النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 26/07/2014

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 26/07/2014

    أقــلام وآراء إسرائيلي السبـــت 26/07/2014 م
    في هــــــذا الملف

    السعي إلى الحسم
    بقلم:عاموس يدلين،عن معاريف

    كيف نخرج من هذا؟
    كيف تدهور الوضع بحيث وصلت إسرائيل إلى دخول غزة برياً؟
    بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت

    يجب على اسرائيل أن تعالج اسباب العنف في القطاع وسؤال قطر لماذا تحولت الى منبر تحريض على اسرائيل
    بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم

    في كل مواجهة عسكرية لاسرائيل تعرف كيف تبدأ ولكن لا تعرف كيف تخرج وان خرجت فيكون في وقت مبكر ولمدى قصير
    بقلم: يوئيل ماركوس،عن هآرتس





    السعي إلى الحسم

    بقلم:عاموس يدلين،عن معاريف

    ستة أقانيم عن الوضع
    1.عدم مساواة استراتيجية: بعد اسبوعين من المواجهة بين اسرائيل وحماس، في اثنائها اطلق نحو 1.500 صاروخ على مدن وقرى اسرائيل وجرت نحو 3.500 غارة جوية على قطاع غزة نشأت عدم مساواة استراتيجية بين اسرائيل وحماس. وتبين عدم المساواة قبل كل شيء من أن حماس تعمل حسب مبادىء المنظمة الارهابية التي تطلق النار دون تمييز على المدنيين. اما اسرائيل، بالمقابل، فمقيدة حسب القانون الدولي بالعمل ضد اهداف عسكرية في ظل محاولة الامتناع عن المس بالابرياء.
    اضافة الى ذلك يوجد عدم تماثل في غاية المواجهة وفي تعريف «النصر»: يمكن لحماس أن تدعي بانها شوشت نظام الحياة في اسرائيل كلها، مست باقتصادها وبعلاقاتها الخارجية ولم تهزم. في ضوء عدم المساواة في علاقات القوى العسكرية، فان عدم الهزيمة هي من ناحيتها انتصار. وعليه فان «صورة الانتصار» سهلة المنال: مواطنون ينبطحون على الاسفلت في قارعات الطرق في البلاد مع سماع الصافرات التي تحذر من اطلاق الصواريخ، وصور الجنود الذين سقطوا في المعركة في أطر سوداء في الصحف. اما اسرائيل من جهتها فمطالبة بان تلحق ضربة شديدة جدا بحماس كي تحقق اهدافها الاستراتيجية.
    من جهة اخرى، تتمتع اسرائيل بجودة عالية بلا قياس مع حماس في كل ما يتعلق بقدرة وقوة منظومات السلاح التي في حوزتها، وبالتالي في قدرتها على تصعيد المعركة – القدرة التي فقدتها حماس منذ الان. هذا الوجه من عدم التماثل احتدم أكثر لان حماس عادت لتعمل كمنظمة مقاومة وارهاب في ظل تسليمها المسؤولية عن قطاع غزة الى السلطة الفلسطينية وحكومة التكنوقراط التي اقيمت على اساس التوافق بينها وبين فتح. وتغير التوازن الداخلي في حماس في صالح الذراع العسكري مما عزز مكانته كعنصر القوة الاساس في المنظمة.
    2.استراتيجية دفاعية: تميز الطرفان باستراتيجيتهما الدفاعية. إسرائيل أذهلت حماس والعالم كله بقدراتها على تقديم جواب شبه تام لنار الصواريخ من حماس، التي تحطمت على السور الحديدي لـ «القبة الحديدية». وبفضل الاستخبارات الجيدة والعمل الميداني الناجع والسريع أحبطت اسرائيل معظم «المفاجآت» التي أعدتها حماس لاسرائيل، وعلى رأسها عمليات القتل الجماعي والاختطاف عبر الانفاق التي حفرت الى داخل أراضيها.
    أما حماس فركزت على الدفاع عن الذراع العسكري. فقد اختبأ هذا تحت الارض، محمي بالخنادق التي حفرت في مواقع مدنية صرفة. ولكن المفارقة هي أن القبة الحديدية التي تحمس الذراع العسكري لحماس هم السكان المدنيون لغزة – ذات السكان الذين رفعتهم حماس الى اسطح المنازل وعلى مسافة اجرامية من مواقع النار وأماكن اختباء قادتها. 3.الجاهزية للمواجهة: لقد استعدت حماس للمواجهة بشكل افضل. ويبدو أنها تعلمت جيدا استراتيجية الجيش الاسرائيل والادوات العملياتية التي استخدمها الجيش الاسرائيلي في الحملات السابقة التي جرت في ساحة غزة في 2009 وفي 2012 ووفرت لها جوابا منظوماتيا. الجيش الاسرائيلي، الذي لم يبادر الى المواجهة، انجر اليها دون استراتيجية محدثة، دون ضربة بدء ناجعة، افكار عملياتية جديدة او فهم كاف لمنطق العدو.
    وكان التقدير أن حماس ستضغط بحجم الهجمات ومن الارتفاع في شدتها، فتضطر الى انهاء المواجهة بشكل مشابه لانهاء المواجهات السابقة. ولكن رفع المسؤولية المدنية والسياسية على غزة عن حماس سمح لها بتجاهل الضربة الاسرائيلية لـ «دولة غزة» والتركيز على حماية الذراع العسكري. لم يستوعب هذا التغيير في نهج حماس في تفكير الجيش الاسرائيلي – الذي ركز على احصاء الهجمات بدلا من احتساب الاصابة لقيادات الذراع العسكري وقدراته. والتصق الجيش الاسرائيلي بفهم الجولة والاستخدام التدريجي للقوة، بدلا من تغيير الفكر في ضوء الفهم بان هذه مواجهة تختلف عما كانت في الماضي. 4.تحقيق الاهداف: حتى لحظة كتابة هذه السطور لم تتحقق الاهداف الاستراتيجية للحملة. فاسرائيل لم تبلور بعد نهجا منظوماتيا وأدوات عملياتية هجومية بما يتناسب مع ذلك مما يؤدي الى تحقيق اهدافها الاستراتيجية. وفي نهاية الاسبوع الماضي وقفت اسرائيل امام ضرورة تغيير التعادل الاستراتيجي وذلك على اساس الفهم بانه حتى الاهداف المتواضعة التي حددها رئيس الوزراء للحملة – اعادة الهدوء، ترميم الردع والضربة الشديدة لحماس العسكرية – لم تتحقق في الخطوة الجوية وحدها. ومع ذلك، فان الخطوة البرية المحدودة التي نفذتها اسرائيل لم تغير هي الاخرى الوضع دراماتيكيا.
    لقد عرضت الخطوة البرية بانها تستهدف ضرب الانفاق. هذه خطوة هامة، ولكنها ليست كافية! فبقاء الذراع العسكري لحماس معناه الانتصار للمنظمة الارهابية، اضافة الى انجاز القدرة على مواصلة اطلاق الصواريخ نحو الجبهة الاسرائيلية الداخلية على مدى كل ايام القتال بل ووقف الحركة الجوية اليها. سؤال ينبغي طرحه: هل مصدر الاصابة غير الكافية للذراع العسكري لحماس يعود الى الفجوة الاستخبارية؟ هل يدور الحديث عن صعوبة نابعة من الرغبة، المبررة، في عدم المس او الاصابة للابرياء؟ أم ربما الفرضية الاساس في أنه ينبغي الحفاظ على حماس كـ «عنوان» في غزة ليست صحيحة؟
    5.اهمية الشرعية: تتمتع اسرائيل بشرعة دولية عالية نسبيا، على الاقل بين حلفائها بل وفي العالم العربي. ويدعم هذه الشرعية رفض حماس قبول اقتراح رئيس الوزراء «الهدوء مقابل الهدوء» في ايام الحملة الاولى، رفض حماس قبول الاقتراح المصري لوقف النار والخروقات الفظة لوقف النار الانساني من جانب حماس. فليس الرئيس براك اوباما والمستشارة الالمانية انجيلا ميركيل وحدهما أيدا حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الصواريخ، بل وحتى وزير الخارجية المصري القى على حماس بالمسؤولية عن اصابة المدنيين كنتيجة لرفضها قبول الاقتراح المصري بوقف النار والذي قبلته اسرائيل.
    في هذا السياق ينبغي أن نتذكر بان اسرائيل تحظى بالتفهم في أوساط زعماء الغرب ولكن ليس في الرأي العام العالمي، المتأثر بالصور القاسية للاصابة للمدنيين والتي تصل من غزة.
    6.الجانب الاقليمي: الفرص والاحتمالات – حتى الان تبددت المخاوف والتوقعات بالتصعيد الاقليمي. حجم المظاهرات التي جرت في اوساط العرب في اسرائيل وسكان الضفة الغربية لم يخرج عن حجم المظاهرات التي جرت قبل الحملة. انتفاضة ثالثة عنيفة ليست خيارا مفضلا على ابو مازن وقادة السلطة الفلسطينية. ثمنها معروف ورادع.
    الصواريخ القليلة التي اطلقت من لبنان ومن سوريا لم تستهدف فتح جبهة ثانية، واسرائيل تمكنت من احتواء هذه الاحداث. وقد أطلقت الصواريخ منظمات فلسطينية صغيرة. حزب الله هو الاخر، الغارق في المعارك مع الجهاديين في سوريا، وكذا بشار الاسد، لن يفتحا جبهة في صالح حماس – التي فرت قبل سنتين من صفوف المحور الراديكالي المؤيد لايران.
    كما ان محادثات النووي مع ايران، والتي حصلت هذا الاسبوع على تمديد، لم تنته بأزمة أو «صفقة سيئة» تستوجب صرف الانتباه الاسرائيلي. اضافة الى ذلك، كشفت الازمة منظومة التحالفات وتداخل المصالح في المنطقة. وحقيقة ان اسرائيل، مصر، السلطة الفلسطينية ودول الخليج العربية (باستثناء قطر) توجد في محور واحد ضد حماس وحلفائها، تفتح امكانيات لعمل دبلوماسي ومالي ضد المنظمة وتحقيق مواضيع اخرى باتجاه آفاق ايجابية في الساحة الفلسطينية كلها.

    ست توصيات للعمل:

    1.تغيير الفرضية الاساس في الحاجة الى «الابقاء على حماس كعنوان مسؤول في غزة». هذه الفرضية تلحق ضررا ثلاثيا: فهي تمنع ضربات شديدة جدا لحماس، خشية ان «تسقط»؛ تدفع المنظمة للفهم بانه يمكنها ان تمدد الحرب دون أن تدفع الثمن بوجودها ذاته؛ وتمنع امكانية اعادة السلطة الفلسطينية الى غزة في المدى البعيد لتكون جهة القوة السائدة.
    الفرضية بانه اذا ما «انهارت» حماس فستسيطر على القطاع محافل أكثر تطرفا، تحتاج الى تحليل وفحص. فأي جهة يمكنها أن تهدد اسرائيل اكثر مما تهددها اسرائيل في اطلاق الصواريخ الى مدى أبعد من حيفا؟ أي جهة يمكنها أن تحفر عشرات الانفاق الهجومية؟ ينبغي فحص صلاحية التوقعات المهددة بشأن «تسونامي الجهاد العالمي» التي لم تتحقق في الماضي من افغانستان ومن العراق، ولا من حدود سيناء والجولان. كل منظمة متطرفة تسيطر على غزة اذا ما انهارت حماس (وليس واضحا على الاطلاق بان تأتي بدلا من حماس منظمة متطرفة)، ستحتاج الى سنوات طويلة كي تبني البنى التحتية الارهابية التي بناها مشعل وهنية. 2.استمرار الضغط العسكري، البري والجوي، لتوجيه ضربة شديدة للذراع العسكري لحماس. بعد التخلي عن الفرضية بشأن الحاجة «للحفاظ على حماس كعنوان»، يجب التركيز على تعميق الخطوة العسكرية بحيث تضرب بشدة وبالذراع العسكري لحماس وتضعفه.
    لقد أدى دخول قوات الجيش الاسرائيلي البري الى القطاع الى عدة انجازات: كشف وتدمير انفاق؛ ضربة معينة للذراع العسكري؛ واحتكاك يكشف امكانية استخبارات جديدة ونوعية. ومع ذلك في الخطوة البرية الحالية من الصعب أن نرى مناورة أخرجت العدو عن توازنه. صحيح مواصلة بتر القطاع، خلق ضغط على مناطق اخرى تطلق حماس النار منها وتقيم فيها تواجدا عسكريا ذا مغزى.
    مطلوبة خطوات يوجد فيها تداخل للمناورة بالمفاجأة، تطويق، ضرب مناطق اطلاق الصواريخ، اجلاء سكان وجهد استخباري وعملياتي للوصول الى مراكز الانتاج، الاطلاق، القيادة والتحكم لحماس. من المهم ان تفهم حماس بان من الافضل لها وقف اطلاق النار على استمرار القتال. عليها أن تشعر بان الطوق حولها آخذ في الاشتداد.
    3.السعي الى ميزان لا لبس فيه في صالح اسرائيل. الانهاء بالتعادل الاستراتيجي مع حماس سيبث ضعفا اسرائيليا لجبهات اخرى. حماس هي العدو الاضعف الذي تواجهه اسرائيل. لدى حزب الله قوة نار اكبر بكثير من ناحية الكمية، ووزن الرأس المتفجر والدقة. وفي دمشق وطهران أيضا سيفحصون نتائج المعركة.
    صحيح ان لكل ساحة مزاياها الخاصة والردع الاسرائيلي حيال الدول اكثر نجاعة من الردع حيال منظمة ارهابية. فان معركة طويلة دون حسم لا لبس فيه – هي الرابعة على التوالي – والتي ينفذ فيها الجيش مناورة برية محدودة جدا، يمتنع عن تدمير القدرات العسكرية الاستراتيجية لحماس بفضل حقيقة أنها محمية من السكان المدنيين، وكذا يمتنع عن ضرب القيادة العسكرية والمدنية لحماس – هي فقط جزء من بنود الميزان التي من شأنها أن تسحق الردع الاسرائيلي وتؤدي الى مواجهات اخرى في ساحات اكثر تعقيدا من غزة بكثير.
    ان المنطق المنظوماتي الذي يجب أن يقود الجيش الاسرائيلي هو انه سيكون واضحا بان تدفع حماس ثمنا باهظا – ليس فقط بالبنى التحتية، بل اساسا بعناصر القوة المركزية لديها، بالقيادة السياسية والعسكرية العليا، وبقدرتها على ضرب دولة اسرائيل. 4.منع التعاظم المستقبلي هو المفتاح لفترة هدوء طويلة. في حملة «الرصاص المصبوب» وكذا في حملة «عمود السحاب» لم تنشأ آليات ناجعة لمنع التعاظم المستقبلي لحماس. وفي مراجعة التسوية التي ستبلور في نهاية الحملة من المهم للغاية أن نفهم بانه دون معالجة الموضوع – فان تأجيل الجولة التالية منوط فقط بالردع. حيال حزب الله، الردع الاقوى (وذلك بفضل عدة عوامل: الضربة التي تلقاها في 2006 في ما يتجاوز كل توقعاته، مسؤوليته عن دولة لبنان، الحساسية الطائفية في لبنان وحقيقة أن ليس له ذريعة شرعية لمهاجمة اسرائيل). حيال حماس لم يكن الردع ناجعا بما يكفي، ولم يعد بفترة هدوء طويلة. وعليه، فصحيح الحرص على ان يكون تعاظم حماس بطيئا قدر الامكان، اذا ما سمح بذلك على الاطلاق.
    حقيقة أن مصر تمنع اليوم التهريب بنجاعة، والتفاهمات مع دول عربية اخرى تعارض حماس على عمل مشترك ضد تعاظمها، يتداخل مع حق اسرائيل في العمل ضد الانتاج الذاتي للصواريخ والوسائل القتالية الاستراتيجية – يجب أن تكون جزء من كل ترتيب في نهاية الحملة.
    5.انهاء الحصار الاقتصادي. بعض من صمود حماس المتواصل يعلل بحجم من ناطقي المنظمة بان «ليس لنا ما نخسره، الوضع في غزة سيء لدرجة أننا لم نعد نخاف الضربات العسكرية او الاحتلال الاسرائيلي». هذا قول دعائي، لن يصمد في اختبار الضغط الاضافي الذي سيمارس على حماس. ومع ذلك، ففي كل ترتيب مستقبلي صحيح الفصل بين «الحصار» الاقتصادي – الذي من الصحيح تسهيله، وبين «الحصار العسكري» الذي من الواجب مواصلة تشديده. وحيثما كان توتر بين التنمية الاقتصادية في غزة وبين امكانية بناء القوة العسكرية – فان منع التعاظم هو الذي يقود القرارات. ان التنمية الاقتصادية لغزة، والتي ستصرف سكان المنطقة نحو مسار اكثر ايجابية، ستقلص التأييد للارهاب جراء اليأس، وتؤكد الفهم بشأن الاثمان التي ستنطوي عليها جولة مواجهة اخرى، هي مصلحة اسرائيلية. وعليه، فينبغي اشراك الاسرة الدولية والدول العربية المعتدلة في مشروع التنمية الاقتصادية.
    6.افق سياسي. خلافا للقول الدارج بانه لا حل عسكري للارهاب – أثبتت اسرائيل بانها قادرة على ان تحل عسكريا هجمات ارهابية منظوماتية عليها. اما الحل السياسي فسيكون افضل ابدا، ولكنه لن ينجح دون مواقف تفوق عسكري وفهم الطرف الثاني بان المواجهة العسكرية لن تحقق هدفه الثاني. إن الحل السياسي بعيد المدى لغزة هو استمرار اضعاف حماس – اقتصاديا، سياسيا وعسكريا – وخلق بدائل سياسية افضل للفلسطينيين ولاسرائيل. لقد ضعفت حماس سياسيا وماليا في السنتين الاخيرتين، واذا ما اضعفت بعد «الجرف الصامد» عسكريا ايضا – فسيكون ممكنا، بالتعاون مع مصر، الدول العربية المعتدلة والاسرة الدولية – اعادة السلطة الفلسطينية الى غزة وضمان تنمية اقتصادية في المنطقة والرفع التدريجي للحصار عن المنطقة.
    كل هذا، متداخلا مع منع التعاظم والتجريد من السلاح، ستكون العوامل الاساسية لاستقرار القطاع واعادته الى اتجاه التطور الايجابي.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    كيف نخرج من هذا؟
    كيف تدهور الوضع بحيث وصلت إسرائيل إلى دخول غزة برياً؟

    بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت

    انتظر المجلس الوزاري الامني المصغر الذي اجتمع في يوم الاربعاء بعد مباحثاته الليلية، ما يخرج من فم واحد هو خالد مشعل. إن مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس حسّن مكانته هذا الاسبوع، فقد أصبح مصير الهدنة التي تريدها جهات كثيرة جدا، في يديه. وقد أعمل جون كيري وزير خارجية أقوى قوة في العالم، علاقاته بقطر كي يكسب رضاه؛ وآمن كيري بأنه يفعل ذلك من اجل حكومة اسرائيل وبمباركتها؛ وحاول أبو مازن وحاولت تركيا.
    كان مشعل يستطيع أن يختار من مسارين، إما الموافقة على هدنة مطلقة تنهي القتال وتعيد قوات الجيش الاسرائيلي الى البيت وتبدأ عصرا جديدا في غزة، وإما الموافقة على ما يسمى «هدنة انسانية طويلة» وهي خمسة ايام هدوء لنشاط الطرفين القتالي يتم خلالها تفاوض في قواعد اللعب فيما يلي ذلك.
    واختار مشعل ألا يدخل المسارين. فربما يريد أن يساوم في التفاصيل وربما يريد أن ينتقم من المصريين الذين أذلوه علنا، وربما لا يملك تفويضا لأنه ربما توافق الذراع العسكرية في غزة لكن الرفاق في المنظمة في قطر يريدون أكثر. وإن حقيقة أنه يُقتل فلسطينيون في غزة في اثناء ذلك بينهم غير قليل من الاولاد الصغار لم تجعله يُسرع. إن أقصى ما هو مستعد أو مستطيع أن يعطيه للعالم الآن موافقة على هدنة لبضع ساعات كي يتنفس السكان في غزة ويتزودوا بالحاجات الضرورية.
    أُخمن أن يكون انتظار ما يخرج من فم مشعل يسبب لرئيس وزراء اسرائيل غير قليل من العذاب. ففي 1997 أمر الموساد بتصفية مشعل على ارض الاردن. وكان المكان خطأ قاسيا، وتعقدت العملية واضطر نتنياهو الى أن يرسل الى المستشفى في عمان مضاد السُم الذي أعاد مشعل الى الحياة، فمشعل هو نحسه.
    في اسرائيل يبحثون عن خطة للانهاء. وكانت هذه هي الروح ايضا في التباحث في المجلس الوزاري المصغر. أجل توجد أنفاق اخرى لتُدمر لكن يبدو أنه لا سبيل لتدميرها كلها، وفي هذا الوقت تضاف أسماء اخرى الى قائمة القتلى ويثور الخوف من كارثة تُضعف اليدين بين جنود الجيش الاسرائيلي أو السكان المدنيين في اسرائيل أو السكان المدنيين في غزة.
    صاغ كيري الذي لا يكل اقتراحا للهدنة يراوح بين الاقتراح المصري الذي أذل حماس وأرغم أنفها، والاقتراح القطري الذي منح حماس الشعور بالنصر. وهو يقترح الموافقة على هدنة مؤقتة تُناقش في اثنائها كل مطالب حماس وتضطر اسرائيل الى التفاوض فيها تحت اشراف كيري والاوروبيين. وهذه حبة دواء مُرة لاسرائيل وما زال مشعل لم يُجب عن ذلك بالموافقة.
    يوجد اشخاص في الجيش الاسرائيلي وفي القيادة السياسية ايضا ضاقوا ذرعا بالانجرار وراء حماس، وهم يسعون الى انهاء العملية بقرار اسرائيلي من طرف واحد بأن تخرج اسرائيل القوات البرية من غزة، لكن اذا لم يتوقف اطلاق النار من غزة فسيستمر اطلاق نار سلاح الجو وسلاح البحرية والمدافع. ووجد مثل هذه القرارات من طرف واحد في الماضي في نهاية عملية «السور الواقي» في الضفة، ونهاية عملية «الرصاص المصبوب» في غزة وغيرها. ونجح الردع وأفضى الى تهدئة. والردع هو العامل الحاسم ايضا حينما يوجد اتفاق، فقد انتهت حرب لبنان الثانية الى القرار 1701 عن مجلس الامن بموافقة لبنان واسرائيل. ونكث حزب الله مواد نزع السلاح في القرار من أول يوم، لكنه لم يطلق قذائف صاروخية على اسرائيل لا بسبب الاتفاق بل بسبب الخوف.
    تطلب اسرائيل نزع السلاح في هذه المرة ايضا بأن لا يصنعوا في غزة صواريخ بعد الآن. وقرن نتنياهو هذا المطلب الذي اقترحه أول مرة شاؤول موفاز، بحملة دعاية دولية. وقد يكون جيدا للدعاية وقد يكون كذلك ايضا لمساومة الامريكيين، لكن لا أحد في الجيش الاسرائيلي يؤمن بأن تحول حماس سيوفها الى محاريث. ويقول أحد الجنرالات إن المقاومة هي في طبيعة حماس وفي مورثاتها الجينية، وسواء أكان اتفاق أم لا فان صنع القذائف الصاروخية سيجدد بعد الحرب.

    هكذا ساء حالنا

    إن تحليل بلوغ الطرفين الى المواجهة في غزة يُذكر بالوصول من «مسيرة الحماقة» لبربارة توخمان. فقد كانت التقديرات الاستخبارية قبيل العملية تقول إن حماس مضروبة، فلا رواتب ولا تزويد باحتياجات السكان والعالم العربي ما عدا قطر يقاطعها، والمصالحة مع فتح لا تغادر مكانها. وكانت هذه التقديرات صحيحة وحينها جاء خطف الفتية الثلاثة وعملية «عودوا أيها الاخوة».
    اعتقلت اسرائيل من أُفرج عنهم بصفقة شليط مرة اخرى، وانقضت على بنية حماس التحتية في الضفة، ولم تطلق حماس في غزة الناس. وبدأ اطلاق قذائف صاروخية لا على يد حماس فرددنا على ذلك. وتم احباط محاولتا تنفيذ عملية على جنود، وفي الاحباط الثالث قتل رجل من حماس.
    وكانت تلك أول مرحلة في مسار تطور الامور. وحاولنا التهدئة وبدأوا يطلقون الصواريخ، وحينما بلغوا الى 25 – 30 قذيفة صاروخية كل يوم شعرنا بالحاجة الى الرد فانتقلنا نحن وهم الى المرحلة الثانية ثم الى الثالثة وهي العملية البرية. هذا هو تاريخ عملية الجرف الصامد، فليست هي تدبيرا خفيا لحماس ولا مؤامرة من اسرائيل. إنه تدهور من درجة الى درجة مثل كرة فقدت السيطرة عليها بقوة الجاذبية.

    أول من أنذر

    هل علم المجلس الوزاري المصغر حين وافق على الهدنة المصرية في منتصف الاسبوع الماضي أن غزة مليئة بالانفاق يصل عشرات منها الى داخل اسرائيل؟ والجواب نعم. فبجهد متواصل مدة سنين رسمت «أمان» خريطة العالم تحت الارض في غزة. ولم تكن كل الانفاق معروفة ولا كانت كل الفوهات والمسارات مُعلمة، لكن مقدار التهديد كان معلوما، وليس هو موجودا فقط في المادة السوداء التي تصل الى رئيس الوزراء بل في اليو تيوب ايضا. فقد شمل رئيس «أمان» افيف كوخافي أمر الانفاق في محاضرة له في معهد بحوث السياسة في تل ابيب.
    كانت القوات التي دخلت الى غزة مزودة بعناوين فلم تحتج الى «ويز» بل اتجهت الى تلك الاماكن التي ظُن أنها فوهات أنفاق بحسب المعلومات التي جمعتها «أمان». وافق نتنياهو على هدنة برغم أنه علم بالانفاق وبالتهديد الذي تنطوي عليه. وراوح قراره وقرار المجلس الوزاري الامني المصغر في داخل المجال المشروع. واعتقد بينيت الذي صوت معترضا بسبب الانفاق اعتقادا مختلفا لكنه وضعت على طاولة المجلس الوزاري المصغر تقديرات اخرى ايضا.
    إن غير الشرعي هو الفرق بين الخطابة والواقع. ولم يكن نتنياهو أول من حذر من الأنفاق. ولم يرَ بصفته رئيس الوزراء أن الأنفاق تهديد يُسوغ عملا عسكريا قبل عمود السحاب وفي خلالها وقبل الجرف الصامد وفي خلالها. واختار أن يخاطر، وحينما قال في جواب عن سؤال أودي سيغال في القناة الثانية إنه أمل أن تُحل مشكلة الأنفاق بطريقة سياسية كان يعلم أن هذه الجملة ليس لها ما يؤيدها في الواقع. فوجيء نتنياهو مثل آخرين في الحكومة بقدرة حماس الهجومية وبروحها القتالية وبعدد القتلى من الجنود. وهو فقط يستطيع أن يجيب عن سؤال أكان العلم يمنعه من الوصول الى العملية البرية؟ ولست على يقين من أنه أهل لأن يجيب على هذا السؤال حتى حينما يتحدث الى نفسه.
    يفترضون في الجيش الاسرائيلي أنه ستكون جولة قتال اخرى بين الجيش الاسرائيلي وحماس بعد فترة تهدئة. ولما كان الدمار كبيرا جدا هذه المرة – خسرت حماس 3500 قذيفة صاروخية، وأكثر الانفاق التي تفضي الى اسرائيل، وجزءً من سلسلة القيادة وغرف عمليات ومخازن ذخيرة وغير ذلك – فان الهدنة حتى الجولة التالية ستكون طويلة.
    والسؤال هو هل سكان غلاف غزة وسكان الجنوب كله مستعدون للاستمرار على العيش بين جولة قتال واخرى. ويُخيل إلي أنهم يستحقون أكثر من ذلك.
    ولهذا يجب على الحكومة أن تسعى الى تغيير أساسي للواقع في غزة. وربما في هذه الفرصة الاحتفالية الى تغيير في واقع العلاقات بالفلسطينيين جميعا. وقد دلت تصريحات نتنياهو في خلال العملية على أنه بدأ يتحدث عن أبو مازن لا باعتباره مشكلة فقط بل باعتباره حلا ايضا. لم تنجح محاولة اسرائيل التفرقة بين الضفة وغزة، وأن تُفرق لتحكم. يُحتاج الى رؤيا ويُحتاج الى أمل لا للاسرائيليين فقط بل للغزيين ايضا، فكلما هربنا منهم طاردونا.

    ليسوا أبطالا

    نشأت ثلاث مستوطنات تحت سلطة اسرائيل في شمال القطاع بين معبر ايرز والبحر وهي نيسانيت وإيلي سيناي ودوغيت. وقد أُلصق بها اسم جميل هو النطاق الشمالي. في أول ليلة من الدخول البري، وهي الليلة بين يومي الخميس والجمعة في الاسبوع الماضي، سيطر اللواء المدرع 401 على هذا النطاق. وفي دوغيت قرب شاطيء البحر كان يوجد معسكر لحماس، أما إيلي سيناي ونيسانيت ففيهما أنقاض. وتوجه اللواء 401 جنوبا الى ظاهر مخيم اللاجئين جباليا. وفي المرحلة الثانية دخل لواء الشباب الطلائعيين الى شمال شرق القطاع، الى بيت لاهيا وبيت حانون.
    «لم أكن أعرف غزة»، قال لي أحد قادة القوة.
    وانحصر اهتمامه في الاساس بما تحت الارض. «في السنوات الخمس الاخيرة كانت غزة تحصن وتسلح نفسها»، قال. «دخلنا مستشفى صورة في بيت حانون، فوجدنا 12 سريرا فارغا تحتها مخزن ذخيرة. وكانت ساحة المدرسة الزراعية للبنات في بيت حانون مُعدة لاطلاق القذائف الصاروخية. وكان هناك جهاز يرفع الى ما فوق الارض 24 قاعدة اطلاق لصواريخ غراد. تخيل أنها مدرسة للبنات». (قد تكون تلك فرية إسرائيلية لتشويه المقاومة).
    ووصف لي جندي من الشباب الطلائعيين خرج من بيت حانون القتال من وجهة نظره فقال: «لم توجد معارك وجها لوجه. دخلنا بيت حانون سيرا على الأقدام. وأطلقوا علينا صواريخ مضادة للدبابات ورصاصا من بنادق قناصين وبحثنا عنهم». ونعود الى الضابط الرفيع المستوى. قال: «صحيح إنه يوجد القليل من القتال وجها لوجه. يقولون لي إنها حرب منخفضة اللهب. وأقول إن هذا الاتصال هو حرب خالصة. فهم يحاولون ضربنا من الخلف.
    «ليسوا في الحاصل العام أبطالا كبارا. إن لديهم قوات خاصة تُظهر قدرة واستعدادا للتضحية بحياتهم، لكن الأكثرين ليسوا كذلك. ففي يوم الاثنين مثلا لقينا خلية فيها ستة فقتل بعض وفر الآخرون. فهم يهربون من الصدام».
    وسألته: هل وُجد مقاتل من حماس مع سلاح رفع يديه واستسلم؟
    قال: «لا، لم يحدث هذا الى الآن».
    إلتقينا في يوم الثلاثاء بعد الظهر في معسكر نشأ بين عشية وضحاها شمالي الحدود. «إن الاحداث مع المدنيين أكثر تطرفا مما يعتقدون»، قال. «فالمدنيون يريدون الخروج لكن حماس تُبقيهم في البيوت بالتهديد بالسلاح. فكل من يترك البيت يستحق الموت من وجهة نظر حماس. وأنا أرى أن من يطلق النار علي فقط هو الذي يستحق الموت. ونحن نُعمل التقدير للامور. فقد تخلينا عن تدمير بيت قائد كتيبة من الجهاد الاسلامي لأن البيت كان مليئا بالنساء والاولاد.
    «لكنهم اذا أطلقوا علينا النار من داخل بيت فاننا نرد باطلاق النار ومنها نار الدبابات والصواريخ، بل إننا نهدم بيوتا احيانا.
    «في منطقة المدرسة في بيت حانون لُغمت البيوت، فكل بيت مريب. وقد رد جندي باطلاق النار على قناص أطلق النار من نافذة فتفجر البيت كله مع سكانه. وحدث ذلك في عدة مبان. وبيت حانون أخف من الشجاعية، فالشجاعية محفورة تماما». الهدف هو تدمير الانفاق. «نسمي ذلك دفاعا أماميا»، قال قائد القوة. «نحن نوجه عمليات هجوم على اماكن تقول المعلومات الاستخبارية إن فيها منظومات أنفاق».
    عُثر في شمال القطاع على ثلاثة أنفاق كبيرة أطرافها في داخل اسرائيل. وقد أفضى النفق الأكبر الى قرية نتيف هعسرة – وهو نفق عمقه 27 مترا، أي أكثر من سبعة طوابق، ويزيد طوله على كيلومتر. وقد تجاوز سلاح الحفر في حماس كل طبقة الجير ووصل الى طبقة رمل البحر تحتها وهي طبقة أسهل للحفر. وقد أدخل الجيش الاسرائيلي الى المنطقة آلات حفر من النوع الذي يعمل في حفر أسس المباني المتعددة الطوابق، وهم يحفرون في نقط مُعلمة على طول مسار النفق ويُدخلون مواد متفجرة ويفجرون. وقد تم تدمير النفق في واقع الامر.
    ويقول قائد القوة: «عثرنا على الفوهة في نفق آخر وكانت عميقة جدا، وكان النفق مفخخا، وقد دمر سلاح الجو الفوهة ونحن نعمل الآن للكشف عن النفق. وهذا عمل هندسي ضخم. «يحتاج نقض الانفاق الى زمن طويل. ونحن نحاول أن نفعل في ايام ما استغرق في تدريبات قمنا بها في البلاد اسابيع، ونحن نفعل ذلك في داخل منطقة مهددة. وسألته: ما هي النهاية التي تريدها للعملية. فقال: «أريد هدوءاً، ويمكن احراز الهدوء بعدة سبل، ولست أنا من أقرر بأية سبيل».

    أنفاق على الطاولة

    في صيف 2010 تم في قيادة منطقة الجنوب تباحث، من تباحثات كثيرة، في قضية الانفاق. والتباحث آسر وذلك لأنه لا يجدد الكثير. وكل من يزعم اليوم أنه لم يعرف يكذب على الآخرين أو يكذب على نفسه، فقد كان كل شيء على الطاولة.
    وبدأ قائد المنطقة في تلك الفترة، يوآف غالنت، الحديث فقال: إن المنظمات الارهابية في القطاع تُعد منظومة أنفاق هجومية لاستعمال عمليات نوعية في الوقت المناسب، في بنية تحتية واسعة على طول المنطقة كلها. وتستغل حماس التهدئة منذ انتهت عملية «الرصاص المصبوب» كي تُحسن استعدادها للعمليات. والانفاق الهجومية عنصر مهم في هذه المنظومة.
    وقال إن التهديد يتوقع أن يكبر، فطول الانفاق يزيد، ويتسارع ايقاع العمل وتتحسن التغطية. وبذلت القيادة في علاجها جهودا في ستة مجالات منها الدفاع والهجوم والمعلومات الاستخبارية وتطوير تقنية، ويجب أن تستمر هذه الجهود. قال اللواء إن القتال تحت الارض هو طريقة قتال للعدو فيها قدرة عملياتية مبرهن عليها ونجاح عملياتي وادراك أن قواتنا ليس عندها حل ناجع لمواجهتها. وسيتسع استعمال الانفاق وهذا يوجب علينا التوصل الى حلول خلاقة.
    وقال ملخصا إن الحل الشامل سيشمل الكشف عن اعمال حفر، والتحديد الدقيق لمسار الانفاق والقدرة على احباط التهديد أو التشويش عليه أو القضاء عليه. وذُكرت في النقاش سبع طرق بديلة لعلاج الانفاق. وأسماؤها ذات رنين رائع – فانه لا حد لابداع الجيش حينما يكون الحديث عن ايجاد أسماء – لكن النتائج كانت مخيبة للآمال آخر الامر. فقد تبين أن بعض المقترحين بهلوانات، وتبين أن آخرين ذوو مقاصد حسنة لم تنضج أفكارهم. وقد انشأت قيادة الجنوب قرب كيرم شالوم منشأة تجريب شملت نفقا على عمق 10 أمتار. ولم تنتج التجارب بشائر. لكن في 2010 كانت الثقة باختراع يحل مشكلة الانفاق ما زالت عالية.
    شمل أحد الاختراعات جهاز مجسات لتحديد اعمال الحفر. وفشل الجهاز وكف الجيش الاسرائيلي عن التزود به.
    وكان يفترض أن يكشف جهاز مجسات آخر فوق الارض عن نشاط يجري تحتها. ولم يكن الجهاز اوتوماتيكيا وأوجب تحسينات.
    وكان يفترض أن يحدد جهاز ثالث مواقع آلات عمل تعمل تحت الارض.
    وشملت منظومة رابعة حفرا في الارض واقامة أساطين والربط بمنظومة الماء، لكن كلفته المالية كانت خيالية. وكانت منظومة خامسة ترمي الى تعقب اعمال الحفر من الجو. وكانت منظومة سادسة ترمي الى الكشف عن المسار بعد الكشف عن النفق. واعتمدت منظومة سابعة على اعمال حفر وتفجيرات «احصائية». لكن جدواها كانت قليلة.
    ومع عدم اختراع تكنولوجي مخلِّص، لم يكن مناص من علاج الانفاق بثلاثة سبل متوازية وهي جمع المعلومات الاستخبارية وعمل عسكري وراء السياج الحدودي ونفقة مالية كثيرة على تطوير تقني. وتم الجهد الاستخباري. وتم تعطيل العمليات العسكرية وراء السياج الحدودي بسبب توجيهات المستوى السياسي، ولم يخصص المال. ودُفعت الانفاق الى مكان منخفض نسبيا في ترتيب الأولويات.
    تُبين المعطيات التغيير الذي حدث بعد عملية الرصاص المصبوب. ففي السنوات الثلاث بين الانفصال عن قطاع غزة في 2005 وعملية الرصاص المصبوب في 2008 – 2009 نفذت قيادة منطقة الجنوب 92 عملية عسكرية للعثور على انفاق وتدميرها، وقد دُمرت انفاق في الشجاعية والزيتون وعبسان الصغرى والكبرى – وهي اماكن عاد الجيش الاسرائيلي اليها هذا الاسبوع. وقد نُقيت المنطقة التي تحاذي اسرائيل في اثناء العملية من الانفاق. بعد انتهاء عملية الرصاص المصبوب أمر وزير الدفاع اهود باراك بالامتناع عن عمليات وراء السياج الحدودي. وزعم غالنت أن التفاهمات التي أحرزت مع حماس تُمكن من هذه العمليات، لكن باراك رأى غير ذلك. وامتنع رئيس هيئة الاركان عن التدخل.
    وقد كان لحادثة دور تأسيسي في الجانبين: ففي تشرين الثاني 2008 كُشف جنوب ناحل عزة عن نفق طويل أفضى الى داخل اسرائيل فتقرر الهجوم عليه. وأراد باراك واشكنازي الهجوم من الجو وزعم غالنت أن الهجوم من الجو لن يدمر النفق فهو سيعالج الفوهة فقط وسيصعب العثور على المسار بعد ذلك، واقتنع باراك. وهاجمت الكتيبة الاستطلاعية من لواء المظليين بقيادة يارون فنكلمان، وهو اليوم قائد لواء غلاف غزة. فوجد المقاتلون نفقا فخما.
    وردت حماس باطلاق القذائف الصاروخية وجر التصعيد المتبادل الطرفين الى عملية الرصاص المصبوب بخلاف خطط باراك الذي كان يسعى في تلك الفترة الى هدنة مع حماس. فقد كان الدرس الذي استخلصه باراك أنه ينبغي الامتناع بقدر المستطاع عن النشاط وراء السياج الحدودي؛ لكن الدرس الذي استخلصه غالنت هو أنه يجب علينا أن نعمل وراء السياج الحدودي.
    تصاحب هذه المعضلة متخذي القرارات في اسرائيل منذ سنين، وهي تفسر في ضمن اشياء اخرى كيف وصلنا الى غزة الآن. يقول أحد التوجهات إن حماس تشبه الحشيش فان لم تجزه دائما فانه ينمو نموا فاحشا وتكثر فيه الثعابين السامة فيصبح قاتلا.
    ويقول التوجه الآخر إن اسرائيل دولة محاطة بالأعداء فاذا أرادت البقاء واذا أرادت أن يتكسب سكانها من اعمالهم ويحظوا بحياة معقولة فيجب عليها أن تستفيد من التهديدات. فالتهدئة ليست مهلة بين عمليتين فقط بل هي قيمة. وقد اعتاد اسحق رابين أن يأمر بضبط النفس على حدود لبنان في الصيف. وقال إن السكان يرتزقون من الاكواخ الخشبية فيجب أن ندعهم يرتزقون. وكان الاسم الحامض الحلو الذي ألصقناه بسياسته هو «حرب سلامة الكوخ».
    غيرت واقعتان صورة صناعة الانفاق في غزة، الاولى هي عملية عمود السحاب قبل سنة ونصف. ففي اثناء العملية برهنت القبة الحديدية على شيء من قدرتها. فأدركوا في حماس أن مجدهم لن يكون الصواريخ وحدها؛ والثانية هي الانقلاب في مصر قبل سنة، فقد أغلق الحاكم الجديد الفريق السيسي الانفاق بين غزة ومصر، فبحث فرع صناعي زاهر عظيم التجربة كثير العمال المهرة، عن عمل فوجده، فيما وجده، في انفاق تؤدي الى بلدات في اسرائيل.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ





    يجب على اسرائيل أن تعالج اسباب العنف في القطاع وسؤال قطر لماذا تحولت الى منبر تحريض على اسرائيل

    بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم

    في الوقت الذي يبحث فيه جنود الجيش الاسرائيلي عن الانفاق المفخخة وتنقض طائرات سلاح الجو على قواعد اطلاق الصواريخ في مستنقع الارهاب الغزي، تُسمع في وسائل الاعلام الاسرائيلية اصوات تقوى تشير الى ضرورة تجفيف مستنقع الارهاب بألا يتم الاكتفاء بعلاج أعراض المرض الذي يسمى “حماس″، بل يُقضى على اسباب المرض نفسه، وتوجد في المدة الاخيرة اشارات الى أن الاسرائيليين أدركوا أن الحديث عن عطب في “محول الماء الرئيس″، الذي يحرض ويستحث الباعث على القتل ويمد بتيار المال الضخم المخصص لبناء إمارة حماس الاسلامية في غزة العنيفة.
    بدأ التشخيص الاسرائيلي متأخرا شيئا ما يشير الى تيار قوي من المال والتوجيه يأتي من قطر، يُمكن حماس من شراء السلاح من ايران ومصادر ارهاب اخرى. وبرغم ذلك لم يُغلق مصدر التلويث الى الان لأن منظومات الوقاية حول مستنقع الارهاب ومنها الولايات المتحدة تمنع العلاج المباشر لاسباب المرض.
    هذه هي العملية الثالثة التي يحاول فيها جنود الجيش الاسرائيلي القضاء على الملاريا، لكن المستنقع ما زال ينشيء بيضا جديدا. ويجري الحوار الذي لا رجاء منه في اسرائيل بين اولئك الذين يؤيدون الانسحاب والهدنة والابقاء على قيادة حماس ضعيفة، وبين اولئك الذين يرون أنه يجب إتمام احتلال غزة والقضاء على حماس. ويضاف الى هؤلاء ذوو رأي آخرون يطلبون تمكين قيادة فلسطينية بديلة من أن تحكم غزة.
    إن اولئك الذين يؤمنون بأنه تمكن محادثة حماس لم يقرأوا ميثاق المنظمة الاسلامية. وهم لا يدركون تصريحاتها وعملياتها القاتلة. أما اولئك الذين يطالبون جهلا بتنصيب أبو مازن حاكما للقطاع على حراب الجيش الاسرائيلي فقد نسوا كيف أُبعدت م.ت.ف في 2007 عن غزة بعنف لم يسبق له مثيل.
    منذ كان انفصال اسرائيل عن غزة، توقع العالم أن تتحول غزة بفضل استثمارات ضخمة من قطر والسعودية ودول عربية اخرى ومساعدات جاءت من الولايات المتحدة واوروبا وأموال جمعتها منظمة حماس من صناعة التهريب – الى سنغافورة جديدة. وقيل بصوت عال: “حينما تتحسن احوال الناس يصبح عندهم ما يخسرونه فلا يُهيجون حروبا”. وأفضى هذا التوجه الخاطيء الى ضغط على اسرائيل لرفع الحصار، وتدفقت على القطاع دولارات وسلاح واسمنت ووقود ومواد تخريبية.
    أنفقت حماس في واقع الامر أموالا كثيرة على وسائل للقضاء على اسرائيل. وكانت مالا ودعما وتحريضا قدمتها إمارة قطر في الاساس. ووصل كل شيء تقريبا الى غزة عن طريق الانفاق والمعابر التي فتحتها اسرائيل على حدودها ما عدا الحكايات السخيفة التي قصها علينا اليسار الاسرائيلي وتتعلق بالتحادث والسلام وكون الاقتصاد باعثا على الاستقرار والتعايش.
    إن هذه السلعة الحمقاء على الخصوص التي لم تُشترَ في غزة أصبحت سلاحا لاضعاف اسرائيل وتنويم قادتها الكبار. ويُقال في مدح حماس إنها حاولت طول السنين أن تفي بما وعدتنا به علنا، بمصانع الارهاب التي انشأتها والاعمال الارهابية التي نفذتها.

    إعرفوا الشريك
    يواصل أبو مازن طول الطريق المعوج لعلاقاته باسرائيل، يواصل الاتجاه نحو حماس القاتلة التي قتلت رجاله بالأمس. وقد كانت شعبية الزعيم الفلسطيني في الحضيض، لكن الازمة الاخيرة هيأت له فرصة حسنة شيئا ما.
    من الأسرار الجلية أن حكومة الوحدة التي انشأها كانت محاولة يائسة للتمدح بالايهام بسلطة فلسطينية “موحدة”. وغاية ذلك أن يحظى بوضع الدولة المطلوب لانشاء دولة فلسطين من طرفين، دون اتفاق مع اسرائيل، وأرادت حماس من جهتها في الحاصل العام التمكين من إدخال الـ 30 مليون دولار التي جاءت من قطر في اطار تحويل اموال الارهاب وشراء السلاح المنظم التي وصلت اليها (والى الحركة الاسلامية في اسرائيل) على مر السنين. حاولت حماس بعد انشاء حكومة الوحدة فورا أن تخطف مواطنين اسرائيليين وأن تفوز في انتخابات السلطة الفلسطينية بعد ذلك بنصف سنة بفضل أمواج شعبية تشبه تلك التي حظيت بها على إثر صفقة شليط، لكن خططها تشوشت. فالفتية اليهود الذين خطفوا قُتلوا، وحطم الجيش الاسرائيلي بنية حماس التحتية في يهودا والسامرة وسجن المفرج عنهم بصفقة شليط مرة اخرى. وهنا تحولت الحبكة القصصية ودخلت صواريخ حماس وأنفاقها في عملية قاتلة علينا.
    وفي هذه الايام يتجول أبو مازن مثل ديك في قطر والقاهرة، ويلتقي زعيم حماس خالد مشعل ورمضان عبد الله شلح قائد الجهاد الاسلامي. وأدرك هذا الاخير أن الصبغة الاسلامية لحماس والجهاد الاسلامي تجعلهما تُضمان الى بازل الارهاب الاسلامي العالمي وتُعلمهما عدوين لمصر. ويؤكد زعيم الجهاد الآن أنه ليس جزءً من هذه المنظومة العالمية وأنه لا يهتم سوى بتحرير فلسطين.
    يُسوغ أبو مازن في ظهوره العام في وقت قريب من هذه اللقاءات، نضال حماس للاحتلال وما زال متمسكا بمنصبه المعلن زعيما لحكومة الوحدة الفلسطينية. وفي نطاق جهودهم للافضاء الى هدنة (لم يطلبها أحد في اسرائيل)، تطلب حكومة أبو مازن فيما تطلب فتح المعابر والافراج مرة اخرى عن أسرى صفقة شليط الذين سجنوا في المدة الاخيرة والافراج ايضا عن الدفعة الرابعة من السجناء التي وعدت بها اسرائيل كما يزعمون. وقد بدأ الاولاد الفلسطينيون الأخيار اللعبة من البداية وهم يتوقعون الجوائز وكأنه لم يحدث شيء.
    هدد أبو مازن بخطبة رئاسية في نهاية الاسبوع في رام الله بمطاردة مجرمي الحرب الاسرائيليين وقال إنه “اذا لم تكن تهدئة في غزة فلن يعرف أحد الهدوء”. وفي موازاة ذلك خطب مسؤول م.ت.ف الكبير ياسر عبد ربه خطبة عصماء ودعا التيارات الفلسطينية جميعا الى حضور لقاء مصيري في القاهرة بسبب خطوات العدو. فمن ذا يحتاج الى أعداء، مع شريك كهذا؟.
    من المؤكد أن هذا الوضع العجيب الذي نشأ سينعش قلوب نشطاء اليسار عندنا. إن منظمة الارهاب لتحرير فلسطين برئاسة أبو مازن الذي نفذ رجاله ما لا يحصى من جرائم الحرب على مواطني اسرائيل، تتهم اسرائيل بمذبحة شعب. وتطلب محاكمة اسرائيل باعتبارها مجرمة حرب في لاهاي.
    يتجاهل أبو مازن أنه يتحمل لأنه رئيس الحكومة الفلسطينية “الموحدة” المسؤولية المباشرة عن قتل الفتية الثلاثة قرب الخليل، وعن الارهابيين الذين يخرجون من مكامنهم الى داخل اسرائيل وعن الصواريخ التي تطلق في كل يوم من غزة لقتل مواطني اسرائيل.
    وينبغي أن نذكر أبو مازن بأنه مسؤول بفضل حكومة الوحدة ايضا عن جرائم الحرب التي تنفذها حماس في الفلسطينيين أنفسهم وهي التي تستعمل المواطنين درعا بشرية في وقت بذلت فيه اسرائيل كل ما تستطيع لتحذير المواطنين الفلسطينيين وابعادهم عن مناطق اطلاق النار.
    لا يستطيع من راهن على جيل الفلسطينيين الجديد ألا يتأثر بنجاح جهاز تربية م.ت.ف وحماس على مر السنين. وقد عبرت منظومات الانترنت عن المزاج العام المشحون بالعنف والكراهية عند الشباب الفلسطينيين نحونا، وقد ازدحمت شوارع المدن الفلسطينيين بمتظاهرين يشتهون الدم اليهودي وكان تأييد قصف مدن اسرائيل بالصواريخ على يد حماس كاملا. ومن حسن حظنا أن افشل الجيش الاسرائيلي محاولتي حماس الرئيستين في الجو والانفاق وقضى على خطط قطر الموجهة علينا.

    البرميل والثقاب
    في برنامج التغطية “غزة تقاوم”، الذي تبثه قناة “الجزيرة” القطرية، ظهر المدير العام لـ “صحيفة العرب” القطرية، الذي مثل في النقاش أمير قطر تميم آل ثاني. واتهم هذا الرجل رئيس مصر عبد الفتاح السيسي وعرضه باعتباره كافرا ومشاركا للاسرائيليين في حصار غزة.
    وفي اثناء البرنامج ظهر مراسل المحطة في غزة، الذي أفاد أن عاملي “الجزيرة” أخلوا مكاتبهم بعد أن أطلقت وسائل طيران اسرائيلية قذيفتي تحذير على المكاتب. وأعلن متحدث الأمير بأن قطر ستستمر برغم تهديدات اسرائيل على التزامها بمساعدة حماس “وكل المنظمات الاخرى التي تسعى الى الحرية في العالم العربي والاسلامي، من السودان الى لبنان”.
    يرى الجميع أن قطر هي بنك الارهاب الاسلامي العالمي وهي منبر تحريض الاخوان المسلمين وزعيمهم الشيخ يوسف القرضاوي، والقاعدة ايضا وحماس وداعش وسائر الحركات الارهابية الاسلامية التي تعمل في المنطقة. ولم تكن هذه الحقيقة غريبة حتى على السناتور جون كيري الذي يعمل اليوم وزير الخارجية الامريكي.
    حتى إن كيري قال في 2009 إن “قطر لا يمكن أن تبقى حليفة للولايات المتحدة في يوم الاثنين وهي ترسل الى حماس المال في يوم الثلاثاء”. وتشهد وثائق “ويكيليكس″ بأن الامريكيين يعرفون جيدا أن قطر تنفق على القاعدة ايضا، وبرغم ذلك حاول كيري “أن يدفع″ إلينا بقطر وسيطا لوقف اطلاق النار وكيلة لحماس على حساب مكانة مصر السيسي. وفعل ذلك عالما بأن قطر تحرض وتمول ارهاب الاخوان المسلمين الموجه على النظام المصري الذي ما زال يبحث عن استقرار منذ تمت تنحية حسني مبارك.
    هناك من يفسرون استراتيجية الامريكيين المعوجة بشراء السلاح والاستثمارات الاقتصادية بأموال كثيرة. وهناك من يقولون إن الامور بلغت الى درجة تعلق امريكا الاقتصادي بقطر. وأصبحت تلك العلاقات قذى في عيون مصر والسعودية والبحرين ودول خليجية سنية معتدلة اخرى أعادت سفراءها من قطر التي تنازعها وتحرض عليها.
    وكما هي العادة في التراث العربي المتملص، أرسلت قطر في الايام الاخيرة مبعوثين الى السعودية كي “تحاول” بواسطتها عند المصريين لأجل حماس. فيجب على قطر أن تنتبه الى أنه لا ينبغي لمن يختبيء وراء حاويات الغاز أن يلعب بالثقاب.
    في برنامج “الجزيرة” المتحرش المعادي للسامية “قتلة باسم الدولة”، تستعرض المحطة المعادية لاسرائيل طرق التصفية التي استعملتها اسرائيل على مر السنين. وقد كان يجب على قادة امارة قطر من المعطيات التي يملكونها وتلك التي في هذا البرنامج ايضا أن يعرفوا منذ زمن أنه لا يحسن أن يستمروا على التورط مع اسرائيل.
    يريدون انقاذ جنودهم
    إن الصنبور الرئيس لمستنقع الارهاب موجود في يد إمارة قطر. إن أسرة آل ثاني موجودة فوق موارد ضخمة على نحو يشبه اسطورة الملك ميداس الذي تحول كل من لمسه الى ذهب. وليس للقطريين أية ميزة، وكل موهبتهم أنهم ولدوا فوق حقول الغاز التي استخرجها الغرب لهم.
    إن لقطر ايرادات تبلغ مئات مليارات الدولارات كل سنة هي من نصيب عائلة صغيرة تحكم دولة صغيرة. ويصعب على عائلة آل ثاني أن تحيا فوق كومة الذهب هذه وحولها ملايين المسلمين الجياع الذين لا أمل لهم والذين يصرفون الامور بلا انقطاع للخروج من الجوع والظلم.
    لا تطمح قطر الى اصلاح العالم بل تطمح الى تأمين الكنز من التهديدات حوله. وبسبب خشية قطر من ايران فانها اصبحت بمثابة “عميلة ايرانية”. وهي تنفق كما قلنا آنفا على القاعدة وتتوسط بين طالبان وامريكا. وقد استأجرت قطر المتطرفين الاسلاميين ليفجروا أنفسهم في اماكن اخرى في العالم وكي لا يشغلوا أنفسهم بالعائلة في قطر. ولما كانت قطر مشكلة الدول الاسلامية المعتدلة – السعودية والبحرين واتحاد الامارات – فانها تقوي امريكا باعتبارها حزام أمن في مواجهتها ومواجهة ايران.
    كما وجدت قطر لنفسها خادمين مختلفين لمحاربة الدول العربية المعتدلة، ولأنها تستعمل حماس على هذا النحو في وجه اسرائيل، فهناك خطر أن يجد شخص ما من هؤلاء خادما له يغرق عائلة آل ثاني في مستنقع نفط خام ويحول قطر الى مستودع غاز كبير – فيحسن بهم أن يكونوا يقظين ويحسن بهم أن يحذروا.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ


    في كل مواجهة عسكرية لاسرائيل تعرف كيف تبدأ ولكن لا تعرف كيف تخرج وان خرجت فيكون في وقت مبكر ولمدى قصير
    بقلم: يوئيل ماركوس،عن هآرتس

    1. كيف حصل أن دولة لها قمر صناعي عسكري في الفضاء، مصنع نسيج في ديمونا، صواريخ عابرة للقارات، طورت القبة الحديدية، المظلة العجيبة الذكية التي تحمي التجمعات السكانية في وسط البلاد، وغيرها وغيرها، لم تعرف عن الطاقة الكامنة الفتاكة للانفاق في غزة. هذا “السلاح” الذي كان يستخدم في فيتنام، ومزق الامريكيين قبل بضع عشرات السنين ودفعهم للخروج من هناك نازفين ومُهانين. دون أن يكون المرء ساخرا، ينبغي أن يعترف، بان شعب اسرائيل كان عديم الحظ مرات عديدة في الماضي، حين لم يأخذ بجدية، مثلا، اعلان الرئيس أنور السادات، بانه مستعد لان يضحي بمليون جندي كي يحرر اراضيه. وعندها وقعت عليها حرب يوم الغفران. وبالسلام مع مصر فوجئنا أيضا. وفي حرب لبنان الثانية اكتشفنا بان جيشنا البري جاف، اصلحنا، واكتشفنا في الجرف الصامد بان الجيش البري يعمل بروعة، ولكننا الان فوجئنا بسلاح الانفاق.
    تخيلوا أن ذات صباح كنا سنستيقظ مع عملية كبرى نفذها في دزينة من البلدات مقاتلو حماس الذين خرجوا من الثغور في الارض. بشكل عام أحد ما ملزم بان يعطي الحساب على هذا القصور؛ ام أن استخباراتنا، النشطة جدا في حملاتها الجيمزبوندية عرفت عن الانفاق ولكنها لم تقدر على نحو سليم قدرتها على الفتك. ليست لجان التحقيق هي اللازمة بل الفحص المتشدد فيما اذا كانوا لا يعدون لنا مفاجأة مشابهة في الشمال.
    2. طالما كنا نوجد في مواجهة عسكرية، تنشأ ذات المشكلة: نعرف كيف نبدأ، ولكن لا نعرف كيف نخرج. أو أننا نخرج في وقت مبكر أكثر مما ينبغي ولمدى قصير اكثر مما ينبغي.
    أمران ينبغي أن يكونا واضحين هذه المرة. 1. لا نخرج من غزة قبل ان نعرف بيقين بانه عطل آخر الانفاق. 2. ينبغي العمل على تجريد غزة من الصواريخ. ثمة ميل للنسيان بان غزة ليست كيانا مستقلا، بل حزبا – حركة ارهابية تسمى حماس، سيطرت على قسم من الاراضي الفلسطينية. فهل يتصور احد ما ان تستولي معارضة ما، في فرنسا مثلا، على ارض ما وتلقي بافراد شرطة الجمهورية من الاسطح فتسيطر بذلك على قسم من الدولة؟ على الدول العربية العادية، القلقة من انتشار الاسلام المتطرف أن تحرص على الا تستولي منظمة ارهابية على الحكم في السلطة الفلسطينية كلها. عندنا ايضا يوجد متطرفون. سيأتي يوم ورجال “شارة الثمن” وزعران التلال سيسيطرون هم ايضا على جزء من اسرائيل. فالحديث يدور عن مرض معدٍ.
    3. بعد الضربة التي تلقتها حماس من الجيش الاسرائيلي، الذي اسقط عليهم منازلهم ومخابئهم، فجر معظم انفاقهم (هكذا ينبغي الامل) – احد لا يفاجأ بانهم امتشقوا “جندي مخطوف” يزعمون انه يوجد في أيديهم. الجندي المفقود من المجنزرة التي كاد كل جنودها يقتلون بالاصابة المباشرة اعلن عنه الجيش الاسرائيلي كمفقود. حقيقة أن رجل حماس أعلن رقم العسكري لا تعني شيئا. ينبغي الامل الا ينشغل شعب كامل في ختام الحرب بالابتزاز العاطفي الذي يوجد او لا يوجد له غطاء. قصة جلعاد شاليط لا يجب أن تكرر نفسها.
    4. ادارة الحرب، في الداخل وفي الخارج أيضا، كانت ناجحة. وهذا بفضل الثنائي بيبي وبوغي. نتنياهو يبدي لاول مرة مؤشرات النضج الزعامي، يتصرف بشكل جدي ومتوازن كمن يمكن الاعتماد عليه. فقد أدار المعركة العسكرية والسياسية بعقل. أبدى تفكرا في اتخاذ القرارات وفي الاعلام على حد سواء، مما أعاد لنا ثقة اوروبا وكذا جون كيري اليائس، بهدف اغلاق صفقة. كيف ننتهي من هنا؟ ينبغي استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. “الهدوء مقابل الهدوء” ليس كافيا، خشية أن نعود الى ذات السيناريو أو أسوأ منه بعد سنة. أمامنا الفرصة الاخيرة للامساك بحمامة السلام من جناحيها.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 17/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-07-14, 11:51 AM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 09/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-05-29, 11:43 AM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 08/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-05-29, 11:42 AM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 07/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-05-29, 11:41 AM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 06/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-05-29, 11:41 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •