أقــلام وآراء إسرائيلي السبـــت 2/08/2014 م
في هــــــذا الملف
تكاليف حرب
يقول ضباط في الجيش الإسرائيلي إن حماس في هذه المرة تختلف عما كانت عليه في مواجهات سبقت
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
تفقد الإدارة الأمريكية صبرها وتطلب من نتنياهو إنهاء الحملة البرية وسحب القوات إلى حدود القطاع
بطاقة حمراء
بقلم:شمعون شيفر،عن يديعوت
الإرهاب الفلسطيني سيحصل على عفو دولي
انتصر الجيش حسب المفاهيم الكلاسيكية وانتصرت حماس بمجرد بقائها
بقلم:دان مرغليت،عن إسرائيل اليوم
امتحان القتال: الهدنة التي بعده
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
تكاليف حرب
يقول ضباط في الجيش الإسرائيلي إن حماس في هذه المرة تختلف عما كانت عليه في مواجهات سبقت
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
كان صحيحا الى صباح أمس أن المستوى السياسي في اسرائيل احتار بين مسارين يُمكنان الجيش الاسرائيلي من الخروج من غزة. وقد جلس اللواء (احتياط) عاموس جلعاد، ورئيس «الشباك» يورام كوهين، ومحامي نتنياهو اسحق مولخو، جلسوا في القاهرة ينتظرون أجوبة من مصر ومن قيادة حماس في قطر. وكان القصد التوصل الى هدنة مؤقتة انسانية لـ 72 ساعة يبدأ بعدها تفاوض في تخفيف الحصار الذي تفرضه اسرائيل ومصر على غزة. والتفاوض انجاز لا يستهان به لحماس ولأبو مازن الذي يفترض أن يكون جزءاً من كل حل. وكان وزير الخارجية الامريكي كيري المشارك فيه متفائلا كثيرا، وهذا صحيح الى صباح أمس.
ويسعى المسار الثاني الى مضاءلة القوات من طرف واحد. وأن يعلن رئيس الوزراء أن مهمة القوات البرية قد أُتمت. وأن يُرد على القذائف الصاروخية بالقصف ويُرد على الهدوء بالهدوء. وقد عُرض هذا المسار على نتنياهو قبل عشرة ايام ولم يقل نعم ولم يقل لا. ولم يعرف كيف يبت الامر. ومنذ ذلك الحين قتل في داخل القطاع وعلى الحدود أكثر من 30 جنديا. إن الروح المعنوية للقوات في الميدان عالية لكن الخوف من السير في نفس المكان يتغلغل الى النفوس. وقد بلغ الدمار في غزة مقادير تُعرض للخطر مكانة اسرائيل في العالم. صحيح أنه تم العثور على انفاق اخرى ودُمرت لكن هذا المشروع ايضا بلغ نهايته في واقع الامر. وتوجد فوهات الانفاق التالية في اماكن لا يريد الجيش الاسرائيلي أن يصل اليها لأن العوض لا يُسوغ الكلفة من الأرواح.
لم تتغير خصائص عملية الجرف الصامد طول الطريق كله. فالمعركة تجري بين عدوين غير متكافئين، فلاسرائيل سيطرة مطلقة في الجو وفي البحر. والفرق التقني عظيم. أما القذائف الصاروخية التي هي سلاح حماس الرئيس فتم إبطال فعلها بفضل القبة الحديدية وجهود التحصن في الجبهة الداخلية. ونجحت حماس في أن تُخرج خمس هجمات الى داخل اسرائيل وهذا انجاز ملحوظ في هذه الظروف. وقُتل وجُرح مقاتلون بسبب تفخيخ بيوت واطلاق قذائف مضادة للدبابات وبنار القناصين. وانجاز حماس الرئيس هو قدرتها على الصمود. «عدو قاسٍ»، قال لي قائد لواء المظليين اليعيزر طولدانو. وقال أحد الجنرالات: «عدو يتعلم. إنها ليست حماس الرصاص المصبوب».
لنأخذ على سبيل المثال محمد ضيف أبا ارهاب حماس. إن كل اسرائيلي عنده ألف سبب وأكثر ليكرهه ويتمنى موته. لكن لا يمكن أن نتجاهل التأثير الضخم لهذا الرجل ذي سبع الأرواح في الروح القتالية في غزة، وهو بطل في نظر الغزيين. دخل الجيش الاسرائيلي هذا الصدام العسكري مسلحا تسليحا جيدا. في 2006 كان الشعور المباشر هو الغضب – الغضب بسبب عجز المنظومات الدفاعية في الجبهة الداخلية عن مواجهة رشقات الصواريخ، وغضب المقاتلين في الميدان بسبب الاختلالات في مواجهة المحميات الطبيعية لحزب الله. وكان هناك نقص في المعلومات الاستخبارية ونقص في المهام ونقص في المعدات ونقص في التدريع في مواجهة السلاح المضاد للدبابات.
تتميز عملية الجرف الصامد بالوفرة: وفرة المعلومات الاستخبارية، ووفرة المعدات، ووفرة التقنية، ووفرة التدريع. فهذا جيش غني لدولة غنية، وجيش لا يحسب حسابا لشيء. وبين القوات التي دخلت الميدان كان العاملون في الدبابات هم الأكثر سعادة. وقد تحدثت في الميدان الى اثنين من قادتهم.
وصل أحدهما مع دبابات المركباه حتى ظاهر مخيم اللاجئين جباليا. وقال: «التقنية مدهشة، فهي توسع ميدان القتال. والمنظومات ذكية جدا بحيث ننجح في أن نصيب مصادر اطلاق النار في أقل من دقيقة. والتنسيق بين القوات مجنون. ومنظومة معطف الريح تعمل. أمس أُطلقت قذيفة آر.بي.جي على دبابة قائد كتيبة. وسلمت الدبابة وقائد الكتيبة. إننا نشعر بأمن كبير جدا في الدبابات».
قلت: لا يبدو هذا مثل حرب بل يبدو مثل رحلة صيد. فقال: «بالضبط». وقال قائد آخر: «حسمت هذه المعركة الجدل: فالجيش الاسرائيلي سينطلق قدما بالدبابات سنين كثيرة. يُحتاج الى سلاح جو قوي لكن يُحتاج ايضا الى قوات برية ذات سطوة. فالجيش الصغير لا يأتي بحل. ومن يتجه الى الميدان دون دبابات ودون سلاح مشاة؟».
يمكن أن نفهم العاملين في الدبابات فهم قد استعملوا لأول مرة في ظروف معركة المعدات التي ركبوها لهم، وكلها آخر صيحة، وفرحوا مثل اولاد صغار حينما رأوا المنظومات تعمل. وكانت المهمة واضحة والوطن قريبا. «نحن نرى من الخلف مداخن محطة توليد الطاقة في عسقلان وبيوت الكيبوتسات»، قال لي أحد قادة المدرعات. «ومن الواضح لنا لماذا نحن في الداخل». إن الشعور الامني ارتفع الى أعلى المستويات في الجيش الاسرائيلي. ومحا الاحتضان العام السخرية التي نالت الجيش الاسرائيلي خلال الجدل في الميزانية فعاد الجيش الاسرائيلي ليصبح قيمة مقدسة.
في مبنى هيئة القيادة العامة في تل ابيب لبس الضباط الملابس العسكرية ب. وقد بدت مُغضنة شيئا ما لكنها أكثر قتالية. وقد علموا أنه في اليوم الذي ينتهي فيه اطلاق النار في الجنوب سيبدأ اطلاقها في تل ابيب والقدس. وسيبدأ الجدل في الانفاق – ماذا علمتم وماذا لم تعلموا، وماذا فعلتم وماذا لم تفعلوا. وسيبدأ الجدل في نتائج العملية وفي انجازاتها وفي اخفاقاتها. وهم يعلمون ماذا سيحدث في مكاتب الساسة، فهناك من يجمع وهناك من يَقرِض. وقد بدأ جمع المعلومات وربما القرْض ايضا.
ماذا تعلم نصر الله
من شبه المؤكد أن النقاشات التي ستبدأ في الجيش الاسرائيلي في اليوم التالي ستنحصر في عدد من القضايا. هل كان ينبغي أن ننتظر عشرة ايام حتى بدء العملية البرية أم كان يُفضل السبق ودخول غزة؛ وأي نوع من القصف واطلاق القذائف أجدى على تنفيذ المهمة وأيها أضر بها؛ وما الذي تعلمه نصر الله من العملية، هل تعلم أن المستقبل كامن في الانفاق لا في القذائف الصاروخية، وهل أثرت فيه قوة الضرر الذي سببه القصف للطرف الآخر، وهل أسهمت العملية في غزة في الردع في لبنان أو قلصته؛ وهل الدرس كما سيزعم العاملون في الدبابات قرب طاولة هيئة القيادة العامة هو أن الجيش الاسرائيلي يحتاج الى دبابات اخرى والى معاطف ريح اخرى، وأنه يجب أن تُرمى كل ناقلات الجنود المدرعة من طراز إم 113 وأن يُشترى بدلا منها بشواقل غالية آلاف مركبات الـ «نمر»، مع تدريعها – ربما – بمعاطف الريح ايضا.
سيقول آخرون: لا يوجد مال. وليس ذلك في ترتيب الأفضليات. وسيوجد من يقول ايضا لماذا نُكثر الحديث عن الحرب السابقة. إن الحرب القادمة ستبدو مختلفة تماما.
عرضت سؤالا على كل الضباط في الجيش الاسرائيلي الذين تحدثت إليهم في اثناء العملية وعلى عدد من الساسة وهو: أنت تعلم أنه يوجد اليوم نفق من لبنان يفضي الى غرفة طعام مسغاف عام، ونفق يفضي الى بركة سباحة منراه، ونفق يفضي الى باب قرية زرعيت الزراعية. فماذا تفعل؟ (وهذا السؤال افتراضي، بالطبع.)
وأجاب أكثرهم: اجل، يمكن أن يكون ذلك. إن حكم الانفاق كحكم القذائف الصاروخية: ونحن لا نبدأ حربا مدبرة عليها بل نبحث عن رد دفاعي جيد. وكما وجدنا ردا جيدا على صورة القبة الحديدية وردا أفضل على صورة العصا السحرية، سنجد ردا تقنيا على الانفاق ايضا.
إن المشروع الذري الايراني يسبقها في ترتيب الأولويات الذي أقره المستوى السياسي؛ وتسبقها القذائف الصاروخية ايضا. تخيل أننا أنفقنا المال على حماية أنفسنا من الانفاق، وأننا كنا الآن في ذروة حرب لحزب الله. كان الجميع سيقولون: هل جننتم. هل دفنتم المال في رمل غزة بدل أن تنفقوا على حمايتنا من القذائف الصاروخية؟
سيقترح رئيس الوزراء بعد أن تنتهي العملية على مراقب الدولة أن يفحص عن سلوك المجلس الوزاري الامني المصغر في اثناء القتال. وسيصف المكتب هذا العمل بأنه شهادة على شفافية رئيس الوزراء وعلى ثقته بنفسه وعلى فروسيته. إن التوجه الى مراقب الدولة هو اختراع جُرب بنجاح في حكومات سابقة وهو يرمي الى احباط انشاء لجنة تحقيق.
ولا يوجد داعٍ للقلق، فرئيس الوزراء سيخرج في أحسن حال من النقد.
وسيتبين أنه وُجد ما لا يحصى من المباحثات في جميع المنتديات الصحيحة. وقد أُعطي الجميع الحق في الكلام. وأُذن للضباط أن يتحدثوا حتى حينما خالفوا – بأدب – رأي رئيس هيئة الاركان. وأُذن لوزراء أن يتحدثوا ايضا حينما هاجموا رئيس الوزراء بلا أدب.
يفحص مراقب الدولة عن اجراءات وتدبيرات وهذا هو عمله. وسيتبين له أن كل الاجراءات تمت بحسب الكتاب، بيد أنه لم توجد قرارات. فنتنياهو لا يحب أن يقرر ولا يعرف أن يقرر. وقد جُرت اسرائيل طول الطريق كله بكامل ثقلها وبكامل قوتها. وليست القرارات والزعامة والمبادرة والرؤيا جزءً من سلطة مراقب الدولة ولا لجنة فحص برئاسة قاضٍ. فهم يفحصون عما يوجد لا عما لا يوجد.
إن الكلام على «بالغ ذي مسؤولية» هو الطريقة التي يروج بها خبراء علاقات عامة مهرة لزبون اشكالي. إن عبارة «شاب جريء» تبدو أفضل، لكن هذا هو الموجود. في اثناء العملية طرأ تحول على توجه نتنياهو نحو السلطة الفلسطينية وحماس. فقبل العملية كانت حكومة المصالحة التي انشأوها عدوا وجوديا ولم تهدد اسرائيل فقط بل هددت سلام العالم كله. ورعت الحكومة سياسة فرّق تسد: فأبو مازن ضعيف في رام الله وحماس مخنوقة في غزة.
وماتت تلك السياسة في اللحظة التي تمنى فيها نتنياهو أن يوجد شخص ما يُرتب له وقف اطلاق النار. فتم تبييض أبو مازن. وأُحلت حكومة المصالحة الفلسطينية، وكان التحول حاد جدا بحيث طلب الامريكيون الى جهات في اسرائيل أن تكف عن مدح أبو مازن لأنهم يُفسدون بقايا سمعته الطيبة في الشارع الفلسطيني.
يوجد اليوم من يرى في الوضع الذي نشأ فرصة. فحماس معزولة وحكام مصر والسعودية والامارات يخشون الارهاب الديني أكثر من كل وقت مضى، وهم يريدون اعادة السلطة الفلسطينية الى غزة والانفاق على إعمار القطاع والسعي الى تسوية مع اسرائيل. وقد نضجت في واقع الامر الظروف لتجديد مبادرة كيري بقوة أكبر.
من المنطق أكثر أن نفرض أنه بعد أن تضع الحرب أوزارها بيوم ستعود الامور الى سابق عهدها. فالبحر سيكون نفس البحر والعرب نفس العرب والحكومة نفس الحكومة. نسب أحد استطلاعات الرأي الى نتنياهو شعبية بلغت 87 بالمئة في اثناء العملية، ويبدو أن الـ 13 بالمئة الاخرى الباقية أُحصيت قرب طاولة الحكومة.
كان أحد الأضرار التي صاحبت العملية المواجهة بين نتنياهو وكيري. فقد اخطأ كيري عدة اخطاء محرجة في محاولته احراز هدنة. وحينما وصفوه في اسرائيل بأنه خائن، تنحى نتنياهو جانبا بل ربما شجع المُشهرين. ولم يعق ذلك نتنياهو عن العودة الى أن يطلب من كيري أن يرتب له هدنة. ورأى الامريكيون ذلك إنكارا للجميل ووقاحة ومهانة. فللتنحي جانبا ثمن أحيانا.
تفاوض في الدم
خرج جاك دي – مايو، رئيس وفد الصليب الاحمر في اسرائيل والمناطق، من غزة في يوم الثلاثاء، وكان مزعزعا. وفي يوم الخميس أمس سافر الى مديرية المنظمة في جنيف ليُقدم تقريرا عما رآه. ويجب أن يقلق كلامه القاريء الاسرائيلي بسبب البُعد الانساني وبسبب الاضرار باسرائيل في المستقبل ايضا. والفلسطينيون في طريقهم الى المحكمة في لاهاي. وأخشى أن تكون لهم ذخيرة هذه المرة.
قال: «مقادير الدمار في غزة مخيفة. هذه مواجهة عسكرية ضخمة. ويعمل الطرفان بسبل تخالف القانون الدولي. والضحايا هم المدنيون. وقد دُمرت كل البنية التحتية – الماء والكهرباء والخدمات والصحة».
قلت: أنت متأثر جدا. فقال: «لا. قد تكون نغمة كلامي متأثرة فأنا ايطالي. لكن وصفي دقيق وطبي.
«يضطرنا الوضع، أعني الصليب الاحمر، الى التحول عن عمل حَكَم في لعبة كرة قدم يصفر حينما يرى مخالفة الى حكَم يقول يكفي، يجب أن تنتهي هذه اللعبة. لا تستطيعون التفاوض في دم المدنيين. إن الثمن الانساني باهظ جدا».
في صباح يوم الاربعاء قُتل 23 مدنيا في مدرسة في جباليا و17 في سوق في حي قريب من الشجاعية. واسترعت الصور اهتمام وسائل الاعلام في العالم فقد كانت مخيفة.
لم يشأ دي – مايو أن يتناول وقائع محددة. «نحن نعلم أن الجيش الاسرائيلي لا يريد المس بالمدنيين. ونحن نؤمن بأن هذا اعلان صادق. لكن معناه يُمحى حيال ما يحدث على الارض. يقول القانون الدولي إنه حينما يحدث ضرر انساني غير عادي يصبح اطلاق النار على أهداف مشروعة مخالفة للقانون. يجب أن يقف النشاط الحربي.
«يقرب عدد المهجرين في شوارع غزة من 300 ألف. ولا يوجد لعدد منهم بيت يعودون اليه. ولا يوجد مكان يهربون إليه حينما يبدأ القصف».
من مات؟
«لم يمت أحد في غزة»، قال لي أحد سكان سدروت حينما زرت المركز التجاري القديم هذا الاسبوع. «كل شيء كذب».
قلت: «ماذا تقول. قُتل 1300 على الأقل. «فكيف لم أرَ أية جنازة في التلفاز اذا»، قذفني بهذا القول وسار في طريقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تفقد الإدارة الأمريكية صبرها وتطلب من نتنياهو إنهاء الحملة البرية وسحب القوات إلى حدود القطاع
بطاقة حمراء
بقلم:شمعون شيفر،عن يديعوت
كشف مصدر سياسي رفيع المستوى النقاب أمس لـ «يديعوت احرونوت» عن ان الصبر الامريكي في ضوء استمرار العملية البرية في غزة ينفد. وعلى حد قوله، واضح أن الحديث بين المشاركين في الاتصالات يصبح عدائيا للغاية، والامريكيون عمليا يصدرون لاسرائيل من غزة. ووصلت أصداء لهذه الاقوال في أعقاب حديث أجراه وزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل مع وزير الدفاع موشيه يعلون أول أمس. فقد حذر هيغل يعلون من المس بالمدنيين الابرياء، الامر الذي لا يقبله العقل الامريكي الرسمي. وحسب المصدر السياسي فان البنتاغون، هو الذي سرب بانه في أعقاب طلب اسرائيلي، زودت الولايات المتحدة اسرائيل بوسائل قتالية تتضمن راجمات، قذائف 120ملم وسلاح آخر من مخازن الطوارىء التي تحتفظ بها في اسرائيل. وجاءت التسريبات لاحراج جهاز الامن وللاشارة الى ان أمريكا من شأنها أن توقف نقل الذخيرة في المستقبل اذا تبين بان اسرائيل لا توقف الحملة البرية. وأعرب المصدر السياسي عن تساؤل وجه لوزارة الدفاع – كيف انه بعد اسبوعين من القتال تطلب اسرائيل وسائل قتالية.
تظهر قنوات سرية منذ الان بان ادارة اوباما قررت «نزع القفازات» تجاه نتنياهو والتعامل معه في المستقبل دون الكياسة المتبعة في العلاقات بين الحلفاء. ومن شبه اليقين أنه في أعقاب واشنطن ستسير دول اخرى. «بالفعل هناك حاجة الى كفاءة خاصة لتدمير العلاقات الخاصة التي كانت لنا مع الرئيس اوباما ومع المستشارة ميركيل بل وفي ايام الحرب»، يقول المصدر رفيع المستوى.
على اي حال فان نتنياهو ويعلون يلمحان في أحاديثهما مع المسؤولين الامريكيين بانهما يعملان على وقف نار من طرف واحد تتخذه اسرائيل في نهاية الاسبوع – وذلك بعد أن يبلغ رئيس الاركان نتنياهو بانه استكملت عملية تدمير الانفاق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الإرهاب الفلسطيني سيحصل على عفو دولي
انتصر الجيش حسب المفاهيم الكلاسيكية وانتصرت حماس بمجرد بقائها
بقلم:دان مرغليت،عن إسرائيل اليوم
سمع وزراء الحكومة أمس بنيامين نتنياهو يوبخهم على النقد الذي وجهوه له ولموشيه بوغي يعلون على شكل ادارة حملة الجرف الصامد. وكان استياؤه مفهوما، أما عمليا فقد أغلق أبواب الاسطبل بعد أن فرت الخيول. فلم يعد أمس اي من خصومه في الحكومة ممن أيد الموقف الداعي الى الهجوم الشامل على قطاع غزة.
استبدلت الحجج لونها. قيل أن نتنياهو ويعلون أجلا القرار بمواصلة الحملة. ليس هكذا. فهما، بتأييد من يئير لبيد وتسيبي لفني، اتخذا بالذات قرارا واضحا: ضربة قاضية لحماس حتى وأن اختبأت المنظمة الارهابية خلف صورة الادعاء بالنصر؛ تدمير الانفاق مما يعني تراجع قدرة حماس عدة سنوات الى الوراء؛ وخطوة لمنع تجديد احتياطاتها من السلاح.
من الافضل أن يترتب الامر في اتفاق يعقد في مصر. فيكاد يكون هذا موضوعا عربيا حصريا. وان لم يكن – فخروج من طرف واحد للجيش الاسرائيلي من غزة من أجل منع الوضع الثابت، الذي يتحول فيه الجنود ليصبحوا هدفا لقذائف الهاون من النوع الذي اصابهم أمس.
من انتصر؟ النتائج واضحة، ولكن العالم تغير. فقدرة الوصول الى الاعلام في العالم العالمي تمنح وزنا للكذب. فبينما تستصرخ حماس بالبكاء العالم العربي للدفاع عنها وتهدد بتوريط اسرائيل في خيوط عنكبوت القانون الدولي، فانها تدعي ايضا بانها انتصرت. وذلك لان تعريف الانتصار ليس وحيدا. لقد انتصر الجيش الاسرائيلي حسب المفاهيم الكلاسيكية، والمنظمة الارهابية الفاشلة بمجرد وجودها المعوق.
وبالاساس توشك الساحة على التغير. فقد كان يكفي أمس سماع أقوال تمار أيش – شالوم في القناة العاشرة وعراد نير في القناة الثانية للفهم بان الارهاب الفلسطيني سيتلقى عفوا دوليا، ولكن اسرائيل سترسل الى مقعد الاتهام. فانضمام البيت الابيض الى رواية وكالة الغوث، المنظمة المعادية لاسرائيل في كل سنواتها – هو الدليل الذي يغذي الاحساس بانه لم يعد في الساحة ما يسميه الامريكيون بالجملة وسيط نزيه honest broker.
في مقابلة يونيت ليفي مع مندوب الوكالة كريستوفر غانس انكشف التحيز. فقبل يوم انفجر بكاء أمام مشاهدي التلفزيون عطفا على الفلسطينيين. اما لليفي فقال ان الاسرائيليين هاجموا مدرسة، وعندما ذكرته بان حماس احتفظت بصواريخها في منشأة للوكالة طمس الحقيقة في صياغات عديمة الذكاء؛ كما أطلق حجة سخيفة بان الوكالة لم تصور الصواريخ خشية أن تنفجر؛ وكانت الذروة هي أنه في الرد على السؤال ما العمل ضد منظمة ارهابية تقصف المدنيين في النقب أجاب بعقلانية شريرة بانه يجب صنع السلام. وكأن حماس جاهزة ومعنية.
والان، ما أن يبدو أن المعركة العسكرية قريبة من النهاية، يمكن الشروع في سلسلة مبادرات وان كانت معظمها لن تنضج الى نهاية ناجحة: ليس فقط تكرار الحقيقة بان حماس اختبأت وراء أطفالها بل وايضا الضغط على أن الغرب يمتنع عن انتقادها على ذلك؛ ومحاولة المبادرة الى ميثاق دولي لمنع حفر الانفاق لاغراض الحرب لاصدار سمعة سيئة لمثل هذا النوع من العدوان، بالتوازي مع مباحثات الجهات الدولية التي تنكل بالجرف الصامد؛ والانطلاق في خطوة اولى الى حملة الالف كيلو متر لتجريد غزة من السلاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
امتحان القتال: الهدنة التي بعده
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
حينما بدأت المرحلة البرية من القتال في غزة في ليلة 17 تموز، تخلفت ساعة عمليات الجيش الاسرائيلي وراء الساعة السياسية، وكان الجيش يملك وقتا محدودا لعلاج الانفاق الهجومية على طول الحدود التي هي هدف العملية المعلن. وكان فرض المخططين أن تُحرز نتائج في غضون بضعة ايام وأن تأتي بعد ذلك بوقت قصير الاتصالات السياسية لهدنة دائمة. لكن الواقع انقلب الآن، فقد أصبح الجيش الاسرائيلي بحسب طريقته، قريبا من إنهاء العثور على الانفاق وتدميرها في المنطقة التي سيطر عليها في غضون ايام معدودة. لكن في الساحة السياسية، لا يسرع الوسطاء المصريون بصورة خاصة. وكما بدت الامور أمس ستضطر اسرائيل في بداية الاسبوع القادم أن تقرر هل تنسحب من غزة دون تسوية (وأن تعلن أن استمرار اطلاق القذائف الصاروخية سيُرد عليه بهجمات قاسية من الجو) أم تنتظر وقواتها في الداخل حتى احراز الحل في القاهرة. ويكمن الخطر الرئيس الآن في سكون الوحدات المنتشرة في الميدان وفي جهود حماس في الأساس لخطف جندي قبل انسحاب القوات.
اذا كانت توجد مقارنة تخرج قادة العملية عن طورهم فهي المقارنة بين غزة في 2014 ولبنان في 2006. فالذي يثير ذكر تلك الحرب يلقى فورا هجوم تفسيرات مدروسة تُبين لماذا لا توجد ولا يمكن أن توجد أية مشابهة، فالجيش الاسرائيلي تقدم في الحقيقة في مجالات كثيرة: فالوحدات أكثر تدريبا مما كانت قبل ثماني سنوات؛ والتعاون بين قوات المشاة والمدرعات والهندسة أفضل؛ وارتفع سلاح الجو الى درجة اخرى في القدرة على الهجوم ومساعدة القوات البرية، وارتقت «أمان» درجتين بالامداد بالمعلومات الجاهزة الفورية للقوات؛ وأصبح المقاتلون أقل بلبلة وأكثر تسليما بأهداف الحرب.
ومع ذلك كله يوجد شيء ما مشترك بين الحربين، يتجاوز العمليتين اللتين كانتا أقصر في غزة: عمود السحاب والرصاص المصبوب. وهذا هو الادراك الذي أخذ يصاغ الآن كلما طالت المعركة الحالية، وهو أن التحديات الامنية التي تواجه اسرائيل أخذت تزداد تعقيدا برغم تضاؤل تهديد حرب تقليدية مع دول تستعمل جيوشا. ولم يعد من الممكن أن نرى المواجهات الدورية في غزة جولات عنف بقوة محتملة نسبيا (لمن ليس من سكان الجنوب أو ليس له إبن يقاتل في القطاع). إنها معارك لها تأثير ملحوظ في الوضع الامني للدولة وفي الاقتصاد والفرض المعقول هو أن تنفجر مرة كل وقت العداوة الأساسية لمنظمات كحزب الله وحماس لاسرائيل وتفضي الى حرب. ولا يمكن أن نتجاهل أيضا ما يفعله اللقاء مع القوة العسكرية الضخمة التي استعملتها اسرائيل مع تأثيراتها القاسية، في الجيل الفلسطيني الذي هو أصغر سنا في القطاع.
تتعلق المدة بين حرب وحرب بالطبع بأضرار القتال وبالردع الذي يُحرز على إثرها. لكن يحسن أن نعود ونذكر بأن الردع ليس نتيجة معلومات دقيقة. ويجب أن يتذكر من يتمدح الآن بالردع الاسرائيلي لحزب الله على إثر الحرب بأن سنوات الهدوء الثماني على الحدود الشمالية أسهمت في جوانب اخرى عدا الدمار في لبنان، منها: خشية اسرائيل من أضرار صواريخ حزب الله، وغرق المنظمة الشيعية في الحرب في سوريا ورغبة ايران في الحفاظ على استخدام حزب الله اذا ما اضطرت الى الرد على هجوم جوي اسرائيلي على منشآتها الذرية.
هل يوجد حل عسكري مطلق لتهديد حماس؟ يحسن أن ينتبه من يدعو الآن الى احتلال القطاع كله الى التحفظ الواضح لرئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الاركان من الفكرة. ويمكن أن نفرض أن ذلك ليس فقط نتيجة خشية من انتقاد الجمهور للتورط بل نتيجة فهم لتعقيد المهمة. ودون أن نتناول الآن الاختلاف في مسألة هل يمكن احراز اتفاق دائم بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة، يصح في غزة قول موشيه ديان في تلك الخطبة التأبينية الشهيرة لروعي روتبرغ عضو كيبوتس ناحل عوز في 1956: إن المواجهة مع حماس هي «قَدَرَ جيلنا» ولذلك فان «خيار حياتنا» أن نكون مستعدين ومسلحين لمواجهة التهديد الى أن يثبت خلاف ذلك.
والادراك الثاني الذي يشتق من ذلك هو أنه يحسن ألا نُجر وراء أوهام النصر المطلق التي سيحاول الساسة والضباط أن يبيعونا إياها اذا حدث انسحاب من القطاع قريبا. يوجد في الجانب الايجابي من ميزان الحرب انجازات القبة الحديدية الاعتراضية، وتدمير أنفاق الهجوم وشجاعة وتضحية المقاتلين والقادة ايضا كما هي الحال في معارك اسرائيل كلها. وينبغي ألا نتجاهل ايضا التفهم الذي يبديه المعسكر العربي المعتدل لمحاربة اسرائيل لحماس. وفي جانبه السلبي: القطيعة التي أخذت تزداد حدة مع ادارة اوباما، والعلاج البطيء الفاشل حتى اليوم لتهديد الانفاق، والتجسيد الاضافي لمحدودية الجيش البري في مواجهة عدو يختبيء بين سكان مدنيين سيضطر الجيش الاسرائيلي الى أن يدخل مسارا عميقا من التحقيق واستخلاص الدروس. وكما صاغ ذلك أمس ضابط رفيع المستوى متقاعد يخدم ابنه الآن في خط المواجهة الاول، ما زال يوجد فرق مقلق بين جودة الوسائل والاعداد الذي تتيحه الدولة لهؤلاء الشباب وبين البطولة التي يظهرونها في المعركة.
سئل قائد أحد ألوية المشاة التي تقاتل في القطاع أمس عن شعوره بعد اسبوعين من القتال البري فأجاب ببساطة: «نشعر بأننا جزء من جيش منتصر. أعطونا مهمة مداورة ثبتنا لها كاملة». وحينما سئل عن فهم المهمة بحسب الحوار مع المستوى السياسي أجاب: «أنا أنفذ قرارات دولة ولا أُملي على الدولة. فالمستوى السياسي يوجه ونحن نفسر المعنى المهني من جهتنا وننفذ الأوامر. إن شعورنا في داخل القطاع جيد جدا – فهو شعور إخوة في السلاح يعرضون حياتهم للخطر ويثبتون للمهام التي أعطيت لهم».
في مقابل هذا الكلام يتعلق جانب مقلق في العملية بسلوك عدد من وزراء الحكومة، واعضاء في المجلس الوزاري المصغر لكن بقدر أقل. وقد بدأ النظر الدائم الى استطلاعات الرأي العام في اليوم التالي مبكرا جدا هذه المرة. ففي الوقت الذي بذلت فيه المعارضة في الكنيست كل جهد لابداء السلوك الرسمي، تنافس وزراء مثل سلفان شالوم وجدعون ساعر ويئير شمير وافيغدور ليبرمان ايضا في بعض الوقت، تنافسوا في تصريحات هوجاء. ويصعب أن نفهم وزيرا يهاجم في وقت الحرب الضباط الكبار ويزعم أن كل ارادتهم أن يعودوا الى البيت في سلام كما فعل الوزير شالوم هذا الاسبوع. لأن كل من تنافسوا هذا الاسبوع في طلب سحق غزة سيَجرون الى ملجأ حينما يتبين الثمن الكامل لتوصياتهم لو استُجيبت. وذكّر ذلك السلوك بنواب برلمان في يوم جمعة في مقهى أكثر من تذكيره بمسؤولية اعضاء في الحكومة وقت حرب.
ونقول بايجاز إن امتحان الحرب – اذا تبين حقا أن القتال يقترب من نهايته في الاسبوع القادم – سيكون بقدر كبير مدة الهدنة التي ستُحرز على إثرها. ويتعلق ذلك بالطبع بالردع، لكنه يتعلق ايضا بالقيود التي ستفرض على تسليح حماس مجددا (بواسطة الضغط المصري في الأساس)، ونوع التسهيلات التي سيحصل عليها سكان القطاع في المعابر بصورة تساعد على كف صدام آخر. لكن يبدو أنه يكمن هنا درس ممكن آخر يتعلق بالمستقبل: فالقتال في غزة يزيد حتى بالنسبة للجمهور الاسرائيلي في حدة معنى الحروب التي قد تواجهها اسرائيل في المستقبل. إن حرب لبنان الثالثة ستبدو مثل نسخة واسعة أصعب عن المعركة الحالية في غزة، ويحسن فهم هذا في الوقت أيضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس