في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
عالم آخر .. !
عودة عودة-الرأي الأردنية
.. مسرحيات معادة!
طارق مصاروة-الرأي الأردنية
من يقتل "السلام"؟
محمد عبيد-الخليج الإماراتية
ممنوع على الفلسطينيين المطالبة بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم!
سليم نصار-الحياة اللندنية
أمريكا و إسرائيل وفد واحد
جهاد الخازن-الحياة اللندنية
فتح وحماس.. صلح المنهكين!
طارق الحميد-الشرق الأوسط
المصالحة الفلسطينية ضربة لإسرائيل يجب رعايتها
حمدي مبارز-الوفد المصرية
أوكرانيا والجسر "الإسرائيلي"
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
عالم آخر .. !
عودة عودة-الرأي الأردنية
بعد إعلان جون كيري نعيه حل الدولتين الذي لم ينفه لا الفلسطينيون ولا الإسرائيليون ولا غيرهم .. تحدث مفاجآت غير مسبوقة هنا وهناك من الفلسطينيين والإسرائيليين والحبل على الجرار ..
فلاول مرة .. وقبل أيام قليلة خرج علينا الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليعلن : « إن قرار حل السلطة الفلسطينية وارد ولكني سأبقى في الوطن مهما اشتدت المحن والحصار والإغلاقات والإجراءات الإسرائيلية الأخرى « .. مضيفاً: ( أنا مع حل الدولتين ولكني أحترم تفكير الشباب بشأن حل الدولة الواحدة .. ! ) .. وقد اعتبر مسؤولون إسرائيليون تصريحات عباس هذه بمثابة تهديدات فلسطينية علنية ..!
قبل تصريحات أبو مازن هذه وصلت إليه رسالة مفتوحة .. وغير مسبوقة في موضوعها وبعنوان: ( لا يحق لك الإستسلام بإسمنا ) وقعها أكثر من 100 شخصية أكاديمية ومهنية فلسطينية وعربية الملتزمين .. وبقوة ومنذ زمن طويل بالقضية الفلسطينية من بينهم: د.خير الدين حسيب ( رئيس مركز دراسات الوحدة العربية ) و د.داود خير الله ( استاذ القانون الدولي ) و د.سليمان أبو سته و د.سيف دعنا و د.طاهر كنعان و د.عبلة شقير و د.مازن قمصيه و د.ممدوح العكر و د.نبيل قسيس وآخرون .
لقد دعت هذه الشخصيات في رسالتها الرئيس عباس .. « الوقوف بحزم في الدفاع عن الحقوق الوطنية لكل الفلسطينيين .. وأن لا أحد يملك فرداً أو جماعة في التوصل إلى إتفاقية نهائية بإسم الشعب العربي الفلسطيني .. ورفصت الرسالة أي تجاهل لحقوق الفلسطينيين في الشتات والمنافي خارج فلسطين التاريخية والذين يشكلون نصف الشعب العربي الفلسطيني .. معلنة رفضها محاولة أيٍ كان الإستسلام بإسمنا .. داعية إلى إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني بعد إعادة تشكيله ديمقراطياً والعهدة إليه صياغة مسارٍ جديد لسلام عادل ودائم يضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني... «
وبما يشبه المعجزة ، إلتقت قبل أيام شخصيات فلسطينية فتحاوية وحماسية ومستقلة في غزة برئاسة منيب المصري رئيس التجمع الوطني للشخصيات الفلسطينية والهدف من هذا اللقاء تحقيق المصالحة بين فتح وحماس ، وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي لصد العدوان المتواصل ضد الشعب الفلسطيني ، والبحث في تشكيل الحكومة التوافقية برئاسة محمود عباس وإجراء الإنتخابات خلال ستة أشهر ... وكان مثل هذا اللقاء خطاً أحمر لدى تل أبيب وواشنطن وأخواتها أيضاً ...
ولاول مرة أيضاً .. وفي الجانب الإسرائيلي هذه المرة خرج علينا رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأسبق ( ايهود باراك ) بخطة جديدة وغير مسبوقة إقترح فيها: ( الإنسحاب الإسرائيلي الأحادي من الضفة الغربية 90% .. وتسليمها للسلطة الفلسطينية .. ويفضل أن يكون هذا الإنسحاب بإتفاق مع الفلسطينيين ولكن في حال رفضهم فإنه يفضل الإنسحاب دونهم .. مؤكداً باراك أن هذا القرار ليس سهلاً وهو معقد وصعب .. دولة إسرائيل عمرها أكثر من 65 عاماً وتوجد في الضفة الغربية منذ أكثر من 45 عاماً .. لقد جاوزت الوقت كي تتخذ قرارات ليس فقط من خلال المفاوضات أو من خلال ضغوطات وإنما من خلال قراءة الواقع ) ..!
ما علينا ... بعد الإعلان عن نعي حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هناك عالم آخر .. ومختلف أيضاً .. !!
.. مسرحيات معادة!
طارق مصاروة-الرأي الأردنية
تحمل الصحف الإسرائيلية هذين اليومين ادهش ما يمكن ان تسمعه من اضاليل السياسيين. اكبرها ما نشرته «الجيروزاليم بوست» من أن نتنياهو كان سيوافق، قبل ساعات، على الدخول في مفاوضات عريقات - ليفني، بموافقة كاملة على بحث حدود دولة فلسطين.. لولا إعلان المصالحة بين فتح وحماس!!. وتستمر الصحيفة في الاضاليل، بالنفخ في قصة انفراط الائتلاف الوزاري، واقدام نتنياهو على اتخاذ قرارات كانت ستؤدي الى خروج احزاب المستوطنين.. لولا ان فتح لم تتصالح مع حماس. فهذا التصالح قوّى حكومة نتنياهو، وحافظ على الائتلاف الوزاري!!.
ومثل الاضاليل الصهيونية، انتقلت العدوى الى البيت الابيض، الذي اعرب عن «الصدمة» لنبأ المصالحة الفتحاوية - الحمساوية، ودراسة امكانية وقف المعونات التي تُقدم للسلطة الوطنية، فيما بقيت وزارة الخارجية تصر على استمرارها في «عملية السلام» بالرغم من الانباء السيئة. واستعدادها لابقاء الباب مواربا، بدعوتها للمتصالحين الاعتراف مجددا باسرائيل، وبالاتفاقات كلها التي وقعتها السلطة والحكومة الاسرائيلية في اوسلو وغير اوسلو من تراث العشرين عاماً من التفاوض الفارغ!!.
ومثلما تروج الصحف الاسرائيلية لاباطيل الحكومة الاسرائيلية، فان هناك صحف تكشف العداء الكاذب مع حماس، والتفاوض الايجابي مع السلطة وفتح. ففي «هآرتس» نقرأ تحليلاً بالغ الصدق:
- فحزن حكومة نتنياهو في اطلاق سراح الدفعة الاخيرة من الاسرى.. لان بعضهم من فلسطينيي المثلث والنقب.. حملة الجنسية الاسرائيلية.. وذلك احرج المفاوض الفتحاوي، واحرج الوسيط الاميركي الذي لم يخف انزعاجه وادانته للسلوك الاسرائيلي.
- وتقول «هآرتس» إن إسرائيل اطلقت الكثير من الاسرى الألف من داخل الخط الأخضر حين بادلتهم بالجندي الإسرائيلي الاسير..
فإسرائيل عملياً «تهشّم السلطة في رام الله، بتأخير اطلاق اربعة اسرى، وتطلق ألف اسير في تعاملها مع حماس، طالما ان غزة تعيش حصارا كاملا.. وخاصة بعد اغلاق كل انفاق غزة. والحصيلة تسخيف السلطة في رام الله، وضرب حماس في غزة!!.
نتمنى ان تكون مصالحة حماس وفتح مصالحة حقيقية قابلة للحياة. وهذا ليس تشكيكاً بها فوضع غزة لا يقل من الناحية السياسية عن ذكاء واعتدال السلطة. فعملية «التهدئة» التي عقدتها حماس عبر المخابرات المصرية.. هي تفاوض ذكي. لانها قادرة على خرقه حين تريد، وقادرة على الرجوع اليه طالما ان المخابرات المصرية تتحمل مسؤولية الوساطة!!.
يستطيع الرئيس عباس تشكيل وزارة «شخصيات وطنية».. لا حمساوية ولا فتحاوية. ويستطيع اجراء انتخابات، ويستطيع الاستمرار في التفاوض.. فهو رئيس السلطة، ورئيس الوزراء ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية. وهو قادر على لبس القناع الذي يريد والذي يوصله إلى.. الدولة بالتفاوض من موقع قوي وبوقف التفاوض من موقع قوي!!.
من يقتل "السلام"؟
محمد عبيد-الخليج الإماراتية
المفهوم الطلق لمصطلح السلام، القائم على العيش من دون تهديد أو عدوان أو مؤامرات، والوئام بين طرفين، يغدو نسبياً جداً عندما يؤخذ من وجهة النظر "الإسرائيلية" التي لا ترى السلام إلا وسيلة للمضي في مخططات التوسع والتهويد والقتل وتجريد السكان الأصليين في فلسطين المحتلة من أبسط حقوقهم الإنسانية في الحياة وتقرير المصير .
الكيان يرغي ويزبد منذ وقّع فرقاء السياسة الفلسطينيون اتفاق المصالحة الأربعاء الماضي، بعد قرابة سبع سنوات من الانقسام والفرقة والتشظي، وقراره وقف مسرحية مفاوضات التسوية ليس غريباً أو غير متوقع، كونه يراهن منذ استئناف المفاوضات على إفشالها، إن كان من خلال سياساته وممارساته المجهضة لأي إمكانية لإنجاحها أو حتى الحفاظ على استمراريتها، أو من خلال اتهام الجانب الفلسطيني، الأمر الذي كان يتذرع به ليلاً نهاراً، والآن باتت لديه ذريعة "قوية" لتحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية .
كثيراً ما أكدنا أهمية المصالحة في تقوية الجبهة الفلسطينية، واستعادتها جزءاً من إمكاناتها التي أنهكتها سنوات الضياع والفرقة، ومع أن الاتفاق الموقع بين ممثلي منظمة التحرير وحركتي "فتح" و"حماس" والفترة المحددة لإنجاز أبرز نقاطه، تبدو فرصة ذهبية للكيان للمضي في خطواته العدوانية، ومجالاً لإمكانية بروز خلافات فلسطينية حول التفاصيل، إلا أنه يبدو واعداً وقابلاً للنجاح، وأول المؤشرات على ذلك ردا الفعل الأمريكي و"الإسرائيلي" اللذان كشفا تخوفاً منهما من أن هذا الاتفاق لديه ما يدعم تنفيذه، وبالتالي تعزيز الجبهة الفلسطينية المستضعفة في المفاوضات .
الكيان طبعاً لن يعدم ذريعة أو دعاية في مواجهة الخطوة الفلسطينية، وسيستمر في مهاجمة الطرف الفلسطيني "المتحفز" لتدميره، و"الهادف" إلى إزالته، وغير ذلك من المزاعم التي تصور الأمر على أنه "حرب وجود وكيانية"، مع أن الواقع يثبت يومياً أن الاحتلال هو من يخوض هذه الحرب الشعواء ضد الكل الفلسطيني .
البيان الصادر عن مكتب رئيس حكومة التطرف والعدوان بنيامين نتنياهو، الذي أعلن أن مجلس حربه قرر "بالإجماع" أن الحكومة "الإسرائيلية" لن تتفاوض مع حكومة فلسطينية مدعومة من "حماس" وهي "منظمة" إرهابية تدعو إلى تدمير "إسرائيل"، على حد زعمه، يكشف حقيقة النوايا والتوجهات، ولا يمكن أن يواجه إلا بالقوة ذاتها، وبإعلان الجانب الفلسطيني إفشال الاحتلال للمفاوضات، وتحميله مسؤولية سياساته العدوانية الأحادية، ورفض الوساطة الأمريكية المزعومة، وكل من يمثلها، ذلك أنها لا تتعدى كونها أداة ضغط في يد الكيان ووسيلة لكسب الوقت .
المصالحة وتشكيل حكومة وحدة فلسطينية بالنسبة إلى نتنياهو هي "قفزة عملاقة إلى الوراء"، والاتفاق مع حماس "يقتل السلام"، على حد زعمه، ولعل في ذلك جانباً يستحق إعادة التعريف، فنتنياهو القاتل الغارق في الدم الفلسطيني، يتحدث عن قتل السلام، وهو المتهم الأول في ذلك، والمتورط الوحيد في اغتيال واختطاف العملية السلمية .
المثير للاشمئزاز والسخرية في آن، أن مجلس الحرب قرر "عدم إسقاط السلطة والاكتفاء بوقف المفاوضات" واتخاذ إجراءات "مؤلمة اقتصادياً"، ذلك أن إسقاط السلطة سيعيد تحميل الكيان المسؤولية عن الفلسطينيين تحت الاحتلال، والكيان ليس مستعداً لتحمل هذه المسؤولية بكل تأكيد .
ممنوع على الفلسطينيين المطالبة بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم!
سليم نصار-الحياة اللندنية
ردد محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، أمام أعضاء المجلس الثوري، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، ما قاله للوزير جون كيري من أنه يريد القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
ثم كرر هذا الموقف أثناء اجتماعه بأعضاء اللجنة المركزية لحركة «فتح»، مؤكداً تمسكه بالثوابت الوطنية، مع الأخذ في الاعتبار «أن القدس الشرقية ستظل المطلب الأول في قائمة حقوقنا التاريخية».
ويُجمع المؤرخون على القول إن هذه المدينة المقدسة تعرضت للحصار عشرين مرة على امتداد 38 قرناً من وجودها. وبعد أن دُمِّرَت سبع مرات، تناوبت على حكمها قيادات مختلفة، زاد عددها على 25 قيادة.
وفي مطلع القرن الماضي، مهّدت الصهيونية للسيطرة على فلسطين والقدس بإحياء مملكة اليهود في العهد التوراتي. وسخّرت من أجل تحقيق حلمها التاريخي الدول الكبرى، مدّعية أنها وحدها تملك الحق المطلق لإعلان القدس الموحدة عاصمة نهائية لإسرائيل. وبعدما واصلت العصابات الصهيونية تفريغها من سكانها الأصليين، مسلمين ومسيحيين، ضغطت على الكونغرس الاميركي للمصادقة على قرار يقضي بإعلان القدس عاصمة موحدة لإسرائيل. ومع أن جورج بوش الأب كان معارضاً لهذه الخطوة، إلا أن اللوبي اليهودي أحرجه عندما نجح في جمع تواقيع 83 شيخاً من أصل مئة في الكونغرس... و378 نائباً من أصل 435 في مجلس النواب.
والملاحظ في هذا السياق أن الموقف الاميركي الرسمي بدأ في الاهتزاز عقب صدور قرار التقسيم عام 1947. وهو القرار الذي يضع مستقبل القدس ضمن صيغة غامضة كجسم منفصل Corpus Separatum على اعتبار أن التدويل يجعل من هذه المدينة جسماً لا يخص العرب أو اليهود.
وبعد مضي سنتين، عارضت إدارة ترومان هذا القرار لأسباب انتخابية، وادّعت أن مضامينه ليست عملية بسبب غياب القوة التنفيذية القادرة على فرضه. وانتقده السفراء العرب، وكتبوا له رسالة يتهمونه فيها بأنه تخلى عن معتقده وإيمانه المسيحي من أجل اليهود الذين حققوا له طموحاته السياسية بالمال.
عام 1953 نقلت اسرائيل مركز وزارة الخارجية من تل أبيب الى القدس. ورأى الرئيس ايزنهاور في تلك الخطوة عملاً استفزازياً مناقضاً لكل الأعراف الدولية. لذلك أبلغ طاقم السفارة بألا يطبّق قرار الانتقال.
وبعد سنة، قام السفير الاميركي لوسون بتقديم أوراق اعتماده في القدس، منهياً قرار المقاطعة.
واللافت أنه عندما دشّنت الحكومة الاسرائيلية مبنى وزارة الخارجية في القدس عام 1966 امتنع الديبلوماسيون الاميركيون عن حضور حفلة الافتتاح. في حين حرص عدد كبير من أعضاء الكونغرس على تلبية الدعوة.
وكان هذا التباين والتعارض، بين موقف الادارة وموقف الكونغرس، موضع استهجان الصحف التي وصفته بالسخافة والتفاهة. وعندما تولى جيمس بيكر مهمات وزارة الخارجية الاميركية، في عهد الرئيس جورج بوش الأب، انفجر الصراع بين العرب واليهود حول مشاريع التوطين في الجزء الشرقي من المدينة.
وكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك الخلاف على دور بيكر الذي شعر بأن مسألة القدس ستنسف كل محاولاته بشأن فرض مفاوضات على الفريقين، خصوصاً عندما رفضت حكومة إسحق شامير قبول مشاركة أي عضو مقدسي في المفاوضات. وقد وجد شمعون بيريز لهذه المشكلة العصية مخرجاً ديبلوماسياً يقضي بالموافقة على مشاركة عضو مقدسي شرط أن تكون إقامته أو عنوانه خارج القدس.
وقال في محاولة تخفيف أثر الاقتراح على شامير إن الاميركي الذي يصوّت في سفارة بلاده في باريس لا يعطي الولايات المتحدة الحق في ممارسة سلطتها على العاصمة الفرنسية. ويبدو أن هذا الاجتهاد لم يُقنِع الحكومة التي اتهمت بيريز بالتملق لواشنطن، وبالتنازل عن حق اسرائيل في القدس.
وفي نهاية الأمر، رفض المقدسيون القبول بأي اقتراح مبهم، وأعلنوا المقاطعة باسم 150 ألف فلسطيني يعيشون في القدس الشرقية. وقد دأبت الحكومات الاسرائيلية على مضايقتهم، وإرغامهم على المغادرة، ومصادرة منازلهم وأملاكهم.
الأسبوع الماضي، اقتحم أكثر من ألف جندي اسرائيلي باحة المسجد الأقصى، وأطلقوا الغاز المسيل للدموع على المصلّين. واعتبرت الهئية الاسلامية-المسيحية في القدس أن هذه الانتهاكات تمثل استفزازاً خطيراً، وتهديداً متواصلاً، لكل المقدّسات الاسلامية والمسيحية في المدينة المحتلة.
وبدأت محاولة الاقتحام عندما أدخلت قوات الاحتلال مجموعة من السيّاح برفقة عدد كبير من المستوطنين من «جماعة نساء الهيكل».
وقال مدير المسجد الأقصى المبارك، عمر الكسواني، إن المواجهات دارت في باحات الأقصى. في حين قامت قوات الاحتلال بمحاصرة المصلّين المعتكفين داخل المسجد القبلي المسقوف وإطلاق القنابل الصوتية والغازية باتجاههم واتجاه موظفي الأوقاف.
وفي رأي شيوخ المدينة، فإن توقيت الحادث مرتبط بعيد الفصح المجيد. أي عندما يحتفل المسيحيون بالعيد في كنيسة القيامة.
ويغتنم الفلسطينيون المسلمون هذه المناسبة لمشاركتهم في احتفالات شعبية داخل المسجد الأقصى. وبما أن هذه الاحتفالات تُضفي على القدس طابعاً غير يهودي، فإن حكومة بنيامين نتنياهو قررت التصدي لها ومنع حدوثها.
الإجابة الوحيدة على استفزازات القوى المحتلة تتمثل في تظاهرات الاستنكار والاعتراض والتحدي.
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه في القدس وسط ظروف مكررة تجمع بينها أسباب متشابهة.
وكما كانت المدينة المقدسة في بداية القرن الماضي، ممثلة لأخطر جوانب القضية الفلسطينية... هكذا تحولت تدريجاً الى نقطة مركزية تجمع الاسلام والمسيحية في مواجهة موقف اسرائيلي يسعى منذ عام 1919 الى الاستيلاء على الجزء الشرقي.
والواقع، ان أحداث العنف التي أعقبت عمليات الاستيطان في «حي النصارى»، ترجع في جذورها الى تظاهرات قديمة مشابهة جرت في آذار (مارس) عام 1919. ويتذكر زعماء فلسطين أن «الجمعية الاسلامية-المسيحية» في القدس أصدرت بياناً دعت فيه الشعب الى التظاهر، احتجاجاً على هجرة اليهود.
وفي الموعد المحدد انطلقت الحشود من ساحة المسجد الأقصى يتقدمها كاظم الحسيني وعارف الدجاني اللذان سلّما مذكرة احتجاج الى قناصل الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا.
وبعد يومين قدّمت الطائفة اليهودية مذكرة اعتراض الى السلطات البريطانية تطلب فيها حصر الاضرابات والتظاهرات بالأحياء العربية.
الجمعيات العربية دعت الى التظاهر مرة ثانية. وبدأ التجمع في ساحة الحرم الشريف، ثم اتجهت الى «الساحة المسكوبية» حيث إستُقبِلت بخطب حماسية تناوب على إلقائها: خليل بيدس ومحمود عزيز الخالدي وعبدالفتاح درويش وموسى كاظم الحسيني.
وقبل أن تتفرق الحشود، ألقى الشاعر العراقي معروف الرصافي قصيدة حيّا فيها التلاحم الاسلامي-المسيحي في مواجهة موجات الاستيطان.
أخطر التظاهرات وأكثرها حدة كانت التظاهرة الثالثة التي وصفتها الصحافة الاوروبية يومها بـ «ثورة القدس». والسبب أنها جمعت أضخم حشد شعبي، ودفعت المواطنين الى مقاومة مشروع التوطين بوسائل أكثر عنفاً. وحدث بعد اكتمال التجمع (4 نيسان-ابريل 1920) أن أطل على المتظاهرين الحاج أمين الحسيني من فوق شرفة عمارة «دير الروم».
وحذر في خطابه من الممارسات الاسرائيلية، ومن خطر تواطؤ الدول الغربية، وخصوصاً بريطانيا التي قدّمت وعد بلفور ودعمت سبل تحقيقه.
وفجأة، أطلت على الساحة تظاهرة يهودية ضخمة يقودها الارهابي المعروف فلاديمير جابوتنسكي، معلم مناحيم بيغن وإسحق شامير.
وعلى الفور، فتح أفرادها النار على الجماهير الفلسطينية من دون تمييز. وانقضّ عليهم هؤلاء بالسكاكين والعصي. وبادر الجنود البريطانيون الى إطلاق النار على الفلسطينيين لحماية اليهود. ثم سارعوا الى سدّ منافذ المدينة ليمنعوا التسلل والمؤازرة من الخارج.
بعد يومين، هاجم شبّان القدس وطلابها حارة اليهود، واصطدموا مع القوات البريطانية في عراك طويل. ولما ازدادت حدة الاشتباكات، فرضت سلطات الانتداب نظام منع التجول على الأحياء العربية في القدس، وأمرت باعتقال الحاج أمين الحسيني. ولكن أنصاره نجحوا في إنقاذه بينما كان يُقاد مخفوراً الى السجن، ثم نقلوه تحت جنح الظلام الى شاطئ البحر الميت، قرب أريحا. وهكذا اعتُبِرَت «ثورة القدس» المدخل السياسي لثورة فلسطين الأولى.
لوحظ بعد فشل الوزير الاميركي جون كيري في مفاوضات السلام الأخيرة، أن العقدة الأساسية كانت تكمن في رفض نتنياهو بأن تكون القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين.
ونقلت صحيفة «هآرتس» على لسان رئيس الحكومة، إنه لن يوقع على اتفاق إطار تُذكر فيه، ولو بصورة عامة، عاصمة فلسطينية في منطقة من مناطق القدس. ولما سئل عن الحل الطبيعي لهذه الأزمة، قال «إن رام الله اتخذها ياسر عرفات عاصمة لحكمه. وأنا بدوري أزكي هذا الخيار لأنني أبلغت الوزير كيري بأن الحديث عن «القدس الشرقية»، كعاصمة للدولة الفلسطينية، هو أمر من رابع المستحيلات».
لذلك كتب صاموئيل باركوفيتش، خبير الشؤون المقدسية، مقالة قال فيها إن مستقبل «القدس الشرقية» كان الموضوع الأصعب في المفاوضات الأخيرة.
قبل حرب حزيران (يونيو) 1967 كانت مساحة القدس الغربية لا تتعدى الـ 38 كلم مربع، بينما مساحة القدس الشرقية لا تزيد على الـ 6 كلم مربعة. وبعد فترة قصيرة ضمّت اسرائيل الى «القدس الشرقية» 28 قرية اعتبرتها جزءاً من يهودا والسامرة. واليوم أصبحت مساحتها 127 كلم مربع، عقب ضم مناطق أخرى من غرب القدس. والسبب أن ارييل شارون اختار لعائلته منزلاً في القدس الشرقية (غير المنزل القائم في مزرعته الواسعة) كي يضمن تنفيذ ضم هذا الجزء من القدس الى القدس الغربية، بحيث تصبح العاصمة الموحدة الأبدية لدولة اليهود.
أمريكا و إسرائيل وفد واحد
جهاد الخازن-الحياة اللندنية
يفترض أن الفلسطينيين والاسرائيليين يتفاوضون على عملية السلام وأن الاميركيين هم الوسيط بينهم. يفترض هذا غير أن الواقع هو أن الفلسطينيين يفاوضون جانباً واحداً يضم أميركا وإسرائيل.
لا جديد تحت الشمس. رحم الله الشيخ زايد، ففي دارة قرب اسكوت، في انكلترا، أجريت له مقابلة منشورة بحضور بعض أبنائه، وبينهم الشيخ محمد، بعد أن زاره الشيخ سعدالعبدالله الجابر الصباح، ولي عهد الكويت في حينه. الشيخ زايد قال لي: الاميركان يتوسطون لنا مع إسرائيل؟ هم مع اسرائيل ونحن بحاجة الى وساطة معهم.
كنت أصف ممثلي الولايات المتحدة في عملية السلام الأولى في تسعينات القرن الماضي بأنهم «حاخامات» العملية. وهم عادوا هذه المرة فمبعوث السلام الاميركي الى الشرق الأوسط هو مارتن انديك، وهذا كان عاملاً في ايباك، لوبي اسرائيل، ثم أسس معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وهدفه الوحيد الترويج لها والدفاع عنها، وانتقل بعد ذلك رئيساً لمركز صابان في مؤسسة كارنغي، والمركز يحمل اسم حاييم صابان، وهو بليونير اميركي اسرائيلي قال يوماً إن قضيته الوحيدة هي اسرائيل. في 2009 عيّن الرئيس باراك اوباما دنيس روس مسؤولاً عن الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وروس شريك انديك في تأسيس معهد واشنطن واسرائيلي الهوى بالكامل. أما مساعد انديك في عملية السلام فهو ديفيد ماكوفسكي الذي عمل يوماً رئيس تحرير تنفيذياً لجريدة «جيروزاليم بوست» اليمينية، وهو اسرائيلي جداً.
بعد هذه الخلفية أزيد أن حكومة اسرائيل علقت المفاوضات مع الفلسطينيين حتى إشعار آخر بعد أن توصلت فتح وحماس الى اتفاق لمصالحة وطنية فلسطينية يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية خلال خمسة أسابيع برئاسة أبو مازن وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية السنة.
المفاوضات خدعة، ورئيس وزراء حكومة الارهاب والقتل والتدمير بنيامين نتانياهو قال: الذي يعقد سلاماً مع حماس لا يريد سلاماً مع اسرائيل، وأبو مازن اختار حماس بدلاً من السلام. وزير الخارجية النتن أكثر من نتانياهو، المولدافي افيغدور ليبرمان، قال: توقيع السلطة الاتفاق مع حماس هو توقيع نهاية المفاوضات.
أقول للمرة الألف وواحد إن لا سلام إطلاقاً مع الحكومة الاسرائيلية الحالية، فهي حكومة فاشستية تمارس ابارتهيد وتقتل وتحتل وتدمر. لا سلام إطلاقاً باتفاق لفتح مع حماس أو من دون اتفاق. وأنا ضد موقف حماس ازاء مصر ولكن معها ضد اسرائيل.
على سبيل التذكير، حماس فازت في انتخابات 2006، وعزلها يعني سلاماً مع نصف الفلسطينيين ثم أن الاتفاق الأخير قد لا يُنفذ فقد عُقِدت اتفاقات في الماضي لم ترَ النور، منها اتفاق سنة 2011 الذي عقد في مصر وكنت هناك ورأيت أبو مازن والأخ خالد مشعل والأخ رمضان شلح في فندق في مدينة نصر.
نتانياهو يقول إن حماس منظمة إرهابية وأقول إن حكومة اسرائيل مافيا إرهابية. والفلسطينيون يطالبون بوقف الاستيطان وإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى، ورسم الحدود في الأشهر الثلاثة القادمة من المفاوضات. نتانياهو يقول: لا بلد يقبل تجميد البناء في عاصمته. لا بلد يطلق إرهابيين ليعودوا الى الارهاب.
أقول إن الأسرى مناضلون في سبيل الحرية ونتانياهو إرهابي ككل عضو في حكومته، وكأبيه، وكل رئيس وزراء اسرائيلي قبله. وهناك قدس وحيدة هي القدس العربية. أما القدس الاسرائيلية فمجموعة من الضواحي الحديثة. وفي القدس العربية لا آثار يهودية ولا ممالك مخترعة أو ملوك، وهي عاصمة فلسطين.
للمرة الألف وإثنتين لا سلام مع حكومة القتلة النازيين الجدد، ومَنْ يعِشْ يرَ.
فتح وحماس.. صلح المنهكين!
طارق الحميد-الشرق الأوسط
أمران باتا لا يشغلان أحدا بالمنطقة، ولا يؤخذان على محمل الجد، وهما الوساطة والمصالحة، حيث أفرغا من معناهما، لأن البعض يعتقد أنهما أهداف تكتيكية آنية، أو أدوات دعائية، وآخر هذه المصالحات، الناجمة عن وساطات بالطبع، هو المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية بين فتح وحماس.
وبالطبع، فإن هذه ليست المصالحة الأولى بين الفلسطينيين، ولن تكون الأخيرة، ولذا فإن هذه المصالحة لم تحظ بـ«حفاوة» عربية كبيرة، رسميا أو على مستوى الرأي العام، إلا بعد الانتقاد الإسرائيلي - الأميركي لها، ولكل منهما، إسرائيل وأميركا، أسبابه غير المقنعة بالتأكيد.. ففي الحكومة الإسرائيلية ما يكفي من تطرف، كما أن عدم الجدية الأميركية في ملف السلام لا يقل عن عدم الجدية في المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية كل مرة. ولا يمكن بالطبع إغفال أن المصالحة الفلسطينية تمت من دون حضور عربي مدّعٍ للنجاح، مما يدل على أن هذه المصالحة هي مصالحة المنهكين سياسيا وماليا الآن، خصوصا بعد أن استنفد الفلسطينيون خياراتهم، وحيلهم، في الصراعات الدائرة بينهم.
والمؤكد أن ما دفع إلى هذه المصالحة هو الأوضاع التي آلت إليها المنطقة، خاصة في سوريا حيث يترنح الطاغية المعزول، وهذا ما أضر بحماس التي لم تستطع على ما يبدو إلى الآن استعادة الثقة الإيرانية بها، هذا فضلا عن الضربة الموجعة التي تلقتها الحركة الإخوانية حماس نتيجة استهتارها وتدخلها في الشأن المصري، وما يجري بأرض الكنانة الآن هو بمثابة رسالة واضحة لحماس، مفادها أن مصر ليست هي الأولى التي ترهبها حماس بالشعارات، ولن يكرر النظام المصري الجديد خطأ مبارك القاتل، حيث أمضى آخر خمسة أعوام من حكمه بحثا عن «شاليط». والأخطر من كل ذلك أن حماس فقدت جزءا لا يستهان به من الشارع المصري، في الوقت الذي تعود فيه العلاقات الأميركية والغربية إلى طبيعتها مع النظام المصري الجديد، مما يعني أن القاهرة بدأت تستعيد عافيتها السياسية.
وفي حالة فتح، فإن الرئيس محمود عباس يحارب طواحين الهواء، حيث العجز المادي، والضعف العربي، والتردي في العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية، وفوق هذا وذاك الضغوط الأميركية - الإسرائيلية للمضي في عملية السلام التي لم تلتزم إسرائيل بأي بند منها.
ولذا، اضطر عباس للقبول بالمصالحة على أمل استغلال فرصة الضعف هذه لرأب الصدع الفلسطيني، لكن السؤال هو: إلى متى تصمد المصالحة؟ ومن «سيتغدى» بالآخر فيها قبل الثاني..
فتح أم حماس التي غدرت بفتح من قبل بعد انتخابات غزة، وقامت بتدبير انقلاب عسكري هناك استمرت نتائجه الوخيمة إلى الآن؟ هذه أسئلة مستحقة لأن قلة قليلة هي التي تصدق بجدية المصالحة الفلسطينية، وبين الفلسطينيين أنفسهم، وما أفاد هذه المصالحة للحظة هو الانتقاد الإسرائيلي - الأميركي لها، وإلا فإن أحدا لم يتحمس لها، ليس لعدم رغبة في تحقيقها، بل لأن كثرا فقدوا الأمل في جدية الفلسطينيين، وخصوصا أنه سبق لحماس أن انقلبت على مصالحة مكة المكرمة، فكيف بعد مصالحة غزة؟!
المصالحة الفلسطينية ضربة لإسرائيل يجب رعايتها
حمدي مبارز-الوفد المصرية
حقا إنها وقاحة إسرائيلية – أمريكية .. عندما يعطى هذا الكيان الصهيونى نفسه الحق – ومن خلفه أمريكا – فى الاعتراض على مصالحة أبناء فلسطين من حركتى فتح وحماس. والأغرب أن أمريكا وإسرائيل تطالبان الرئيس الفلسطينى "محمود عباس" بالاختيار بين التفاوض الفاشل مع الكيان الصهيونى أو المصالحة مع حماس. وعندما تردد إسرائيل وأمريكا بأنه لا يمكن التفاوض مع حكومة تدعمها حماس الإرهابية على حد زعمهم، يكون التساؤل لماذا تتعامل أمريكا وإسرائيل مع حكومة لبنان التى يعتبر حزب الله جزءاً منها، وهو ينطبق عليه ما ينطبق على حماس من وجهة النظر الأمريكية الإسرائيلية بأنه هو أيضا منظمة إرهابية.
الأمر الثانى هو لماذا لم تفلح إسرائيل فى توقيع اتفاق سلام مع "محمود عباس" طيلة 8 سنوات ماضية، كانت خلالها الخلافات بين حركة فتح وحماس فى أوجها والعلاقات مقطوعة، بل كان الجانبان يتعاملان وكأنهما أعداء منذ إقالة الحكومة الحمساوية فى 2007.
الأمر واضح ولا يحتاج لتفسير، كل ما تريده إسرائيل هو استمرار الخلافات بين الفلسطينيين، حتى يمكنها اللعب على هذا الوتر الذى يسهل لها المماطلة والمراوغة والنكوص بتعهداتها. فقد ادعت إسرائيل أكثر من مرة أن أحد أسباب صعوبة التوصل لاتفاق نهائى بشأن حل الدولتين، هو استمرار الخلاف الفلسطينى – الفلسطينى، وأنها تتفاوض مع عباس الذى لا يحكم الشعب الفلسطينى كله.
والآن وعندما زال هذا الخلاف باتفاق المصالحة، أصبحت المصالحة هى العقبة فى طريق السلام المزعوم.
الحقيقة التى لا تتوه عن أحد أن إسرائيل لا تريد سلاما لا بوجود حماس ولا بدونها. فقد عرقلت وأجلت وسوّفت العديد من جلسات التفاوض خلال السنوات الماضية، ولم تكن حماس موجودة فى الصورة.
بل أنه فى الأشهر القليلة الماضية شنت إسرائيل هجوما حادا على وزير الخارجية الأمريكى "جون كيرى" الذى حاول تقريب وجهات النظر وإعادة الجميع إلى طاولة المفاوضات.
وإذا كانت حماس لا تعترف بوجود إسرائيل، وهو ما يعترض عليه الكيان الصهيونى ويقول إنها حركة إرهابية متطرفة، فإن هناك أحزابا يمينية متطرفة ووزراء فى الحكومة الإسرائيلية الحالية ومنهم "نفتالى بيليت" وزير الإسكان، أكثر إرهابا وتطرفا من حماس، حيث يطالب هؤلاء المتطرفون اليهود بإبادة الفلسطينيين ورفض حل الدولتين، بل يطالبون برفض التفاوض تماما.
الحقيقة أنه إذا كانت إسرائيل جادة فى التوصل لسلام حقيقى وحل نهائى، فإنها تعلم جيدا أن ذلك لن يحدث إلا فى ظل توافق فلسطينى كامل. ومن الأفضل لإسرائيل أن تكون حماس طرفا فى أى اتفاق يمكن التوصل إليه، حتى يمكن أن يكون ملزما للجميع.
إذن المسألة ليست كما تدعى إسرائيل أن وجود حماس يعرقل السلام، بل وجودها يفوت عليها فرصة الخداع والمراوغة والتنصل من الالتزامات الدولية واللعب على وتر الانقسام وإشعال الفتنة بين فتح وحماس.
ولعل الرئيس الفلسطينى محمود عباس أدرك هذه الحقيقة مؤخرا، هو ما دفعه إلى التغاضى عن كل نقاط الخلاف مع حماس والقبول بالمصالحة من أجل الصالح العام الفلسطينى، خصوصا أن حماس تمر بظروف غير مسبوقة نتيجة الأحداث الإقليمية فى مصر وسوريا والمنطقة بصفة عامة.
أى أن الأطراف الفلسطينية أدركت مؤخرا أنه لا سبيل فى مواجهة إسرائيل إلا بتوحيد الصفوف وبجبهة واحدة لحرمان الكيان الصهيونى من اللعب على وتر الانقسام.
والآن على مصر والدول العربية الأخرى رعاية وتعزيز هذه المصالحة والعمل على إنجاحها من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة فلسطينية موحدة. وبالفعل رحبت مصر بهذه الخطوة، بل أنها ساعدت فى الوصول إليها ووعدت بفتح معبر رفح بعد تشكيل حكومة فلسطينية موحدة.
أوكرانيا والجسر "الإسرائيلي"
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
حين تكشف "إسرائيل" عبر التسريب لوسائل إعلامها عن زيارة سرية لمسؤول ما إليها، فإنها تفعل ذلك عن سبق تخطيط وقصد . هذا ما جرى بالضبط بالنسبة لزيارة وزير الخارجية الأوكراني السابق بيترو بوروشنكو مؤخراً إلى "إسرائيل" .
ليس غريباً ولا جديداً على "إسرائيل" أن تكشف أسرار بعض الذين يقيمون معها علاقات سرية . فبعض المحللين يرون أن الأفضل لها أن لا تفضح أشخاصاً زاروها أو أقاموا معها علاقات سرية . هذا صحيح من الناحية النظرية، لكنها تعني ما تعنيه حين تفعل ذلك، لثلاثة أسباب، الأول أنها معنية بمظاهر التطبيع معها لتعميم الظاهرة، والثاني أنها معنية بالإيحاء للكثير من الدول والجهات في العالم أن بإمكانها اللجوء إلى "إسرائيل" لمساعدتها أمنياً أو عسكرياً كبعض دول إفريقيا، أو سياسياً مثلما حصل مع جنوب السودان الذي حصل على دعم "إسرائيل" في تحقيق عملية الانفصال، وكما يحصل مع إقليم كتالونيا الذي أقام في السنوات الأخيرة علاقات وثيقة مع "إسرائيل" للاستفادة منها في الضغط على أوروبا على جبهة الانفصال عن إسبانيا . لكن المثال الأبرز في هذا التوجّه هو مثال جورجيا، الجمهورية السابقة، التي وصلت علاقاتها مع "إسرائيل" إلى درجة أن يكون وزير الدفاع وعدد من الوزراء يحملون الجنسية "الإسرائيلية" .
يبدو أن القيادة المعيّنة بدعم غربي في أوكرانيا لم تأخذ العبرة من تجربة التحرش الجورجي بالدب الروسي، الذي كان ردّه ساحقاً وأفضى إلى استقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا . كما أن قيادة أوكرانيا المعيّنة لم تستفد من تجربتها في الارتماء العلني في أحضان الغرب، فها هي تخسر إقليم القرم الذي لم يكن لموسكو أن تعمل على استعادته لو لم تستفزها هذه القيادة في التوجه الفاضح نحو حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ضاربة عرض الحائط بمصالح روسيا ومخاوفها المشروعة، فضلاً عن أن ما جرى مؤخّراً بدعم من الغرب، كان خديعة واضحة، بعد مرور أقل من يوم على اتفاق جرى توقيعه برعاية أوروبا بين الرئيس يانكوفيتش والمعارضة، وتضمن إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة توافق وطني .
من الواضح أن القادة المعيّنين في أوكرانيا ليسوا راضين، أو فوجئوا بعجز الغرب عن وقف رد الفعل الروسي الذي استعاد شبه جزيرة القِرم، وواصل دفاعه عن الأوكرانيين من أصل روسي، فضلاً عن ضمان مصالح روسيا . الزيارة "السرية" لبوروشنكو إلى الكيان، تهدف إلى تقديم أوراق اعتماد لحليفة الغرب وربيبته، بهدف الحصول على دعم أمني "إسرائيلي"، ودعم غربي أكبر في مواجهة روسيا، وهذا ما عبّرت عنه إذاعة الكيان، حين نقلت عن بوروشنكو قوله لليبرمان، إنه يتوقع أن تعلن "إسرائيل" أنها تدعم الحفاظ على التواصل الإقليمي لأوكرانيا، باعتبار أن "إسرائيل" لم تفعل ذلك تجنّباً لاستفزاز موسكو .
يبدو أن البعض يحتاج إلى وقت أطول ليصدّق ما تراه عيناه من أن موازين القوى الدولية قد تغيّرت، وأن العالم بدأ يعود إلى معادلة تعدد الأقطاب، وأن الغرب لم يعد هو نفسه الذي كان قبل عودة روسيا، وأن الإصرار على الاستناد إلى محور الغرب "إسرائيل" سيقود صاحبه إلى الفشل والخروج بخفي حنين .


رد مع اقتباس