النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 349

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء عربي 349

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif[/IMG]


    في هذا الملــــف:

    • تحذير لحركة حماس
    • بقلم: عبد الحليم قنديل عن القدس العربي
    • محاصصة الفلسطينيين في الحكومة كما العشائر
    • بقلم: محمد علاونة عن السبيل الأردنية
    • البابا فرنسيس وبطرس الفلسطيني
    • بقلم: نصري الصايغ عن السفير البيروتية
    • الانتفاضة الثالثة.. بين نضوج المقدمات ومعوقات التفجر!
    • بقلم: مأمون الحسيني عن الوطن السورية
    • أوبـامـا يتّجـه إلـى إســرائيل
    • بقلم: توماس فريدمان عن الوطن القطرية
    • راشيل وبوصلة النضال
    • بقلم: أمجد عرار عن الخليج الاماراتية
    • فرصة ذهبية ضيّعتها قطر!
    • بقلم: عبدالعزيز السويد عن الحياة اللندنية
    • نصيحة للإخوان المسلمين في مواجهة الجرافيتي المُهين
    • بقلم: عمرو عزت عن المصري اليوم
    • تحذير لحركة حماس

    بقلم: عبد الحليم قنديل عن القدس العربي
    لكاتب السطور علاقة طيبة مع قادة حماس في الخارج والداخل الفلسطيني، ويقدر لحركة حماس دورها التاريخي في حياة الشعب الفلسطيني، وعظمة تضحيات شهدائها ومؤسسيها الكبار، وصلابة وحيوية تنظيمها الداخلي.
    وقد التقيت السيد خالد مشعل ـ زعيم حماس ـ مرات في القاهرة ودمشق، وفي زمن حكم مبارك، وحيث كان ذلك من المحرمات والمحظورات، وتلقيت من مشعل اتصالا هاتفيا كريما يهنئ بنجاح الثورة المصرية في خلع مبارك، وقبلها بسنوات، التقيت مشعل في دمشق، وكان الرجل غاية في المودة والحفاوة، وبادرني مبتسما مهللا بقوله 'نحن الحركة الاستشهادية وأنت الكاتب الاستشهادي '، وكان مشعل يشير بعبارة 'الكاتب الاستشهادي' إلى ما هو معروف من دوري في قيادة الحملة الصحفية والسياسية لخلع نظام مبارك، وهي الحملة التي بدأتها مبكرا، ومع منتصف العام الأول من القرن الجاري، ولاقيت بسببها ما لاقيت، ومما احتسبه لوجه الله والحق والوطن والشعب.
    وقد لايكون لهذا الكلام من محل إلا فيما سأقوله توا، فأنا أريد أن أحذر حركة حماس مما أتصوره أخطاء وخطايا، وبالذات في علاقتها بالمخاض الجاري في مصر الآن، وتزايد وتيرة الرفض لحكم جماعة الإخوان، وتبين فشله الذريع بسرعة خارقة، وهو ما يؤثر بشدة على شعبية حركة حماس في مصر، ونزولها إلى أدنى درجاتها، واعتبارها مجرد فرع فلسطيني لجماعة الإخوان، يحق النفور منها كما النفور من حكم الإخوان، وينظر إليها كميليشيا قابلة للاستدعاء لنصرة الإخوان وقت الخطر، وكلها ـ للأسف ـ افتراضات تلقى قبولا واسعا من غالبية المصريين الآن، خاصة أن وسائل إعلام مصرية كثيرة تدأب على تغـــذية المخاوف، وباستخدام 'وثائق مضروبة' قد يكون مصدرها فلسطينيا في أغلب الأحوال.
    أصل الخلل فيما نتصوره قد يمكن شرحه على النحو التالي، فحركة حماس ـ تاريخيا ـ تؤمن بفكر الإخوان المسلمين، وليس واضحا ـ بالضبط ـ طبائع علاقتها التنظيمية بمكتب إرشاد الإخوان في مصر، بعض قادة حماس قالوا أنه لا ارتباط تنظيمي بل فكرى مجرد، وحتى لو كان الارتباط تنظيميا، فليس من مصلحة لحركة حماس أن تبدو كفرع لجماعة الإخوان في مصر بالذات، فالوطنيون المصريون لم يتعاملوا مع حماس أبدا بهذه الصفة، وتعاملوا معها كحركة تحرير وطني فلسطيني، ولم يكن تأييدها محصورا في أوساط الإسلاميين المصريين، بل كان يبلغ الذروة في أوساط القوميين والناصريين المصريين، ولاعتبارات تعلقت بمجرى حوادث وتطورات القضية الفلسطينية ذاتها، فقد بدت حماس ـ لوقت طويل ـ كعنوان لمشروع المقاومة المسلحة، عارضت اتفاق أوسلو وتداعياته، وامتازت بعبقرية تكتيكاتها الاستشهادية، ولعبت دورا مرموقا في الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي تفجرت في نهايات العام 2000، وعقب نجاح 'حزب الله' في إجلاء الاحتلال الإسرائيلي عن الجنوب اللبنانى، ودون قيد ولا شرط ولا سلام ولا كلام، وفي هذه الفترة، بلغ التأييد لحزب الله و الحماس لحركة حماس إلى ذروته، ولم يلتفت أحد وقتها إلى 'شيعية' حزب الله أو 'إخوانية' حركة حماس، بل بدا 'حزب الله' عنوانا عربيا جامعا بامتياز، وبدت حركة 'حماس' كأنها الحركة الوطنية الفلسطينية الأجدر بالتأييد والدعم، وبدا الشعور 'الحماسي' جارفا إلى أواسط العقد الأول من القرن الجارى، ثم جرى ما جرى، ودخلت حماس إلى الانتخابات الفلسطينية، وما أعقبها من تطورات الصدام فالاقتتال الدموي بين 'فتح' و'حماس'، لكن حركة 'حماس' ظلت تحظى بتفضيل ملموس في أوساط الوطنيين المصريين المناهضين لحكم مبارك، خصوصا بعد أن آلت إليها مقاليد الأمور في غزة اللصيقة بمصر.
    وعانت من أهوال الحصار الذي شارك به النظام المصري وقتها، وتحولت قضية فتح معبر رفح وكسر الحصار إلى عنوان يومي في السياسة الداخلية المصرية، وشهد الشارع المصري مظاهرات ضخمة لدعم صمود حماس في حرب أواخر 2008 أوائل 2009، ولقينا ما لقينا من صنوف العنت والمصادرة والتجويع والترويع في مصر، ليس لأننا كنا ندعم حماس كتنظيم إخواني، بل لأن 'حماس' بدت وقتها كحركة مقاومة فلسطينية وعربية باسلة، تؤلف من حولها القلوب والضمائر.
    كان هذا ما كان، وهو ما اختلف ـ بالطبع ـ بعد نجاح الموجة الأولى للثورة المصرية، فقد تم فتح معبر رفح بصورة شبه دائمة، وجرى اختراق حصار غزة، وصار الذهاب لدعم غزة من السياحات المفضلة لحركة الوطنية المصريةعلى تنوع تياراتها، لكن وصول الإخوان للحكم خلق مشكلة في الاتجاه المعاكس لما كان زمن المخلوع، فقد بدت دولة خليجية صغيرة وغنية، وكأنها الكفيل المالي المشترك لحكم الإخوان ولحركة حماس معا، وانتشرت في أوساط الرأي العام المصري دواعي الكراهية لهذه الدولة ومكفوليها، ثم بدت حماس كأنها وضعت بيضها كله في سلة 'رئيس' إخواني متعثر، أو كأنها تحارب إلى جانب الإخوان، وفي معركة لا يصح لها أن تشارك فيها، ودون أن تنتبه إلى الأثر الفادح لهذا السلوك في مصر بالذات، والتي تشهد الآن توزعا واستقطابا غير مسبوق، وتتعدد فيها مراكز التأثير داخل بنيان الدولة المصرية ذاته، لم تنتبه حماس لخطأ دخولها في تفاصيل لحظة مصرية مضطربة، ولم تخاطب الرأي العام المصرى بصورة تزيل المخاوف والهواجس، ولم تقدر أنها قد تخسر عطف غالبية المصريين من غير الإخوان، وأنها تضع نفسها ـ ربما دون قصد ـ في عداء ضمني وصريح مع جماعات الشارع الثوري، ومع أحزاب وتيارات وطنية وديمقراطية واجتماعية متزايدة التأثير، وربما مع الجيش المصري نفسه، والذي قدم مئة ألف شهيد وجريح ومعاق في الحروب مع إسرائيل، وهو ما أدى إلى تدافع أزمات مكتومة وظاهرة، فلم تتعاون حماس بما يكفي لإجلاء حقيقة اختطاف ضباط شرطة مصريين بالقرب من الحدود، ولا تعاونت بما يكفي لكشف حقيقة قتل سبعة عشر ضابطا وجنديا من الجيش في المنطقة ذاتها، وظلت تراوغ في قضية الأنفاق، وتصدر عبر ممثليها تصريحات عنترية ضد قيام الجيش بهدم الأنفاق، والتي لم تعد لها من ضرورة بعد فتح معبر رفح، والذي ينبغي له أن يفتح على مدار اليوم لعبور الأفراد والبضائع، بينما 'الأنفاق' خطر أمني داهم، وعدوان ظاهر على السيادة المصرية، وقد يقبل به 'الإخوان' تقديما لمصالح الأهل والعشيرة، لكن الجيش المصري لايقبل، وأغلبية الشعب المصري الساحقة كذلك، وهو ما يفسر مشاعر كراهية خطرة لحركة حماس تنمو في نفوس المصريين، وإلى حد 'شيطنة' حماس بالكامل، وربما شيطنة الفلسطينيين أيضا.
    وربما تكون 'حماس' اليوم في حاجة إلى اختبار وقرار بخصوص الوضع في مصر، وفي احتياج إلى أن توازن بين الدخول إلى مصر من الباب الواسع، أو أن تظل في حالة تسلل من شباك الإخوان الضيق، ففلسطين قضية وطنية مصرية بامتياز، وحركة حماس في حاجة إلى إثبات 'فلسطينيتها' بصورة تعلو على 'إخوانيتها'، فالإخوان جاءوا إلى الحكم وسيذهبون، ولا نريد لعلاقة حماس مع مصر أن تذهب بذهاب الإخوان، وإن حدث فستكون الكارثة لحماس أولا، وهذا ما يدفعنا إلى التحذير قبل فوات الأوان.




    محاصصة الفلسطينيين في الحكومة كما العشائر
    بقلم: محمد علاونة عن السبيل الأردنية
    لا ندري دوافع الهجمة الشرسة بعد تسرب أنباء عن أن رئيس الوزراء عبد الله النسور يتشاور والنواب حول حصة لوزراء أردنيين من أصل فلسطيني، لدرجة التحذير من حرب أهلية واشتعال الفتنة.
    رغم أن النسور نفسه نفى بشكل قاطع وجود دعوات للمحاصصة في تمثيل الحقائب الوزارية من قبل ممثلين للمكون الفلسطيني في المجتمع، وتأكيده عدم وجود أي مطالبات بالمحاصصة من قبل النواب خلال المشاورات، ما زالت ماكينة فزاعة التوطين تعمل، مثل كل مرة وعند أي منعطف تشتبك فيه نقاشات الساسة حول ذلك المكون.
    كان أجدى بالذين حذروا من إشراك فلسطيني الأصل في الحكومة التذكير بأنهم يحملون الجنسية الأردنية، ولديهم ذات الحقوق والواجبات لكل من يعيش على هذه الأرض، وأولى بهم أن يدفعوا باتجاه إلغاء المحاصصة الأخرى لأبناء العشائر أو لعرق ديني، أو حتى تلك الكوتا المفروضة من جهات أخرى.
    لا ندعو إلى المحاصصة لأي جهة كانت نيابية أو حكومية وحتى في المؤسسات الرسمية، وعلى الناس أولا أن تختار في البرلمان من يمثلها وبحسب الكفاءة، ورئيس الحكومة أيضا يؤلف حكومة من الذين يستحقون المنصب مهما كانت أصولهم أو منابتهم، ما داموا يحملون الجنسية الأردنية وضمن القانون.
    اجتزاء الأمور وتحويلها لملفات شخصية لا يخدم الصالح العام بل هو أقرب إلى إثارة الفتنة لكن بشكل مبطن، ويمكن التذكير بأن تلك الهجمة لا تختلف كثيرا عند التعامل مع ملفات الفساد، إذ كان أسماء بعينها يتم التشهير بها وبالفعل حولت للقضاء، بينما تم تجاهل متنفذين لأسباب تشبه المحاصصة ذاتها، والتي تمنحهم الحصانة من المساءلة، والاحتجاجات العشائرية على موقوفين في وقت سابق أكثر الأدلة وضوحا.
    يبدو أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما ستحرك الوضع السياسي الداخلي، وتحديدا بما يتعلق بالمكون الفلسطيني، بعد أن كشفت وسائل إعلام غربية معروفة أن أوباما سيسعى للضغط على عمَان للسير قدما بموضوع الكونفدرالية، وفتح الملف على مصراعيه، طبعا لأهداف تخدم "إسرائيل" بالدرجة الأولى، وإعطاء شرعية أمريكية للملف الأكثر تعقيدا خصوصا في ظل الوضع الاقليمي الحالي.
    ذلك يقود إلى أهمية فتح ملف المواطنة وتعريفاته وقانونيته وتعليماته، كونه كما هو معروف ولا يشاع العقبة الأساس في أي إصلاح مقبل كان في الشقين السياسي أو الاقتصادي، ولكي لا يبقى عالقا ومجرد فزاعة تستخدم بين الحين والآخر لأهداف في نفس يعقوب.



    البابا فرنسيس وبطرس الفلسطيني
    بقلم: نصري الصايغ عن السفير البيروتية
    أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني بيعتي (كنيستي). بطرس الفلسطيني، كان الأول. على دمه وشهادته، بنيت الكنيسة في روما، ثم اغتربت. صارت كنيسة الشهادة دولة. أخذت على عاتقها «ما لقيصر وما لله» معاً. أقامت ديناً ودولة، وأحيانا دولة بـ«لا دين» المسيح. أو بعيداً عن «صخرة» بطرس.
    زمن البدايات، كان مضمماً بالشهادة والدم. ارتفعت هامتها على صليب العذابات وجرأة الإيمان وجسارة المواجهة وحب التضحية. وقيل، يومها كانت الكنيسة قريبة جداً من الله.
    الزمن الوسيط، كان معبأً بالسطوة والسلطة. كانت الكنيسة ملكا عضوداً. حاربت بلا هوادة، توسعت بلا شفاعة، سيطرت بلا رحمة، باعت السماء بصكوك الغفران، كما تباع اليوم «حَوارٍ وحُورُ عين»، وما لذ وطاب من متاع الدنيا في معارك التكفير السود...
    في الزمن الوسيط، صارت الكنيسة إمارة يحكمها أمير ويتحكّم بشعوبها أمراء، برتب بابوية أو أسقفية أو عائلات مالكة أو أصهار سياسيون أو قادة مغامرون. يومها، تحوّلت الكنيسة إلى تاجر حروب موضعية، وداعية «حروب صليبية»، وإرهاب محاكم تفتيش، لا يصل إلى قامتها عتاة الطغاة. قيل عن ذلك الزمن إن كنيسة المسيح طلّقت الله، وعقدت قرانها على الدنيا. وقيل، أغمض الله عينيه كي لا يراها، وصمّ أذنيه كي لا يسمع صلواتها.
    وكم من الشبه بين ذاك الزمن، والزمن الديني العربي اليوم!
    إرث روحي كبير ينافسه إرث كنسي سياسي شائك، تتدنى فيه الروح وتتصابى فيه السلطة، إلى أن أعادها «ربيع الأنوار» إلى حجمها. هُزِمَت في السياسة وكسبت في عودتها إلى الروح. والعودة لم تصل بعد إلى الينابيع، حيث يحل الإنسان بعد الله مباشرة. الإنسانية لا تتأجل أبداً في الأبعاد الروحانية للديانات. فالله أولاً، والإنسان ثانياً، والكنيسة والمؤسسات الدينية أخيراً. هكذا قيل عن الكنيسة في دورتها الجديدة، بعدما منعت عنها السياسة، وامتنعت هي عنها.
    لم تكن قد استكملت دورتها في القرن العشرين. راهنت على فاشيّات، فانكسرت. راهنت على أميركا، حتى أسقطت «السوفيات» في وارسو، معقل ليش فاليسا البولوني. وحاربت «لاهوت التحرير» في أميركا اللاتينية، التي منها جاء خليفة بطرس الراهن، البابا فرنسيس. الكنيسة لم تغتسل بعد من ماضيها السياسي. هي بحاجة إلى معمودية الروح، إلى اغتسال بالأردن.
    قبل استكمال الكلام، عن هذا المقام، تجوز المقارنة بين ما في مسار الكنيسة ومسارات الإسلام السياسي الراهنة. أوجه الشبه كثيرة. ليت من يستخلص العبر منها، فيستفيد ويفيد!
    أما بعد... البابا فرنسيس، جاء من آخر الدنيا. اختاروه من الأصقاع البعيدة. جاؤوا به من خلف البحار، وخلف دائرة «القرار»، الممسكة بمقاليد الكرسي الرسولي في روما... كانت «مزحته» جميلة، في أول إطلالة وفي مطلع كلامه في أول لقاء على الشرفة، وقيل: بدأت الكنيسة تبتسم.. هذا فأل خير، فالعبوس جلجلة الروح.
    البابا فرنسيس الأرجنتيني «غريب الأطوار» بابوياً. لم يسبقه أحد في ما اجترأ عليه. بلا تكلف ولا تصنُّع. كأن فخامة البابا يوحنا بولس الثاني لا تعنيه، ورصانة بنديكتوس السادس عشر لا تقنعه. بروتوكول الكنيسة وتقاليدها وأعرافها، لا تستهويه... يومان كانا كافيين لوضع اللمسات الأولى للوحته. خرج من الإطار الجليل. لا ذهب على صدره. صليبه من حديد. لا صولجان ولا رداء أحمر. الأبيض لغة تعكس ما في الداخل... فاجأ زملاءه وأتباعه بسرعة تنفيذه. لم يشاور أحداً. اتخذ قراراً ومشى. كأنه يقول: «يا كنيسة اتبعيني»، فلتخرج الكنيسة من كنيستها، ولتُقِم هيكلها في قلوب الفقراء... ستخسر الكنيسة كثيراً من فخامتها وعظمتها الدنيوية، إذا سارت على خطى سيدها الأول في قوله: «هذا هو جسدي فكلوه»، بعدما كسر الخبز بين رسله صيادي السمك في بحيرة طبريا.
    هل يكون بابا الفقراء، هذا القادم من مدن الصفيح وضواحي التنك وبؤس الناس؟ هل يجرؤ على مواجهة طواغيت الاحتكارات والعولمة؟ قد يفعل ذلك، وقد لا. غير أن أميركا تتخوف من بابا يشغله الفقراء، بدل أن يكون مندوباً لدافوس في روما. لذلك، شنت وسائل الإعلام الأميركية حرباً على «الظلال» التي رافقت أسقفية فرنسوا في الأرجنتين، وفتحت ملفات ضحايا العسكريتاريا الأميركية، بأيد لاتينية وبنادق أرجنتينية ومرتزقة السي.آي.إي، واتهمته بارتكاب التعاون مع الاستبداد.
    لا تستطيع أميركا أن تركن إلى بابا يتحسس الفقراء في العالم، ويشرعن: «كنيستي كنيسة فقيرة للفقراء». هؤلاء الفقراء، هم ضحايا الاستبداد الرأسمالي الكوني، هم ضحايا الشركات العملاقة العابرة القارات، هم ضحايا «الأممية اللصوصية» المنتشرة في «طورا بورا» البورصات العالمية و.. أميركا، والغرب معها، يريدون الفقر موضوعاً لتوظيف الأموال بهدف دراسته فقط، ولعقد المؤتمرات بحجة خفضه، فيما يتزايد ويزيد من بؤس البشرية الكبير.
    قد يكون للبابا فرنسيس «ظلال»... قد يكون قد ساهم في موقف مضاد لكهنة ناضلوا ضد الاستبداد، تحت لواء «لاهوت التحرير» المسيحي، الذي كافحته الكنيسة طويلاً... إنما، فرنسيس الجديد، لا يشبه أسلافه، ولغته ليست من خشب، وإطلالته، ليست من شمع... فيها ضوء ما، فمن له عينان؟
    الرجل القادم من آخر الدنيا، ليكون بابا على الكنيسة، سارع إلى طمأنة اليهود، حسنا! يريد أن يستمر التقارب معهم؟ فليكن! لن يطول الزمن الذي يبادر فيه إلى تقارب مع المسلمين. حسناً! فليكن ذلك أيضا. غير أن هذا لا يعني الكثير، إلا على مستوى الفهم المتبادل، والصفح المكتوم، والعلاقات الودية، ولن يرقى إلى أكثر من ذلك.
    حوار الأديان وقف على النصوص والنفوس. دروبه لاهوتية وفقهية متشعبة، غير أن الحوار المرغوب، هو في أحوال الإنسان والشعوب ومصائرها... الله كفيل بحماية ملكوته الديني، والسياسة كفيلة بتدمير الناسوت الأممي.
    حوار أديان! فليكن. إنما أين فلسطين؟ لقد بدت في تاريخ الكنيسة الحديث، وكأنها ليست من هذا الكوكب. ولا «سينودس» من أجلها... فلسطين هذه هي أم المسيح المصلوب بلا قيامة، هي مريم الساهرة على تراجيديا إنسانية غير مسبوقة، فلسطين هذه، بلا رجاء مسكوني، انها الضحية المختارة من غرب مجرم بحق اليهود، وكنيسة تواطأت ضدهم.
    لم يشفع لفلسطين أن الصخرة كانت من فلسطين، لقد رُميت أمام الكواسر، كما رُمي المسيحيون للأسود الجائعة في حلبات أباطرة الرومان.
    ليت البابا الجديد، القادم من آخر الدنيا، يعيد فلسطين إلى هذه الدنيا، ويتعامل معها، على الأقل، بالروح، تعاملا تقره أصول المسيحية انتماء ووجوداً... فليطمئن قداسته، بأن «اليهود» يلقون عطفا إضافيا وحضوراً طاغيا في قارات الأرض السياسية، لا يدانيه عطف على أي جماعة. هو تعاطف التعويض الذي صار التعاطف المفروض، بقوة الدعاية والتحريض، ضد كل من يتلفظ بكلمة نقد عادية ضد اسرائيل وحكوماتها...
    لكن... أين فلسطين؟ ان البحث عنها غير مكلف. فهي قتيلة تقتل كل يوم، ويمثل بها، وورثة بطرس الفلسطيني يخشون الاقتراب من جلجلتها.
    أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي. قال السيد لبطرس. ونقول لسيد الفاتيكان الجديد.. فلسطين صخرتنا. فهل من الوفاء لإرثها ان تحتل مرتبة الأيقونة، لتحرس من لصوص الهيكل؟
    نحلم بفلسطين، كدين إنساني، له حق الحضور، في مطارح الحوار والنقاش والاهتمام والانتماء.
    قد يبقى الحلم حلماً... إنما، عليه أن يقض مضجع الكنيسة دائما، وهذا يحمّل أساقفة وكرادلة وكهنة المشرق مسؤولية قرع الجرس الفلسطيني في قباب الفاتيكان وفي ساحة القديس بطرس... الفلسطيني.

    الانتفاضة الثالثة.. بين نضوج المقدمات ومعوقات التفجر!
    بقلم: مأمون الحسيني عن الوطن السورية
    يقر الجميع بأن أوضاع وظروف الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وفي القلب منها مدينة القدس التي يضع الاحتلال لمساته الأخيرة على تهويدها بالكامل، باتت مهيأة وناضجة تماماً لاندلاع انتفاضة ثالثة من خلال بوابة الأسرى التي استقطبت عشرات آلاف المتظاهرين، وفجَرت سيلاً من المواجهات مع جيش الاحتلال، إثر استشهاد الأسير عرفات جرادات تحت التعذيب، ذلك أن ما يتعرض له هذا الجزء الوازن من الشعب الفلسطيني، والقابع تحت الاحتلال منذ نحو ستة وأربعين عاماً، لا يقتصر فقط على عمليات السرقة المتواصلة للأراضي الفلسطينية، وبناء وتوسيع المستوطنات، وعزل الأغوار، وجرائم القتل والطرد والاعتقال وهدم المنازل المستمرة منذ عقود، وإنما يمتد باتجاه رزمة ضخمة من الممارسات الإسرائيلية اليومية، من نمط التنكيل على يد المستوطنين، والاقتحامات العسكرية للقرى والمخيمات، والاستيلاء على البيوت «لأغراض عسكرية»، وإغلاق الطرق، والإهانة في الحواجز، ومنع الخروج من غزة أو الضفة، والعيش في ظل الأرض التي صودرت، إما لمستوطنة مجاورة، أو لجدار الفصل، والانتظار لساعات في مكاتب ما يسمى «الإدارة المدنية»، والتحقيقات المذلَة في أقبية المخابرات المختلفة، والإدانات بالجملة في المحاكم العسكرية، ناهيك عن القيود الاقتصادية القاسية التي حوَلت حياة مئات آلاف الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق.
    فتح وحماس غير معنيتين بانتفاضة ثالثة
    انطلاقاً من كل ذلك، وفي سياق البحث عن مقدمات ونذر إضافية لترجيح اندلاع انتفاضة ثالثة، من نمط القول إن الفلسطينيين لم يفكروا «بمصدر رزقهم» عندما أطلقوا الانتفاضتين، الأولى والثانية، والحسم بأن الانتفاضات الشعبية أكبر من التنظيمات ومن القيادات، وأكبر من دولة الاحتلال، والتأكيد أنه، ومثلما فاجأت تونس ومصر الجميع، يمكن للشعب الفلسطيني أن يفاجئ الجميع أيضاً بانتفاضة ثالثة، والزعم بأن الشعوب تفرز قيادات ميدانية جديدة لا تأخذ تعليماتها من جهات «تنظيمية» أعلى منها، في إشارة إلى مواقف كل من «فتح» و«حماس» غير المعنيتين الآن، وفق معظم التقديرات، بانتفاضة جديدة، يصر العديد من المراقبين والمحللين على أن الفلسطينيين يقفون اليوم على عتبة انتفاضة ثالثة لن تكون موجهة فقط للاحتلال، وإنما ستوجه كذلك بعضاً من جهدها وفعالياتها للانقسام الذي فرض أولويات مضرَة: الحزبي على حساب الوطني، والعقائدية على حساب الفلسطينية. لا بل إن بعضهم أشار إلى التواتر الزمني للانتفاضات الفلسطينية (مرة كل 13 عاماً تقريباً) للتأكيد أن ما نشهده هو بداية الانتفاضة الثالثة.
    على أن هذا التقدير، وبصرف النظر عن صحة ووجاهة المقارنة المعقودة ما بين الحالة الفلسطينية التي تواجه عدواً قومياً استيطانياً وظيفياً، ومثيلاتها العربيات التي أفرزت نظماً سياسية تعمل تحت المظلة الأميركية، وتغرق شعوبها في بحر من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لا يقدم مقاربة واقعية وموضوعية شفافة للحال الفلسطينية التي تمر بظروف معقدة لا تفسرها الظواهر المرئية الطافية على سطح المشهد، ولا يستقيم معها النظر من زوايا ضيقة تحجب أجزاء واسعة من الصورة. ولعلنا لا نجانب الصواب إذا ما زعمنا بأن ثمة ضبابية وارتباكاً وتبايناً في الحديث المتخم بالانفعال والعواطف عن طبيعة ووظيفة الانتفاضة التي دخلت القاموس الدولي، من حيث إنها شكل من أشكال «حرب الشعب» الطويلة الأمد. وهي، بهذا المعنى، ما زالت مستمرة، وعلى شكل موجات، منذ نحو سبع سنوات (المسيرات والاحتجاجات على الجدار وعمليات الاستيطان، مسيرات بلعين الأسبوعية، إضرابات الجوع...).
    وعلى الرغم من أن أحداً لم يحدد طبيعة الانتفاضة المتوقعة ومداها، غير أن ثمة ضرورة لتسليط الضوء على بعض العقبات والمعضلات التي تؤثر، وبشكل ملموس، في تفجر انتفاضة شاملة ليس وفق مواصفات بعض القادة الذين يرون فيها مجرد أداة ضغط لتحسين شروط التفاوض، وإنما وفق المقاييس المتوقعة من البعض، أي انتفاضة شاملة وعنيفة تستطيع تحقيق إنجازات ملموسة في أسرع وقت ممكن، وذلك انطلاقاً من معطيين متداخلين: دروس الانتفاضتين السابقتين، وواقع الفلسطينيين الذي يدب على الأرض في الأراضي المحتلة تحت ظلال سلطتين متنافستين، الأولى تدعو إلى الحذر و«عدم الانجرار» إلى الاستفزازات «الإسرائيلية»، والثانية تتحدث بصوتين: صوت وقف النار والاستقرار والتنمية حين يتعلق هذا بقطاع غزة، وصوت الجهاد والكفاح المسلح عندما يتعلق الأمر بأي مكان آخر.
    رزمة معوقات أمام الانتفاضة الثالثة
    يمكن، وبشكل مكثف، وبعيداً عن التقديرات والإجراءات «الإسرائيلية» التي تنحو باتجاه التخفيف من بعض القيود المفروضة على الفلسطينيين، والإفراج عن أموال الضرائب العائدة للسلطة، والاستنتاج، على هذا الأساس، أن حظوظ تفجر انتفاضة فلسطينية على نطاق واسع باتت أقل من السابق، يمكن التذكير بأنه في الانتفاضة الأولى التي وجه إليها «اتفاق أوسلو» ضربة مميتة، كان الاحتلال، وكان الوضع الاقتصادي الفلسطيني الجيد، وكانت قيادتان متنافستان، واحدة وطنية تضم فصائل منظمة التحرير، وأخرى إسلامية. وفي الثانية، كانت السلطة الفلسطينية، وكان التراجع اللافت للفعاليات الشعبية لمصلحة المقاومة المسلحة. وأما في الثالثة المأمولة، فثمة دولة فلسطينية «غير عضو» معترف بها، وانقسام فلسطيني أفقي وعامودي يترسّخ باستمرار، ووضع اقتصادي وسياسي سيئ جداً، ناهيك عن تآكل التفاؤل الذي رافق ما يسمى «ثورات الربيع العربي»، وتراجع منسوب الأمل بتأكيدها البعد القومي لحركتها التغييرية عبر بوابة فلسطين وقضيتها الوطنية، دون أن يلغي كل ذلك وجود مزيج وطني وسياسي واقتصادي واجتماعي فلسطيني محتقن يمكن انفجاره، وعلى نطاق واسع، في أي لحظة.
    في الاستخلاص، تنتصب أمام الانتفاضة الثالثة رزمة من المعوقات، لعل أهمها الانقسام السياسي والجغرافي، ما بين سلطتي رام اللـه وغزة، والذي يستنزف الطاقات الفلسطينيّة بصراع داخلي، ويُخضع مقاومة إسرائيل لحسابات المصالح الفئويّة والمنافسة الحزبيّة، على حين الشرط الأهم لاندلاع انتفاضة شاملة هو توحيد الجهود في ميدان المقاومة التي أثبتت التجارب السابقة أنها توحد الجميع؛ غياب الإستراتيجية الفلسطينيّة الواحدة؛ خشية القيادة الفلسطينية من اندلاع الانتفاضة، خوفاً من خروجها عن سيطرتها، أو أن تستخدم عليها، أو أن تدفع الأمور نحو الفوضى والفلتان الأمني، وتالياً، انهيار السلطة؛ تعاطي حركة «حماس» الانتهازي مع قضية الانتفاضة التي تحرض عليها في الضفة، وتمنعها بالحديد والنار في غزة؛ تشكل أوضاع اقتصاديّة- اجتماعيّة لا توفر مقومات الصمود والمقاومة، فضلاً عن فقدان المشروع الوطني الجامع والمؤسسة الواحدة والقيادة الواحدة التي ينبغي أن تحتل موقع القيادة الهرمة العاجزة والمتآكلة الشرعية والتأثير.

    أوبـامـا يتّجـه إلـى إســرائيل
    بقلم: توماس فريدمان عن الوطن القطرية
    في حال لم تسمعوا بالخبر، فإنّ الرئيس أوباما سيغادر في غضون يومين متوجّهاً إلى إسرائيل. والأرجح أنكم لم تسمعوا به لأنه يصعب عليّ تذكّر أيّ رحلة تكون أقلّ ارتقاباً قام بها رئيس أميركي إلى إسرائيل. لكنّ القنينة الفارغة تحمل رسالة، ومفادها أنه لا يجدر توقع الكثير من الرحلة - وليس فقط لأنه لا يمكن فعل الكثير، ولكن أيضاً لأن وجهة النظر الأميركية المحدودة الآفاق تشير إلى أنه لا ينبغي فعل الكثير. والملفت أن الصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني تحوّل بهدوء، ومن دون أن يعلن أحد عن الأمر، من كونه ضرورة، إلى كونه هواية بنظر الدبلوماسيين الأميركيين. وشأنها شأن أي هواية - على غرار بناء نماذج طائرات أو حياكة الكنزات - تعمل عليها يوماً، وتتجاهلها في أيام أخرى. والأمر مرهون بمزاجك، لكنه لا يهم عادةً متى تنتهي من حياكة الكنزة. وقد عمل أوباما على هذه الهواية في مطلع عهده الأول. وبقي عالقاً بينما صدّه الطرفان، وبالتالي، اعتمد سلوكاً منطقياً جداً بنظري، يقوم على الإهمال عن نية حسنة، وبالكاد تمت ملاحظة ذلك.
    ويلقى هذا الانتقال في طبيعة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني من كونه ضرورة إلى كونه هواية توجيهاً من تغييرات بنيوية عدّة، بدأت مع انتهاء الحرب الباردة. وفي الماضي، كانت تسود مخاوف فعلية من أن يتأتى عن حرب عربية - إسرائيلية صراع أوسع نطاقاً بين القوى العظمى. وخلال حرب أكتوبر 1973، رفع الرئيس نيكسون مستويات تأهّب الدفاع إلى المرتبة الثالثة «ديفكون 3» لدى الجيش الأميركي، لإعلام السوفيتيين بالبقاء بعيدين، مع الإشارة إلى أن حصول ذلك مستبعد اليوم، بالنظر إلى الصراع الصامت بين القوى العظمى حول ملف الشرق الأوسط. إلى ذلك، وبسبب اكتشاف أحجام هائلة من النفط والغاز في الولايات المتحدة، وكندا، والمكسيك، تتحوّل أميركا الشمالية مملكة عربية سعودية جديدة. وبالتالي، من يحتاج إلى القديمة؟
    ولا شك طبعاً في أن النفط والغاز من السلع الأساسية العالمية، وفي أن أي خلل في تدفقهما من الشرق الأوسط سيحث الأسعار على الارتفاع. ولكن مع أن أميركا لاتزال تستورد بعضاً من نفطها من الشرق الأوسط، فهي لن تشعر أبداً بالتهديد بعد اليوم جرّاء حظر نفطي عربي آخر ناتج عن الغضب حيال فلسطين. إلا أن الأمر مختلف بالنسبة إلى الصين والهند، فبنظرهما، تحوّل الشرق الأوسط من هواية إلى ضرورة، وكلاهما يعتمد كثيراً على النفط والغاز اللذين ينتجهما الشرق الأوسط. ولو كان على أي طرف إحراز تقدّم في الإجراءات الدبلوماسية الهادفة إلى صنع السلام العربي - الإسرائيلي (والسني-الشيعي) اليوم، فسيتوجبّ ذلك على وزيري خارجية الهند والصين.
    وقد كتب روبن أم ميلز، رئيس الاستشارات في «منار للطاقة»، في مجلة «فورين بوليسي» أنه «وفقاً للأرقام الأولية التي وردت خلال الأسبوع الجاري، حلّت الصين مكان الولايات المتحدة كأكبر مستوردة كاملة للنفط في العالم». ووصف ميلز المسألة على أنها «بمثابة تحوّل ضخم يوازي بحجمه تفوّق الولايات المتحدة على قوات البحرية الملكية البريطانية، أو تخطّي الاقتصاد الأميركي للاقتصاد البريطاني في أواخر القرن التاسع عشر ... ومن المتوقع أن تتحوّل الولايات المتحدة إلى أكبر منتجة نفط في العالم بحلول العام 2017».
    وفي الوقت ذاته، وفي حين أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، الذي يبقى من دون حل، يترك تداعيات عاطفية في أرجاء العالم العربي المسلم، وفيما يُعدّ حلّه ضرورياً لضمان الاستقرار الإقليمي، من الواضح أن هذا الأمر ليس كافياً، مع الإشارة إلى أن الصراع الذي يثير القدر الأكبر من عدم الاستقرار هو الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة التي تزعزع لبنان، وسوريا، والعراق، والكويت، والبحرين، واليمن. وفي حين أن إنشاء دولة فلسطينية تعيش بسلام مع إسرائيل يُعتبر أمراً جيداً، تقوم المشكلة اليوم على ما إذا كانت الدولة السورية، أو الليبية، أو المصرية ستبقى قائمة.
    وأخيراً، وفي حين تُعتبر الحاجة إلى صقل عملية سلام إسرائيلية-فلسطينية عند أدنى مستوياتها على الإطلاق، لم يسبق للعراقيل أن كانت بهذا الحجم الكبير، حيث إن إسرائيل أرست 300 ألف مستوطن في الضفة الغربية، وبسبب الهجمات الصاروخية التي شنّتها حماس على إسرائيل من غزة، تقوّضت إلى حد كبير رغبة الغالبية الإسرائيلية الصامتة بالانسحاب من الضفة الغربية، حيث إن أقل صاروخ يتم إطلاقه من المكان قد يتسبب بإقفال المطار الدولي الإسرائيلي في اللد. لهذه الأسباب كلها، قد يكون أوباما أول رئيس أميركي حاليّ يزور إسرائيل كسائح.
    أوليس خبراً جيداً بالنسبة إلى إسرائيل؟ خطأ. ففي حين أن الولايات المتحدة قد تملك أسباباً أقل للمخاطرة في سبيل إيجاد حل للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، لاتزال إسرائيل تملك سبباً قوياً للقيام بذلك. صحيح أن الوضع الراهن اليوم قد يكون مقبولاً في إسرائيل، ولكنه ليس صحّياً، مع الإشارة إلى أن تواصل هذا الوضع الراهن يعني الاستمرار ببناء المستوطنات الإسرائيلية والمصادرة الضمنية للضفة الغربية. وأعتقد لهذا السبب أن أهم ما يمكن أن يفعله أوباما خلال رحلته هو مطالبة كل مسؤول إسرائيلي في العلن والخفاء بالإجابة عن الأسئلة التالية:
    «هلاّ أخبرتموني كيف أن التوجّه المستمر إلى إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية لن ينتهي بجعل إسرائيل جزءاً لا يتجزأ من المكان - فتحكم إلى الأبد أكثر من 2.5 مليون فلسطيني في ظل إدارة شبه استعمارية لا يُمكنها إلا أن تقوّض مقام إسرائيل كديمقراطية يهودية وتنزع شرعية هذه الدولة بنظر المجتمع الدولي؟ أفهم السبب الذي يجعل الخلل الفلسطيني والنهضة العربية مثيرين للقلق، ولكن مع ذلك، ألا ينبغي أن تواصلوا الاختبار مراراً وتكراراً لتروا إن كنتم ستعثرون على شريك فلسطيني لضمان السلام؟ ففي نهاية المطاف، لديكم مصلحة كبيرة في محاولة التوسط لإنشاء دولة فلسطينية محترمة في الضفة الغربية، تكون عصرية، ومتعددة الديانات وغربية الميول - في نموذج يختلف تماماً عن نسخ «الإخوان المسلمين» المختلفة في محيطكم. ويركّز الجميع عليّ وعلى ما سأفعله. ولكني أريد أن أعرف كصديق: ما هي استراتيجيتكم للمدى الطويل؟ وهل تملكون استراتيجية أصلاً؟».

    راشيل وبوصلة النضال
    بقلم: أمجد عرار عن الخليج الاماراتية
    في السادس عشر من مارس/آذار 2003 سحقت جرافة يقودها جندي صهيوني حاقد المناضلة الأممية راشيل كوري التي وضعت جسدها النحيل درعاً لحماية منزل فلسطيني في مدينة رفح .
    الملايين رأوا راشيل وهي تقدّم جسدها وروحها قرباناً لحق الفلسطينيين في الحياة والمسكن والحرية . لكن جيش الاحتلال الذي لم نعهده يجيد التنكيت زعم أن سائق الجرافة لم يرها، رغم أنها كانت واقفة وترفع ذراعيها مثل شجرة، قبل أن يتقدّم نحوها ويسحقها بلا وازع من ضمير أو حس من إنسانية . لم تكن تحمل سوى مكبّر للصوت دعت عبره سائق الجرافة إلى الابتعاد عن منزل الأسرة الفقيرة، لكنّه تجاهل نداءاتها وتقدّم مختبئاً في قمرة القيادة، ككل الجبناء، نحو راشيل، وجرفها، وأعاد الكرّة، ثم سحقها ودفنها تحت التراب لتجبل دماؤها بتراب فلسطين التي أحبّتها ودافعت عنها .
    قبل استشهادها بدقائق لم يكن أحد في الوطن العربي، بما فيه فلسطين، يعرف تلك الفتاة التي كانت في قلب الحدث الفلسطيني مدافعة عن أطفاله ومنازل أهله . أبناء غزة كانوا يعرفونها لأنها كانت واحدة منهم، تعيش ما يعيشونه، وتعاني ما يعانونه، إن جاعوا جاعت وإن أكلوا أكلت، لكنّها كانت أسبق من كثيرين إلى التضحية بالروح في سبيل قضية آمنت بها . لم تكن نجمة فضائيات أو مفكّرة استراتيجية أو محلّلة سياسية تدوّخ المشاهدين بالسفسطائية وتزدريهم خارج التصوير بتركيب فقرة ما بعد الفاصل كخياط يفصّل ثوباً، ثم تقبض “المكافأة” وتمضي بانتظار الوجبة المقبلة .
    قبل أن تصل إلى غزة، كانت راشيل تعيش ضمن أسرة هادئة وفي منزل وادع في بلادها أمريكا، لكنّها آثرت أن تكون في المكان الذي يحتاج إلى نضالها، ولسان حالها يتمثّل مقولة المناضل الأممي تشي غيفارا “حيثما وجد الظلم فذاك هو موطني” . تركت عيشة هادئة في شكلها، باعثة على استجواب دائم من الضمير، لكي تقيم مع العشرات من زملائها المتضامنين من جنسيات مختلفة في خيام في مدينة رفح .
    المصير الدرامي الذي لقيته راشيل في رفح شكّل فضيحة متعدّدة الاتجاهات، أولها موقف حكومة بلادها التي تنكّرت لمواطنة أمريكية سحقت حتى الموت والقاتل معروف بلا حاجة إلى تحقيق . الحكومة الأمريكية تعاملت مع الأمر تماماً كما تتعامل مع الفلسطينيين والعرب ضحايا الإجرام “الإسرائيلي”، ولسان حالها يوجّه رسالة تحذير إلى كل متضامن أمريكي أو دولي، بأنه سيواجه بنفس هذا التجاهل إذا سوّلت لهم أنفسهم التضامن مع المظلومين والمضطهدين في فلسطين أو أي مكان في العالم .
    ولعل خير الكلام الذي عبّر عن هذا الظلم ما كتبته راشيل لأمها من غزة حيث قالت في رسالتها، إنها كانت مرعوبة من فكرة أن الرجل في غزة يسير أمام الدبابات مع أطفاله، وإن مجرد خروج هذا الأب مع طفلين صغيرين يبدو عليهم الحزن الشديد لفت نظرها أكثر في تلك اللحظة بالذات .
    لقد تجرأت راشيل على فعل ما لم تتجرأ عليه جيوش عربية، ويبدو أنها أدركت البوصلة الحقيقية ل”الجهاد” أكثر بكثير من أدعيائه، وقدّمت للتاريخ مفارقة أن أمريكية تختار أن تناضل ضد حليفة بلادها في الظلم، فيما يظهر بيننا نحن من “يناضل” مع أمريكا ضد أبناء جلدته .

    فرصة ذهبية ضيّعتها قطر!
    بقلم: عبدالعزيز السويد عن الحياة اللندنية
    كان بإمكان الديبلوماسية القطرية اصطياد مجموعة عصافير بحجر واحد، إلا أن هذا لم يحدث، ولا يعرف السبب، وبعيداً عن اتجاه السياسة القطرية الخارجية ومواقفها تجاه المستجدات في المنطقة العربية، وما أحدثته من تباينات واختلافات، فهذا ليس موضوع المقالة، بل شأن آخر.
    قبل أيام نجحت الديبلوماسية القطرية في فك أسر الرهينة سيلفاني إبراهاردن، وهي معلمة من سويسرا تعمل في اليمن، اختطفها تنظيم القاعدة العام الماضي من منزلها في الحديدة غرب اليمن. وصلت الرهينة المحررة بالسلامة على طائرة خاصة إلى مطار الدوحة.
    أيــن الفـــرصة التــي فاتت على قطر أو فوّتتها؟
    كان بإمكان الديبلوماسية القطرية، أن تضع قضية نائب القنصل السعودي عبدالله الخالدي المخطوف في اليمن من تنظيم القاعدة قبل عام ضمن المفاوضات، الخالدي «رده الله تعالى سالماً إلى أسرته ووطنه»، والذي خُطف من مجموعة باعته إلى تنظيم القاعدة، تخضع قضيته للابتزاز المالي والسياسي من الخاطفين، لكن المال هو السيد المطاع، مع استمرار تجفيف مصادر التمويل، بل ربما لم تحتج قطر إلى زيادة دولار واحد فوق ما دفعته لتحرير السويسرية.
    تخيل المكاسب التي فرطت فيها الديبلوماسية القطرية خليجياً وعربياً وإنسانياً، لو اهتمت بهذه القضية قدر اهتمامها بالمعلمة السويسرية، خصوصاً والسعودية الشقيقة والجارة الكبرى في وضع محدد مع مواجهة دموية طويلة مع تنظيم القاعدة، وضع لا يسمح بالتنازلات والمفاوضات. تخيل كم التقدير الذي لم يلتفت إليه المفاوض القطري، أو لم يضعه في حسبانه، أقلها في قلوب أبناء مجلس «التعاون» الخليجي! لا شك في أنه سيكون «لو حدث» أكبر من أية حملة علاقات عامة فضائية وشبكات اجتماعية.
    ولا يعرف حتى الآن كم دفع لتنـــظيم القاعدة من أموال في مقابل صـــفقة السويســرية، لكن المتـــفق عليه أن التنظيم بحـــاجة ماسة للأمـــوال والفــــدية غير المعلنة، لا شك ستضخ الدماء في عروقه إلى حين.
    نصيحة للإخوان المسلمين في مواجهة الجرافيتي المُهين
    بقلم: عمرو عزت عن المصري اليوم
    من الواجب علينا جميعا أن نشارك جماعة الإخوان المسلمين أسئلتها الوجودية التي انتشرت على ألسنة شبابها اليومين الماضيين، بعد أن فاض كيل المهانة التي يوجهها إليها كل عابر سبيل.
    ينبغي أن نتفهم جميعا ثقل الإحساس بالمهانة الذي دفع شباب الإخوان أمس إلى النزول ومواجهة مجموعة حاولت أن ترسم جرافيتي عن بؤس الإخوان المسلمين عند مقرهم، مما أدى لكتابة فصل آخر من تاريخ هذا البؤس.
    فصول البؤس تتوالي، ومحاولة الوصول لأستاذية العالم انتهت بوضع ذيل ورقي في مؤخرة ذلك الذي يقف أمام السبورة يحاول أن يكتب بخط جميل نفس الديباجات الفارغة للأستاذ السابق ويعتقد من فرط بؤسه أن هذا يكفي.
    من الصعب إقناع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في هذه اللحظة العصيبة من تاريخ أستاذيتهمبأن الإيمان بالديباجات الفارغة مدعاة للمسخرة والمهانة، فضلا عن أن محاولة ممارسة السلطة وفقها باعتبارها أفكارا ملهمة ستؤدي إلى استشراء المهانة والمسخرة أكثر فأكثر. ولكن فلنحاول إبراء للذمة.
    لنأخذ مثلا السيد محمد مرسي. وهو عضو الجماعة الذي درس الهندسة ويحمل لقب الدكتور ودرجة «الأستاذية» ويشاع كونه رئيسا للجمهورية مما جعله يلتقي بقوات من الأمن المركزي ويلقي فيهم مجموعة من الديباجات الفارغة المعتادة التي يبدو أنها تجاوزت الحد هذه المرة، وتحولت إلى هلفطة واضحةضجت على أثرها ألسنة الناس بالمسخرة، عندما قال مرسي إن الشرطة شاركت الشعب ما وصفه بالعبور الثاني في 25 يناير و«كانت في القلب منه»! وأضاف: «وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون 25 يناير هو أيضا عيد الشرطة، وذكرى ما ضحت به الشرطة ضد الاستعمار وضد المحتل. وانطلقت شرارة أولى لمقاومة المحتل».
    وانطلقت أيضا شرارة أخرى لانقسام عم البلاد بين من هالتهم مسخرة وفداحة الهلفطة وبين من تناقلوها باعتبارها شيئا عاديا وخطابا موفقا للسيد الرئيس. محاولة ردم الهوة ليست سهلة ولكن أخوة الإنسانية تجبرني على أن أتقدم ببعض الملاحظات على هامش الهلفطة لعلها تلقى سمعا عن إخواني شارد عن «القطيع» تجعله يفهم لماذا يتعذب إخوانه في الإنسانية والوطن من هذه الهلفطة التي تأتي لتتوج قمة تل القمامة السياسية التي تصيب الناس بالقرف، فيسعى بعضهم إلى مقر جماعة الإخوان متعمدا إهانتهم لكي يرحمونا ويحافظوا على نظافة هذا الوطن.
    الملاحظة الأولى: أن التزوير والكذب فيما يخص الثورة لا يجب أن يمتدا لهذه الدرجة من الوقاحة وإلى أولى الحقائق البسيطة عنها. وأنه من الأفضل لرئيس استغل كلمة «الثورة» وكذب باسمها على حلفائه وناخبيه ألا يجاهر بما يكشف كون «الثورة» عنده هي مجرد فرصة للهلفطة عن مشروع ثوري جامع ليكسب به أصوات المنحازين للثورة كغطاء لمشروعه الأساسي السلطوي الطائفي الذي يقف الآن في مواجهة الثورة.. التي كانت شرارة انطلاقها هي الاحتجاج ضد انتهاكات الحقوق والكرامة على يد الشرطة، وهي الانتهاكات المستمرة تحت قيادته و«في قلب» سلطاته. يمكن له البحث عن ديباجات أخرى فارغة للتقارب معهم بعيدا عن الاستعباط بذكر وجودهم في قلب الثورة، وهو ما يوازي تحية الجيش الإسرائيلي لكونه كان موجودا في قلب «العبور الأول في أكتور 1973».
    الملاحظة الثانية: إذا كان الرئيس مضطرا لإرضاء واسترضاء الشرطة لأنه لم يتبق له حلفاء كثيرون بفضل الانكشاف السريع لمشروعه السلطوي الطائفي، فإن ذلك يكشف أكثر وأكثر عن مآل المشروع السياسي الذي أصبح كل همه أن يصلب عود النظام مستندا إلى نفس المؤسسات بنفس بنيتها، وأن يحسن وضع نفس الاقتصاد بنفس شروطه وأن يدعو المجتمع للعمل والإنتاج وفق نفس العلاقات، وكأن الثورة كانت سوء تفاهم عابر بين الشعب والسلطة.
    الملاحظة الثالثة: أن تطرق مرسي إلى تكوينه العقلي والديني في حوار تليفزيوني، في إجابة عن سؤال ما لا علاقة له بالتكوين من قريب أو من بعيد ــ يكشف عن امتنان عميق للهلفطة اللغوية التي تتهرب من الأسئلة والتحديات وتجمع المتناقضات جميعا في حب ووئام وتؤسس مشاريع جميلة للتوافق الوطني والانسجام العالمي، تحت قيادة الإخوان بالطبع. ويبدو أن لهذه الهلفطة تاريخا عميقا في التفكير السياسي للإخوان الذين جعلوا نفسهم حزبا سياسيا لكن اسمه «جماعة» ومارسوا أنشطة الأحزاب السياسية ثم أعلنوا معاداتهم للحزبية السياسية عمرا طويلا لأنهم ضد التفرق ومع الوحدة والانسجام، إلى أن اكتشفوا فجأة أن هذه الهلفطة قد انتهى عمرها الافتراضي فاضطروا إلى التصالح رسميا مع فكرة الحزبية. وربما تشير هذه الهلفطة التاريخية إلى جذور تناقض عميق بين ادعاء قبول الديمقراطية وبين الروح الشمولية السلطوية على طريقة «الحزبية سيئة ولكن نحن الحزب الواحد الذين يجب أن يكون»، وهي الروح التي لا تزال تضيق بالتعدد والاختلاف في أشكال متعددة وتسعى لتقييده في الدستور وسلسلة مشروعات القوانين السلطوية لتنظيم التظاهر والمجتمع المدني والحياة الطلابية والنقابية.
    الملاحظة الرابعة تتعلق أيضا بتكوين مرسي وعقليته التي يبدو أنها تأثرت كثيرا بتراث معاصر من الهلفطة الدينية التي تستغل استسلام عقول وقلوب المؤمنين بالغيب إلى كلمات الخطيب المنسابة المطعمة بـ«قال الله وقال الرسول» لكي تدس بينها أي كلام فارغ ومتناقض ينسب نفسه زورا إلى «الإرادة الإلهية». لأنها وحدها القادرة على أن تقول للشيء كن فيكون وتبعث الاتساق في جملة من نوع «أراد الله أن يكون يوم 25 يناير هو أيضا عيد الشرطة» لتكون ممكنة في سياق تحية الشرطة وليس توبيخها.
    الملاحظة الختامية أن كل ما سبق، من بؤس مشروع الإخوان وفشلهم وكذبهم وتزويرهم وهلفطتهم السياسية والدينية، كان فعالا وناجحا في حملهم إلى السلطة بنجاح ولكنه يثقلهم الآن إلى درجة أنهم لا يقوون على النظر في عين الثورة ومواجهة باعثها الأول فضلا عن فهم معناها ومغزاها وحركتها وطموحاتها. ولكن عليهم أن يتقبلوا طوعا أو كرها أنه لا يزال للثورة أبناء ودراويش وحواري، هي شغفهم وإيمانهم وبداية تاريخهم، ويسوؤهم جدا أن تتحول الثورة إلى ديباجات فارغة وهلفطة، ومن الصعب عليهم أن يمنعوا أنفسهم عن ازدراء واحتقار وإهانة من يراها ويجعلها كذلك.
    وبناء عليه، فإن أمام السادة الإخوان المسؤولين عن المهانة والمسخرة خيارين: أولهما أن يتحلوا ببعض الخجل والحياء وربما منّ عليهم الله ساعتها ببعض الفهم وأدركوا لماذا يذهب إليهم الناس لإهانتهم في مقارهم بدلا من إضاعة وقتهم في أبحاث فقهية ونفسية تحاول أن تجيب عن السؤال: «لما حد ييجي يشتمني في بيتي أعمل له إيه؟». وثانيهما أن يستكملوا مشروعهم ويعتصموا بحبل الهلفطة على طريقة مرسي قائلين: «أراد الله أن يجمع بين الثوار والإخوان في قلب اشتباكات المقطم كما جمعهم في اشتباكات الاتحادية. وكان ذلك إشارة إلى عمق العلاقة بين الثوار والإخوان ووفاء الإخوان لروح الثورة».

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 348
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-20, 10:08 AM
  2. اقلام واراء عربي 301
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:07 PM
  3. اقلام واراء عربي 300
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:06 PM
  4. اقلام واراء عربي 299
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:04 PM
  5. اقلام واراء عربي 285
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:28 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •