اقلام واراء عربي
في هذا الملف:
(أبو مازن)..الخيار الصعب!
صالح القلاب عن الرأي الأردنية(ينتقد تقصير العرب في دعم السلطة الوطنية)
سؤال المصالحة وماراثون المنافسة!
محمد خروب عن الرأي الأردنية
حتى لا تسقط المصالحة في «ساحة الكتيبة»!
عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية(مقال مهم ينتقد حماس واستبدادها)
زيارة الوزير للقدس!
ماهر ابو طير عن الدستور الأردنية
من هو الأردني..
عبدالهادي راجي المجالي عن الرأي الأردنية
نحن وإيران وفلسطين (2)
عبدالحسن بوحسين(كاتب بحريني) عن الوسط البحرينية
الهجوم الاستيطاني وشبح “غولدستون- 2”
مأمون الحسيني عن دار الخليج
العفو الدولية” وغزة
أمجد عرار عن دار الخليج
الإخوان المسلمون وقوة المال
سمير كرم عن الشروق المصرية
سورية.. الحسم للقوة فقط..
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
منوف المدينة التى قالت «لا»
حمدي رزق عن المصري اليوم
(أبو مازن)..الخيار الصعب!
صالح القلاب عن الرأي الأردنية(ينتقد تقصير العرب في دعم السلطة الوطنية)
المفترض أن تباشر القيادة الفلسطينية قريباً بالتحول من وضعية السلطة الوطنية إلى وضعية الدولة ،بعد إعتراف الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدولة للشعب الفلسطيني على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 بصفة مراقب، وهذا يتطلب إستبدال جوازات السفر الحالية بجوازات سفر جديدة وتغيير كل المستندات والأوراق الرسمية وعناوين الوزارات والسفارات العاملة في الدول العربية والإسلامية والأجنبية فالدولة أصبحت واقعاً لابد من تجسيده لكي تتحول هذه المسألة من مجرد فكرة إلى وجود حقيقي وقضية جدية.
لا يجوز أن يوضع هذا القرار الدولي ،الذي شكل تحولاً هاماً بالنسبة لقضية فلسطين وبالنسبة لتطلعات الشعب الفلسطيني، على «الرَّف» مثله مثل قضايا ومسائل كثيرة سابقة والمفترض أن تتجسد خطوة الجمعية العامة للأمم المتحدة حضوراً فلسطينياً في كل الهيئات الدولية وعلى قدم المساواة مع كل دول العالم وفي مقدمة هذه الهيئات محكمة الجنايات الدولية التي لابد من إستخدامها كسلاح فعال ضد الجرائم المتواصلة التي يرتكبها الإسرائيليون ضد الأرض وضد الإنسان وضد المقدسات وحتى ضد البيئة إنْ في قطاع غزة وإنْ في الضفة الغربية.
ثم وإنَّ ما يؤكد كمْ أنَّ قرار الجمعية العمومية هذا قد جاء كخطوة تاريخية على صعيد القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط أن ردَّ الحكومة الإسرائيلية جاء حادّاً وارتجالياً وجاء بالمسارعة إلى إتخاذ إجراءات تدل على الإرتباك وضيق الأفق والخوف من مستقبل بات قريباً ومن بين هذه الإجراءات الإعلان عن مشاريع بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية وإتخاذ قرار أهوج بتجميد الضرائب التي هي حقٌّ للفسطينيين نصَّت عليه إتفاقيات أوسلو وذلك بهدف المزيد من تجفيف موارد السلطة الوطنية المالية.
وأيضاً فإن ما يؤكد كم ان السلطة الوطنية تعاني الآن من اوضاع مالية وإقتصادية كانت بالأساس سيئة وأصبحت في غاية السوء وكم ان الشعب الفلسطيني إنْ في قطاع غزة وإنْ في الضفة الغربية بات يعيش أحوالاً في غاية القسوة والصعوبة أن الولايات المتحدة ،التي هي دائماً وأبداً مع إسرائيل، قد بادرت هي بدورها بعد قرار الجمعية العمومية آنف الذكر إلى تجميد نحو مائتين وخمسين مليون دولار كانت تقدمها مساعدات سنوية للفلسطينيين وأنه لم يصل شيئاً من المائة مليون دولار شهرياً التي كان وعد بها العرب من الجامعة العربية كـ»شبكة أمان» تعزز قرار القيادة الفلسطينية بالذهاب بطلب العضوية المراقبة إلى الأمم المتحدة.
والخطير ، وهذا يجب التوقف عنده ملياً وأخذه بعين الإعتبار من قبل كل الدول العربية، هو أن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) بات تحت ضغط كل هذه المستجدات يفكر جدياً في إعادة مسؤوليات الإحتلال إلى إسرائيل لتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل قيام السلطة الوطنية في عام 1993 وليكون الإسرائيليون مسؤولين عن كل شيء ،التعليم والصحة والأمن والطرق وأكلْ وشرب سكان الضفة الغربية، ولتصبح الدولة التي اعترفت بها الأمم المتحدة تحت الإحتلال غير مسؤولة عن أي شيء ويقتصر دورها على أن تكون بمثابة قيادة لحركة تحرر إنْ في داخل الأراضي المحتلة وإن على الصعيدين العربي والدولي.. وهذا في حقيقة الأمر يتحمل مسؤوليته العرب الذين يقولون إن هذه القضية هي قضيتهم القومية الأولى.
إنه لا يعقل ألاَّ يستطيع العرب ،أغنياؤهم وفقراؤهم، توفير مبلغ مائة مليون دولار شهرياً لشعب عربي مكافح مضى عليه أكثر من ستين عاماً وهو يرابط في ما يمكن انْ يكون «ممر الماراثون» دفاعاً عن هذه الأمة التي تعتبر أن صراعها مع إسرائيل هو صراع وجود وليس صراع حدود.. إنه لا يمكن تصديق أن أمة بحجم الأمة العربية غير قادرة على توفير هذا المبلغ «الزهيد» فعلاً والذي قد يدفع عدم توفيره (أبو مازن) والقيادة إلى التفكير بما هو غير مقبول ولا معقول وهو إعادة الضفة الغربية بكل ما فيها وكل ما عليها إلى المحتلين الإسرائيليين لأن «الأشقاء» لم يفوا بوعد توفير «شبكة الأمان» لأشقائهم المرابطين في خنادق الدفاع عن عروبة باقي ما تبقى من فلسطين.
سؤال المصالحة وماراثون المنافسة!
محمد خروب عن الرأي الأردنية
فجأة... عادت «المصالحة» الفلسطينية او قل المصالحة بين فتح وحماس، الى الصدارة عبر تسريبات لا تبدو بريئة وبخاصة ان القاهرة هي مصدرها والقاهرة التي تنقل عنها الصحف العربية المهاجرة (..) هي القاهرة الرسمية أي التي ما تزال تعيش تحت وطأة وتداعيات الأزمة الكبيرة والمفتوحة التي فجّرها الاعلان الدستوري (22/11 الماضي) وتمرير الاستفتاء على دستور مرسي، الذي أدخل مصر في نفق مظلم لن تخرج منه في وقت قصير، حتى لو آلت السلطة التشريعية الى مجلس الشورى الذي تهيمن عليه اغلبية تنتمي لتيار الاسلام السياسي من اخوان وسلفيين وايضاً حتى لو خرج الرئيس المصري قريباً على شعبه ليلغي «الاعلانات الدستورية» المثيرة للجدل التي اصدرها في ازدراء واضح لرأي المعارضة واصرار على المضي الى نهاية الشوط في فرض الاذعان على من يخالفون او يعارضون مشروع الاخوان المسلمين الرامي الى أخونة الحكم وأسلمة المجتمع والهيمنة على مراكز صنع القرار واطاحة قواعد اللعبة الديمقراطية التي جاءت بمرسي الى موقع الرئاسة وأوصلت الاخوان والسلفيين الى مجلسي الشعب (المنحل بقرار المحكمة الدستورية) والشورى الذي سيبدأ اليوم الاربعاء دورته الجديدة، بعد ان «عيّن» الرئيس المصري الثلث المتبقي من اعضائه، ولم يفِ بالوعد الذي قطعه بأن تكون اغلبية المُعَيّنين من غير تيارات الاسلام السياسي فاذا بهم كذلك، على نحو دفع بالممثل المصري الشهير محمد صبحي للاعتذار عن عدم قبوله هذا التعيين، كون اغلب المُعَينين هم اسلاميو التوجه..
ما علينا
الحديث الجديد القديم عن المصالحة الفلسطينية، ليس بريئاً وخصوصاً ان القاهرة (الرسمية) تريد إبعاد الانظار عن ازمتها الداخلية عبر استجلاب الاضواء والاهتمام السياسي والدبلوماسي والاعلامي استكمالاً للدور الذي لعبته (بمباركة واطراء اميركيين معلنين) خلال عدوان «عامود السحاب» الذي استثمره الرئيس المصري داخلياً عبر تحقيق قراراته (في الاعلان الدستوري) وتحصين الجمعية التأسيسية للدستور التي «سلقت» الدستور وعرضه مرسي على الاستفتاء، بعد ان حاصر الاخوان والسلفيون المحكمة الدستورية كي يحولوا دون حل الجمعية التأسيسية واعتبارها غير شرعية، وبالتالي سقوط صيغة او مشروع الدستور الذي فصّله الاخوان وانصارهم على قياسهم..
فهل ستنجح المساعي المصرية لانجاز مصالحة فتح وحماس؟
من السذاجة الاعتقاد ان «المصالحة» باتت وشيكة، فما بين الحركتين من خلافات واحقاد وتنافس، يصعب التجسير عليه وكل منهما «منتشية» بما «أنجزته» او سجلته لنفسها من نقاط، فبعد حماس التي «أهّلها» صمودها الميداني للانضمام الى المحور العربي التركي الجديد (اقرأ محور الاسلام الاخواني) جاءت رعاية مصر لاتفاق الهدنة كي تأخذ حماس الى ساحة النضال السياسي (..) الذي انكرته على منظمة التحرير (اقرأ فتح) كما حصلت الاخيرة على ورقة ثمينة اعادت لها الثقة بالنفس، معتبرة عضوية الدولة المراقبة معادلاً «موضوعياً» لصمود حماس الميداني، وبخاصة ان حماس دعمت عباس في ذهابه للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ثمة اذاً عناوين متضادة للمصالحة، لا تتوقف عند «اولوية» حكومة الوحدة الوطنية التي تصر عليها حماس فيما فتح وعباس خصوصاً يقول: ان لا مصالحة بدون اجراء الانتخابات اولاً، دع عنك حكاية تشكيل مجلس وطني جديد، عبر الانتخاب كما تنادي بذلك حماس، فيما فتح تتذرع بالأوضاع الاقليمية وظروف الشتات الفلسطيني، لتُبقي على صيغة المحاصصة الفصائلية التي لم تعد مقبولة او قابلة للاستمرار..
هنا تحضر تسريبات اخرى، جاءت على صفحات صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، تتحدث عن «احتمال» سيطرة حماس على الضفة الغربية مصدرها تقرير من الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (امان) رُفع الى نتنياهو مؤخراً ايدته في ذلك المخابرات الداخلية المعروفة باسم «شين بيت» الأمر الذي يثير المزيد من الشكوك حول التوقيت والدلالات وصحة المعلومات في وقت تزعم فيه حماس ان الملاحقة الامنية من اجهزة السلطة الفلسطينية لانصارها مستمرة ولم تتوقف على ما ذكر الناطق باسمها في غزة سامي ابو زهري، وفي الآن ذاته، التوقعات الاسرائيلية المتصاعدة والتي لم تتوقف عن انتفاضة ثالثة وشيكة ستكون وفق مصادر اسرائيلية استخبارية وتحليلات اعلامية وصحافية، اكثر شدة وعنفاً واتساعاً مما كانت عليه الانتفاضتين السابقتين.. ما قد يعني ان طريق المصالحة – بافتراض حُسن النوايا – مزروعة بالألغام وانعدام الثقة وعمق الشكوك بين حماس وفتح دون اهمال توق عواصم اقليمية للامساك بما تبقى من الورقة الفلسطينية التي باتت في مهب الريح بعد ان غادرت حماس خنادق الممانعة وآثرت فصائل اخرى الصمت او المزايدة في انتظار مآلات الأزمة السورية.
حتى لا تسقط المصالحة في «ساحة الكتيبة»!
عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية(مقال مهم ينتقد حماس واستبدادها)
يُظهر الخلاف حول “مكان” تنظيم الاحتفال بالذكرى السابعة والأربعين لانطلاقة حركة فتح في قطاع غزة، استمرار حالة انعدام الثقة بين جناحي الحركة الوطنية الفلسطينية (فتح وحماس)، وهو إلى حد كبير، يُظهر استمرار الخلاف بين مكتب حماس السياسي (الخارج) من جهة، وقيادتها في قطاع غزة (الداخل) من جهة أخرى، وهو خلاف يهدد بتبديد المناخات الإيجابية التي سادت الساحة الفلسطينية في الأسابيع القليلة الفائتة، ويُعيد إلى الأذهان الدور الذي لعبته “قيادة غزة” في عرقلة اتفاق الدوحة والإطاحة بمفاعيله الإيجابية.
أمس، أعلنت الحكومة في غزة، أنها لن تمنح تصريحاً لحركة فتح بإقامة الاحتفال السنوي بذكرى انطلاقتها (وهي بالمناسبة ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة) في “ساحة الكتيبة” في غزة، حيث اعتادت فتح أن تقيم احتفالاتها المركزية قبل “الحسم/ الانقلاب” في العام 2007، وتبعتها حماس بعد هذا التاريخ.. وعرضت على فتح اختيار مكان آخر لإقامة الاحتفال، لا أدري أن كان المقصود ساحة في “الخلاء” أم في غرفة اجتماعات مغلقة.. ما أثار غضب فتح، التي منحت بدورها تصريحاً لحماس، لإقامة احتفالاتها الجماهيرية بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقتها، في عددٍ من مدن الضفة، ولأول مرة منذ الانقسام.
في الأصل، نحن نرفض فكرة “منح التصاريح”، ونؤثر عليها أسلوب “العلم والخبر”، فالحق في الاجتماع والتظاهر السلميين، يتعين أن يكون مكفولاً، لا سيما في زمن “الربيع العربي” وبالأخص في الحالة الفلسطينية الرازحة تحت الاحتلال والاستيطان والحصار.. لكن الإصرار على “تقزيم” احتفالات فتح بذكرى انطلاقتها، يعكس من جهة حالة من الخوف من “بُعبع” فتح في غزة، مثلما يعكس من جهة أخرى، ميلاً للهيمنة والاستئثار، غير المقبول أبداً، وبالأخص في مناخات المصالحة الفلسطينية.
أما الذرائع التي ساقتها حكومة حماس في غزة لرفض التصريح لفتح باعتماد “ساحة الكتيبة” مكاناً لإقامة احتفالاتها، فهي أقبح من ذنب، بل وتنتمي إلى “فيض المبررات” التي طالما ساقتها نظم القمع الاستبداد في تبريرها لرفض الاجتماعات العامة، ومصادرتها لحق شعوبها في التظاهر والاحتجاج والاحتفال.. فأي مبرر أمني يمنع إقامة احتفال شعبي في “ساحة الكتيبة”، وأية مصلحة للشعب الفلسطيني تقتضي منع هذا الاحتفال أو تغيير مكانه؟.. وإلى متى ستبقى كل من الحركتين تقيس علاقاتها مع الحركة الأخرى، من منظور “المعادلة الصفرية”: كل مكسب تحققها إحداهما، هو خسارة للأخرى؟!.
في المعلومات، أن فتح أجرت اتصالات مع قيادة حماس في الخارج والداخل.. كان جواب خالد مشعل وموسى أبو مرزوق: على الرحب والسعة.. أما الإجابة ذات “الطبيعة الأمنية” من غزة، فجاءت مثقلة الشكوك والشروط والتعقيدات، التي من شأنها تعكير مناخات المصالحة، ومن خلفها نوايا الاصرار على التفرد والاستئثار.. وفي ظني أن هذه الأسباب هي ذاتها التي عطلت اتفاق الدوحة، وكنا نظن أنها تبددت أو تراجعت مع “نصر غزة” وزيارة خالد مشعل التاريخية إليها، وتعزيزه وصحبه في المكتب السياسي، لمكانتهم في الهرمية القيادية لحماس.. لكن يبدو أن رياح أوهامنا وأمانينا لم تهب بما تشتهي سفن المصالحة والتفاؤل بالمستقبل.
ويعيد الجدل حول “ساحة الكتيبة” طرح أسئلة أشد تعقيداً، ليس فيما خص احتفال فتح، فتلكم جزئية يمكن القفز عنها وتجاوزها..بل حول فرص المصالحة الوطنية أولاً، وحول “من يتخذ القرار داخل حركة حماس” ثانياً.. هذا أمر، لن تتضح معالمه النهائية قبل انتهاء حماس من تشكيل مكتبها السياسي (قبل نهاية العام كما يُرتجى)، وربما يستمر الحال، إلى ما بعد انتهاء هذه العملية، إن جاءت حساب الحقل مغايرة لحسابات البيدر الانتخابي الداخلي للحركة.
إن تعطيل مهرجان فتح المركزي في غزة، مثل تعطيل عمل لجنة الانتخابات فيها، مؤشران محمّلان بالدلالة على رمزيتهما وتواضع تأثيرهما.. إنهما يعكسان عدم نضج الشروط في غزة (حمساوياً) لإنجاز المصالحة الوفاء باستحقاقاتها.. وهنا، هنا بالذات، يأتي دور الوسيط المصري من جهة والرأي العام الفلسطيني من جهة ثانية، فهذا الأخير هو صاحب المصلحة الأولى في المصالحة، وهو القوة التي بمقدورها أن تمارس ضغطاً حقيقياً على الطرفين لإنهاء الانقسام.
غني عن القول، أننا هنا لا نُحمِّل حماس (غزة) وحدها وزر المماطلة والتسويف في إنجاز ملف المصالحة، فثمة أطراف على الضفة الأخرى في معادلة المصالحة والانقسام، تتحمل قسطها من المسؤولية كذلك، وفي ظني أن “التعويل” على الخيار التفاوضي، والخروج من إحدى حلقاته المفرغة للدخول في حلقة مفرغة أخرى، يتحمل المسؤولية أيضاً عن التعطيل والتأخير، مع كل ما يختزنه من شروط والتزامات، وما قد يمليه من تراجعات وتنازلات، وما يثار في سياق من نصائح (إقرأ ضغوط) لإبعاد وحماس واستبعادها، أقله في المدى المرئي.. لكننا في هذه المقالة، سنكتفي بالتأشير إلى عقلية ضيقة، تهدد واحدة من أفضل الفرص لاستعادة الوحدة الوطنية وإعادة بناء التمثيل والنظام الفلسطينيين، أقله منذ إعلان الدوحة.
زيارة الوزير للقدس!
ماهر ابو طير عن الدستور الأردنية
يذهب وزيرالخارجية ناصر جودة الى القدس ويزور المسجد الاقصى والزيارة سياسية قبل ان تكون دينية لأن الوزير يحمل حقيبة سياسية.
هذه ليست اول زيارة لمسؤول أردني الى القدس خلال الشهورالأخيرة، إذ زار القدس والحرم القدسي مسؤولون من مستويات مختلفة وجاءت الزيارات بشكل متتابع ثم انقطعت فجأة.
زيارة الوزير تختلف عن غيرها، لأن تلك الزيارات لم تحمل مضمونا سياسيا بالمعنى المباشر بقدر وجود مضمون سياسي خلف الزيارة الدينية، فيما زيارة وزير الخارجية الأخيرة سياسية تحمل مضمونا دينيا.
جودة في القدس قال كلاما مهما، اذ صرّح للإعلام انه هنا بتكليف من الملك شخصيا لتفقّد وضع المسجد الاقصى والمقدسات والاطلاع على الواقع والتحديات التي تواجهها المدينة والمقدسات ايضا.
لا أحد يعرف ماذا لدى الأردن من معلومات، هل هناك خطر وشيك على الأقصى أم أن انعاش الرابط الوجداني بين الاردن والقدس عبر بوابة الاقصى يأتي تحوطا من سيناريوهات مستقبلية ام تمهيدا لها؟!.
زيارة المسؤولين للقدس خير من هجرها وتركها وحيدة معزولة، والذين ينددون بالزيارات لاعتبارات وطنية او دينية لا يعرفون انهم -في عز حسن نواياهم وُطهردوافعهم- يقدمون خدمة للاحتلال من حيث لا يعلمون عبر ترك القدس وحيدة للتهويد والتقطيع والتدمير.
ما أحوج القدس لمن يمسح بيده الحزن عن وجهها!
من هو الأردني..
عبدالهادي راجي المجالي عن الرأي الأردنية
من هو الأردني ... سؤال محير ومقلق ومتعب ؟ ولكني سأجيب عليه ..
أغلى ما يملكه الإنسان هو دمه ...ولكن الأردني يمنح دمه بكل رجوله
دعوني أفسر لكم المسأله :- .. أنا أجلس في مقهى قريب من منزلي وهناك اصدقاء تعرفت عليهم في المقهى , هم اصدقاء (الطرنيب) و (الأرجيلة) نحن فقط نجتمع في المقهى وحين يتأخر الوقت نغادر ...
البارحة جاءنا شاب , كل ما نعرفه عنه أن اسمه (محمود) ونسميه غالبا (محمود المطسّة) لأنه يـُهزم في (الهند) كثيرا , وأخبرنا أن والده في مستشفى الجامعة ومحتاج لدم ....كنا اربعة رجال , ونهضنا جميعا وصدقوني أني لا أعرف إسم محمود كاملا ولا أين يسكن ولا حتى وظيفته.
ركبنا السيارة معه وذهبنا إلى بنك الدم في مستشفى الجامعة , ولأن والده محتاج فقط ل (4) وحدات دم أحضرنا معنا من قبيل الإحتياط (عبد الجواد) وهو العامل الوافد الذي يحضر لنا المشروبات في القهوه .
المهم ..أنا تبرعت بوحدة وبعد ذلك اصبت بدوخة ونصحني الطبيب أن أرفع قدميَّ لفوق وأن اشرب علبة عصير (زاكي) , واصدقائي تبرعوا ايضا وعبد الجواد هو الاخر قال :- (ما يصحش كدة وانا برضو حديلو لتر) ....
لم ابخل بدمي على شخص فقط أعرفه في القهوة , كيف أبخل بدمي على بلد قاتل فيه اهلي وحموا ترابه وكل شجرة فيه وكل حجر ؟
بعد أن عدنا إلى المقهى قررت أن أتعرف أكثر على محمود ....تبين لي أنه من غزة ولا يحمل رقما وطنيا , وأنه يعمل في تجارة البلاستيك , ومتزوج ولديه (3) اطفال , وتبين لي أن والده يحمل نفس المواصفات من غزة وبدون رقم وطني ...
قلت لمحمود وقتها ممازحا عليك إذا أن تشكرني مطولا لأني أعطيتك دما برقم وطني .. وتذكر هذا...
أعود إلى سؤالي من هو الأردني ؟ هو الذي لايتأخر على شقيقه إن أراد دمه ويمنحه إياه بغض النظر عن اصله أو مسقط الرأس وبغض النظر عن الأرقام فالدم أغلى من أي رقم ؟....الأردني هو الذي يسمح للأطباء بأن يمصوا دمه ليس لأجل أن يقال عنه إنه منح دمه ..بل لأجل أن يشعر شقيقه بأن هناك أناسا يقفون مع المظلوم والمحروم والمتعب.
من هو الأردني ؟ هو الذي إذا دخلت أية وزارة أو مقهى أو مؤسسة حكومية وطلبته دمه يمنحك إياه برضى وطيب خاطر ولا يمن عليك ....خذ يا محمود إذاً قدر ما شئت من دمنا ...ولا ترحل بل ظل بيننا أخا وصديقا .
من هو الأردني ؟ في كل دول العالم يحصل الناس على الدم من البنوك المخصصة لذلك الا نحن ...نحن الوطن الوحيد في الدنيا الذي إذا قابلت فيه أي مواطن في الشارع ودون أن تعرفه وطلبت منه وحدة دم فلن يبخل عليك وستجد أن هنالك فزعة من أناس لا تعرفهم ...
إذا كنا نمنح دمنا لأناس نعرفهم بالصدفة ولأجل مداواة جراح أهلهم , كيف إذا سيكون حال الوطن حال الأردن إذا احتاج للدم ؟
ما سأقوله في نهاية المقال هو شيء بسيط ...الشعارات التي رفعت في عمان من قبل المرشحين كلها مرتبطة بالفداء والتضحية ومنها شعار يقول :- مهما قدمنا فالوطن يستحق أكثر ...وهناك شعار في الدائرة الخامسة أو السادسة يقول :- الوطن وحقوقكم مهما غلا الثمن ...
أنا لا أريد أن أسأل عن استحقاقات وطنية ولا عن أثمان مرتفعة ولا عن وطن يستحق أكثر ....أنا أطلب ممن رفعوا هذه الشعارات وحدة دم لوالد محمود فقد تعثرت العملية ونقل إلى مستشفى آخر ولأنني تبرعت أمس منعني الطبيب من التبرع بوحدتين في فتره زمنية قصيرة ...أريد من السادة الأفاضل وحدات دم من أجسادهم لوالد محمود على الأقل كي نرى ..هل الوطن يستحق أكثر مهما غلا الثمن ؟
يامحمود خذ ما شئت من دمي ...ولا ترحل بل ابق بيننا أخا وشقيقا ..ودمعا ودما .
نحن وإيران وفلسطين (2)
عبدالحسن بوحسين(كاتب بحريني) عن الوسط البحرينية
أثار مقالنا الأخير بشأن تأثيرات المواقف المتباينة للدول العربية والاسلامية حيال القضية الفلسطينية ردود فعل متباينة من القراء الكرام. فكل قرأه من زاوية رؤيته وهذا أمر طبيعي لا غبار عليه. هناك فريق اعتبر المقال تنكراً للقضية الفلسطينية برغم تأكيدنا في بداية المقال أن نصرة الشعب الفلسطيني هي واجب عربي واسلامي وانساني، وأن القضية الفلسطينية هي محور الصراع في المنطقة. في حين تفاعل فريق آخر ايجاباً مع المقال الذي وفر حالة من العصف الذهني بشأن موضوع بهذا القدر من الأهمية والتأثير على أوضاعنا المحلية لطالما تجاهلناها.
وتكملة للموضوع وعلى ضوء العدوان الأخير على غزة يلقي هذا المقال الضوء على المزيد من الجوانب ذات الصلة بهدف إيضاح الحقيقة وضبط بوصلة توجهاتنا.
وفقاً لأدبيات صنع القرار فإن أنجح القرارات هي تلك التي تأخذ من الخيارات المتوفرة أفضلها. ومن أسباب التباين في المواقف حيال القضية الفلسطينية هو انحصار الحل في خيارين مختلفين يتبنى أحدهما خيار المقاومة في حين يتبنى الآخر الخيار السلمي. ولكل خيار وجاهته التي تقررها المعطيات على أرض الواقع، إلا أن أياً منهما ليس بالضرورة هو الخيار الوحيد والأفضل. فخيار المقاومة يتطلب عمقاً جغرافياً وديموغرافياً متوافقاً مع هذا الخيار ولكنه غير متوفر في الوقت الحاضر. فغزة رغم الاعتداءات الاسرائيلية المدمرة، مازالت محاصرة حتى من حلفائها في العقيدة والتوجه السياسي. فأوضاع العرب الآن في أسوأ حالاتها لدرجة رضوا لأنفسهم بأن يكونوا نعاجاً. ومصر المنقسمة على ذاتها مازالت مكبلة باتفاقية كامب ديفيد وتنزف بسبب الفقر ومخلفات الاستبداد الذي شل حراكها منذ ما يزيد على نصف قرن حين تم تجميد حرية الاختيار حتى تتحرر فلسطين فضاع الاثنان معاً. وهي الآن مرشحة لعودة حرس قديم بحلة جديدة يقف متربصاً ومتوثباً للانقضاض على السلطة بعد انجلاء غبار المعركة بين حلفاء الأمس.
أما سورية والعراق فقد تكفل العرب بهما فوقفت «إسرائيل» مبتهجة لخروجهما من دائرة الصراع. أما الأردن فوضعه ومصيره غامض ومجهول، ولربما خطط له لأن يصبح الملاذ الأخير لشعب فلسطين. هكذا هي الأوضاع في عالمنا العربي الكبير. وتبقى جمهورية إيران الاسلامية التي تتبنى خيار المقاومة في محيط غير مؤهل، فهي الأخرى تسعى جاهدة لفك حصار دولي حولها الى دولة معزولة عن العالم من الناحية المصرفية والاقتصادية لتعود بتعاملاتها التجارية إلى عصور المبادلة. وهكذا يتحمل شعبها مرة أخرى تبعات معيشية قاهرة بدأت مظاهرها في نقص في الغذاء والدواء بسبب هذا الحصار الذي تشتد وطأته بالتدريج، ليتخذ شكل الحصار الذي كان مفروضاً على العراق، وذلك على أمل تجويع الشعب الايراني ليخرج شاهراً سيفه.
اما خيار الحل السلمي فقد أجهضته إسرائيل لكونها غير قادرة على البقاء في محيط مستقر يتفرغ فيه أبناء المنطقة للعلوم والابتكار والتنمية. فعوامل الديموغرافيا والجغرافية والاقتصاد لا تخدمها إلا في محيط منقسم ومشغول بنفسه. وحيث ان الصراع في المنطقة هو صراع حضاري النصر فيه للوحدة والتكامل بين شعوب المنطقة وعلى جميع الأصعدة، ارتأينا أولاً استعراض بعض من مؤشرات ضعفنا مقارنة بإمكانات عدونا، وذلك بغرض تشخيص نقاط الضعف التي لا يمكننا تجاهلها بغض النظر عن حجم التباين حيال نصرة الشعب الفلسطيني. ومن هذه المؤشرات نستعرض ما يلي:
1 - الاستبداد
ان أنظمة الحكم المستبدة هي خير ما يتمناه أي خصم لخصمه لكونها من أقوى عوامل التخلف، فالاستبداد قرين بالضعف لكونه يشل من قدرة الشعوب على الابداع والإنتاج، وما لم تتم معالجة عضال الاستبداد في الوطن العربي والاسلامي فإن نصرة الشعب الفلسطيني لن تكون متاحةً مهما حسنت النيات. فشعوب ترزح تحت الاستبداد ليس بوسعها نصرة شعوب أخرى مستعبدة. وقد تنبهت اسرائيل لهذه الحقيقة فأسست لنفسها نظاماً مغايراً لما أسّسه الأجنبي في عالمنا العربي والاسلامي.
من هنا فإن نصرة القضية الفلسطينية تصبح حقيقة واقعة عندما نبدأ أولا بتحرير ذاتنا وليس العكس. وهذا الواقع يوجب علينا النظر الى الصراع في منطقة الشرق الأوسط على انه صراع حضاري وحرب طويلة أكثر من كونه معركة يعتمد نجاحها على تزويد مجموعة هنا وأخرى هناك بسلاح ردع محدود.
2 - الاقتصاد
يعتبر النمو الاقتصادي من أبرز مؤشرات القوة، فشعب عاجز عن تأمين قوت يومه ليس بوسعه نصرة غيره. وإذا ما أجرينا مقارنة سريعة بين النمو الاقتصادي في اسرائيل وعالمنا العربي الكبير بثرواته الطبيعية الهائلة ومساحته الجغرافية والديموغرافية يتضح ما يلي:
- يعتمد الاقتصاد الاسرائيلي على صناعة التكنولوجيا ومعداتها، ودخل الفرد 29000 دولار، والناتج المحلي الاجمالي +200 مليار في اسرائيل يفوق دخل الفرد في أكثر الدول العربية ثراء، ويعتبر هذا الدخل من أعلى الدخول في العالم.
3 - التعليم
يعتبر التعليم الجامعي في اسرائيل من أرقى أنواع التعليم في العالم، وتخصص الدولة العبرية أكثر من 10 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي للتعليم ومثله للخدمات الصحية. في حين لا يتجاوز ما تنفقه الحكومات العربية مجتمعة على التعليم ربع ما تنفقه اسرائيل. ووفقاً لتقرير الهيئة الدولية للجودة فإن أربع جامعات من أصل عشر جامعات في اسرائيل تعتبر من أعلى مئة جامعة في العالم في حين لم تصنف أية جامعة عربية ضمن هذه الفئة. أما مؤشر الأمية فإن المقارنة بين اسرائيل (2.9 في المئة) والدول العربية (40 في المئة) يعتبر أمراً مخجلاً. فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
وفي مجال البحث العلمي تنفق اسرائيل ضعف ما ينفقه العالم العربي مع فارق كبير في النوع والغرض. والفضل لفجوة التخلف هذه يعود للاستبداد الذي تمكن منا مع الأسف بما نملكه من ثروات سخرناها لتدمير ذاتنا سواء بسياسة الاستهلاك والتبذير والبذخ، أو بسياسة الصرف السخي على ترسيخ الأفكار الظلامية التي أفسدت العقول والنفوس حتى بات المخرج منها شبه مستحيل. من هذا المنطلق فإن أي جهد لنصرة القضية الفلسطينية يبدأ أولاً بتخطي هذا الواقع مع الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الآتية.
1 - رغبة جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها منظمة حماس والتي عبّر عنها خالد مشعل في مقابلته الأخيرة مع محطة السي إن إن والتي أصبحت مطابقة لتوجه الدول العربية، فإيران أو غيرها لا يمكنهم القفز على رغبة أصحاب القضية.
2 - ان التخلص من الاستبداد هو الخطوة الأولى لامتلاك القدرة على النهوض، ومساهمة إيران في هذا الجانب لا تنحصر فقط في دعم خيار المقاومة بل في تحويل نفسها إلى نموذج ديمقراطي كامل يوفر الرخاء والانفتاح الاقتصادي والسياسي للشعب الايراني. ان مثل هذا النموذج الناجح يحفز الشعوب الأخرى على اقتباسه ويساهم في التقارب والتعاون فيما بينها. أما وقوفها على الجانب الآخر وفي مواجهة مع المحيط والدول النافذة في المنطقة لأسباب أبرزها التباين في خيارات دعم القضية الفلسطينية فإن ذلك لا يساهم الا في تعزيز هواجس الخوف والفرقة لدى الشعوب، الأمر الذي يساهم في تعزيز أنظمة الاستبداد، وهذا ما تصبو اليه القوى المعادية كما نلمسه حتى في بلدان الربيع العربي حيث تمت إدارة الصراع هناك من قبل القوى المهيمنة في هذا الاتجاه وعلى خلفية من الهواجس والمخاوف لضمان أمن اسرائيل والمصالح الغربية في المنطقة أولاً.
لاشك أن الساسة في إيران مدركون لطبيعة الصراع بين الشعوب الاسلامية و إسرائيل، فهذا الصراع المزمن لا يحسمه المسلمون في صالحهم إلا بالتوافق على مشروع حضاري يجبر إسرائيل ومن ورائها الدول الكبرى الداعمة لها على التخلي عن أهدافها في الهيمنة على مقدرات المنطقة. إن إيران وبقية الدول العربية والاسلامية بإمكانهم المساهمة في بلورة هذا المشروع الحضاري وذلك بالتوافق والتكامل بهدف إفشال الخطط المتمثلة في إشغال العرب والمسلمين بأنفسهم كما هو الحال عليه في وقتنا الحاضر.
لقد تبنت مصر الناصرية، بدعم شعبي عربي وغير عربي شامل، القضية الفلسطينية ولكن من دون تبني مشروع سياسي ديمقراطي يعتمد على تسيير ذاته فضاعت مصر ومعها القضية الفلسطينية. وتكرار إيران لتجربة مشابهة وسط انقسام مذهبي إسلامي وعداء عربي فارسي مختلق لن يخدم القضية الفلسطينية بقدر ما يساهم في إلحاق الضرر البالغ بجميع الأطراف، وخصوصاً تلك التي تلتقي مذهبياً مع إيران والتي يحلو للبعض إقحامها عنوةً في هذا الصراع بل وإخراجها من ملة الاسلام في كل وقت تعبر فيه عن طموحاتها وتطلعاتها بمواطنة متكافئة.
لقد أصبحنا جميعاً بفعل هذا التباين الحاد ندور في حلقة مغلقة مفاتيحها في غير أيدينا، ولكننا مع الأسف ندفع فاتورتها لكوننا عاجزين عن التشخيص وعن الاختيار من البدائل أفضلها.
الهجوم الاستيطاني وشبح “غولدستون- 2”
مأمون الحسيني عن دار الخليج
لا يشكل استهتار رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو بالأمم المتحدة وبالمواقف الدولية المنددة بالهجمة الاستيطانية الأخيرة، وبالأخص مشروع البناء في منطقة “إي 1” الواقعة بين القدس وأريحا، والتي تفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وفي مستوطنة “جيفات هاماتوس”، ومستوطنتي “جيلو” و”رامات شلومو” اللتين تتجاوزان ما يسمى “الخط الأخضر” الذي يفصل أراضي 1948 عن الضفة الغربية المحتلة، فضلاً عن بناء نحو 10 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، لا يشكل هذا الاستهتار أي خروج عن نسق الخطاب والسلوك “الإسرائيليين” المعتمدين منذ إقامة الكيان قبل نحو ستة عقود ونصف العقد، واللذين دشَنا مسيرتهما الخارجة على كل الشرائع والأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، باغتيال الوسيط الدولي الكونت السويدي الجنسية فولك برنادوت في 17 سبتمبر/أيلول 1948 بعد إعداده تقريراً دان فيه عصابات الإرهاب الصهيونية .
ومع ذلك، وتحت وطأة المتغيرات الوازنة التي تشهدها المنطقة والعالم، ولا سيما خلال العامين الأخيرين، ثمة خشية “إسرائيلية” متنامية من إمكان خروج ردود الفعل الدولية الرافضة للهجوم الاستيطاني الأخير عن سكتها المعتادة التي كانت تتجه، على الدوام، نحو الاكتفاء بالاستنكار والتنديد، وخاصة في ظل إدانة وشجب 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن الدولي، بما فيها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والبرتغال، قرارات البناء في القدس وفي الأراضي المحتلة، وظهور العديد من المؤشرات على احتمال صدور” “تقرير غولدستون 2” عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي قطعت دولة الاحتلال علاقاتها به بعد أن قرر في مارس/آذار/ 2011 تشكيل لجنة تحقيق دولية في آثار البناء “الإسرائيلي” في المستوطنات على حقوق الفلسطينيين في المناطق المحتلة بما في ذلك شرقي القدس، والتي لم تسمح لها سلطات الاحتلال بدخول الأراضي المحتلة .
ويبدو أن مصدر الخشية “الإسرائيلية” لا يتعلق فقط بتأثير المتغيرات الإقليمية والدولية على المواقف الغربية فقط، وإنما كذلك بانعكاسات عمليات الاستيطان المزمع الشروع بها على الخريطة الجغرافية والديمغرافية والسياسية في الأراضي المحتلة العام ،1967 ولا سيما مشروع بناء 3000 وحدة سكنية وعدة فنادق في منطقة “إي 1”، الذي ستؤدي ترجمته على أرض الواقع إلى فصل شمال الضفة عن جنوبها بشكل كامل، أي منع إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، وإخراج القدس الشرقية من دائرة التداول بعد تهويدها بشكل شبه كامل، وإقامة ما يسمى “القدس الكبرى” التي ستقتطع ما نسبته 10% من أراضي الضفة الغربية، وتصبح في قلب الكيان العبري بعد أن كانت على تخومه، فضلاً عن تهيئة الظروف لتشييد ممرات برية بعرض 15 كيلومتراً وعمق نحو 35 كيلومترا تصل ما بين البحر المتوسط وغور الأردن الذي يرتفع منسوب تهويده باطّراد .
انطلاقاً من ذلك، واستباقاً لإمكانية إعادة إنتاج تقرير جديد على شاكلة تقرير غولدستون الأول الصادر عن لجنة التحقيق الدولية المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/أيلول 2009 الذي أكد، في أكثر من خمسمئة صفحة، تورط الجيش “الإسرائيلي” في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال عدوانه قبل الأخير على قطاع غزة، تستعد وزارة الخارجية “الإسرائيلية” لمواجهة آثار مثل هذا التقرير المتوقع صدوره في مارس/آذار المقبل من قبل لجنة خاصة شكلها المجلس ذاته “لفحص البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية” الذي يعدّه القانون الدولي “جريمة حرب” . ومن بين الاحتمالات التي تم تداولها إمكانية تبنّي مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التقرير، والطلب من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إصدار موقف عن التوسع الاستيطاني، فضلاً عن إجراءات عقابية ضد “إسرائيل” أو تشكيل أجهزة متابعة ورقابة على البناء في المناطق المحتلة .
وبصرف النظر عن الحجج التي تعدّها حكومة نتنياهو لمواجهة التقرير المتوقع، بما ذلك الزعم بأن التقدم في مخططات البناء منوط بالسلوك الفلسطيني بعد قرار منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، واحتمال طلبهم الانضمام إلى وكالات دولية أخرى، والادّعاء كذلك بأن البناء في “إي 1” لا يمس التواصل الإقليمي للدولة الفلسطينية المستقبلية الذي يمكن أن يكون فوق الأرض (جسور) أو تحتها (أنفاق)، فإن من واجب الفلسطينيين والعرب وجميع الدول الرافضة للاستيطان، تكثيف تحركهم السياسي والدبلوماسي والإعلامي، وممارسة الضغوط المختلفة، لتحويل التقرير المتوقع إلى وثيقة إدانة للمسؤولين السياسيين والعسكريين “الإسرائيليين”، وعدم تفويت الفرصة المتاحة لمحاسبتهم عن الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني وأرضه المحتلة، وعدم السماح بإضافة “غولدستون- 2” المرتجى إلى سوابقه في أرشيف مكتبة الأمم المتحدة .
العفو الدولية” وغزة
أمجد عرار عن دار الخليج
قبل أسبوع أدلت منظمة العفو الدولية بدلوها في العدوان “الإسرائيلي” المكثّف لثمانية أيام على قطاع غزة . ونقول المكثّف لأن العدوان “الإسرائيلي” لا يتوقّف ضد الشعب الفلسطيني، فعلاوة على أن وجود الاحتلال عدوان بحد ذاته، فإنه لا يمر يوم من دون أن يعمد هذا الاحتلال إلى تنفيذ اجتياح لمناطق على أطراف غزة، يجرف أراضي زراعية ويعتقل مزارعين ويقصف القوارب في البحر ويعتقل صيادين، حيث يسيطر على البحر إضافة لسيطرته على الجو والبر المحيط بغزة، المدينة الأشد كثافة سكانية في العالم . أما في الضفة، فالعدوان مباشر على نحو أوضح، ومتصاعد لمستويات غير مسبوقة على صعيد تهويد القدس وباقي الضفة، التي تشهد طوفاناً استيطانياً إجرامياً تحت سمع وبصر الأمتين العربية والإسلامية وكل دول العالم التي تمالئ الصهاينة وتغطي جرائمهم في المحافل الدولية، وأيضاً في ظل صمت ما تسمى المؤسسات الحقوقية الدولية .
منظمة العفو الدولية حاولت طلاء تقريرها بموقف يتهم “إسرائيل” بخرق قوانين الحرب باستهدافها صحفيين ومقار إعلامية في غزة خلال “حرب الأيام الثمانية” . هذا يعني أن هذه المنظمة الحقوقية الدولية اختزلت مخالفة “إسرائيل” لقوانين الحرب، عبر استهدافها المقار الإعلامية وقتلها أربعة إعلاميين . وماذا عن 184 شهيداً و1400 جريح؟ . لم تذكرهم “العفو” بشيء . قد تكون اعتبرت كل هذا العدد من الضحايا عسكريين، لكن ماذا عن عائلة الدلو التي أبيدت كلها في غارة شنتها طائرات “إسرائيل” التي اعترفت بعضمة لسانها أنها كانت تستهدف أحد أفراد العائلة باعتباره شرطياً . عائلة كاملة تباد لأن أحد أفرادها مستهدف، وتصمت “العفو الدولية” كما غيرها من مؤسسات الدجل والنفاق والانتقائية وطباخي المؤامرات التخريبية في العالم، وأبواقهم من حملة الأقلام والمايكروفونات .
والآن يتضح أن ذلك التقرير الخجول والجزئي جداً جداً لم يكن سوى التوطئة الضرورية لإصدار تقرير يتهم المقاومة الفلسطينية بارتكاب جرائم حرب . لم يراع تقرير هذه المنظمة أن “إسرائيل” قتلت وجرحت عشرات الفلسطينيين في غزة على مدى الشهور السابقة للعدوان الذي بدأته هي أيضاً باغتيال القيادي أحمد الجعبري . أما إذا اعتبرت عملية المقاومة ضد الجيب العسكري “الإسرائيلي” سبباً لاغتيال الجعبري، فإن في هذا تضليلاً في متتالية السبب والنتيجة، لأن تلك العملية كانت رداً على اعتداءات “إسرائيلية” متكررة سقط فيها العديد من الضحايا الفلسطينيين .
اللافت في تقرير منظمة العفو الدولية أنه يستند صراحة إلى بيانات الجيش “الإسرائيلي” بديلاً لتحقيق مهني وموضوعي كان يمكنها القيام به في غزة، إذ إن “إسرائيل” لا تتعاون مع أي تحقيق دولي في جرائمها، وهي تتبنى قاعدة معلنة في هذا الصدد تقول إنه لا يحق لأحد محاكمة “إسرائيل” أو “الشعب اليهودي” . كما أن التقرير يوجه اتهاماً مزدوجاً للمقاومة، فإطلاق الصواريخ على “إسرائيل” استهداف متعمّد ل “المدنيين”، كما أن إطلاق الصواريخ من مناطق سكنية هو السبب في ما أسماه التقرير “الرد” على تلك الصواريخ، هذا الرد الذي قتل وجرح مدنيين فلسطينيين ودمّر منازلهم فوق رؤوسهم . هذا المنطق الوارد في التقرير ينكر على غزة الدفاع عن نفسها، فهي بقعة صغيرة جداً ولا تحتوى جبالاً وأدغالاً وصحاري واسعة يمكن نصب بطاريات صواريخ فيها .
كان على منظمة العفو الدولية أن تحمل تقرير غولدستون حول العدوان الأول في ،2008 وأن تطالب بتفعيله ورفعه إلى مجلس الأمن ومحاكمة قادة “إسرائيل” كمجرمي حرب، لأنه كان من شأن هكذا تحرّك أن يؤدي، ربما، إلى ردع “إسرائيل” عن تكرار عدوانها ضد الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة بما فيها القدس . من دون ذلك لا هي عفو ولا دولية .
الإخوان المسلمون وقوة المال
سمير كرم عن الشروق المصرية
لزمن طويل تركز اهتمام الإخوان المسلمين كتنظيم سياسى دينى على التجارة. وشاع أنهم نجحوا فى تكوين ثروات فردية ضخمة، هذا بخلاف الثروة الطائلة التى يملكها التنظيم نفسه من مصادر اشتراكات الأفراد ومصادر المساعدات المالية من عدد محدد من الدول.
ويشار الآن إلى بعض قادة تنظيم الإخوان المسلمين على أنهم يملكون ثروات تضعهم فى خانة أصحاب المليارات الذين تربطهم علاقات قوية ذات طابع تجارى مالى مع عدد من الشركات والمؤسسات الرأسمالية الكبرى فى العالم.الإخوان المسلمون وقوة المال
الأمر الذى لا شك فيه أن خروج الإخوان المسلمين، وبالأخص قادتهم من ذوى المناصب العليا فى التنظيم، من السجون بعد اتفاقات وتوافقات مع نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك قد اسهم فى انتعاش تجاراتهم ورفع ارصدتهم المالية إلى حدود عالية عما كانت قبل ذلك. وعندما اتيح لتنظيم الأخوان المسلمين أن ينقض على ثورة 25 يناير 2011 عن طريق الانضمام اليها بعد أن اكتشف أن الثورة تفتقر الى قيادة خاصة بها، فإنه استطاع فى الفترة التالية أن يستخدم ثرواته الكبيرة فى كثير من الخطوات التالية التى اكسبته وضعا خاصا بين كل التنظيمات والاحزاب التى كانت تساهم فى هذه الثورة بلا ثروات تذكر الى جانب ثروات الإخوان المسلمين.
•••
ولا تكتمل الصورة المالية لتنظيم الإخوان المسلمين الا إذا ركزنا اهتمامنا على الدور الذى أداه الجانب الدينى فى تكوين هذه الثروات. ويمكن تلخيص هذا الجانب بانه يتمثل فى قول الرسول الكريم محمد المعروف «تسعة اعشار الرزق فى التجارة». فلقد اعتمد المنتمون الى تنظيم الاخوان المسلمين على هذا الحديث الشريف فى تأكيد جانب الحلال فى تكوين الثروات من التجارة وفى تبرير تضخم ثروات القادة من خلال ممارسة التجارة مع اختلاف اشكال التجارة الحديثة عن شكل التجارة البسيط الذى كان سائدا فى عهد الرسول.
بعد أن انضم الإخوان المسلمون الى ثورة 25 يناير 2011 وأدوا الادوار التى فتحت لهم الفرص على مصراعيها للصعود الى السلطة، اى الى الحكم، بدا بوضوح أن ثروات الإخوان المسلمين التنظيمية والفردية تلعب ادوارا كبيرة فى «امتلاك» الحكم. وقد بدأ استخدام الثروة قبل الدور الذى قامت به فى انتخابات مجلس الشعب وبعد ذلك فى الانتخابات الرئاسية بمرحلتيها. وهو أمر تعذر على الإخوان القيام به فى تحولات مهمة أخرى من نوع إلغاء مجلس الشعب. واصبح معروفا تماما أن الاخوان المسلمين لجأوا الى ثرواتهم فى اخراج اعداد غفيرة وفيرة من المواطنين لمواجهة مظاهرات الجماهير الشعبية التى تصدت للنظام الذى رأسه الاخوان المسلمون.
•••
هكذا يكون الاخوان المسلمون، وخاصة قياداتهم العليا، قد لجأت الى استخدام ثرواتهم فى السياسة بعد استخدامها فى التجارة. وجرى ذلك دون ان يستند الى اساس دينى مثل حديث الرسول عن التجارة. انما بدا بوضوح ان الزعامات الاخوانية تستخدم صيغة حديث الرسول وكأنها تقول «تسعة اعشار الرزق فى السياسة». ولم يكن من المتصور ابدا أن يهجر الاخوان المسلمون على المستوى الجماعى او الفردى استخدام المال وسيلة أساسية لتحقيق اهدافهم. الامر الذى لايزال مستمرا فى عمليات مقاومة الجماهير الشعبية ومظاهراتها ضد نظام الإخوان.
وهذا الاسلوب بحد ذاته لا يستبعد بطبيعة الحال أن يمارس الإخوان المسلمون الاساليب ذاتها فى كسب مزيد من الأموال من مصادر اموال الشعب المصرى الموجودة تحت تصرفهم كسلطة. واذا كانوا قد نجحوا فى استخدام اساليب حكم مبارك السابق فى نواح عديدة فليس من المستبعد ابدا ان يمارسوا اساليبها فى تعويض الاموال التى ينفقون منها على مواجهة المقاومة الشعبية ضدهم. وليس من المتصور أن يفقد قادة تنظيم الاخوان المسلمين اهتمامهم الدائم بالمال عن طريق استمرار الانفاق من اموالهم على اهدافهم دون تعويضها من اموال الشعب التى اصبحت رهن تصرفهم.
ان الاستعانة بالقاعدة القائلة أن «تسعة اعشار الرزق فى السياسة» توجههم نحو استغلال السياسة فى كسب المال. ولا شك ان احد اساليب كسب المزيد من المال يتمثل فى تعيين مئات الافراد من الإخوانيين الأعضاء او من الإخوانيين بالميول فى مناصب يتولون من خلالها الدفاع عن الاخوان المسلمين واعتقاداتهم وسياساتهم فى كل مجال. إن انتشار هؤلاء فى المناصب الرسمية وغير الرسمية فى اجهزة الحكم انما يدل على أن ممارسة السياسات الاخوانية مفضلة على ممارسة السياسات الوطنية والقومية التى من أجلها تتظاهر الجماهير فى الميادين وتتلاقى القوى الثورية من كل اتجاه مناهض لحكم الاخوان.
•••
ان مرحلة مهمة قادمة من المواجهات بين الجماهير الشعبية وتنظيماتها وتنظيم الاخوان المسلمين الحاكم ــ بما فى ذلك مرحلة مقاومة المحاولات الاخوانية الدؤوبة لفرض دستور موضوع على قياسها وبما فى ذلك مرحلة انتخابات مجلس الشعب التالى، ستفرض على التنظيم، وكذلك قياداته الثرية، ان يلجأ الى امواله الخاصة للإنفاق منها على هذه المواجهات بهدف الخروج منها فائزا. اى أن التنظيم الإخوانى سيجد نفسه مضطرا الى اتباع الاساليب السابقة التى كسب باستخدامها مواقع على خريطة السلطة المصرية.
لكن هل يضمن الاخوان المسلمون تحقيق مثل هذا الفوز فى مواجهة صريحة وحادة وربما عنيفة مع الجماهير المصرية؟
هذا هو السؤال الذى يفرض نفسه على الفور بالنسبة للمرحلة المقبلة. وهو سؤال يعادل التساؤل عما اذا كان تمسك الاخوان المسلمين بالسلطة يمكن أن يتحقق عمليا بمجرد الاستناد الى ثروات التنظيم وافراده الأثرياء الذين يصل منسوب ثرواتهم الى المليارات.
وهو ما يعنى أن المرحلة المقبلة من ثورة جماهير الشعب المصرى لن تختلف عن المرحلة التى تمثلت فى ثورة 25 يناير 2011. ان مصر بحاجة الى ثورة من هذا الطراز نفسه لتحقيق الخلاص من سلطة الاخوان المسلمين. فلقد تحولت سلطة الإخوان الى نسخة طبق الاصل من نظام ما قبل الثورة ــ نظام مبارك ــ خاصة فى تحديها لإرادة الجماهير المصرية. وبالأخص فى استخدامها المال بكل السبل فى مقاومة هذه الارادة.
وقد اصبح واضحا من الآن ان الثورة المتفجرة من جديد فى مصر لن تفتقر الى القيادة. ربما تكون المشكلة عندئذ مشكلة تعدد القيادات. وهذه مشكلة يسهل حلها، كما يسهل حل مشكلة قوة المال.
سورية.. الحسم للقوة فقط..
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
الأخضر الإبراهيمي لا شك في خلقه وثقافته وتميزه الدبلوماسي على المستوى العالمي، لكنه أساء لتاريخه بقبوله مهمة ليس في إمكاناته القدرة على حلها، وقد سبقه «عنان» الهروب من الاستمرار بالمشكل السوري، وتعيينه بديلاً عنه، ما جعله مجرد حامل بريد لآراء وأفكار القوى الكبرى، والذي قد لا يعلم حتى ما هو داخل مظروف تلك الرسائل المتبادلة..
المهمة كانت ولا تزال فوق طاقته، لأن الرفض يأتي من النظام والذي يأتمر بما تمليه روسيا وإيران، ويتكئ على دعمهما، وهما في المجمل السياسي ترفضان مشروع السلام ورحيل الأسد، لأنه الضمانة الوحيدة لوجودهما في المنطقة، وعلى نفس الطريق فإن المعارضة تعتبره شخصاً منحازاً للأسد، وضد الشعب السوري ما خفّض نسبة الرضا عنه من طرفيْ العلاقة والخصومة، وطالما المشروعات ساقطة بفعل الرفض المسبق لها، وعدم جدية الدول الكبرى بما يرقى بالعملية المدعومة والناجحة، فقد كان الفشل هو العامل الحاسم..
سورية وشعبها الذي يخوض معركة تحرره من دكتاتورية عرقية وطائفية يذكّرنا بنضال الشعب الفيتنامي الذي حارب عدة جيوش في سبيل تحرره، وسورية المؤلم فيها أنها تقاتل حكومة بنت سلطتها على مبادئ الفصل التام بينها وبين القوى الاجتماعية الوطنية، واحتكار الامتيازات والهيمنة على العصب الأمني والعسكري بواسطة أبناء الأسرة والطائفة..
فإذا كانت دمشق هي أول من أعلن مذياعها الانقلاب الأول عربياً، فهي خاضت تجارب الحروب ضد الاستعمار الفرنسي، ثم نكبة حرب ١٩٤٨م وما تلاها، وحاولت أن تكون أول دولة عربية تؤسس لوحدة عربية مع مصر كنواة لوحدة أشمل، لكن ذلك كله جاء ضمن سياسات خاطئة وعاطفية، وقد قرأ الأسد الأب كل العوامل، قبل انقلابه وكيف يحكم شعباً عجزت كل الحكومات عن السيطرة عليه..
فقد بدأ بتصفية أو عزل المناوئين حتى من طائفته مثل صلاح جديد صاحب النزعة الماركسية، وتقريب بعض وجوه السنة كغطاء بأنه زعيم وطن لجميع السوريين وكان تكتيكه ناجحاً، لأن السوريين مهدوا له الطريق بالملل من الانقلابات وتعدد الأحزاب، وهذا ما يسّر له بناء دولة تقوم على الولاء الطائفي وأخذ الشعب بقوة السلاح مع دبلوماسية خارجية راعت كيف تحصل على التأييد من الخصوم والأصدقاء..
الابن لم يحسن سياسة والده، لكنه فوجئ بأن نظامه غير مرغوب فيه من قبل شرائح شعبية كبيرة، ولذلك استهان ببدايات الثورة معتقداً أنها مجرد فصيل من المتمردين يمكن احتواؤه بالقوة، أو طرح بعض الإصلاحات الشكلية، لكن تطور الأحداث فرض إيقاعاً آخر، فهو استمر في استخدام آلته العسكرية بسياسة الأرض المحروقة، لكنه لم يدرك أن طول المعركة غيّر المعادلات فصار الشعب والجيش، وقوى كانت تساند النظام، هي من تقرر المستقبل وبقوة السلاح أيضاً، وعملياً فسواء جاء الأخضر أو غيره فالموضوع متعلق بمن لديه القدرة على الصمود، وبالتأكيد فالكفة تبقى لصالح الأكثرية الوطنية ضد الأقلية الحاكمة..
منوف المدينة التى قالت «لا»
حمدي رزق عن المصري اليوم
لم تخيب مدينتى الحبيبة «منوف» رهاناتى الرافضة لمسودة الدستور الأسود، قالت «لا» بفارق يضعها فى صدارة المدن الرافضة لأخونة الدولة، منوف قالت «لا» بفارق 14 ألف صوت «19 ألف لا مقابل 5 آلاف نعم»، لافت للنظر أن محافظة المنوفية فى مجموعها تشكل رأس مثلث الرفض لحكم الإخوان، الذى قاعدته القاهرة والغربية.
يعود المنايفة مرة أخرى لرفض مرسى والذين معه، لا يأبه المنايفة كثيراً بدعايات الإخوان المضادة، كما لم يصيخوا السمع لتوسلات «عصام العريان» ومداهناته المفضوحة لشعب المنوفية لعل وعسى، منوف كالعادة لقنته درساً، وستلقنه وإخوانه دروساً فى احترام المنايفة، الصعيد أولى بتغريداتك يا عريان، ستجد أرضاً خصبة تثمر فيها موالساتك، لا نعرف سر غرام الصعايدة بمرسى وجماعته، ولكن نعرف عن كثب سر رفض المنايفة لمرسى وجماعته، يكرهونهم كراهية التحريم، ليس حباً فى شفيق، شفيق ماضٍ، بل رفضاً لأخونة الدولة.
الرئيس مرسى شايل فى نفسه شويتين من المنوفية، لا يهم المنايفة كثيراً رضا الرئيس، المنايفة يدعون ربهم فى القيام أن يهبهم رئيساً لمصر، لا رئيساً للإخوان، المنايفة غاضبون من الرئيس وجماعته والمتجاوزين منهم وهم كثر، ولا ينسون للرئيس حديث الأحذية، المنايفة يبلعون لمن يحترمهم الزلط، ولا يبلعون للإخوان الغلط، معلوم الإخوان غلاطين، يغلطوا فى الباشا.
عيب إخوان المرشد أنهم يحسبون المنوفية فلولاً، وهذا يظلم أهلها ويورثهم ضيقاً، ويخلف فى حلوقهم المرارة، من يُقبل الأيدى بالسمع والطاعة لا يلوم منوفياً قال «لا» فى وجه من قالوا «نعم»، المنايفة ليسوا قطيعاً يقاد إلى بئر الجماعة، لا تتفشى فيهم قاعدة السمع والطاعة، المنايفة متعلمون، يعرفون جيداً الطريق ولا يلوون على شىء يعتقدونه، وكون المنايفة يغردون خارج السرب الذى يسبح بنعمين لا يخرجهم من زمرة المصريين، أو المسلمين!!
المنايفة أحرار يقولون «لا» لكن لا تطلب منهم «نعمين»، قطع لسان من يطلب من منوفى «نعمين».. نفر منهم يقول «نعم» على مضض، خلّى العجلة تدور، ولكن لا أحد يطلب منهم حب رئيس هددهم بالدهس بالأحذية باعتبارهم فلولاً، خطاب جماعة الإخوان الاستعلائى الإقصائى للمنايفة خطير لو تعلمون، وسيخلف آثاراً مخيفة فى بيوت المنوفية، سترون نتائجها فى انتخابات البرلمان القادمة.
بلد شهادات بصحيح، إهانة المنوفية من جهلاء كانت سبباً كافياً لينهض المنايفة من سباتهم يعاقبون من أهانهم، وهم على الهم صابرون، وبالسخرية غير مبالين، ولكن الفظاظة الإخوانية التى تم التعامل بها مع المنايفة الكل كليلة، الجماعة أتت أمراً إدّاً، الجماعة لا تعرف المنوفية جيداً، لم تقرأ فى فقه المنوفية.
المنوفية كانت ولاتزال من أفقر المحافظات تنموياً، أغناها الله بالعقول، وبسواعد الرجال، ورغم ضيق المكان، وقلة الرزق، وكثرة العيال لم يشكُ المنايفة ضيقاً، تحسبهم أغنياء من التعفف، انكبوا على تعليم أبنائهم. من بين ظهرانيهم خرج وزراء ومحافظون ومستشارون وكتاب وصحفيون ورموز شاركت فى البناء الوطنى، ومن تنكب الطريق المدنى لحق بالجندية فصار منهم كوادر محترفون، صاروا من قوام الجيش المصرى، خير أجناد الأرض الذى أهانه المرشد!


رد مع اقتباس