النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 240

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 240

    السبــت
    12 /1/2013


    أقلام وآراء من الصحف العبرية

    في هــــــذا الملف


    القيادة الاسرائيلية فشلت لانها لم تستخدم القمع للوصول الى تسوية
    لماذا فشلت دعوة تسيبي ليفني الى تشكيل جبهة تضم احزاب الوسط ـ اليسار الثلاثة الكبيرة لمواجهة نتنياهو واسقاطه؟
    بقلم:سيما كدمون،عن يديعوت

    ذواقٌ سياسي رفيع
    بقلم: جلعاد شارون ،عن يديعوت

    ينبغي السعي الى اتفاق بلا أوهام
    بقلم:شلومو أفنيري،عن هآرتس

    يتحدثون مع الارهاب
    بقلم: تسفي بارئيل ،عن هآرتس


    القيادة الاسرائيلية فشلت لانها لم تستخدم القمع للوصول الى تسوية
    لماذا فشلت دعوة تسيبي ليفني الى تشكيل جبهة تضم احزاب الوسط ـ اليسار الثلاثة الكبيرة لمواجهة نتنياهو واسقاطه؟

    بقلم:سيما كدمون،عن يديعوت

    1- في منتصف الليل
    حدث أمر ارتفاع وسقوط كتلة الوسط الموحد في مساء واحد وشقة واحدة وحديث واحد. ففي هذا اللقاء القصير في بيت شولاميت وتومي لبيد أدركت تسيبي وشيلي ويئير أنه رغم قول رئيسة حزب 'الحركة' ان بينهم الكثير من الامور المشتركة فانه ليس بينهم أي شيء مشترك ولا رغبة في الأساس في السير معا.
    واليكم ما حدث: في مساء يوم الجمعة أُجري لقاء في القناة الثانية مع تسيبي ليفني ودعت يحيموفيتش ولبيد الى تشكيل جبهة موحدة من احزاب الوسط للعمل على اسقاط نتنياهو. وأُجيبت برسالة نصية فورا قرأتها أمام عدسات التصوير دعتها فيها يحيموفيتش الى لقائها.
    بيد انه في الايام التي تلت ذلك وقعت جميع الاشياء غير الصحيحة التي أفضت بالجمهور لا الى استنتاج انه لا يوجد أي احتمال لاسقاط السلطة الحالية، بل لا يوجد أي بديل أهل لأن يفعل ذلك.
    حينما بلغت ليفني مكان اللقاء كان لبيد ويحيموفيتش قد أصبحا هناك في صالة البيت. وجلس يئير على أريكة والده وانتظرها على المائدة، شيء من الكعك وشاي القرفة. شعرت ليفني من أول جملة قيلت هناك بأنهم متلائمون.
    كان لبيد هو الذي بدأ فقال ان شيلي لا تنوي الانضمام الى حكومة نتنياهو. ولا أنوي أنا الانضمام وحدي، وورقة تين تغطي عورة حكومة يمينية وحريدية. وسأل ليفني: ما رأيك.
    ليست ليفني انسان رسائل قصيرة، فهي حينما تريد ان تُبين شيئا ما تطلب أكثر من مرة ان تبدأ من البداية، وهو شيء قد يُخرج الروح، خاصة اذا لم تكن مطلعا على الامور. ويبدو ان هذا هو ما حدث هناك في شارع ليسل في تل ابيب في منتصف الليل بين الاحد والاثنين قد يكون ذلك عدم فهم وقد يكون عدم رغبة، وربما يكون مجرد اختصار لتاريخ معسكر الوسط وصورة تخليه عن الحكم سلفا:
    قالت ليفني: ليس الامر هل ننضم أم لا، بل هل ننشئ أملا جديدا. وتحدثت عن توق كبير للجمهور الى ان تسير الاحزاب الثلاثة معا، وعن الهواتف والرسائل النصية الكثيرة التي تلقتها منذ يوم الجمعة والتي باركتها لمبادرتها. وقالت ليحيموفيتش وللبيد انه يوجد جمهور كبير من الاصوات الطافية والناس اليائسين الذين يبدو لهم ان نتائج الانتخابات قد حُددت من قبل.
    وتدخل لبيد فقال: أنا انسان واقعي، ونحن قبل الانتخابات باسبوعين ومنذ اشهر لا أحد يُعرض نتنياهو للخطر في استطلاعات الرأي. يسعدني جدا ألا يكون رئيس الوزراء، لكن هذا الآن فانتازيا. فيجب ان نعمل بحسب افتراض انه سيفوز كما يبدو. وعارضت يحيموفيتش فقالت: يجب ان نحارب الى النهاية.
    أصبح واضحا في هذه المرحلة ان الحديث عالق، لكن ليفني بدأت آنذاك تخطب مرة اخرى عن التوق وتدخلت يحيموفيتش فقالت لها: 'يا تسيبي لقد قلت هذا من قبل فما الذي تقترحينه؟'.
    أرادت ليفني ان يجمع الثلاثة مؤتمر صحافي مشترك يعلنون فيه انه استقرت آراؤهم على اتخاذ قرارات مشتركة وان يبدأوا حملة دعائية مشتركة لتبديل نتنياهو. وقالت يوجد قدر كافٍ من الموضوعات المشتركة بيننا نحن الثلاثة، مثل التساوي في عبء الخدمة، والتفاوض السياسي والتغييرات الاجتماعية التي تريدها شيلي. وسنقول للجمهور انه لا يجب عليكم ان تحتاروا بيننا. هلموا لتصوتوا لواحد من هذه الاحزاب الثلاثة ولا يهم أيها. وسألت يحيموفيتش: كيف ستقنعينهم بالتصويت لـ'الحركة' خاصة.
    قالت ليفني: لن أقنعهم وسأقول لهم: صوتوا لمن تشاؤون. لا يهمني من جهتي أن تنالي ستة نواب وينال لبيد اثنين وأنال أنا واحدا. سأكون سعيدة.
    أرادت شيلي ان تعلم هل ستوجد لافتات شوارع لهؤلاء الثلاثة. وقالت ليفني التي فاتتها المفارقة انه يجب ان يتم تقرير أمر ذلك بعد. وقالت في خلال الحملة الدعائية سننصب واحدا منا لرئاسة الوزراء، ونعلن الا أحد منا سيكون ورقة تين في حكومة نتنياهو، كما فعل باراك، وسنزن الامور بعد يوم من الانتخابات لنرى هل نتجه جميعا الى المعارضة، وحينها ستكون لبيبي حكومة قصيرة الأجل أم نفرض عليه حكومة طوارئ وطنية.
    وقال لبيد ان هذا الاقتراح غريب في رأيه. فما الذي يجعل احزابا تتنافس في الانتخابات تصدر في حملة دعائية مشتركة؟ وأكد قائلا لست حزبا يساريا، إنني حزب الوسط للطبقة الوسطى الاسرائيلية. وأنا أتوجه ايضا الى جمهور الليكود وجمهور بينيت. وكل سير مشترك يقضي على احتمال ان تنتقل اصوات من اليمين الى المركز.
    وذكرت يحيموفيتش من جهتها لليفني ان المسؤول عن عدم وجود وحدة في الوسط هي نفسها لأنها تلقت من الجميع اقتراحات وفضلت انشاء حزب. والى ذلك، أضافت تقول: اقتراحك ليس راسخا في الواقع لأنني قد أعلنت من قبل أنني لن أدخل في حكومة نتنياهو.
    وقالت ليفني انها تعلم وانها لا تتوقع ان تعلن يحيموفيتش الآن غير ذلك، لكن سيكون من الممكن بعد الانتخابات ان نزن الامور مرة اخرى، وقالت ليحيموفيتش: اذا شئت المعارضة فسنتحدث في ذلك أولست قد قلت ذات مرة انه اذا استقر رأي بيبي على ان يصبح سياسيا ديمقراطية فستزِنين ذلك.
    وغضبت يحيموفيتش وقالت لليفني: لا أعلم كيف الامر عندك، لكن كلمتي مهمة عندي واذا كنت قلت إنني لن أدخل فلن أدخل. ولا معنى لأن نعمل معا اذا لم تعاضديني وتقولي إنك لن تدخلي الحكومة على أية حال. وقال لها لبيد: انها على حق. لكنك ايضا لا تفكر مثلها، قالت له ليفني.
    صحيح، قال لبيد، أنا أعتقد انه يجب علينا جميعا ان ندخل الحكومة معا مثل نوع من حكومة وحدة وطنية من اجل منع انشاء حكومة يمين متطرف وحريديين. فهي اذا محقة بحسب نهجها وأنا محق بحسب نهجي، لكننا معا لا ننجح في ان نفهم أين تقفين أنت بالضبط. وبدأت ليفني للمرة الثالثة تتحدث عن التوق.
    يصعب ان نقول ما الذي حدث بعد ذلك بالضبط. فالانطباع عند ليفني هو ان يحيموفيتش ولبيد لم يكونا ينويان من البدء السير في حملة انتخابية مشتركة. أما انطباع لبيد ويحيموفيتش فعكس ذلك. فكلاهما على يقين من انه في يوم الجمعة حينما دعتهما الى السير معا، أرادت فقط ان توضع نفسها بصفة القائدة بين الثلاثة، وكانت تلك حيلة دعائية سطحية ولدت بسبب انخفاضها في استطلاعات الرأي، وهما يصفانها بالكذب لأنهما يزعمان ان روايتها لما حدث في اللقاء غير قريبة من الواقع. ويجب ان نتذكر ان لبيد ويحيموفيتش متنافسان سياسيان لا يوجد بينهما عشق كبير، بحيث يوجد وزن لحقيقة ان روايتيهما للأحداث متماثلتان.
    وتأثرت ليفني من جهتها حتى أعماق نفسها. وأعدت وثيقة مرتبة (يزعم لبيد ويحيموفيتش بقوة وبخلاف ما نشرته ان الوثيقة لم تُعرض عليهما في اللقاء)، وقالت انها يمكن ان تكون توصية فقط، وأخذت في حسابها انها ستضطر الى التنازل، لكنها شعرت بأن كل ذلك لم يُثر اهتمامهما وبأن اللقاء قد تم فقط لمضاءلة الضرر الذي أوقعه اقتراحها بهما. وعادت الى البيت مع شعور غير طيب.
    تقول: لم آت مع توقعات كبيرة لكنني كنت آمل ان أكون جئت مع شيء يمكن ان ينشئ حراكا. وطلبت لقاء آخر. ولم تُرد شيلي أي متابعة للامر ولم يوجد أي نقاش حقيقي لمضمون، تقول. وهي تنوي الآن ان تكرر اقتراحها، في المؤتمرات الصحافية وفي المقابلات الصحافية وفي كل مكان. وتقول اذا أرادا الرفض فليعلم جمهورهما على الأقل أنهما رفضا.
    وحينما سمع لبيد بذلك غضب، وهو شيء نادر عند شخص هادئ على نحو عام. ليس الامر أمر ما رفضناه، بل من رفضناه. ان ليفني قد نكثت بكل اتفاق كان لنا معها بعد ساعات معدودة من تصافحنا جميعا. ولا تستطيع بالضبط ان تشتكي من أننا لا نعتمد عليها.
    وهنا أمامكم تاريخ محاولة احزاب الوسط اسقاط حكومة نتنياهو.

    2- حيلة دعائية في وجه حيلة دعائية
    لم تكن مبادرة ليفني غير طيبة عند لبيد ويحيموفيتش وحدهما. فقد كان نفتالي بينيت رئيس البيت اليهودي هو الذي رأى هذه المحاولة الفاشلة شيئا وجه عليه. وبينيت على يقين من ان نتنياهو ينوي ان يضم الى الائتلاف الذي سينشأ بعد الانتخابات حزب 'الحركة' برئاسة ليفني ايضا. والبرهان على ذلك في نظره هو حقيقة ان ليفني غير مستعدة لأن تقول إنها لن تنضم الى حكومة برئاسة نتنياهو، رغم أنها تعلم ان هذا يضر بها انتخابيا.
    يذكرون في البيت اليهودي حقيقة ان رسائل نتنياهو وليفني متلائمة تقريبا. والمثال الذي قدموه بطلب مني هو انه في الوقت نفسه تقريبا تحدثوا في الليكود وفي 'الحركة' لليفني عن الحاخام ايلي بن دهان في المكان الرابع في القائمة الحزبية للبيت اليهودي وعما قاله قبل اربع سنوات. وهذا برهان قاطع عند البيت اليهودي على ان ورقة الرسائل تنتقل من ديوان نتنياهو الى يد ليفني، وهو شيء يثبت انه يوجد من يشعر بالمطاردة في كل مكان حتى في الصهيونية المتدينة ايضا.
    وسواء أكان ذلك صحيحا أم لا فان بينيت على يقين من ان نتنياهو متجه الى حكومة يسار وهو يرى في خياله نتنياهو يقوم في ولايته القادمة باجراء سياسي بضغط من الامريكيين ولأنه يخشى ان يعترضوا عليه في البيت اليهودي في اللحظة التي يكون فيها اجراء كهذا، فانه لا يريدهم معه في الائتلاف.
    ولماذا أصبح بينيت على يقين من ان نتنياهو متجه الى اجراء سياسي. لأنه يرى ان حقيقة ان امريكا غاضبة على رئيس الوزراء وان أسهمه عند ادارة اوباما قد انخفضت انخفاضا عظيما تضغط عليه وسيضطر الى الاستسلام لهم.
    وكيف يفسر ميل نتنياهو في هذه الايام خاصة الى اليمين، مثل قرار البناء في المنطقة E1، والاعتراف بالجامعة في اريئيل، وزيارته هذا الاسبوع ليهودا والسامرة ورحاليم خاصة، وهي مستوطنة صغيرة يفترض ان تُخلى بحسب كل مخطط سلام؟ ألا يشهد كل ذلك بعكس ما يقول؟
    لا في نظر البيت اليهودي. فهم يقولون ان نتنياهو يشير الى الامريكيين بأن جميع هذه الامور تتم بسبب الانتخابات فقط، وهو يعد بأن يعوضهم بعد الانتخابات.
    ليس من الممتنع بالطبع ان تكون هذه الامور حيلة دعائية اخرى في فترة حيل دعائية، وأنهم في البيت اليهودي يزعمون هذا الشيء ليجذبوا اصواتا اخرى من اليمينيين اليهم مع اطلاق مزاعم ان نتنياهو سينشئ ائتلافا مع ليفني، وأنه متجه الى مسيرة سلام وأنه ينوي ان يرضي الامريكيين. ولا يختلف هذا كثيرا عن حيلة نتنياهو الدعائية، الذي استغل هذا الاسبوع مبادرة ليفني ليدعو اليمينيين الى التصويت لليكود بيتنا لأنه يُحتاج كي يكون الليكود قويا الى ان يكون هو رئيس وزراء قويا.
    تلقى بينيت هذا الاسبوع ضربة غير سهلة حينما استقال رئيس مجلس 'يشع'، داني ديان، من عمله واعلن تأييده لنتنياهو. وقد كان بينيت الى ما قبل سنة أمين سر 'يشع' واضطر الى الاستقالة من عمله على نحو غير رسمي بسبب زيارته لجادة روتشيلد زمن الاحتجاج الاجتماعي، من غير ان يحصل على إذن مسبقا، وبسبب ما يسميه هو نفسه 'فائض الفاعلية'، أو بعبارة اخرى، لم تعجبهم حقيقة انه منطلق الى الأمام.
    إن أحداث هذا الاسبوع قد أدخلت بينيت الشديد الفاعلية في سباق آخر. وهو يأمل ألا تجوز على جمهور المستوطنين حملة نتنياهو الدعائية اليمينية فهذا سيكون إهانة لذكائهم اذا صدقوا ان ما لم يحدث في اربع سنوات سيحدث في اربعة ايام، خاصة من شخص سمى يهودا والسامرة في خطبة واشنطن 'المناطق'، أما الآن فيسميهما ارض الآباء.

    3 بين الطاعون والكوليرا
    يوجد القليل جدا من الاشياء التي تؤثر فينا، حتى إن عاصفة الطبيعة كالتي كانت هنا هذا الاسبوع تثير اهتماما أكثر من الاهتمام بالقضايا التي كان يفترض ان تثير عاصفة وتحولا وتطرقا اليها، بل تغييرا للمواقف. إن الجمهور الاسرائيلي مستنزف وغير مكترث وقد شبع من القضايا والأفاعيل. وتمر به الأحداث الحادة كأنها لا شيء. ويتلو عنوان صحافي عنوانا صحافيا، بل تُستقبل لجان التحقيق في عدم اكتراث وعدم اهتمام وعدم ثقة بها.
    هكذا استقبل الجمهور الاسرائيلي تقرير هرباز هذا الاسبوع. ونقول وأيدينا على الصدور، كم منا يهمه حقا من بين تقرير المراقب انه اسوأ هل باراك أم اشكنازي. أو أي مكتب دبر الامور بصورة اسوأ، هل مكتب وزير الدفاع أم مكتب رئيس هيئة الاركان. أو أيهما اسوأ الأشرطة المسجلة التي ضُبطت في مكتب رئيس الاركان أم حقيقة انه لا يوجد أي توثيق في مكتب وزير الدفاع لمكالمات هاتفية بسبب ادعاء وجود أعطال في الأقراص الصلبة التي سجلت فيها.
    إن الفرق عند الجمهور الاسرائيلي بين سلوك مكتب الوزير ومكتب رئيس الاركان هو تقريبا كالفرق بين الطاعون والكوليرا. فكلاهما تنبعث منه رائحة سيئة. سمى رئيس الاركان ذلك 'جيفة'، ومثل جيفة نراها قد ديست على الشارع لا يمكن ألا نحدق اليها حينما نمر بها، لكن سبب موتها أقل اثارة لاهتمامنا.
    ما الذي نفهمه من تقرير هرباز؟ نفهم ان أهم شخصين في الجيش الاسرائيلي وجهاز الامن اللذين أوكل اليهما هنا أمر الحياة والموت لا باعتبار ذلك كليشيه، قد سلكا على نحو لا تتسع له أية كلمة معابة ولا يكون أي وصف له مبالغا فيه. ويُبين التقرير ان رئيس اركاننا الذي كان مشغولا جدا باعادة بناء الجيش، كان مشتركا الى ما فوق رأسه في جمع مواد تسيء الى سمعة وزيره. وكما يحدث مرات كثيرة حينما ينشأ جهاز كهذا لجمع المواد، تشعب ليجمع مواد ايضا عمن كان مقربا من الوزير أو عمن كان يُخيل اليهم انه يبدل المعسكرات، واشتمل ذلك حتى على جمع مواد ذات طابع جنسي عن جنرال في الجيش الاسرائيلي، بل إن مساعد رئيس الاركان دس أنفه للفحص عن شؤون زوجة وزير الدفاع ليتأكد عنده هل تسافر على حساب وزارة الدفاع، وكأنه لا يكفينا تدخل نساء القادة حتى أصبح يوجد تصديق لكون زوجة رئيس الاركان كانت لها صلة دائمة ببطل القصة بوعز هرباز، تشتمل على أحاديث ورسائل في شؤون نميمة وفي شؤون تتعلق بالعلاقات بين زوجها والوزير المسؤول عنه وشؤون موضوعها اختصاصي تماما.
    لكن هذا هو نصف هذه الكأس المسمومة فقط، وفي نصفها الثاني وزير دفاع أردنا ان نأمل ان تكون قراراته موضوعية غير منحازة بسبب شؤون شخصية أو مصالح أو غرائز، فتبين لنا ان التعيينات لا تتم في الوقت وانه توجد اختلافات في الرأي غير قابلة للحل في شغل المناصب، وان مكتب باراك يعمل على الدوام للمس برئيس الاركان الذي تبين انه شاعر بالاضطهاد شعورا لا يقل عن رئيسه، وانه على يقين من ان باراك يفعل ذلك عن حسد له على شعبيته واجلال الجمهور له. وأخذت العلاقات تسوء الى درجة ان المستشارين والمقربين في المكتبين لا يتبادلون الحديث بينهم.
    ونقول بعبارة اخرى ان أهم القرارات الحاسمة بالنسبة للجمهور الاسرائيلي تتخذ في جحر ثعابين وفي جو غير موضوعي عن اعتبارات شخصية وغرائز لشخصين شاعرين بالمطاردة.
    فماذا يهمنا اذا أيهما يكون أفضل. أصبح باراك أصلا خارج السياسة، وحتى لو كان يحب ان يتسلى بحساب سنه قياسا بسن رئيس الدولة ليُبين انه ما يزال أمامه سنين كثيرة من العمل، فأسهل من ذلك ان نتخيله يجلس مع نيلي في مقهى تحت البرج الذي يسكنه من ان نراه يعود الى أبراج الكرياه.
    ويؤسفني ان أبشر اشكنازي الذي يبدو انه متجه الى السياسة بأن الجمهور الاسرائيلي قد عاقب منتخبيه على أقل مما بيّنه عنه تقرير مراقب الدولة. يخرج اشكنازي من هذه القضية كلها بعيدا جدا عما كنا نتوقع من رئيس اركان جريء بارد الاعصاب كما صُور لنا في فترة ولايته، أما الصورة التي يُظهرها التقرير فهي صورة شخص يسهل استفزازه، وهو حساس بكرامته ومتأثر بزوجته، ولا يتصرف في تقدير للامور وحكمة، هذا اذا أردنا التلطف.

    4- دخان السجائر
    قبل ذلك بيومين نشرت في 'يديعوت احرونوت' مقابلة صحافية أجراها درور موريه مع رئيس 'الشباك' السابق يوفال ديسكن. لم يكن ذلك من محققين في مكتب مراقب الدولة يطلعون على اشياء بتوسط بل شخص كان ورأى واستنشق دخان السيجار وبخار الخمر، وذاق مع القادة وجبات الطُهاة التي طُبخت في مواقع الموساد، وهو شخص كان جزءا من المنتديات الأكثر سرية في الدولة وشهد كيفية اتخاذ القرارات.
    كانت تلك وثيقة كان يفترض ان تقيم الدنيا ولا تقعدها. فهو شاهد أمين يدلي بشهادة من ساحة الجريمة ويتحدث كيف تصرف أعيان القيادة الاسرائيلية نتنياهو وباراك وليبرمان في المباحثات الأشد حرجا في شأن ايران وكأنهم يجلسون في نادي رجال فخم يدخنون السيجار ويشربون الخمر.
    تحدث المنتقدون عن التوقيت قبل الانتخابات باسبوعين ونصف اسبوع. وتحدثوا عن المصلحة، فقد قالوا ان ديسكن يتطلع الى السياسة. لكننا لم نسمع في أي مكان إنكارا شاملا للوصف.
    لم يقل أحد: لم يكن ذلك ولم يقع وان ديسكن يختلق كل شيء. ولم يُقدم ايضا أي تفسير لكون ديسكن واحدا آخر في قائمة متحدثين ادعوا امورا مشابهة على متخذي القرارات، مثل ان المصلحة الشخصية عندهم تسبق المصلحة الوطنية؛ وأنهم في المستويين العسكري والامني يخشون ان يوكلوا الى نتنياهو وباراك مهمة ثقيلة الوزن كثيرا كالهجوم على ايران؛ وتحدثوا عن محاولة الاثنين عملا خاطفا كان يمكن ان يحرق المنطقة؛ وأنهم اشتركوا معا في انطباعاتهم عن ان نتنياهو يتعوج ويمضي الى الأمام ثم الى الخلف ويمتنع عن حسم الامور وتحركه في نهاية الامر مصالح لحظية وانتهازية، أو باراك وهو الذي تحسم الامور عنده احيانا مسألة المجد الذي سيناله بعد اتخاذ القرارات.
    بعد وثيقة يقشعر لها البدن كهذه كان يُخيل الينا ان شيئا ما سيتحرك وانه لا يمكن ان يظل الناس في عدم اكتراث وان ينتقلوا عن ذلك الى معتاد عيشهم. وكان يخيل الينا ان تلك الامور ستحث الناس الذين يرون أنفسهم بديلا عن القادة الذين وصفهم ديسكن في المقابلة الصحافية.


    5- خيانة القادة
    ونوصي من لم يكفه كل ذلك ليدرك ما هو الواقع الذي نعيش فيه ان يذهب لمشاهدة فيلم 'حُماة الحمى' لدرور موريه نفسه، وهو فيلم واجب على كل مواطن اسرائيلي، وقُبل أمس في قائمة الافلام المرشحة النهائية لجائزة الاوسكار.
    إن الفيلم الذي أُجريت فيه لقاءات صحافية مع ستة رؤساء 'شباك' سابقين، يعطي المشاهد الاسرائيلي صورة مزعزعة عن واقع الحياة هنا وهو واقع لا نراه. فالاشخاص الذين اهتموا طوال عشرات السنين بأن نستطيع ان نحيا حياة سليمة، مع الابقاء على نظام احتلال قاس في المناطق، يقدمون الينا بصورة موضوعية التقرير عن الثمن الذي ندفعه عن تلك 'الحياة السليمة'.
    بل انهم يصفون بقدر ما من الرضى النجاحات العملياتية. فكرمي غيلون يصف الاغتيال 'النظيف' للمهندس يحيى عياش، وهو اغتيال أفضى الى موجة عمليات تفجيرية في الحافلات في مدن اسرائيل. ويُسوي ابراهام شالوم عمل الجيش الاسرائيلي وعمل المحتل الالماني نحو السكان في اوروبا في اربعينيات القرن الماضي.
    وهم لا يتندمون ولا ينتقدون أنفسهم بسبب الطرق التي استعملوها. بل يُبينون ان هذا هو ثمن الاحتلال: القسوة وتجاهل قيم الاخلاق، وإفساد الشباب الذين يخدمون في الجيش. ويكرر جميعهم قولهم إن القيادة الاسرائيلية فشلت لأنها لم تستغل العمل الاسود لـ'الشباك' والقمع الذي أحرز هدوءا مؤقتا للتوصل الى تسوية. ويقول الجميع على نحو ما ان الانجازات في هذه الحرب يمكن ان تكون نسبية فقط وان الطريقة الوحيدة للنصر هي التوصل الى تسوية وانهاء الاحتلال.
    'إن دولة تسيطر على سكان معادين من مليون اجنبي تكون بالضرورة دولة جهاز أمن مع كل ما يوجبه ذلك من آثار في روح التربية وحرية التعبير والتفكير والنظام الديمقراطي. فالفساد الذي يميز كل نظام استعماري سيصيب دولة اسرائيل ايضا وستضطر الادارة الى ان تشغل نفسها بقمع حركة عصيان عربي من جهة، واكتساب متعاونين وخونة عرب من جهة اخرى'.
    وفي واحد من الأحاديث الاخيرة في فيلم 'حماة الحمى' يُصادق يوفال ديسكن رئيس 'الشباك' حتى الفترة الاخيرة، ان هذه النبوءة التي تقشعر لها الأبدان للفيلسوف والمفكر إشعياء ليفوفيتش منذ 45 سنة قد تحققت كاملة، بل ان واحدا ممن أُجريت اللقاءات معهم قدّم تشخيصا آسرا وهو ان رؤساء 'الشباك' الذين اقتربوا طوال حياتهم من الارهاب حتى رأوا بياض عينيه قد تحولوا مع تسريحهم من الخدمة في جهاز الامن الى يساريين.
    ما يزال هناك اسبوعان للانتخابات وهي فترة محاسبة للنفس لكن الاحزاب صامتة. فالليكود بيتنا والبيت اليهودي وشاس والحريديون يطلبون ثقة الجمهور للاستمرار في الشيء نفسه، والساعة تتكتك لكن لا أحد ينتبه الى ذلك. وحزب العمل الذي كان يفترض ان يعرض بديلا يرفض الحديث عن الاحتلال بل انه يحتوي المستوطنين والمستوطنات. ويتحدث حزبا الوسط الآخران عن السلام لكنهما لا يقذفاننا بكلام ليفوفيتش ورؤساء 'الشباك' الستة، فيبدو هذا مثل خيانة القادة ورفضهم المواجهة وجعلنا نواجه الواقع الذي نعيش فيه.
    هل خمسة نواب ميرتس أو الستة هم كل قوة الجمهور الذي يفهم الواقع الذي نحيا فيه؟ أهذه هي كل قوة الجمهور الذي يفهم الرسالة من شهادة 'حماة الحمى'؟.


    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

    ذواقٌ سياسي رفيع

    بقلم: جلعاد شارون ،عن يديعوت

    من له مصلحة في ألا نبلغ السلام أبدا؟ الجواب مفاجيء. إن المتشاغلين بالسلام لن يربحوا في الحقيقة اذا توصلنا الى اتفاق. فالسلام عند عمال صناعة السلام – ناس مركز بيرس وأشباههم – هو عمل. وأصح من ذلك أن نقول إن السعي الى سلام هو عمل. فاذا توصلنا ذات يوم الى اتفاق فماذا سيفعل كل اولئك؟ سيظلون متعطلين مثل المسيحانيين المتدينين حقا ممن عملهم هو الانتظار والاستعداد لمقدم المسيح المخلّص، ويعتاشون من الصدقات التي تتعجل مقدمه. وحينما يأتي المخلص ماذا يفعل كل هؤلاء المحتالين؟ سيبقون متعطلين. وهكذا بالضبط سيحدث للمسيحانيين من النوع الآخر من محتالي (مسيرة) السلام.
    كيف تبدو حياة متشاغل بالسلام متخصص؟ انها لقاءات وأحاديث مع متشاغلين بالسلام من الطرف الثاني. فلن تسمعوا أبدا باتفاق الدهيشة، ومحادثات بلاطة بل لن تسمعوا بمحادثات بيتح تكفا. ولن يكون ذلك ايضا في موقع ما من مواقع "يشمل كل شيء" في تركيا. فالحديث هنا عن ذواقين ذوي أذواق متأنقة. والسعي الى السلام يحتاج الى ظروف خاصة كنبات السحلب الذي لا ينمو إلا في ظروف مثالية. سيكون ذلك دائما في مدينة حالمة مع جبال وبحيرة، في جنيف مثلا. وفي طريقهم الى اللقاء يجلسون في الأكثر في مقدمة الطائرة حيث يوجد مكان للأقدام وتُقدم وجبات فاخرة، ويتحول المقعد الى سرير وتغطيهم مضيفة في لطف لأن من المهم ان يصلوا الى المحادثات بانتعاش. وهناك في مدينة جميلة باردة في فندق فخم مع وجبات للذواقين في مطاعم جيدة، وهناك وهم ممتلئون بالأهمية الذاتية يتباحثون في أهمية السلام. وتدفع حكومات اسكندنافية ومنظمات اوروبية شتى عن الاحتفالات ويكون الجميع سعداء.
    لكن ماذا سيحدث حينما يحل السلام؟ هل ينتهي الاحتفال؟ هل يضطر كل متعطلي السلام الى البحث عن عمل حقيقي؟ إن التفكير يزعزعنا. لن يحدث هذا أبدا لأنهم لن يدعوا ذلك يحدث لا في نوبتهم اذا كان الامر معلقا بهم.
    اذا كنا نريد حقا حياة وادعة طيبة في هذا البلد، فلا يهم ان يسموا ذلك سلاما. فمجرد الهدوء سنين طويلة أمر جيد بقدر كاف بالنسبة إلينا، وإن لم تكن له صفة جليلة أو عنوان مدهش. ولن يولد الهدوء المأمول من تلامس كؤوس الشمبانيا التي يلامس بعضها بعضا في حملة صاخبة في اوروبا الكلاسيكية: اربعة مطاعم فاخرة ومحادثتا سلام وكازينو واحد وكل ذلك في ثلاثة ايام. فالهدوء سيأتي اذا أتى من هنا؛ حينما يفهم الجميع هنا من الطرفين أن الأحلام لن تتحقق كلها وان الجميع سيضطرون الى المهادنة وعندها ربما يأتي الهدوء. وسيأتي الهدوء في هدوء وتواضع وبلا احتفالات وبلا مروج خضراء وبلا استقبالات. وسنعلم أنه أتى حينما لن نسمع بالارهاب ولا بمساجد أُحرقت ايضا.
    لا تدعوا المتشاغلين بالسلام يعالجون هذا الشأن، فهو مهم كثيرا وهو يناقض مصلحتهم تماما.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ


    ينبغي السعي الى اتفاق بلا أوهام

    بقلم:شلومو أفنيري،عن هآرتس

    انقضت عشرون سنة في هذه السنة منذ كانت اتفاقات اوسلو. وبمعنى الزمن التاريخي فان المدة التي مرت منذ كانت اتفاقات اوسلو الى اليوم تساوي المدة التي مرت منذ أُنشئت دولة اسرائيل الى حرب الايام الستة: فهي سنوات جيل تقريبا، رغم ان كثيرين قد يُخيل اليهم ان الاتفاقات قد وقعت أمس أو أول أمس.
    وبازاء ذلك من المناسب ألا نُقدر فقط النجاح العظيم الذي كان في مجرد انجاز الاتفاقات، بل ان نواجه ايضا في صدق ما لم يتم انجازه.
    كان انشاء السلطة الفلسطينية علامة بدء الاعتراف الاسرائيلي بأن اسرائيل لن تستطيع ان تحكم سكانا فلسطينيين محتلين زمنا طويلا؛ وكان مجرد انشاء السلطة الفلسطينية ايضا رمزا لبدء طريق انشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل.
    ومن الواضح مع ذلك الا أحد من الموقعين على اتفاقات اوسلو ـ لا في الطرف الاسرائيلي ولا في الطرف الفلسطيني ـ تخيل ان يبقى الطرفان بعد مرور عشرين سنة على الاتفاقات عالقين في مسار وعد بدأوه بآفاق جديدة لكنه لم يثمر الثمرات المرجوة في امتحان النتيجة.
    من المؤكد ان الذين عارضوا اتفاقات اوسلو فرحون لذلك لكن هذا يجب ألا يمنع مؤيدي الاتفاقات من الاعتراف بالواقع القاسي الذي نشأ. ولا داعي الى الاستمرار في ان نظل عاشقين لانجازات الماضي؛ ومن المناسب ان نسأل كيف يمكن ان نتقدم الى تحقيق حلم دولتين للشعبين، رغم ان العشرين سنة التي انقضت لم تُفض الى النتيجة التي توجه اليها منطق الاتفاقات الداخلي. ولا يكفي تكرير شعار 'ينبغي ان نعود الى طاولة التفاوض'، بل يجب ان نواجه في صدق سؤال لماذا فشلت المحادثات بين الطرفين الى الآن.
    من السهل حصر العناية في البحث عن مذنبين، فيمكن ان نتهم التشدد الاسرائيلي (وهذا مؤكد تحت قيادة بنيامين نتنياهو)، أو عدم استعداد محمود عباس للعودة الى طاولة التفاوض؛ ويمكن ايضا ان نتهم ادارة بوش بأنها لم تحث حثا كافيا على التفاوض أو ان نتهم الرئيس باراك اوباما باعمال مخطئة في بدء رئاسته. كل ذلك صحيح لكنه لا يلخص المشكلة.
    أجرت حكومة اولمرت ـ ليفني تفاوضا مكثفا مع السلطة الفلسطينية سنتين واتجه الطرفان الى التفاوض عن ارادة خيرة واستعداد حقيقي للتوصل الى اتفاق. وكان الطرفان ايضا ذوي اهتمام شخصي بنجاح التفاوض، فلو انه أُحرز اتفاق لكان ايهود اولمرت ما يزال كما يبدو رئيس الوزراء اليوم، ولأصبح جميع ما دُبر له هامشيا بازاء الانجاز التاريخي وهو المصالحة واحراز سلام؛ أما من جهة أبو مازن فان احراز اتفاق على انشاء دولة فلسطينية بمفاوضة اسرائيل كان سيمنحه ورقة لعب غالبة في مواجهة حماس، لأنه كان يستطيع آنذاك ان يعرض نفسه على شعبه باعتباره من حقق حلم استقلاله.
    لم يحدث ذلك لأنه كلما تقدم التفاوض تبين ان الفروق في القضايا الجوهرية بين الموقف الاسرائيلي الأشد اعتدالا والموقف الفلسطيني الأشد اعتدالا عميقة جدا: فلم يتوصل الطرفان الى نقطة لقاء في قضايا الحدود والمستوطنات والقدس واللاجئين ومطالب اسرائيل الامنية. وليس قصر الزمن هو الذي منع الاتفاق بل حقيقة ان الفروق ما زالت عميقة جدا.
    ليس من الواقعي ان نزعم اليوم عشية الانتخابات ان كل ما كان يُحتاج اليه للتوصل الى اتفاق هو 'ان ندخل غرفة' مع الفلسطينيين. فالفروق لم تتضاءل في السنوات الاربع منذ ان تم آخر تفاوض بل زادت اتساعا: فقد زاد عدد المستوطنين في الضفة ويجب على من عارض مشروع الاستيطان ان يعترف بأن اجلاء 300 ألف يهودي عن الضفة سيكون أصعب من اجلاء 200 ألف يهودي، وبأن تبادل الاراضي لن يحل المشكلة. واقتراح حل مشكلة القدس باحداث وهم منطقة 'بلا سيادة' أو برعاية دولية للبلدة القديمة، فكرة ضالة اليوم كما كانت في الماضي. وعدم الاستعداد الفلسطيني للتخلي عن مبدأ حق العودة قوي اليوم كما كان في الماضي، رغم اعلان أبو مازن بأنه شخصيا يريد ان يعود الى صفد سائحا فقط. أما الدعم الذي حصل عليه الفلسطينيون في الامم المتحدة وسيطرة حماس على غزة فلا يقويان احتمالات اتفاق.
    ستضطر كل حكومة تنشأ في اسرائيل بعد الانتخابات مهما يكن تركيبها الى مواجهة تحد مضاعف: فمن الواضح من جهة ان الوضع الراهن وعدم التفاوض سيسيئان الى منزلة اسرائيل الدولية ويضعضعان اتفاقي السلام مع مصر والاردن وقد يفضيان الى تجديد العنف في المناطق. ولا تستطيع أية حكومة ذات مسؤولية ان تتجاهل هذه الأخطار. ومن جهة ثانية فان التفكير في أن مجرد الدخول في تفاوض سيفضي الى اتفاق بصورة آلية، وهم خطير تثبت نتائج العشرين سنة الأخيرة انه لا يوجد له أي أساس.
    ليس الصراع الاسرائيلي الفلسطيني مميزا ويمكن ان نشبهه بالصراعات في قبرص والبوسنة وكوسوفو، بل حتى في كشمير البعيدة. ولا تنحصر كل تلك الصراعات في الجانب المناطقي، رغم أن هذا الجانب قد يكون هو الأبرز، بل هذه صراعات بين حركات قومية من اجل الشرعية والسيادة والاستقلال؛ وصدامات بين روايات تاريخية متناقضة؛ وفيها مركبات احتلال واستيطان ولاجئين ومقاومة احتلال وارهاب؛ وليست هي صراعات دينية في نفسها لكن توجد فيها مركبات دينية تُعمق وتزيد في حدة الصراع وتجعل حله صعبا. صحيح ان الصراع في منطقتنا أكثر كثافة فليست القدس المنقسمة تشبه نيقوسيا المنقسمة او متروفيتسا المنقسمة.
    لم يوجد الى الآن حل لأي واحد من تلك الصراعات، فقد فشلت خطة عنان لقبرص لأن طرفا واحدا اليونان القبارصة لم يكن مستعدا لقبولها، رغم ان المجتمع الدولي قبلها وفيه اليونان وتركيا؛ وحظيت كوسوفو بالاستقلال لكن لأن جمهورية الصرب لم تعترف باستقلالها لم يُحل الصراع بينهما الى الآن؛ أما في البوسنة، ورغم ان اتفاقات الدايتون أنهت القتل والتطهير العرقي واعمال الاغتصاب، فانه لم تتشكل الدولة المتعددة الأعراق والمتعددة الأديان التي كان يفترض ان تنشأ نتاج الاتفاقات.
    لكنه في كل واحدة من هذه الحالات حتى مع عدم وجود اتفاق نهائي، تم احراز تقدم جزئي بسلسلة اتفاقات بينية وخطوات تبني الثقة، واجراءات أحادية ونظم اخرى. ولم يمنع عدم وجود اتفاق على انهاء الصراع تقدما فعالا في ادارة الصراع وجعله معتدلا لا بطريقة استمرار الوضع الراهن بل بتبني توجه دينامي يشتمل على استعداد للتقدم الى حل مشكلات جزئية قد يكون حجر الزاوية لاتفاقات أشمل في المستقبل.
    إن هذا التوجه يقتضيه الواقع ايضا في منطقتنا، رغم ان معناه هو خفض توقعات الطرفين. إن قائمة الخطوات التي تستطيع اسرائيل ان تتخذها اذا تبنت هذا التوجه طويلة من استعداد للتخلي عن استمرار البناء في المناطق الى تسهيل كبير في ظروف عيش سكان المناطق الى وقف العقاب للسلطة الفلسطينية بسبب انجازاتها في الامم المتحدة. وتشتمل قائمة الخطوات في الطرف الفلسطيني على اعتراف بالحاجة الى اقناع الاسرائيليين باستعداد الفلسطينيين لقبول مبدأ الدولتين للشعبين، وهو شيء يوجب عليهم تغييرا جوهريا في جهاز التربية والاعلام عندهم الذي يعبر كله عن عداوة عميقة لاسرائيل. ويستطيع توجه خلاق الى هذا الاختيار يجب ان يصاحبه فهم دولي لكون هذا الاختيار هو الاختيار الواقعي الوحيد، ان يعرض اجراءات اخرى بلا شك.
    ليس هذا بديلا عن التسوية النهائية، بل هو طريقة بديلة للتقدم نحوها بالتدريج. ومن يعتقد ان تدخلا امريكيا أكثر فاعلية سيفضي وحده الى اتفاق مخطئ هو ايضا: لأنه يمكن ان نرى ان قوة الولايات المتحدة كلها لم تساعدها على التوصل الى حل في قبرص أو البوسنة أو كوسوفو، ومن المهم بذل كل جهد لمحادثة أبو مازن، لكن كما نبه دنيس روس أقدم الدبلوماسيين الامريكيين الذين عالجوا الصراع، من المرغوب فيه في هذه المرحلة حصر العناية في قضايا نقطية وعدم محاولة التوصل الى تسوية نهائية ليست في متناول اليد.
    إنني باعتباري أيدت اتفاق اوسلو ورأيته اختراق طريق تاريخيا، عالم بأن الكلام الذي كتبته آنفا يعبر عن خيبة أمل لكن الصراعات القومية لا تُحل بين عشية وضحاها.
    فيجب بعد عشرين سنة محاولة لم تنجح ان نفكر من خارج الصندوق وألا نضل في الأوهام.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ


    يتحدثون مع الارهاب

    بقلم: تسفي بارئيل ،عن هآرتس

    كانت هذه سنة دامية لتركيا. اكثر من الف شخص، مدنيون وجنود، قتلوا في العمليات الارهابية التي قام بها حزب العمال الكردستاني، في ارجاء الدولة. كما كانت هذه ايضا السنة الاكثر احباطا من ناحية الجيش التركي، الذي تعرض لانتقاد شديد جدا على عدم قدرته "تصفية البنى التحتية للارهاب" الكردي. لقد قصفت تركيا قرى في اراضي العراق، كانت تتواجد فيها حسب الاشتباه قواعد حزب العمال الكردستاني، وهي تدير مفاوضات مضنية مع ايران على التعاون في الحرب ضد الاكراد، وهي قلقة من اللحظة التي يعلن فيها الاكراد في سوريا عن اقليم مستقل في شمال شرقي الدولة، في منطقة تحد بالاقليم الكردي في العراق.
    ومثل دول عديدة اخرى تقاتل ضد منظمات الارهاب، توصلت تركيا ايضا الى الاستنتاج بان لا مفر من ادارة مفاوضات مع قيادة المنظمة، كي تحقق على الاقل وقفا بعيد المدى للنار. "لا يمكنك أن تتوصل الى نتائج وتصفي المنظمة بوسائل عسكرية فقط"، اعترف الاسبوع الماضي يلتشين اكدوان، المستشار الكبير لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان. وقبل يومين من ذلك كان اردوغان نفسه أعلن بان تركيا تدير مفاوضات مع عبدالله اوجلان، زعيم المنظمة الذي اعتقل في 1999 ولا يزال محتجزا في سجن امرالي قرب اسطنبول، بعد ان خففت عقوبته من الموت الى السجن المؤبد.
    اوجلان ليس القائد الميداني، ولكن كمن انشأ المنظمة – حزب العمال الكردستاني اقيم في العام 1980 وبعد أربع سنوات من ذلك بدأ يبادر الى حرب عصابات في الدولة – فانه يعتبر الزعيم "الروحي". ومع ذلك، ليس واضحا كم يمكنه أن يؤثر على قرارات القيادات الميدانية الذين يعملون من داخل العراق. ومثل حماس أو فتح في حينه، فان حزب العمال الكردستاني يعاني هو الاخر منذ سنوات من انقسام بين قيادة الخارج وقيادة الداخل، الامر الذي يجعل من الصعب عليه ادارة مفاوضات ناجعة.
    القرار بخوض المفاوضات ليس جديدا. فقبل ثلاث سنوات حاولت الاستخبارات التركية الوصول الى تفاهمات مع اوجلان، ولكن في 2010 قرر اوجلان، الذي يقضي وقته في السجن بكتابة الكتب، الانسحاب من المفاوضات بدعوى أن الاتراك لم يتعاطوا بجدية مع اقتراحاته. وشنت تركيا في موعد قريب من ذلك هجوما شاملا على قواعد حزب العمال الكردستاني، اعتقلت مئات النشطاء وتكبدت قواتها خسائر فادحة. ولكن يبدو انه الى جانب الهجوم اجريت مع ذلك مفاوضات ايضا. في ايلول 2011 عصفت تركيا، عندما نشر على الانترنت مقطع مسجل سمع فيه رئيس الاستخبارات التركية، هكان فيدان، يدير مفاوضات مع مندوبين كبار من حزب العمال الكردستاني في اوسلو. وكان في حينه من طالب بتقديم هكان الى المحاكمة، بتهمة عقد اتصال مع منظمة ارهابية، وكان مطلوبا تدخل اردوغان لازالة التهديد بالدعوى القضائية.
    والان، مرة اخرى تحاول تركيا فحص فرص الحوار مع اوجلان. شروطه ومطالبه ليست معروفة، ولكن حسب التقارير من مصادر تركية، فان الحكومة مستعدة لان تعرض العفو عن كل من يسلم سلاحه، والسماح له بالهجرة الطوعية من الدولة، فيما تكون احدى دول اللجوء المقترحة هي استراليا. "الاتصالات مستمرة، لان علينا أن نحقق نتائج. وطالما نجد امكانية كامنة في تحقيق نتيجة، فاننا سنواصلها"، قال اردوغان في مقابلة صحفية الاسبوع الماضي. وفجأة اصبحت المفاوضات مع منظمة ارهابية مشروعة في دولة أعلنت تقليديا بانها ستقاتل في حرب ابادة ضد حزب العمال الكردستاني، ولن تجري معه اي مفاوضات.
    الحاجة الى وقف نار باتت عاجلة جدا على خلفية شبكة العلاقات الاستراتيجية الجديدة التي تطورها تركيا مع الاقليم الكردي في العراق ومع القيادة الكردية بقيادة مسعود برزاني. ومع أن برزاني وافق على المساعدة في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، ولكن تركيا تجد صعوبة اكبر مما في الماضي للضغط عليه والعمل بحزم، بعد أن اصبح شريكها الاستراتيجي. الازمة في العلاقات بين تركيا والعراق على خلفية اعطاء ملجأ لنائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، المطلوب في العراق للاشتباه بمشاركته في الارهاب، اضافة الى المساعدة التي يمنحها العراق لنظام الاسد، الى جانب الاستثمارات التركية الكبرى في الاقليم الكردي، جعلت القيادة الكردية حليفا. ولكن لهذا الحلف يوجد ثمن.
    برزاني، الذي يساعد الاكراد في سوريا بشكل نشط ويسمح لقوات الثوار الاكراد السوريين بالتدرب والتسلح في اراضيه، لا يريد أن يتخذ صورة من يقاتل بنفسه ضد "مقاتلي الحرية" الاكراد الذين يعملون ضد تركيا. وهو يفضل ان تتوصل تركيا الى اتفاق مع حزب العمال الكردستاني وتتوقف عن الضغط عليه ليصبح متعاونا.
    كما ان الضغط السياسي على اردوغان داخل تركيا آخذ في التصاعد. هذه السنة ستجرى انتخابات للسلطات المحلية، والتي مثلما في الماضي سترمز الى مدى شعبية حزب العدالة والتنمية وستثبت أو تضعضع بنية التأييد قبل الانتخابات للرئاسة التي ستعقد في السنة القادمة. لحل "المشكلة الكردية" كفيلة بان تكون بالتالي آثار سياسية ثقيلة الوزن على فرص اردوغان لينتخب رئيسا. وهكذا تنقلب الامور راسا على عقب، فيما أن المحور الذي يربط بين سجن امرالي وبين جبال قنديل في الشمال العراقي حيث يتخذ .
    حزب العمال الكردستاني قواعد له، هو ايضا المحور الكفيل بان ينقل اردوغان من مقر رئيس الوزراء الى قصر الرئاسة.



    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 239
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:31 AM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 232
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 11:45 AM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 231
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 11:44 AM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 230
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 11:43 AM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 228
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 11:40 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •