اقلام واراء حماس 425
8/9/2013
وللمقاومة كلمة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، إياد القرا
|
فلسطين وتطورات الحراك العربي..
اليوم اليوم ،،، علي جرادات
|
مصر.. والتمهيد لعودة العسكريتاريا
فلسطين أون لاين ،،، هشام منور
|
قراءة في العرض العسكري المشترك
الرسالة نت ،،،عماد عبد الله زقوت
|
عشرون سنة دون نقاش
فلسطين أون لاين ،،، حسام شاكر
|
اتفاق أوسلو..عشرون عامًا عجافًا!
فلسطين أون لاين ،،، خالد وليد محمود
|
شواهد عزل السيسي وعودة مرسي
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، محمد القيق
|
|
وللمقاومة كلمة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، إياد القرا
العرض العسكري الذي قدمته فصائل المقاومة أمس حمل العديد من الرسائل، والبيان الذي تم تلاوته عبر عن جزء منها، إلا أن هناك رسائل أخرى أرادت أن توصلها تلك الفصائل لعديد من الأطراف وخاصة إذا ما تم ربطها بأحداث أخرى وخاصة ما يحدث في الإقليم.
الرسالة الأولى ومحورها هي للاحتلال الإسرائيلي، وهي أن المقاومة جاهزة ومستعدة وعلى أهبة الجاهزية لصد أي عدوان على قطاع غزة، واستغلال الاحتلال للتوتر في المنطقة للهروب باتجاه استهداف المقاومة وتصفية الحساب معها في ظل انشغال العالم بالأحدات الإقليمية.
وللاحتلال أيضا بأن عودة الحصار وتشديده سيعني أن التوتر سيعود إلى الجنوب، وأن المقاومة لن تسكت على عودته لسابق عهده ولن تصبر عليه كثيرا.
الرسالة الثانية كانت للمفاوض الفلسطيني، بأن مفاوضاتك تقتلنا كل يوم وأن الغطاء الذي يقدمه المفاوض للاحتلال يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني دماء وشهداء وتدنيساً للمسجد الأقصى، ومصادرة للأراضي وتوسيعاً للاستيطان وامتهاناً للفلسطيني هناك.
وأن تواصل التنسيق الأمني في الضفة الغربية ومطاردة المقاومين وتعذيبهم وإغلاق المؤسسات لن يثنينا عن مواصلة الطريق.
الرسالة الثالثة، وهنا كانت واضحة للجوار العربي وخاصة الأشقاء المصريين أن أمنكم أمننا، وأن اطمئنوا، ولن نكون إلا عونًا لكم لأن العدو المشترك لنا هو الاحتلال الإسرائيلي، وأن كل ما يروج هو أكاذيب وافتراءات لا أساس لها في الواقع.
في حين كانت الرسالة الرابعة واضحة بأن المقاومة هي هوية غزة، والتعبير الحقيقي عن نبض الشارع، والحامي له إذا ما صارت الأوضاع إلى الأسوأ من عدوان أو حصار أو إحداث بلبلة أو محاولة لزعزعة الأمن الداخلي من قبل الاحتلال ومعاونيه.
الرسالة الخامسة كانت للوضع الداخلي، وترافقها مع مؤتمر الداخلية حول اعترافات أحد العملاء حول محاولات الاحتلال زعزعة الجبهة الداخلية بالتعاون مع أحد قادة الأجهزة الأمنية السابقين في غزة.
الرسالة السادسة كانت رسالة وحدة لكافة فصائل المقاومة، أننا نتوحد في مواجهة أي عدوان قادم على غزة، وأن هناك الكثير مما يمكن أن يتم الاتفاق عليه وخاصة دحر أي محاولة للعدوان، وأن استهداف أي فصيل في المرحلة القادمة سيكون الرد عليه موحداً.
أحسنت المقاومة تحركها في هذا الوقت وإيصالها رسائلها مبكرا في ظل التغيرات التي تموج بها المنطقة.
شواهد عزل السيسي وعودة مرسي
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، محمد القيق
في المقارنة بين الحكم الانقلابي والحكم المنتخب فإن شواهد كثيرة تشير إلى أن مرسي رغم حبسه فهو الحاضر والسيسي رغم انقلابه فهو المعزول، حيث أن سياسة الدموية التي انتهجت ليست أصلا في رفض نهج السيسي بقدر ما هو وعي في الشارع لرفضه وأنه لا تراجع عن قرار عزله الذي صدر شعبيا منذ اليوم الأول للانقلاب في الوقت الذي جددت فيه تلك الجماهير الثقة بالرئيس الشرعي محمد مرسي، ومن الشواهد على المستقبل القريب وقائع حالية منها:
1- استمرار خروج ملايين المواطنين في الشوارع رفضا للانقلاب وانتشار صور الرئيس مرسي دعما له في مقابل رفضهم السيسي وزبانيته الانقلابيين، وهذا بصورة يومية ما يدلل على أن الحكم والسيطرة ليس لمن يملك القوة العسكرية بقدر ما يملك الشعوب وهذا مؤشر عزل ارتد على السيسي ودعَم مرسي.
2- العزل الخارجي لمن عزل الرئيس؛ فبدلا من انطلاقه دوليا بقي مرسي في سجنه منتشرا في العالم يحاول جل السفراء الالتقاء به بينما بقيت مقاعد الضيافة في وكر السيسي خالية إلا من كذاب أشر هنا أو بائع موقف هناك ولم تتجاوز الحفلة خمس دول ودويلة فمن عزل من؟!
3- مراحل العصيان المدني التي مفادها أن المواطنين يريدون أن يدفعوا فواتير وينتظموا في دوام تحت إدارة الرئيس مرسي المسجون بينما يرفضون التعامل مع حكومة انقلاب فمن هو المعزول؟!
4- مسيرات تخرج في كل أنحاء العالم من باحات المسجد الأقصى وفلسطين إلى قلب القارات الإفريقية والأمريكية والأوربية وغيرها تحمل شعار رابعة العدوية بجانب الرئيس المنتخب مرسي في الوقت الذي تظهر فيه صورة السيسي والدماء على وجهه رفضا له فمن هو المعزول؟!
5- من المفترض أن يكون الرئيس محمد مرسي معزولا ولا يكون في الواجهة، بينما دولة الانقلاب هي التي يجب أن تحفظ وتتكرر أسماء رموزها وقادتها ويبقى الخبر يتحدث عنهم، فلماذا جل الشعب المصري والعربي ووسائل الإعلام لا يعرفون اسم الطرطور بينما يحفظون مرسي وفعاله وإنجازاته عن ظهر قلب، فمن هو المعزول؟!
6- المعزول يجب أن يقتل ويذبح ويرهب الناس من خلال جماعته ومناصريه ردا على ما ارتكب من جريمة بحقه الدستوري بينما العازل هو الذي يعيد الأمن ولا ينفذ تفجيرات ولا يقتل، فلماذا كان السيسي مرتبكا مع زمرته ويتبنى هذا الدور الذي من المفترض أن يكون من أنصار مرسي الذين أثبتوا سلميتهم وعزلوا السيسي بها، فمن المعزول إذا؟!
7- تراجع دول عن قروض ومنح وإيداعات ونقص في الخزينة العامة والاحتياطي النقدي واقتراض أموال الناس في البنوك وتوقف البنك الدولي عن إقراض مصر؛ كل هذا جاء عقب الانقلاب فهل عزل شخص واحد أدى إلى عزل دولة كاملة أم أن المعزول هو السيسي لأن عودة مرسي هي إلغاء لتلك الممارسات كلها فمن هو المعزول الآن؟!.
8- القبح والمراهقة الدبلوماسية التي تسير فيها سفارات ووزارة خارجية الانقلاب تدلل على أن المعزول ليس محمد مرسي فهو في سجنه ويجب أن لا تكون تلك الدولة معزولة فلماذا الثغرات السياسية والمناكفات والاستجداء من الدول أن تنفتح عليها فمن هو المعزول؟!
9- الغريب الأهم أيضا أن سياسة العزل تبدو مرضا مستشريا في حكام العسكر فبعد عزلهم لبعضهم البعض وارتداده على جبهتهم، انتقل إلى عزل قطاع غزة باتفاق مع من هم معزولون من شعبهم في فلسطين، وليست صدفة أن يجتمع المعزولون لمهاجمة روح الشعوب والحرية ليعيثوا فسادا، فإذا تم عزل الدكتور مرسي وكانت ردة الفعل أن عزل السيسي حقيقة من الجميع فماذا سيحدث له إن واصل عزل غزة ومحاربتها والهجوم على مقاومتها؟!
من الواضح من المعطيات السابقة أن مرسي رئيس ما زال في قلوب الشعوب وجل الدول رغم حبس جسده، وهذا مؤشر على أن السيسي معزول جدا وهو يتأثر أكثر فأكثر لأن أنهار البشر التي تجوب الشوارع والمواقف الدولية وفشل دمويته عزلته أكثر فأكثر حتى عودة مرسي التي باتت قريبة بسبب حالة الخوف على انهيار الدولة ومجريات الأحداث في المنطقة التي إن بقيت أحوال مصر الداخلية بيد الانقلاب في خضم تلك الأحداث فإن أمنها القومي في خطر؛ لذا المعزول هو السيسي وزمرته والمطبلين له من خمس دول ودويلة، وإن أنتج بعض المخرجين الفاشلين فيلما سينمائيا يصور الذبابة صقرا.
فلسطين وتطورات الحراك العربي..
اليوم اليوم ،،، علي جرادات
"إسرائيل" ليست تهديداً عسكرياً للأمة، فقط، بل هي تهديد سياسي لمكانتها ودورها إقليمياً ودولياً، أيضاً، ما يجعل إضعاف وضرب مراكز القوة العربية الأساسية، وأولاها مصر، بنداً ثابتاً على جدول أعمال “إسرائيل” ورعاتها الغربيين . هذا، وإن كانت فلسطين الضحية المباشرة التي لا تزال تدفع من ترابها ودم وأعمار أبنائها ثمن الأطماع الصهيونية والاستعمارية في الوطن العربي . بغير هذه الرؤية ومقتضياتها السياسية الرسمية والشعبية فلسطينياً، بخاصة، وعربياً، بعامة، يلتبس فهم الطبيعة الصهيونية التوسعية ل”إسرائيل” ويختل ميزان المواجهة معها . لذلك يقال بحق إن كل ثورات الشعوب العربية، ومنها الثورات الجارية، تبقى ناقصة، إن هي لم ترتبط بموقف واضح تجاه القضايا العربية الكبرى، وأولاها قضية فلسطين، وبموقف حاسم تجاه الدور العربي في النظامين الإقليمي والدولي، وموقع القضية الفلسطينية فيهما .
واليوم، بعد عامين ونصف العام على اندلاع الحراك الشعبي العربي ثمة في مشهده حالة فيها التدخلات الأجنبية بأشكالها وجنسياتها، وفيها التفتيت المذهبي والطائفي، وفيها محاولات للتقسيم الجغرافي، مع ما أنتجه كل ذلك من تقتيل وتذبيح للبشر وتدمير للقدرات والإمكانات وإضاعة للاتجاه وفقدان للبوصلة . ومن نافلة القول تأكيد أن ذلك إنما يشكل ربحاً صافياً لعدو الأمة الأول، "إسرائيل"، ولكل رعاتها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.
هنا ثمة لوحة توحي بوضعية عربية قاتمة تنذر - فيما تنذر- بإزاحة قضية فلسطين من جدول الاهتمام، وبتحويل الشعب الفلسطيني إلى مجرد "يتيم" يُبَر، وتسود أوساطه مظاهر الإحباط، حيث لم يشعر بالانعكاسات الإيجابية المباشرة لحركة التغيير في الوطن العربي على قضيته، ما يفسر أنه لم يستطع حتى الآن، وهو الزاخر تاريخه بالانتفاضات، وأول من خاض في العام 1987 أول انتفاضة شعبية كبرى أبهرت العالم، محاكاة هذا الحراك الشعبي العربي الواسع.
يعود السبب في ذلك إلى غياب الصراحة والوضوح في موقف بعض النخب السياسية العربية التي ركبت موجة الحراك الشعبي من القضية الفلسطينية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تسنمت ظهر هذا الحراك . فلو كان هناك نوع من الجدية في تعامل “الجماعة” مع القضية الفلسطينية لامتلأت ميادين فلسطين بالشباب الذي يعبّر عن وحدة المعركة والمصير، ولبات هذا عاملاً مباشراً وحاسماً لتصويب مسار قيادتي الانقسام الفلسطيني في الضفة وغزة، اللتين آثرتا مصالحهما الفئوية على المصلحة الوطنية العامة وارتباطها بعمقها العربي الذي تعد قضية فلسطين مركز مكونات وجدانه .
هنا يثور السؤال: هل اتسع الخرق في ثوب الثورات الشعبية العربية على أي راتق؟
إن المتفحص لتفاصيل وملموس اللوحة يستطيع أن يجيب بلا، وأن يرى خطوطاً مفتوحة على آفاق أخرى مغايرة . أما لماذا؟
فلسطين وقضيتها نواة مضمرة في الحراك الشعبي العربي . هذه حقيقة لم تتجل بشكل واضح غداة انطلاق هذا الحراك وإبان حكم من صعد إلى السلطة على كتفه، “الإخوان”، في أكثر من قطر عربي، وفي مصر بالذات . لكن تطور ثورات الشعوب العربية وتصادمه الموضوعي مع تأثيرات تدخلات رعاة “إسرائيل” الغربيين بقيادة الولايات المتحدة أفضى إلى إحداث نقلة نوعية في الوعي الشعبي العربي، عكستها وجسدتها- أساساً- الموجة الثانية للثورة المصرية في 30 يونيو الماضي، حيث تلمس الشعب والجيش والقوى السياسية الوطنية والحركات الشبابية الثورية المصرية الخطر الداهم من الشرق، سواء بوعي مغزى التكاثر البكتيري لمنظمات الإرهاب التكفيري في سيناء لاستنزاف الجيش المصري الذي تحد قيود اتفاقية كامب ديفيد من قدرته على مواجهة هذه الجماعات ومن يرعاها في السر والعلن، محلياً وإقليمياً ودولياً، أو بوعي مغزى ما يُرتب إقليمياً من دور لسيطرة “إسرائيل” أولاً، وتركيا عضو حلف الناتو المتعكز على جماعة “الإخوان” ثانياً، على المنطقة . بهذه النقلة التي أطاحت سلطة “الإخوان” في مصر تحول الفعل الشعبي المصري بتداعياته عربياً من عمل عفوي إلى عمل سياسي واعٍ يضع الاستقلال الوطني، المرادف لفك التبعية للسياسة الأمريكية، وإنهاء عربدة ربيبتها، “إسرائيل”، في مقدمة مطالبه . وفي ظني أن الموجة الثانية للثورة المصرية، رغم كل ما يعترض سبيلها من تحديات وعراقيل ومصاعب كبيرة، بل ومؤامرات، محلية وإقليمية ودولية، قد فتحت باباً واسعاً لتجاوز نواقص ومثالب ومآسي بدايات الحراك الشعبي ومراحله الانتقالية، بما في ذلك نقيصة غياب الموقف الواضح والصريح والحاسم من القضية الفلسطينية التي تبقى، شاء من شاء وأبى من أبى، عصب الوعي القومي عند الشعوب العربية . وهذا أمر مجرب وليس كلاماً ديماغوجياً .
أجل، لقد فتحت الموجة الثانية للثورة المصرية آفاقاً لطرح مسألة الاستقلال الوطني في بلدان الحراك الشعبي العربي، حيث كان قيد العوامل الخارجية هو العامل الأكثر حسماً في عدم وصول هذا الحراك إلى منتهاه الطبيعي، ما دفع قواه الفعلية إلى استنتاجات عمقت من وعيها وممارستها بحيث نقلت المعركة من مجرد معركة ديمقراطية ليبرالية وصندوق اقتراع، كما شاء “الإخوان” والأمريكان، إلى مواجهة حقائق القضايا الكبرى ومفتاح كل ديمقراطية وحرية وعدالة حقيقية، وعلى رأسها مسألة استعادة الاستقلال والسيادة الوطنيين مع ما يفرضه ذلك من استحقاقات تجاه القضية الفلسطينية . ولئن كان القائد الوطني والقومي التقدمي، حمدين صباحي، حدد متطلبات نجاح الموجة الثانية للثورة المصرية بعمل سلطتها الانتقالية الجديدة على مهمات ثلاث مترابطة: “دعم الجيش في محاربة الإرهاب، وتحقيق جرعة مركزة وعاجلة من العدالة الاجتماعية، واستعادة توجهات الاستقلال والسيادة الوطنيين”، فإن الانعكاس الإيجابي لهذا الحدث المصري التاريخي بتداعياته العربية، يبقى رهناً بتوافر شرطين، يتعلق أولاهما بأن تلتقط قيادة منظمة التحرير الفلسطينية هذا الحدث الكبير وتقوم بإجراء مراجعة سياسية شاملة تفضي إلى التخلي عن أوهام “السلطة” والتنازع عليها وتقاسمها، وعن أوهام إمكان الحصول على أي إنجاز وطني فعلي من مفاوضات، جوهرها الإملاء وتعميق الانقسام واستلاب الإرادة الوطنية . ويتعلق ثانيهما بأن تكف قيادة “حماس” عن حشر أنفها في مجريات تطورات الحراك الشعبي، والمصري منه بالذات، وبأن ترضى بقواعد الإجماع الوطني، لا أن تفرض رؤيتها الأيديولوجية على قضية فلسطين وشعبها ونضاله الوطني.
اتفاق أوسلو..عشرون عامًا عجافًا!
فلسطين أون لاين ،،، خالد وليد محمود
مضت عشريتان من السنين على توقيع "اتّفاق أوسلو" بين الفلسطينيين والإسرائيليين،ومنذ 13 سبتمبر/ أيلول 1993، الى اليوم جرت مياه كثيرة لم يحقق الفلسطينيون فيها أي شيء وكانت حسابات الربح تميل دائما لصالح اسرائيل، ولم يحظ الفلسطينيون حتى هذه اللحظة بدولتهم المستقلة الموعودة ولا بعاصمتهم التي لا تزال ترزح تحت نير الاحتلال، أما الضفّة الغربية فينخرها الاستيطان، والقطاع الجريح يزداد ابتعاداً عن الضفّة.. فما الذي تغيّر إذن والقضايا الخمس لازالت عالقة ولم يتم التوصل ، إلى اتّفاق بشأنها: الحدود ، المستوطنات الإسرائيلية في الضفّة، اللاجئون الفلسطينيون في غزّة والضفّة والشتات (لبنان وسورية والأردن)، القدس والمياه. وأضافت (إسرائيل) لاحقاً مسألة الأمن في حال قيام دولة فلسطينية، بينما خرج قطاع غزّة من هذه المعادلة بعد انسحاب (إسرائيل) منه في العام 2005.
الحقيقة هي أن (إسرائيل) لا تريد سلاما لا بالنية والإرادة والقصد، ولا تريده بالفعل والسلوك والممارسة.
إن عملية السلام والمفاوضات المستمرة منذ عقدين كانت وستظل عقيمة عبثية لم تسفر سوى عن تكريس الاستيطان والجدران والتهويد للقدس والضفة، وهذا صحيح، فسبب ما وصل اليه الفلسطينيون من لحظة الحقيقة بالاقتناع بعبثية المفاوضات، وذلك في ظل الأجندات الاستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى شطب القضية والحقوق والحيلولة دون إقامة الدولة. وفي ضوء ذلك الالتقاء الامريكي – الاسرائيلي – وبعض الدول الأوروبية على منع الفلسطينيين من الوصول إلى مجلس الأمن لنزع اعتراف بدولة فلسطينية!
وبعد مضي عشرات السنين على احتلال اسرائيل للأراضي العربية الفلسطينية ومضي أكثر من عشرين سنة على المفاوضات التي لم تجلب لنا الا هوانا وذلة، جعلت الهوة بين الفلسطينيين و(اسرائيل) تتعمق، وأصبح "السلام" أبعد منالاً إلى هذه الدرجة. فعمليات القمع ضد الفلسطينيين بلغت مكاناً لم تبلغه من قبل. وبات الحديث عن عملية سلام بمثابة نكتة مضحكة، أو مسرحية هزلية، أو إدمان دائم على خداع الذات. لأن الكل يدرك أن (إسرائيل) بقواها اليمينية وتصرفاتها الشوفينية المتطرفة لا تريد سلاما وهي بكامل ارادتها وقصدها، لا تريد سلاما لا بالفعل والسلوك والممارسة.
واليوم، ومع تجدّد الحديث عن العودة الى المفاوضات، فإن المؤشّرات على الأرض سلبيّة جدّاً، وتوحي بأن (إسرائيل) لم توافق على الانخراط فيها مجدّداً رغبة في السلام، بل تنفيذاً لرغبات أمنيّة إسرائيلية ورغبات أميركية محضة، في ظلّ تدهور الوضع العربي الذي لا يشجّع على الصمود، بعدما فقدت القضية الفلسطينية إلى حد بعيد امتدادها العربي، ومن ثم باتت مقترحات الرئيس السابق للحكومة الإسرائيلية سقفاً مقبولاً للمفاوضات المقبلة. أما أمن (إسرائيل)، وهو الأهم بالنسبة الى (تل أبيب)، فيبدو أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري طمأن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الى أن واشنطن ستحصّن إسرائيل عسكرياً وتكنولوجياً، وأن الضفّة الغربية ستبقى مجرّدة من السلاح الثقيل ومن دون جيش، وأن هدف المؤسّسات الأمنيّة الفلسطينية هو الحفاظ على الأمن الداخلي الفلسطيني وضمان عدم استعمال الضفّة مقرّاً أو ممرّاً للاعتداء على (إسرائيل).
ما أود قوله هو أن ما يجدر بالقوى العربية والفلسطينية هذه الأيام أن تقف وقفة مراجعة جادة، تعينها على دراسة التجربة، وتحديد عوامل القوة في موقف تل أبيب، والخلل في الموقف الفلسطيني والعربي، وأن يكون هناك مراجعة عربية وفلسطينية وعالمية بعد أن اتضحت الرؤيا وانقشع ضباب الوهم عن (إسرائيل) وعقلية قادتها وساستها وتبين للقاصي والداني إن (إسرائيل) غير جادة في السلام لا بل تسعى لتدميره وتدمير ما تبقى من فرصة وتسعى لإغراق المنطقة بالفوضى والعنف لا بل الحروب وهذا ما تسير إليه المنطقة!
فالمختصر المفيد كانت اتفاقية اوسلو منذ بداياتها وهمًا، لم تعط الفلسطينيين أي حق من حقوقهم المشروعة ، بل إنها مكنت الإسرائيليين من زيادة توسعهم الاستيطاني وتهويد المقدسات. آن الاوان بعد كل هذه السنين العجاف أن يشرع الفلسطينيون بإيجاد استراتيجية وطنية فلسطينية سريعة تقوم على أربعة محاور، وهي إحياء المقاومة الشعبية الفلسطينية، وتحقيق الوحدة الوطنية، واستنهاض أوسع حملة لمقاطعة (إسرائيل)، وإلغاء المبادرة العربية الفلسطينية.
مصر.. والتمهيد لعودة العسكريتاريا
فلسطين أون لاين ،،، هشام منور
لا شيء يوحي أن مصر التي ثارت على نظام حكم مبارك العسكريتاري في الخامس والعشرين من يناير ذاهبة إلى خارطة طريق سياسية تعيد الحياة الديمقراطية إلى البلاد. فالممارسات القمعية التي يضطلع بها النظام الحالي تشير إلى تغول مفاجئ للعسكر في مصر ومن لف لفهم من مؤيديهم في مواجهة احتجاجات الشارع التي لم تتوقف رغم كل المحاولات. فبعد حملات القمع العنيفة التي استهدفت جماعة الإخوان المسلمين في الأسابيع الماضية، يبدو أن مصر تشهد عودة الدولة الأمنية التي كانت قائمة قبل اندلاع الثورة.
في أعقاب الانقلاب العسكري في الثالث من تموز/يوليو الماضي، سعى القادة العسكريون إلى إضفاء طابع مدني على الحكومة الانتقالية التي جرى تعيينها، وتقرَّر إجراء انتخابات تشريعية في شباط/فبراير 2014 بعد شهرَين على تنظيم استفتاء حول الدستور المعدَّل. وأصبح الفريق أول عبد الفتاح السيسي، قائد القوات المسلّحة، نائباً أوّل لرئيس الوزراء في مصر، كما احتفظ بمنصبه السابق وزيراً للدفاع. لكن مع استقالة محمد البرادعي من منصب نائب الرئيس بعد أقلّ من شهر على تسلّمه مهامه، تتداعى الواجهة المدنية للحكومة. فردّاً على الاضطرابات التي تعمّ البلاد، أُعيد العمل بقانون الطوارئ، الأمر الذي أدّى إلى توسيع سلطة الدولة وإضفاء طابع من الشرعية على انتشار الوحدات العسكرية في مواجهة التهديدات الداخلية.
العودة إلى وضعية الطوارئ لم تلقَ مقاومة كبيرة. وفي حين أثار لجوء الدولة إلى العنف بطريقة غير متكافئة غضباً على المستوى الدولي، كان موضع قبول من قبل بعض التيارات في الداخل. وفيما شكّك البعض في صحّة التقارير عن المجازر، حمّل آخرون الإخوان المسلمين علناً مسؤولية العنف. وقد اصطفّت حركة "تمرّد" إلى جانب بعض وسائل الإعلام وأثنت على عزيمة السيسي. وكانت جبهة الإنقاذ الوطني من أشدّ الداعمين للجيش. وكان لافتاً محاولة التقليل من شأن همجية القوى الأمنية، مع العلم بأنهم كانوا هم أنفسهم هدفاً لهذه الأجهزة قبل وقت غير بعيد.
منذ إطاحة محمد مرسي من الرئاسة، أحكم نموذج جديد قبضته على البلاد، بدعم من وسائل الإعلام المملوكة من الدولة والحكومة الانتقالية وحركة 25 يناير. وبُرِّرَت حملة القمع التي استهدفت الإخوان من خلال اللجوء إلى الخطاب القومي المتشدّد الذي يعتبرها شرّاً لابدّ منه من أجل بسط أمن الدولة من جديد. وأدّى هذا النموذج أيضاً إلى ترسيخ مخطّط الجيش عبر إضافة التهديدات غير العسكرية إليه. وساهم في توسيع هامش المناورة المتاح أمام القوى الأمنية على المستوى المحلي، ومنحها شرعية متجدِّدة في عيون المصريين. وتحوّل الدفاع عن الأمن القومي ذريعة مثالية لتوسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية.
تدعيم هذه العملية تم عبر اللجوء إلى مصطلحات لغوية معيّنة تُصوِّر الإخوان المسلمين بأنهم تهديد للأمن القومي. فسعت القوى الأمنية في الشارع إلى إضفاء شرعية على تحرّكاتها عبر السيطرة على الخطاب المحيط بالأحداث. وشنّ المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الداخلية حملة دعائية قوية عن طريق وسائل الإعلام المملوكة من الدولة، واتّهما الإسلاميين بإيواء عملاء أجانب في صفوفهم، ومن ثم بتخزين أسلحة في مواقع الاعتصامات.
مقارنة باستراتيجية التأطير التي انتهجها نظام مبارك حيال المتظاهرين في ميدان التحرير في كانون الثاني/يناير 2011، كان نعت الإخوان المسلمين بالتنظيم الإرهابي خطوة "خطيرة" من جانب السيسي. إذ حاول الإعلام المصري الرسمي التأكيد على تراجع التطلّعات الشعبية من أجل الحكم المدني وأنه حلّ مكانها الدفاع الوطني والمعركة ضد الإرهاب كشعارَين يُستخدمان من أجل حشد الدعم الشعبي. وتبيّن أن نعت الآخرين بالإرهاب يساعد على توسيع هامش التحرّك المتاح أمام الدولة. فالسلطات لم تعد مضطرّة إلى حصر تحرّكها بنشر القوى الأمنية، إذ أنها تتعامل مع مجموعة مصنَّفة في خانة التنظيمات الإرهابية، وبالتالي مع مسألة مرتبطة بالأمن القومي. حتى أن المستشار الرئاسي مصطفى حجازي ذهب أبعد من ذلك في الخطاب الأمني معلناً "حرباً شاملة على الإرهاب"، وتلقّف معظم الفرقاء السياسيين في مصر (بما في ذلك بابا الأقباط وحركة تمرّد) هذه العبارة وتبنّوها عبر تردادها في خطبهم.
محاولات توسيع نطاق التهديد الأمني وتصويره بأنه يشمل، إلى جانب الإخوان المسلمين، الفرقاء الذين ينتقدون طريقة تعاطي القوى الأمنية مع الأزمة. باتت تعرض الصحفيين والمعارِضين إلى هجوم منهجي ومنظَّم من جانب وسائل الإعلام المملوكة من الدولة التي تنعتهم بالخونة، أو يُهدَّدون بملاحقتهم في دعاوى قضائية. ويعبّر هذا الخطاب القومي المتشدّد عن مفهوم حصري للهويّة المصرية يستثني شريحة أساسية من المجتمع المصري تتمثّل بالإخوان المسلمين ومؤيّديهم.
وبناء عليه، يرى العديد من المحللين أن مخاوف تحول الإسلاميين إلى التطرف في ازدياد في ظل الضغوط الأمنية التي يعرفونها، والعزلة السياسية المفروضة على التعبير عن أفكار أنصارهم رسمياً في وسائل الإعلام المصرية. وبالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، فقد بدأ قادتهم يقارنون حملة التضييق التي يتعرّضون لها في الآونة الأخيرة بالقمع الذي عانوا منه في عهد عبد الناصر.
ففي سجون الدكتاتورية العسكرية الأولى، طوّر سيد قطب، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، الأساس الأيديولوجي الذي استلهمته بعض الحركات الجهادية المعاصرة، وإن لم يكن صاحبه (قطب) يعنيه بالمعنى ذاته. وسوف تستفيد الفصائل الجهادية الإسلامية من الظهور في صورة الضحية. كما أن جنوح الإسلاميين نحو التطرّف (إذا ما تم) يصبّ بدوره في مصلحة القيادة العسكرية المصرية إذ يمنحها ذريعة أساسية لتمديد العمل بقانون الطوارئ، من جملة إجراءات أخرى.
الانتقال الديمقراطي في مصر.. كان الضحية الأولى لما جرى بعد حادثة اقتحام اعتصام رابعة الشهير، فالمعسكر العلماني المؤيد للتحركات العسكرية رغم غبائها وقسوتها في معظم الأحيان، أفسح في المجال، عن غير دراية، أمام عودة النزعة السلطوية، وسوف يتضح عما قريب أن محاولات ترويض النمر الذي أفلتوا عقاله مجدداً لن تكون بالسهولة التي يتوقعونها، فالعسكر ينزعون إلى التفرد والتسلط بطبيعتهم، وليس من السهل إقناعهم بالتنازل عن مواقعهم وقتما شاؤوا.
عشرون سنة دون نقاش
فلسطين أون لاين ،،، حسام شاكر
منذ الإفصاح المدوِّي عن السرّ الكبير قبل عشرين سنة، لم ينهض في الساحة الفلسطينية أيّ نقاش عام جادّ بشأن (أوسلو)، الحدث المؤسِّس لمسيرة التدهور المتواصلة، تراكمت الكتب والدراسات والاستقطابات، ولم يُفتَح أيّ نقاش حرّ.
تعاقبت محطّات الانزلاق إلى القاع منذ "المصافحة التاريخية" في حديقة الزهور، اتفاق عقب اتفاق، ومصافحة تلو مصافحة، دون أن يلتئم نقاشٌ وطنيّ بشأن الوجهة والخيارات. هو تقليد تجذّر، مبرهنًا على مفعوله مع الانصياع لتعليمات التفاوض الصادرة عن كيري، آخر المتعاقبين على رعاية "عملية السلام".
ينبغي استرجاع الوقائع لمن فقدوا الذاكرة؛ فقد كان (أوسلو) مسارًا شقّه فريق مصغّر تحت الطاولة، بلا تفويض من الشعب أو تكليفات سابقة، وكما يحدث في كوارث من هذا النوع: ما إن خرج الاتفاق إلى النور حتى باشرت جمهرة مدفوعي الرواتب تسويقه، وحجب الملاحظات الناقدة، واستبعاد فرص النقاش، عمدوا إلى صرف الأنظار عن الفحوى بشعارات تمجِّد "الإنجاز"، ومقولات أسطورية عن "سلام الشجعان" و"انتزاع أفضل اتفاق في التاريخ"، مع وعود الوفرة التي تبشِّر بسنغافورة وشيكة.
وفي الظلال تعبيرات عن نزعة استئصالية للرافضين، أو محاولات لحشر "أعداء السلام" بين مطرقة السلطة وسندان الاحتلال، وسيكون على غابة الأجهزة التي تشكّلت بإرادة راعي التفاوض الأمريكي وتسهيلات أرباب الاحتلال أن تنهض بتكليفاتها، وتبرهن على جدوى المشروع برمّته.
بعد الاعتراف والتوقيع دخلت القضية قفصها اللامع الذي لم يكن ذهبيًّا، ولم تسفر محاولات التملّص المتأخِّرة منه عن سوى سحب امتيازات القيادة، وحصار المقاطعة، وطيّ السجادة الحمراء.
يتجاوز الزمن تفاصيل هامّة عن فرضيّات التسميم ومؤشِّرات الاغتيال، وعن ملابسات إعادة إنتاج القيادة بمعزل عن الكوفية والمسدّس، وعن الصياغة الجديدة لأجهزة الأمن؛ ليغدو إلحاقها الفعّال بمنظومة الاحتلال تكامليًّا في توزيع الأدوار.
وفي غمرة إخلاص "الأمن الفلسطيني" في تجنيد المتخابرين، وتفكيك الخلايا، وجمع قطع السلاح الصدئة؛ كانت الوقائع تتسارع على الأرض بما فاق التوقّعات المسبقة. استشرت التوغلات والاعتقالات، ونُصبت الحواجز والعوائق، وتفاقَم الاستيطان، والتُهمت القدس حيًّا حيًّا وبيتًا بيتًا، وتكفّل فريق (أوسلو) الفلسطيني بحصّته من الأعباء؛ إذ أطاح بلافتة "حقّ العودة"، وانشغل بخيارات لتصريف اللاجئين هنا وهناك، وأخرج ثلثي الشعب من المعادلة باستبعاده فلسطينيي الخارج، وعزل المنزرعين في داخل الداخل عن الاهتمام؛ فباتوا "شأنًا إسرائيليًّا" لا يستحقّ الالتفات إلى ما يحيق بهم من مخاطر، ولو كان الخطر بوزن مخطط (برافر).
إنها شجرة (أوسلو) الخبيثة، التي أثمرت تواطؤًا مع المحتلّ، وتشظِّيًا داخليًّا، وانسدادًا في الأفق، وفي ظلِّها البائس نشأ جيلٌ فلسطيني عريض أبصر النور بعد الاتفاقات، وهو يشكِّل معظم الشعب بحسابات الديمغرافيا، جيلٌ وجد الاحتلال وقد شيّد جدرانه في حضرة العلم الفلسطيني، شجرة خبيثة هي، ضربت بجذور لا تقتلعها انتفاضات الشعب وهبّاته، ولا تعصف بها التوغلات اليومية، أو حملات العدوان الحربي التي تلاحقت في "عهد السلام" وزمن التغنِّي بالدولة.
ولأنّ مسيرة التدهور تتواصل بلا هوادة؛ إنّ مَن صنعوا الكارثة يتشبّثون بمقاعدهم في قمرة القيادة، مرحى!؛ فالنتائج تخضع لمقدِّماتها، ظلّ أولئك عشرين سنة دون مساءلة أو محاسبة؛ لأنّ نقاشًا حقيقيًّا لم ينهض بعد، كلّ ما فعلوه هو طمس بصماتهم: حجبوا دورهم في "هندسة الاتفاق" عن سيرهم الذاتية، ولم يعودوا يجرؤون على التباهي بإنجازات التفاوض في ليالي تلك العاصمة الإسكندنافية.
وبعد أن وَهن العظم منهم، واشتعلت رؤوسهم شيْبًا؛ اتضح أنّ أولئك النفر قد أدمنوا التفاوض بلا نهاية، أليست "الحياة مفاوضات"؟!، هم لا يقاومون إغراء المحادثات، بل يجدون متعتهم في التكتّم على صنيعهم، وحجب المداولات خلف أبواب موصدة، وما على الشعب سوى انتظار الفضيحة التالية عبر الفضائيات، بعد أن يتسرّب غيض من فيض يزكم الأنوف، أدمنوا التفاوض، فانتفت الحاجة إلى العواصم القاصية؛ لأنّ حواجز الاحتلال ستُفتح لهم ليلًا في الطريق إلى القدس أو تل الربيع، حيث يتماهى التفاوض أحيانًا مع الحوار أو التفاهم، وتؤول المجالسة والمؤانسة إلى ضروب متعدِّدة من التنسيق.
لا حاجة لاعترافات فريق (أوسلو) ومذكّراته الشاحبة بعد عشرين سنة أخرى، أو ترقّب الكشف عن وثائق غربية أو ما تجود به (ويكيليكس) من فضائح، بل يكفي نظم الوقائع لتغدو منطقية، بما يتيح تقدير المشهد المُستتر، وكما تجاوزت الساحة حقبة (أوسلو) دون نقاش فستنقضي الفضائح المتوالية دون أن تستدعي تحقيقًا أو مراجعة.
بعد عقدين من ابتساماتهم العريضة في حديقة الزهور ها هم صانعو الكارثة يتجاهلون ذكراها العشرين، وينشغلون بمفاوضات جديدة تجترّ الواقعة البائسة مع اطمئنانهم إلى الحصانة من المساءلة والمحاسبة، وكما يحدث في جولات كهذه: تباشر جمهرة مدفوعي الرواتب تسويق التفاوض، وحجب الملاحظات الناقدة، واستبعاد فرص النقاش، خلال الرحلة الممتعة إلى القاع.
قراءة في العرض العسكري المشترك
الرسالة نت ،،،عماد عبد الله زقوت
لعب العدو الصهيوني بالإضافة لأطراف فلسطينية وعربية على وتر الخلافات و الاختلافات بين فصائل المقاومة في قطاع غزة، ولطالما حاولت الماكنة الإعلامية التي يمتلكونها تضخيم بعض الإشكاليات الميدانية بين فصائل المقاومة وتصويرها على أنها معارك وحروب ستؤدي في النهاية إلى تدمير قطاع غزة ، وبالتالي تذمر أهالي القطاع من المقاومة وإحداث فجوة بينهما، كما أن تلك الأطراف تحاول تبرير حالة الفوضى التي يدبرون لها في الليل والنهار ضد قطاع غزة بأن المقاومة بمختلف أشكالها خطفت القطاع من أهله وأنها تحاول استنساخ التجربة المصرية في استرداد غزة من خاطفيها كما يقولون .
العرض العسكري الكبير والمشترك بين فصائل المقاومة من مختلف توجهاتها وأفكارها أكد على التالي :
1. تكامل الصورة الوحدوية بين الفصائل المتواجدة والمتأصلة على قطاع غزة.
2. إظهار نجاح حركة المقاومة الإسلامية حماس وجناحها العسكري كتائب القسام في توحيد صفوف المقاومة وأنها الحامية لهذا التوحد ولن تكون أبدا في تضاد مع الفصائل الفلسطينية .
3. الالتفاف الجماهيري واحتضان المقاومة له والصورة كانت بليغة أثناء مرور مواكب العرض من كل شوارع وحارات شمال القطاع عندما كانت ترتفع أصوات الأهازيج والزغاريد من أفواه النساء والصدح بالله أكبر وتحيا المقاومة من حناجر الرجال .
4. وقوف وزارة الداخلية في غزة إلى جانب المقاومة وأنها ستبقى حامية لظهر المقاومة من خلال ما أعلنت عنه بالتزامن مع العرض العسكري بكشفها عن مخطط إجرامي تشترك فيه مخابرات الاحتلال والسلطة ودول عربية .
5. أن المقاومة الفلسطينية محور صراعها مع العدو الصهيوني داخل الأراضي الفلسطينية ولا دخل لها بأي صراع داخل أي دولة عربية أو غير عربية .
وبالتالي جاء العرض العسكري المشترك لفصائل المقاومة والذي جرى في شمال قطاع غزة يوم الجمعة الموافق 6-9-2013 ليوجه رسائل لجميع الأطراف :
أولها للعدو الصهيوني : أن المقاومة الفلسطينية بألف خير وأن صفوفها متراصة وعلى جهوزية تامة وأنها تعد العدة ليوم الملحمة .
وثانيها للسلطة في الضفة والهاربين من غزة : بأن قطاع غزة لن تهز أركانه وأنه صامد في وجه ما يحاك ضده من مؤامرات يحاولون من خلالها العودة به إلى الفوضى والفلتان .
وثالثها لأطراف من دول عربية : كان الأولى بكم حماية قطاع غزة ودعم صموده أمام العدوان الصهيوني لا أن تتآمروا عليه وتحاولون بأموالكم وبعض رجالكم قلب الأوضاع داخله وأن فصائل المقاومة لن تسمح لتلك المؤامرات أن تمر في ظل قوة الحق ووحدة الصف .