النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 686

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء محلي 686

    في هذا الملـــــف:

    التضامن مع المعتقلين الإداريين
    بقلم: حديث القدس – القدس
    مرحى ... للإتفاق الفلسطيني
    بقلم: سمير الحباشنة – القدس
    وحدة ـ خلاف ـ وحدة .. أو بالعكس ؟
    بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
    من أولى بركات المصالحة ..
    بقلم: طلال عوكل – الايام
    المصالحة: المرحلة الثالثة في بناء الكيانية الفلسطينية
    بقلم: د.عاطف أبو سيف – الايام
    الحقيقة والمصالحة
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    معركة المصداقية
    بقلم: يحيى رباح – الحياة
    المصالحة من المنظور البرجماتي
    بقلم: : د. فهمي شراب – معا














    التضامن مع المعتقلين الإداريين
    بقلم: حديث القدس – القدس
    الاضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه المعتقلون الإداريون ويدخل اليوم يومه الخامس وسط محاولة سلطات السجون الاسرائيلية التعتيم على هذا الاضراب من خلال عزل المعتقلين الإداريين ومنعهم من الالتقاء بمحاميهم واتخاذ اجراءات مشددة ضدهم في محاولة لإرغامهم على وقف خطواتهم النضالية ، هذا الاضراب يفتح صفحة جديدة أخرى مشرقة في تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة ونضالاتها المتواصلة في مواجهة سياسة الاحتلال الاسرائيلي تجاه الأسرى وفي مقدمتها التنكر لحقوقهم باعتبارهم مقاتلي حرية وأسرى حرب حسب القوانين الدولية ، وفي مواجهة سياسة الاعتقال الاداري التي انتهجتها السلطات الاسرائيلية منذ احتلالها غير المشروع للأراضي الفلسطينية عام 1967 وحتى اليوم.
    ومن الواضح ان المطلب الرئيسي لهذا الإضراب هو إلغاء سياسة الاعتقال الإداري، وهي سياسة تعسفية غير قانونية أعطت اسرائيل بموجبها لنفسها الحق في الزج بآلاف الفلسطينيين على مدى عقود طويلة في المعتقلات دون اتهام ودون محاكمة ولفترات قابلة للتجديد الدوري وفق أمزجة قادتها العسكريين وتقارير أجهزة مخابراتها ومما لا شك فيه ان هذه السياسة التعسفية تسببت في مزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني الى جانب احتجاز آلاف الأسرى بعد محاكمتهم أمام محاكم الاحتلال العسكرية.
    ويدرك الجميع ان آلاف الأسرى الفلسطينيين بمن فيهم المعتقلون الاداريون يعانون من تصعيد اسرائيلي واضح في الاجراءات التعسفية ضدهم وسط شروط معيشية أقل ما يقال فيها أنها غير انسانية ولا تنسجم مع القانون الدولي واتفاقيات جنيف خاصة.
    ولهذا فان التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام ونصرتهم بات ضروريا وسط هذا التصعيد الاسرائيلي الشامل ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه ، واذا كانت سلطات الاحتلال تسعى الى فرض عزلة على الاسرى المضربين بعزلهم عن العالم الخارجي فإن عليها ان تدرك جيدا ان شعبنا بأسره وبكل قواه وفصائله الوطنية يقف صفا واحدا في التضامن مع نضالهم العادل ونصرتهم.
    ومن الواضح ان اعتراف غالبية دول العالم بفلسطين دولة تحت الاحتلال وانضمام فلسطين الى عدد من المعاهدات الدولية وبينها اتفاقيات جنيف والبرتوكولين إنما يفتح أمام فلسطين آفاقا جديدة لنصرة أسراها والدفاع عنهم وهو واجب يقع على كاهل منظمة التحرير والسلطة الوطنية رئاسة وحكومة وعلى وزارة شؤون الأسرى والمحررين في إيصال قضيتهم الى كافة المحافل الدولية ومطالبتها باتخاذ مواقف جادة من شأنها ان تضغط على اسرائيل لوقف إمعانها في انتهاك القانون الدولي ولإلغاء سياسة الاعتقال الاداري والاعتراف بأسرى الحرية كأسرى حرب ومعاملتهم بموجب الاتفاقيات الدولية.
    وأخيرا فإن نضال المعتقلين الاداريين اليوم هو جزء لا يتجزأ من نضال الحركة الوطنية الأسيرة وجزء لا يتجزأ من نضال الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال، ولذلك فإن من الطبيعي ان تتواصل فعاليات التضامن مع الأسرى في مختلف محافظات الوطن وبأشكال مختلفة وبمشاركة كافة الفصائل والقوى الوطنية وكذا المؤسسات الأهلية والحقوقية عدا عن أهالي الأسرى وأبناء شعبنا خاصة وأن قضية الأسرى باتت قضية الكل الوطني وفي مقدمة اهتمامات شعبنا وقيادته، ولهذا نقول إن أسرانا لا يمكن ان يكونوا وحدهم في هذه الظروف الصعبة.
    مرحى ... للإتفاق الفلسطيني
    بقلم: سمير الحباشنة – القدس
    في خضم المعترك الوعر الذي نمر به كعرب بأزمته المغرقة بالتعقيد- المركبة، العقائدية، السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، والتي تعبر عن نفسها في اغلب أقطارنا وبالذات الاقطار ذات التأثير كما هي مصر والعراق وسوريا وغيرها، والتي أفضت الى حالة ضعف عام في الجسد العربي، وانشغال أقطارنا المأزومة بمعاناتها الداخلية، وسعي نخبها الى الخروج من السياق الاستثنائي الذي يتميز بالانفلات الأمني أو التراجع الاقتصادي أو الانقسام المذهبي أو الطائفي أو العرقي، والتي أدت بالتالي الى تراجع الاهتمام بالقضايا ذات البعد العربي، بل وتراجع مفاهيمنا التقليدية التي تجمعنا كالأمن العربي والمصير الواحد والقضية الفلسطينية، باعتبارها كانت على الدوام العنصر الذي يجمع العرب ويوحد همومهم ويحسسهم بأن الخطر الذي يهددهم جميعا هو خطر واحد..
    وفي خضم التعنت الاسرائيلي والإحساس بالسيطرة المطلقة امام أمة منشغلة بقضاياها الداخلية، بل وإحساسها بأنها القوة التي لا تقهر والأقوى في الاقليم، وبالتالي خروجها على كل القوانين والأعراف الدولية، وتنكرها الكامل للحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني برفضها الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 67 ، وإيغالها في الاستيطان، والتنكر لحق العودة، والاستمرار في بناء جدار الفصل الذي صدرت بحقه قرارات واضحة من المحكمة الدولية، ورفضها الحديث عن حق العودة، بل وضعها لشروط اضافية إفشالا لخطة الوزير الامريكي كيري للسلام، ورهانها على الوقت على اعتبار انه لصالحها وعلى افتراض انه كفيل بتمكينها من فرض الأمر الواقع والاستحواذ على كامل فلسطين، بل وتهديداتها الدائمة لأية امكانية نهوض فلسطيني او عربي ...
    في هذا الخضم المؤلم يأتي اتفاق المصالحة الفلسطيني الذي أعلن في غزة بحضور كافة الفصائل الفلسطينية، والاعلان عن انتهاء مرحلة الانقسام، وإعادة اللحمة للشعب الفلسطيني ومؤسساته، منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وهيئاتها، يأتي هذا الحدث التاريخي ليضيء مصباحا في زمن العتمة الذي يخيم على المحيط العربي والفلسطيني في آن معا، فمرحى لهذا الاتفاق الذي أعتقد انه يشكل حجر زاوية أساسي لانطلاقه فلسطينية قوية تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية، وتدفعها كأولوية في الاهتمامين الدولي والعربي على حد سواء.
    مع التأكيد على ضرورة ألا يقف البحث في تفاصيل تنفيذ هذا الاتفاق حائلا دون تنفيذه، ولنتذكر بأن عمر الانقسام الفلسطيني هو أقل من عقد من الزمن وبالتالي فإن امكانية لملمة الجراح وتوحيد المؤسسات سواء كانت في منظمة التحرير أو السلطة لأمر ممكن اذا ما توفرت الارادة والاستعداد لتنازلات جريئة متبادلة من الجميع..
    ولنتذكر بأن الألمانيتين الغربية والشرقية قد انفصلتا لمدة تزيد عن اربعة عقود، في اطار دولتين متضادتين كل منهما تتبع الى معسكر يختلف جذريا مع المعسكر الآخر، وبينهما جدار برلين الشهير الذي قسم الجسد الألماني الى قسمين، ومع ذلك فحين توفرت اللحظة التاريخية والارادة الشعبية والرسمية اتحدت الألمانيتان وتم اعادة ادماج الشعب الألماني ومؤسساته، وتم هدم جدار الفصل .... حتى أضحت ألمانيا اليوم دولة واحدة وأصبح انقسامها ليس الا صفحة في عهدة التاريخ لا غير...
    وبعد فإننا كعرب وكأردنيين ننظر الى انجاز أشقاء روحنا وشركائنا في المصير الواحد الى ما تم في غزة كإنجاز تاريخي يرتقي الى مستوى التحديات ويظهر الفلسطينيين كشعب وكقوى نشطة بحجم المسئولية الملقاة عليهم، وهم بذلك يمتلكون ارادة الانتصار والاصرار على حياه ملؤها الكرامة والكفاح من أجل الانعتاق ودحر الاحتلال وإظهار الكينونة الفلسطينية الى حيز الوجود كدولة مستقله على ترابها الوطني ، فيحقق الفلسطينيون أشواقهم التي يرنون اليها.. فمرحى للاتفاق وتحية لمن خطوه ...

    وحدة ـ خلاف ـ وحدة .. أو بالعكس ؟
    بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
    تفكّروا يا أولي الألباب من الفلسطينيين : كيف بدأ الانشقاق في العام 1983 وكيف تلاشى، فقد نفهم كيف بدأ الانقسام في العام 2006، وربما كيف ينتهي؟
    في الانشقاق العسكري رفع المنشقون برامج وشعارات ومطالب راديكالية من جهة اليسار؛ وفي الانقسام رفع الانقساميون برامج وشعارات ومطالب راديكالية، أيضاً.. ولكن من جهة اليمين!
    هل هي مفارقة أو مصادفة أو مطابقة أن تكون مطالب الراديكاليين العسكريين، ومطالب الراديكاليين الإسلاميين متشابهة في الأساس: المقاومة المسلحة طريق وحيد للتحرير الوطني الكامل، رفض البرامج السياسية المرحلية، فك وإعادة تركيب منظمة التحرير (لدى المنشقين الراديكاليين). فك وإعادة تركيب الشعب وثقافته من النضال الوطني والقومي إلى النضال الديني والإسلامي (لدى الانقساميين الراديكاليين).
    الفارق بين زمن الانشقاق وزمن الانقسام أن الأول حصل بين الفصائل والقوات في المنفى، واعتمد الاحتكام للسلاح، واعتبر تمرداً على البرنامج المرحلي ـ برنامج السلطة الوطنية للعام 1974 باتجاه العودة إلى اعتماد برنامج م.ت.ف الوطني والعربي في التحرير الشامل!
    أما الانقسام فقد حصل، أولاً، بين الشعب ذاته، وعبر صناديق الاقتراع، واعتبر تمرداً على اتفاق مبادئ أوسلو، والدولة الوطنية المستقلة.. وأيضاً باتجاه العودة إلى برنامج م.ت.ف في التحرير الشامل ولكن باستبدال البعد القومي بالبعد الإسلامي.
    كانت سورية أساساً وراء الانشقاق العسكري، انطلاقاً من تغليب البعد القومي على البعد الوطني للنضال الفلسطيني.. لكن إسرائيل كانت في أساس شق الحركة الوطنية الفلسطينية لخلق منافس لمنظمة التحرير، بصفتها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني في المعنى السياسي والنضالي، بعد أن فشلت في خلق منافس عبر فكرة "روابط القرى"، وانطلاقاً من عدائها للكيانية الوطنية الفلسطينية.
    ما فشلت إسرائيل فيه، عبر "روابط القرى" في الضفة، نجحت فيه عبر مفاعيل "الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة، مستغلة الوضع الجغرافي الخاص للقطاع، ومحاولة إنهاء الإنجاز السياسي الرئيسي لاتفاقية أوسلو، أي الترابط السياسي والقانوني بين منطقتين فلسطينيتين محتلتين تفصل بينهما إسرائيل.
    استمرت ذيول الانشقاق العسكري والفصائلي حول برنامج النقاط العشر للعام 1974 (جبهة الرفض الفصائلية الفلسطينية) ست سنوات من العام 1983 حتى العام 1988 مع انطلاقة الانتفاضة الأولى وتطوير برنامج النقاط العشر إلى برنامج إعلان الدولة المستقلة في المجلس الوطني الفلسطيني ـ قصر الصنوبر 1988.
    في العام ذاته، تشكلت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ببرنامج خاص لأهداف الانتفاضة، ثم ضد إعلان مبادئ أوسلو والاعتراف المتبادل، وضد أخطاء تجربة تحويل الثورة والمنظمة إلى سلطة سياسية.
    بينما نجحت منظمة التحرير في طي صفحة الانشقاق، وعادت أكثرية المنشقين إلى المنظمة، بينما ذبلت أقلية المنشقين وذابت في المشروع القومي السوري قبل أن ينفجر المشروع والبلد.
    لكن الانقسام الذي بدأ عبر صناديق الاقتراع، فإلى الحسم بالسلاح، تطلب سنوات من الحوار، بدأ فيه "المدّ الإسلامي" الديمقراطي من فلسطين عبر الانتخاب، وتلاه مدّ في "الربيع العربي" في الشوارع والميادين، وحروب أهلية وصراع سياسي.. وعودة إلى صناديق الاقتراع، ليصحح خيار الشعب.
    السؤال هو: هل نضجت فصائل المنظمة بعد محنة الانشقاق؟ وهل نضج الشعب بعد محنة الانقسام؟
    سنوات ما بعد أوسلو برهنت للشعب أنه أخطأ عندما انتخب الراديكالية الإسلامية، وأن السلطة والمنظمة وبرنامج الدولة هي التحدي الحقيقي والسياسي للاحتلال الإسرائيلي.
    كان المنشقون ضد ما سموه خطر "الحلول الاستسلامية" وصار الانقساميون ضد ما وصفوه خطر "الحلول الاستسلامية"، وانتهى هؤلاء وأولئك إلى المطالبة بتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية.
    الانشقاق والانقسام يقدم حالة مزدوجة فلسطينية خاصة في الحالة العربية، وحالة فلسطينية خاصة في إدارة الصراع السياسي مع إسرائيل، جنباً إلى جنب مع قانون التحالفات والخلافات الوطنية: وحدة ـ خلاف ـ وحدة أو خلاف ـ وحدة ـ خلاف. على الفلسطينيين تقرير مصيرهم فيما بينهم أولاً، ثم تقرير مصيرهم في صراعهم مع إسرائيل.

    من أولى بركات المصالحة ..
    بقلم: طلال عوكل – الايام
    حين يجري الاحتكام إلى مبادئ وقواعد العمل السياسي، وهي في معظمها مبادئ متحركة بقدر تحرك موازين القوى، ومعها تحرك المصالح، والأحداث المرتبطة بها، حين يفعل الفاعلون السياسيون ذلك، يترتب عليهم أن يرفعوا إلى مستويات متقدمة طاقة العقل على العمل وإنتاج الحلول لقضايا، تبدو صعبة، مع مستوى متدنٍ وكسول لعمل العقل.
    في السياسة، لا مجال للأخلاق، ولا مجال للنوايا، أو القيم الأيديولوجية، أو التمنيات والصلوات، والأحلام السياسية تحتكم إلى استراتيجيات تتمتع بقدر عالٍ من الثبات والوضوح، وإلى تكتيكات تتمتع بأقصى درجات الحركة والتغير، والنسبية، والبراغماتية التي قد تنقل القول أو الفعل السياسي، عبر مساحات واسعة من المرونة، وتغير الألوان حتى من الأبيض إلى الأسود، أو العكس من ذلك.
    هذا ليس درساً في السياسة، وإنما هي محاولة لمقاربة المواقف الفلسطينية بين اليوم والأمس، بعيداً عن التوظيفات التي تسعى للتشفي، أو تسقط انتصارات على طرف وهزائم على الطرف الآخر، بمعزل عما يقع على المستويات الوطنية من تراجعات أو إنجازات.
    توقيع اتفاق تنفيذ المصالحة في غزة، جاء في وقت مهم جداً، ارتباطاً بحاجات وضرورات السياسة الفلسطينية، بالرغم من أن أحداً لا يستطيع تجاهل المتغيرات والعوامل الضاغطة التي دفعت الطرفين حماس وفتح، نحو الاستجابة للحظة الضرورة، دون تدخل، أو ضغط أو مساعدة من أي طرف آخر.
    لحظة الضرورة تتلخص في معادلة بسيطة تبدو واضحة رغم أن البعض يحاول إنكارها.
    هذه المعادلة مؤشر على أن الطرفين، لم يجدا أي مخرج للأزمات المتفاقمة التي يعانيان منها، ولا تزال تتفاقم، سوى مخرج المصالحة، كمخرج اجباري.
    ربما كان علينا التنويه بأن قرار الرئيس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بإرسال وفد المنظمة إلى غزة، ولغرض تحقيق النجاح، وليس للمماحكة، أو الاستعراض، أو التهديد والتوظيف، هذا القرار ينطوي بالنسبة للبعض وفي توقيته، على بعد توظيفي، حيث جاء في سياق الرد على القرار الإسرائيلي بعدم الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، وتعطيل المفاوضات.
    غير أن علينا، أن نصدق هذه المرة، بأن الدوافع والأهداف، كانت حقيقية وصادقة، وجادة، خصوصاً بعد أن استمعنا إلى خطاب الرئيس محمود عباس أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي انعقد يوم السبت وأنهى أعماله يوم أمس الأحد، قبل يومين من انتهاء المهلة المتفق عليها لنهاية المفاوضات الجارية والذي يصادف يوم غد الثلاثاء التاسع والعشرين من الجاري.
    التدقيق في مفردات وما ورد في خطاب الرئيس من موقع أيديولوجي، قيمي أو من مواقع سياسية ثابتة في التزامها برفض كل مجرى التسوية، هذا التدقيق سيصل إلى نتيجة بأن الخطاب انهزامي، استسلامي، يؤسس للتفريط بالحقوق الوطنية الفلسطينية، إن لم يكن بكليتها فببعض أهمها.
    ولكن ثمة انسجاما في خطاب الرئيس، لم يخرج عن طبيعة تفكيره وبرنامجه، وما تراكم منذ أوسلو، من تداعيات، لكنه خطاب يصلح للتدريس في علم التكتيك والسياسة.
    خطاب الرئيس كما نفهم رسائله، موجه للمجتمع الدولي، وعلى نحو خاص موجه للولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، في ضوء المواقف التي صدرت متحفظة أو خجولة، أو تنطوي على مجاملة وتساوق مع الموقف الإسرائيلي الغاضب من اتفاق تنفيذ المصالحة.
    الخطاب ينزع عن كل هذه المواقف، كل الذرائع والمبررات، التي أرادت من مواقع الانحياز للمواقف الإسرائيلية، أو من مواقع التحفظ، أن تخفي حقيقة أن إسرائيل هي الطرف الذي يتحمل وحده المسؤولية عن فشل المفاوضات، وعملية السلام.
    بعض التصريحات الإسرائيلية من موقع مسؤول، وضعت المصالحة والخطاب على أنه يطلق رصاصة الرحمة على عملية السلام، وهذه حقيقة من حيث إن المصالحة والخطاب في سياق المحاولات الأميركية لجمع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، قد أدت إلى فضح المخططات الإسرائيلية، التي تغادر كلياً مربع البحث عن السلام، إلى مربع تصفية القضية الفلسطينية.
    لا ينبغي أن يتطوع أحد من الموالين والمدافعين عن إسرائيل، سوى الداعمين لسياساتها، والمتواطئين معها، أن يتحدث عن إمكانية تحقيق السلام في ظل موازين القوى القائمة، أو عن أن إسرائيل مستعدة للبحث في تحقيق السلام مع الفلسطينيين، ذلك أن مثل هذا الحديث ينطوي على تضليل وكذب، وعلى مساعدة المحتل لكي يواصل احتلاله.
    في ظروف ما قبل توقيع اتفاق تنفيذ المصالحة، كان خطاب الرئيس، سيتعرض، لانتقادات لاذعة، واتهامات قاسية من قبل المعارضة الفلسطينية، غير أن التغيير الذي وقع خلال الأسبوع الماضي في ميدان العلاقات الداخلية الفلسطينية قدم لنا نموذجاً آخر، في سلامة التكتيك السياسي، حيث تتكامل المواقف، لتقدم مشهداً سياسياً فلسطينياً راقياً.
    حركة حماس رحبت بالخطاب، رغم تعبير الناطقين باسمها عن رفضهم للمفاوضات ومطالبتهم بوقفها، وهذا الترحيب كان لافتاً بالمعنى الإيجابي ومفيداً لتعزيز الحملة الفلسطينية لسحب الذرائع الإسرائيلية الأميركية، ومنع الطرفين من إلقاء مسؤولية فشل المفاوضات على الطرف الفلسطيني.
    المهم أن حركة حماس فعلت ذلك، بما يدل على إدراك حكيم لمقتضيات التكتيك السياسي، رغم أن مجاراة ماضي المواقف، كان سيجعلها تعترض بقوة على قول الرئيس إن حكومة التوافق الوطني بما أنها حكومته، فهي تعترف بإسرائيل وتنبذ الإرهاب، وتلتزم بالاتفاقيات والالتزامات المترتبة على منظمة التحرير.
    ولولا لحظة الضرورة لكان هذا القول وحده، ودون أن نمر على ملاحظات أخرى، عاملاً مفجراً لأي اتفاق يتعلق بالمصالحة.
    ماذا ستقول الإدارة الأميركية، وماذا سيقول الموالون لإسرائيل، بعد هذا الموقف الذي يطرحه الرئيس، وهذا الموقف من حركة حماس، وكيف لهم أن يطالبوا الفلسطينيين بما هو أكثر؟! إن إسرائيل في وضع صعب على المستوى الدولي، وستفشل حملاتها الدعائية والإعلامية لإقناع الرأي العام العالمي، بعكس ما هي عليه، تماماً كما فشلت وزارة خارجيتها حين جندت إمكانيات كبيرة لوقف المقاطعة الاقتصادية لبضائع المستوطنات.
    يحتاج الفلسطينيون إلى تحقيق التناغم في المواقف بين السياسة العامة والمعارضة، بما يعزز الحملة الناجحة لتهيئة المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، لمناصرة فلسطين وتعظيم إنجازاتها، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، حين يأتي موسم العمل.
    بقي أن نقول إن العرب أمام الامتحان، إذ عليهم أن يقوموا بتوفير كل ما تتطلبه عملية حماية الموقف الفلسطيني مادياً وسياسياً، وعلى اعتبار أن السياسة الفلسطينية تقف في خط الدفاع الأول عن مصالحهم.

    المصالحة: المرحلة الثالثة في بناء الكيانية الفلسطينية
    بقلم: د.عاطف أبو سيف – الايام
    لو قدر لهذه المصالحة أن تتم فستكون المرحلة الثالثة من بناء السلطة الوطنية الفلسطينية التي تبلغ عامها العشرين هذا الصيف حين وطأت قدما ياسر عرفات أرض فلسطين في تموز 1994 في تلك اللحظة التاريخية - وانتبهوا جيداً لكلمة "لو" بالبنط العريض.
    لقد شكل وصول ياسر عرفات في ذلك الصيف عام 1994 وتشكل أول حكومة فلسطينية وإدارتها لشؤون حياة الناس حجر الأساس في تطوير الكيانية الفلسطينية.
    صحيح أن إسرائيل كانت تفكر في أن هذه الحكومة ليست أكثر من مجلس بلدي لكن عرفات كان يراها حكومة لا تقل عن أي حكومة في العالم، كان مثل مايكل إنجلو حين رسم لوحته الشهيرة عن الخلق في صحن فناء كاتدرائية بطرس، قال وقتها البابا الذي طلب منه أن يرسم اللوحة: كنت أفكر في لوحة وكان يفكر في معجزة، كان عرفات يفكر في المعجزة الفلسطينية، كانت الدولة هي تلك المعجزة المنتظرة.
    رغم ذلك فإن المعجزة لم تكتمل، لكن تلك السلطة لم تقبل أن تكون مجرد مجلس بلدي بل صارت أقرب شيء للدولة دون أن تكونه.
    المعضلة الأهم التي عانت منها تلك السلطة كانت في غياب شرعية تمثيلها. نعم، فقد قاطعت كل التنظيمات الفلسطينية الكبرى عدا "فتح" صاحبة المشروع، هذه السلطة وناصبتها العداء، وبقليل من مراجعة ونقد الذات يمكن أن تعترف هذه التنظيمات أنها أرادت أن تنتفع من مكاسب السلطة دون أن تتحمل وزرها، وفي كل الأحوال فقد عانت تلك السلطة من أن التنظيمات الكبرى قاطعت مؤسساتها التشريعية والتنفيذية لا سيما على صعيد الوزارات، بجانب النقاش الضبابي حول صلاحية الاتفاق السياسي الذي جاء بها ليكون إطاراً لبناء كيان سياسي مستقل وليس تابعاً.
    وجاءت المرحلة الثانية من بناء السلطة على حساب هذه الشرعية أو هي تجسيد لها وترجمة لأزمتها، فقد قبلت أخيراً جميع الفصائل والتنظيمات باستثناء "الجهاد الإسلامي" التنافس على مقاعد الهيئة التشريعية والتمثيلية للسلطة في انتخابات عام 2006، خاصة ألد أعداء الاتفاق السياسي الذي شكل شهادة ميلاد السلطة، بل إن هؤلاء الأعداء تناسوا كل نقدهم للاتفاق من أجل قطف ثمار الشجرة التي بات واضحاً أنها ليست مشروعاً طارئاً ونظاماً مفروضاً بالقوة، وهي لم تؤسس من أجل أن تزول، بل إنها صارت ثابتا من ثوابت النظام السياسي الفلسطيني.
    ووجدت السلطة نفسها "كعكة" يتم حمل السلاح من أجل اقتسامها، وحدث مباشرة بعد عام من الانتخابات التشريعية الثانية الانقسام، وصارت السلطة سلطتين والحكومة اثنتين والشرطة شرطتين، وبطريقة عجيبة تم الحفاظ على هذا الانقسام دون طلاق كامل، وتدريجياً حدثت عمليات التكييف والتعايش وبعد ذلك إدارة الانقسام بالتراضي رغم أنف الناطقين الإعلاميين وردح بعض الخطباء والساسة.
    خبرات التاريخ مليئة بتلك الشواهد التي تجعل الحروب الأهلية مراحل فاصلة في عمليات تطوير الدول وتحقيق ثبوتها، خاصة في الأقاليم التي لم تشهد حالات "دولانية" قبل ذلك، لذا فلا تتوفر لدي نخبها السياسية خبرات وذكريات مؤسساتية قادرة على تطوير فهم مشترك لكنه الحكم.
    بالطبع في حالتنا كان من المعيب أن يحدث هذا في ظل وقوعنا تحت الاحتلال، لكنه وقع ووقع بقسوة أكبر، وأياً كان الحال، وأياً كانت وجهات نظرنا، فإن ما تم من انقسام كان مرحلة ربما هامة وأساسية في الوصول إلى المرحلة الثالثة من مراحل بناء السلطة وتطوير "دولانيتها"، مرحلة الوحدة والمصالحة.
    بهذا، فإن توقيع اتفاق المصالحة في غزة قبل أيام في حال تم تنفيذه يمكن له أن يشكل الرافعة الثالثة في تاريخ تطوير الكيانية الفلسطينية، يقول قائل: جرب الناس "فتح" وجرب الناس "حماس" والآن سيجربون "فتح" و"حماس" سوية، على اعتبار أن "طرفي الانقسام" (كلمة اليسار المفضلة) هما طرفا المصالحة، ألم تتغيب "الشعبية" و"الجهاد" عن التوقيع! ربما من أجل ذلك. عموماً، فإن مرحلة التكوين الوحدوي تلك ربما الأهم في تاريخ السلطة لو قدر لها أن تتم حيث إن اتفاق أطراف النظام السياسي على مكوناته ووظائفه ومستقبله يشكل دعامة أساسية في تطويره.
    الواضح أن ثمة اتفاقا ولو شكليا على ذلك - ما لم يتم نقضه فجأة، بيد أن الأهم في مثل هذا الاتفاق إذا أفضى إلى اتفاق أشمل حول أهداف النظام السياسي وأدوات نضاله وحل المشكلات العالقة حول مرحلة البناء ومرحلة التحرر ومفهوم سلاح المقاومة وسلاح السلطة، والفرق بين المهنية وبين الولاء الحزبي، أسئلة كثيرة من شأنها أن تهدد استقرار واستمرار عملية الوحدة.
    لاحظوا أن ليس في كل ما أقول أحكام معيارية حول جودة ما سيكون بعد المصالحة، بقدر ما هو تقديم لواقع الحال ولما يمكن للخبرات السابقة أن تخبرنا عنه، حيث إن المصالحة بكل ما تم الاتفاق عليه قد تأتي على حساب الكثير من الحقوق وربما الألم، ولكن حتى تجاوز هذا الألم والتنازل عن بعض تلك الحقوق، هذا بحد ذاته جزء أساسي من عمليات البناء الوطني، فالجسد لا تندمل جروحه بسرعة، ويمكن لك أن تسير وأنت تنزف.
    لكنني ممن ما زلوا يقولون، إن أمراء الانقسام كثر، وإن مصالحهم في المحصلة ستتعارض مع المصالحة التي سيعملون جاهدين وبهدوء وبدون إثارة جلبة وضجيج على إفشالها.
    لقد خلقت المرحلة الماضية مجموعة من هؤلاء الأمراء الذين أثروا مادياً من وراء التغني بالانقسام والحفاظ على الصمود في وجه رياحه العاتية – التي هي من قربتهم الشيطانية، كما أثروا اجتماعياً حيث صاروا أصحاب نفوذ ومواقع، وكذلك سياسياً حيث خلق الانقسام لهم مداخل للتأثير وللوصول إلى مواقع لم تكن موجودة لولا وجود أكثر من مؤسسة وجهاز بفعل حاجة النظام المنقسم لإعادة استنساخ نفسه كما هو الحال، وأياً يكون الحال، فإن أمراء الانقسام هؤلاء يجب أن يتم التعاطي معهم بكثير من الحذر وبقليل من الرحمة.
    وعليه، نحن من نحدد إذا ما كان اتفاق المصالحة سيكون رافعة جديدة في عمر السلطة التي تبلغ عامها العشرين في طريق تحولها لدولة أم مجرد فقاعة إعلامية وابتسامات زائدة.

    الحقيقة والمصالحة
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    سوف تحزن واشنطن وتستنكر، لو أن طرفاً دولياً أيد وشجع على انفصال شرق أوكرانيا لكي يتكامل مع الروس. ذلك علماً بأن مواطني أوكرانيا من ذوي الثقافة الروسية، لم يضمروا شراً للمواطنين من شركائهم في الوطن الأوكراني، ولا يريدون التعدي على حرية الناس وأرضهم وكرامتهم. كل ما في الأمر، أن الأوساط الجديدة الحاكمة في كييف، أول ما شطحت نطحت، إذ قبل أن تلتقط أنفاسها بعد قطع المسافة من الميدان الى القصر؛ أصدرت مراسيم التنكر لثقافة الأقليات ولغتها وخصوصيتها، على النحو الذي جعل الأقلية في الشرق، تتحسس الأعظم الآتي، بعد أن يستريح الحاكمون الجدد الذين وقعوا في غوايات صهيو أميركية أجزلت لهم وعود الرخاء مثلما أجزلت لغيرهم ثم تنكرت لهم أو اعتصرتهم!
    وعندما ساندت أميركا حركات انفصالية عميلة وحثتها على الانفصال، اتكأت دائماً على التنوع الديني والمذهبي، وكانت مصلحة إسرائيل عندها، هي قاعدة القياس. فما هي مصلحة واشنطن في عدم وحدة الكيانية الفلسطينية على الأراضي المحتلة في العام 1967؟ ولماذا كانت ردة فعل الولايات المتحدة على إقصاء "الإخوان" في مصر جارحة لغالبية المصريين، ومتعاطفة مع "الجماعة" وشاجبة لتطور الأوضاع في مصر، ومتباكية على الديمقراطية؟
    إن إسرائيل ومصالحها هي ميزان القياس عند الأميركيين. هم يعرفون أن تجارب الشعوب التي فيها التنوع، أثبتت أن وحدة مكونات المجتمع هي التي تعزز السياسة، وتصنع الموقف الوطني والمفاوض العنيد أو المقاوم بالسبل المتاحة، دفاعاً عن حقوق شعب بأكمله.
    الأميركيون يريدون أن تظل غزة تئن، وكانوا يراهنون على أن تظل تئن، الى أن تستجدي أقراص التسكين لا الشفاء الى الأبد، أي أن تتحول الى كيان صغير منفصل، يساعده "الإخوان" على فتح جغرافيته وتوسيعها، لتنشأ أبشع خارطة لأغرب كيان في العالم. كان الحديث في هذه الوجهة، يدور في الغرف المغلقة، ووُضعت التوطئة له، في الاتصالات والزيارات بين الطرفين "الإخواني" والأميركي، وقد حَسَم الأميركون أمرهم بمساندة "الجماعة" لأن الملف الأعقد في القضية الفلسطينية هو حقوق اللاجئين في أرضهم وممتلكاتهم، ولا حل في رؤيتهم إلا بممتلكات وأراض بديلة، تتوافر من خلال حكم يمتلك الفتوى ويحرك الأحداث لصالحها. وعلى الأرجح لم تكن "حماس" تعلم، وربما معظم مكتب إرشاد "الجماعة" في مصر لا يعلم، لكن الممسكين بالقرار "الإخواني" يعلمون وكان القطريون كانوا الأرجح يعلمون لأن التمويل المفترض سيكون منهم!
    للأسف، نجح "الإخوان" في الاختبار الأميركي قبل أن يحكموا، وهذا ما جعل سفيرة الولايات المتحدة تتحمس للرئيس مرسي. فقد زار فريق من "الجماعة" واشنطن قبل انتخابات الرئاسة، وكان عليهم أن يجيبوا عن أسئلة تمهيدية، وبالفعل أجابوا ووافقوا على ضمان استمرار اتفاقية المناطق الصناعية "كويز" (‏qiz) التي تفرض على مصر، كشرط للسماح لبضائعها بدخول السوق الأميركية دون جمارك، أن تشتري مصر من اسرائيل 11% من المواد الأولية والمعدات. وفي تلك الاتفاقية، التي تغطي نحو 60% من حجم انتاج المنشآت الصناعية، وتستوعب نحو 64% من العمالة المصرية في الصناعة؛ تلتزم مصر بذلك الحد الأدنى من التعاون مع إسرائيل. كذلك أجاب "الإخوان" بما يُطمئن الأميركيين عن أسئلة التطبيع والعنف والتحالفات وغيرها. لذلك كانوا يريدون مصر مستقرة تحت حكم "الإخوان" لكنهم الآن أداروا البوصلة، ويجافون حق الفلسطينيين في حكم وطني يشمل كل مكونات المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي، بما فيه الحلقة الفلسطينية من "الإخوان" أنفسهم.
    إن الموقف الأميركي من ردة فعل نتنياهو على التوطئة التي سمعناها عن المصالحة الوشيكة، يمثل اختباراً جديداً لواشنطن. ولأن الولايات المتحدة سقطت في كل اختبارات العدالة والصدقية، كلما كان الأمر يتعلق بإسرائيل؛ فإنها اليوم إما أن تظل تتماشى مع الظلامية والجنون وتتمسك بازدواجية المعايير، فتفقد آخر نفوذ لها أو احترام لدى أصدقائها، أو أن تتعامل بالحد الأدنى من المنطق، فترد لنتنياهو بضاعته الفاسدة!
    معركة المصداقية
    بقلم: يحيى رباح – الحياة
    اصبح واضحا, ان الرئيس ابو مازن بصفته رأس الشرعية الفلسطينية, يخوض منذ سنوات معركة ضارية مع الاسرائيليين والاميركيين حول المصداقية, وانه منذ نهاية العام 2012 بدأ يتحقق فوز حاسم وثمين في هذه المعركة, فما يقوله في الغرف المغلقة يقوله في اشد المواقع علنية وما يعبر عن قناعاته السياسية والوطنية يؤكد عليه دائما رغم ان بعض المفردات تتعارض مع قواعد اللعبة الديماغوجية التي يحاول اصحابها ان يطلقوا الشعارات الجوفاء التي ترضي المزاج العام حتى وان كانت ضد المصالح الحقيقية.
    في تمام عام 2012, قال الرئيس ابو مازن اننا سنذهب الى مجلس الامن, وان لم ننجح سنذهب الى الجمعية العامة, وهو ما حدث بالفعل, فقد واجهتنا الادارة الاميركية بضغوط هائلة في مجلس الامن وفي يدها في نهاية المطاف السلاح الاقوى, سلاح الفيتو, ولم نتمكن من الحصول على الصوت التاسع, ولكننا حصلنا في الجمعية العمومية على مكسب كبير, وحصلنا بالذهاب الى الامم المتحدة على تكريس لهذه المصداقية، وهكذا كان الحال بالنسبة للمفاوضات الاخيرة التي بدأت منذ تسعة شهور, وصفقة الاسرى والتوقيع على عضوية خمسة عشر اتفاقية ومعاهدة دولية, وهكذذا كانت المصداقية نفسها في وضع نهاية للانقسام البغيض الذي ظلت اسرائيل وحليفتها اميركا تعيرنا به على امتداد السنوات السبع الاخيرة, فقد التأمت المصالحة من جديد في اتفاق 23 نيسان على نفس القواعد التي اعلنها الرئيس ابو مازن منذ اليوم الاول, حكومة وحدة وطنية مستقلة من التكنوقراط, واحتكام الى الشعب في انتخابات رئاسية وتشريعية بعد صياغة نظامنا السياسي وتعيد تجديد شرعية اطاراتنا الوطنية, حكومة وحدة وطنية ببرنامجها السياسي هو نفس برنامج الرئيس, مع التأكيد على ان المفاوضات هي خيارنا الرئيس اذا توفرت لها المرجعيات التي تطالب بها واولها ترسيم الحدود لكي نعرف على ماذا نتفاوض بالضبط.
    المفاجأة التي ليست مفاجئة هو الموقف المتشنج غير المبرر وغير المفهوم الذي اتخذه نتنياهو وائتلافه الحكومي الحالي, حيث تتصاعد لغة التهديد, كما لو ان علاقتنا مع اسرائيل كانت «سمن على عسل» وهذا امر مخادع تماما, فقد وصل الامر الى حد اننا لا يمكن ان نستمر على نفس الحال مهما حصل، استيطان معربد, وتهويد مفلوت, وسلوكيات ارهابية, وضغوط وتهديدات متنوعة, وكأن كل فشل اسرائيلي, وكل عربدة اسرائيلية, وكل تطرف وعنصرية اسرائيلية علينا نحن ان ندفع الثمن, وهذا امر مستحيل موضوعيا.
    وبما ان ادارة الرئيس اوباما, كانت هي الراعية لكل مفاوضات, وهي المتابعة لكل الامور بأدق التفاصيل, من خلال الرئيس اوباما نفسه, ومن خلال وزير خارجيته جون كيري, ومن خلال مبعوثه للسلام مارتن انديك, ومن خلال مسؤولين اميركيين على المستوى الدبلوماسي والامني والعسكري, فان المتوقع كان ان تنحاز الادارة الاميركية للحقيقة التي تقول ان الجانب الفلسطيني ادى ما عليه بكل امانة, واعلن عن خطواته مسبقا, واوضح بصورة نهائية ما يقبل وما لايقبل, وكان ذلك بعلم اميركي وان لم يكن كله بموافقة اميركية, وعندما ياتي نتنياهو ليدعي المفاجأة, فان الادارة الاميركية كان من واجبها ان تؤكد على المصداقية الفلسطينية, وان ترد على الادعاءات الاسرائيلية, ولكن دون مقدمات وجدنا الادارة الاميركية تنحاز للموقف الاسرائيلي, وتروج الكلام الاسرائيلي الزائف، حتى المصالحة التي نسعى اليها منذ سبع سنوات, ويستحثنا عليها الشرق والغرب والعرب والعجم, والتي هي ضرورة لنا وللمنطقة ادعى المنطق الاميركي انها غير ضرورة وغير مفيدة، في غمضة عين ينقلب الموقف الاميركي رأسا على عقب،ويلتحق بالموقف الاسرائيلي, وتتحول الادارة الاميركية من راعي يجب ان يكون محايدا الى طرف منحاز اشد الانحياز كيف سيؤثر ذلك على نمط العلاقات الدولية؟ ومن الاكثر تاثيرا في الآخر في العلاقة الملتبسة بين اسرائيل واميركا, هل اسرائيل هي التي تدفع أميركا الى فقدان المصداقية آن أميركا هي التي تحرض اسرائيل على التطرف والعربدة والعدوان؟
    المصالحة من المنظور البرجماتي
    بقلم: : د. فهمي شراب – معا
    بكلمات بسيطة، وواعية، حول ما يحدق من أخطار عديدة على القضية الفلسطينية، وعلى المصالحة الفلسطينية تحديدا، نؤكد بان القول بالتأثير المطلق على الاطراف الفلسطينية من قبل القوى الاقليمية والدولية يجانبه الصواب، وقد اثبت ان هذا التاثير هو هامشي، وياتي في مرتبة تالية للارادة الوطنية لكل حزب فلسطيني، وكان يعتبر مجرد ذريعة للهروب من هذا الاستحقاق و كنوع من التراشق الإعلامي وكيل الاتهامات فقط. وقد اثبتت الفواعل الفلسطينية المتمثلة في فتح وحماس بان بمقدورهما ان تحدد ما تشاء من أنماط سياسية وقرارات. وباتت أسباب الخلاف آخر ما يتذكره الطرفان، حيث المشكلة تكمن الآن فيما هو قادم، وكيف سيتعامل العالم مع هذه الحكومة، وكيف ستسير هذه الحكومة التي تضم بين جنباتها بعض المتناقضات التي تأسس عليها هذا الانقسام ودام سبعة أعوام، ومهما كانت أسباب التقارب بين الاخوة ( حماس وفتح)، فان هذه الخطوة وان جاءت متاخرة الا ان الوصول إليها يسد باباً عريضا، دخل منه كثير من مسببات الفرقة وعوامل إطالة أمد الانقسام، إضافة الى تباعد لعبت فيه الفُرقة والشقاق والخلاف الشخصي دورا كبيرا، حيث ما زال المجتمع الفلسطيني مجتمع شبه أبوي، وليس مؤسساتي، وما زال القرار القيادي يسيطر عليه كثير من العوامل المزاجية والشخصية الذاتية، وما زال الشعب لا يملك تاثير كبير على قياداته، بل العكس هو الصحيح، القيادة تفرض على الشعب ما تشاء، على عكس المجتمعات الاوروبية في وقتنا الحال.
    ان المصالحة وخروج حكومة فلسطينية واحدة للشعب الفلسطيني هو نجاح جديد في المسار السياسي الفلسطيني، نجاح يطغى على أي خلاف في التفاصيل في مستقبل الأيام، وسيستفيد من تجربة الانقسام جميع الاطراف، فلا احد سوف يُفٌضِل العودة إلى الوراء حتى لو رافق هذا المسار الجديد عراقيل كثيرة ومختلفة على الطريق.
    في ظل توقع مثل هذه العراقيل، لن يكون المنقذ إلا إرادة حقيقية من الطرفين بعد عناية رب العالمين.
    وتعتبر اهم محاور اساسية سوف تحققها المصالحة على مستوى السياسية الخارجية الفلسطينية والشأن الحزبي الداخلي كالتالي:
    • سوف تضطر بعض الدول ان تستأنف دعمها المالي بعد ان كانت تزعم بان الدعم في ظل الانقسام سوف يزيد من الانقسام، ويعزز طرف دون طرف.
    • سوف تتعزز مكانة الرئيس ابو مازن امام الولايات المتحدة واسرائيل، ويكون ممثلا للشعب الفلسطيني كله، بعدما كانت تتهمه الولايات المتحدة و ( إسرائيل) بأنه لا يمثل الا الضفة ولا يصلح ليكون شريكا. إضافة إلى التخلص تماما من الذين خرجوا عن الصف الفتحاوي، ولهم أطماع طوباوية في القيادة، وكانوا يمثلون صداعا مزمنا له منذ ثلاث سنوات ( دحلان).
    • سوف تخرج حماس من مأزق عزلتها، وسيقدم لحماس تسهيلات لوجستية، وسوف يرتفع الحصار عن غزة بين عشية أو ضحاها وذلك مقرونا بشبكة الأمان المالية التي اقرها النظام العربي فيما لو توقفت أموال المقاصة، وتكون حماس قد نجت من أي تغير قد لا يأتي في صالحها وخاصة بعد تعثر الثورات في دول الربيع العربي الذي اثر بالسلب. وخاصة ان حماس ما زال رأسها مطلوبا من بعض القوى الإقليمية والدولية وبعض مخططو المؤامرات من الداخل.
    • ستخرج حماس من مأزقها المالي بسبب الحصار الخانق ، وسيكون بمقدور حماس أن تسوق لمشروع مقاومتها للاحتلال بأكثر أريحية، وستزيد مساحات المناورة لديها، وخاصة أنها لم تسقط كما كان يراهن عليها وصمدت، وأثبتت بأنها تقدمت بعلامات فارقة على الخصم السياسي الذي يتمسك فقط بالمفاوضات التي حصل أصحابها على اكبر صفر في تاريخ النضال السياسي. وإبدائها نوع من المرونة سيكسبها زخم سياسي وعلاقات دولية وإقليمية حرمت منها منذ فوزها في انتخابات 2006.
    • سوف يضطر النظام الاقليمي العربي ان يفي بالتزاماته تجاه القضية الفلسطينية بعدما اثر الانقسام العربي على القضية الفلسطينية لسنوات طويلة، ولن يجد النظام العربي سببا ليتذرع به من اجل الهروب من ما عليه من استحقاقات وضمانات وعد بها.
    وبالنسبة لقطاع غزة، فمن غير المتوقع أن يطرأ كثير من التغيرات على المنظومة الأمنية ، حيث هناك شبه توافق على ما تحقق كأمر واقع ، حيث شهدت حركة فتح على مدى نجاح أجهزة حماس الأمنية على تحقيق قدر كبير من الاستقرار والضبط، الغير مسبوق في القطاع.
    في حقيقة الأمر، وبعيد عن العواطف، ففي الوقت الذي سادت أجواء الفرحة في الأوساط الفلسطينية، ورحب فيه خصوم الطرفان بالمصالحة، لم يكن للشعب الفلسطيني تأثير كبير على عملية التصالح، التي بنيت على أساس تقاسم وظيفي في إطار شبه الصفقة بين الإخوة المختلفين سياسيا حتى الآن.
    ولكن، بقي أن نعطي وقتا كافيا لمجهود الأطراف لتحقيق المصالحة، وبقي في هذه الفترة القادمة أن نوجه فوهات سلاحنا الإعلامي ونشحذ جهودنا الإعلامية تجاه التجاوزات الإسرائيلية والخروقات، وان نسلط الضوء على ممارسات الاحتلال الذي يغتصب فيها أراض فلسطينية جديدة كل يوم ويتم تهويد المقدسات، وطرد أهالينا في الضفة الغربية واعتقالهم، إضافة إلى التحضير لتقديم الشكاوى ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام المنظمات الـ (15) التي انضمت لها السلطة الفلسطينية كدولة غير عضو، لها كامل الحقوق في تلك المنظمات. فهناك الكثير لنفعله ضمن نظام سياسي واحد.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 546
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-12-09, 10:58 AM
  2. اقلام واراء محلي 407
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-27, 08:36 AM
  3. اقلام واراء محلي 406
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-27, 08:35 AM
  4. اقلام واراء محلي 405
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-27, 08:34 AM
  5. اقلام واراء محلي 404
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-27, 08:32 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •