الحريديون والاصلاحيون يتحدون في معارضتهم لقانون القومية
بقلم: يئير إيتنغر،عن هآرتس
ناقشت الكنيست في عام 2010 قانون التهويد، وهو نسخة قديمة للقانون الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا. احزاب الائتلاف أيدت، وطريق القانون لكتاب القوانين كانت مزروعة بالازهار. إلا أن نتنياهو أحدث انعطافة حينما أمر بوقف القانون، الذي كان ملكية سياسية لاسرائيل بيتنا.
حدث التحول بعد أن فهم نتنياهو قوة الضجة التي أثارها البند الصغير في القانون، الذي أشار إلى أن كل تهويد يتم حسب الدين اليهودي. هذه الكلمات أوقفت مؤخرا المؤسسات والهيئات الاصلاحية على قدميها وكذلك المحافظين في امريكا الشمالية، والمنظمات اليهودية الكبرى خشيت هي ايضا. فهم نتنياهو حجم الورطة، وأوقف القانون في صيغته تلك.
هل قصة قانون التهويد ستُنقل ايضا إلى قانون القومية؟ وهل سيؤخذ به ويتم تقديمه في صياغة معتدلة؟ يوجد على الطاولة قانون حل وسط أعده نتنياهو نفسه، لكنه ايضا يمشي في حقل ألغام يهودي ويسبب اتحاد نادر بين الاحزاب الحريدية وبين الاصلاحيين في الولايات المتحدة. الاصلاحيون يخافون من أن يكون قانون نتنياهو يعطي الأولوية للدين الارثوذكسي في حين أنه يوجد تحفظ في اوساط الارثوذكسيين والحريديين حول الجوهر «يهودي» لقانون القومية، إنه عمليا قومي وعلماني ويعطي صلاحية النقاش في طابع الدولة اليهودي في محكمة العدل العليا.
الآن وبعد الزعزعة في الائتلاف وتحفظ وزارة الخارجية الامريكية بسبب المغزى تجاه الاقليات الغير يهودية في اسرائيل، فان القانون يتعرض للانتقاد من يهود الولايات المتحدة. إيف فوكسمان الذي يقف على رأس الفريق ضد الاهانة، اعتبر القانون أمس أنه زائد ويتوقع أن يتم انتقاده من قبل الجاليات اليهودية في امريكا بشكل أكبر.
ليس الخوف فقط على مكانة الديمقراطية في اسرائيل بل ايضا على الصياغات التي تتطرق إلى تعزيز المركب اليهودي تحت القانون الجديد. يقولون في الحركة الاصلاحية إن «القانون الجديد يعطي مكانة غير مسبوقة للدين اليهودي».
الحركة الاصلاحية في اسرائيل أرسلت أمس رسائل لرئيس الحكومة ووزيرة العدل ووزير المالية قدمت فيها تحفظاتها من وثيقة المباديء التي أعدها نتنياهو. وقد وقع عليها رئيس الحركة الاصلاحية في اسرائيل الحاخام جلعاد كريف، لكنه حدد الطريق للجاليات غير الارثوذكسية في الولايات المتحدة والفيدراليات والمنظمات الكبيرة مثل «الايباك». وحسب أقواله فان جميع هذه المنظمات ستخرج في الايام القادمة وتهاجم القانون.
يخافون في الحركة الاصلاحية من بضعة بنود في وثيقة حل الوسط لنتنياهو لقانون القومية، التي توضح الطابع اليهودي للدولة اليهودية. مثلا «في جميع المؤسسات التعليمية التي تخدم الجمهور اليهودي في البلاد سيتعلمون تاريخ الشعب اليهودي وميراثه» و«المحاكم العبرية ستمثل الالهام للكنيست» و«التقويم السنوي العبري هو التقويم الرسمي للدولة». يقول كريف في رسالته لنتنياهو وللفني وللبيد إن الوثيقة «تعطي مكانة غير مسبوقة للديانة اليهودية في تفسيراتها الارثوذكسية كمصدر إلهام عام لنشاط السلطة التشريعية». وفي محادثة هاتفية يضيف إن «هذه ليست دولة دينية، لكنها دولة تسمح للدين بموطيء قدم دستورية. ولا يوجد أمر مشابه لذلك في العالم».
في الوقت الحالي ايضا عضو الكنيست موشيه غافني (يهدوت هتوراة) قال إن حزبه عارض القانون لأنه ينقل الصلاحية من الكنيست للمحكمة لتحديد «ما هي القيم اليهودية لدولة الشعب اليهودي».
حاخام مجموعة يفنه، الحاخام إيلاعي عفران أضاف انتقاد آخر على قانون القومية من الجانب الارثوذكسي. وفي رسالة نشرها على الفيس بوك: «أنا يهودي. يهوديتي هي أولا وقبل كل شيء الدين، والمركبات المركزية لهويتي اليهودية هي ـ التوراة، التعاليم الدينية، الفرائض والايمان بها». ولجميع هذه المركبات لا يوجد ذكر في قانون القومية. اليهودية المذكورة في القانون هي «ثقافة»، «تاريخ» أو «صلة». بدلا من فرائض التوراة فان القانون يتحدث عن «اخلاق الانبياء» واستبدال حكم السماء بـ «مبادئ الحرية والعدل لميراث اسرائيل».
يشدد القانون على رموز الدولة ـ النشيد الوطني والعلم. لكنني لست من ذوي الرموز (هل تعرفون أنه كلما ظهرت كلمة رمز في التوراة ـ فان المقصود هو العمل الغريب؟). قانون القومية يرسخ صورة اليهودية التي ليست يهوديتي بمعان كثيرة. هو مكتوب بلغة أشك اذا كانت علمانية أو اصلاحية، ولا يعطي جوابا عن أساس هويتي اليهودية.
تحدد وثيقة نتنياهو أن «الدولة تعمل على جمع الشتات وتعزيز الصلة بين اسرائيل والجاليات اليهودية في الشتات». إلا أنه يتوقع أن يصدر الاحتجاج عن هذه الجاليات ضد المصادقة على هذا القانون.
حسب اقوال كريف، الامر الذي من شأنه تسريع الاحتجاج اليهودي على القانون هو بيان وزارة الخارجية الامريكية أمس، والمقالة التي نشرت في «نيويورك تايمز» حيث أن الكثيرين من قراء هذه الصحيفة هم يهود، والذي انتقد قانون القومية واعتبره «يسحق مكانة اسرائيل كدولة ديمقراطية وأنه يفطر القلب».
حسب اقوال كريف «من الممكن أن من سينقذ المجتمع الاسرائيلي في المستقبل هم يهود الولايات المتحدة، الذين سيقولون لرئيس الحكومة إنهم لا يقبلون القانون، ونحن سوف نساعدهم». «الوثيقة التي أرسلها لرئيس الحكومة ضد القانون سنترجمها للانجليزية ونرسلها إلى جميع الاطراف المعنية في امريكا الشمالية».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
متساوون ومتساوون أقل
بقلم: أفيعاد كلاينبرغ،عن يديعوت
قانون القومية ليس هو المشكلة. المشكلة، في نظر معديه، هي العرب. والحل من ناحيتهم هو بالذات تعبير عن الثقة بسلطة القانون: فهم يسعون إلى جعل الفعل فقها، إذ أن الفعل، حتى دون هذا القانون المهزوز، هو أن دولة اسرائيل هي دولة مواطنيها اليهود. والعرب؟ أكثر مما هم مواطنون هم «مشكلة»: مشكلة ديمغرافية، أمنية، ثقافية – كله حسب ميول الناظر. الدولة توضح لهم في عدد لا يحصى من السبل بانهم ليسوا شركاء متساوي الحقوق. في الحد الاقصى هم محتملون. نحن متسامحون لمجرد حقيقة اننا لا نطردهم لجموعهم. «فليقولوا شكرا». ومن أجل معرفة هذا، بالمناسبة، لا حاجة إلى استطلاعات ومقالات منمقة؛ يكفي زوج عيون. ومن يريد أن يرى، يمكنه أن يرى الامور الكبيرة بالذات في التفاصيل الصغيرة.
خذوا مثلا قضية موت الفتيين نديم نوارة ومحمد سلامة في بيتونيا. اليكم التفاصيل: الكاميرات اظهرت نديم نوارة يسير. بعد ذلك أرت انه يسقط ميتا. وقد أرت ايضا شرطيا من حرس الحدود يطلق النار نحوه. نوارة رشق الحجارة ولكنه لم يمت في وقت رشق الحجارة بل بعد ذلك، عندما لم يشكل خطرا. المرحلة الاولى هي دوما مرحلة النفي. كونه واضحا ان جنود الجيش الاسرائيلي لا يقتلون الناس لمجرد هكذا، واضح – للجيش الاسرائيلي ولنا – أن لا صلة بين النار وموت الفتى. لماذا مات؟ اذهب لتعرف لماذا يموت العرب. والفيلم؟ هو محرر، هكذا الناطقين بلسان الجيش الاسرائيلي، «بشكل مغرض». جنود الجيش الاسرائيلي، هكذا اعلن، يطلقون فقط عيارات مطاطية وحتى هذه ايضا يطلقونها نحو الحيطان، من اجل الاخافة. ومن العيارات المطاطية لا يموت الناس (الواقع الذي فيه «العيارات المطاطية» هي عيارات معدنية مغطاة بالمطاط التي بها يموت الناس بل ويموتون ايضا لا تزعجنا). المشكلة كانت العيار. من جسد الفتى اخرج العيار الذي تسبب بموته. عيار الجيش الاسرائيلي.
في فحص آخر تبين أن شرطيا من حرس الحدود غير العيارات في المخزن الخاص من عيارات مطاطية إلى عيارام ام 16. وقد حرص الا يضر به هذا التغيير، اطلق النار وقتل. المشكلة. وهنا في المرحلة الاولى، قبل ان تصحو السلطات اتهمت الشرطي بالقتل المتعمد. ظاهرا هذا قرار معقول. فالشرطي غير عن وعي العيارات التي تستهدف الحاق ضرر محدود بعيارات تستهدف القتل. وقد اطلق على الفتى رغم أنه لم يكن يهدد حياته، والنار تسببت بموت نوارة. وقد فعل كل شيء كي يخفي فعلته.
قاتل؟ ليس تماما. في المرحلة التالية تغيرت التهمة بالقتل المتعمد لشخص لم يشكل خطرا على القاتل إلى القتل غير المتعمد. لماذا القتل غير المتعمد؟ إذ من يعرف اذا كان شرطي حرس الحدود قصد القتل: ربما فعل ما فعله كي يطلق بجانب الفتى عيارات حية وفقط حظ نوارة التعيس تسبب في أن يقف في مسار النار؟ قد يكون قصد اصابته وليس قتله؟ ربما حقا. فعندما يطلق احد ما عليك عيارا حيا من مسافة قصيرة، ليس واضحا تماما ما يكون قصده.
في هذه المرحلة استبدلت التهمة من القتل المتعمد إلى غير المتعمد؛ وذلك ذلك، معقول الافتراض، سيتم ايجاد ملابسات مخففة؛ وبعد ذلك، معقول الافتراض، سيعطى عقاب رمزي. بعد ذلك، معقول الافتراض، سيقلص العقاب. ولماذا اعتقد أن هذا معقول؟ إذ توجد لنا منذ الان تجربة طويلة السنين في امور غير مريحة كهذه. في اسرائيل الجنود (والمستوطنين) لا يعاقبون بشدة على قتل متعمد/غير متعمد للعرب. بدأ هذا في كفر قاسم، عندما كان كل المسؤولين عن ذبح الابرياء حكموا بعقوبات خطيرة وخرجوا إلى الحرية في غضون نحو سنة. وهكذا استمر هذا. دولة اسرائيل تنقل رسائل – يوجد متساوون ويوجد متساوون اقل. والان تريد أن تؤطر هذا بالقانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
عالقون في المتاهة
بقلم: يحزقيل درور،عن هآرتس
إن سلوك حكومة اسرائيل يشبه سلوك فأر في متاهة وهو يتلقى ضربات كهربائية، يركض هنا وهناك، لكن ليس له فرصة للخروج إلا اذا بقي على قيد الحياة لوقت كاف من اجل تطوير «حنكة المتاهات». هكذا هي حكومة اسرائيل التي تحاول مواجهة المشكلات السياسية والأمنية المتغيرة والمتصاعدة من خلال ردود تكتيكية عادة ما تفشل.
تشديد العقوبات وهدم المنازل لا يردع الارهاب. اتهام رئيس السلطة الفلسطينية حتى اذا كان فيه شيئا من الصحة، يؤدي إلى تدهور العلاقات إلى هوة سحيقة أكثر. «رد صهيوني» من خلال البناء في المناطق هو سحر يرتد على الساحر، «الصمود الشجاع» ضد الولايات المتحدة والقول إن «علينا الاعتماد على أنفسنا فقط» يهدد علاقتنا المميزة معها ويتسبب بتعلقنا بها أكثر. التوقعات العلنية من الجمهوريين تغضب الرئيس اوباما ولا تمنع الضغوط من الجمهوريين حينما يصلون إلى السلطة. الاستخفاف بالامم المتحدة واوروبا سيكون له ثمنا باهظا. والايمان بـ «ادارة الصراعات» ما هو إلا خدعة تشجع على استمرار السياسة الفاشلة. اعادة اسرائيليين قلائل مقابل اطلاق سراح أسرى أمنيين كثيرين تشجع على الخطف وتزعزع الردع وتقوي «المقاومة»، مواجهة فاشلة للمتطرفين اليهود تصب الزيت على النار، الاستعداد لعملية ضد المنشآت النووية الايرانية التي ستؤول إلى غياب الفعل والانجازات السياسية، يهدد الأمن الاسرائيلي بشكل أكبر. وهناك أمثلة اخرى من هنا وهناك.
توجد لاسرائيل ايضا نجاحات تكتيكية ملفتة، ولكن في نهاية المطاف فاننا نبقى عالقين في المتاهة التي أصبحت خطيرة أكثر فأكثر، حيث لا يوجد مخرج بدون موقف سياسي أمني بعيد المدى، وبدون موقف مبدأي واقعي في نفس الوقت. وموقف كهذا ليس موجودا لدى الحكومة أو المعارضة.
الهذيان منتشر في اسرائيل ايضا على أعلى المستويات – رغم أن فهم عمليات تاريخية يؤدي إلى استنتاج أنه لا يوجد أمل في تحقيق «ارض اسرائيل الكاملة» وأن «دولة واحدة للشعبين» هي انتحار، وأن اتفاقا مع الفلسطينيين غير قابل للحياة وهو مليء بالمخاطر الأمنية.
الاجابة الدارجة على مثل هذه الادعاءات هي أنه من الافضل الانتظار لوقت مريح أكثر لاسرائيل، بدلا من «المراهنة» على مبادرة سياسية أمنية. ويضاف إلى ذلك، بشكل مباشر أو غير مباشر، ادعاءات القوة الاسرائيلية والانتصار في حرب الايام الستة، كعلامة على الحروب القادمة. وهذه الادعاءات ليست سوى جدران تمنع خروجنا من البلبلة. فالأغبياء والمتطرفون فقط يتجاهلون ما حدث بعد حرب الايام الستة، حيث جاءت حرب يوم الغفران. ولا حاجة إلى ذكر الكارثة لتأكيد عدم قدرة الانسان على فهم المجهول.
حسب النظرة التي تقول إنك تستطيع فعل ما تشاء، فان الاستنتاج هو أن المراوحة في المكان هي البديل الاسوأ، والاحتمالية الأكبر هي أن حركة التاريخ لا تعمل في مصلحتنا، وأن المراوحة الموجودة اليوم تؤدي إلى اضاعة الفرص وإلى مخاطر كبيرة. لذلك فانه في ظل غياب الانطلاق في سياسات اسرائيل، فان الدولة ستبقى عالقة في البلبلة في ظل ازدياد الخطر حول مستقبلنا.
إن جزءً من مباديء السياسات السياسية – الأمنية التي من شأنها أن تؤدي إلى إحداث انطلاقة، تشهد خلافا آخذا في الازدياد، ومن ضمن هذه المباديء: اقامة الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح بالقرب من حدود 1967، وتبادل الاراضي ونقل المستوطنات إلى داخل حدود متفق عليها والقدس موحدة وفيها مكانة ملائمة للمسلمين والمسيحيين في الحوض المقدس، وتكون الجهة الشرقية من القدس الموسعة تحت سيادة الدولة الفلسطينية، واقامة علاقات كاملة مع اغلبية الدول العربية والإسلامية، وتعاون ضد التطرف والعنف، وعلاج مسألة اللاجئين، واحتواء جهود ايران للحصول على السلاح النووي وأي سلاح آخر للدمار الشامل في الشرق الاوسط وضمانات حقيقية لنجاح الاتفاق من جميع الاطراف.
تجدر الاشارة ايضا إلى ضرورة التفوق العسكري الاسرائيلي والتمييز بين الحدود السياسية والحدود الأمنية، الامر الذي سيُمكّن اسرائيل من التواجد في أماكن استراتيجية في الدولة الفلسطينية إلى حين استقرار المنطقة، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى يجب القيام بخطوات لتقليص العمق والفجوة النفسية، الثقافية والدينية في الصراع، مثل الرقابة المتفق عليها على الكتب التعليمية وخلق رموز تعزز أجواء السلام.
المشكلة تكمن في أن بعض زعماء اسرائيل يتمسكون بالنظرة المسيحانية، وآخرين لا يملكون الجرأة السياسية المطلوبة لهذه الخطوات. أيضا تركيبة الحكم تُصعب اتخاذ قرارات حاسمة في ظل الخلافات الحادة في الرأي. فرنسا كانت بحاجة إلى زعيم مثل شارل ديغول كي تخرج من الجزائر، وقد نجحت في ذلك فقط بعد تغيير الدستور، وبعد تعريض حياته للخطر. اليوم لا يوجد في اسرائيل زعيم مشابه، ولا يوجد استعداد لدستور يلائم حاجات الدولة، لذلك يتوقع حدوث ازمات سياسية وأمنية كبيرة إلى حين انتهاء البلبلة وصعود قيادة من نوع جديد. لكن الثمن قد يكون باهظا حتى ذلك الحين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
المواطن رقم (1)
بقلم: ايتان هابر،عن هآرتس
رجال الاعلام، ولا سيما المراسلين العسكريين القدامى، يطيب لهم ان يصدقوا بان لهم تأثيرا على تعيين رئيس الاركان. فهم يفترضون بان رئيس اركان يتمنونه سيساعدهم في عملهم اذا ما عرف بانهم دفعوا نحو تعيينه. فهو سيكون مدينة لهم. غير أن رؤساء الاركان على اجيالهم لم يعتقدوا هكذا.
ذات الأمر ينطبق على وزراء الحكومة، النواب وباقي «الوسطاء» الذين يتجولون في أروقة الحكم. لديهم ما يقولونه وهم بشكل عام يقولون ايضا، ولا سيما للمرشح المؤكد لرئاسة الاركان، كي يتذكر لهم هذا في يوم الامر. اما الحقيقة فهي انه في كل الحالات تقريبا لم يراعي وزراء الدفاع راي المحيطين.
وبالتالي فقبل الاعلان على الملأ اسم رئيس الاركان التالي يجدر ان نعرف بضعة امور:
الاول: لحسن معرفتي وتجربتي المتواضعة، فان رئيس الاركان هو المنصب الاهم في دولة اسرائيل. لا رئيس الوزراء، لا رئيس الموساد ولا رئيس الشاباك. ولا حتى اولئك الذين يتجولون في اروقة الكنيست ويتظاهرون بان بناء على كلمتهم تتقرر الأمور. رئيس الاركان هو المنصب الاهم، لان اساس حياة دولة اسرائيل وثمانية مليون من مواطنيها يدور حول الأمن. رئيس الاركان هو رجل التنفيذ رقم 1. فهو يمكنه أن يأمر بالعمل – او عدم العمل – لكل شيء. عندما تكون دولة اسرائيل بحاجة إلى شيء ما «كبير»، مدني ايضا، فانها تدعو الجيش الاسرائيلي دوما: من انقاذ السكان في الخضيرة الغارقة وحتى اخلاء غوش قطيف. ورئيس أركان عادي سيطلب بالطبع إذن من «القيادة السياسية»، ولكن في اعماق قلبه سيسخر من هذه «القيادة». فما الذي يفهمونه على الاطلاق؟ حرب لبنان الاولى ولدت في عقل رئيس أركان كهذا.
الثاني: رئيس الاركان مسؤول بقدر مطلق عن حياة، ولا سمح الله ايضا عن موت، مواطني الدولة كلهم. لا رئيس الوزراء. لا وزير الدفاع. هو الذي يقول لوزير الدفاع ان يقول لرئيس الوزراء ان ليس لديه ما يكفي من «القبب الحديدية» للدفاع عن منطقة إكس، وان سكان تلك المنطقة سيتركون لمصيرهم المرير. هو الذي يفكر انه يجب الشروع في حرب – وكلنا نهرع إلى مخازن الطوارىء. هو الذي يجند، هو الذي يقيل، هو الذي ينتج المزاج الوطني ولا سيما الحصانة الوطنية التي تعيش عليها دولة اسرائيل.
الثالث: هو الذي يحوز على الميزانية الاكبر. وبالتالي، عندما يطلب رئيس الاركان دزينة طائرات «متملصة» اخرى، فهو يقرر أيضا أين لا تقام مستشفيات، لا تشق طرق، لا تبنى مدارس جديدة. وهو يمكنه بقرار عاجل ان يجعل شخصا ما مليونيرا، وهو ايضا يمكنه ان يقلص تقاعد وكل بائس بصعوبة يمكنه أن يعيش.
الرابع: صحيح أننا نعيش (وسيكون هناك من يقول: لا نزال) في دولة ديمقراطية، و «القيادة السياسية» قد تكون ملزمة بالبحث ولكن بالتأكيد غير ملزمة باقرار كل توصية من رئيس الاركان. ولكن يخيل أنه لم يولد بعد رئيس الوزراء ولم تولد بعد الحكومة في اسرائيل التي ترفض توصية وقرار رئيس الاركان. وبالمناسبة، فان رؤساء الاركان على أجيالهم كانوا يحذرون دوما على كرامة «القيادة السياسية». وهم دوما «يوصون» لها فقط. ولكن في احيان قريبة يعرضون طرق عمل محتملة بشكل يجعل «القيادة السياسية» تختار بالضبط طرق العمل التي يرغب فيها الجيش.
الخامس: وربما الاهم في هذه الايام: وزير الدفاع فقط يقرر من سيكون رئيس الاركان التالي. هو الذي يوصي. هو الذي يجلب إلى الحكومة لتقر. وهو يمكنه بالطبع ان يتشاور مع رئيس الوزراء، مع الوزراء، مع الجنرالات، ولكن هذا قراره وقراره فقط. ايهود بارك مثلا أوصى به 17 جنرالا لمنصب رئيس الاركان. ولكن وزير الدفاع قرر أن يكون دان شومرون رئيس الاركان قبله. رئيس الوزراء يحق له ألا يقر ترشيح وزير الدفاع لرئيس الاركان، ولكنه لا يمكنه أن يقترح مرشحا آخر الا اذا وافق وزير الدفاع وأوصى الحكومة. هكذا كان دوما.
وختاما: مقبول التفكير بان وزير الدفاع يختار الضابط الافضل في الجيش لهذا المنصب. هذا هو المرغوب فيه. ولكن عندما يكون هناك عدة مرشحين «متساوين» في نظره، فان وزير الدفاع يستخدم احيانا اعتبارا آخر: يختار الرجل الاكثر راحة له للعمل معه كرئيس الاركان. احيانا يجري وزير الدفاع مساومة مغلوطة. عيزر وايزمن، الذي اختار رافول، لم يتصور ان يطير من وزارته قبل رئيس الاركان. وعن العلاقات بين ايهود باراك وغابي اشكنازي، وهو تعيين وزير الدفاع السابق، لا مجال لتوسيع الحديث.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
حرية التعبير أولاً
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
بيت هيلل وبيت شماي اختلفا لمدة عامين ونصف حول ما هو الأفضل – هل خُلق الانسان أم لا، واتفقا أنه من الأفضل لو أنه لم يأت إلى هذا العالم. ولكن طالما أنه خُلق – «ليُبشبش ويُمشمش في اعماله». تقنية نقاش كهذا تلائم لموضوع اغنية عمير بنيون «احمد يحب اسرائيل» التي أثارت ضجة ودفعت رئيس الدولة رؤوبين ريفلين إلى الغاء العرض الذي كان مخططا له في بيت الرئاسة.
الوزير أوري اورباخ الذي تحفظ من الاغنية أعلن أنه لن يلقي خطابا في حفل يغني فيه بنيون. يمكن أنه سيتم التوصل إلى حل وسط حتى موعد اللقاء في الأسبوع القادم.
هذه اغنية تشمل التحريض. كراهية من اجل الكراهية. عداء لا داعي له. تُشعل النار في كوم من القش. «من الافضل لو لم يُخلق»، قال في حينه الحكماء. ولكن في هذا الموضوع ايضا، عندما تم نشر الاغنية، فمن الواجب البشبشة والمشمشة في لحنها.
من الواضح أن الاغنية ليست جديرة بأن تُسمع في بيت الرئيس (لم تكن نية لعمل ذلك)، ولكن مقاطعة بنيون تقلق أكثر من تجاهله. الشعب اليهودي – الذي يريد اعتبار اسرائيل دولته القومية – عانى من المقاطعة وحرق الكتب. دائما عرفنا كيف يبدأ ذلك حيث تكون المبررات واقعية لكن النهاية تكون صعبة.
تشردقت تقريبا عندما وجدت نفسي أدافع عن قرار قضاة محكمة العدل العليا عدم منع عرض الفيلم الكاذب «جنين، جنين» الذي يسيء لجنود جيش الدفاع من غير ذنب لهم. فقد رأيتهم غير راضين ومع ذلك خشيت من أن منع نشر الكذب قد يدهورنا إلى مكان أخطر بكثير.
قضاة محكمة العدل العليا شحب وجههم عندما شاهدوا كيف تم تقديم حنا سناش على مسرح اسرائيل الذي يتمتع بتأييد جماهيري، وكل ذلك لأجل المصادقة على وجهة نظر الدكتور اسرائيل كاتسنر في قضية انقاذ أو عدم انقاذ يهود هنغاريا. لقد طلبت محكمة العدل العليا ولم تمنع. وتم صك الاسنان ايضا عندما قامت فنانة بقضاء حاجتها على العلم الازرق – الابيض.
وأكثر من ذلك، وكمن يرتدع عن اخراج الجناح الشمالي للحركة الإسلامية خارج القانون، التأكيد أريد الابقاء على الاحزاب العربية في الكنيست وأعارض أن تقوم جهات خارجية بتمويل نشاطات سياسية في البلاد – فانني أستطيع النزول إلى رأي من يطلب حذف تحمل الآخر عند الحديث عن مغني له احترامه واخطأ خطأ كبيرا. فمن حقه ايضا أن تكون له سترة واقية لحرية التعبير.
سيدي الرئيس، هذا ما أردت أن أصرف انتباهك إليه.


رد مع اقتباس