اقلام واراء اسرائيلي 425
28/8/2013
الضربة الامريكية يجب أن تكون مؤلمة بقدر كاف
في هــــــذا الملف
الضربة الامريكية يجب أن تكون مؤلمة بقدر كاف
بقلم: حيمي شليف،عن هآرتس
الوحل السوري
بقلم: ايتان بن الياهو،عن يديعوت
علينا التزود بالكمامات خشية من أي سيناريو مقبل
بقلم: د. مردخاي كيدار،عن معاريف
دعوة مُفعمة بالنوايا الخيرة لكنها خطأ
بقلم: موشيه آرنس،عن هآرتس
اليمينيون يقودون الى حل يساري متطرف
بقلم: عوزي برعام،عن هآرتس
تأثير تصريحات اردوغان على حزبه
بقلم: تسفي بارئيل،عن هأرتس
بقلم: حيمي شليف،عن هآرتس
وضَع وزير الخارجية الامريكي جون كيري يوم الاثنين الأساس الفكري لعملية عسكرية امريكية يبدو أنها أخذت تقترب في سورية، وليست هي ايضا ردا على قتل أبرياء، بل هي منع انتشار سلاح الابادة الجماعية وعقاب شديد لمن يتجرأ على تنفيذ جريمة في البشر باستعماله.
إن هذا الهدف مثل خيط ثانٍ في تصريحات الرئيس اوباما، منذ اليوم الذي انتُخب فيه. فقد خصص لذلك خطبته الشهيرة في براغ في نيسان/ابريل 2009، وكرر ذلك منذ ذلك الحين في كل خطبه الكبيرة، ‘لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا بأن يتم اظلام القرن الواحد والعشرين بأفظع اسلحة القرن العشرين’، قال في محاضرة في واشنطن في كانون الاول/ديسمبر الأخير حذر الاسد فيها من ‘الخطأ المأساوي’ وهو استعمال سلاح كيميائي على مدنيين. وأضاف قائلا: ‘ستكون لذلك آثار’.
يأمل كيري واوباما أن يصوغا على هذا الأساس الضيق تأييدا دوليا لعملية عقاب للرئيس السوري بشار الاسد مع تسكين جأش روسيا وايران بها ايضا. سيكون الهجوم على الاسد بمثابة ‘كي يروا ويُروا’ لا لاحداث تحول أساسي في الحرب الأهلية في سورية أو المس المفرط بزبون موسكو وطهران. ولهذا، يقول كيري، لن يكون لروسيا سبب يدفعها الى أن ترى الهجوم المتوقع سببا لرد شديد قد يدفع المنطقة كلها الى هاوية.
لكن كيري وجه كلامه ايضا الى الرأي العام الامريكي، الذي ما زال بحسب جميع الدلائل رغم أنه لم يُجرَ استطلاع للرأي كامل منذ حدث القتل الجماعي في ريف دمشق يتحفظ من تدخل عسكري امريكي في ميدان قتال ليس فيه للولايات المتحدة، في ظاهر الامر، مصالح مباشرة. إن الجُهد لمنع انتشار السلاح الكيميائي وعقاب المخالفين الذين يستعملونه، كما قال كيري، مصلحة قومية رفيعة، في حين أن مشاعر ‘الألم’ ازاء أفلام الفيديو للعمل الفظيع بالقرب من دمشق، يفترض أن تُخرج الامريكيين غير المكترثين من سكينتهم.
تجاهل كيري بكلامه شديد اللهجة النصيحة المعروفة للرئيس تيدي روزفلت وهي ‘تحدث بلين وسِر مع عصا كبيرة’. فقد تحدث بصوت واضح وحازم، وينتظر العالم الآن أن يرى مبلغ كِبر وإيلام العصا التي يحملها. يمكن أن نستنتج من كلام كيري المصاغ بدقة أمس أن الضربة الامريكية مع كل ذلك يجب أن تكون مؤلمة بقدر كافٍ، كي يدرك الاسد وكل من يحلمون بالسير في طريقه، أن ضرر العقاب بسبب الاستعمال أكبر كثيرا من الفائدة التي قد يجنونها. وستُقاس قوة الضربة بالطبع بدقة في طهران التي تُقدر خطواتها الآن في المجال الذري.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الوحل السوري
بقلم: ايتان بن الياهو،عن يديعوت
فعلت الصور القاسية من سورية فعلها، ويُجمع الساسة والمحللون على أن الامريكيين يجب أن يعملوا في أسرع وقت، بل إنه لا أحد مستعد لانتظار استعداد مناسب للقوات على الارض، لاجراء تقدير للوضع أساسي، والمقارنة بين خيارات العمل قبل اتخاذ القرار.
ينبغي قبل الخروج لهجوم عسكري أن يُحدد أولا ما هو الانجاز المطلوب؟ وينبغي بعد ذلك التحقق من أن الجيش يملك معلومات كاملة عن موقع الأهداف وتحصينها واستعدادات العدو. وينتهي النقاش الى مقارنة بين الخيارات والفحص عنها، في ضوء تقدير احتمالات النجاح مقابل الأخطار. والأجوبة الكافية على هذه الاسئلة كلها شرط للخروج للهجوم.
إن مسألة الانجاز المطلوب هي الأهم، فاذا استقر رأي الرئيس اوباما على أن يهاجم سورية فسيضطر الى أن يحسم الاختيار بين خيارات رئيسة وهي: القضاء على نظام الاسد والتوصل الى هزيمته المطلقة؛ أو المس الكبير بمخزونات السلاح الكيميائي وبأهداف على السلطة لعقاب الاسد وردعه، وردع نظم حكم اخرى ايضا عن استعمال آخر لسلاح الابادة الجماعية؛ أو استعمال عملية رد محدودة تُرضي الساسة والرأي العام، وهي ما اعتيد أن تُسمى ‘عملية لحاجات داخلية’.
إن القضاء على نظام الاسد يوجب وجودا عسكريا على الارض الى أن تنشأ حكومة جديدة. وسنشهد اثناء ذلك ذبحا للطائفة العلوية واصابة لجنود امريكيين وغيرهم، وهناك احتمال كبير لانتقال المواجهة العسكرية الى داخل اسرائيل والى داخل دول مجاورة اخرى، وأن تزداد حدة المواجهة مع روسيا والصين وايران. إن الخطة الامريكية للهجوم على ايران ستبقى في اثناء ذلك في الدرج، لأن العمل العسكري في جبهتين سيكون ثقيلا جدا عليهم. أما النظام في طهران فقد يتعجل السعي الى القنبلة الذرية خوفا على مستقبله.
إن الاضرار الشديد بمخزونات سلاح الابادة الجماعية وعقاب الاسد بضرب أهداف للسلطة يمكن أن يتما ‘من بعيد’، من دون وجود جنود على الارض. وهذه الضربة ستُقلل الخوف من انتقال الحرب الى داخل اسرائيل والى المنطقة كلها، لكن يمكن أن نُقدر أن يكون الانجاز المتوقع أقل كثيرا من الانجاز المطلوب، ومن المؤكد أنه لن يُحرز هدف ردع نظم حكم اخرى.
إن الخيار الباقي هو عملية مُجازاة حذرة ودقيقة، وهي ستؤثر قليلا اذا أثرت أصلا في ميزان المعركة في سورية، وفي مصير الاسد الذي قد حُسم أصلا في الأمد البعيد، لكن ضغط الرأي العام والصحافة على الادارة الامريكية سيقل، ولن يُرى الرئيس على أنه لم يفِ بوعده، بل قد تُتقبل هذه العملية بموافقة صامتة من الروس.
يبدو أن الحرب الأهلية في سورية ستستمر وقتا طويلا بعد، وفي الاثناء لا يجوز أن تُترك سورية للاسلام الارهابي المتطرف، لأننا اذا اخطأنا في هذا الشأن فلن يكون لنا السيسي وجيشه لاعادة النظام الى ما كان عليه، من جديد، ولن يستطيع الاسد، الذي لن يعود الى حكم سورية الكبرى، صد الفوضى وحمام الدم، وسيكون ذلك نصرا للارهاب.
ولهذا لا يجوز الرد بسرعة، بل يجب أن يُختار بدقة الرد المطلوب وتجنب الانجرار الى داخل المعركة. ويجب في الأمد القصير منع ازدياد حدة القتال الداخلي في سورية وانتشاره الى دول المنطقة. وينبغي في الأمد المتوسط بلوغ وضع يحكم فيه الاسد جزءًا صغيرا من الدولة، مع خمود النار. ويمكن في الأمد البعيد فقط الحديث عن إبعاد الاسد وانشاء نظام حكم جديد مستقر. إن العجلة من الشيطان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
علينا التزود بالكمامات خشية من أي سيناريو مقبل
بقلم: د. مردخاي كيدار،عن معاريف
900 يوم سنتان ونصف السنة والمذبحة مستمرة في سورية. نحو 120 ألف قتيل، نحو نصف مليون جريح وملايين اللاجئين لم تكفِ للعالم المتحضر كي يستيقظ ويعمل ما كان يتعين عليه أن يعمله منذ اليوم الاول، الثاني بالحد الأقصى. ولكن في سورية الشمس تشرق، الطريقة تزدهر والجزار ابن الجزار يذبح مواطنيه. كان يتعين عليه أن يتجاوز الخط الاحمر كي يستيقظ العالم، ولكن هذه لم تكن المرة الاولى؛ فمنذ أشهر والنظام السوري يستخدم سلاحا كيميائيا على نحو شبه منتظم، والعالم لا يرى، لا يسمع وبالأساس لا يشم. ‘لم نحصل على أدلة’، ‘قد يكون هؤلاء هم الثوار’، ‘سنبعث بلجنة فحص’، كل الاعذار العابثة كي لا يفعلوا شيئا، ربما في هذه الاثناء قد يموت الطاغية من الضحك أو يموت الكلب من الغاز.
مشاهد الاسبوع الماضي كانت فظيعة وواضحة، وهذه المرة لم يكن بوسع الامريكيين أن يغمضوا اعينهم ويقولوا إنه ليس واضحا اذا كان الخط الاحمر قد اجتيز. الآن مصداقية القوة العظمى في العالم ورئيسها في كفة الميزان. ولكن في الخلفية يوجد تهديدان: تهديد ايران وتهديد روسيا. ايران هي تهديد أقرب، وذلك لأن كل صناعة النفط في الخليج توجد في مدى الصواريخ الايرانية، ناهيك عن النقليات البحرية من حقول النفط التي تمر في مضيق هرمز. وقد سبق للايرانيين أن هددوا باغلاق المضيق وتدربوا على ذلك، كما أنهم هددوا اسرائيل. غير أن ايران ليست دولة انتحارية، وحكامها يعرفون أنهم اذا بدأوا باعمال عدائية في الخليج فقد يتلقون على الرأس كل احباطات الولايات المتحدة في أنها لم تنجح في منع برنامجهم النووي العسكري، ولهذا فثمة احتمال منخفض في أن يعملوا في الخليج. ومع اسرائيل ايضا سيكونون حذرين، لأنهم يخافون من سلوك غير عقلاني لزعمائها.
ولكن من ناحية الامريكيين اللغز الأكبر هو روسيا، ماذا ستفعل هذه القوة العظمى حينما يهاجم مشروعها السوري، وكرسي بشار ـ ربيب صناعة السلاح الروسي ـ سيترنح بشدة التفجيرات الموجهة بالليزر حوله. عدد المتغيرات الحرة والخطر المحدق من بعضها على الولايات المتحدة (الارهاب)، على دول الخليج وعلى اسرائيل، ستجعل الهجوم الامريكي، اذا جاء ونُفذ، أن يكون طفيفا ومحصورا كي لا يوقظ الدب الروسي، وكي لا يُغضب أكثر مما ينبغي آيات الله في ايران. وهكذا سيكون بوسع اوباما ان يقول: ‘وفيت بالتزامي وقصفت سورية’، أما الايرانيون والروس فعندما سيتبينون ان الاضرار في سورية محتملة (إذ كم يمكن هدم دولة مهدومة؟) سيحذرون اوباما من التصعيد ويمرون مرور الكرام الى البند التالي من جدول الاعمال، حيث ستشرق الشمس، وتزدهر الطريقة ويواصل بشار ذبح مواطنيه.
باختصار، العملية الامريكية، اذا ما جاءت، ستكون بتقديري طفيفة، لأن ليس لأحد حقا رغبة في اشعال كل الشرق الاوسط. ومع ذلك، يجدر بنا ان نتزود بالكمامات، خشية من أي سيناريو قد يحل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
دعوة مُفعمة بالنوايا الخيرة لكنها خطأ
بقلم: موشيه آرنس،عن هآرتس
ليس لاسرائيل صديقة أفضل من الولايات المتحدة، إن حكومات اسرائيل ومواطنيها يُصغون في انتباه الى نصائح تمنحهم إياها الصديقة الامريكية. ونحن نميل احيانا الى قبول النُصح ونوافق احيانا على ألا نوافق. ونحن نعلم أنهم تُحركهم دائما خير النوايا. وإن الأهداف الاستراتيجية المشتركة بين الدولتين تقوم على أساس الفرض الذي يقول، إن ما هو صالح للولايات المتحدة من جهة مبدئية صالح لاسرائيل ايضا وبالعكس.
لكن ماذا يحدث حينما تستعمل ادارة امريكية سياسة خاطئة ليست صالحة للولايات المتحدة ولا لاسرائيل ايضا؟ من المؤسف جدا أن نتائج السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط في السنوات الاربع الاخيرة لم تكن صالحة. وتمت سلسلة أخطاء. في مقالة نُشرت في يوم السبت الاخير في صحيفة ‘وول ستريت جورنال’ كتب وولتر روسل ميد، وهو من الحزب الديمقراطي، وكان في الماضي عضوا كبيرا في المجلس الامريكي للعلاقات الخارجية، وهو اليوم مُحاضر في الشؤون الخارجية: ‘كانت لادارة اوباما استراتيجية مدهشة في الشرق الاوسط، وكانت نواياها خيّرة، وقد صيغت بانتباه وطُبقت بصورة متسقة، لكنها فشلت للأسف الشديد’.
ويذكر فورا خمسة تقديرات خاطئة للبيت الابيض برئاسة اوباما بشأن الشرق الاوسط: فقد اخطأوا في تقدير النضج السياسي وقدرات المنظمات الاسلامية التي أيدوها؛ وقد اخطأوا في تحليل الوضع السياسي في مصر؛ ولم يُقدروا تقديرا صحيحا تأثير استراتيجية البيت الابيض في العلاقات مع أهم حليفتين للولايات المتحدة في المنطقة، وهما السعودية واسرائيل؛ ولم يفهموا الحراك الجديد للمنظمات الارهابية في المنطقة؛ وقللوا من تقدير الثمن الذي تدفعه الولايات المتحدة عن عدم تدخلها في سورية.
يوافق أكثر الاسرائيليين على تقدير ميد، فقد فشلت الولايات المتحدة في محاولاتها جلب ديمقراطية الى العراق وتقدم في مصر. ويمكن أن نُضيف الى قائمة الأخطاء التقدير الخاطئ بشأن برنامج ايران الذري، والتقدير غير الصحيح بشأن الوضع السياسي في اسرائيل.
ويُضيف ميد الى القضايا التي اخطأ باراك اوباما في فهمها، التقدير الخاطئ المتعلق بطبيعة رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان، الذي سمّاه اوباما في الماضي ‘أحد أفضل اصدقائي الخمسة في كل ما يتعلق بطائفة واسعة من الموضوعات’. وقد وبخت الادارة الامريكية في الآونة الاخيرة اردوغان على أثر ملاحظات معادية للسامية قذف اسرائيل بها. ينبغي أن نذكر أن اوباما في زيارته الاخيرة لاسرائيل، التي تمت في فترة ‘شهر عسله’ مع اردوغان، أقنع بنيامين نتنياهو بالتجاوز عن كرامته والاعتذار لاردوغان عن حادثة ‘مرمرة’. وتبيّن سريعا أن توقع أن يفضي هذا الاعتذار، الذي ليس في محله، الى اعادة العلاقات بين اسرائيل وتركيا الى طبيعتها، لم يكن أكثر من فانتازيا. وكانت تلك نصيحة سيئة.
ما هي اذا النصيحة التي يعطيها اوباما لاسرائيل بواسطة مبعوثه جون كيري في الاشهر الأخيرة؟ إنه يقول في الحقيقة إنه يجب على اسرائيل أن تخرج من يهودا والسامرة. والشرق الاوسط يحترق من العراق الى سورية ولبنان ثم الى مصر. والنظام في الاردن عالق في توازن لطيف قد ينهار، واسرائيل هي جزيرة الاستقرار الوحيدة في المنطقة، ويحصر اوباما عنايته خاصة في واحدة من المناطق الهادئة نسبيا بفضل سيطرة اسرائيلية وهي يهودا والسامرة، ويوصي اسرائيل بأن تنقلها الى محمود عباس. لأنه يُفترض أن يأتي هذا بالسلام والسكينة للشرق الاوسط.
ينبغي أن نفرض أن يتبين خطأ هذا التقدير ايضا مثل كثير من تقديرات البيت الابيض التي سبقتها بشأن الشرق الاوسط. ومن المنطق أكثر من ذلك أن نفرض أن الصواريخ التي ستُطلق على التجمعات السكنية في اسرائيل من المناطق التي ستتركها ستضطرها الى استعمال عملية عسكرية. وسيكون ذلك بالنسبة لاسرائيل خطوة مشحونة بالأخطار وسيكون بالنسبة لامريكا خطأ آخر. فالحديث اذا عن نصيحة سيئة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اليمينيون يقودون الى حل يساري متطرف
بقلم: عوزي برعام،عن هآرتس
حينما نقرأ كلام كُتاب اليمين الموهوبين، نعلم أنهم يتناولون دعوات العمل بجدٍ على الدفع بالسلام قدماً، على أنها نزوة صبيانية ليس لها أي أساس، أو أنها موجة معادية للوطنية تُغرق اسرائيل، نحن، اليساريين، ممثلوها. ويستعمل كُتاب المقالات من اليمين عبارات مثل ‘مخاوف السلام’ و’انسحابات خطيرة’ ويفعلون كل شيء لتقوية معارضة الشعب لـ’المنتوجات الفاسدة’، التي أراد ايهود اولمرت أن يبيعهم إياها.
حينما يصبح الشوق الى السلام منتوجا افتراضيا يدفع الجميع عنه ضريبة كلام على شاكلة ‘أي يهودي لا يريد السلام؟’ تُدفن الفكرة كما يُدفن الحمار، ويهتف قادة اليمين لأنهم نجحوا في احباط أفكار اولمرت وتسيبي ليفني الفاسدة، بأن يفرضا علينا ذلك السلام ‘اللعين والخطير’. ولهذا يبدو أنه لا مناص سوى العودة الى الموضوع نفسه الذي نجحت وسائل الاسكات والمدونات الشبكية في الطمس عليه: فالحديث عن قضية وجودية لا عن قضية افتراضية، بيقين.
إن اسرائيل دولة صغيرة في قلب شرق اوسط معادٍ. وهي تحتاج كي تستطيع البقاء في هذه المنطقة الصعبة الى دعامة خارجية سياسية واقتصادية وعسكرية. ويبدو الدعم الامريكي لاسرائيل مستقرا وثابتا، فلولا هذا الدعم لما استطاعت اسرائيل التمسك بسياستها. لكن يصعب الاعتماد على أبدية الدعم، لأن أجزاء واسعة من الجيل الشاب في الولايات المتحدة من ذوي الأصول الاسبانية والسود وأنصار التمايز الامريكي قد يفضون الى سياسة أكثر انفصالا وأقل اتزانا.
إن سلوك اسرائيل يوحي بما يلي: ‘اذا أجبرتموني فسأتجه الى محادثات سلام’، أي أن المصلحة الوحيدة التي توجه حكومات اسرائيل هي الامتناع عن أزمة ساحقة مع العالم، كيف؟ نُفرج عن سجناء فلسطينيين ونُحرك مسيرة جوفاء.
من المهم أن نؤكد أضرار الوضع الراهن وعدم التقدم الى تسوية عادلة: فالاحتلال يؤثر تأثيرا واسعا في المجتمع الاسرائيلي، وفي مستوى العنف في داخله، وهو يُحدث صدوعا أقسى من تلك التي كانت في الماضي بين اليهود والعرب داخل دولة اسرائيل، ويسكب الوقود على موقد الكراهية العربية لاسرائيل والولايات المتحدة، ويجلب على اسرائيل منظومة قوانين معادية للديمقراطية لم يوجد مثلها قط، ويُفضي الى التقليل من مكانة جهاز القضاء، لأنه يُفرق بين اليهودي والعربي، ويُسبب اشمئزازا أخذ يقوى في العالم منا ستكون نهايته وخيمة.
أنظر في مزاعم اليمينيين الذين تفترسهم اعتقادات الفصل العنصري التي تُغسل لتصبح عبارات ‘أنقى’ من اولئك الذين يتهيبون من كل حديث عن تقسيم القدس وتصالح جدي في يهودا والسامرة وأفترض أنني أُحادث أناسا عقلانيين يفهمون ماهية ادعاءاتهم والاستنتاجات النابعة منها.
إن احباط فكرة تقسيم البلاد الى دولتين سيفضي الى حل يؤيده فقط أقل القليل من اليساريين المتطرفين، ألا وهو انشاء دولة واحدة قد تكون ديمقراطية لكن من المؤكد أنها ليست يهودية، لأن من الواضح أن وقف مسيرة السلام وإضعافها واحتقارها لن يفضي بكُتاب المقالات ‘الى اسرائيل آمنة ويهودية وديمقراطية ايضا’. فلماذا لا يرى اليمينيون ذلك؟ ولماذا يتمسك المستوطنون بموقف سيحبط أكثر أحلامهم؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تأثير تصريحات اردوغان على حزبه
بقلم: تسفي بارئيل،عن هأرتس
رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، نزل الاسبوع الماضي عن الخطوط بعض الشيء، فاتهام اسرائيل باعداد الانقلاب العسكري في مصر شذ حتى عن عربداته العادية. ومع أن اردوغان تلقى على الفور توبيخا من الادارة الامريكية، وعلى عادته رد الهجوم، حين استفز الامريكيين في جلسة مجلس الادارة والسياسة لحزب العدالة والتنمية، إذ تساءل ‘ما هو شأنكم على الاطلاق؟’، ووعد بانه سيتحدث مع كبار رجالات الادارة عن التوبيخ الذي تلقاه. قال مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية لـ’هآرتس′ ان اردوغان ارتكب خطأ حين أقام ادعاءه على اساس تصريحات برنار انري ليفي وعرضها كدليل عن المؤامرة. ويقول المسؤول ‘كان يجدر به الا يذكر اسرائيل، ولكن الموقف الذي يعرضه صحيح. ما حصل في مصر هو انقلاب عسكري، وخسارة ان العالم لا يرى الامر على هذا النحو’.
ليس هكذا يعتقد كاتب الرأي التركي الكبير يوسف كانلي، فقد تساءل في مقال نشره في ‘حريات ديلي نيوز′ الصحيفة التي لا تزال تواصل الانتقاد لسياسة رئيس الوزراء من دون وجل ‘هل توجد دولة اخرى تخطط سياستها الخارجية وتطبق امام الكاميرات؟ هذا الحاكم المطلق ووزيره للشؤون الخارجية، احمد داود اوغلو، ينشران مراسيمهما بشكل مباشر حين يطلقان الكلمة الاخيرة قبل أن يقولا الاولى، والاسوأ من ذلك فانهما يفعلان ذلك امام الكاميرات. تركيا هي قوة عظمى اقليمية تتطلع لان تكون قوة عظمى عالمية، ولكن لسبب ما لا يوجد لنا اليوم سفراء في القاهرة، دمشق أو تل أبيب، وأمس فقط كنا اصدقاء روح لشيوخ من دول الخليج وللملك السعودي. اما اليوم فاننا نهزأ بهذه الدول، والزعماء الاتراك يهاجمونها. أفلم يكن يفترض برئيس الوزراء ان يعتمد على مادة استخبارية مصداقة ما قبل أن يتهم اسرائيل بتخطيط الانقلاب في مصر؟ ان القوة العظمى الاقليمية التي تتطلع لان تكون قوة عظمة عالمية تلقت صفعة مدوية من العم سام… هل تركيا ليست عالمة بهذا القدر بموازين القوى في العالم، او بالعلاقات الاسرائيلية الامريكية؟’.
تركيا على علم جيد، ولكن ليس العلم بحد ذاته كافيا، فثمة حاجة ايضا الى الحكمة السياسية التي تتغلب على العواطف، وهنا وليس للمرة الاولى، يكمن الفشل. اردوغان الذي اعتبر بطلا حين قطع العلاقات مع بشار الاسد وتورط مع اسرائيل، دفع الجمهور العربي الى أن يدير له الظهر فقط لانه قرر دعم الاخوان المسلمين. الدول العربية، وعلى ما يبدو معظم الجمهور العربي، لا يتوقون لان يعيشوا تحت حكم ديني متطرف. وهم مستعدون بالذات لتبني النموذج التركي، رئيس وزراء متدين في دولة تعرف نفسها بالعلمانية، شريطة ان يكون هذا النموذج منتجا محليا، وليس ثمرة املاء خارجي. اما اردوغان من جهته، فرأى في انتصار الاخوان هدية من الرب تجعل مصر دولة شقيقة لتركيا وتعوضها عن فقدان الحليفة السورية. وكان سلوكه في ضوء الانقلاب العسكري في مصر والحرب الدبلوماسية التي شنها على الاسد جديرين بالثناء. ولكن بينما في الحالة السورية أجرى الحساب للشعبية على نحو جيد، فانه في حالة مصر اخطأ، حين حاول تحديد مستوى اخلاقي لسياسته الخارجية. فالاخلاق كما تبين له هي لغم خطير في ادارة السياسة.
يمقت اردوغان الانتقاد وهو حساس له. حربه التي لا هوادة فيها ضد وسائل الاعلام وتصريحاته منفلتة العقال ضد الصحف والصحافيين ورد الفعل الذي امتشقه من تحت الابط في اعقاب توبيخ واشنطن، تشهد على ذلك، فهو يرى نفسه نبيا لا احد يفهم نبوءته، يحمل رسالة يرغب الجميع فقط في افشالها، والنبي كما هو معروف معصوم عن الخطأ دوما. واذا كان العالم لا ينضم الى سياسته الخارجية فالمشكلة هي بالطبع في العالم، وليس في اردوغان. وعندما يخطئ العالم ينبغي تغييره. في الاسبوع الماضي عرض اردوغان رؤيته بتغيير العالم، او على الاقل منظومة اتخاذ القرارات العالمية. فلا يحتمل كما قال ان تقرر خمس دول الاعضاء الدائمين في مجلس الامن مصير العالم. وقد غضب من القرار الذي اتخذه مجلس الامم المتحدة، ردا على قتل اكثر من الف شخص في سورية بالسلاح الكيميائي، ولكن ايضا غضب مما يصفه بعجز لمجلس الامن في المسألة المصرية. ويقترح اردوغان على الدول الاعضاء في الامم المتحدة ببساطة الاستقالة، واقامة امم متحدة بديلة تكون فيها لكل الدول قوة متساوية. يجمل بنا الا نوقف التنفس، فتركيا تعتزم التنافس على انتخابها كعضو غير دائم في مجلس الامن للعامين 2015 2016. وهذا بالطبع هو ذات مجلس الامن الذي غرس فيه اردوغان في الاسبوع الماضي خناجر حادة.
لا خلاف في انه مطلوب اصلاح عميق في الامم المتحدة، التي قدرتها على حل أو منع الحروب والنزاعات صفرية، ولكن دعوته لحلها واقامة مؤسسة جديدة هي في افضل الاحوال، مظهرا من جنون العظمة. ففي صفوف حزب العدالة والتنمية يوجد منذ الان ناشطون يخشون من أن سلوك اردوغان قد يضر بفرص الحزب لنيل اغلبية جارفة في الحملات الانتخابية الثلاث المتوقعة في السنتين التاليتين. الاختبار الاول سيكون في اذار/مارس 2014، حين ستجرى الانتخابات للسلطات، وبعد خمسة اشهر من ذلك الانتخابات للرئاسة، وفي حزيران/يونيو 2015 الانتخابات للبرلمان. السياسة الخارجية ليست بشكل عام ذات تأثير كبير على نتائج الانتخابات، ولكن عندما تعرض رئيس الوزراء بصفته شخصا قراراته مغلوطة قد يكون لها تأثير حتى في الصناديق المحلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ


رد مع اقتباس