النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 21/05/2014

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء عربي 21/05/2014

    في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
    المصالحة رداً على النكبة
    بقلم: أحمد مصطفى علي عن الخليج الاماراتية
    أسئلة النكبة الأخرى
    بقلم: الحبيب الشيخ محمد عن العربي الجديد
    لم شمل فقط!
    بقلم: حلمي الأسمر عن الدستور الاردنية
    لماذا يحارب المشروع التغييري الاسلامي؟
    بقلم: سعيد الشهابي عن القدس العربي
    الكراهية باسم حبّ الوطن!
    بقلم: زياد الريس(كاتب سعودي) عن الحياة اللندنية
    متى نقرّ بمخاطر آفة الطائفية المتطرفة على منطقتنا؟
    بقلم: إياد ابو شقرا عن الشرق الأوسط
    المشروع الأمريكي والشرق الأوسط
    بقلم: أيمن هشام عزريل عن رأي اليوم
    ما وراء الأخبار.. ساعة الحسم اقتربت
    بقلم: عز الدين الدرويش عن تشرين السورية
    عن انهيار «الدولة» في المشرق العربي
    بقلم: طلال سلمان عن السفير البيروتية
    الرئيس الذى لا نريده!
    بقلم: سليمان جودة عن المصري اليوم
    مبررات حفتر وحقيقة الانقلاب ومن وراءه
    بقلم: ياسر الزعاترة عن العرب القطرية










    المصالحة رداً على النكبة
    بقلم: أحمد مصطفى علي عن الخليج الاماراتية
    تؤكد كثافة المشاركة الفلسطينية في إحياء الذكرى ال 66 للنكبة، في الداخل الفلسطيني والشتات حول العالم، من خلال المسيرات والاعتصامات، أن هذا الشعب مصمم على العودة إلى أرضه وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس، على الرغم من عنجهية ونرجسية الكيان الصهيوني، وإجراءاته غير المسبوقة لتكريس احتلاله، ومحاولاته المستميتة لشطب كل ما يمت لعروبة فلسطين بصلة، وآخرها مطالباته المتكررة بالاعتراف بما يسمى "يهودية الدولة" .
    الشعب الفلسطيني، الذي يؤكد مراراً أن العودة حق مقدس كفلته المواثيق والقرارات الدولية، ويرفض التنازل عنه تحت أي ضغط أو مغريات، متشبث بمواصلة نضاله حتى تحرير كل شبر من فلسطين وإنجاز أهدافه الوطنية وإنهاء تشرده الذي تسببت به جريمة العصر، ويدرك تماماً أن العودة حق فردي وجماعي لا يسقط بالتقادم، وأن لا أحد يستطيع المس به، وأنه لا أمن ولا سلام ولا استقرار، من دون أن يستعيد كامل حقوقه الوطنية المغتصبة بعد أن تآمرت عليه كل قوى البغي والطغيان .
    مفاتيح المنازل القديمة التي لا يزال يحتفظ الفلسطينيون بها، والأعلام السوداء الخاصة بحق العودة، تثبت أنه مهما تكالبت أمم الأرض ضد هذا الشعب المكافح وألحقت به النكبات، فإنه لن يتنازل عن حقوقه الثابتة وتقرير مصيره، وأنه ماض في كفاحه البطولي وصموده الأسطوري حتى يمحو آثار هذه المأساة، التي نجمت عن وعد بلفور المشؤوم، ويحقق مبتغاه في وطن حر كريم، مهما طال الزمن أو قصر .
    المجتمع الدولي مطالب بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يئن تحت وطأة الاحتلال، ومطالب بتمكينه من الحصول على كامل حقوقه الوطنية المشروعة، وفي المقدمة منها حق العودة إلى دياره التي شرد منها عام 1948 وتقرير المصير وإنهاء المأساة المتواصلة التي يعيشها في كل بقاع الأرض ومخيمات اللجوء .
    ما يزيد أهمية حق العودة، الجهود المبذولة لترتيب البيت الداخلي، وإنجاز المصالحة الوطنية وإعادة اللحمة بين مكونات الشعب الفلسطيني، وقضية الأسرى في سجون الاحتلال، وفي المقدمة منهم الأسرى الإداريون ممن يواصلون خوض معركة الأمعاء الخاوية، رفضا لسياسة الاعتقال الإداري .
    حان الوقت لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية لتحقيق طموحات شعبه ومواجهة أصعب وأشرس هجمة في تاريخ قضيته بموقف موحد، لأن الإرادة الفلسطينية مرتبطة على الدوام بالحق، والشعب الفلسطيني رغم كل ما يتعرض له من حصار ومحاولات اقتلاع سيصمد، وسينتزع حقوقه في الحرية والاستقلال وسيرحل المحتلون في نهاية المطاف، لأنهم ليسوا أصحابها ولا أهلها مهما فعلوا .
    قدم الشعب الفلسطيني تضحيات جسيمة مكنته اليوم من أن يرسم لنفسه مكاناً على خارطة السياسة الدولية ويستمر في هذا الجهد حتى تصبح فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وإيجاد حل لقضيته العادلة، التي يحاول عدوه المراوغة في المفاوضات وإفشالها بتكثيف الاستيطان وتسريع عمليات تهويد ما تبقى من الأرض المحتلة، ولعل المصالحة وتوحيد الفصائل هو الرد العملي المناسب للخطوات العدوانية الصهيونية، لأنها أهم وأبرز العناصر التي تحافظ على شعلة النضال الفلسطيني متقدة للوصول إلى تحقيق أهدافه المشروعة .

    أسئلة النكبة الأخرى
    بقلم: الحبيب الشيخ محمد عن العربي الجديد
    قبل أيام، حلت ذكرى النكبة، وخرج آلاف الفلسطينيين في تظاهرات لتذكير المحتل الصهيوني بأن دولته لن تصبح "واقعة تاريخية"، وهذا حراك يمكن أن يقرأ ضمن نقدٍ يؤكد على الطعن في شرعية وإنجازات ما يسمى الدولة الوطنية العربية، والتي تشكلت في خمسينيات القرن الماضي، أي أنها تزامنت هي الأخرى مع الذكريات الأول للنكبة الفلسطينية. ولكي نفهم المشهد العام المتحرك الآن في فلسطين المحتلة، وفي قلب الجماهير العربية المنتفضة، لا بد أن نلاحظ أن واقعة نكبة فلسطين لم تنفصل، أبداً، عن واقع نكبة المواطن العربي في الاستبداد المحلي.
    وقبل نحو ثلاث سنوات، نشر أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أحمد يوسف، مقالاً بعنوان "وداعاً للدولة"، وذكر فيه أن الدولة المصرية توشك أن تصبح مهددة بالانهيار، إذا استمرت حالة الفوضى في المطالب ومعالجتها، ورأى أن البديل سيكون الديكتاتورية، شكلاً استباقياً للفوضى التي ستؤدي إلى الانهيار. وفي تونس، تحدث محلل آخر في الفترة نفسها عن انكشاف ضحالة الوعي الوطني لدى التونسيين بعد الثورة، وقال إنهم يتعاملون مع الدولة كسكان، لا كمواطنين.
    السؤال الأبرز هنا بعد ذلك: هل نحن في حالة انزياح حقيقي لمشروع الدولة وفكرتها في الوطن العربي؟ يبدو السؤال مبرراً إذا تأملنا فسيفساء المنازعات في تونس ومصر: إنها نفسها في كل قطر عربي، وإن اختلفت التفاصيل قليلاً، لقد غابت الدولة عقوداً عن مسرح الثقة لدى المواطن، فأصبح شكه فيها، وفي رموزها، معرضاً للتعاظم عند أول بادرة.
    هل ما زلنا نحتاج حقا للدولة؟ هل توشك دولنا الخمسينية تقريباً أن تسحب من عباءتها السلطوية، لتتركنا للتيه واللجوء كما حدث في نكبة فلسطين؟
    تبدو الخيمة والأهل المرتحلون في عمق الصحراء، والظلام الدامس، والشخص الباحث عن نار لعلهم منها يصطلون، أبرز سمات المشهد الموريتاني، كحالة معيارية قريبة منا، عند تأسيس الدولة سنة 1960. كانت الفوضى أو "السيبة"، كما يسمونها محلياً حديثة العهد بهذه الصحراء الشاسعة، وضاربة بأطنابها حتى حدود الماء "البحر والنهر". لذا، بدا مشروع الدولة عند تأسيسه مجرد فلسفة تقضي باللجوء للقوة المنظمة لقمع القوة المنفلتة، بدا الأمر، آنذاك، وكأنه نهاية حديثة ومعاصرة لفيلم تاريخي "قديم وهمجي". وقد يكون غريباً تصور أن الذهنية "الفوضوية" التي سادت على هذه الجغرافيا العربية الإفريقية نفسها الكامنة في مناطق أكثر "حضارة"، كمصر وتونس وليبيا وسورية.
    لكن، ما يكشفه جليد الواقع العربي المتهاوي تحت وطأة الثورة، أن مشروع الدولة الذي بدا متطوراً، في سبيل تكوين هوية مواطَنَة، يخفي أن الشعب العربي والمسلم هو، مهما اختلفت الجغرافيا والتموضع التاريخي.
    لابد أن ملاحظة أولى تنغرس في فكرنا إذا تأملنا تاريخ الدولة العربية الحديثة، وهي أن الدولة كانت طوال عمرها الخمسيني تقريباً مجرد ملمح لقائد يجمع كل الأمور بيديه، ويكتسب ألقاباً عديدة: قائد الشعب، أبو الأمة، الزعيم الملهم، الملك ...
    لقد تحول الكيان السياسي، برمته، إلى إكسسوار يبرز عظمة الرئيس، وضرورة خلوده في كرسي الحكم، واستكان الشعب عقوداً طويلة لهذا الإخراج القسري لصورة الدولة.
    وقد يكون ذلك ما دفع بعض الباحثين في سوسيولوجيا السلطة إلى إطلاق عدة تصنيفات للمجتمع العربي، فكتب الدكتور عبد الله حمودي إن علاقة الشعب المغربي مثلاً بالملك تتماهى مع علاقة الشيخ بمريده، وألف في ذلك كتابه "الشيخ والمريد". وعلى المنوال نفسه من "تخطئة الذات"، سار الباحث البريطاني من أصل عراقي، إيلي قدوري، وهشام شرابي من فلسطين، والذي يدفعنا في كتاب له إلى أن الديكتاتورية تمثل بالنسبة لنا تراثاً "أبوياً" يتم توارثه. ويقرر هؤلاء الباحثون أن الذهنية العربية والمسلمة محكومة بعوائق تشتبك مع تاريخها الطويل، وغير قادرة على الإحساس بأهمية الديمقراطية، وضرورة الانتقال نحو حكم منظم وأفقي.
    ثم حدثت الثورة، وتحرك المواطن العربي، ليزيح سيطرة الفرد، لكنه طرح مفهوم الدولة تحت ضغط آخر، هو ضغط الهوية، أو المواطنة الغائبة، هل عمل الفرد المستبد على صياغة مفهوم "مفرق" للهوية؟، هل يجبر المسيحيون، مثلاً، على تبني مفهوم الجماعة الإسلامي؟ هل يعني ذلك العودة إلى مربع الذهنية المخطئة، والمتهمة للشعب في فكره وتراثه كما أسلفنا؟ ما الذي يجعل السود ينغمسون في عجين "الخبز"، لكي يرضوا ذائقة إخوانهم البيض أو السمر؟ تلك من بعض أسئلة النكبة الأخرى المستمرة.

    لم شمل فقط!
    بقلم: حلمي الأسمر عن الدستور الاردنية
    1. الأصل: فلسطيني من قرى غزة المحتلة 48، لجأ والدي إلى المغازي ثم خرج من غزة قبل 67 ليصبح لاجئا مرة أخرى.
    2. الوثيقة التي كنا نحملها: جواز سفر أردني مؤقت لسنتين (غزة)
    3. أنا وأخوتي جميعاً (5 شباب و2 بنات) مواليد الكويت، أخرجنا منها بعد الأحداث 1991، فكانت المحطة في العراق.
    4. عاد والدي للاستقرار في الأردن مع أخواتي البنات منذ عام 2000، بينما بقينا نحن البقية في العراق.
    5. بعد الاحتلال الأمريكي للعراق:
    - أخي الأكبر (ماجستير طب أسنان-أستاذ جامعي) اعتقل من قبل الاحتلال عام 2004 وأمضى 3 سنوات ونصف السنة.
    - أخي الثاني (ماجستير طب أسنان-أستاذ جامعي) اعتقل من قبل الاحتلال مرتين (عام 2004 وأمضى 5 أشهر) و (عام 2007 وأمضى شهرين).
    - أخي الثالث (طالب دراسات إسلامية) اعتقلته قوات عراقية عام 2004 والآن هو مفقود ولا أثر له.
    - أنا الرابع، تعرضت للاعتقال من الاحتلال في 23-6-2003 لمدة 3 سنوات ونصف تقريباً (كنت لا أزال طالب هندسة-مرحلة أخيرة) – تعرضت خلالها لانتهاكات كثيرة أطلقوا سراحي عام 2006 لبضعة أشهر ثم أعادوا اعتقالي مرة أخرى لأقضي 6 أشهر أخرى.
    6. خلال فترات اعتقالنا انتهت صلاحية جوازات السفر الخاصة بنا (أردنية - مؤقت سنتين)، فقط نحن الأربعة الذين تعرضنا للاعتقالات.
    7. بعد خروجنا، حاولنا تجديد جوازات السفر (الوثيقة الوحيدة التي نملكها لإثبات الشخصية)، فكان الرد بالرفض دون إبداء أسباب.
    8. حاولنا من داخل الأردن عن طريق الأهل لتجديد جوازات السفر بمراجعة وزارة الداخلية، والإجابة (الرفض من الدوائر الأمنية) ودون إبداء أي أسباب، مع عدم امتلاكنا أي وثيقة تثبت الشخصية.
    9. عام 2010 أصدرت لنا سفارة فلسطين في العراق (كحالة خاصة إنسانية) جواز سفر سلطة بدون رقم ولا يصلح للاستخدام في معظم دول العالم، وقبل أشهر أبلغونا أنه معرض للسحب (كونه غير صادر بموافقة الاحتلال، ولكوننا محسوبين ضمن لاجئي الأردن ولا يحق لنا إصدار هذا الجواز قانوناً)
    10. أي قانون هذا الذي يسمح بسحب وثيقة إثبات الشخصية الوحيدة لأي إنسان دون أسباب ؟
    11. قانوناً كنا محسوبين من لاجئي الأردن، فهل يحق سحب هذه الصفة دون إبلاغ رسمي ودون أسباب عن شخص لا يملك أرضا ولا وطنا ؟
    12. قبل أيام رفضوا حتى مجرد أن نقدم على زيارة للأردن رغم كفالة والدي لنا هناك، فبأي حق يحرم الابن من رؤية أبيه رغم كبر السن علاوة على الفطرة البشرية.
    13. جميعنا مستعدون للمثول أمام أي قضاء لإثبات براءتنا من أي تهمة كيدية ولحل أي إشكال متعلق بنا.
    ما الممكن عمله، قضائياً أو إعلامياً أو قانونياً؟
    هذا ما يكتبه وما يسأله المهندس أمير عبد الجواد، ومنا للجهات ذات العلاقة!

    لماذا يحارب المشروع التغييري الاسلامي؟
    بقلم: سعيد الشهابي عن القدس العربي
    المخاض الذي تعيشه الامة منذ بضع سنوات صعب وعسير، ولكنه احدى ضرورات النهوض ومؤشر لما يحظى به مشروع التغيير من اهمية لدى اصحابه، وخوف عميق لدى اعدائه. وفي هذا المخاض يتداخل الأمل بمولود سعيد بالألم الناجم عن اضطراب الجسد من جهة والوخز الدائم ممن حوله من جهة اخرى.
    وربما اعتقد البعض ان التحول نحو الديمقراطية سيحدث بطرق أقل كلفة، غير ان السنوات الثلاث الماضية اظهرت عكس ذلك، وأكدت ان اعداء التغيير كثيرون، يختلفون على كل شيء ويتفقون على وأد ذلك التغيير. ويمكن القول ان اكبر عملية اجهاض للمشروع التغييري حدثت في مصر، فهي عملية قيصرية قتلت الجنين وسعت لتعقيم الام لكي لا تحمل مستقبلا. وفي البلدان الاخرى حدثت عمليات اجهاض عديدة واعادت الامة الى أسوأ مما كانت عليه قبل الربيع العربي. لقد اصبح واضحا ان الايدي التي مارست عملية اجهاض التجربة المصرية وسيطرت على التجربة التونسية، هي نفسها التي تحركت هذا الاسبوع لاجهاض التجربة الليبية بأسلوب مقارب لما حدث في مصر. وهي نفسها التي تسعى لاسقاط التجربة العراقية وحولت الحالة السورية الى حرب طائفية.
    وما يبدو من تناقض هنا اصبح فهمه متعسرا على اذهان الكثيرين. فاذا كانت قوى الثورة المضادة ترفض التحول الديمقراطي وانهاء عقود الاستبداد، فلماذا تتحمس للاضطرابات الدموية في العراق وسوريا؟ هل انها حقا تسعى لاقامة انظمة ديمقراطية بديلة؟ ام ان لها اهدافا اخرى؟ التفسير الاقرب للواقع ان قوى الثورة المضادة ما تزال تتحسس من مشروع التغيير الذي اصبح مرادفا لمشروع الاسلام السياسي، وهو العقدة الاولى التي ترسخت في نفوس اعداء التغيير واذهانهم.
    ويشترك الغربيون مع انظمة الاستبداد في العداء لمشروع الاسلام السياسي، ولذلك التقت جهودهم على طريق منع قيامه، او اسقاطه ان كان قائما. وربما لا يعترض الغربيون على حدوث قدر من التغير الديمقراطي الذي يفترض ان ينسجم مع القيم التي طالما تحدثوا عنها وروجوها في بعض المناطق، ولكنهم لن يعملوا من اجل تحقيقه. اما انظمة الاستبداد فهي تحارب التغيير بغض النظر عن التيارات التي ستستفيد منه، او شكل الانظمة التي سيفرزها ذلك التغيير. لقد اعادت قوى الثورة المضادة قراءة الملف الجزائري وكيف تم اسقاط الخيار الشعبي بانقلاب عسكري مكشوف، حدث في وضح النهار، مع سبق الاصرار والترصد. يومها لم ينطق احد بكلمة ضد ما حدث برغم انه كان انقلابا واضحا ضد مشروع ديمقراطي واعد. والجميع يدرك الآثار المدمرة لذلك الانقلاب، والثمن البشري الباهظ المتمثل بازهاق ارواح اكثر من 150 الفا من البشر على مدى اعوام عشرة لاحقة. واليوم تكررت التجربة في مصر، بانقلاب عسكري مقيت ادخل البلاد والمنطقة عهدا أسود لا يقل حلكة عما جرى في الجزائر، وفي العراق قتل اكثر من هذا العدد، كما استرخص الدم السوري حتى سال انهارا باعداد من القتلى تفوق ذلك. فما القضية؟ وما الموضوع؟
    الامر الاول ان المشروع الاسلامي كان، وما يزال، وسيظل، مستهدفا من قبل قوى الثورة المضادة، بدون رحمة او تردد.
    وهنا يتم التغاضي تماما عن مقولات حقوق الانسان، وحتى حين يصدر تقرير او بيان يشجب الممارسات القمعية للقوى التي اسقطت الخيار الديمقراطي، فان الشجب يبقى لفظيا ولا يؤدي لاتخاذ اجراءات سياسية او اقتصادية رادعة. وقد اظهرت تجارب الامة الحالية ان مقولة حقوق الانسان تحولت الى ظاهرة صوتية تفتقد وسائل التنفيذ او الضغط الحقيقي على الانظمة التي تنتهك حقوق شعوبها. وتؤكد ما يسمى االانتخابات المصريةب انعدام الموقف الاخلاقي تماما لدى العالم، فالمرشح الاول الذي يقطع الجميع بحتمية افوزهب هو نفسه الذي قاد الانقلاب العسكري على التجربة الديمقراطية الاولى من نوعها في مصر في العصر الحديث، وهو المسؤول عن سفك دماء آلاف الضحايا عند مسجد رابعة العدوية وساحة النهضة. مع ذلك يتم التعاطي مع تلك الانتخابات وكأنها مشروع ديمقراطي تغييري أنقذ الامة من خطر مؤكد يتمثل باستمرار جماعة الاخوان المسلمين في الحكم. وهنا يتعرض المشروع الاسلامي، كما كان دائما، لحملة تشويه متواصلة. وبدلا من تجريم المجموعات الارهابية التي تدعمها قوى الثورة المضادة وتمدها بالسلاح والعتاد والمال بدون حدود، يتم التصدي لمجموعات التغيير في العديد من الدول العربية، وتوجه لها الاتهامات التي لا تنسجم مع طبيعتها. فهي باغلبيتها الساحقة حركات موغلة في القدم ولا تؤمن بالارهاب او تمارسه. مع ذلك يساق افرادها للسجون بدون حساب. ففي مصر هناك اكثر من عشرين الف سجين سياسي مرتبطين بمشروع التغيير الديمقراطي على اسس اسلامية، وفي البحرين ما يقرب من اربعة آلاف سجين سياسي من نشطاء الثورة، ولدى الكيان الاسرائيلي 5100 سجين فلسطيني اغلبهم من المجموعات الاسلامية مثل حماس والجهاد الاسلامي.
    ان ربط جماعات الاسلام السياسي بالارهاب جريمة ضد التغيير وضد الانسانية. فهو ظلم لمجموعات واشخاص باتهامهم بما لا يؤمنون به اساسا، فضلا عن ممارسته. ففي مصر صدرت احكام الاعدام بحق اكثر من الف شخص بتهم مزيفة تماما، وفي البحرين تصدر أحكام الاعدام والسجن يوميا بحق النشطاء المشاركين في المشروع التغييري الذي يجمع العالم على انه الاكثر سلمية في العالم العربي. وتتعرض الجماعات المنسوبة للاسلام السياسي في العديد من الدول العربية للتنكيل والسجن بسبب ارتباطهم بمشروع التغيير. لقد تم اسقاط الاسلاميين الذين وصلوا الى الحكم عن طريق الانتخاب الحر، ووضعت العراقيل والمعوقات امام من لم يسقط منها حتى الآن. ان تلغيم الاجواء التي تعيشها انظمة التغيير واحد من انجع الوسائل لاثارة الرأي العام ضد الاسلاميين. هذا في الوقت الذي تتخذ اجراءات اقل صرامة بحق المجموعات الارهابية التي تسفك دماء الابرياء بدون رحمة او ضمير. فالجهود المبذولة ضد مجموعات من نوع ابوكو حرامب النيجيرية متواضعة جدا. وبرغم خطف حوالي300 طالبة كان الاهتمام باثارة الرأي العام ضد الاسلام اكثر من الاهتمام بالتصدي للمجموعة اولا وتحرير الطالبات المرتهنات لديهم ثانيا. مجموعات التغيير الاسلامي لا تقبل الجرائم التي تمارسها هذه المجموعات الارهابية، سواء تلك التي تمارس القتل على الهوية في العراق وسوريا وتهدم المساجد والاضراحة وتستهدف الابرياء، ام التي تستخدم الارهاب ضد الابرياء في البلدان الاخرى.
    وباستقراء المشهد السياسي العام في العالم العربي، يلاحظ ان هناك مشروعين مهمين اصبحا اول ضحايا الهجمة على المشروع الاسلامي التغييري. اول الضحايا قضية فلسطين وموقعها في الوجدان الشعبي. فقد تم تهميشها بشكل غير مسبوق، واستهدفت المجموعات المقاومة للاحتلال سواء في فلسطين ام لبنان، واستهدفت منظمة حماس بشكل خاص بعد الانقلاب العسكري المصري، واغلقت الانفاق التي كانت مصدر امداد اهل غزة بمستلزمات الحياة، مع استمرار الحصار الاسرائيلي المفروض على غزة. فيما أصبحت انظمة الاستبداد العربية مشغولة باستهداف المعارضين والثوار، وتوفرت للصهاينة حقبة غير مسبوقة من الهدوء السياسي والامني، بينما انشغل الفلسطينيون بالبحث عن لقمة العيش وشيء من الأمن على ارضهم. واستطاعت قوى الثورة المضادة إزالة أي تهديد عسكري للكيان الاسرائيلي على الحدود، بانهاء دور جيوش مصر وسوريا والعراق.
    يضاف الى ذلك إزالة القضية الفلسطينية من اولويات العمل العربي المشترك ومن الوجدان الشعبي.
    اما التغير الآخر فيتمثل بالتطبيع الفكري والنفسي مع الولايات المتحدة الامريكية التي اصبحت لدى البعض تمثل ‘الملجأب الاخير من الاستبداد والديكتاتورية. فاصبحوا يخطبون ودها، برغم مواقفهم السابقة وثقافتهم السياسية التي نشأوا عليها بان امريكا حليفة الاستبداد وداعمته سياسيا وعسكريا وامنيا. برغم هذا التطبيع فقد بقيت واشنطن مترددة في دعم التغيير الديمقراطي، وحسمت امرها بالوقوف مع الاستبداد والابتعاد عن اثارته. وهذا ما حدث خلال اجتماع الرئيس اوباما مع المسؤولين السعوديين الشهر الماضي. اذن كيف يفهم قرار امريكا وبريطانيا زيادة الدعم للمعارضة السورية؟ الامر المؤكد ان بقاء سوريا والعراق في حالة توتر امني متواصل، وحاضنتين للعناصر الارهابية المتطرفة ضرورة لحماية انظمة الاستبداد. فلو استقرت اوضاع هذين البلدين لاضطر المسلحون للعودة الى بلدانهم ومواجهة انظمة الحكم فيها..
    تدرك قوى الثورة المضادة ان وصول الاسلاميين الى الحكم سيغير ذلك. فستظل قضية فلسطين، في المشروع الاسلامي، محورية، ومصدر اتفاق المسلمين، وواحدا من اهم اسباب وحدتهم. كما ستبقى قيم الاستقلال ثابتة في ذلك المشروع، وسيكون التعاطي مع الدول الاخرى، ومنها الولايات المتحدة، محكوما بالمصالح المشتركة على اساس التساوي والاعتراف المتبادل، وبما يحقق استقلال المسلمين. وستتلاشى تدريجيا حالة التبعية للغرب وينطلق مشروع الوحدة والتضامن والتكامل، وهذا ما لا يقبل به الغربيون، ولا ينسجم مع مشاريع الاستبداد والديكتاتورية، ولذلك ستحتدم المواجهة بين طرفين: الشعوب العربية والمسلمة المتطلعة للحرية والاستقلال، وقوى الثورة المضادة التي انسلخت من انسانيتها وتلطخت ايديها بدماء الابرياء.

    الكراهية باسم حبّ الوطن!
    بقلم: زياد الريس(كاتب سعودي) عن الحياة اللندنية
    وقبيحٌ أن تكره الشعوب بعضها، لكن الأقبح أن تكره الشعوب أوطانها.
    لا أتحدث اليوم عن بلدٍ بعينه، ولكن عن ظاهرة عربية موجودة في عمق المجتمع العربي، لكنها تطفو وتظهر على السطح بشكل أكثر وضوحاً في زمن التوترات السياسية. تلك هي التحسس من النقد حين يأتينا من طرف آخر في حين نسمح لأنفسنا ممارسة جلد الذات بمنتهى القبول... بل والمتعة أحياناً.
    فالمُعارض الذي يمارس أبشع أنواع النقد غير العادل ضد وطنه ومجتمعه تنتفخ عنده الوطنية فجأة عندما يسمع أحداً أمامه ينتقد، بمشروعية ومصداقية، خطأً في وطنه أو مجتمعه.
    سيقفز أحد المغررين الآن ليقول: هذا هو حب الوطن الحقيقي.
    وسأقول: إن هذا هو حب الذات الحقيقي وحب الوطن المزيّف. فهذا الذي يشتم وطنه بالليل ويعمل ضده بالنهار، حاقداً أو مرتزقاً، هو لم يغضب من نقد ذلك الآخر انتصاراً لوطنه، ولكنه انتصار لذاته التي شعر في لحظة النقد لوطنه أنها مشمولة فيه، ولو أمكنه أن يستلّ نفسه من ذلك النقد الشامل لما أزعجه نقد وطنه من لدن الآخر، إذ هو يقول عنه أشد وأنكى من ذلك.
    يجب أن تكون لدينا دوماً فطنة تمكّننا من التفريق بين النقد الثقافي الصرف والنقد الثقافي المسيّس. إذ في حين ينطوي الأخير على مضامين براغماتية متقلّبة، فإن الأول يرتكز على أرضية معرفية وقيميّة ثابتة، أو هكذا يجب أن يكون. وإذّاك يصبح من العبث الأيديولوجي أن نبني معايير الوطنية الصادقة والنزيهة على مواقف ثقافية طارئة ومسيّسة.
    والذين لا يجيدون التعبير عن حبهم لوطنهم إلا من خلال «فنون الكراهية»... كراهية الشعوب، كراهية الأوطان، بل وكراهية المواطنين الذين اختلفوا معهم، فإنهم أناس لا يمكن الاعتماد عليهم في تقوية الوطن، لأن الأوطان التي تُبنى على الكراهية تصبح هشة أمام أضعف ريح تعصف بها.
    الوطن بيتٌ صغير. هل رأينا بيتاً ينمو ويزدهر وهو ملئ بإخوة متباغضين، بنوا أعمدة سقفه وهم يتناطحون بالأخشاب؟!
    لم يعد خافياً على أحد أن الذين لا يستطيعون إثبات وطنيتهم إلا من خلال تخوين هذا وتكفير ذاك وتجريم الثالث هم وطنيون مزيّفون، يتعيّشون من الوطن ولا يتعايشون فيه.
    الكراهية خُلُق لا يبني إنساناً سوياً... فكيف يبني وطناً قوياً!
    لا خيار لنا، كي نقاوم الاحتقان الماثل في أوطاننا الآن، سوى أن نقاوم نشر ثقافة الكراهية، تحت أي ذريعة، الكراهية المزيّفة باسم الدين... باسم الوطن... باسم الحزب... باسم القبيلة، في ما مضى وفي ما هو كائن الآن وفي ما سيأتي.
    أوقفوا هذا التراشق بالأوطان، فهي أنصع وأرفع من أن تكون عِصيّاً في أيدي السفهاء.
    وامنعوهم من توزيع شهادات الوطنية أو حجبها، وهم لم يقدّموا بعد لوطنهم من الأعمال ما يشفع لهم حيازة هذا الشرف الرفيع.
    وقاوموا زارعي الكراهية قبل أن يُثمر زرعهم بُغضاً... وقد أوشك!

    متى نقرّ بمخاطر آفة الطائفية المتطرفة على منطقتنا؟
    بقلم: إياد ابو شقرا عن الشرق الأوسط
    قرأت من دون أن أفاجأ نتيجة الانتخابات العراقية. وأزعم أن أحدا من المراقبين الحصيفين، فوجئ أيضا. المشروع الإقليمي واضح واللاعبون العراقيون يلعبون «على المكشوف»، وما عاد «هناك ستر مغطى». فالشيعي يصوّت للشيعي، والسنّي العربي يصوّت للسنّي العربي، والسنّي الكردي يصوّت للسنّي الكردي.. إلخ.
    وليس العراق «المحرّر»، من صدّام حسين أولا ومن الأميركيين ثانيا، حالة خاصة معزولة. سوريا أيضا سائرة بخطوات تدميرية واثقة نحو الفَرز السكاني، مع أن لنظامَي الأسدين الأب والابن «تقاليد ثابتة» في إسباغ الشكل «الديمقراطي» على أعتى أنواع الممارسات السياسية والأمنية. واليوم، على الرغم من القصف بالكيماوي وتهجير الملايين وقتل مئات الألوف وتغيير خرائط البلاد وديموغرافياته يصرّ النظام، المولع لفظا بـ«العلمانية»، على التأكيد للعالم أجمع أنه ليس فقط معاديا للطائفية، بل هو شغوف بالانتخابات والديمقراطية، حتى أنه إذا لم يتوافر مرشح للمعارضة.. اصطنع النظام مرشحا بل مرشحين.
    ولكي لا يبقى لبنان وحيدا، وهو الذي قال حافظ الأسد عن شعبه وعنه «شعب واحد في بلدين»، ها هم اللبنانيون موعودون باستحقاق انتخابات رئاسية.. مع أنهم آخر من يُستشار بشأنها، بصرف النظر عما إذا كانوا يدركون هذه الحقيقة المرّة أم لا. أما الفارق الوحيد بين حالة لبنان وحالتي العراق وسوريا فهو أن لبنان بلد أقرّ ميثاقه الوطني ودستوره صراحة بتقاسم السلطات على أساس طائفي – ديني/ مذهبي، وبالتالي، «قونَن» لبنان الطائفية صراحةً.. فلم يُخدع غير شعبه بأن كيانه كيان ذو ديمقراطية منقوصة. أما الحالتان العراقية والسورية فخدعتا كثيرين لسنوات وسنوات، تارةً تحت شعارات العروبة، وطورا تحت ألوية العلمانية. بل إن ما يحدث في سوريا – بعد انكشاف أمر طبيعة الحكم في العراق – ما زال يغري بعض السُّذّج وسيئي النيات، على السواء، بأن نظامه ما زال رهانا مقبولا ضد التطرّف الطائفي.
    في اعتقادي ثمة اختلاف كبير بين دور الإسلام في منطقة المشرق العربي ودوره في المغرب العربي. إنه في المغرب العربي كان ولا يزال جامعا وطنيا أساسيا يجمع المكوّنات العربية والأمازيغية، الشلوحية والريفية، الشاوية والقبائلية.. إلخ. وصحيحٌ، أن ثمة وجودا إباضيّا في غير بقعة من شمال أفريقيا كالمزاب (الجزائر) وجبل نفوسة (ليبيا) وغيرهما، وهناك حتى بعض الجيوب المسيحية الصغيرة، ناهيك من الوجود اليهودي القديم وحضوره القوي حتى العقود القليلة الماضية، لكن الإسلام السنّي المالكي بحجم انتشاره وأبويته وتسامحه وتفاعله، حتى مع غير المسلمين، حال دون انزلاق الخلافات إلى مواجهات دينية مفتوحة.
    هذا الوضع يختلف تماما عن التعدّدية الدينية والمذهبية الكبيرة في العراق وبلاد الشام (سوريا ولبنان وفلسطين والأردن)، وكذلك الثقل السكاني المسيحي في مصر. هنا كان لا بد من هوية جامعة أخرى. وحقا، في المشرق ظهر الخيار القومي، «العربي» بالذات، قبل أن ينحرف نحو الشوفينية العنصرية التي استفزّت مشاعر الأقليات الاثنية. ومن ثم، يتشرذم وينتهي في تنظيمات مصطنعة تدعي أنها أحزاب.. يقوم أكثرها على الانتفاع والارتزاق، ثم يبتعد تماما عن التوجّهات القومية منزويا في الملاذات الطائفية المستقوية بالدعم الخارجي.
    الإسلام السياسي في المشرق العربي أخفق عندما كان الخيار القومي قويا، وعندما كان الصراع الآيديولوجي العالمي بين اليمين واليسار ما زال قائما.. على ما في ذلك الصراع من طفولية في بلداننا.
    «هزيمة يونيو» (حزيران) 1967 أنهت عمليا صدقية الخيار القومي، فترنّحت الناصرية وسقطت خلال سنوات معدودات. ثم جاءت النهاية الفعلية للناصرية – من حيث هي دعوة عروبية لا دينية ولا مذهبية – على أيدي الديكتاتورات المتحمّسين لوراثة جمال عبد الناصر من أدعياء القومية العربية ومنتحلي صفة «المؤتمن عليها».
    إذ صار بعثيّو العراق يروّجون صدام حسين على أنه عبد الناصر الجديد، ولم يتردّد «رفاقهم» الألداء» في سوريا في تحدّيهم.. ومنافستهم على التركة الناصرية و«أمانة الأمة»، ولم يكذّب جعفر نميري ومعمّر القذافي الخبر فنصّب كل منهما نفسه وريثا شرعيا لفترة مفيدة من الزمن قبل أن يقرّر الأول – الآتي إلى السلطة على ظهر التحالف مع الشيوعيين – نفض عروبته الاستنسابية والجري باتجاه التأسلُم السياسي، ويستعيض الثاني عن «عروبة» لم يفهمها في يوم من الأيام إلى «الأفرقة».. منصّبا نفسه في نهاية المطاف «ملك ملوك أفريقيا».
    البديل الفعلي لكل تلك الظواهر كان «الإسلام السياسي».
    مناقشة وضعي ليبيا والسودان المأساويين تطول، وتستحق تخصيص بحث مستفيض عن كل منهما. أما ما هو حاصل في العراق وسوريا ولبنان في «مهرجان» الانتخابات المنجزة والموعودة.. فهو «حروب أهلية» إسلامية – إسلامية، تستولد ذاتها، وتستورد وقودها، وتدفع الكيانات الثلاثة نحو الانتحار الجماعي.
    بالأمس، رفضت «جبهة النصرة» التي تقاتل في سوريا، والتي بايعت قيادة تنظيم القاعدة وتعتبر نفسها جزءا منه، التوقيع على «ميثاق الشرف الثوري» للفصائل الإسلامية. وقبلها اتفقت الفصائل هذه، بما فيها «النصرة»، على اعتبار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تنظيما مشبوها وعميلا لنظام بشار الأسد والاستخبارات الإيرانية. وإلى جانب «داعش» و«النصرة» تتكاثر التنظيمات التي تدّعي كلها أنها تمثل الإسلام الصحيح، وأن معركتها «إسلامية» في المقام الأول، بينما يكسب نظام الأسد – ومن خلفه حكام طهران – قوة دفع متزايدة، بالتوازي، مع تراجع المعارضة السورية المعتدلة والعاقلة، سياسيا وميدانيا، لعجزها عن إقناع المجتمع الدولي بضرورة تسليحها.
    ولكن ما كان ذريعة كاذبة يلجأ إليها المجتمع الدولي، والولايات المتحدة على رأسه، لتغطية تقصيره في دعم الثورة، يتحوّل الآن يوما بعد يوم إلى حجة مقبولة عند كثيرين – مع الأسف – في ضوء هيمنة الوجه الدخيل والمتطرّف للإسلام السياسي على الساحة السورية.
    آفة الطائفية المتطرفة باتت مصدر التهديد الأول لثورة سوريا ووجودها، والحليف المستتر لكل أعداء العرب والمسلمين ومصالحهم ودورهم الإنساني والحضاري في العالم.
    متى سنعترف بذلك؟



    المشروع الأمريكي والشرق الأوسط
    بقلم: أيمن هشام عزريل عن رأي اليوم
    بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وزوال المنظومة الاشتراكية، اعتبر انهيار الاتحاد السوفيتي بمثابة محفز استراتيجي للولايات المتحدة، مما ادى إلى أن تنتهج الولايات المتحدة الأمريكية سياسة مختلفة في الشرق الأوسط، فمع تغير الحزب الحاكم بإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، وصعود الإدارة الأمريكية الجديدة بإدارة أوباما – في ظل التغيرات التي نشهدها – أعادت الولايات المتحدة الأمريكية ترتيب موقفها تجاه منطقة الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي لازالت وستبقى منطقة حيوية بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة لموقعها الاستراتيجي وثرواتها من النفط والغاز الذي يمثل ثلثي المخزون العالمي، أن الولايات المتحدة تصيغ استراتيجيتها في مناطق العالم المختلفة ومنها منطقة الشرق الأوسط لأنها من المناطق المفصلية في تحقيق أهدافها، ومن المناطق المؤثرة في التوازن العالمي، سيما بعد التحول الذي حصل في النظام الدولي منذ انتهاء الحرب الباردة، وشيوع النظام الرأسمالي، وانهيار التوازنات التقليدية،فموقعها الاستراتيجي جعلها ذات أهمية شديدة في المصالح الدولية، كل ذلك كان لحساب الهيمنة الأمريكية في العالم، وظهور سياسات جديدة بين الأمم بل وبين المجتمعات داخل الدول نفسها.
    لقد بات العالم العربي موضوعاً للصراع الغربي الرأسمالي، فأصبحت أمريكا بدورها هي من تقرر الكثير من القضايا الدولية والإقليمية، ولأن الشرق الأوسط من حيث موقعه الجغرافي، يحتل موقعاً بالغ الأهمية للولايات المتحدة ومشروعها الخاص بالهيمنة على العالم، من خلال تحويل بعض من دوله كمصدر للإرهاب على الأقل من وجهة النظر الأمريكية، لتمرير السياسات المطلوبة والضرورية لتلبى المصالح الأمريكية في تلك المنطقة، فالمشروع الأمريكي يقود إلى التبعية الإقليمية، وليس الاستقلال الإقليمي، بل يفرض القيم الأمريكية لتصبح القيم والقوانين وانماط الحياة الأمريكية أسلوباً للعالم كله.
    إن النظام الإقليمي العربي يعتبر نظاماً مترابطاً جغرافياً، وإن لم يكن سياسياً، باعتبار أن الجميع في مركب واحد،فلم يعد الحديث عن سيادة الدول مقبولاً في ظل التدخل في شؤونها الداخلية وعودة الاحتلال العسكري المباشر كما حدث في أفغانستان والعراق، وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات وتغيرات متعددة مثل دخول دول في حروب غير متكافئة مع الولايات المتحدة، وما نسب لبعض الدول أنها تخوض حرب صراع المحاور (الشر والخير).
    يرى ديوي وهو من مؤسسي الفلسفة الأمريكية، إذا كان لكل أمة فلسفتها فإن على الفلسفة الأمريكية أيضاً أن تعي الحاجات الخاصة لأمريكا، هذه الفلسفة تختلف بالمطلق عن المنطلقات التي تقوم بها الولايات المتحدة تجاه دول العالم، مثال المغامرة الفاشلة في العراق التي كلفت الكثير من الترليونات وادت إلى انسحاب أمريكي مزري قبل أن تحقق ما تعهدت به للعالم من تحويل العراق إلى نموذج ديمقراطي شرق أوسطي متميز، الا أن الولايات المتحدة كانت السباقة دوماً في ممارسة إرهاب الدولة، فقد فرضت نفسها كقطب أوحد في زعامة العالم على إرادتها السياسية وقوتها العسكرية الطاغية، في الوقت الذي كانت فيه أوروبا منشغلة بنفسها بترميم قسمها الشرقي، مما جعل المجتمع الدولي يدرك تماماً أن حجم الإرهاب الذي تمارسه الولايات المتحدة على شعوب العالم وصل إلى مستوى خطير وخاصة الجرائم التي ارتكبت في العراق وأفغانستان، وهذا يدل على فشل فرض مشروع الشرق أوسطي الذي كانت تسعى له الولايات المتحدة الأمريكية.
    لذلك نرى أنه عندما يطبق نظام الديمقراطية في أي دولة، وتحقق الديموقراطية رغبة الأغلبية، فإن الولايات المتحدة تقف بالضد منها، فهذا يزيد من كراهية العالم العربي والاسلامي للغرب والولايات المتحدة على حد سواء، يقول مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، بالتأكيد على أن القوة قد تقهر العالم لكنها لا تضفي الشرعية على نفسها، إن المشروع الأمريكي يهدف إلى تذويب مقومات الحضارة والثقافة العربية لتمرير مصالحها بسهولة ويسر في المنطقة.
    مما أدى إلى حدوث عمليات عنف ضد مصالحها في أغلب بلدان العالم خاصة التي لها تعاون خاص مع الولايات المتحدة، فكان الأجدر على الولايات المتحدة أن تلعب دوراً قيادياً محورياً في العالم كموضوعي الاحتباس الحراري وما ينتج عنه من كوارث، وموضوع انتشار أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن ممارسة إرهاب الدولة نحو بلدان الشرق الأوسط.
    وهنا سينتهي الحال بأمريكا إلى ما تنتهي إليه دائماً كل التجارب في العالم، وهو ان لم يكن هناك جهود دولية حقيقية تسعى لتقسيم جديد للمهام يكون مبني على الشراكة الدولية، تشترك فيه جميع القوى العالمية، سوف تضمحل وتتراجع قدرات وقوة أمريكا ومن يساندها من الحلفاء الغربيين، وسيكون هناك تنافس جيوسياسي جديد، مما سيجعل أمريكا غير قادرة على الصمودفي وجه هذا التنافس بل سيجعلها جزءاً من الماضي، لذا أظهر الكثير من الأمريكيين خوفهم وسخطهم على مسؤوليهم في البيت الأبيض من المستقبل ومن خطر سياسة بلادهم تجاهه دول العالم الآخر، في النهاية ستكون الولايات المتحدة الامريكية مضطرة لإنهاء تواجدها العسكري المباشر في منطقة الشرق الأوسط، لما تعانيه من عجز اقتصادي ومديونية اقتصادية كبيرة.
    ما وراء الأخبار.. ساعة الحسم اقتربت
    بقلم: عز الدين الدرويش عن تشرين السورية
    بدأ الجيش العربي السوري قبل أيام عملية عسكرية مركزة في ريفي درعا الجنوبي والقنيطرة الغربي، وهذه «الجبهة» إن صحت تسميتها جبهة موكلة تسليحاً وضخاً مالياً وتخطيطاً إلى المخابرات السعودية والإسرائيلية وبشكل ما الأردنية، وتشرف على عملياتها بشكل مباشر مجموعات مختارة من المخابرات الأمريكية والفرنسية.
    عملية الجيش العربي السوري في هذه «الجبهة» التي عوّل عليها حلف العدوان على سورية كثيراً، تسير بشكل أسرع مما خطط له، وتحقق تقدماً مهماً وملحوظاً كل يوم، بل كل ساعة، وتتجه بتسارع شديد نحو نهاياتها، وتسجل أرقاماً كبيرة في عدد الإرهابيين القتلى، وفي الأسلحة والمعدات المدمّرة لهم.
    لذلك سارعت استخبارات حلف العدوان على سورية إلى عقد اجتماعات وإجراء الاتصالات واتخاذ إجراءات في محاولة لتدارك حتمية اندحار المجموعات الإرهابية في ريفي درعا والقنيطرة، وللتقليل من الخسائر التي تتكبدها هذه المجموعات التي وصل عويلها إلى خارج الحدود، ما دفع نظام آل سعود إلى إقامة مشاف ميدانية ونقاط دعم لوجستية لها داخل الجولان السوري المحتل، بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية، التي تلقت من آل سعود دفعات مالية عاجلة لهذه الغاية في إطار التنسيق الواسع بين الجانبين حيال العدوان على سورية.
    ولابد من التذكير للمرة الألف هنا بأن الجيش العربي السوري لا يحارب سوريين سواء في درعا والقنيطرة أم في سواهما، وإنما يحارب مرتزقة وهابيين و«إخوان مسلمين» من خارج سورية، وبعض الفارين والمطلوبين للعدالة في سورية.
    وهؤلاء المرتزقة التكفيريون المأجورون الخارجون من كهوف الجغرافيا والتاريخ والوهابيون، لا صلة لهم بسورية من قريب ولا من بعيد.
    ولولا المال السعودي والقطري لما كان لهذه المجموعات الإرهابية أي وجود في سورية، إذ تشير المعلومات إلى أن السعودية وقطر تدفعان شهرياً مئتين وخمسين مليون دولار لهذه المجموعات، وتدفعان أيضاً ضعف هذا المبلغ تقريباً لكل من «إسرائيل» وتركيا اللتين تبتزان دول الخليج مالياً واقتصادياً وسياسياً على أرضية العدوان على سورية.
    وفي كل الأحوال، فالجيش العربي السوري يواصل ملاحقة المجموعات الإرهابية والقضاء عليها أينما وجدت على الأرض السورية، وما حققه على هذا الصعيد يؤكد أن ساعة الحسم النهائي اقتربت كثيراً، وربما تكون أقرب بكثير مما يتوقعه كثيرون.

    عن انهيار «الدولة» في المشرق العربي
    بقلم: طلال سلمان عن السفير البيروتية
    يتبدى الوطن العربي على اتساعه، وكأنه «مشاع مفتوح» تتهاوى «دوله» التي تم استيلاد معظمها خدمة لأغراض «الأجنبي»، وفي غيبة أهلها، منذرة بحروب أهلية لا تنتهي.
    يكاد «المشرق العربي» يكون بلا «دول» ثابتة الحدود ومؤكدة الهوية إلا «الدولة» الطارئة والتي استولدت قيصريا، في لحظة قدرية، على قاعدة عنصرية، وبقرار دولي، بررته نتائج الحرب العالمية الثانية، وتلاقي مصالح المنتصرين فيها على إقامتها: إسرائيل.
    فأما الخرائط التي رسمت للمشرق العربي عشية انتهاء الحرب العالمية الأولى وفي ضوء نتائجها، وأخطرها - في ما يعني هذه المنطقة - اندثار السلطنة العثمانية بعد استنزافها الشعار الإسلامي في سلوكها الاستعماري العنصري وتهافت سلاطينها، مما مهد لعودة الاستعمار الغربي مظفراً إلى المشرق وتقسيمه بين المنتصرين الأساسيين: بريطانيا، في مجمل مساحتها ما بين مصر واليمن، وفرنسا في لبنان وسوريا وقد رسمت خرائطهما من جديد، وبما يناسب المشروع الصهيوني لفلسطين كتمهيد لإقامة إسرائيل.
    ها هو المشرق العربي يكاد يكون بلا دول... فمعظم كياناته السياسية متصدعة، والأنظمة التي كانت تحجب شعوبها وتتبدى «قوية» و«راسخة» بديكتاتورية القمع تحت قيادة «الزعيم الأبدي» تتهاوى، متسببة في ضرب وحدة الشعب بما يعيده إلى عناصره الأولى، دينيا وطائفيا وقوميا، بل وقبلياً وعشائريا، بما يتجاوز الجغرافيا السياسية للكيانات، ويعيد إحياء روابط ما قبل الدولة... خصوصاً في كل من سوريا والأردن والعراق مع امتدادات في بعض دول الجزيرة العربية وخليجها. ويأتي استثناء لبنان، هنا لأن كيانه، إنما أقيم كإطفاء موقت لفتنة دائمة تخدم مصالح «الدول» في جميع الأزمان، وكائنة ما كانت خطورة التحولات التي تطرأ على المنطقة.
    بقليل من التأمل الهادئ يمكن للمراقب أن يلحظ الوقائع التالية:
    ـ لبنان دولة مشلولة، يحرص «المجتمع الدولي» على حدودها وعلى نظامها الطائفي، ولكنه لا يهتم كثيرا بمشكلاتها الداخلية ما دامت بعيدة عن التفجر كحرب أهلية... فلا يهم أن يشغر موقع رئيس الجمهورية، وان يستمر المجلس النيابي بالتمديد لاغيا الانتخابات، وان تظل الحكومة المركبة مشلولة القرار.
    - في سوريا تتمزق الدولة، وتتوزع محافظاتها تنظيمات أصولية وعصابات مسلحة، تحت شعارات طائفية صريحة، لكن النظام يظل صامداً بقوة إسناده الخارجي، سياسيا وعسكريا، وتماسك الكتلة الكبرى من جيشه. فالنظام جزء من معادلة دولية بين الشرق والغرب، لإسرائيل حصة وازنة فيها... وتكوين «دولة يهود العالم» المعزز بالتأييد الدولي الكثيف يشجع ـ في هذه اللحظة، وفي ظل العجز العربي عن مواجهتها عسكريا وسياسيا -، مختلف «الأقليات» التي كانت منصهرة في أنظمة تقول عن نفسها إنها «علمانية» على طلب الانفصال في كيانات مستقلة، أو اقله على طلب استبدال المركزية بدولة فدرالية، لكل طائفة «إقليمها» القوي داخل «الدولة المركزية» الضعيفة.
    - ولقد سبق العراق إلى تطبيق هذا النموذج نتيجة الاحتلال الأميركي الذي اسقط النظام الديكتاتوري الذي اقطع السلطة لمجموعة طائفية محددة المنبت ومسقط الرأس، على حساب وحدة الشعب بطوائفه المتعددة وعناصره المختلفة (عرب وكرد، سنة وشيعة، وأقليات مسيحية من الكلدان والأشوريين)...
    ومع أن الاحتلال الأميركي قد مكن الكرد من إقامة كيانهم في الشمال العراقي، تحت مسمى الفدرالية، إلا أن الضعف المتفاقم للسلطة المركزية قد عزز التوجه الانفصالي عند الكرد فتحول «الإقليم الكردي» إلى مشروع «دولة» تموله خزينة الدولة المركزية وتحميه «الدول»، في حين أضعفت الخلافات السياسية ذات الخلفية المذهبية السلطة المركزية ودولتها... وهكذا تتعاظم قوة «الإقليم» على حساب «دولة بغداد» التي يتهددها خطر التصدع نتيجة استثمار الخلافات السياسية في تزكية التشطر المذهبي (سني - شيعي).
    الأخطر أن التصدع العراقي قد تفاقم مع الحرب على سوريا وفيها، خصوصاً ان استثمار التصدع قد أفاد من تراث «الفتنة الكبرى» بين السنة والشيعة، في كل من سوريا والعراق... وهكذا حصل، وبتشجيع من قوى عربية معروفة فضلاً عن «الدول» ومن ضمنها إسرائيل، أن انحسرت الحقيقة السياسية للصراع ليتخذ المشهد صورة «الفتنة» بين السنة والشيعة بامتداد المنطقة جميعاً.
    - يمكن إدراج اليمن في قائمة البلاد التي تصدعت دولتها المركزية فانفتحت حدودها أمام «الدول» كما أمام العصابات المسلحة بالشعار الإسلامي، ونموذجها الأشهر «القاعدة» لتقتطع منها مناطق أو طوائف بالسلاح أو التمويل أو بكليهما معاً، باستغلال الصراع على السلطة بين القبائل أو بين «الجهات» أو بين المذاهب، أو بين هذه جميعها... مما يمكن من تفتيت الدولة المركزية المستولدة حديثا على قاعدة من الخلافات التاريخية بين الشمال والجنوب، أو بين المدينة والقبائل، أو بين القبائل بأنسابها وصراعاتها السابقة على إقامة الدولة، أو بالخلافات المذهبية التي صارت «قواعد» للدول المصطرعة على موقع «الممثل الشرعي الوحيد للدين الحنيف».
    - سنتجاوز الصراعات في الممالك والإمارات التي لها منطق مختلف إذ تكاد تنحصر داخل الأسرة الحاكمة ذاتها، في الغالب الأعم، مستعيدين ما قبل توحيد الدولة بالسيف أو بالنفط أو بكليهما تحت مظلة نفوذ دولي، هو صاحب الرأي بل القرار في التوحيد أو التقسيم وصاحب القدرة على حمايته و«تنظيم» الخلافات بما يجعل الأطراف جميعا في حاجة دائمة إليه، فيطمئن إلى موقعه الجديد كحام للدولة واستقرارها وكوصي جبري على الأسر الحاكمة، ولو من بعيد.
    ومفهوم أن هذه «الدول» تكاد تكون ملكا خالصاً لأسرها الحاكمة، تعطي من تشاء وتمنع عمن تشاء، مطمئنة إلى مظلة الحماية الخارجية، مستمعة إلى «نصائحها» في مَن تحالف أو تجافي وفي مَن تمنح أو تمنع خيرها عنه.
    كذلك، فإن هذه الأنظمة الملكية أو شبه الملكية لا تهتم لأمر الدستور والقانون، فيمكنها الادعاء أن القرآن الكريم هو دستورها، حتى لو كان مجمل أسرتها المالكة لا يقرأ بل يعتمد على الحفظ بالسمع... ثم إن «السيف اصدق إنباء من الكتب»، وما توحد بالسيف أو بالنفط أو بكليهما معاً وتحت مظلة دولية، ليس من السهل تفكيكه، لأن «الوحدة» هنا مصلحة حيوية لأصحاب القرار وليس ضرورياً أن يكونوا هم هم أصحاب الأرض...
    على هذا يمكن القول إن أنظمة دول المشرق العربي كانت اضعف من أن تستوعب الانتفاضات الشعبية، وهكذا باشرت قمعها قبل أن تتكامل تشكيلاتها وقبل أن تتبلور شعاراتها... فأهل هذه الأنظمة الحاكمة يعرفون حقيقة الأوضاع القائمة، وهم يدركون بالتالي أن التهاون أو التساهل مع المنتفضين، سواء اتخذت حركتهم شكل الاحتجاج المطالب بتطوير النظام بالإصلاح أم شكل الثورة، سيكشف غربة النظام عن العصر وسيذهب بأهل الحكم، وبالتالي فلا بد من قمعه، وبمنتهى القوة، قبل أن يتكامل في صيغة «الثورة» التي تطمح إلى تغيير جذري تذهب بالأنظمة القائمة وأهلها تمهيداً لبناء النظام المنشود.
    بالمقابل، فان الانتفاضات التي تفجرت بالعدوى، بداية، ونتيجة لارتكابات أنظمة العسف والاستبداد في معظم الدول العربية التي تتبدى غريبة عن العصر، معادية لمنطقه ونظمه ومؤسساته، لم تكن قد صاغت خططها للتغيير والطريق إليه، بمعزل عن الشعارات المعبرة عن طموحات وليس عن مشروعات سياسية متكاملة.
    وهكذا نجد المشرق يكاد يتحول إلى بحيرة من دماء أهله وسط خراب هائل شمل مؤسسات «دوله» إضافة إلى المدن ذات التاريخ وارض الخير بعدما عجزت أنظمتها عن فهم منطق العصر وَأَصَمَّتْ آذانَها عن مطالب شعوبها.
    وانه لمن الظلم أن تُحَمَّلَ هذه الانتفاضات المسؤولية عن خراب «الدولة» في هذه الأقطار التي لم تعرف الدولة حقيقة، بل عرفت أنظمة تتراوح ألقاب قادتها بين «المقدس» و«المبارك» و«الخالد» في حين تمنح «الشعوب» رتبة «المخلصة لقيادتها» و«المطيعة لأصحاب الأمر» أو «الصادقة في إيمانها بقيادتها الملهمة».
    هل نفترض أن «الدول» التي أقيمت على عجل، وخدمة لمشاريع غربية، قد أدت الغرض منها ولا يهم إن هي سقطت أو بقيت خرائب متهالكة تنتظر مغامرين يتقدمون لحكمها استباقاً لثورات تفتح الأبواب لفجر جديد؟
    ... ولكن من قال إن الانتفاضات قد طوت أعلامها وانفضَّت جماهيرها يائسة من القدرة على التغيير؟!
    الجواب في المقبل من الأيام. ولا يهم إن امتد لشهور أو لسنة أو اثنتين.

    الرئيس الذى لا نريده!
    بقلم: سليمان جودة عن المصري اليوم
    أحسست وكأن الرئيس الأمريكى أوباما كان يتكلم عن أشياء تخصنا، فى مستقبلنا، حين قرأت له كلاماً، قبل أيام، يقول فيه إنه يملك مشاريع تنمية كبيرة، وكثيرة، للشعب الأمريكى، ولكنها تبقى حبيسة أدراجها، لا لشىء إلا لأن شريكاً له فى الحكم يصمم على رفض كل شىء!
    أما هذا الشريك فهو الحزب الجمهورى، الذى يجلس فى مقاعد المعارضة الأمريكية، منذ أن جاء أوباما إلى الحكم فى البيت الأبيض، قبل نحو ستة أعوام.. فمنذ ذلك اليوم، ولا يكاد حزب الرئيس هناك، الذى هو الحزب الديمقراطى، يشير إلى شىء يجب فعله وإنجازه، فى اليمين، مثلاً، حتى يسارع الحزب الجمهورى ويشير إلى أقصى الشمال!
    وفى أحيان كثيرة بدا هذا التوجه، من جانب الجمهوريين فى الولايات المتحدة، وكأنه معارضة من أجل المعارضة فى حد ذاتها، حتى أصبح أوباما عاجزاً عن تنفيذ برنامجه الانتخابى، الذى كان قد وعد ناخبه به، حين كان مرشحاً رئاسياً، وحتى أصبح عجزه، كرئيس، لا يرجع إلى قلة إمكاناته بقدر ما يعود إلى أن الحزب الجمهورى لا ينشغل بشىء قدر انشغاله بأن يضع للرئيس العقدة فى المنشار، كما نقول نحن فى واحد من أمثالنا الشعبية!
    شىء من هذا، بل هذا نفسه، هو ما أخشاه بالنسبة للمشير السيسى، إذا ما فاز فى سباق الرئاسة، ولابد أنه، كمرشح رئاسى فى لحظتنا الحالية، يحسب حساب هذا الأمر جيداً، غير أنه لا يقول لنا كيف يحسبه!
    وفى المرات القليلة التى أجاب فيها المشير عن تساؤلات حول هذا الموضوع، فإنه قال كلاماً غير مقنع، بالنسبة لى على الأقل، إذ كان جوابه شبه الثابت، عما سوف يفعله إذا لم يكن البرلمان المقبل يضم كتلة برلمانية تسانده وتقف إلى جواره كرئيس، أنه سوف يعتمد أكثر على ظهيره الشعبى، والفكرى، لا البرلمانى!
    والحقيقة، أن هذا كلام لا يقنعنى، خاصة أننا نعرف أن دستور 2014، الذى جرى إقراره فى يناير الماضى، يأخذ من صلاحيات الرئيس، ويضيف إلى صلاحيات البرلمان، وإلى صلاحيات رئيس الوزراء، ويجعل من الرئيس، فى حالات كثيرة، وكأنه متفرج على ما يجرى من حوله، بدلاً من أن يكون مشاركاً فيه، وبقوة، فضلاً عن أن يكون صانعاً له بالأساس!
    وقد قرأت فى صحيفة «البيان» الإماراتية، صباح أمس، كلاماً للمشير يقول ما معناه إنه فى حالة فوزه لن ينتظر البرلمان، لتنفيذ مشروعات التنمية التى وعد بها فى برنامجه الانتخابى، وإنما سيبدأ فى تجسيدها على الأرض فى الحال!
    وهو كلام يبدو جميلاً فى شكله، ولكن مضمونه لابد أن يستوقفك، ولابد أن يجعلك تسأل عما سوف يفعله الرجل عندما يتشكل البرلمان ولا يكون متوافقاً معه، أو لا يكون مزاجه العام، كبرلمان، مع المزاج العام للرئيس، فى ذات الاتجاه؟!
    وإذا كانت اللجنة القانونية، المكلفة بتعديل قانون الانتخابات البرلمانية، قد انتهت إلى أن تكون الانتخابات المقبلة بالنظام الفردى فى 75٪ منها، و25٪ لنظام القوائم، فإن هذا فى حد ذاته مهم، ليبقى الأهم منه هو ما سوف ينتجه البرلمان القادم، من حيث تركيبته، وتوجهات أعضائه سياسياً، سواء جاءوا بالقائمة، أو بغيرها.
    نريد رئيساً مستطيعاً بذاته، لا بغيره، أياً كان هذا الغير، ونريد برلماناً يسعف الرئيس، ولا يعوّقه، أو يعطله، أو ينصب له الفخاخ فى كل طريق يمشى فيه!

    مبررات حفتر وحقيقة الانقلاب ومن وراءه
    بقلم: ياسر الزعاترة عن العرب القطرية
    يخرج علينا الجنرال «خليفة حفتر» بصورة أخرى، غير تلك التي نعرفها عن القذافي، فالأول كان يخرج في هيئة شيطان في بعض الأحيان، وأحيانا بلباس عسكري، بينما خرج علينا حفتر بعد عملية ماكياج متقنة وبدلة عسكرية مرتبة، كما لو كان ذاهبا إلى حفلة زفاف، وأمامه صحافيون لا نراهم، وكل ما هنالك أننا سمعنا أصوات أربعة منهم، وذلك كي يبرر لنا خطوته الانقلابية التي جاءت بسبب نداء الشعب.
    لكأنهم يستنسخون تجربة الجنرال الآخر في مصر، ولم لا يفعلون أصلا، أليس المخططون هم أنفسهم؟ وكذلك الممولون، فضلا عن الأدوات الأمنية والسياسية وحتى العسكرية؟!
    يجرم الليبيون بحق أنفسهم إذا صدقوا هذا الجنرال المأفون وما يرفعه من شعارات، ويجرم الثوار أيضا بحق أنفسهم إن تهاونوا في صد انقلابه، بل إن عليهم أن يكونوا أكثر شراسة في الرد، لأن هذا سيكون أسوأ من القذافي في مرحلته الأخيرة بعدما ظن أن الشعب الليبي قد خضع له، وبعدما طبّع علاقاته مع الغرب إثر دفع استحقاقات لوكربي وسواها، ودمَّر مشروعه النووي، ودفع من جيب الليبيين صفقات لا تحصى للقوى الغربية.
    نعم، سيكون زمن حفتر في حال نجاحه أسوأ بكثير من مرحلة القذافي الأخيرة، تماما كما أن زمن السيسي سيكون أسوأ بكثير من العهد الأخير لمبارك الذي شهد انفتاحا واضحا في الصحافة والنقد، وجرأة في المجتمع (هو والقذافي كانا يهيئان للتوريث)، والسبب أن العهد الجديد سيكون نزقا بطبعه، فضلا عن دعواه بأنه جاء ليضمن الاستقرار الذي يتطلب الكثير من الحزم، أي القمع بتعبير أدق.
    ما ينبغي أن يعيه الليبيون الشرفاء هو أن ما يجري في بلادهم أمر متوقع، حتى لو كان سيئا ومزعجا، لكن تحرر الشعوب من نير الاستبداد لا يمر سهلا ومعقما، ولا بد من بعض الفوضى في المراحل الأولى حتى يتحقق الاستقرار ويتوافق الناس على طبيعة الحكم. حدث هذا في أكثر الثورات في العالم، فضلا عن أن تكون الثورة في بلد بإمكانات كبيرة، وجغرافيا حساسة تؤثر كثيرا على المحيط العربي والإقليمي، كما هو حال ليبيا.
    من السخف أن يرى بعضهم أن حفتر قد جاء ليصحح مسيرة الثورة، تماما كما كان من السخف أن يصدق آخرون أن السيسي قد جاء ليستكمل أهداف ثورة يناير، الأمر الذي بات مفضوحا الآن أمام الملأ، والاعترافات التي ساقها كثيرون؛ وآخرهم الناشط أحمد ماهر أكدت وتؤكد أن ما جرى كان محض مؤامرة أعدت بعناية، ولا صلة لها بالثورة، فيما انساق خلفها كثيرون كرها في الإخوان، وليس قناعة بأهدافها. اليوم يخرج حفتر بذات المعزوفة (إرادة الشعب، تحقيق الاستقرار، وحرب الميليشيات)، وهي معزوفة لا تغري غير الجهلة لأكثر من سبب، لعل أولها أنه في بلد يعج بالسلاح والميليشيات، لن يعني انقلاب كهذا غير مرحلة طويلة من الاقتتال ستكون مرحلة الفوضى الراهنة مجرد نزهة قياسا بها، وليس ثمة عاقل يقول إن الميليشيات التي يتحدث عنها حفتر ستسلمه رقابها كي يضعها على المقصلة بسهولة. أما الأكثر وضوحا، فيتمثل في فضح حفتر، والمتحدث باسمه للحقيقة، حين تحدثوا عن استهداف الإخوان المسلمين، ما يعني أن الممولين هم من يفرضون الأجندة، وليس هو، وأولويتهم هي ربيع العرب والإسلام السياسي السني، إن كان إخوانيا أم سلفيا.
    ولا شك أن عاقلا لا يمكن أن يصدق أن انقلابا تموله الإمارات وأنظمة الثورة المضادة، ويساعده السيسي يريد أن يصنع ديمقراطية في ليبيا تلبي إرادة الشعب، ذلك أن الأنظمة المذكورة لم تبذل كل ما بذلت من جهود وأموال طائلة إلا لكي تهيل التراب على مرحلة الربيع العربي برمتها؛ كرها فيها، وكي لا تصلهم رياحها.
    تلك هي الحقيقة التي يجب أن يعيها الليبيون جميعا، وعلى العقلاء أن يجمِّعوا أنفسهم من جديد كي يتعظوا من هذا الذي جرى، ويتصدوا له جميعا، ويقنعوا شعبهم بأن مسيرة الثورة تمضي في طريقها، وإن على نحو مرتبك، وأن البديل الذي يعدهم به الانقلابيون لن يعني غير الدكتاتورية والفساد والقمع الذي عايشوه طويلا فدمّر البلاد وأذلَّ العباد.
    نعم، عليهم أن يعيدوا اللحمة لمجتمعهم من جديد، وعلى المجموعات المسلحة أن تكون أكثر وعيا ومسؤولية، وأن تكف عن لعبة الابتزاز، لأن ذلك سيطيل أمد المعاناة، وسيعطي الفرصة لحفتر وداعميه أن يواصلوا المحاولة حتى ينجحوا. ألم يكن غريبا أن يكون الجميع على علم بأن هذا الرجل يُعد انقلابا؛ حتى قبل شهور من محاولته السابقة، ثم لا يتمكن العقلاء من إجهاض مسعاه؟!
    المؤسف بالطبع أن بعض أدعياء الليبرالية يبدون متورطين في هذه المأساة، تماما كما تورط نظراؤهم في مصر بدعم الانقلاب، من دون أن نقلل من مسؤولية الإسلاميين، إذ على الجميع أن يضعوا نصب أعينهم هدف إنقاذ الثورة، وليس المكاسب الآنية، فالمؤامرة كبيرة، وتمويلها بلا حساب، والأنظمة التي تقف خلفها تملك الكثير من الإمكانات، ومن بينها دون شك نظام السيسي، الذي أصبح بندقية للإيجار بيد مموليه أيضا، فضلا عن أميركا التي تفضل الانقلاب على نجاح الثورة، مهما ادعت غير ذلك، وبالطبع بدعوى محاربة الإرهاب.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 20/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 01:05 PM
  2. اقلام واراء عربي 06/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:57 PM
  3. اقلام واراء عربي 05/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:56 PM
  4. اقلام واراء عربي 04/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:53 PM
  5. اقلام واراء عربي 03/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:52 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •