النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 388

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء عربي 388

    اقلام واراء عربي 388
    2/5/2013

    في هذا الملــــف:
    معالم ما بعد "اللامبادرة" العربية في واشنطن
    د.أحمد جميل عزم عن الغد الأردنية
    حين تصبح فلسطين قضية داخلية
    معن بشور عن السفير اللبنانية
    أميركا وإسرائيل: دور جديد؟
    نهلة الشهال عن السفير اللبنانية
    ما هو ثمن وعود أمريكا
    صالح العوض عن الشروق الجزائرية
    رأي الدستور المنطقة تسير إلى المجهول في ظل غياب الموقف العربي
    عن الدستور الأردينة
    ليـس باسـمنـا
    عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
    خطة الأردن الغائبة
    ماهر ابو طير عن الدستور الأردينة
    أين «السفارة» من عطا عياش؟!
    حلمي الأسمر عن الدستور الأردنية
    هذه المواجهة ... كيف ستحسم؟
    محمد جابر الانصاري عن الحياة اللندنية
    من يبدد هذه «الحيرة»؟!
    حسين الرواشدة عن الدستور الأردنية
    ماذا حين يعلن نصر الله الحرب ويرجئ التفصيل؟!
    ياسر الزعاترة عن الدستور الاردنية


    معالم ما بعد "اللامبادرة" العربية في واشنطن
    د.أحمد جميل عزم عن الغد الأردنية
    ما معنى أن يعلن الوفد الوزاري العربي في واشنطن، ليلة الثلاثاء الماضي، قبوله بفكرة تبادل الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في إطار اتفاق سلام على أساس حدود العام 1967؟ ما الجديد في هذا؟ وما المقصود به؟أول الأسئلة: من الذي اتخذ هذا القرار؟ هل يحق لوفد أن يتخذ قرارا بشأن مبادرة قررتها قمم عربية؟ هل لديه تخويل بهذا؟ربما الإجابة أنّ هذا ممكن، لأنّه لا يوجد قرار حقاً. ما قاله الشيخ حمد بن جاسم، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، رئيس اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية، هو "إمكانية تبادل طفيف للأراضي متفق عليه". وهذا أمر متفق عليه منذ ثلاثة عشر عاما على الأقل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقناة "الجزيرة" القطرية ذاتها، في برنامجها الشهير "كشف المستور"، تحدثت عن اتفاقات تبادل أراضٍ، وقدمت خرائط وأرقاما لذلك (بغض النظر عن دقة ما قيل). إذن، ما معنى ما تم إعلانه؟ وبحسب وصف صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، فإنّ ما حدث هو "تجميل المبادرة العربية".هل المقصود فقط إظهار أن هناك حراكا وتغييرا ما، والمطلوب إعلان إحداث تعديل في الخطة بغض النظر عن جوهر التعديل؟ هل المقصود تبرير بدء حراك؟هناك فرضيات مختلفة لتفسير "المبادرة (اللامبادرة) العربية". أولاها، أنّه كما هو معروف، تعتني واشنطن بأن يظهر دائما وجود عملية سياسية، بغض النظر عن جوهر العملية ومدى تحقيقها أهدافها. وبالتالي، فإنّ ما يجري مجرد "حراك"؛ أو عمليا "طحن" بدون أن يكون هناك "حب".وثاني الفرضيات هي أنّه حراك، حتى لو كان شكليا، لتبرير البدء بعملية ما. وهذه العملية ربما تكون مفاوضات، وربما لدفع إسرائيل لخطوات ما يعرف عادة باسم حسن النية، والتي هي أيضا خطوات "تخدير" و"تسكين" للأوضاع، ومنع لتدهور الأوضاع. وما يدعم هذه الفرضية حديث وزير الخارجية الأميركي جون كيري، عن مشاريع تنموية واقتصادية في الضفة الغربية. وكما سأذكر لاحقا، يبدو عند قطر مشاريع بهذا الصدد.الفرضية الثالثة أنّ هذا "التغيير" مجرد بداية وجس نبض، ليكون بإمكان "الوفد العربي" تثبيت مبدأ صلاحياته بإحداث تغييرات أخرى. فمثلا، ردود الفعل الإسرائيلية المبتهجة تعطي انطباعا وكأن ما يجري موافقة على بقاء إسرائيل في مناطق يريدون البقاء فيها، مثل غور الأردن والمستوطنات، وليس فقط "تعديلات طفيفة متبادلة"، أو أنّ تفاصيل هذه التعديلات الحدودية (التبادل) أعمق مما نعتقد، سيوضحها الوفد العربي لاحقا. أما الفرضية الرابعة، والشبيهة جزئيا بالثالثة، فهي أنّ المطلوب أن يصبح العرب جزءا من المفاوضات. وهذا ما عبر عنه الوزير الإسرائيلي سلفان شالوم في تعليقه على "المبادرة"، بالقول: "إذا أرادت الجامعة العربية أن تكون شريكا في العملية (السلمية)، فأهلا بها، ولكن هذه ليست مفاوضات".حتى كتابة هذه السطور، لم يكن هناك موقف فلسطيني واضح، ولم يكن هناك تمثيل فلسطيني بارز في الوفد العربي. وهذا مثير للاستغراب. ولكن في الوقت ذاته، فإن الحديث عن وجود تصور واضح، تقوده قطر، أو دولة أخرى، بشأن مستقبل القضية، يبدو فرضية مستبعدة، لأنّ الإسرائيليين والفلسطينيين هم من يحدد حقا مآل القضية الفلسطينية، والآخرون يؤثرون في العملية، بدون أن يعني هذا عدم وجود محاولات قطرية أو غير قطرية لتحريك معين في العملية السياسية. وربما تكون دول الخليج العربية وأوروبا جزءا من تصور كيري لتحريك عجلة الاقتصاد في الضفة الغربية، وحتى التطبيع الاقتصادي بين العرب والإسرائيليين. وعلى سبيل المثال، وبدون التسليم بدقة الأخبار، نشرت "يديعوت أحرنوت"، أول من أمس، أن أميرا قطريا، قالت إنه ممثل للأسرة الحاكمة في الدوحة، هو خليفة آل ثاني، "يتوقع أن يزور إسرائيل" في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لتنمية العلاقات في قطاع تكنولوجيا المعلومات، على أن يسبق ذلك إطلاق "مركز التحكيم الفلسطيني–الإسرائيلي في قطاع الأعمال". وهي مبادرة، كما تقول الصحيفة، "يديرها أورين شاشور، رئيس الغرفة الدولية للتجارة في إسرائيل، ونظيره الفلسطيني منيب المصري".هناك إذن بعض المعالم المتشكلة للأشهر المقبلة، بخصوص "السلام الاقتصادي"، ولكن ماذا عدا ذلك؟
    حين تصبح فلسطين قضية داخلية
    معن بشور عن السفير اللبنانية
    شهدت مصر في الأسبوع الفائت احتفالات مميّزة بذكرى تحرير سيناء في نيسان/ابريل 1982، وارتبطت تلك الاحتفالات بالتذكير بشهداء مصر في معركة تحرير سيناء التي بدأت بعد أيام قليلة من احتلالها وتحديداً في مدينة بور فؤاد.
    وشملت الاحتفالات تحقيقات صحافية وإذاعية وتلفزيونية عديدة، بما فيها مقابلات مع بعض أبطال القوات المسلحة المصرية التي قاد بعض معاركها الشهيد الفريق عبد المنعم رياض قبل استشهاده في 9/3/1969، كما شملت ابطالا من قوات الصاعقة والمجموعة 39 «قتال» التي قادها الشهيد العميد إبراهيم الرفاعي، وقد رووا بطولات وإنجازات من حق كل مصري وعربي أن يفخر بها، كما يفخر بعبور قناة السويس في 6 اوكتوبر/تشرين أول 1973، الذي جاء تتويجاً لسلسلة عمليات فدائية رائعة، واستخبارية مذهلة، ومقاومة شعبية متميّزة، امتدت على مدى ست سنوات.
    لا بل شملت تلك التحقيقات الاعلامية تفاصيل المفاوضات «الشرسة» التي أدت إلى استعادة مصر لموقع طابا الإستراتيجي، حيث رأى المصريون علم بلادهم يرتفع في سمائها، فيما يجري إنزال علم الكيان الصهيوني في اللحظة ذاتها.
    عزا البعض الاهتمام المصري الخاص هذا العام باحتفالات تحرير سيناء لأسباب كثيرة:
    1- إن المصريين بعد «ثورة يناير»، وكان أهل سيناء وشبابها شركاء أصليين فيها، أصبحوا أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم الحقيقية وعن اعتزازهم بجيشهم ومقاومتهم، وقد ترجما بكفاءة عالية شعاراً خالداً أطلقه يوماً الرئيس جمال عبد الناصر الذي قال: ما أخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة.
    وقد أشار متخصصون بمسألة سيناء إلى أن بعثة خبراء كورية قد قامت مطلع الثمانينيات بدراسة حول تطوير شبه الجزيرة ذات الأهمية التاريخية والإستراتيجية لمصر، وخرجت يومها بأن سيناء مؤهلة لأن تكون شبيهة بسنغافورة لوفرة الموارد الطبيعية والسياحية فيها. وقال الخبراء أيضاً إن تلك الدراسة وُضعت في أدراج المسؤولين المصريين، وما زالت، منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
    2- ولعل من الأسباب التي تقف وراء هذا الاهتمام أن مخاوف كبيرة تستحوذ على نظرة المصريين، وخاصة أهل شمال سيناء، من حال تطور الفلتان الأمني المريع التي تشهدها تلك المنطقة، وكان أخطرها استشهاد 16 عسكرياً مصرياً، في رمضان الفائت، على يد مسلحين في عملية إرهابية ما زال الغموض يكتنف مصير مرتكبيها ومَن وراءهم، فيما تتصاعد التساؤلات حول أسباب عدم نشر التحقيق في هذه القضية برغم مرور أشهر عديدة عليها.
    3- من يتابع الاهتمام المصري بهذه القضية يلاحظ أن جهداً كبيراً يبذل من اجل تركيز الأنظار باتجاه مخطط إسرائيلي يرمي إلى فصل الشريط الشمالي من سيناء عن مصروربطه بغزة في إطار ما يسمى بمشروع «غزة الكبرى»، بل إن جهداً اكبر يبذل للإيحاء بأن هناك نوعاً من التواطؤ، بين من يحكم مصر ومن يحكم غزة، على تنفيذ هذا المشروع في إطار تسوية سلمية مرتقبة للقضية الفلسطينية يرعاها بعض أهل النفط في الخليج عبر استخدام نفوذهم المالي لدى أطراف عدة في المنطقة.
    4- في ظل هذه الاتهامات ـ الشائعات، تزداد حملات التحريض ضد حركة «حماس» واتهامها بالضلوع في مخطط توطين الفلسطينيين في سيناء، كما في المشاركة في أعمال قمع المعارضة المصرية لمصلحة جماعة «الإخوان المسلمين»، وهي اتهامات ينفيها قادة «حماس»، كما ينفيها قادة وطنيون مصريون، كما ورد في بيان مشترك صادر عن السيد حمدين صباحي والدكتور موسى أبو مرزوق اثر زيارة قام بها الأخير لصباحي ولعدد من قادة المعارضة المصرية، حيث أكد القائد الحمساوي البارز أن «حماس على مسافة واحدة من كل الأطراف المصرية».
    في مصر حديث عن «احتلال» فلسطيني لسيناء، من دون أن ننسى كيف جرى استغلال غزو الجيش العراقي للكويت لطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من ذلك البلد العربي الذي يعرف أحراره دور الفلسطينيين في إعماره وتنميته وتعليم أبنائه، ومن دون أن ننسى كيف أدى الاحتلال الأميركي للعراق إلى طرد عشرات الآلاف من الفلسطــينيين المقيمين في بلاد الرافدين بعد قتل من قتل منهم.
    واليوم نرى في سوريا مشروع تشريد جديد للفلسطينيين من مخيماتهم، كما حرمانهم من ظروف عيش كريمة وفرتها لهم سوريا منذ عقود، وهو تشريد يأخذ شكل إقحام المخيمات في المحنة السورية تحت شعارات أطلقها بعض معارضي الخارج: «بأن السيطرة على اليرموك هي ضرورة لمعركة دمشق»، أي بالمصطلح اللبناني الشائع «الطريق إلى دمشق يمر باليرموك»، أو في ظل تعبئة مضادة ضد الشعب الفلسطيني واتهامه بالضلوع في المؤامرة على سوريا، وهي التعبئة ذاتها التي تتم في بعض الأوساط السورية ضد العروبة؟ إن اشتداد الهجمة على الفلسطينيين في غير بلد عربي بقدر ما هي ظاهرة سلبية خطيرة، فانه بالمقابل تأكيد على أن فلسطين باتت قضية داخلية في كل قطر عربي مهما تباعدت الجغرافيا بينه وبين فلسطين.
    ومثلما شهدت بداية القرن الماضي مشروعاً استعمارياً لزرع الكيان الصهيوني كحاجز بين أبناء الأمة الواحدة، فإن بدايات هذا القرن تشهد لمشروع استعماري ـ صهيوني يريد تصفية قضية فلسطين والتحريض على شعبها كمشروع لتمزيق وحدة الكيانات الوطنية القائمة، بل لتفتيت مجتمعاتها مستغلين من دون شك أخطاء وتجاوزات تبرز هنا أو هناك.
    أميركا وإسرائيل: دور جديد؟
    نهلة الشهال عن السفير اللبنانية
    كطفل «مدلل» (بمعنى فساده)، نالت إسرائيل كل ما نالت من الأسلحة الأميركية الجديدة، ولكنها ليست راضية بعد. فهي تريد تلك القنبلة القادرة على اختراق التحصينات العميقة وتدميرها. اسمها بالانكليزية يدل على وظيفتها: Massive Ordnance Penetrator يقول المسؤولون الإسرائيليون، إنها وحدها التي يمكنها الوصول إلى موقع «فوردو» الإيراني المدفون على عمق 200 قدم تحت جبل قرب قم وتدميره. يجيبهم الأب الحائر: أنتم لا تملكون الطائرة القادرة على حمل هذه القنبلة هائلة الوزن، فوحدها طائرة «بي 2» العملاقة يمكنها ذلك. ولكنهم يضربون الأرض بأقدامهم ويزعقون: نريدها! ويكاد يكون كل ما نالوه يتحول تافهاً في نظرهم من دونها.
    وما نالته إسرائيل مؤخراً ليس تافهاً. حصلت على طائرات تقلع وتهبط عمودياً كالهيلكوبتر، ولكنها تمتلك سرعة وصفات الطائرات القتالية. اسمها V22 Ospray. وحصلت على طائرات أخرى تسمح بتزويد مقاتلاتها بالوقود في الجو، في الرحلات الطويلة لهذه الأخيرة. ويقال كمثال، بلا تحفظ ولا عِقد، إنها ضرورية لمهمات «تخص إيران». وحصلت على غيرها وغيرها... وهذه كلها، أعلن عنها الأسبوع الفائت في تل أبيب، أثناء زيارة وزير الدفاع الأميركي شاك هاغل. وهي تتوج مفاوضات استمرت عاماً كاملاً، أدارها وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا مع نظيره وزير الدفاع الإسرائيلي السابق إيهود باراك: 12 لقاءً! عدا الاتصالات الهاتفية وحركة المساعدين. كان الأمر يتعلق بنوعية الأسلحة وليس بالمبدأ ذاته. وقد جاء هاغل، الذي تكرهه إسرائيل مذ عارض الحرب على العراق، ليثبت أولاً أن مزاجه أو مواقفه، على فرَض، لا يعرقلان الاستمرارية في الدولة الأميركية، ليس مع سلفه بانيتا، بل مع سياسة سلف الرئيس الاميركي نفسه. فأوباما ينفذ «مذكرة التفاهم» المقرة عام 2007، أيام بوش الإبن، وهي عينت مبلغ 30 مليار دولار كمساعدات عسكرية أميركية لإسرائيل للفترة ما بين 2009-2018. والخاصية التي لا تطال سوى إسرائيل من دون أي بلد آخر في العالم، هي أن كامل «ثمن» تلك الأسلحة والذخائر والتجهيزات، تسدده إسرائيل من مساعدات مالية أميركية مخصصة للجانب العسكري، تبلغ 3 مليارات دولار سنوياً. وقد أقر الكونغرس مذاك، وكل عام، مبلغ المليارات الثلاثة، برغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وعاد وأقر المبلغ السنوي الجديد عام 2012 في الميزانية الداخلية للبلاد.
    ولإسرائيل ألاّ تنفق كل المبلغ على شراء السلاح الأميركي، وأن تخصص جزءاً منه لتطوير برامجها العسكرية الذاتية. وهذا استثناء آخر لا ينعم بمثله أي بلد في العالم، حيث مَن ينال مساعدة أميركية يكون ملزماً بصرفها كلها على شراء الأسلحة من الولايات المتحدة نفسها. وكمثال على الاستثناء، ولقياسه، ففي الأسبوع الماضي ذاته، تقرَر أن تزود واشنطن حلفاءها الخليجيين بالأسلحة القادرة على مواجهة الخطر الإيراني إياه. فمنحت السعودية طائرات «أف 15» جديدة (صفقة أقرت في 2010)، وصواريخ مناسبة، ومنحت الإمارات طائرات فالكون «أف 16» وصواريخ، وأقر تدريب طياريها على يد خبراء أميركان. الإمارات مثلاً تدفع من جيبها و«كاش» 5 مليارات دولار ثمن هذا المغلف.
    يقول الوزير هاغل إن بلاده معنية بتطوير قدرات دول الخليج بمواجهة إيران. بالطبع! ولكنه يقول أيضاً إن الأسلحة الممنوحة لإسرائيل لم تخرج سابقاً من الولايات المتحدة. والأهم، يوضح هاغل، أن إسرائيل «كدولة سيادية»، لها الحق في اتخاذ «قرارها السيادي» بالدفاع عن نفسها. وقبل الزيارة الأميركية بأيام، كان الوزير الإسرائيلي يعالون يهوِّل، فيقول إن إسرائيل ليست قائدة الحرب على إيران (بالطبع!)، بل هو العالم بأسره، ولكنها قد تضطر إلى خوضها لوحدها. وقال أيضاً في تفسير ذلك استراتيجياً إن «حرب الاستقلال لم تنته بعد»، أي أن إسرائيل لم تتمكن بما فيه الكفاية، بما يرضيها. وبين هذه والسيادية تلك، يقع خطر التطورات المحتملة، ولو أن هجوماً إسرائيلياً على إيران مستبعد، حالياً على الأقل، وذلك لأن يعالون نفسه قال أيضاً إن الدول في المنطقة منشغلة بنفسها وبمشاكلها، وإن الحرب الدائرة في سوريا مثلا تحتمل أخطاراً، ولكنها «توفر أيضاً فرصاً»، هي تحديداً وليدة ذلك الغرق بالانشغال الداخلي.
    ما زال الخلاف الأميركي - الإسرائيلي على مبلغ اقتراب إيران من حيازة القوة النووية قائماً. وفيما تبالغ تل أبيب وتشدد على الخطر الوجودي عليها «وعلى الشرق الأوسط وعلى العالم المتحضر»، تحافظ واشنطن على رباطة جأشها. ولكنها برغم ذلك تفرج عن أسلحة متطورة لإسرائيل، (ما عدا تلك القنبلة!)، وتوحي باستقلال القرار الإسرائيلي الصائب بهذا الشأن، وإن كانت تعلن أنها تدعمه أياً يكن. ويجسد هذا المشهد الواقع الراهن على مستويات متعددة. فالولايات المتحدة التي قررت ما يمكن نعته بالانكفاء، متخلية عن أحلام المحافظين الجدد في إعادة صوغ كل العالم بالتفصيل وبسرعة، (وهو تخل جاء بسبب النتائج الكارثية لهذه السياسة وفشلها، وبسبب الأزمة الاقتصادية العاصفة)، مضطرة برغم ذلك إلى تعديل، ولو جزئياً، في الأولويات الإستراتيجية التي حددتها (آسيا/المحيط الباسيفيكي، بمواجهة الصين). وهي تُبقي 20 ألف جندي على أهبة الاستعداد للتدخل، لو سارت الأمور على غير ما تطيق في منطقتنا. ولكنها من جهة ثانية تعيد تعريف وظيفة إسرائيل بعدما انكشفت في السنوات الماضية حدود قدراتها، من أنها لا يمكنها منع حدوث تطورات غير مناسبة، وقبل ذلك بعدما بدا أن الحاجة لدورها قد خبت نتيجة انهيار الاتحاد السوفياتي، ونتيجة ثقل الحضور الأميركي الواسع والمباشر في المنطقة، وتحديداً في أفغانستان والعراق.
    نوعية السلاح الممنوح اليوم لإسرائيل، والتصريحات السياسية المصاحبة له يقولان إنه، في ظل ما يبدو كفوضى محتملة في المنطقة بسبب الحرب الدائرة في سوريا وتداعياتها المحتملة، فإن لإسرائيل دوراً متجدداً. وعليه فهي تُمنح تقنياً ما يؤهلها لتكون قوة متفوقة بصورة حاسمة، تشعر بالأمان وسط عالم مضطرب، ويمكنها الهجوم أيضاً. وتُمنح ذلك «الاحترام» الأميركي الذي بدا لفترة وكأنه عرضة لمراجعة باتجاه التخفيف من غلوائه. لم تعد واشنطن مهجوسة بكسب ود العالمين العربي والإسلامي، ومحو آثار سياسة بوش الصِدامية والمتعجرفة، كما كان الأمر في خطابات أوباما الأول في اسطنبول وفي القاهرة. ولم تعد تمتلك الكثير من الأوهام لجهة القدرات الشعبية لـ«الإخوان المسلمين»، الواصلين للسلطة في أكثر من بلد عربي، في احتواء الناس وتوجيههم في الأساسيات بشكل مأمون. وتعلم أن السياق السوري يمكن أن يتكشف عما هو غير محسوب أو غير قابل للضبط، وأن الفشل الذريع لسياساتها في العراق يمكنه أن يولد الشيء نفسه وأكثر... فعادت إلى قواعدها: إسرائيل هي أهم ما تملك في المنطقة.
    ما هو ثمن وعود أمريكا
    صالح العوض عن الشروق الجزائرية
    يكون وفد جامعة الدول العربية، قد عاد مبتهجا بعد أن خطب فيهم وزير الخارجية الأمريكي، والذي أعاد الاعتبار لمبادرة السلام العربية، والتي يتعهد حكام العرب بموجبها بالاعتراف بالتنازل عن 80 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية، وبالتطبيع الشامل مع الكيان الصهيوني وذلك في مقابل اعتراف إسرائيلي بدولة فلسطينية على أرض 1967 الضفة الغربية وقطاع غزة.. ولجعل العملية تدخل في إطار الواقعية تم الحديث عن تبادل أرض لإنهاء المأزق الناتج عن التمدد الاستيطاني.
    يعود الوفد العربي الرسمي إلى عواصمه، وقد أعذر لله وبلّغ الرسالة كاملة وعاد قرير العين راضي الضمير، وليس على الفلسطينيين والعرب إلا انتظار تطبيق الأمريكان لما وعدوا به وقفة للحق ولله كما قال الشيخ القرضاوي، نزيل الدوحة.. وسيكون أي صوت من هنا فصاعدا يدعو للاشتباك مع العدو الصهيوني أو الأمريكي، إنما هو سلوك غير مسؤول ومضر بالمصالح الوطنية والقومية، سيجد نفسه محاطا بالشبهات والطعن من كل جهة.
    في بداية التسعينيات أعطى الحكام العرب الإذن للأمريكان والغربيين للحرب على العراق وذلك مقابل وعود من بوش الأب، بأن يتجه فور الانتهاء من الحرب إلى تفعيل العملية السياسية لحل القضية الفلسطينية بموجب القرارات الدولية.. والذي جرى يعرفه الجميع، حيث دمرت أمريكا والغرب الصليبي العراق واستمرت في حربها عليه دون تجديد تصريح من العرب، وتواصلت عملية التدمير حتى احتلوا العراق مباشرة.. وماذا أخذ العرب من وعود الأمريكان بخصوص القضية الفلسطينية.
    في كل مرة يعمل الغرب على إنجاز خططه في أمتنا استعمارا وتدميرا يلقي لنا بملة وعود عسلية لكسب الوقت وتخديرنا وإلقاء الاضطراب في ساحتنا.. فهل تكون هذه الوعود الآن التي يلقي بها الأمريكان لمجمع الوفد العربي من باب التهيئة لعدوان خطير يمس وحدة الأمة ومستقبلها؟ هل تكون هذه الوعود تمهيدا لكسب موقف عربي واضح بالتحالف مع الأمريكان في حرب محتملة ضد إيران؟ هل هذه الوعود تعني إطلاق اليد لأمريكا والغرب في تدمير سوريا؟
    إن العلاقة مع الغرب أكسبتنا وعيا تاريخيا خاصا، وجعلتنا نفسّر الواقع بقوانين التاريخ وبالحس التاريخي الذي يسكننا.. إنهم لا يقدمون باليمين إلا ما سيأخذون أضعافه باليسار..
    إنه لمن العبث أن نعرض أمتنا مجددا لألاعيب الغربيين والأمريكان.. وإنه لمن العبث أن نربط مصير شعوبنا وفلسطين والقدس بوعود من إدارة أتقنت الكذب والخديعة ولا عهد لها ولا مواثيق.. وإن أسوأ ما في المشهد أن يقتنع المناضلون والمقاتلون بأن غريمهم أعطاهم الأمان فذهبوا لتوفير الأمان له وهو لا يزال القاتل والسارق.. عموما صدق المثل الشعبي التاريخي القائل: لا يأتي من الغرب ما يسر القلب.
    رأي الدستور المنطقة تسير إلى المجهول في ظل غياب الموقف العربي
    عن الدستور الأردينة
    باستعراض سريع للمشهد العربي نجد أن المنطقة كلها تسير إلى المجهول، في ظل غياب الموقف العربي الموحد.
    وبوضع النقاط على الحروف نجد أن الأزمة السورية تزداد تعقيدا واستعصاء بفعل التدخلات الدولية أو بالأحرى الصراعات الدولية بعد أن أصبحت الساحة السورية ميدانا للحرب الباردة بين روسيا وأصدقائها، وأمريكا وحلفائها، ما يعني -قياسا على الوضع الميداني- أن الأزمة ستطول كثيرا، وهو ما يشي بتعاظم مأساة الشعب الشقيق، واستمرار تدفق اللاجئين عبر الحدود لدول الجوار، وهو ما دفع بالأردن لرفع ملف اللاجئين إلى مجلس الأمن ليتحمل مسؤولياته بإنقاذ الشعب الشقيق سواء لجهة توفير المساعدات المادية العاجلة، أو لجهة تسريع الجهود الدولية لحل الأزمة سلميا بعد فشل الطرفين “المعارضة والنظام” بحسم الموقف عسكريا.
    وفي هذا السياق نذكّر برؤية جلالة الملك عبدالله الثاني لحل الأزمة، ونصيحته للإدارة الامريكية بأن ترمي بثقلها لتحقيق الحل السياسي، كسبيل وحيد لوقف سفك الدماء وانقاذ القطر الشقيق ارضا وشعبا من التقسيم وإقامة الدويلات الطائفية، وقطع الطريق على المتطرفين، الذين يشكلون خطرا ليس على سوريا فحسب، بل على المنطقة كلها.
    إن استمرار هذه الحرب القذرة وسقوط حوالي مائة الف قتيل، وتدمير البنى التحتية للدولة السورية وتهجير أكثر من خمسة ملايين إنسان في الداخل والخارج يعانون ظروفا مأساوية صعبة بعد تقاعس المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية عن تقديم المساعدات المطلوبة لهم للتخفيف من معاناتهم، كله يؤكد ان هذا المجتمع والدول المعنية بالأزمة، ليست جادة بحلها حلا سلميا بعد ان قام البعض بتوظيفها لخدمة اهدافه الخاصة.
    إن اسوأ ما تمخضت عنه هذه الأزمة هو محاولة البعض تفسير ما يحدث بأنه صراع مذهبي بين السنة والشيعة وهو ما يعد إساءة بالغة للشعب السوري الشقيق، وللأمة كلها التي ما عرفت عبر تاريخها الطويل مثل هذه الأمراض القاتلة .
    وتزداد خطورة الأوضاع في المنطقة بعد وصول النيران الى أرض الرافدين، ووصول الأزمة الى مرحلة خطيرة بعد سقوط عدد من القتلى والجرحى، واتخاذها منحى طائفيا لتعميق الجرح، ودفع البلاد الى حرب أهلية مدمرة، تصب في صالح أعداء الأمة.
    وبتوسيع دائرة البيكار فإن عدم استقرار الأوضاع في دول الثورات: مصر، وتونس واليمن وليبيا، يزيد من قتامة المشهد، ويدفع بالعدو الصهيوني الى استغلال الأوضاع العربية والفلسطينية البائسة لتكريس الأمر الواقع من خلال الاستيطان والتهويد.
    مجمل القول: لا مناص أمام الأمة إذا أرادت أن تحمي نفسها وأوطانها من التشظي والتطرف الا بالخروج من مربع الخلافات والثارات والخنادق المتقابلة، والعودة إلى الجذور و وحدة الصف والهدف لتكون كما أرادها البارئ عز وجل “خير أمة أخرجت للناس”.
    ليـس باسـمنـا
    عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
    يقال في المثل الشعبي، أن “ أول الرقص حجلان”، وما حصل في “بلير هاوس” أول من أمس، ليس سوى “الحجلان”، أما الرقص على إيقاع الرئاسة القطرية للقمة العربية، فـ”وصلاته” الرئيسة لم تبدأ بعد..فهي وإن بدأت بإقرار “تبادل الإراضي” في أول “رخصة” عربية جماعية رسمية للاعتراف بالمستوطنات وتشريعها وإيجاز ضمها لإسرائيل، إلا أنها ستتواصل إلى حين “ترشيق” المبادرة العربية، و”تخفيفها” من القدس وعبء العودة وحقها.
    كان المفروض، أن يذهب الوفد العربي إلى واشنطن لحشد الضغط والتأييد لوقف الاستيطان، وإرغام إسرائيل على القبول بخط الرابع من حزيران أساسا للفصل بين الدولتين بموجب “حل الدولتين”..ذهب الوفد برئاسته القطرية الأنيقة، وبدا وزير خارجية فلسطين كموظف مراسم وبروتوكول يسير خلفه وفي معيته، لتقديم وجبة جديدة ودسمة من التنازلات المجانية، طواعية ومن دون أن يطلبها أحد، تعبيراً عن الشكر والامتنان للرعاية الأمريكية للدور القطري في تدمير سوريا والعبث بمصر وتخريب تونس وتفتيت ليبيا وإيقاظ الفتنة في العراق، ودلالة لا ينقصها الدليل، على نجاح الإماراة الخليجية في “تدوير الزوايا الحادة” لمواقف مختلف الأطراف الإسلامية من طالبان إلى حماس مروراً بكبير العلماء ومجلسهم العالمي.
    قبل أن تبدأ المفاوضات، ولكي تبدأ، تم تقديم هذا التنازل الذي يُقال في تبريره أن الرئيس عباس قبل به في مفاوضاته مع أولمرت وليفني..ولنفترض ان عباس فعل ما فعل، طائعاً أم مرغماً، فما حاجة سبع دول عربية لفعل شيء مماثل، ولماذا تتلقف هذه العواصم أي تنازل فلسطيني يُنتزع تحت الضغط والحصار، فتقوم بـ”تعريبه” و”أسلمته”..وما المقابل الذي حصل عليه الوزراء نظير “جائزة الترضية السخية” التي قدموها باسم “من لا يملك إلى من لا يستحق”.
    تحت جنح الربيع العربي، وبمشاركة وزراء خارجية دول الربيع العربي، نجح الوزير القطري، في فتح “المبادرة العربية” للتعديل و”الترشيق”..وهي المبادرة التي كانت بذاتها، ومنذ يومها الأول، تعبيراً عن حالة العجز والتخاذل العربيين، المبادرة التي أريد بها تنظيف الوجوه التي تلطخت بغبار الحادي عشر من سبتبمر، ولم تُصغ بهاجس استرداد الأوطان واستعادة الحقوق..وظلت منذ ذلك التاريخ، تتنقل كالجثة الهامدة، من قمة إلى أخرى، ومن عاصمة عربية إلى عاصمة عربية أخرى، بفعل الرفض والاحتقار الإسرائيليين للمبادرة والمبادرين.
    في قمة تونس جرت أول محاولة للتنصل من المبادرة وفتحها للتعديل، علّها تلقى رضى واشنطن وتجاوب تل أبيب، سيما في البند الخاص باللاجئين، على التباسه وبؤسه..، لكن المحاولة سقطت، فقد كان في الجسم العربي بقيةٌ من رمق وكرامة ودم..إلى أن توالت الانهيارات وتوفرت “الرعاية القطرية” لإنجاز هذا “الفتح العظيم” الذي ستتلوه فتوحات كبرى على قارعة التوسل والتسول، ولم لا تفعلها قطر، وهي التي جمعت تحت مظلتها: الشيخ والمفكر والمجاهد والمناضل والانتهازي والإخواني، بعد أن توفر لها ما يكفي من المال والإعلام لاحتواء الجميع وشراء ذممهم وأقلامهم وبنادقهم وعقولهم.
    ولن تقف حكايتنا مع “الحقبة القطرية” في تاريخ المنطقة، التي يُراد لها أن ترث وتتوج الحقبة السعودية – الخليجية و”تطورها”، عند هذا الحد..فثمة فصول أخرى ستتكشف تباعاً، فهذا هو الثمن الذي يتعين دفعه من كيس شعوبنا ومجتمعاتنا وقضايانا الوطنية والقومية، تحت الضغط و”الغواية” القطريين، نظير السماح لدولة بالكاد تتوفر على مقوماتها، لكي تضطلع بدور “زعامي” في المنطقة، بحماية أمريكية وتشجيع إسرائيلي، “مقتنصةً”لحظات الضعف والتفكك البالغة حد الانهيار التي تعيشها دول المنطقة المركزية أو تقف على حافتها.والمؤسف حقاً أن هذا التنازل القطري – العربي، الذي يُدفع من الجيب الفلسطيني، هو نوع من “العربون غير المسترد”، فإسرائيل لم تلتزم في المقابل بأي تنازل، والولايات المتحدة ليس في جعبتها غير مشروع “السلام الاقتصادي” الذي استعارته من نتنياهو وإعادت ترجمته وتنقيحه وتقديمه على أنه “العرض الذي لا يُرد”..فيما جرافات الاستيطان تواصل تقطيع الأرض والحقوق والمقدسات، وطائرات سلاح الجو تواصل حرب الأرض المحروقة في قطاع غزة، والمجتمع الإسرائيلي يتنقل من هستيريا التطرف القومي إلى جنون التطرف الديني.
    لن تقوى السلطة الفلسطينية على مقارعة الضغوط القطرية، فهي كانت أول من أبدى الاستعداد بتقديم هذا التنازل، وكيف لها أن تنهى عن خُلقٍ وهي التي أتت بمثله..ولن تقوى حماس على فعل ما هو أبعد من إصدار البيانات العمومية، “المُجهِّلَةِ” للفاعل والضاغط الحقيقي، وكيف لها أن تفعل ذلك وهي المدينة لملايينه الأربعمائة، ولعاصمته بالحضانة والرعاية والسقاية والرفادة..وسيمر هذا التنازل وطنياً وقومياً من دون مقاومة تذكر، ولقد رأينا وزراء خارجية دول الربيع العربي وأمين عام الجامعة، يصطفون كالكومبارس خلف “المعلم” و”وولي النعم” و”رب العمل الأول”..وأي صوت آخر، يصدر عمن كان يُعرف بـ”محور المقاومة والممانعة، سيطعن في دوافعه ومراميه و”أجنداته الخفية”، وسيوسم بالمذهبية والانسياق في مندرجات “هلاله الشيعي”.ما حصل في “بلير هاوس”، هو انذار للشعب الفلسطيني، صاحب السيادة على نفسه وقضيته وحقوقه ومقدساته..الأرض في خطر، والعاصمة تُبتلع، والمقدسات تُدنس، وحق العودة دخل سوق النخاسة الوطنية والقومية، والأطر القائمة على ضفتي الانقسام، باتت أعجز من أن تجلب نفعاً أو تدرأ ضُراً، إن لم نقل باتت المشكلة وليس الحل..فهل آن أوان استعادة الوعي وزمام المبادرة واستنهاض الطاقات وتجديد الحركة الوطنية على طريق الحرية والاستقلال..هل آن آوان استنطاق الملايين الصامتة لتقول بصوت واحد: ليس باسمنا.
    خطة الأردن الغائبة
    ماهر ابو طير عن الدستور الأردينة
    يواجه الأردن حرباً دموية في سورية، تضغط بشدة على خاصرته الشمالية، والأرجح اننا سنشهد حرباً دموية قريباً في مناطق غرب العراق، ومؤشرات هذه الحرب تتصاعد، ما يجعل الأردن محصوراً بين حربين.
    هي الحرب السياسية التي يتم توليدها ضد المعسكر الإيراني وتوابعه في المنطقة التي تبدأ بالعراق وتصل سورية، وتمر بحزب الله، وتصطحب معها كل الامتدادات في مناطق الخليج وفلسطين ودول أخرى.
    الحرب ذات دوافع سياسية وعسكرية، غير انه يتم تلوينها بلون ديني مذهبي لاستثارة شعوب المنطقة ضد بعضها البعض، تحت شعارات دينية، تغذيها عمائم في كل مكان، وتباركها فتاوى دينية تحت الطلب، تجد مخرجاً ضميرياً لكل فتوى.
    ما أسعد اسرائيل هذه الأيام وهي ترقب انتحار المنطقة وابنائها تحت عناوين مختلفة، وتحت شعار تتبناه كل الأطراف، حول مآلات الجنة وملكيتها، ولمن ستؤول في نهاية المطاف بين ابناء القبائل المتحاربة، فلا ردتهم عروبة، ولا أخجلهم دين ولا نسب؟!.
    الأردن يديرموقفه من الأزمة السورية بطريقة صعبة، وهو حتى الآن لا يقول انه وكيل السنة في سورية، ويحاول ان يأخذ موقفا بأقل الكلف، لكنه سيجد نفسه بعد قليل امام نسخة مطورة من الحرب في سورية، بطبعتها العراقية وتحت ذات العنوان، اي اضطهاد السنة غرب العراق على يد بغداد الشيعية، فيما الملاذ الآمن هنا هو الأردن.
    المؤسف ايضاً اننا نجد شعوباً لا تحلل المشهد بعمق، بل يتم جرها الى الحرب الدينية والمذهبية، بين ابناء منطقة واحدة، وهي منطقة استوعبت تاريخياً اصحاب ديانات اخرى، لكنها اليوم تريد ان تتطهرمذهبياً، فيقتتل الناس، وُيصدقون انهم يرضون الله في افعالهم.
    إذا انفجرت الأجواء غرب العراق، فلن يكون غريباً، ان تحدث موجات هجرة جديدة من العراق الى الاردن براً، على ذات الطريقة السورية، لأن ما يجري في العراق سيقودنا في الأغلب الى حرب مذهبية واسعة تؤدي الى فرار سنة العراق الى المناطق الأقرب اليهم، أي الأردن، لأن المجال الحيوي السوري مغلق بسبب ذات عنوان الحرب المذهبية الذي تم توليدها سياسياً واقتصادياً واعلامياً.
    لعل السؤال المطروح: ما الذي سيفعله الإردن اذا انفجرت مناطق غرب العراق، وهل هو قادرعلى اغلاق حدوده البرية الطويلة، وماهي إمكانات الأردن العسكرية واللوجستية والمالية لمواجهة هكذا ظرف مقبل على الطريق؟!.
    هذا يفرض على الأردن والذي له علاقات نافذة في غرب العراق، ان يسعى لتهدئة هذه المناطق، عبر الاتصال السياسي مع شيوخ العشائر والنواب والأمنيين والأثرياء والسياسيين، واغلبهم له اقامات هنا في الاردن، وله علاقات تنسيقية مختلفة، ويمكن التأثيرعليهم، صيانة لمستقبل العراق والاردن ايضا، حتى لا يجد الأردن نفسه وسط حرب تمد السن نيرانها من كل الجهات.
    إذا بقي الاردن حيادياً بشأن الملف العراقي، فإن كلفة الانفجار غرب العراق سترتد اردنياً، على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وستأخذنا الى مشاكل كثيرة لا تقف عند نشوء تنظيمات جديدة، ولا عند تهريب السلاح، ولا عند مد المواجهات من العراق الى سورية، ولاعند موجات الهجرة الجديدة، والآفاق مفتوحة لكل التصورات.
    مصلحة عمان الاستراتيجية، إطفاء النار غرب العراق، هذا إذا كان لدينا خطة اصلا للتعامل مع مستجدات غرب العراق، وهذا ملف مقبل على الطريق، ولن يحتاج الا لبضعة اسابيع، حتى ينفجر باتجاهنا، في ظل اصرار عواصم اقليمية على مد الحريق بالحطب.
    لعلنا ننجو من مصائب الإقليم، فوق ما فينا من تعب وضيق وشدة وقلق.
    أين «السفارة» من عطا عياش؟!
    حلمي الأسمر عن الدستور الأردنية
    وفق عائلة المواطن عطا عياش، المعتقل لدى سلطات الاحتلال الصهيوني من 13 نيسان ابريل الماضي، فقد تمكن المحامي الاستاذ محمد العابد من زيارته يوم الثلاثاء الماضي في معتقل بيتح تكفا، بعد رفع سلطات الاحتلال الاسرائيلي الحظر عن الزيارة، المحامي يقول: إن صحة عياش جيدة ومعنوياته مرتفعة وانه مطمئن لبراءته من كافة الاتهامات الاسرائيلية المزعومة..
    الاستاذ عطا عياش البالغ من العمر «61 عاما» ظل طيلة الفترة الماضية معزولا عن العالم، وظل يخضع للتحقيق دون أن تسمح للمحامي أو الصليب الأحمر بزيارته، في انتهاك صارخ لحقوق الانسان وللمواثيق الدولية الخاصة بالمعتقلين من قبل قوات الاحتلال.
    نشارك عائلة الأستاذ عياش استغرابها واستهجانها الشديدين لعدم تحرك الخارجية الاردنية حتى الان لمتابعة قضيته، وهو المواطن الذي عمل في سلك الحكومة الاردنية لأكثر من 28 عاما، حيث خدم في وزارة التربية والتعليم خلال الاعوام من 1973 إلى 2000، كما عمل وما يزال منذ نحو اربعة عقود في مجال العمل الانساني والإغاثي والخيري والتطوعي داخل المملكة، وقد كان لحين اعتقاله مديرا لادارة العلاقات العامة وشؤون المحسنين في جمعية المركز الاسلامي فرع مدينة المفرق.
    مضى على احتجاز عياش، وهو عم الشهيد المرحوم يحيى عياش، مدة تقارب عشرين يوما، وكنا نتوقع أن تقوم السفارة في كيان العدو بواجبها في زيارة هذا المواطن الأردني، والاطمئنان على وضعه الصحي والإنساني، إلا أن شيئا من هذا لم يتم، إذْ تجاهلت السلطات المختصة معاناة عياش وأسرته منذ اعتقاله الظالم على ايدي سلطات الاحتلال الاجرامية، ونحن من هذا المنبر ندعو الحكومة الاردنية واجهزتها المعنية إلى التحرك العاجل لمعرفة أوضاعه وظروف توقيفه، كما نطالبها بسرعة العمل للافراج عنه فورا، وهذه أبسط حقوق أي مواطن على دولته، المفترض أن توفر له الحماية من أي اعتداء، وتخيلوا معي لو اعتقلنا يهوديا، ماذا كان سيحصل، بالتأكيد كانت الدنيا ستقوم ولا تقعد، فلمَ نستهتر بحياة مواطنينا على هذا النحو المؤسف؟ جمعيات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني، كلها مدعوة لإسناد هذا المواطن الأردني، ليس من أجله هو وعائلته فقط، بل من أجل هيبة وكرامة المواطن الأردني؛ لأن الدفاع عن عياش يرسل رسالة لأي معتد على أي مواطن أردني تحت أي سماء، أن هذا المواطن له من يدافع عنه ويلاحق من يعتدي عليه، وله دولة محترمة تحترم مواطنيها ولا تسمح لأي كان بامتهان كرامتهم!إذا لم تقم السفارة في تل أبيب بواجبها في متابعة شؤون المواطنين، والدفاع عنهم، فما واجباتها إذن؟ ولمَ تكون السفارات والميزانيات، والوزارات؟
    هذه المواجهة ... كيف ستحسم؟
    محمد جابر الانصاري عن الحياة اللندنية
    لم تسفر ما سمي حركات «الربيع العربي» عن تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلدان العربية التي حدثت فيها كما كان مفترضاً، بل إن الأمر من الناحية الاقتصادية يبدو خريفياً، وظهرت بذور مواجهة بين أنصار المفهوم المدني للدولة وأنصار المفهوم الديني، ويبدو أن هذه المواجهة هي حدث الساعة في العالم العربي.
    فمن تونس إلى ليبيا ومصر، إلى سورية والعراق واليمن، ينشغل الناس بأنباء هذه المواجهة بين التيارين وإذا حدث انشغال بأمور أخرى فإن هذه المواجهة تكمن خلف ذلك، ويندر أن ترى بلداً عربياً يخلو من بذور تلك المواجهة، سواء شهد تغييراً أم لم يشهد، حيث إن المجتمع منقسم بين الداعين إلى الدولة الدينية، والداعين إلى الدولة المدنية (وكل حزب بما لديهم فرحون)، ويسمع المرء شقاقاً بين هؤلاء وأولئك، بما يوحي بأنهم على وشك الدخول في حرب لا تبقي ولا تذر.
    ولكن هل الصدام الذي وقع بين العلمانيين والدينيين في مناطق أخرى من العالم محتوم أن يتكرر في العالم العربي؟ ألا يملك هذا العالم العربي تراثاً دينياً يتوافق مع مستجدات العالم؟ إن دراسة التراث الفقهي الإسلامي يمكن أن تفتح آفاقاً جديدة للتوافق مع مستجدات العالم. ويستغرب المرء من انصراف الفريقين عن دراسة هذا الفقه الذي يمتلك أسساً للتوافق بينهما. فقد قامت على أساسه دولة عاش في ظلها الناس راضين سعداء.
    إن التأمل في «صحيفة المدينة» التي وضعها النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) حال ما هاجر من مكة - ومسارعة النبي إلى وضع هذه الصحيفة دليل على وجوب الدولة في الإسلام، كما إن مبادرة الصحابة إلى انتخاب خليفة من بينهم بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، دليل آخر على هذا الوجوب، بالإضافة إلى نصوص من الحديث النبوي الشريف تقول: «إن التأمل في صحيفة المدينة التي كانت اتفاقاً بين المهاجرين واليهود والوثنيين، دليل على تعايش أصحاب العقائد المختلفة في الدولة الإسلامية».
    وهذا الاتفاق هو أول اتفاق سياسي بين المكونات الداخلة في تأسيس هذه الدولة وبين رئيسها وقائدها.
    ومن عجب أن «صحيفة المدينة» قد تم التعتيم عليها لأنها تسمح بكل ذلك.
    وإذا كان اليهود قد انقلبوا عليها، فذلك مرجعه إلى أسباب خاصة بهم ولا تمس «الصحيفة» من قريب أو بعيد. ثم إن القرآن الكريم قد تضمن أحكاماً شرعية تتطلب قيام دولة تنفذها. صحيح إن النص القرآني لم يشمل مصطلح «الدولة»، كما إن الإسلام يقوم على أركان خمسة ليس من بينها إقامة الدولة. وهذا دليل على إمكانية وجود مسلمين من دون «دولة» إسلامية.
    وفي غمرة هذا الجدال المحتدم بين الفريقين فإن ذلك ينهض دليلاً لصالح الفريق الآخر يمكن أن يشهره في وجه القائلين بالدولة الدينية.
    والقائلون بالدولة الدينية وراءهم إيمان مقيم لا يتزعزع، وهذا ما أدى في تقديري إلى فوز المعسكر الديني في الانتخابات المصرية وكل انتخابات عربية.
    ويمكن تصور بقاء التوزيع الديني على حاله، بمعنى أن يظل كل قطر عربي كما كان في السابق، فتبقى مصر العربية بلد الأزهر الشريف، وموئل الإسلام السمح والمعتدل، وتبقى المملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين وموطن الإسلام.
    وذلك يذكّر بـ «النموذج التركي»، حيث تركت تركيا العلمانية التي فرضها عليها أتاتورك، واتجهت إلى إسلام أردوغان.
    ومن خلال هذه التجربة التركية يمكن للعالم الإسلامي أن يتلمس طريقه في الموازنة بين الدولة المدنية والدولة الدينية.
    إن دراسة إحداثيات هذه التجربة، وكيف تطورت أمر مهم للغاية، فليست هذه التجربة متاحة للجمهور إلا بعد دراستها والتأمل فيها.
    وبعد...
    فهل نحن مقدمون على مواجهة سلمية بين الفريقين أم إنها مواجهة قوامها العنف والشدة؟
    إن تراثنا الفقهي الإسلامي يؤشر لنا بأن المواجهة السلمية ممكنة.
    فهل نقتبس منه؟
    نرجو ذلك.
    من يبدد هذه «الحيرة»؟!
    حسين الرواشدة عن الدستور الأردنية
    بصراحة، لا احد يعرف اليوم في بلداننا العربية اين هو الخطأ واين هو الصواب، من نتهم؟ عمن ندافع، اين نقف والى اين نسير؟ الحق اختلط بالباطل، والصديق الذي كنا معجبين به كشر عن اسنانه وكشف جزءا من حقيقته، الشعوب مخيرة بين “تغيير” يسترد حقوقها وكرامتها لكنه “مسيج” بالديناميت والحرائق والدماء والتدخلات الدوسلية وبين “صمت” على انظمة ارهقتها واوصلتها الى الهاوية.
    الامثلة كثيرة، خذ مثلا “حزب الله” الذي انتزع اعجابنا في حرب 2006 ضد اسرائيل، ودفعنا الى “الامل” بالمقاومة، ثم حدق في صورة حسن نصر على الشاشة امس، سترى ان كل ما قاله الرجل حول “الحرب في سوريا” وموقف الحزب منه غارق تماما في “الدفاع” عن الطائفة، فاخطر ما يزعجه هو مصير مقام “السيدة زينب” وحياة الشيعة المهددة في “القصير” هل يعقل ان يتحول خطاب الحزب من “مقام” الدفاع عن الامة ودم الانسان المسلم الى “مقام” الدفاع فقط عن بضعة “الاف” من الشيعة وقبر السيدة “زينب” فيما دماء مئات الاف السوريين التي سالت لا تعنيه كرمى لعين “النظام” الذي يقول الحزب بانه لن يسمح لاحد ان يسقطه.
    خذ - ايضا - بالجملة ما يحدث في سوريا، النظام يقتل شعبه، والشعب سلم “رقبته” لمعارضة لا تمثله، وجماعات “مسلحة” اختطفت الثورة، ودول كثيرة “دخلت” على الخط لتحقيق مصالحها غير البريئة.
    وعلى الهامش ثمة في بلادنا من اصطف مدافعا عن “النظام” وثمة من وقف ضده، ثم اختلطت الاوراق حين داهم “الاجنبي” الجبهة فسمعنا من يؤيد “التدخل” العسكري ويطالب به انقاذا للشعب السوري ومن يعارض ذلك حماية لسوريا من التقسيم.. هل يملك احدنا امام هذا المشهد ان يقرر مع من يقف؟ وكيف، ومن هو على حق من الفرقاء.. ومن “المشاركين” ايضا في اقتحام الميدان السوري، سواء من بوابة “السياسة” او من بوابة “العسكر”.
    خذ - ايضا - جبهة “الاسلاميين” الذين وصلوا الى السلطة، فقد انقسم المجتمع حولهم، في مصر - مثلا - لا تعرف من هو في صف الثورة ومن هو ضدها، ولا من يريد “تهديم” المعبد بمن فيه ومن يريد “اخراج” مصر من ورطتها، الاخوان يتهمون خصومهم “باجهاض” المشروع، و “الانقاذ” وحلفاؤهم يتهمون مرسي والمرشد بمحاولة “اخونة” مصر، والشعب - دائما - يدفع الثمن.. اما نحن فلا ندري من هو على حق ومن الذي تورط في “الباطل.
    خذ - ايضا - انقسام مجتمعنا حول “الاصلاح” وحول “الفاعلين” في حقل السياسة وفي “الشارع”.. منذ عامين لم نستطع ان نلتقي على “فكرة” للخلاص او ارضية للحوار، وحتى على موضوع “العنف” في الجامعات ما زلنا “نتجادل”: من اين خرج ومن هو المسؤول عنه، ولا نعرف - ايضا - من هو على حق ومن ضلت اقدامه طريق الصواب.
    نحن - اذن - حائرون، فقد اختلط علينا الابيض مع الاسود، واختلط علينا “البقر” ايضا، وما زلنا نسأل: ما لون “بقرة” مجتمعنا وما شكلها .. ومن الذي تورط في “ذبحها” ومن المؤهل لانقاذها، ما زلنا نعلق امالنا على “مجهول” ونمط شفاهنا عند الاجابة على اي سؤال، ونعايش حالة “الانكار” التي استغرقنا فيه. وكأن كل هذه “الصدمات” لم تفعل بنا شيئا.
    ماذا حين يعلن نصر الله الحرب ويرجئ التفصيل؟!
    ياسر الزعاترة عن الدستور الاردنية
    يعلم أمين عام حزب الله حسن نصر الله أنه لم يعد ذلك الرمز الذي يتكلم فينصت له الجميع، فقد انتهى بفعل سياسات الولي الفقيه التي فُرضت عليه، أو لعلها اقتنع بها، انتهى إلى زعيم مذهبي؛ ليس في لبنان وحده، بل في العالم العربي والإسلامي أيضا، وهو مثل مغامر لم يلبث أن بدد رصيدا جمّعه خلال عقدين في غضون عامين، وربما أكثر قليلا (بدأ التبديد الواضح منذ اجتياح مقاتليه لبيروت، أيار 2008، مع قدر من الشكوك بدأت حول موقفه حين ساند عمليا القوى التي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية في العراق، وإن على نحو موارب عبر حديث عن المقاومة والممانعة).
    يوم الثلاثاء، أطلَّ نصر الله بعد غياب لأكثر من شهرين تكاثر فيها الجدل حول دور الحزب في سوريا، وقيل إنه سيطل من جديد بعد أيام، ويبدو أن للأمر صلة مباشرة بانتخابات الرئاسة الإيرانية المزمع إجراؤها منتصف الشهر الجاري، والتي تسيطر على عقل الولي الفقيه في طهران، ومن الطبيعي أن ينسحب تأثيرها على نصر الله الذي التقى خامنئي بشكل شبه معلن مؤخرا في طهران (نشرت صورة لطرفي اللقاء دون حديث عنه).
    الملف السوري له تأثيره المباشر على انتخابات الرئاسة في إيران، لأن الفشل فيه سيعني فشلا لمشروع التمدد الإيراني في المنطقة، وعموم السياسة الخارجية التي أورثت الشعب الإيراني عقوبات وبؤسا اقتصاديا قد تدفع نحو هبة شعبية على غرار الربيع العربي، ما يجعل القيادة الإيرانية حريصة على تجاوز هذه المحطة، مع أن تجاوزها لن يعني أن الوضع قد استتب تماما، اللهم إلا إذا نجحوا في عقد صفقة مع الغرب تنهي العقوبات، مقابل النووي، مع أمل بأن يشمل ذلك سوريا.
    كان على نصر الله والحالة هذه أن يدخل على الخط مؤكدا أن سوريا لن تسقط “في يد أمريكا أو يد إسرائيل أو يد الجماعات التكفيرية”، من دون أن يترك ملفات أخرى تتعلق بمشاركة الحزب في المعركة.
    بعيدا عن حكاية الطائرة (بدون طيار) التي تحدث عنها بطريقة كاريكاتورية وذهب يضع احتمالات لمن أرسلها إلى سماء فلسطين، فيما يعلم الجميع أن الحزب هو من أرسلها لأهداف سياسية معروفة تتعلق بالتلويح بالرد على أي تدخل دولي في سوريا، بعيدا عن ذلك، فقد كان الرجل صريحا في الحديث عن تورط الحزب في سوريا، وإن حشر الأمر في الدفاع عن اللبنانيين في القرى الحدودية، والذي لا يحتاج إلى إذن من أحد كما قال، إلى جانب الدفاع عن مقام السيدة زينب الذي اعتبر الدفاع عنه منعا للفتنة وليس تورطا فيها (ألا يعني ذلك أن النظام لم يعد قادرا على الدفاع عنه، رغم أنه قوي ومتماسك بحسب زعمه؟!).
    دعك هنا من المقاربة البائسة لما يجري في سوريا، والتي كررها مرارا خلال عامين، واستعادها ممثلة في حكاية المقاومة والممانعة وإخراج سوريا من دائرة الصراع وتدمير الدولة السورية (من الذي يدمرها، هل هو النظام، أم الشعب الذي خرج يطلب حريته مثل سائر الشعوب العربية؟!). ولا ننسى أن خامنئي قد استعاد أيضا ذات المعزوفة قبل أيام بطريقة أكثر بؤسا، حين أشار إلى أن “النزاع في سوريا، ليس بين طرفين؛ سنة وشيعة، بل بين أنصار المقاومة ضد الصهيونية ومعارضي هذه المقاومة”، مضيفا أن “حكومة سوريا ليست شيعية، ولا المعارضة العلمانية المعادية للإسلام مجموعة سنية”.
    هكذا حوَّل كلا من نصر الله وخامنئي الشعب السوري إلى شعب عميل يقف ضد المقاومة والممانعة، ومن ورائه الغالبية الساحقة من الأمة، بينما منحا وسام المقاومة والممانعة لبشار الذي يستجدي حلا مع الغرب، ويحذرهم من القوى الإرهابية الأصولية التي ستضربهم لاحقا في عقر دارهم حسبما قال (قوىً وصفها خامنئي بأنها علمانية معادية للإسلام)!!
    في حديث المستقبل، وبعد التأكيد على أن النظام قوي “شو بدكن فيما يقوله الإعلام”، أكد نصر الله بكل وضوح أن “لسوريا في المنطقة والعالم أصدقاء حقيقيون لن يسمحوا بأن تسقط في يد أمريكا أو يد إسرائيل أو يد الجماعات التكفيرية”، مضيفا “كيف؟ جواب ذلك يأتي بعدين”.إنه إعلان حرب على الأمة لا لبس فيه، وليس على أمريكا وإسرائيل اللتان يعلم نصر الله أنهما لو كانتا معنيتان بإسقاط نظام صاحبه لسقط منذ عام على الأقل (منع السلاح النوعي عن الثوار قرار أمريكي إسرائيلي)، أما القوى التي يتحدث عنها (أصدقاء النظام)، فهي ليست سوى إيران وأتباعها الذين سيتضررون من سقوطه، وهو أشار إليهم بوضوح (لبنان والعراق)، أما الأصدقاء الدوليون فلن يقدموا الكثير في هذا المضمار، ربما باستثناء الدعم السياسي، بينما يريدون ثمن الدعم العسكري، كما هو حال روسيا.هو إذاً إعلان حرب ستأتي تفاصيله لاحقا، بحسب نصر الله، لكن واقع الحال أن تفاصيله قائمة أمام الأعين، ولولاه ممثلا في الدعم المباشر من إيران؛ مالا وسلاحا وتخطيطا وإشرافا، ومن حزب الله قتالا وتخطيطا، لما تمكن نظام بشار من الصمود كل هذا الوقت. في المقابل، يتجاهل نصر الله أن من وراء الشعب السوري أمة، من بينها دول لن تقبل الهزيمة أمام إيران، ولن تسمح لبشار بأن ينتصر في المعركة، وهي أمة استنزفت الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، واستنزفت أمريكا في العراق وأفغانستان، وستستنزف قوة إيران هنا في سوريا حتى تعيدها عشرين عاما إلى الوراء، وتصحح أوضاعا مشوهة نتجت عن تمددها في المنطقة، ومن ضمن ذلك في لبنان والعراق، والأيام بيننا.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 362
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-03, 09:34 AM
  2. اقلام واراء عربي 361
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-03, 09:33 AM
  3. اقلام واراء عربي 354
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:14 AM
  4. اقلام واراء عربي 312
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:06 AM
  5. اقلام واراء عربي 271
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:10 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •