اقلام واراء محلي 572
17/12/2013
في هذا الملـــــف:
أميركا من يعتقل أسرانا
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
أهمية التقييم والتعويض بعد العاصفة غير الاعتيادية
بقلم: حديث القدس – القدس
العبرة من الجنوب
بقلم: عطاالله منصور – القدس
خدمة وطنية فلسطينية بدل خدمة اسرائيل
بقلم: راسم عبيدات-القدس
سيدي الرئيس : غزة تدعوك لزيارتها فاذهب اليوم قبل الغد!
بقلم: المحامي زياد ابو زياد – القدس
غضب الطبيعة ولعنة الانقسام
بقلم: طلال عوكل – الايام
تغريدة الصباح - مين بِشَغِلْ مين؟
بقلم: امتياز دياب – الحياة
اغتيال عرفات..الزهار شاهد الادعاء الاسرائيلي
بقلم: موفق مطر – الحياة
«افريقيا وفلسطين»
بقلم: عيسى عبد الحفيظ – الحياة
خليني ساكت احسن ....
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
أميركا من يعتقل أسرانا
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
أفادت مصادر جريدة "معاريف" الاسرائيلية قبل يومين، ان جون كيري، وزير خارجية أميركا، أصدر تعليماته بتأجيل الافراج عن الدفعة الثالثة من أسرى الحرية، المفترضة في الـ 28 من ديسمبر/ كانون الأول الحالي، وذلك للضغط على القيادة الفلسطينية، وارغامها قبول الخيار الأميركي الجديد، الذي يعتمد "تمرحل" الحل السياسي لزمن يمتد لعشر سنوات قادمة، وبحيث يضمن "وجود جيش الدفاع الاسرائيلي" على الحدود الشرقية، أي في الأغوار الفلسطينية، وهو عملياً ما يعني "الدولة ذات الحدود المؤقتة"!؟
رغم أن الخبر لم تؤكده مصادر فلسطينية وثيقة، الا ان مجرد طرحه من قبل المنابر الاعلامية الاسرائيلية، متزامناً مع النكوص الأميركي عن الالتزام بما تم الاتفاق عليه مع القيادة الفلسطينية بشأن الحل السياسي، المتمثل بالانسحاب الاسرائيلي الكامل من أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، فان افتراض صحة الخبر أمر ممكن. وهو ما يعني بشكل واضح وصريح، ان الولايات المتحدة: أولاً هي من يعتقل أسرى الحرية الفلسطينيين، وأداة الاعتقال سلطات الاحتلال الاسرائيلية، ثانياً يشير الخبر الى مدى التكامل والتناغم بين ادارة اوباما وحكومة بنيامين نتنياهو في توزيع الأدوار المتبادلة بهدف فرض الرؤية الاسرائيلية على الفلسطينيين، ثالثاً كما انه يندرج في اطار استرضاء ادارة اوباما لحكومة اسرائيل والايباك وأنصارهم في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وعلى حساب مصالح الشعب العربي الفلسطيني، بعدما حصل تباين في الملف النووي الايراني بين أميركا واسرائيل.
مع ان النواظم المشار لها قائمة وناظمة للعلاقات الاستراتيجية الاميركية الاسرائيلية، غير ان العقل السياسي الفلسطيني والعربي، لم يذهب بعيداً في خياله الى هذا المستوى من التكامل بين الادارتين الاميركية والاسرائيلية، أي أن يصل لحد التدخل في اعتقال أو عدم اعتقال أسرى الحرية الفلسطينيين، بل كان يفترض المرء، ان تكون الادارة الاميركية وسيطاً مقبولاً في هذه المسألة، وتقوم بدور ايجابي للافراج عن الابطال الأسرى، وذلك لخلق مناخ ايجابي في أوساط الشعب العربي الفلسطيني تجاه المفاوضات الجارية برعاية أميركا. ولتعزيز مكانة الولايات المتحدة في الشارع الفلسطيني لا العكس.
على ساكن البيت الأبيض ورئيس ديبلوماسيته ورئيس مجلس أمنه القومي وكل أركان الادارة الديمقراطية اعادة نظر جدية بالموقف المعتمد في معالجة مسألة الصراع الفلسطيني/ الاسرائيلي، ان كان أوباما يريد فعلاً تحقيق قفزة جدية في عملية السلام، والاستمرار في دور الراعي الأساسي للتسوية السياسية، ودفع خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 للامام. ولتحقيق خطوة ايجابية مسؤولة على هذا الصعيد، تفرض الضرورة الآتي: أولاً اعلان واضح وصريح من جون كيري بنفي ما صدر باسمه في صحيفة "معاريف" تجاه أسرى الحرية، ومطالبة حكومة نتنياهو بالافراج عن الدفعتين الثالثة والرابعة في مواقيتهما دون تأخير ثانية واحدة، لأن ذلك ليس في مصلحة اسرائيل ولا أميركا، ثانياً الغاء الخطة الأمنية الاميركية المتساوقة مع الرؤية الاسرائيلية، وعدم عودة طرحها ثانية، ثالثاً التركيز على الملف السياسي، والابتعاد عن التخندق في متاهة الرؤية الأمنية الاسرائيلية، المتناقضة مع خيار السلام، رابعاً الزام اسرائيل بالتوقف كلياً عن البناء في المستوطنات الاستعمارية المقامة على الأراضي المحتلة عام 1967، والكف عن خلط الأوراق والعبث بمصير عملية السلام.
كما ان القيادة الفلسطينية مطالبة باتخاذ موقف حازم لا يقبل التأويل أو الضبابية فيما ان كان الموقف الاميركي صحيحاً من ملف أسرى الحرية قبل أوسلو، والمطالبة بتجييش الشارع وخاصة ذوي أسرى الحرية المنوي الافراج عنهم ضد المنطق الاميركي، ورفع عرائض لرئيس الديبلوماسية الاميركية والأمين العام للأمم المتحدة ولكل منابر حقوق الانسان ذات الصلة بأسرى السلام والحرية.
أهمية التقييم والتعويض بعد العاصفة غير الاعتيادية
بقلم: حديث القدس – القدس
لم تكن العاصفة «اليكسا» التي ضربت المنطقة مفاجئة ولا كان حجمها غير متوقع فقد حذر العلماء في اكثر من مكان بالعالم منها ومن حجمها وتداعياتها، ومع هذا فان احدا لم يتخذ اية احتياطات ولا اعد العدة لمواجهة ما هو قادم، ليس في بلادنا فقط ولكن في معظم، ان لم يكن كل الدول التي ضربتها.
على اية حال فقد حدث ما حدث وبدأت العاصفة تنحسر وتختفي لكن تداعياتها باقية وبقوة في اكثر من مجال. وقد احسنت الحكومة صنعا حين شكلت لجنة وزارية خاصة لتقييم الاضرار في مختلف المواقع والنواحي وهي تبحث او تفكر في دفع تعويضات كلما كان ذلك ممكنا، الا ان المطلوب ليس تقييم الاضرار واحتمال التعويضات، وانما تقييم الاداء لكل المؤسسات والاطراف المعنية ومعرفة أي خلل حدث وأي تقصير وقع ومحاسبة المعنيين اولا والاهم العمل على تلافي اشياء كهذه متى وجدت، ثانيا.
لا في بد هذا المجال من الاشارة الى نشاط بعض الاجهزة وقيامها بكل امكاناتها للمساعدة وتخفيف المعاناة في مواقع كثيرة، ولا بد في الوقت نفسه من التأكيد على مؤسسات وجهات كثيرة لم تتحمل مسؤولياتها كما يجب، ولم تعالج ما وقع من تقصير، وفي مقدمة هذه المؤسسات شركة كهرباء محافظة القدس حيث انقطعت الكهرباء لايام طويلة مما تسبب في مشاكل كثيرة انسانية وغذائية وتجارية وغير ذلك، ربما كان للشركة ظروفها ومبرراتها ولكننا نتحدث عم حدث وضرورة اعادة التقييم.
وقد اظهرت العاصفة ضعف البنى التحتية في كثير من الطرقات والمدن والقرى، وقلة المعدات لمواجهة حالات كهذه وانشغلت كاسحات الثلوج القليلة جدا في بعض الطرق الرئيسية وفي اوقات متأخرة وظلت الطرق الفرعية مغلقة وبعضها ما يزال مغلقا حتى اليوم. وقد اشار رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله امس توصية بشراء كاسحات ثلوج كافية لمواجهة حالات كهذا لاحقا.
وهنا لا بد من اعادة التقييم لمواجهة حالات اخرى غير اعتيادية مثل هذه العاصفة.
وقد لحقت اضرار فادحة للمزارع ومربي الطيور خاصة الدجاج وتهدمت بركسات ومعرشات كثيرة، وهذا ستأخذه اللجنة الوزارية في اعتبارها بالتأكيد، لكن الاهم هو تعويض المتضررين بكل الامكانات المتوفرة.
... الكارثة في غزة
وان كانت اضرار قد لحقت في بعض المناطق بالضفة وحدث تقصير هنا او هناك ، فان آثار العاصفة في قطاع غزة هو اقرب للكارثة منه الى اي شيء. فقد تشردت الاف العائلات وغمرت المياه الشوارع وتضررت مزارع الدجاج والخضروات وكل المنتوجات الاخرى، ولا يتوفر الغذاء والاكل ومياه الشرب الكافية، بسبب الحصار وغيره، ولا تتوفر الكهرباء حتى الامس على الاقل.
ولم تحسن السلطة الوطنية بتقديم المساعدات كما يقول البعض، وانما هي قامت بواجبها، فالقطاع جزء من الوطن رغم الانقسام، وابناء غزة هم جزء من الشعب الفلسطيني، رغم بعد المسافات والحواجز، والسلطة الوطنية مسؤولية رسميا ووطنيا بتقديم ما يمكن من مساعدة، وقد قدمتها فعلا وتلطفت اجواء الانقسام ولو قليلا، بسبب ذلك.
ان الكارثة في القطاع تستوجب تحرك العرب والعالم لتقديم المساعدة والعمل على توفير ظروف حياتية ومعيشية انسانية في ابسط مبادئها. وهذه دعوة لكل من يملكون الاموال الهائلة من العرب، ليقدموا العون لاعادة تأهيل البنى التحتية في القطاع وفي الضفة وتهيئة الظروف لعدم مواجهة كوارث كهذه مستقبلا في حال عواصف جديدة او ما يشبه ذلك.
العبرة من الجنوب
بقلم: عطاالله منصور – القدس
شهد القرن العشرين اكثر الحروب ضراوة في تاريخ البشرية على الاطلاق , ففي الحربين العالميتين الاولى "1914-1918" والثانية " 1939-1945" سقط عشرات الملايين من الجنود والمواطنين من مختلف دول العالم ولم يشهد التاريخ كله حربا بلغ عدد القتلى فيها مليون واحد. كما شهد هذا القرن ارقى النظم السياسية واكثرها مدعاة لسعادة الانسان واكثرها ظلما وعدوانية في نفس الوقت. ففي القرن العشرين فقط نشأت حكومات وطنية تعترف بحق كافة الاولاد بالدراسة المجانية-الالزامية وان من واجب الحكام تأمين العلاج الطبي المجاني لكافة المواطنين كما شهد القرن العشرين قيام المنظمات الوطنية في بلاد المستعمرات ونجاح هذه الحركات في الحصول على الاستقلال (بعد النضال ضد المستعمر بالعنف وبالطرق السلمية!). ففي منتصف القرن العشرين كان عدد الدول الاعضاء في منظمة الامم المتحدة اقل من خمسين واليوم يقارب عدد هذه الدول ال-200 !
ومن الجدير بالذكر ان اهم واشهر هذه الحركات الوطنية تلك التي قامت في الهند حيث تمكن زعيم الهند الملهم "المعلم" مهاتما غاندي بطرد الحكم البريطاني - بالطرق السلمية وذلك في منتصف القرن العشرين (1948) واخر هذه "الحروب" جرت في جنوب افريقيا قبل نهاية القرن العشرين حين نجحت الحركة الوطنية من فرض مشيئتها على اسوأ نظام عنصري عرفه العالم في القرن العشرين ( الذي شهد الكثير من هذه الانظمة الرجعية المعيبة!. لقد حكمت جنوب افريقيا عصابة من المستوطنين لم تتعد حصة افرادها عن 20% من السكان الاصليين, وفرض هذا النظام على ابناء البلاد ما اسموه رسميا الابارتهايد (اي نظام "الفصل العنصري") الصادر عن نظرية عنصرية تقول بان الانسان الاسود اقرب الى الحيوان منه للرجل الابيض ولهذا منعوا اولاده من الالتحاق بمدارسهم والاقتراب منهم الا لخدمتهم - كما يسمح للدواب ,ولا تقبل مريضهم للحصول على العلاج في مستشفياتهم, ولا تسمح للانسان الاسود بالاقامة في مناطق سكناهم. لقد فرض نظام الفصل العنصري على السود السفر في حافلات خاصة بهم او الجلوس على مقاعد خاصة لابناء جنسهم .
وباختصار : نظام المستوطنين البيض الذين استعمروا منطقة رأس الرجاء الصالح قبل 300-400 عاما جاؤا اولا من هولندا ( التي امتلكت يومها اسطولا تجاريا هاما ) ولكن بريطانيا نازعتها عليهم في مطلع القرن العشرين وانضم اليهم مستوطنون من مختلف دول غربي اوروبا ثانية. وهكذا نجح هؤلاء في استعباد شعوب جنوب افريقيا لعدة قرون متواصلة!.
لماذا اكتب اليوم هذه النبذة عن تاريج جنوب افريقيا ؟ اكتب لكي اساهم بملاحظات قصيرة حول التعريف باحد ابطال تلك البلاد وعظمة مساهمته بتاريخ الانسانية : نلسون منديلا , هذا القائد الفذ الذي يستحق من العالم كله ان ينحني امام سيرته الرائعة وذكراه العطرة. هذا الطفل القروي ولد في 1918 وكان اول اولاد عائلته الذي التحق بمدرسة ما, ولكنه حصل على ثقافة اهلته للحصول على اعلى المناصب ( المخصصة للسود من امثاله) ولكنه عمل في مساعدة ابناء جلدته في المحاكم وحين وجد الابواب موصدة في المحاكم انضم لتنظيم سياسي على امل ان يساهم في تحرير ابناء جلدته وحين لاحقته الشرطة لم يتورع عن المقاومة حتى وصل الامر بمحكمة النظام العنصري ان اصدرت امرها بسجنه مدى الحياة, ولكن سيرة هذا المناضل جندت الملايين في العالم لتطالب بمنحه (وشعبه) الحرية. لقد كنت في مدينة اكسفورد طالبا للعلم يوم "تعرفت" على هذا المناضل . رفاقي في الكلية قرروا التبرع بوجبة غذاء اسبوعية للحملة العالمية من اجل تحرير منديلا واسعدني ان انضم اليهم -وبعد 27 عاما وراء القضبان ونجاح قوى
الخير في العالم بمحاصرة نظام الفصل العنصري وفرض مقاطعته اقتصاديا وعسكريا على مختلف الدول الصناعية - سقط النظام العنصري ليصل منديلا وحزبه الى سدة الحكم !.
ومن تخلف عن ركب قوى الخير من الدول الصناعية ؟ حكومات اسرائيل التي وجدت يومها ان مصلحتها تكمن بالتعاون مع نظام الفصل العنصري اقتصاديا وعسكريا - ولهذا لم يشارك نتنياهو وبيرس مع لقد شاركت مئات الوفود الرسمية من كافة دول العالم في حفل وداع نلسون منديلا . وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني الذي يذكر ولا شك ان منديلا ترك للعالم وصية خالدة يوم قال :لن نكون احرارا قبل استقلال شعب فلسطين !
لقد برزت عظمة منديلا : القائد الذي لوحق وسجن ولم ينتقم من جلاديه. لقد زار القضاة الذين القوا به في السجن الانعزالي كما زار سجانه, ونادى شعبه من السود والبيض بان يتحدوا على قدم المساواة وعدم التطلع الى الماضي والتطلع نحو المستقبل.وقال ان ابناء المستوطنين لا يستحقون العقاب لان جدودهم ارتكبوا افظع الجرائم - شريطة اعترافهم بالحقيقة والتعهد بالمصالحة.
لقد نجح منديلا في مسعاه. غالبية ابناء المستوطنين صدقوه ولم يتركوا جنوب افريقيا التي يحكمها اليوم عبيد الامس. ان القانون السائد في جمهورية جنوب افريقيا منذ انتخاب نلسون منديلا رئيسا لها 1994-وحتى 1998 يضمن لكافة الموطنين مساواة تامة لا تلتفت الى انتماءهم العرقي,لونهم, اودينهم .
خدمة وطنية فلسطينية بدل خدمة اسرائيل
بقلم: راسم عبيدات-القدس
في إطار الحرب التي يشنها الاحتلال على المقدسيين، ومحاولة تجنيد الشباب الفلسطيني للعمل في مؤسسات تخدم رؤيته واستراتيجيته، وبما يعمل على إحتلال وعي شبابنا وشاباتنا وتشويهه، وزعزعة ثقتهم بحقوقهم وثوابتهم ومشروعهم الوطني، وكذلك إستخدامهم كجسر للتطبيع مع الإحتلال، بادر لخطوة أخرى على هذا الصعيد،وهي ما يسمى بالخدمة الوطنية للمقدسيين، والتي حاول إستدخالها على شعبنا واهلنا في الداخل الفلسطيني،تحت مسمى الخدمة المدنية، والتي عبرت جماهير شعبنا هناك عن رفضها لها بكل أشكالها ومسمياتها، وأيضاً سعى لخلق فتنة طائفية بين ابناء شعبنا، من خلال محاولة تجنيد الشباب العرب المسيحيين للخدمة في الجيش الإسرائيلي، عبر بوابة احد المطارنة الخارجين عن إطار الكنيسة والتي دعت إلى مقاطعته وفرض الحرمان الكنسي عليه.
ونقل التجربة الى مدينة القدس تحت مسمى الخدمة الوطنية، ليس عملاً إرتجالياً او عفوياً، بل ان هذا الجهد والعمل مخطط ومنظم من قمة الهرمين السياسي والأمني الإسرائيليين، وهو يندرج ويدخل في سياق وإطار خطوات وممارسات أسرلة المدينة وتهويدها.
والعملية هنا تتم من خلال بعض الأدوات الماجورة والتي تستقدم أو تأتي الى المدينة بهدف التكسب والإرتزاق، وتقوم بفتح مؤسسات او كليات أو معاهد ودورات لها علاقة بما يسمى المنهاج الإسرائيلي و"البجروت" او تدريس اللغة العبرية، او تدريس تخصصات ليست متوفرة في الجانب الفلسطيني، وفي العادة يجري إستهداف الطلبة الذين حصلوا على معدلات متدنية في إمتحان الثانوية العامة الفلسطينية، ولم يجر قبولهم في الجامعات الفلسطينية، أو الذين يريدون دراسة مهنة تؤمن لهم مستقبلاً وحياة كريمة، وهذا غير متوفر فلسطينياً، وهنا يجري تصيد الطلبة وإستغلالهم بطريقة بشعة، حيث يطلب من الطالب توقيع شيكات بكامل القسط، ولا تعاد له في حالة إنسحابه، وبعد موافقة الطالب على ذلك، يبدأ مسلسل "الحلب" من جديد، ثمن كتب لأنها غير مشمولة بالقسط، وعمل إمتحان مستوى لغة عبرية غير مشمول بالقسط ويحتاج لدورة مدفوعة الأجر وهكذا دواليك، ناهيك عن ذلك عندما يستكمل الطالب كل ذلك ويدخل التخصص المطلوب، يجد بان هناك فقر في الأدوات والمعدات التي سيتدرب عليها، وكذلك عدم وجود كفاءات قادرة على تدريس تلك المواد، وان الكلية او المعهد غير معترف به ومن وزارة العمل او الصحة الإسرائيلية، ولا تقف المسألة عند هذا الحد حيث يقوم القائمون على تلك المؤسسة في إطار"إنسانيتهم"، وسعيهم ل"خدمة الطلبة" بتقديم عروض لخدمتهم بتامين جزء من إحتياجاتهم المادية وأقساطهم عبر ترشيح او تنسيب عدد منهم للعمل في مؤسسات اسرائيلية بمبلغ لا يزيد عن الف شيكل شهرياً، وهذه المؤسسات ليست شركات او مؤسسات إسرائيلية عامة، بل مؤسسات مرتبطة ولها علاقة بالدوائر الرسمية الإسرائيلية، بحيث يجري تطويع العقل الفلسطيني وكي وعيه، لجهة خلق وعي وقناعات جديدة لديه، تستهدف حقوقه وثوابته الوطنية وتاريخه وتراثه وهويته، تماماً كما يجري الآن في قضية تطبيق المنهاج الإسرائيلي على عدد من المدارس الحكومة العربية في القدس، حيث الطالب مطالب بالدراسة عن ان القدس ليست مدينة محتلة،بل هي عاصمة دولة "اسرائيل" وأن المسجد الأقصى هو ما يسمى بجبل الهيكل، وجبال الضفة الغربية، هي جبال يهودا والسامرة، وان الشخصيات التي إرتكبت المجازر والطرد والتشريد بحق شعبنا الفلسطيني من بن غوريون الى بيغن وشارون وغيرهم، هي من بنت وطورت «الدولة» وساوت بين مواطنيها ..الخ. ونحن لا نتجنى عندما نقول، بان القضية هنا قد تاخذ ابعاداً امنية لإختراق مجتمعنا الفلسطيني.
في ظل ذلك، علينا أن نبتعد فقط عن التشخيص والتحليل وإصدار بيانات الشجب والرفض، وعدم المتابعة بعد ذلك،ليستمر المشروع ويحقق اهدافه، ونحن نذهب للتهلي والمناكفة حول قضية اخرى يفرضها علينا الإحتلال، بل بات من الملح والضروري ان يكون هناك رؤيا وتفكير استراتيجي مقدسي، بإيجاد حلول تستجيب لرغبات وطموحات شبابنا، وتعمل على توفير الدعم والمساندة لهم، عبر سد جزء من إحتياجاتهم المادية، وكذلك العمل على توظيف طاقات أولئك الشباب لخدمة المشروع الوطني الفلسطيني في القدس، فالمؤسسات المقدسية والقوى والأحزاب والسلطة تتحمل مسؤولية كبرى في هذا الجانب، فهي عليها التفكير بمشاريع او مبادرات شبابية تمكن هؤلاء الشباب من القيام بعمل منتج او خدماتي يساعدهم على مصاريف الحياة وخدمة المشروع الوطني الفلسطيني، وحتى المؤسسات التعليمية،في إطار ميزانيتها لدعم الطلبة، يجب ان تشترط عليهم تادية خدمة مجتمعية تطوعية براتب رمزي،كما هو الحال عند المؤسسات الإسرائيلية، فهناك الكثير من الأموال التي تهدر من قبل المؤسسات غير الحكومية في خانات واولويات لا تنسجم مع اولويات واهداف شعبنا الفلسطيني، وبالإمكان الإستفادة من الدول الأوروبية والعربية والقطاع الخاص من مستثمرين ورجال اعمال وشركات تجارية، في طرح مبادرات شبابية وبمشروع واضح ومحدد يشارك به مجموعة من الشباب، ويتم إستبدالهم بشكل دوري وبما يمكن من إفادة اكبر عدد من الشباب ومساعدتهم مادياً وإستكمال دراستهم، وخلق وعي مقاوم ومحصن لديهم، والإفادة منهم في خدمة قضيتنا ومشروعنا الوطني، والبقاء في ارضنا والصمود في قدسنا أيضاً.
قضية على درجة عالية من الأهمية وبحاجة الى تفكير ومبادرات خلاقة وشجاعة، والى حلقة نقاش جدية يشارك فيها الشباب والفعاليات والمؤسسات المقدسية ورجال الأعمال من اجل وضع خارطة طريق ورؤيا ورسم استراتيجية شاملة، لكيفية توظيف طاقات الشباب المقدسي في خدمة المشروع الوطني المقدسي، بدل إستغلالهم وجرهم الى خانات تتعارض وتتناقض مع هويتهم وإنتمائهم وثقافتهم، وبما يخرجهم من دائرة الفعل والعمل الوطني وخدمة قضاياهم، ويدفع بهم للتجند ضد قضاياهم الوطنية.
هذه قضية كبيرة وجدية، وبحاجة الى جهد جمعي مقدسي وفلسطيني، تشترك فيه اكثر من جهة وتتعاون من اجل إنجاحه، وخصوصاً ان الفئة التي يستهدفها الإحتلال، هي الجزء الحي من مجتمعنا الفلسطيني، هم الشباب الذين سيصنعون وعي ويبنون مجتمع، فهل يبنون مجتمع مخترق وخانع ومستسلم، ام نوفر لهم الحد الأدنى من مقومات الدعم والصمود، لكي يخلقوا مجتمع مؤمن بحقوقه وثوابته وقضيته؟ فالهزيمة على هذه الجبهة هزيمة خطيرة بإمتياز سيكون لها نتائج مدمرة مجتمعياً ووطنياً.
سيدي الرئيس : غزة تدعوك لزيارتها فاذهب اليوم قبل الغد!
بقلم: المحامي زياد ابو زياد – القدس
أول ظلم لحق بقطاع غزة هو أنه مغيب عن الاعلام فمعظم الحديث يدور عن غزة والمقصود هو قطاع غزة بما فيه من مدن وقرى وريف وبدو تم اختزالهم جميعا بكلمة غزة... ولا أدري إن كان هذا الأمر قد تم بلا وعي أم بوعي أم لأن الكبير يبتلع الصغير...
كثر الحديث هذه الأيام عن غزة التي تغرق في مياه الأمطار ويلفها البرد والصقيع وهي تغرق في الظلام ، مع أن الكهرباء ليست فقط للانارة فهي للتدفئة والطبخ وتشغيل الأجهزة المتعلقة بكل مناحي الحياة في البيت والمستشفى والمدرسة وغيرها..
غزة مكتظة بالسكان ، وتفتقر للبنية التحتية ليس في هذه الأيام بل منذ سنين عديدة ، وشوارعها تتحول إلى برك وأنهار منذ أتاح لنا الاحتلال أن نتنقل بين الضفة وغزة...
غزة منذ عشرات السنين وهي تتحول إلى سجن مغلق على أهله لا يتغير هواؤه ولا ماؤه يجتر شيبها وشبابها وأطفالها خبرات حياتهم التي تتكرر في نفس المكان لا يرون من العالم إلا ما يمكن أن تنقله لهم شاشات التلفاز أو ما يسمعونه من قصص العائدين المحظوظين الذين اتيح لهم الخروج من هذا السجن ليستنشقوا هواء الخارج...
هذا الاغلاق والانغلاق لغزة يحولها إلى شعب يعيش بعقلية الحصار أو الغيتو...شعب لا يذوق من الحياة سوى القهر ، ويتجرع المر على يد من كان الأجدر بهم أن يمدوا له يد العون لتنتشله من حياة البؤس إلى الحياة الحرة الكريمة..وهم لم يتنازلوا يوما عن كرامتهم ولا عن طموحهم ولا عن تشوقهم للحياة..
والحديث عن غزة هذه الأيام ليس حديثا عن بنية تحتية وليس عن مشكلة اجتماعية أو اقتصادية فحسب وإنما هو عن قرار سياسي وإرادة سياسية إما أن يكون غائبا أو مغيبا ً أو اتخذ ولكن بغير الاتجاه الذي يفترض أن يكون فيه.
غزة بمعسكرات اللاجئين فيها هي جنوب فلسطين حيث تزيد نسبة لاجئي 1948 عن 70% من سكان قطاع غزة ، ومن بين هؤلاء ومن قلبهم ولدت الثورة الفلسطينية وترعرعت واستقطبت كل الشعب في الشتات وأعطت الأمل بالتحرير والعودة وأذكت نيران المشاعر الوطنية وجعلت الفلسطينيين في كل بيت يلتفون في المساء حول المذياع بعد نكسة حزيران وهم يسمعون أناشيد الثورة ويرددون الحكايات في الصباح عن بطولات كانت وربما لم تكن ، ولكن الأمل بدأ يزهر في النفوس التي أدركت أنها تحمل الرشاش.. " لتحمل الأجيال من بعدها منجل "...
ليس المجال هنا لمحاكمة كيف انحرفت الثورة أو تاهت وضلت الطريق ، ليس هذا هو المراد الآن مع أننا مطالبون بأن نقف بجرأة وأمانة ودون مجاملة لأحد لنسأل أنفسنا أين كنا وأين أصبحنا وكيف ولماذا..وما العمل !
غزة اليوم تعيش مأساة ظلم ذوي القربى ومأساة الحصار والاحتلال والانقسام . ولا أبريء أحدا ً من المسؤولية بدءا بالأخطاء التي ارتكبتها فتح أثناء الهيمنة على الحكم في غزة قبل عام 2006 ومرورا بالانقسام الأسود الذي وقع في 2007 وكرس فصل وعزل غزة عن الضفة الغربية وانتهاء بطريقة تعامل رام الله مع غزة من خلال أسلوب الهواة غير المؤهلين ، والمعالجات العشوائية غير الجدية أو المهنية لمشكلة غزة.
ولقد انعكس هذا الأسلوب في عدم أخذ زمام المبادرة لحل مشكلة الانقسام فور وقوعها ومعالجة أسبابها الحقيقية وعاش على وهم .." الانتظار في رام الله إلى أن يأتي الظلاميون زحفا ً على بطونهم إلى رام الله يطلبون العفو والمغفرة " ..وهذا أمر لم ولن يحدث.
ممارسات الهواة في رام الله تثبت أن غزة بالنسبة لهم هي شكل وليست مضمونا. هي للديكور حين يعين ابن عائلة غزية معروفة وزيرا في السلطة حتى لو كان طيلة الوقت يعيش في رام الله مستثمرا ومتمتعا بالحياة التي لا تمت بأية صلة إلى واقع غزة أو البحث عن أشخاص يثير تعيينهم في الحكم حنق حركة حماس في غزة .
ومن بين هذه الممارسات العشوائية دعوة الموظفين فور وقوع الانقلاب لعدم التعاون مع الانقلابيين ثم حين رأت الانقلاب مستمرا بدأت تتنصل من التزاماتها تجاه هؤلاء الموظفين التي كان آخرها الشهر الماضي وهو وقف ما يقارب 500 شيكل من راتب كل موظف كانت تدفع بشكل علاوة مواصلات والعلاوة الاشرافية وشمل هذا القرار جميع الموظفين الذين رفضوا التعاون مع حماس بناء على طلب رام الله..
ولقد جاء وقف هذه العلاوات متزامنا مع القرار الأوروبي الذي اعلن عنه والذي يقضي بوقف المساعدات المالية للسلطة والتي تدفع كرواتب للموظفين المضربين عن العمل في غزة منذ الانقسام ، الأمر الذي قد يفسر نفسه بنفسه.
والحال بالنسبة لموظفي غزة لا يقتصر عند هذا الحد، فقد تجاوزه للمساس بالحقوق الوظيفية لشرائح معينة من هؤلاء فتم استثناء معظم إن لم يكن جميع العسكريين من أفراد الأمن الوطني والأجهزة الأمنية الأخرى من الترقيات الى رتب أعلى يستحقونها بحكم الأقدمية ، وبدأت الفجوة تتسع بينهم وبين زملائهم في الضفة الغربية الذين كانوا يساوونهم في الدرجة والأقدمية. ومن حق هؤلاء العسكريين ذوي الرتب العالية أن يتساءلوا عن السبب الذي تتأخر بل تتجمد فيه ترقياتهم مما يؤثر على فرصهم في التقدم وعلى حقوقهم التقاعدية عندما يحين الأوان.
وعلى صعيد آخر ، فقد تم حرمان جميع الذين كانوا يعملون بوزارة الخارجية من حقوق وفرص مستحقة لهم لا لسبب إلا لبعدهم الجغرافي عن مركز القرار ومنها :
المساواة في الترقيات وفق أحكام القانون الدبلوماسي بين موظفي السلك الدبلوماسي بين جناحي الوطن حيث حصل الموظفون بمقر الوزارة في رام الله على أكثر من ترقية منذ التعيين على السلك الدبلوماسي بتاريخ 25 حزيران 2003، ولم يتم ذلك لباقي أعضاء السلك الدبلوماسي من مستحقي الترقية من الكادر الدبلوماسي في غزة.
المساواة في ترقية موظفي كادر الخدمة المدنية، حيث حصل الغالبية منهم على ترقياتهم منذ أكثر من عشر سنوات.
المساواة في صرف علاوة الشهادة الجامعية العليا لموظفي السلك الدبلوماسي في غزة وفق المادة 33 من قانون السلك الدبلوماسي، حيث أنها صرفت للدبلوماسيين في رام الله في شهر 11/2013.
المساواة في صرف علاوة 100 دولار للموظفين الإداريين العاملين في غزة وفق المادة 36 من قانون السلك الدبلوماسي، حيث أنها صرفت للإداريين في رام الله في شهر 11/2013.
ابتعاث موظفي الوزارة في غزة الى السفارات الفلسطينية في الخارج للاستفادة من قدراتهم وإمكانياتهم وتوظيفها لخدمة الوطن.
إعطاء الأولوية لموظفي الوزارة في غزة للالتحاق بالدورات التدريبية والمشاركة في المؤتمرات والندوات الخارجية وذلك بالنظر الى حرمانهم منها طيلة السنوات الماضية.
هذه الممارسات توغر النفوس وتخلق الاحساس بالظلم وهي تتم لذنب لم يقترفه أي من هؤلاء بل هو نابع من الفشل في معالجة الانقسام المخزي ووضع حد له بأسرع وقت ممكن.
والمأساة التي نراها اليوم في غزة ، وهي تغرق في مياه الأمطار والسيول وربما المجاري لن تحلها المساعدات الخارجية أيا كان حجمها ولن تنفع معها تزويدات البترول أو الغاز وإنما ومع التوفير الفوري لهذه الاحتياجات الملحة للقطاع ، لا بد من وقفة مسؤولة شجاعة تنهي الانقسام وتعيد للوطن والشعب وحدته. فلا يمكن ولا يجوز أن تكون غزة بندا ً مؤجلا على برنامج حل القضية الفلسطينية لأن أي حل يستثني غزة أو يؤجلها سيكون حلا قسريا ً مذعنا ً لا يحقق الحد الأدنى من تطلعات وطموحات شعبنا العظيم.
إنني أدعو الرئيس عباس ، وكما دعوته في الماضي ، لأن يتوجه فورا إلى غزة يعيش معها محنتها ويتفقد أوضاع شعبه هناك ويتحمل مسؤوليته التاريخية في رفع الظلم والقهر الذي يرتكب بحق شعبنا هناك ويلتقي قيادات حماس وكافة الفصائل الوطنية والاسلامية الأخرى والتوافق معها على برنامج وطني لحل الأزمة مرة والى الأبد.
غضب الطبيعة ولعنة الانقسام
بقلم: طلال عوكل – الايام
لم يكن ينقص سكان قطاع غزة، سوى غضب الطبيعة، بعد ان تعرضوا لغضب الفرنجة، والفرس، والمتشردين في الارض. كنا نتحدث عن غياب او تغييب حقوق اساسية للمواطن الغزي، الحق في العمل والحق في التعبير، والحق في حياة كريمة، وبالسفر، واذا بنا مضطرون للحديث عن الحق في الحياة بأبسط مقوماتها.
يوما بعد آخر تتضح معالم حياة تزداد بؤساً لأسباب كثيرة مجتمعة، من استمرار الحروب والعدوانات الاسرائيلية على القطاع، إلى الحصار المشدد والظالم، الذي يقع تحت عنوان العقاب الجماعي، الى الفقر والبطالة المتزايدة، والانهيار الاقتصادي، الى تداعيات الانقسام الذي لا يزال يؤسس للمزيد من الكوارث.
غزة تغرق بالخير، هل سمعتم ان الناس يغرقون، ويتعرضون للموت، بردا وفقرا، وجوعا، وقهرا بسبب كثرة الخير؟ قبل هذا المنخفض الجوي، غير المسبوق على فلسطين منذ مئات السنين، خرج الناس لكي يؤدوا صلاة الاستسقاء، فلقد تأخر هطول الامطار، فطاء الخير عميماً طافحاً حتى اننا لم نعد نحتمل ترف الاستفادة منه، فكان علينا ان نصلي مرة اخرى حتى يتوقف هذا الكم من المطر عن الهطول. لم نتعود على هذا القدر الطافح من الخير، فالفقير ان عثر على كنز، قد يصاب بالجنون او الخرف من شدة الصدمة. في الواقع وبحسب الارصاد الجوية والتغييرات المناخية، فإن ما تعرضت له غزة، هو البداية لموسم، قد يطفح فيه الخير أكثر فأكثر، بدون أن تتغير قدرتنا على تحمّله، أو معالجة واستيعاب تبعاته. منذ بضع سنين والارصاد الجوية تحمل لنا تباعاً أخبار التغير المناخي، الذي لا يتوقف على فصل الشتاء، فلقد كان فصل الصيف الماضي حاراً جداً على غير ما اعتاده سكان القطاع، ولكن الشكوى كانت صامتة لأننا استهلكنا قدرة على نقد أسباب انقطاع التيار الكهربائي، وشح الوقود، ولم يسعفنا بحرنا الغارق بالكافتيريات، والملوثات من أن يخفف عنا وطأة الحر.
مفارقة غريبة، ان يعاني سكان شواطئ البحر المتوسط من شدة الحر، بينما يتوفر لديهم المتنفس. اما في الشتاء فإن الأمطار، تكشف عن كل العورات المستورة، لأنها لا توفر للناس الخيار، لم يتحضر سكان قطاع غزة، لمثل هذا التغيير المناخي، وكان عليهم أن يواجهوا هذا الغضب الطبيعي، الذي قد لا يظل طارئاً من خلال نفس البنية التحتية الضعيفة، وبنفس الامكانيات المادية المحدودة، وبنفس الخبرات البشرية المحدودة في التعامل مع مثل هذه الازمات. خلال الايام القليلة الماضية أدركنا على نحو حقيقي ان الكهرباء هي الحياة، لانها ليست مجرد اضاءة، وتلفزيون وكمبيوتر، لقد ادى هطول الامطار الى تعطيل ما يتوفر من شبكة الكهرباء، فتوقفت مضخات تصريف المياه، والمجاري، ما ادى، الى تفاقم الازمة، وتجمع المياه على ارتفاعات غير معهودة، ادت الى غرق الطوابق الاولى من البنايات التي تقع في مناطق منخفضة. لم نحص بعد خسائرنا المادية، والأرجح أن المساعدات التي يمكن ان يستقبلها سكان القطاع، المنكوبون، ستتخذ طابعاً اغاثياً فيما تقصر عن تعويض الخسائر، أو تساهم في معالجة المشكلة من أسبابها.
قبل هذه الموجة من المنخفضات الجوية، كانت مؤسسات دولية عديدة قد اصدرت تقارير تقول بأن قطاع غزة في عام 2020، لن يكون صالحاً للحياة الآدمية، بسبب نفاد مخزونات المياه، وتلوث ما يتبقى منها. قد يتبادر للبعض ان هطول الامطار بهذه الكثافة سيجعل الخبراء الدوليين والمحليين، يتراجعون عن استنتاجاتهم بشأن علاقة الحياة بالمياه في القطاع، ولكن اذا صح ما ذهبت اليه تقاريرهم واستنتاجاتهم، فإن هطول الامطار على النحو الذي جرى، لا يعني ان مشكلة المياه في قطاع غزة قد انتهت. المياه التي سقطت، وتجمعت بكميات كبيرة في عدد من المناطق المنخفضة اختلطت مع مياه الصرف الصحي، وتم ضخها الى البحر، أو الى مناطق فارغة، مما يعني أن القليل منها يترسب إلى باطن الأرض ليغذي المخزون الجوفي.
قد يذهب المتخصصون في شؤون البيئة لتفسير ما جرى في القطاع، من خلال استعراض جملة الأسباب الفنية ـ اللوجستية، التي تتعلق بالبنية التحتية وبالامكانات المتوفرة، والخبرات، ولكنني سأذهب في اتجاه آخر.
إن ما جرى، هو استمرار للعنة الانقسام، الذي يدفع ثمن استمراره الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بكل أبعادها، فالأزمات الحياتية التي يعاني منها الشعب في قطاع غزة ترافقت وتفاقمت خلال مرحلة الانقسام التي جرت معها الحصار بكل تبعاته.
إن الطبيعة تحتج على استمرار هذا الانقسام، من خلال الكشف عن المزيد والمزيد من الويلات التي يتسبب بها، فلولا هذا الانقسام لما عانى سكان القطاع من ازمة الكهرباء والوقود، ولما عانى من نقص الامكانيات المادية والفنية والبشرية ذات الخبرة في التعامل مع ازمات وكوارث كالتي تضرب القطاع، في ظروف طبيعية، كان من المفروض ان يتم الاعلان عن قطاع غزة منطقة منكوبة، تستحق ان يهرع المجتمع الدولي لمد يد المساعدة، ولكن الانقسام والحصار يقفان عائقاً، أو يقدمان الذريعة لتنصل المجتمع الدولي من مسؤولياته.
لم تعلمنا السياسة ودروبها المتعرجة، فهل نستخلص الدرس مما تقدم لنا الطبيعة؟ لم يعد ثمة وقت طويل...
تغريدة الصباح - مين بِشَغِلْ مين؟
بقلم: امتياز دياب – الحياة
منذ الصغر وأنا أحلم بمهنة تتيح لي التجوال في العالم، كنت أعتقد حينها أن مهنة مضيفة طيران هي الأنسب لكي أتحول الى عصفور وبأنها المهنة الوحيدة لتحقيق أحلامي باكتشاف العالم.
عندما كبرت نسيت تماما مهنة أحلام الطفولة، لكنني أصبحت بقدرة قادر مصورة ثم صحافية وكاتبة، جبت العالم مع مهنتي التي لا تحتاج سوى لقلم خفيف الوزن وسهل الحمل. طورت خطابات رنانة عن المهن التي بامكاننا التنقل معها بسهولة واحتقرت المهن التي تربط المرء بقيودها في نفس المكان.
تذكرت مهنة الطفولة التي تتطلب تحليقا مثل عصفور، عندما علمت عن المختبر البشري الذي أعده البنك الدولي لتحويل شباب فلسطين الى حقل تجارب، لخلق فرص عمل لتشغيلهم، في مجال المعلوماتية. وعلى حد قول المديرة المحلية للبنك الدولي في فلسطين مريم شيرمان.
"المطلوب من الشاب أن يمتلك كومبيوترا واحدا لا أكثر، لكي يتمكن من العمل في أي مكان".
(أبييه.... لَقَتْها الست مريم) يعني أنقذت العامل الفلسطيني من600 حاجز، ولم تعد الست مريم بحاجة للاستماع الى ولولة الفلسطيني من السجن الذي يعاني منه، وكأن الست مريم تقول مبروك عليكم خطتنا، (خلصتوا) من الحواجز. يعني أوجدت الست مريم سجنا بأبخس الأثمان.
واليوم وهذه المرة، اكتشفت خطة أخرى لمنظمة العمل الدولية أطلقوا عليها اسما جذابا دعي بـ (موبايل سكِلز)، ومفادها تدريب مهارات متنقلة(موبايل) للأيدي العاملة الفلسطينية، لا يحتاجون لممارستها الى وطن بل يتم تصديرهم مع مهاراتهم الى دول أخرى.
أي بمعنى آخر، تساهم منظمة العمل الدولية في تجاهل بناء الاقتصاد الفلسطيني، وبذلك بالعمل على تهجير الأيدي العاملة والأدمغة، من خلال خلق فرص عمل في أسواق خارجية لاستيعابها. وبذلك تعمل على ضرب أهم مقومات الدولة، ألا وهي توفير فرص عمل لمواطنيها على أرض الوطن.
وبهذه الطريقة تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، القضاء على البطالة في فلسطين، من خلال ترحيل الأيدي العاملة وإبقاء الوطن مقبرة للعجائز، معتمدا على المعونات الخارجية.
وهكذا فان منظمة العمل الدولية التي أسست بالأصل لدعم العمال والحفاظ على مصالحهم، تحول هدفها الأساسي الى تفتيت الطبقة العاملة، ومحو الرؤية لهذه الطبقة بدفعها الى تبني مصلحة فردية.
ونظرا للعجز في تغيير الواقع الفلسطيني شرعت منظمة العمل الدولية وأخواتها باختراع خطة (موبايل سكلز)، التي بنظرهم تعد من أهم الانجازات التي خُططت للشعب الفلسطيني.
عند قيامهم بتطبيق خطط جهنمية ومكلفة يبررون ذلك بأنهم يقدمون الأفضل للشعوب المنكوبة، بصرف النظر عن الحاجات الفعلية للشعب المعني.
على سبيل المثال خطة كيري الكبرى، التي تَعِدُ الشعب الفلسطيني بمليارات الدولارات، لكن لا يمكن تنفيذها إلا بشرط انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة. وبما أن هذا الشرط غير وارد إطلاقا، استعانوا بخطة (نسيج الحياة) التي اقترحها (باروخ سبيجل) منسق الإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي.
يدفع الشعب الفلسطيني ثمن المشاريع والمخططات غير المجدية، بما فيها يافطات الشكر الضخمة لهذه المنظمات (شكرا للـ us aid شكرا لبنائكم لنا طرقا التفافية). "ومبروك علينا تسهيل معيشتنا وألف مبروك للمستوطنين اللي ما عادوا يشوفوا خلقتنا".
كان من المفروض أن تعمل هذه المنظمات جميعها، على خلق فرص عمل للشعب الفلسطيني، ولكن في الواقع ها هو الشعب الفلسطيني المنكوب يخلق سوق عمل لهذه المنظمات الدولية نفسها. يا لسخرية الأقدار!!!!
اغتيال عرفات..الزهار شاهد الادعاء الاسرائيلي
بقلم: موفق مطر – الحياة
يسعى محمود الزهار لاغتيال ابوعمار مرة ثانية، وفي احسن الأحوال يسند مبررات حكومات اسرائيل لقرارها اغتيال الرئيس عرفات بالسم !!..فيكون بذلك شاهد الادعاء الاسرائيلي الرئيس والأهم !!.
قال الزهار في آخر تصريحاته التي يطلقها بالتزامن مع تصريحات أفيغدور ليبرمان، ومقصدها الضغط على القيادة الفلسطينية: "لقد طلب ياسر عرفات من حماس تنفيذ عمليات ضد اسرائيل لتحسين شروطه التفاوضية" !!.
أطلق الزهار تصريحاته في وقت تتهيأ دولة فلسطين للذهاب الى منظمات الأمم المتحدة، ومحكمة الجنايات الدولية تحديدا للتحقيق باغتيال حكومة اسرائيل لرئيس الشعب الفلسطيني المنتخب، وتجيء تصريحاته اثر التقريرين السويسري والروسي الذين اثبتا صحة مقتل الرئيس ابوعمار بالسم النووي، وبعد توجيه القيادة الفلسطينية ولجنة التحقيق الوطنية الفلسطينية التهمة لاسرائيل باغتيال الرئيس عرفات / ما يعني فتح البواب على مصاريعها أمام الجهات الحكومية الاسرائيلية، لأخذ اقوال الزهار بمثابة شهادة دامغة حول مسؤولية الرئيس أبو عمار - المقلد بجائزة (نوبل للسلام) - عن أرواح الضحايا المدنيين الاسرائيليين الذين قضوا تفجيرات حماس، فاسرائيل وجهت هكذا اتهمات للرئيس الشهيد، كمهيىء للرأي العام الداخلي في اسرائيل، وضمان قبول عملية قتل (اغتيال) الشريك الفلسطيني في عملية السلام، وكمقدمة لاقناع العالم والمجتمع الدولي بأسباب نقوصها عن الاتفاقيات الموقعة، ونفض يدها منها، وتقديم صورة قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، رئيس الشعب الفلسطيني كارهابي يأمر او يساهم بقتل المدنيين، الاسرائيليين !!.. وها هو الزهار يطرح شهادته في اللحظة الحاسمة، ليرفع من قيمة ومكانة مبررات اسرائيل للتخلص من زعيم الشعب الفلسطيني، ولتبرير نقضها الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين في اوسلو وما بعدها، فيما الكل يعلم أن عمليات حماس التي تحدث عنها الزهار كانت لاضعاف الموقف التفاوضي للرئيس عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، واعطاء الذرائع والمبررات لاسرائيل للانسحاب من المفاوضات وضرب المشروع الوطني في الصميم، ومنع تسوية كانت ستؤدي الى تعزيز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية وتقطع الطريق على قيادات حماس (جماعة الاخوان المسلمين) لتقديم انفسهم كبديل عن المنظمة، يقبلون مالم تقبل به المنظمة.
تصريحات الزهار لصحيفة كل العرب الصادرة في الناصرة، لا يمكن تفسيرها الا كرسالة تذكير لحكومة اسرائيل الحالية، بأن حماس على استعداد اليوم لقبول ما كانت (الجماعة) تقبله في الثمانينيات والتسعينيات، وان حركته على استعداد للقاء مسؤولين اسرائيليين ما دامت نهاية الطريق تؤدي الى موضع تكون فيه حماس صاحبة القرار بشأن مصير الفلسطينيين ومستقبلهم السياسي.
اعترف الزهار بما كان ينكره وتنكره حماس.. لكنه كان معلوما للفلسطينين الا المغيبين، المضحوك على ذقونهم بالشعارات، اعترف فقال في لحظة مدروسة ومخطط لها: «التقيت في آذار عام 1988 شمعون بيريس بناء على طلب ليس مني, وعرض علي الانسحاب الكامل من قطاع غزة, وتحدث عن ستة اشهر أخرى يتم فيها الانسحاب من الضفة الغربية، ثم التقيت برابين أكثر من مرة».
«افريقيا وفلسطين»
بقلم: عيسى عبد الحفيظ – الحياة
شكلت القارة الافريقية رديفا معتبرا للقضية الفلسطينية، هذه القارة السوداء التي عانت من التمييز العنصري واستثمار خيراتها من قبل الرجل الاوروبي الابيض، استوعبت بسرعة وبساطة الهم الفلسطيني وويلات الاستعمار الذي عانت منه فترة طويلة وما زالت بعض الدول تعاني منه حتى الآن.
لكن فترة الخمسينيات والستينيات شهدت طفرة تحررية كان لوصول الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وانتصار الثورة الفيتنامية على الاستعمار الفرنسي في معركة (ديان بيان فو)، وانتصار الثورة الجزائرية عام 1962 الأثر الكبير في امتداد اللهب التحرري الى بقية القارة السوداء، ولتخرج من عبوديتها الى الفضاء العالمي الرحب، وتأخذ دورها في السياسة الدولية، وعلى الرغم من بعض الاخفاقات هنا وهناك كاستشهاد باتريس لوموبا في الكونغو، الا ان المد التحرري استمر في الصعود حتى باتت معظم الدول الافريقية ان لم نقل كلها تتمتع بالاستقلال الوطني من ربقة الاستعمار سواء كان فرنسيا او برتغاليا او هيمنة انجليزية - هولندية.
من هنا، ومن تجربة الاستعمار والهيمنة الاجنبية المقيتة، وقفت معظم الدول الافريقية الى جانب حركات التحرير الوطنية ومن أبرزها فلسطين.
لذا، كان على القيادة الفلسطينية ان تسعى لتعزيز هذا الدعم السياسي الافريقي المؤثر، هذه الظاهرة التقطها الشهيد الراحل ياسرعرفات بكياسة وسرعة بديهة فقام بتعزيز العلاقات الفلسطينية - الافريقية، بل سعى بكل جهده لتحفيز النشاط العربي هناك، وفعلا تم افتتاح العديد من المشاريع التعليمية والاقتصادية والصحية والجمعيات الخيرية في بعض الدول الافريقية الاكثر عوزا من دول الخليج العربي التي قدمت بعضا من الاحتياجات الافريقية في تلك المجالات.
في احدى زياراتي مكلفا من الأخ الرئيس الراحل ياسر عرفات الى جزر الرأس الاخضر عام 1981، عرض وزير خارجية الرأس الأخضر استثمار جزيرة غير مأهولة لأي دولة عربية علما بأن جزر الرأس الاخضر السبع تقع في المحيط الاطلسي قبالة شاطئ السنغال على مسافة ساعة ونصف الساعة من الطيران، وهي غنية بشكل لافت بالثروة السمكية التي يجري الاستفادة منها بأسطول صيد قديم ومتواضع، واقترح وزير التخطيط لديهم ان يقام مصنع تعليب الأسماك (التونا) المتوفرة بكثرة في تلك المنطقة.
وفعلا، حاولت قيادة المنظمة اقناع احدى الدول او الاثرياء باقتناص تلك الفرصة، ولكن الأمور بقيت دون فعل او تنفيذ!؟ ايضا، كانت جزر الرأس الاخضر ترفض وباستمرار اقامة أية علاقات مع اسرائيل وهذا ما ابلغونا به، لكنهم اضطروا فيما بعد الى اقامة العلاقات الثنائية تحت ضغط الحاجة.
بقيت (برايا) عاصمة جزر الرأس الاخضر المستعمرة البرتغالية سابقا في الذاكرة لما لشعبها البسيط المتواضع الفقير من لطف ودماثة وعزة نفس لا يقبل الهبات ولكنه يريد تعاونا خلاقا بين دولتهم الفتية المنعتقة مؤخرا آنذاك من ربقة الاستعمار ومع الدول العربية التي يراها ثرية وهي كذلك وقيام علاقات صداقة تسعى لدعم القضيا العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين.
خليني ساكت احسن ....
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
أوجز علماء الاجتماع المعاصرون في وصف الانسان العربي انه مصاب بمرض "حب المعاشرة"، فهو يتصل بالاخرين بقوة والحاح وبسبب او من دون سبب، ولا يستطيع المواطن العربي بشكل عام السفر في طائرة لمدة ساعة دون ان يتفاعل مع المسافرين بجانبه واجبارهم على سماعه وسماع قصصه وبطولاته من جهة او معاناته ومشاكله التي لا تنتهي من جهة اخرى، والبوح لهم بمكنونات صدره. والغريب ان اي عربي يجلس بجانبك من هيثرو الى نيويورك ويتحدث لك عن مشاكله وافكاره وبطولاته 7 ساعات متواصلة وقبل ان تهبط الطائرة في امريكا يقول عبارته الشهيرة: خليني ساكت احسن !!!!
وفي سيارة الاجرة يتصادق مع السائق، وعلى الحدود يتبادل مع ضابط الجمارك رقم الهاتف، وفي المطعم يتبادل العربي كرت التعارف مع اي عابر سبيل ويشرح له ما يجوز وما لا يجوز، والسبب في ذلك التربية منذ الصغر حيث يمنع الاهل اية حالة تأمل عند الطفل، ولو وجد الاهل اي طفل ينظر الى السماء او الى الاشجار لتأملها وتعلم الالوان والموسيقى في حركاتها لسارعوا بقوة الى منعه ونقله فورا الى وسط مجموعة غوغائية من الاطفال ليتفاعل معهم، فيخرج لدينا جيل لا يتأمل، ولا يفكر لوحده. وانما يتفاعل بسبب او من دون سبب. وقمة الفشل اذ تسأل احد عن ابنه ان يقول لك : الحمد لله فهو يستطيع ان "يبطح" جميع الاود الحارة الان !!! وهذا يعني انه انجب بغلا او جملا فلماذا التفاخر؟
وفي العاصفة الاخيرة تعلّمنا درسا هاما، فقد ظلّت غزة من دون كهرباء وكان شعب كامل يعاني ويتألم ونحن منشغلون اذا كان اسم العاصفة أليكسا او يالو او بترا او ..... واكتشفنا جميعا ان غزة اكبر من فصيل او رئيس حكومة او رئيس، وان حل مشاكل غزة لا يتعلق بحل مشكلة الكهرباء او الوقود او المايونيز او معبر رفح، وانما يحتاج حل مشاكل غزة الى جامعة الدول العربية كلّها او الى الامم المتحدة بكل قوتها، وانه من نافل القول مواصلة طريقة التفكير الحالية لانها سوف تقتل روح المواطنة وتدفع الناس الى الجنون.
ولا يحق لاحد في هذا العالم ان يسأل المواطن في غزة اذا كان يحب الرئيس او يؤيده مقابل خدمات اساسية تحق له ولاولاده، ولا يجوز لعاقل ان يسأل اي مواطن في غزة اذا كان يحترم حماس او يؤيدها لتلبية احتياجاته الاساسية...
حل مشاكلنا لم يعد ممكنا بالطرق القديمة، وانما بتغيير طريقة تفكيرنا، وطريقة عملنا، وتغيير ادواتنا، فالشعارات التي نسمعها من القادة والمسؤولين - نفس القادة والمسؤولين ونفس الشعارات ونفس الكاميرات ونفس الشاشات - منذ عشرين عاما لم تعد تكفي.
ان حل مشكلة غزة، بل ان حل مشكلتنا تحتاج الى طريقة تفكير جديدة، لاننا اذا واصلنا التفكير بنفس الطريقة، سيكبر اطفالنا ويصبحون شيوخا ونحن نناقش نفس الموضوع دون جدوى. خليني ساكت احسن.


رد مع اقتباس