطبع، كان استطلاع "مركز القدس للإعلام والاتصال" سابقا على مهرجان غزة. فبعض معاني المهرجان داحضة لخلاصات الاستطلاع ولتعقيب غسان الخطيب عليه. فأخونا هذا، في حاجة الى استطلاع آراء الـ 80% من سكان قطاع غزة، لمعرفة سبب خروجهم الى مهرجان "الانطلاقة" تأييداً لحركة "فتح" ولـ "سلطة عباس". من جهتنا نحن مستعدون لتزويد مركز الخطيب، بعناوين وأسماء سيدات وشيوخ، من ذوي الاحتياجات الخاصة، شاركوا بالمقاعد المتحركة وبعضهم نام الليلة الباردة السابقة على الاحتفال، في ساحة المهرجان. ومستعدون لتزويد مركز غسان الخطيب، ومعه حسن خريشة، بأسماء وعناوين باعة ترمس، اشتروا لأولادهم بنقودهم القليلة المتوافرة، رايات حركة "فتح" لكي يسألهم المستطلعون عن سبب هذا الإيثار، وتفضيل الراية الصفراء على عدة ربطات خبز!
    فقد نقلت الصحيفة الأميركية على لسان خريشة، ذماً بليغاً لـ "مفاوضات لم تمنح الفلسطينيين إلا المزيد من المستوطنات". ففي هذه القراءة تكون المفاوضات التي لم تُجرَ ولا تُجرى، والمنسوبة الى عباس، هي حصراً، التي "منحت" الفلسطينيين عناصر المصيبة. وهذا كلام أقل ما يوصف به أنه غير سياسي وغير موضوعي. إن ثمة أسئلة في حاجة الى أجوبة موضوعية: لماذا أوقف عباس المفاوضات؟ ولماذا وقف العالم مع عباس ضد التوسع الاستيطاني؟ ولماذا التأثيم الفلسطيني للمفاوضات، فيما المحتلون يحاربونها وإن أرادوها اضطراراً، فإنهم يريدونها بلا مضمون وبلا مرجعيات ولا أسقف زمنية؟
    بالنسبة للمقاومة المسلحة، التي نراها محقة من حيث المبدأ، هل نحن مستعدون لها، بالحد الأدنى من مفردات الاستعداد، في بُنية المجتمع وفي القدرة على أدائها، وليس بحسبة مضغ الكلام وتطيير التنظيرات من الموقع الآمن والمريح؟ وهل المقاومة المسلحة هي البديل الرابح فعلاً؟ وهل هي التي ستؤدي الى وقف النشاط الاستيطاني أم ستعززه بانتشار عسكري أوسع وأكثر كثافة؟ هل العقل الفلسطيني بات قاصراً، لكي يواجه المشكلة الخطيرة بعمل مسلح محدود، تنفتح بعده الأبواب لمشكلات أخطر تحل بنا؟ أليس هناك مسارات أخرى، نضالية، فيها من المثابرة والتأثير ما يجعل الاستيطان ذا كلفة سياسية واقتصادية واجتماعية فادحة؟ وهل الاستطلاعيون من إخواننا هؤلاء، يُعدون من رجالات المشاركة أو التنظير للكفاح المسلح؟
    يبدو أن الجواب المختصر، عن كل هذه الأسئلة، هو أن "الحق على عباس"!



    رسائل غزة إلى الفضاء المفتوح
    طلال عوكل عن الأيام
    مرة أخرى، تعاود غزة، تأكيد دورها وحضورها التاريخي كوطن وحاضنة للمشروع الوطني الفلسطيني. قبل يوم الجمعة الماضي، الثالث من هذا الشهر، يوم الاحتفال بالذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقة حركة فتح والثورة المعاصرة، ساد اعتقاد خاطئ لدى معظم الدوائر الفلسطينية قبل غير الفلسطينية، بشأن دور القطاع في الشأن الوطني العام، الكثيرون اعتقدوا، وبنوا نظرياتهم السياسية، على أساس أن الوضع في القطاع قد استقر على حال الانقسام، وأن اللون الحمساوي الأخضر هو الذي يهيمن على المشهد العام، وأن وجود الفصائل الأخرى، لا يرقى إلى مستوى التأثير في المشهد العام. وقبل الاحتفال ساد اعتقاد بأن سكان قطاع غزة، قد أقعدهم اليأس والاحباط عن القيام بدورهم إزاء المجريات السياسية، وانهم يظهرون استعداداً متزايداً للتكيف مع الوضع السائد، اللهم إلاّ حين يجدون أنفسهم في أتون مواجهة مع العدوان الإسرائيلي الذي لا يتوقف على القطاع، ويكبد سكانه أثماناً باهظة. حسابات كثيرة لا بد أن يجري تعديلها بعد الزحف الوطني العارم الذي ميز قطاع غزة، وشمل كل زواياه الأربع، حيث خرجت الأغلبية الساحقة من سكانه إلى الشوارع قاصدين ساحة ياسر عرفات التي كانت تعرف بالسرايا وسط مدينة غزة.
    قد تهتم وسائل الإعلام، والقوى السياسية الفلسطينية وغير الفلسطينية بمعرفة الأرقام التقريبية، للناس الذين توافدوا على الساحة ومن حولها، وهو أمر لا نقلل من أهميته، لكن الأهم هو أن غزة تقريباً خرجت عن بكرة أبيها لتفرض على الجميع، وعلى الجميع دون استثناء أن يعيدوا حساباتهم، ولو من باب المصلحة الخاصة الفئوية أو غير الفئوية.
    لقد ركزت وسائل الإعلام كاميراتها على الساحة الرئيسية للاحتفال، لكن الجماهير التي احتشدت بها الشوارع العامة الرئيسية والفرعية المؤدية إلى الساحة، كانوا لا يقلون عدداً عن الذين وصلوا إلى المكان أو بجواره، ليس هذا فقط بل إن الكثير من الناس، وكالعادة فضلوا الجلوس أمام التلفزيونات في بيوتهم كشكل من أشكال المشاركة السلبية، إما من باب التقليل من أهمية الحضور المباشر، وإما تجنباً لمشاكل قد تقع على غرار ما حصل في الذكرى الثالثة لرحيل الزعيم الشهيد ياسر عرفات في كانون الأول 2007، حيث سقط ثمانية شهداء وعدد من الجرحى.
    لا يمكن الادعاء بأن هذا الخروج الجماهيري العارم، قد جرى بفضل عمل منظم إذ لم تكن حركة فتح قادرة على استيعاب هذه الحشود، ولا هي قادرة على تنظيم الاحتفال لا قبل يوم الجمعة، ولا خلال الاحتفال، حيث اضطر المنظمون إلى اختصار فقرات الاحتفال بكلمة الرئيس، وكان الأفضل أن يتوقف الاحتفال عند هذا الحد، تجنباً لوقوع ما قد يؤدي إلى إفساد ذلك المشهد المهيب.
    من المناسب أن نؤكد لمن يدعي بأن الجماهير التي خرجت احتفالاً بانطلاقة حركة فتح والثورة الفلسطينية، هي أعضاء وأنصار حركة فتح، ذلك أن مثل هذا الادعاء عدا أنه غير موضوعي، فإنه يؤسس لحسابات واستنتاجات خاطئة قد تؤدي إلى قرارات خاطئة.
    إن مئات الآلاف من الناس الذين خرجوا، سواء كان عددهم أقل أو أكثر من مليون، هم بالإضافة إلى أنصار وأعضاء وفتح، التي لا نقلل من وزنها الشعبي، كل الناس المتمسكين بالبرنامج الوطني الفلسطيني، وبتاريخ الثورة، وهم الرافضون للانقسام وكل ما نجم عنه، وهم المتمسكون بقوة بوحدة الشعب ووحدة القضية ووحدة الأهداف الوطنية، والمخلصون لدماء الشهداء وعذابات الأسرى والمعاقين والجرحى. لقد خرج هؤلاء، لكي يعلنوا أن قبلتهم ستظل إلى الشمال حيث الوطن المحتل، وفي قلبه القدس.
    خرج الناس على هذا النحو المهيب لكي يجددوا العهد لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، ولكي يؤكدوا أن التيار الوطني لا يزال بخير، وأنه يشكل المظهر السائد في الوضع الفلسطيني.
    وإذ جاز لنا أن نشير إلى بعض الرسائل الإضافية الأساسية التي أرسلتها جماهير قطاع غزة، عبر مشهد مليوني يشبه مشاهد المليونيات في ساحة التحرير في مصر مع الفارق الكبير في عدد السكان فإننا نسجل ما يلي:
    أولاً، إن على إسرائيل التي تراهن على تعميق حالة الانقسام وفصل قطاع غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفصل شعبه عن الشعب الفلسطيني سياسياً وجغرافياً، واجتماعياً وثقافياً، على إسرائيل أن تدرك بأن مراهنتها خاسرة، مآلها الفشل، وأن الجزء من الشعب الفلسطيني الموجود في القطاع، قادر على إبداع الوسائل والأساليب التي تؤكد عمق انتمائه الوطني للشعب والقضية.
    إسرائيل تريد أن تتخلص من عش الدبابير، وتفعل الكثير من أجل إزاحته نحو مصر، والتخلص من مسؤولياتها كدولة احتلال إزاء القطاع، لكن عش الدبابير لا يمكنه أن يقبل ذلك، وأنه لا يسمح بأن ينعم بالحرية، إلاّ في إطار حرية الوطن الفلسطيني، وهو مستعد لأن يدفع ثمن ذلك.
    ثانياً، خرج الناس وهم مستعدون للخروج على هذا النحو مرة تلو الأخرى لكي يؤكدوا رفضهم للانقسام، ورفضهم لكل من يراهن أو يلعب على التناقضات الفلسطينية عرباً وغير عرب، وأن وحدة الشعب والقضية فوق الانقسام وان البرنامج الوطني فوق البرامج الفصائلية الفئوية.
    ثالثاً، لا بد أن تستعيد الأطراف الخارجية من الولايات المتحدة، إلى أوروبا إلى القوى الإقليمية والعربية، حساباتها على نحو خاص إزاء أشكال التعامل مع الشعب الفلسطيني، وقياداته وأطره التمثيلية، وشرعياته، وان سياسة الابتزاز والضغط تؤدي إلى ردود فعل معاكسة لما تريد تحقيقه القوى التي تحاصر السلطة والمنظمة والشعب الفلسطيني. لابد أن يعرف هؤلاء جميعاً أن الحقوق الوطنية لا يمكن مقايضتها بالمال، فلقد أكدت جماهير غزة عن بكرة أبيها أنها مستعدة للصمود والصبر أكثر فأكثر رغم طول فترة الحصار وعمق المعانيات.
    رابعاً، إن هذا الخروج المهيب، يُحمِّل قيادات فتح وحماس أعباء ومسؤوليات تاريخية كبيرة، إزاء المواقف الوطنية، وإزاء وحدة الشعب، وإزاء كيفية التعامل مع المواطن الفلسطيني. لقد حققت المقاومة إنجازاً مهماً، دفع الشعب الفلسطيني وفصائله ثمنه، وحققت السياسة إنجازاً آخر في الأمم المتحدة، ولكن لا هذا ولا ذاك، يكفي لتحقيق الشعبية، أو لتبرير استمرار الواقع القائم، وانتهاك الحريات والحقوق.
    لا بد من إعادة النظر في معادلة المهمات التحررية الوطنية، والمهمات الديمقراطية فالإنسان مسلوب الحرية والحقوق، لا يمكنه أن يحقق الحرية الوطنية. إن الذاكرة الوطنية الفلسطينية لا تغفر لمن يتطاول على حقوقها وحرياتها، ولذلك بات مطلوباً على نحو عاجل، تغيير أشكال وأساليب التعامل مع الناس، والذهاب إلى مصالحة وطنية حقيقية، تعيد للشعب وحدته. هذه قراءة أولية سريعة لا تغني عن الحاجة لقراءات معمّقة، فالحدث ضخم ويستحق إيلاءه اهتمام بحجمه.


    "العاشقين" في غزة
    د. عاطف أبو سيف عن الأيام
    احتلت فرقة العاشقين مساحةً مهمةً في الذاكرة الوطنية الفلسطينية، حيث كانت أغانيها الحماسية ترفد المشاعر الثورية والوطنية بمعين لا ينضب من القوة والعاطفة والإحالات التراثية والتاريخية والبطولية، كما أن الفرقة بلورت هويةً فنيةً خاصةً بها ارتكزت إلى الوطني والتراثي؛ مما جعلها ربما أشهر فرقة فنية وطنية في تاريخ الثورة الفلسطينية. ليس لأنها أنشدت أهم أغاني الثورة التي مازالت الجماهير ترددها، وليس لأنها استلهمت أهم المراثي الوطنية مثل "من سجن عكا طلعت جنازة" ولا لأنها غنت لكبار الشعراء الفلسطينيين مثل أحمد دحبور وأبو الصادق الحسيني وليس لأنها وقفت على الجرح الفلسطيني وأدمت القلوب وأبكت العيون، وليس لأنها استمرت عقوداً أربعةً رغم محطات التوقف القصرية، وليس لأنها تشكل حالة الاستمرارية بين ذاك الزمن الجميل وبين يومنا المضطرب. ربما إلى جانب ذلك كله لأن "العاشقين" نجحت في أن تكون نموذجاً للفن الفلسطيني الوطني الخالص البعيد عن متاهات الحزبية الضيقة والتائهة في مسالك لحظته الآنية.
    لقد تميّز الفن الوطني في السنوات الأخيرة بالكثير من الهبوط في مستوى الكلمات والألحان التي صارت تقتبس من الفيديو كليبات سريعة الإيقاع أو من الدفوف الخليجية والتواشيح الدينية. بالطبع ساهمت جملة كبيرة من الأسباب وراء ذلك ربما أولها التأثر بالتطور العام الذي طرأ على الذائقة الفنية وعلى الأغنية العربية وهذا مثار نقاش آخر. فالغناء العربي شهد حالة تطور بالمعنى الزمني من حيث ملاحقة الإيقاعات الحديثة في الموسيقى العالمية والمزج بين إيقاعاته العربية والكثير من مصادر الإيقاع الأجنبية سواء الغربية أو اللاتينية أو الإفريقية. عزز هذا الميل ثورة المعلومات والتواصل والاتصال ووسائطها التي تركت أثرها على مجمل الحياة في القرن الحادي والعشرين. لكن على أهمية ذلك فإن الظاهرة الأخطر في الأغاني الوطنية المعاصرة أنها شكّلت عملية سطو على التراث الوطني وتحويره لصالح أناشيد ومناحات وربما "صراخ" حزبي وشتائم لا تليق لا بهذا التراث ولا بالحالة الوطنية ولا بالبطولة التي تحاول هذه الأغاني تملقها. ففيما كانت "العاشقين" وبعض الفرق الوطنية الأخرى مثل الفنون الشعبية مثلاً تستلهم هذا التراث من أجل توظيفه في خلق ذائقة وطنية ثورية، فإن الظاهرة الغنائية التي مرت على فلسطين خلال السنوات العشر الماضية في أقرب حال شكلت عملية سطو على التراث واغتصاب له. كنت تسمع أغاني حزبية تحريضية فتقول لنفسك إنها تشبه تلك الأغنية التي كنا نسمعها ونحن أطفال وتظن مخطئاً أنك تسمع ذات الأغنية لتكتشف أن الإيقاع التراثي الذي يمس روحك ويلمس قلبك أعيد إنتاجه ولكن بكلمات سب وشتم وتخوين وتكفير للآخرين. طبعاً يمكن لدراسة مطولة يقوم بها مختص أن يكتشف كيف تم السطو مثلاً على قصيدة "الثلاثاء الحمراء" وعلى الإيقاع الفني على جل أغاني العاشقين، كما يمكن الاستدلال كيف كان يتم السطو على الذاكرة الجمعية في الإحالات المموسقة من أجل إضفاء شرعية على الأغاني الجديدة.
    بالطبع ليس من عيب تطوير التراث من أجل أن يكون أكثر استجابة لتطورات العصر شرط ألا يفقد التراث روحه أمام عملية المدرنة التي تجري عليه. لكن الثابت أن الشعوب نفسها تقوم بتطوير تراثها وأن العمليات الجراحية المقصودة التي قد تجرى على التراث في المختبرات ومعامل الكيمياء لن تنتج إلا جنيناً مشوهاً. مرة أخرى قضت سنة الحياة أن يكون التراث بكل أشكاله من إنتاج خبرات الشعوب وأن الذاكرة الجمعية تتشكّل بفعل الحياة المتفاعلة والاشتباك المتصاعد والتفاصيل المختلفة وأن هذا من شأنه أن يدفع لعمليات تطوير تبدو طبيعةً ضمن النسق العام لحياة الشعوب وليس ضمن عمليات مقصودة. لأن الهوية الوطنية بالقدر الذي تساهم القوى المختلفة في صناعتها فإن جزءاً كبيراً منها يبدو طبيعياً ونتاجاً طبيعياً للتجربة الوطنية.
    وهذا بالضبط ما فهمته منظمة التحرير بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة حين تمت إعادة بعث الروح الوطنية والحفاظ على الهوية الوطنية سواء عبر البندقية المطالبة بالحق السياسي إلى القصيدة المقاومة واللوحة التي تعيد تثبيت القرية التي هجر منها سكانها إلى أغاني نوح إبراهيم وثورة العام 1936. لكن الثورة الفلسطينية أيضاً وبفعل حالة الاشتباك اليومي والتفاعل الديناميكي مع الجماهير نجحت أيضاً في أن تبلور هذه الهوية الوطنية وتطورها بحيث أصبحت أغانيها جزءاً أصيلاً من هذا التراث، بحيث يصعب التمييز بين أغاني العاشقين مثلاً وبين أغاني ثورتي البراق و1936. والحقيقة أن العاشقين تبرع في الدمج بين التراث القديم وبين تحويراتها عليه، فلا يبدو الأمر إلا امتداداً طبيعياً لنهر الحياة الفلسطينية وليس عمليات تجميل فاشلة.
    كنا دائماً نشكو من أن على المسؤولين أن يتدخلوا لكي يوقفوا نزيف التراث الوطني وأن تتم ملاحقة منتجي ومروجي هذه الأغاني الحزبية التي تسطو على التراث حتى لا يتم جرف ذائقة الشعب نحو هاوية أخرى. وكانت دائماً الحالة الوطنية والصراخ والصراع الحزبي والديني ربما أكبر من الجميع وكانت تذهب مناشداتنا أدراج الريح.
    يوم أمس وحين بدأت فرقة العاشقين بالشدو في صالة فندق المتحف على شاطئ غزة ضمن احتفالات حركة فتح بذكرى انطلاقتها الثامنة والأربعين كان يجب أن نتيقن بأن الفن الوطني الأصيل وحده يبقى. كان الجميع يردد خلف العاشقين ما يحفظونه من أغانيها عن ظهر قلب. لم يكن صغير ولا كبير يفوته مقطع ولا شطرة من قصيدة وحتى مقدمات الأغاني النثرية منها والشعرية كان الكل يحفظها. في العاشقين شيء من فلسطين، شيء لا يمكن شرحه ولا تفسيره لكنك تحسه وتشعر به فور أن تسمع أول أغنية فتجد فلسطينيتك.
    تستحق العاشقين شكراً خاصاً لأنها ذكّرتنا بأن الناس لا تنسى تراثها وأن عمليات التشويه التي تجري لا تمحو من ذاكرة الناس الأصالة التي وجدت معهم منذ ميلادهم. وتستحق أن تظل فرقة الشعب الفلسطيني بامتياز.
    حدث غزة !
    سميح شبيب عن الأيام
    ما حدث في قطاع غزة، يوم الجمعة الفائت، بمناسبة انطلاقة الثورة الفلسطينية 1/1/1965، كان حدثاً مفصلياً في مسارات الأزمة الفلسطينية، والانشقاق الجيوـ سياسي بين شطري الوطن، الضفة الغربية وقطاع غزة.
    ما حدث كان بمثابة الاستفتاء الشعبي المباشر ـ الحر، لوحدة هذا الوطن، وللإطار السياسي ـ التنظيمي للحركة الوطنية الفلسطينية م.ت.ف.
    ما حدث من إنجاز عظيم، قامت به جموع الشعب الفلسطيني في القطاع، على اختلاف مشاربها ومنابعها.
    لا يمكن رد هذا الإنجاز، للون سياسي بعينه، ولا لتنظيم محدد، دون سواه. صحيح أن الذكرى، هي ذكرى لـ "فتح"، معجزة الثورة، وصاحبة الطلقة الأولى، وصحيح أن الأعلام الصفراء هي أعلام حركة "فتح". لكن في واقع الأمر، فمن قام بهذا الإنجاز الكبير، هو الشعب الفلسطيني بمختلف مذاهبه ومشاربه، وما أراد قوله بالصوت العالي، هو تحقيق الوحدة الجيو ـ سياسية ما بين الضفة والقطاع، دون إبطاء أو تردد.
    شكّل هذا الحدث، رداً على كل دعاة التجزئة والانفصال، وشكّل إنجازاً لا يمكن تجاوزه أو القفز عنه. الحدث أصبح واقعاً قائماً ومُعاشاً، لذا علينا استثماره دون محاولة رده إلى فصيل معين، أو التباهي به، على نحوٍ يضرّ بمسارات التلاقي وإعادة اللّحمة.
    الحدث جرى وتم إنجازه، وعلينا أن نبحث بما هو تالٍ له، وليس الغوص والغرق فيه.
    الجميع أسهم في هذا الإنجاز وتحقيقه، وبالتالي فعلى الجميع التلاقي لإنجاز الخطوات المقبلة، وتفويت الفرصة على إسرائيل، وقوى إقليمية أخرى، الاستمرار في استثمار حالة الانشقاق الضارة والمعرقلة لكفاحنا الوطني وتحقيق أمانينا في الحرية والاستقلال!
    عبّر هذا الحدث، عن مدى توق الشعب الفلسطيني للوحدة، وتجاوز حالة الانشقاق الحاصلة، وهو توق ورغبة وطنية أصيلة وحقيقية في نفوس الفلسطينيين جميعاً.
    قد تتباين الرؤى والاجتهادات، وقد تختلف المرجعيات السياسية والأيديولوجية، لكن ذلك، لا يشكل بحالة من الأحوال، تبرير ما حدث سابقاً من تباعد وانشقاق. هنالك إطار عام، أو بالأحرى بيت الجميع الفلسطيني، وهو: م.ت.ف، وهنالك اتفاق عام، على جدوى هذا الإطار، الذي بات يشكل كياناً سياسياً وتنظيمياً للجميع الفلسطيني.
    إعادة إحياء وتطوير م.ت.ف، هو أمر ممكن بتعاون الجميع، وبمشاركة الجميع.
    م.ت.ف، لا تبدأ من نقطة الصفر، بل إن هنالك تراكماً تنظيمياً وسياسياً وفكرياً عميق الجذور، يعود للعام 1964. هذا التراكم الشامخ، جاء نتيجة جهود عظيمة، ودماء غزيرة طاهرة، ومخاضات من الحروب، متنوعة الأشكال والمظاهر.
    التلاقي في إطار م.ت.ف، هو أمر ممكن في ظل الائتلاف والاختلاف، والتصارع داخلياً، دون انشقاق أو دماء داخلية.
    الجميع يأمل أن يشكل حدث غزة، الخطوة الأولى الثابتة والواضحة، لعودة الجميع إلى إطار م.ت.ف، وبمشاركة الجميع، دون إبطاء أو تردد.





    غزة، الخروج عن النص
    غسان زقطان عن الأيام
    كما يحدث دائماً خرجت غزة عن النص، ذهبت أبعد كثيراً من مخيلة "الدهاة" والمحللين وواضعي السياسات، ذهبت خارج الإطار الذي رسموه لها وأخرجت الماء من الخراب.
    التحايل على المكان والمساومات التي دارت حول فضاء الاحتفال والتنقل بين "أرض الكتيبة" و"السرايا"، وتأجيل "الإذن" بإقامة الاحتفال جاء بحصاد معاكس تماماً، فكرة أن تحصل الحركة الأم التي أطلقت الرصاصة الأولى على "إذن" من وزارة داخلية "حماس" بالاحتفال بذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، تبدو فكرة سريالية بحد ذاتها، وتعكس مفهوم "حماس" و"الإخوان المسلمين" وفهمهم للإرث الوطني للشعب الفلسطيني.
    لم يعد الأمر ـ ومنذ سنوات طويلة ـ يتعلق بـ "فتح" وحدها، لقد أصبح هذا التاريخ يوماً وطنياً فلسطينياً، وجزءاً من التاريخ المعاصر للشعب الفلسطيني، أطلقت "فتح" الرصاصة الأولى، ولكن الرصاص الذي تواصل فيما بعد كان قادماً من مختلف فصائل واتجاهات وقوى الشعب بما فيها "فتح"، اقترحت "فتح" عملياً الكفاح المسلح مبكراً، مطلع عام ١٩٦٥، وبقي "الاقتراح" حياً ونابضاً، حتى أولئك الذين استغرقت استجابتهم لفكرة المقاومة ما يقارب ربع القرن، كانوا ينضمون إلى القافلة التي أقلعت وقاتلت وحوصرت وقطعت أشواطاً بعيدةً في صحراء حروب لا ترحم.
    لم يعد الأول من كانون الأول احتفالاً لـ"فتح" بقدر ما هو احتفال للشعب الفلسطيني في مختلف مناطق وجوده، لذلك كان الذين بكروا في الوصول إلى محيط "السرايا" في غزة والذين احتشدوا ساعات كثيرة قبل بناء منصة الاحتفال، الذين وصلوا في الليل مع أطفالهم من "بيت حانون" و"رفح" و"خان يونس" و"دير البلح" لم يكونوا أبناء "فتح" وحدها، هؤلاء هم أبناء الثورة بمكوناتها وتعدديتها التي انضوت تحت ائتلاف منظمة التحرير الفلسطينية، والذين ساوموا وتحايلوا وحاولوا شراء الوقت لم يدر بمخيلتهم الضيقة أنهم يساومون على منح "إذن" حركة للشعب الفلسطيني وليس لـ"فتح".
    هذه المخيلة الضيقة دفعت رجلاً في موقع "أبو مرزوق" وواقعيته السياسية إلى طرح دعابته الساذجة التي تخلو من الحنكة السياسية، في الرد على تهديد "أبو مازن" بتسليم مفاتيح السلطة لـ نتنياهو، بقوله يسلم المفاتيح لنا، يقصد "حماس"، "فالأقربون أولى بالمعروف"، فساوى بينه وبين الاحتلال من جهة، وأساء فهم الرسالة من جهة ثانية، وحول تسليم المفاتيح إلى "معروف".
    بهذه المخيلة، ساومت "حماس" على احتفال الشعب الفلسطيني بثورته، وهي المخيلة التي تدفع كثيرين من السياسيين في "فتح" إلى اعتبار أن الاستفتاء الذي أنجزته غزة كان انتصاراً لـ "لفتح" وحصر النتائج بها والتصرف بناء على ذلك.
    ثمة دروس كثيرة ورسائل كثيرة أرسلتها غزة إلى العالم وإلى حلقة الحصار المحيطة بفلسطين العربية وغير العربية، وإلى "فتح" وإلى "الإخوان المسلمين" وهم يقطعون الطرق على "الربيع العربي" في مصر وتونس ويسنون خناجرهم في ساحات أخرى.



    مليونية الإنطلاقة ... الإنتصار والدولة
    عكرمة ثابت عن جريدة القدس
    مهرجان الانطلاقة في غزة وفي جمعة الفتح المباركة 4/1/2013 يمسح براياته الصفراء وجع الانقسام ... مهرجان المليونية الفتحاوية استفتاء المبايعة للشهداء والجرحى والاسرى والمبعدين ... المبايعة للشهيد الرمز المؤسس ياسر عرفات " ابو عمار " ولخليفته الرئيس محمود عباس. هو مهرجان المبايعة للشرعية الفلسطينية ولمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة انحاء تواجده... مليونية فتح هي الرد الطبيعي على تعنت الاحتلال ومستوطنيه...
    هي الرد الوحيد على كل من راهن او يراهن ان فتح قد انتهت وان الوحدة الوطنية الفلسطينية قد تلاشت ... مليونية الفاتح هي الرد القاطع الجامع بأن فتح هي رائدة وقائدة المشروع التحرري الإستقلالي (مشروع الانتصار والدولة) مشروع الاستقلال والسيادة .
    كل التحية للسواعد الفتحاوية الغزية ولمئات الالوف من الوطنيين الاحرار وهم يتدفقون كموج البحر نحو ساحة حبيبهم وشهيدهم " ابو عمار " ... كل التحية والاحترام لابناء فتح الشرفاء ونسائهم وشيوخهم وعائلات الشهداء والاسرى والجرحى. لهؤلاء ولكل طفل وزهرة ... لكل اسير واسيرة ... لكل جريح وجريحة ... نطير التحيات الوطنية الحرة ونقول لهم " .. أنتم جنرالات النصر والدولة وعناوين البقاء المغروس بعمق الارض ولن يموت " ... فمن اجلكم ومن اجل فلسطين انطلقت فتح ... فارفعوا رؤوسكم عاليا وافتخروا بأنكم فلسطينيون.
    مهرجان المبايعة والانتصار في ساحة الشهيد " ابو عمار " يرسم اليوم خارطة جديدة في العلاقات الداخلية الفلسطينية ويضع النقاط على الحروف لكل من يجهل قيمة الوحدة الوطنية الفلسطينية , ويوجه ضربة كبرى لكل من لا زال يراهن على الانقسام .. مهرجان فتح يعلن ميلاد القرار الوطني الفلسطيني المستقل الرافض للاحتلال والحصار والإستيطان والانقسام ... القرار الفلسطيني المتمسك بالثوابت الوطنية وفي مقدمتها التحرير والتخلص من الاحتلال والمضي في تثبيت ركائز الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين واطلاق سراح جميع الاسرى والمعتقلين ومقاومة الجدار والاستيطان وترسيخ الحدود والتواصل الجغرافي والسياسي بين غزة والضفة ... مهرجان فتح اليوم هو مهرجان الانتصار والدولة ... هو مهرجان منظمة التحرير والوحدة الوطنية الفلسطينية.
    اننا ونحن نعيش فرحة الحدث ونقف مبهورين امام تلك الامواج البشرية المخلصة لا بد وان نتمسك بالرسائل التي عبر عنها مهرجان الانطلاقة الفتحاوية واولها ان فتح باقية قوية مجتمعة لا تتفرق ولا تضعف وان مسؤولية لم شمل الحركة وتوحيد صفوفها ولملمة جراحها وترتيب اوضاعها هي مسؤولية جماعية ووطنية عليا ... وثاني الرسائل هي أن الشعب الفلسطيني بفتحه وحماسه وجبهاته وجهاده وتنظيماته واذرعه المقاومة هو شعب حر اصيل صامد يمضي متوحدا في مواجهة سياسات الاحتلال والاستيطان وان الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه الوطنية المشروعه مهما طال الزمان ...

    اما الرسالة الثالثة فهي موجهة لحركة حماس بأنه كفى للانقسام ولتعد غزة الى حض الدولة الفلسطينية ولتتوحد السواعد الوطنية لاستكمال منجزات التحرير والاستقلال والسيادة ... والرسالة الرابعة موجهة للحكومات العربية وشعوبها بأن قضية فلسطين هي قضيتكم ولا زالت القدس تستصرخ ضمائركم لنصرتها ...
    اما رسالة فتح لأسراها وهي رسالة المهرجان الخامسة بأن ليل السجون لن يطول وأن حريتكم باتت على مرمى فجر قريب وتحريركم آت لا محال .
    رسائل مهرجان فتح ومليونيتها كثيرة.... اليوم فتح بشفافية وبراءة مطلقة وبقلوب وطنية صافية أطلقت صرختها ... صرخة الانطلاقة الثامنة والاربعين لتضع حدا لكل المراهنين على حضورها وفعلها ... اليوم فتح تلملم جراحها وتنفض عن جسدها غبار الترهل والانقسام وتنهض ... كطائر العنقاء تتعملق لتقول كلمتها القاطعة بأن زمن الوهن وزمن القهر قد ولى بلا رجعة ... أما الجماهير اليوم فتقول كلمتها وعلى الجميع ان يستخلص الدروس والعبر منها .
    المجد والخلود للشهداء والحرية للاسيرات والاسرى
    نعم للوحدة الوطنية ولا والف لا للانقسام
    نعم للدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس


    لا يجب السماح للوبي إسرائيل بالتدخل في التعيينات الأميركية
    جيمس بيسير - (نيويورك تايمز) عن جريدة القدس
    واشنطن- يمكن أن تصبح اللحظات السياسية التي تعتمد على حشد دعم شعبي واسع، وإنما يقودها المتطرفون، أن تصبح في النهاية مدمرة للذات -وهو درس تعلمه الحزب الجمهوري بكلفة عالية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والذي ربما يكون لوبي "حقوق الأسلحة" على وشك تعلمه هو الآخر في أعقاب حادثة إطلاق النار الأخيرة في المدرسة الابتدائية الأميركية. وهناك أيضاً درس للقادة اليهود الأميركيين، الذين يزدادون انحناء أمام قبضة صغيرة من المتحمسين المتعصبين الذين تفترق رؤيتهم لمستقبل إسرائيل عن رؤية الغالبية من اليهود الأميركيين، وتتصادم مع القيم الأميركية الأساسية حول الحريات والديمقراطية.
    وتبدو مثل هذه الراديكالية قيد العرض مرة أخرى بينما يقوم اليمين المؤيد لإسرائيل، بما فيه جماعات مثل "لجنة الطوارئ من أجل إسرائيل" بشن حملة شرسة ضد الترشيح المحتمل للسيناتور الجمهوري السابق تشك هاغل Chuck Hagel ليكون وزيراً للدفاع.
    قبل خمس عشرة سنة، كان السيد هاغل –الذي تشمل خطاياه الدعوة إلى الحوار من أجل وقف طموحات إيران النووية، وقوله إن الكثيرين في الكابيتول خائفون من "اللوبي اليهودي"- كان ليعتبر شخصياً يمكن لداعمي إسرائيل في واشنطن العمل معه. واليوم، تظل المجموعات اليهودية الرئيسية، بما فيها "عصبة مناهضة التشهير" و"اللجنة اليهودية الأميركية"، إما صامتين إزاء الجدل المتصاعد، أو أنها تعرض دعماً حذراً لأولئك الذين يريدون إسقاط ترشيح السيد هاغل. وقد أجبر الصامتون على الصمت والخنوع بفعل ضغط شريحة متطرفة، والتي لا يمكن أن تمثل التيار اليهودي الأميركي السائد بأي شكل من الأشكال.
    وكان تم خلق الجماعات مثل "لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية" من أجل إقامة وتدعيم روابط أميركية-إسرائيلية قوية، وترويج الفكرة القائلة بأن إسرائيل ديمقراطية نابضة بالحيوية تشكل حليفاً حاسماً لأميركا في منطقة غير ديمقراطية –وهو عمل قامت هذه الجماعات بأدائه بجودة مدهشة لا تصدق في السنوات الأخيرة.
    ولكن، وبينما أصبح النقاش حول أفضل الطرق إلى السلام بالنسبة للدولة اليهودية أكثر استقطاباً وبشكل مرير، قامت المنظمات اليهودية مثل آيباك، وعصبة مناهضة التشهير ولجنة الطوارئ من أجل إسرائيل بإقصاء ومحاربة تلك الرسالة برفضها النأي بنفسها عن المتطرفين. وانطلاقاً من خضوعهم لترهيب المتعصبين الموالين للمستوطنين في إسرائيل، يصف المانحون اليمينيون أقل انتقاد للسياسات الإسرائيلية بأنه تقريع إسرائيل (أو حتى معاداة السامية)، ويتيح قادة المنظمات الداعمون لإسرائيل باطراد لهوامش حركاتهم بأن تضع الأجندة الداعمة لإسرائيل في واشنطن.
    وبينما يقوم مساهمو أقصى اليمين الأثرياء بتولي المسؤولية، تقوم الجماعات اليهودية باستمرار بخفض معايير ما تعتبره "تقريعاً لإسرائيل" لتخاطر بذلك بتحويل المؤيدين للدولة اليهودية إلى خصوم، ببساطة لأنهم لا يدعمون أيديولوجية الحكومة الإسرائيلية الحالية وأفكارها.
    قبل عشر سنوات مضت، تجنبت الجماعات السائدة المؤيدة لإسرائيل الخوض في قضية المستوطنات في الضفة الغربية. واليوم، يخاطر الساسة الذين يقولون بأن التوسع الاستيطاني يشكل عقبة في طريق السلام –وهو موقف أميركي قائم منذ زمن طويل- باحتمال وصمهم بلطخة معاداة إسرائيل. وحتى مع أن دعم بناء المسوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية يعكس منظور أقلية صغيرة من اليهود الأميركيين، فإنه يبدو باطراد وأنه الموقف السياسي لجماعات رئيسية مؤيدة لإسرائيل.
    هذا النوع من تسييد سياسة الحركات الهامشية هو الذي كان مسؤولاً بالضبط عن الخسائر الانتخابية للحزب الديمقراطي. وكانت نظريات المؤامرة الشرسة ضد الرئيس أوباما، والمواقف المتطرفة من برامج التأهيل الشعبية، والملاحظات العدائية التي تحدثت عن أشياء من قبيل "الاغتصاب المشروع" قد أبعدت الناخبين في زرافات. وقد جبن قادة الحزب الأكثر اعتدالاً، والذين يخشون على مناصبهم من غضب المتعصبين، عن التبرؤ من تلك المواقف والتعليقات، وغذوا الانطباع بأنهم موافقون عليها.
    وحكماً من المؤتمر الصحفي الإخباري الأخرق الذي عقدته "رابطة البندقية الوطنية" مؤخراً، ربما كان لوبي حقوق الأسلحة يقترب من حافة جُرف مماثل على جبهة العلاقات العامة. فمن خلال لعب جماعة الرابطة على مصالح المتعصبين الذين يرفضون وضع أي قيود حكومية على الأسلحة النارية، فإنهم لا يمارسون الضغط من أجل حق الصيادين في الاحتفاظ ببنادق صيد الغزلان، أو حق أصحاب المنازل في الاحتفاظ بمسدساتهم، وإنما يدافعون عن حق أي شخص، بما في ذلك الأكثر جنوناً، في امتلاك أكثر الأسلحة النارية فتكاً وتدميراً، ويروجون للزعم السخيف بأنه كلما زاد عدد الأميركيين المسلحين، أصبحنا أكثر أماناً. ونتيجة لذلك، ربما تجد رابطة البندقية الوطنية قاعدة دعمها وقد تبخرت قريباً في أوساط أولئك القابلين للإقناع أو الواقفين في الوسط (اعتماداً على المنطق).
    يمكن أن ينتج اللعب على الهامش المتطرف مكاسب قصيرة الأجل للجماعات الداعمة لإسرائيل من خلال تحشيد المؤمنين وتشجيع كبار المساهمين. لكن –وكما توضح انتخابات هذه السنة والعاطفة المتصاعدة المناهضة للأسلحة- فإنه يجلب معه المخاطرة بالتعرض لضربة شعبية ارتدادية على المدى الطويل.
    يبقى المؤيدون والداعمون للدولة اليهودية أقوياء وسط كلا الحزبين في الكابيتول هيل وبين الناخبين الأميركيين بالإجمال، ولن يختفي ذلك الدعم في أي وقت قريب. لكن ذلك الدعم سوف يذبل ويخفت في حال لم يرفض قادة آيباك والتيار اليهودي السائد بقوة توجهات المغالين في التعصب والحماس ممن ينشطون وسطهم. وعلى المدى الطويل، يمكن أن يلحق هؤلاء الضرر فقط بمصالح إسرائيل ضعيفة.


    مهرجان تجدد الآمال و تبدد الاوهام
    سفيان ابو زايدة عن وكالة معا
    في طريقي الى المهرجان من بيتي في جباليا مرورا بالصفطاوي و الشيخ رضوان عبر شارع الجلاء الى ساحة السرايا التي اطلق عليها الفتحاويون ساحة الشهيد ياسر عرفات رأيت مشاهد لم اراها في اي مهرجان طوال حياتي. لاول مرة ارى الناس تذهب الى مهرجان دون ان تنتظر ان يطلب منها التنظيم صاحب الشأن ذلك، لم يكونوا بحاجة الى مكبرات صوت تجوب الشوارع على مدار ايام لكي تحث الانصار على المشاركة بعد التأكيد على ان المواصلات ستكون مؤمنه بشكل مجاني.
    على الرغم ان المهرجان بشكل رسمي كان المفروض ان يبداء بعد صلاة الجمعة الا ان الناس بدأت بالذهاب منذ الصباح الباكر عدا الالاف التي نامت ليلتها في المكان . هناك من تم تأمين مواصلات له و هناك من استخدم مركبته الخاصة او دراجته النارية او التكتك الذي يُعتبر اليوم احدى وسائل النقل الرئيسية في غزة، لكن الجزء الاكبر ذهب سيرا على الاقدام. مناطق الجنوب البعيدة نسبيا استعانت بقوارب الصيد و استعانت بالبحر لكي تصل الى المهرجان.
    المشهد الذي اذهلني و الذي لم اراه طوال حياتي انني شاهدت عائلات كاملة مكونة من اطفال صغار و شيوخ ، الامهات و الاباء، الابناء و البنات ، جميعهم يحملون الرايات الصفراء و اعلام فلسطين . جزء كبير من النساء كان غطاء الرأس باللون الاصفر ايضا و كأنهن اردن ان يقولن ان غزة يجب ان تكون اليوم صفراء . المظهر كان يوحي و كأنهم في يوم عيد و العائلة ذاهبة الى قضاء يوم ممتع مع بعضهم البعض. الشرطة المنتشرة على المفترقات تعاملت معهم بكل الاحترام و الناس ايضا عاملتهم بالمثل حيث لم يسجل حتى لو حادث بسيط بالاخلال بالنظام او الامن العام.
    وصلتُ الى مكان المهرجان بعد ان اضطررت استخدام شوارع فرعية للوصول الى مكان الاحتفال و انا احمل البطاقة الخاصة التي تسمح لي بالجلوس في الصف الاول حيث كان من المفترض ان لا يتواجد احد على المنصة الضخمة سوى عرفاء الحفل و من سيلقي الكلمات . المفاجأة او الصدمة ان الجماهير لم تترك مساحه لا لصف اول و لا حتى لصف عاشر مما اضطر القيادات التي لم تجد لها مكان سوى الصعود الى المنصة. الاخوة في النظام الذين تعرفوا علينا انا و اخي هشام عبد الرازق ارادوا مساعدتنا في الصعود الى المنصة دون جدوى و لم يكن امامنا و امامهم خيار سوى تسلقنا مثل الشبان الصغار من على الجدار.
    لم امكث طويلا هناك حيث و بعد ان صافحت بعض القيادت الفتحاوية و الشخصيات الوطنية و التقطت بعض الصور التذكارية قفزت من فوق سور المنصة لانني شعرت انها على وشك الانهيار من شدة الضغط و امضيت بقية الوقت واقفا مع الجمهور . المنصة و تنظيمها و السيطرة عليها هي نقطة ضعفنا دوما.
    على اية حال ، ادركت ان الناس لا تريد ان تسمع خطابات و لا تريد ان تسمع كلمات . الناس اتت للمهرجان لكي تُسمع صوتها لا لتسمع اصوات القيادات. هذه الالاف المؤلفة التي لا يستطيع احد ان يعطي رقما دقيقا عن عددها الحقيقي اتت لتقول التالي:

    اولا: ان غزة ليست لحماس وحدها كما انها لن تكون لفتح وحدها . كأنها تريد ان تقول لحماس صحصحي لان فتح ليست تنظيما عابرا او هامشيا بل هو يمثل قطاعات واسعه من الشعب الفلسطيني. ارادت ان تقول لحماس ان الستة سنوات الماضية يجب ان تكون من خلفنا و ان صفحة جديدة من العلاقات يجب ان يتم صياغتها بين القوى الفلسطينية المختلفة، خاصة حركتي فتح و حماس. اتت لتقول ان الثورة و المقاومة و النضال و الشهداء و الاسرى و الجرحى و الاعتقالات و اسر الجنود و تبادل الاسرى و كل اشكال النضال المختلفة بدأت منذ ان انطلقت حركة فتح و هم هناك اليوم لكي يرسخوا هذه الحقيقة لكي لا تمسح من الذاكرة .

    ثانيا: الجماهير الفلسطينية اتت لتقول ان غزة هي الشعلة التي لا تنطفئ و انها ليست عبئ على القضية و الشعب الفلسطيني و ان احد لا يصنع لها معروفا عندما يقدم لها ما هو واجب، بل هي الرافعة لهذه القضية و هذا الشعب و انها دائما حاضرة في المقدمة كلما كان هناك خطرا يحدق بهذه القضية. غزة بأهلها و قياداتها و فصائلها ستبقى الحارس الامين على فلسطين القضية و فلسطين الشعب . ارادوا التأكيد على القول الذي يتردد على لسان الكثير من القيادات ان لا دولة في غزة و ان لا دولة بدون غزة و ان الفصل بين غزة و الضفة يجب ان ينتهي بأسرع و قت.

    ثالثا: الجماهير ارادت القول اننا سئمنا الانقسام و يا فتح و يا حماس كفى التلاعب بنا ، كفى تهرب ولم يعد يجدي تحميل المسؤولية للطرف الاخر، كفى الحديث عن المصالحة من باب رفع العتب. تواجدهم بهذه الكثافة غير المسبوقة في المهرجان هي رسالة صريحة وواضحة ان الشعب يفهم ما يدور من حوله و هو يريد ان يرى انهاء للانقسام.

    رابعا: هناك من اتى الى المهرجان من باب التعاطف مع حركة فتح و ابناءها الذين ظلموا خلال السنوات الماضية و ارادوا ان يقولوا لحماس و لفتح ايضا آن الاوان لطي صفحة الماضي و فتح صفحة جديدة في العلاقات مبنية على الاخوة و المحبة و الاحترام و الشراكة و عدم شطب الاخر لان هذا الامر لم يعد ممكن.

    خامسا: هذه الجماهير جاءت لكي تبدد التخوفات و الاوهام لبعض القيادات الفتحاوية و الحمساوية الناتجة بالاساس عن غياب الثقة . هناك من حاول اقناعنا ان حماس لن تسمح مطلقا بأجراء الاحتفال في منطقة مفتوحة وسط غزة، وافقت حماس و انعقد المهرجان. هناك من قال ان حماس ستفتعل مشكلة قبل انعقاد المهرجان و خاصة بعد ان شاهدوا اندفاع الناس قبل ايام من الموعد المقرر و تفاجأوا بالانضباط المطلق لدى اجهزة الامن و تعاون غير مسبوق من قبل الشرطة التي حرصت على ان تسير الامور دون مُنغصات. من ناحية اخرى تبدد الخوف الحمساوي ان فتح سيلحمون بعضهم البعض و ان الصراعات الداخلية ستشكل خطر على النظام العام و تبدد الخوف ايضا في فقدان السيطرة. المفاجأة كانت انه لم يحدث حتى ولو خلل بسيط وكان هناك حرص فتحاوي من قبل الجميع على انجاح المهرجان و ان كل ما تردد من حديث عن اشكالات بين ابناء فتح ليس لها اي وجود على ارض الواقع.
    الحديث يطول عما حدث قبل و خلال و بعد المهرجان و لكن ما هو اكيد ان غزة قبل المهرجان هي ليست غزة بعد المهرجان.النصر هو للشعب الفلسطيني و لقضيته الوطنية الذي اثبت مرة اخرى انه اكبر من كل قياداته و تنظيماته. النصر هو لحماس لتحليها بروح المسؤولية العالية و توفير كل سبل النجاح ، و النصر هو لفتح التي اثبتت انها معادلة صعبة عصية على الشطب او الكسر.


    بقعة ضوء على يوم الجمعة المنقضية
    محمد وحيد عوض عن وكالة معا
    يوم 4/1/2013 " صاعِقة إسرائيل لهذا العام الجديد " فلا أدري إن صح التعبير وسميت ما حدث في الجمعة المنقضية بـ " تسونامي غزة " أو حتى الزحف الأصفر على ساحة الشهيد ياسر عرفات " السرايا سابقا "، فقطاع غزة هو تلك البقعة الجغرافية التي تتسم بضيق مساحتها والتي تعرضت لعوامل التعرية السياسية منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا ، حيث يتألف سكانه من 1700.000 مواطن حسب تقديرات حوسبة ونُظم الإحصاء الفلسطيني .
    بدء الصباح عندما توافد المواطنين إلى تلك الساحة التي تتسم بوسطيتها في القطاع ومساحتها الأنسب لتستوعب الكم الجماهيري الأكبر من مواطني غزة، حيث عرفها أهل قطاع غزة بتجمع السرايا الحكومي الذي قضى عليه الاحتلال الإسرائيلي خلال عملياته العسكرية ليتركه لنا ساحة خاوية لا تحتوي سوى الرُكام وبقايا الأبنية، فقررت حركة فتح بالتوافق مع حكومة غزة على استخدامها في فعالية إنطلاقة " فتح الـ 48 " وبدء العمل على تنظيفها وإزالة المخلفات التي تركها العدوان الإسرائيلي من بقايا مباني وكتل من الأحجار .
    صُعق الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الفيديو كومفرنس عندما شاهد الجماهير تتخطى المليون مواطن ليؤيدوا تواجده من جديد، الأمر الذي أدى إلى بُكاءه على الفور من شوقه لأبناءه في غزة على حد قوله، فقد أطلق العدو الإسرائيلي على هذه الإنطلاقة الجديدة باسم " احتفال المنازل الخاوية "، وقدروا تواجد المواطنين لـ مليون ومئتي شخص قرروا الاحتجاج على الواقع الذي فرضه الانقسام الفلسطيني بقطاع غزة ورفع صوتهم بالمتنفس الذي ابتكرته حركة فتح بعد أكثر من ست سنوات من الحرمان الديمقراطي .
    صُدمت حركة فتح من زحف مواطني قطاع غزة تجاه السرايا بالأفواج التي تكدست على جميع الشوارع والأزقة، ولكن تحليلي يختلف قليلاً بحجم غرابة الكثير، فكُل شاب حُرم من وظيفته وكل طفل فقد والده أو كل رجُل لم يعد قادراً على إطعام أطفاله قد ذهب احتجاجاً على الواقع في احتفالية حركة فتح وليس حباً لذاتها فقط، والبطالة التي خلقتها الستة سنوات أجبرت الكثير على الانضمام بالركب، وثقافة شعبنا قد تعدت حدود شراء الشخوص بـ " الكابونة ".
    الإعلام الإسرائيلي يعيد حساباته ويعترف مساء يوم الجمعة أن الرئيس الفلسطيني يتمتع بشعبية عالية جداً في قطاع غزة وحصل على تجديد للبيعة الفكرية لحركة فتح بحسب اعترافهم، فيما حاول الكثير بث شائعات أن المهرجان فشل نتيجة خلافات داخلية في حركة فتح ووجود اصابات بين صفوف المواطنين، إلا أن الدكتور أشرف القدرة الناطق باسم الاسعاف والطوارئ بحكومة غزة أكد على أن الاصابات ناتجة عن تدافع وتزاحم المواطنين في منطقة السرايا، فيما سارت حركة السير بشكل جيد مع وجود ازدحام شديد في جميع المداخل المؤدية إلى وسط غزة.



    ما بعد ثورة فتح الثانية
    د.تحسين الاسطل عن وكالة معا
    شكلت الهبة الجماهيرية غير المسبوقة التي شهدتها غزة ثورة ثانية لحركة فتح، وانطلاقة جديدة لام الجماهير رغم سنوات الحصار والضغط واللعب على المتناقضات والانقسام لإضعاف الشعب الفلسطيني وقيادته.
    بعد ثورة فتح الثانية لم يعد بمقدور احد الضغط على الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية والزعم انه وحده في الميدان، في محاولة يائسة للحصول على مكاسب سياسية على حساب الحقوق الفلسطينية ودور منظمة التحرير الفلسطينية، واليمين الإسرائيلي المتطرف بزعامة "نتنياهو" اكبر الخاسرين في ثورة فتح الثانية، فهو كان يراهن على الزعم أن حركة فتح والسلطة في طريقها للانهيار، فوجد عرشه يهتز أمام ثورة فتح الثانية التي فرضت علية إعادة حساباته خلال ساعات والاعتراف بقوة فتح وجماهيرها ووفائها.
    جماهير غزة الوفية قالت كلمتها في ساحة الشهيد ياسر عرفات وسط غزة ، وأكدت للعالم أنها من تصنع المكان ، فأينما كانت فتح كان الفعل والمكان ، فكما أحيت جماهير فتح ساحة الكتيبة أول مرة ، ها هي تعيد الحياة لغزة كلها ، وأصبحت غزة كلها ارض للاحتفال على مدار الأيام الماضية ، ففتح من اكتشف البندقية طريقا للتحرير ، ورسمت بدماء الشهداء الطريق إلى القدس ، فيما كانت بوصلة العرب منقسمة بين الشرق والغرب ، والبعض كان يرى أن طريق القدس تبدأ من "كابول"، إلا أن فتح أعادت رسم الخارطة نحو فلسطين ، وأقسمت أن الدم الفلسطيني لا يراق إلا من اجل فلسطين والقدس.
    الجماهير الفلسطينية في غزة أسقطت كل الحسابات التي كانت تعد الأيام للوصول إلى لحظة الإحباط والاستسلام تحت الضغوطات الأمريكية والحصار الإسرائيلي على دولة فلسطين الوليدة ، والعجز العربي ولسان حالهم الذي لم يتغير "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون" ، ولا قبل لنا "باوباما" وجنوده ، فيما كان عهد الجماهير الفلسطينية للرئيس عباس وللقيادة الفلسطينية في الثورة الثانية لفتح "سر نحو الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وإنا معك صامدون.
    جماهير فتح خرجت من وسط الركام والحطام، والأمعاء الخاوية ، والرواتب المقطوعة ، والأطفال المحاصرين الذين اشتروا من مصروفهم وادخارهم المتواضع الأعلام الفلسطينية ورايات حركة فتح الذهبية ، ليسقطوا كل حسابات الاحتلال ومن ورائه ومن سار في فلكه، فالجماهير الفلسطينية حققت الانتصار بكل مقوماته ، وحملت الرئيس عباس فارس الدولة الفلسطينية نحو الانتصار ، ومنحته القوة الدافعة الكافية للوصول إلى الهدف المحدد وإكمال المشوار على طريق الشهداء.
    بعد ثورة فتح الثانية سقطت ورقة التوت عن مدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان في البيت الأسود ، حامي الاستيطان ومشرعن الاحتلال ، وبقى مع الاحتلال وحيدا معزولا ، وأصبح عاريا أمام العالم ، بعدما خلع كل قيم الإنسانية والحرية والعدالة ، من اجل رضا غلاة المستوطنين.
    أعادت الجماهير في الراية مجددا إلى غزة ، وسجلت ثورة حقيقية أعادت رسم المعادلة من جديد ، ما يحتم على الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية الاستجابة لهذا الزخم الفتحاوي ، وإعادة تشكيله من جديد لخدمة القضية الفلسطينية ، وتحقيق المصالحة الوطنية على أسس وطنية واضحة ، فلم يعد مقبولا أن تبقى هذه الطاقات أسيرة لبعض الأجندات والمصالح والأهواء الشخصية ، فهذه الجماهير أعطت الرئيس شيك على بياض لمواصلة المشوار بقوة في مسيرته السياسية والمشروع الوطني الفلسطيني، وفي المقابل على قيادات الحركة أن ترتقي إلى مستوى الزخم الجماهيري والتلاحم مع حركة الجماهير ، وتلبية تطلعاتها في إعادة تنظيم هذه الطاقات الكامنة التي كشفت عن قوتها لتأخذ دورها الحقيقي في مؤسسات الحركة ، ويساهم كل فتحاوي في بناء الوطن في موقعة لتستمر الديمومة.
    الجماهير سجلت في غزة انطلاقة جديدة لحركة فتح ، وقيادة الحركة تتحمل المسؤولية الكاملة في هذه اللحظة التاريخية لتحافظ على هذا الزخم الجماهيري المتفجر ، حفاظا على المشروع والإرث الوطني الفلسطيني ، وحمل أمانة الجماهير التواقة إلى النصر والحرية.


    الفدرالية مشروع إسرائيلي
    حمادة فراعنة عن وكالة معا
    في مهرجان أمانة سر حركة فتح في الأردن يوم الجمعة 4/1/2013 , المكرس للأحتفال بأنطلاقتها , و ذكرى الفاتح للثورة عام 1965 , ركز قادة القوى الوطنية الأردنية منير حمارنة أمين عام الحزب الشيوعي الأردني , و مازن إرشيدات نقيب المحامين الاردينين , وبادلهم الموقف عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح على رفض أي علاقة تنظيمية او قانونية او دستورية بين الأردن و فلسطين , تحت اي مسمى فدرالي أو كونفدرالي او اي من مسميات تضليلية تحت غطاء وحدوي الأن أو مستقبلا قبل أن يحصل الشعب العربي الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعه المنهوبة , حقه في المساوة في مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 و حقه في الأستقلال في مناطق الأحتلال الثانية عام 1967 , و حق الاجئين في العودة إلى المدن و القرى التي ُطردوا منها عام 1948 , و إستعادة ممتلكاتهم المصادرة على أرضها من قبل الدولة العبرية ، و قالوا أن مشروع الكونفدرالية , مشروع إسرائيلي , يستهدف التهرب من استحقاقات التسوية القائم على حل الدولتين , و يهدف ألى تكريس الأحتلال و تهويد القدس و الغور , و رمي سكان الضفة الفلسطينية و إبعادهم الطوعي الى الأردن لسببين :

    أولهما : من خلال جعل الضفة الفلسطينية طاردة لأهلها تحت ضغط الحاجة والجوع والعطش وتدني الخدمات وضيق ذات اليد ، وفتح أبواب الخروج والهجرة الطوعية لهم .

    وثانيهما : تجفيف موارد منظمة التحرير وسلطتها الوطنية وعدم تغطية إحتياجاتها من قبل الدول المانحة وخاصة من قبل الولايات المتحدة لأسباب سياسية مباشرة ، في محاولة لإضعاف الموقف الفلسطيني وإبتزازه ، وكذلك عبر رضوخ عربي لبرنامج الضغط والتجويع الإسرائيلي الأميركي للسلطة الفلسطينية وتقليل هيبتها وتشويه صورتها أمام شعبها وإظهارها بمظهر العجز والدونية ، وحشرها في زاوية الضعف ، أمام التفوق الإسرائيلي المتحكم بمخارج ومداخل الوضع الفلسطيني برمته .
    العلاقات الأردنية الفلسطينية يجب أن تكون متكافئة بين طرفين ، ندين ، تربطهما مصالح مشتركة ، تخدم واقعهما ومستقبلهما ، وبغير ذلك ستكون العلاقة لمصلحة طرف على حساب طرف ، فكيف والحال القائم بمشروع الفدرالية ، أنها تضر بمصلحة الطرفين لصالح عدوهما المشترك : المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ؟! .
    العلاقات الأردنية الفلسطينية يجب أن تقوم ، إذا أقر الشعبين ذلك عبر ممثلين منتخبين ، وهذا يجب أن لا يتم في ظل وجود الأحتلال ، بل يجب أن يتم بعد زوال الإحتلال ، أما اليوم فيجب أن يتم ليكون كلاً منهما رافعة للأخر ، والشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية هم بحاجة للرافعة الأردنية ، لمواجهة الأحتلال وتثبيت صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ، لا أن يكون الأردن وعائاً لإستيعاب المهاجرين أو المهجرين الفلسطينيين بسبب ضيق ذات اليد والظروف الصعبة القاسية التي سبّبها الأحتلال ومشروعه الإستعماري للفلسطينيين .
    الأردن رافعة داعمة للفلسطينيين نعم ، أما أن يكون الأردن وعاء لإستيعاب المزيد من الفلسطينيين فهو مرفوض ، بكل المقاييس الأمنية والوطنية والقومية ، لأن هدف ذلك مزيد من الأعباء على الأردن وتفريغ أرض فلسطين من أهلها وأصحابها لصالح المستعمرين المستوطنين .
    مشروع الفدرالية والكونفدرالية ، مشروع إسرائيلي الأن ، بهدف تغيير الهدف الأسمى للفلسطينيين وهو قيام دولتهم على أنقاض الإحتلال وهزيمته ، ودفع الفلسطينيين نحو عناوين جانبية تُشغلهم عن هدفهم المركزي وهو مواجهة الأحتلال على الأرض ومواجهته على طاولات الإهتمام الدولية كما حصل يوم 29/11/2012 ، وكما يجب أن يكون مستقبلاً لرفع مكانة فلسطين من دولة مراقب إلى دولة عامل كامل العضوية في الأمم المتحدة ، وإكساب عضويتها في كافة المحافل والمؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة .
    الأردنيون ، بكافة شرائحهم ، يرفضون أي علاقة مع فلسطين ، لأن هدفها مشبوه غير نظيف ، من الوسطيين والقوميين واليساريين ، فلماذا هذا الخجل الفلسطيني من القيادات والفصائل ، وأنا وكافة المراقبين والقيادات الأردنية نراقب كل واحد فيهم ماذا يقول عن الفدرالية والكونفدرالية ، ولذلك معيار إحترام الأردن ومصالحه هو رفض العلاقة معه ، لأن العلاقة مع الأردن أداة ضغط على عمان لقبول مشاريع إسرائيلية ترمي إلى إزالة المشكلة الفلسطينية من على كتف إسرائيل وتحميلها على كتف الأردن .
    بناء العلاقات الوطنية والقومية واليسارية وذات المهنة الواحدة بين الأردنيين والفلسطينيين ، هو الطريق لتجسير العلاقة بين الشعبين وبين البلدين .
    الصمود الفلسطيني على الأرض ، يحمي الأردن من مخططات الوطن البديل ، ومن التهجير ، ومن محاولات إبتزاز الأردن ، وصمود الأردن ووحدته الداخلية وشبعه ووقوفه على رجليه وتماسكه هو قوة فلسطين ، تلك المعادلة التي يجب أن يفهمها الطرفين : أهل الأردن وأهل فلسطين ، وهما وكلاهما في خندق واحد ، ومصلحة واحدة ، وفي قارب واحد ، وتطلعات وطنية وقومية ودينية وإنسانية واحدة في مواجهة العدو الواحد المشترك : المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي .


    يجوّعون شعبنا للهبوط بسقفه السياسي!!
    د.حسن عبدالله عن وكالة معا
    مؤامرة تجويع الفلسطينيين لها اهداف سياسية، فبعد ان ارتفع السقف السياسي الفلسطيني كنتيجة طبيعية للصمود الذي تجسد على ارض قطاع غزة خلال العدوان الاخير والاعتراف الاممي بالدولة الفلسطينية، تسعى اسرائيل وبالتنسيق مع اطراف غربية وتواطؤ من بعض الانظمة العربية الرسمية، لمعاقبة الشعب الفلسطيني برغيف خبزه، لعلها بذلك تستطيع تخفيض هذا السقف والحؤول دون استثمار ما تحقق والبناء عليه.
    واذا كانت اسرائيل تصادر عائدات الضرائب، فان الدول العربية لم تف بالتزاماتها باستثناء الجزائر، تجاه شعب مسجون ومحاصر، استجابة لاملاءات وضغوط دول كبرى، وجدت في انجازات الفلسطينيين احراجا لها وربما تحديا لارادتها، لا سيما وان سياسات وتوجهات حكومة نتنياهو، ما انفكت تدفع باسرائيل الى مزيد من العزلة الدولية.
    فالعرب يستكثرون على الفلسطينيين مئة مليون دولار شهريًا، هي اقل من نفقات شهرية لامير او من تبرعاته لفريق كرة قدم اجنبي مشهور.
    لقد سبق وان شكك رسميون عرب في صمود المقاومة الفلسطينية امام اي عدوان اسرائيلي، وشككوا كذلك في نجاح الفلسطينيين في الجمعية العامة للامم المتحدة، لكن الفعل الفلسطيني الميداني والسياسي قذف بشكوكهم في الهاوية، فراحو يضعون العصي في دواليب العربة الفلسطينية المنطلقة لتعطيلها واجبارها على المراوحة في المكان ذاته دون احراز اي تقدم الى الامام.
    ويتناسى المرتهنون لمشيئة جهات خارجية، ان الفلسطينيين بصمودهم واصرارهم يدافعون عن العروبة وعن المقدسات الاسلامية والمسيحية المستهدفة.
    ان سياسة التجويع هذه، يجب ان تشكل دافعا ومحفزا للفلسطينيين لرص صفوفهم وتحقيق وحدتهم الوطنية، لان التجويع يطالهم جميعا،ولا يفرق بين انصار فصيل و اخر، بخاصة وان وحش الجوع المفترس يتربص بالمزارع والتاجر الصغير والموظف وربة البيت والطالب والطفل ولا يستثني احدًا اللهم سوى تلك الفئة الكمبرادورية التي تتضخم ارصدتها على حساب جوع غالبية الشعب. انها فئة صغيرة قد سلخت نفسها منذ سنوات عن الجسم الوطني ولا تنتمي الا للسمسرة والمال وترويج وتسويق بضائع ومنتوجات الاخرين، على حساب المنتج الوطني.
    ان الخروج من الازمة الاقتصادية بقدر ما هو واجب العرب المقتدرين، هو بالدرجة الاولى مهمة فلسطينية، حيث لا يمكن لنا النجاح في مواجهة التحديات ونحن نعيش حالة من الانقسام السياسي والميداني، في ظل تباطؤ مقصود في انجاز مصالحة وطنية شاملة ليست على الورق، وانما على ارض الفعل والتطبيق، فالانقسام يضعفنا سياسيا ودبلوماسيا وميدانيا واقتصاديا، ويظهرنا امام العالم مجموعات متصارعة لا يهمها الوطن بل الفصيل ونفوذه.
    كما ان الجهات المعنية بالاقتصاد، ستظل تقودنا من اخفاق الى اخر، في ظل غياب استراتيجية اقتصادية تضع مداميك قوية لدولة مستقبلية ليست تابعا او ذيلا او مجرد سوق للاخرين.
    اما المواطن فهو الاخر يتحمل مسؤولية، فاذا استمر غارقًا في ثقافة الاستهلاك فانه يتحول الى شريك في تجويع اسرته، حيث تابعت مؤخرًا تحقيقًا اجراها تلفزيون وطن، بيَن واستنادًا الى ارقام و معطيات ان سبعة وسبعين الف موظف فلسطيني مديونون للبنوك اما بسبب ديون عقارية او ديون ذات طابع استهلاكي كشراء سيارة حديثة، بمعنى ان ما يقارب 40% من الموظفين الحكومين يعملون لتسديد ديونهم، واذا ما تأخرت الرواتب فانهم يتأكلون انتظارًا ويعانون خشية عدم قدرتهم على التسديد.
    لذلك نحن بحاجة الى استدعاء تجاربنا الابداعية من التاريخ القريب في التعامل مع الاقتصاد، لا سيما في تعزيز وتدعيم الاقتصاد الشعبي والتعاوني وتثقيف ابنائنا ثقافة اقتصادية بعيدة كل البعد عن الكماليات التي سادت في السنوات الاخيرة، والا فسوف يقتصر دورنا على انتظار التحويلات من الخارج، او انتظار افراج الاسرائلين عن اموالنا التي يعاقبوننا بها.
    ان الاعتراف بدولة فلسطين يتطلب استراتيجية اقتصادية تنطلق من الذات وخصوصية وضعنا حتى يصبح بمقدورنا ان نحك جلدنا بظفرنا وليس بأظافر الاخرين التي يبدو انها لن تصل جلودنا ابدا.


    في غزة ثمة عيد
    موسى أبو كرش وكالة معا
    كل شيء في غزة كان يشي بالفرح، ويرهص لاحتفال وحشد جماهيري غير مسبوق، عشية احتفال حركة فتح بذكرى انطلاقتها الثامنة والأربعين.. وجوه الناس الهاشة الباشة، مواكب السيارات والدراجات النارية التي تمخر الشوارع براياتها الصفراء ومزاميرها الماجنة الهادرة.. اجتماعات القيادات القطاعية الفتحاوية ولجانها المستمرة لتذليل الصعوبات وتهيئة الأجواء لحشد جماهيري يليق بالذكرى..ساحة السرايا التي أصبحت تحمل اسم الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات والتي تحولت إلى خلية نحل لإعداد المنصة وتزيينها والأبراج المحيطة بها برايات فتح، والأعلام الفلسطينية وصور الرئيسين ياسر عرفات وأبو مازن.
    في طريقي من حي الشجاعية إلى حي الرمال في المدينة، ضرب الرجل الخمسيني كفاً بكف، وأخذ يحدث نفسه بلغة أقرب إلى الهذيان وشرع يقول « معقول يا عالم معقول يا ناس ! غزة بطولها وعرضها ما فيها باصين اثنين يقلو المعازيم !.. يا سواد وجهك يا ابو يوسف يا سواد حظك وين تودي وجهك من الناس وشو تقولهم بعد ما وزعت الكروت وعزمت الناس ودعوتهم للفرح، تقول لهم بالفم المليان، فتح شفطت كل الباصات.
    إلى جواري في المقعد الخلفي للسيارة رفعت امرأة عقيرتها بلهجة ممزوجة بالفرح ،في ناس جاءت من خان يونس ورفح بالمراكب وبعضهم جايب معاه بطاطين حتى يناموا وما يروح عليهم الاحتفال والحكي مش بس ع الباصات الحكي على السيارات كمان.
    في الاحتفالات الجماهيرية وحتى في الأعراس ثمة خوف فطري عادةً يضرب نفوس المنظمين من طارئ يقلب الاحتفاء إلى عزاء، ويعيد للأذهان المثل الغزاوي الشهير «يا فرحة ما تمّت».
    وأنا أشق طريقي وسط الحشود الهائلة التي غصّت بها الشوارع والطرق المؤدية إلى ساحة الاحتفال مشهرا بطاقتي الصحفية على صدري لتسهيل مروري إلى الساحة انفجر بي رجل، هرقلي الجثة وصرخ بي بصوت أجش «وين الجزيرة خليها تصور وين العربية، بس شاطرين يصوروا احتفالات الآخرين وما يصورونا؟.
    في شارع عمر المختار الرئيس كانت الحشود ما انفكت بأعلامها وراياتها وهتافاتها تصب في ساحة الشهيد ياسر عرفات متقاطعة مع حشود أخرى، غصّ بها شارعا الشهداء والجلاء المؤديان للساحة، فيما علت رايات وهتافات مسيرات أخرى ظلت تجوب شارع عمر المختار إلى ميدان الجندي المجهول وتنكفئ راجعةً إلى الساحة بأعلامها وصخبها.
    عند مفرق السرايا انقطعت بي الخطى وكان من المتعذّر علي أن أخطو اكثر من ذلك وسط هذا الزحام الكثيف، وكان عزائي كلمة قالها لي أحد الزملاء العاملين بإحدى الفضائيات «حافظنا على موقعنا قرب عربة البث ولكن الجموع زاحمتنا، ورويدا رويدا وجدنا أنفسنا خارج التغطية، عفوا خارج الساحة».
    في طريق عودتي إلى المكتب كانت حشود النساء والأطفال والشبان المسربلة بالرايات الصفراء لازالت تتوافد إلى الساحة، تعلو وجوههم بهجة حقيقية، بهجة لم تعهدها غزة منذ سنوات ،على باب المصعد في برج الشروق كان جمع من الزملاء الصحفيين والمراسلين بانتظار الصعود إلى مكاتبهم في الأدوار العليا ومن بينهم أطفال لأحد الزملاء, سألته كيف ستغطي وأنت تصحب ثلاثة من الأطفال، قال لي لم أستطع منعهم من المجيء وهم يلحون عليّ وأمهم منذ ثلاثة أيام.
    مقهى رنوش الواقع في الدور الثاني من البرج سمح لنا بالدخول بصعوبة وعندما سألت أحد ندّاله قال لي : «من أين لنا بمقاعد وأراجيل وحمامات لهذه الحشود التي ملأت المقهى ؟»
    في الطابق الرابع عشر في البرج كان المشهد في ساحة الشهيد ياسر عرفات والشوارع المحيطة به طاغياً بجموعه وراياته الصفراء, فيما كان الجواب الذي يصلنا كلما حاولنا الاتصال بزميل « لا يمكن الوصول إلى الرقم المطلوب حالياً» اما الرسالة الوحيدة التي أرسلتها لزميل عبر الجوال فقد وصلته بعد ساعتين وهو يشرب القهوة معي بالمكتب..!
    غادرت مكتبي عائداً إلى البيت مع غروب شمس الجمعة, فيما كانت الأسر الفلسطينية تأخذ راحتها في حديقة الجندي المجهول فتساءلت وأنا أتجول بينهم ترى هل تضيف غزة إلى أفراحها فرح وأد الانقسام عما قريب؟!.


    انتهى موسم الانطلاقات ...
    سامي الأخرس عن سما الإخبارية
    بانتهاء احتفال حركة فتح بانطلاقتها، وضعت القوى الوطنية والأحزاب الفلسطينية الرئيسية الأربعة حدّ لعملية التبارز والتأطير والتسارع في الحشد الجماهيري والبذخ المالي، والخلاصة كلّ حزب بما فعل فرح، فحركة الجهاد الإسلامي بادئة الاحتفالات فرحت بما حَشدت وأنجزت وبكل تأكيد غير نادمة على ما صرفت من أموال، وما حشدت من أعداد، أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم تحتفل هذا العام بالشكل التقليدي بل اقتصرت احتفالاتها على مسيرة جماهيرية، واحتفالات مناطقية كان أكثر وأبهى ما بها المناضلة ليلى خالد، ولذلك فهي قننت بعضًا من حجم البذخ المالي، وربما هو من باب الضائقة المالية التي تعاني منها الجبهة الشعبية وليس من باب أخر.
    أما حركة حماس التي كانت منتشية بالنصر في المعركة الأخيرة، وقصفت القدس وتل أبيب، وأعادت أو استقبلت رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في غزة استقبال الفاتحين المنتصرين، ونائبه في غزة، حاولت أن تجعل من انطلاقتها رمزية لوجودها وقوتها الجماهيرية كقوة أولى، وتسويق رئيس مكتبها السياسي للمرحلة القادمة، وتأكيد على المشروع المنفذ في المنطقة وعنوانه الأبرز الإسلام السياسي، وبكل تأكيد انتشت حماس وشعرت بالزهاء ممّا حققته في انطلاقتها، ولو كان بالإمكان لفعلت أكثر ممّا كان، ثم كان الختام مسك بانطلاقة حركة فتح الممنوعة منذ خمس سنوات من الاحتفال، وبعد عملية مخاض عسيرة وشد وجذب مع حكومة غزة المقالة على مكان الاحتفال استطاعت أن تعبر فتح وجماهير غزة عن حرمان السنوات السالفة بحشود بالنسبة لي غير مفاجئة وغير صادمة كما صورها البعض، بل أنه لو أن ظروف حركة فتح الداخلية كانت أفضل ممّا هي عليه لكانت الحشود أكبر، وعليه أنتاب فتح شعور بأنها استعادت عرشها المسلوب منها منذ 2006، وبدأت تتحدث بلغة القوة والنصر، وهي نفس لغة حماس بعد معركة غزة الأخيرة.. ولكن ماذا نقرأ من موسم الانطلاقات؟
    يقتصر الحديث هنا عن حركة الجماهير الفلسطينية، ومشاركتها في موسم الانطلاقات، وخاصة مع حركتي فتح وحماس، وما هي المتغيرات الجماهيرية التي حيرت المراقبين والمحللين السياسيّين في تحولاتها خلال أيام، حيث ما بين حشود حماس وحشود فتح سوى أيام معدودات.
    البداية تؤكد أن هناك حالتين، الأولى هي حالة الإجبار للخروج وهي ممثلة بالحالة الحاكمة التي تتطلب من كل الموظفين والعاملين والعناصر الملتزمة تنظيميًا بأسرهم الخروج إلى الاحتفال، والثانية حالة التثوير التي لا تعتمد على التأطير الحزبي فقط، بل على حالة التعبير عن موقف أو عن ثوريتها ضد موقف.
    في عام 2006 مع الانتخابات التشريعية الفلسطينية، كانت جماهيرنا الفلسطينية قد أتخمها فساد السلطة، وفساد رموزها، وظلم أجهزتها الأمنية والمدنية للمواطن الفلسطيني، فكان الشكل الظاهري يقول أن الأغلبية للحزب الحاكم، ولكن في الباطن كانت الجماهير تترقب الفرصة للتخلص من هذا الفساد، ومعاقبة أصحابه، وبما أن الساحة الفلسطينية كانت مفرغة من البدائل الوطنية، وكانت تشهد نشاط اجتماعي وعسكري مقاوم مميز لحركة حماس، لجأت إليها الجماهير كمخلص ومنقذ مما هي فيه من ظلم الفئة أو الحزب الحاكم، فاختارت الجماهير منقذها دون النظر للتأطير الحزبي أو المشروع الأيديولوجي أو الحزبي، وإنما بحثت عن قوة منقذة لها من الفساد الذي أرهقها، وأدمى حياتها، وأضاع مستقبلها، فكان الحدث الأبرز اكتساح حركة حماس لمقاعد المجلس التشريعي، على أمل أن تجد بها الجماهير العدالة الاجتماعية، والمساواة، والحرية، ولقمة العيش الكريمة، إلَّا أنّ حركة حماس لم تأتِ بجديد بل اعتقدت أنّ هذا الاكتساح هو حصيلتها المؤطرة حزبيًا وأنه الثابت لها فواصلت نهج السلطة السابقة، وأدارت ظهرها لجماهيرها، وغضت النظر عن مظالم شعبها وشكواه، واستمرت في البحث عن حماس المغرورة بنصرها، ولم تتعامل مع حركة التغيير الفعلية، وكيفيتها، والمزاج الجماهيري، بل اعتمدت على الرصيد الكمي في تعاطيها بتعالي مع الجماهير، ولم تعد تؤمن بالتعاطي الكيفي كما كانت عليه وهي حركة معارضة، وتعالت على شعبها وحصرت نفسها في دائرة أصحاب السلطة والمتنفذين.
    فاحتفظ الناخب الفلسطيني بصبره حتى سنحت له الفرصة مرة أخرى ولكن ليس بشكل رسمي كما فعل مع حركة فتح سابقًا، ولكن بشكل غير رسمي ليعبر عن معاقبته لحماس من خلال الزحف لمهرجان فتح وهو شيء طبيعي في ظل غياب البديل أو التيار الثالث القادر على استيعاب حركة وإرادة الجماهير، فحركة الجهاد الإسلامي غير قادرة حتى راهن اللحظة عن الخروج عن دائرة البندقية فقط، والتوغل في هموم الجماهير واشكالياتها الاجتماعية والحياتية والسياسية، وإنما تعتمد على سياسة تحقيق الرضا لعناصرها والمقربين منها فقط، ولم تتفاعل مع الجماهير بفاعلية من خلال مؤسسات اجتماعية ومدنية فاعلة، رغم إنها تحاول ولكن كل محاولاتها صورية على حياء محصورة في الإطار النظري فقط. أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فهي سجينة أزماتها السابقة والحالية، ولم تتحرر بعد من هذه الأزمات، وتنحصر رويدًا رويدًا في دوائرها المغلقة، حتى إنها لم تعد تبالي بكادرها وعناصرها السابقين، وأغلقت الباب على نفسها، واكتفت بالتصريحات الإعلامية فقط، وأصاب الشلل والعجز أطرها الجماهيرية والاجتماعية رغم الخبرات والإمكانيات التي تتوفر لديها.
    بناءً عليه لم تجد الجماهير مسلكًا سوى العودة لحركة فتح مرة أخرى، رغم كلّ سلبياتها، ولكن هذه العودة كخيار لا بديل عنه، بعد إدراكها لحقيقة عدم جدوى التغيير السلوكي لحركة حماس، تحت مبدأ فاسد أفضل من فاسد وظالم. وهي الحقيقة التي أدركتها كذلك الشعوب العربية وجماهير الميادين الثورية في مصر وتونس، التي حولت مسار ربيعها إلى قوى الإسلام السياسي، ولكنها سرعان ما أدركت أن هذا البديل ما هو سوى امتداد للأنظمة التقليدية السابقة، ولم تأتِ بجديد بل أضافت الأسوأ، وعليه فقد هبت جماهير مصر الشقيقة في تحدي كامل لإعلان الدستور المكمل، وكذلك الجماهير التونسية التي تزيد تمردًا وثورة يومًا تلو يوم على اختياراتها الشعبية بعد ثورة تونس.
    هنا استذكر مقولة لحكيم الثورة جورج حبش ومدى بصيرة هذا القائد ورؤيته للأمور التي لم يتعلم منها قادة ومخططي الإسلام السياسي، عندما قال " إن أردتم اسقاط قوى الإسلام السياسي جماهيريًا سلموها السلطة" فهل كانت رؤيته هذه استدراكًا لعقلية وتفكير قادة هذه القوى، أم قراءة مستقبلية لمنهج وسلوك قادة هذه القوى.


    مهرجان "فتح".. ما الذي دفع بكل هذه الحشود..؟ ..
    اكرم عطا الله عن سما الإخبارية
    هذه غزة التي تبدو كساحر ماهر لا تتوقّف عن مفاجأة مراقبيها، وهي تُخرج كما كل مرة أرانب جديدة من أكمامها ... هي غزة التي اعتادت مفاجأة الجميع، كما اعتادت خارج حسابات العلم والمنطق، كان المشهد عجيباً آلاف الأسر التي بدأت منذ الصباح الباكر ما يشبه الحجيج إلى "السرايا" التي أقيم فيها احتفال انطلاقة حركة فتح، من الذي أخرج كل هذه الحشود؟ والسؤال الأصح ما الذي دفع كل تلك الكتل لأن تغرق كسيول بشرية ساحة الاحتفال والشوارع المحيطة بها، في تجمّع هو الأكبر من نوعه على مدار تاريخها الطويل؟
    حركة الناس كانت تشي بما هو أكبر من احتفال انطلاقة حركة فتح سواء في التحضيرات والانشغال بالتجهيزات قبل خمسة أيام من موعد الذكرى، عائلات كانت ترتّب برامجها على وقع الاحتفال، وكثير من المواطنين كانوا يجهزون بمبادراتهم الفردية ويدفعون من جيوبهم، ولمدة أيام كانت "السرايا" وجهة الآلاف من المواطنين، كانوا يقيمون احتفالاتهم كل ليلة في ظل تساؤلات مفتوحة عن الذي يحدث، فقد اعتادت الفصائل أن تحيي احتفالاتها، وهذا أصبح جزءاً من الطقوس الفلسطينية في يوم محدد تعلن فيه احتفالها المركزي، ولكن أن يحتفل الناس بفصيل محدد قبل أن يبدأ ذلك التنظيم فعالياته وقبل أيام، فهذا جديد ويحتاج إلى قراءة من نوع مختلف، أن ترى شيخاً يتكئ إلى عكّاز متجهاً صوب "السرايا"، وأن تجد أماً تحمل رضيعها الذي لا يتجاوز أسابيع من عمره تسرع باتجاه الاحتفال، وأن ترى أطفالاً وجيلاً من الذي لا يعرف عن "فتح" سوى اسمها يسارع إلى "السرايا"، فلم تشهد غزة مثل هذا الحشد البشري الهائل في مناسبات أكبر من هذه الذكرى، فمناسبة الاحتفال بخروجها الشهر الماضي من بين أنياب الموت والدمار والذي رعته حركة حماس تزامناً مع انطلاقتها لا يجد مقارنة مع حشود الجمعة الماضية.
    وفي هذا أيضاً مدعاة للتفكير والتأمل والتحليل حتى وإن كانت غزة عصية على الفهم وفقاً لحسابات السياسة وعلم الاجتماع، ولكن هناك احتمالات قد تحاول الإجابة عن ظاهرة لا يمكن تجاهلها، فحركة الشعوب هي ماكينة صناعة التاريخ، وحين يتحرّك شعب غزة بهذا الشكل فعلينا محاولة فهم ما يحدث.
    الاحتمال الأول هو أن الشعب يحتفل فعلاً بحركة فتح التي ما زالت تتصدّر الاستطلاعات، فهي حركة بسيطة وعفوية وساذجة وليست معقدة، لم تضع الناس في القوالب الأيديولوجية والفكرية ولن تلزمهم بالبيعة وغيرها، وبالتالي بقيت أقرب إلى بساطة الناس، لهذا ليس مستغرباً ـ بعد كل هذه الضربات والاعتداءات في تاريخها وتراجعها السياسي والاعتراف بإسرائيل والتنسيق الأمني وكل الاتهامات... ـ أنها لا تزال تحظى بالشعبية الأكبر، فهي حركة لم تكن معقدةً منذ انطلاقتها، بقيت تحمل بساطة المؤسس الذي أقام فكرتها البسيطة على نمط "أريد من الناس أن يقاتلوا معنا ضد إسرائيل ولا يعنيني ثقافتهم وفكرهم ودينهم ولونهم" لهذا وجد فيها المتدين والشيوعي والمسيحي وحتى اليهودي والجاهل والعاقل وحتى الفاسد والمنحل وغيره وهذه هي سمات شعبنا، بالإضافة إلى أن كل مقاتل يأخذ عشرة دنانير أردنية وهذا كان مدعاةً لاستقطاب شعب فقير مشرد لاجئ يكره إسرائيل ويحتاج المال، ووارد بقاء فتح على فكرتها القريبة التنوع وبساطة الشعب.
    الاحتمال الثاني هو أن ما حرك الناس هو احتجاج كبير على حركة حماس ونظام حكمها وانعدام فرص العمل وأزمة الاقتصاد وتراجع مستوى المعيشة وأزمة الكهرباء والحركة والضرائب وتراجع الحريات وعدم السماح بالتظاهر، فالنموذج القائم والذي قدمته الحركة هو أقل بكثير مما يريده المواطن، صحيح أن الحصار والعزلة اللذين فرضا على الحركة منعاها من تقديم النموذج ولو لم يفرض هذا الحصار ربما لقدمت ما هو أفضل، ولكن على المستوى الداخلي ارتكبت الحركة وأجهزتها الأمنية كثيراً من الأخطاء التي عكست رأياً سلبياً لدى المواطن الذي انتظر اللحظة ليعبر عنها مندفعاً في أول تجمع سمحت به حركة حماس لحركة فتح الخصم الرئيس لها في الساحة الفلسطينية بالإضافة لرغبة الناس بالاحتجاج على استمرار حالة الانقسام بين الضفة وغزة والذي أدى لتردي مستوى حياتهم على كافة المستويات.
    الاحتمال الثالث وهو أن الناس في قطاع غزة باتوا متأثرين بمشهد الانقسام في المنطقة وتحديداً القاهرة الأقرب روحياً وجغرافياً وسياسياً لهم وذلك لارتباط تاريخي بين المدينتين، فهل كان هذا التجمع الكبير في غزة هو عملية فرز بين تيارين، تيار الإسلام السياسي من جهة والذي تمثله حركة حماس في مقابل التيارات المدنية؟ فالجمهور الذي كان حاضراً لم يكن كله حركة فتح؛ لأن الإسلام السياسي حتى اللحظة لم يستطع تجاوز حالته الحزبية ويقود بعقل الجماعة لا بعقل المجموع، وبالتالي فإن نمط قيادته تدفع كل الآخرين للتوحد في مواجهته، وهذا المشهد يكاد يتكرر في مصر وتونس وربما أن تجمع الجمعة هو جزء من مشهد المنطقة.!
    كل تلك الاحتمالات واردة وربما بعضها خاطئ وربما تضاف إليها اجتهادات أخرى قد تختلف معها تماماً، ولكن بكل الظروف، فإن هذا الحشد الكبير الذي خرج بعيداً عن تحضيرات الفصائل، وإن لعبت حركة فتح دوراً في الترويج والتحضير وكذلك التسهيلات الكبيرة التي قدمتها حركة حماس من أجل إنجاح المهرجان، لكن حركة الشعب هذه تحتاج لوقفة من قبل كل الذين يقودونه والذي أثبت أنه في واد وقيادته المترفة بحوارات المصالحة المستمرة إلى ما لا نهاية في واد آخر، فالشعب قال كلمته إنه يريد إنهاء هذه الحالة الشاذة، فهل تجد هذه الصرخة آذاناً صاغيةً أم أنها ستكون كصوت صارخ في البرية وسيستمر قادة فتح وحماس في إغلاق آذانهم كما السنوات الماضية ؟ هذه هي الرسالة الأبرز للمهرجان فالجيل الطاغي يوم الجمعة هو من لم يشارك في الانتخابات الماضية، وتحرمه الفصائل وتصادر حقه في الانتخابات وتقرير مصيره، فماذا لو قرر التحرك وحده؟
    على حركة فتح أن تشكر الغباء الإسرائيلي الذي يعود إليه وحده الفضل بإقامة مهرجانها وإعطائها فرصة كبيرة للاستعراض، فالعدوان على غزة أحرج السلطة في الضفة من أن تمنع احتفالات حركة حماس بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقتها، فما كان من حركة حماس إلا المعاملة بالمثل، ولو لم تكن الحرب ربما لن يسمح لحماس على غرار سنوات القمع السابقة من إقامة مهرجانات في الضفة وهذا ما كان.
    لكن هذا المهرجان الكبير سيترك آثاراً بعيدةً إذا كان من نتائجه كما وصفت دوائر سياسية إسرائيلية الصدمة التي أحدثها لدى إسرائيل من تأييد لفتح وأبو مازن في غزة ستكون أولى تلك النتائج دفن المشروع الإسرائيلي بفصل غزة ودفعها باتجاه مصر، فشعب غزة خرج ليقول إنه يتوق للارتباط بالضفة.
    النتيجة الثانية هي أن هذا الحضور الذي فاجأ الرئيس نفسه سيستغله الرئيس على المستوى الإقليمي باعتبار أن غزة لا يحكمها لكن الكتلة الأكبر من شعب غزة بإمكانه القول بعد اليوم أنها مؤيدة له، فهي رسالة لم يكن يحلم بأن تصل للإقليم الذي بدأ يتعامل مع غزة على غير ذلك.
    لكن النتيجة الثالثة وهي الأهم داخلياً هي أنه لا يمكن لحركة فتح أن تقصي حماس في الضفة، وقد جربت سنوات، وكذلك لا يمكن لحركة حماس أن تنهي فتح في غزة مهما حاولت، فالتاريخ قال إن حماس قوية وفتح عصية، فما بالنا لو توحدت تلك القوتان بالتأكيد ستبنيان تاريخاً جديداً كل الشعب بانتظاره.
    غزة تدق على جدران الخزان، نحو مراجعة جديدة للعلاقة مع جماهير الشعب الفلسطيني
    محمد أبو مهادي عن الصباح الفلسطينية
    تدافع أكثر من مليون فلسطيني من غزة لإحياء الذكرى الثامنة والأربعين لإنطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، ومن لم يستطع التدافع فقد تابع بشغف ما يجرى في ساحة السرايا " ساحة الشهيد باسر عرفات" وحولها متمنياً أن يكون في قلب الحدث، كما فعل جزء ليس باليسير من سكان غزة، والفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، هذا الحشد لم يكن الأول في تاريخ الحشود الفلسطينية على أرض غزة، ولكنه الأكبر من حيث العدد حيث الدافعية عالية للمشاركة من أبناء الحركة الوطنية الفلسطينية وعامة الشعب وقطاعاته المختلفة.
    خرج الشعب بدون أوامر قيادية وحوافز مادية وصراع على مكتسبات شخصية، ليبعث الأمل في نفوس كل الوطنيين الذين شوهتهم إخفاقات التجربة ومرارة الواقع المخجل جراء إنقسام وصراع على كرباج إسمه سلطة، لم نشعر معها أنها سلطة، وأجهزة أمن لم نشعر معها يوماً بالأمن.
    الشعب الفلسطيني أسبق من قيادته وهذا ليس تزوير للواقع بل هو تأكيد لوقائع متعددة عشناها في التجربة الفلسطينية، تعرفها القيادات السياسية المختلفة، حيث حاولت كل مرة امتطاء صهوة الجماهير ولكنها سارت بهم في الاتجاه الخاطئ والمخيب للتوقعات، لهذا فقد كانت القيادة متخلفة ومتفردة وأحياناً متفرجة تجاه ما يمارس بحق الشعب الذي لا زال الحصانة الأكيدة للمشروع الوطني التحرري.
    خطيئة كبرى اذا تمت قراءة ما جرى في غزة على أنه حشد احتفالي لحركة فتح، أو أنه "تجديد البيعة" للقيادة كما حاولت بعض القيادات الفتحاوية تعريفه في وسائل الإعلام، وستتحول الخطيئة الى جريمة إذا ما تعاملت هذه القيادة مع ما رددته في الاعلام بأنه حقيقة تبني عليها حساباتها وسياساتها، وتكمل مشوارها مطمئنة البال دون تدقيق في عوامل خروج الناس بهذا الشكل المبهر محتملين عناء البقاء الطويل على أرض المهرجان والطرقات المتفرعة منه، وعدم الإكتراث بالخطابات المفترضة ومن سيلقيها وعن ماذا سيتحدث فيها.
    لا أشك في حقيقة أن جزء مهم من الجماهير المنتمية لحركة فتح كانت تواقة للإحتفال بإنطلاقة حركتها، ولكن الجزء الأكبر كان متعطشاً للحظة حرية يمارس فيها موقفه بدون قيود أو خشية من تعرضه لأنتهاك، وجزء كبير جاء بفعل رفض الواقع الصعب الذي خلّفه الانقسام وتبعات هذا الانقسام، وجزء آخر جاء من أبناء التيار الوطني الذي لا زال يتعامل مع حركة فتح كحليف وطني في منظمة التحرير الفلسطينية رغم ممارسات الرئيس بحق هؤلاء الحلفاء والتي تم الحديث عنها علانية في الآونة الأخيرة وأبرزها ما يتعلق بمخصصات الفصائل من الصندوق القومي لمنظمة التحرر.
    أبو مازن يدرك تماماً أنه أخطأ عدة مرات بحق أبناء غزة وقيادات غزة، وقد تصرف بإجراءات سياسية ومالية تنتقص من كرامة أهل غزة، ولجنته المركزية سايرته في هذه الإجراءات، بل جزء منها خطط لها في محاولة لإخراج غزة من سياقها الوطني والتاريخي، ولا زال حتى لحظة كتابة هذا المقال مصراً على ما قام به في آخر اجراء مالي يتعلق بفواتير الكهرباء قبل أيام !!!
    على كل الأحوال فإن الجماهير الفلسطينية في الوطن لا زالت تفتح المجال بإبداع كبير تجلى في مهرجان غزة للكثير من المراجعات في العلاقة معها، قبل أن تنفض من حول الجميع مع وجود إشارات لهذا الانفضاض، فمثلاً حماس في قطاع غزة شاهدت حجم الجماهير التي خرجت الى الشوارع والساحات على مدار خمسة أيام، وستفكر كثيراً بمدى صحة إدعاء أحد قياداتها قبل أيام بأنها أصبحت الفصيل الأول على الساحة الفلسطينية، وستتساءل عن سبب هذا الخروج الكبير الذي قد يعلله البعض بسبب الظروف المعيشية للسكان – الفقر والبطالة والصحة والتعليم، وقد يعلله آخرين أنه بسبب انتهاك حقوق المواطنين المدنية والسياسية والانقسام، وقد تكون تدفع ثمن ممارستها للحكم كما يجتهد البعض، المهم أن أي عاقل في هذه الحركة يمكن أن يتساءل كيف يمكن لحركة مقاومة فلسطينية أن تعيش في خصومة مع أغلبية جماهير الشعب الفلسطيني وتستقر في حكمه؟
    هناك وقائع جديدة أسس لها خروج الشعب الفلسطيني في أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة وتحت عناوين مختلفة، جانب سياسي له علاقة مباشرة بالإنقسام والحريات العامة، وجانب معيشي له علاقة بالسياسات الإقتصادية، وجانب أكثر أهمية يتعلق بفشل المفاوضات السياسية وممارسات الإحتلال المستمرة والمستفيدة من حالة الشرذمة الفلسطينية والعربية، هذه القضايا وغيرها في تفاصيل يومية ربما تدفع قيادات العمل السياسي الفلسطيني الى إعادة الحسابات في العلاقة مع جماهير الشعب الفلسطيني الذي حماها وقدم في حمايتها أفضل ما لديه، شعبنا يستحق قيادة قوية ومتماسكة ومنسجمة مع أهدافه الوطنية وتحمي الأمل في عيون الناس.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 283
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:46 PM
  2. اقلام واراء محلي 282
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:45 PM
  3. اقلام واراء محلي 281
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:44 PM
  4. اقلام واراء محلي 280
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:43 PM
  5. اقلام واراء محلي 270
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:31 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •