النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 357

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء عربي 357

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif[/IMG]

    • في هذا الملــــف:
    • مصالحة أردوغانية- صهيونية على حسابكم يا...
    • بقلم: نعيم ابراهيم عن الوطن السورية
    • «اعرف عدوّك ... العربي»
    • بقلم: سليمان الهتلان (كاتب وإعلامي سعودي) عن الحياة اللندنية
    • حول زيارة أوباما وأقواله: إسرائيل هي الشرق الأوسط ولا عرب
    • بقلم: طلال سلمان عن الشروق المصرية
    • أوباما.. بائع أوهام للعرب والفلسطينيين !
    • بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
    • أوباما يخذل الشعب الفلسطيني
    • بقلم: فوزي علي السمهوري عن السبيل الأردنية
    • أوباما دخل التاريخ..هل يدخل الجغرافيا؟
    • بقلم: خيرالله خيرالله عن المستقبل البيروتية
    • زيارة أوباما.. لا حل ولا سلام
    • بقلم: غازي السعدي عن الشبيبة العُمانية
    • «الإخوان» والجيش... وبينهما «حماس»
    • بقلم: وحيد عبد المجيد عن الاتحاد الاماراتية
    • تركيا وإسرائيل والعرب
    • بقلم: إبراهيم الشيخ ( كاتب فلسطيني) عن الزمان العراقية
    • القمم والمحاور العربية الجديدة
    • بقلم: عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
    • رأي القدس العربي: مفاجآت قمة الدوحة
    • بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
    • كلمة الرياض: الوحدة العربية الغائبة..!
    • بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
    • قمة فاقدة القيمة
    • بقلم: صالح عوض عن الشروق الجزائرية
    • العرب كل العرب.. ليس لمجرد الاصطياف!
    • بقلم: حسين الذكر عن الأيام البحرينية
    • هل فشل النهضة هو فشل مشروع الإسلام السياسي؟
    • بقلم: سمير السماوي عن الشروق التونسية


    مصالحة أردوغانية- صهيونية على حسابكم يا...
    بقلم: نعيم ابراهيم عن الوطن السورية
    قال دبلوماسي عربي إن الدول العربية تبحث مطالبة إسرائيل بالاعتذار عن أعمال القتل ضد الفلسطينيين واللبنانيين، في الإطار ذاته الذي تم فيه الاعتذار أمام الجانب التركي حول الاعتداء على ركاب السفينة التركية مرمرة.
    ونقل الموقع الالكتروني لصحيفة «يديعوت احرونوت» الصهيونية عن وكالة الأنباء التركية الرسمية، أن هذه الأفكار تم طرحها خلال جلسة لمندوبي الدول العربية الممثلين لدى الجامعة العربية، التي عقدت يوم السبت 23/3/2013 في قطر.
    وأضاف الدبلوماسي العربي «إن الاعتذار الإسرائيلي للحكومة التركية، قوبل بروح إيجابية من جانب الدول العربية».
    لطالما اعتقد النظام التركي والرسميات العربية التي اجتمعت في قمة الدوحة أن الاحتلال الصهيوني يمكن أن يتنازل عن حق اغتصبه بالقوة فإن اللطمة جاءت مباشرة من قادة هذا الاحتلال وستترك آثارها حتما لأمد بعيد على وجوه هؤلاء.
    فإسرائيل وفق مسؤول إسرائيلي كبير (يوم الأحد 24/3/2013) لم تلزم نفسها بإنهاء حصار قطاع غزة في إطار المصالحة مع تركيا وقد تزيد من تضييق الخناق على القطاع إذا كان الأمن مهددا.
    إذن هو الأمن الذي شكل الهاجس الأبرز لدى الصهاينة منذ إنشاء كيانهم في فلسطين المحتلة، وما كلّوا ولا ملّوا في السعي من أجل تحقيقه في منطقة يدركون أنهم أغراب فيها ولا مكان لهم تحت شمسها أو فوق أرضها، فعلى ماذا استند النظام التركي والرسميات العربية في إمكان الحصول على اعتذار من قادة الكيان الصهيوني؟!
    معلوم أنه بعد إعلان رأب الصدع بين النظام التركي والكيان الصهيوني بوساطة أميركية يوم الجمعة الماضي، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان: إن «إسرائيل» قبلت مطالبه بالاعتذار عن مقتل تسعة أتراك على متن سفينة نشطاء كانت متجهة إلى غزة لكسر الحصار على القطاع عام 2010 ودفع تعويضات وتخفيف الحصار على غزة.
    ولكن أثناء الخلاف الذي دام نحو ثلاثة أعوام بين الجانبين الحليفين أصر اردوغان مرارا على أن تنهي «إسرائيل» الحصار. وأشار اتفاق التقارب إلى تخفيف «إسرائيل» القيود على الواردات المدنية لغزة خلال هذه الفترة وتعهدها «بمواصلة العمل من أجل تحسين» الوضع الإنساني الفلسطيني.
    مستشار الأمن القومي «الإسرائيلي» ياكوف أميدرور كان واضحاً تماما بأن كيانه يستهدف المقاومة ومن يدعمها في كل زمان ومكان عندما قال: «إذا كان هناك هدوء فإن عملية تحسين حياة سكان غزة ستستمر. وإذا كانت هناك نيران صواريخ كاتيوشا فسيجري الإبطاء من هذه الخطوات وربما حتى إيقافها وإذا لزم الأمر عكسها». وقال: «لم نوافق على التعهد (لتركيا) بأنه تحت أي ظرف من الظروف سنستمر في نقل كل الأشياء إلى غزة وتحسين أوضاع سكان غزة إذا كان هناك إطلاق نار من هناك». وأضاف: «لا نعتزم التخلي عن حقنا في الرد على ما يحدث في غزة بسبب الاتفاق مع الأتراك».
    ولكن أميدرور أشار إلى أن «المصالحة تحمل منافع لإسرائيل مثل مساعدتها في التعامل مع أي امتداد للصراع في سورية ومتابعة مصالح إقليمية أخرى بما في ذلك التعاون مع حلف شمال الأطلسي الذي سعت أنقرة عضو الحلف إلى إيقافه».
    ومع ذلك أبلغ اردوغان، خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس أن «إسرائيل» تعهدت برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني. وقال إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس المقالة في غزة: إنه يتوقع أن يقوم اردوغان بزيارة تضامن إلى غزة قريبا.
    يشار هنا إلى أن رئيس الوزراء التركي وافق بمرونة على الوساطة الأميركية بعدما صرح الشهر الماضي أن «الصهيونية جريمة ضد الإنسانية، وردود الفعل الغربية الغاضبة التي أعقبتها». فهل كانت هذه بتلك؟ وما الدور الذي ترسمه دوائر القرار في الولايات المتحدة والكيان الصهيوني للنظام التركي في المرحلة المقبلة؟ وبالتالي هل صحيح أن اعتذار رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يظهر النفوذ الإقليمي المتزايد لتركيا حسبما يزعم أردوغان؟
    قال أردوغان أيضاً، «نحن في بداية عملية لرفع مكانة تركيا إلى وضع يجعل لها كلمة وقدرة على المبادرة وسلطة كما كانت في السابق». فهل يقصد أيام السفر برلك والإمبراطورية العثمانية، أم تركيا التي قسمت قبرص واحتلت جزءا كبيراً منها، أم ؟؟.......
    أما خطوط الاتفاق الإسرائيلي التركي وقبول شروط تركيا لتطبيع العلاقات فقد استعرضتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوم الأحد 24/3/2013 على الشكل التالي:
    1- يعتذر نتنياهو بشكل رسمي من أردوغان عن النتائج المأساوية التي نجمت نتيجة الهجوم على السفينة مرمرة.
    2- تقوم إسرائيل بتحويل مبلغ 10 ملايين شيقل لصندوق المساعدات الإنسانية في تركيا لتعويض عائلات الضحايا.
    3- تستمر إسرائيل في منح التسهيلات لدخول البضائع إلى قطاع غزة، التي تمت كجزء من تفاهمات وقف إطلاق النار في أعقاب عملية «عمود السحاب»، طالما استمر الهدوء في المنطقة.
    4- تتوقف تركيا عن جميع الإجراءات القضائية ضد ضباط الجيش الإسرائيلي، وتمتنع عن أي مقاضاة مستقبلية لهم.
    5- عودة العلاقات التركية- الإسرائيلية إلى طبيعتها بالتدريج بما في ذلك عودة السفراء إلى أنقرة وتل أبيب.
    المؤكد في الخطوة الصهيونية- الاردوغانية واستنادا إلى ما سلف وتطورات العلاقة التي لم تنقطع أصلا بين الاحتلال الصهيوني ونظام أنقرة أن الإدارة الأميركية تعمل على إراحة النظام التركي لتمكينه من الانخراط أكثر في الأزمة السورية بالمرحلة المقبلة وإسقاط المقاومة في المنطقة، واللبيب من الإشارة يفهم.



    «اعرف عدوّك ... العربي»
    بقلم: سليمان الهتلان (كاتب وإعلامي سعودي) عن الحياة اللندنية
    استغل «الديكتاتور» العربي وجود المحتل الإسرائيلي لصناعة فكرة «العدو» الخارجي في العقل الجمعي لشعبه، ليبرر تأجيل قضايا الداخل -مهما كانت ملحة-، زاعماً أنه منشغل بعدوه في الخارج. بلعت شعوبنا العربية في بداية المواجهات مع إسرائيل الطُّعم، فصدقت أن بعض قياداتها تُعدُّ لمواجهة المحتل وتحرير الأرض.
    تاجر «الديكتاتور» العربي بالقضية الفلسطينية على حساب قضايا التنمية في بلاده، واتخذ منها غطاءً يُخفي جرائمه وفساده وجشعه. فمعمر القذافي أشغل شعبه والمنطقة على مدى أربعة عقود بأكاذيبه حول المواجهة مع إسرائيل وما تبع ذلك من حماقات لم تتوقف عند فكرته «إسراطين».
    وفي كل حماقات القذافي السياسية، كان الإنسان الليبي والتنمية في ليبيا الضحية. سمعت يوماً رئيس وزراء ليبيا سابقاً مصطفى بن حليم (الذي شرده القذافي طويلاً) يروي كيف أن ليبيا في منتصف خمسينات القرن الماضي، كانت تسعى لتأسيس جامعة عريقة في ليبيا.
    قال إن التعليم كان على رأس اهتمامات وزارته، وكان الملك إدريس السنوسي يطمح إلى تأسيس تعليم جاد يُمكّن مجتمعه وقتها من النهوض والتقدم. وحينما جاء القذافي إلى السلطة دمّر التعليم واختزله في ترهاته التي لم يكن آخرها كتابه الأخضر.
    وكان جواسيس القذافي يجوبون القرى والمدن الليبية للبحث عن المميزين من طلاب المدارس المتوسطة والثانوية. هل تظن أنه كان يعد لهم برامج تأهيلية تستثمر في تميزهم وترتقي بهم؟ لا! كان يخشى من كل إنسان ليبي لديه بوادر ذكاء وتفوق، فيختلق لهم الأسباب لقطع دراستهم أو ضمهم لبرامج «غسيل المخ» الأمنية.
    وفي دولة نفطية مثل ليبيا، لم يبنِ القذافي ولو مستشفى واحداً يقدم خدمة طبية لائقة، ما دفع بمواطنيه للعلاج في تونس والأردن وغيرهما. اختزل القذافي ليبيا، بتاريخها وتراثها ونفطها، في حماقاته هو وأولاده. وثمة قائمة طويلة بالدمار الذي لحق بليبيا على مدى حكم القذافي المتسلط لأربعة عقود ضاعت هباءً منثوراً.
    وهنا يأتي السؤال: من كان عدو الليبيين؟ إسرائيل دولة محتلة وعنصرية وليس ثمة نقاش في تلك الحقيقة. ولكن أيهما أشد عداوة: محتل يحارب من يرى فيهم عدوه أم نظام يحارب شعبه ويقهره باسم المواجهة مع العدو المحتل؟ ولننتقل من ليبيا إلى سورية، وهي دولة «المواجهة والصمود»، كما تحلو التسمية لبشار الأسد ونظامه.
    باسم مواجهة الاحتلال الإسرائيلي هيمن آل الأسد على سورية بثرواتها وتاريخها وكل إمكاناتها. منذ 1970 ونظام الحكم في سورية يُمني شعبه بتحرير الجولان ودحر إسرائيل. وما أعرفه أن هذا النظام لم يطلق أبداً رصاصة واحدة في اتجاه إسرائيل. وهو اليوم يطلق صواريخ سكود ضد المدن والقرى السورية.
    كيف لك أن تصف نظاماً بدم بارد يشرد ويقتل شعبه، وطائراته الحربية تدك المدن والقرى في وطنه علناً في وضح النهار؟ ومرة أخرى أسجل هنا أن إسرائيل دولة محتلة وعنصرية. لكن السؤال المهم: كيف تدخل العقل فكرة أن يقتل الديكتاتور شعبه بحجة مواجهة إسرائيل؟ إسرائيل في الجولان لا في درعا أو دير الزور! عرفنا عز المعرفة أن إسرائيل عدو ماكر محتل. لكن لماذا كلما أشرنا إلى الديكتاتور بيننا قيل لنا: انتبهوا، لا تشغلونا عن مواجهة إسرائيل؟ النتيجة أن إسرائيل تزداد قوة ونحن نزداد ضعفاً. اقتصادها متين واقتصادنا «على كف عفريت»، تعليمها خلاق منافس عالمياً، وتعليمنا بليد! والحقيقة المُرة أن عدونا الحقيقي منا وفينا.
    عدو الداخل هو أشد فتكاً ودماراً. وهل أمرّ من أن يتحدث عدوك لغتك، ويلبس لباسك، وينتمي لثقافتك ويزعم أنه يقتلك من أجل حمايتك؛ يهدد إسرائيل بالخطب الرنانة ويتآمر ضدك في السر وفي العلن؟ إن أكثر من يتوعد إسرائيل بالهلاك هم أكثر من يقتل العرب ويشردهم ويعمق تخلفهم ويؤسس لتراجعهم ويدمر اقتصادهم ومستقبلهم. عند هؤلاء، لو لم توجد إسرائيل لصنعوها بأنفسهم، فبها يحيون ومن أجلها يبقون.
    ولكأني ببشار الأسد اليوم يطالب شعبه أن يمنحه أربعين سنة أخرى حتى يحرر الجولان ويدحر إسرائيل. مثله مثل حسن نصر الله، الذي تاجر ويتاجر أيضاً بالمواجهة مع إسرائيل فيما يداه ملطختان بدماء اللبنانيين والسوريين. حينما قاوم المحتل في جنوب لبنان صفق له ملايين العرب ممن أسر قلوبهم بخطاباته وصَوْلاته في أرض المعركة. ثم ما لبــث أن كشف عن المستور وصوّب بندقيته للداخل العربي كما يفعل أتباعه اليوم ضد شعب ثار على «الديكتاتور» في الشام.
    وكعادة «عدو الداخل»، لا بد من أن يحذرنا نصر الله من إسرائيل ونواياها. لكنه غض البصر طويلاً -وما زال- عن جرائم بشار الأسد في سورية ولبنان. وأنت عنده «خائن» إن لم تلعن إسرائيل وتوجه لها أصابع الاتهام في كل مأساة يمر بها العالم العربي. إسرائيل. إسرائيل. إسرائيل. ها نحن نقر معكم -من جديد- أنها عدو ومحتل. ولكن ماذا فعلتم ضدها؟ كيف لأحد أن يبرر قتل أكثر من 60 ألف سوري على أيدي نظام بشار بحجة «المواجهة مع إسرائيل»؟ ولهذا فإن شعوب منطقتنا في حاجة إلى أن تعرف -وتعترف- بعدوها في الداخل ذلك الذي يتاجر دوماً بقضاياها من أجل البقاء مهيمناً مستبداً!

    حول زيارة أوباما وأقواله: إسرائيل هي الشرق الأوسط ولا عرب
    بقلم: طلال سلمان عن الشروق المصرية
    كشفت زيارة الرئيس الأميركي باراك اوباما لإسرائيل سقوط «العرب» من الذاكرة السياسية لدول العالم، الكبرى أساساً، وتحول دولهم عموماً إلى «محميات» أو إلى «ملحقات» بالغير، أو إلى جزر معزولة متروكة لقدرها...
    لقد فقد العرب موقعهم المؤثر، ليس فقط على القرار السياسي الدولي بل أساساً على ما يتصل بقضاياهم القومية كما بشؤونهم المحلية المباشرة.
    لم يعد «العرب» موجودين، بالمعنى السياسي، لا كمجموعة ذات دور فاعل، أو قوة تأثير، حتى في ما يتصل بأمنهم القومي أو بدورهم في العالم، ولا كدول ذات هوية محددة تجتمع على الحد الأدنى من المصالح المشتركة، أو على مواجهة مخاطر الانقراض وافتقار القدرة على حماية الذات، فضلاً عن التأثير على القرار الدولي المتصل بشؤونهم.
    ولعل زيارة الرئيس الأميركي قد أكدت - مجدداً - أن الإسلام السياسي قد أنجز مهمته التاريخية: محاولة طمس الهوية الجامعة بين الدول العربية، وتظهير الخلافات بين القوى الحية في المجتمعات العربية عن طريق إعلان حرب مفتوحة بين الإسلام والعروبة ستنتهي بتدميرهما معاً، بحيث تجرد هذه المنطقة الممتدة بين المحيط والخليج من هويتها عبر تسميتها الجديدة: «الشرق الأوسط الجديد».
    وليس في «الشرق الأوسط الجديد» إلا دولة مركزية واحدة هي إسرائيل، ومجموعات من القبائل والطوائف والمذاهب والإثنيات المتصارعة، والتي عليها أن تقتتل من دون أن تؤثر على مصادر الطاقة، إنتاجاً ووسائل مواصلات بحرية وبرية...
    لم يفعل باراك اوباما في خطبه كما في وقوفه أمام المقدسات السياسية لدولة يهود العالم إلا توكيد التسليم بالشراكة الكاملة مع إسرائيل، باعتبارها الدولة المركزية لهذا الإقليم، مع لفتات تعاطف إنساني مع تلك الأقلية العربية فيها، التي كانت صاحبة الأرض التي اسمها فلسطين، وآن لها أن تنسى التاريخ والجغرافيا وتتأقلم مع واقعها الجديد... وسوف لن تبخل عليها واشنطن بما يسد الرمق، على أن تبقى منقسمة إلى حد المخاصمة: فالفلسطينيون ممن صاروا «رعايا» من الدرجة الثالثة في دولة يهود العالم هم «إسرائيليون»، ومن في الضفة الغربية هم «فلسطينيو» الدولة التي لا ارض لها، أما في غزه فهم «جماعة حماس» التي لا يمكنها أن تعوض غياب المركز ولا بوسعها أن تجسد القضية بأصلها وثوابتها.
    يكفي الالتفات إلى الاختلاف الفاضح بين خطاب الرئيس الأميركي في جامعة القاهرة أثناء زيارته مصر في حزيران 2009 ومضمون خطبه المكتوبة أو تعليقاته المباشرة وإشاراته خلال زيارته الأسبوع الماضي إلى إسرائيل، للتثبت من عمق اختلاف مواقف اوباما اليوم عنها في زيارته الأولى إلى المنطقة العربية.
    في القاهرة، قبل أربع سنوات، كان باراك اوباما مبشراً بعهد جديد في العلاقات الدولية عموماً، مذكراً بأصوله الأفريقية وبوالدته المسلمة ونشأته في اندونيسيا، لكي يؤكد تفهمه لضرورة بذل الجهود من أجل تسوية عادلة للمسألة الفلسطينية، ومن ثم لعلاقات طبيعية مع الدول العربية خصوصاً والعالم الإسلامي عامة...
    أما في إسرائيل، التي جاء لزيارتها وحدها، باعتـبار أن الأردن «حديقتها الخلفية» كما كان يقول بعض أسلافه، فقد تحدث باراك اوباما عن «تحالف لن ينكسر»، وجال على أضرحة مؤسس الفكر الصهيوني هرتزل وبناة الدولة الإسرائيلية من بن غوريون إلى اسحق رابين وغيرهما، وكأنهم من أبطال الاستقلال الأميركي.
    بل إن اوباما قد تجاوز نتنياهو في حديثه عن أهمية إسرائيل وخطورة دورها، باعتبارها الوجه الآخر للولايات المتحدة الأميركية، وكاد يختصر فيها المنطقة جميعاً، في حين كان نتنياهو يتعهد في خطابه أمام الكنيست بالحفاظ على إسرائيل الدولة الواحدة الموحدة، مؤكداً انه سيعيد طرح مشروع القانون الدستوري الـذي يعتبر إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي ويلزم المحكمة الدستورية العليا أن تحكم لمصلحة يهودية الدولة.
    تصرف اوباما على أساس أن إسرائيل هي الشرق الأوسط الجديد، جميعاً، وبرغم ذلك لم يكن قادة الكيان الصهيوني «لائقين» معه... وعامله نتنياهو وكأنه آت لطلب المغفرة، ويكفيه أن يأكل الفلافل والحمص بطحينة باعتبارهما من أساسيات المطبخ الإسرائيلي... ثم يجول في «المحمية الفلسطينية» للتأكد من الفوارق الحضارية الهائلة بين الحضارتين، وانعدام التأثير العربي على المشروع الإسرائيلي بتهويد القدس المحتلة، وتخلي عرب النفط خصوصاً عن كل ما يمكن أن يستفز «أقوى دولة» في المنطقة، بدليل موقفهم من الحرب الإسرائيلية على غزة، وكذلك بالتنكر لالتزاماتهم بتأمين الأموال اللازمة للسلطة الفلسطينية كي توفر الطعام لشعبها وليس السلاح لتحرير الأرض.
    هو «التحالف الذي لن ينكسر»، إذن بين أميركا وإسرائيل، والشرق الأوسط ليس إلا إسرائيل.
    لم يشر باراك اوباما، ولا نتنياهو، بكلمة إلى «الربيع العربي» والى دور «الإسلام السياسي» الذي قفز إلى السلطة في أكثر من دولة عربية، وإن كانت نتائج ذلك كله قد تبدت واضحة في الاطمئنان الذي تعيشه إسرائيل، بحيث خلت الخطبة من النبرة الدفاعية عن الدولة المهددة، وقدمت بديلاً منها الدولة القادرة والمؤهلة والمستعدة للهجوم على إيران استكمالاً للهيمنة على المنطقة جميعاً.
    على أن «مبادرة اوباما» لمصالحة إسرائيل مع تركيا، بوصفها الدولة - النموذج للإسلام السياسي كانت ذات دلالة: فارتباط تركيا بالقرار الأميركي، وعلاقة تركيا بإسرائيل، هي من الثوابت في منهج الإسلام التركي.
    على أن الأخطر في «شؤون الاعتماد» أن يكمل الإسلام السياسي ما باشره حكم الاستبداد، أي مواجهة العروبة وإنكار دورها كهوية أصيلة لهذه الأرض وشعوبها، وشطب فلسطين كقضية جامعة، من والاها فهو الصديق، ومن حاول تقزيمها تمهيداً لمحوها من الذاكرة قبل الخريطة فهو العدو.
    ومن خلال زيارة باراك اوباما لإسرائيل، وتصريحاته فيها، وجهده في مصالحة نتنياهو مع بطل النموذج الناجح للإسلام السياسي ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، تأكد انه لا حاجة لبطل عربي للإسلام السياسي، خصوصاً ان رموزه، في مصر وتونس فضلاً عن ليبيا، وقبل الوصول إلى «مجاهديه» في سوريا، ليست مشجعة، فضلاً عن أنها ليست كفوءة، بدليل تخبطها في الحكم الذي تيسر لها الوصول إلى سدته في لحظة قدرية.
    بل إن باراك اوباما تصرف، عبر زيارته لإسرائيل وخطبه ولفتاته فيها (ومجاملاته في رام الله)، وكأن لا عرب في منطقة الشرق الأوسط... وشطب هوية المنطقة يبدو مقصوداً ومخططاً له لكي تصبح إسرائيل، هي «الدولة»، وهي «المركز» والباقي «ملحقات»... وطالما لا عرب فلا شعب في فلسطين بل جالية أجنبية أو ضيف ثقيل على دولة يهود العالم.
    ولم يكن ممكناً أن تتم مثل هذه التصرفات النابية لو أن «العرب» حاضرون في ذهن اوباما، أساساً، ومن بعده في ذهن نتنياهو.
    يمكن القول إن اوباما قد أفاد من غياب مصر العالقة في براثن التنظيمات الإسلامية، إخواناً وسلفيين، وهو غياب أفقد «الوطن العربي» مركزه... وكذلك من غياب سوريا الغارقة في أزمتها الدموية التي تكاد تذهب بها كدولة - مفتاح في المشرق العربي، ومن غياب العراق الدولة التي كانت مهابة وقادرة على لجم الاندفاعات الهوجاء للمسؤولين في الجزيرة والخليج تحت ستار الخوف من إيران.
    باختصار، فإن الإسلام السياسي الذي وصل إلى السلطة في بعض الدول العربية هو إسلام مدجن وعاقل وناطق بالانكليزية... وغالباً ما يلتبس عليه الأمر في النظر إلى إسرائيل، إذ يرى فيها الولايات المتحدة الأميركية.
    هل يفسر هذا كله تصاغر الرئيس الأميركي باراك اوباما أمام إسرائيل واندفاعه إلى نفاق نتنياهو بهذا الشكل النافر؟!
    لعله افترض أن العروبة باتت من الماضي، وأن الإسلام السياسي لا مستقبل له إلا كتابع، قراره في واشنطن، واستطراداً فلا يمكن أن يكون معادياً لإسرائيل، وبالتالي فقد تعامل مع نتنياهو بوصفه الرجل الأقوى «في هذه المنطقة»، وصاحب القرار فيها سلماً وحرباً.
    هل صار الشرق الأوسط إسرائيل فقط ومعها بعض المحميات التي كانت عربية فخرجت من العروبة وعليها إلى التيه بالشعار الإسلامي تحت العلم الأميركي؟

    أوباما.. بائع أوهام للعرب والفلسطينيين !
    بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
    لاشيء مفاجئ في تصريحات ومواقف الرئيس الأميركي باراك أوباما، فزيارته الى المنطقة، ربما تكون قد جلت بعض الضباب عن عيو ن البعض، الذين ما زالوا يتوهمون بامكانية ان تتغير السياسات الاميركية أو تتزحزح ولو بوصة واحدة عن الانحياز التام والمتطابق مع المشروع الصهيوني في المنطقة العربية.
    رأينا أوباما متحدثا في القدس المحتلة، وفي رام الله، لم يخرج قيد انملة عن الخط الاستراتيجي الإسرائيلي، سواء من حيث التسويق لـ «الدولة اليهودية» أو لـ «الاستيطان» الذي لم يقل اكثر من انه «لا يدفع قضية السلام للامام»، ولم يقترب ولو للحظة بإدانة الاستيطان وعدم شرعيته. فلا شيء مفاجئ مما قاله اوباما فهو كغيره ممن سبقوه الى البيت الابيض، كان منحازا بامتياز، وبدلا من ان يطالب الإسرائيليين بـ «تجميد» الاستيطان لتسهيل استئناف المفاوضات على عبثيتها، طالب رئيس السلطة في رام الله محمود عباس الذي تطوع بدوره الى «ادانة» مجانية لصواريخ المقاومة، الى استئناف المفاوضات من دون شروط، يطالبه باستئناف مفاوضات لم تحقق شيئا يحفظ ماء الوجه مقابل التنازلات الهائلة التي قدمها الفلسطينيون سعيا الى السلام المنشود، بل وعلى العكس من ذلك التهمت وبشراهة المحتل، كل التنازلات المجانية، وتضخمت الحركة الاستيطانية.
    فأوباما زار رام الله ليبيع كلاما ويكرس استيطانا واحتلالا، بـ «امكانية حل الدولتين» نظريا، ولكن بدون ان يرسم خريطة طريق للتوصل الى ذلك، بل وطالب الدولَ العربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، «لافتا» الى أن إسرائيل هي أقوى دولة في المنطقة ولن تزول أبداً، و«إن على الفلسطينيين أن يعترفوا بأن إسرائيل دولة يهودية»، وهذا يعني الكثير، وفي نفس السياق يقول إن إقامة الدولة الفلسطينية ضرورة لاستمرار إسرائيل، فالمحور والاساس هو «إسرائيل» ليس إلا وهي الحقيقة الازلية للادارات الاميركية، لذلك فلا عجب من موقف اوباما الذي جاء ليقول للعرب والفلسطينيين انه لاسلام الا السلام الإسرائيلي.. فلا خيار لكم.. وإسرائيل هي الاقوى.

    أوباما يخذل الشعب الفلسطيني
    بقلم: فوزي علي السمهوري عن السبيل الأردنية
    لم يبق شعب في العالم محروما من تقرير المصير، ويعيش تحت سطوة الاحتلال منذ عقود، إلا الشعب الفلسطيني الذي تآمر ضده المجتمع الدولي بقيادة الدول الاستعمارية الممثلة ببريطانيا وفرنسا خلال النصف الاول من القرن العشرين، عبر القرار الظالم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 والقاضي بتقسيم فلسطين، وما أسفر عنه من طرد لمئات الآلاف من الفلسطينيين خارج بيوتهم وأراضيهم ووطنهم عنوة عام 1948.
    ومنذ اغتصاب فلسطين والقضية الفلسطينية تشكل لبّ وجوهر الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي المدعومة من القوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، هذا الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي الذي شجع ومكنّ دولة الاحتلال والاغتصاب من احكام هيمنتها وسيطرتها على كامل التراب الفلسطيني، بل مكنها من الإفلات من المساءلة ولو معنوياً أمام المجتمع الدولي عبر اللجوء إلى حق الفيتو في مجلس الأمن «بالرغم من أن هذا الحق يشكل انتهاكاً صارخاً لمبدأ المساواة والعدالة بين الدول الأعضاء» المكرر الاستخدام وخاصة من أمريكا.
    وما الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكي «إلى إسرائيل وفلسطين المحتلة عام 1967 والأردن» إلا استمرار للموقف الأمريكي المنحاز إلى جانب إسرائيل وقد عبر الرئيس الأمريكي عن هذا الموقف بكلمات صريحة وواضحة لا لُبس فيها، وترسيخ الخذلان للحق الفلسطيني ولحق الشعب في وطنه.
    أما فيما يتعلق بالجانب الفلسطيني فلم تعبر كلماته إلا عن دعم كلامي ضعيف، على الرغم من تكرار الموقف القديم المتجدد بضرورة حل القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل عبر حل الدولتين، والذي سئم الشعب الفلسطيني من مثل هذه التصريحات والمواقف التي تفتقر إلى آلية عملية إلى تحولها لواقع ملموس، يمكن الشعب الفلسطيني من العيش بحرية وكرامة واستقلال في ظل دولة فلسطينية مستقلة ولو على جزء من أرض فلسطين التاريخية.
    أما الموقف الأمريكي المطالب من طرفي الصراع بتقديم تنازلات بهدف الوصول إلى حل توافقي وهنا يبرز السؤال هل بقي في الكيس الفلسطيني شيء يمكن التنازل عنه بعد النتازلات التي قدمت في أوسلو؟! بل ومن بعد أوسلو؟ وهل يجوز وبأي منطق ألا نطالب الطرف المعتدي والمغتصب لفلسطين بإنهاء احتلاله ذلك الاحتلال الذي يتناقض وميثاق الأمم المتحدة.
    وأما فيما يتعلق بالطلب الأمريكي باستئناف المفاوضات فيبرز السؤال أيضاً أي مفاوضات يتحدث عنها؟ ألم يتم وبرعاية أمريكية توقيع اتفاق أوسلو القاضي بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطنيية في آيار 1999؟ فلماذا إذن الحديث عن المفاوضات؟ أليس من العدل والمنطق أن يكون الحديث بل الضغط من الجانب الأمريكي على إسرائيل من أجل وضع جدول زمني قصير المدى لإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 «وهذا يشكل الحد الأدني»؟
    إذن فالموقف الأمريكي المتسم بالازدواجية والضعف أمام القيادات الإسرائيلية تشكل العقبة الكبرى بل السبب الحقيقي الذي يعزز القناعة والشعور بالكراهية والعداوة للسياسة الأمريكية، والمبرر التي تحاول تمريره بدعمها إسرائيل كونها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة فهذا يتناقض تماماً مع موقفها الداعم للأنظمة الشمولية والقمعية واللاديمقراطية، وهذا يفرغ حجتها من أي منطق تعقد أنه قد ينطلي على الشعوب!
    فالمطلوب من المجتمع الدولي بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص أن تمارس كافة أشكال الضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي بما فيها فرض العقوبات في حال إصرارها المتكرر برفض إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني والمطلق عليه سياسياً اللاجئين العودة إلى أراضيهم ووطنهم تطبيقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللقرار الدولي رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأم المتحدة.
    وإلا فإن التاريخ والشعب لن يرحم، بل سيؤدي استمرار الموقف الداعم للاحتلال لتعزيز «التطرف» واللجوء إلى كافة الوسائل من أجل تحرير الوطن المغتصب.

    أوباما دخل التاريخ..هل يدخل الجغرافيا؟
    بقلم: خيرالله خيرالله عن المستقبل البيروتية
    لا يمكن الاستخفاف بالجولة التي قام بها الرئيس باراك اوباما في المنطقة، خصوصا في ضوء نجاحه في مصالحة تركيا واسرائيل بعد قطيعة استمرت نحو ثلاث سنوات. يبدو ان الهمّ السوري فرض على الجانبين اعادة المياه الى مجاريها بينهما وتقديم اسرائيل الاعتذار المطلوب منها...استجابة لطلب اميركي واضح وحازم في آن.
    يعتبر هذا التطور مهما على الصعيد الاقليمي، لكنّ ما لا يمكن تجاهله ايضا هو ان اوباما امتلك ما يكفي من الجرأة ليقول ما يجب قوله للفلسطينيين والاسرائيليين في الوقت ذاته. كان خطابه في القدس بالفعل تاريخيا.
    صحيح ان الرئيس الاميركي لم يخف التزامه امن اسرائيل بالمطلق وذهب ابعد مما يجب حين تحدّث عن اسرائيل كـ"دولة يهودية" من دون اشارة واضحة الى ان ذلك يجب ان لا يعني ان في استطاعة اسرائيل ان تطرد في يوم من الايام العرب المقيمين في اراضي 1948.
    لكن الصحيح ايضا انه اسمع الاسرائيليين ما عليهم سماعه.
    قال للاسرائيليين صراحة ان "السلام ضرورة" وانه "الطريق الوحيد الى تحقيق الامن". كذلك، قال ان "الطريق الوحيد امام اسرائيل كي تزدهر وتدوم كدولة يهودية ديموقراطية يكون عبر قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة".
    اكثر من ذلك، قال بعد رفضه "الاحتلال" وسياسة الابعاد التي تمارسها اسرائيل:"من حق الفلسطينيين ان يكونوا شعبا حرّا يعيش على ارضه" داعيا الى رسم حدود الدولة الفلسطينية ورافضا في الوقت ذاته الاستيطان بصفة كونه "مضرّا بقضية السلام".
    من حسنات خطاب اوباما تسميته الاحتلال بالاسم. تفادى اللف والدوران. لم يتجاهل وجود حكومة فلسطينية برئاسة الدكتور سلام فياض استطاعت بناء مؤسسات فلسطينية ومعالجة قضية الامن في الضفة الغربية. فالامن في الضفة الغربية والقضاء على فوضى السلاح افضل حماية للفلسطينيين في المعركة التي يخوضونها مع الاحتلال. اكّد اوباما ايضا رفضه لما يدعيه الاسرائيليون عن عدم وجود شريك فلسطيني يمكن التفاوض معه مشيرا بالاسم الى الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس (ابو مازن) والى الدكتور فيّاض.
    تذكّر الرئيس الاميركي ما تراجع عنه في اثناء ولايته الاولى تحت ضغط بنيامين نتنياهو والكونغرس واللوبي الاسرائيلي. اراد بكل بساطة استلحاق نفسه وتأكيد انه رجل يلتزم الكلام الذي ردده امام عدد لا بأس به من الزعماء العرب قبل انتخابه رئيسا للولايات المتحدة في اثناء جولة شرق اوسطية صيف العام 2008. وقتذاك، حرص اوباما على القول صراحة انه لن ينتظر نهاية ولايته الثانية كي يباشر الاهتمام بالنزاع الفلسطيني- الاسرائيلي، على غرار ما فعل بوش الابن. وبالفعل، عمل فور دخوله البيت الابيض على تسمية مبعوث رئاسي هو السناتور السابق جورج ميتشل كي يهتم بايجاد تسوية فلسطينية- اسرائيلية قائمة على خيار الدولتين.
    لا حاجة الى تكرار ان ميتشل لم يوفق في مسعاه، خصوصا بعدما وجد اوباما نفسه في مواجهة حكومة اسرائيلية شرسة قادرة على حشد تأييد قوي لها في الكونغرس.
    الآن، بعد فوز اوباما بولاية ثانية واخيرة، ثمة فرصة امام الرجل، الذي لم يعد لديه ما يخسره، ليقول كلّ ما في قلبه. ولذلك قال ان اسرائيل "عند مفترق طرق" وان ليس امامها سوى اختيار طريق السلام، في حال كانت تريد امنا حقيقيا.
    بكلام اوضح، تحدّى اوباما الفلسطينيين والاسرائيليين وذلك عندما شدّد على ان امن الجميع وازدهارهم متوقف على تحقيق السلام في المنطقة.
    كان لافتا استخدام الرئيس الاميركي عبارات في منتهى الحزم للتأكيد للاسرائيليين أن اميركا لا يمكن ان تتخلى عنهم وان بلدهم "وجد ليبقى". اراد بكل بساطة طمأنة هؤلاء الى ان الولايات المتحدة تضمن امن اسرائيل وتربط وجودها بوجود اميركا، القوة العظمى الوحيدة في العالم... الى اشعار آخر. ولكن على اسرائيل في المقابل فهم ان هناك استراتيجية اميركية اوسع بكثير من استراتيجيتها.
    يفترض في الفلسطينيين، ومعهم العرب الذين يمتلكون حدا ادنى من العقل والتعقل والمنطق، انتهاز الفرصة واظهار امتنانهم للرئيس الاميركي على موقفه الشجاع من الدولة الفلسطينية ومن دعوته الاسرائيليين كي "يضعوا نفسهم مكان الفلسطينيين والنظر الى العالم باعينهم". يفترض بالفلسطينيين خصوصا اثبات انهم تعلّموا شيئا من دروس الماضي، بما في ذلك اهمية عدم التفريط بالعلاقة مع واشنطن. فما لا يمكن تجاهله ان الخسارة الاكبر التي مني بها ياسر عرفات، رحمه الله، القائد التاريخي للشعب الفلسطيني كانت القطيعة التي حصلت بينه وبين البيت الابيض في آخر عهد الرئيس بيل كلينتون والتي استمرّت في عهد بوش الابن.
    انها مناسبة للفلسطينيين كي يعيدوا الوصل مع البيت الابيض. مثل هذه العلاقة المتجددة المبنية على ما ورد في خطاب اوباما ستجعل الكرة في ملعب بيبي نتانياهو تحديدا.
    سيريح التجاوب مع ما ورد في خطاب الرئيس الاميركي الفلسطينيين الى حدّ كبير. سيساعد ذلك اوباما في الانتقال من مرحلة دخول التاريخ، عبر دعوته الى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهي ليست دعوة جديدة، الى دخول الجغرافيا عبر المساهمة فعلا برسم حدود هذه الدولة استنادا الى خطوط 1967.
    الاكيد ان الكثير سيتوقف على ما ستفعله الحكومة الاسرائيلية. لكنّ الاكيد ايضا ان الموقف الايجابي للجانب الفلسطيني سيساعد اوباما على اقناع بيبي بأنه ليس امام رئيس اميركي لا همّ له سوى استرضاء اسرائيل، بل أنّه امام رئيس يعني كلّ كلمة يقولها، بما في ذلك، ان الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة مصلحة اميركية.

    زيارة أوباما.. لا حل ولا سلام
    بقلم: غازي السعدي عن الشبيبة العُمانية
    تأتي زيارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لإسرائيل، بعد (24) ساعة على تشكيل الحكومة الإسرائيلية رقم (33) وهي الحكومة الثالثة التي يرأسها "بنيامين نتنياهو"- التي نالت الثقة بأغلبية (68) صوتاً ضد (48) -هذه الحكومة ذات ميول يمينية سياسية استيطانية، فوزير البناء والإسكان من المستوطنين ووزير الجيش من أكثر المتشددين الذي تعهدوا بمواصلة البناء وتوسيع الاستيطان، كما كان عليه الحال، وفي مراسم استقبال الرئيس الأمريكي في المطار، أقيم على شرف الضيف "أوباما" استقبال مهيب، حاولت الحكومة الإسرائيلية إظهار العلاقات الحميمة مع الولايات المتحدة، ولإزالة التوترات التي كانت قائمة بين الرئيس الأمريكي، وبين رئيس الوزراء "نتنياهو" وأكد الصحفي الأمريكي "جيف جولدبيرج" أن الرئيس "أوباما" أكثر الرؤساء الأمريكان ميولاً لليهود ولإسرائيل.
    زيارة الرئيس الأمريكي إلى كل من إسرائيل، ودولة فلسطين والمملكة الأردنية تندرج في سياسة الولايات المتحدة الإستراتيجية، خاصة في الشرق الأوسط، ولتعزيز شعبيته في بلده وقدرته على تأثير أكبر في الكونجرس الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، أما في إسرائيل فإنه أراد تعزيز الثقة التي تآكلت بين البلدين، والناجمة عن مواقفه في ولايته الأولى، وبعد أن فشل في تحقيق رؤيته بوقف كامل للاستيطان، وإلزام إسرائيل التفاوض على حدود عام 1967، لجأ في ولايته الثانية لاتباع أسلوب جديد، فقد تملق كثيراً إسرائيل، متجاهلاً الظلم الناجم عن الاحتلال الواقع على الشعب الفلسطيني، مع أنه حصل على جائزة نوبل للسلام، فأي سلام قام بتحقيقه، فهذا التملق تجاوز كثيراً القواعد الدبلوماسية، حين قال للإسرائيليين في هذه الزيارة: "أنتم لستم وحدكم بل نحن في ظهركم"، وقال: "التزامنا بأمنكم أبدي لا يتزعزع، ولن يكون لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة، وسنستمر في تقديم المساعدات العسكرية لكم"، فقد يكون من وراء هذا التملق تليين الموقف الإسرائيلي تجاه الموضوع الفلسطيني، بإظهار الصداقة والعلاقات الحميمة لإسرائيل، غير أنه وبرأينا لم يسعفه هذا التملق، فالزيارة مصلحة إسرائيلية، وإسرائيل هي التي ستجني ثمارها، من إعادة العلاقات والثقة التي كانت متوترة بينه وبين "نتنياهو"، رغم تلقيه الصفعات، وفي كل مرة تنجح إسرائيل بتجاوز الخلافات مع أمريكا، وإحباط جميع المبادرات الأمريكية السلمية، منذ مبادرة وزير الخارجية "روجرس" عام 1968 وحتى اليوم.
    لقد احتلت مجموعة من القضايا جدول أعمال أوباما مع نتنياهو وكان في صدارتها النووي الإيراني، فقد كرر "أوباما" ما سبق أن أعلنه بأنه لن يسمح لإيران بأن تصبح دولة نووية، وأن جميع الخيارات ما زالت مطروحة، وأنه يمهل إيران مدة سنة لحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية، ومع ذلك فإن "نتنياهو" لم يكتف بتعهدات "أوباما" هذه، بل أنه يريد من "أوباما" أن يحدد موعداً لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، إذا فشلت الجهود الدبلوماسية، أما الموضوع الثاني على جدول أعمالهما، فقد كان الموضوع السوري، الذي لم يتسرب عنه شيء، والموضوع الثالث المسيرة السلمية مع الفلسطينيين.
    مباحثات "أوباما" مع الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" كانت فاترة، وقد ظهر على وجه الرئيس الفلسطيني عدم الارتياح، خاصة بعدما لم يتطرق "أوباما" إلى المطلب الفلسطيني الرئيسي بوقف الاستيطان بل طالب مرة أخرى باعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة وكان الرد بلا، فالمواقف الفلسطينية بقيت على حالها، وأن بقاء وزير الخارجية "جون كيري" لمتابعة العملية السلمية لا يعطي أملاً كثيراً بالنجاح، فقد فشل جميع المبعوثين الذين سبقوه بعملية اختراق المواقف الإسرائيلية، من المبعوث "ميتشل"، وحتى وزيرة الخارجية "هيلاري كلينتون"، فالرئيس "أوباما" ومن خلال تصريحاته ومواقفه غير المقبولة فلسطينياً، طالب الفلسطينيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة، مع أنه اعترف في خطاب آخر أمام الإسرائيليين، بأن مواصلة البناء الاستيطاني لن تدفع بقضية السلام قدماً.
    وزير الخارجية السابق "أفيجدور ليبرمان"، رئيس لجنة الخارجية والأمن حالياً، أعلن في مؤتمر صحفي، أنه لا حل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وأنه يرفض أي حديث عن تجميد الاستيطان في الضفة الغربية، وقال أن من يتحدث عن حل للقضية الفلسطينية، يبدو أنه يعيش ويفضل العيش في الأوهام، مشدداً على أنه يستحيل حل هذا الصراع، وينبغي فقط إدارته، والسؤال: "إذن لماذا هو وغيره من القيادات الإسرائيلية يوجهون الدعوات المتكررة للفلسطينيين، للعودة إلى طاولة المفاوضات، وفي الوقت ذاته يتهمون الفلسطينيين بأنهم لا يريدون السلام؟ أما وزير الخارجية الأمريكية في سنوات السبعينيات "هنري كيسنجر"، فقد أعلن أنه لا يرى أن هناك فرصة كبيرة لحدوث انفراج خلال المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وأنه ليس متفائلاً.
    إن معظم وزراء حكومة "نتنياهو" من المتشددين، ومن دعاة الاستيطان، وأعداء السلام، فقد أعرب البعض عن سعادتهم بأن تهديد السلام قد زال، وتنفسوا الصعداء، فالحكومة متفقة على حل القضايا الداخلية، ومنقسمة على العملية السياسية، وإذا عملت على تسوية مع الفلسطينيين، قد يؤدي ذلك إلى حلها، مع أن المفاوضات مع الفلسطينيين احتلت مكاناً مركزياً مع حزب الحركة، برئاسة "تسيفي ليفني"، التي كلفت بملف المفاوضات مع الفلسطينيين، أما حزب "يوجد مستقبل" برئاسة "يائير لبيد"، فلم يلق ذات الاهتمام، بل دحره إلى الفقرة الأخيرة في اتفاقه الائتلافي مع "نتنياهو"، غير أن "البيت اليهودي" برئاسة "نفتالي بينت"، فقد كان واضحاً برفضه مجرد إدخال كلمة "المفاوضات" ولا بكلمة واحدة باتفاقه الائتلافي مع "نتنياهو"، ومع ذلك يصر "نتنياهو" على خداعه، بأنه ملتزم بمبدأ دولتين لشعبين، وإقامة دولة فلسطينية، مع أنه في الخطوط العريضة للحكومة الجديدة، لا وجود لأي ذكر لحل الدولتين، باستثناء أن الحكومة ستسعى للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وإذا تم ذلك يُطرح على الحكومة والكنيست، أو للاستفتاء الشعبي العام، فإن استطلاعاً للرأي العام "ها آرتس 20-3-2013" أشار إلى أن 60% من الإسرائيليين لا يعتقدون أن زيارة "أوباما" ستجدد المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكي نخفف من تشاؤمنا، فإن نائب وزير الخارجية السابق "داني أيالون"، يقول أنه تم التوصل بين "أوباما" و"نتنياهو" إلى تفاهمات لا يمكن نشرها، كما أن هناك تخوف المستوطنين من زيارة الرئيس الأميركي، فلنترك الإجابة على كثير من التساؤلات للمستقبل
    «الإخوان» والجيش... وبينهما «حماس»
    بقلم: وحيد عبد المجيد عن الاتحاد الاماراتية
    ليس وزير الخارجية الأميركي الأسبق والأشهر هنري كيسنجر وحده الذي يتوقع حدوث مواجهة بين الجيش وجماعة «الإخوان» في مصر. وقد لا يكون هو أول من عبر عن اعتقاده بأن هذه المواجهة ستقع إذا لم يتمكن الطرفان من التفاهم على آلية فعاّلة لتجنب حدوث أزمات كبيرة بينهما أو احتوائها في مهدها بطريقة الإنذار المبكر.
    ورغم أن كيسنجر تحدث في هذه المسألة مرات عدة في الأشهر الأخيرة، فقد بدا أنه أكثر ثقة عندما أجاب على سؤال بشأنها في 8 مارس الجاري خلال مشاركته في أعمال المؤتمر السنوي لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي في نيويورك، حيث قال إن الأزمة بين الجيش و«الإخوان» في مصر ستأتي لا محالة.
    والأرجح أن كيسنجر يتابع جيداً الوضع الذي يزداد اضطراباً في مصر ويدفع بعض الخائفين مما تحمله الأيام القادمة إلى دعوة الجيش للتدخل وتنظيم فعاليات لدعمه.
    لكن الأرجح أن اللهجة القاطعة التي تحدث بها ارتبطت بازدياد الشواهد الدالة على تباين مواقف الرئاسة ومن ورائها جماعة «الإخوان» وقيادة الجيش تجاه الوضع في غزة عموماً وحركة «حماس» خصوصاً. فقد توالت الأحداث منذ أوائل فبراير الماضي كاشفةً هذا التباين الذي لم يعد ممكناً تغطيته، بين موقف منضبط باعتبارات الأمن القومي المصري وقواعده المجردة دون غيرها، وآخر تختلط فيه هذه الاعتبارات بالعلاقات الوثيقة بين جماعة «الإخوان» وحركة «حماس».
    وكان اتجاه الجيش إلى تكثيف العمل من أجل هدم الأنفاق المحفورة تحت الحدود بين مصر وقطاع غزة مؤشراً إلى أن السياسة لم تجد نفعاً في هذا المجال. وحين لا تفيد السياسة حيث كان ينبغي أن تنفع، يصبح الأمر متعلقاً بغياب الإرادة وليس بصعوبة المشكلة. فبإمكان القيادة السياسية المصرية أن تطلب من «حماس» هدم الأنفاق، أو على الأقل إحكام غلقها، سواء بشكل مباشر أو عن طريق مكتب الإرشاد العام لجماعة «الإخوان». فلهذا المكتب، الذي يقوم بدور رئيس في صنع السياسة المصرية، نفوذ كبير يستطيع ممارسته على حركة «حماس».
    وكان مفترضاً غلق هذه الأنفاق منذ فتح معبر رفح الحدودي بشكل منظم بُعيد تولي مرسي السلطة. فلم يعد القطاع محاصراً من البر على نحو يجعل وجود مثل هذه الأنفاق متنفساً لسكانه. كما أن الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل أصبح مرناً منذ توقيع اتفاق التهدئة الأخير مع «حماس» برعاية سياسية مصرية.
    ويُعد قبول «حماس» هذا الاتفاق، الذي رفع أسهم سلطة «الإخوان» المصرية في الولايات المتحدة وأوروبا، دليلا على أن بإمكان هذه السلطة إقناع «حماس» أو الضغط عليها لغلق الأنفاق. وحين لا تقوم السلطة السياسية بذلك، ويضطر الجيش لتحمل مسؤوليته لحماية أمن مصر من الخطر الذي يعبر تلك الأنفاق، فهذا مؤشر واضح على تباين بينهما بشأن كيفية التعامل مع «حماس» ومجمل الوضع في القطاع.
    وقد ازداد الجدل حول هذا التباين عقب إحباط محاولة تهريب أقمشة مطابقة لتلك التي يُصنع منها الزي العسكري للجيش المصري إلى غزة عبر أحد الأنفاق يوم 17 مارس الجاري. فبينما التزمت رئاسة الجمهورية الصمت، حرصت أجهزة الأمن على إعلان نبأ ضبط تلك الأقمشة لتنبيه المواطنين إلى الخطر الذي يترتب على حيازة جماعة غير مصرية –أو حتى مصرية– زي الجيش أو ما يماثله.
    وكان تبني بعض قادة «الإخوان» التبرير الذي لجأت إليه «حماس»، وهو أن الأقمشة المضبوطة تُستخدم في تصنيع ملابس للأطفال فى غزة والملابس المموهة لأفراد المقاومة في مناطق التماس مع القوات الإسرائيلية، مثيراً للانتباه.
    ولذلك أثارت هذه الواقعة المزيد من الأسئلة حول التباين بين «الإخوان» والجيش حيال حركة «حماس»، خصوصاً في ظل تجدد الجدل حول اتهامها بالتورط في مذبحة قتل 16 جندياً مصرياً في مدينة رفح الحدودية في أغسطس الماضي.
    فقد نشرت مجلة «الأهرام العربي»، في عددها الصادر يوم 14 مارس الجاري، تقريراً يؤكد أن منفذي تلك المذبحة كلهم من «كتائب القسام» الجناح العسكري لـ«حماس». وأكد رئيس تحريرها أنه تحقق من صحة معلوماته عبر مصادر أمنية. ورغم تجديد «حماس» نفيها وإعلانها عدم وجود دليل على صحة هذا الاتهام ومهاجمتها من رأت أنهم يريدون تصفية حسابات مع «الإخوان»، فلم يصدر عنها تفسير لتكرار ورود اسم أيمن نوفل في أعمال عنف ضد أهداف مصرية. فكان نوفل، الذي يتردد اسمه منذ مذبحة قتل الجنود المصريين في رفح قبل أكثر من سبعة أشهر، متهماً في عمليات التفجير في شرم الشيخ في يوليو عام 2006. وألقت السلطات المصرية القبض عليه بعدها بأكثر من عامين داخل سيناء، وحوكم وأُودع في سجن المرج إلى أن تم تهريبه منه أثناء الاجتياح الذي تعرضت له سجون عدة بُعيد انهيار جهاز الشرطة خلال الاحتجاجات التي بدأت في 25 يناير 2011.
    ورغم أن علامات الاستفهام حول دور «حماس» في مذبحة رفح موجودة منذ وقوعها، فقد أخذ تجدد الجدل حولها أبعاداً أكبر لتزامنه مع محاولة تهريب أقمشة مطابقة للزي العسكري المصري وتحركات غريبة لعناصر ربما تكون تابعة لها داخل مصر. فقد ضبط رجال الأمن في مطار القاهرة يوم 12 مارس الجاري سبعة فلسطينيين وبحوزتهم خرائط لمواقع مصرية. وكانوا قادمين من سوريا في طريقهم إلى غزة. كما ضبطت قوات الأمن ثلاثة فلسطينيين في مناطق مختلفة في سيناء، وتبين أنهم دخلوا عبر الأنفاق رغم أن معبر رفح مفتوح.
    وهكذا تبدو حركة «حماس» هي المعضلة الرئيسية التي تواجه مستقبل العلاقة بين جماعة «الإخوان» والجيش، والمصدر الأساسي للخلاف بينهما. فبإمكان الطرفين أن يتعايشا مهما كانت الخلافات بينهما بشأن الأوضاع الداخلية، وبغض النظر عن المدى الذي قد تبلغه استغاثة قطاعات من المجتمع بالجيش إذا لم يراجع «الإخوان» طريقتهم في إدارة السلطة ويستوعبوا الغضب المتنامي ضدهم. وليس وارداً أن يتدخل الجيش لأي سبب داخلي إلا إذا أدت سياسة «الإخوان» إلى ازدياد الاضطراب واحتدام التوتر وحدوث مواجهات تحمل نُذر حرب أهلية لا قدر الله.
    غير أن الأمر قد يختلف في حال تحول سلوك حركة «حماس» من قضية خلافية إلى أزمة تنطوي على خرق للمعايير التي يعتمدها الجيش لقياس حالة الأمن القومي المصري، خصوصاً إذا تجاهلت قيادتها هذه المعايير أو استهان قادة «الإخوان» بالعقيدة العسكرية المصرية ولم يقدّروها حق قدرها في الوقت الذي يزداد الوضع في سيناء خطراً.
    تركيا وإسرائيل والعرب
    بقلم: إبراهيم الشيخ ( كاتب فلسطيني) عن الزمان العراقية
    ان العلاقات التركية الاسرائيلية التي تدهورت منذ ثلاث سنوات نتيجة حادثة السفينة مرمرة، ها هي تعود الى مجراها بعد اعتذار رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان كما طلبت تركيا وسيتم ايضا تعويض اهالي الضحايا.
    يأتي هذا التطور المفاجئ نتيجة جهود امريكية بذلت من اجل هذا المسعى، ويبدو ان اختيار اعلان هذا الحدث المهم لم يكن عفويا، وتم ذلك خلال زيارة الرئيس الامريكي الى الشرق الاوسط، ليسجل له هذا النجاح، وليعطي زيارته نتائج تذكر من خلال هذا الاعلان.
    بالرغم من تعنت اسرائيل خلال ثلاث سنوات والامتناع من الاعتذار الا انها في النهاية خضعت للشروط التركية، فالعلاقات التركية الاسرائيلية لم تتأثر من قبل بالرغم من مماراسات اسرائيل العدوانية واحتلال الاراضي الفلسطينية، لان المصالح التركية لم تأخذ هذا بعين الاعتبار، ولكن مصالحها تعتبر اهم من هذه القضايا الثانوية بالنسبة للسياسة التركية.
    تركيا منذ سنوات عدة مارست سياسة الانفتاح على العالم العربي، واقامت علاقات جيدة مع بعض الدول العربية، بعدما شعرت بأن دخولها الى الاتحاد الاوربي لن يتحقق في المدى المنظور، ولذلك حاولت ايجاد اسواق لبضائعها، وحاولت لعب دور القوة الاقليمية المهمة في المنطقة بموازاة الدور الايراني الذي ايضا يبحث عن موطئ قدم في المنطقة، وتحاول تركيا ان يكون لها دور فاعل ومؤثر في المنطقة من خلال ايجاد قوى تعتمد عليها وتنفذ اجندتها.
    ان محاولة تركيا فك الحصار عن قطاع غزة بارسالها اسطول الحرية منذ ثلاث سنوات حاولت لعب دور المُخلص واستدرار تأييد الشعوب والحكومات العربية، البعض رأى في هذا الدور عاملا بناءاً، ولكن البعض الآخر حذر من ان تركيا تعمل من اجل مصالحها فقط، وان ما اقدمت عليه هو من اجل تحسين صورة تركيا العثمانية كطرف داعم للقضايا العربية وبالاخص للقضية الفلسطينية.
    ان اسرائيل ما كانت لتعتذر، وهي التي تُعرف بصلفها وتعنتها لولا المصالح المهمة التي تربطها بتركيا منذ قيام دولة الكيان الصهيوني، وليس من مصلحتها معاداة تركيا، وخاصة ان اسرائيل تتحضر لامكانية حرب ضد ايران بسبب البرنامج النووي الايراني، ولذلك تحاول البحث عن المزيد من الدعم والحلفاء. من جهة اخرى تركيا تأثرت بقطع علاقاتها مع اسرائيل على مستويات عدة منها العسكرية والاقتصادية والغاء المناورات العسكرية بين الجانبين، وتعتبر مسألة عودة العلاقات الدبلوماسية وعلى جميع الصعد مهمة جدا للبلدين في هذه المرحلة، وخاصة ما تمر به من تطورات، وعلى وجه الخصوص ما يحدث في سوريا، ومن غير المستبعد التنسيق في هذه المسألة، وخاصة ان البلدين لهما حدودا مع سوريا.
    من غير شك ان الدعم القوي الذي يحصل عليه العدو الصهيوني، والذي اكده الرئيس الامريكي مرة اخرى مؤخرا خلال زيارته الاخيرة، وتقارب اسرائيل مع تركيا سيزيد من تعنت اسرائيل، وسترفض تقديم أي تنازلات بالرغم من التعهد بحل الدولتين من الجانبين الامريكي والاسرائيلي، وستكون تركيا جزءاً من القوى التي تريد تطويع المنطقة لصالحها والهيمنة عليها.
    ان التحالفات والعلاقات الاستراتيجية القوية بين امريكا واسرائيل، والتي ستنضم اليهم تركيا وبعض الدول العربية، لن تكون في صالح ايران وحلفائها في المنطقة، والتي تسعى الى منع سقوط النظام السوري، وفقدان موقع مهم وقوي لها في المنطقة.
    ولكن كل هذا يحدث دون ان تقدم اسرائيل اي تنازلات في الموضوع الفلسطيني، بالرغم من انها لا تحترم القانون الدولي، يجري التحالف معها دون الضغط عليها للانسحاب من الاراضي المحتلة، ولكن بالعكس يجري السكوت عن هذا بدون ممارسة اي ضغوط دولية وعربية، والتي تكاد تكون غير موجودة، وان وجدت وحاول البعض الضغط فإنه لا يلقى آذاناً صاغية ودون اي تأثير.
    ان دول المنطقة الاقليمية تعمل من اجل مصالحها، ويجري استغلال الدول العربية وجرها لهذا التحالف او ذاك لتنفيذ المصالح العليا لهذه الدول، وكل هذا يجري على حساب المصالح العربية المختلفة، وتتم شرذمة الوطن العربي وإبقاؤه لعبة في ايدي الدول الاقليمية المدعومة من القوى الدولية الكبرى.

    القمم والمحاور العربية الجديدة
    بقلم: عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
    القمم العربية خير مسرح لاكتشاف حركة ريح السياسات لدول المنطقة، فيها تدور صراعات لا تنتهي، تستنزف طاقات هذه الدول وتخلط الأوراق، ولا تقدم للإنسان العربي شيئا سوى المزيد من الصراعات.
    ففي قمة بغداد عام 1990، استعرض الرئيس العراقي صدام حسين فوقيته على بقية الرؤساء، مدعيا انتصاره على إيران. وفي كواليسها رتب لمؤامرة احتلال الكويت بمساندة بقية دول حلف قام بتأسيسه مع أربع دول أخرى. وبعد ثلاثة أشهر عقدت في مصر قمة لطرده من الكويت وإعطاء الشرعية لاستقدام القوات الأميركية.
    وفي بيروت عام 2002 تكالب محور دمشق بحلفائه لتهميش الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، المحاصر في مكتبه في رام الله، وقد حاول منعه من إلقاء كلمته عبر الأقمار الصناعية لولا تدخل الإمارات والسعودية.
    وفي العام نفسه الذي اغتيل فيه رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان الأسبق، عقدت قمة في الجزائر عززت الخلافات بين المحورين السعودي والسوري حول لبنان.
    وفي ثلاث سنوات متتالية عقدت ثلاث قمم استعرت فيها حرب المحاور؛ دمشق ضد الرياض، حيث نجح محور دمشق في الهيمنة على قمته في العاصمة السورية، وهيمن على قمة الدوحة، ثم قمة سرت في ليبيا، حيث انقسم العرب تماما بين معسكرين متحاربين في تلك السنوات المضطربة سياسيا.
    وليس غريبا أن تكون القمم مرآة للمشاكل؛ لأنها تعكس النظام العربي البائس، ومن أنصت للكلمات التي ألقيت أمس في قمة الدوحة سيعرف توجهات الريح كما هي؛ فالرئيس المصري محمد مرسي ترك ورقته وطالع بعينيه وردد أكثر من مرة محذرا من التدخل في شؤون بلاده. وبالتالي نحن أمام بداية أزمة مقبلة، عدا عن استعجال تشكيل رئيس حكومة سورية مؤقتة كلف بها شخص لم يسمع به أحد من قبل، أيضا ضمن مؤامرات غالبا ما تخرب القضايا الكبرى ولا تفيد أحدا، كما رأينا في قمة محاصرة الحريري، ثم قمة الدفاع عن قتلته.
    والحقيقة أن أول قمة عربية، التي التأمت في قصر أنشاص في مصر قبل نحو سبعة وستين عاما، هي نفسها كانت مؤامرة من سبع دول عربية ضمن معركة المحاور. ولم تخل تلك القمة من شكوك بأنها من تدبير الجنرال «كلايتون» رئيس المخابرات بالجيش الإنجليزي، والمستر «برايانس» المدير المساعد للمخابرات الإنجليزية في فلسطين.. إشاعة روج لها العرب الذين لم يدعوا إليها، في حين أن تلك القمة هي التي ثبتت فلسطين كدولة لأول مرة وجعلتها قضية عربية.

    رأي القدس العربي: مفاجآت قمة الدوحة
    بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
    جرت العادة ان ينتظر المرء البيان الختامي للقمم العربية لكي يتعرف على قراراتها، لكن قمة الدوحة العربية جاءت استثناء، حيث انتهت رسميا وعمليا بعد جلسة الافتتاح الاولى العلنية اما الباقي فاصبح تفاصيل.
    نشرح اكثر ونقول ان تسليم مقعد سورية للائتلاف الوطني السوري المعارض، وجلوس السيد معاذ الخطيب على هذا المقعد والوفد المرافق له هو الانجاز الابرز الذي حققته هذه القمة من وجهة نظر رئيسها والدول الداعمة لقرار سحب الشرعية العربية من النظام السوري.
    القمة عقدت، وفي الدوحة على وجه التحديد، وفي مثل هذا التوقيت لتكثيف الضغط السياسي والدبلوماسي على النظام السوري، واعطاء منبر اعلامي وسياسي مهم للشيخ الخطيب لكي يخاطب الرأي العام العربي وليس الزعماء العرب المشاركين فيها، وهذا الهدف تحقق، واستطاع الشيخ الخطيب ان يلتقط هذه اللحظة التاريخية، ويلقي خطابا مؤثرا وقويا اتسم بنبرة عاطفية، واحتوى على رسائل عديدة بعضها الى الولايات المتحدة التي طالبها بتوفير مظلة صواريخ باتريوت لحماية الشمال الغربي السوري، وبعضها الآخر الى الزعماء العرب عندما طالبهم بالافراج عن المعتقلين في سجونهم، واكد لهم ان السوريين هم الذين سيقررون من يحكمهم رافضا الوصاية، والبعض الثالث الى النظام السوري محذرا من المزيد من سفك الدماء.
    السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عما سيحدث بعد انقشاع غبار هذه القمة، والكلمات التي صدرت من على منبرها، فهل سيتم التجاوب مع نداءات الشيخ الخطيب بالمزيد من السلاح للجيش الحر، ومطالب امير قطر لمجلس الامن الدولي بالاعتراف بالمعارضة السورية ومنحها مقعد سورية في المنظمة الدولية؟ ثم ما هو موقف الدول التي تقف في الخندق الآخر والداعمة للنظام السوري مثل روسيا وايران على وجه الخصوص؟
    القضية الفلسطينية احتلت المرتبة الثانية على جدول اعمال القمة، وقد بذل امير قطر رئيس القمة جهودا لتسليط الاضواء عليها في كلمته الافتتاحية مثل تخصيص صندوق بمليار دولار لدعم القدس المحتلة، واستعداده لدفع ربع هذا المبلغ، ومطالبته بعقد قمة مصغرة من اجل تحقيق المصالحة الفلسطينية بين قطبي المعادلة السياسية الفلسطينية اي حركتي فتح وحماس.
    لا شك ان انشاء هذا الصندوق خطوة مهمة في ظل عمليات التهويد المستمرة التي تتعرض لها المدينة المقدسة من قبل حكومة الاحتلال الاسرائيلي، لكن المشكلة ان معظم الوعود العربية تتبخر ويتم تناسيها بعد ايام او اسابيع من اطلاقها، والمأمول ان يتجاوب الزعماء العرب مع هذه الدعوة من خلال خطوات عملية جادة.
    قمة الدوحة العربية هذه تعتبر واحدة من اهم واخطر القمم العربية، وترتقي الى مستوى القمة التي اسست منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، والقمة العربية السابقة التي عقدت في الرباط واعترفت بها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني عام 1974 وقمة القاهرة آب (اغسطس) عام 1990 التي شرعت الاستعانة بالقوات الامريكية لاخراج القوات العراقية من الكويت.
    هذه القمة سجلت سابقة في العمل العربي المشترك عندما سحبت الشرعية من نظام لتمنحها وكرسيها لمعارضيه، وقد تتكرر هذه السابقة في قمم عربية مقبلة اذا استمرت الجامعة كممثلة ومظلة للعمل العربي المشترك.
    قمة الرباط اعترفت بالمنظمة وتمثيلها ولكن الاراضي الفلسطينية ما زالت محتلة، فهل يكون قرار قمة الدوحة باعطاء مقعد سورية للائتلاف الوطني السوري اكثر حظا؟
    قرار الاعتراف بالمنظمة رفضته امريكا بينما قرار قمة الدوحة تدعمه ولهذا ربما تكون فرصه في النجاح افضل نظريا على الاقل، ولكن كل الاحتمالات واردة، فالشرق الاوسط هو المنطقة الوحيدة في العالم التي لا يمكن التنبؤ بدقة بتطوراتها.
    بعد انقشاع غبار القمة وعودة الامور الى طبيعتها سيكتشف الشيخ معاذ الخطيب ان طموحاته في ابعاد الوصاية عن ائتلافه ستكون صعبة التحقيق. وان طلبه بالحماية العسكرية الامريكية قد يكون باهظ الثمن، فأمريكا تريد القضاء على الجماعات الجهادية حماية لاسرائيل.

    كلمة الرياض: الوحدة العربية الغائبة..!
    بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
    في زمن الأماني والآمال رُفع شعار الوحدة أو الاتحاد العربي، وخرجت أفكار وآراء وتساؤلات هل تلتقي النظم العربية مع بعضها، الملكيات والإمارات مع الجمهوريات، ومن يتعامل مع الغرب بعلاقات تاريخية لا يصح أن يتحد مع الديمقراطي الاشتراكي..
    وقطعاً ماتت تلك الأفكار في مهدها وخاصة بعد فشل الوحدة بين مصر وسورية؟!
    ثم جددت الدعوة بما يشبه الواقعية السياسية بالمطالبة باتحاد دول النيل ككيان واحد يتكامل جغرافياً وتاريخياً واقتصادياً، ودول الشام والعراق بمنظومة أخرى، كذلك الأمر مع دول مجلس التعان الخليجي، ودول المغرب العربي حديثة العهد لبعض دولها بالتحرر..
    ورغم أن الفكرة إيجابية لمن ينظر للأمة العربية بروابطها وتاريخها كعالم واحد، وأن الزمن سوف يجمع هذه الكيانات في أمة واحدة تختار نظامها ودستورها، إلاّ أن الواقع سار باتجاه آخر أي جعل التجزئة أساساً ثابتاً، واستحالة توحيد أقاليم ذات رابط جغرافي واحد، وهذا ما حدث في المشرق والمغرب معاً..
    ونتيجة لتبخر هذه الآمال وزوالها من الذهنية الشعبية، برزت حتمية المؤامرة، وخاصة حين تبنى أنصار الوحدة من اليسار، اتهام الغرب بأنه ضد أي مشروع كهذا يهدد الكيان الصهيوني، بينما أطراف يسارية أكثر «راديكالية» قالت بأسبقية نشوء الأيدلوجيا والأحزاب التي تقود هذا العمل، لأن فلسفة العدل فيها، وخاصة للمهمشين والمحرومين، وهم الطبقة الأكثر انتشاراً في المدن والقرى العربية، هي من سيفرض هذا الاتجاه ومحاكاة لنظام الاتحاد السوفياتي، وبقي طرف ثالث عاصر العديد من العهود العربية زمن الاستعمار والتحرر قال بأن هذه الأفكار لايمكن تجاوزها بدون تنمية وطنية لكل قطر في الاقتصاد والتعليم، والتدرج في إيجاد نظم إصلاحية شاملة، قد ترفع سقف المطالبة بكيانات عربية ثم وحدة (فدرالية، أو كونفدرالية).. وبسبب تعارض هذه الأفكار وتباين نهج حكومة كل بلد راج فكر الهمّ الوطني على العربي، وتفوق عليه كحتمية ثابتة..
    هناك من كان هدفه مثالياً وأمنياً، وآخرون كانوا يريدون إلحاق هذا الوطن إما تحت عجلة المنظومة الشرقية، أو الغربية، لكن لم يأت التحليل السياسي لطبيعة المجتمع العربي، وكيف تقسمه الطبقية والقبلية، والطائفية وغيرها، وأنه في غياب المشروع الوطني لكل بلد بتأسيس نظام تكون المساواة فيه متحققة، فإن من الصعب تلاقي حكومات متنافرة في طبيعة تركيبتها الاجتماعية والسياسية، وقد كان من بين الآراء أنه كيف يتم توحيد الهند، وأوروبا والبرازيل وفيها تلك التعدديات التي لا تلتقي مع بعضها، وتفشل مع أمة تملك مقومات وحدتها؟
    المشكل العربي ليس في الروابط التي تعتمد خلق كيان واحد، وإنما في هشاشة الوعي وضعف التقدم الاقتصادي ووجود قواعد ثابتة وأنظمة ودساتير متقدمة والتي هي السبب في خلق وحدات لتلك البلدان ثم إن العربي نشأ داخل نظام العائلة والدولة الراعية، ولم يكن المواطن يمثل جذر النظام إلاّ بوظيفته الخاصة، وقد نحتاج إلى عقود أو قرون لصنع هدف هذه الوحدة وباشتراطات تحكمها المصلحة لا الأفكار الطوباوية؟

    قمة فاقدة القيمة
    بقلم: صالح عوض عن الشروق الجزائرية
    أجل..إنها قمة فاقدة القيمة ..ذلك لأنها غيّرت عناوين العرب وسلكت سبل الضلال تبعا للسياسات الغربية تجاه شعوبنا ودولنا وقضايانا..انعقد مؤتمر القمة في "الدوحة"، واستدعيت المعارضة السورية لتشغل موقع الدولة السورية..وجرى حبر كثير لتدبيج خطابات الزعماء عن الديمقراطية والحريات وكان الموضوع السوري رأس اهتمامات المجتمعين.
    في القدس وما أدراك ما في القدس؟ تهويد منظم لما يحيط ببيت المقدس واختراق سوار بيت المقدس وتحويل بيوت المقدسيين العتيقة إلى بؤر استيطانية ترفع رايات الكيان الصهيوني..وفي القدس تجريف بيوت وتهجير مواطنين وتغيير معالم وتدمير مقابر ومرافق مقدسة إسلامية وفي القدس كذلك شعب يئن من إجراءات تعسفية بالحديد والنار يمارسها العدو الصهيوني، وفي أكناف بيت المقدس استيطان وتهويد وحواجز وقتل وأسر..وحول بيت المقدس وأكنافه شعب يتم تشريد والفتك به ليل نهار..في فلسطين كل فلسطين استعمار غاشم وطغيان لا يختلف في وصفه اثنان وفي فلسطين كيان صهيوني مدجج بالسلاح النووي والأساليب الإجرامية والخطط العنصرية التوسعية.
    إنني أعرف أن كل ما سبق معلوم لدى أصحاب الفخامة والجلالة والسمو المجتمعين في قطر وأعرف أنهم لم يتخذوا خطوة واحدة تتناسب مع مايعلمون..في قطر على بعد أمتار من مؤتمر القمة العربي يوجد المكتب الإسرائيلي، ولم يستفز المكتب أحدا ولم يطالب المجتمعون بغلقه وطرد السفير الإسرائيلي، ولم يطلب المجتمعون من حمد أن يتوقف عن زيارات اللهو التي يقوم بها إلى الكيان الصهيوني، حيث يستمتع هناك وعائلته بشواطئ فلسطين المغتصبة تحت حماية الاحتلال الإسرائيلي..وقاعدة السيلية وعيديد ليست ببعيد عن قاعة الاجتماعات فلم يجرؤ أحد أن يقول اطردوا الأمريكان الذين يبالغون في الانحياز لاسرائيل..ولم يجرؤ أحد من أصحاب السمو والجلالة والفخامة على القول لحمد ولعبدالله وشيوخ الجزيرة كفى ملكا وراثيا وكفى تسلطا على الشعوب ونهب ثرواتها..كفى ارتماء في أحضان السياسات الأمريكية ..كفى فإن القدس تحتاج الدعم والمساندة.
    أعرف أن لاشيء من هذا سيحدث..والذي يحدث هو فقط خطوات جريئة وبلا تردد في سياق الإرادة الأمريكية والرغبات الغربية..إذ بأي حق يتم جلب مجموعة معارضة لشغل موقع دولة في جامعة الدول العربية..إن الذي حصل هو فضيحة كبرى..وإن الجماعة الذين صوّتوا بذلك إنما هم يؤسسون لسياسة ستتم قريبا مع كل واحد منهم عندما تتناوشه معارضة مدعومة من الغرب ستتقدم لشغل موقعه..كيف يتصرف هؤلاء الحكام؟!!
    ما الذنب الذي ارتكبه النظام السوري في حق الدول العربية..صحيح أن النظام السوري تعسف في معالجة الأمور الداخلية وصحيح أنه لم يتحل بروح المسؤولية تجاه شعبه عندما احتج وعارض وارتكب هذا النظام مظالم شنيعة، ولكن هذا النظام ناصر لبنان وفلسطين والعراق فبأي حق يتم طرده من جامعة الدول العربية..إن أصحاب الفخامة والجلالة والسمو يشرعون لما سيأتي فيما بعد.
    إنهم ليسوا في وارد الدفاع عن مقدسات الأمة وشعوبها وسيادتها إنما هم بوضوح في خدمة السياسات الغربية، وان كل من تطرده الرحمة الأمريكية والغربية سيكون مطرودا من رحمة النظام العربي..وهذا يعني أن الشعوب ستقف مع قضاياه المقدسة وحيدة بلا حكام، ولكن المؤكد أن المستقبل لهذه الشعوب ولهؤلاء المستضعفين يرفعون أكفهم ضد المخرز الأمريكي وأن كل هذا الضغط الجنوني على الشعوب وخيانتها على الملأ سينتهي بأن تسير طلائع الأمة جنبا إلى جنب في مشروع مقدس تجاه القدس.

    العرب كل العرب.. ليس لمجرد الاصطياف!
    بقلم: حسين الذكر عن الأيام البحرينية
    في قراءة اولية لقرعة بطولة تركيا لكأس شباب العالم، في مجموعاتها الستة، يمكن ان يلفت الانتباه غياب اقوى فريقين في البطولات العالمية للشباب وهما الجاران اللدودان الارجنتين ببطولاته الست السابقة والبرازيل بطلة الدورة الاخيرة وصاحبة الخمس بطولات، وهذا يعني ضمنا ان المتنافسين الجدد للبطولة المقبلة سيكونان خارج سيطرة وهيمنة ابطالها المعهودين والمعروفين بقواهم ومهاراتهم ونجومهم وتاريخهم، وهذا يعطي فرصة تنفس لكل المتأهلين بامكانية ولادة بطل جديد لنسخة مونديال تركيا للشباب.
    المجموعات بدت متقاربة في ظل غياب عملاقي العالم اللذين يعتبران بطولة الشباب العالمية فرصة او معرضًا دوليًا لاظهار افضل نتاجاتهم ومهاراتهم ونجومهم المستقبلية، حتى اصبحنا نرى في كل بطولة تظهر اسماء جديدة، ان لم يكن جيل برازيجنتيني جديد. لذا فان المجموعات الست باسمائها المحترمة الحاضرة ليست هي الاقوى والاخطر او الاشد والاقهر والاعجز، فلا يجب اطلاق العنان للتشاؤم والهزيمة منذ وقت مبكر، ونحن هنا لا نتحدث عن ضرب التخت او الحظوظ التوفيقية والفتاح فالية، بل ان ممثلي العرب (العراق ومصر) المدعمان باسماء اصبحت لها خبرة كبيرة من خلال المشاركة مع المنتخبات الوطنية ويتمتعون بالقوة الجسمانية والمهارات الجيدة، سيما مع الفريق العراقي الذي شارك بنصف منتخبه الشبابي في بطولتي غرب اسيا وخليجي 21 في المنامة قبل اسابيع.
    وهذه فرصة لتحقيق نتيجة وانجاز عربي يحسب للعرب كل العرب من الخليج الى المحيط، فعلا ويقينا لا قولا فحسب، فقد اثبتت البطولات العالمية السابقة، بان العرب يتعاملون بروح الفريق الواحد، وقلوبهم تصفق باياد مليونية وتدعو بقلب واحد، وتلك ميزة تشجيعية مسانداتية معنوية للفرق العربية التي ستكون مدعمة بكل الاعلام العربية الحاضرة في تركيا والقادمة من جميع جهات ومناطق العالم المختلفة، كما يمكن للاتحادين العراقي والمصري ان يفتحا الابواب الاتصالية مبكرا مع بقية اخونهم العرب للافادة من اراضيهم وملاعبهم بطولاتهم وخبراتهم كافضل مراحل اعداد ممكن يساعدوهم فيها بتجارب ثرية وامكانات غنية .
    هذا من النصف المملوء للقدح، فماذا عن نصفه الفارغ - لا سامح الله -، وهنا المسالة تتعلق في الاعداد والملف برمته في ملعب الاتحادين العراقي والمصري والمسؤولين كافة، فمن يضع سقفا وطموحا نتائجيا، خارج اطار المشاركات الشرفية، عليه ان يضع بحساباته تلبية متطلبات الاعداد الامثل، فنحن بصدد الحديث عن بطولة كاس العالم كل العالم – وان جائت تحت عنوان الشباب – والخوض في منازلاتها يتطلب اعداد مختلف عما عهدناه من قبل ، سيما في المعسكرات والاهم من ذلك المباريات القوية التي تليق بقادم ايام صيف تركيا المنتظر، وهذا يعني ضرورة التعاون التام والاستجابة الفورية - بلا قتل وهدر مزيد من الوقت – وتقديم كل ما يحتاجه الفريقان من ابسط المتطلبات حتى اهمها، كي نمهد لهما اجواء مثالية نفسية فضلا عن بدنية وفنية، وعند ذلك يحق لنا التفكير والتطلع الى ابعد من الدور الثاني او مجرد عد ايام الدور الاول .

    هل فشل النهضة هو فشل مشروع الإسلام السياسي؟
    بقلم: سمير السماوي عن الشروق التونسية
    يمكن تعريف الفشل بعدم القدرة على تحقيق هدف أومجموعة من الأهداف, لذلك وجب التعرف على أهداف مشروع الإسلام السياسي بتونس وخصوصا مشروع حركة النهضة وحركة الاتجاه الإسلامي من قبلها.
    الحقيقة أن تعرض الحركة الإسلامية بتونس إلى المضايقة والاضطهاد والسجن والتشريد منذ الإعلان عن حركة الاتجاه الإسلامي سنة 1981 حال دونها والبت في الاختيارات الفكرية والثقافية للحركة وتحديد هويتها السياسية من طرف أعضائها والناشطين داخلها. وكنت من الذين ساهموا في بلورة هذا المشروع الحضاري الذي لم يكتمل، إذ كنت المسؤول الأول عن العمل التلمذي والطلابي بجهة صفاقس منذ أواخر السبعينات إلى سنة 1988. وكان الحوار داخل الحركة قد تطور بشكل كبير وخاصة بعد الثورة الإيرانية, إذ قمنا بمراجعات وتقييمات، وانفتحنا على العديد من المراجع المتنوعة (علي شريعتي- محمد الطاهر بن عاشور- مالك بن نبي- محمد باقر الصدر...) أدى إلى اتخاذ مسافات عن المرجعية الاخوانية ثم الانفصال عن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين. كان هذا التوجه هوالغالب داخل الاتجاه الإسلامي حتى ضمن العناصر القريبة من الفكر السلفي حاليا إذ اذكر جيدا خلال مؤتمر للإخوان المسلمين. في باريس في صائفة 1982، وقفت أمام الشيخ يوسف القرضاوي منتقدا فكر الإخوان وخاصة في فترة الشهيد سيد قطب والذي كان فكرا انفعاليا وعنيفا ومنغلقا متأثرا بجوالاضطهاد الذي تعرضت له الجماعة في الستينات: وفد كان بجانبي السيد الحبيب اللوز مساندا لأفكاري ومدافعا عنها.
    يتلخص هذا المشروع التحديثي والمعتدل في إعادة الاعتبار للعقل والاجتهاد وفهم النص القرآني فهما موضوعيا متناسبا مع ما وصل إليه العقل البشري من معارف ومتناسقا مع مقاصد الشريعة والواقع. إذ لا يمكن إسقاط فهم معين للإسلام على أي واقع وفي أي زمان. المشروع المجتمعي الذي كنا ننظر إليه يهدف إلى إصلاح الأنفس أولا لتحقيق العدل والحرية والكرامة لكل التونسيين عبر ترسيخ دولة مدنية وديمقراطية متأصلة في هويتها ومتفتحة على جميع الحضارات والثقافات. فتبنينا مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مع بعض الاحترازات القليلة، وكنا نحتفل سنويا بهذه الذكرى داخل الجامعة مساندين جميع حركات التحرير في العالم يسارية وإسلامية (نيكاراقوا-سلفدو-افغانستان-فلسطين).
    المجتمع الذي كنا نطمح إليه، ولازلنا، يشعر فيه كل مواطن بمواطنته لا فرق فيه بين إسلامي ويساري وليبرالي, يحارب الفقر والظلم حتى تتحقق تلك المقولة التي قيلت في حق عمر بن الخطاب «عدلت فأمنت فنمت». ويكون الدين في كل ذلك الواعز للالتزام بتلك المبادئ، والدافع للتضحية من اجل مصلحة الوطن والمواطن، والواقي أخلاقيا من الانزلاقات والانحرافات.
    بعد تحديد تلك الأهداف، من حقي ومن حقنا جميعا أن نتساءل أين النهضة من كل ذلك؟
    قبل تقديم أي دليل أستطيع أن اجزم أن النهضة قد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق تلك الأهداف. هذا استنتاجي أنا, ابن المشروع والشريك في إعداده وبلورته. وقد تريثت كثيرا قبل البوح بهذا الفشل والآن لم اعد احتمل الحقيقة لوحدي. وقد وصلت إلى هذا الاستنتاج لأني قررت أن لا أنضمّ إلى حزب النهضة بعد الثورة لأحافظ على استقلاليتي الفكرية التامة بعيدا عن الانضباط الحزبي والضغط التنظيمي ولتكون لي نظرة بانورامية وموضوعية للأحداث. قررت أن أكون «خارج المعبد» لأتفاعل مع الواقع بكل حرية. فالانتماء إلى»حركة دينية» يعني للكثير ضرورة الالتزام بوحدة الصف وعدم الخروج على الجماعة والسمع والطاعة للقائد استنادا إلى قول الله تعالى»واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، لكني في المقابل حافظت على قنوات اتصال وحوار مع أصدقائي في حركة النهضة وكنت أدعولهم بالتوفيق.
    أول ما صدمني في حركة النهضة هو التشبث الشديد بالسلطة وكأنهم في معركة من اجل السلطة. أخشى ما أخشاه أن يكون الإخوة الذين هم في الحكم اليوم قد استعجلوا مغادرة مواقعهم في التوعية والتثقيف والإصلاح وتغيير ما بالأنفس ونزلوا لاقتسام الغنيمة، فيحدث لهم ما حدث للصحابة يوم غزوة أحد. الانتصار الحقيقي ليس الفوز في الانتخابات والصعود للحكم بل المضي قدما نحوتحقيق أهداف الثورة وبسط العدل ونصرة المستضعفين لا بالخطابات والشعارات بل بالانجاز الفعلي. وإني لأتذكر كل يوم أخي وصديقي عبد الكريم الهاروني الذي تعهد في يوم ما في برنامج تلفزي أن مبدأه في تسيير الوزارة قول عمر رضي الله عنه «لوأن بغلة عثرت في العراق لخشيت أن يحاسبني الله عليها لم لم أسوي لها الطريق». أتذكر صديقي كلما وقعت سيارتي في حفرة من الحفر، وما أكثرها، وهي تزداد يوما بعد يوم، وأقول في نفسي مسكين صديقي من سؤال المولى عز وجل له لم تسوالطريق لمواطنيك الذين أنهكتهم الحفر؟....
    الأمر الثاني والذي لا يقل خطورة عن الأول هي النرجسية المفرطة لقيادات حركة النهضة. وإن كان من الطبيعي أن يعتبر كل حزب برنامجه هوالأصلح وأفكاره هي الأقوم، إلا أن تقديسها والاستهزاء بالأفكار المعارضة واعتبارها مناوئة ومشبوهة وهدامة.... فهذا أمر خطير يتنافى مع روح الديمقراطي. بذرة الديكتاتورية تبدأ هكذا بالتشبث بالرأي و«تخوين» الآخر والاستهتار به ثم التفرد بالحكم لتفويت الفرصة على الأعداء المناوئين حتى الأصدقاء الذين يتجرؤون على طرح أفكار مخالفة للجماعة لا يسلمون من النقد والتخوين، وأقوى مثال على ذلك ما تعرض له السيد حمادي الجبالي من حملة شعواء واتهاما ت بالانقلاب على الشرعية عندما عرض فكرة حكومة تكنوقراط. فالاستبداد مثل الشرك يدب دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء.
    المسألة الرئيسية الثالثة والتي تمثل منعطفا فكريا خطيرا هو التقارب أوالتحالف مع أصحاب الفكر السلفي السياسي. وهنا طبعا لا أتحدث عن الذين يؤمنون بالسلفية كعقيدة وسلوك شخصي، بل عن الذين يريدون فرض تصورهم للدين بالقوة والعنف والذين يرفضون الديمقراطية والتعايش مع الأخر. وقد اندس في صفوف هؤلاء عديد المنحرفين والجاهلين بالدين. وقد كانت صدمتي كبيرة عندما رأيت بأمي عيني السادة الحبيب اللوز والصحبي عتيق يخطبون بكل فخر واعتزاز أمام جموع غفيرة من السلفيين المنادين بتطبيق الشريعة أمام المجلس التأسيسي؟
    هذه بعض مجالات الفشل لحركة النهضة في تجربتها في الحكم. فهل لمشروع الإسلامي السياسي أي مستقبل؟
    إن التصويت لحركة النهضة في انتخابات 23 أكتوبر 2011 بنسبة مرتفعة، أقوى دليل على أن نسبة كبيرة من الشعب تختار المرجعية الإسلامية. ولكن تجذر التونسي في هويته العربية والإسلامية هوتجذر في النموذج المعتدل والمتسامح والتنويري الذي قاده علماء تونس مند خير الدين باشا، إلى الشيخ الثعالبي ومحمد الطاهر بن عاشور وغيرهم كثير. فالمستقبل لهذا المشروع الذي ناضلنا من اجله في الثمانينات. وعلى المؤمنين به سواء الذين اختاروا التحرك داخل حركة النهضة أوالذين خيروا الاستقلالية، أن يتصدوا إلى النماذج المستوردة والمنغلقة، وأن تكون لهم الجرأة على النقد وعدم الانسياق في الدغمائية والميكيافيلية.
    التوفيق، من الناحية السياسية، بين نموذج منغلق ومتشدد، ونموذج تنويري وتحديثي، غير ممكن مطلقا. فالجرأة مطلوبة حتى لا يقع إفشال المشروع برمته.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 336
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-12, 10:31 AM
  2. اقلام واراء عربي 319
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-12, 10:20 AM
  3. اقلام واراء عربي 318
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-12, 10:19 AM
  4. اقلام واراء عربي 317
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-12, 10:18 AM
  5. اقلام واراء عربي 304
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-23, 12:50 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •