النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 377

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء محلي 377

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]

    • [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
    • تغريدة الصباح - الوردة الوطنية
    • بقلم: يحيى يخلف - الحياة
    • سامر العيساوي مرة اخرى
    • بقلم: محمود ابو الهيجاء - الحياة
    • محمد عساف يصعد والحاقدون يسقطون!
    • بقلم: يحيى رباح - الحياة
    • متخم بالوعود
    • بقلم: وضاح زقطان - الحياة
    • عن هجرة الكفاءات في وطني
    • بقلم: بهاء رحال - الحياة
    • سيبقى الشعب في خدمة الحكومة
    • بقلم: عبد الحكيم صلاح - الحياة
    • السلطة ومخيمات سورية؟
    • بقلم: حسن البطل - الايام
    • المصالحة و"الغولة".. وحكاية جدّتي!!
    • بقلم: هاني حبيب - الايام
    • تعددية "فتح" وانتصارها
    • بقلم : حمادة فراعنة - الايام
    • كيف ترسم الخارطة الجديدة للمنطقة....!
    • بقلم: أكرم عطا الله - الايام
    • نتظاهر للأسطورة "سامر العيساوي" ونصوّت "لمحمد عسّاف"
    • بقلم: ريما كتانة نزال - الايام
    • هل نتفاءل بقرب المصالحة؟
    • بقلم: حديث القدس - القدس
    • إغتراب بلا عَوْدة
    • بقلم: خيري منصور – القدس
    • الفلسطينيون رهن تفوق خطوط الآخر التجريدية
    • بقلم: ابتسام اسكافي - القدس
    • الكونفدرالية الفلسطينية-الاردنية!!
    • بقلم: القدس
    • عاصمة الثقافة... بؤس الثقافة!
    • بقلم: الدكتور وائل ابوعرفه - القدس
    • ما بعد استقالة فياض،،، حكومة الوفاق الوطني هي الحل
    • بقلم: وليد العوض - معا
    • د.فياض: الذاتية والموضوعية
    • بقلم: تحسين يقين - معا


















    تغريدة الصباح - الوردة الوطنية
    بقلم: يحيى يخلف - الحياة
    كثيرة هي زهور فلسطين البرية، كثيرة ومتعددة الأشكال والأنواع والألوان، تستيقظ في بداية الربيع من سباتها في السهول والوديان. فوق الأعشاب وبين السناسل والحقول، وعند المنعطفات، وحتى آخر مدى يدركه البصر.
    تكوّن الزهور لوحات فنية، وتطرز وتزركش مشهداً تمتاز به طبيعة فلسطين الفريدة، وتتضافر فيه الوانها البيضاء والحمراء والصفراء والليلكي والنيلي والوان أخرى لتشكل أمام الناظرين سمفونية بصرية هي جزء لا يتجزأ من جمال فلسطين المستدام الذي لا يهزمه الزمن.
    وكثيرة هي اسماء هذه الزهور التي لا يضاهيها في الجمال سوى عيون صبايا بلادنا بالثوب التراثي التقليدي المطرز، الثوب الذي رسمن عليه أحلامهن وأشواقهن وزهور بيئتهن.
    نوّار اللوز، قرن الغزال، إكليل العروس، الخزامى، السوسن، النرجس، الياسمين البري، الحنّون (شقائق النعمان)، الزوزو..أسماء زهور فلسطين البرية تعد بالمئات، لا يعتني بها أحد، وانما تعتني بنفسها, وتطلق عطرها, وتتعرض لأذى الاحتلال الإسرائيلي مثلما يتعرض الإنسان وما يوجد فوق هذه الأرض التي تحوي فوقها وفي باطنها طبقات الحضارات التي مرت من هنا في مختلف الحقب.
    ومن الزهور التي تسحرنا بجمالها وتكاد تنفرد بها بلادنا زهرة شقائق النعمان التي تعرف عندنا باسم: زهرة الحنون..انها تلك الزهرة ذات الأوراق الحمراء الرقيقة التي تمثل تويجها، وفي وسط كأسها نقطة سوداء وغالبا ما تحط عليها خنفساء صغيرة بلون أحمر وفي ظهرها مساحة بيضاء مرقطة بنقاط سوداء. زهرة فريدة قال لي صديقي د.بكر عبد المنعم المهتم بالزهور والورود، والذي يتحفنا كل اسبوع على صفحته في الفيسبوك بصور ساحرة للزهور التي تلتقطها عدسته، قال لي:ان الحنونة هي الزهرة الوطنية لفلسطين, ويتعين علينا أن نكرّمها، وتكون اللوجو( الشعار أو الهوية) للدولة الفلسطينية..منذ ذلك الوقت صرت أهتم واحتفي بها واراقبها واستمتع بجمالها، والتقط لها صورا وأتمنى ان نحتفي بها ونصدر طابعا بريديا يحمل صورتها وسحرها.
    بحثت عنها في هذا الربيع على الطرقات وفي الأودية فلم أجدها..الحقيقة انني وجدت قليلا منها يتناثر هنا وهناك, وجدتها حزينة وصامته، وكنت أجدها في السابق وقد أشعلت بلونها, لون اللهب، تشعل السهل كله. واذكر أنني ذات ربيع وكنت في طريقي الى الآردن، رأيتها تنمو بكثافة في المنطقة الحدودية التي زرعها الإسرائيليون بالألغام، دون ان تأبه بالتحذير المكتوب بالعبرية: احترسوا منطقة ألغام. أزهرت وأينعت هناك رغم أنف نتنياهو.
    ويبدو الآن أن عمليات التجريف للأراضي لتوسيع مستوطنات قديمة، واقامة مستوطنات جديدة، والتجريف الواسع وعلى مساحات واسعة وكبيرة من اجل اقامة جدار الفصل العنصري قد خلّف أفدح الأضرار بالبيئة الفلسطينية, وتسبب في انقراض أنواع كثيرة من الزهور البرية والحشرات وانواع عديدة من الفراشات ذات الأجنحة المبهجة. ويبدو ان شقيقة النعمان أو الحنّونة صارت أيضا مهددة بالانقراض. وكاتب هذه السطور ليس خبيرا بالبيئة أو الزراعة، لكنني كمواطن يحب وطنه، ويحب طبيعتها وبيئتها وطيورها وزهورها ينبّه الى الالتفات لهذا الموضوع والاهتمام به, والى من يهمه الأمر ان يأخذ الموضوع على محمل الجد. وأدعو كل من يقرأ هذه التغريدة ان يضع على صفحته على الفيسبوك صورة زهرة الحنّون، لاعتمادها شعاراً من شعارات وهوية فلسطين، ومظهرا من مظاهر سيادتها.



    سامر العيساوي مرة اخرى
    بقلم: محمود ابو الهيجاء - الحياة
    في مقالة للصديق المحامي جواد بولص، ثمة حكاية رواها، عن باقة ورد منعها السجان الاسرائيلي من الدخول على الاسير البطل سامر العيساوي وهو في المشفى قبل عدة ايام، الباقة حملها زوجان اسرائيليان مسننان ارادا بها الاعتذارمن العيساوي عما تفعله به دولة اسرائيل, وتنديدا بهذا الذي تفعله واعلان براءتهما منه.
    هذا ما قاله الزوجان لجواد بولص الذي دخل بمفاوضات مع جنود السجان لادخال باقة الورد، فلم يحسم الجنود الامر وعادوا الى الرتبة الاعلى الذي توصل مع المحامي بولص الى حل وسط : تدخل باقة الورد مع بولص لا مع الزوجين وتخرج معه حين يخرج... !!قبل هذه الباقة، تعرفون أن السجانين منعوا نشيد موطني ان يدخل على الاسير البطل، وانها لرواية ينبغي ان تكتب وقصيدة ينبغي ان يتغنى بها الفلسطينيون في كل وقت ومكان، لا لأن سامر العيساوي يضيف لهم اليوم، ملحمة جديدة في تاريخهم البطولي بجوعه الذي بات اسطوريا في تحدياته الفيزياوية والمعنوية معا فحسب، بل ولأنه ايضا وبمثل هذا الجوع وتحدياته، بات يكشف عن اقبح وجوه السجان الاسرائيلي ويفضح فاشيته السادية حين لايحتمل نشيدا ولا باقة ورد.. !!
    ما اريد ان اقوله ان لدينا الان رواية عظيمة اسمها سامر العيساوي، رواية بطولة من لحم ودم، ورواية حس انساني يرقى الى درجة التجلي من اجل فيض من الاعتراض النبيل على تواصل الظلم والقهر والطغيان والاحتلال.
    سامرالعيساوي الراوي والبطل والرواية، فهل نصعد هذا المقام بما يستحق من متابعات ونضال. ؟؟
    محمد عساف يصعد والحاقدون يسقطون!
    بقلم: يحيى رباح - الحياة
    محمد عساف، المغني الشاب، مطرب الكوفية، علي الكوفية علي ولوح فيها، ومطرب أغنية "شدي حيلك يا بلد" مع المطرب الموهوب جمال النجار، الذي تغلغل صوته في قلوب الفلسطينيين على امتداد أرض الوطن وعلى مساحة الشتات الشائع، حيث كانوا يتابعونه وهو يصعد إلى المرحلة النهائية في البرنامج الفني الأشهر "Arab Idol"، وكان صعوده بسبب موهبته الفنية الرائعة، وصوته القوي الجميل!
    ولم يقتصر التصويت على الفلسطينيين بل إن الكثير من العرب في أقطارهم المتعددة، صوتوا له، فإن موهبة الله تجذب القلوب، وتفجر ينابيع الماء من الصخور الصلبة!
    أما القلوب المريضة، والنفوس الجاحدة، والذوات المعجونة بالحقد والكراهية والكافرة بلحمة الانتماء الوطني، والتعاطف الإنساني، مثل الإعلامي إبراهيم حمَامي الذي يعيش في لندن منذ عقود، فهذه لها شأن آخر، حتى انني لا أعرف كم وصلت كراهيته لنفسه يوم الجمعة الماضي، وهو يشاهد محمد عساف يصعد ويتلألأ مثل جوهرة فلسطينية نادرة؟
    مسكين يا إبراهيم حمامي لم أكن أعرف قبل هجومك الحاد على النجم الفلسطيني الصاعد محمد عساف أنك محروم من نعمة الفرج إلى هذا الحد، وأدعو الله لك بالشفاء.
    النجم محمد عساف هو إليه عائلة هاجرت من قرية القسطينة من قرى السهل الساحلي الجنوبي الفلسطيني، حيث عاشت العائلة في قطاع غزة، وقد ولد عام 1990 في ليبيا حيث كان والده يعمل مدرساً هناك، واكتشف الأب الذي له اهتمامات ثقافية وفنية موهبة ابنه محمد وهو في سنه السادسة، فزادت رعايته لهذه الموهبة التي أشرف على تنميتها الملحن الفلسطيني ياسر عمر وهو مسؤول اللجنة الفنية في ملتقى الإعلاميين والمثقفين العرب في فلسطين، حيث أعد له برنامجا تدريبيا ممتازاً، ولحن له عدداً من الأغاني الوطنية التي لاقت نجاحاً كبيراً، وقد رأينا كيف أن محمد عساف قد خطف الأبصار عبر مشاركته في برنامج Arab Idol الذي تقدم له هذا العام أكثر من خمسة عشر ألف شاب وفتاة من موهوبي الوطن العربي، وصلت التصفيات يوم الجمعة الماضي إلى ثمانية فقط، وربما تضيف إليهم اللجنة المشرفة على البرنامج أربعة أخرين، فيصبح العدد اثني عشر موهوباً يتم التنافس بينهم.
    ومن الطبيعي: وانطلاقاً من الفطرة الصادقة التي فطرنا الله عليها، أن ينحاز جمهورنا الفلسطيني إلى محمد عساف بصفته موهبة فلسطينية، ومن الطبيعي أيضاً أن يقوم الجمهور الفلسطيني بتشجيعه والدعاء له بالمزيد من النجاح!
    ولكن إبراهيم حمَامي فاجأ الجميع بأنه انهال على هذه الموهبة الجميلة التي أودعها الله في صوت محمد عساف وشخصيته الجذابة وانتمائه الوطني العميق حيث أنه من عائلة فتحاوية بكاملها بالهجوم العنيف!
    وياليت إبراهيم حمَامي اعترف بأنه كائن معقد يكره حتى نفسه، ويكره الانتماء الوطني والمشاعر الوطنية، بل طلع على الناس بما هو أكثر بشاعة وزيفاً، بدعوة أن الاهتمام كله يجب أن ينصب على الأسرى!
    ما هذه السماجة يا إبراهيم حمامي؟
    وهل الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الذين يخوضون هذه الأيام أعظم معاركهم يخسرون أو يتضايقون إذا صعد نجم فلسطيني في أي مجال من مجالات الحياة في الفن والثقافة والفكر والسياسية والعلم....الخ؟
    وهل يخسر الأسرى قضيتهم التي هي في رأس أولوياتنا الوطنية، والتي اعتبرها الرئيس أبو مازن شرطاً من شروط استئناف المفاوضات، إذا غنى لهم محمد عساف أغنية جميلة بصوته الموهوب تغزو القلوب؟
    بدل أن تظل أنت يا إبراهيم حمامي وأمثالك تشوهون صورة فلسطين الجميلة العادلة بفحيح الأفاعي ووسوسات الشيطان؟
    على العموم: يا محمد عساف لا تهتم، رعاك الله، لقد أدخلت الفرح إلى قلوب الملايين من الفلسطينيين الذين تابعوك بمحبة عالية، وأثرت التعاطف النبيل من قبل الكثيرين من أبناء أمتك العربية!
    وأنت أولاً وأخيراً مزروع في وطنك في قطاع غزة المحاصر الذي يتاجر باسمه المتاجرون ويتكسبون على جراحه العميقة!
    أنت تسطع وسط أهلك، وبمحبة شعبك، لتوصل رسالتك لأن فلسطين تحيا بالموهوبين والشجعان وذوي القلوب المحبة من أبناء شعبها، بينهم من حمل البندقية، وبينهم من حمل الحجر، وبينهم من يخوض معركة الأمعاء الخاوية وبعضهم من حمل القلم أو شدا صوته بالغناء الجميل أو أبدعة أنامله لوحة تشع بقداسة الجرح الفلسطيني والأمل الفلسطيني، أما الحاقدون الصغار فعليهم اللعنة وليذهبوا إلى الجحيم.
    متخم بالوعود
    بقلم: وضاح زقطان - الحياة
    إنه الشعب.. لا يكل ولا يمل، جاهز دائماً، يهلل ويرحب بالمقبلين، يصدق أن وعد الحر دين، يتوارى الحر في أول «لفة» ويترك لنا الدين وأذناً مخرومة بعد أن وعدنا بالحلَق. وبات الوعد بطاقة مرور تبدأ في القلوب وتنتهي في الجيوب.
    في سيرة الوعد نضيع، فالوعد خداع مشروع انتقل من رأس الهرم على مر الزمان، وانتشر في كل المساحة، والوعد إذا أخلف يكون من صفات المنافق، وتلك هي العادة، ولن يعيب النذل ذلك، وهو من صفات الانقلاب أن يكون البند الأول وعد بتحرير فلسطين... تسير الدبابات في كل اتجاه ما عدا فلسطين... في البيان الوزاري توصف جنة عدن بأنها خلف الباب... تختفي الوزارة والوزراء والأبواب وآخر رغيف، ويكتشف الشعب أنه موعود ولكن بالعذاب.



    عن هجرة الكفاءات في وطني
    بقلم: بهاء رحال - الحياة
    لم تتوقف هجرة الكفاءات في وطني، هجرة لمن يحملون الشهادات العليا والخبرات الكبيرة وعلوم المعرفة في الطب والهندسة والكيمياء وغيرها من العلوم، ولو دققنا قليلاً لوجدنا أن المئات بل ربما الآلاف يهاجرون طلباً للعمل الجيد والراتب الجيد والاحترام والتقدير للمكانة والشهادة وللإنسان، والبعض يصل إلى أقصى بقاع الأرض والبعض يجد دولاً في المحيط، وأمام فرص العمل المحدودة في وطني والراتب المتدني الذي لا يسمن ولا يغني من جوع فإن البعض يجد عذراً لهجرته حيث دفعته بعض السياسات كي يمضي خارج الوطن وسط صمت ولا مبالاة من الناس أولاً والمسؤولين والأحزاب وهم يجدون أنفسهم على أرض تهاجر منها العقول وذوو الكفاءة والاختصاص وهذا أمر خطير فالدول والأوطان التي لا تحافظ على كفاءاتها وعقولها ولا تحفظ لهم العيش الكريم تندثر ذات يوم وتصبح دولاً لا معنى لها ولشعوبها في الحياة، وأمام هجرة العقول والكفاءات فإننا لا نجد من يسلط الضوء على هذه الظاهرة ولا نجد من يقرأها بطرق علمية واضحة ولا نجد فضائية تحمل لنا برنامجاً يسلط الضوء على هذا الأمر الخطير ويأتي عليه من مختلف الجوانب والنواحي، ولا نجد أي حزب أو فصيل سياسي يقدم برنامجاً وطنياً يحرض المختصين على التنبه لهذه القضية الخطيرة ويضع برامج هادفة تحقق ولو بالحد الأدنى من دفع هذه الكفاءات للعودة إلى الوطن أو للحفاظ على ما تبقى من فئة لم تهاجر بعد، وفي المقابل فإنك تجد أن رحيل أي سياسي هنا أو هناك قد يجعل من الوطن واقفاً على أعصابه، بكل فئاته وأحزابه وشرائحه وبكل مؤسساته وخاصة الإعلامية التي تصب جل اهتمامها على هذا السياسي الذي استقال ورحل أو الذي أطيح من منصبه وربما يكون هذا السياسي تابعا لفصيل لا ينفع ولا يضر وربما يكون لم يكمل تعليمه الابتدائي وصار بهذا الموقع أو المنصب صدفة وأخذته الصدفة إلى أن يسطع نجمه ورب صدفه نافعة له توشك على اغتيالنا.
    ومن هنا يجب أن يعلو صوتنا أكثر وألا نسكت أمام هذه الظاهرة التي تبدو بعيدة عن الأضواء وكأنها غير موجودة، وأن نطالب بالحفاظ على كفاءاتنا وألا ندفعهم إلى الهجرة فيخلو الوطن من طبيب يعالجنا ومن معلم يقدم علمه لأطفالنا ومن أستاذ علم في جامعاتنا، فمتى نقرع الجرس ؟

    سيبقى الشعب في خدمة الحكومة
    بقلم: عبد الحكيم صلاح - الحياة
    يعتبر غياب الافق السياسي من اهم العوامل التي ادت الى تذبذب مؤشر البوصلة لدى كافة التيارات والفعاليات العاملة على الساحة الفلسطينية, الامر الذي ادى الى تعميق الهوة بين القوى فيما بينها وهذا أمر طبيعي ناتج عن الوصول الى طريق مسدود وتولد شعور داخلي بأن الوفاض خال. مع غياب الصراحة والوضوح في الطرح والتعامل مع الواقع كما هو ,انزلق الجميع في مأزق حقيقي بحيث اصبح من المغامرة او المقامرة الاستمرار او التراجع. وقد رحلت هذه الاشكالية نفسها على الوضع الداخلي وتجسدت فيما يسمى بحالة الاحباط والتشرذم. اسرائيل تتحمل المسؤولية الكبرى لما آل اليه الوضع لانها سعت الى ذلك عبر خطة عسكرية وسياسية معلنة تهدف الى ايصال الفلسطينيين الى ما هم عليه الآن لتسهيل انتزاع تنازلات استراتيجية تخدم رؤيتهم للحل السياسي, تختلط فيه اوراق الفلسطينيين الذن بدأو فعلا يصرخون بأعلى صوتهم طلبا للحد الادنى من الاستقرار الاجتماعي الذي يتركزبالأساس على الامن الذي دمرت اسرائيل مؤسسته في الضفة وعزة وسوق العمل الذي تتحكم به. من هنا فان الخروج من عنق الزجاجة لا يتم الا بكسرها وما تغيير الحكومات الا نوع من المسكنات الموضعية التي تؤجل مواجهة الواقع فكم من وزير تداول على المؤسسة وقد تحسن حاله وساءت احوالها.اذاً الخلل يكمن في المؤسسة وعلاجه يتم بفرض القوانين وبالفرد الذي يقود هذه المؤسسة وهذا يكون بتصحيح النظرة الشمولية لدوره الوطني فكلمة وزير هي في الاساس ملف تم تبنيها كمكتسب سياسي وطني سيادي ليتم البناء عليها لا ان يعيش المسؤول دور المسمى بالطول والعرض كأمراء النفط او يترك منصبه دون اضافة ايجابية.هناك اصوات تنادي بتشكيل حكومة من التنظيمات ولكن اشكالية الحكومة الفصائلية ستعيدنا الى نظام الجماعة والشلليةالذي عانينا منه طويلا وكان من اسباب وعوامل الانقسام. لان أعضاءها في غالبيتهم من التشريعي والثوري والمركزية والمكاتب السياسية الامر الذي يجعل مبدأ الخسارة غير وارد، في حال اخفاقهم فالأطر التي يشغلونها بمثابة تأمين شامل على المنصب فإذا طار من الوزارة يعود الى المجلس او الى المكتب السياسي لينطبق عليه القول كيفما وقع جاء واقفاً، في حين لو نضمن التزامهم بأدبيات تنظيماتهم فإننا لن نكون بحاجة الى دساتير وقوانين ولتغيرت النظرة الى المؤسسة جملة وتفصيلاً ولاصبحت الحكومة فصائلية كانت ام مستقلة في خدمة الشعب والمشروع الوطني ولاصبحت المتاعب الحياتية للناس جزءا من الحالة النضالية والا فإن حكومة برئاسة الرئيس هي الاجدى على قاعدة مُجَرَّب لا تُجَرِّبْ..
    السلطة ومخيمات سورية؟
    بقلم: حسن البطل - الايام
    على التخصيص: إلى: ماجد الكيالي ـ بيروت، نصري الحجاج ـ صيدا، قيس قدري ـ السويد، نوال الحاج ـ كندا، محمود الخطيب ـ كندا... وآخرين كثيرين ينتقدون موقف السلطة الفلسطينية والفلسطينيين من رعاياها إزاء ما يجري في المخيمات الفلسطينية في سورية.
    إلى هؤلاء ومن يرى رأيهم، لعلّهم قرأوا في "عدد الاحتجاب" من "الآداب" ملفاً للمخيمات الفلسطينية في سورية، الآن، وهو من ثلاث دراسات، لعلها الأكثر موضوعية إزاء جرح سوري ـ فلسطيني و(عربي) مفتوح.
    من نموذج قريب، إلى نماذج أبعد حول سياسة المنظمة ثم السلطة إزاء محنة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الدول العربية.
    أولاً: إزاء محنة مخيم نهر البارد ـ قرب طرابلس، كان للسلطة الفلسطينية موقف أقرب إلى موقف السلطات اللبنانية، وجميع الفصائل الفلسطينية.. باستثناء "فتح ـ الإسلام" ذات العلاقة بالمخابرات السورية، كما "فتح ـ الانتفاضة" وكانت "فتح ـ المجلس الثوري" ذات العلاقة بالمخابرات العراقية. اليد العربية "تلغوص" في الشأن الفلسطيني.
    ثانياً: في محنة "حرب المخيمات" الفلسطينية ببيروت ولبنان أعوام 1985 ـ 1989، كان للمنظمة موقف مؤازر لسكان المخيمات، إزاء حصار حركة "أمل" و"اللواء السادس" في الجيش اللبناني.. وما لبثت أن ردّت بفتح جبهة "التمدد العرفاتي" في صيدا وجنوب لبنان.
    ثالثاً: وهذه الحالة هي الأهم، كان مخيم "تل الزعتر" المحاصر في بيروت الشرقية من مقاتلي "الكتائب" والقوات السورية، قد صمد فترة طويلة، بفضل إسناد مدفعي ناري انصبّ على قوات طوق الحصار من بيروت الغربية، ومنطقة جبال الشوف.
    رابعا: منذ العام 1971، وخصوصاً منذ صدام قوات م.ت.ف مع الجيش السوري في لبنان، خرجت مكاتب الفصائل الفلسطينية من نطاق التأثير العلني في المخيمات الفلسطينية في سورية، إلى حين السماح لحركة "حماس" بحرية عمل نسبية، وقبلها الفصائل الفلسطينية الموالية لسورية ("القيادة العامة" ـ "فتح ـ الانتفاضة") لا قيمة لموقف فلسطيني دون "فتح".
    خامساً: لم تستطع السلطة والمنظمة تقديم الشيء الكثير للاجئين وسط الفوضى والاضطراب في العراق بعد سقوط صدام حسين. خروج الفلسطينيين من بلاد الرافدين وصمة عار عربية.
    سادساً: دفع مئات ألوف الفلسطينيين في الكويت تبعات "موقف" لقيادة المنظمة بعد غزو العراق للكويت، لأن القيادة حاولت مسايرة الرأي العام الفلسطيني الميّال للعراق وصدام حسين "يا صدام يا حبيب... اضرب اضرب تل أبيب"!
    * * *
    لو نظرنا إلى سياسات دول الجوار السوري إزاء الحرب الأهلية في سورية، لوجدنا أن الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية هو الأكثر مسؤولية، والأقل تدخلاً.
    إن الشعب السوري منقسم، ويزداد انقساماً، مع استمرار فوضى الثورة، وكذا فالشعب الفلسطيني بعامة، وفي سورية بخاصة منقسم بين أقلية مع النظام، وأقلية ضده ومع الثورة، وغالبية محايدة.. لكنها تعاني وطأة الوضع من الجانبين المتصارعين.
    في البلاد، فإن "حماس" تطعن في شرعية السلطة وتماحكها، وفي سورية فإن الثورة تطعن في شرعية النظام وتقاتله.
    النظام بدرجة، والمعارضة بدرجات تحاول توريط اللاجئين الفلسطينيين في النزاع السوري. ما يسمى عناصر "الجيش الحر" وملحقاته يحاصرون مخيم النيرب ويحتلون أقساماً من مخيم اليرموك.. وفي المخيم هناك، في الفصائل والشعب، من هو مع الثورة، ومن هو مع النظام.. والغالبية ضد الانحياز المسلح لأي طرف.
    إن "جيش التحرير الفلسطيني" وهو قوات نخبة مدربة على "حرب العصابات" يقف، رسمياً، على الحياد، رغم محاولات قليلة من النظام وكثيرة من المعارضة لجرّه إلى حمأة الصراع الأهلي. إذا تدخل سوف ينقسم!
    هناك من توسل لهذا الغرض اغتيالات لضباط جيش التحرير، وحتى "مجازر" ضد عناصره أودت إحداها بحياة 16 مجنداً كانوا في إجازة، وتتحمل عصابات "الجيش الحر" مسؤولية المجزرة. الحكومة السورية ضد السلطة الفلسطينية، لكن ليست ضد اللاجئين.
    ما الذي في وسع السلطة ورعاياها أن يفعلوا لنجدة وإغاثة شعبهم في مخيمات سورية؟
    لا توجد مدافع فلسطينية في رام الله تصل مخيم اليرموك، كما في حال مخيم "تل الزعتر" ولا قوات مجوقلة وتدخل سريع، ولا إمكانية عملية وسياسية لفتح مدن الضفة أمام اللاجئين الفلسطينيين في سورية.
    ترسل السلطة إلى المخيمات أموالاً ليست بالكثيرة، وأيضاً أدوية وأغذية وتجهيزات أخرى، وقامت بخصم نسبة ضئيلة من رواتب موظفيها لصالح سكان المخيمات في سورية.. وقت عز أزمة الرواتب.
    رسمياً وعلانياً لا تتدخل دول الجوار في الصراع السوري، ولكن الأمر عملياً خلاف هذا، بحيث تدور في سورية حرب أهلية وحرب إقليمية وعالمية بالوكالة محصلتها وهدفها خراب سورية!
    وفي الخلاصة: هناك موقف شعبي موضع خلاف، وهناك موقف رسمي فلسطيني موضع خلاف.. هذا طبيعي، لكن لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها، وسورية آخر مكان عربي كان آمناً للجاليات الفلسطينية، ولهواة المواقف أن يُدلوا برأيهم.

    المصالحة و"الغولة".. وحكاية جدّتي!!
    بقلم: هاني حبيب - الايام
    كنت أُدرك أن جدّتي تحاول أن تجعلني أنام مبكراً، بادئة بحدوثة: كان يا مكان. في كثير من الأحيان، كانت تنام قبل أن أخلد إلى النوم، لكن في الليلة التالية، أذكرها أين وصلت بحكاية "الغولة" الليلة الماضية، لكن لأنها ربما لا تعرف غيرها، كانت تبدأ من البداية، لكن في كل مرة كانت تضيف شيئاً من عندياتها، فكانت الحكاية مختلفة نوعاً ما، إلى الآن، ذهبت الجدّة، من دون أن تكمل حكاية "الغولة" هذه.
    في ذلك الزمن، كانت "حكاية ما قبل النوم" مجرد وسيلة لتهدئة الطفل ومساعدته على النوم، وفي معظم الحكايا، كانت مستنسخة من ألف ليلة وليلة، شعر وشعوذة وغيلان، لم يكن الأهل يدركون في ذلك الزمن، وفي ظل الأمية السائدة، أي بعد تربوي لهذه الحكايا.
    أعود إلى ذلك الزمن، لأستنسخ منه زمناً حاضراً، فحكاية ما قبل النوم، تظل هي حكاية "الغولة" التي لا تنتهي، وأستعيد سنوات قليلة ظلت قصة المصالحة الفلسطينية، كقصة الغولة، مع فرق وحيد، أنها تخلو من التشويق، وبالكاد ينتظر جديدها أحد، فهي من غير جديد رغم كثرة التحركات والتصريحات، لكن هذه الحكاية، حكاية المصالحة، تشابه حكاية الجدة، من حيث أنها تساعد على التثاؤب والاحباط، والملل لأن حكاية الجدّة لا تنتهي، وتظل تعاد بصياغة مختلفة، فالمصالحة هي "غولة" هذه الأيام.
    واعتقدنا أن حكاية المصالحة ـ الغولة، ستنتهي إلى غير رجعة وتصل إلى نهاياتها أو على مقربة من النهاية، مع استقالة رئيس الحكومة سلام فياض، مما يلزم الرئيس أبو مازن، وفقاً لاتفاق المصالحة بإصدار مرسومين، أحدهما يحدد موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، والثاني بمباشرة تشكيل حكومة مستقلين برئاسته، خاصة وأنه تسلم سجل الناخبين المحدث بالتزامن مع استقالة فياض التي كانت في أحد أبعادها، ملتزمة بهذا التسليم.
    فها هي 12 فصيلاً فلسطينياً تجتمع، وتصدر بياناً، البعض قال إنه عبارة عن مبادرة جديدة، لكن البيان لا يحمل أي جديد، بل اجترار لمواقف فصائلية سابقة، ما يعبر عن خواء هذه الفصائل التي ظلت تتعامل مع مسألة المصالحة بالبيانات المكتوبة والصوتية، ولم تتصد للإجراءات على الأرض، كل لحظة وكل يوم، الأمر الذي عزز أمام عيونها، الانقسام المدمر، ولم تتحل هذه الفصائل بالشجاعة اللازمة لاتخاذ مواقف من شأنها تحدي استمرار الإجراءات والقارات التي تعزز الانقسام، فالمجلس التشريعي في غزة يصدر القرارات، والرئيس أبو مازن يصدر المراسيم، التي من شأنها من الناحية العملية تحويل الانقسام إلى انفصال، وظلت الفصائل الفلسطينية، مجتمعة أو متفرقة، تصدر البيانات تطالب وتشجب، فقط لتذكير الجمهور أنها لا تزال موجودة، أو على الأقل هي تعتقد بذلك، وإذا كانت جدّتي بحكاياتها الليلية، لم تخدعني بالنوم، فإن هذه الفصائل عاجزة عن التذكير بوجودها الفاعل، رغم كل بياناتها ومواقفها الهامشية. وقد يظن البعض، أن انتقادي للفصائل، وكأنها دعوة لتجاهلها أو تغييبها، فهي لا تزال ضرورة موضوعية لا بد منها، غير أن هذا النقد يعود إلى أدائها وتخلفها عن لعب دورها المؤثر في كافة المجالات والسياقات، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الجوهرية، كقضية المصالحة.
    وتجد هذه الفصائل والأحزاب أنها الآن في موقع لا تحسد عليه، بعدما كانت تضع على كاهل فياض وحكومته كاهل إعاقة المصالحة وتعلق عليها كل ما يعيق التوصل إلى إنهاء الانقسام، تجد نفسها اليوم في وضع صعب، ذلك أن المشجب الذي كانت تعلق عليه عجزها عن القيام بدورها قد زال مع تقديم فياض الاستقالة وقبول الرئيس بها، وببيانها المذكور، تحاول أن تقدم نفسها باعتبارها صاحبة مبادرة، وهي تعلم تماماً أن الأمر قد تجاوز مثل هذه المبادرات منذ زمن ليس بالقصير، بعدما تحول الانقسام إلى انفصال أمام عينيها.
    ويظل حديث المصالحة يدور حول انعدام الثقة بين طرفيها، فحركة "حماس" تعتقد ـ وفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط" ـ أن عباس ومن خلال إصراره على ربط المصالحة بالانتخابات يهدف إلى إخراج الحركة من المشهد السياسي وإنهاء إنجازاتها خلال فترة حكمها (!) بينما يعتبر عباس إصرار حركة "حماس" على إجراء انتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، أولاً وقبل كل شيء رغم المصاعب التي تنتصب أمام مثل هذه الانتخابات نظراً لتشتت الفلسطينيين ووجود مخيمات اللجوء الأساسية في دول عربية قد لا توافق أو تسمح بإجراء مثل هذه الانتخابات، إنما تهدف الحركة من وراء هذا الإصرار على انتزاع التمثيل الفلسطيني من حركة فتح التي لا تزال تسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية.
    وبالعودة إلى حكاية "الغولة" فإن الانفراج الجزئي والتفاؤل الحذر، بعد ما يقال عن تقارب في وجهات النظر تجعل من مسألة المصالحة أمراً محتملاً، يفاجأ الجميع، بأن الأمر على خلاف ذلك، وتنتصب مبررات وأسباب جديدة، تحيل هذا التفاؤل الواهم إلى الحقيقة البسيطة، والتي تتجلى في أن مسألة المصالحة أعقد من أن تتجاوزها مصالح الأطراف، وان في جعبة هؤلاء، مثل "كم الحاوي" المزيد من الحمام والأرانب، لكي تعود الحكاية إلى بداياتها من جديد، كحكاية "الغولة" تماماً، والتي تصل إلى منتصفها في كل ليلة، لكي تعود بصياغة مختلفة في الليلة التالية.
    لم أشهد وداع جدّتي إلى مثواها الأخير، من دون أن أتعرف على نهاية لقصة "الغولة" وأخشى أن التحول من الانقسام إلى الانفصال، أن يضع حداً لنهاية حكاية المصالحة.. مع ذلك يبقى الأمل في أن نعيش حتى نرى نهاية لقصة الغولة ـ المصالحة!!

    تعددية "فتح" وانتصارها
    بقلم : حمادة فراعنة - الايام
    تتوهم حركة فتح إذا اعتقدت أنها ليست طرفاً في إخفاقات حكومة سلام فياض، وليست شريكة بقراراتها، وأنها لا تتحمل المسؤولية معه، إن لم يكن أكثر، ويتوهم سلام فياض إذا اعتقد أن إنجازاته، هي ملكه وحده، وأن حركة فتح ليست شريكاً معه، ولم تتحمل العبء الأكبر لتمرير سياساته وإجراءاته وقراراته، فكلاهما حركة فتح وسلام فياض ومعهما الفصائل التي شاركت في إدارة الحكومة طوال سنوات ما بعد الانقلاب 2007 إلى يومنا هذا: الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وفدا وجبهة النضال، شركاء في الإنجاز وفي الإخفاق معاً، كل حسب دوره ومكانته وفرصته.
    فأولاً: من اختار وكلف سلام فياض هو الرئيس محمود عباس، رئيس حركة فتح، وهو الذي قدم له الشرعية والغطاء القانوني والدستوري لموقعه كرئيس للوزراء، وحماه ووفر له مظلة أمن لمواجهة هجوم الآخرين عليه حتى بما فيهم بعض قيادات "فتح"، وللذين لا يعرفون، عليهم أن يعرفوا، أن سلام فياض حينما شعر أن الرئيس لم يعد يوفر له هذه الحماية آثر الاستقالة والرحيل، فاستقالته لم تكن دوافعها وجود الاحتلال وإجراءاته، ولم تكن هجوم "حماس" وتجاوزاتها، بل إحساس سلام فياض أن مظلته الفتحاوية "مخروقة" ولم تعد مجدية في مواصلة طريقه وبرنامجه وخياراته، أمام هجوم بعض قيادات "فتح" وانتقاداتهم.
    وثانياً: إن الأدوات والمؤسسات والفعاليات التي اعتمد عليها سلام فياض في تنفيذ برنامجه، إنما هي أدوات فتحاوية ويقودها الفتحاويون في الأجهزة والمؤسسات، وهم الذين وفروا له القدرة على تنفيذ مشروعه وبرنامجه الوطني، وهذا ما لا يستطيع سلام فياض نفيه، ولذلك بقي صامتاً لأنه اختار "أبغض الحلال"، بالاستقالة.
    ومن جهته لم يكن سلام فياض موظفاً، تدرج حتى وصل إلى وظيفة رئيس وزراء، بل كان مهنياً رفيعاً يعمل في مؤسسات دولية، وكان يمكن له أن يشغل مواقع رفيعة خارج فلسطين، فقد أبلغني رئيس الوزراء الأردني الأسبق علي أبو الراغب أنه عرض عليه وزيراً في حكومته، ولكنه رفض وكان رده "سأعود للعمل في فلسطين، فهو أجدى، لي ولشعبي، هناك"، ولذلك لم يهبط سلام فياض بالبراشوت على العمل الوطني والسياسي، فهو الذي اختار ذلك راضياً، وخاصة بعد أن ترشح لعضوية المجلس التشريعي ونجح في ذلك.
    لن تخرب فلسطين، وسلطتها بغياب سلام فياض عن رئاسة الحكومة، وسيجد الرئيس من يكلفه بإدارة حكومته، وسيبقى سلام فياض نائباً موثوقاً من شعبه، ومقدرة سياسية واقتصادية بارزة، وعنواناً مهنياً يتباهى به الشعب الفلسطيني أمام العالم، وسيجد طريقه وخياره السياسي منفرداً أو شريكاً أو حليفاً مع القوى السياسية الفلسطينية الحية والفاعلة، وهذا ما لا تستطيع "فتح" إخفاءه أو التنصل منه، فهو قبل تكليف الرئيس له بعد الانقلاب، وبعد سلسلة هزائم منيت بها حركة فتح بعد فشلها في الانتخابات البلدية 2005، والانتخابات البرلمانية 2006، وفشلها في إحباط الانقلاب عام 2007، ولذلك جاءها سلام فياض، رافعة يسهم معها، مع كوادرها وشجعان مناضليها، في تحمل المسؤولية أمام ثلاث مهمات هي: مواجهة الاحتلال ومواجهة الانقلاب والصمود على الأرض عبر بناء المؤسسات.
    و"فتح" وبعض أعضاء لجنتها المركزية الذين نجحوا في التخلص من عقبة أمام طموحاتهم، عليهم أن يدركوا أن سلام فياض لم يكن شخصاً مفرداً، بل شخصية رصينة مهنية رفيعة المستوى، كانت رافعة لهم، مثلما كانوا حماية ومظلة له، وهو في نفس الوقت يمثل شريحة فلسطينية مهمة، ومهمة جداً في النضال الوطني، لا يقل أهمية عن التيار اليساري المطلوب والتيار القومي المهم، وهو التيار الوطني الوسطي الليبرالي المستقل، وهذا ما كان يقدره ويراهن عليه الرئيس الفذ ياسر عرفات، وسار عليه من بعده الرئيس محمود عباس، لأنه ضرورة وطنية.
    فقد استطاع ياسر عرفات انتزاع التمثيل الفلسطيني، وهزيمة الرئيس حافظ الأسد وانتزع منه القرار المستقل، ولكن لم يكن ذلك ليتم بفعل تضحيات الشعب الفلسطيني، وبسالة مقاتلي "فتح"، وصلابة الفصائل الأخرى، وحسب، بل كان ذلك بمساهمة المستقلين والذوات النوعية : إلياس فريج ورشاد الشوا وكريم خلف وفهد القواسمي وعبد الجواد صالح وسميحة خليل وحنا ناصر ومحمد زهدي النشاشيبي وإبراهيم بكر وياسر عمرو وعبد الحميد السائح وغيرهم، فلولا هؤلاء وانحيازهم وشجاعتهم في ذلك الوقت وتوقيعاتهم لما حصل ياسر عرفات على حق تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني في قمة الرباط عام 1974، مثلما هزم الأميركيين والإسرائيليين وانتزع منهم الاعتراف بالعناوين الثلاثة : 1- الشعب الفلسطيني 2- منظمة التحرير الفلسطينية 3- الحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني، بفعل إسهامات الدكتور حيدر عبد الشافي وحنان عشراوي وغيرهما العديد من الشخصيات المستقلة التي لعبت دوراً في المفاوضات والوفد المشترك.
    واليوم بعد سلطتي الضفة والقطاع، وحكومتي رام الله وغزة، وصراع "فتح" مع "حماس"، وما يميزهما عن بعضهما، ويدفع القطاع الأوسع من شعبنا الفلسطيني، للانحياز نحو حركة فتح وسلطتها الوطنية في مواجهة انقلاب حركة حماس، إنما هو إقرار حركة فتح وتوجهاتها نحو الإيمان بالتعددية، وتاريخها بقبول التعددية واحترام الآخر، وليس بفعل نضالها، فالنضال تشاركها فيه "حماس" وتضحيات قياداتها لا تقل بسالة عن تضحيات قيادات "فتح"، ولكن سياسة "فتح" الانفتاحية القائمة على الجبهوية وشراكة الآخرين، سواء في إدارة منظمة التحرير منذ أن قادتها "فتح" عام 1969، وفي إدارة السلطة الوطنية وحكوماتها المتعاقبة منذ عام 1996 حتى يومنا هذا يدلل على صواب سلوك حركة فتح واعتمادها على الانفتاح والتعددية وشراكة الفصائل والشخصيات معها، بينما نجد سلطة "حماس" الأحادية الحزبية الضيقة، وضيق أفقها في التعامل مع الآخر حتى ولو كان من طينتها الفكرية فهي تكرهه وترفض شراكته وأبرز دلالة على ذلك حكومتها الحزبية الضيقة برئاسة إسماعيل هنية منذ الانقلاب عام 2007 حتى يومنا هذا.
    و"فتح" تقبل الانتخابات وتحترم نتائج صناديق الاقتراع، وهذا ما فعلته عام 2005 في الانتخابات البلدية وهذا ما انصاعت إليه في نتائج الانتخابات البرلمانية عام 2006، وهذا ما لا تقبل به "حماس" ولا تزال وهو رفضها الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، مرة أخرى، رغم انتهاء ولاية الرئيس وولاية المجلس التشريعي.
    لتبق "فتح"، كما كانت، وكما نتمنى أن تبقى أول الرصاص، أول الحجارة، وأول شريك قوي يقبل بالآخر ويحترمه، وإلا فإنهم يكونون قد ضحوا بتراث عرفات التعددي وتراث "فتح" نفسها وتمايزها عن باقي الفصائل، وهو سبب جوهري لتكرار هزائمها، كما حصل في الانتخابات البلدية والانتخابات البرلمانية، وفي الانقلاب الحمساوي.




    كيف ترسم الخارطة الجديدة للمنطقة....!
    بقلم: أكرم عطا الله - الايام
    حتى اللحظة لم تستقر المنطقة بعد لكن ليس من المبكر معرفة شكل هذا الاستقرار فالنتائج هي ابنة المقدمات، ونذر النتائج بدت متحققة وإن اختلف عليها ما بين تسمية الربيع والزهور التي تتفتح وما بين توصيفه كأزمة تزيد من تفتت العرب نحو تمزيق الدولة الواحدة فالعراق لم يعد حامي البوابة الشرقية للعرب كما اطلق على نفسه والجيش السوري يتحطم كما تقول الاستخبارات الاسرائيلية بسعادة غامرة وليبيا تحتاج إلى عقود للاستقرار ومصر تتراجع كدولة مركز كانت يوماً ما بوصلة العرب السياسية.
    بعد حرب اكتوبر قبل اربعة عقود رأت الولايات المتحدة ان الفرصة مهيأة لتحرك سياسي في الشرق الاوسط، قاد هذه المبادرة وزير خارجيتها الاشهر هنري كيسنجر وقبل أن يبدأ بالزيارة طلب من مستشاريه بعض الاقتراحات التي ستساعده على فك شيفرة المنطقة، قدمت له الكثير من الأوراق لكنه توقف عند واحدة قدمها شاب في الخارجية الأميركية تقول للوزير إن مفتاح المنطقة موجود في عاصمتين القاهرة والرياض مع بعض تفاصيل التعامل مع "خيمتي" الرياض والقاهرة كما سماهما كاتب الوثيقة يقرر فيهما شيخان على طريقة العرب مع النصائح بكيفية التعاطي مع شيوخ القاهرة والرياض أما غير ذلك فلا داعي لأن يضيع الوزير وقته.
    كانت القاهرة دولة المركز بامتياز، فقد وضع التاريخ والجغرافيا ثقليهما هناك ليجعلاها في مقدمة المشهد العربي ورائدته في الحرب والسلم وفي الفن ايضاً، وعند منتصف القرن الماضي حين كانت تتراجع القاهرة وكان القدر يرسل عبد الناصر ليعيدها إلى تأكيد حكم التاريخ والجغرافيا ولكنها لم تدم طويلاً وتراجعت القاهرة مرة اخرى إلى أن بلغ التراجع ذروته بعد الثورة التي اعطت املاً للكثيرين بعودة مصر بقوة ولكن حجم الازمات الهائلة احدث تراجعاً أكبر للدور المصري ما زاد من حجم الفراغ في المنطقة.
    ولأن السياسة لا تعرف الفراغ، وحين يتراجع المركز لا بد وأن تتقدم الأطراف وليس هناك شبه بين الاثنين فالمركز دائماً اكثر رصانة، ولم يعد التراكم الحضاري هو منتج السياسة بل اصبح المال هو سيدها وقائدها وملهمها الاول والازمة الابرز أن هذا المال يدخل في منافسات زادت من حدة المأساة العربية ولا يبدو أنه مرشح للانكفاء خلال السنوات القادمة.
    من الذي يحكم المنطقة او بشكل اصح من الذي يتلاعب بالمنطقة في لعبة الدم والبارود التي تملأ وسائل الاعلام ؟ تدعمها أموال تنتقل بسلاسة تعيد انتاج أزمات من نوع جديد لم تعرفه المنطقة خلال العقود الماضية بل كان محرماً بكل المعاني الوطنية ومدعوماً بأساطيل اعلامية، وحين يضخ المال والاعلام بهذه القوة وفي هذه المنطقة التي تشهد من الفقر والجهل، يجعل هذه الادوات تحقق حاجات مذهلة، فالفقير بحاجة للمال ومسمع الادمغة أسهل حين يتواجد الجهل.
    ثلاث دول هي من تتحكم بالمنطقة وتسري اموالها في عروق قواها واحزابها وتحاول صياغة انظمتها السياسية، على شكل صراع دائم يزيد من تفتت المنطقة، فالمال السعودي والقطري والاماراتي يعمل في دول الغير بعيداً عن عواصمها وقد وزعت هذه الاموال التي تعتبر سلاحها الأول في الدول على الشكل الذي رسم الخريطة التالية.
    السعودية التي تعيد انتاج حالة سلفية وهابية فاجأت الجميع في الانتخابات المصرية السابقة حيث حظى السلفيون بنسبة كبيرة لم تكن ظاهرة في المجتمع المصري، ولكن الدعاية الانتخابية التي انتشرت بهذه الكثافة لتغطي مصر كان من الواضح أن دولة كبيرة تقف خلفها وان هذه الحالة تتكرر في اكثر من دولة عربية بحيث اصبح السلفيون جزءاً من مشهدها السياسي.
    قطر التي تعيش صراعاً هادئاً وقديماً مع السعودية ادركت انه لا يمكن مواجهة هذه الدولة الكبيرة الا بقوة كبيرة منتشرة في العالم العربي فوجدت في حركة الاخوان المسلمين المتعطشة للسلطة بأي ثمن أداة قادرة على مواجهة السعودية، فالمال القطري الذي يوزع بهذا السخاء على فروع حركة الاخوان المسلمين سواء بشكل مباشر كمساعدات وقروض او على شكل مشاريع استطاع ان يعزز قوة قطر ليحولها إلى دولة مركزية في المنطقة فلا حل في اية دولة الا وقطر كانت جزءاً منه.
    الامارات وهي الدولة التي تنبهت مؤخراً للدور والتي تحاول صياغة نموذج مختلف في المنطقة وفي حالة تضاد مع الاسلام السياسي يعبر عنه من فترة واخرى قائد شرطتها ضاحي خلفان فإنها تحتضن ما تبقى من الانظمة السياسية التي سقطت أو أقصيت لتصبح بأموالها جزءاً من الفعل السياسي في بعض الدول مستندة الى انصار النظام القديم.
    أما القوى الوطنية في الدول التي تقع خارج اطار اموال النفط فهي في حالة تراجع نتاج نقص التمويل الوطني وفي ظل منافسة مالية على هذا القدر من القوة لا بد وان تسلم الراية البيضاء، لهذا نرى احزاباً تاريخية ورموزاً عريقة هي جزء من التاريخ السياسي للدول ولكنها تتقزم في الانتخابات أمام حالة سلفية مستحدثة او حالة الاخوان المسلمين.
    هذه هي خارطة المنطقة شئنا أم أبينا، هذا واقع لم تنتجه هزات العامين الاخيرين بقدر ما انه فعل يتراكم منذ سنوات يتراجع خلاله المركز ممثلاً بـ"القاهرة" وتتقدم الأطراف "الدوحة" وما التغيرات التي شهدتها المنطقة والتي كرست صراع دول الخليج الثلاث سوى الاعلان عن هذا الصراع ومن الواضح ان هذه الدول ستستمر في دعمها لأعمدتها في المنطقة ومن الواضح أن هذه الاعمدة ستواصل دورها دون التفكير بدور الدول الداعمة في سياسات بلدانها واستقلالها، فهذا المال سياسي بامتياز وقطر ليست جمعية خيرية ولا الدول الاخرى كذلك والمشهد اكثر وضوحاً في مصر حيث تتصارع الدول الثلاث وهذا مؤشر خطير على المأزق العربي ....القاهرة من المركز إلى الدولة التي تتصارع عليها الاطراف والنموذج معمم ايضاً من غزة لتونس.

    نتظاهر للأسطورة "سامر العيساوي" ونصوّت "لمحمد عسّاف"
    بقلم: ريما كتانة نزال - الايام
    السجال الدائر على صفحات الإعلام الاجتماعي الذي حاول أن يربط بين قضية الأسير "سامر العيساوي" والتصويت للشاب "محمد عسّاف" اصطنع تعارضاً وهمياً لا يخلو من الافتعال، بين دعوات تطالب بالتصويت للمتنافس للحصول على لقب "محبوب العرب"، وبين الأسير الأسطورة المضرب عن الطعام منذ تسعة أشهر من أجل حريته دون قيد أو شرط، يعيد للذاكرة الجدل الذي دار منذ سنوات، بين مؤيد ومعارض، حول تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية بشكل عام، ومن بينها حفلة نظمتها جامعة النجاح الوطنية للمطرب "عمار حسن" الذي كان عائداً من مسابقة شبيهة.
    الكثيرون منا يهوى التدافع والصدام، ويجهد في الزج بنا في معارك وهمية لا طائل منها سوى إرهاق الذات والتفكير. هدفهم من وراء ذلك البحث عن معركة وهمية في محاربة طواحني الهواء، وتلهي عن قضية رئيسية حقيقية لإظهار ذواتهم بمظهر الأبطال المدافعين عنا وهم بعيدون بعد الثرى من الثريا، هؤلاء الذين يتبدلون، حسب الزوبعة المثارة، لا يكلّون ولا يتعب خيالهم من حيلة استدراجنا إلى المعارك الفارغة من قضيتها..
    "سامر العيساوي"، بطل فلسطين والعرب جاء في لحظة تاقت للبطل الرمز والحكاية الأسطورة وإلى تماسكه وصلابة إرادته وعزيمته. "سامر" الذي يعي ماذا يفعل ولماذا يفعل، يخوض منازلة تاريخية ضد الاحتلال غير مبالٍ بحياته بقدر مبالاته بكرامته ورسالته، ولا يهتم إلا للحركة الشعبية الصادقة دون أدنى التفات للمزادات أو المناقصات..
    "سامر" لا يكترث بالصراعات الجانبية ولا يعترف إلا بالصراع الرئيسي مع الاحتلال، بل يرفض أي انحراف عن القضية الرئيسية، ولا ينجرّ للخطاب السطحي الذي يضع القضايا في تعارض بين بعضها البعض، ولا تجذبه المفاهيم المتناقضة والمتناحرة. وهذا ما يمكن استشفافه بسهولة من رسائله المتتابعة التي تتحدى الاحتلال وتستنهض التحدّي والمقاومة. لأنه باختصار يقف خلف فكرته الأسطورية، ويعيد صياغة علاقات القوة بين الاحتلال والشعب.
    "سامر"، يناضل من أجل حريته وحرية شعبه، سامر يناضل من أجل أن يعيش إلى آخر نبض في عروقه، ولا يساوم على حقه في إطالة حياته وحياة الناس. إنه يناضل من أجل حق الشعب في الحياة الطبيعية، ومن أجل أن تحقق الأجيال أحلامهم، وحتى يتمكن الجميع ومنهم الشاب الموهوب "عساف" من الغناء والتمثيل واللعب، دون أن ننسى أنه لن يأتي قريباً الوقت المناسب للغناء في المقاييس والمعاني الخاصة بالحال الفلسطيني.
    أن نفرح رغم فائض الغمّ والهمّ فهذه مقاومة. أن نواصل حياتنا ونقاوم الصدأ فهذه مقاومة. أن نحتفي بانتصار صغير هنا أو هناك مقاومة. أن نقيم مهرجاناً لمسرح يخرج من بين الأنقاض مقاومة، وأن نحيي الفن ونكرم الفنانين ونبتهج مقاومة للموات والذهول والتكيّف مع بؤس الحال.
    وإذا كانت مهمة الشعب الفلسطيني مجابهة الاحتلال ومقاومته حتى الحرية، يصبح مطلوباً تجنيد طاقات الشعب لخدمة المعركة الرئيسية وتوظيفها بالفعل المقاوم، الذي يكون تحت تصرفه الغناء والشِعر والقصة والرواية والسينما والمسرح. أما الإصرار على خلق التعارضات بين ملائكة وشياطين، وبين المقاومة والفن، وعقد المقارنات في غير مكانها، فلا يخدم سوى إخراج الجدل عن مجراه الطبيعي، ويؤدي إلى خلق التباعد والفرقة ونشر الكراهية، ولا يعترف بدور الفن في خدمة القضية الفلسطينية، بل يخلق تعمية على أشكال نضالية كان لها تأثيرها الإنساني، وقضية "سامر" كان لها الأثر الرائع على تعدد وتنوع في أشكال الفعاليات والأنشطة التضامنية المختلفة، ولا أحد يستطيع تجاهل التحدي الذي مثلته النشاطات، الجماعية والفردية، للاحتلال، وآخرها غناء مقاوم لصبيتين يافاويتين أصيلتين تسللتا كالماء لتغنيا "لسامر" من خلف باب غرفته في المستشفى، الذي لا نشك في أنه محل تقدير من قبل "سامر"، فهل هناك من يشكك بأن غناءهما لم يكن مقاومة.. لا أرقى ولا أجمل..
    البطل "سامر العيساوي" يقاوم إلغاء الوجود الفلسطيني، و"محمد عساف" يقاوم إلغاء حقه المشروع في الحياة الطبيعية، "عسّاف" ينهض من خلف الدمار مستعرضاً هواية التحايل على القمع والفتك والتنكيل بالغناء والانطلاق، يستلهم من قضيته وحالة شعبه طاقة كامنة في التصدي للكوابح والمعيقات، ليشيع جواً ولو عابراً من البهجة والتصويت للحياة.
    صحيح أن مهرجانات الحزن في بلادنا أقوى من مواسم الغناء. ولكن ورغم ذلك، علينا أن نقاوم ونحيا ونتدبر حياتنا ونقاوم كل ما يعطل حياتنا، وأن نوقف كل من يدخلنا في معارك وهمية، ليس فيها منتصر أو مهزوم، لا طائل منها إلا استهلاك قوانا دون تحديد معركتنا الحقيقية وعدونا الحقيقي..

    هل نتفاءل بقرب المصالحة؟
    بقلم: حديث القدس - القدس
    تؤكد مصادر مطلعة مختلفة ان المكتب السياسي الجديد لحركة حماس بقيادة خالد مشعل هو أقرب الى المصالحة وأعضاؤه متحمسون لذلك بعد ان تم استبعاد عدد من القيادات المعارضة والمتطرفة سياسياً.
    ان قطر التي دعت الى قمة عربية مصغرة في القاهرة، لتحقيق المصالحة، هي التي تحتضن اليوم اجتماعات المكتب السياسي، الامر الذي يزيد من احتمالات التقدم نحو المصالحة فعلاً.
    وفي الضفة الغربية تبدو الأمور مهيأة ايضاً، بعد الأحاديث المتكررة عن امكانية تشكيل الرئيس ابو مازن حكومة توافق وطني تمهد لاجراء الانتخابات المقترحة، بعد ان قدم د. سلام فياض استقالة حكومته.
    لا بد في هذا السياق من تهيئة الأجواء لذلك ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة والاتهامات من هذا الطرف لذاك، وقد سمعنا من كلا الطرفين اقوالاً سلبية تتعلق بالمصالحة اساساً، وهذا غير ايجابي ولا ينسجم مع التوقعات التي ينتظرها المواطنون.
    ان المصالحة وتوحيد المواقف لمواجهة التحديات المصيرية أصبحت أكثر القضايا الوطنية إلحاحاً وتتطلب التخلي عن المصالح الفئوية الضيقة لحماية المصلحة الوطنية الأساسية.
    لن نتفاءل كثيراً بعد التجارب العديدة التي عشناها في هذا الشأن، ولكننا لن نفقد الأمل أبداً.
    إغتراب بلا عَوْدة
    بقلم: خيري منصور – القدس
    ما مِنْ اغتراب مكاني إلا وله موعد مع العودة حتى في الطبيعة، فالماء الذي يغادر البحار ويصبح غيمة يعود ثانية في المطر، والطيور التي تهاجر تعود أيضاً، رغم المسافات التي تقطعها، لكن اغتراباً واحداً لا عودة منه، هو اغتراب الوعي أو ما يسمى أحياناً الاستلاب، بحيث يتحول الإنسان المغترب عن ذاته وواقعه إلى شريد خارج التاريخ والجغرافيا معاً .
    وما يُبثّ من مضادات الوعي في عالمنا هدفه الأخير هو الطلاق البائن بين الإنسان ومحيطه بحيث لا يعود هنا كما أنه لا يصبح هناك أيضاً . وهكذا يقضي أيامه في المراوحة على طريقة “محلّك سِرْ” .
    في الحقبة الاستعمارية سادت ثقافة من هذا الطراز واغترب الكثيرون عن أنفسهم، رغم أنهم يعيشون في عقر أوطانهم وبيوتهم، وكان ذلك يتم من خلال مناهج تعليم مبرمجة بحيث تجعل الإنسان يعلَم كل شيء باستثناء نفسه وما يجري في بلاده، لكنه لا يدري بأنه آخر من يعلم .
    وفي النظم الاستبدادية يحدث هذا أيضاً، فالإنسان المغترب عن نفسه يتحول إلى مجرد رقم، أو قطعة غيار قابلة للاستبدال في أي وقت، لهذا فالاستبداد يأتي أحياناً توأماً للاستعمار حتى لو ادعى أنه عكس ذلك، وكلاهما يتغذى من الآخر ما دام الهدف المشترك إبقاء الناس في غيبوبة،أما الثقافة التي تسود في هذه الحالات فهي أشبه بجرعات تحذير متعاقبة ومتصاعدة للوعي، بحيث يبقى في حالة سُبات لا تقتصر على الشتاء فقط كالزواحف، بل تستمر في كل الفصول .
    وكان المطلوب من العربي ذات يوم أن يحفظ عن ظهر قلب مساحة الجزر البريطانية وأدبيات الكومونويلث، وقصائد رديارد كيبنغ التي تقيم فاصلاً أبدياً بين الشرق والغرب، وما إن حاول العربي في تلك المراحل أن يشب عن الطوق ويبلغ رشده الوطني والتاريخي حتى بدأ الصراع .
    والمقاومة أسلوباً لتحقيق الاستقلال ليست في حقيقتها سوى عودة الوعي وإعلان العصيان على الجرعات التحذيرية، لهذا كانت تكلفة الاستقلال باهظة فهي على الأغلب من دم ودمع .
    والآن بعد عقود من الاستقلال، ثمة محاولات للعودة إلى ما قبله، والقوى الغربية التي خرجت ظافرة من الحرب العالمية الثانية كانت قد خدعت حلفاءها والعالم كله برفع شعار جاذب هو “تصفية الاستعمار”، وسرعان ما تحول الذين صدقوا هذا الشعار إلى ضحاياه، سواء بالاحتلال المباشر أو بالانحياز التام لمن يمارسونه كما في النموذج الفلسطيني، وما نخشاه دائماً رغم غيابه عن البعض، هو أن اللاجئ قد يعود إلى مسقط رأسه ولو بعد حين، ما دام محتفظاً حتى النخاع بحق العودة .
    لكن من لا يعود على الإطلاق هو ذلك المغترب في الوعي، فهو لاجئ من الجغرافيا والتاريخ .
    وما يحدث اليوم من بث ثقافة تُبشر “بالإنسانوية” وبحذف الهويات والحدود، هو تجريف للوعي، وتغريب لا تُرجى بعده أية عودة .




    الفلسطينيون رهن تفوق خطوط الآخر التجريدية
    بقلم: ابتسام اسكافي - القدس
    لا عجب أن نعيش رهن خطوط الآخر التي فرضت علينا بعد ان بذرت كثير من الخطوط الجغرافية والديمغرافية والسياسية، وكثير من الاستراتيجيات والمخططات الخارجية الى قلب فلسطين وأعادت ترتيبها وتركيبها وفق آليات استعمارية استيطانية متتالية الخطوات التجريدية.

    ولا غرابة ايضاً ان تتزايد تلك الخطوط بفعل التنازلات الذاتية التي أخذت مسارات سياسية مختلفة ادت إلى تراجع الوطني الكلي والعام تراجعاً متتالياً ومتراكماً وفق خطوات وخطوط الخارج التي لا تصب في الصالح الفلسطيني.

    تلك الخطوط اخذت مسارات مختلفة من خطوط وفق خطوط الاستيطان وصلت حد التجريد شبه الكامل للارض، ففي القدس والضفة الغربية كثفت الحكومة الاسرائيلية جهودها من أجل التصديق على الكثير من المخططات التي تهدف الى توسيع مستوطنات قائمة في الضفة الغربية وانشاء مستوطنات جديدة فى القدس المحتلة.

    وهي المخططات التي في حال تطبيقها فإنها ستستكمل عملية القطع والعزل الكلي للاحياء الفلسطينية عن سائر أنحاء الاراضي الفلسطينية بما فيها الضفة كوحدة واحدة وتكون صورتها على شكل معازل منتهية الحدود (المعزل الأول)، ويضم نابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية، ويقطع هذه المناطق الحواجز الثابتة والمتحركة بحيث يكون من الصعوبة بمكان التنقل بينها وليس هناك سيطرة للفلسطينيين على الطرق بينها. المنطقة الثانية ( المعزل الثاني )، ويضم منطقة جنوب الخليل ومدينة الخليل وبيت لحم، ولا تختلف مسالة التواصل بين هذه المدن عن سابقتها في الكانتون الأول. المنطقة الثالثة ( المعزل الثالث)، ويضم منطقة أريحا وما يحيط بها.

    هذه الخطوات تشكل استكمالاً لخطوط جغرافية سابقة ومتجددة قسمت الجغرافيا على مراحل، كونها تضاف إلى خطوط التقسيم القديمة التي فرضت بالإعلان عن دولة إسرائيل، فطول الخط المشترك بين حدود فلسطين عام 1948، وفلسطين عام 1967، يبلغ وفقا لعديد من المصادر 470 كيلومترا، يبدأ من الجنوب في الضفة الغربية أي مدينة الخليل حتى حدود جنين وأم الفحم والمثلث.

    وعزل القدس عن بقية مدن الضفة الغربية. وهي المرحلة الأشد خطورة على الأراضي الفلسطينية كونها تقطعها من القلب، وعليه فتحقيق حل الدولتين على أساس الخط الأخضر بمختلف الصياغات الحدودية مع الكتل الاستيطانية أو بدونها، يشكل تجريداً كاملاً وضياعاً للحقوق الفلسطينية التاريخية وخاصة اللاجئين من المناطق المحتلة عام 1948.

    وبوجود الجدار فرضت خطوط اخرى اكثر دقة واكثر تقليصاً وتجريداً للحقوق الفلسطينية على كافة الصعد من السياسي حتى النفسي وهذا ما نعيشه في تلك التقسيمات التي هي في حقيقتها وعند النظر اليها عبارة عن وحدات متشابهة، نجد أن كلاً منها يغلق ويفتح متى تشاء إسرائيل، داخلها أجزاء مجزأة من أبناء الشعب الفلسطيني يشتركون بالتهمة الواحدة وهي الإرهاب، يشتركون ويتقاسمون الهم الواحد، وهو الفقر، والحاجة، والبطالة، والأمراض النفسية، والقطيعة الاجتماعية، لكل منهم بوابة خاصة تشبه بوابة الوحدة المجاورة، أو حاجز أو سياج يشبه السياج المجاور، أو جدار يشبه الجدار المجاور، وما يترتب على ذلك من نتائج، من طلاق وتسرب من المدارس ومشاكل ما انزل الله بها من سلطان، يضاف إليها الحرمان من التنقل وحرية الحركة، لتضاف بذلك سمات جديدة وخطوط جديدة ترتسم داخل خصائص الهوية الوطنية الفلسطينية قسراً كونها تقوم على العزل الكلي، والتجزيء الكلي والتجريد الكلي للعنصر البشري، وتشريد يضاف إلى تشريد، وتجريد للارض والانسان وعزل الكل عن الكل. والتعامل مع الكل على انه مادة يتم تحريكها دخولا وخروجا متى يشاء الجانب الإسرائيلي..

    وهنا باتت تلك الخطوط عبارة عن حدود ما ينطبق عليها ينطبق على الدويلات ومنها تلك الدويلات الفلسطينية حيث تنعزل الواحدة عن الأخرى بشكل إجباري وتكون الحركة البشرية إجبارية لا اختيارية، يتم تحريك الناس فيها في زمن محدد ومكان محدد ومساحة محددة يُفرض معها نظام محدد: نظام اقتصادي، وسياسي، واجتماعي، ونظام حياة كل في دولته الخاصة حتى على صعيد الاسرة او الأسر الصغيرة التي لا يتجاوز عددها (10) افراد، ووفقاً لما يفرضه الآخر في شكل متناقض مع حرية الحركة والتنقل، وفي شكلها الأوسع قليلاً يكون لكل منها زعامتها وتجارتها واقتصادها المقزم إن لم يكن المعدوم كما الحقوق والحريات المعدومة.

    لا يقف الامر عند هذا الحد بل تتمظهر الخطوط في اماكن اخرى وفق خطة وخطوط الآخر وذلك بإقفال للمعابر والحدود وتكثيف الجدران والاسوار والسياج على الحدود اللبنانية والسورية والاردنية والمصرية والجولان وسيناء ومنها المراقبة لكل الارض الفلسطينية وحدودها ومنها المصرية وخاصة البحرية لسواحل غزة، التي وضعت من خلال إقامة الجدار الحديدي على الأرض المصرية،

    الأمر الذي أدى لفرض ثمن الفصل كله على الفلسطينيين. وأدخلت مفردات جديدة مثل: نظام الشوارع، والجدار الفاصل، والبوابات الزراعية، ونقاط الرقابة للفلسطينيين، ومعابر من "كتف الى كتف" لنقل البضائع والحمولات المختلفة والتنقل للعمل احياناً ولاسباب انسانية احياناً أخرى. بعد أن حلت خطوط الفصل وخطوط المستوطنات تدريجيا في الكيان والمدى الوطني والسياسي الفلسطيني.

    مشاهد الخطوط كثيرة وتعجيزية وتجريدية في آن، وامثلتها لا تعد ولا تحصى في الذاكرة الفلسطينية وعلى الجغرافيا، نجدها في الشارع وفي البيت وفي المعتقل الصغير والمعتقل الكبير وفي كل مكان، فبالاضافة للخطوط الخضراء بات هناك على سبيل المثال خطوط صفراء وتلك الخطوط الصفراء ترسمها سلطة البلدية امام المحال التجارية في مدينة القدس مثلا امام اماكن البيع في سوق القطانين من البلدة القديمة لمساحة محددة يمنع البائع من تجاوزها وهي لا تتعدى

    (40-50سم) للتضييق على الباعة وتدفعهم إلى ترك المدينة وهي بالنسبة للقدس الخطوط الجديدة التي اضيفت إلى المدينة بعد ان تم رسم حدودها لتضم المناطق المستهدفة والمفيدة للآخر فقط، وإخراج جميع التجمعات السكانية العربية، لتأخذ هذه الحدود وضعاً جديداً، ووفق خطوط التسويات السياسية والطبوغرافية والتجريدية.

    ومثالها أيضاً استحواذ الآخر على القسم الأكبر من المياه وخطوط المياه حيث ظلت مشكلة المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة مشكلة كبيرة منذ اتفاقية أوسلو "2" في عام 1995 والتي وضعت تسوية المشكلة لخمسة أعوام فقط لكنها مستمرة بالتزايد حتى اليوم كون الآخر يتمتع بحق السيطرة على خزانات المياه الجوفية التي تسير في معظمها اسفل اراضي الضفة الغربية وتحديداً وفق خطوط الجدار الفاصل ويتمتع بنظام فعال لتكرير المياه وتصريفها وهو ما لا يحق للفلسطيني.

    الخطوط كثير وخطيرة واشدها خطورة الخطوط السياسية التي تفرض على الفلسطيني كخطوط حمراء يمنع تجاوزها في الزمان والمكان السياسي، حيث كل القرارات الاممية ومخططاتها لا تصب في الصالح الفلسطيني ومتماهية تماماً مع الآخر.

    الخطوط السياسية بدأت بالفعل حين تم تنفيذ الخطط كخطة (ديلت) كخطوط هجوم اولى لتجريد الفلسطينيين من الصورة التاريخية للقضية الفلسطينية وتركيب المستوطنين بدلا منهم واستمرت بكافة الاشكال والالوان حتى اليوم.

    وتاريخيا وسياسياً، أعطت القرارات الدولية وفق خطين متوازيين "وزنا لحاجتين أساسيتين "هما: الأولى، الأرض كحل سياسي وإقليمي للشعب اليهودي. والثانية، انتشار الاستيطان اليهودي. حيث كتب في صك الانتداب من قبل عصبة الأمم في العام 1922، أن الاعتبار الأول "جمع المنافي" هو الأمر الحاسم في ترسيم حدود أرض إسرائيل الانتدابية كأرض للاستيطان اليهودي، وصيغ هذا النص في تقرير لجنة التقسيم في العام 1947وهو ما يعني التركيز على أهمية الأرض والتفوق الديمغرافي وهما الخطان الاساسيان بالنسبة للآخر، الأمر الذي يعني ويشكل تجريداً كميا ونوعيا جديدا للجغرافيا الفلسطينية، بعد تكريس فكرة الحلول السلمية الشرق أوسطية وخطوطها الثقافية والحضارية والعلمية التي تفتح الباب واسعاً لخطوط الاختراق والتدخل الخارجي عبر المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وهو ما يضاف إلى محصلة ما جرى منذ عام 1948، وصولاً الى خطة شارون الساعية الى استمرار نهج الرفض الواقعي الممارس، بالاعتراف بأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني انطلاقا من كونها قرارات تؤمن بالتطرف السياسي وهذا نجده في التقسيمات والمتتاليات والخطوط الجديدة التي تسعى إلى تجريد فلسطين من كل ما هو فلسطيني.

    خطوط الآخر السياسية جردت الفلسطيني من أي حقوق والامثلة والنماذج كثيرة ومتعددة ومتراكمة كما هي متتالية والا لماذا نجد الخطوط الجوية الفلسطينية تسيّر اعمالها بين جدة والعريش لنقل الركاب الفلسطينيين من أبناء الجالية الفلسطينية المقيمة في المملكة؟ وعدم انطلاقها من والى الارض الفلسطينية... والاسئلة كثيرة.

    وعليه ايضاً، تستمر نظرة الآخر الاسرائيلية الطامعة إلى الحدود الواقعة في محيط فلسطين وما يقع من ارض خلف هذه الحدود التي تراقبها اسرائيل بأجهزة الكترونية على مدار 24 ساعة، ويستمر فرض الخطوط الديمغرافية المتفوقة تاريخيا على الفلسطيني ذلك التفوق الذي يضاف إلى التفوق التجريدي الذي مورس ويمارس على الارض الفلسطينية وما عليها من بشر وحجر وارض وبيت.

    الكونفدرالية الفلسطينية-الاردنية!!
    بقلم: القدس
    لا ادري لماذا تطل الكونفدرالية بين فلسطين والأردن برأسها من جديد خصوصاً الان وتغمز بخبث، كما انها تُعطي تحاليل واهية ليس لها معنى مفادها ان الحل المنشود هو كونفدرالية بين فلسطين والأردن.

    لا شك بأن الشعب الاردني والشعب الفلسطيني اخوة في التاريخ والجغرافيا وخصوصا ان امتداد فلسطين هو الاردن، وأيضاً سوريا ولبنان منذ الأزل فالاستعمار كان يحتل كل هذه الدول وخصوصاً الاستعمار العثماني والانكلو فرنسي.

    هذا واقع تاريخي، ولكن الان الوضع مختلف رغم ان الكل شعب واحد بلغته وعاداته وتقاليده ولكن الاختلاف هو ان فلسطين كلها محتلة، وهذا يعني ان من حق وواجب الفلسطيني ان لا يتنازل عما اعطته له القرارات الدولية من ارض وحرية وخصوصاً ان الفلسطيني استخلص عبر الماضي وهو عدم ترك بيته او ارضه خوفا من الذين يتربصون به من كل جانب. اما الاردن فهي بلاد مستقلة لها حدودها المعترف بها تنعم بالاستقلال والحرية بعكس فلسطين المحتلة.

    صحيح القول انه بعد الاعتراف الدولي الاخير بفلسطين من قبل العالم سيقوي صمودها حتى تنتزع الاستقلال من المحتل ولكن الآن مازالت هذه الدولة محتلة. ان مفهوم الكونفدرالية ممكن بين دولتين مستقلتين لهما ميزات متقاربة، كما انه في المفهوم القانوني تبقى كل دولة مستقلة بصفتها الشخصية و السيادية ان كانت داخلية او خارجية بما فيها الامن.

    اما طرح هذه القضية الان فلا معنى له الا زيادة في التشويش على انهاء الاحتلال ان كان الاحتلال في الضفة او قطاع غزة ، وذلك بالرغم من ان قطاع غزة قد انفصل عن الضفة مما ادى الى المزيد من محنة الشعب الفلسطيني.

    لا ندري اذا كانت اسرائيل ترحب بهكذا خطوة . ولكن الكونفدرالية بين فلسطين والأردن بعد استقلال فلسطين ستكون قوة هائلة ان كانت اقتصادياً او امنياً وهذا طبعا ليس في مصلحة اسرائيل لاننا نعرف ان السياسة الاسرائيلية تقوم على الفرقة بين العرب. لذلك قلت سابقا ان موافقة اسرائيل على هذه الكونفدرالية فيها نوع من الخبث المبطن وهو عدم الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧م والعودة الى سابق اقتراحها غير المقبول فلسطينيا او دوليا، وهو إعطاء الفلسطيني حكماً ذاتياً للسكان اما الارض فتبقى اسرائيلية مع ضم القدس الشرقية الى اسرائيل، وكأن الفلسطيني يسكن في شقة ملكه لكن الارض ليست ملكه. ولا استبعد ان تحاول الحكومة الاسرائيلية اقناع امريكا بهذا الحل غير المعقول. كما ان هذه الاقتراحات السخيفة ليست واقعية ومن المستحيل قبولها حيث ان هذه الكونفدرالية ضمن هذا السياق سوف تحرم فلسطينيي الخارج من العودة لبلادهم.

    وعلى كل حال فإن الايام القادمة قد تشهد شروطاً جديدة تطرحها اسرائيل وذلك لمنع الفلسطينيين من قيام دولتهم المستقلة ذات السيادة. ومع الاسف فان الفرقة الفلسطينية تساعد المحتل في إملاء شروط جديدة تجعل الشعب الفلسطيني بعيداً كل البعد عن التحرر من الاستعمار الجديد.
    عاصمة الثقافة... بؤس الثقافة!
    بقلم: الدكتور وائل ابوعرفه - القدس
    في جولة غير عادية فيما تبقى من شوارعها وأزقتها الضيقة، حاولت متابعة واستحضار بعض المظاهر الثقافية فيما يسمى العاصمة الدائمة للثقافة العربية. ماذا أنجز محليا وعربيا تحت هذا العنوان الفضفاض الكبير خلال أربع سنواتٍ مضت.

    ازدحمت في مخيلتي تعريفات ٌ وأفكارٌ متناقضةٌ لا حصر لها عن معنى وماهيّة الثقافة. هل هي مجردُ فعلٍ دعائيٍ لما نفكّر فيه. أم أنها انعكاس حضاري على أرض الواقع لما تصوغه الأفكار وتنضح به العقول ، حسب تعريف المفكر الكبير سلامة موسى.

    لم استطع التمييز بين الشعارات المتناثرة هنا وهناك، والتي لم أر لها أي انعكاسٍ فعلي على الأرض. وتداخلت عليّ أصوات الكثيرين من أدعياء الثقافة وحُماة مؤسساتها المنهارة والمهددة بالمصادرة والإغلاق، حاولت البحث عن حلقة وصل بين من يجسدون المعنى الفعلي لعاصمة الثقافة لوجه الله لا ينتظرون من احد شكرا ولا جزاء، وبين من يتاجرون بها كمصدر للارتزاق بالحيلة أو القوة، فانهارت قُواي ولم أستطع إكمال الجولة حتى نهايتها، ولم أجد بُداً من العودة إلى نقطة البداية في بوابة دمشق علني أجد صديقي القديم (امرؤ ألقيس) بعد انقطاعٍ طويل فرضته الظروف، علّه يسعفني كعادته بما اختلط عليَّ من أفكار هوجاء وأسئلة مفعمة بالتشاؤم. فاجأني هذا الصديق المشاكس جالسا بانتظاري مع أننا لم نكن على موعدٍ مسبق. كان يجلس متجهماً أمامه فنجانين من القهوة، أحدهما يرتشفه بتلذذ والآخر لي، ولسان حاله يذكرني بقول إيليا أبي ماضي «قلت ابتسم يكفي التجهم في السما ».

    بادرني بالكثير من الأسئلة، وطالبني بالكثير من التوضيحات، مع أنني كنت بحاجة لأجوبته وتوضيحاته ، وأنا التائه بين ضجيج الأسئلة وهدير الشعارات. عاتبني على تقاعسي وتشاؤمي وعزوفي عن العمل بدل أن أشعل شمعة في الظلام. فأقسمت له أنني لا أدّخر جهداً من العمل الشاق الدؤوب في هذا الدرب المليء بالأشواك والأفاعي، لكن يداً واحدة لا تصفق. وأن ما يصل لعاصمة الثقافة باسم الثقافة من ماءٍ لا يتعدى قطراتٍ من الندى يتبعثر معظمها قبل الوصول أو أنها تضل الطريق.
    رغم كثرة المرجعيات واللجان والهيئات الرسمية وغير الرسمية وازدحام الساحة بهم في بُعدٍ هلامي لا يبزغ من أطرافه إلا السراب.
    سألني باستغراب عن سبب سكوتهم وقلة حيلتهم أمام هذا الأفق المشحون بثقافة اللاثقافة. فقلت له أنها ثقافة اللاوعي، لأنهم مشغولون بمهرجانات الثقافة خارج الحدود الجغرافية لها، وأن القدس كما قال لي احد الأصدقاء المطلعين، لا تعني لهم سوى كلمة في أغنية، أو صورة على جدار.

    وماذا عن جنود الثقافة داخل الحدود المغلقة في وجه الرياح ؟ بعضهم يبحث عن فتات القوت في وادٍ غير ذي زرع، والبعض الآخر يلوذ بالصمت حفاظا على ماء الوجه. لأن طريق الحق لا يسير فيه إلا القلائل على طريقة الحلاّج. أما بيوت الثقافة وحاضناتها فإما تداس بالأقدام أو تُباع في أندية الليل بخلخال امرأة، والذي يعرف يشقى.
    سألني مرتعدا إذا ما كان للاحتلال دور في طمس معالم الثقافة وتشديد الحصار على عاصمتها، فبدت على وجهي المتعب ابتسامة صفراء، ووجدتني أتمتم بطريقة لا يحبذها صديقي التائه: اللهم أبعد عني شر أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم. لقد كانت القدس ومنذ بداية الاحتلال منارة للثقافة والفن والموسيقى والرياضة. كانت محجا للشعراء والأدباء والفنانين من كل بقعة من بقاع هذا الوطن الممزق. يغمرونها بأسمى معاني الحب المجاني، وتحتضنهم بقلبها الطاهر النقي، لتشعل لهم قناديل النور كي يسيروا على درب الانتماء الحقيقي دون أن يلعنوا حلكة الليل. وتراها اليوم غارقة في ظلام دامس، يزيده حلكة دعاة الثقافة وتجار الفن والحالمين بالأوسمة والجوائز. تنهار مؤسساتها بأيدي أبنائها الذين يدعون دعمها وحمايتها وهي بالنسبة لهم مجرد بقرة حلوب لا يترددون بذبحها عندما يجف الحليب، وبعدها لا يتوانون عن تعليق المسئولية على شماعة الاحتلال.

    نظر إلي صديقي الشاعر الماجن نظرة فيها الكثير من العتاب والتوبيخ، وقال لي بلهجة غاضبة مليئة بالأسى، أغرب عن وجهي أيها المتشائم، والله لقد حملتني هما فوق كل همومي وأحزاني وأنا الذي جئتك طالبا الراحة والأمل، بالله عليك دعني وشأني، سأكمل طريقي في رحلة البحث عن غريمي وقاتل أبي، ولن أعود إليك لتنغص عليّ حياتي.

    أجبته بازدراء، اذهب أينما شئت يا صديقي التائه. أنا على يقين بأنك عائد لا محالة. لأنك لن تجد غريمك مهما بحثت، فقد اختفى في ظلمة الليل، كما اختفت الثقافة في عاصمة الثقافة!
    ما بعد استقالة فياض،،، حكومة الوفاق الوطني هي الحل
    بقلم: وليد العوض - معا
    استقالة الدكتور سلام ومعه استقالة الحكومة ،وبعيدا عن المسببات المباشرة لها، لم تأتي في سياق عملية المصالحة التي تستوجب دون شك خروج هذه الحكومة من الحلبة لتفسح المجال لحكومة الوفاق الوطني التي نص عليها اتفاق المصالحة ،فقد جاءت الاستقالة نتيجة خلافات حامية الوطيس وانتقادات علنية وجهها المجلس الثوري لحركة فتح في اجتماعه الأخير ، كما جاءت في ظل تباين واضح بين د . فياض والرئيس أبو مازن على خلفية الموقف من استقالة وزير المالية نبيل قسيس .
    وما بين هذه وتلك هناك العديد من الملاحظات التي يمكن تسجيلها على سياسة الحكومة الاقتصادية وقد كان أول من رفع الصوت احتجاجا على ذلك حزب الشعب خلال مسيرات عمت محافظات الضفة الغربية العام الماضي ، وما من شك فإن ما ساهم في إصرار د. سلام على استقالته ومطالبته بتسريع قبولها هو الموقف الامريكي والتدخل الفظ بالشأن الداخلي الفلسطيني ، وقد كان لابد من قبول الاستقالة استجابة لرغبة الرجل الذي شعر بدون شك بالحرج من التدخل الأمريكي في قضية داخلية محضة .
    على أية حال استقال فياض وقبل الرئيس الاستقالة ، والسؤال المطروح هو كيف يمكن وضع هذه الاستقالة في سياق عملية المصالحة وخدمة لها وهو ما دعا له حزب الشعب الفلسطيني خلال مؤتمر صحفي لأمينه العام بسام ألصالحي تعقيبا على الاستقالة، وأن لا تتحول هذه الحكومة حكومة تصريف أعمال لأجل طويل تحت وطأة الضغوط أو إعادة إنتاج حكومة بذات المواصفات،إن ذلك يتطلب وخصوصا بعد انتهاء لجنة الانتخابات من عملها بدء مشاورات تشكيل حكومة التوافيق الوطني والمشاورات الجادة للاتفاق على تحديد موعد الانتخابات خلال 3 إلى ستة شهور وفقا لما تم الاتفاق عليه, وان يصدر الرئيس بناء على ذلك مرسومين متلازمين.
    إن هذا يتطلب وفقا لما دعا له الحزب دعوة اللجنة العليا لتفعيل منظمة التحرير لإتمام هذه العملية برمتها، كما يتطلب وفقا لما دعا الحزب أن تتقدم حركة حماس بعد أن أنهت الانتخابات الداخلية، خطوات بنفس الاتجاه خصوصا فيما يتعلق بموعد الانتخابات وفقا لما تم الاتفاق عليه ، نعتقد مرة أخرى أن استقالة فياض وفرت الفرصة لتقدم مسيرة المصالحة ومغادرة مربع التسويف والمماطلة التي حوصرت فيه الحالة الفلسطينية لسنوات ستة كانت بدون شك أكثر السنوات عجافا لشعبنا الفلسطيني، وعدم استغلال هذه الفرصة لتشكيل حكومة الوفاق سيمثل بدون شك إهدارا لفرصة يجب أن لا تضيع في دهاليز المنتفعين من استمرار الانقسام أو في دهاليز المستوزرين الذين يسعون إلى إعادة إنتاج حكومة بذات المواصفات غير تلك التي ينتظرها الشعب الفلسطيني ،، حكومة لوفاق الوطني ،، التي طال انتظارها.
    د.فياض: الذاتية والموضوعية
    بقلم: تحسين يقين - معا
    رغم ما يظهر من خلاف بينهما: الرئيس ورئيس وزرائه..
    إلا أن الشعب أو معظمه (هكذا أزعم وأظن) لا يختلف عليهما..
    انتظر قليلا سيدي القارئ وسيدتي القارئة!
    لماذا؟ لأن الرئيس مصدر الشرعية وبع نثق، كما أن له رمزية وطنية، وسياسي نحترمه..
    اما دكتور فياض، فما يردده الناس غير ما يشعرون به..
    فهم كلاميا ربما ينفسّون عن أنفسهم فينتقدونه وحكومته، لكنهم قلبيا معها! هذا زعمي على كل حال..
    إنها إذن مفارقة: المختلفان (أو هكذا يشعر الناس) عليهما اتفاق!
    إنها حالة نادرة الحدوث في النظم السياسية..
    وكان من الممكن لو كنا عاديين سياسيا، بدون انقسام مثلا، أن يقود الرئيس من خلال رئيس حكومته المجتمع إلى فترة أطول!
    كلاهما محترمان، ومثقفان، ووطنيان..
    لكن الرئيس هو الرئيس..وهو وارث القيادة السياسية لمنظمة التحرير المساهم في تأسيسها...ورغم تلك الأهمية، إلا أن الرئيس حاول وأراد أن تكون قيادته من خلال شرعية انتخابه وقيادته لا الاستناد لتاريخه النضالي الكبير، وهو ما اشترك به مع د. فياض الذي قاد الحكومة كموظف كبير لا كأب من آباء المنظمة، مع الاحترام الكبير لقيادتنا التاريخية بشخوصها الفدائيين..
    هي الحالة العادية التي أحببناها كشعب..
    وبحكم تواصل رئيس الوزراء مع الناس، معنا، كنا نحبّ عاديته، قربه منا، حتى خلال الزيارات، لم يكن رجال الأمن يقفون بينه وبين الناس..أحببنا ذلك فعلا..مظهر ديمقراطي عصري..
    لنفكّر:
    ستكون خطوة قبول استقالة الحكومة مهمة إن قادت إلى تشكيل حكومة وفاق وطني او حكومة وحدة وطنية لننتهي من الانقسام ونرى المصالحة متحققة..وإن لم تقد، فنحن إزاء تكرار الحال، حكومة كسابقتها بانتظار تنفيذ الاتفاق..المصالحة!
    إن كان الرحيل أو التغيير، الاستقالة، أو الإقالة..مصلحة للناس، فهذا حسن..
    لكن ذلك يعني أن ننتظر حتى نحكم على المستقبل/ السابق والقادم اللاحق..وعلينا وعلى الرئيس أيضا..
    ولما كان مما ينتظر رئيس الوزراء الجديد كثيرا، فسنقول الله يعينه..
    كما نقول الله يعطي د. فياض العافية أيضا.. على ما اجتهد به..
    بعض من العقلانية بل كثير منها هو ما نحتاج..
    بعض من الموضوعية..
    وكثير من الأخلاق هو ما نريد..
    من الصعب أن نضيف شيئا!!
    وكيف نضيف؟
    اقترحت على صديق سياسي كبير أن يكتب شيئا، فقال إن هناك غيوما وضبابية، فاقترحت عليه أن نكتب عن العوامل الذاتية والموضوعية في قبول الاستقالة..
    وكأنني أعود إلى عالم الأدب، وما تعلمناه عن هاتين المدرستين التقليديتين، المتناقضتين والمختلفتين، فتذكرت أيضا ما قلته لأستاذي الدكتور قبل ربع قرن: لكن هناك نصوصا فيها الذاتية والموضوعية، فقطّب حاجبيه، وفكّر لحظات، ثم ابتسم موافقا، لكنه راح يتحدث عنهما بشكل منفصل..
    قبل شهر استمعت لإسرائيلي ينتقد رئيس حكومته قائلا: إنه أسير ذاتيته أيضا..
    باختصار، هناك دوما عوامل ذاتية فردانية شخصية، وعوامل موضوعية، وحينما تجتمعان معا تحدث الأمور غير المتوقعة..
    النخب والأحزاب والفصائل عندنا وعن الناس خارج فلسطين، تحتار زعماء لحظيين في لحظات تاريخية سياسية واقتصادية معينة، يجدون من هو مناسب للمرحلة، فيبايعونه، ربما يرشون من خلال ذلك قوى كبرى ومتوسطة إقليمية، وكم تعدد رؤساء الوزارات في الكثير من البلاد العربية، فحين ترتئي المرحلة تقاربا مع هذه الدولة مثلان يتم احتيار شخصية معينة وغير ذلك الكثير ما يقال وما لا يقال..
    وفي النهاية فإن الشخصية المختارة تجتهد عقلها، وتقدم لوطنها ونظامها السياسي ما هو مفترض ولو بالحدود الدنيا..
    لسنا أول الحالات ولا آخرها..فماذا نقول؟
    فكل ما نود أن نقوله قد قيل..
    لنفكّر أيضا..
    سيغيب د. سلام فياض عن رئاسة وزراء لكن لن يغيب عن النظام السياسي الفلسطيني إن اختار ذلك، فهو ستيني وأمامه عقد ونصف من العمل السياسي، فقد يعود وزيرا للمالية أو الخارجية أو رئيس للوزراء أو رئيسا إن استعدت الظروف ذلك..
    وصندوق الانتخابات إحدى الدلالات..
    منذ أن قدم د. فياض استقالته، في سياق الاتفاق على المصالحة، أصبح ميسر أعمال..
    والآن بعد قبول استقالته الأخيرة، صار ميسرا للأعمال!
    ما الفرق!
    حتى آخر لقاء مع الكتاب والصحافيين قبل أشهر، كنت ألاحظ التزام الدكتور فياض بمسؤوليته خصوصا في فترة (الحراك الشعب) المناوئ لسياسته، أي أنه كان يقوم بعمله اليوم كأنه باقيا طويلا..
    وهذا أمر إيجابي أن يظل المسؤول مسؤولا حتى النهاية..إنها قيمة وشجاعة أيضا..
    وفلسطين فعلا أكبر من جميعا..
    تعرفنا على د. فياض حين تمت تسميته وزيرا للمالية في حكومة "ابو عمار" رحمه الله..
    وقتها قلت: لا بدّ أن هذا الإنسان معروف للنخبة الحاكمة، وإن لم يكن مشهورا..
    لم تمر سوى بضعة أشهر على توليه وزارة المال حتى كتبت مقالا بعنوان: المحاسب المالي بسمرقند وفيه أشرت للمحاسب المالي الذي حسّن النظام الاقصادي والمالي في الرواية التي حملت عنوان سمرقند..التي كتبها أمين معلوف,,ونجح فيما نجح فيه، لكن النظام لم يدعمه بالاستمرار..لربما صار علينا أن نعود للرواية الممتعة، لنتعرف على الاقتراح الإداري بمفتاح الحلول المالية منطلقا لمشاكل المجتمع..
    من صيف 2007 إلى ربيع 2013 سبع سنوات، وعدة مقالات لي عن د. فياض وحكومته، وإنني إذ أعود إليها لأجدها داعمة وناقدة في متوسطها، والحمد لله أنها كانت موضوعية، حتى وإن لم تعجب اللون السياسي الذي أنتمي إليه، أو حتى لو جلبت لي مسبّات اللون الآخر لعله الأخضر..الله يسامحنا كلنا، ففلسطين أكبر منا والمسألة أبدا ليست شخصية، وإن كان فيها شيء من الذاتية..
    لنواصل التفكير..كل رئيس وزراء هو كذلك، ولكنه في بلادنا يظل دوما بحاجة لما هو أكثر مما هو منصوص عليه دستوريا..
    فتح والفصائل والرئيس...
    والواقع الاقتصادي..
    وحالة التفاوض/الاشتباك مع الاحتلال..
    والولايات المتحدة..والعلاقات الدولية..
    محصلة هذه المعادلات تعني تفاعل العوامل الذاتية والموضوعية..
    ورغم ما ظهر من خلاف بين الشخصين: الرئيس ورئيس وزرائه..
    الخبير المالي صار سياسيا..
    لكنه ربما لم يفطن إلى أن الرئيس هو الرئيس..
    فكان قبول فياض استقالة وزير المالية نبيل قسيس..معجلة برحيله..فهل هو ما تمنى ذلك؟ أم أن هناك ما لا نعرفه كشعب..
    لنفكر ونشعر..
    لا أخفي مثلا أنني سعيت من خلال أحد الأصدقاء، أن أقترب لدائرته لا ككاتب بل كموظف معلومات، مدفوعا باحترام له ومحبة، أو لعله ميل لهذه العادية، التي كتب عنها شعرا محمود درويش رحمه الله..
    وحتى أكون موضوعيا، فقط طمحت أن يتحسن حالي الوظيفي..لكن كنت أفكّر بتكوين مجموعة ظل من الوزارات والمؤسسات والناس، نسترشد من خلالهم ما يهم المجتمع، ويصبح لدولة رئيس الوزراء قناة جيدة تأتي من قاعدة الحكم لا من رؤوس الهرم: السادة الوزراء والوزيرات..لتكامل الجهد..حتى تكون الحكومة جماهيرية، ولا تنغلق الوزارات على نفسها..وحتى يكون فعلا هناك تعاون في القيادة والإدارة، فيقود رئيس الوزراء مجلس الوزراء فعليا، ويتشارك الوزراء في البحث عن حلول لمشاكل الوزارات..
    هذا لم يحدث كما ينبغي، وقد سطت الحالة الاقتصادية والاشتباك السياسي الداخلي المعلن وغير المعلن على الإدارة الحكومية الرشيدة..فطال بقاؤها كميسرة أعمال..
    كان ذلك هو العامل الذاتي والموضوعي فيّ كشخص، وعليه قس حالة الذاتية-الموضوعية في جميع ما ذكر: داخل النظام السياسي، والإقليمي والدولي..دون أن نغفل عن حالة الانقسام وما تركت من عوامل ذاتية وموضوعية، والناس مصالح وليسوا ملائكة..
    الآن وقد آن أوان الرحيل للدكتور فياض عن منصبه، سنتألم من تحولات الرأي..
    من كان يواليه سرا وانتفع معلنا أنه معه ويؤيده، سيوالي القادم الآخر..وسنفي ويتبرأ ويعتذر عن مواقفه السابقة الداعمة للرجل!
    هكذا الحال هو، ولعل الحالة المصرية هي الأكثر شهرة عربيا:عبد الناصر والسادات، ومبارك..فمع تحولات الرحيل الفردي-ظهرت تحولات سياسية وإعلامية في المجتمع,,من كان مع ناصر صار مع السادات..وهكذا هو حال البشر قبل صياح الديك في العهد الجديد..
    في إنجبل انجيل– اصحاح 13 - 38 ، عرض الرسول-التلميذ بطرس على السيد المسح بأن يضع نفسه نيابة عنه.."أجابه أتضع نفسك عني.الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات"
    ونقرأ الرواية في انجيل مرقس – إصحاح 14 - 30 حيث ردّ عليه المسيح: الحق اقول لك انك اليوم في هذه الليلة قبل ان يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات"...
    فمن سينكر فله خياره، لكن ما ضير لو نظل موضوعيين، نذكر ما للشخص وما عليه..
    من صيف 2007 إلى ربيع 2013 سبع سنوات أي قل صيف 2013
    والسبعة تحيلنا إلى تداعيات الرقم 7 مما لم يتبق له مساحة هنا..
    هل كانت عجافا في النظام السياسي الفلسطيني؟ أم غير ذلك؟
    وهكذا تتكرر النبوءة، وسيصيح الديك ثانية لنتذكر كما تذكر التلميذ بطرس القول الذي قاله له المسيح: انك قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات...فلما تفكر به بكى" انجيل مرقس – اصحاح 14 - 72
    لعلنا نفكر موضوعيا حتى لا نبكي!

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 356
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:25 AM
  2. اقلام واراء محلي 355
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:24 AM
  3. اقلام واراء محلي 354
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:24 AM
  4. اقلام واراء محلي 353
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:23 AM
  5. اقلام واراء محلي 323
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:35 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •