أقــلام وآراء إسرائيلي (264) الاثنين - 11/02/2013 م
في هــــــذا الملف
أوباما يطلب تجديد الفيزا
بقلم:عاموس جلبوع،عن معاريف
إصلاحُ اوباما
بقلم:أوري هايتنر،عن اسرائيل اليوم
صراع قومي في الملعب
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
لا لثلاث دول
بقلم:عنار شيلو،عن هآرتس
لعل المال ينهي الحرب في سوريا
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس ذي ماركر
النظام يخشى اغضاب موسكو والتدخل الدولي
الاسد يخوض معركة بقاء وليس له مصلحة في فتح جبهة خارجية ويسعى الى منع تدخل خارجي لوقف المذبحة
بقلم:عاموس يدلين، عن نظرة عليا
أوباما يطلب تجديد الفيزا
بقلم:عاموس جلبوع،عن معاريف
البيان عن زيارة الرئيس اوباما المرتقبة الى اسرائيل عشية عيد الفصح، جاء مفاجئا. فلم يتوقع أحد موعدا مبكرا للزيارة بهذا القدر. فما السبب في ذلك؟ وسائل الاعلام الاسرائيلية، بمعظمها على الاقل، سارعت الى الخروج بتفسيرات للامر: اوباما جاء كي يضغط على اسرائيل في موضوع التسوية مع الفلسطينيين؛ وهو يرى أن نتنياهو ضعيفا ويمكن اخضاعه؛ وهو لا يريد أن يسمع أي رفض وتسويف؛ وهو يأتي كي يؤثر على تشكيلة الحكومة.
وبالطبع سيطرح في زيارة اوباما أيضا موضوع استئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، فهذا طبيعي، ولكن مشكوك جدا أن يكون في مركز الزيارة. الموضوع هام ولكنه ليس ملحا، إذ ان هناك مواضيع أكثر الحاحا منه بكثير في المنطقة، أمام الرئيس الامريكي. ناهيك عن أنه واضح برأيي اليوم للادارة الامريكية بان احتمال الوصول الى اتفاق اسرائيلي فلسطيني هزيل للغاية. معقول ان ذات الادارة سترى كانجاز ان يبدأ الطرفان بالحديث، ولا سيما أن يبدآ بمسيرة الحديث. وتوجد هنا لنتنياهو فرصة، ذهبية حقا، لان يكشف بشكل ذكي بان الاستراتيجية الحالية لابو مازن هي ضد استئناف المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة وأنه لا يريد ولا يستطيع الموافقة على اي صيغة 'للدولتين للشعبين' اليهودي والفلسطيني'.
برأيي يوجد لزيارة الرئيس هدفان مركزيان: الاول شخصي والثاني استراتيجي. لنبدأ بالشخصي فرضيتي هي أن اوباما يريد منذ بداية ولايته الثانية ان يفتح صفحة جديدة في علاقاته مع نتنياهو. سمعنا عن أن اوباما، مثل رب الانتقام الذي في السماء، يكن الضغينة لنتنياهو وسيعاقبه كما ينبغي. لا ريب عندي أبدا بان في داخلنا من يصلون لانتقام وحشي. ولكن هذا رئيس امريكي يعمل حسب مصالح الولايات المتحدة وليس حسب اماني الاعلام الاسرائيلي. ولن افاجأ اذا ما رأينا في نهاية الزيارة الرجلين كحليفين شخصيين، على الا يفقد نتنياهو فقط كياسته، مثلما يحصل له بين الحين والاخر، فيحاول تعليم اوباما شيئا ما فكريا جديدا.
وللسياق الاستراتيجي: قبل ثلاث سنوات ونصف جاء اوباما الى القاهرة بعد أن زار السعودية، ومن هناك توجه الى العالم الاسلامي بدعوة منفعلة بأن الولايات المتحدة تعانقه وانا تتوقع أن يعانقها. اسرائيل يوك! ومنذ ذلك الحين تغيرت المنطقة تماما. كلها بحر من عدم الاستقرار، المخاطر والتردي في مكانة الولايات المتحدة. ومن داخل كل الجلبة والحرج الاقليمي هذا، تبرز الان بكل أبهتها وقوتها جزيرة الاستقرار لدولة اسرائيل. الحليف المصداق والقوي الوحيد للولايات المتحدة في المنطقة. السند المصري لم يعد. السعودية تخاف ايران، الاردن على أقدام دجاجة. تركيا تدير سياسة مستقلة، وايران لا تستخف فقط بالولايات المتحدة بل وتتقدم بثقة ودهاء لتحقيق قدرة نووية.
في هذه الايام الحريق المركزي هو في سوريا. لا ريب أن مسألة السلاح الكيميائي السوري هامة ومقلقة، ولكن يخيل لي بأن المسألة الاوسع هي ماذا سيكون في سوريا؟ هل ستكون على الاطلاق دولة سورية؟ هل ستثور صراعات وحروب خارجية على السيطرة في سوريا أو في اجزائها؟ وماذا سيكون مع حزب الله؟ وماذا ستفعل روسيا؟ وفوق كل شيء: كيف سيؤثر هذا على ايران وعلى سعيها الى السلاح النووي؟ عدم يقين شديد ملزمة إدارة اوباما بان تتصدى له وان تبلور بدائل سياسية مختلفة.
بمجرد وصول اوباما الى اسرائيل فانه يلمح بالتالي: الولايات المتحدة لا تزال جهة مؤثرة في المنطقة، واسرائيل هي شريكنا في المداولات وفي التفكير على سبل التصدي للتحديات الحالية والمستقبلية التي تشكلها المنطقة. لن افاجأ اذا كانت روسيا هدفا قريبا لزيارة اوباما، كي يحاول الاتفاق معها على 'صفقة عالمية' بالنسبة للمنطقة والمسألة الايرانية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
إصلاحُ اوباما
بقلم:أوري هايتنر،عن اسرائيل اليوم
واحزناه لأنبياء 'العزلة السياسية'، و'القطيعة مع الولايات المتحدة'، و'انتقام اوباما من بيبي' وما أشبه. ماذا سيفعلون الآن بأطنان الأوراق التي أفسدوها بتنبؤاتهم الباطلة، وبملايين الكلمات التي لا حاجة اليها، وبالسخافات التي أرهبوا المجتمع الاسرائيلي بها؟.
لماذا يزور اوباما اسرائيل فجأة، يسأل كثيرون. لأنه لم يعد مُحتاجا الى 'الصوت اليهودي'.
وجواب ذلك سهل: فقد استقر رأي اوباما على زيارة اسرائيل كي يُصلح ما أفسده في ولايته الاولى، وفي الجزء الاول منها في الأساس. فهو يعترف بأخطائه إذ كان مبتدئا، وهي التي تميز ذا ثقة بالنفس مبالغ فيها، وهو الآن وقد أصبح سياسيا ذا تجربة، عرف كيف يفهم العالم وربما ألزم نفسه قدرا أكبر من التواضع.
حينما تولى الرئيس عمله في البيت الابيض قبل اربع سنوات، كان أسير فانتازيا مسيحانية مُدعيّة هي المصالحة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي. وقد تنكر لدولة اسرائيل باعتبار ذلك بعض إظهار المصالحة للعالم الاسلامي عن ايمان بأن هذا التوجه الى ذلك الجزء من العالم سيُحدث فيه التحول الديمقراطي. وقد أصبح اليوم يعلم جيدا ان سياسته فشلت فشلا ذريعا، وان يده الممدودة رُفضت بفظاظة، وأن طريق مصالحته زاد في التطرف الاسلامي والعربي وفي الكراهية للولايات المتحدة والغرب. وهو يعلم أن ادارة ظهره لاسرائيل زادت في التطرف العربي والفلسطيني.
ويعلم اوباما ان طلبه تجميد البناء بصورة شاملة في المستوطنات لم يدفع قدما بالمسيرة السياسية بل كان عائقا فقد رفع أبو مازن فوق شجرة لم يجد الى اليوم سُلما لينزل عنها. ورأى كيف استخف به أبو مازن وأصر على تقديم خطة الحل القسري الى الجمعية العمومية للامم المتحدة برغم مراودته القوية للفلسطينيين.
ويعلم اوباما بأن دعوته في خطبته الشهيرة في القاهرة الى التحول الديمقراطي لم تدفع قدما ألبتة بالمسار الذي حاول ان يُحدثه، وتبين ان الربيع العربي الذي استقبلته الولايات المتحدة بالمباركة، تبين انه رجعية اسلامية تُحل دكتاتورية متطرفة واصولية أشد وأقسى محل دكتاتورية علمانية. لست أشارك في نظرية ان اوباما كان يستطيع ان ينقذ حكم الرئيس المصري مبارك لو أنه وقف الى جانبه، لكن تنكره لحليف الولايات المتحدة القديم ضعضع ما بقي من ثقة بالامريكيين في الشرق الاوسط وأضر ضررا شديدا بصورتهم ومكانتهم.
ويدرك اوباما جيدا أن الديمقراطية في الشرق الاوسط توجد وستوجد في المستقبل المنظور في اسرائيل فقط. وهو يدرك ان اسرائيل هي الحليفة الوحيدة للولايات المتحدة في هذه المنطقة المهمة، لا غير. وهو يدرك ان الحلف مع اسرائيل مصلحة امريكية حيوية وذخر استراتيجي لا بديل عنه للولايات المتحدة. وهو يعلم ان الرأي العام الامريكي يريد تعزيز العلاقات المميزة باسرائيل، ولا يستطيع رئيس في ولايته الثانية ايضا ان يتجاهل الرأي العام. واستدخل اوباما في نفسه انه يجب عليه ان يعزز علاقات الصداقة مع اسرائيل.
توجد في السياسة الدولية أهمية كبيرة للرموز. ولما كان تجاوز اسرائيل في زيارة اوباما السابقة للشرق الاوسط رمزا الى تنكره لها فان زيارته القريبة لاسرائيل رمز الى اصلاح نهجه وهذه ثمرة صحوته من أخطائه.
لن يأتي اوباما الى اسرائيل كي يضغط عليها وكي يحاول ان يفرض عليها نهجا لا تقبله، بل ان زيارته ترمي الى توثيق الصلة وتعزيز الحلف. وزيارته متابعة وتعزيز للجوانب الايجابية من سياسة اوباما في ولايته الذاهبة وهي المساعدة الامنية التي لم يسبق لها مثيل، وزيادة العقوبات الاقتصادية (وإن يكن ذلك في تأخر ظاهر) على ايران، وإفشال جهود الفلسطينيين لحل قسري عن طريق الامم المتحدة، والتأييد الذي لا تحفظ فيه لعملية 'عمود السحاب'.
وترمي الزيارة الى إظهار الصداقة لدولة اسرائيل واصلاح علاقاته بنتنياهو. وترمي الزيارة الى إظهار احترام حسم مواطني اسرائيل في الانتخابات. وقد حدد سفير الولايات المتحدة في اسرائيل، دان شبيرو، هدف الرحلة بأنه الحاجة الى مشاورة اسرائيل في قضايا ايران وسوريا والمسيرة السياسية (بهذا الترتيب) وهذا ما سيكون كما يبدو.
اذا أنهت الزيارة الرفض الفلسطيني وأقنعت أبو مازن بمفاوضة اسرائيل بلا شروط مسبقة فسيكون هذا خيرا فقط. لكن القضية الفلسطينية كما أوضح السفير الامريكي شبيرو هي أصلا في المكان الثالث من برنامج العمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
صراع قومي في الملعب
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
بعد نحو اسبوعين من رفع يافطات في ستاد تيدي كتب عليها 'بيتار طاهر للابد' و '70 سنة من المبادىء'، في أعقاب القرار بجلب لاعبي كرة قدم مسلمين من الشيشان الى الفريق، احرقت يوم الجمعة الماضي مكاتب ادارة الفريق في حي بيت فجان في العاصمة. وكان الحريق جزء من مشهد عنف وعنصرية تعاظم في الايام الاخيرة، يوجهها بعض من مؤيدي الفريق نحو مسؤولي النادي ولاعبيه. وفي تدريبات الفريق تعرض الشيشانين لتهديدات وشتائم، فيما أنه بعد ذلك كان رئيس الفريق، ايتسيك كورنفاين والمدري ايلي كوهين هما اللذان أصبحا هدفا للتنديد والسباب. وقد اضطر كوهين الى التجول على الملعب يرافقه حراس، وبعد الاحراق قال كورنفاين 'اني حقا أخاف على حياتي'.
حقيقة أنه في 70 سنة من وجوده يرفض بيتار القدس تشغيل لاعب عربي، هي وصمة سوداء على جبين النادي، كرة القدم الاسرائيلية وبالاساس على الدولة، التي سمحت بعنصرية فظة وبالعنف في اطار رسمي. ولكن بالذات القرار بانزال لاعبين شيشانيين في الفريق، هو فرصة كبرى للقضاء على ظاهرة بشعة.
ان ما أتاح نمو العنصرية في بيتار القدس هو الموقف الوطني من الرياضة الاسرائيلية بصفتها ميدانا يجري بالتوازي مع الدولة. نشاط العنف والعنصرية، الذي في كل مكان آخر كان يجد ردود فعل حادة من محافل فرض القانون والجهاز القضائي، ازدهر في مدرجات الاستادات دون رد فعل مناسب. وبهذا المفهوم، فان الدولة تركت بيتار القدس لمصيره.
والان، بعد أن تعاظم العنف وباتت وسائل الاعلام في العالم تعرض بيتار بصفته رمزا للعنصرية الاسرائيلية، تنهض المحافل الرسمية كي تشجب الظاهرة. غير أنه لا توجد قيمة حقيقية للاقوال العمومية (بنيامين نتنياهو: 'ممنوع علينا التسليم بسلوك عنصري كهذا')، الا اذا اسندت بالافعال.
ان سلطات فرض القانون وجهاز المحاكم ملزمة بان تنقل رسالة واضحة بان ملاعب الرياضة ليست خارج القانون. ومثل هذا الرسالة لا تنقل الا من خلال رفع لوائح اتهام ذات مغزى وتشديد مقصود للعقاب. وبالتوازي، فان بيتار القدس ملزم بان يعمل كي يدرج في صفوفه لاعبين عرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا لثلاث دول
بقلم:عنار شيلو،عن هآرتس
تشهد زيارة الرئيس براك اوباما المخطط لها لاسرائيل بتفاؤل ما عند الادارة الامريكية بعد الانتخابات هنا. وقالت وزيرة الخارجية التاركة عملها هيلاري كلينتون ان الشعب في اسرائيل يريد تغييرا داخليا وخارجيا، وهناك أمل الآن في الدفع قدما بمسيرة السلام. فهل هذا حق؟.
اجل فقد الليكود بيتنا الذي تميز بجمود سياسي ثلث قوته وهو شيء لم يتلقاه البيت الابيض بالصراخ والنحيب. هذا الى ان ميرتس، وهي الحزب الصهيوني الوحيد الذي رفع راية السلام والمساواة معا، قد ضاعف قوته.
ومع ذلك فان شهابي انتخابات 2013 هما يئير لبيد الذي يعارض تقسيم القدس ونفتالي بينيت الذي يعارض تقسيم البلاد. وإن هرب لبيد من كتلة الوسط اليسار (التي تبين أنها وهْم) الى ذراعي بينيت يدق مسمارا في نعش السلام.
كان في مركز حملة لبيد الانتخابية تغيير داخلي لا خارجي، فقد وعد حزبه بأن يكون شاس الطبقة الوسطى. وإن حقيقة ان لبيد لا ينتمي ألبتة الى الطبقة الوسطى بل الى المئوية العليا تهكمية لكنها ليست شاذة. ففي الثورة البلشفية مثلا تحدث البرجوازيون باسم طبقة العمال.
لكن لبيد ليس لينين، وحتى لو كانت أمواج المد البحري العمياء للاحتجاج الاجتماعي قد حملته الى السلطة فانه لا يؤيد الاشتراكية الديمقراطية بل يؤيد الحفاظ على النظام الرأسمالي القائم. وهذا ما جعل نتنياهو ينقض عليه أولا: إن 'جئنا لنغير' عند يوجد مستقبل تُخلد الوضع الراهن.
لكنه يوجد فرق في صعيد التصريح على الأقل، بين نتنياهو ولبيد: فقد دارت حملة يوجد مستقبل الانتخابية حول سؤال أين المال وكان الجواب ان المال عند الحريديين والمستوطنين ويجب ان يُنقل من جديد الى الطبقة الوسطى المنهارة.
أما نتنياهو في مقابل ذلك فهو خادم الحريديين والمستوطنين وهو يرأس نظام ثلاث دول وهي: دولة اسرائيل (المميزة تمييزا سيئا)، ودولة المستوطنين ودولة الحريديين (المفضلتان). ولكل واحدة من هذه الدول الثلاث منظومة قوانين خاصة بها.
في دولة المستوطنين انشأ قائد منطقة الوسط جامعة. وفي هذه الدولة تنشأ معاهد دينية جديدة بُكرة وعشيا، مع سلب اراض فلسطينية دون تخطيط وترخيص. ويُمطر السكان بأمطار خير مالية. وقد نُشر في الآونة الاخيرة أن السفر في حافلة من بئر السبع الى دولة المستوطنين أرخص من سفر أقصر لا يجتاز خط الحدود.
وفي دولة الحريديين تُباع الشقق بنصف المجان، ويحصل الشباب على مخصصات خاصة كي يدرسوا التوراة بدل العمل أو التجنيد في الجيش. ولا يكاد سكان دولة الحريديين يدفعون الضرائب، وتمدهم دولة اسرائيل التي لا يعترف كثير منهم بها بحاجاتهم الاقتصادية والامنية.
رعت حكومات اسرائيل هذه البنية المريضة بانشائها عدم مساواة آثماً. وكانت الرسالة الخفية هي ان التوراة والارض أفضل الى الشعب. ويجب ان يتوقف هذا الوضع ووسائل توقيفه اقتصادية قبل كل شيء. فاسرائيل لا تستطيع ان تبيح لنفسها ان تنفق على مؤسسات تربية لا تُدمج الدراسات الجوهرية وتعزز بذلك البطالة والفقر. إن تقليص النفقة على المعاهد الدينية سيعدل بالحريديين الى سوق العمل والجيش. وينبغي نقل المخصصات والخدمات ومنها زخم بناء رخيص وسكن في متناول اليد، من دولتي المستوطنين والحريديين الى دولة اسرائيل. وهذا ايضا مفتاح تحسين مكانتنا في العالم ومسيرة سلمية ما.
ليس ليوجد مستقبل مستقبل باعتباره حزب تجنيد الجميع. إن مهمته أوسع وهي ألا يسمح بوجود ثلاث دول هنا. إن حلف لبيد وبينيت يشهد بأن يوجد مستقبل يتبنى دولة المستوطنين ويخون وعوده للناخبين حتى قبل انشاء الائتلاف. وليست هذه سياسة جديدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لعل المال ينهي الحرب في سوريا
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس ذي ماركر
طابور بطول كيلومترين اثنين امتد بين محطة الوقود في أحد أحياء دمشق وبين السيارة الاخيرة التي تنتظر دورها. السائق يغفو على مقوده فيما أن خلفه، ينام أبناء عائلته. ويحتمل أن يمر يوم الى أن ينجح في الوصول الى نقطة التعبئة. معضلته هي: هل يغلق السيارة، يسير مشيا على الاقدام الى بيته، يبقي حارسا قرب سيارته ويأتي غدا أم يقضي الساعات الطويلة داخل سيارته دون أن يعرف اذا كان المخزون سينفد في محطة الوقود ام ربما يتعين عليه على الاطلاق ان يبحث عن محطة وقود اخرى الطابور فيها أقصر.
على مسافة بضع مئات الامتار منه يرى كيف أن اصحاب السيارات يدفعون سياراتهم نحو المحطة توفيرا للبنزين. كما انه لا يعرف ماذا سيكون سعر الوقود حين يصل الى المحطة.
هذه التوصيفات القاسية لازمة الوقود في سوريا تملأ مواقع الانترنت. وهي تروي القصة الحقيقية خلف المعطيات الكبرى التي تشير الى الازمة الاقتصادية الهائلة التي تلم بسوريا.
عن هبوط قيمة الليرة السورية بمعدل أكثر من 60 في المائة جرى الحديث طويلا. ولكن عندما يكسب الموظف السوري 160 دولار في الشهر وسعر الوقود غير الرسمي يزيد عن 1.5 دولار للتر، حين ترتفع اسعار الانتاج الزراعي بـ 120 في المائة، وعندما ترتفع أسعار الغذاء للاطفال في 22 شهرا من القتال لاكثر من 300 في المائة، وعندما لا تنجح الحكومة في أن تراقب أسعار المنتجات الاساس، التي أصبحت فرصة ذهبية للتجار الكبار فان الدولة تكون تندفع في منحدر التحطم دون قدرة تحكم.
يحاول وزير التجارة السوري تهدئة الخواطر والوعد بان لدى الحكومة مخزونا كافيا من البنزين والمازوت. 'المشكلة هي في النقل فقط'. ولكن الامور أبعد من أن تهدىء الروع. إذ أن سائقي ناقلات الوقود يخشون من قطع الطرق بعضها يسيطر عليها الجيش السوري الحر، بعضها عصابات وميليشيات ولا يهم على الاطلاق ان تكون هناك وقود في مكان ما في الدولة.
المعهد السوري للبحوث السياسية نشر الاسبوع الماضي معطيات مقلقة عن صندوق الدولة الفارغ، فاذا كان لدى سوريا في العام 2010 احتياطي عملة صعبة بمقدار 18 مليار دولار، ففي نهاية 2012 هبط الى 2 مليار دولار فقط. ومع أن ايران منحت سوريا في الشهر الماضي خط ائتمان بمليار دولار، ولكن هذا المبلغ لن يراه سكان الدولة. المال سينتقل لاستخدام الجيش.
لقد بلغ العجز في الميزانية السورية في نهاية العام نحو 62 في المائة من الانتاج المحلي الخام، اكثر من 70 في المائة من رجال الاعمال غادروا الدولة، ومصانع صغيرة اغلقت في فترة الثورة بالمئات مما رفع معدل البطالة في بعض المحافظات الى نحو 40 في المائة. والتقدير هو انه اذا ما استمرت الازمة حتى العام 2015، فستصل البطالة الى 60 في المائة.
في مثل هذه الفترة لا أحد يدفع ضرائب او يسدد ديون للدولة. 'عندما أتلقى ثلاث حتى اربع ساعات كهرباء في اليوم فلماذا أدفع لشركة الكهرباء'، قال احد سكان دمشق لصحيفة 'الحياة'.
لقد خسر الاقتصاد السوري، كما يشير التقرير حتى الان، اكثر من 48 مليار دولار، نحو 82 في المائة من الانتاج المحلي الخام. وتكاد السياحة لا توجد وكذلك الاستثمارات الاجنبية. ولو انتهت الحرب اليوم، لاحتاجت سوريا الى 45 مليار دولار كي تعيد بناء نفسها.
سوريا ليست ايران أو العراق، اللذين فرض عليهما عقوبات دولية قاسية. ليس لدى سوريا نفط زائد يمكنها ان تهربه الى الخارج أو مقدرات اخرى يمكنها أن توفر لها الاموال النقدية. ومن بين نحو 21 مليون من سكانها، أصبح مليون منهم لاجئين أو نازحين يجدون صعوبة حتى في الحصول على رزم المساعدة من منظمات الاغاثة الدولية بسبب مصاعب الوصول اليها.
هل الوضع الاقتصادي وحافة الافلاس للحكومة هما اللذان سيحدثان الانعطافة ويؤديان الى نهاية الثورة في سوريا؟ ليس فورا. روسيا، مثلا، بعثت في الاشهر الاخيرة بثماني طائرات محملة بـ 240 طن من الاوراق النقدية السورية التي طبعت في روسيا. منظمة الصحافة المحققة 'بروبوبليكا' التي بلغت عن ذلك، تعتمد على وثائق الطيران التي حصلت عليها. هذا المال، الى جانب المساعدات الجارية، والمقدرة بـ 10 مليار دولار منذ بداية الثورة، كفيل بان يطيل حياة النظام الحالي.
بالمقابل، للمعارضة ايضا توجد مصاعب عديدة. قادتها يقدرون بانهم يحتاجون الى 500 مليون دولار في الشهر كي يديروا المناطق الحرة التي يسيطرون عليها، ولكن لم توجد بعد المصادر المالية التي تتيح لها وجود حياة معقولة في تلك المناطق.
معطيات الاقتصاد السوري بحد ذاتها كانت تكفي كي تعرف سوريا كدولة مفلسة، لا يوجد لها وجود حقيقي. ولكن طالما الاسد يمكنه ان يدفع الرواتب لجنوده وضباطه، وطالما كان قراره الاستراتيجي، كما يبدو حتى الان هو القتال حتى النهاية فان للتحليل الاقتصادي سيكون تأثير محدود. فما الذي سيخافه الاسد؟ العصيان المدني للمواطنين غير الراضين عن الوضع الاقتصادي؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
النظام يخشى اغضاب موسكو والتدخل الدولي
الاسد يخوض معركة بقاء وليس له مصلحة في فتح جبهة خارجية ويسعى الى منع تدخل خارجي لوقف المذبحة
بقلم:عاموس يدلين، عن نظرة عليا
حسب مصادر أجنبية عملت اسرائيل ضد قافلة كانت توشك على أن تنقل سلاحا متطورا على الارجح منظومات صواريخ ارض جو من طراز SA17 - من سوريا الى لبنان. ويطرح هذا الهجوم عدة مسائل هامة، سواء على المستوى المبدئي المتعلق بمفهوم الامن القومي الاسرائيلي أم في السياق الموضعي لتقويم الوضع حيال تشكل تهديد ذي مغزى يعرض للخطر المصالح الامنية الهامة لدولة اسرائيل.
لقد سبق لاسرائيل أن عملت في الماضي حيال طيف واسع من التهديدات المتشكلة من الجيش المصري الذي تعاظم في 1956 بعد الصفقة التشيكية، حيال ذات الجيش الذي انتشر بشكل مهدد على حدودها في ايار 1967، حيال البرامج النووية في العراق في 1981 وفي سوريا، حسب مصادر أجنبية، في 2007. سفن وقوافل سلاح للفلسطينيين هوجمت في السودان وفي البحر الاحمر، وقادة منظمات ارهابية احبطوا بشكل مركز.
السؤال هل على دولة اسرائيل ان تعمل ضد تعاظم العدو وضد تهديدات محتملة، وان توقع عليهم ضربة وقائية عسكرية ليس سؤالا تافها. يوجد نهجان متعارضان من هذا الموضوع:
المفهوم السلبي الذي يدعي انه لا توجد قدرة على معالجة كل التهديدات المتشكلة، فما بالك أن معالجتها قد تصعب الامر الى درجة حرب بل وتزيد دافع العدو للعمل على بناء قوته. هدف اسرائيل هو الحصول على فترات هدوء طويلة المدى وبالتالي ليس صحيحا العمل ضد التعاظم وتقليص فترات الهدوء. يجب بناء قوة ردع والتصدي لقدرات العدو وشل فعالتها لا يتم الا عندما يهاجم العدو دولة اسرائيل. وتبنى هذا الفهم من عارض الهجوم على المفاعل العراقي في 1981 ومن لم يصادق على الاعمال ضد تعاظم حزب الله بعد الانسحاب من لبنان في العام 2000 أو بعد حرب لبنان الثانية في 2006.
الفهم الفاعل الذي يدعي بان تجاهل التهديدات المستقبلية وبناء القوة من شأنه ان يجبي من دولة اسرائيل ثمنا باهظا، أو حتى أن يهدد مجرد وجودها، مما يستدعي في الحالات ذات الصلة العمل على ازالة التهديد المحتمل حتى بثمن احتمالات الرد والتصعيد.
في العقد الماضي أدارت دولة اسرائيل ثلاث حملات كبرى ضد منظمات الارهاب في 2006 حيال حزب الله في لبنان وفي 2009 و 2012 ضد حماس في قطاع غزة. في كل واحدة من هذه المواجهات لم تكن نية لتحقيق نصر ساحق ('انهيار حماس') وهذه أيضا لم تكن اهداف الحملات. فقد استهدفت هذه الحملات تحقيق هدوء في الشمال وفي الجنوب وتعزيز الردع الاسرائيلي. ومع ذلك، ففي الحالات الثلاثة كان واضحا بانه يجب ان يعالج ايضا التعاظم المستقبلي لمنظمات الارهاب بعد الوصول الى وقف النار. آليات معالجة التعاظم كان يفترض بها أن تكون جزء من اتفاقات وقف النار في حالة حزب الله قرار الامم المتحدة 1701، وفي حالة رصاص مصبوب قرار 1860 والتعهد المصري والامريكي. وقد فشلت الاليتان بشكل تام. في 2012 لم يكن حتى مظهر خارجي لوجود آلية لمعالجة التعاظم. وهكذا بقي الموضوع كمعضلة استراتيجية وعملياتية على طاولة اصحاب القرار في اسرائيل.
توجد أربعة اعتبارات مركزية في نقاش من هذا النوع:
وجود قدرة استخبارية وعملياتية لوقف التعاظم. وبدون هذه القدرة، لا معنى للاعتبارات الاخرى.
تقويم قيم العمل الوقائي واضح ان لا معنى للمخاطرة بالتصعيد وبرد العدو اذا لم يكن احباط التعاظم ذا قيمة. ومع ذلك، فان تعاظما ذا مغزى استراتيجي قدرات غير تقليدية، منظومات دفاع جوي متطورة. صواريخ بعيدة المدى هو هدف يستوجب النظر باهتمام شديد في امكانية احباطه.
الكلفة والمخاطر من العملية هل المخاطر من العملية، وفي مركزها رد الخصم المتوقع، احتمالات التصعيد، الكشف عن مصادر الاستخبارات والقدرات العملياتية، تبرر الانجاز من العملية الوقائية. ما هو الميزان بينهما وبين الكلفة والمخاطر من عدم اتخاذ عمل وقائي والامتناع عن ضرب تعاظم العدو؟ واضح أنه من أجل تبرير العمل الوقائي يجب أن يظهر بان هذه المعادلة تشير الى ثمن أعلى للسياسة السلبية.
اعتبارات تتجاوز مسألة التعاظم الموضعي واحباطه موقف القوى العظمى، التأثير على ساحات اخرى، المساهمة في الردع ومسائل محيطة اخرى ذات صلة.
سأحاول فحص قابلية تطبيق هذه الاعتبارات على الهجوم الاسرائيلي، حسب مصادر اجنبية على السلاح المتطور الذي نقل الى حزب الله.
في ضوء نتائج الهجوم المذكور أعلاه واضح أن لدى المنفذين كانت توجد معلومات استخبارية فائقة وقدرة تنفيذية مثيرة للانطباع لتنفيذ الهجوم.
بشكل واضح، منع نقل قدرة تنفيذية متطورة، كانت كفيلة بان تتحدى التفوق الجوي الاسرائيلي في مواجهة مستقبلية في لبنان او نصب كمين لطلعات الاستخبارات الضرورية لجمع المعلومات عن بناء قوة وتعاظم حزب الله.
تقويم رد فعل الخصم:
سوريا ليس لنظام الاسد مصلحة في الرد الفوري وبقوة على الهجوم. فالنظام يوجد في معركة بقاء وفي ذروة حرب أهلية. جيش الاسد منشغل اساسا في هذا الصراع وقدراته حيال اسرائيل تآكلت.
الاسد يسعى الى منع تدخل دولي يغير ميزان القوى في الصراع في سوريا، ولهذا فليس له مصلحة في فتح جبهة خارجية حيال قوة هامة جدا مثل اسرائيل. اعتبار آخر هو الضرر المحتمل بعلاقات الاسد مع سيده في موسكو.
فنقل السلاح الروسي الى حزب الله ليس شرعيا ويشكل خرقا لوعود السوريين لروسيا، الحليف الحيوي لسوريا، الذي يحميها في مجلس الامن ويمنع التدخل الاجنبي في المذبحة الجارية فيها. ولهذا السبب سارعت سوريا الى النشر بان الهجوم نفذ على معهد للبحث العسكري وليس على قافلة سلاح. الاسد لا يرغب في أن يخاطر بتحالفه الهام مع روسيا. ولهذا فسيمتنع عن تصعيد الحدث.
حزب الله ليس للمنظمة شرعية في الرد على هذه العملية فهو ليس 'حامي سوريا'، ولما كان الهجوم تم على الاراضي السورية فان الشعب اللبناني لن يوافق على عملية قد تورط لبنان في قتال حفاظا على مصالح اجنبية - سورية. كما أن حزب الله يخرق بشكل منتظم ومستمر قرار مجلس الامن 1701 بالنسبة لمنع نقل السلاح الى لبنان. ويفترض بالمنظمة أن تشكل اساسا أداة عسكرية ايرانية ضد اسرائيل في حالة تطور الازمة النووية الى مواجهة عسكرية. وبسبب كل هذا فان شرعية حزب الله في الرد على الهجوم متدنية في داخل لبنان وخارجه.
وختاما نقطتان هامتان من الضروري متابعتهما:
اسرائيل لم تأخذ المسؤولية عن ضرب بطاريات SA17 التي كانت في طريقها الى حزب الله، مما سمح للسوريين وحزب الله بمجال النفي. وبالفعل لم يكن رد عسكري فوري. ومع ذلك فمن المهم الاشارة الى أنهما رغم عدم ردهما الفوري وعدم تصعيد المواجهة، فانهما يحتفظان بامكانية الرد لاحقا، دون أخذ المسؤولية عن هذا الرد أيضا.
ان نقل السلاح سيستمر وتحديه لاصحاب القرار سيكون في المستقبل ايضا وستكون اسرائيل مطالبة بان تنظي باهتمام شديد الى خطر التصعيد، الذي سيتزايد من حدث الى حدث. على المخططين في اسرائيل أن يفترضوا بان كل قدرة عملياتية، معرفة ووسائل قتالية توجد في سوريا أو في ايران قد تصل، او وصلت الى حزب الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ


رد مع اقتباس