اقلام عربي 01/06/2014
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
مصالحة أم تعامل مع الواقع ؟
د. فايز رشيد – الوطن العمانية
الحق والحلم والممكن في فلسطين
د.أحمد القديدي – الوطن العمانية
مواقع التواصل الاجتماعي والأمعاء الخاوية
كاظم الموسوي – الوطن العمانية
"إسرائيل" تنكل بالمعتقلين الإداريين
علي جردات – الخليج الإماراتية
«حصن».. أحدث «اللاعبين» على الساحة الفلسطينية!
محمد خروب – الرأي الأردنية
إسرائيل والمسيحيون: انفضاح سياسة.. وفضيحة وقائع!
د. اسعد عبد الرحمن – الرأي الأردنية
مؤتمر «اربد الإسلامي» وتحولات الإخوان
د. مهند مبيضين – الدستور الأردنية
عيون واشنطن الثلاث في الشـرق الأوسط
عريب الرنتاوي – الدستور الأردنية
أوباما.. عن أي معارضة سورية معتدلة تتحدث؟!
جهاد المنسي: الغد الأردنية
«الإخوان».. تسييس الإسلام و«تقديس» المرشد!
خليل علي حيدر الإتحاد الإمارتية
مصالحة أم تعامل مع الواقع ؟
د. فايز رشيد – الوطن العمانية
كان من المفترض أن تعلن اليوم أسماء أعضاء الحكومة التوافقية الفلسطينية الجديدة بين حركتي فتح وحماس إلا أن الخلاف بين الحركتين على تسمية رئيس للمجلس التشريعي عطّل الإعلان وأجّله إلى الأسبوع القادم. هذا الخلاف مع صغر حجمه الا أنه يؤشر إلى طبيعة المرحلة القادمة التي من المحتمل أن تشهد القضايا خلافات كثيرة, بالتالي كيف سيتم حل هذه الخلافات ؟. نعم … بون شاسع يمتد بين الرغبة والواقع فيما يتعلق بموضوع المصالحة، فإسقاط الرغبة على الفعل هي مسألة واردة في الكثير من القضايا وحتى الظواهر, فلا يخفى على أحد مدى الضرر الذي أصاب قضيتنا ومشروعها الوطني جرّاء الانقسام،الأمر الذي أدّى إلى ضغوطات شعبية وعربية ودولية صديقة على الطرفين المعنيين (بغض النظر أن الأتفاق جرى بين وفد منظمة التحرير وحركة حماس في غزة ) مباشرة بالانقسام وهما: حركة فتح بالطبع إضافة إلى حركة حماس ، من أجل تجاوز الانقسام, والوصول إلى المصالحة, والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها. من ناحية ثانية فإن الحركتين باتتا مأزومتين: السلطة بسبب فشل المفاوضات ووصولها إلى طريق مسدود وحماس بسبب المتغيرات في مصر والعلاقة المتوترة بين حماس والنظام المصري الجديد. هذان العاملان لعبا دورا بارز في المباحثات التي جرت في غزة وافضت إلى الاتفاق: حكومة التكنوقراط التوافقية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال ستة شهور.
مما لا شك فيه: إن ما جرى الاتفاق عليه يمّثل قضايا مهمة، تجعل من شعبنا وأصدقائه على مستوى من التفاؤل بقرب تحقيق المصالحة، ولكن من الناحية الأخرى،جرى في اجتماعات سابقة للحركتين الاتفاق على هذه القضايا وقضايا أخرى شبيهة، وتم تشكيل لجان ذات وظائف عديدة, الا أن شيئا من كل تلك القضايا لم يجر تطبيقه واقعا على الأرض. والآن من أجل مصالحة حقيقية يجري تطبيقها واقعا فعليا يتوجب أيضا على الطرفين وبحضور ومشاركة كافة التنظيمات الوطنية والأسلامية الفلسطينية , الوصول إلى ما يلي :
أولاً: إجراء مراجعة نقدية شاملة للمرحلة السابقة, منذ توقيع اتفاقيات أوسلو وحتى هذه اللحظة، فمفاوضات عشرين عاماً لم تُنتج سوى المزيد من إيغال العدو الصهيوني في الاستيطان, وتهويد الأرض, وارتكاب العدوان والمجازر, وهدم البيوت , والاعتقال, والاغتيال، والمزيد من الإصرار على التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية, والاشتراطات التعجيزية الصهيونية على الفلسطينيين كالاعتراف بيهودية إسرائيل, والإبقاء على السلطة: كحكم ذاتي مهمته الأساسية: تسيير الشؤون الحياتية للفلسطينيين, والتنسيق الأمني مع إسرائيل, بهدف أن يكون هذا التنسيق مدخلاً لتكون السلطة: حامياً للاحتلال، ووسيلة لممارسة فعل الاحتلال من خلالها.كذلك الوصول إلى هدنة طويلة الأمد مع حماس تمتد لسنين طويلة .دون إجراء هذه المراجعة الشاملة فإن أية خطوات يجري الاتفاق عليها بين حركتي فتح وحماس, تظل منقوصة.
ثانياً: الاتفاق على برنامج سياسي للمرحلة المقبلة يعتمد الثوابت الوطنية الفلسطينية، يحدد ما هو المطلوب بدقة خلال المرحلة الراهنة، ويعيد التأكيد على استراتيجية النضال الوطني الفلسطيني على ضوء فشل المفاوضات، شريطة أن تكون الحركة التكتيكية السياسية الفلسطينية منطلقة من خدمة الهدف الاستراتيجي, وليست بديلاً له, مثلما يجري التطبيق حالياً. لا شك أن اختلافاً سياسياً كبيراً يقوم بين الفهم الاستراتيجي للنضال الفلسطيني وما يجري على أرض الواقع حاليا من سياسات، الرئيس عباس ما زال يؤمن بنهج المفاوضات ولاشىء غيرها فهل حماس متفقة مع هذا النهج (وهي حاليا في مرحلة هدنة مع العدو الصهيوني)؟
ثالثاً: إن بعض الألغام ستواجه الحكومة القادمة من نمط: الأجهزة الأمنية في كل من رام الله وغزة، فالأولى تابعة للسلطة والثانية تعتمد عليها حماس في تثبيت سلطتها، بالتالي فإن أسئلة كثيرة ستواجه إعادة دمج هذه الأجهزة بعضها مع بعض. من جانب آخر فإن حركة حماس في القطاع ولما ينوف عن السبع سنوات تمارس سلطة فعلية نسبية (ولكن ضمن نطاق الاحتلال مثل السلطة في رام الله كذلك)، فهل من السهل على حماس التخلي الطوعي عن هذه السلطة؟ هذا السؤال نطرحه على سبيل المثال وليس الحصر، وهو يشكل سؤالاً صغيراً من بين عشرات الأسئلة الشبيهة الأخرى, هذا اضافة الى انعدام الثقة بين الجانبين إضافة إلى مصير 50 ألف موظف قامت حماس بتعيينهم ما بعد قيامها بحركتها حتى هذه اللحظة, ما مصير هؤلاء الموظفين؟ هل ستدمجهم السلطة في وزاراتها ؟ وهل ستتسلم الحكومة التوافقية السلطة في غزة ؟ وما هو مصير القوانين التي سنتها حماس في غزة على مدار سنوات حكمها في القطاع؟ هذه غيض من فيض الأسئلة التي تفرضها المصالحة. ما جرى هو عملية هروب إلى الأمام من استحقاقات كثيرة على الطرفين البحث فيها وإيجاد أجوبة ذات قواسم مشتركة عليها بين الجانبين. من القضايا التي يتوجب الاتفاق عليها: الموقف من منظمة التحرير الفلسطينية ودخول حركتي حماس والجهاد الأسلامي إلى كافة مؤسساتها والتفاصيل المتعلقة بكل ذلك, فهل تأجيل هذه القضايا في صالح تجاوز الانقسام؟
جملة القول: إن ما جرى في غزة من اتفاقات مؤخراً هو خطوة في الاتجاه الصحيح، والاتفاق على من يتواجد في المعبر مع مصرجيد لكنه لا يجيب على كل الأسئلة الأخرى. إنه أقرب الى التعامل مع واقع فرضته الظروف منه الى مصالحة حقيقية فعلية, فحتى تتحقق المصالحة واقعاً على الأرض, يتوجب اجراء الكثير من الخطوات, تلك التي لم يتم التطرق اليها في مباحثات غزة.
الحق والحلم والممكن في فلسطين
د.أحمد القديدي – الوطن العمانية
في أعقاب عودة الحرارة لمبدأ المصالحة الفلسطينية باجتماع المناضلين من فتح وحماس وبداية تشكل وحدة حقيقية حول الأهداف المشتركة نشأت في العالم العربي ولدى الرأي العام العربي حقيقة جديدة مخيفة وهي أنه بتراكم المصائب في (الربيع العربي) وتأزم الوضع السوري وخلاف الفصائل في ليبيا وغموض المستقبل في مصر فإن منزلة القضية الجوهرية للعرب أي فلسطين بدأت تتراجع بل ولا تحتل الصدارة أو ما يقارب الصدارة لدى الدول العربية نفسها فما بالك بالدول الأخرى وأعداء العرب فجامعة الدول العربية مغيبة و شرعت الدولة العبرية الظالمة بقيادة نتنياهو والمتطرفين الصهاينة تراجع مواقفها على ضوء هذا الوضع العربي وقد كتب عدد من المراقبين مقالات وأبدوا أراء وأعلنوا مواقف كان أغلبها يدور حول هذه المحاور الثلاث المتداولة في القضية الفلسطينية وهي الحق والحلم والممكن، مهما اختلفت الرؤى والتحليلات، ومن هؤلاء إسرائيليون مثل كاتب سيرة الرئيس الراحل ياسر عرفات أمنون كابليوك والشريك في مؤتمر جنيف/ يوسي بيلين، وهما من بين المثقفين اليهود الأكثر تفهما للقضية الفلسطينية والأشد دفاعا عن الحق الفلسطيني إزاء الغطرسة اليمينية الناتنياهوية وقبلها الأولمرتية ثم الشارونية. وأعتقد صادقا مع نفسي بأن الرموز الثلاثة المذكورة أي الحق والحلم والممكن هي التي علينا جميعا نحن العرب تحليلها والنقاش حولها ومن ثم تحديد أولويات الخروج من عنق الزجاجة الذي حوصرنا فيه منذ عهد النكبة 1947 تاريخ إنشاء دولة إسرائيل وما أعقبها من كوارث. فالحق الفلسطيني هو اليوم في منظورا لمنظومة الدولية الحق المعترف به في نطاق القانون الدولي المنبثق عن قرارات منظمة الأمم المتحدة و مجلس الأمن و الذي بالطبع يهضم حقوقا للشعب الفلسطيني، طال الزمن على حرارة التحامها بالواقع، و جاء جيلان جديدان ما بعد النكبة، ليكتشفا على الميدان في الشرق الأوسط، واقعا جديدا مختلفا فرض فيه العالم كله على فلسطين دولة طارئة هي إسرائيل، أقول العالم كله لا الولايات المتحدة فقط، لأن الاعتراف الدولي بالدولة العبرية منذ 1947 جاء من موسكو ومن أنقرة ومن باريس ومن نيو دلهي قبل أن يأتي من واشنطن، ولأن أغلب الدول الكبرى الفاعلة في الشرق الأوسط كانت تضمر عكس ما تعلن وبعض الحكومات العربية كانت لها علاقات خفية مع اليهود وقادة إسرائيل منذ نصف قرن. فالواقع الصعب والمتشعب اليوم ليس هو المتطابق مع الحق، ولكنه يوفر مجالا واسعا من الكفاح السياسي والدبلوماسي والثقافي ضد القوى المتحالفة في العدوان والشر والتي تجد في الانقسامات العربية الداخلية أكبر معين وأفضل سند لإعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط على أساس خدمة إسرائيل لا كحليف تقليدي لها فحسب بل كرائدة منتخبة للشرق الأوسط الكبير في الديمقراطية والإصلاحات والتجارة الحرة في كنف العولمة المطلوبة و المفروضة على الناس جميعا.
وقد أردت في الحقيقة التطرق بهذا المدخل لمحور الفرق البين ما بين الحق والواقع في المأساة الفلسطينية، فالكفاح المشروع من أجل الحق يجب أن يقرأ حسابا للواقع والتحولات الإقليمية والدولية الطارئة والتي تساهم في صناعة واقع مختلف لا يستجيب بالضرورة إلى مصالح الطرف صاحب الحق مهما كان متمسكا بحقه و مناضلا من أجل استعادته وفرضه. فاليوم سنة 2014 أصبحت أولويات العرب ومشاركيهم في المصير هي إيجاد حلول مقبولة للأزمات العربية المتفاقمة من ليبيا الى سوريا إلى مصر واليمن فالمغرب العربي وللتاريخ فان الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة كان أول من فهم وفكك اللعبة السياسية والإستراتيجية العالمية قبل غيره فيما يتعلق بالملف الفلسطيني حين ألقى خطابه الشهير بمخيم أريحا في 11 مارس من عام 1965 وعرض خلاله الحل الذي يوازن بين الحق والواقع، أي بين الحفاظ على الوطن بالكفاح المسلح والدبلوماسية بالتمسك بالشرعية الدولية المتمثلة في قرار التقسيم 29 نوفمبر 1947 وبذلك مثلما قال بورقيبة نضع إسرائيل خارج الشرعية. والذي حدث مع الأسف بعد ذلك هو شتم بورقيبة واتهامه بالتهم العربية الجاهزة والتي كان المذيع أحمد سعيد يرددها صباح مساء على أمواج إذاعة صوت العرب المسموعة من المحيط إلى الخليج.
واليوم بعد خمسين عاما من خطاب أريحا نجد بعض العرب في غفلة من الحقائق الجديدة والتحولات الراهنة في العالم، ما يزالون لا يفرقون بين الحق والواقع، و يطالبون بالمستحيل عوض المطالبة بالممكن الآن وتأجيل ما هو غير ممكن للغد أو لما بعد الغد دون التفريط في الحق، لأن السياسة هي في النهاية فن الممكن والتفاوض مع العقبات والمناورة المشروعة من أجل إحباط مخططات الخصم والعدو. ولعل الاحتقان المؤقت الذي يعرقل الشعب الفلسطيني بعد تباطئ المصالحة بين الإخوة في الضفة والقطاع هو احتقان سببه الأول هو هذا أي الخلط بين الحق والواقع وعدم التفريق بين الغاية الأساسية الإستراتيجية والوسيلة الملائمة لبلوغها وهي المسماة بالتكتيك أي التخطيط السياسي الذكي مرحلة مرحلة وخطوة خطوة. فالإخوة المجاهدون في الجهاد وحماس لهم نفس الغاية التي يسعى إليها محمود عباس بالضبط استراتيجيا لكن الاختلاف و حتى الخلاف هو في التكتيك أي المرحلية و العقلانية و استعمال العقل و البصيرة.
مواقع التواصل الاجتماعي والأمعاء الخاوية
كاظم الموسوي – الوطن العمانية
يصعّد الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية تحديهم للظلم والعسف بإعلان اضراب مفتوح عن الطعام. يحاربون بالأمعاء الخاوية الاحتلال والاستيطان. لم يبق امامهم إلا اسلحتهم هذه التي يبتكرونها ويقدمون بها مطالبهم. بدأها هذه المرة الأسرى الاداريون وتضامن معهم باقي الأسرى في السجون الصهيونية ليضعوا قضيتهم امام الرأي العام الدولي والإنساني ويفضحوا اجراءات السجن والسجان وحماته والداعمين له.
رغم ارهاب السجن واستبداد السجان، رغم الصمت والتواطؤ، تشق سماء فلسطين رسائل الحرية، تطير كطيور الحبارى من الأسرى في سجون الكيان الصهيوني لتخبر العالم عن عذاباتهم وتناشد أحراره وأصحاب الضمائر الحية للتضامن معهم، شعبا وقضية، حقا مشروعا وعدلا إنسانيا. وبعدها ومعها تتنوع حملات التضامن وأساليبها وإشكالها وكلها تعبر عن خطاب إنساني حضاري ضد بشاعة الاستيطان والاستعمار والاحتلال.
من بين وسائل التضامن الواسعة، مواقع التواصل الاجتماعي واستثمارها في توسيع حملات التضامن. ومنها ما قام به شباب فلسطينيون في اختراق العالم الافتراضي بصور لشبان يحملون ورقة بيضاء مكتوبا عليها “مي وملح = كرامة”، تضامنا مع إضراب الأسرى الإداريين. بدأت الفكرة بالتزامن مع الإضراب، وتحوّلت إلى مشروع أكبر. فالشباب القائمون على الفكرة ودعما للحركة الأسيرة المضربة عن الطعام، وجدوا أن بإمكانهم إشعال صفحات العالم الافتراضي وتذكير من فيه بمعاناة هؤلاء الأسرى وما يفعلونه في مواجهة العدو بصمودهم وبالأمعاء الخاوية، واستقطب نشاطهم هذا فئات متعددة وواسعة ومنتظمة.
ومثلهم ايضا بدأت حملة على توتير يوم 16/5/2014، بوسم/ هاشتاج “إغضب لأجل الأسرى #Rage4Prisoners” احتلت المرتبة الأولى في فلسطين المحتلة عام 1948 والرابعة عالميا خلال ساعات قليلة. هذا الوسم، أختاره نشطاء فلسطينيون لحملتهم الجديدة للتغريد لأجل الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني، تداول وسط مشاركة فلسطينية وعربية فاقت التوقعات، ايضا.
وحسب القائمين على الحملة فإن ما يقارب 16 ألف تغريدة نشرت على الهاشتاغ في أول ساعتين على تداوله. فيما وصل عدد التغريدات إلى 23 ألفا حتى الساعة الواحدة فجرا. واحتل التغريد عن الأسرى الفلسطينيين على هذا الوسم المرتبة الأولى في كافة المناطق الفلسطينية المحتلة. والمرتبة الثانية في قائمة المواضيع المتداولة في الأردن، ووصل إلى المرتبة الثالثة على مستوى مصر أيضا. وقدرت عدد المشاهدات للمواضيع المنشورة حول الأسرى الفلسطينيين بأكثر من 5 مليون مشاهدة، فيما حظي الهاشتاغ بأكثر من 8 ملايين تفاعل. ونشر المغردون منذ الساعة التاسعة وحتى ساعات الفجر الأولى معلومات عن الأسرى المعتقلين إداريا في السجون الصهيونية، مع تعريف بالاعتقال الإداري الذي يستند فيه الكيان إلاسرائيلي إلى قانون منذ عهد الانتداب البريطاني.
ونقل المغردون مقاطع من رسائل الأسرى المضربين عن الطعام، رسائل الحرية التي تبين مطالبهم بالحياة الحرة الكريمة ودعوة الضمائر الحية لدى احرار العالم لرفع الصوت عاليا معهم وتصعيد كل اشكال الضغوط، دولية وعربية، لوقف الاعتقال الإداري وإطلاق سراحهم واحترام حقوقهم الانسانية وعدالة قضيتهم المشروعة.
كذلك أمام البيت الأبيض في واشنطن، حملت مجموعة من النشطاء الشباب لافتات وأعلام فلسطين وصورا للأسرى الفلسطينيين، تضامنا مع الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي. ونظم المشاركون في الوقفة التضامنية نشاطا مماثلا أمام مبنى الكونغرس الأميركي، تحدثوا خلالها مع مئات المواطنين من مختلف دول العالم حول واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وعدم شرعية الاعتقال الإداري وتناقضه مع القانون الدولي، وحقوق الإنسان وكافة الأعراف والمواثيق الدولية، كما طالبوا المواطنين باتخاذ مواقف تضامنية وفعلية من أجل إنهاء سياسة الاعتقال الإداري غير القانونية وتحرير الأسرى.
أكدت “شبيبة فتح” في بيان لها أن “تنفيذ هذا النشاط يندرج في إطار جهدنا الدولي للتضامن مع أسرانا في سجون الاحتلال، وخصوصا المضربين منهم عن الطعام، منذ ما يقارب الشهر”، مشيرةً إلى أنها “ستنفذ العديد من الأنشطة التضامنية بالتعاون مع شركاء “شبيبة فتح” في مختلف دول العالم”.
من بيروت ابرقت الفصائل الفلسطينية المشاركة في حلقة عمل الديمقراطية برقية تضامن مع الأسرى الاداريين. اكدت فيها: “نبعث اليكم بتحية الفخر والاعتزاز من شعبكم الفلسطيني في مخيمات الصمود في لبنان، على نضالكم المتواصل وتحديكم لجلادي الاحتلال، ونحن نعيش اجواء الذكرى السادسة والستين لنكبة شعبنا الفلسطيني.. اليوم عيوننا شاخصة اليكم.. قلوبنا وإرادتنا وجهدنا معكم، وقضية تحريركم من قيد السجان ستبقى تحتل سلم أولوياتنا، وستظل دائما عاملا من عوامل التوحيد والتقريب في الساحة الفلسطينية، شأنها في ذلك شأن كل ثوابتنا..
لقد شكل تحرككم مفخرة لكل شعب فلسطين، ولكل قواه السياسية، بل شكل مفخرة للقوى الديمقراطية في العالم، في تحديها الظلم والاستبداد، وصار نضالكم جزءا لا يتجزأ من تاريخ فلسطين وتاريخ حركتها الأسيرة، لذلك فقضية الأسرى هي قضية كل الفلسطينيين اينما وجدوا، والدفاع عن قضية الأسرى هو في الوقت عينه دفاع عن الكل الفلسطيني..”.
استخدام الرسائل وحملات التضامن الاخرى، بكل الوسائل والأشكال، في كل السبل والطرق والإمكانات، لاسيما وسائل الاتصال الاجتماعي الجديدة والفضاءات الالكترونية والمرئية وغيرها، تقدم للعالم والإنسانية صورة لهم.. وجزءا من حقوقهم المشروعة.
أعلنت وزارة شؤون الأسرى والمحررين، أن 5200 أسير فلسطيني يشرعون في إضراب تحذيري شامل، تضامنا مع الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام. وستتسع مطالب المعتقلين لتشمل مطالب أخرى إلى جانب وقف سياسة الاعتقال الإداري. وشارك في هذه الخطوة الأسيران مروان البرغوثي وأحمد سعدات. وقالت وزارة الأسرى أنه “أمام خطورة الوضع الصحي الذي يمر به الأسرى الإداريون ونقل أكثر من 20 أسيرا إلى مستشفيات العدو بعد فقدانهم الوعي وزج أعداد منهم في العزل الانفرادي واستمرار تعنت الحكومة الصهيونية بالتجاوب مع مطالب المضربين، فإنه أصبح من الضروري الآن تدخل سياسي عاجل لإنقاذ المضربين وعدم تركهم تحت رحمة الشاباك الإسرائيلي”.
مواقع التواصل الاجتماعي، اضافة الى كل الوسائل الاعلامية، تفعل دورها ايضا في فتح سبل التضامن مع الامعاء الخاوية والتعريف بالقضية.
"إسرائيل" تنكل بالمعتقلين الإداريين
علي جردات – الخليج الإماراتية
التنكيل بالأسرى الفلسطينيين سياسة "إسرائيلية" ثابتة تحركها دوافع عدوانية عنصرية، تحيلها إلى سياسة فاشية مكتملة الأركان، عندما يقرر هؤلاء الأسرى، أو بعض منهم، خوْض معارك نضالية دفاعية سلمية الأشكال، في مقدمتها الإضراب المفتوح، أو الجزئي، عن الطعام . لكن التنكيل بنحو 200 معتقل إداري مضربين عن الطعام منذ 24 إبريل/نيسان الماضي، تخطى كل حدود المعتاد أو المألوف في القمع "الإسرائيلي" لإضرابات الأسرى السابقة . كيف؟
بالعادة، وبشكل عام، تتريث "إدارة مصلحة السجون العامة"، الذراع التنفيذية لسياسة القمع "الإسرائيلية"، قبل أن تلجأ إلى الاجراءات الأشد قسوة لكسر إرادة الأسرى المضربين، لكنها لم تفعل ذلك مع إضراب المعتقلين الإداريين الجاري، حيث نقلتهم منذ اليوم الأول للإضراب إلى أقسام العزل في أكثر من سجن . وعلى عكس المعتاد أيضا، لم يجرِ الحوار مع قيادة الإضراب إلا بعد نحو شهر من إعلانه . بل، وهنا الأهم، لم يكن الوفد المحاور من "إدارة مصلحة السجون" بل من جهاز المخابرات "الإسرائيلية"، (الشاباك)، الذي لم يبدأ الحوار، كما جرت العادة، بدعوة الأسرى إلى فك إضرابهم مع وعد بفحص مطالبهم، بل بالقول حرفياً: "مطلبكم بإنهاء اعتقالكم الإداري غير قابل للنقاش بأي حال من الأحوال . . . وإنكم أنتم، (أي أعضاء قيادة الإضراب)، من يتحمل مسؤولية موت أي زميل من زملائكم" . وأكثر من ذلك، فقد كرر الوفد المخابراتي في اللقاء الثاني الإجابة-التهديد- ذاتها، حتى بعد أن أعلن 20 مريضاً من المضربين الامتناع عن تناول الدواء، ما يعني أن احتمال استشهاد بعضهم- على الأقل- صار مرجحاً . والأشد وحشية هو إقدام إدارات أقسام العزل على سحب عبوات المياه المعدنية من زنازين المضربين عن الطعام لإجبارهم على شرب المياه من صنابير المغاسل والمراحيض، ما أدى إلى تردي صحة كثير منهم، ونقلهم إلى المستشفيات، حيث أثبتت الفحوص المخبرية أن تناول المياه الملوثة هو السبب . علماً أن تناول الماء والملح هو ما يمنع تعفن أمعاء المضرب عن الطعام وموته .
وفي خطوة أكثر وحشية قدمت لجنة وزارية بإيعاز من نتنياهو رئيس حكومة المستوطنين، مشروع قانون يتيح ل"إدارة مصلحة السجون"، تغذية الأسرى المضربين قسراً، أي من خلال إدخال "بربيش بلاستيكي" في فم المضرب بعد "تربيط" أطرافه وضبط حركة بطنه وصدره، أو في فتحة أنفه، إن هو أغلق فمه . وللعلم فإن ما يسمى "محكمة العدل العليا" في "إسرائيل"، كانت اتخذت في عام 1980 قراراً يقضي بأن تناول الأسير المضرب عن الطعام لكوب حليب ممزوج بالملح لا يعني كسر إضرابه . وذلك بهدف تجنب اللجوء إلى "التغذية القسرية" التي تسببت في استشهاد أربعة من الأسرى الفلسطينيين، هم: أول شهداء الإضرابات عن الطعام، القائد عبد القادر أبو الفحم، (في إضراب أسرى سجن عسقلان، 1970)، والقادة: راسم حلاوة، وعلي الجعفري، وإسحق مراغة، (في إضراب أسرى سجن نفحة الصحراوي، 1980) . والسؤال: لماذا تلجأ حكومة "إسرائيل" وجهاز مخابراتها وإدارة سجونها، إلى كل هذه الإجراءات الفاشية غير المسبوقة لكسر إضراب المعتقلين الإداريين المطالبين بإنهاء اعتقالهم التعسفي، رغم أن من شأنها، (الإجراءات)، أن تودي بحياة بعضهم؟!
من تجربتي أسيراً سابقاً أمضى-على دفعات- 14 عاماً في الاعتقال الإداري، يمكنني القول: يعلم جهاز المخابرات "الإسرائيلي" أن الاعتقال الإداري هو أكثر حلقات السياسة الأمنية "الإسرائيلية" قابلية للكسر . ليس لأن هذا النوع من الاعتقال أصبح من مخلفات الماضي فقط، على الأقل، منذ نشوء أنظمة "الديمقراطية الغربية" قبل قرون . بل أيضاً، وهنا الأهم، لأن "إسرائيل" المصنفة زوراً بأنها "واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق المستبد"، تمارس الاعتقال الإداري، سياسةً ثابتةً، وفقاً ل"قانون الطوارئ" البريطاني في عهد الانتداب، بل وتتمادى في ممارسته بصورة تفوق تطبيقاته في جنوب إفريقيا في مرحلة نظام الفصل العنصري البائد، حيث لم يكن متاحاً اللجوء إلى الاعتقال الإداري بصورة واسعة، ولا تمديد مدته تلقائياً، فيما يتم تمديده في "إسرائيل" أوتوماتكيا لسنوات، وبحق المئات من الفلسطينيين، بل الآلاف كما حصل، (مثلاً)، في فترة الانتفاضة الأولى، (1987-1993)، والانتفاضة الثانية، (2000-2004) . وأكثر من ذلك، فإن إصدار أمر الاعتقال الإداري يقع ضمن صلاحيات ضابط المخابرات المسؤول عن قرية أو مخيم أو حي مديني، أما التهمة فجاهزة لكل معتقل إداري، هي: "يشكل خطراً على أمن الجمهور والمنطقة"، بناء على "ملف أمني سري"، لا يحق للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليه . ما يعني سيطرة السلطات التنفيذية للاحتلال وأذرعها الأمنية، خصوصاً، على "القضاء"، وهو العسكري أصلاً، بصورة تفوق، أو تساوي على الأقل، ممارسات سلطات الطغم العسكرية الفاشية في بلدان أمريكا اللاتينية في زمانها، ما يفسر لماذا ترفع جهات سياسية وإعلامية ومنظمات حقوقية ومجتمعية "إسرائيلية"، صوتها ضد تطبيقات سياسة الاعتقال الإداري في "إسرائيل" . ماذا يعني هذا الكلام؟
إن حكومة "إسرائيل" وأجهزتها الأمنية تخشى هذه المعركة البطولية التي يخوضها المعتقلون الإداريون، وتعمل على كسرها بكل وسيلة، لعلمها أنه يمكن لهؤلاء المعتقلين أن ينتصروا، ويحققوا جوهر مطالبهم، في حال طرحت السلطة الفلسطينية قضيتهم على مؤسسات هيئة الأمم وطالبتها بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة . ولست أدري لماذا التقاعس هنا، بينما حياة هؤلاء المعتقلين في خطر حقيقي، عدا أنهم جزء من أسرى، (دولة نالت عضوية هيئة الأمم)، تجشموا، ولا يزالون، مشاق الرباط في الخنادق الأولى للنضال الوطني الفلسطيني، وصنعوا، جيلاً بعد جيل، ملحمة نضالية وطنية قل نظيرها في تاريخ حركات التحرر الوطني . بل ملحمة إنسانية نادرة تمتزج فيها صور البطولة والمعاناة، وظلوا، رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً، صامدين مقاومين كجبال راسخة ملأتها حقول العطاء، يشقون غبار معارك ممتدة ويومية، كفرسان ما ترجلوا تعباً أو هزيمة، بل ظلت عيونهم المتوقدة ترنو إلى العلا وآفاق انبلاج فجر الحرية لهم ولشعبهم ما انفكوا يرفدونه بأفواج متلاحقة من المناضلين والقادة الأشداء غير المظهريين الذين تسبق أفعالهم أقوالهم، ويصمدون أمام الإغراءات مهما تعاظمت، وأمام المحن مهما اشتدت، فصاروا، بعد الشهداء، ضمير الشعب الذي لا يصدأ، وملح الأرض الذي لا يفسد، وينبوع الثورة الذي لا ينضب، وحارس قيم المقاومة وثقافتها وبنيتها الذي لا يخلي خندقه . وبكلمات: ثمة واجب وطني وقومي وإنساني لنصرة هؤلاء الأبطال وعمل كل ما يمكن عمله لإنقاذهم، فيما أرواحهم معلقة بخيط رفيع بين الحياة والموت.
«حصن».. أحدث «اللاعبين» على الساحة الفلسطينية!
محمد خروب – الرأي الأردنية
يبدو ان الساحة الفلسطينية، ما تزال «ولادة»، رغم كل الخيبات والنكسات والإحباط، ورغم انسداد الآفاق التفاوضية و»خداع» الوسيط الاميركي «ودهاء» العدو الاسرائيلي، الذي لا يترك اموره للصدفة، وبالتأكيد، لا يجعل من نفسه اسير خيار واحد، او رأي قائد او «رمز» واحد، بل هو متعدد الخيارات والخطط والبدائل، يستمع للمؤيد والمعارض ويُصغي لكل من لديه رأي ولا يتسرع في اصدار حكم على أي موقف قبل مناقشته واستخلاص نتائجه، ودائماً في وضع المصالح «الاسرائيلية» العليا على رأس الأولويات بعيداً عن ثقافة «الشخصنة» والتخوين وتصفية الحسابات واحتكار الحقيقة او الوطنية وخصوصاً في احترام التعددية، على عكس الثقافة العربية، وخصوصاً الفلسطينية السائدة والمكرسة منذ عقود طويلة، والتي تُضفي القداسة على الرمز والتنظيم و»الشلة» وتصوغ قراراتها وفقاً لنظرية ردود الفعل ومقدار الفائدة الشخصية، وتُبدي حساسية وتبرماً من أي نقد او وجهة نظر، على النحو الذي كرسته ثقافة المفاوضات، منذ انكشاف القناة «السريّة» في اوسلو، والتي انتهت الى ان اصبح الخيار الاستراتيجي لاستعادة الحقوق الفلسطينية، هو «المفاوضات» كخيار وحيد، على قاعدة ان الحياة مفاوضات، ولهذا – كجزء رديء من ثقافة كهذه – واصل «مخترع» هذا الشعار، تصدُّر المشهد التفاوضي فيما، تبدلت طواقم اسرائيلية واميركية عديدة، وذات خبرات وباع طويل في المفاوضات والقانون الدولي ولم تتغير لدى الطرفين (الاسرائيلي والاميركي) الاهداف، رغم تغيّر المقاربات والوسائل والآليات، أما الجانب الآخر، الواقع شعبه وارضه تحت الاحتلال والمتناقصة بتسارع...هوامشه، بعد ان تمدد سرطان «الاستيطان» الى كل مكان، وبعد ان لم يعد بالامكان فرض أي ضغوط على اسرائيل، للتخلي عن «لاءاتها» الآخذة في الانتشار الأفقي والعامودي الاسرائيلي، بأن لا عودة لخطوط الرابع من حزيران، ولا لتقسيم القدس ودائماً في رفض عودة أي لاجئ فلسطيني حتى في شكل رمزي، محمولة كل هذه اللاءات، على شرطين لونتها تل ابيب باللون «الاحمر»: الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل دولة يهودية وخصوصا في اعتبار اي اتفاق لاحق، سواء كان على شكل قيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة ام إتفاق اطار كما اقترح جون كيري (بغير نجاح) اتفاقاً نهائياً، يُقرّ فيه الفلسطينيون بانتهاء «النزاع» وان لا مطالب لهم لاحقاً لدى اسرائيل.
ما علينا..
قلنا ان الساحة الفلسطينية «ولادة»، إذ برزت الى العلن (ومن قطاع غزة تحديداً) حركة جديدة تحمل اسم «حركة الصابرين نصراً لفلسطين» مختصرة اسمها بـ»حصن» بدت عند ظهورها وكأنها مكتملة «الاوصاف»، بمعنى، لها راية ذات لون اصفر وشعارات ورموز تمتلئ بها تلك الراية مع متحدث رسمي باسمها يُكنّى «ابو يوسف» واللافت هو تعريفها لنفسها بأنها «حركة فلسطينية مُقاوِمة، تسعى الى تحرير فلسطين كاملة، ولا تؤمن باي تسويات عبر المفاوضات او حتى اتفاقات هدنة طويلة الأمد مع اسرائيل».
بالتأمل في هذا التعريف، يمكن الاستنتاج بانها تقف موقف «الضد» من الحركتين الاقوى والابرز على الساحة الفلسطينية واللتين تتنازعان السلطة والزعامة والتمثيل، فتح وحماس، حيث الاولى (فتح) هي التي تقود التسويات عبر المفاوضات، اما الثانية (حماس) فهي التي دعت ومنذ اكثر من عقدين الى اتفاقات هدنة طويلة الامد مع اسرائيل.
فهل يمكن لحركة كهذه ان تصمد امام تسونامي (اقرأ حصار) فتح وحماس؟ اذا ما قررتا (كل على حدة) ان تُصفّيا او تُحجّما او تستميلا الحركة الوليدة، التي أشْهَرَ خصومها او المتضررين من إشهارها في وجهها، تهمة «التشيع» والتبعية لحزب الله حيث لون راية الحركة «الاصفر» والشعارات والرموز ذاتها (تقريبا) على الراية، فضلاً عن السيرة الذاتية لبعض المعروفين من قادتها، إضافة بالطبع الى «مغزى» النفي الذي سارع «ابو يوسف» الى اعلانه، عبر القول: إن حركته تؤمن بالوحدة الاسلامية وترفض الحديث بلغة مذهبية, رغم اننا (يواصل ابو يوسف) نؤمن بِحُرِية أي شخص في اختيار «مذهبه» الذي يتعبد عليه الله، في إطار المذاهب المتعارف عليها في الشريعة الاسلامية, وهو هنا يُلّمح ولا يصرح, وإن كان ما يقوله مقبولاً ومشروعاً..
قد يستعصي على فتح وحماس «تصفية» حركة «حصن»، وقد تسعى إحداهما الى استمالتها واستخدامها كورقة في صراعها مع الحركة المُنافِسة, إلا أن الامور ستغدو اكثر صعوبة، اذا ما استطاعت هذه الحركة «التي قال مؤسسوها انها «تعمل» منذ سنوات، لكن مصرع احد كوادرها (نزار عيسى) اثناء انفجار عبوة بين يديه، نتيجة خطأ في التصنيع, هو الذي سرّع بإشهارها, كي–كما يقولون–يتبنّوا الشهيد ولا يتركوه مجهولاً».
نقول: قد تتوسع هذه الحركة وتتضخم وتستقطب المُنشقين أو الغاضبين أو «المتطرفين», ما يُصعّب من مهمة فتح وحماس، أو تُنازعهما السلطة والقرار, اذا ما قررت «حصن» البدء بإطلاق صواريخ على اسرائيل في ظل حكومة الوحدة الوطنية العتيدة.. عندها لا يستطيع أحد التكهن بردود الفعل، وخصوصاً أن لا حُكْمَ «منفرداً» لأي من فتح وحماس.
إسرائيل والمسيحيون: انفضاح سياسة.. وفضيحة وقائع!
د. اسعد عبد الرحمن – الرأي الأردنية
تسعى إسرائيل – هذه الأيام – سعيا محموما إلى جذب الأقلية المسيحية العربية فيها للانضمام إليها بمواجهة الغالبية المسلمة في المنطقة. وقد تجلى ذلك، مؤخرا، بإعلان جيش «الدفاع» الاسرائيلي الشهر الماضي استدعاء مسيحيين من فلسطينيي 48 للخدمة، مشيرا الى ان «الاستدعاء اختياري وليس الزاميا». كما تجلى أيضا في القانون الذي وضعه البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) حيث يفرق بين فلسطينيي 48 المسلمين منهم والمسيحيين، ويمنح الأخيرين امتيازات أكبر في مجال العمل. ولقد أكد النائب الليكودي (ياريف ليفين) الذي قدم مشروع القانون أن المسيحيين «حلفاء طبيعيون لنا ويشكلون ثقلا مضادا للمسلمين الذين يريدون القضاء على الدولة من الداخل»!!! من جانبه، يشير (غابرييل بن دور) مدير معهد دراسات الامن القومي في جامعة حيفا إلى أن «هناك بالفعل تدهورا في وضع المسيحيين في الشرق الاوسط. إنه الوقت المناسب لتقوم اسرائيل بتحسين وضع الاقلية المسيحية فيها، لان هذه الاقلية الان اكثر حماسا للتعاون مع إسرائيل وهذا من شأنه أن يحسن مكانة إسرائيل الدولية». بذلك، تتابع إسرائيل اليوم اللعب بورقة «الطائفية» بين المسيحيين والمسلمين في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، بعد أن كانت قد صنفتهم إلى مسلمين، ودروز، وبهائيين، ومسيحيين.. وبدو منذ 1948. ومن المؤكد أن الدولة الصهيونية لن تسعى إلى دمج المسيحيين في المجتمع الاسرائيلي كمواطنين يتمتعون بالحقوق الكاملة، فأكبر دليل على ذلك استمرار التمييز الواضح ضد العرب الدروز الذين يخدمون في جيش «الدفاع». وفي كل ما سبق، انفضاح سافر لسياسة إسرائيل على هذا الصعيد.
يقول مراسل مجلة الإيكونوميست في القدس المحتلة (نيكولاس بيلهام): «قبل زيارة البابا ارتدت جماعات الضغط اليهودية المتعددة في العالم عباءة المنقذ للمسيحيين في الشرق الأوسط، باعتبار أن إسرائيل الدولة الوحيدة التي توفر الملاذ الآمن للمسيحيين في الشرق الأوسط على النقيض من «جلاديهم» المسلمين». ومن ضمن مقارنته، يقول (بيلهام) إن «سجل السلطة الفلسطينية أفضل بكثير من إسرائيل: فالمتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس مسيحي، واثنان من أعضاء مجلس الوزراء (الشؤون المالية والسياحة) مسيحيان، واثنان من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مسيحيان أيضا، وكذلك نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني. المسيحيون كثر في مجالس البنوك وغرف التجارة، بلديتا رام الله وبيت لحم يجب أن يكون مجالسهما البلدية في غالبيتها مسيحية مع رئيس بلدية مسيحي. عيد الميلاد والأعياد الشرقية هي العطل الرسمية الفلسطينية. الرئيس عباس يحضر ثلاثة أعياد ميلاد (للروم الأرثوذكس والكاثوليك والأرمن) في بيت لحم، وسوف يحتفل بعيد الفصح في القدس إن سمحت له إسرائيل بالدخول». ويتابع (بيلهام): «على النقيض من ذلك، بعد 66 عاما على النكبة، لم يكن في إسرائيل متحدث واحد مسيحي باسم الرئاسة، أو وزير في حكومة، أو رئيس بنك». ويضيف: «في البرلمان الفلسطيني هناك ثمانية مسيحيين، وفي البرلمان الإسرائيلي اثنان. لدى الدولة الفلسطينية ما لا يقل عن خمسة سفراء مسيحيين، بما في ذلك لندن وبرلين، وإسرائيل لديها فقط نائب سفير في النرويج مسيحي. الكنيست يمنع أشجار عيد الميلاد التي تنبت في جميع أنحاء فلسطين من العرض العام في مقره. لا يذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الكنيسة لعيد الميلاد».
إذ نؤكد دائما على الأهمية الفائقة للوجود المسيحي في المشرق العربي وعلى المصير المشترك بين المسيحيين والمسلمين في التصدي للتحديات المشتركة التي تواجههم، نؤكد أيضا على ضرورة تحرك الدول العربية والإسلامية، علاوة على الكنائس (وقبلها الجوامع) جماعيا لإنقاذ الوجود المسيحي في فلسطين، وبشكل خاص مدينة القدس، من الهجمة الصهيونية الأكثر شراسة للتهويد الذي يطال، على حد سواء، المسلمين والمسيحيين وأماكنهم المقدسة. كذلك، لا بد للمراجع الدينية الإسلامية من تعزيز جو الطمأنينة لدى المواطنين من الطوائف المسيحية كونها شريكة أساسية في المجتمعات العربية التي يعيشون فيها، علما بأن التوترات المذهبية بين المسلمين أنفسهم تهدد استمرار التعددية الدينية في المنطقة وتزيد من قلق المواطنين (مسيحيين ومسلمين) من وباء الفكر التكفيري. وختاما، مثل هذه الحملات والجهود تزيد من عزم المسيحيين المشرقيين (والمسلمين أيضا) وتحفزهم على مزيد من الصمود في الوطن رغم الرياح العاتية المتجسدة في جهود الاقتلاع التي تمارسها وترعاها إسرائيل.
مؤتمر «اربد الإسلامي» وتحولات الإخوان
د. مهند مبيضين – الدستور الأردنية
على موقع حزب جبهة العمل الإسلامي، لا شي عن التأسيس، ويحتاج المرء للبحث مطولاً لو أراد معلومات عن فضاء الحزب المعرفي وزمانه والجدل الدائر داخل الجماعة عن مستقبلها واصلاحها، والظاهر أن الحزب يثوي بثوب الجماعة وغير قادر على الانتقال لمفهوم الحزب السياسي بالمعنى الحديث للكلمة، وهو ما يجعل الحزب يظهر بشكل شعبة فرعية من شعب الجماعة.
تحت وطأة الجماعة تشكل حزب جبهة العمل الإسلامي، وكانت مجالسه ومواقعه القيادية فرصة للتبديل والمراوحة بين الجماعة والحزب، فمن يُقال من هنا أو تنتهي مُدته هناك، يجد موطئ قدم له في الحزب أو جمعية المركز او الجماعة ومكاتبها ولجانها، وهكذا يجري تداور النخب داخل المنظومة الموحدة، وكفيل بثورة الشباب داخل الجماعة والتي لاحظ مؤتمر أربد الذي عقد مطلع شهر ايار تناقص أعدادهم بجسم الجماعة.
وإذ ألزم الحزب نفسه بمرجعية الجماعة منذ تأسيسه عام 1992 إلا انه بعد نحو عقدين من العمر يبدو وكأن الأمر كان مجرد إعلان وجود حزب لاستكمال تأسيس الجامعة بجناح سياسي ليس فيه أي فرق عن المنهل الأساسي وهو الجماعة، لكن الحزب الذي تأسس كمبادرة عامة ودعي اليها شخصيات عامة من خارج الجماعة انتهى باحتكارها له وتجميده.
ولادة الحزب كانت مع بدايات الانقسام داخل جسد الجماعة إلى الصقور والحمائم ، وهذا الانقسام بقدر ما أنتج سجالا فكريا حول العلاقة بالدولة وشرعية المشاركة بالعملية السياسية، إلا انه رسخ تبلور الانقسام في صفوف الإخوان، وكان الشيخ محمد أبو فارس المحسوب على صقور الإخوان والذي عمل استاذاً في الجامعة الأردنية وابتعث على حساب الحكومة الأردنية، كتب العام 1991 رسالة بعنوان» المشاركة في الوزارة في أنظمة الحكم الجاهلية» معتبرا فيه الحكومة الأردنية حكومة طاغوت واعتبر الالتزام بالدساتير الوضعية تحاكماً إلى الطاغوت» (أبو فارس،ص23). واعتبر وجود المسلم في الوزارة أمراً يجعله يقع لا محالة في مخالفات شرعية كثيرة قائلا: «أن الأصل عند الحركة عدم المشاركة في الحكم»(ص 30، 58)
كانت فتوى أبو فارس قابلة للتجاوز ، إذ انها اتت من جناح التشدد داخل الجماعة،وهو ما مكن المعتدلين بالمشاركة في الحكومة، فالفتوى كما تقول كتب الافتاء وآداب المفتي غير ملزمة، وهذا ما يدركه الشيوخ من الإخوان ذلك أن الفرق بين حكم المفتي وحكم القاضي واضح وجلي بين أهل الفقه، فالقاضي ملزم بالحكم أما المفتي فمخبر عنه.
ومع ذلك، ففي العام 1993 تقدمت الحركة الإسلامية للانتخابات باسم حزب جبهة العمل الإسلامي، وقد عبر المراقب العام للحركة آنذاك محمد عبد الرحمن خليفة رحمه الله بان المشاركة جاءت استجابة لنداء الملك حسين رحمه الله في الحفاظ على البلد واستقراره، وقد نجح منها 17 نائبا.
ومن بعد، دخلت الحركة الإسلامية وحزبها في مراحل من القطيعة والمشاركة، وهما اليوم الحركة والحزب، في امس الحال للمراجعة السياسية، والتي فرضها اطلاق مبادرة زمزم ومؤتمر اربد الذي اثار تخوفات جناح التشدد والذي عبر عن منزع إصلاحي للحركة، ذلك أن الأحكام التي صدرت عن الجماعة ضد القيادات المؤسسية لزمزم (غرايبه والكوفحي والدهيسات) لا تختلف عن أي حزب شمولي متشدد مستبد يعاقب أبناءه على مجرد التفكير، ولعل هذا ما حرك شعبة الشمال العريضة الانتشار في الثامن من أيار المنقضي، للدفاع عن العقل وحرية الاختيار والإصلاح. ذلك أن هناك من دعا الى انشاء تنظيم جديد باسم الاخوان المسلمين حيث قال احدهم في ذلك الاجتماع بـ :» نحن الاخوان المسلمون وليس هذه القيادة الحالية التي خرجت عن منهج الدعوة الاصلية..».
عيون واشنطن الثلاث في الشـرق الأوسط
عريب الرنتاوي – الدستور الأردنية
في خطابه أمام خريجي كلية “ويست بوينت” العسكرية الأمريكية، تحدث الرئيس باراك أوباما حصراً، عن معيارين مقررين لشكل ومستوى علاقة بلاده مع أكبر دولة عربية: جمهورية مصر العربية ... المعيار الأول، حفظ التزامات مصر الأمنية المؤسسة على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ... والمعيار الثاني، حرب مصر على الإرهاب، والتي هي في نهاية المطاف، فصل من كتاب الحرب على الأمريكية على الإرهاب في العالم.
محددات العلاقة الأمريكية – المصرية، تكاد تنسحب على علاقات واشنطن مع مختلف الدول العربية ... أمن إسرائيل ومحاربة الإرهاب، يضاف إليها في حالة الدول المنتجة والمصدرة للنفط، أمن الطاقة وطرق إمدادها وأسعارها ... مما يعيدنا دوماً إلى التعريف المتداول لثالوث المصالح واشنطن في المنطقة العربية: إسرائيل، النفط والحرب على الإرهاب ... بهذه “العيون الثلاث” فقط، تنظر الولايات المتحدة إلى هذه البقعة من العالم.
بخلاف هذه المحددات / المصالح، تبدو بقية الملفات من نوع نشر قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بما فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها، تفاصيل ثانوية، وأوراق يمكن إبرازها حيناً وإخفاؤها في أحيان كثيرة، ودائماً، بما يخدم المصالح/المحددات الثلاث المذكورة، في الأساس، ولا يتقدم على أي منها.
“جودة” أي نظام عربي، تقاس بما يقوم به من أدوار في هذه الميادين ... أمن إسرائيل أولاً، أما التطبيع معها فيضيف إلى رصيد الحاكم والحكومة العربيين أسهماً جديدة، بما يجعله مثالاً للحكمة والاعتدال .... الحرب على الإرهاب، في مختلف أرجاء المعمورة، وليس داخل الحدود الوطنية والقومية فحسب، يجعل من أي حكومة وحاكم، مثالاً للحليف والشريك الاستراتيجي الملتزم، الذي “يشاطرنا قيمنا ومبادئنا” ... أما الاستمرار في إنتاج النفط وإغراق الأسواق به (دع عنك الغاز)، فهذا ما يجعل من أي نظام، عنصر استقرار للسلم العالمي، وليس للأسواق العالمية.
ماذا عن حقوق العرب، شعوباً وقبائل؟ ... لا أحد يكترث البتّة ... فلسطين محتلة منذ العام 1948، وأعداد اللاجئين الذين لا يعرفون مستقبلاً لهم، فاقت الستة ملايين لاجئ، يستقبلون هذه الأيام، الجيل الرابع من أبناء النكبة ... ماذا عن حق الشعوب العربية في حكم رشيد ونظم ديمقراطية وأنظمة متخففة من الفساد والاستبداد، هذا أمرٌ متروك للأجيال والعقود القادمة، ربما بعدما ينضب النفط، وبعد أن “تشبُّ إسرائيل عن طوق الحماية والوصاية الأمريكيتين” ... ماذا عن توق تطلع الشعوب العربية لاسترداد أراضيها المحتلة وحقوقها المصادرة، هذا أمر لا يستحق العناء، بدلالة بقاء ملف “إزالة آثار العدوان” مغلقاً منذ العدوان في حزيران عام 1967.
مصر الكبيرة، أم الدنيا، زعيمة العالم العربي وقائدته، لا تُرى بالعين الأمريكية سوى من زاوية إسهامها في حفظ أمن إسرائيل والولايات المتحدة، لا قيمة لها بذاتها، ولا معنى لتطلعات شعبها وأشواقه في “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية” ... فما بالكم حين يتعلق الأمر، بدول صغيرة، “لا خيل عندها تهديها ولا مال”، كيف تنظر واشنطن لهذه الدول وحكوماتها وأنظمتها وشعوبها؟ ... هل تختلف هذه النظرة عن الكيفية التي تتعامل بها الإدارة مع “بلاكووتر” على سبيل المثال لا الحصر؟!
لم تختلف هذه النظرة عند انتقال الرئيس لشرح الموقف الأمريكي من الأزمة السورية ... هناك ديكتاتور، لا دور له في مستقبل سوريا، لا ندري عن أي مستقبل يتحدث، المباشر، المتوسط أم البعيد المدى، لا حديث عن “تغيير النظام”، حتى وهو (الرئيس أوباما) يعرض فكرة تسليح المعارضة “المعتدلة” وتدريبها، فوظيفة هؤلاء المعارضين المدربين جيداً على يد المخابرات المركزية ووحدات النخبة في الجيش الأمريكي، هي محاربة الإرهاب في سوريا، وعدم السماح لـ “داعش” و”النصرة”، بالاستحواذ على مناطق سيطرة المعارضة ... ماذا عن الأزمة السورية؟ ... ماذا عن عشرة ملايين سوري نازح ولاجئ؟ .... هذه الأسئلة لا تشغل بال الإدارة الأمريكية، فالأزمة السورية مطلوبة بذاتها، واستطالتها أمر مرغوب فيه، طالما أن كل يوم يمضي في عمرها المديد والمرير، يأتي محمّلاً بأنباء القتلى من معسكر الخصوم، وكل من يُقتل في سوريا، هم خصوم لواشنطن، من النظام “المارق” إلى حزب الله والقاعدة المدرجان في قوائم واشنطن السوداء للمنظمات الإرهابية.
جميع أزمات المنطقة، تُرى بهذه “العيون الثلاثة”، وبهذه العيون فقط، ولقد آن الاوان أن نتعلم الدرس، وندرك أن وضع البيض كلِّه في سلة واشنطن، لم يكن يوماً، خياراً حكيماً، وهو ليس كذلك اليوم ولا في المستقبل، وأن الوقت قد أزف لوضع أزماتنا وقضايانا على سكة أخرى ... ولمن تساوره الشكوك فيما نقول، عليه أن يقرأ الفقرات الخاصة بإيران في خطاب “ويست بوينت”، هنا يجري الحديث عن “فرصة تاريخية”، وتلوح من بين ثنايا الموقف الأمريكي، استعدادات للتعامل بندية مع الجارة الإقليمية، وأخذ مصالحها وتطلعات شعوبها بنظر الاعتبار.
هم (الإيرانيون) فرضوا ذلك، ونحن أخفقنا، وعلينا أن ندفع الثمن، أقله حتى إشعار آخر.
أوباما.. عن أي معارضة سورية معتدلة تتحدث؟!
جهاد المنسي: الغد الأردنية
تتلبد الغيوم في الافق، وتبدو المنطقة بكل أركانها مقبلة على قرارات مصيرية ذات صلة بالاوضاع بشكل عام، ففي الوقت الذي انهى الفلسطينيون مصالحة تاريخية داخلية، اعتبرت تطورا يمكن ان يتم البناء عليه، تواصل إسرائيل سياستها في تهويد القدس وتدنيس المقدسات وسط صمت عربي رسمي مخجل.
وفي الوقت الذي انهى المصريون فيه انتخاب رئيس جديد لهم اعادوا فيه تموضع المؤسسة العسكرية على رأس السلطة السياسية في مصر، وكرسوا فيه سياسة الاقصاء التي اتبعت سواء في عهد مبارك أو مرسي ومن ثم عهد السيسي الجديد، تذهب ليبيا الى المجهول وتسيطر الفوضى على كل شبر من البلاد.
وفي منطقة الهلال الخصيب ما يزال لبنان يبحث عن رئيس توافقي يحقق الشروط الصعبة لكل الاطراف، وفي العراق ما تزال الحرب بين "داعش" الارهابية والقوات النظامية العراقية حرب كر وفر، يقفز في الأفق خلاف اركان المؤسسة السياسية في البلاد وسط تصاعد الشد الطائفي والمذهبي والعرقي.
وفي سورية يذهب السوريون يوم الثالث من حزيران لانتخاب رئيسهم رغم ان البلاد تقع تهديد وابل من الجيوش الارهابية القادمة من اصقاع العالم، والتي تريد زعزعة الاستقرار وإدامة أمد القطيعة بين افراد الشعب الواحد، ولكن السوريين وعندما ذهبوا لصناديق الاقتراع في الخارج بعشرات الاف لانتخاب رئيس جديد لهم اثبتوا انهم يؤيدون دولة مدنية عصرية حضارية مدنية علمانية تعزز اركان الدولة، وسطروا رفضهم لكل فكر تخريبي ارهابي اجرامي يريد ان يقسم بلادهم، ويواصل سياسة جز الرؤوس وقتل الاطفال واغتصاب النساء.
الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة لا يريد لسورية ان تنهض، ولا يريد للسوريين قول كلمتهم، انما يريد لهم قول ما تمليه عليهم اميركا والغرب، وحلفاهما في المنطقة.
فالرئيس الاميركي باراك اوباما الذي ما يزال في عنقه وعد قطعه في جامعة القاهرة قبل حين ولم يستطع تنفيذه، عاد ليتحدث عن دعم عسكري للمعارضة السورية، وقبل ان يقع تحت وابل نقد الرأي العام الاميركي الذي بات يعرف يقينا ان في سورية جماعات ارهابية ولا يوجد فيها جماعات معارضة اخرى، استدرك ليقول ان الدعم سيكون لـ"المعارضة المعتدلة"ّّّّ!
عجبا أيوجد في سورية معارضة معتدلة؟! فعن أي معارضة يتحدث الرئيس أوباما؟ وبما أن المقصود ليس "داعش" و"النصرة" بصفتهما منظمتان ارهابيتان تقول وكالة الاستخبارات الاميركية انهما ضمن قوائمها الارهابية، فإن اميركا تقصد حتما بـ"المعارضة المعتدلة" جماعة الائتلاف السوري المعارض والجيش الحر.
اميركا ودول غربية كثيرة وازنة تعرف يقينا ان جماعات المعارضة المعتدلة تلك لا اثر ميدانيا لها في سورية، وكان الافضل للولايات المتحدة ودول عربية وغربية، تقبل العزاء بها منذ وقت طويل، فهؤلاء لم يشكلوا نواة معارضة يوما، ولم يستطيعوا خلال سنوات اقناع السوريين ليس في سورية الداخل وانما في الخارج الذي يفترض أنهم هاربون من "بطش وجور النظام السوري" بهم ولم يستطيعوا التواصل معهم.
فشلت فضائيات عالمية وعربية، وكتاب ومحللون وضعوا كل طاقاتهم لابقاء العيون لا ترى الا ما تبثه محطاتهم الحالمة، ولا تقرأ الا ما يكتبون في تحليلاتهم، فخاب املهم، ولم يتمكنوا من اخفاء حقيقة الاقبال الكثيف للسوريين في الخارج على الاقتراع، رغم ان سفارات عربية وغربية اقفلت في وجه آخرين، خوفا من كشف زيف ادعاءاتهم وما يقولون.
ان اقبال السوريين في الخارج على صناديق الاقتراع بكثافة لانتخاب رئيس لهم رغم دعوة المعارضة في الخارج للمقاطعة دليل على عدم قدرة تلك المعارضة على الاقناع، وعدم قدرتها على الوصول للناس، وابتعادها اميالا كثيرة عن التواصل معهم، بسبب عدم وجود برنامج حقيقي لتلك المعارضات، برامج تؤسس لدولة مدنية عصرية حضارية تحافظ على ارث اقدم الحضارات ولا تسويه في الارض.
هي الفوضى الخلاقة التي تبحث عنها اميركا، لإبعاد العيون عما تفعله اسرائيل في فلسطين، ولا بأس بأن تتقطع اوصال الدول وتتمزق الشعوب وتشرد في سبيل بقاء اسرائيل العنصرية آمنة مستقرة.
«الإخوان».. تسييس الإسلام و«تقديس» المرشد!
خليل علي حيدر الإتحاد الإمارتية
كان اغتيال المرشد حسن البنّا في فبراير 1949 كارثة كبرى لجماعة «الإخوان». فكما يقول طارق البشري، «لم تفقد الجماعة باغتيال البنّا منظمها فقط، بل فقدت مفكرها وراسم سياستها». (الحركة السياسية في مصر، ص 368).
والواقع أننا عندما ندرس شخصية البنّا من مختلف الإفادات نجدها شخصية تنظيمية حزبية أكثر منها شخصية مثقف نهضوي منظر، منهمك بالفكر حتى في أعماق الثقافة الإسلامية نفسها. وتدل انطباعات كل من كتب عنه ورافقه من مقربيه، أنه كان يعطي الأولوية لبناء الجماعة وتوسيع نفوذها وتعميق الولاء لأفكارها وشعاراتها والاهتمام الوثيق بتنفيذها في مختلف المجالات والمناطق. وقد جاءت هذه السمة العملية والتنفيذية، التي تنحو تجاه التنظيم والنشاط الحركي على حساب عمق الثقافة وأصالة الفكر والإبداع الأدبي والثقافي والفني، من ملامح جماعات «الإخوان» في كل مكان. وما أن يجد عضو نفسه متعمقاً في أي مجال ثقافي أو إبداعي حتى يرى نفسه على هامش الجماعة في أحيان كثيرة.
خصص أحد أوائل الباحثين العرب الذين اهتموا بدراسة جماعة «الإخوان»، وهو د. إسحاق موسى الحسيني، فصلاً كاملاً من كتابه المعروف «الإخوان المسلمون: كبرى الحركات الإسلامية الحديثة»، بيروت 1952، لدراسة شخصية المرشد حسن البنّا (1906 - 1949). ويلاحظ د. الحسيني «أن البنا لم يشتغل في الدراسات الدينية شارحاً أو مفسراً أو مدافعاً على الطريقة الأزهرية ولم يكن رجل دين بالمعنى الصحيح. وثقافته لم تعدّه لذلك. وقد قصد في كتاباته - من كتب ومقالات - أن تجنب الجدل الديني الذي يخوض غماره رجال الدين عادة».
اهتم البنا بمد نفوذ فهمه للإسلام أفقياً بدلاً من صرف الوقت في تعميقه عمودياً، إن صح التعبير والتشبيه. وحاول أن يمد رؤاه الدينية المدعومة بجهازه الحزبي، إلى مجالات سياسية واجتماعية واقتصادية وعامة وخاصة لا حد لها، في مجتمع يعاني من مشاكل لا حصر لها. وبذلك أرسى في العالم العربي دعائم ما نسميه اليوم بـ «الإسلام السياسي» الحزبي، الذي تتبناه وتقوده جماعات تستخدم «الإسلام»، كما تفهمه، لبسط نفوذها، ليخدم هذا الفهم الديني السياسي المؤدلج بدوره نفوذها الحزبي ومصالحها الحركية.
وعندما التحق بمتصوفة الطريقة الحصافية، لاحظ أن شيخها «لم يكن يسمح للمتعلمين من أتباعه بأن يكثروا الجدل في الخلافيات أو المتشابهات من الأمور أو يرددوا كلام الملاحدة أو الزنادقة أو المبشرين أمام العامة، ويقول لهم اجعلوا هذا في مجالسكم الخاصة تتدارسونه فيما بينكم». (ص 46).
ولا يعني هذا أن البنّا كان مقتصراً في قراءته على كتب دراسته. فالواقع أنه كان شغوفاً بالمطالعة خارج حدود هذه المناهج إلى حد كبير وكان يحفظ الكثير من الشعر، ويطالع في مكتبة والده مختلف الكتب الدينية والأدب والقصص الشعبي وإن تأثر أكثر ما تأثر بكتب التصوف في المراحل المبكرة، تليها القصص الحماسية والجهادية وقصص السيرة. «كما تأثر بما كتبه السيد رشيد رضا وفريد وجدي ومحب الدين الخطيب وأضرابهم من السلفيين أصحاب الأقلام الصارمة». (د. الحسيني، ص 49).
ولعلّ أشق عمل اضطلع به البنّا واقتضى من تركيز جميع مواهبه وكشف بالتالي عن ذكائه، يقول د. الحسيني، هو «محاولته في جميع خطبه ومقالاته أن يثبت أن الإسلام عُني بجميع ما عُنيت به الحركات السياسية المعاصرة كالنازية والشيوعية». (ص 54).
ويحسن بنا قبل أن نواصل قراءة ما كتبه البشري عن مصير جماعة الإخوان بعد اغتيال المرشد، أن نواصل الحديث وعرض بعض الاقتباسات عن حسن البنّا من كتاب آخر بعنوان «الإمام الشهيد حسن البنّا بأقلام تلامذته ومعاصريه»، من إعداد أحد الإخوان المعروفين وهو جابر رزق، 1990، وقد جمع في الكتاب شهادات نحو أربعين شخصية تتحدّث عن المرشد.
وقد لفتت نظري من بينها انطباعات عبد الحكيم عابدين الذي كان متزوجاً بأخت المرشد، وكان كذلك سكرتير الجماعة، وقد توفي عام 1977. وهو يؤكد الجانب العملي والحركي في شخصية البنّا فيقول: «يجمع كتاب السِّيَر على أن عمرو رضي الله عنه حينما دفع بأصحابه إلى الفتح وأخرج المسلمين في فجاج الأرض كان يرمي، مع قصد الفتح، إلى صرف المسلمين عن مجالس المناقشة والجدال، إيماناً منه بأن الرجل إذا فرغ من العمل التفت إلى الكلام، ومتى كان الكلام مشغلة الجماعة كثرت فيها المذاهب، وتشعبت في المسألة الواحدة الآراء، ونجم عن ذلك تعرض كيان الجماعة للاقتتال والانهيار. وبهذا المعنى الرفيع أخذ البنّا. فكان يخلق لتلاميذه ميادين العمل ويبتكر لهم من ضروب الواجب ما يجعل إلمامهم بالمناقشات وتناظرهم حتى في مسائل العلم - يقصد ربما العلوم الدينية - أمراً يسيراً. فعلى الأخ كل يوم فوق أعماله الخاصة أن يقرأ وِرْداً ولو قليلاً من القرآن، وأن يردِّد بعض المأثور من الدعاء، وأن يزور شعبته، وأن يجتمع مع مندوبي الشُّعَب الأخرى في مركز جهاد، وأن يجتمع مع مندوبي مراكز الجهاد في مكتب إداري، وأن يسعى غير مرة إلى المركز العام، وأن يسافر إلى بعض الأقاليم عند اقتضاء الأحوال، وأن يزور بيوت المنكوبين في الدعوة، وأن ينهض للخدمة العامة في كل ميدان، وأخيراً أن يجلس إلى نفسه لحظات قبل النوم ليحاسبها على عمل النهار. فأي جانب بقي له من الوقت يستطيع أن يستجيب فيه لشهوة الجدال؟» (ص 102).
ويقول الأستاذ سعيد رمضان، أحد قادة «الإخوان» وزوج ابنة المرشد، ووالد الداعية الحالي في أوروبا طارق رمضان:
«كان حسن البنّا عقلاً هائلاً، وروحاً موصولاً بالسر الأعلى لا يفتر عن ذكر الله، كان قمة شامخة فيها العلو وفيها الثبات، وفيها قوة الجبل، كان موفقاً لا يخطئ الوجهة، كان حلواً جميلاً رائعاً، ملأ قلوبنا بحب الله، وأشعل صدورنا بحب الإسلام، وصهرنا في بوتقة طاهرة لا تشوبها شائبة». (ص 123).
وبالغ أحد قدامى الإخوان «الأستاذ أمين إسماعيل» بعض الشيء، وكان يعمل صحفياً في الجريدة اليومية، فكتب عام 1951 في مجلة «الدعوة» يمجد المرشد ويكشف المؤامرات التي تعرض لها .. إلى أن قال:
«حسب له «هتلر» حسابه.. وحسب له «موسوليني» حسابه.. وحسب له «ستالين» حسابه.. وحسبت له «بريطانيا» حسابها.. وحسبت له «فرنسا» حسابها.. وحاولوا جميعاً أن يرتموا على أقدام «المدرس» الفقير الزاهد ليتصلوا به... ولكنه كان لا يتصل إلا بالله والله أعز وأقوى من ألمانيا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا وفرنسا مجتمعين ومنفردين». (ص 154). وقد نميل إلى تصديق رُبع هذا الكلام، ولكن حتى الربع كثير!


رد مع اقتباس