النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 361

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 361

    اقلام واراء اسرائيلي 361
    8/6/2013

    في هــــــذا الملف

    موجه ذو ضمير
    الصعوبات والتحديات الكبيرة التي تنتظر رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد د. رامي الحمدالله واحتمالات نجاحه في منصبه الجديد
    بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت

    تركيا تغلي
    بقلم:بوعز بسموت،من اسطنبول،عن اسرائيل اليوم






    موجه ذو ضمير
    الصعوبات والتحديات الكبيرة التي تنتظر رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد د. رامي الحمدالله
    واحتمالات نجاحه في منصبه الجديد

    بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت

    لم يكد يعين الدكتور رامي الحمدالله رئيسا جديدا للحكومة الفلسطينية في ليل يوم الاحد، حتى بدأوا يؤبنونه، وبأت تُسمع في انحاء الضفة الغربية وفي قطاع غزة وعندنا ايضا تقديرات تقول بانه احتمال الا يبقى في منصبه مدة طويلة، ومن المؤكد انه لن ينجح. ويقول الساخرون: ‘أخذوا فتى طيبا بلا تجربة، والشيء الأساس ألا يضايق أبو مازن’.
    ‘ليس له احتمال كبير، في ظاهر الامر’، يقول محمد ذياب وهو رجل اعمال من الخليل موافقا، ويستل قائمة مشكلات طويلة صعبة موضوعة على باب الحمدالله. ويجب عليه ايضا ان يقرر هل يختار ان يكون إمعة لأبو مازن أم يصوغ لنفسه خطة عمل ويظهر استقلالا كما فعل سلفه، سلام فياض’.
    ويقول المقربون من الحمدالله انه أخذ يعمل على مدار الساعة، وتدل الدلائل على انه لا ينوي الفشل. ويعرفونه في اسرائيل في الأساس من الاوراق المكتوبة. ‘معتدل وبراغماتي’، يُسمعونني ردا دبلوماسيا. ‘بعد ان نجح كثيرا في الجامعة، لماذا يحتاج الى هذا الملف الثقيل؟’.
    تلاحظ من وراء ستار التعيين بصمة إصبع وزير الخارجية الامريكي جون كيري. ‘بعد ان اعلن فياض انه سيغادر’، يقول شخص فلسطيني رفيع المستوى لصحيفة ‘يديعوت احرونوت’، ‘حاول كيري ان يقنعه بالاستمرار لكنه كلما ضغط اصبح رفض فياض أشد. واستمر كيري يضغط عليه للبقاء في منصبه الى ان يتم اعلان تجديد التفاوض مع اسرائيل على الأقل، لكن فياض أصر على حزم متاعه: فليس سرا ان علاقاته بأبو مازن تحطمت وان الشارع الفلسطيني هدد بأن يثور على خطته الاقتصادية، ولا سيما رفع الاسعار والضرائب’.
    وفي هذه المرحلة أثير اسما الموصى بهما لمنصب رئيس الوزراء وهما: رئيس صندوق الاستثمارات الفلسطيني، الدكتور محمد مصطفى، ورئيس جامعة النجاح الدكتور الحمدالله. وأراد أبو مازن الرجل الذي يثق به، الدكتور مصطفى لكن كيري أوضح لأبو مازن أن ‘هذا يبدو سيئا’، وقال ان تعيين الحمدالله أفضل، وأبلغ القدس بذلك. وأصر المجتمع الاوروبي والدول المانحة ايضا على ‘البروفيسور’ كما يدعونه في الضفة. وتردد الحمد الله كثيرا قبل ان يوافق. وحينما عُين هذا الاسبوع كان كيري اول من بارك تعيينه. ‘تواجهه تحديات كثيرة هي ايضا لحظات فرص مهمة’، قال وزير الخارجية الامريكي، ‘أنا آمل تعاونا واسعا معه للوصول الى سلام في الشرق الاوسط’.
    لم تتحمس جهات ما في الضفة للمباركة الامريكية. ويقول فلسطيني رفيع المستوى: ‘لست على يقين من ان مباركة معلنة من سياسي من الولايات المتحدة ستساعد الحمدالله في خطواته الاولى. يجب ان نتذكر ان فياض مع كل استقامته وقدراته وتواضعه، وضعت عليه في الشارع الفلسطيني علامة العزيز على البيت الابيض، ولم يسهم ذلك في الحقيقة في زيادة شعبيته. وصعب عليهم في الشارع الفلسطيني ان يقبلوا رئيس وزراء يرد على المكالمات الهاتفية بنفسه، ويسافر الى اللقاءات في سيارات أجرة ويعلن محاربة الفساد ـ ويرفع في الوقت نفسه سعر الوقود والضرائب. ادعوا عليه ادعاءات صعبة هي انه دمية امريكية واشتكوا ان واشنطن تملي عليه خططا اقتصادية لا تلائم الواقع في المناطق’.
    ‘أنا لا أخاف منه’، يقول رجل الاعلام القديم الياس زنانيري، ‘أنا أخاف عليه في الاساس من ان تحطمه المهمة الصعبة التي تحملها، وان يسير بين قطرات المطر من دون ان يبتل وان يحذر ألا يُفشلوه. فقد تعلمنا منكم كيف نضيق على الساسة الى حد الموت، من دون ان نمنحهم حتى مئة يوم رحمة. والآن يفحصون الحمد الله من جميع الجهات: فاذا تبين انه سيد النظافة وانه لم يكن مشاركا في الفساد فسيقولون انه ضعيف وساذج؛ واذا نجح بعضهم في ان يبين شيئا من فساده ـ وانا اؤمن بأن احتمال ذلك ضعيف جدا ـ فسينقضون عليه بمخالب مسلولة وعناوين صحافية ثخينة كما يفعلون بالساسة الاسرائيليين. والمشكلة هي انه اذا فشل او هرب من المنصب فسيكون ذلك على حساب المواطن الفلسطيني الذي اصبحت حياته اصلا غير سهلة’.



    خذ مالا ولا تُعد

    يعرف بشار المصري صاحب مشروع المدينة الفلسطيني روابي، الدكتور الحمد الله جيدا من لقاءاتهما الثابتة في مجلس ادارة جامعة النجاح في نابلس. عمل الحمد الله 15سنة رئيسا للجامعة وجعلها قصة نجاح، فهي اليوم أكبر حرم جامعي في الضفة مع 20 ألف طالب جامعة، ومساحة واسعة ومعدات حديثة وهيئة تدريس من 400 محاضر. وقد نجح الحمد الله مع انجازات المؤسسة المختصة في ان يعيد الهدوء الى الحرم الجامعي الذي كان يختبئ فيه في العقد الماضي ستة من مطلوبي حماس، وتطوعت طالبات درسن فيه بتنفيذ عمليات انتحارية على أهداف اسرائيلية.
    ‘لا تستهينوا بالحمد الله’، يوصي المصري، ‘هو في الحقيقة هادئ ومهذب ودمث الاخلاق لكنه انسان يعرف ان يبت بالامور. وهو لن يدع الوزراء والموظفين يبلبلون ذهنه بلقاءات طويلة، وأنا اعلم من معرفتي الطويلة له انه دقيق، فهو دائما يأتي مستعدا للقاءات ويعرف مسبقا ما الذي يريد احرازه بالضبط’.
    يهرب الحمد الله من وسائل الاعلام الى ان يؤلف الحكومة الجديدة، ‘انه خصوصا يحب السماعات جدا’، كما يشهد عليه زميل من الجامعة. ‘إجلبوا فقط فريق تصوير ليستسلم لذلك، وعنده ايضا دائما وسائل مهمة وعناوين صحافية كما تحب وسائل الاعلام.
    كان العنوان الذي ادلى به الى وسائل الاعلام في صباح يوم الاثنين في اليوم التالي من اختياره، قصيرا وموجزا، ‘سأعمل على انشاء مؤسسات الدولة الفلسطينية التي ستكون عاصمتها القدس الشرقية’، ردد ما توقعوا منه ان يقوله، ‘لكنني لم آت لأهدم ما بني في السنوات الاخيرة’ تابع قائلا وأسبغ الكرامة على سلفه فياض الذي خلف له ميراثا معقدا، فقد بنى من جهة مؤسسات الدولة الفلسطينية وأعد بنية تحتية اقتصادية؛ ومن جهة ثانية وبسبب الجمود السياسي والعسر المالي في المناطق زاد الدين على مؤسسات السلطة الى اكثر من 4 مليارات دولار، هذا ولم نتحدث بعد عن تعليق رواتب آلاف العمال.
    في الاسبوعين القريبين وبعد ان يعين الحمد الله وزير مالية جديدا ويخط تقسيم الصلاحيات بينه وبين نائبه محمد مصطفى، سيواجه سؤالا اول حاسما وهو: كيف يروج لارتفاع اسعار الاغذية قبيل شهر رمضان الذي تنقض فيه جموع الناس على حوانيت الطعام، ‘اذا ارتفعت الاسعار جدا’، يحذر مؤنس برهوم وهو صاحب حانوت طعام في رام الله، ‘فان الجموع ستغرق الشوارع بتظاهرات غاضبة. وقد قال الحمد الله من قبل انه ليست عنده صيغ عجيبة’. لكن عنده مواهب في جمع الاموال. ففي سنوات ولايته لرئاسة الجامعة الـ15 نجح في جمع تبرعات بلغت 300 مليون دولار. وأكثر المتبرعين فلسطينيون نجحوا في خارج البلاد وتطوعوا بتحويل ‘رسوم ضمير’ تعويضا عن رفضهم العودة للسكن في المناطق أو للاستثمار في مشروعات في الضفة. ‘ليست عندنا مناجم وليس عندنا نفط، ويصعب علينا ان نصدر بسبب قيود الاحتلال’، بين الحمد الله في رحلات جمع الاموال ‘ان ثروتنا الوحيدة تتجلى بعقول شبابنا وقدراتهم وارادتهم الدراسة والتقدم ويجب علينا ان نساعدهم’. ان خريج جامعة النجاح الأشهر هو الدكتور صائب عريقات الذي يجلس منذ عشرين سنة الى طاولة التفاوض مع افرقاء اسرائيليين.
    قال احد كبار المسؤولين في الجامعة هذا الاسبوع، ان الحمد الله أنفق من جيبه الخاص على دراسة عدد من طلاب الجامعة لعائلات معوزة في الضفة، للقب الاول. ‘وحينما كان يأتي اليه عامل نظافة من الجامعة ويقول ان راتبه القليل وهو 150 دولارا تنتهي في الاسبوع الاول من الشهر ولا يجد طعاما يأتي به الى البيت كان الحمد الله يدخل يده في جيبه ويفتح محفظته ويدس في يده رزمة اوراق نقدية. وكان يقول للعامل: ‘خذ ولا تُعد أبدا’.

    قُتل الأبناء الثلاثة

    وُلد قبل 55 سنة لعائلة حسنة الحال من قرية عنبتا في محافظة طولكرم. وكان أبوه نائب رئيس البلدية، وكان عمه عضوا في مجلس النواب الاردني. وبدأ دراسته الاكاديمية في قسم الأدب الانكليزي وعلم اللغة في جامعة في عمان واستمر لنيل شهادة الدكتوراه في لندن، وتقدم بعد ذلك في وظائف ادارية في قسم الآداب في جامعة النجاح. ‘لم يُهبط بمظلة الى مكتب رئيس الجامعة’، يقول رجل الاعمال منيب المصري، ‘بل تسلق بين الاقسام المختلفة الى ان حصل على منصب نائب الرئيس، وفي 1998 دخل مكتب الرئيس′.
    في سنة 2000 كانت زوجته تقود السيارة في الشارع السريع بين نابلس ورام الله. وكان في السيارة ابناؤهما الثلاثة وهم توأمان أنثيان في الحادية عشرة من عمريهما وولد آخر في التاسعة من عمره. ولسبب غير واضح صدمت السيارة شاحنة اسرائيلية كانت تسير مقابلها وقتل الاولاد الثلاثة. ‘كان ذلك فظيعا’، يتذكر رجل الاعمال مصطفى البيري من طولكرم. ‘قصده آلاف للتعزية. وحاولنا ان نحدثه فقلنا له ان القدر قضى ان يصيب عائلته وانه يجب التسليم بارادة الله والاستمرار في العيش. وصافح الحمد الله عشرات آلاف الايدي زاما شفتيه’.
    ويضيف رجل اعمال من نابلس في اهتياج: ‘التقيت به بعد الكارثة بشهرين ووبخني توبيخا لم أجد جوابا مناسبا عليه. قال: لم تأت لتعزيني. وصدمتني ذاكرته التصويرية كيف انتبه في هذا الحفل العظيم الى أنني لم أستجمع الشجاعة للمجيء’.
    قبل سبع سنوات ولدت مرح الابنة الرابعة التي اعتاد ان يأتي بها احيانا كثيرة الى مكتبه في الحرم الجامعي.
    وبين قائلا: ‘انها تمنحني قوة’. ومنذ وقعت الكارثة اصبح يقوم بزيارات تعزية كثيرة في أنحاء الضفة بصورة ورعة. ‘وفي كل مرة تحدث فيها حالة وفاة’، يقول اقرباؤه، ‘يعرفون في عائلة اصحاب الحداد ان ‘البروفيسور’ سيحضر للتعزية’.
    بعد الحادثة بأكثر من عشر سنوات ايضا ما زالوا يسمونه ‘أبو الوليد’ باسم ابنه الصغير الذي قتل. في هذا الاسبوع، وقبيل الانتقال الى مكتب رئيس الوزراء، منحه منيب المصري اللقب الملزم وهو ‘الضمير’. ‘منحته هذا الاسم لانه يهتم حقا بأبناء الشعب الفلسطيني’، يبين المصري. ‘ويعلمون في اسرائيل ايضا ان الحمد الله انسان معتدل جاء ليعمل وليقوم بالامور الصحيحة. وعنده الى ذلك ايضا وجه انساني لمن يعرف أبناء شعبه جيدا. وهو لا يتكبر ولا يتنكر ويعرف ما يحتاج اليه الناس وما الذي يريد ان يحرزه من اجلهم’.
    ‘تؤول احتمالات نجاحه الى الصفر’، يكرر احد زملائه الكبار في الجامعة تحذيره. ‘ليست له تجربة ادارية خارج الجامعة. وهو يتولى ايضا منصبا فارغا من الصلاحيات لأن أبو مازن سيقعد على رأسه بواسطة النائبين اللذين ألزمه إياهما وسيجذب الخيوط، وقد تشوش اسرائيل على خطط التطوير الاقتصادي.
    وقد عبرت قيادة حماس في غزة عن عدم رضاها وهذه فقط بداية التعبيرات عن الغضب لتعيينه. ومن المهم ان نذكر ان له منفذ هرب لانه يستطيع اذا ضاق ذرعا ان يتمسك بكتاب تعيينه رئيسا لحكومة انتقالية وان يستقيل بعد ثلاثة اشهر’.
    في حماس ردوا حقا على التعيين بغضب، وعرفه متحدث المنظمة فوزي برهوم بأنه ‘غير قانوني وغير شرعي’. وكان التوقع هناك ان ينتخب رئيس وزراء من القطاع يكون علامة على رغبة في التصالح بين حماس وفتح، ‘لكن في اللحظة التي عين فيها شخص من الضفة لا من غزة’، بين احد مساعدي رئيس الوزراء الجديد المرشحين، ‘ادركوا في حماس انه لا توجد نية حقيقية للمصالحة، وانه ليس لأبو مازن خطط لانشاء حكومة وحدة وطنية’.
    في مقابلة صحافية قصيرة مع وسائل الاعلام الفلسطينية أشار الحمد الله اشارة خفية الى انه سيبقى في المنصب الى ان تنشأ حكومة فتح ـ حماس فقط. ‘صدر عن فياض ايضا هذا الكلام المردد لكنه بقي في منصبه ست سنوات’، يُذكر الزنانيري. ‘كل شيء مؤقت يصبح عندنا دائما بسبب الظروف. فأبو مازن هو الرئيس ‘الى الانتخابات’، ولانه لا توجد انتخابات رئاسية بقي في منصبه منذ اكثر من ثماني سنوات’.
    يعتقد المحامي جلعاد شار الذي فاوض فلسطينيين في فترة حكومة باراك وهو يرأس اليوم حركة ‘مستقبل ازرق ابيض’، التي تعمل في حل على اساس دولتين للشعبين، ان الحمد الله يستطيع ان يصب مضمونا مهما في منصبه الجديد، رغم القيود. ‘لما كانت صلاحياته ومهماته تنحصر في موضوعات اقتصادية فانه يستطيع ان يؤدي دورا مهما في انشاء البنية التحتية الاقتصادية في الضفة’، يقول شار. ‘لكن ما زالت توجد اسئلة كثيرة مفتوحة مثل كم من القوة سيملك، وكم سيكون طول الحبل الذي سيحصل عليه من أبو مازن، وأي حلول اقتصادية سيجلب، وهل لن تضايقه حماس في عمله’.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

    تركيا تغلي

    بقلم:بوعز بسموت،من اسطنبول،عن اسرائيل اليوم

    كانت تركيا هذا الاسبوع في مقدمة العناوين الصحافية. فقد تحولت من دولة حصلت من واشنطن على عمل الشرطي الاقليمي المسؤول في الشرق الاوسط غير المضطرب وغير المستقر جدا، الى ميدان صدامات عنيفة بين قوات الامن وعشرات آلاف المتظاهرين. فقد تحول احتجاج سلمي بدأ من اجل حماية البيئة في اسطنبول الى اضطرابات دامية في انحاء الدولة، جبت ايضا حياة ثلاثة مواطنين.
    ان خطة تحويل متنزه غازي، وهو الرئة الخضراء للمدينة التي يسكنها 17 مليونا، الى مشروع تظاهري يشتمل على مجمع تجاري وسلسلة مبان ومسجد ضخم، على حساب المركز الثقافي المسمى باسم اتاتورك، كانت كبيرة جدا بالنسبة لملايين السكان. لا يعني هذا انهم لم يكونوا معتادين من قبل على خطط رئيس البلدية قادر توباز، صديق اردوغان الشخصي، بيد انه فضلا عن حقيقة ان الخطة البلدية اصبحت القشة التي كسرت ظهر البعير، كان الاسلوب هو الذي لم يعجبهم. اصبح نصف السكان على الاقل يرون منذ زمن ان اردوغان مستبد في الاساس، بيد ان النصف الثاني ممن صوت له في المعارك الانتخابية الثلاث الاخيرة، ربما صوت له بسبب ذلك خاصة. ومهما يكن الامر فانه يمكن ان نوجز احتجاج هذا الاسبوع بانه احتجاج على ديمقراطية اردوغان، وهي ديمقراطية ذات عضلات.
    ان احتجاج هذا الاسبوع بعيد عن ان يطرد اردوغان من السلطة. فتركيا ليست مصر أو ليبيا أو تونس أو البحرين. وتركيا ديمقراطية من جميع الجهات وان كان اردوغان كما قلنا من قبل يراكم صعابا.
    تحولت تركيا الى ديمقراطية تعرف كيف توجه لكمة حينما يحتاج الى ذلك، أو حينما لا يحتاج في الاساس. بيد ان احداث هذا الاسبوع خاصة أضرت بصورة تركيا في العالم، وهذا شيء مهم جدا لنظام يريد ان يكون قدوة، بل يرى نفسه انه القوة الجديدة في فترة اخذت تفقد فيها امريكا من قوتها. ان الاضطرابات في ميدان تقسيم والقوة الكبيرة التي استعملت على المتظاهرين احدثت شرخا عميقا في ما يحبون تسميته ‘النموذج التركي’، وهو نموذج بناه رئيس الوزراء ببطء وصبر واصبح فخر اردوغان وحزب العدالة والتنمية. وتبين للجميع فجأة مبلغ انقسام المجتمع التركي، ومبلغ عدم سهولة التأليف بين النمو الاقتصادي السريع والحكم التسلطي والمركزي. وينبغي ان نضيف الى ذلك الصعاب التي يلاقيها اردوغان في إملاء ارادته في الساحة الدولية أو في الساحة الاقليمية خاصة. ‘مشكلة اردوغان الكبرى هي انه لم يفهم أهواء الشارع′، تقول لي كارن وهي محاضرة في اللغات في جامعة اسطنبول، تتابع الاحداث الاخيرة بتشاؤم كبير. ‘عامل المتظاهرين غير المعنيين اصلا بالسلطة بشدة وكذلك الشباب الذين لا يصوتون لا لليمين ولا لليسار، وهم في رأيي لا يصوتون البتة، لكن مدينتهم ببساطة تهمهم. ورد هو بالغاز المدمع والهراوات’.
    ان تركيا دولة شابة، واعمار 70 في المئة من السكان أقل من 23 سنة. ويأتي طلاب ثانويات كثيرون كل مساء للتظاهر بموافقة الوالدين. زرت أمس مدرسة ثانوية في شمال شرق المدينة. والحديث عن مدرسة خاصة يدرس فيها اولاد الاغنياء، وتوحي المدرسة بالليبرالية وقد قال لي طلاب كثيرون ان آباءهم صوتوا لحزب اردوغان لاسباب اقتصادية. ‘ضقت ذرعا بسماع اردوغان يتحدث طول الوقت عن انجازات اقتصادية وضقنا نحن الجيل الشاب ذرعا بسماع آبائنا يكررون النغمة نفسها’، يقول لي إسوار، وهو طالب في السابعة عشرة يريد ان يدرس الحقوق بعد تأدية امتحانات الثانوية العامة، ‘عند جيلنا شيء أهم من المال هو الحرية. واردوغان عند جيلنا ليس ديمقراطيا. اريد ان اعيش في مجتمع تستطيع فيه وسائل الاعلام ان تبث وتؤدي التقارير عما يحدث في الدولة حقا’.
    وبمناسبة ذكر وسائل الاعلام ربما يمكن الآن ان ننسب الى المتظاهرين انجازا اول وهو ان وسائل الاعلام في تركيا التي تجاهلت التظاهرات تماما تقريبا ـ ما عدا قناة واحدة (شبكة هالك تي في) بدأت فجأة تنقل تقارير من الميدان، بل تُسمع كلام المحتجين. لا شك في ان التظاهرات قبالة مكاتب قناة ان.تي.في الموالية لاردوغان وقبالة الصحيفتين اليوميتين المركزيتين، ملة وحريت، أدت دورها، فقد اصبح للاحتجاج فجأة وجه وصوت. كان الشباب يُعرضون الى بدء هذا الاسبوع على انهم ارهابيون، واحتاجوا الى عدة ايام في الجزء الآسيوي من المدينة، حيث يتابعون الاحداث على شاشات التلفاز لفهم ما يحدث.

    اردوغان في مقابل اتاتورك

    ‘تظهر صورة اتاتورك والد تركيا الحديثة والعلمانية في ميدان تقسيم لأنه الضد الخالص لاردوغان’، تقول لي اديت اوتشيران، مديرة المدرسة. ‘كان اتاتورك في الحقيقة ايضا متسلطا، بيد ان اردوغان هو الذي أدى بالمواجهة الى الصدام والى ان تصبح مسألة دينية’، تقول. ‘ان اردوغان هو الذي ادخل عنصر الدين في كل مكان تقريبا في حين فعل اتاتورك عكس ذلك بالضبط’.
    وتريد اوتشيران ان تبين ‘لا يعني ذلك أننا لا نحترم الدين الاسلامي. نحن اتراك مسلمون لكننا لسنا جمهوريين متدينين، والى ذلك اهتم الجيش في تركيا التي نشأت فيها بالحفاظ على الديمقراطية وعلى التوازن وعلى كف جماح السلطة، لكن اردوغان قيد الجيش. ان 20 في المئة من جنرالاتنا مع 80 صحافيا موجودون في السجن.وكل ذلك كي يحكم اردوغان وحده ونحن نقول لكل هذا اليوم: لا’، تقول في رفض.
    ان مسألة الدين مهمة حينما يتعلق الامر بالاضطرابات في تركيا وإن لم تكن مركزية ايضا. في يوم الاثنين حينما كانت الاضطرابات أشبه بمهرجان موسيقى مع الكثير من الجعة المحلية، خطب اردوغان خطبة متحدية جدا، اختار فيها ان يبشر بانشاء مسجد سيبنى بقرب المكان الذي يوجد فيه الآن مركز اتاتورك الثقافي.
    وأضيفت الى هذه الخطبة قوانين مثل الحد من بيع الخمور، والحد من الاجهاض، وحظر التظاهر في الاول من ايار (ليس أمرا دينيا)، وسلسلة قرارات مغضبة اخرى، ولن نتحدث عن الحد من حرية التعبير والنظر الى الشبكات الاجتماعية باعتبارها عدوا.
    وكما قلنا آنفا فان عدم تسامح اردوغان واسلوبه، هما اللذان جعلا المتظاهرين الكثيرين يضيقون ذرعا به. ادركوا في اسرائيل مثلا منذ زمن ان اردوغان يستمتع في احيان كثيرة بأن يسلك سلوك أزعر لا زعيم. وقوله انه يستطيع ان يجد مليون مؤيد في مقابلة 100 الف متظاهر الذين خرجوا الى الشوارع يرى هنا تهديدا حقيقيا لا من زعيم بل أزعر. ‘نحن في تركيا نفخر بماضينا وحاضرنا وبحقيقة أننا أمة واحدة. ويأتي اردوغان فجأة فيقسمنا الى معسكرات متعادية. نحن دولة ديمقراطية ويجوز لنا ألا نوافق. لكننا لن نُمكن من جعلنا أعداء’، يقول لي ممات كمال وهو طالب هندسة عمارة.
    ويبين لي اولغون اسات وهو ناشط اجتماعي شاب في الـ21 من عمره يأتي الى الميدان كل مساء، أنه يكفي اعتذار واحد من اردوغان وفهمه انه ربما بالغ شيئا ما كي تسكن النفوس. ومع ذلك يعتقد ان اردوغان يحب المواجهات مرة مع فرنسا ومرة مع المانيا ومرة مع اسرائيل والآن مع أبناء شعبه.
    ان المواجهات الشديدة وقعت على مبعدة سير على الاقدام عن المنطقة الاكثر سياحة في اسطنبول، وعلى مسافة قصيرة من شارع الاستقلال المعروف، وهو شارع البوتي كات الاحب الى الطبقة الوسطى في الشرق الاوسط، التي يأتي ناسها الى هنا كي ينسوا المشكلات في الاوطان. ونقول بالمناسبة ان من المثير ان نرى ان المتظاهرين حموا الحوانيت التي بقي قسم منها مفتوحا في اثناء المظاهرات، كما كانت الحال في مصر اثناء ثورة التحرير، ولم تتضرر البتة واجهات العرض إلا واحدة.
    يكون التجار خاصة في الغرب هم اول المتضررين بموجات العنف (كما كانت الحال مثلا في لندن وبرشلونة وباريس). اما الضرر هنا فيتوقع ان يكون غير مباشر: لا بالحجارة بل بنقص عدد السياح. واشتكى حتى بائعو الكستناء على مسامعي قائلين انهم يفضلون العمل في جو اكثر هدوءا ويقولون ‘نحن اصلا نبيع السلعة كلها’.

    هل يوجد بديل

    لا شك ان اردوغان اصيب هذا الاسبوع بضربة شديدة لصورته. فقد كانت أنقرة تعرض على العالم الى هذا الاسبوع نموذجا ديمقراطيا حقيقيا في دولة مسلمة تستطيع أن ترضي مواطنيها، كل مواطنيها. وتبينت فجأة حدود ذلك النموذج الرفيع، وقد تحول ‘النموذج المقتدى به’ لاردوغان الى ‘نموذج قمع′.
    سيصبح اصعب على اردوغان الان أن يروج لنموذجه في رحلاته في العالم ولا سيما في العالم العربي. وينبغي أن نفرض انه واجه تلك الصعاب في المغرب والجزائر وتونس، حيث كان يفترض ان يصلها مثل مخلصٍ ومقدم نصائح، وكان هو الذي تلقى آخر الامر من ملك المغرب نصيحة أو اثنتين تبين كيف ينبغي الحفاظ على المملكة.
    لكننا بعيدون جدا عن تأبين اردوغان، لان تركيا كما قلنا من قبل ديمقراطية خالصة. في الحقيقة ديمقراطية مطيعة تنبغي فيها اطاعة القواعد (خاصة من قبل الصحافيين ففي تركيا من الصحافيين المعتقلين اكثر مما في ايران والصين). لكنها ما تزال ديمقراطية.
    في ساعات النهار تذكرنا تظاهرات الاحتجاج بذلك الاحتجاج المشهور في جادة روتشيلد، حيث حب الطعام والموسيقى العالية وجو ‘الجميع اخوة’ بجنب الخيام. وقد يسجل الشباب انجازا جديدا يضاف الى امتداح الصحافة. وقد تكون السياسة الجديدة لتركيا منتظرة في الزاوية ايضا.
    اما البديل الان فهو كليتش داراولو زعيم حزب العمال التركي، الذي لا ينجح في الارتفاع لا في الانتخابات ولا في استطلاعات الرأي. ونقول بالمناسبة ان هذه مزية اخرى لاردوغان وهي أنه ليس له منافسون في تركيا الحديثة. ان التجار في اسطنبول يشربون الجعة ويصوتون لاردوغان، اردوغان جيد للجيب والاقتصاد. ولا شك في انه قصة تركيا الكبرى منذ نحو من 11 سنة.
    يمكن أن تحبه ويمكن ان تكرهه، ولكن لا يمكن أن تبقى غير مكترث به، ويبدو أن هذا بالضبط ما يريده.



    قوة حضور سلحفاة

    عرف اردوغان دائما كيف يكون انتهازيا غير صغير. فحينما أدرك ان الاتحاد الاوروبي غير متحمس لانضمام تركيا للاتحاد توجه الى زعماء العالم العربي وأنشأ علاقات معهم. وراهن اردوغان على القذافي والاسد وبن علي لاسباب اقتصادية ايضا. ولم تكن عنده مشكلة لطرحهم للكلاب والتوجه الى الشعوب حينما رأى تغييرا.
    وكذلك الامر ايضا في السياسة الداخلية، في كتاب آندرو مانغو الممتاز ‘أتاتورك: السيرة الذاتية لمؤسس تركيا الحديثة’، يصف في فصل عن اسطنبول كيف كان رئيس البلدية في 1994 وهو نفس اردوغان الذي نعرفه يحلم بانشاء مسجد في ميدان تقسيم نفسه. بيد أنه أدرك آنذاك ان الامر لم يتقبل بشعبية زائدة فاستقر رأيه على أن ينسى الامر.
    ‘هذه هي النقطة بالضبط وهي أنه لم ينسَ الامر’، تبين لي صحافية محلية وهي واحدة من منظمي الاحتجاج تريد أن تبقى مجهولة الاسم، ‘هو يعرف بالضبط ما الذي يريده وهو كالسلحفاة ينصب هدفا ويحرزه حتى بايقاع بطيء. يمكن الان أن نرى هل ستتحقق مطامح اردوغان السياسية في المستقبل الرئاسة او تكون الطريق الى هناك مرصوفة بالصعاب.
    ‘يفخر اردوغان دائما بحقيقة أنه نشأ في اسطنبول’، تضيف. ‘في حي كاسوم باشا القريب جدا من ميدان تقسيم وقد نشأ في حي فقير وقُبل في مدرسة دينية بالمجان. من المؤسف جدا ان مدرسة عادية لم تعطه هبة دراسية لانها لو فعلت لكانت حياتنا اليوم أسهل’. وفي هذه الاثناء اصبحوا في واشنطن مضغوطين يدعون السلطة الصديقة للامريكيين الى التصرف بضبط للنفس، وعيون العالم العربي ايضا تتطلع الى تركيا.
    من المحرج جدا لهم انه بعد ان حطم ربيع الشعوب العربي حلمهم بالديمقراطية، أتى اردوغان وحطم حلمهم بديمقراطية هادئة ووديعة ذات شعبية في دولة مسلمة.
    واقول بالمناسبة انني أجريت هذا الاسبوع استطلاعا للرأي صغيرا في شوارع اسطنبول وسألت كل شخص أجريت معه لقاء تقريبا من سيفوز اذا اجريت انتخابات في تركيا فاجاب 100 في المئة منهم بلا تردد: اردوغان.


    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 317
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-21, 09:51 AM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 236
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:25 AM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 235
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:23 AM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 234
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:21 AM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 233
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:20 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •