اقلام واراء حماس 373
30/6/2013
مختارات من اعلام حماس
مصر: الحوار أم الخراب؟!
المركز الفلسطيني للإعلام ،، الرسالة نت ،، مؤمن بسيسو
لا تقولوا: مصالحة وإنهاء الانقسام
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.فايز أبو شمالة
البرلمان هو الحل
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. يوسف رزقة
مصر إلى أين...؟
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، حسام الدجني
أسباب خفوت الهمة وتراجع الحماسة لإقامة الدولة الإسلامية(2-5)
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، سري سمّور
ليسوا ثواراً ولا وطنيين
فلسطين الآن ،،، فهمي هويدي
سيناريو الفوضى والانقلاب مفضوحا في مصـر
فلسطين الآن ،،، ياسر الزعاترة
"الدولة اليهودية" أبعد مما تخيلتم
فلسطين أون لاين ،،، برهوم جرايسي
مصر: الحوار أم الخراب؟!
المركز الفلسطيني للإعلام ،، الرسالة نت ،، مؤمن بسيسو
لا تدرك القوى العلمانية واليسارية والقومية والليبرالية التي نحت منحى التمرد وسلكت مسلك الانقلاب في مواجهة الرئيس المصري المنتخب، أنها تؤرخ لمرحلة بالغة الخطورة في حياة أمتنا العربية وشعوبها المكلومة، وتعمد إلى طيّ صفحة التوافق والعمل المشترك بين القوى العلمانية من جهة، والقوى الإسلامية من جهة أخرى إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
ما يجري في مصر اليوم كارثي ومدمر بكل المقاييس، فهو يلغي العقل لصالح العربدة، ويشرّع الفوضى في مواجهة القانون، ويعتمد نهج الإقصاء والنفي القسري بديلا عن قيم التوافق والتفاهم المشترك، ويبدد كل المكاسب الشعبية والمنجزات الثورية التي دشنتها دماء الشهداء وحلقات الألم والمعاناة الممتدة عبر عقود الظلم والقهر والاستبداد، ويطمس منطوق العقد السياسي والاجتماعي الذي ارتضى الديمقراطية وتداول السلطة والاحتكام إلى صندوق الاقتراع لجهة تكريس معادلة جديدة ملؤها العنف والفوضى والإملاء، ويضع القطبين: العلماني والإسلامي في مواجهة مدمرة لا تبقي ولا تذر.
أيا كانت الانتقادات التي توجهها الطائفة العلمانية للرئيس المصري وجماعة الإخوان المسلمين فهي ساقطة بالمعنى القيمي والأخلاقي، ومتهافتة بالمعنى السياسي والوطني.
السقوط القيمي والأخلاقي يتأسس على تنكر قوى المعارضة المصرية للقيم والمبادئ الديمقراطية ورفضها الانصياع لحكم صندوق الاقتراع، وهو ما يقذف بمصر، دولة وأحزابا وشعبا، في قلب المجهول، ويحولها إلى غابة كثيفة بكل معنى الكلمة، يأكل القوي فيها الضعيف، ولا صوت أو غلبة فيها إلا للأكثر قوة وقهرا وفجورا.
أما تهافتها السياسي والوطني فيرتكز على انعدام صدقية التهم والدعاوى المرسلة بغير دليل التي يرمون بها مرسي والإخوان، وسوء نواياهم تجاه التجربة الإسلامية الجديدة، وتآمرهم على إجهاضها بكل الوسائل والأساليب، المشروعة وغير المشروعة، منذ اللحظة الأولى.
مرسي ليس معصوما، والإخوان يمثلون تجربة سياسية بشرية تخوض غمار الحكم وإدارة الدولة للمرة الأولى، فالخطأ لديهم وارد ومفهوم، وقدرتهم على استنقاذ مصر من أزماتها الكبرى في ظل المعطيات الراهنة محل شك، إلا أن أداءهم السياسي والإداري أيا كان شيء، وحقهم الكامل في ممارسة الحكم على قاعدة الإرادة والتفويض الشعبي شيء آخر تماما.
من العجب العجاب أن ترفع المعارضة المصرية عقيرتها بالشكوى والصراخ تجاه ما يسمونه "أخونة الدولة" و"الهيمنة" على قرار ومقدرات الدولة، في الوقت الذي أرهق فيه مرسي ذاته جراء كثرة دعواته للحوار الوطني ومحاولاته التوافق والالتقاء الحزبي، ومقارباته الوطنية الحثيثة لإعادة بناء العلاقات السياسية والحزبية على أسس وطنية وقواعد موضوعية، ومطالباته الدائبة للشخصيات الوطنية والحزبية بشغر مواقع المسئولية ومشاركته عبء إدارة وحمل هموم البلد، ولكن دون جدوى.
أخطر الأخطار التي تحملها الأحداث الغريبة الدائرة في مصر تكمن في انقلاب الأسس والأصول الحاكمة لمعادلة العلاقة بين العلمانيين والإسلاميين بما يقود إلى ضمور وأفول المشتركات الاستراتيجية التي ترسي أسس مواجهة أعداء الأمة والتكاتف لمواجهة التحديات الخارجية، والمشتركات السياسية التي تضمن النزول عند حكم الديمقراطية وصندوق الانتخاب ومنع التغول والاستبداد، والمشتركات القيمية التي تحمي الأمة وشعوبها من مخاطر الكذب والفجور والانحطاط.
مصر اليوم بين خيارين: إما إعمال العقل والحكمة، وبالتالي استدعاء لغة التوافق والحوار، أو إلغاء العقل والمنطق وإدارة الظهر لمصالح الأمة، والجنوح نحو الخراب والدمار!
لا تقولوا: مصالحة وإنهاء الانقسام
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.فايز أبو شمالة
لا تقولوا: "مصالحة"، بل قولوا: تنظيف الجسد الفلسطيني من اللاهثين خلف أضاليل الاحتلال، أولئك المحنطين في كراسيهم، الذين كانوا السبب المباشر للانقسام.
ولا تقولوا: "إنهاء الانقسام"، بل قولوا: إن القاسم المشترك الذي نلتقي عليه هو العودة بشباب الوطن فلسطين إلى روحهم القتالية التي دفنها في مقاطعة رام الله محمود عباس، وأهال عليها تراب المانحين، وأقعد جميع المتكسبين مقعد المنتظر حتى الدمار الأخير.
لا تقولوا: "مصالحة وإنهاء الانقسام" قبل أن تقرءوا ما كتبه "بانجمين بارت"، الذي عمل مراسلًا لصحيفة «لوموند» الفرنسية في رام الله عشر سنوات، وأصدر كتابه "حلم في رام الله: رحلة في قلب السراب الفلسطيني"، الذي يقدم بالوثائق والشهادات الحية، والمقابلات والأرقام صورة مفصلة، ودقيقة، ومثيرة، وصادمة للأوضاع السياسة في الأراضي المحتلة.
يتحدث الكاتب "بارت" عن طبقات استحدثت، وخطط لسلام اقتصادي؛ لإطالة أمد الاحتلال، وتحسين صورته، وعن مناضلين ومثقفين تخلوا عن المبادئ من أجل أوهام عامة، ومكاسب خاصة، ففي الوقت الذي يشن فيه الاحتلال على عاصمة السراب الفلسطيني اقتحاماته الليلية، ويحاصرها بالمستوطنات والحواجز؛ تحاول الظهور بمظهر الحياة الطبيعية، فمنذ عام 2007م تفتتح حانة جديدة أو مطعم عصري كل ثلاثة أشهر، ومن هذه المطاعم ما يحاكي الأناقة الباريسية، أو السحر اللاتيني، وهذا هو الزبد الذي يطفو على وجه المدينة، التي يوجد فيها عدة مخيمات للاجئين، ويزيد فيها الفقراء فقرًا، في حين تتكون فيها طبقات سريعة الثراء، بقرارات فوقية، ترى وجود هذه الطبقات ضرورة لسلام من نوع خاص، والمقصود في الواقع سلام الاحتلال، وجعله احتلالًا مقبولًا ورخيصًا، بل مربحًا، فكل تدفق لأموال مانحة يصب أغلبه في خزانة الاحتلال، الذي يحظى بالتدليل.
وينقل المؤلف عن دبلوماسي فرنسي يتردد كثيرًا إلى المقاطعة في رام الله أنه قال: "إن محمود عباس يشبه قائم مقام أكثر منه رئيسًا، وإن السلطة الحقيقية في الضفة الغربية هي لإدارة الاحتلال في مستوطنة (بيت إيل) على مشارف رام الله".
ويضيف المؤلف: "إن المساعدات الدولية هي صفقات تجارية، أغلبها مربح جدًّا، يستفيد منها الكثيرون، كالمتعهدين، ووكالات التنمية الخاصة، وشخصيات سياسية وأكاديمية ومؤسسات محلية، ومنظمات غير حكومية، ومشرفين على مشروع تنمية، ومستشارين سياسيين في منظمة دولية أو أساتذة في جامعات يتقاضون معاش مستشار في القطاع الخاص".
ولم تسلم النخب المثقفة التي كانت جاهزة لبيع خبراتها، فسارعت إلى تأسيس منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان، ولدراسة الديمقراطية، أو لتعزيز دور المرأة، وكلها مواضيع صيغت استجابة لرغبة المانحين، لتدخل هذه النخبة المثقفة في مسار تغريب يتيح لها سهولة أكبر للحركة الدولية وزيادة للكسب.
لقد تشكلت من كل أولئك طبقة أرستقراطية تتركز في حي الطيرة غرب رام الله، وتحظى بدعم المانحين، الذين كانوا مقتنعين بأن ظهور طبقة وسطى عليا حريصة على رغد عيشها يساهم في استقرار السلطة، وبالتالي حل النزاع، ولكن ما يقال خلف الكواليس يؤكد أنه لا يوجد اقتناع بحل النزاع، وإنما إيجاد أرضية لإطالة أمد الاحتمال أكثر من اللازم.
يضيف المؤلف: «بعد انطلاق مسيرة السلام سنة 1993م دمج معظم شباب الانتفاضة الأولى في دوائر الأمن التابعة للنظام الجديد، في نهاية السنوات تَحَوّل بعض مقاتلي الانتفاضة الثانية إلى حراس في المتاجر أو الفنادق ذات النجوم الخمسة، وتحول العطاء الثوري إلى سلاح يدافع عن القطاع الخاص، والمصالح الضيقة".
فأين شباب فتح ورجالها الشرفاء من هؤلاء المنتفعين النافعين للاحتلال؟!
البرلمان هو الحل
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. يوسف رزقة
الانتخابات البرلمانية في مصر في أقرب الآجال هي الحل الوحيد للمشهد المصري، الذي يزداد احتقانًا ساعة بعد ساعة.الولايات المتحدة الأميركية أجّلت العديد من رعاياها وأوقفت السفر إلى مصر، وناشدت الأطراف بالابتعاد عن العنف. دول غربية كألمانيا طالبت الأطراف بترك العنف والذهاب إلى انتخابات برلمانية.
الترحيل للرعايا، والمناشدات الدولية، هي علامة على خطورة المشهد، وعلامة على خوف من يمتلكون المعلومات الاستخبارية من التداعيات السلبية لمظاهرات الثلاثين 30/6.لا تحتكر السفارة الأميركية المعلومات عن العنف القادم،بل المعلومات أصبحت تحت يد أجهزة الأمن المصرية،وتحت يد الأحزاب المصرية،والشعب المصري يضع يده على قلبه خشية من القادم الدموي لا سمح الله.
الحشود المتقابلة بغض النظر عن الأعداد هي فرصة جيدة لإشعال نار العنف والاختفاء في وسط الجموع بعيدا عن يد الأجهزة الأمنية حتى لو أرادت ولو لم تكن بعضها متقاعسة في مشهد خطير يدفع هو نفسه إلى الترقب وربما التقاعس.
الشرعية خط أحمر بحسب التحالف الإسلامي، ولا بديل عن إسقاط حكم محمد مرسي بحسب (تمرد والمعارضة ). (تمرد)تحاول أن تجعل حجرها ثقيلاً بزعمها أنها تمتلك (22 مليون صوت) يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة. اقتناع الفريقين كل برؤيته للحل، واستعداده للموت تحقيقًا لمطالبه،يهدد مستقبل مصر،ويمنع التحول الديمقراطي ويعتقل أهل العقل والحكمة.
العقلاء في مصر كلهم تكلموا في الحلول البديلة،وثمة إجماع بينهم على أن الانتخابات البرلمانية هي الحل الوحيد،وثمة فرصة ديمقراطية وحيدة لكي تعرف الأحزاب أوزانها النسبية في البرلمان،ومن قبة البرلمان يمكن حماية الثورة،وحماية الخيار الديمقراطي،وتكليف حكومة ذات صلاحيات موسعة والضغط على الرئيس للاستجابة إلى مطالب النواب ومن يمثلون.
البرامج الحوارية على القنوات الفضائية تستضيف الأصوات العاقلة،ولكن لا صدى لهذه الأصوات في الحشود المعتصمة،لأنه لا يعقل أن تشعل حريقاً وتؤجج نيرانه،ثم تأتي بالعقلاء للحديث في البديل العقلي،أنت في هذه الحالة بحاجة إلى المطافئ والمشافي أولا.
آليات (تمرد) لا تقوم على قواعد ديمقراطية،بل هي تستغل الديمقراطية للتغطية على البلطجة،وأعجب ممن يملك(22 مليونا) كيف لا يخوض بهم انتخابات برلمانية في اليوم التالي، حيث إن مجموع ما حازه محمد مرسي وأحمد شفيق معاً لا يتجاوز (23 مليون صوت )؟ّ! إن هذه الأرقام تؤكد على أن الانتخابات البرلمانية هي الحل الوحيد،وهي الطريق الوحيد لمعالجة العنف القادم لانتشال مصر من المجهول.
مصر داخلة في مخاض عنيف قد يسفر عن ديمقراطية برلمانية حقيقية ونظام سياسي وأمني مستقر،أو أن تذهب إلى لعبة صراع عنيف يكفر معها الشعب المصري وغيره من الشعوب بالثورة. ما تختاره الأصوات العاقلة في مصر وغيرها هو الاستقرار الديمقراطي واستكمال مؤسسات الدولة، غير أن أصوات هذا الفريق الثالث تأخرت كثيرا، وتقدم عليها المقاتلون من أجل السلطة، ولو ضم الفريق صوته مبكرا للشرعية الديمقراطية لأسهم بسهم وافر في معالجة الأزمة وحماية مصر من العنف. وأملنا ألا يكون الصوت العاقل قد تأخر كثيرا.
مصر إلى أين...؟
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، حسام الدجني
مطالب المعارضة المصرية المشاركة في تظاهرات 30 يونيو هي إسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مستندة على ما أعلنت عنه حملة تمرد بأنها تمكنت من الحصول على 22 مليون توقيع تطالب الرئيس مرسي بالتنحي عن السلطة، ومتحالفة مع فلول النظام المصري السابق.
في المقابل احتشد مئات الآلاف من مناصري الرئيس محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية لدعم الشرعية، وأعلنت حملة تجرد أنها تمكنت من الحصول على ملايين التواقيع الداعمة للرئيس محمد مرسي.
وبين هذا وذاك نشطت خلايا البلطجة لتعيث بمصر فساداً، تلك الخلايا تحركها أصابع داخلية وخارجية ذات مصلحة بتخريب مصر وإشاعة الفوضى بهدف الضغط على المؤسسة العسكرية للتدخل وحسم المشهد عسكرياً والإطاحة بالرئيس محمد مرسي لصالح تشكيل مجلس عسكري جديد، ثم البدء بخطوات الإعداد للانتخابات الرئاسية، في إعادة للمرحلة الانتقالية، وهذا ينسجم مع ما تطرحه أطراف من المعارضة المصرية.
قضية الحشد والحشد المضاد تضع مؤسسة الجيش في موقف لا تحسد عليه، فهل تقف مع الشرعية الدستورية والإرادة الشعبية، أم تقف مع المعارضة وهي شريحة عريضة من الشعب، وكان قد أعلن الفريق عبد الفتاح السيسي أنه سيحمي مؤسسات الدولة، وأن الجيش لن ولم يسمح بأعمال التخريب والعنف، وهذا الإعلان سيشكل مدخلاً للبعض لدفع الجيش للتدخل عبر عمليات عنف ونهب وسلب وحرق مقرات الحرية والعدالة، وهذا بدأت إرهاصاته قبل 30 يونيو، وأعلنت عنه نخب سياسية والبعض يرجح هذا السيناريو...
إذاً المحدد الرئيسي في حسم المشهد في مصر هو مؤسسة الجيش، وبدأت ملامح ذلك تظهر في الخطاب الإعلامي لمؤيدي الرئيس مرسي ولمعارضيه، حيث يعمل الجميع على كسب ود المؤسسة الأكثر تماسكاً والأقوى بمصر.
فمع من ستقف مؤسسة الجيش...؟ وهل سيسقط الرئيس مرسي يوم 30 يونيو...؟ وما هو مستقبل مصر الدولة...؟
هناك محددات تحكم صناعة القرار داخل مؤسسة الجيش مستندة على طبيعة العقيدة العسكرية للجيش المصري والتي تقوم على الاحترافية بالقضايا العسكرية وعدم التدخل بالشأن السياسي الداخلي بما يخدم الأمن القومي المصري، وأن أي تدخل بالشأن الداخلي لن ولم يتم إلا في حالات الضرورة القصوى وبما يحفظ وحدة المجتمع المصري والحفاظ على مقدراته ومؤسساته وموارده، ولذلك موقف الجيش المصري سيكون مرتبطاً بتقدير الموقف اليومي لمجريات الأحداث يوم 30 يونيو.
أما قضية سقوط الرئيس محمد مرسي فأعتقد أن الأمر ليس سهلاً، فالرئيس محمد مرسي هو أول رئيس مدني منتخب، خرج من رحم جماعة الإخوان المسلمين أكبر حركات الإسلام السياسي في العالم، وأكثر الحركات السياسية داخل مصر تنظيماً وانضباطاً، وبذلك يمتلك الرئيس ثلاث أوراق قوة تجعل من قضية إسقاطه أمراً صعب المنال، وهي:
1- الشرعية الدستورية: فالرئيس مرسي رئيس مدني منتخب لم يكمل ولايته القانونية، وعلى مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الجيش والشرطة الوقوف خلف الرئيس وحماية الشرعية الدستورية.
2- الشرعية الشعبية: يقف خلف الرئيس محمد مرسي ملايين من البشر وحركات وأحزاب إسلامية وغير إسلامية أبرزها جماعة الإخوان المسلمين، وهذا يمنح الرئيس قدرة على تحريك الشارع، وكذلك وقف الذرائع التي تطالب الجيش بالوقوف مع الشعب، لأن مؤيدي الرئيس مرسي هم أيضاً من الشعب ومحتشدون بالملايين في الميادين العامة، وهذا يرجح أن يقف الجيش مع الشرعية الدستورية.
3- الشرعية الثورية: الرئيس محمد مرسي هو رئيس ثوري وجاء كأحد تداعيات ثورة الخامس والعشرين من يناير، وشارك بالثورة، وكان من أشد المعارضين للنظام المصري السابق.
إن ما يجري بمصر يضع مستقبلها في خطر، فالمعارضة ترفض الحوار، ونظام الحكم يواجه تحديات الدولة العميقة التي كشف عن بعضها الرئيس مرسي في خطابه الأخير يوم 26/6/2013م، والشعب يعيش أزمات متتالية تمس حياته اليومية بشكل مباشر، وبعض الدول الإقليمية تعمل على إضعاف مؤسسات مصر، وما يجري بالشارع ينذر بحرب أهلية لا تستطيع الأطراف المصرية تحديد نهايتها، وهذا كله يؤكد أن الحل الأمثل هو الحوار وعلى مؤسسة الجيش إلزام المعارضة المصرية بالجلوس مع الرئيس مرسي والأحزاب الداعمة له، ووضع مصلحة مصر فوق الجميع، لأن سيناريو الحوار هو السيناريو الأمثل للخروج من عنق الزجاجة.
أسباب خفوت الهمة وتراجع الحماسة لإقامة الدولة الإسلامية(2-5)
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، سري سمّور
الثورة الإيرانية أثبتت قدرة الإسلاميين على بناء دولة عصرية، والقدرة على إزاحة أحد أكبر أعوان أمريكا، أي شاه إيران محمد رضا بهلوي، دون أي معونة من السوفييت، مثلما كان يحدث في ظل الحرب الباردة، حين يطاح برجل لواشنطن في أي مكان في العالم تكون موسكو وراء ذلك، والعكس صحيح، إلا في حالة إيران، كما أنه لم يكن للعامل المذهبي والقومي، أي اعتبار في تأييد الجمهور المسلم، العربي والسني للثورة الوليدة وتشجيعها.
أما أفغانستان فهي دولة مسلمة فقيرة، تعرضت لاحتلال قوة عظمى غاشمة، من صلب عقيدتها فكرة (لا إله والحياة مادة) وقد سارع الإسلاميون لنجدة إخوتهم في الدين في أفغانستان بالمال والسلاح والرجال الراغبين في الجهاد بأنفسهم، أو بالتطوع في الأعمال الخيرية، مثل الطبابة والإغاثة وغيرها، ولم ينظر الإسلاميون إلى المسألة الأفغانية من زاوية الصراع الأمريكي-الروسي فحتى لو كان ثمة تقاطع للمصالح؛ فإن الإسلاميين نظروا لأفغانستان على أنها أرض يجب الجهاد ضد الملحدين وعملاؤهم فوقها، ونواة للمشروع الإسلامي الذي سيبدأ من هناك.
وبالتزامن مع التفاعل مع ثورة إيران واجتياح السوفييت لأفغانستان، فإن حدثا كبيرا وقع هذه المرة في مصر؛ حيث اغتال إسلاميون من الجماعة الإسلامية أنور السادات في حادثة المنصة المشهورة، وقد بدا واضحا، أن اليساريين والقوميين عيبوا على السادات كثيرا بسبب كامب ديفيد، وشتموه بالنثر والمنظوم، ولكنهم ظلوا في إطار الكلام والتنظير أما الفعل المباشر المؤثر فهو صنعة الإسلاميين، والحدث دلّ بقوة على أن الإسلاميين يمثلون قوة تستطيع قلب المعادلات وإرباك الحسابات الدولية والإقليمية، وأنهم أهل قدرة على الفعل.
إلا أن التجربتين الإيرانية والأفغانية وغيرهما لم تعيدا للأمة مجدها، ولم يستعد المسلمون رفعة الشأن، ولم يتخلصوا من هيمنة الغرباء، ولم يتحكموا بثرواتهم الوافرة، وقد كان للتجارب المذكورة وغيرها أكبر الأثر في حالة الإحباط التي نراها اليوم في صفوف الإسلاميين، وسأكتفي بالحديث عن ثلاث منها:إيران وأفغانستان والسودان
1) تجربة إيران:بعد فترة وجيزة من نجاح الثورة في إيران، بدأت الأمور تتكشف عن مشروع دولة شعوبية قائمة على تمييز اللغة والثقافة الفارسية، والمذهب الشيعي الجعفري، وظهر ذلك من خلال الدستور الذي صاغه قادة إيران الجدد، مما جعل مسألة الخلاف السني-الشيعي تطفو على السطح؛ صحيح أن الأمريكان، خاصة هنري كيسنجر، قد خططوا وشجعوا على تأجيج هذا الخلاف وإيقاظ الفتنة النائمة، انتقاما لسقوط الشاه، ولكن إيران الجديدة لم تخرج من بوتقة أو فكرة التفوق والتميز الفارسي، والسعي لهيمنة المذهب الشيعي على بقية المذاهب، وهو ما سهل نجاح تلك المخططات، وظهرت إيران مشروعا للفرس أولا ثم الشيعة ثانيا أكثر منها مشروعا للأمة المسلمة؛ ويكفينا دلالة على ذلك الغضب والسعي الدؤوب لتسمية الخليج بـ«الفارسي» ورفض تسميته بالإسلامي أو تركه بلا وصف قومي أو ديني...وقد انـقسمت الحركات الإسلامية فيما بينها في التعاطي مع إيران؛ فهناك من غسل يديه منها، بل اعتبرها عدوّا مركزيا، بسبب العامل المذهبي، وهناك من اعتبرها تجربة ستظهر حقيقتها مع الأيام، ومنهم من رآها أنموذجا يجب أن يحتذى ويطبق، وأخذ الخلاف أحيانا طابعا لا يخلو من العنف، مما زاد من الفتور...كما أن دخول إيران في حرب مع العراق أسفرت عن مليون قتيل على الأقل من الشعبين، لم يكن مقبولا عند جمهور الأمة، خاصة بمرور السنين؛ فلم تعد فكرة معاقبة عراق صدام على الاعتداء على إيران مقبولة، لأن الأولى حقن دماء المسلمين، وبات الناس يرون أنها استنزاف لأرواح ومقدرات جارين مسلمين، وزاد تعنت إيران في الاستجابة لدعوات وقف الحرب من الفتور تجاه ثورتها ودولتها عند قطاعات واسعة من الأمة...إضافة إلى سعي الحجاج الإيرانيين إلى التظاهر والاستنفار في المشاعر المقدسة في مكة المكرمة أواخر ثمانينيات القرن المنصرم، ومعلوم أنه لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج؛ وإن كان التبرير الإيراني هو أن الحج مؤتمر للمسلمين يتباحثون فيه أحوالهم إضافة إلى تأديتهم مناسكهم، وهذا صحيح ولكن المؤتمر لا ينعقد أبدا بالاستنفار وتخريب الشعائر، فالأسلوب الإيراني هنا لم يكن سليما البتة...ومع ذلك فإن التجربة الإيرانية بقيت حاضرة في فكر الإسلاميين، وظلت مثالا على أنه يمكن للحركة الإسلامية، أن تقيم دولة عصرية تخوض حربا، وتصمد في وجه عقوبات دولية، وأن تدعم المقاومة ضد الكيان العبري، مثلما فعلت إيران...ولكن بمرور الأيام ازداد الفتور والنفور من التجربة الإيرانية، خاصة بعد أن وقفت موقفا سيئا في التعاطي مع الثورة السورية، في نفس الوقت الذي هللت فيه ورحبت بقيام ثورة في البحرين، مما أظهرها دولة شعوبية تماما، وحرية الشعوب، ومصلحة الأمة المسلمة عندها، هي أمور ثانوية تتقدم عليها مصلحتها الذاتية، وزاد الطين بلة إظهار إيران مطامع في بلاد العرب الخليجية، وهو أمر تستغله أمريكا لإزاحة الأنظار عن الخطر الصهيوني، وللوجود العسكري الدائم في المنطقة، وإبرام صفقات تسلح مع دول الخليج، ما دام خطر إيران قائما!
2) نكبة أفغانستان:كان الإحباط من تجربة أفغانستان كبيرا أيضا؛ فقد انسحب الجيش الأحمر، وبقي عميله محمد نجيب الله بضع سنين في كابول، مع أنه كان يقال أنه لن يصمد سوى شهور قليلة، والسبب يعود إلى الخلافات بين المجاهدين بعضهم مع بعض، وحينما تمكن المجاهدون أخيرا من التغلب على قوات نجيب الله ودخول كابول في 1992م، ما لبثت الخلافات أن انفجرت بين فصائلهم المختلفة، وتحولت إلى حرب أهلية طاحنة سقط خلال السنة الأولى جرّاءها أكثر من 11 ألف قتيل، وأضعاف هذا العدد من الجرحى والمشردين....ومع أن أمل العديد من الحركات الإسلامية-كما يستوحى من الأدبيات- السنية في البلاد العربية، كان يقوم على أن تكون أفغانستان الأنموذج السني المكافئ لأنموذج إيران الشيعية، إلا أن هذا الحلم تبخر، ولم يعد ثمة مقارنة بين إيران الصاعدة المتقدمة في مجالات علمية وتسليحية شتى وبين أفغانستان النازف جرحها، بل إن الاقتتال الأفغاني عماده كان الفصائل السنية المتناحرة(عددها سبعة) خاصة جماعة غلب الدين حكمتيار مع جماعة برهان الدين رباني وحليفه أحمد شاه سعود، أما الفصائل الشيعية (وعددها ثمانية يمثلها حزب الوحدة) فقد كانت في تحالفات مع بعض المتحاربين السنة وخاضت معارك مع جماعة عبد رب الرسول سيّاف، فالخلاف كان أساسا بين القوى السنية المسلحة، ناهيك عن ظهور النعرات المنبوذة إسلاميا ومنها النعرة القبلية بين مكونات الأفغان مثل البشتون والطاجيك والأوزبك...وتواصلت الحرب والفوضى في تلك البلاد، آخذة معها الأمل في بناء دولة إسلامية مستقرة، أما أن تكون نواة مشروع إسلامي فقد بات الأمر أشبه بنكتة مبكية، ولقد استغلت القوى العلمانية ما جرى للطعن في كل المشروع الإسلامي، وتعيير الإسلاميين بشعاراتهم إبان الجهاد ضد الروس في أفغانستان...وفي 1996م استولت حركة طالبان على مقاليد السلطة في كابول ومعظم المناطق الأفغانية المهمة، ومع أن طالبان قد فرضت الأمن الذي غاب طويلا بسبب أمراء الحرب، وحاربت الكثير من الظواهر السيئة؛ مثل زراعة وتجارة المخدرات، ومنعت إجبار الأرملة على الزواج من شقيق زوجها مثلما كان الحال قبل وصولها إلى الحكم، وأقامت القصاص شنقا على نجيب الله، وهو أمر لم تجرؤ عليه كل قوى المجاهدين الأخرى، بيد أنها انتهجت أسلوبا لا يقوم على الاستحسان، وهو منهج المذهب الحنفي الذي يفترض أنها تتبعه؛ فقد وسعت دائرة الحرام، وضيقت دائرة الحلال، مستندة إلى أدلة نواقضها أقوى منها، وتعاملت بمبدأ التحريم مع كثير من المخترعات العصرية لا سيما التصوير التلفزيوني والفوتوغرافي، ولجأت إلى القوة والبطش لتثبيت مفهومها للإسلام- وهو مفهوم خاضع للجدل من علماء السلف والخلف- بدل اتباع أسلوب النصح والإرشاد، والموعظة الحسنة...وقد وجد من تعاطف وما زال مع حركة طالبان في صفوف الإسلاميين، كما أن مقاومتها الباسلة للغزو الأنجلو-ساكسوني، كانت وستبقى محل تقدير كبير، ولكن كل من تعاطفوا مع طالبان، وعلى المستوى الفردي، لم يكن أي من المناصرين أو المتعاطفين مع طالبان في بلاد العرب على استعداد أن يحكمه نظام مثل نظام طالبان، وجدير بالذكر أن أفغانستان في ظل نظام طالبان ظلت تعيش في توتر وفقر، واعتمد السكان هناك كثيرا على الإغاثات الدولية، وانتهى مشروعها إلى ما انتهى إليه...فكان الإحباط من التجربة الأفغانية التي امتد حلمها أكثر من عقدين من الزمان-بدأ منذ مرحلة الجهاد ضد الروس، وانتهى بحكم طالبان، مرورا باستيلاء المجاهدين على كابول- ضيفا ثقيلا على قلوب كثير من الإسلاميين في العالم. .....يتبع.
ليسوا ثواراً ولا وطنيين
فلسطين الآن ،،، فهمي هويدي
لو أنّ ما جرى خارج القاهرة خلال اليومين الماضيين لا يستهدف مجرد التخويف والترهيب، وإنّما هو نموذج أو مقدمة لما يمكن أن يحدث اليوم، فمعنى ذلك أنّ الثورة المصرية بصدد الدخول في نفق مظلم يجعل من الحرب الأهلية احتمالا واردا.
ورغم أنّ الشحن الإعلامي يبدو موحيا بذلك (إحدى صحف أمس السبت نشرت على الصفحة الأولى عنوانا يتحدث عن أنّ القتل هو الحل)، إلاّ أنّني أزعم أنّ تلك نهاية مشكوك فيها، وليست حتمية بالضرورة لأن الصراع رغم احتدامه وعبثيته في بعض الأحيان لم يصل إلى درجة الجنون.
وما زلت عند رأيي في أنّ المجتمع المصري إذا كان قد فقد أشياء كثيرة خلال السنتين الأخيرتين إلاّ أنّه لم يفقد عقله بعد. وإذا كان انفعال بعض المنتسبين إلى الثورة يدفعهم بصورة استثنائية إلى ممارسة العنف، فإنّ ذلك الاستثناء يصبح قاعدة في أوساط البلطجية الذين يكتسبون "شرعيتهم" من ممارسة العنف. لذلك فإنّني أكاد أجزم بأنّ الذين يقتلون الأشخاص ويحرقون المقار ليسوا سوى بلطجية، هواة كانوا أم محترفين، وهم يقينا ليسوا ثوارا ولا وطنيين.
ليس لدي قلق من المظاهرات السلمية، لكن القلق والخوف مصدره أولئك الذين يخترقون صفوف المتظاهرين فيرشقون ويقتلون ويحرقون، ومن ثم يشيعون الفوضى والدمار ويروعون الآمنين، وهؤلاء هم البلطجية الذين تحوّلوا إلى ميليشيات أغلبها تابع للدولة العميقة، وقد دلّت خبرتنا على أنّ لها في كل مظاهرة دورا وهدفا. وأزعم أنّ التعويل على دورها اليوم، أو قُل ابتداءً من اليوم، هو أهم أدوارها على الإطلاق.
لعلّي لا أبالغ إذا قلت إنّ ميليشيات البلطجية هذه تكاد تشكّل جيشا موازيا، يقال إنّ عدد أعضائه يتجاوز 300 ألف شخص من أرباب السوابق والخارجين عن القانون. الأهم من ذلك والأخطر أنّ أغلبيتهم الساحقة، إن لم يكونوا كلهم، معروفون لدى الأجهزة الأمنية، فجميعهم مروا بتلك الأجهزة أولا كمتهمين في القضايا وثانيا كعملاء لها، ظلّوا يستخدمون طوال السنوات الثلاثين السابقة في قمع المعارضين وإفشال المظاهرات والمسيرات.
حسب معلوماتي فإنّ أسماء أولئك الأشخاص موجودة في أرشيف الجهاز الأمني بكل محافظة، وقد فهمت أنّ جانبا من تلك القوائم تسرَّب ووصل إلى أيدي بعض القوى السياسية، وقيل لي إنّه في بعض الحالات سلّمت القوائم إلى مسؤولي الجهاز الأمني لا لتعريفهم بما يعرفون، ولكن لإبلاغهم بأنّه لم يعد في الأمر سر، ولتنبيههم إلى أنّ غضّ الطرف عن أولئك البلطجية يتعذّر اقتراض البراءة فيه، ولكنه له دلالته ورسالته غير المطمئنة.
في الزمانات، حين كان يزور القاهرة ضيف أجنبي له معارضون من بني جلدته يقيمون في القاهرة، كانت أجهزة أمن الدولة تحتجز الأخيرين حتى تمرّ الزيارة بسلام. وكان ذلك مفهوما، فضلا عن أنّه كان ميسورا في ظل قانون الطوارئ الذي كان مطبقا آنذاك، إلاّ أنّ ذلك يبدو متعذرا الآن بعد إلغاء الطوارئ، على الأقل فثمة خلاف بين القانونيين بخصوصه، بين قائل بحق رئيس الجمهورية في أن يعلن الطوارئ لمواجهة ظرف معين ولمدة محددة، تحقيقا للمصلحة العامة، كما أنّ هناك رأيا آخر لا يجيز ذلك لرئيس الدولة بعد إلغاء قانون الطوارئ، إلاّ أنّ الأولين يردون قائلين بأنّه إذا كان الدستور (في المادة 148) قد أعطى لرئيس الجمهورية في الظروف الاستثنائية الحق في إعلان الطوارئ بشروط وضوابط معينة، منها ضرورة أخذ رأي الحكومة، فلماذا تغلّ يده في حالة كتلك التي نحن بصددها، يفترض أنّها تهدد السلم الأهلي من خلال إشاعة الفوضى والخراب في البلد؟!
وإلى أن يجد أهل الاختصاص مخرجا يحلّ الإشكال القانوني، فإنّني لا أستطيع أن أفهم أن تقف الدولة عاجزة ومتفرجة على الدور المشبوه لميليشيات البلطجية المدججة بالسلاح والمال، فى حين أنّها تعرف أسماءهم واحدا واحدا وتعلم تمام العلم أنّهم سينتهزون أول فرصة لإطلاق شرارة الاشتباك وإشاعة الفوضى وإسالة الدماء في بر مصر.
سمعت من أحد القيادات السياسية أنّه تلقّى بلاغا من مصدر له معرفة بعناصر من تلك الميليشيات ذكر فيه أنّ أحدهم قال في مجلس له إنّه مكلف بقتل خمسة أشخاص في المظاهرات التي ستخرج ابتداء من اليوم. وهي رواية يصعب إثباتها حقا، إلاّ أنّ الأجواء المخيّمة صارت تحتملها ولا تستبعدها.
وإذا جاز لنا أن نتصارح بصورة نسبية في هذا الصدد، فسوف تتداعى أمامنا أسئلة عديدة حول دور أجهزة وزارة الداخلية، بعد الثورة خصوصا بعد فوز الإخوان في الانتخابات، ذلك أنّنا نعلم أنّها محملة بما يفوق طاقتها، كما أنّنا نستطيع أن نعذرها في أشياء كثيرة تتعلق بالإمكانات والكفاءات، إلاّ أنّ تسامحها مع البلطجية يبدو أمرا محيرا وباعثا على الدهشة. والأمر لا يقف عند حدود التسامح لأن بعض المحافظين الذين عيّنوا أخيرا لم يمكّنوا من تسلُّم وظائفهم إلاّ حين تفاهموا مع مديرى الأمن من محافظاتهم، على صرف البلطجية الذين يأتمرون بأمرهم، ممّن اعترضوا سبيلهم وحاولوا منعهم من الدخول إلى مكاتبهم. يا خفي الألطاف نجّنا ممّا نخاف.
سيناريو الفوضى والانقلاب مفضوحا في مصـر
فلسطين الآن ،،، ياسر الزعاترة
لم نعد في حاجة لانتظار يوم 30 يونيو لنتأكد مما قلناه مرارا وتكرارا ممثلا في أن السيناريو المعتمد من قبل قوى المعارضة في مصر هو تصعيد الفوضى والعنف من أجل دفع الجيش إلى الانقلاب على شرعية الشعب والصناديق، فما تابعناه يوم أول أمس الجمعة يؤكد ذلك على نحو لا يقبل الشك.
لقد رأينا المسدسات والبنادق والأسلحة البيضاء بين يدي أناس لم يختفوا خلف أقنعة سوداء على طريقة “البلاك بلوك”، بل كانوا يظهرون بوجوههم، مستندين إلى أن أحدا لن يتعرض لهم، ليس فقط لأن ذلك لم يحدث في السابق، وكانوا يخرجون بعد ساعات من اعتقالهم بأوامر أمنية، بل أيضا لأن النظام الذي يحاربونه سيسقط (برأيهم) بعد يوم أو يومين، ما سيجعلهم يصنفون في عداد الثوار، وليس الفلول كما هو حالهم الآن، فيما اختار أنصار الرئيس أن يكونوا المقتولين والمجروحين والمحروقة مقراتهم، وكانت تجمعاتهم غاية في الانضباط والهدوء.
منذ شهور ونحن نكتب عن هذا السيناريو الذي لم يغادر عقل رموز المعارضة، ممن يعرفون تماما طبيعة الأدوات التي ستستخدم في تنفيذ سيناريو الفوضى المؤدية إلى الانقلاب، ممثلة في بلطجية يستأجرهم فلول النظام السابق، ويتواطأ معهم الأمن ومباحث أمن الدولة والمخابرات، فيما تتولى دول عربية معروفة مهمة التمويل، بعد تمويلها قبل ذلك لحملة إعلامية شرسة شيطنت الرئيس والإخوان كما لو أنهم سرقوا البلاد وأذلوا العباد، فيما يعرف الجميع أن تلك الدول لا همَّ لها غير إفشال ربيع العرب في محطته المصرية كي تتوب الشعوب عن التفكير في الخروج إلى الشوارع والمطالبة بالتغيير والإصلاح، وهي قوى يشجعها الخارج الأجنبي الذي لا يريد لمصر أن تتماسك بصرف النظر عن أيديولوجيا حاكمها؛ هي التي استهدفت محمد علي باشا العلماني، وبعده عبد الناصر القومي، والآن محمد مرسي الإسلامي، حيث تدرك أن قوة وتماسك مصر هي العنوان الأكبر لنهوض العرب وقوتهم واستعادتهم لدورهم وحضورهم. ولا ننسى العبث الإيراني أيضا.
كان هذا السيناريو هو المعتمد منذ شهور، لكنه فشل بعد عجز قوى المعارضة عن توفير الغطاء “السلمي للانقلاب” إثر عجزها عن إخراج أكثر من 5 آلاف شخص إلى الميادين فيما كانت تسميه مليونيات، إلى أن جاءت فكرة “تمرد” البائسة، بتوقيع الناس على مطلب للإطاحة بمرسي، وعبر توقيعات لا يعرف أحد كيف جمعت (قال أحدهم؛ أحمد فؤاد نجم إنه وقع استمارة تمرد 16 مرة)!!
كانت الفكرة أن يجري ترتيب يوم (30 يونيو) يخرجون فيه على صعيد واحد؛ الفلول والمعارضون والمضللون، والأقباط الذين يجدونها فرصة للتخلص من نظام إسلامي يكرهونه لاعتبارات طائفية، وخلال ذلك اليوم يجري تجميع البلطجية بمقاولة واحد يمكن توفير الدعم لها من خلال مليارديرية مبارك، ومن خلال مال خليجي معروف، وذلك كي تصعَّد الفوضى إلى أقصى درجة ممكنة، وصولا إلى تدخل الجيش وإقصاء الرئيس.
لم يعد ثمة هدف آخر، فلا الانتخابات المبكرة، ولا أي تنازل آخر يمكن أن يؤدي إلى إسكات هؤلاء، فهم بدؤوا بالدستور، ومن ثم تغيير الحكومة والنائب العام، وصولا إلى إسقاط الرئيس، وهو الهدف الأول والأخير الذي لا محيد عنه بالنسبة إليهم، ولا قيمة هنا لأن يكون من بينهم أناس كانوا بين الثوار، أو حتى معارضون لم يكن بوسعهم ترتيب الأمر دون مساعدة فلول النظام السابق ودعم الخارج.
خرج الرئيس مخاطبا المصريين، فوضعهم في صورة شفافة للوضع الذي وجد عليه الدولة حين استلمها، وكيف تصرف بعد ذلك، وقدم تنازلا يتعلق بإعادة النظر في المواد المختلف عليها في الدستور، مع لجنة للمصالحة الوطنية، وصولا إلى انتخابات لمجلس شعب تشكل الأغلبية بعدها الحكومة، وهو المسار الطبيعي للوضع بعد الثورة، أية ثورة، إذ أن الشرعية الثورية لا يمكن أن تستمر طويلا، ولا بد بعدها من شرعية دستورية، وهو يمضي في هذا الاتجاه حتى لو خسر هو وحزبه الانتخابات.
أليس هذا مسار الحريصين على الثورة؟ إنه كذلك، وحكاية سرقتها رخيصة وبائسة، لأن ما يدعوهم إليه الرئيس هو جوهر الثورة، وهي إعادة الحكم للشعب والصناديق، لكنهم قوم يريدون أن يأخذوا بالعنف والفوضى ما عجزوا ويعجزون عن أخذه بالصناديق والاختيار الحر للناس، بل حتى بالحشود الشعبية التي كانت للمؤيدين أكبر بكثير منها للمعارضين كما تأكد خلال الجمعتين الماضيتين وسواهما. ووصل الحال ببعض الثوريين أن يكون شعارهم “مبارك ولا الإخوان”، وبالتالي فالقضية لا علاقة لها بالإدارة الفاشلة، ولا بأي شيء آخر، بقدر علاقتها بحسابات حزبية وأيديولوجية وطائفية، مع صلة بعضها بحسابات أخرى أكثر بؤسا تتعلق بالنظام السابق وجهات خارجية.
اليوم سينجلي المشهد، وربما احتاج الأمر إلى أيام أخرى، فإما أن ينجح الرئيس في تكريس مسار الشرعية الدستورية، وإما انقلاب عسكري تتلوه عملية سياسية مبرمجة بعد بث الإحباط في صفوف الناس وقبولهم بأي شيء عماده الاستقرار، ولو تمثل في عودة النظام السابق بعناصره الأمنية والسياسية، وحتى الاقتصادية الفاسدة.
إذا نجح السيناريو الثاني، ونسأل الله ألا ينجح، فالمجرم هو من رفض المسار الطبيعي بعد الثورة، وليس الإخوان مهما كانت أخطاؤهم ما داموا يبحثون عن شرعية دستورية تعبر عن الناس، وتحيل مصر إلى دولة مدنية حرة يختار فيها الشعب من يحكمه ويمثله، وكانت معهم (أي الإخوان) أغلبية الجماهير التي لا تمت بصلة؛ لا إلى البطجية والفلول، ولا إلى رموز المعارضة الباحثين عن دور، ولو على جثة البلد.
الدولة اليهودية" أبعد مما تخيلتم
فلسطين أون لاين ،،، برهوم جرايسي
يطالب باستمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن يعترف الجانب الفلسطيني بإسرائيل "دولة يهودية"، وأنها "وطن الشعب اليهودي"، بعد أن أخذ الفكرة ممن كانت وزيرة للخارجية تسيبي ليفني، وطورها على نحو أشد. وقد اتجهت أنظارنا أساسا إلى اللاجئين، لكون هذه الصيغة تشطب حقهم الأساسي في العودة. ومن بيننا أيضا من حذّر من أن هذا يهدد وجود فلسطينيي 48.
لكن ما يُبلوَر حاليا في الكنيست من مشاريع قوانين، يؤكد أن "الدولة اليهودية" هي أخطر بكثير مما نعتقد.في الأسابيع الأخيرة، يسارع رئيس كتل الائتلاف الحاكم النائب المستوطن العنصري ياريف لفين، إلى إعادة صياغة ما يسمى "قانون دولة القومية"؛ وهو مشروع قانون جرت بلورته في أطر اليمين المتطرف خارج الكنيست، وجرت محاولة لتمريره في الدورة البرلمانية السابقة، من خلال عضو الكنيست السابق من حزب "كديما" المعارض آفي ديختر، رئيس جهاز المخابرات الأسبق. إلا أن ما حمله من بنود عنصرية خطيرة، أحرجت أوساطا حزبية في الحكومة والمعارضة، فطوت المبادرة.وفي ظل تركيبة الدورة البرلمانية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة، وهي أخطر من سابقتها، تلّقف المتطرف لفين المشروع ليبلور صيغة أشد شراسة في عنصريتها، مبتعدة عن الكثير من صياغات التورية.
إذ نقرأ، مثلا، أن "أرض إسرائيل هي وطن الشعب اليهودي". والقصد بـ"أرض إسرائيل" هو فلسطين التاريخية. وأن "الشعب اليهودي" يعني جميع أبناء الديانة اليهودية في العالم، إذ إن الصهيونية تزعم أن "اليهودية" قومية، وليست فقط ديانة. وهذه نقطة خلاف جوهرية مع الصهيونية. وللأسف، هناك من بيننا من يقع في مطب "القومية اليهودية"، بدون أن يدري مخاطر هذا التعريف.و"يمنح" مشروع القانون أولوية لما يسمى "قيم اليهودية" على كل أدوات الديمقراطية، لتكون "اليهودية" هي المرجعية، وليس النظام الديمقراطي. كما يدعو المشروع إلى أن يكون الحق في الحصول على الأرض والمسكن هو لليهود أولا، بدون ذكر لحق أهل البلاد وأصحابها الفلسطينيين.
بل دعت صيغة سابقة إلى شطب كون اللغة العربية لغة رسمية ثانية في (إسرائيل). وكي لا يُجعل القانون قنبلة متفجرة أشد، بادر رئيس الائتلاف الحاكم ذاته إلى مشروع قانون جديد، يعطي أولوية لمن خدم في الجيش، أي اليهود حصرا، في أماكن العمل، مع ضمان رواتب أعلى من غيرهم، وأولوية في مقاعد الدراسة العليا، وفي الحصول على مساكن الطلبة، والحصول على أراضي البناء والمساكن الشعبية.. وهذا جزء من قائمة طويلة.هذان المشروعان يبلوران صورة "الدولة اليهودية" التي يقصدها نتنياهو. ولربما نرى مستقبلا إضافات أخطر.
وإن قال أحد إن المشروعين لم يُطرحا بعد على جدول أعمال الكنيست، وما يزالان قيد التبلور، فنقول له: إن القوانين العنصرية الخطيرة التي أقرها الكنيست في السنوات الأخيرة، كانت في سنوات مضت "خيالاً" لم يقتنع الكثيرون بأن الكنيست سيُقرها. يعرف نتنياهو أن إلى جانبه فريقا يقوم بالأعمال السوداء التي يريدها. وهو يتعامل مع هذه المشاريع بحذر، ويتحيّن الفرص كي يعطيها الضوء الأخضر، ليتم إقرارها في الكنيست، كما جرى في مشاريع قوانين كثيرة، في السنوات الأربع الأخيرة. اللافت في هذا المجال هو أن أخطر القوانين والمخططات السياسية ذات البعد الاستراتيجي، منبعها ما يسمى "المعسكر الصهيوني المعتدل"؛ مثل قانون "دولة القومية" الذي ظهر في حزب "كديما" في الدورة البرلمانية السابقة، حينما كانت ترأس الحزب "المعتدلة" ليفني! وكذا أيضا مشروع القانون الجديد الذي دخل مرحلة التشريع في الأسبوع الأخير، ويقضي باقتلاع عشرات آلاف الفلسطينيين، وتدمير 30 قرية عربية، وسلب 700 ألف دونم في صحراء النقب؛ فهذا المخطط بتفاصيله، ظهر في حكومة حزبي "كديما" و"العمل" بين العامين 2006 و2009.
وكذلك الأمر بشأن مخطط "تبادل الأراضي مع السكان" مع الدولة الفلسطينية، والذي قصد نقل منطقة المثلث إلى فلسطين، وإجراء تبادل بين فلسطينيي 48 والمستوطنين.
إذ ظهر في أكثر "معسكرات الاعتدال"؛ في قلب حزب "العمل"، وأبرزهم "المعتدل" يوسي بيلين، في العام 1999، واليوم يدعو إلى تطبيقه أفيغدور ليبرمان.إن تركيبة الكنيست الحالية قادرة على إقرار أشد القوانين عنصرية. ونحن ما نزال في بدايات الدورة. وحتى الانتخابات المقبلة، بعد نحو أربع سنوات، سنشهد وابلا من هذه القوانين وقد دخل كتاب القوانين رسميا!


رد مع اقتباس