النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 337

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء عربي 337

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif[/IMG]


    • في هذا الملــــف:
    • كيف سترد السلطة الفلسطينية ؟!
    • بقلم: رجا طلب عن صحيفة الرأي الأردنية
    • عرفات جرادات: رمز الانتفاضة الثالثة
    • بقلم: عطاء الله مهاجراني عن صحيفة الشرق الأوسط
    • هل من صحوة عربية لمواجهة الإستراتيجيات الصهيونية؟
    • بقلم: ضياء الفاهوم عن صحيفة الدستور الأردنية
    • جون كيري.. ماذا سيقول..وماذا سيسمع؟!
    • بقلم: يوسف الكويليت عن صحيفة الرياض السعودية
    • جولة «كيري» لمجرد الاستماع .. أحقاً؟
    • بقلم: محمد خروب عن صحيفة الرأي الأردنية
    • جون كيري وسياسة واشنطن الخارجية
    • بقلم: د.نورهان الشيخ عن صحيفة الأهرام المصرية
    • السـاحـر جـون كـيـري وصندوق الانتخابات المصرية
    • بقلم: مصطفى اللباد عن صحيفة السفير اللبنانية
    • أمريكا بين مصر والإخوان
    • بقلم: د. حسن أبو طالب عن صحيفة الأهرام المصرية
    • مصر: الاندماج الإقليمي أو الاهتراء والتفتيت
    • بقلم: قاسم عز الدين عن صحيفة السفير اللبنانية
    • عودة «القاعدة» إلى سوريا عبرة لمصر
    • بقلم: حمد الماجد عن صحيفة الشرق الأوسط
    • الشعب السوري بين نارين وجنرالين
    • بقلم: عبدالمجيد جرادات عن صحيفة الدستور الأردنية
    • الإخوان المسلمون بين إدارة الجماعات وإدارة الدول
    • بقلم: د. علي الخشيبان عن صحيفة الرياض السعودية
    • كيف سترد السلطة الفلسطينية ؟!

    بقلم: رجا طلب عن صحيفة الرأي الأردنية
    قبل 94 يوما حصلت دولة فلسطين على عضوية غير كاملة في الأمم المتحدة أي دولة مراقب في الجمعية العامة ومن بين ابرز الأسباب التي كانت السلطة الفلسطينية تُبرر فيها المعركة الدبلوماسية الضروس تلك مع إسرائيل هي أن هذه العضوية غير المكتملة تمكنها من الدخول في منظمات تابعة للامم المتحدة أو منظمات دولية تستطيع من خلالها الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وبخاصة في قضايا الاستيطان وجرائم الحرب والتعذيب في السجون وتحديدا في حال الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية ، وعلى الرغم من تلك الأنباء التي تحدثت عن أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد تعهد لإسرائيل بعدم الانضمام إلى تلك المحكمة لكون العضوية فيها ستمكن السلطة من الادعاء على سياسيين وعسكريين إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب إلا أنني تعاملت معها على أنها قد تكون جزءا من حرب المناكفة السياسية داخل الحالة الفلسطينية ، وبقيت على قناعة تامة بان عباس إن لم يستثمر عضوية فلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة بهذا الاتجاه القانوني – السياسي سوف يدخل عاجلا أم آجلا في مواجهة مع الشارع الفلسطيني.
    إلى اللحظة على ما يبدو فان السلطة الفلسطينية ليست في وارد استثمار تلك الميزة لدولة فلسطين وخلال الـ 94 يوما الماضية مرت تطورات مهمة وخطيرة كانت بمثابة محطات قادرة على تحريك « الاستسلام» الفلسطيني الرسمي مثل استشهاد البطل عرفات جرادات التي تفيد المعلومات انه توفى نتيجة الضرب الُمبرح الذي تعرض له في غرفة التحقيق من قبل « الشين بيت « وتلقيه لضربه قاتلة على عنقه أدت إلى كسر رقبته ووفاته نظرا لصموده وعدم تعاونه مع سجانيه وهذا يعني وببساطة أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي ارتكب جريمة كاملة الأركان وان رئيس الجهاز ورئيس وزراء إسرائيل ورئيس أركان الجيش هم متهمون رسميا بهذه الجريمة ، وتهديد عباس بان هذه الجريمة « لن تمر ببساطة» ، هذا التهديد وبغض النظر عن ركاكته اللغوية لم يترجم على الأرض إلى الآن .
    اعتقد أن عباس لن يفعل أكثر من تحريك بيان في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولن يقدم على خطوة الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وهو أمر يدعم تلك المعلومات التي كانت تتحدث عن تعهد منه بعدم الانضمام لتلك المحكمة ، وكل يوم يمر بدون الإسراع بالانضمام إلى المحكمة أو تثوير الشارع الفلسطيني باتجاه انتفاضة تستخدم فيها الحجارة والإضرابات ومقاومة الحواجز العسكرية ومواجهة الرصاص بصدور عارية هو استهلاك من رصيد الغضب الفلسطيني.
    ان لم ينجز عباس خطة استثمار للغضب الفلسطيني العام بسبب كل ما يجرى فهو بأي معيار من المعايير سيكون قد حمى إسرائيل مقابل تعريض حكمه للخطر ، لخطر الثورة على من يحمى الاحتلال وينسق معه امنيا وعسكريا .
    ... ابلغني مسؤول في السلطة بعد يومين من استشهاد ابن قريتي « سعير « الشهيد عرفات جرادات ، أن أبو مازن كان غاضبا لان تل أبيب عندما ترتكب الجرائم لا تفكر بما يجرى له ولا تضعه في حساباتها .

    عرفات جرادات: رمز الانتفاضة الثالثة
    بقلم: عطاء الله مهاجراني عن صحيفة الشرق الأوسط
    قيل إن السلطات الإسرائيلية قد ألقت القبض على عرفات جرادات بتهمة رشق قوات الشرطة الإسرائيلية بالحجارة، وبعد مرور 6 أيام على الاعتقال أعلنت السلطة الرسمية الإسرائيلية وفاته جراء أزمة قلبية. ربما ينظر البعض إلى هذا على أنه قصة قصيرة وخبر موجز للغاية، ولكنه قد يكون في حقيقة الأمر بداية لفصل جديد من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
    ثمة روايتان مختلفتان تماما لهذه القصة، إذ يقول الإسرائيليون إن جرادات توفي بشكل طبيعي تماما جراء أزمة قلبية. وفي الحقيقة، يستغرق أي تحقيق لمعرفة السبب الحقيقي لوفاة جرادات عدة أسابيع؛ فعلى سبيل المثال، نشر دان إيفن وجاك خوري مقالا في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بتاريخ 28 فبراير (شباط) 2013، يقولان فيه إن وزير الصحة الإسرائيلي قد أشار إلى أنه لا يزال غير متأكد من السبب الحقيقي وراء وفاة جرادات، الذي أثارت وفاته موجة من الاضطرابات في الضفة الغربية، مشيرين إلى أنه سيتم الإعلان عن النتائج النهائية للتشريح في غضون أسابيع قليلة. وقال مسؤولون في معهد الطب الشرعي في أبو كبير إنه لا يزال من غير الممكن تحديد سبب وفاة جرادات.
    ولا تزال العينات الإضافية المأخوذة من جسد جرادات، خلال عملية التشريح، تخضع للاختبار حتى الآن، ومن غير المتوقع أن يتم إعلان النتائج النهائية قبل نحو أسبوعين آخرين.
    ومن المتوقع أن تمتد تلك الأسابيع إلى أشهر، ثم يتم نسيان وتجاهل القضية تماما، حيث تعد هذه طريقة شائعة للإعلان عن نتائج أي تحقيقات في إسرائيل، فعندما يواجه الإسرائيليون موجة عاتية للغاية، فإنهم يركبون تلك الموجة، ثم ينتظرون هنيهة حتى تهدأ، ولذا قيل إن اللعبة الأولى والأكثر أهمية التي يتقنها اليهود هي التحدث والتفاوض. وعلى هذا الأساس، لا يساورني أدنى شك في أنه سيتم نسيان قضية استشهاد جرادات، استنادا إلى الرواية الإسرائيلية.
    وعلى الجانب الآخر، تختلف وجهة النظر الفلسطينية تماما عما ذكره الإسرائيليون، ولا سيما أن قصة الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية قد باتت قضية قديمة، كما باتت قصص وفاتهم الغامضة داخل السجون شيئا مشينا في الوقت الحالي، حيث يتم قتل أي مواطن فلسطيني يقاوم الاحتلال، أما في حال الاعتقال فيتعرض الفلسطينيون للتعذيب وتدمير منالهم وإزالة أشجار الزيتون الخاصة بهم، وهذه هي القصة الحقيقية للفلسطينيين الذين يعيشون في وطنهم.
    ولم يكن جرادات أول فلسطيني يقتل في السجون الإسرائيلية، حيث نشر الكاتب راسم عبيدات مقالا في جريدة «المنار» يوم 24 فبراير (شباط) الماضي، ذكر فيه عدد الضحايا الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، قال فيه: «باستشهاد الأسير عرفات جرادات، الذي كان موقوفا في سجن مجدو ويخضع للتحقيق، يرتفع عدد الأسرى الذين استشهدوا في سجون الاحتلال ومراكز وأقبية تحقيقه إلى 203، منهم 71 استشهدوا جراء التعذيب في أقبية التحقيق، و51 نتيجة سياسة الإهمال الطبي، و74 استشهدوا بعد أن جرت عملية تصفيتهم وإعدامهم عقب الاعتقال مباشرة، و7 استشهدوا جراء إطلاق الرصاص عليهم في السجون، والتعذيب في السجون الإسرائيلية بأشكاله المتعددة والمختلفة، الجسدية والنفسية، ليس بالحالة النادرة أو الاستثنائية أو غير المألوفة ممارسته في أقبية التحقيق والسجون الإسرائيلية، بل هو سلوك ثابت انتهج بعد الاحتلال مباشرة، وهذا السلوك عملت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على تطويره وبشكل متدرج، بحيث أصبح نهجا ثابتا وجزءا أساسيا من العلاقة ما بين المعتقلين الفلسطينيين والجهة التي تمارس التعذيب (أجهزة أمنية وشرطية إسرائيلية) بمختلف تسمياتها».
    ويبدو لي أن الإسرائيليين قد نسوا نقطة بسيطة للغاية، وهي أن العالم يتغير وأن العالم الإسلامي أيضا يتغير. أولا، خاضت إسرائيل ثلاث حروب لا تنسى، ولم تكن جميعها ضد بلاد إسلامية مثل حربي 1967 أو 1973، ولكنها كانت ضد حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.
    ثانيا، تغير الصديق أو الحليف الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل، وهو مصر، بشكل تام. وفي كتابه «الشرق الأوسط الجديد»، قدم شيمعون بيريس تقييما فريدا من نوعه للرئيس المصري السابق حسني مبارك، حيث قال: «سوف يذكر التاريخ على الأرجح أن مبارك أحد أعظم بناة مصر» (ص 134).
    والآن، بات الجميع يعلم الوجه الحقيقي لإدارة مبارك وعائلته، فبعد عقدين من الزمن، أصبحنا نواجه شرق أوسط جديدا، ليس بالشكل الذي كانت تحلم به إسرائيل، ولكنه في واقع الأمر كابوس يؤرق الدولة العبرية.
    ثالثا، إننا في عصر المعلومات، ومع وجود وسائل الإعلام الاجتماعية، بات من المستحيل إخفاء وجه الضحية في الوقت الراهن. وذات مرة، ألقى الشاعر سميح القاسم قصيدة بمناسبة استشهاد مواطن فلسطيني، قال فيها: «قتلوني وانتحلوا وجهي مرارا».
    وفي الوقت الحاضر، تغيرت القصائد أيضا، وربما يبدو لي أنه ينبغي علينا أن نقرأ قصيدة أخرى للشاعر سميح القاسم في استشهاد عرفات جرادات، يقول فيها:
    دم أسلافي القدامى لم يزل يقطر مني
    وصهيل الخيل ما زال وتهليل السيوف
    وأنا أحمل شمسا في يميني وأطوف
    في مغاليق الدجى.. جرحا يغني
    ويبدو أن جرادات أصبح رمزا للانتفاضة الثالثة، بعد الانتفاضة الأولى عام 1987، والانتفاضة الثانية التي جاءت بعد 13 عاما، عام 2000، وهذه هي الانتفاضة الثالثة التي تأتي بعد مرور 13 عاما أخرى، عام 2013، التي أعتقد أنها ستكون بداية لدولة فلسطين الحقيقية. إن قتل سجين بعد 6 أيام من اعتقاله لمجرد مطالبته بالديمقراطية والحرية أمر غير مقبول، وهو ما أدى إلى اندلاع اشتباكات يوم الأحد 24 فبراير (شباط) بين المئات من المواطنين وطلبة المدارس من جهة والقوات الإسرائيلية من جهة أخرى في مناطق مختلفة من الخليل بالضفة الغربية، بعد استشهاد جرادات في أحد السجون الإسرائيلية.
    إنه فصل جديد من تاريخ فلسطين المعاصر يجسد الشعب الفلسطيني والأمة الفلسطينية التي يعتقد الإسرائيليون أنهم غير موجودين من الأساس، وهذا هو ما يزعمه شيمعون بيريس في كتابه «الشرق الأوسط الجديد».
    هل من صحوة عربية لمواجهة الإستراتيجيات الصهيونية؟
    بقلم: ضياء الفاهوم عن صحيفة الدستور الأردنية
    نجحت إسرائيل في تحقيق الكثير من أهدافها حتى الآن التي تضمنتها إستراتيجياتها المتواصلة التي تضعها لها المنظمة الصهيونية العالمية بين فترة وأخرى بتعاون الاثنتين السري والمفضوح مع الدول الاستعمارية التي أقامتها في قلب الوطن العربي الكبير والتي من أهمها ما خططت لحدوثه في بلدان العرب من نزاعات في نفس الوقت الذي كانت تعلن فيه للعالم كذبا أنها تسعى للحصول على الأمن.
    ومن أهم نجاحات إسرائيل إشاعة الفتن في عدد من البلاد العربية كمرحلة أولى تتبعها إثارة فتن أخرى في بقية البلاد العربية تستغل فيها المسائل الدينية والطائفية والعرقية على أمل أن تؤدي بالتالي إلى تقسيم كل بلد عربي كما حصل في السودان وإثارة نزاعات طائفية في بلاد عربية أخرى مثل العراق والتي قد تؤدي إن استمر لهيبها إلى أضرار بالغة الخطورة على البلد الشقيق لا يعلم مداها إلا الله.
    ثم انظروا إلى ما واصلوا فعله في لبنان الشقيق من ألاعيب على مر سنوات طويلة بهدف تفتيته وإلى ما يجري في بلدان عربية أخرى مثل سوريا ومصر واليمن وليبيا وتونس من نزاعات شديدة الخطورة على كل منها وبالتالي على كل العرب!.
    وقد جاء في إحدى وثائق المنظمة الصهيونية العالمية أنه لا بد من العمل في الوقت المناسب على إثارة فتن أخرى في بلدان الخليج العربي والمغرب العربي بما يشغل العرب لعشرات من السنين تتقوى فيها إسرائيل وتتوسع أكثر فأكثر ويزداد نفوذها في العالم بما يمكنها من أن تصبح إحدى أقوى دوله.
    ولذلك فقد آن الأوان لكي يعود كثيرون من العرب إلى رشدهم ويتوقفوا فورا عن مقاتلة بعضهم البعض ويعيدوا النظر في كل سياساتهم بما يمكنهم من اتقاء الله في بلدانهم والعمل بكل إخلاص وتفان من أجل إبعاد الشرور التي يضمرها الصهاينة ومن لف لفها إلى كل العرب والمسلمين.
    الحقيقة أن مصلحة كل العرب تقتضي أن يتوقف أبناء عدد من أقطارهم فورا عن التنازع تحت أية ذريعة ثم أن ينظم كل العرب شؤونهم حسبما نظمت به البلدان المتقدمة في العالم شؤونها من ديمقراطية وحرية وتخطيط واتحاد أو على الأقل تضامن وتعاون لأنه بغير ذلك لن يجد العرب من يعذرهم أو يتعاطف معهم. وعلينا جميعا أن لا ننسى واجباتنا في العمل المتواصل من أجل قوة وعزة ومنعة وكرامة أمتنا وفي إفشال ما تخطط له إسرائيل وبعض الدول الاستعمارية التي لم تعد تخجل من ازدواجية المعايير التي كثيرا ما تنتهجها.
    لقد تبين الآن أكثر من أي وقت مضى أنه إن لم تصح الأمة العربية كما صحت من قبلها أمم كثيرة مثل الصين التي أصبحت إحدى أهم دول العالم فلا تلوم إلا نفسها لما ستتعرض له من هوان ما بعده هوان.
    ولنا أيضا في الاتحاد الذي أقامته الدول الأوروبية فيما بينها والذي يمكن كل منها أن لا تصبح عرضة لأطماع غيرها من الدول الأكبر منها أو من الصهيونية العالمية التي تخطط منذ أثر من مئة عام للسيطرة على كل العالم بكافة الوسائل مهما كانت وضيعة أو منافية للأخلاق ولأمن وسلام المعمورة.
    كتبت ما كتبت من محبتي لبلادي وعروبتي وإسلامي الحنيف السمح وتقديري الذي لا يضاهى لكل مواطن صالح في بلاد العرب والمسلمين يعمل بكل ما أوتي من قوة ومعرفة وعلم وأصول من أجل رفع شأن الأمة العربية الإسلامية وتجنيبها كيد الكائدين الذي من أخطره إثارة شتى الفتن بين أبنائها.
    فهل من صحوة عربية يشار إليها بالبنان لمواجهة الاستراتيجيات الإسرائيلية اللعينة والخطيرة تبدأ عاجلا بوقف الانشقاقات بين أهل بعض بلدان العرب وإبعاد شبح الحروب الأهلية عنها؟.

    جون كيري.. ماذا سيقول..وماذا سيسمع؟!
    بقلم: يوسف الكويليت عن صحيفة الرياض السعودية
    لاتوجد ضبابية في لقاءات المسؤولين الأمريكيين بالخليجيين، لكن قد تبرز خلافات على جزئيات وليس على الاستراتيجيات، لكن الدول العظمى لا يحكم سلوكَها الثبات إذا تغيرت المصالح، وزيارة وزير خارجية أمريكا «جون كيري» للرياض والاجتماع إلى وزراء خارجية دول مجلس التعاون، يندرج ضمن العديد من القضايا، وإن برز ملف إيران وسورية، وربما العراق إلى الواجهة، لكن أمريكا رغم فهمها لطبيعة هذه القضايا، فهي لا تريد التشابك مع دول المنطقة عسكرياً، ولذلك قد تعيد سيرة مصطلحاتها واعتمادها سياسة مستعادة، مثل الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد، والقوة الناعمة؛ حيث لا تزال صلاحياتها قائمة، لكن ما يثير الشك أن الوزير الجديد على المنصب وليس على فهم الواقع السياسي بالمنطقة وتداعياته، يريد رسم سياسة جديدة، وربما مع قوى محددة في المنطقة، لأن التوجه لآسيا يأتي على أولويات واهتمامات أوباما وفريقه..
    قطعاً إيران تبقى الهاجس الأكبر، لكن مع وجود خلافات جذرية معها، فأمريكا لا تعاديها بمنطق مخاطرها على دول محيطها في الخليج العربي، أو آسيا الوسطى، بل تأخذ مخاوف إسرائيل أكثر من غيرها من تسلحها النووي، وحتى إسرائيل لا تجد مشكلاً في الحوار مع إيران من تحت الطاولة إذا ما وجدت تطابقاً في المصالح والسياسات وفقاً لما حدث مع الشاه عندما شكلت ثالوثاً ربط أمريكا بإيران وإسرائيل، وإطلاق يد إيران لتكون شرطي الخليج، وحائط الصد أمام الاتحاد السوفياتي لمنعه من الوصول للمياه الدافئة..
    المتغير الذي حدث في المنطقة، سواء دول الربيع أو غيرها حوّل أمريكا إلى مراقب للأحداث، لامتداخل معها حتى في اشتراكها في إسقاط القذافي ظلت قوتها في الخلف ودون بروز قيادي لتلك القوات، ولم تكن الأزمة المالية هي السبب، بل إن نتائج التورط في العراق وأفغانستان قضت على حدود الدخول في حروب ممنهجة إلا تحت الضرورة القصوى، وتبقى سورية شأناً مهماً لها؛ لأن دخول الروس على خط القوة ومحاولة التساوي بالمصالح الاستراتيجية مع أمريكا، وضع سورية على محك التنافس، وحتى تركيا التي تبقى الحليف والمعادل الموضوعي في رسم مستقبل سورية، وكذلك الدول الخليجية، فمحور إيران، روسيا، العراق، وحزب الله يبقى قائماً، لكن قد تحدث صفقة بين القوتين خارج تأثير أو مدار هذه الدول كلها..
    أمريكا تمر بأزمة مالية حادة، ولعل تخفيض مصاريفها بما فيها ميزانية الدفاع يجبرها لأنْ تعيد هيكلة علاقاتها الاقتصادية مع دول العالم الخارجي، وأهمية دول الخليج كبيرة، إذ إن التبادل التجاري والصناعي، ومشتريات الأسلحة وغيرها، رافد أساسي لهذه العلاقة، خاصة وأن دول مجلس التعاون لا تمر بنفس الأزمة نتيجة عائداتها النفطية الكبيرة، غير أن الهاجس الأمني يظل البند الأول في المباحثات، لكن تأكيد الثقة بين الطرفين وإزالة الشكوك حول دور أمريكي متراجع حتى مع حلفائها الأوروبيين، يجعلان ضبابية التعاون يحيط بها الغموض، ومع ذلك فالمصارحة من قبل طرفيْ الحوار لابد أن تأخذ مساراً واضحاً، بحيث تبقى العلاقة تكاملية في المصالح والأمن، لا إملاءات تضاعف الريبة وعدم الثقة بالموقف الأمريكي مع الشركاء الخليجيين..

    جولة «كيري» لمجرد الاستماع .. أحقاً؟
    بقلم: محمد خروب عن صحيفة الرأي الأردنية
    قبل جولته الاولى الاوروبية وخصوصاً الشرق اوسطية كوزير للخارجية الاميركية، ساد انطباع ربما خاطئ او متسرع على نحو أدق، ان دبلوماسية السناتور المخضرم و»الخبير» في المنطقة جون كيري، ستُحْدِث اختراقاً او نقلة نوعية في عديد من ملفات المنطقة بدءاً من الأزمة المتمادية خطورة ودموية ودماراً في سوريا وليس انتهاءً بملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ودائماً في «اعادة» ضبط وتنظيم علاقة واشنطن بأنظمة الاسلام السياسي التي امسكت – ولم تتمكن بعد – بالسلطة في تونس ومصر..
    جاء كيري والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف وكان المراقبون – او هي التسريبات – او بالونات الاختبار – يتوقعون ان يبدي رئيس الدبلوماسية الاميركية تفهماً أعمق وأكثر ادراكاً لطبيعة وابعاد وتداعيات ودائماً اكلاف الأزمة السورية وما قد يدفعه العالم اجمع وليس المنطقة وحدها، الاّ ان ما اظهرته التصريحات كشف عن حجم الهوّة التي ما تزال تفصل بين الموقفين الرسمي والاميركي على نحو يصعب التكهن بمدى قدرة الطرفين على التجسير بينهما، اللهم الاّ اذا كانت التصريحات المعلنة تستبطن التوافق على رؤية مشتركة ما تزال «قيد» الانضاج، وما التصريحات هذه سوى محاولة لتحسين شروط التفاوض او في انتظار حدوث تحول «ميداني» ما، يسمح لأحدهما بالنزول عن الشجرة العالية التي تسلقها.. ولم يكن انتقاد لافروف اللاذع لواشنطن في شأن المعدات «غير القاتلة» التي اعلنت تبرعها لائتلاف المعارضة في مؤتمر اصدقاء سوريا في روما بأن ذلك يعكس ازدواجية في المواقف، سوى جزء من جبل الجليد..
    هذا يوصلنا الى ما بدأت اوساط الوزير كيري تُسرّبه حول الجولة، وانها جولة «للاستماع».. فقط، ما يدفع للتكهن بأن «الرجل» لم يحقق انجازاً ملموساً في اكثر من ملف تطرق اليه مع قادة الدول التي زارها، ولهذا يريد تخفيض سقوف التوقعات، الامر الذي لا يمكن تفسيره بغير الفشل الذي حصده وبخاصة انه جرى «تلميعه» اعلامياً ودبلوماسياً، وهناك من ذهب بعيداً بأن وجود كيري على رأس الدبلوماسية الاميركية الى جانب تشاك هاغل وزيراً للدفاع اضافة الى رئيس مجلس الامن القومي ومدير المخابرات المركزية CIA الاكثر قرباً من اوباما، يُشكّل فريقاً منسجماً مع سياسة اوباما التي تميل – هكذا يراد لنا ان نفهم – الى توخي المقاربات السياسية والدبلوماسية لحل الازمات والملفات الساخنة مثل البرنامج النووي الايراني والازمة السورية والعلاقات المتوترة مع موسكو وايضاً في الملف النووي الكوري الشمالي والمواجهة الآخذة في التصاعد مع الصين في ظل «التسخين» الحاصل بين الاخيرة وكل من اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، بعد عقد من الحروب الاميركية الفاشلة التي انهكت الموازنة واسهمت في تراجع مكانتها العالمية..
    جون كيري .. الذي يُسربون انه يجول المنطقة «للاستماع» هو اكثر «السناتورات» وربما اكثر المرشحين للرئاسة الاميركية (نافس بوش الابن) فهماً واستيعاباً و(خبرة) في ملفات المنطقة، وهو اجتمع الى معظم (ان لم نقل كل) قادة وزعماء المنطقة اكثر من مرة، بل كان يُنظر اليه انه يعرف «شخصية» الرئيس السوري عن قُرب لكثرة ما التقى به.. على عكس ما كانت الحال عليه مع هيلاري كلينتون..
    فهل من تراجع اميركي عن «التزامات» سرّبتها وسائل الاعلام؟
    أم أن الأزمة السورية خصوصاً، مرشحة للتصاعد، وان قراراً اميركياً أُتخذ في هذا الشأن، وعلى موسكو ودمشق وطهران دفع أكلامه ميدانياً، ومن لحم الشعب السوري الحي، وعلى حساب دولته وكيانه ووحدة اراضيه؟

    جون كيري وسياسة واشنطن الخارجية
    بقلم: د.نورهان الشيخ عن صحيفة الأهرام المصرية
    كان تعيين جون كيري في منصب وزير الخارجية الأمريكي له دلالة واضحة علي رغبة الرئيس أوباما في تجاوز نقاط الضعف التي اكتنفت السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة رئاسته الأولي وركزت عليها حملة منافسه ميت رومني‏.‏
    جون كيري سياسي مخضرم عرف عنه التوازن والحذر, وهو مقاتل حارب في فيتنام ضمن سلاح البحرية الأمريكية, وتتدرج في العمل السياسي حيث كان حاكما لولاية ماساتشوستس وعضوا في مجلس الشيوخ خلال الثمانينات والتسعينيات, وكان المنافس الديمقراطي لجورج بوش في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام.2004 وهو رئيس لجنة الشئون الدولية بمجلس الشيوخ الأمريكي لمدة أربع سنوات متتالية, ويتمتع بقبول وشعبية داخل المجلس الأمر الذي سيضمن تفاهما بين الإدارة الأمريكية والمجلس حول قضايا السياسة الخارجية. ولعل أحد الملفات الخارجية المهمة التي تثير تساؤلات كثيرة في الداخل الأمريكي هو العلاقة بين إدارة أوباما والأخوان المسلمين, والتي اتخذ منها الكثيرون مبررا للهجوم الحاد علي أوباما, لدرجة وصفت معها مجلة النيوزويك أوباما بـ الرئيس الفاشل.
    التاريخ الأمريكي حافل بتفاهمات وتحالفات أمريكية مع حركات إسلامية عدة أهمها تنظيم القاعدة الذي هو صنيعة المخابرات الأمريكية, وحركة طالبان.
    كما أن التفاهمات بين الإدارة الأمريكية وجماعة الأخوان المسلمين لم تأت فجأة ولم يبتدعها أوباما, فهذه التفاهمات تمتد بجذورها إلي عقود سابقة. وكانت الولايات المتحدة علي عكس دول أخري كثيرة حاضنة لقيادات الإخوان ولاتدرج الجماعة ضمن قائمة المنظمات الارهابية, وكثير من القيادات الإخوانية تلقت تعليما وتدريبا في الولايات المتحدة وترتبط بها معنويا وثقافيا. وقد أشار أحد قيادتهم إلي ذلك في واشنطن بقوله لقد تربي مرسي في كنفكم, وثقافته وعلمه أمريكي, ويدين لكم بالفضل في تعليمه.
    مع كل ذلك فان علاقة إدارة أوباما مع جماعة الأخوان المسلمين ودعمها ماليا وسياسيا حتي وصولها إلي السلطة في مصر وتونس وغيرهما, تثير علامات استفهام وتساؤلات حول حقيقة التفاهمات بين الطرفين, ولماذا تدعم واشنطن الجماعة التي يعتبرها كثير من الأمريكيين خطرا يهدد الولايات المتحدة وحليفتها الأساسية اسرائيل. وهنا تبرز البراجماتية الواضحة التي تميز الطرفين حيث تحكم المصالح علاقتيهما والتفاهمات بينهما. وإذا كانت مصلحة الأخوان واضحة وهي الوصول إلي السلطة في مصر وباقي دول المنطقة, فإن المصالح الأمريكية تبدو متعددة.
    فالجماعة تنظيم عالمي له قيادة واضحة ومحددة, الأمر الذي يسهل علي الولايات المتحدة التعامل معها في المنطقة ككل علي النحو الذي يخدم المصالح الأمريكية. فمن ناحية, يري أوباما في الإخوان المسلمين قوة إسلامية سنية معتدلة يمكنها أن تقف في وجه عدد من أعداء واشنطن في المنطقة وفي مقدمتهم إيران وحزب الله وذلك بالنظر إلي اختلاف الجماعة مذهبيا ومصلحيا معهما, وربما كان خطاب مرسي في طهران رسالة تطمين لواشنطن في هذا الخصوص.
    يضاف إلي ذلك اعتقاد الإدارة الأمريكية بأن وصول الأخوان المسلمين إلي السلطة في مصر سيعزز من فرصة إطاحة الأخوان ببشار الأسد في سوريا, وهو ما تعتبره واشنطن هدفا استراتيجيا وضرورة لتأمين المصالح الأمريكية والضرب بقوة علي القوي المارقة المناوئة لها في المنطقة, انطلاقا من أن مصر هي مركز قوة الإخوان المسلمين وأن نجاح تجربتهم في مصر ستؤهلهم للدخول والسيطرة علي الحكم في سوريا. ولاشك أن الشكر الذي تقدم به جون كيري إلي الرئيس المصري لاستضافته المعارضة السورية هو مؤشر بالغ الدلالة علي ذلك.
    أما عن العلاقة مع اسرائيل فإن الجماعة قدمت تعهدات قاطعة وكافية خلال زيارة وفودها لواشنطن بأنها لن تمس معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية, بل وذهب بعض قياداتها إلي ما لم يذهب إليه نظام مبارك, ومن ذلك تصريح خيرت الشاطر لصحيفة الواشنطن تايمز بأن الجماعة ملتزمة تماما بالاتفاقيات الدولية وان حماية أمن إسرائيل جزء من تلك الالتزامات, وقالها عصام العريان صراحة في واشنطن أضمنوا لنا أستمرار الحكم نضمن لكم أمن إسرائيل. من ناحية أخري, ونظرا لعلاقة الأخوان بحماس فإن الجماعة يمكن أن تلعب دور الوسيط بين حماس وواشنطن وتل أبيب وهو ما بدا واضحا خلال الأزمة التي تفجرت بضرب اسرائيل قطاع غزة في نوفمبر الماضي, وأشادت واشنطن بهذه الوساطة برغم أن بعضا مما تم الاتفاق عليه يمس أمن مصر وحدودها. لكن يبدو أن رهان أوباما وإدارته علي الأخوان ليس الأصوب, فمجريات الأحداث في مصر خلال الأربعة الأشهر الأخيرة أوضحت أن القوة الضاربة هي للشعب المصري, وأن الإخوان ليسوا الفصيل الغالب القادر علي قيادة مصر وضمان استقرارها, كما تضع ممارستهم واستخدامهم المتزايد للعنف وانتهاكاتهم لحقوق الانسان ومبادئ الديمقراطية الإدارة الأمريكية في موقف حرج للغاية أمام الرأي العام الداخلي والدولي. كما أن مجريات الأمور في سوريا أوضحت عجز الإخوان عن السيطرة عليها وإحداث التغيير الذي تتمناه واشنطن وتتطلع إليه منذ سنوات.
    كل هذا يدعم تباعدا مرتقبا بين الطرفين خاصة في ظل الضغوط الداخلية المتزايدة علي الإدارة الأمريكية منذ أن تقدم عضو الكونجرس الأمريكي فرانك وولف بمذكرة قانونية للكونجرس الأمريكي يطالب فيها بالتحقيق مع الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون لدعمهما مرشح جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية المصرية بنحو50 مليون دولار.
    إن الولايات المتحدة ليس لديها حليف أو عدو دائم, وإنما مصلحة دائمة, وربما تدفع حنكة كيري وخبرته السياسية الطويلة إلي قراءة مبكرة وسريعة لمجريات الأمور, وأن الجماعة لم تعد قادرة علي خدمة المصالح الأمريكية, الأمر الذي يعجل من رفع الحصانة الأمريكية عن الجماعة, ويفتح الباب لتغييرات سياسية واسعة في مصر والمنطقة بأسرها.

    السـاحـر جـون كـيـري وصندوق الانتخابات المصرية
    بقلم: مصطفى اللباد عن صحيفة السفير اللبنانية
    لا تزال الإدارة الأميركية تراهن على «الاخوان المسلمين» لتعزيز المصالح الأميركية داخل مصر وخارجها، وهذا الرهان يتجاوز مصر وتونس ليطاول تشكيل تحالف إقليمي جديد بالتحالف مع قطر وتركيا
    أجهزت زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى مصر على أي أمل له في الانضمام إلى السحرة الأميركيين الكبار، الذين يبهرون المشاهدين بالعجائب والخوارق التي يجترحونها على شاشات التلفزة وخشبات المسرح. يظهر أداء جون كيري الباهت أنه لا يمكن مقارنته بالساحر الأميركي المشهور ديفيد بلين، الذي يستطيع البقاء لأيام تحت سطح الماء دون جهاز تنفس اصطناعي، ولا يمكن بأي شكل وضع مهارات كيري المتواضعة في مواجهة مع دافيد كوبرفيلد الطائر في الهواء، أو مع كريس أنغل الجسور الذي يتحدى كسارة الأحجار، أو حتى مع لانس بورتين الذي يجعل البط يرقص على أنغام الموسيقى في مسرح مظلم. جون كيري لا ينتمي إلى هؤلاء السحرة الكبار بأية حال، وإنما أثبتت زيارته الأخيرة إلى مصر أنه أشبه ما يكون بساحر مغمور من ذلك النوع التعيس الذي تشاهده في حفلات التخرج من المدارس الثانوية. مثلهم تماماً يقف جون كيري فارداً قوامه النحيل مبتسماً ومظهراً أسنانه البيضاء المصفوفة بعناية، ليستخرج بعد كثير من الجهد والعناء أرنباً أبيضَ مسكيناً من «صندوق أسود فارغ». وفي النهاية، مثله مثل أي ساحر متواضع الموهبة وقليل الحيلة، أحنى قامته تكراراً مستجدياً تصفيقاً لم يأت. يزعم هذا المقال أن جون كيري في زيارته إلى مصر فشل في بيع الوهم للجمهور المصري، إلى الحد الذي لم يفلح فيه حتى في إخراج الأرنب من الصندوق، لأن ذلك الجمهور دخل العرض عارفاً بخفايا اللعبة، ومكتشفاً مسبقاً ألاعيب استخدام الخداع اللغوي وخفة اليد، ولكنه أدخل المصريين - من حيث لم يحتسب - في اختبار هام لم يتوخَّه.
    الأهداف الأميركية من زيارة جون كيري
    لا تزال الإدارة الأميركية تراهن على «الإخوان المسلمين» لتعزيز المصالح الأميركية داخل مصر وخارجها (راجع مقالنا: رهان أوباما على الإخوان - «السفير» 10/12/2012). والرهان الأميركي على «الإخوان المسلمين» يتجاوز مصر وتونس، ليطاول تشكيل تحالف إقليمي جديد بالتحالف مع قطر وتركيا. بدورها أظهرت حكومة مرسي فائدة كبيرة حتى الآن في الملفات الإقليمية: تثبيت التهدئة في غزة، تبني الموقف الأميركي من الحراك الشعبي في سوريا، والانخراط في مثلث مع كل من قطر وتركيا. ومع تلك الفوائد التي تسعى الإدارة الأميركية لإدامتها، يمثل الفشل الواضح للجماعة في الحكم خلال الشهور الثمانية الماضية ناقوس خطر للإدارة الأميركية. بذلت الإدارة الأميركية كل ما أوتيت من نفوذ ووسائل لتوجيه الأحداث على الساحة المصرية في الطريق الذي تريده منذ تنحي الرئيس المخلوع مبارك في 11 شباط 2011 وحتى الآن، فضمنت عبر وسائل وأدوات وشخصيات متنوعة ألا تتطور الانتفاضة الشعبية إلى ثورة تسقط النظام السابق بالكامل وتدشن عهداً جديداً ثورياً يفتح الأبواب أمام عودة مصر إلى المنطقة كلاعب إقليمي كبير وكنموذج إلهام يحتذى، فرعت وهندست مرحلة انتقالية فاشلة شملت عملية انتخابات رئاسية قادت بدورها إلى جولة إعادة بين مرشح الفلول ومرشح «الإخوان المسلمين»، فضمنت مصالحها أياً كانت النتيجة. ولكن الإدارة الأميركية تعرف أن انهيار الدولة المصرية سيكون كارثة أمنية وجيو - سياسية على مصالحها في المنطقة، حيث يتراجع التصنيف الائتماني الدولي بمعدلات قياسية ومعه الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، ويسير الاقتصاد بخطى ثابتة وسريعة نحو الهاوية. تدرك الإدارة الأميركية جيداً أن العصيان المدني الذي دخلت فيه بورسعيد ومدن القناة يقوّض قدرة النظام على الحفاظ على وحدة الأراضي المصرية، وهي الوظيفة الأساسية لأي دولة. ولا يغيب عن فطنة الإدارة الأميركية أن الانقلاب على الدستور والديموقراطية من طرف مؤسسة الرئاسة (إعلان دستوري يمنحه صلاحيات غير قابلة للنقض وهيمنة على القضاء والتشريع وعزل النائب العام وتعيين آخر جديد على قياس وقيافة جماعته) يضعف الشرعيتين الشعبية والديموقراطية لمرسي ويجعلها موضع تساؤل كبير.
    الساحر الأميركي يفشل في العرض
    حضر الساحر المغمور كيري إلى القاهرة وفي جعبته ما يظن أنها وسائل إبهار للأطراف المصرية الفاعلة، والغرض حماية المصالح الأميركية وفق رهانات أوباما، التي يتقدمها إقالة حكومة «الإخوان المسلمين» الحالية من عثراتها السياسية والاقتصادية مع استحصال المزيد من الضمانات الإقليمية فوق الدفعات التي قدمها الدكتور مرسي سلفاً. وفق ذلك المقتضى استحصل كيري من الإدارة المصرية على ضمانات جديدة تتعلق باستمرار هدنة الفرع الفلسطيني لجماعة «الإخوان المسلمين» في غزة «حماس» مع إسرائيل أثناء زيارة أوباما المرتقبة لإسرائيل في شهر نيسان المقبل، وانتزع تنفيذ الحكومة المصرية لشروط صندوق النقد الدولي كي يصار إلى ضخ سريع للقرض الذي يناهز خمسة مليارات دولار. حاول جون كيري بيع فن الوهم الذي يجيده السحرة للمعارضة، عبر تغيير صورة المشهد المصري بمبادرة شكلية تتمثل في تشكيل حكومة وفاق وطني تضم الطرف المهيمن («الإخوان المسلمين») مع تطعيمها برموز معارضة من جبهة الإنقاذ. تروم الإدارة الأميركية بمناورتها التي سبق أن توقعناها هنا قبل شهر («الإخوان المسلمون» ومناوراتهم السياسية الجديدة - «السفير» 28/1/2013) تسجيل هدفين في وقت واحد: تحميل مسؤولية السياسات الاقتصادية التقشفية القادمة حكماً مثل رفع الدعم عن المحروقات والمواد الغذائية الأساسية إلى كامل الطيف السياسي المصري وليس جماعة «الإخوان المسلمين» فقط، باعتبار أن المعارضة شريكة في الحكومة وبالتالي في المسؤولية. ويتمثل الهدف الثاني في إجراء الانتخابات البرلمانية دون مقاطعة من المعارضة لإسدال ستار ديموقراطي على استيلاء الجماعة على مقدرات الدولة والنظام السياسي. لذلك الغرض أخرج الساحر كيري من جعبته مصطلح «التحول الديموقراطي» لينوب عن الديموقراطية في خطاباته المصرية، محاولاً تمويه صورة الواقع القاتم في مصر والتغطية على حقيقة أن واشنطن تستمر في التحالف مع أنظمة شمولية وغير ديموقراطية في مصر مثلما فعلت في السنوات الثلاثين السابقة على الأقل.
    يعلم جون كيري جيداً أن العقبة لن تكون في الإدارة المصرية الحالية، وإنما في «جبهة الإنقاذ» المعارضة التي رفض رمزاها الأهم حمدين صباحي ومحمد البرادعي مجرد اللقاء معه. ولذلك فقد ادّعى الساحر جون كيري الغفلة عن غياب اشتراطات الديموقراطية عن المشهد المصري، وبدا مرتبكاً ومثيراً للشفقة حين استظهر بالصندوق (الانتخابي) محاولاً الإيهام بأنه يختزن الأرنب (العملية الديموقراطية). فات على الساحر المغمور أن الصندوق لا يختزن الديموقراطية أو يختزلها، وإنما الصندوق هو نهاية عملية متكاملة تبدأ بسيادة القانون، مع بقاء الأجهزة التنفيذية للدولة على مسافة واحدة من كل المرشحين ترسيخاً لمبدأ تكافؤ الفرص، في ظل دستور يتوافق عليه المواطنون. دستور لا يفرق حسب اللون أو الجنس أو المعتقد وليس الدستور الحالي بالطبع، دستور يضمن احترام حقوق الإنسان، التي تنتهك يوميا في التظاهرات والاحتجاجات وباغتيال الناشطين السياسيين من جيكا إلى الجندي، وهما غيض من فيض. لن تفيد الساحر المغمور حقيقة أن الدكتور مرسي منتخب عبر الصندوق فذلك نصف الحقيقة فقط، لأنه انتهك السلطة القضائية بعد انتخابه بشهور قليلة، وهي خدعة لن تنطلي على المصريين مرة ثانية. باختصار سمع الساحر المغمور صفارات الاستهجان من الحضور، وإن نجا من رشق بالبيض على العرض الساذج والسيئ والعديم الخيال. ربما عليه أن يطوّر من الأداء في المرحلة المقبلة، إذا أراد أن يبقى في هذه المهنة بالسنوات الأربع المقبلة.
    تناقض القيم والمصالح
    تنصّب إدارة أوباما نفسها راعية لحقوق الإنسان ووصية على الحريات المدنية والفردية وقبلة الديموقراطية في العالم، ولكنها تتحالف مع جماعة شمولية تنتهك الحريات المدنية وتغتصب الديموقراطية في مصر وتتجاهل قيام النظام الجديد على أسس غير ديموقراطية وغير تشاركية وتتعامى عن خلو النظام السياسي من التوازن بين السلطات، أو ما يحلو للأميركيين وصفه checks and balances. وهنا تكرر الإدارة الأميركية نهجها ذاته مع نظام مبارك الممتد لثلاثين عاما، في تناقض صارخ مع القيم المؤسسة للولايات المتحدة الأميركية ذاتها. لا يبدو أن الإدارة الأميركية تتعلم من ارتكابات سابقاتها، فالإدارات السابقة اقترفت الخطأ ذاته مع نظام مبارك فقط لأنه يلبي لها مصالحها الإقليمية (ضمان أمن إسرائيل، المشاركة في استمرار تدفق النفط، تمرير المصالح الأميركية وتسويقها في المنطقة)، وتناست أن الداخل يحدد اتجاهات السياسة الإقليمية إلى حد كبير.
    لم تنطل ألاعيب الساحر المغمور جون كيري على المصريين، ولكنها كشفت من حيث لم يحتسب أشياء أخرى. اختبر المصريون ثورية الجماعة أثناء الانتفاضة الشعبية، حين شاهدوا الجماعة تتحاور مع عمر سليمان بعيداً عن المتظاهرين في التحرير، ووقت أن تيقنوا من رعاية الجماعة لترقيع الدستور 1971 في بداية المرحلة الانتقالية الفاشلة، ومنذ أن تثبتوا من تحالفها النفعي مع المجلس العسكري. ثم عاد المصريون وامتحنوا ديموقراطية الجماعة بعد أن انتخبوا مرسي في مواجهة مرشح الفلول، وما تلاه من ميل جارف للجماعة تجاه مغالبة الآخرين وإخراج قرارات صممت وهندست لتحجيم الزخم الديموقراطي الوليد في مصر. ثم اكتشف المصريون تقدمية الجماعة ذاتها بقراءة مواقفها حيال قضايا المرأة والأقليات وبمعاداتها السافرة للعدالة الاجتماعية ومقتضياتها، وهي الشعار المؤسس لانتفاضة «25 يناير» 2011 المجيدة. الآن وبمناسبة زيارة جون كيري ينتقل المصريون إلى مرحلة اختبار .... وطنية الجماعة!


    أمريكا بين مصر والإخوان
    بقلم: د. حسن أبو طالب عن صحيفة الأهرام المصرية
    رفض بعض رموز المعارضة في جبهة الانقاذ مقابلة وزير الخارجية الامريكي جون كيري وقام ناشطون وحزبيون بمظاهرة للتنديد بالزيارة ونتائجها‏,‏ وذلك استنادا إلي مبدأ رفض التدخل الامريكي في الشأن المصري‏,
    خاصة أن الشواهد دلت علي أن الوزير الامريكي سيطلب من هؤلاء القادة المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة لاستكمال بناء المؤسسات السياسية.
    في المقابل سيطلب من الرئيس محمد مرسي القيام ببعض اجراءات لتسهيل مشاركة المعارضة في الانتخابات من قبيل الاستجابة الجزئية لبعض مطالبها كتغيير الحكومة والالتزام باجراءات تحقق نزاهة الانتخابات, فضلا عن خطوات محددة لتسهيل توقيع القرض مع صندوق النقد الدولي. لكن بعض رموز المعارضة الذين التقوا الوزير الأمريكي مثل عمرو موسي رئيس حزب المؤتمر وآخرين منهم أيمن نور ومحمد أبوحامد ومحمد أنور السادات وغيرهم. وجميعهم تحدثوا وفقا لما تم إعلانه حول عدم مشروعية الحكم القائم وتخوفات من أخونة الدولة المصرية والتضييق علي المعارضة التي لا تثق في حكم الاخوان, وعدم الثقة في ان تكون الانتخابات المقبلة تعبيرا حرا عن توجهات المصريين, ناهيك عن الطلب من الولايات المتحدة ألا تدعم حكما لا يقبله الشعب.
    إذن جزء كبير من رسالة المعارضة وصل إلي أذان الوزير الامريكي, وفي المقابل جزء من نصائح امريكية وصلت إلي المعارضة المصرية, وفي الآن نفسه وصلت نصائح أخري إلي الرئيس والحكومة وقيادات الإخوان. وبهذا المعني فإن الجميع حريص علي علاقاته مع الولايات المتحدة, وحريص علي أن تكون شريكا له في مواجهة الطرف الآخر, أو علي الاقل ألا تؤيد الطرف الآخر بأكثر مما ينبغي. وهكذا فالجزء الأكبر من المشكلة ليس في واشنطن والبيت الأبيض وانما في مصر نفسها, بمن يحكمها وبمن يعارض وبمن ينتظر الفرج علي أيدي الجيش أو من خلال ثورة جياع تطيح بالمعادلات القائمة وتفرض بدورها معادلات جديدة لا يعلم أحد كيف ستكون وإلي أين ستقود مصر والمصريين.
    لقد كان الوزير الامريكي صريحا حين عبر عن أولوية بلاده لتوقيع مصر اتفاق صندوق النقد الدولي, لاستعادة الثقة في الاقتصاد المصري, وكان صريحا أيضا حين اكد اهمية استقرار الاوضاع السياسية كشرط ضروري لاستعادة الاقتصاد المصري عافيته ولو بتدرج, وكان صريحا ثالثا حين رأي أن العملية السياسية لابد أن تسير وأن الحلول الوسط هي المخرج المناسب للازمة المصرية الراهنة. ولسنا غافلين هنا عن أن ما يقوله الوزير الامريكي ينطلق أساسا من موقع مصر بالنسبة للمصالح الامريكية, ومن أولويات أمريكية خالصة تري أن استقرار الوضع المصري بعد الثورة يعد ضروريا للحفاظ علي مصالح أمريكية استراتيجية مهمة علي الصعيدين السياسي والامني إقليميا وعالميا. ولذا يظل السؤال؟ أين المصريون من مصالحهم الذاتية العليا؟.
    معروف أن هناك من الليبراليين والاشتراكيين والناشطين السياسيين من يعتقد بقوة في أن الولايات المتحدة هي التي دعمت وصول الإخوان إلي الحكم وفق صفقة تقوم خلالها الجماعة بالحفاظ علي المعاهدة مع إسرائيل وتسيطر علي حركة حماس ذات الأصول الاخوانية وبما يحفظ امن إسرائيل, علي ان تقدم الولايات المتحدة كل الدعم الدولي والاقتصادي لحكم الاخوان باعتباره نموذجا أخر لديمقراطية ذات مرجعية إسلامية معتدلة تراعي المصالح الغربية بوجه عام وتتماهي معها, وأن ضغوط واشنطن علي المجلس العسكري هي التي أدت إلي فوز الرئيس محمد مرسي, وليس منافسه الفريق أحمد شفيق, وبالتالي فهي تتحمل مسئولية كبري فيما آلت إليه الأوضاع المصرية من تراجع علي الصعيد الديمقراطي وعدم تحقيق أهداف الثورة واحتكار الإخوان للحكم والسلطة وفرض قيود علي أحزاب المعارضة والمنظمات المدنية. وفي ظل هذه القناعات تظل الولايات المتحدة لدي هؤلاء مصدرا دائما للشر كما كانت من قبل إبان حكم الرئيس السابق. ويقابل هؤلاء من داخل التيار الاسلامي في مصر( وفي غيرها أيضا) من يري في الولايات المتحدة مصدرا للفجر والخلاعة وهدم الدين ومعاداة المسلمين, وانها الداعم الأكبر للعلمانية والليبرالية التي يرونهما مرادفا للكفر والزندقة. القليل من المصريين يرون في الولايات المتحدة قوة دولية لا يمكن تجاهل تأثيرها السياسي والعسكري علي كل القضايا والمسارات الدولية, وأن من العبث الدخول في مواجهة مفتوحة معها في الوقت الذي تحصل فيه مصر علي معونات اقتصادية وعسكرية مهمة يصعب الاستغناء عنها في ظل الظروف الراهنة ولمدة طويلة مقبلة. وبعض من هؤلاء يرون أن العلاقة الندية بين قوتين; إحداهما إقليمية مهمة وهي مصر, وأخري عالمية تتربع علي قمة النظام الدولي وهي امريكا ممكنة ولكن بشروط; أولها ان تعرف مصر الشعب والمؤسسات كيف تتحرك وكيف تعيد بناء نفسها وكيف تتمسك بالمسار الديمقراطي وبالتنمية الاقتصادية والبشرية وبالحفاظ علي الحريات وكرامة المصريين, وثانيها أن تكون هناك مساحة واسعة من التوافق الوطني بشأن سياسات محددة أولها الامن القومي وثانيها مكانة الجيش وثالثها الحفاظ علي مهنية المؤسسات باعتبارها ملكا للمصريين جميعا وليست نهبا لتيار أو حزب. والواضح ان هذه الشروط غير موجودة, وحتي الحوار حولها غير ممكن, والغالب هو التحريض واللغة غير المهذبة والفجر في الخصومة, وكل ما يهدم و لا يبني.
    خلاصة القول أن الذين يراهنون علي أمريكا في البقاء في الحكم كما كان الحال إبان حكم مبارك لا يقرأون الواقع المصري جيدا وتبدو عقولهم غائبة وخيالهم قاصر إلي حد كبير, والذين يراهنون علي أن معاداة امريكا فكريا وإيديولوجيا ستجلب لهم التأييد الشعبي وستمكنهم من مواصلة حرب من أجل الجنة في الآخرة والنصرة في الدنيا هم أيضا اصحاب رهان خاسر في الدنيا والآخرة معا, ولن يحققوا لأنفسهم ولغيرهم سوي الخراب والتخلف. اما الذين يراهنون علي علاقة متوازنة مع الولايات المتحدة تتسم بالندية النسبية والمصالح المشتركة والتعاون بما يحقق مصالح مصر والمصريين فعليهم أن يبنوا لانفسهم قواعد في الشارع والمجتمع وأن يعتمدوا علي انفسهم أولا, وألا يراهنوا علي قوة اخري غير قوتهم الذاتية مهما تكن التضحيات ومهما كان الطريق صعبا. فكما لا يمكن الاعتماد أبدا علي دعم خارجي لخنق الناس والسيطرة عليهم, لا يمكن الاعتماد أبدا علي تجاهل قوة دولية كبري بوزن الولايات المتحدة. المهم ان تكون مصر لنفسها قبل أي شئ آخر.

    مصر: الاندماج الإقليمي أو الاهتراء والتفتيت
    بقلم: قاسم عز الدين عن صحيفة السفير اللبنانية
    مصر تكشف عن مخاطر المأزق الذي تسميه الطبقة السياسية والنُخب الثقافية «التحوّل الديموقراطي»، إثر ثورة شعبية مجيدة لإسقاط النظام. فبينما تنشغل الطبقة السياسة ونخبها، حكماً ومعارضة، في مشاغل تغيير السلطة بدعوى تغيير النظام، يستكمل شباب الثورة غضب الفئات الشعبية التي ضحّت بأرواحها من أجل مطالب وحقوق لا تقرّ بها الطبقة السياسية ونخبها، ولا تدرجها في أسس التحوّل المنشود. هذا المأزق يهدد بفوضى طويلة تستغلها قوى الثورة المضادة الداخلية والخارجية لتفتيت مصر في سياق تفتيت المنطقة العربية وكبح منحى تحوّلها من حال إلى حال. لكن المعضلة ليست في «العنف» الذي هبّت الطبقة السياسية ونخبها لنَبذِه في «وثيقة الأزهر»، وهو سلاح الثورة المضادة في يد السلطة للتحريض على شباب الثورة وعلى شاباتها خصوصاً. إنما هي في الأسباب التي أتاحت انفجار العنف وأتاحت عودة الفلول والتدخلات الخارجية إلى ما كانت. وهي نتيجة هرطقة ما تسميه الطبقة السياسية ونخبها «التحوّل الديموقراطي» في رأس الهرم، دون تفكيك أسس نظام التبعية نحو الاندماج الاقليمي في قاعدة الهرم الجيو ــ سياسي، فالمقدمات في قاعدة الهرم الجيو ــ سياسي تؤدي إلى النتائج في رأسه لا العكس.
    في هذا الشأن يعزو بعض مرموقي كتّاب المقالة الصحافية «معضلة التحوّل»، إلى ما يظنونه «ارتباكاً» ناتجاً من القمع الطويل ضد تكوين الأحزاب وحرية الرأي وغيره. بيد أن القمع حافز في تاريخ التحوّلات الثورية وليس عائقاً، كما هو القهر الاجتماعي حافز والفراغ الاستراتيجي حافز آخر. فما عرفناه في تاريخ التحولات استند إلى واقع بيّن في الاستبداد، وبيّن في مصالح وطموحات القلّة القليلة النافذة، من أجل التحوّل نحو مصالح وطموحات الأغلبية الساحقة. كما استند أيضاً إلى واقع بيّن في التبعية والفراغ الاستراتيجي، من أجل التحوّل نحو تبادل توسع النفوذ والمصالح العليا في الحقل الاقليمي. ولم يحدث أن كان التحوّل مجرّد طقوس ذهنية ومعتقدات في رأس السلطة أو «مفكريها». لكن الطبقة السياسية العربية تتوهم، على اختلاف انتماءاتها الإسلامية والليبرالية، أن تحوّلها «الديموقراطي» مجرد إصلاحات دستورية وانتقال للسلطة. وقد تشبّعت هذه الطبقة السياسية ونُخبها على مدى عقود كاملة في هذه الثقافة السياسية التي أشاعتها استراتيجيات ومصالح الدول الغربية (ومؤسساتها الدولية ومراكز أبحاثها ومدارسها الاجتماعية....) للحفاظ على النموذج الذي أرسته في البلدان التابعة. وتخيّلت أن «الديموقراطية» طقوس في إصلاح إدارة النموذج نفسه، لا في تغيير أسسه المؤسّسة في الجيو ــ سياسية والاقتصادي ــ الاجتماعي والايديولوجيا....
    المعضلة التي تهدد بالاهتراء والتفتيت في مصر (وتونس وباقي البلدان) هي احتراب القوى السياسية ونخبها، لإدارة نموذج النظام السابق نفسه، وهو ما يدفع القوى الثورية وباقي الفئات الاجتماعية للاستمرار بالضغط من أجل تحقيق أهداف الثورة. فهذه القوى هي على خلاف ما يشاع تحريضاً مغرِضاً، أكثر مسؤولية من الطبقة السياسية ونخبها، في حرصها على التحوّل السياسي الذي يستند بالضرورة إلى تحوّل لا بدّ منه في موقع مصر الجيو ــ سياسي، وإلى تحوّل موازٍ في منظومة الاجتماع السياسي لمصلحة الفئات الشعبية الواسعة. لكن القوى السياسية ونخبها الصاعدة إلى السلطة هي في وارد آخر نقيض. فالتيارات الاسلامية تتحدث عن «التمكين»، متوخية أن «تنهض الأمة» ما ان يستقر لها الحكم وإعادة الأمور إلى مجاريها كسابق عهدها. وهي تشيع أن السلطة «التي تمثل إرادة الشعب في صناديق الاقتراع»، ستوزّع الحسنات بالعدل والقسطاس بين أهلها وعشيرتها! ما ان تهتدي إلى هذا الأمر سبيلاً. (ترصد جريدة «المصري اليوم» سيطرة الإخوان على 19 محافظة في سياق عملية الأخونة). ولا تبتعد التيارات الليبرالية عن هذا «التمكين» كثيراً، لكن بلغة «مدنية عصرية» فهي تتحدث عن «استعادة العافية»، حتى «تتمكن» دولة المواطَنَة من أن تأخذ على عاتقها حقوق المواطنين الأفراد! إنما تقول لا بدّ، قبل عودة العجلة إلى ما كانت عليه، من تطعيم مفاصل الدولة بديموقراطيين (لا ديموقراطية دون ديموقراطيين)، ولا بدّ لهذه الدولة الأفلاطونية أن تؤسس على أسس الحريات الفردية والعامة في الدستور والمؤسسات.
    واقع الحال، ليست مصر بلداً ــ قارة كالصين أو البرازيل، يمكنها الاعتماد على التراكم الداخلي للتحوّل في زمن معولم باتت دولُهُ الصغيرة والمتوسطة أشبه بجزر صغيرة ملحَقة بالمحيطات. فأهمية مصر أنها أكبر بلد عربي وأفريقي في الرأسمال البشري والموقع الاستراتيجي الاقليمي، وليس لها أهم من هذا الرأسمال في تحوّلها واستعادة عافيتها التي فقدتها منذ أن تخلّت عن دورها الاقليمي وعن انتمائها العربي ودول الجنوب. وقد لا يكون أمامها غير هذا الرأسمال للتعويض عن عبء الجغرافيا والانفجار الديموغرافي. فهي محكومة بتغيير الجغرافيا حفظاً للبقاء، من الوادي الضيّق إلى غربي الدلتا بالتعاون بين مصر والسودان، بحسب فاروق الباز ومشروع «ممرّ التنمية» أو بحسب العالم الجيولوجي القدير الذي رحل لتوّه رشدي سعيد. لكنها في كل الأحوال محكومة بإعادة اندماجها الاقليمي حفاظاً على استمرار رمق الحياة في مياه النيل من الجنوب، وحفاظاً على أمنها القومي من الشمال حتى جبال طوروس وفارس كما كان دأبها. وقبل هذا وذاك محكومة اليوم قبل غد باستعادة الأرض الزراعية المنهوبة والسيادة الغذائية، واستعادة صناعة الدواء والصلب والنسيج وباقي الصناعات التي خطفها كبار التجار و«رجال الأعمال»، وكذلك استعادة عشرات الملايين من سوق البطالة وعشوائيات البؤس إلى العمل الكريم والمشاركة في القرار السياسي. فهذا غيض من فيض ما ينبغي أن تتحوّل عنه مصر في أوّل المطاف قبل آخره، ولا يبدأ هذا التحوّل إذا لم تستعِد محورها الاقليمي والتحوّل عن محور «دولي» مصطَنَع أدّى إلى انهيارها وهو تحوّل في الجسد من الغرب إلى الشرق والجنوب لا في الرأس فحسب.
    في البدء لم يكن التحوّل الديموقراطي الغربي طقوساً في ما يسمى الشفافية واحترام القانون والمؤسسات وصناديق الاقتراع....، ولا كان كهَنَة الدين الجديد ينادون «الديموقراطية هي الحل» أو كانوا جديّين في ترويج المُثُل المدنية من قبيل «حكم الشعب بالشعب وللشعب». فممثلو الشعب في السلطة كانوا وما زالوا يُنتَخبون في كل مكان، من بين «أحرار روما» وأعيانها لا من طبقة عبيدها والأقنان وهي طبقة الأغلبية الساحقة (برنار مانان، مبادئ الحكم التمثيلي، باريس، 1996). إنما جرى التحوّل الغربي في الجسد قبل الرأس إثر التحوّل من «طريق الهند» إلى «فتح أميركا» بين عامي 1492 ــ 1550. وفي أميركا نفسها جاء تحوّل المستوطنين البيض إلى «الديموقراطية الدستورية»، على وقع غزو الغرب «الأميركي» من نهر الميسيسبي حتى المحيط الهادئ، وكان لهذا التحوّل الجيو ــ سياسي الهائل، الأثر الأعظم في انتقال أوروبا من النظام القديم إلى الدولة ــ الأمة. هذا هو الإطار الجيو ــ سياسي الذي صبّت فيه «معاهدة وستفاليا» عام 1648 منهية حروب الثلاثين سنة والصراع الكنسي على أراضي «الأمبراطورية الرومانية المقدّسة»، استكمالاً لـ«اتفاقية البيرينيه» بين فرنسا وأسبانيا عام 1659. غير أن فوائد قوم عند قوم مصائب، فكان التحوّل الديموقراطي الغربي، في الوقت نفسه، تحوّلاً في صناعة أدوات الغزو وحروب السيطرة الاستعمارية لفتح الأسواق ونهب الذهب والمواد الأولية، ومن بين وأهم أدوات السيطرة إشاعة الطقوس الذهنية سبيلاً كونياً لتحوّل المستَعمَرين وخلاصهم. فالمبشِّر يسبق الجندي والتاجر، ولا غزو ونهب دون «مُثُل عليا». فالمُثُل الغيبية أشدُّ هولاً في الغزو من القتل (تزافاتان تودوروف، فتح أميركا ومسألة الآخر، باريس، 1982).
    يعمّم كهَنَة الديموقراطية ومبشّروها طقوس الغزو والسيطرة الغربية، ولا يعمّمون آليات تحوّل جسد المجتمعات الغربية ودولها. فمعظم فلاسفة التنوير الليبرالي الغربي الذين كافحوا الاستبداد والحق الإلهي في الحكم، ساندوا العبودية وتقدموا الصفوف في الحروب الاستعمارية وفي ذبح الفلاحين. وما زال أحفادهم وتلاميذهم في مدارس العلوم الإنسانية الليبرالية، والمؤسسات الدولية، ومراكز الأبحاث الكبرى والإعلام.... على العهد باقون، بل أكثر دهقنة من «الآباء المؤسسين». فنموذجهم في تحوّل المجتمعات الغربية ودولها لا تقوم له قائمة ما لم يتغذَّ بثروات الأرض قاطبة وعرَق صنّاع الحياة قاطبة. (بول كينيدي، صعود وانحدار القوى العظمى، باريس، 1989). إنما وصل الأمر في هذا النموذج إلى تبديد الثروات الكونية غير المتجددة وتهديد حياة الأرض (المناخ، المياه والمحيطات، الطاقة الأحفورية والغابات والمعادن....) وهي ثروة لكل سكان الأرض مشترَكَة منقولة من الأجيال السابقة إلى الأجيال اللاحقة، يسرقها حوالي واحد بالمئة الذين يحكمون العالم. لكن على قدر نفوذ أهل النموذج تأتي عزائمهم في حشو رؤوس ضحاياهم بأوهام قابلية النموذج للتعميم في البلدان التابعة على وجه الخصوص، إذا أصاب مسُّ الطقوس، الطبقة السياسية ونخبها في الرؤوس.
    مصر التي في خاطري هي ضحية هذا الحشو (كما تونس وبقية بلدان الثورات العربية) الذي وقعت فيه الطبقة السياسية ونُخبها الثقافية. لقد فاضت فيها ثقافة الطقوس حتى باتت ترى «التحوّل الديموقراطي» طقساً في رأس السلطة على جسد دولة حطّمها الاستتباع إلى نموذج تحطيم ملحقاته. فأزمة انهيار مصر هي في تبعيتها لنموذج مصالح الدول الغربية واستراتيجياتها، لا في إدارة النموذج نفسه والسياسات نفسها. وما مِن تحوّل ممكن دون تفكيك التبعية والتحوّل عن محور انهيارها إلى محورها الجيو ــ سياسي الاقليمي. فلا تحوّل في مصر (وتونس....) ما لم تتحوَل مصر عن الوهم الكبير في «الانفتاح» على السوق الدولية الحرّة والتجارة الحرّة والاستثمار الأجنبي الحرّ لنهب الثورة العامة ووضع اليد على الأرض والثروة الطبيعية. (جوزيف ستيغليتز، الوهم الأكبر، باريس، 2002). ولا تحوّل ما لم تقم مصر بحماية أمنها القومي وهو فرع من الأمن القومي العربي. ولا تحوّل ما لم تنحُ مصر نحو الاندماج الاقليمي مع إيران وتركيا على أسس اندماج المنفعَة المتبادلَة والمصلحة الاقليمية العليا، لا على أسس ما يسمى «التعاون والتكامل» في حرية الرأسمال المتفرّعَة من اتفاقيات الشراكة الأوروبية والأميركية والمناطق الحرّة... (لم يتجرأ حسني مبارك على وضع مشاريع البنك الدولي وشركات الاستثمار والبورصات في خليج السويس موضع التطبيق، كما ينوي محمد مرسي وخيرت الشاطر وعصام الحداد...).
    دون هذا المنحى في التحوّل نحو الاندماج الاقليمي لتفكيك نموذج التبعية، يهدّد احتراب الطبقة السياسية ونخبها على إدارة النموذج نفسه، بمزيد من الاهتراء والتفتيت (مفارقة التقاء «الإخوان» و«الليبراليين» على سياسات السادات وعلى عدائهم لما قبل وما بعد). فالاحتراب على الطقوس والمعتقدات هو جدل بيزنطي في جنس الملائكة، لا يستطيع أحد أن يحدّ من تفتيته إلى ما لا نهاية، فالتعليم المدرسي في ترويج الطقوس «مُثُلاً عليا» يخلق بالضرورة نقيضه من الطينة نفسها ولكل شيء آفة من جنسه. التحوّل نحو الاندماج الاقليمي لتفكيك نموذج التبعية في الجسد هو ما يمكن أن يقلب ضغط البخار إلى طاقة في إعادة بناء الأسس المؤسّسة، وما يمكن أن يحول دون أن تمشي الأجساد على الرؤوس.

    عودة «القاعدة» إلى سوريا عبرة لمصر
    بقلم: حمد الماجد عن صحيفة الشرق الأوسط
    من أسوأ ما أفرزه تلكؤ العالم الغربي والعربي في إسقاط نظام بشار أن سوريا صارت بيئة خصبة بدأ يترعرع فيها التشدد وتنمو فيها طفيليات الإرهاب، وأنا يقينا لا أعني أغلبية المقاتلين الشرفاء المعتدلين الذين يرومون من قتالهم إسقاط نظام بشار الدموي وإقامة نظام حكم محترم يسوسهم بالعدل، ويعطي شعبهم حقوقه، وإنما أقصد «قلة» بدأت تستغل ظروف التحرير ومقاومة النظام، مثل «القاعدة»، وكل فكر يؤمن بالسلاح وسيلة وحيدة للتغيير والتفاوض حتى مع رفقاء السلاح والتحرير.
    لقد تلقت «القاعدة» ضربات موجعة منذ أن انكشفت أوراقها، فبعد أن كانت تزعم مقاومتها للصهيونية والنفوذ الأميركي، شاهد الناس كيف ولغت في الدم الحرام واستهدفت بعدد من عملياتها منشآت اقتصادية وأمنية في عدد من الدول العربية، وقتل في هذه العمليات عدد كبير من الأبرياء، فتراجعت سوقها وأصبحت غير مقنعة، وزاد تراجعها بعد حراك الربيع العربي، خاصة في مصر وتونس واليمن، حيث أثبتت جماهير تلك الدول أن التغيير لا يمر بالضرورة عبر بوابة العنف ولغة السلاح، فوجدت في الحالة السورية فرصة للتعويض، فبدأت تنمو وتتجذر مستغلة هذه الهبة الشعبية على النطاق العربي والإسلامي، لتبدأ في استعادة نفوذها وتجنيد أكبر عدد من الشباب المتحمس الذي بدأ يتقاطر على سوريا بصدق وصفاء نية لنصرة الشعب السوري، لينمو بعدها قلق من أن تكون سوريا «أفغانستان» أخرى تعلب فيها «القاعدة» فكرها المنحرف وتصدره إلى بقية الدول العربية، لتبدأ بعدها موجة أخرى من العنف والتكفير والتفجير الذي استغرق من الدول التي أصابتها لوثة هذا الفكر الضال عقودا كي تتماثل للشفاء.
    وقد يكون من المبكر الحديث عن دروس الثورة السورية، لكن العين لا تخطئ درسا غاية في الأهمية، وهو أن بعض التيارات الليبرالية، من حيث تدري أو لا تدري، تنفخ في نار الفكر القاعدي حين تحارب بشراسة المعتدلين في التيارات الإسلامية، كما تفعل الآن في مصر بصورة واضحة، ففي سوريا لم يكن لـ«القاعدة» ومن دار في فلكها هذا الزخم الذي تحظى به الآن لولا أنها وجدت في العنف والقتال بيئة خصبة لتعزيز نفوذها، فها هو الشباب العربي المشارك في الثورة السورية أمسوا لقمة سائغة في الفم القاعدي.
    وهنا معلومة لا أحسب أنها فاتت على بعض الليبراليين، وهي أن «القاعدة» في الغالب الأعم غير قادرة على تجنيد أفرادها بنفسها كما تفعل بقية الفصائل الإسلامية، وإنما تقتات على التابعين للتوجهات الإسلامية المسالمة (سلفيين، إخوان، تبليغ.. إلخ)، وما يجري الآن في مصر من معركة شرسة، تعدت المقبول ضد الإخوان والسلفيين الذين قبلوا باللعبة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، سيؤدي إلى جر البلاد إلى أتون العنف والعنف المضاد، وهو البيئة التي ستفرخ فيها «القاعدة» التي لا نكاد نسمع لها ذكرا في الساحة المصرية، كما كنا لم نسمع بها في سوريا قبل اندلاع الثورة المسلحة.

    الشعب السوري بين نارين وجنرالين
    بقلم: عبدالمجيد جرادات عن صحيفة الدستور الأردنية
    الجديد في تداعيات الملف السوري، هو أن الحكومة البريطانية وعدت بتقديم معدات عسكرية(غير قاتلة) للمعارضة المسلحة في سوريا، وقد جاء ذلك في البيان الختامي لمؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد قبل أيام في العاصمة الإيطالية روما، وحضره رئيس الائتلاف الوطني( معاذ الخطيب)، أما الرئيس الأميركي (أوباما)، فقد اتفق مع نظيره الروسي( بوتين) على أن يتابع ( سيرجي لافروف) وزير الخارجية الروسي، و( جون كيري) وزير الخارجية الأميركي، جهودهما للبحث عن حلول سياسية، مع أن الجميع، يُدرك بأن سخونة الأوضاع في الداخل السوري، فوتت الفرصة على كل المبادرات التي تهدف لحقن الدماء.
    تذكرني خطوة الرئيس الأميركي، بمضمون فقرة درامية جاءت ضمن حلقات المسلسل السوري( ضيعة ضايعة) والذي كتبه الدكتور ممدوح حماده وبثته أكثر من فضائية خليجية قبل أن تبدأ الثورات العربية، فقد توترت العلاقة ربما بعد أن تقاطعت المصالح بين مختار الضيعة ورئيس المخفر(أبونادر)؛ الأمر الذي أثار سلسلة من الضغائن الداخلية، نتج عنها مشاجرات متشعبة بين أبناء القرية، وبعد مواجهات حادة بمعدات غير فتاكة، تمكن (أبو نادر) من إطفاء نيران الفتنة وتهدئة الأوضاع، ثم أمسك بيد المختار، وتجولا في أنحاء الضيعة، وبدون الافصاح عن الأسباب أو حجم الأضرار.
    يتمركز السؤال الذي يبحث عن إجابة بين عواصم الدول المعنية بتطورات محنة الشعب السوري حول : كيفية حسم الموقف، وأين تكمن أسوأ النتائج، في ظل واقع العناد المتبادل بين نظام الحكم من جهة والمعارضة المسلحة من جهة أخرى، وإصرار كل طرف على إلغاء دور الطرف الآخر من حساباته ؟، وما هي أصعب الاحتمالات فيما إذا طال أمد الأزمة واستمر تدفق معدات القتل التي ندرك بأن استخدامها ضد أبناء الشعب السوري، لن يندرج ضمن صفات الشجاعة التي تليق بالمحاربين الشرفاء.
    يتجلى الوجه الحضاري في موروث القيم الاجتماعية النبيلة عند العرب بحال وقوع المشاحنات والخصومات بين المتجاورين أو أبناء البيئة الاجتماعية ممن تجمعهم علاقات مصيرية او روابط مشتركة، بسلسلة من الخطوات، أهمها:معرفة النوايا أو الأهداف بالنسبة لمن يحاولون التحيّـز لهذا الجانب، أو الوقوف ضد ذاك، وبناء على هذه المعادلة، تمنينا منذ بداية الأزمة، بأن يتوافق الحكماء من أبناء الشعب السوري على تجنب المواقف التي ستقود للمزيد من المعاناة والمحن، وستعمق الاحتقانات وما سيترتب عليها من ويلات.
    الشيء المزعج في المعادلة السورية، هو الافراط باستخدام القوة العسكرية من قبل الجانبين، وبالرغم من المناشدات والنصائح التي قدمها لهم الجنرال السوداني أحمد الدابي عندما كلف من قبل جامعة الدول العربية بمهمة الوساطة بضرورة الاحتكام لقوة المنطق، إلا ّ أنه لم يكن بوسعهم، التحسب لمحاذير القسوة ضد بعضهم، وما سينتج عن هذا الأمر من التدخلات الخارجية، سواء على مستوى رؤساء الدول العظمى كما هو حاصل خلال هذه الأيام، أو فيما إذا جاءت اللحظة التي لا نتمناها، وهي قدوم الحشود العسكرية الخارجية، لأن أسوأ ما في هذه المرحلة هو أنها تفسد الأجواء وتعمق الفتن أكثر مما هي عليه.

    الإخوان المسلمون بين إدارة الجماعات وإدارة الدول
    بقلم: د. علي الخشيبان عن صحيفة الرياض السعودية
    اليوم الصورة السياسية والفرضية تتطلب أن ندرك أن تلك الجماعات الإسلامية لن تقدم أكثر مما قدمه سابقوها وخاصة في السياسة الدولية، وهذا سوف يكون النقض الأول للثقة والزواج الثوري الذي تم عقده في ميادين الثورات بين الجماعات الاسلامية والشعوب التي أوصلتها للحكم
    المدافعون عن الثورات العربية يحتجون بالثورات العالمية كمبرر لعدم ظهور مؤشرات النضج على ثورات العالم العربي، وأن ذلك يحتاج إلى وقت أطول، والحقيقة أن ذلك منطقي إذا كان الهدف هو إدخال المجتمعات العربية في أزمة انتظار جديدة كما دخلها العرب قبل خمسة عقود من الآن.
    لقد استمع العالم كله إلى فرضيات عديدة حول ما يجري كنتائج محتملة للثورات العربية التي تداخلت أهدافها مع أهداف تداولها العالم كله منذ عقد من الزمان مثل فرضية مشروع الشرق الأوسط الجديد ذي النكهة السياسية الجديدة وبطعم الإسلام السياسي.
    عندما بدأت الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن ثم سورية لم يكن هناك صورة واضحة إلى أين تتجه هذه الدول ولكننا اليوم أمام ظواهر سياسية حساسة فالشعوب في دول الثورات العربية تكتشف شيئا مخيفا حول مستقبلها السياسي الذي يجب أن لا يقاد من خلال نظام الجماعات فتراتبية التنظيم الإخواني وعنقودية الأعضاء لايمكن تطبيقهما من خلال هيكلية الدول.
    التاريخ الاجتماعي للجماعات الإسلامية وخاصة تاريخ الإخوان يجب إعادة فتحه من جديد لفهم كل علاقة شائكة تظهر أمامنا في النظرية والأسلوب المشترك الذي قد يظهر في دول الثورات العربية ولكي نفهم بعضاً من التفاصيل، ففي تونس مثلا جماعة النهضة الإسلامية هي فرع للإخوان المسلمين والغنوشي هو الذي أسس جماعة النهضة في العام 1972م وبشكل سري ولم يتم الاعتراف بها حتى أسقط بن علي، كما أن الغنوشي عضو في مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.
    النهضة لا يعترفون بتبعيتهم لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنهم يرون بان جماعة الإخوان في مصر تشكل مرجعية فكرية لهم، ولكن ماذا يعني انطلاق الثورة في تونس قبل مصر وهي ذات عدد قليل من السكان مقارنة بمصر ذات التاريخ الكبير في محاربة جماعة النهضة والحركات الإسلامية ..؟
    بالعودة إلى التاريخ عند بداية الثورات العربية نجد أن البوعزيزي أحرق نفسه لان الشرطة كانت تلاحقه لعدم نظامية العمل الذي يقتات منه، وبذات الأسلوب ظهرت حالة مصرية أولى لرجل أحرق نفسه أمام مجلس الشعب لأنه لم يحصل على حصة تمويلية لمخبزه.
    بعد هذه الحادثة بدا أن الإخوان المسلمين في مصر قد أصبحوا جاهزين للدخول إلى ميدان التحرير بمخطط كامل يوفر الغذاء والدواء بل وحتى التعليم للشباب في ميدان التحرير ويبدو أن الوضع في هاتين الدولتين كان سريعا في قضية الحسم السياسي ففي تونس تم الحسم سريعا وكذلك في مصر ولكن المشهد المهم هو أن شجرتي الأحزاب الإسلامية في هاتين الدولتين تخرجان إلى النور سياسيا للمرة الأولى ما أدى إلى وصولهما جميعا إلى سدة الحكم فلماذا وصل الإخوان دون غيرهم؟ هذا سؤال يجب أن نقضي في تحليله مدة أطول من غيرها..؟
    في ليبيا الدولة التي شهدت أول ثورة يموت فيها الرئيس قتلا من الثوار ويبدو في الأفق أن سورية تسير بذات الاتجاه حيث بدا أن الثوار وهم حليف استراتيجي لجماعة الإخوان فتاريخ جماعة الإخوان في ليبيا يقول إنها موجودة منذ أربعينيات القرن الماضي في ليبيا ولكن القذافي أعلن حلها مع بداية ثورته في الفاتح من سبتمبر.. وفي مقاربة غريبة تعود حركة الإخوان في ليبيا بعد الثورة بنفس الطريقة التي عادت بها جماعة النهضة في تونس.
    في سورية جماعة الإخوان تأسست في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي وهي أشد قربا والتصاقا بجماعة الإخوان المصرية لكونها تعترف رسميا بذلك وقد تعرضت هذه الجماعة للاضطهاد على يد نظام البعث وقد عانت من ذات الظروف تقريبا التي عانت منها جماعة الإخوان المسلمين في مصر مع اختلاف في المشهد.
    علاقة الجماعتين في مصر وسورية عميقة جدا وقوية بل إنها تجد دفاعا من قيادات الجماعة في مصر وهذا يعكس تلك الرابطة الأيديولوجية بين الجماعتين، ويوحي أن الدور الثوري للجماعة على الساحة السورية يعتبر محورا مهما في تعقيدات الأزمة السورية بعد سقوط النظام الذي بات وشيكا.
    في ثلاث دول رئيسة في المنطقة تظهر جماعة الإخوان المسلمين بشعارها السياسي لحكم هذه الدول..
    والحقيقة أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر وهي تحاول الاستقرار على قمة السلطة ستعمل على تكرارالتجربة السياسية هذا إذا نجحت تجربة الإخوان سياسيا مع أن المؤشرات تثبت كل يوم أن إدارة جماعة أمر مختلف عن إدارة دولة في السياسة.
    الحقيقة أن الوقت لازال مبكرا للتحدث عن حجم الفشل الذي سوف تصل إليه الجماعات الإسلامية فهناك فروض سياسية دولية ومحلية تحتم على الجماعات الإسلامية تغيير الكثير من مواقفها السابقة ولكن الأزمة التي تواجهها تلك الجماعات تتمثل في قدرتها على إعادة ترتيب علاقاتها مع الشعوب التي انتخبتها وأوصلتها إلى سدة الحكم.
    الشعوب العربية التي اختارت تلك الجماعات للحكم صوتت لهذه الجماعات تحت صور من التاريخ الجميل للحكم الإسلامي حيث يعتقد الكثيرون بل يرددون أن هذه الجماعات سوف تنافس تاريخ عمر بن عبدالعزيز في تلك الصورة الذهنية المرسومة في عقولهم أو تلك الصور الجميلة لهارون الرشيد، أو خلفاء الأندلس..
    هذه الصور التاريخية تشكل أزمة للإسلاميين، وقد يتحتم على تلك الجماعات الإسلامية أن تتخلص منها في عقول تلك الشعوب إذا أرادت أن تستمر في الحكم.
    اليوم الصورة السياسية والفرضية تتطلب أن ندرك أن تلك الجماعات الإسلامية لن تقدم أكثر مما قدمه سابقوها وخاصة في السياسة الدولية، وهذا سوف يكون النقض الأول للثقة والزواج الثوري الذي تم عقده في ميادين الثورات بين الجماعات الاسلامية والشعوب التي أوصلتها للحكم.
    المشكلة الأخرى أن الجماعات الإسلامية بعد أن حكمت في مصر وتونس تتجه نحو ترويض المجتمع وإعادة بنائه الاجتماعي كمتطلب من متطلبات إدارة هذه الشعوب، وقد ترضى الشعوب بذلك مبدئيا، ولكن الأزمة التي سوف تحدث عندما تكتشف هذه الشعوب أن عمر بن عبدالعزيز أو هارون الرشيد لن يأتي ولن تكون هناك سوى تعاليم قاسية يوازيها اقتصاد أشد وطأة وسياسة لم تختلف عن سابقتها وهناك ستكون النتائج أكبر وسيعود التاريخ من جديد..

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 315
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-07, 11:21 AM
  2. اقلام واراء عربي 310
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:04 AM
  3. اقلام واراء عربي 309
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:03 AM
  4. اقلام واراء عربي 308
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:02 AM
  5. اقلام واراء عربي 307
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:02 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •