النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 460

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء عربي 460

    اقلام واراء عربي 460
    27/7/2013

    في هذا الملــــف:

    • انتظار الحوارات المستحيلة

    نسيم الخوري-الخليج الاماراتية
    • مفاوضات فلسطينية اسرائيلية للوصول لحل غير عادل

    رأي القدس العربي
    • «التخابر مع حماس»

    عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
    • حكاية التخابر مع حماس!

    حلمي الأسمر-الدستور الأردنية
    • فقد الإخوان صوابهم

    حازم مبيضين-الرأي الأردنية
    • مسابقات التظاهر.. إلى أين؟

    عبدالرحمن راشد-الشرق الاوسط
    • قبل اندلاع الحريق

    فهمي هويدي-الشرق القطرية
    • أخيراً.. يتمصر الإخوان المسلمون رغم أنوفهم!

    سعد الدين-المصري اليوم



    انتظار الحوارات المستحيلة
    نسيم الخوري-الخليج الاماراتية
    تتشظّى العروبة ومعها العرب ويتخبّط المسلمون في معظم مدارسهم ورؤاهم، وتحديداً في الشرق الأوسط، في انتظار حواراتٍ أربعة:
    - الحوار الذي سيدور بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” في أمريكا، بمبادرة من وزير خارجيتها جون كيري الذي “فتح” كوّة حوارية في الجدار السميك للصراع التاريخي بين العرب و”إسرائيل” .
    - الحوار الذي ينتظره العالم في جنيف 2 بين النظام السوري والمعارضة .
    - الحوار اللبناني الذي بات لازمةً من لوازم الحضور اللبناني، يسكن في ذهن العارفين بمخاطر الأوضاع، وفي رأسهم الرئيس ميشال سليمان، لا بل من ضرورات رؤية الكيان اللبناني الذي يؤرّق اللبنانيين موالاة ومعارضة ووسطيين أي 8 و14 آذار، كما يشغل الأغلبية الصامتة أو المهجّرة والمهاجرة منه، بما يورث حالات من الرعب من أن تمتدّ النيران المشتعلة بأذياله الشمالية والشرقية والجنوبية إلى دواخله .

    - حوار “حماس” والسلطة كون فلسطين هي الموقد، وحوار العرب والعرب والمسلمين في ما آلوا إليه . وهذا هو الحوار الأهم الذي لا يجب انتظاره .

    حوارات منتظرة مشابهة في مصر وتونس وعواصم أخرى، تبدو كأنها فارغة، تنتظر نوعاً من الفراغ القاتل والحلول المستحيلة في أرض يتشابه قاطنوها في سبل العيش والجغرافيا والتطلّع إلى الاستقرار والمدنيّة . حوارات يبدو فيها الجميع وقد أدمن الانتظار أو ردود الفعل الدموية أو الملتبسة وكأنّه يستمدّ فلسفته وفكره من الأديان الدسمة التي تعصف بالحماسة والسلوك والاجتهادات والحروب المرعبة التي تظهر خروجاً نهائياً من العقلنة، وارتماءً محزناً أمام مجموعات من الخرائط والمشاريع التي ستسحب من واقعنا العربي، وكأننا طبخناها نحن فوق قدورنا عبر حفلات الدم والتمزيق، بينما هي في الأساس، مشاريع ووثائق مسحوبة من الجوارير العتيقة الدولية، ويجري حرق بعضها، وصولاً إلى تصفيتها وإعلانها .

    المشترك بين هذه الحوارات كبير في سلبياته وأسبابه ونتائجه كما في إيجابياته البعيدة . والتشابه عظيم، والأدوات واحدة تتأرجح بين أربعة ميولٍ وصرخات:
    1- أنا أقاتل إذن أنا موجود في الأرض je lutte donc je suis، وإن لم أحفظ وجودي فلي مقاعد يحفظها لي الدين أي دين توحيدي في السماء .

    2- أنا أفكّر إذن أنا موجود أي Je pense donc je suis وهي مقولة لم ولن تموت، وخصوصاً في نتائج انتظارنا مهما كانت . وعلى الرغم من غيابها أو عدم حضورها الفعّال في ما نحن فيه، فهي ترجعنا إلى مطلقها الفيلسوف والرياضي المعروف رينيه ديكارت( 1596- 1650) الذي دمغ عصر الأنوار في ثورات أوروبا، وكان أوّل من أسّس لماهية الفكر الحر الفردي معلناً العقل في بناء الدول وممارسة السياسة، بهدف التخلّص من كلّ الموروثات الجماعية والقبائلية والمجتمعية التي تلتمسها السلطات ورموزها البشرية باسم الدين، فتتلطّى بما ليس فيه من قيم وقواعد ونظم (حالة “ثورات” مصر وتونس وغيرهما) . جاء هذا الفكر بعدما غطست أوروبا، ومعها العالم من بعد، في أنهار الاغتيالات والمتفجرات الكثيرة التي خرّبت مجتمعاتها، ولا يزال دويّها يتردّد في تماثيل باريس وروما وبرلين وأثينا كما في فنونها المسرحية والزيتية وأشعارها وأدبياتها . صحيح أنّها مجتمعات، انتظرت كثيراً وبكت كثيراً وتدمّت قبل أن يتلقّفها نابليون بونابرت معلناً بالعنف تطبيق أفكار الحوار والحرية والمساواة التي أورثت البشر حربين عالميتين أخذتا بنيرانهما الملايين من الأبرياء، واكتوت بلظاهما صيغ متعدّدة من الأنظمة والدول والشعوب، التي كان فيها للفوضى ما لا يمكن رصده قبل أن تستقرّ الدنيا عند الفكرة الثالثة .

    3- عندما سقط كلّ شيء، جاءت الفكرة الثالثة التي أطلقها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: أنا موجود إذن أنا أفكّر Je suis donc je pense، هي ليست فكرة بقدر ما هي تعبير صادق عن تقديم الوجود بالمعنى الجسدي والصحي والنفسي على العقل والتفكير . ما معنى وجودنا كبشر، إن كانت حياتنا مهدّدة بالموت المحتّم أو التشويه أو الاستعباد من حروب أو حفلات قتال مستحيلة؟ كان الرجل على حقّ عندما علّق ديكارت من رجليه؟ أيّ عقل يوصل إلى الحوار؟ كان بذلك قد أخرج البشرية المثخنة بالجراح إلى رفض الأنظمة في معظم صيغها، وذهب بالناس إلى الاستغراق في اللهو اليومي والملذات من مأكل ومشرب واقتناص لحظات للعيش إلى حدود اتّهامه بالدعوة إلى العبثية والغرائزية، وخلط حبره بمادة صهيونية وخصوصاً في كتابه الخطر والمهم: الوجود والعدم .Lصetre et le neant .

    يمكنني الإشارة هنا إلى الفكرة التي عمّمتها جماهير 14 آذار وغطّت بيروت بها داعية إلى حقّ العيش: نريد أن نعيش لا أن نموت . مرحلة مشابهة بعدما شبع اللبنانيون من الموت وتحوّلوا إلى العفوية في العيش حيث فوران الغرائز قبل أن يداهمهم الموت .

    نحن اليوم في انتظار الفكرة الثالثة أي الحوار . أراها على مقياس العرب من دون اسثناء وأبتكرها بمعنى: أنا أحاور إذن أنا موجود je dialogue donc je suis .

    في أيّ دائرةٍ نحن اليوم في لبنان وسوريا واليمن ومصر وتونس والعراق والصومال والسودان وليبيا ووووو . . .؟

    نحن نتأرجح بين فكرة التقاتل المجاني وتدفّق الغرائز المجانية وفي حالة انتظار قاتل . يتراجع العقل لشدّة الموت وقد يعود المقاتلون في لعبة القتل إلى الغرائز بمعناها الفج . الحلّ في استنهاض العقل والحوار قبل أن تتثاقل، فلسطين، مثلاً، التي تقطّعت جغرافياتها وحوارات أهلها بين حماس والسلطة نحو تفريغ من أهلها عبر ترحيلهم خارج حدودها نحو؟ نحو سيناء كما تعبق الأجواء، لا نحو الأردن الثابت في مكانه كما هو ظاهر، أو يتقدّم لبنان، مثلاً ثانياً، نحو جبله القديم مثلما كان قبل إعلانه كبيراً في العام 1920 حيث تستعيد سوريا منه الأقضية الأربعة التي اقتطعت منها آنذاك أي البقاع وبعلبك وراشيا وحاصبيا . ماذا تفعل سوريا بتلك الأقضية؟

    لا أجوبة واضحة بعد حيث الحوارات في ما بيننا مستحيلة ولا حوارات عقلانية مع الغرب . المهم أين سيباشر الفيلق الجغرافي تشققه . لا تنتظروا الحوارات الفارغة .


    مفاوضات فلسطينية اسرائيلية للوصول لحل غير عادل
    رأي القدس العربي
    من المقرر ان يستضيف وزير الخارجية الامريكي جون كيري في واشنطن يوم الثلاثاء المقبل لقاء فلسطينيا ـ اسرائيليا لبحث برنامج وهيكلية المفاوضات. هذا الاجتماع الذي يحضره عن الجانب الفلسطيني كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، ومن المتوقع ايضا ان يكون الى جانبه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية، بينما يمثل اسرائيل وزيرة العدل تسيبي ليفني ومندوب رئيس الوزراء اسحق مولخو، سيأتي الاجتماع بعد 48 ساعة من اصدار القرار ببناء الف وحدة سكنية في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية، حيث سيعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي هذا القرار يوم الاحد. علما ان المفاوضات توقفت قبل ثلاث سنوات بسبب قرار البناء في المستوطنات.
    هذه ليست القضية الوحيدة التي من الممكن ان تفجر المفاوضات قبل ان تبدأ، فهناك قضية اطلاق سراح الاسرى، فبحسب مسؤول في السلطة الوطنية الفلسطينية، لن يذهب الفلسطينيون للمفاوضات الا بعد تأكيد اسرائيل نيتها اطلاق 104 اسرى معتقلين قبل اتفاقية اوسلو، فيما تقول اسرائيل انها قد تطلق 82 اسيرا ولكن البقية لن تفرج عنهم لانهم من منطقة 48 والقدس.
    رغم ذلك، من المتوقع ان تسير المفاوضات قدما بعد تلقي السلطة الفلسطينية رسالة امريكية تؤكد ان المحادثات تنطلق على اساس حدود ما قبل حزيران 1967.
    تبدأ المفاوضات بقضايا جوهرية ومباحثات متوازية حول حدود الدولة الفلسطينية وترتيبات الامن التي تطالب بها اسرائيل، وهي من اعقد القضايا التي ستواجهها المفاوضات، لانها ستتضمن قضايا القدس والمستوطنات وتبادل الاراضي. فالفلسطينيون يطالبون بانسحاب كامل من الاراضي المحتلة عام 67 بما فيها القدس الشرقية ولا يستبعدون تعديلات طفيفة بشأن تبادل الاراضي، لكن اسرائيل تتحدث عن انسحابات من الضفة وتريد ضم الكتل الاستيطانية. اما قضية القدس فالسلطة تريدها عاصمتها المقبلة، فيما تعتبر اسرائيل القدس الموحدة عاصمتها الابدية، رغم ان المجتمع الدولي لم يعترف بذلك.
    القضية الاخرى الصعبة في المفاوضات ستكون قضية اللاجئين وحق العودة بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194، فيما تحاول اسرائيل انتزاع اعتراف فلسطيني بانها ‘دولة يهودية’ من اجل طرح حل قضية اللاجئين بعيدا عن اسرائيل.
    الهوة بالمواقف شاسعة، وكما قال يوسي بيلين عن رئيس الوزراء الاسرائيلي ‘نتنياهو يريد سلاما حقا، لكنه غير مستعد لدفع ثمنه’، لكن يبدو ان نتنياهو يذهب للمفاوضات لتضييع الوقت، خاصة انه يعلم انها المرة الاخيرة التي سيضغط عليه الرئيس الامريكي للذهاب للمفاوضات خلال ولايته الاخيرة.
    سيكون لقاء واشنطن يوم الثلاثاء بداية انطلاق مفاوضات ماراثونية، تفرض نفسها على وسائل الاعلام لنستعيد صورا وتصريحات قديمة، حيث سنسمع من جديد صائب عريقات وهو يكرر المطالب الفلسطينية (من المؤكد انه حفظها عن غيب بعد سنوات عديدة من المفاوضات)، وسنرى المفاوض الاسرائيلي يقتحم الشاشات العربية وهو يعيد على اذاننا نفس النغمة القديمة عن عدم التفريط بامن اسرائيل واستحالة الانسحاب من القدس ولا لعودة اللاجئين…الخ، كما سينفض عشرات المحللين الغبار عن اوراقهم القديمة ليعيدوا نشرها. اما الوزير كيري فسيتحدث في مؤتمراته الصحافية عن الجهود المبذولة وضرورة الوصول لحل عادل.
    الحقيقة ان اي حل اذا تم التوصل الى حل، لن يكون عادلا، فكيف سيتحقق العدل لمن عاش معظم او كل حياته في مخيم للاجئين؟
    «التخابر مع حماس»
    عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
    من بين اتهامات ثلاثة وجّهت للرئيس المصري المعزول، استوقفتني واحدة: “التخابر مع حماس”.
    لم أفهم بعد، على الرغم من محاولتي المضنية تتبع كل كلمة وسطر كتبا عن هذا الموضوع، ما الذي تعنيه عبارة “التخابر مع حماس” ... كيف لرئيس أكبر دولة عربية، أن يجعل من نفسه “مُخبراً” لحركة أو فصيل في دولة ثانية ... كيف لأول رئيس مصري منتخب، أن يرتضي على نفسه القيام بمهمة تجسسية وضيعة؟ ... كيف لمسؤول في “التنظيم الأم”، مركز الجماعة العالمي، أن “يرفع” تقارير إلى “التنظيم الفرع”، الملحق والتابع وفقاً لدارج التصنيفات الإخوانية؟
    أن يقال إن محمد مرسي كان على صلة وتواصل مع حماس، هذا أمر مفهوم، وبخلاف ذلك، يصبح الأمر عصياً على الفهم والتصديق ... لكن، مَنْ في مصر، وفي مستوييها الأمني والسياسي، من لم يكن على صلة وتواصل مع حماس؟ ... ومن قال إن الاتصال والتواصل بحماس يعدان تخابرا، بمعنى جريمة يحاسب عليها القانون؟ ... ولماذا الإصرار على “المبالغة” في تصوير “العامل الحمساوي” في الأزمة المصرية؟ ... حقاً إنها تهمة مثيرة للسخرية.
    قد يقول قائل، إن الرئيس المخلوع في اتصالاته مع حماس، تخطى السياسة و”العلاقات الخارجية” و”الدعم الأخوي”، إلى استدعاء التدخل الأمني والعسكري الحمساوي، نصرةً له ولجماعته ... لكن، ومن دون أن أبدو في موقع “المُنزّهِ” لحماس عن مثل هذه التورطات أقول: إن من يريد استدعاء تدخل أمني من حماس، لا يفعل ذلك بشكل مفضوح، والمؤكد أن الرئيس المصري كان ليترك مهمة من هذا النوع لغيره من الأعوان والمحاسيب، وهو الذي يعرف أنه لم يكن في قصره بعيداً عن كاميرات الرقابة وأجهزة تنصتها، شأنه في ذلك شأن مسؤولين كبار وقادة دول عريقة في ديمقراطيتها وحرياتها وانسجام أهل الحكم فيها، فما بالك ونحن نتحدث عن مصر، بكل ما يعتمل فيها وحولها من أزمات وصراعات و”تربصات”.
    مثل هذه التهمة، تشبه إلى حد كبير، تهمةً أخرى، لم تصل بعد إلى أروقة القضاء، ولكنها متداولة في الصحف ووسائل الإعلام المناهضة للإخوان، وتقول إن الرئيس مرسي استعار هاتف الفريق السيسي لذات لقاء بينهما، ليجري مكالمة هاتفية، فإذا به يتصل بالبيت الأبيض طالباً تدخلاً أمريكياً لإنقاذ حكمه ومستقبل إخوانه (؟!) ... ولكم أن تتصوروا إلى أي درك، بلغ الإسفاف بالخطاب السياسي والإعلامي، وما الذي تلحقه الغرائز والعصبيات، بالمنطق والعقل وحسن التدبير والتقدير.
    من يتابع حركة الميادين والشوارع في مصر، و”رجع صداها” في السياسة والإعلام، يخشى على مصر من أن تكون قد “طلقت” عقلها بالثلاث ... فمقابل خطاب “الكهوف” المنبعث من “رابعة العدوية” المثقل بالكراهية والتحريض والتكفير والتخوين، هناك خطاب أرعن وطائش، إقصائي وإلغائي، ينساب على ألسنة خصوم الإخوان وبعض وسائل الإعلامية المعبرة عنهم ... مقابل خطاب “الأساطير” و”المنامات” التي تأتي بالملائكة إلى رابعة العدوية، وتزج بالرسول الكريم في خيمة من خيام الاعتصام تلك، نرى خطاباً مشبعاً بـ”الأسطرة” وعبادة الفرد ... “أسطرة” العسكر وتمجيد قائدهم، لكأن الديمقراطية والحرية، لا تسيران إلا في ركاب هؤلاء ... أخشى أننا أمام ديكتاتورية جديدة، متدثرة بلبوس مدني، تسعى في مواجهة فاشية شمولية، متدثرة بلبوس الدين ومتلفعة بالشعار الساذج: “الإسلام هو الحل”.
    تساءلنا قبل يومين: “أما من مخرج مشرف من “رابعة العدوية”؟ ... واليوم نتساءل: أما من مخرج مشرف لمصر، يوقف انزلاقها في هاوية الفرز والاستقطاب والفوضى والخراب؟ ... أما من مخرج لمصر يليق بها وبتاريخها العظيم، دولة ومجتمعاً وشعباً وقوات مسلحة، يضعها على سكة الانتقال السلمي والسلس والتوافقي (وهذا هو الأهم) لفضاءات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؟ .
    ما أحوج مصر اليوم، وما أحوجنا جميعاً اليوم لـ “عودة الوعي”.
    ولأنها “أم الدنيا”، فإن ما يجري في ساحاتها وميادينها، لا تقف حدوده وتأثيراته ضمن نطاق الجغرافيا المصرية ... فآفة “تطليق” العقل، انتقلت إلى إلينا في الأردن، بسرعة البرق، وما شهدناه قبل أيام على مقربة من دوار الداخلية، وعلى صدر صفحات بعض صحفنا اليومية، ينهض شاهداً على أن رياح الأزمة المصرية، بدأت تضرب بين جدران منازلنا، فنحن -عن قصد أو من دونه- نعيد انتاج صورة المشهد المصري، وإن على نحو كاريكاتيري في بعض جوانبه ... حمى الله مصر والمصريين ... حمى الله الأردن والأردنيين.
    حكاية التخابر مع حماس!
    حلمي الأسمر-الدستور الأردنية
    يُفهم من مضمون التقرير الذي أعده ما يعرف بـ « لواء الأبحاث « في الاستخبارات العسكرية وقدم لأعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وكشفت محتواه إذاعة الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء الماضي حسبما رصد الدكتور صالح النعامي، إن الحماس الإسرائيلي لانجاح الانقلاب لا يرجع للرضا الإسرائيلي من التخلص من حكم الإخوان المسلمين، بل لأن الانقلاب يؤذن بالقضاء على ما وصفه التقرير بـ « القوة الناعمة « التي كان يمكن أن يراكمها نجاح أول تجربة ديموقراطية في مصر، تحت حكم الإسلاميين. التقرير شدد على أن نجاح الانقلاب وتسليم الشعب المصري بنتائجه مهم جداً لأنه سيسمح بمحاصرة الربيع العربي وتجنيب إسرائيل « ثماره السلبية «. كما شدد على ضرورة تجند إسرائيل لاقناع الغرب بضرورة أن يشعر الرأي العام المصري بما أسماه « العوائد الإيجابية « لعزل مرسي وتعزيز صدقية تحالف العسكر مع الليبراليين عبر توجيه مساعدات مالية ضخمة لمصر، تحديداً في الوقت الحالي. وكما هو معلوم، فإن نتنياهو لم ينتظر صدور هذا التقرير، وهو يعكف حالياً بالتعاون مع السيناتور الجمهوري راند بول على الدفع نحو تبني الغرب لخطة « مارشال « جديدة لدعم الاقتصاد المصري بغية انجاح الانقلاب وضمان نجاحه في تحقيق أهم رهانات إسرائيل، والمتمثلة في وأد عملية التحول الديموقراطي في العالم العربي!
    هذه هي القصة، بكل تفاصيلها، وما سوى ذلك، كلام فارغ!
    وفي سبيل طي صفحة الديمقراطية في مصر، نشهد جملة من التخبطات التي يقترفها الانقلابيون في مصر منها مثلا، اتهام الرئيس المختطف بالتخابر مع إخوانه في حماس، ولا نريد هنا أن نقول الكثير، فالتخابر مع حماس شرف لا يستحقه المتخاذلون، ما يجري هنا أن نتنياهو ينتقم من مرسي على أيدي السيسي بعد أن رفض الرد على مكالماته الكثيرة، من السخرية المرة أن يتهموه بالتخابر مع إخوته في حماس، بعد أن رفض التخابر مع اليهود، القضاء المصري اليوم سقطت عنه ورقة التوت، بعد أن تورط بالكامل في اللعبة القذرة، وولغ في طين السياسة!
    كلمة خارج النص:
    في غمرة اهتمامنا بالشأن المصري، لا ننسى أهلنا في القدس المحتلة..
    نشرت هآرتس الخبر التالي منذ يومين: الحكم بالسجن لمدة 10 سنوات على بائع كعك من القدس المحتلة لقيامه ببيع بضاعته دون ترخيص(!) وبإمكانه وقف تنفيذ العقوبة إذا دفع غرامة بمبلغ 8 آلاف شيكل ! (نحو 3 آلاف دولار)
    كعك القدس –كما علقت إحدى الأخوات على الخبر- جزء من هوية المدينة لغة تحكي رواية لا تنتهي لان احدهم يريد للتاريخ ان يتغير طعمه...حكاية مثل حبات السمسم تحمل الريح نكهتها لتظل عالقة فوق سطوح المدينة تنتظر من لا يبدلون تبديلا.. والحقيقة التي يجب أن تقال هنا.. إن ضخامة العقوبة ليس لبائع الكعك، فقط، بل للتاريخ نفسه، وهوية المدينة التي يحاولون تهويدها بالكامل، واعتقال الكعك!
    فقد الإخوان صوابهم
    حازم مبيضين-الرأي الأردنية
    أفقدت التطورات في مصر إخوان الاردن صوابهم، فكشفوا في لحظة طيش غير محسوبة عن أهدافهم النهائية، المُتمثلة بقلب نظام الحكم، وإنشاء دولة جديدة، تُلبي الطموحات الدولية والإسرائيلية، في إسدال الستار نهائياً على القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وتفلّت شبابهم عند دوار الداخلية، يهتفون « من ذيبان الأبية ـ نعلنها جمهورية ـ غرب وشرق اردنية»، في بادرة غير مسبوقة، وإن كنا نُدرك ونعي أنّها هدفهم النهائي.
    ليس على أساس وطني ارتفع صراخ الإخوان، وإنّما انتصاراً لمرشدهم الذي فقد الحكم، فقد اتهموا بلدنا بالمساهمة في صنع الأزمة في مصر، ومحاصرة تجربتها الجديدة، وقرّروا نيابة عن الشعب، وبدون تفويض منه، أنّ موقف عمان الرسمي، لم يكُن معبّراً عن مصالح الأردن، وراهن كما هي العادة، على قراءات بائسة وفاشلة، في نجاح المؤامرة الإنقلابية العسكرية، وبما يُشبه الأوامر العسكرية، طالبوا صانعي القرار، بتصويب ما وصفوه زوراً بالتشوهات، التي أصابت السياسة الأردنية، على المستوى الداخلي والعلاقات الخارجية، التي جعلت من العدو صديقاً، ومن الصديق عدواً.
    يتّهم بيان أصدرته الجماعة الأردن بالاستقواء بالخارج، والمُراهنة على التطورات الإقليمية والدولية، وكأنّ كلّ تحركاتهم الأخيرة، ومنذ ما يقارب العامين، لم تكن مرتبطة بأجندات خارجية، ابتداءً بالثورة السورية التي حرفوها عن أهدافها، وتركوها فريسةً لقوى التكفير الظلامية، وليس انتهاءً بالوقوف ضد إرادة الشعب المصري، التواق لتصحيح مسار ثورته ضد الحكم الدكتاتوري، ورفضه استبداله بدكتاتورية إسلاموية، تستمد سلطتها وشرعيتها من الغيب، وترفض الإرادة الشعبية.
    لانظلم الإخوان، إن اتّهمناهم بمحاولة القفز عن التطورات المنطقية، بدعوتهم المشبوهة لإقامة إمارة إسلاموية، تحت مُسمّى جمهورية، تُلغي الدولة الأردنية التي احتضنتهم ما يقارب القرن، ومعه المشروع الوطني الفلسطيني، ما يعني الاصطدام بالنظام الأردني والسلطة الفلسطينية، في عملية تصب الحبّ في طاحون المشروع الصهيوني، المُتمثل بالتخلّص من المسؤولية عن سكان المناطق المحتلة، وترحيل أزمتهم إلى الأردن، وفي الطريق حلّ مشكلة اللاجئين، في سوريا ولبنان ومصر والعراق، عبر توطينهم في جمهوريتهم الموعودة.
    حين كنا نطالب بإلغاء قرار فك الارتباط، من منطلقات وحدوية ووطنية، ولأسباب تتعلق بعمق العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، فإننا كُنا نُرجئ ذلك إلى ما بعد تحرير الأرض المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية ، غير أنّ المشروع الإخواني يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، عبر إقامة «جمهورية»، تخضع لحُكم المرشد الأعلى في مصر، وتستوعب كل فلسطينيي الشتات، ودائما تحت ضغط الصراخ بحماية الإسلام، الذي يحتكرون لأعضاء تنظيمهم شرف الإنتماء إليه، ويُكفّرون كلّ من لا يرضخ لشروطهم.
    مطلوب اليوم من كل قوى الحراك الإصلاحي الوطنية، إعلان البراءة من مخطط الإخوان الشيطاني التصفوي، المُرتبط بأجندة دولية، يُنفذها المرشد البديع في مصر، وعزل هذه الجماعة، التي تحاول تصدير أزماتها الداخلية المتفاقمة إلى الشارع، خصوصاً وأنها أسفرت عن أهدافها، المُتصادمة جذرياً مع طموحات المواطن الأردني، ومطلوبٌ من الدولة بكل أجهزتها، التعامل مع الواقع الجديد، بما يستحق من الحزم والعدل، بهدف الحفاظ على الأمن الوطني، ومنع الفتنة التي يسعى الإخوان لإيقاظها.
    مسابقات التظاهر.. إلى أين؟
    عبدالرحمن راشد-الشرق الاوسط
    عندما كتبت مقالي، لم أنتظر حتى أرى أي الحشدين أكبر، في ميادين القاهرة؛ «الإخوان» أم خصومهم، لأنه، في نظري، لا يمكن قياس حقوق المواطن أو واجب الدولة من خلال حساب عدد الذين في الشارع، فالتظاهر وسيلة للتعبير لا للتفويض. والتباري في حشد الناس لن يطول، لأن الأزمة أخطر من أن تُحسم بمسابقة المظاهرات، بل ستتعداها إلى ما وراء ذلك، خاصة أن تصرفات جماعة الإخوان المسلمين، وتصريحاتها، تبين أنها تدار من قيادة تنحو للتطرف. المعتدلون من «الإخوان» انشقوا، أو صمتوا، وبعد أن تسببت القيادة القطبية المتشددة في داخل الجماعة في إضاعة فرصة الحكم، تقوم بالتصعيد والتهديد، متناسية أنها حكمت مصر لعام، أخافت تصرفاتها بقية القوى السياسية، مؤكدة أنها لا تؤمن بالديمقراطية التي أوصلتها للحكم، وترفض المشاركة السياسية.
    الخلاف في مصر سياسي يمكن التعبير عنه سلميا، وبعد ظهور العنف لم يعد قائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي، لمواجهته في حاجة إلى تفويضه من الشارع، لأن أول واجبات الدولة تأمين الأمن، قبل الخبز. ومواجهة العنف، سواء كانت دوافعه سياسية أو جنائية. العنف السياسي واحد، تفجير سيارة في المنصورة، مثل اغتيال الجنود في سيناء، مثل إطلاق الرصاص من قبل بعض المتظاهرين في القاهرة. ومن المؤكد، إن استمر وازداد القتل والتفجير، أننا سنرى حالة غضب شعبية تعطي الجيش المزيد من الصلاحيات، وربما تؤخر العملية السياسية الموعودة بعد عشرة أشهر.
    وقبل أن يختصر «الإخوان» تفكيرهم، في استعراض المزيد من المظاهرات في الأيام اللاحقة، ربما عليهم أن يوسعوا رؤيتهم وحماية مكتسباتهم بعدم السماح لاسمهم بأن يرتبط بالعنف والتحريض، لأنهم الخاسرون في هذه الحالة، مهما كانت مظلمتهم السياسية.
    نخاف على مصر، ليس من «الإخوان» أو الصراع السياسي، بل من القوى المسلحة. فمنذ الثورة المصرية، دخلت البلاد، وخرجت من السجون، جماعات مسلحة متطرفة تزداد نشاطا وقوة. هذه الجماعات الجهادية ارتكبت جرائم القتل في سيناء، قبل وخلال وبعد رئاسة الرئيس محمد مرسي. خطرها أكبر من مساحة مصر؛ تهدد منطقة الشرق الأوسط، حزام من الجماعات المترابطة ينشط حاليا في ليبيا، والجزائر، وتونس، وتنظيمات مثل دولة العراق والشام الإسلامية في سوريا.
    الجيش والحكومة المصرية الجديدة حتى لو لم تقنع كل الشعب المصري من خلال الحشد الجماهيري الكبير، وحتى لو استمر «الإخوان» في التحدي، فإن الآتي سيجعل المصريين أكثر قلقا على الأمن، وأقل اهتماما بالخلاف السياسي. ولأن الإخوان المسلمين يعيشون لحظة الغضب، وينوون إفشال أي مشروع سياسي لا يعيد لهم الحكم، فإنهم لا يقرأون جيدا الخطأ الذي يرتكبونه. صحيح أنهم خسروا ثلاث سنوات متبقية من الرئاسة، لكنهم حصلوا على تأكيدات من الأحزاب والقوى السياسية والجيش، بالمشاركة. إضافة إلى أن جولة جديدة من الانتخابات ستضمن لهم البقاء في العملية السياسية، ولأنه لا يوجد حزب واحد سياسي يملك شعبية تؤمن له الفوز الكامل، فهذا يعني أن فرصة «الإخوان» كبيرة للعودة بالتحالف مع قوى فائزة، وربما يحققون نسبة، إن لم تكن غالبة، فستكون مرجّحة في مجلس الشعب. وفي أسوأ حالاتهم سيكونون جزءا من الدراما السياسية التي تتغير فيها التحالفات. علينا أن لا ننسى أن «الإخوان» كانوا الفريق المفضل للجيش قبل عامين. الحل يكمن في الانتخابات المقبلة، التي تمثل أمل «الإخوان» في البقاء بالساحة، والأمل في منع البلاد من الانزلاق في دوامة العنف.
    قبل اندلاع الحريق
    فهمي هويدي-الشرق القطرية
    بعدما اشتدت الأزمة في مصر واقتربت لحظة الانفجار، هل حان أوان الانفراج؟ أطرح ذلك التساؤل مؤملاً أن يتحقق القول المأثور: اشتدِ أزمة تنفرجي. ولا أعرف إن كانت هناك فرصة لكي تشتد الأزمة بأكثر مما هي عليه الآن أم لا، لأنه بعد نزول الجماهير التي يفترض أن تكون قد فوضت وزير الدفاع في اتخاذ ما يلزم لمواجهة ما أسماه بالعنف والإرهاب، وأيا كان رأينا في القيمة القانونية لذلك التفويض، فإن الخطوة المتوقعة بعد ذلك تتمثل في تفعيل المواجهة والانقضاض على الجموع المؤيدة للدكتور محمد مرسي. وهو ما عبر عنه المستشار الصحفي لرئيس الجمهورية بأنه بداية الحرب ضد الإرهاب. وإذا صح ذلك فإن هذه الخطوة ستكون بداية لإغراق مصر في بحر من الدماء.
    وفي ظل التعبئة الإعلامية الموازية، التي لا تكف عن التحريض والكراهية، الدعوة إلى‪ الانتقام، ‪ فإن الأمر لن يقف عند ذلك الحد لأن خطاب الإقصاء والإلغاء لن يقف عند ذلك الحد. و أرجو ألا يكرر تجربة النازية الألمانية مع اليهود و من لف لفهم، حين أعلن هتلر ما أسماه بـ«الحل الأخير»، الذي بمقتضاه تم اقتياد الألوف منهم إلى معسكرات الاعتقال و غرف الغاز للتخلص من «أشرار المرحلة». و حينئذ يصبح الشعار المضمر أو المرفوع في مصر هو: المحرقة هي الحل.
    في مواجهة الأفق المسدود، يطل ذلك السيناريو المخيف الذي أزعم أن أحدا لن ينجو من آثاره، لا المعارضون ولا المؤيدون ولا الوطن ذاته.
    هذا الخوف أثار فزع شرائح مختلفة من المثقفين الوطنيين في مصر، الذين ظلوا طوال الأسبوع الماضي على الأقل، يبحثون عن مخرج للأزمة قبل أن يقع الانفجار ويندلع الحريق الكبير. وشاءت المقادير أنه في حين كانت وسائل الإعلام المصرية تجهز للحريق وتدفع باتجاه الانفجار، فإن أولئك المثقفين ظل شاغلهم طول الوقت هو كيف يمكن إنقاذ الوطن من الكارثة.
    لا أستطيع أن أدعي الإحاطة بكل جهود أولئك المثقفين الوطنيين، لكني شاركت في الأسبوع الماضي في أربعة لقاءات لهم بالقاهرة شهدها عشرات منهم. ووقعت في نهاية الأسبوع على أربعة نداءات ومقترحات للحل، أحدها حمل توقيع 14 من أبرز مثقفي مصر المستقلين. والثاني صدر عن الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء السابق، والثالث أصدره الدكتور محمد سليم العوا المرشح الرئاسي السابق، والرابع أصدرته الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح.


    القاسم المشترك بين تلك النداءات يتمثل فيما يلي:
    ـ أنها انشغلت بمستقبل الوطن وبالدفاع عن المسار الديمقراطي في مصر بأكثر من انشغالها بمشكلة الإخوان المسلمين، ومن ثم قدمت الوطن على الجماعة.
    ـ أنها حاولت التوفيق بين التغيير الذي حدث في رأس السلطة وبين مقتضيات الدستور والقانون، بمعنى أنها سعت إلى إيجاد مخرج قانوني لأزمة السلطة الراهنة وشرعيتها القانونية.
    ـ أنها انطلقت من التسليم بالأمر الواقع وسعت إلى إخراج الوضع المستجد وتحقيق الهدف الذي ينشده
    من خلال خطوات تهدئ المشاعر الملتهبة وتحفظ السلم الأهلي وتؤسس لدولة القانون.
    ـ المسألة الجوهرية في المبادرات تمثلت في قيام رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بتفويض سلطاته إلى رئيس مؤقت للوزراء، يتم التوافق عليه بين مختلف القوى الوطنية، بحيث يتولى الأخير الإشراف على إجراء الانتخابات البرلمانية التي تأتي بحكومة منتخبة دائمة، تعبر عن موازين القوى في مصر. وهذه الحكومة تتولى إجراء الانتخابات الرئاسية. وهذا رأى عبرت عنه إحدى المبادرات، في حين ارتأى آخرون أن تجرى الانتخابات الرئاسية مع البرلمانية في الوقت نفسه. لكنها لم تختلف حول فكرة التفويض الذي يتعين منحه لرئيس الوزراء.
    هذه الفكرة التي أطلقت قبل 48 ساعة اعتمد أصحابها على دستور 2012، الذي نص على أنه في حالة وجود موانع تعيق عمل رئيس الجمهورية، فإنه يتم تفويض رئيس الوزراء للقيام بمهامه. ومثل هذه الموانع تتوافر في الظرف الراهن بامتياز.
    لا أعرف كيف استقبلت قيادة القوات المسلحة الفكرة، لكنني أعرف أنها تمثل مخرجا كريما من الأزمة، يحقق أهداف انتفاضة 30 يونيو ويحقن الدماء ويحترم الدستور والقانون. ويفتح الباب واسعا لإخماد الحريق الذي يسعى البعض لإشعاله في ربوع مصر. أعرف أيضا أن التفاهمات السياسية ومن ثم المصالحة ينبغي أن يتوفر لها هامش من المرونة من جانب كل الأطراف. وإذا كان ذلك حاصلا فيما بين الأعداء المتحاربين، فما بالك به حين تكون المصالحة بين الأشقاء. أما إذا تصلب طرف وقرر أن يملى كل ما يريد على الطرف الآخر، فإن المصالحة تفقد معناها، وتتحول إلى رغبة في الإذعان والإذلال تحتكم إلى القوة وليس إلى القانون فضلا عن العقل والمصلحة. وحين تتكلم القوة تخرس الألسنة وينقطع حبل الكلام. ويخيب أمل الذين راهنوا على الانفراج بعد اشتداد الأزمة.
    أخيراً.. يتمصر الإخوان المسلمون رغم أنوفهم!
    سعد الدين-المصري اليوم
    الذين تابعوا مليونية الإخوان المسلمين يوم الجمعة 12/7/2013 «الثالث من رمضان 1434هـ» لاحظوا اختفاء الأعلام السوداء والأعلام الخضراء تماماً، ولم يرفع الإخوان المسلمين إلا الأعلام المصرية فقط، وبكثرة ملحوظة، حتى بدى كل مُشارك فى تلك المُظاهرة يحمل علماً مصرياً، ويحرص على التلويح به يميناً ويساراً.
    ومن معرفتنا بأدبيات وسلوكيات الإخوان المسلمين لا يمكن أن يكون ما ظهر فى تظاهرة ميدان مسجد رابعة العدوية سلوكاً تلقائياً من أفراد الجماعة. فتربيتهم على السمع والطاعة تقتل فى أعضاء الجماعة أى نزعة تلقائية للاختيار الحُر أو للإبداع. فهم ينشأون وقد تعمّق فى وجدانهم أن كل جديد بدعة، وأن كل بدعة ضلالة، وأن كل ضلالة فى النار! وسواء كان ذلك حديثاً نبوياً صحيحاً أو مدسوساً، فإن تصديق الإخوان لفحواه هو السبب الذى يُفسر غياب المُبدعين بين الذين ينتمون إلى الجماعة!
    فهل من المعقول أن جماعة تجاوز عمرها ثمانين عاماً، وجنّدت فى صفوفها عدة ملايين، ومع ذلك لم يظهر بين هذه الملايين كاتب روائى أو قصصى، ولم يظهر منهم رسام أو نحات، أو موسيقار، أو ممثل مسرحى أو سينمائى!؟
    أغلب الظن أنه طبقاً لنظرية الاحتمالات لا بد أن بين ملايين البشر الذين انضموا إلى الإخوان كان يوجد من لديهم نزعات وميول إبداعية، ولكن التربية النمطية، التى تدعى نهج السلف الصالح، قتلت تلك النزعات الإبداعية فى مهدها، وجعلت من أعضاء الجماعة مخلوقات أقرب إلى الإنسان الآلى، الذى تتم برمجته دورياً، حتى ينهج النهج الذى تريده له قيادات الجماعة.
    ومن هنا لا يمكن أن يكون حمل الأعلام المصرية فى يوم الجمعة 12/7/2013 أمراً عفوياً. فطوال الأسبوعين السابقين لم يكن الإخوان يرفعون إلا أعلام تنظيم القاعدة السوداء، أو أعلام تنظيم الجهاد الخضراء جرياً على نهج الحركة الوهابية وتنظيم القاعدة، الذى نشأ أولهما فى الجزيرة العربية على يد الشيخ محمد بن عبدالوهاب فى القرن الثامن عشر، والآخر فى جبال وكهوف أفغانستان على يد أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى فى أواخر القرن العشرين، أثناء مُقاومة الاحتلال السوفيتى.
    وعودة إلى موضوع ورمزية الأعلام المصرية، التى رفعها الإخوان المسلمين فجأة فى مُظاهرة 12/7/2013. لقد دأبت الجماعة على ازدراء كل ما هو «وطنى»، لأن لديها عقيدة كونية أطلق عليها مؤسس الجماعة حسن البنا، «أستاذية العالم»، وربما يذكر القُرّاء عبارة الازدراء الشهيرة التى أطلقها مُرشدهم السابق، محمد مهدى عاكف، حينما سئل عن الانتماء لمصر، فقال «طظ فى مصر، وإن أخاً مسلماً من ماليزيا أحب إليه من ألف مصرى لا ينتمون إلى الجماعة».
    لكن اللطمات التى تلقاها الإخوان المسلمين، خاصة منذ ظهرت حركة تمرد على مسرح الأحداث، ثم عزل د. محمد مرسى من رئاسة الجمهورية، وعدم استجابة معظم المصريين لنداءاتهم ومُبادراتهم.. لا بد أنها أيقظتهم من أوهامهم. فالمجموعة الشبابية المغمورة التى بدأت حملة تمرد، ونجحت فى جمع ثلاثين مليون توقيع من المصريين لسحب الثقة من محمد مرسى، والمُطالبة بانتخابات عامة رئاسية وبرلمانية مُبكرة.. أفقدت قيادة الإخوان توازنها. فردوا على حملة «تمرد» بحملة مُضادة سموها «تجرد».. ولكن حملتهم لم تنجح حتى فى جمع مليون توقيع. ثم كانت اللطمة الثانية والأكثر قسوة هى الدعوة الناجحة لحملة تمرد بحشد تلك الملايين الرافضة لحكم الإخوان فى كل ميادين المدن المصرية ـ من أكبرها مثل القاهرة والإسكندرية، إلى متوسطها مثل طنطا والمنصورة وبورسعيد والزقازيق ودمنهور، إلى أصغرها مثل دكرنس ودهشور، ومن أطراف مصرـ مثل مطروح وسيناء، إلى صعيد مصر، خاصة قنا وسوهاج وأسيوط والمنيا، وهى المحافظات التى كانت غالبية ناخبيها قد صوتوا للإخوان المسلمين فى الانتخابات النيابية والرئاسية بعد ثورة 25 يناير 2011، ثم جاءت أكبر وأقسى اللطمات، حينما تحركت القوات المسلحة واستجابت طواعية للنداءات الضمنية لحركة تمرد وللملايين المُحتشدة فى كل ميادين مصر، فأنذرت الرئيس محمد مرسى بضرورة الاستجابة لمطالب تلك الجماهير، ولكن الجماعة استمرت فى غرورها وغطرستها، وأوحت مرة أخرى بأنها ستحمى محمد مرسى بالروح والدم.. وتحدث هو أيضاً «28/6/2013» فى خطاب طويل أصاب معظم المصريين بالضجر والملل، لكثرة إلحاح الرجل على «شرعيته»، فاستخدم وكرر كلمة «الشرعية» سبعين مرة، بمعدل مرة كل دقيقتين فى ذلك الخطاب، وهو ما يوحى بأن الرجل فى قرارة نفسه كان يدرك تآكل شرعيته.. وكأن كثرة التأكيد اللفظى ستعيد إليه تلك الشرعية.
    فما كان من القوات المسلحة إلا استشارة الأزهر والكنيسة، والأحزاب السياسية والنقابات المهنية، والقيادات الشبابية، أى «أهل الحل والعقد»، ثم أعلنت عزل محمد مرسى من الرئاسة، وتولية المستشار عدلى منصور، رئيس المحكمة الدستورية العُليا، كرئيس مؤقت للبلاد، مع جدول زمنى لانتخابات رئاسية وبرلمانية مُبكرة، واستقبل معظم المصريين هذه الخطوة بالفرح والبهجة.. وهنأوا بعضهم البعض، وكأنهم فى يوم عيد «3 يوليو 2013».
    وعادت بى الذاكرة أكثر من خمسين عاماً إلى الوراء إلى يوم 26 يوليو 1952، حيث كنت شاهد عيان مع آلاف الصبية على مشهد مُغادرة الملك فاروق قصر رأس التين بالإسكندرية على يخته المحروسة إلى منفاه فى جزيرة كابرى بإيطاليا. لقد كنت فى الرابعة عشرة من عُمرى «إلا قليلا» آنذاك، وها أنا الآن، فى الخامسة والسبعين من عُمرى «إلا قليلا» أشهد مع العالم كله نفس الدراما الوطنية، بدأت الأولى بحريق القاهرة «يناير 1952»، وتحرك الجيش بعدها بستة أشهر «23 يوليو 1952»، وفى الثانية خرج ثلاثون مليون مصرى مُحتجين، مُتمردين يوم 30 يونيو، واستجاب لهم الجيش بعد ثلاثة أيام فقط.
    حفظ الله شعب مصر العظيم، وبارك فى جيشه الوطنى الباسل. وعلى الله قصد السبيل

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 370
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-15, 10:45 AM
  2. اقلام واراء عربي 369
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-15, 10:44 AM
  3. اقلام واراء عربي 367
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-15, 10:43 AM
  4. اقلام واراء عربي 359
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:17 AM
  5. اقلام واراء عربي 350
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:10 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •