النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 08/11/2014

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 08/11/2014

    أقــلام وآراء إسرائيلي السبـــت 8/11/2014 م


    في هــــــذا الملف

    عرفات… حساب تاريخي
    بقلم:يوسي بيلين،عن إسرائيل اليوم

    قال الله… الصراع على القدس
    أسباب الاضطرابات في المدينة وعجز الحكومة الإسرائيلية عن صد اليمينيين الذين يشعلون الوضع
    بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت

    الاحتلال الاسرائيلي يوفر الفرص لانتفاضة ثالثة والظروف الاقتصادية الصعبة لاهالي الضفة الغربية يمنعهم من ذلك
    بقلم: عميرة هاس،عن هآرتس

    الاستخبارات تحذر من الاشتعال في الحرم والاحداث في القدس لن توقفها الا وقف الممارسات السياسية الاسرائيلية
    بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس






    عرفات… حساب تاريخي

    بقلم:يوسي بيلين،عن إسرائيل اليوم

    قبل عشر سنوات توفي رئيس م.ت.ف وأول رئيس للسلطة الفلسطينية، ياسر عرفات، وخلف الجمهور الفلسطيني دهشا دون وريث طبيعي، وفي خضم انتفاضة لم تكن قد انتهت بعد، وخلف العالم مع علامات سؤال كثيرة عن ماهية نواياه الحقيقية. ولا يمكن أن نسلبه شيئا واحدا وهو أنه جعل القضية الفلسطينية في مكان عال في برنامج العمل الدولي، حتى إن الدول العربية بسطت عليه رعايتها واستعملته لغاياتها (مصر في المرحلة الاولى، وسوريا في مرحلة بعد ذلك).
    كان عرفات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بالنسبة لاسرائيل ما كان عليه رئيس مصر جمال عبد الناصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي: كان عدوا لدودا، يُسخر منه سخرية كبيرة، كل قصده أن يقتل اسرائيليين وأن يبيدنا ايضا اذا أمكن. ولم يشأ طوال سنين كثيرة أن يكون محادثا لنا وحينما وُجد حوله اشخاص حاولوا أن ينشئوا صلة رفضناهم باعتبارهم متنكرين.
    اذا كانوا في اليسار قد اقترحوا شروطا لمحادثة المنظمة التي كان يرأسها (وهي التبرؤ من العنف والاعتراف باسرائيل وبقرار الامم المتحدة 242) فقد استمروا في حزب العمل على الحديث عن حل مشترك اردني فلسطيني، ورفضوا أي محادثة مع م.ت.ف. وكانت الذروة في 1985 حينما ساعدت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة شمعون بيرس على قانون سخيف منع أي نوع من انواع الاتصال برجال م.ت.ف وأفضى الى دخول اشخاص مثل ايفي نتان السجن، لم يكونوا مستعدين للتخلي عن محادثة العدو.

    النضال للاعتراف بـمنظمة التحرير

    بدا لنا ذلك الرجل القبيح، مع اللحية المشكوك فيها على خده وملابسه العسكرية الأبدية وكوفيته مثل رسم كاريكاتوري. ولم نفهم كيف رآه الفلسطينيون زعيما قوي الحضور يثير الاجلال بل الحب.
    كان عرفات مغضبا وكان مضحكا شيئا ما ايضا، وفي مقابل ذلك كانت افعاله أقل اضحاكا. ففي سبعينيات القرن الماضي زاد في استعمال سلاح الارهاب الذي اعتقد أنه سينجح به في التخويف اكثر من الخطب العصماء. ونجح أيضا في الحث على تنفيذ غير قليل من الاعمال الارهابية ولا سيما في اوروبا، وفي البلاد ايضا.
    وكان من نتيجة ذلك أن بدأنا سيرنا دولة تقود حربا للارهاب. واعتقدنا أن الطريقة الوحيدة لعلاج م.ت.ف هي القضاء عليها، وحينما تولى مناحيم بيغن رئاسة الوزراء حرص على ألا يدعو المنظمة باسمها – منظمة التحرير الفلسطينية – بل بلقب أوجده لها حظي بشعبية كبيرة وهو مقف (منظمة قتلة فلسطينيين).
    لكن النوايا في جهة والواقع في جهة اخرى. في الثمانينيات المتأخرة من القرن الماضي تغلغل الى قيادة م.ت.ف معرفة أن التمسك بهدف تأسيس دولة «علمانية ديمقراطية» تشمل فقط اسرائيليين عاشوا في ارض اسرائيل قبل تصريح بلفور أمر لا أساس له. وليس الحديث عن أن القيادة الفلسطينية انقسمت بين مؤيدين لاسرائيل ومعارضين لها؛ فمن الواضح أنه لم أمكن الخلاص من اسرائيل لفرح أشد الاشخاص اعتدالا بذلك. لكن كما هي الحال في حركات قومية اخرى في العالم – كان هؤلاء اكثر براغماتية وفضلوا الاحتفاظ بالحلم الى نهاية الزمان.
    في مؤتمر م.ت.ف في الجزائر في 1988، عقب وساطة ستين اندرسون وزير خارجية السويد في تلك الايام، وبفضل دعم امريكي للاجراء، جاء عرفات بقرار غيّر المنظمة الجامعة التي كان يرأسها وقبل في واقع الامر شروط الغرب للاعتراف بـ م.ت.ف.
    رفضت اسرائيل الرسمية ذلك الاجراء بزعم أن الحديث عن حيلة علاقات عامة ويوجد من ورائها شيء، لكن العالم عامل القرار بجدية، وبعد 14 سنة من اعتراف العالم العربي في مؤتمر الرباط بـ م.ت.ف أنها الممثلة الوحيدة للشعب الفلسطيني، اعترفت بذلك اكثر دول العالم، وبعد ذلك بخمس سنوات اعترفت اسرائيل ايضا بذلك.
    إن المحاولات التي تمت لانشاء قيادة فلسطينية من قبلنا (رابطة القرى) في عهد بيغن، فشلت فشلا مطلقا، أما الاردن فأعلن في صيف 1988 أنه يسقط كل مسؤولية عن الضفة الغربية. وتبين أن الوفد الاردني الفلسطيني المشترك الى مؤتمر مدريد في محادثات واشنطن التي تلته تشبه منعطفا، فقد عمل الفلسطينيون وحدهم، وكانوا قبل كل جولة محادثات يطيرون الى تونس لتلقي توجيهات من عرفات. وقال قادة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة لكل من كان مستعدا للسماع أنهم لا يستطيعون أن يبتوا أمرا وألا نعتمد عليهم. وكان واضحا لهم سواء أحبوا عرفات أم تحفظوا منه أنه لن توجد تسوية سياسية اذا لم يقدها.
    وفي البلاد استمرت الانتفاضة الاولى وارهاب افراد ومنظمات. وزعزعت حالات اختطاف وقتل الدولة وقوي الشعور بأنه لا يمكن الاستمرار على ذلك. وبدأت حماس التي أنشئت في كانون الثاني 1988 تحشد تأييدا وكان الشعور عند اشخاص من الكبار بأنها قد تتغلب على فتح في الشارع الفلسطيني.
    تمت المحادثات المباشرة التي بدأت في اوسلو بعد الغاء القانون الذي منع اجراء اتصالات بـ م.ت.ف، بين مندوبين اسرائيليين كانوا مستعدين لتقاسم البلاد لضمان مستقبل اسرائيل دولة يهودية ديمقراطية، وبين المنظمة الفلسطينية الرسمية، التي تخلت عن طلب الحصول على ارض اسرائيل كلها واصبحت مستعدة للاكتفاء بحدود 1967.
    بعد التوقيع فقط في مرج البيت الابيض التقينا لاجراء محادثات حقيقية مع عرفات. وقد خرج عن طوره يحسن استضافتنا وكنا نتضاحك بيننا لأنه كان يطعم ضيوفه عند تناول الطعام ولم يكن مستعدا أن يقبل قولنا إننا أكلنا ما يكفي، لكنه تحدث من جهة اخرى دائما وكأن يده هي السفلى، وخُتم كل تصالح وافق عليه بقوله إنه لا مفر له، وإننا الطرف القوي. فقد كان شخصا مصابا بداء الشعور بالمطاردة وآمن بالمؤامرات على أنها حقيقة مطلقة.
    كان يحدثني دائما عن مؤامرة تحبك في «الشباك» على اسحق رابين ولم يدرك لماذا أبتسم. وحينما قتل رابين أظهر حزنا حقيقيا وجاء ليعزي العائلة عن موته. يصعب علي أن أصدق أن ذلك كان تمثيلية. وبعد أن بدأت الانتفاضة الثانية ركب الموجة خشية أن يفقد منظمته اذا قبل نصائح أبو مازن وامتنع عن تأييد العنف المتجدد.
    قلص شارون منزل عرفات غرفة بعد غرفة، ولم ينه حياته بسبب ضغط امريكي فقط. وتوفي عرفات شخصا مختلفا فيه باعتباره كان مستعدا للاتجاه الى السلام مرغما، لكن اغراه استعمال القوة مرة اخرى في ظروف مختلفة.
    ومحاولة أن نجزم في مسألة هل الحديث عن رجل سلام أو عن محارب خدعنا هي محاولة تبسيطية جدا. كان وطنيا فلسطينيا حاول أن يبلغ بمصالحه الحد الاقصى في كل زمان. وقد اخطأ خطأ حياته حينما رجع في 2001 عن التزامه التخلي عن طريق العنف. وهناك من آمنوا بأنه لولا أن قتل رابين لاستطاع الاثنان التوصل الى سلام. وهناك من آمنوا بأن الحديث عن ممثل لم يقصد قط أية كلمة مما قال. فاذا كان عنده سر فقد أخذه معه الى قبره.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    قال الله… الصراع على القدس
    أسباب الاضطرابات في المدينة وعجز الحكومة الإسرائيلية عن صد اليمينيين الذين يشعلون الوضع

    بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت

    في ليل الـ 27 من ايلول سنة 2000 دُفعت الى منزل رئيس الوزراء في القدس. فقد بذل رئيس الوزراء اهود باراك لشمعون شيفر ولي مقابلة رأس السنة واحتجنا الى عدد من التتميمات في الطريق الى النشر واستمر الحديث الى ما بعد منتصف الليل. وسألت باراك قبل أن يودع بعضنا بعضا هل ينوي أن ينام فقال: أنام ماذا؟. قد استقر رأي شارون على الصعود الى جبل الهيكل صباح الغد ويجب علي أن أهاتف القائد العام للشرطة واتأكد من أن الشرطة على ما يرام وتوجد تنسيقات اخرى. وسألته ما الذي يجعل شارون يتجه الى جبل الهيكل فرفع باراك يده باستهانة وقال: «هذه مسألة داخلية في الليكود، ويحتاج شارون الى ذلك ليسيء الى نتنياهو».
    وسألته: لماذا تأذنون له؟ فقال باراك: «لأننا اذا منعناه فسيتجه الى المحكمة العليا. ونحن لا نستطيع أن نمنعه».
    وفي الغد مضى شارون الى باحة المسجدين يحيط به عدد من نشطاء الليكود وعشرات من رجال الشرطة. ومرت الزيارة على نحو لا بأس به مع الخضوع للتفاهمات التي أحرزت في اتصالات سرية، لكن في الاضطرابات التي نشبت في القدس في الغد قُتل سبعة فلسطينيين وانتشرت النار في داخل اسرائيل والضفة وبدأت بذلك الانتفاضة الثانية.
    إنحصرت المقابلة الصحافية مع باراك في المشكلات السياسية التي هددت حكومته في ذلك الوقت، فلم يُذكر فيها جبل الهيكل قط لا في الاسئلة ولا في الاجوبة. وكانت السحب تجتمع في الأفق سوداء مهددة لكننا لم نشعر بالعاصفة القريبة، لا نحن ولا باراك ولا شارون.
    اذا كان في هذه القصة درس واقعي فانه يتعلق بالصعوبة التي يجدها متخذو القرارات في ادراك منزلة الله عند رعاياهم. فالله خصم عظيم القوة وخصم خطير. حين استقر رأي اسحق رابين على أن ينقل بيت لحم الى الفلسطينيين شمل قبر راحيل في المساحة التي ستُنقل ايضا. وقد قرأ رابين الخريطة التي وضعت أمامه لا مشاعر النساء والرجال الذين يؤمنون بالمزايا العجيبة لأمنا راحيل. وهدد الاحتجاج الشعبي باسقاط دعم الاتفاق. وتخلى عرفات الذي قدر قوة الدين أكثر من رابين عن قطعة الارض تلك.
    يعلم نتنياهو مبلغ كون جبل الهيكل قابلا للانفجار. وفي بداية ولايته الاولى رئيسا للوزراء وافق على أن يشق منفذا لأنفاق حائط المبكى، ورد الفلسطينيون على ذلك باضطرابات كلفت حياة 100 فلسطيني و17 اسرائيليا وألقت بظل ثقيل على استمرار مدة ولايته. ومن أحرقه الماء الساخن يحذر الماء الفاتر ولهذا اصبح نتنياهو يقدس الوضع الراهن في جبل الهيكل منذ كانت قضية النفق.
    لكن حينما مضى اعضاء من حزب الليكود وهم موشيه فايغلين وميري ريغف واوري اريئيل الى زيارات تظاهر في جبل الهيكل وحثوا على سن قانون يغير الوضع القائم في الجبل، تركهم نتنياهو يفعلون ما يشاءون. وتستعمل الافعال في الرسائل الطويلة التي يرسلها مكتب رئيس الوزراء بضع مرات كل يوم كأن يُقال نتنياهو «أمر» أو «وجه» أو «قضى بأن» أو «قرر». ونتنياهو مرسل رسائل ممتاز لكنه لا يتجه الى العمل إلا حينما يشعر بأن سكينا قد وضعت على عنقه. فهو يخشى، وفي ذلك شيء من الحقيقة، بأنه اذا أصدر أمرا الى مشعلي الحريق من حزب الليكود فسيستخفون به، هكذا هم وهكذا هو.
    صدت الشرطة فايغلين عن الجبل بضع مرات. وتوجه القائد العام للشرطة الى فينشتاين فأيده فينشتاين فاستأنف فايغلين الى المحكمة العليا. واستسلمت الشرطة آخر الامر، وقد حاولت الشرطة أن تصد ميري ريغف ايضا وقذفت دنينو بقولها: من أنت لتمنعني واضطر الى التخلي عن ذلك.
    الحديث عن ظاهرة أكثر جدية من محاولة سياسيين متعطشين للشهرة، محاولتهما البروز. وقد طرأ في السنوات الاخيرة على نظرة الوسط المتدين الصهيوني للحج الى جبل الهيكل، تحول، فقد قامت مجموعات وأباحت لنفسها أن تتجاوز الحظر الديني على الصعود الى الجبل، ووجد حاخامون حللوا ذلك الفعل، وتحول ما بدأ مغامرة رومانسية شبه سرية من أفراد الى موجة بدعة طغت على الوسط المتدين، وكانت الغاية سياسية وهي اخراج السيطرة على الجبل من يد الأوقاف الاسلامية وتهويده آخر الامر.
    وهم على حق من الناحية القانونية لأن الدولة التي فيها حرية عبادة لا تستطيع أن تمنع اليهود من الصلاة كعادتهم في المكان الذي كان هيكلهم فيه ومن أن ينشئوا فيه كُنسا ويُظهروا وجودهم. ولو أن الدولة فرضت هذا الترتيب بعد احتلال جبل الهيكل في 1967 فورا فلربما أمكن تقاسم السيطرة على الجبل، لكن المباديء التي أقرها موشيه ديان آنذاك أصبحت مقدسة وكل محاولة لتغييرها تفضي الى حرب، والمستوطنون هم أول من يفترض أن يفهموا كيف يعمل ذلك، فهم يقدسون كل حقيقة على الارض حتى لو كانت حقيقة أُقرت في بؤرة استيطانية غير قانونية أنشئت قبل ساعة.

    انتفاضة مرئية

    في الاسبوع الماضي في مؤتمر في بروكسل تقدم مني ضيف من قطر، أراد أن يعلم أصحيح أن الكنيست توشك أن تجيز قانونا يغير الوضع الراهن في الجبل. فقلت إن القانون لن يمر ولم يقتنع. وقال إن وسائل الاعلام كلها في العالم الاسلامي مليئة بهذا الامر.
    وقد قال حقا، ففي اليو تيوب فيلم قصير يدعو فيه الحاخام إيلي بن دهان، نائب وزير الاديان وعضو «تكوماه»، وهي الجناح الحريدي القومي في البيت اليهودي، الى تغيير قواعد اللعب في جبل الهيكل، وأصبح هذا الفيلم متلقفا بشدة في العالم الاسلامي.
    أمر نتنياهو متحدثيه بضع مرات أن ينشروا تصريحا يُبين أن الوضع الراهن في الجبل سيبقى محفوظا ولم تصدقه وسائل الاعلام العربية التي قدرت أن تأييده للوضع الراهن يشبه تأييده لحل الدولتين: فهو يقول شيئا ويفعل عكسه.
    وآنئذ جاءت احداث الصيف وهي اختطاف الفتيان وقتلهم؛ وقتل الفتى من شعفاط؛ والحرب في غزة؛ والعمليات العفوية في القدس. ويسأل المحللون هل يمكن أن نسمي ذلك انتفاضة أم هي ربما فقط اخلال بالنظام ومن السابق لأوانه أن نسميها انتفاضة؟.
    أرى الانتفاضة في عيون المقدسيين، وفي خوفهم حينما يودعون اولادهم في الطريق الى المدرسة، وفي النظرات المتشككة المذعورة التي يرمقون بها عربيا يركب الحافلة، وفي اختفاء العرب الفوري من الاحياء اليهودية واليهود من الاحياء العربية. وأسمعها في الهدوء المضطهد الذي يغطي المدينة. أول أمس بعد الظهر اجتمعت على طول طريق بار ليف، وهو شارع العملية، مجموعات من فتيان المدارس الدينية تركوا دراستهم في المدارس الدينية القريبة. ولأنه لم يوجد عرب يصبون جام غضبهم عليهم شتموا مراسلي شبكات التلفاز. وسيصل في غضون بضع ساعات الى الشارع مؤيدو كهانا ليجمعوا هؤلاء الفتيان لمظاهرة كراهية منظمة. وكانت مقطورات القطار الخفيف تمر بين الحين والآخر خالية من الركاب.
    واستعد الطرف الآخر للعمل ايضا، ففي أحياء التماس العربية جُدد الاخلال بالنظام، وخرج هنا وهناك متظاهرون الى الشوارع للتعبير عن اجلالهم للشهيد الجديد، بل إنه مر شباب وتظاهروا في شارع صلاح الدين قبالة وزارة القضاء. وامتلأت الشبكات الاجتماعية العربية بالشتائم النابية للعدو الصهيوني مع أسماء حقيقية وصور احيانا بالعربية والعبرية: فالشبكة تأكل كل شيء.
    وفي المسجد الاقصى جمع الشباب المفرقعات والحجارة والزجاجات الحارقة. وتساءلوا في الشرطة كيف ينجح الفلسطينيون في تهريب هذا القدر الكبير من السلاح الى الجبل. وقد تم الكشف هذا الاسبوع عن احدى الطرق وهي أنهم يُنزلون حبلا وسلة من فوق السور فيملأونها ويرفعونها كما كان يُفعل ذات مرة. وقد وهبت هذه الطريقة للمواجهة صورة من الكتاب المقدس.
    عقد رئيس الوزراء في المساء اجتماعا طارئا كما يقتضي الامر. وكان الشعور بأنه يجب الأخذ باجراء امني جديد فعال يغير دفعة واحدة قواعد اللعب وإلا فسندخل في رتابة انتفاضة. فالذي لا يمضي بالقوة يجب أن يمضي بقوة أكبر. وأدركوا بعد ذلك كما كان متوقعا أنه لا يوجد اختراع كهذا. إن رئيس «الشباك» يورام كوهين يقود الاتجاه الى الأخذ بالقوة، وهو مؤمن ايمانا قويا بقوة ردع العقاب المحيطي: عقوبات السجن وتغريم الآباء الذين يوقف أبناؤهم وهم يرمون الحجارة، وهدم البيوت والاجلاء الى غزة واستعمال ضغط على السكان وجباية ضرائب بالقوة. وتشاركه الشرطة في هذا التوجه وكذلك ايضا رئيس البلدية نير بركات.
    ويعارض المستشار القانوني للحكومة يهودا فينشتاين العقاب الجماعي ومعارضته مبدئية وعملية، فهو غير مقتنع بأن عقاب أبناء العائلة أو الجيران يُحدث ردعا، بل قد يحدث عكس ذلك لأن كراهيتهم ستزداد قوة وسيبحثون عن انتقام.
    وقد امتُحنت معارضته خلال الصيف في «عودوا أيها الاخوة» وفي «الجرف الصامد». فقد طلب يورام كوهين هدم بيوت العائلات المشاركة واجلاء نشطاء حماس الى غزة. وعارض فينشتاين هدم البيوت لكنه نظر بايجاب الى الاجلاء فقد اعتقد أن طرد فلسطيني من الضفة الى غزة عقاب مناسب لأنه يبقى في ضمن لغته وشعبه ومنظمته.
    وتم في وزارة القضاء نقاش شارك فيه كثيرون، وقال كل الخبراء في القانون الدولي من الجيش والنيابة العامة إنه لا يمكن الاجلاء لأنه سيجعل اسرائيل تجلس على كرسي المتهمين في لاهاي. واستدعى المستشار اليه البروفيسور يورام دينشتاين وهو خبير بالقانون الدولي آراؤه يمينية، فقال له دينشتاين إياك حتى أن تحلم بذلك.
    وطلب نتنياهو من المستشار جوابا يُبين هل يوافق على الاجلاء الى غزة فقال له المستشار: لا تضغط علي. واذا ألزمتني أن أجيب فجوابي لا. وتفهم نتنياهو الامر. وفي جلسة المجلس الوزاري المصغر أثار الموضوع وتوجه الى المستشار فأجاب فينشتاين بأن القضية معقدة. وقال نتنياهو أنت ما زلت اذا تفكر في ذلك. فأجاب فينشتاين: نعم، وتحول المجلس الوزاري المصغر الى الموضوع التالي.
    إنقضى الصيف وجاء الخريف وما زال المستشار يفكر.
    ومع ذلك أدرك فينشتاين أن العفو غير ممكن فوافق على هدم بيوت في الضفة والقدس عقب عمليات سابقة وسيوافق على ذلك ايضا حينما يحين دور بيت ابراهيم العكاري مخرب أول أمس. وستبقى بيوت اليهود الذين أحرقوا الفتى محمد أبو خضير وهو الفعل الذي أسهم اسهاما لا يستهان به في موجة العنف الحالية، ستبقى على حالها، أما شقة العكاري في مخيم اللاجئين شعفاط فستهدم.

    هوليوود على الجبل

    نشبت المعارك الاخيرة في جبل الهيكل في الاساس حول أحد الابواب الى المسجد الاقصى وهو باب صنف في الشرطة على أنه «الباب رقم 7». ويبدأ سير معركة الشرطة باطلاق قنابل الدخان ويتلو ذلك اغلاق الباب بالقوة. وهو باب كبير ثقيل من الصعب جدا اغلاقه. وبعد اغلاقه يسجن المشاغبون في داخل المسجد في واقع الامر، ويُمكنهم رجال الشرطة من الخروج بعد أن يغادر السياح وفيهم نشطاء اليمين الجبل.
    وتعلم الفلسطينيون أن يواجهوا رجال الشرطة، فهم يبنون متاريس تجعل اغلاق الباب صعبا ويختبئون من خلفها. ويطلقون من هناك مئات المفرقعات على رجال الشرطة. وتبدو الافلام التي صورتها الشرطة هناك مثل افلام حربية من انتاج هوليوود.
    يهجم رجال الشرطة الى الامام مدججين ويشمل ذلك خوذة ودرعا واقية ونعالا بالطبع. ويجب عليهم لازالة المتاريس أن يدخلوا الى الداخل مسافة لا تزيد على ثلاثة امتار أو اربعة بحسب تقدير أحد ضباط الشرطة. وقد رُفع ذلك الدخول الى المسجد بالنعال في وسائل الاعلام العربية الى رتبة تدنيس مقدسات، ويبدو أنه أحدث اضطرابا في نفس ابراهيم العكاري الذي كان يقود سيارته من طراز فولكسفاجن ترانسبورتر متجها الى جبل الهيكل، وقد حدثني عيران دغاني، وهو مقدسي كان يقود سيارته خلفه بالصدفة كيف انحرف عن الشارع فجأة وعلا فوق خط القطار منطلقا نحو مجموعة حراس الحدود الذين نزلوا في المحطة.
    إن المعطيات عنه غير عادية فهو في الـ 38 وأب لخمسة اولاد وليس شابا خائب الأمل يحلم بلقاء 70 حورية من الحور العين في جنة عدن. صحيح أن عائلته متصلة اتصالا قويا بحماس لكن ليست حماس هي التي أمرته بتنفيذ العملية بل الله أمره بذلك كما أمر آخرين يهودا ومسيحيين ومسلمين، وهو ما يسمى أعراض القدس.
    وكذلك المكان الذي جاء منه. إن اسرائيليين يعيشون بعيدا عن خط التماس يسمعون بمخيم اللاجئين شعفاط ويتوهمون شيئا من اثنين إما مخيم لاجئين كما كان في غزة في الماضي فيه بيوت صغيرة فيها طابق أو اثنان مكتظة غير مجصصة يغرقها ماء المجاري – وإما جزءً من حي شعفاط الذي هو حي ثري من الضواحي وبرجوازي شمالي القدس.
    وهذان التوهمان كاذبان لأن مخيم اللاجئين شعفاط يفصله عن حي شعفاط بضعة كيلومترات كانت مناطق صخرية ذات مرة وحي يهودي كبير بني فوقه وجدار الفصل وفرق هائل في نوع الحياة ومستواها. وفيما يتعلق بمخيم اللاجئين، كان ولم يعد موجودا بل يوجد هناك شيء مختلف تماما.
    حينما رسموا بعد النصر في حرب الايام الستة خريطة ضم القدس لم يكتفوا بالمساحة البلدية للمدينة الاردنية بل أرادوا مزيدا على ذلك وهكذا زيدت على القدس قرى وأحياء ومخيمات لم تكن جزءً منها، وترك جدار الفصل مخيم اللاجئين في الخارج. والبلدية لا تقدم اليه خدمات إلا في مستوى رمزي بواسطة مقاولين محليين. ولا يطبق القانون هناك ولا توجد سلطة والمخيم جحر أفاعي وارض مشاع: فالجيش الاسرائيلي ليس موجودا هناك لأن الجيش الاسرائيلي لا يعمل في داخل القدس. والسلطة الفلسطينية ليست هناك لأنها ممنوعة من العمل في القدس. والبلدية ليست هناك لأنها لا تستطيع أن تعمل وراء الجدار. والاسرائيليون الوحيدون الذين يرون اولاد المخيم هم رجال شرطة حرس الحدود.
    والنتيجة مدهشة، فقد قامت فوق السلسلة الجبلية سلسلة مبان متعددة الطوابق تبلغ الى 20 طابقا علواً. وهي بيوت بنيت بلا تخطيط وبلا رخصة وبلا أسس ايضا كما يبدو في قطع ارض سرقت من مالكيها وهم فلسطينيون هاجروا الى خارج البلاد. ومن يسافر من التلة الفرنسية الى معاليه ادوميم يشاهد البيوت ويتأثر لأنه يمكن أن تشبه من بعيد متنزه تسميرت أو أبراج إيكيروف. لكنها «سلامز» من قريب. ويسيطر من حولها مخالفو القانون من العالم الاسفل ومنظمات الارهاب. والذي ينشأ هناك يجد مكانه إما عند هؤلاء وإما عند اولئك.
    يريد رئيس البلدية بركات أن يدقق في فرض قوانين الضريبة في الاحياء العربية، وحينما يكون الحديث عن مخيم اللاجئين شعفاط تستدعي تلك الدعوى ابتسامة مُرة.

    الخط الأمامي

    إن كل رجال الشرطة الذين شملتهم عملية الأربعاء الماضي هم من رجال حرس الحدود وكلهم دروز: القتيل جدعان أسعد من بيت جن، وكذلك ح. والضابط الذي أطلق النار على المخرب وقتله، وكذلك الجرحى ايضا. إن الدروز يملأون صفوف الخط الامامي في المعركة على القدس. وينالهم عنف الفلسطينيين وشتائم حنين الزعبي وحيل وجهد نشطاء اليمين اليهود من مجانين جبل الهيكل، وتأنيب اعضاء الكنيست وكِبِرهم وفسادهم.
    لهذا السبب كان من المناسب أن يصغي رئيس الوزراء الى كلام عضو الكنيست السابق اسعد اسعد، وهو قريب للضابط الذي قتل، الذي دعاه الى وقف تحرشات الساسة اليمينيين. ففي كفة الميزان لا توضع حياة الانسان فقط بل علاقات اسرائيل الخارجية وفي مقدمتها مستقبل السلام مع الاردن. ويريد نتنياهو أن يستغل العملية في القدس كي ينتصر في الحرب الدعائية في مواجهة أبو مازن. ومن المؤسف أنه لا يفكر في عكس ذلك، أعني أن يتحدث مع أبو مازن كي ينتصر في المعركة على القدس.
    ونعود الى حرس الحدود فنقول إن ح. الضابط الذي اطلق النار كان له طلب واحد فقط وهو أن يُمكنوه من أن يكون بين حاملي نعش الضابط الذي قتل.

    تحدثوا معهم

    «غزة، الفرصة!»، هكذا يسمي عضو الكنيست عومر بار – ليف من حزب العمل خطته لتسوية مع حماس في غزة. وسيعرض بار ليف خطته في الاسبوع القادم في مؤتمر في كيبوتس كفار عزة قبالة القطاع.
    كان شاؤول موفاز أول من اقترح أن تطلب اسرائيل نزع سلاح غزة. وأخذ نتنياهو بالاقتراح لكنه لم ينجح في تحقيقه لمعارضة حماس. ولهذا يجري اعمار غزة دون نزع سلاحها، واسرائيل هي الباب الذي تمر المواد منه.
    يُقدر بار ليف أننا في لحظة نادرة يمكن أن تلتقي فيها مصالح دولية مختلفة في نقطة واحدة. فاسرائيل ومصر ودول الرباعية والجامعة العربية تريد اضعاف حماس واعادة السلطة الفلسطينية الى غزة. واذا التزمت حماس فقط بنزع السلاح فستوافق هذه الجهات على تطوير غزة ومنحها مطارا وميناءً وبنية تحتية اقتصادية. ويقول بار ليف: «هذا وقت محادثتهم وغزة مدمرة».
    وسألته: هل تؤمن حقا بأنه يمكن ارغام حماس على نزع سلاحها؟
    «اؤمن بأنه يجب فعل ذلك»، أجاب. «ليس من المؤكد أننا سننجح لكننا اذا فعلنا ذلك فسينجحون في اعادة قدراتهم العسكرية في سنتين وسنعود الى نفس النقطة التي كنا فيها قبيل الحملة».
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    الاحتلال الاسرائيلي يوفر الفرص لانتفاضة ثالثة والظروف الاقتصادية الصعبة لاهالي الضفة الغربية يمنعهم من ذلك

    بقلم: عميرة هاس،عن هآرتس

    مساء يوم الاربعاء – وبينما كان الشبان الفلسطينيون يصطدمون في عدة أحياء في شرقي القدس مع الشرطة الاسرائيلية – عرض في متحف محمود درويش في رام الله فيلم وثائقي عن حياة ياسر عرفات. وكانت قاعة “الجليل” في المتحف مليئة باعضاء م.ت.ف وفتح الكبار وغير الكبار، المعروفين وغير المعروفية، كبار السن والشباب. كان هناك رجال اكثر مما كان نساء. صفقوا عندما أعلن عرفات على الشاشة اقامة الدولة الفلسطينية في 15 تشرين الثاني 1988. الحاضرون، مثل باقي سكان العاصمة الفعلية للسلطة الفلسطينية، تابعوا أحداث يوم الاربعاء في شرقي القدس “عاصمة الدولة الفلسطينية” التي تبعد نحو 10 – 15 كم من هناك. “تابعوا”، خلافا لـ “شاركوا” في المظاهرات وفي الصدامات أو “وسعوها” الى مناطق اخرى في الضفة الغربية المحتلة. إذ أن ميزة المجتمع الفلسطيني اليوم هي انفصاله الى وحدات محلية منفردة، الاحداث الدراماتيكية في احداها (الحرب في غزة، الاعتقالات الجماعية في الخليل، الصدامات مع الشرطة الفلسطينية في جنين) لا تؤثر على الباقي.
    فالمسافة في الوعي بين كل وحدة جغرافية وغيرها أكبر باضعاف من المسافة الفعلية – وليس فقط عند الحديث عن غزة وعن القدس، التي سياسة الحصار وقيود الحركة التي فرضتها اسرائيل قطعتها ماديا عن الضفة، او القرى خلف جدار الفصل بين برطعة، النبي صموئيل ونعمان. فالواقع الموضوعي المشترك، للحكم الاجنبي الذي يعيشه الفلسطينيون كجهاز استعماري يعمل على طردهم وسلبهم، يخصخص ويفكك الى عناصر منفردة، مع تجارب وخبرات مختلفة ظاهرا.
    ان اختيار موعد وفاة ياسر عرفات للبحث في التغييرات التي اجتازها المجتمع الفلسطيني يطوي في داخله افتراضا في أن حضور أو غياب رئيس م.ت.ف الراحل كان له تأثير على تصميم تلك التحولات. لا شكن ففي توجهه الى اوسلو او في توقيعه على الاتفاق للتقدم المتدرج نحو هدف لم يتحدد صراحة في الاتفاقات مع دولة الاحتلال، كان لعرفات يد في خلق مسيرة الانفصال الجغرافي التي أثرت بشكل عميق جدا على الانقسام الداخلي – الاجتماعي (التوزيع المؤقت الى مناطق أ و ب و ج والذي اصبح دائما). ولكن دفاعا عن عرفات يقال ان اسرائيل بدأت تقسم المجتمع الفلسطيني في المناطق التي احتلتها في 1967 حتى قبل مؤتمر مدريد ومحادثات اوسلو. فجهاز تصاريح الحركة الذي خلقته اسرائيل قطع المجتمع في غزة عن باقي المجتمع الفلسطيني في كانون الثاني 1991، وشرقي القدس ابتداء من اذار 1993. فمنذئذ والعاصمة الفلسطينية السياسية، الاقتصادية، الدينية، الاجتماعية والثقافية اجتازت مسيرة تراجع وانسحاب وعادت الى نطاقات التأثير الانعزالي وغير الوطني للعائلات الموسعة.
    ويتبنى عالم الاجتماع جميل هلال القناعة بانه لولا موت عرفات لما حصل الانقسام السياسي بين غزة والضفة وخلق حكومتين فلسطينيتين متنافستين. وهذا بالتالي هو المجال الذي كان لغياب عرفات فيه تأثير مباشر على تطورات سلبية بعيدة الاثر في داخل المجتمع الفلسطيني. وفي حديث مع “هآرتس″ قال هلال انه يحتمل جدا الا يكون عرفات يوافق على اجراء انتخابات في المرة الثانية في 2006، لانه قدر بانها ستمنح شرعية للاحتلال المتواصل (الذي حسب اتفاق اوسلو كان يفترض أن يصل الى نهايته في 1999). وبدون انتخابات ما كان ليقع الشرخ السياسي – الاجتماعي العميق جدا الذي نشأ داخل المجتمع. واذا ما كانت انتخابات، فان هلال يقدر بان حركة فتح كانت ستنتخب لان عرفات كان سينجح في التغلب على كل الخصومات والانشقاقات الداخلية فيها.
    وكاستكمال للانقسام الى وحدات جغرافية منقطعة تجري في المجتمع الفلسطيني مسيرة تذرية او فردية، على لسان هلال. “فانتشار الفردية معناه أن فالمزيد من الفلسطينيين يبررون أسبقة قضاياهم الشخصية على المصالح والاحتياجات الجماعية ويدافعون عن مصالحهم الشخصية هذه”، كتب هلال في مقال يسأل ما الذي يمنع الانتفاضة الثالثة. وقد نشر المقال في ايار في موقع “الشبكة” – وهو فريق فكري مستقل من الفلسطينيين بلا حدود – في البلاد، في الشتات وفي المنفى.
    السلطة الفلسطينية (تحت عرفات وبقوة اكبر بعد موته) تبنت نظاما اقتصاديا ليبراليا جديدا فيه كما يكتب هلال “حصل القطاع الخاص على الدور الحاسم في تصميم الاقتصاد الفلسطيني وتثبت فيه التعلق الفلسطيني بالمساعدات الخارجية وبتحويل الضرائب من اسرائيل. وجعل التعلق بالتبرعات السلطة عرضة للضغط السياسي ودفعت موظفي القطاع العام من الخوف من كل تغيير يعرض للخطر مصدر دخلهم”. وتبني التفكير الليبرالي الجديد ليس مفاجئا، يقول هلال: فالسلطة الفلسطينية اقيمت في ذروة العصر الليبرالي الجديد العالمي، ودعمت من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، الدول المانحة والجمعيات غير الحكومية، المتعلقة هي ايضا بالتبرعات من الخارج.
    عامل آخر ساهم في خلق الفرضية هو الهبوط في تأثير ومصداقية المنظمات السياسية وبناء البيروقراطية للدولة الوهمية في السلطة (وحكم حماس ايضا)، تحت الوهم بالتقدم نحو الدولة، كما كتب هلال يقول. وأخلت الثقافة السياسية المتساوية في اساسها “للاخوة والرفاق” في عهد الكفاح المسلح والشعبي، مكانه الى بطانة مراتبية من “اصحاب المعالي الوزراء”، مدراء الشركات بربطات العنق الجنرالات بالرتب وكل من تحتهم.
    في العشرين سنة الاخيرة اتسعت الفوارق الاقتصادي بين المناطق الجغرافية، المدن، القرى ومخيمات اللاجئين والعائلات الموسعة.
    قبل اوسلو، قال هلال لـ “هآرتس″: عندما كان عدد العمال في اسرائيل كبيرا والحركة الى اسرائيل حرة كانت رواتبهم أعلى من رواتب ابناء الطبقة الوسطى. وفي السنوات الاخيرة اتسعت الطبقة الوسطى المتعلقة بالسلطة، باجهزة أمنها وبالقطاع الخاص العامل حسب اعتبارات الربح. والمصلحة البارزة لهذه الطبقة – خلافا للعمال والفلاحين غير المؤطرين اليوم كما ينبغي، تمثلها اتحادات مهنية قوية جدا – هي عدم إيقاظ الدبب النائمة، أي عدم خرق الوضع الراهن.
    ووصفت عالمة الاجتماع هنيدة غانم، التي تدير المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية البطانة الانانية الفلسطينية فقالت: “توجد نخبة صغيرة أقامت روابي، وهناك من أثروا من مسيرة اوسلو. توجد طبقة وسطى في رام الله، تعيش في فقاعة وفي هم بان الوضع جيد لانها تعيش على القروض من البنوك. وتوجد غالبية الشعب، التي لا تعيش في الفقاعة وتعاني في الواقع القائم. وتركض الطبقة الوسطى خلف أمنها الشخصي وخلف القرض للسيارة – في تل أبيب وفي نيويورك لا توجد سيارات مثل تلك التي ترى هنا في رام الله. هذه طبقة وسطى تحت الاحتلال، تعيش في الجمعيات، في الاكاديمية، في المدارس، في الوزارات الحكومية. ذات مرة كانت طليعة الفعل الوطني للمقاومة والمشروع الوطني. الان تنشغل في تسديد الديون. من يعمل في الجمعيات، ينشغل في ارضاء المانحين”.
    إن واقع الوحدات المنفصلة الذي نشأ منذ بداية مسيرة اوسلو، يذكر بتجربة م.ت.ف في الاردن وفي لبنان: هناك ايضا عمل في داخل مجتمع فلسطيني مشتت دون مجال وتواصل اقليميين، ولكن التجربة المشتركة لشعب اللاجئين والكفاح تغلبت على غياب التواصل. وعليه فلعل عرفات لم يخف من فرض الانقسام الجغرافي لمناطق أ و ب و ج في 1995. فقد رأى في ذلك شيئا مؤقتا لن يستمر أكثر من خمس سنوات حتى 1999.
    وقالت غانم لـ “هآرتس″ ان “عرفات وكثيرون آخرون في الجمهور الفلسطيني اشتروا هذا المؤقت الذي باعته لهم اسرائيل. ولكن تحت مظلة المؤقت خلقت اسرائيل المستوطنات الاكبر. عرفات كبن غوريوني، آمن بان في وسعه ان يناور في ما هو موجود للوصول الى الهدف المحدد: اقامة دولة في الضفة والقطاع″.
    وقالت غانم: لقد مثّل عرفات الامل للفلسطينيين ووجود امكانيات مختلفة وبدائل. “فاذا كان في زمن عرفات آمن الناس بان هذا وضع مؤقت فبدونه فقد المجتمع الفلسطيني الامل والافق”.
    هذا مجتمع واعٍ جدا للتناقض الداخلي الذي يعيش فيه وهذه ايضا ميزة بارزة له: فمن جهة، كما يصيغ هلال ذلك، توجد كل الظروف الموضوعية، الموحدة، المكتلة، التي يوفرها الاحتلال الاسرائيلي كي تندلع انتفاضة ثالثة. ومن جهة اخرى، واقع اوسلو (الذي هو جزء من تلك الظروف الموضوعية) خلق ظروفا ذاتية لطبقة اجتماعية، فوارق اقتصادية، اجهزة امنية تفرض الانضباط وتخضع لارادة الدول المانحة. كل هذه تمنع أو تؤخر الانتفاضة التالية.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    الاستخبارات تحذر من الاشتعال في الحرم والاحداث في القدس لن توقفها الا وقف الممارسات السياسية الاسرائيلية

    بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس

    أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الدولة رؤوبين ريفلين أمس سلسلة مكالمات هاتفية مع وزراء ونواب من اليمين في الائتلاف، بمن فيهم ايضا النائبة ميري ريغف والوزير اوري ارئيل وطلبا منهم تخفيف حدة تصريحاتهم بالنسبة للحرم. وقد جاءت مكالمات التهدئة في ضوء الازمة الخطيرة مع الاردن والسلطة الفلسطينية على خلفية الوضع في الحرم وفي أعقاب العملية أول أمس التي دهس فيها مخرب فلسطيني فقتل الضابط من حرس الحدود الرائد جدعان اسعد.
    غير أن هذا التدخل من نتنياهو جاء متأخرا جدا. فالفهم بان التوتر حول الحرم سينتقل الى عنف أوسع بات قائما منذ أكثر من سنة. فمن شارك في الاجتماعات الحساسة التي بحثت في ذلك في السنوات الاخيرة يقول ان رئيس الوزراء، الوزراء وقادة جهاز الامن تلقوا من رجال الاستخبارات المختلفة المرة تلو الاخرى تحذيرات شفوية وخطية من أن في الحرم يتطور خطر. وعزت الاستعراضات الاستخبارية ذلك الى الخليط الضار من الاستفزازات من جانب وزراء ونواب من اليمين، الى جانب نبش من سلسلة محافل في الجانب الفلسطيني: السلطة، حماس والحركة الاسلامية في اسرائيل.
    في هذا المجال أبدت حكومة نتنياهو وهن سلطوي مطلق. فللخط الحذر والمسؤول الذي اتخذه رئيس الوزراء في زمن الحرب الاخيرة في غزة لم يتوفر ما يوازيه في القدس. فمنذ اقامة الائتلاف الجديد، أكثر من سنة ونصف، وهناك تصاعد كبير في عدد زيارات اعضاء هذا الائتلاف الى الحرم، وليس فقط نواب من المقاعد الخلفية.
    فعندما يتنافس الوزير اوري ارئيل، نائبة الوزير تسيبي حوتوبيلي، نائب رئيس الكنيست موشيه فايغلين ورئيسة لجنة الداخلية ميري ريغف فيما بينهم في التصريحات التي تغمز النواة الصلبة من النشطاء، فان الفلسطينيين يشخصون (عن غير حق) مؤامرة حكومية هدفها تحطيم الوضع الراهن بالنسبة لصلاة اليهود في الحرم. كما دفعت ادعاءاتهم الامريكيون والاوروبيون ممن يبعثون غير مرة بالدبلوماسيين الى شرقي القدس، الى الفحص اذا كانت اسرائيل تحدث بالفعل تغييرات في الحرم. والشرطة أيضا، تحت الضغط السياسي وانعدام الفعل الحكومي، خففت قليلا القيود على حجيج اليهود الى الحرم وساهمت بذلك بشكل غير مباشر في تصعيد الاجواء. ويقول مصدر امني كبير ان السياسيين لا يلعبون هنا بالنار مع بضعة اعواد ثقاب بل يلعبون بالنار بالمشاعل.
    هذا الاسبوع، على خلفية مناشدات الاردن والاسرة الدولية، عاد رئيس الوزراء وقال ان اسرائيل لن تمس بالوضع الراهن. ولكن بعد يومين حجت حوتوبيلي الى الحرم ودعت الى تغيير الوضع الراهن. من ناحية الاردنيين والفلسطينيين، فان نائبة الوزير تتحدث باسم الحكومة، ولن تجدي كل الشروحات الاسرائيلية، فما بالك أن نتنياهو نفسه ايضا عاد ليرفع القدس الى رأس فرحته في خطاباته – مؤشر آخر على أن الحملة الانتخابية تقترب وان رئيس الوزراء سيقيم حملته مثلما في 1996 على اساس الادعاء بان هو فقط سيمنع تقسيم المدينة.
    الحرم، بالحساسية الدينية الشديدة التي يثيرها، هو الموضوع الوحيد الذي يمكنه الان أن يهيج ويوحد الفلسطينيين في شرقي القدس وفي الضفة الغربية للصراع ضد اسرائيل. وحسب تقرير لينيف كوفوفيتش في “هآرتس″ أمس فان الشرطة تقدر انه لن يكون ممكنا التغلب على التصعيد بالقوة وحدها. فالدفع بالاف افراد الشرطة الى المدينة سينجح في احباط جزئي للمواجهات ومحاولات العمليات، ولكن اعادة الهدوء على مدى الزمن تحتاج اضافة الى ذلك الى فعل سياسي. والخطوة الاستكمالية توجد ايضا في المجال الاقتصادي. في الازمة في الاحياء الفلسطينية، ولا سيما كلما ابتعدنا عن غربي المدينة، مطلوب علاج جذري من الحكومة والبلدية. ولكن في هذه اللحظة يبدو أن الوزراء يفضلون أساسا مناكفة رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن).
    وترتبط ردود الفعل الحماسية من السلطة بالمشاعر القوية لدى الجمهور الفلسطيني، ولكن ايضا بصراعات القوى مع حماس والاردن. فبيان عمان عن اعادة سفيرها من تل أبيب للتشاور، جاء رغم المساعدة الاستخارية والامنية المساعدة التي تمنحها لها اسرائيل، حسب وسائل الاعلام الاجنبية، على خلفية مخاوف المملكة من آثار القتال في سوريا وفي العراق. وقد أكثر نتنياهو من التباهي في الاشهر الاخيرة بالتنسيق الاستراتيجي المحسن الناشيء بين اسرائيل والدول السنية المعتدلة – مصر، الاردن وحتى التفاهمات الخفية مع السعودية وبعض دول الخليج. اما استمرار العنف في القدس فينطوي ليس فقط على خطر انتفاضة ثالثة – بل ومن شأنه ايضا أن يهز تحالفات استراتيجية بنتها اسرائيل بعمل جم برعاية الاضطرابات في العالم العربي.
    ليس صعبا أن نفهم ما الذي يجده المخربون من شرقي القدس في القطار الخفيف، والذي كانت محطات تسفيره هدفا لعملية اجرامية للمرة الثانية في غضون اسبوعين. فالقطار هو مثابة رمز حديث للتوحيد القسري للمدينة، مشروع مواصلاتي طموح استثمرت اسرائيل فيه مئات ملايين الشواكل. عندما بدأ بالعمل بشر القطار بعهد يقظة في القدس وبعودة السياح والزوار الاسرائيليين الى المدينة بعد الانتفاضة الثانية وسنوات من الاهمال، تحت رئيسي البلدية ايهود اولمرت واوري لوبليانسكي.
    ولكن القطار الخفيف هو ايضا هدف متوفر وسهل. ابناء عائلة ابراهيم العكاري، رجل حماس الذي قتل أول أمس في عملية الدهس ضابط حرس الحدود أسعد، رووا بانه خرج من بيته عاصفا بعد أن شاهد البث التلفزيوني عن التوتر في الحرم. ولاحظ العكاري مجموعة من شرطة حرس الحدود تنتظر على مقربة من محطة التسفير فاندفع نحوهم. واصبح مسار القطار الخفيف في لحظة شرك موت. وكما يبدو بوضوح في كاميرات الحراسة التي وثقت الدهس، فان هذا مسار ضيق، فارغ تماما، يكاد لا يكون مخرج منه في اللحظة التي يقرر فيها سائق الاندفاع فيه بسرعة عالية. معظم من كان يقف على جانب المسار الذي برز العكاري منه بسيارته اصيب.
    ومع الفارق فان اسرائيل هي الاخرى تصعد الى المصاف الفتاك في قضية القدس. ففي الاسابيع الاخيرة ذكرت سلسلة طويلة من المسائل التي تساهم في التوتر في المدينة. الفقر وانعدام الخدمات البلدية في الاحياء العربية، تحريض الحركات الفلسطينية، الجهد الاستيطاني الواسع من جمعية العاد واشباهها في شرقي المدينة – ولكن لا شك أن المفجر الاساس لموجة العنف الحالية يوجد في الحرم.
    آيزنكوت ونافيه مرشحان لرئاسة الاركان
    في المرة السابقة التي ترك فيها الجيش الاسرائيلي في صالح العمل المدني تمكن اللواء يئير نافيه من أن يعمل ضمن امور اخرى كمدير عام القطاع الخفيف في القدس. واذا لم تقع في اللحظة الاخيرة مفاجأة صاخبة، فان نافيه سيعود الى الملابس المدنية قليلا. وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون استدعى هذا الاسبوع نافيه واللواء غادي آيزنكوت الى مقابلات شخصية قبيل تعيين رئيس الاركان التالي، سيختار آيزنكوت.
    عندما تسلم يعلون وزارة الدفاع في اذار 2013، لم يكن نافيه في مكتب نائب رئيس الاركان. وقرار تعيين آيزنكوت نائب ثانٍ لرئيس الاركان بيني غانتس، كان احد آخر قرارات ايهود باراك في منصبه. ومنذئذ ونافيه في موقف انتظار. يعلون أراد ان يبقي في القدس للتنافس على منصب رئيس الاركان مرشحين مع بطاقة عمل كاملة – قائد منطقة لوائية، نائب رئيس اركان ومناصب مركزية اخرى. اما عمليا، فيخيل أنه حسم منذ زمن بعيد في صالح آيزنكوت. هذا ايضا هو رأي غانتس الذي لتوصيته وزن وان لم يكن مكانة رسمية. وعندما ظهرت امكانية اعادة النظر في ترشيح اللواء يوآف غالنت للمنصب حرص يعلون على قتل الفكرة حين أوضح بان المتنافسين سيكونون من داخل الجيش فقط.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 31/10/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-11-04, 01:56 PM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 07/07/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-07-14, 12:14 PM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 05/07/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-07-14, 12:14 PM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 04/07/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-07-14, 12:13 PM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 17/06/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-07-14, 12:04 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •