اقلام واراء محلي
حديث القدس: الفلسطينيون يتمنون الخير والاستقرار لمصر الشقيقة
بقلم: أسرة التحرير عن جريدة القدس
في البداية نؤكد أن ما يحدث في أرض الكنانة هو شأن داخلي يهم المصريين أولا وأخيرا. وما يوصف بحالة الانقسام في الدولة الشقيقة التي نكن لها كل التقدير والعرفان على دورها في مساندة القضية الفلسطينية مسألة نثق كل الثقة بقدرة شعب مصر العظيم، الذي يستند إلى حضارة عمرها سبعة آلاف عام، قادر على حلها وتجاوزها بحكمة عقلائه وأصحاب الرأي فيه، وما أكثرهم. لكن هناك من يدخل الموضوع الفلسطيني في هذا الانقسام أو يزج بالفلسطينيين فيه إما بحسن نية أو بغير ذلك، لغاية في نفوسهم ما يؤدي إلى سوء فهم أو حساسيات مفتعلة لا تخدم أيا من الشعبين الشقيقين، اللذين تجمع بينهما عوامل التاريخ والنضال المشترك والأخوة الصادقة عبر مئات السنين، وربما آلاف السنين.
الشعب الفلسطيني خاصة، والأمة العربية عامة، يريد أن ترتفع القضية الفلسطينية فوق الخلافات والمنازعات بل والانقسامات الداخلية بين الدول العربية، وفي كل دولة عربية على حدة. لأن لهذه القضية قداستها، والزج بها في المهاترات والالإسفافات الإعلامية المغرضة تكمن وراءه نوايا سيئة تستهدف القضية الفلسطينية في الصميم.
والفلسطينيون، قبل كل شيء وبعده، بشر، وليسوا ملائكة خصوصا حين تستدرج عددا منهم بعض الأنظمة العربية لخدمة مصالحها تحت شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية. هذا حدث في الماضي، وما يزال يحدث في الحاضر، لكن الانتماء فلسطين هو الذي يوحد بين أبنائها، وهو المدخل لكل الأخطاء، وربما الخطايا، التي يرتكبها نفر من أبناء الشعب الفلسطيني بحسن نية على الأغلب، ثم يتراجع بعضهم عنها، عندما تستبين له السبيل الحقة لخدمة شعبه ووطنه وقضيته.
ما نريده لمصر الشقيقة في هذا الظرف الصعب الذي تمر به هو أن يجمع الله على الخير كلمة أبنائها، وأن يتفقوا على ما فيه المصلحة لشعبها الكريم، وأن يتعاونوا جميعا دون أي تفرقة على خدمة بلدهم والتغلب على مشكلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإعلاء مكانتها بين دول العالم، بما يتناسب مع تاريخها العريق وإمكانات شعبها المتميزة، وموقعها الاستراتيجي في المنطقة، ومكانتها المرموقة في قلب العالم العربي.
ويعلق شعبنا على مصر الآمال في تحقيق المصالحة الوطنية التي طال أمد انتظارها، وسيكون إنهاء الأزمة العابرة في مصر البداية الموقفقة للجهود المصرية المأمولة في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية هنا أيضا.
لكن ما يتفوه به بعض ذي النفوس المغرضة من توجهات أو مخططات من جانب اسرائيل تستهدف سيناء، كوطن بديل للفلسطينيين، هو مجرد تخرصات وأباطيل وأكاذيب من نسج خيالات مريضة ومغرضة. فالفلسطيني لا يرضى عن وطنه بديلا. وقد عاين العالم عبر وسائل الإعلام كيف كان لجانب الفلسطيني من معبر رفح مكتظا بالغزيين، بينما الطائرات الاسرائيلية تصب حمم قذائفها على القطاع خلال عدواني اسرائيل على القطاع عام ٢٠٠٩ و خلال العام الحالي. وكان الفلسطينيون مستعدين لمواجهة الموت في وطنهم، مفضلين ذلك على الأمن في أي دولة عربية أو أجنبية أخرى.
وسوف يشهد العالم كله أيضا تدفق اللاجئين العائدين إلى فلسطين بمجرد أن تسمح لهم الظروف بذلك، داحضين بذلك أوهام الأوطان البديلة والتوطين، وما إلى ذلك من المزاعم والأقاويل المغرضة اتي لا تستهدف إلا الوقيعة بين الشعب الفلسطيني وأشقائه العرب في الجوار، وغير الجوار.
أعان الله مصر العزيزة على قلوب أبناء الشعب الفلسطيني على تجاوز أزمتها، وسدد على طريق الوفاق والتوافق مسيرة قادتها. فاستقرار مصر هو الضمانة الحقيقية للأمن القومي العربي، وفعالية النضال الفلسطيني لتحقيق الأهداف والتطلعات الوطنية الفلسطينية التي كافح الفلسطينيون والمصريون، والمخلصون من أبناء هذه الأمة، من أجل تحقيقها وبذلوا التضحيات الجسيمة في سبيلها.
نحو تفعيل دور الدولة الفلسطينية !
بقلم: ناجي صادق شراب عن جريدة القدس
على الرغم من أن الدولة الفلسطينية التي إنتزعها الفلسطينيون بفعل قوة الشرعية الدولية ، وبفعل نفاذ صبر المجتمع الدولي من سياسات إسرائيل الإحتلالية والرافضة للسلام، ومن قناعة الدول بحق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم الذي أقرته قرارات الشرعية الدولية ، الا ان هذه الدولة ليست هدفا في حد ذاتها ، لأن الهدف النهائي هو إنهاء الإحتلال الإسرائيلي ، وقيام الدولة الفلسطينية الكاملة التي تستطيع أن تمارس وظائفها السيادية سواء في داخل حدودها ألإقليمية المعترف بها دوليا ، أو في إطار علاقاتها الخارجية .
فمن غير المقبل أن تمارس إسرائيل كل وظائفها السيادية وهي دولة إحتلال ، ولا تمارس الدولة الفلسطينية نفس الحقوق بسبب سياسة الإحتلال التي بدا المجتمع الدولي يرفضها ، والذي عبر عن ذلك بتصويته لقيام الدولة الفلسطينية .وحتى ينتهي الإحتلال ، وتقوم الدولة الفلسطينية الكاملة فهذا يحتاج إلى القيام بالعديد من المسؤوليات والمهام على مستوى الدولة الفلسطينية أولا ، وعلى المستوى العربي ، ومطلوب أيضا قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته حتى يتم إكتمال الدولة الفلسطينية. والمسؤولية الأولى تبقى على الجانب الفلسطيني والعربي معا ، فعلى المستوى الفلسطيني ينبغي أن يمارس الفلسطينيون مسؤولياتهم وكأن لهم دولة حقيقية على الأرض ، وليس كما تقول إسرائيل إن قيام الدولة لا يغير شيئا على الأرض ، هذا غير صحيح ، فالحقوق والصلاحيات تنتزع ولا تمنح.
وعليه يجب على الفلسطينيين ترجمة مفهوم الدولة على الأرض ، حتى يستطيعوا تغيير الواقع الإحتلالي على أرضهم ، فلا يكفي الإنتظار وردود الفعل لما تقوم به إسرائيل من سياسات إستيطانية تريد بها تغيير الواقع الذي تقوم عليه الدولة الفلسطينية ، ولتفرغ الدولة الفلسطينية من مضامينها السياسية والسيادية ، وهذا يتطلب فلسطينيا التفكير أولا بمنطق الدولة في التعامل مع إسرائيل.
وفي هذا السياق لا بد من إعادة تفسير وإعادة تقييم لكل الإتفاقات الموقعة مع إسرائيل ، وأنا لا أطالب بإلغائها لأن السلطة الفلسطينية غير قادرة على ذلك ، وإن كانت الدولة الفلسطينية وقيام شخصية دولية جديدة يقتضي ذلك ، لكن في الوقت ذاته لا يمكن التعامل مع نفس هذه الإتفاقات التي وقعت قبل قيام الدولة.
نحن الآن أمام حالة دولة وهذا يعني منطقا وأسسا وقواعد جديدة في التعامل ، ويتطلب التعامل معها بمنطق الدولة حتى مع إستمرار الإحتلال ، وإخضاعها بالكامل لمفهوم المصلحة الوطنية الفلسطينية ، وليس لمنطق القوى والضعيف الذي حكم إتفاقات أوسلو . وفي مقدمة ذلك إعادة النظر في طبيعة الإتفاقات الأمنية ، وإعادة تحديد العلاقات الأمنية على أسس جديدة تخرج بالمؤسسات الأمنية الفلسطينية من حالة التبعية إلى حالة أكثر إستقلالية تتفق ومفهوم ومنطق الدولة الفلسطينية الجديدة ، وأيضا إعادة الإعتبار بالإتفاقات الإقتصادية وتصحيحها بما بخدم المصلحة والحالة الفلسطينية الجديدة ، حتى إتفاقات أوسلو ذاتها ، فلا توجد إتفاقية لها طابع القدسية النهائية ، فأي إتفاق دولة يخضع للمراجعة بما يخدم التوازن والتكافؤ في العلاقات بين الدول.ومن الأدوار المهمة تفعيل كل وسائل المقاومة الشعبية التي تجيز للدولة الفلسطينية من خلالها إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
ومن المسائل ذات الأهمية الكبيرة التي تقع على الفلسطينيين إنهاء الإنقسام السياسي لأن إستمرار الإنقسام ووجود حكومتين وسلطتين يتعارض مع أهم محددات وصلاحيات الدولة الفلسطينية وهي السيادة الإقليمية على أرضها ، فالإنقسام يعني عدم قدرة الدولة الفلسطينية على ممارسة سلطتها ليس بسبب الإحتلال فقط ، ولكن بسبب فعل فلسطيني ، وهذا من شأنه أن يؤثر في إمتداد سلطة الدولة الفلسطينية وترجمتها على الأرض .
ولا يتوقف ترجمة مفهوم الدولة الفلسطينية في الداخل ، بل هناك العديد من المهام على المستوى الدولي ، وهنا تبرز معركة الشرعية الدولية ، وهي معركة شاقة وطويلة وصعبة وتحتاج إلى جهد ودعم دولي ، وتحتاج أولا إلى ترجمة تصويت الدول لصالح الدولة الفلسطينية إلى سياسات ضد كل ما تقوم به إسرائيل من سياسات إحتلالية تمس حقوق المواطن الفلسطيني على أرضه ، وما تقوم به من سياسات إستيطانية تتعارض مع هذا التصويت الدولى بقيام الدولة الفلسطينية ، ومعركة الشرعية الدولية تحتاج إلى تفعيل كل قرارات الشرعية الدولية ، والذهاب إلى المنظمات الدولية لرفع مكانة فلسطين فيها ، وتحتاج ايضا الذهاب إلى المحاكم الدولية لوقف الإستيطان ، وإظهار إسرائيل على أنها دولة لا تلتزم بالقرارات الدولية ، ومثل هذه السياسات ستخلق وضعا دوليا جديدا لم تعتاده إسرائيل ، وقد يقود إلى حالة من العزلة الدولية ، ويضع الدول الداعمة لها مثل الولايات المتحدة في مواقف حرجة دوليا . وعلى المستوى العربي مطلوب دعم الجهود الفلسطينية ، والعمل على بقاء الدولة الفلسطينية ، وإمدادها بكل الدعم المالي الذي تحاول إسرائيل ممارسته على السلطة، لأن بقاء الدولة الفلسطينية كما هو مصلحة فلسطينية هو أيضا مصلحة عربية ودولية ، وهذه هي الرسالة التي على الدول العربية إيصالها على مستوى العمل الدبلوماسي الدولي ، فإما قيام هذه الدولة بالكامل ، وقيامها بكل سلطاتها وصلاحياته السيادية حتى تسطيع القيام بدورها في إكتمال السلام الذي يحتاج كخطوة أولى وأساسية لقيام هذه الدولة ، ومن هنا أهمية الربط بين قيام الدولة الفلسطينية الكاملة.
وبين إنجاز السلام وتسوية كل القضايا المكونة للصراع العربي الإسرائيلي ، والتي لن تحل إلا في سياق وقيام الدولة الفلسطينية . وهذا يتطلب مبادرة عربية جديدة في إطار المبادرة العربية ، والتوجه نحو الولايات المتحدة وإدراك أنه إذا لم يتم التوصل إلى إنجاز السلام في ظل فترة الرئيس أوباما الثانية والأخيرة ، فسوف تذهب المنطقة كلها وفي ظل التحولات العربية الجديدة إلي حالة من المواجهة التي قد تهدد امن وإستقرار المنطقة بما فيها إسرائيل والولايات المتحدة ، والمفتاح لأمن وسلام الكل هو في العمل معا من أجل قيام الدولة الفلسطينية الكاملة ، وهذا لن يتم إلا بإنهاء الإحتلال الإسرائيلى ،وإنهاء الإحتلال يتطلب وقفا للإستيطان في الأراضي الفلسطينية .وتبقى مسؤولية قيام الدولة الفلسطينية مسؤولية دولية في إطار المسؤولية الفسطينية والعربية.
العائدون إلى المخيّم
بقلم: خيري منصور عن جريدة القدس
من انتظروا أكثر من ستة عقود كي يعودوا إلى مساقط رؤوسهم وجدوا أنفسهم في مخيمات أخرى أشد صقيعاً وعناءً، وكان على اللاجئ أن يستضيف النازح ويقتسم معه الرغيف والعذاب والخيمة . وهكذا تحول اللائذ إلى ملاذ في غياب الملاذات الأخرى واللاجئ إلى ملجأ بعد أن أوصد ذوو القربى أبوابهم .
قبل أعوام فرَّ سكان مخيم نهر البارد إلى مخيم آخر أقل برودة، واليوم يفر سكان مخيم اليرموك في دمشق إلى البقاع ويبيتون في العراء، فهل قدر مونت كريستو انتقل من مكان إلى آخر كي يحفر السجين مجدداً في جدار زنزانته ثم يجد نفسه في واحدة أضيق منها وأشد برداً وظلاماً؟
لم يحمل لاجئو العام 1948 مفاتيح بيوتهم كي يجربوها ستّ مرات على الأقل في أقفال القصدير والصفيح، ولأول مرة تكون العودة منفى آخر جديداً، ومن حملوا أطفالهم على ظهورهم كالحطابين في غابة عراها الخريف القومي وطووا أسمالهم تحت آباطهم سارت عقارب ساعاتهم إلى الوراء، كأن الانتظار كان عقيماً، وبقي الغريب وحده يسلّي وحشته بالغناء في محطة غادرتها كل القطارات .
آخر صفير لقطار لم يكن مبشراً بالعودة عبر سكة الحجاز إلى حيفا، بل كان ولايزال واقفاً مكانه في آخر محطة، والأبواب مغلقة، وتصاريح المغادرة ممنوعة، والحواجز تتكاثر كالأميبا، حيث تلد الحوامل عندها .
ويموت المحتضر أمامها، لكن هناك أيضاً من يقفزون برشاقة فوقها تماماً كما قفز أحمد الزعتر في نشيد درويشيّ من بيروت إلى الكرمل، لكن شرط من يقفز فوق الحواجز أن يتخفَّف من جسده بالموت . . عندئد يصبح روحاً لا تُرى بالعين المجردة أو حتى بالناظور العسكري الذي يختزل عشرات الأميال .
ولكي تكتمل المفارقة حملت المخيمات الفلسطينية في زمن اللجوء وما تلاه من نزوح وما أعقب الاثنين من تهجير أسماء واعدة . منها أسماء معارك كبرى وفاصلة كاليرموك وحطين وعين جالوت، وأخيراً مخيم حمل اسم العودة . لكن الأسماء أحياناً تُستخدم للتضليل كما حدث مراراً في موروثنا الشعبي يوم سُمّي الملدوغ بالأفعى السليم، والأعمى بالبصير، والأعور بصاحب العين الكريمة .
هكذا بدأ اليرموك وهكذا انتهى، وهكذا بدأت حطين وهكذا انتهت، فلا أيوبيّ ولا معتصم ولا تلبية من أي نوع للاستغاثة التي سمعها الجبل والبحر والصحراء ولم يسمعها المرسَل إليه .
من مخيم إلى مخيم إلى مخيم، تلك هي دراما العودة المضادة، ورحلة عوليس الذي أعادت الأمواج الهادرة قاربه الصغير إلى الوراء . فلا هو هنا ولا هناك، ولا هو لاجئ ولا هو عائد، ولا أحد أيضاً بين المنزلتين .
إنها رحلة سيزيف الذي هاجر من أسطورة الإغريق إلى تاريخ العرب المعاصرين يتأبّط وطناً وليس صخرة فقط، ويصعد ثم يهبط عن الجبل حتى حفظت قدميه كل حصاة وعشبة على السفوح .
ما وُعد به أهل اليرموك المخيم هو يرموك أخرى تعيد الرئة اليمنى إلى توأمتها الأيسر .
لم يخطر ببال اللاجئ الفلسطيني الذي برعم البرتقال في صفيح وقصدير مأواه المؤقت لفرط ما تذكّر وحَلِم بأنه سيحمل أبناءه على ظهره كي يعود، لكن إلى مخيم آخر ... إنه زواج المأساة والملهاة الذي كان ابنه البكر ما نرى وما نسمع .
زياراتٌ وأحداثٌ مهمَّةٌ في نهاية العام الثَّاني للثَّورات العربيَّة
بقلم: هاني المصري عن جريدة الايام
عامٌ آخرُ قد مضى على الثّورات العربيّة، ولا يزال الصراعُ بين القديم والجديد مستعرًا، فيحاول القديمُ الزائلُ أن يعود إلى الحياة لابسًا ثوبَ الجديد، واختلطت الأمور بشدة، وانقسمت قوى الثورة بين الدينيّ والمدنيّ، وبين الديموقراطيّة الحقيقيّة وقشرة الديموقراطيّة، وبين الاستقلال والعدالة والتقدم والحداثة وبين التبعيّة الظلم والظلاميّة والتخلف. وهناك محاولة لاستيعاب الثورات وإجهاضها، عنوانها الأبرز تغيير طبيعة الصراع في المنطقة، من صراع ضد الهيمنة والتبعيّة والتخلف والتجزئة إلى صراع بين المعتدل والمتطرف، بين الإسلامي المتدين والعلماني، بين العرب والفرس، وبين السنة والشيعة.
الأسبوعان الأخيران من هذا العام يعطيان صورة عن العام كله، فقد شهدا جولتا الاستفتاء على الدستور المختلَف عليه في مصر، مع أمل أن يصل الجميع إلى أنه من دون مشاركة القوى الأساسيّة كافة لا يمكن فتح طريق المستقبل، فالدستور لا يخضع للأغلبيّة والأقليّة، وإنما يحتاج إلى التوافق، ومن دون التوافق تقفز مصر في المجهول.
كما شهدا استمرار الصراع المسلّح وازدياده في سوريا، ووصل الأمر إلى حد لا يستطيع أحد الجزم بقدرة أي طرف على الانتصار السريع، فالنظام مستمر بالرغم من تراجع مناطق سيطرته، ومستفيد من خوف جميع الأطراف ممن سيخلفه، والثورة كذلك تتقدم ببطء شديد، وسط تزايد المخاوف على مصير سوريا من ازدياد الخلط بين الثورة والمؤامرة، ومن إمكانيّة أن تسقط سوريا، وليس النظام وحده، وأن تعم الفوضى والحرب الأهليّة ويقع التقسيم.
وفي الأسبوعين الأخيرين، كنت في قطر لحضور مؤتمر لمراكز الأبحاث العربيّة دعا إليه المركز العربي ومديره الدكتور عزمي بشارة. وسافرت إلى اسطنبول لحضور ورشة نظمها مركز مسارات تمحورت حول كيفيّة إعادة بناء منظمة التحرير، واختتمت الجولة بزيارة القاهرة، وحضرت الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور وسط المخاوف من احتمال دخول مصر في دوامة وقطع الطريق على استكمال ثورة 25 يناير العظيمة.
مراكز الأبحاث .. آفاق التشبيك ومتطلبات النجاح
كان مؤتمر مراكز الأبحاث احتفاليًّا أكثر من أي شيء آخر، فهو احتفال متأخر بميلاد المركز العربي الذي بدأ العمل قبل عشرين شهرًا، واستهدف إقامة شبكة بين مراكز الأبحاث العربيّة، ولكن الأجواء الاحتفاليّة طغت على كل شيء. فقد حضره 250 مشاركًا يمثلون 70 مركزَ أبحاثٍ، في حين أن المشاركين الآخرين هم خليط من أكاديميين يمثلون جامعات، إلى مفكرين، وإعلاميين وصحافيين، وزعماء سياسيين، منهم خالد مشعل وعزام الأحمد وراشد الغنوشي، وغيرهم. وافتتح المؤتمر ولي العهد القطري.
لقد كان المؤتمر فرصة هامة للعلاقات العامة وتبادل الأفكار والمعلومات والتعاون ما بين مراكز الأبحاث، والبحث في حال الأمة.
وبالرغم من الآمال العريضة التي أثارتها الثورات التي ستغير وجه الأمة العربيّة في نهاية الأمر، ولو بعد نكسات وهزائم، لأن المواطن العربي خرج من القمقم، وأدرك أنه قادر على التغيير، وعلى المشاركة في صنع مصيره؛ إلا أن المخاطر والمؤامرات تجعل الأمة في حالة لا تسر صديق وتسعد كل الأعداء، الذين خافوا حتى الارتعاب في بدايات الثورات، ولكنهم شعروا بالكثير من الاطمئنان وهم يرون قوى الثورات تتقاتل مع بعضهاـ وتسعى بعضها إلى استرضاء أعدائها بذريعة حاجتها للاعتراف والشرعيّة والمساعدات الخارجيّة التي لا تقدم لسواد العيون العربيّة، وإنما لضمان جوهر السياسات التي تؤمن استمرار النفوذ الغربي والإسرائيلي في المنطقة.
إن إقامة شبكة تضم مراكز الأبحاث العربيّة هدف عظيم، لأنه يحقق التعاون من دون انتظار الحكام، الذين كرسوا التجزئة ويسعون إلى بقائها.
حتى يتحقق التشبيك بين المراكز يجب أن تكون التوقعات واقعيّة، بحيث يتم الشروع في خطوات صغيرة، مع أن الهدف النهائي يجب أن يكون عظيمًا وكبيرًا. ومن شروط النجاح ألا تكون الفكرة ومن ثم الشبكة، إذا قامت، خاضعة لطرف، أو دولة، أو محور، أو مركز أبحاث بعينه، أو تعتمد على تمويل طرف واحد؛ الأمر الذي سيجعل الفكرة تحقق مصالحه وأهدافه بوعي أو من دون وعي.
وحتى تنجح الفكرة، يجب على القائمين عليها دراسة التجارب السابقة على قلتها، واستيعاب الدروس والعبر، وعليهم مراعاة اختلاف مراكز الأبحاث من حيث الرؤية والرسالة والهدف، كونها مراكز مستقلة، أو مرتبطة بحكومات أو أطراف محليّة وعربيّة وخارجيّة، وتخدم المصلحة العربيّة العليا، أو مصالح محور بعينه يضر أشد الضرر بالمصلحة العربيّة. فهناك مراكز أبحاث تهتم بإجراء أبحاث أكاديميّة، أو تهتم بموضوع واحد أو تخصص بعينه، وهناك مراكز تهتم ببلورة السياسات وأقرب إلى مجموعة تفكير تركز على التفكير الإستراتيجي والخيارات والبدائل، وهناك أيضًا مراكز أبحاث تابعة لحكومات أو ممولة بالكامل من جهات حكوميّة عربيّة أو أجنبيّة. والتمويل – كما نعرف ونكرر- لا يقدم لوجه الله، فهناك مصالح وأجندة يخدمها، تطرح أحيانًا علنا ومشروطة أو تتم الاستجابة لها بصورة طوعيّة.
في الدول المتقدمة التي توجد بها مراكز أبحاث مستقلة وجديّة ومحترمة تحرص على تنويع مصادر الدعم وعلى أن لا يزيد الدعم المقدم حتى من حكومة المركز نفسه، حتى تحافظ على استقلالها وحيادها العلمي.
إعادة بناء منظمة التحرير .. طريق الخلاص الوطني
نظّم مركز مسارات ورشة عمل في اسطنبول تحت عنوان "إعادة بناء منظمة التحرير"، وكانت ورشة هامة، لأنها تمحورت حول ضرورة دراسة التجارب السابقة، واستخلاص الدروس والعبر، وما يتطلبه ذلك من إعادة تعريف المشروع الوطني، وإعادة إحياء القضيّة الفلسطينيّة، التي وصلت إلى نقطة حرجة، بعد أن اصطدمت الإستراتيجيات المعتمدة، سواء إستراتيجيّة المفاوضات، أو إستراتيجيّة المقاومة، مع اختلاف الظروف والأسباب والنتائج. فأقصى ما تحقق بعد المعاناة الطويلة والتضحيات الغالية أنّ قطاع غزة أصبح شبه محرر، ولكنه لا يزال محتلًا وفق القانون الدولي، وحصلنا على دولة مراقبة في الأمم المتحدة؛ مقابل تعميق الاحتلال، وتوسيع الاستيطان، وتقطيع الأوصال، والجدار، والحصار، وتهويد وأسرلة القدس، والانقسام.
وركزت الورشة على كيفيّة الخروج من هذا المأزق الشامل، وطرحت أسئلة أكثر مما قدمت أجوبة، ولكن طرح الأسئلة الصحيحة في التوقيت المناسب نصف طريق العلاج. كما ناقشت الورشة أوراقًا حول أوضاع التجمعات الفلسطينيّة المختلفة وخصائصها وموقعها في النظام السياسي الفلسطيني، ونظرتها إليه، وكيفيّة إعادة بنائها، حيث كانت هناك أوراق تعالج قطاع غزة وفلسطينيي الداخل والأردن ولبنان وسوريا وأوروبا وأميركا، على أساس قناعة تتبلور أكثر وأكثر، وتتمحور على أن التركيز على أنّ ما يجمع الفلسطيني على أهميته وأولويته (من تاريخ وذاكرة وهويّة وأهداف وحقوق) يجب ألا يطمس التباينات والخصائص المميزة لكل تجمع، وضرورة تلبية احتياجاته، والاهتمام بمعالجة همومه ومشاكله على أساس أن الصراع مع الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي طويل، ولا يمكن أن يحل بسرعة، ولا بضربة واحدة خاطفة.
وأخذ الانقسام نصيبه من الاهتمام في الورشة، حيث تم مناقشة عدة أوراق حول مختلف أوضاع الاتحادات الشعبيّة والنقابات الفلسطينيّة، وكيفيّة العمل على توحيدها جنبًا إلى جنب، وبالتوازي مع الجهود الرامية إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة.
إن تحقيق وحدة أي اتحاد أو نقابة هي خطوة إلى الأمام، ولا يجب أن تنتظر الوحدة، فهي توفر الأجواء المناسبة لإنجازها. وعلينا أن نتذكر أنه بعد الانقسام الفلسطيني ما بعد الغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982، تم التوصل إلى توحيد اتحاد الكتاب والصحافيين أولًا، وكانت هذه الوحدة هي "البروفة" لتوحيد المنظمة من خلال عقد المجلس الوطني التوحيدي في العام 1987.
مخاطر الانكشاف المالي والسياسي
بقلم: مهند عبد الحميد عن جريدة الأيام
"عند الامتحان يُكرم المرء أو يهان". ها نحن نعيش حالة انكشاف سياسي ومالي داخلي وخارجي أكثر من أي وقت مضى. الانكشاف الخارجي سهل ومريح نفسياً على الأقل. فعندما تعاقب جماعة بشرية، أو شعب يعيش منذ 45 سنة تحت الاحتلال بتهمة المطالبة بإنهاء الاحتلال، فإن هذا الظلم الفادح يُسجل للشعب المنكوب الذي يستطيع الافتخار بأنه ضد الاحتلال، ولا يملك غير الاستمرار في رفض ومقاومة الاحتلال وصولاً إلى الظفر بالحرية. دولة الاحتلال تحتجز الضرائب المقتطعة من الشعب، هذه قرصنة تمارسها دولة تتباهى بأنها جزء من العالم الحر. عقوبة مزعجة لكنها لا تقارن من حيث الخطورة بالقرصنة السياسية، بنهب الأرض والموارد ومضاعفة الاستيطان وتهويد مدينة القدس وتضييق الخناق على المواطنين القاطنين على 60% من أراضي الضفة بغية إزاحتهم منها.
الدول المانحة تتوقف عن الدعم نزولاً عند رغبة الدولة المحتلة، وتكشف زيف الوعود التي تحدثت عن دعم تنمية تمكّن الشعب الفلسطيني من الانفصال عن الاحتلال والاعتماد على الذات. تراجع الدول المانحة وتكيّفها مع أجندة الاحتلال لم يكن وليد السنتين الأخيرتين، بل ترافق مع سياسة الاحتلال في تقويض مقومات الدولة والحل السياسي الذي يقبل به الشعب الفلسطيني. مع بناء شبكة الطرق الالتفافية وجدار الفصل العنصري وتأسيس المستوطنات الجديدة تحول الدعم إلى شكل من أشكال الإغاثة الإنسانية يضاف إليه دعم بناء أجهزة أمنية كأولوية.
الدول العربية لا تفي بالتزاماتها المقرة في اجتماعات القمة تماشياً مع الضغوط الأميركية أو انحيازاً لطرف فلسطيني دون آخر. مشاركة الدول العربية في معاقبة شعب شقيق يطالب بإنهاء الاحتلال، مسألة فيها نظر. أما صمت الدول العربية إزاء الهجوم الاستيطاني الشامل على الأراضي الفلسطينية، والصمت على ما تتعرض له مدينة القدس من قضم وتهويد المدينة المقدسة بمعدلات غير مسبوقة، هذه المواقف العربية لا تغتفر ولا يمكن تبريرها أو التسامح معها، مواقف تعبر عن تحول فادح لم يحدث إبان نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948، بل هو أكثر خطورة، صمت يترافق مع بداية تغيير النظام العربي لمصلحة الاتجاهات الإسلامية. وكأن لثورات الشعوب العربية مفاعيل عكسية. فعندما تسخّر حكومة الاحتلال كل قواها وتشرع بتصفية مقومات الكيان الوطني الفلسطيني على الأرض الفلسطينية من دون رد عربي، وذلك في ذروة الثورات العربية. إن الصمت والمزيد من الصمت سيشجعان دولة الاحتلال على المضي في تصفية القضية الفلسطينية وإذابتها في الكيانات العربية.
بلغة المصالح، هل يوجد مصلحة للأنظمة العربية في التنصل غير المعلن من القضية الفلسطينية، وفي لعب دور شاهد الزور على استباحة حقوق الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته من قبل دولة الاحتلال؟ الجواب: إن المشاركة في معاقبة الشعب الفلسطيني وعدم الربط بين الاتفاقات والمعاهدات المبرمة مع دولة الاحتلال بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يعني تنصلاً من القضية الفلسطينية. كذلك، فإن تلبية المصالح الحيوية للولايات المتحدة والغرب في مجال النفط والأسواق والقواعد العسكرية من غير ربط مع إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية يعني تنصلاً من القضية الفلسطينية. هذه السياسات الممارسة عملياً تجيب عن السؤال بأثر رجعي وتراكمي.
أما الآن وقد اقترب التراكم في الفعل الإسرائيلي إلى حسم، فإن الانكشاف الرسمي العربي يبدو أشد وطأةً وأبلغ تأثيراً. الآن لا يمكن التغطية على الاصطفاف، لا يمكن تمويه الخنادق، لا بالبيانات أو بالقرارات التي لم تعد تصلح لرفع العتب ومحاولة الحفاظ على ماء الوجه.
لا يكتمل المشهد العربي إلا بحضور الشعوب. لكنها ما أن حضرت بالثورة وأوشكت على امتلاك حق نقض علاقات التبعية الرسمية المهينة حتى سرقت الثورة، فتصدرت المشهد الثورة المضادة التي تحاول بشراسة قطع الطريق على مهمة الثورة الأساسية وهي إسقاط علاقات التبعية الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتفكيك الأنظمة المستبدة الفاسدة. ولا تستقيم مهمة خروج الشعوب العربية من علاقات التبعية إلا بإخراج الشعب الفلسطيني من قبضة الاحتلال الإسرائيلي. هنا، ثمة مصالح حقيقية مشتركة بين الشعوب العربية والشعب الفلسطيني. لذا فإن رهان الشعب الفلسطيني على نجاح الثورات ليس عبثياً ولا تطفلياً، كما أن مطالبته الشعوب الشقيقة وقواها الحية الديمقراطية والثورية بممارسة الضغوط على الأنظمة العربية هو المطلوب في هذا المنعطف الذي يمر به الشعب الفلسطيني.
الانكشاف الداخلي، أسوأ أشكاله الخطاب والرؤية التي يتقدم بها البعض من المستوى السياسي. كان يقال إن السلطة جاهزة للانتقال إلى مرحلة الدولة. ثم يتبين أن الجاهزية مركبة على وعود الدعم الخارجي، ومحاصرة بشبكة من الديون. أو كأن يقول البعض إن امتناع إسرائيل عن دفع الضرائب مدة شهر آخر سيؤدي إلى انهيار السلطة. هذا الكلام غير المسؤول يقدم نموذجاً بائساً للكيان المتراكم منذ عشرات السنين، ويشجع دولة الاحتلال على المضي في الضغط والابتزاز. إن سلطة لا تحتمل الصمود لشهر واحد لا تستحق البقاء. لقد تبين أن المستوى السياسي في المنظمة والسلطة لم يستعد للمواجهة في حقل الاقتصاد، ذلك أن العامل الاقتصادي ومستوى الاعتماد على الذات والصمود هو جزء حيوي من المعركة السياسية.
السؤال لماذا لم تحرز السلطة تقدماً يذكر على صعيد الاعتماد على الذات وتنمية الموارد؟ لماذا لم تضع حلولاً اقتصاديةً قابلةً للحل؟ ثمة علاقة بين الخطة السياسية وأدواتها وأساليبها وتنمية الموارد. فالاعتماد على حل سياسي ستقدمه الولايات المتحدة والرباعية من خلال المفاوضات من غير وضع احتمال بالإخفاق قاد المستوى السياسي إلى الاعتماد على الدعم الخارجي كمصدر وحيد.
الآن وبعد انكشاف الخداع السياسي عبر المفاوضات، بعد التمرد الجزئي والرفض الجزئي للاحتكار الأميركي والإسرائيلي للعملية السياسية. فإن ذلك يفتح الأبواب أما ضغوط وتدخلات أشد. ولا يمكن مواجهة ذلك بسياسة التوسل، وبخطاب لمرتعدين.
الحفاظ على كرامة الفلسطيني وعدم المس بها هي أهم شيء وقبل أي شيء. نحتاج لخطة تقشف مدروسة بعناية من خبراء ومختصين. وخطة لتنمية الموارد وتعديلات جدية في البنية الإدارية. ووضع أولويات نابعة من حاجة الشعب ومن مصالحه الوطنية. ولن يكون ذلك ممكناً بمعزل عن خطة وطنية لمواجهة الزحف الاستيطاني.
حياتنا - الفلسطيني المتهم
بقلم: حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
انتشر على الفضائيات المصرية، خاصة المعارضة، نبأ اعتقال فلسطيني من قبل رجال القضاء بعد الهجوم على رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند، حيث قام قضاة باعتقال ثلاثة مهاجمين أحدهم فلسطيني، وفي الوقت نفسه أصدر الجيش المصري أمراً سيادياً بمنع تملك غير المصريين للأراضي على الحدود الشرقية، في إشارة واضحة إلى ما قيل عن قيام رجال أعمال مرتبطين بحركة حماس بشراء أراض في العريش ورفح المصرية.
ولا أعلم صحة كل ذلك، حيث إن أي اتهام لأي فلسطيني لا يرد عليه من أحد، لكن ظهر قبل أيام بعد تحليل مكالمات حارس خيرت الشاطر أنه كان على صلة بحماس وأنه كان يطلب إرساليات أسلحة من غزة إلى مصر لجماعة الإخوان.. وظهر حارس الزند خلف الرئيس المصري مرسي يؤدي صلاة مع عدد محدود من المقربين ومرسي يؤمهم في قصر الاتحادية.. كما ظهر على يمين مرسي على شرفة القصر.. وتقدم مواطنان مصريان ببلاغات ضده بعد التعرف عليه حيث سبق اعتقاله مسلحاً وهو يقنص المتظاهرين من سطح السفارة الأميركية في ميدان التحرير وتم تسليمه للشرطة آنذاك أثناء الثورة ضد مبارك.
في المقابل، يخرج قادة من الإخوان لاتهام السلطة بالتآمر على النظام الجديد حيث أعلنوا أن المؤامرات عليهم تحاك في رام الله ونشروا صورة لعمرو موسى عند ضريح أبو عمار كدليل لكنهم ادعوا أن موسى كان برفقة مسؤول إسرائيلي وليس عند الضريح.. كما كرر قادة إخوان اتهام محمد دحلان ومسؤولين إماراتيين بإدارة المؤامرة من دبي مع أحمد شفيق.. الخ.
ليس للقضية الفلسطينية أية مصلحة في قلب نظام الإخوان في مصر أو التدخل في شؤونها من منطلق وطني.. لكن قد تكون هناك مصالح حزبية متبادلة بين حماس ذراع الإخوان الفلسطيني وبين الحركة الأم في القاهرة.. وهذا لا يعني أن الفلسطيني الذي بات متهماً ومكروها على ألسنة الفضائيات والشارع المصري له مصلحة في الانغماس في شؤون داخلية مصرية أو سورية أو ليبية أو يمنية، لأن الفلسطيني مطالب بالانغماس في قضيته لكن الكثيرين منا لم يعودوا يهتمون حتى بقضية شعبهم، فلا غرابة أن نرى جماعة جبريل تقاتل مع الشبيحة.. أو أن يتطوع فلسطينيون سلفيون للقتال ضد النظام السوري، مثلما تطوع غيرهم للجهاد في أفغانستان، فعندما تضع الحروب أوزارها يتم نبذ الفلسطيني المجاهد كما حدث في أفغانستان ومعاقبة اللاجئ الفلسطيني كما حدث في العراق بقتله أو تهجيره.. ومحاصرته بالاتهامات والقتل كما يحدث في سوريا، وجعله كبش فداء كما يحدث في مصر الآن.. وحدث في الكويت سابقاً.. حبذا لو أننا انغمسنا في شؤوننا فقط لتغيرت أحوالنا.. فنحن لنا قضية واحدة فلماذا نتحدث عن ألف قضية؟!
أهداف «حماس» من منع المهرجان
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
قيادات فتحاوية تعوم على شبر ماء. تركض في اوهام حساباتها الصغيرة، وتبني ابراجا دون قواعد ارتكاز في قراءتها لموقف حركة حماس من المصالحة الوطنية وباقي التفاصيل ذات الصلة بين الحركتين الكبيرتين في الساحة الوطنية.
مما لا شك فيه، ان العدوان الاسرائيلي على محافظات الجنوب في 14 من نوفمبر /تشرين الثاني الماضي، والانتصار السياسي، الذي حققته القيادة في الامم المتحدة برفع مكانة فلسطين لدولة مراقب، احدثا كسرا نسبيا لحدة الاستعصاءات الحمساوية تجاه المصالحة الوطنية. وما عزز هذا الاعتقاد, هو الكلمة، التي القاها السيد خالد مشعل في ذكرى انطلاقة حماس في مدينة غزة، وايضا سماح القيادة السياسة لحركة حماس باقامة مهرجاناتها في مدن الضفة الفلسطينية، ومشاركة قيادات فتحاوية في انشطة وفعاليات حماس في الضفة وغزة.
لكن الاستنتاج آنف الذكر، لا يعكس القراءة العميقة لرؤية حماس لدورها في الساحة، ولا لأثر التطورات في الساحة العربية على مكانتها الفلسطينية والعربية والدولية. انما هو محاولة وطنية لتعميم البعد الايجابي الناشىء في الميدان، والعمل على تعميقه، وتكريسه ليصبح واقعا يفرض المصالحة على الكل الوطني. فضلا عن ان فيها بعدا إراديا إسقاطيا من البعض على التطورات الجارية، واطعام الذات اوهام الرغبة.
بالعودة الى جادة العنوان، فإن حماس ما زالت تماطل حتى الآن في السماح لحركة فتح باقامة مهرجانها المركزي بانطلاقتها الـ 48 في محافظات غزة. فلجأت قيادات الانقلاب أولا الى التضليل في البداية، باعلان «موافقتها» على اقامة المهرجان؛ ثم ثانيا صدور تصريح عن اجهزتها الامنية ينفي صحة ذلك؛ وثالثا تدخل القوى الوطنية لحث قيادة الانقلاب بالسماح لفتح باقامة مهرجانها، فتعود «حماس» للمناورة من خلال 1- إبداء الموافقة الشكلية؛ 2- ترفض إقامة المهرجان في ارض الكتيبة بحجة الخشية من تداعيات ذكرى إحياء الراحل ابو عمار الثالثة في 12 تشرين الثاني 2007؛ 3- تطرح خيارات مثل ارض المحررات او ملعب اليرموك الآيل للسقوط والمدمر في العدوان الاسرائيلي الاخير، وجميعها اماكن لا تؤمن المكان المناسب لاقامة المهرجان؛ رابعا: ما زالت حماس تعبث حتى اللحظة بقادة فتح بشأن إقامة المهرجان.
القراءة الآنية للمناورة الحمساوية, اولا تستهدف إفراغ شحنة الحماسة لدى قادة فتح في غزة، وإفقادها الامل في إقامة المهرجان. ثانيا ايضا خلق حالة من الالتباس في اوساط المواطنين حول إمكانية إقامة المهرجان، ودفعها لليأس والقنوط من عدم إمكانية ذلك. وثالثا زعزعة الثقة بخيار المصالحة، لا سيما ان الموضوعات المختلفة مرتبطة ببعضها. ويخطىء من يقرأ عدم إقامة المهرجان خارج حسابات المصالحة الوطنية. ورابعا عندما تشعر قيادة حماس بغياب الحماسة, وبلوغ درجة القنوط والاحباط درجة عالية في اوساط الجماهير الغزية عموما والفتحاوية خصوصا، قد تسمح باقامة المهرجان مع وضع كوابح وقيود تحول دون المشاركة الجماهيرية المعهودة.
غير ان القراءة البعيدة لمنع المهرجان، تقوم اولا على حرمان حركة فتح من اي فرصة لابراز مكانتها كقوة رئيسية في محافظات الجنوب، لأن حماس، سعت خلال السنوات الست الماضية لاستئصال حركة فتح من اوساط الجماهير، او على الاقل تقزيم دورها الى مكانة فصيل هامشي، وبالتالي لن تسمح لفتح باستعادة دورها الريادي. ثانيا حركة حماس ليست مستعدة للمصالحة الآن، ولا حتى بعد الانتهاء من انتخابات مجلس الشورى لرئيس المكتب السياسي، لذا ستبقى تناور من خلال طرح قضايا ثانوية امام عربة المصالحة للحؤول دون تقدمها. ثالثا تريد الهيمنة على منظمة التحرير اولا قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية, وان تم تشكيل الحكومة، فلن تتمكن المصالحة من تجاوز عنق الزجاجة بسبب استعصاءات قيادة الانقلاب.
رابعا حماس اعدت العدة مع قيادة تنظيم الاخوان في قطر والسودان وعبر التنسيق الدائم مع مكتب الارشاد للاخوان المسلمين في مصر للسيطرة على مقاليد الامور في الساحة الوطنية، ليس فقط في غزة، بل في غزة والضفة والشتات. خامسا هناك تطمينات لحركة حماس من قبل الغرب عموما وخاصة الاميركي، الذي ابرم اتفاقا مع حركة الاخوان المسلمين الدولية بدعم حركة الانقلاب في الهيمنة على زمام الامور في الساحة، خاصة وان «حماس» ابدت الاستعداد لتقديم تنازلات تمس مستقبل المشروع الوطني, من خلال الموافقة على الهدنة الطويلة دون ثمن؛ والقبول بخيار الدولة ذات الحدود المؤقتة؛ وحتى لو حصل عدوان إسرائيلي قادم على محافظات غزة, فإن الهدف منه، تلميع حركة حماس، إضافة لتدمير الاسلحة، التي تم إدخالها، ويجري إدخالها حاليا للقطاع من ليبيا وسوريا وايران والسودان عبر سيناء.
لذا على قادة «فتح» فتح العيون جيدا، وعدم الركض وراء السراب، والتدقيق في ما يجب عليهم عمله لحماية الدور الريادي لحركتهم وقيادتهم.
ارتهان لرأس المال المتوحش
بقلم: فؤاد ابو حجلة عن الحياة الجديدة
كشفت "الحياة الجديدة" في عددها الصادر يوم الأحد حقيقة مريعة حول تحكم البنوك في حاضر ومستقبل 42 بالمئة من موظفي السلطة، ما يعني عمليا ارتهان قرابة نصف المجتمع الفلسطيني عن طريق ما يسمى بالتسهيلات المصرفية التي هي في واقع الأمر قروض بفوائد مركبة يحتاج المرء الى سنوات طويلة من عمره وعلى حساب رفاه أسرته لسداد فوائدها.
في البداية, دعونا نعترف أننا لم نكن بحاجة الى كل هذه البنوك، وكان يكفينا بنك واحد أو بنكان فلسطينيان لكن هذه الهجمة المصرفية والتسابق على افتتاح فروع لدكاكين المال الربوي في الضفة جعلت شوارعنا ملغومة بإغواءات الاقتراض ومصائد التسهيلات التي تتحول بعد الشهر الأول الى "تصعيبات" مبالغ فيها.
كنت قد كتبت كثيرا عن قسوة البنوك والمؤسسات المالية وهيمنتها على حياة الناس، وقد افترضت أن المواطن صاحب الحساب البنكي والذي تفضل المصارف أن تسميه عميلا هو في الواقع ضحية للنفس الأمارة بالسوء ولرأس المال المتوحش الذي يعيث في الأرض فسادا مقوننا ومحميا بالتشريعات الخاصة بالمعاملات المصرفية والتي تعبر عن انحياز مطلق للجشع، وافترضت أيضا أن هذه البنوك تستفيد من التشريعات القائمة للانقضاض على خبز الناس.
لا أعرف إن كانت البنوك في فلسطين، كما في دول عربية أخرى، تتمتع بتسهيلات واعفاءات ضريبية، وإذا كان الأمر على هذا النحو فإن المصيبة أعظم. واذا كان الأمر لا يثير قلق الحكومة والمسؤولين عن سياستها المالية، فإنه ينبغي أن يكون مدعاة لقلق المنظمات والمؤسسات المعنية بالرفاه الاجتماعي، وقبل كل ذلك ينبغي أن يشكل هذا الواقع المسيء مصدر قلق للنخب والمنظمات الوطنية المنخرطة في مشروع مقاومة الاحتلال، فالذي يعيش ويعمل ليسدد قرض بنك لن يكون قادرا على المقاومة، والذي ينتظر رحمة رأس المال الجشع في الاقتطاع من راتبه الشهري لن يكون قادرا على التصدي لمشاريع المستوطنات الجديدة.
هل نقول إنها مؤامرة على المقاومة تشترك فيها البنوك وأصحاب رأس المال الفلسطيني الذين يبزنسون بالقضية؟ لا اريد أن اقول ذلك الآن، فالوقائع ستكشف حقائق كثيرة لا تحتاج الى التعبير عنها قولا أو كتابة.
ماذا يحدث في مخيم اليرموك في سورية؟
بقلم: محمد موسى مناصرة عن وكالة معا
من يتحمل المسؤولية ويحتكر اعمال الخطف الاعتقال والتعذيب ولديه ما يكفي من البنى التحتية لتغييب الالوف على ارضياتها الرطبة، ومن ينفذ احكام الاعدام الميداني بحق الفلسطينيين بعد تعذيبهم يلقيهم على اطراف المخيم؟
من لديه امكانات قصفه بقذائف المدفعية وتدمير مساكنه على راس اصحابها او حرقها مثالا ما جرى يومي الرابع والخامس من تشرين ثاني 2012 في المخيم؟ ومن لديه كل هذه الكراهية للوجود الفلسطيني وانتمائهم وانتسابهم لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
أهي السلطة التي تستخدم كتائب الشبيحة المكرسة للاعمال القذرة كالخطف والتعذيب والاغتصاب والإعدام الميداني السلطة التي تستحوذ على اجهزة الدولة؟ ام هي الثورة او المجموعات المسلحة التي تعلن انتسابها لها؟
ولئن كانت سلطة الدولة هي من يحتكر اساليب الاعتقال والتعذيب والسجون وآلات الموت تطلق بارودها على المخيمات الفلسطينية عموما وليس اليرموك وحده، هل الثورة السورية المستدامة بريئة من دم الفلسطينيين؟
ما الذي تقوله الفصلان الفلسطينية بشأن ما جرى ويجري في سورية؟ وماذا عن دورها واتجاهاتها تجاه ما حدث وتتعرض له مخيماتنا الفلسطينية في سورية؟
ما الذي يميز الموقف الشعبي للاجئين الفلسطينيين الموزعين على مخيمات اليرموك وحلب والعائدين في حمص ومخيم الرمل في اللاذقية او العائدين في حماه او التجمعات الفلسطينية المنتشرة حول دمشق وريفها او في المحافظات الاخرى التي يتوزع عليها ابناء شعبنا.
نشأة مخيم اليرموك:
وكما يعلم الجميع وصل الالوف من اللاجئين الى دمشق وعموم سورية في اعقاب الهزيمة الكبرى عام 1948 او ما يطلق عليه عام النكبة وبعضهم لجأ مباشرة للمخيمات التي انشأت بالتعاون مع وكالة الغوث وقسم غير قليل استقر في المساجد او المدارس المنتشرة في احياء دمشق ومحيطها، وفي عام 1954 اقدمت الهيئة العامة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين التي كانت قد تشكلت في اعقاب النكبة وبالتعاون مع وكالة الغوث على تجميع هؤلاء اللاجئين الموزعين على مختلف المدارس والمساجد وإعادة اسكانهم في موقع اليرموك.
ومع الوقت تحول مخيم اليرموك الى واحد من اكبر المخيمات الفلسطينية اذ يضم بين جنباته ما يزيد عن ربع مليون لاجىء عدا عن انه استقطب بسبب حيويته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الالوف من السوريين الذين سكنوا وعمروا في على اطرافه فأصبح جزءً لا يتجزأ من تفاصيل الحياة الدمشقية ربطته بأهل دمشق وشعبنا السوري عموما اوثق العلاقات الانسانية والاقتصادية والكفاحية وسيرته جزءً من سيرة الحياة في دمشق.
الموقف من الثورة:
لا غرابة في ان يتفاعل اهلنا في مخيم اليرموك مع ما يجري حولهم فالشعب السوري احتضنهم بمحبة ودفء فريد وتأسست علاقات مصاهرة بين الطرفين فكثير من الشبان تزوجوا من نساء ينتسبن لمختلف الوان الطيف السوري وعلاقات اقتصادية والاهم كفاحية فكان الشعب السوري سندا على الدوام لكل فعل كفاحي فلسطيني تاريخيا وقبل النكبة وتزايد هذا التعاضد اكثر فاكثر بعد النكبة طوال عقود النصف الثاني من القرن الماضي الى يومنا هذا.
الفصلان الفلسطينية الناشطة في المخيم
تنشط في مخيم اليرموك فصلان فلسطينية سياسية كثيرة منها من هو حليف للسلطة ومنها ما هو بعيد عنها او لا لون لمواقفهم لا من السلطة ولا من الثورة، ومن هذه الفصلان طلائع حرب التحرير الشعبية المعروفة بقوات الصاعقة، وحركة فتح/الانتفاضة، الجبهة الشعبية/القيادة العامة، حركة فتح، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حزب الشعب الفلسطيني، حركة الجهاد الإسلامي، جبهة التحرير الفلسطينية/ جماعة علي اسحق وربعه المؤيدون للسلطة، وجبهة التحرير الفلسطينية الاطار المنسجم مع منظمة التحرير، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني الاطار الرسمي المعروف وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني/جماعة خالد عبد المجيد، حزب فدا، حماس، الجبهة الديمقراطية، والحزب الشيوعي الفلسطيني (حزبان).
وعلى الرغم من الموقف الرسمي المعلن لجميع الفصلان المؤيد ببيانات صادرة عن مختلف القوى لكن بعضها عمليا وجد نفسه منصاعا لاستحقاقات تحالفه الاستراتيجي مع السلطة ينفذ تعليماتها وجزءً من خططها وبرامجها المكرسة لمواجهة الثورة ودفع الفلسطينيين للاصطفاف مع السلطة ضد الشعب وثورته كالقيادة العامة بزعامة احمد جبريل وجماعة فتح الانتفاضة والصاعقة وجبهة التحرير الفلسطينية جناح علي اسحق، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني جناح خالد عبد المجيد، والحزب الشيوعي الفلسطيني، وعبرت هذه القوى عن تحالفها مع السلطة بدعوتها انشاء لجان مسلحة تحت دعاوى وذرائع حماية المخيمات من الجيش الحر للمخيم ولمنع استخدامه او تشجيع الشبان فيه للانتفاض ضد السلطة.
اما الاتجاه الثاني الاتجاه الملتزم بالسياسة العامة لمنظمة التحرير حيال ما يجري بابعاد الفلسطينيين عن أي سلوك قد يفهم منه تدخلا فيما يجري وأعلنوا صراحة رفضهم لأية اعمال او مظاهر عسكرة في مخيم اليرموك بغض النظر عمن هم اصحابها وان لا ضير في ان يقوم الفلسطينيون بواجباتهم الانسانية تجاه اخوتهم السوريين الذين فضلوا اللجوء للمخيم كما حصل مع المخيمات الاخرى ويستقبلونهم افضل استقبال اذ استضاف الفلسطينيون الوف العائلات السورية المهجرة من بيوتها واحيائها والهاربة من الموت بسبب اعمال القصف والتدمير التي تطال الاحياء الثائرة في دمشق وريفها من طائرات الميغ ومدفعيات الفرقة الرابعة ومن قبل الشبيحة وجيش السلطة كما هو الحال في المحافظات الاخرى، ومن بين هذه الفصلان حركة فتح، حزب الشعب الفلسطيني، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جبهة التحرير الفلسطينية، جبهة النضال الشعبي مجدلاني، وحزب فدا.
اتجاهات السلطة والثورة نحو المخيمات:
لقد حاولت السلطة واعوانها بين ظهراني اللاجئين طوال الوقت وحتى اللحظة استدراج الفلسطينيين في المخيمات لصالح السلطة ضد الثورة كمحاولة اشراك الفلسطينيين في المداهمات واعمال الاعتقال او استخدامهم في مواجهة الجيش الحر او تشغيلهم كحراس للمنشئات الامنية والسياسية والاقتصادية.
في المقابل فان ممثلي الثورة من مختلف الاتجاهات لم يظهر احدا منهم اية توقعات بعينها من الفلسطينيين والمخيمات متفهمين الوضع الخاص للاجئين الفلسطينيين.
وحتى تلك المظاهرات السلمية العارمة التي اندلعت في الاحياء المجاورة لمخيم اليرموك كل التقارير اوضحت ان المتظاهرين الثائرين لم يحاولوا ابدا اشراك اهالي المخيم وكانت المظاهرات سواء في الحجر الاسود او حي التضامن تتوقف على اطراف المخيم وعلى حدوده.
المخيمات مسكونة بالعداء للسلطة
ولان المعركة في سورية بين نظام مستبد وشعب تواق للحرية وكل فلسطيني في سورية يعرف تماما أي مظالم واي قهر مارسته السلطة ليس ضد الشعب السوري فقط، بل وضد شعبنا الفلسطيني سواء في سورية بتغييب خيرة الابناء في السجون دون ان يعرف احد عن مصيرهم حتى اليوم، او ما نفذته سلطة عائلة الاسد من جرائم بحق شعبنا في لبنان، فضحايا تل الزعتر وبرج البراجنة، وغيرهما احياء في الوجدان لا يموتون، او ما اثارته من انشقاقات وانقسامات في صفوف منظمة التحرير او فصلانها، واخيرا اسناد السلطة ومساهمتها في اعمال التخطيط والتنفيذ للانقلاب العسكري في قطاع غزة داخل فلسطين ذاتها.
ان كثر من الفلسطينيين ليس في مخيم اليرموك وحده بل في غالبية المخيمات الفلسطينية الاخرى في مخيم درعا او مخيم حماه، ومخيم الرمل في اللاذقية او مخيم العائدين في حمص وجدوا انفسهم متعاطفين وشركاء مع الثورة في المطالبة بالحرية والكرامة.
دوافع اخرى وراء التعاطف مع الثورة:
عدا عما سبق استهدفت السلطة قصف مخيم الرمل بالمدفعية دون أي مبرر وما جرى في مخيم درعا الذي استهدف سكانه بالمدفعية والاعتقالات واعدامات ميدانية لبعض الشبان جاء نتيجة لان الشبان في المخيم سارعوا لتقديم العون الانساني الاغاثي للمحاصرين في درعا وكسرهم الحصار لادخال المواد الغذائية والدوائية للمحاصرين فوجد الفلسطينيون في المخيم وحال المخيمات الاخرى ليس مختلفا وجدوا انفسهم مستهدفين وعرضة للقصف المدفعي والصاروخي من السلطة ولعداء وكراهية الشبيحة المنفلتة من اية قواعد او قوانين.
ايضا شهدت المخيمات وخاصة في اليرموك بين حين وآخر عصابات تمارس اعمال الخطف للمطالبة مقابل المخطوفين بفدية والقيام باعمال نهب وسرقة والاعتداء على الممتلكات والتطاول على اهالي المخيم ليتبين برغم نفي السلطة عمن وراءهم انهم من كتائب الشبيحة وتم تنفيذ هذه الجرائم لتهيئة الاجواء من اجل انجاح مساعي ومقترحات جماعة احمد جبريل بانشاء لجان عسكرية بحجة الحفاظ على امن المخيمات لتبرير مسعاهم تسليح ابناء المخيم ضد الجيش السوري الحر ولمواجهة الثورة.
كذلك فإن الاقتصار على استخدام الحل العسكري الذي اعتمدته السلطة في مواجهة الثورة طال المخيمات مثلما طال الاحياء في المدن والبلدات السورية، فاستهدفت المخيمات بالقصف كما جرى في مخيمات الرمل ودرعا ومخيم اليرموك ذاته مثلما استهدف أي حي من احياء المدن السورية، واقدام السلطة على اطلاق يد كتائب الشبيحة لتقتل وتنهب وتنفذ جرائم بشعة في المخيمات كجرائم الخطف والاغتصاب كتلك الجرائم المنفذه ضد السوريين تماما كل ذلك زاد من السخط الشعبي الفلسطيني على السلطة وحفز كثرة من الشبان للتعاطف مع الثورة وللمواجهة مع السلطة.
توق متماثل للحرية
ولهذا فقط الذين لا يعرفون العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والسوري هم وحدهم قد لا يتفهون كنه المشاركة الشبابية الفلسطينية في اعمال مساندة للثورة وتوقهما المشترك والمتماثل للحرية، فليس صدفة ان الشعار "واحد واحد واحد سوري وفلسطيني واحد" هوّم في الفضاء السوري وصدحت به الحناجر الثائرة في كثرة من المسيرات والمظاهرات العارمة التي اجتاحت البلدات والمدن السورية وكيف يمكن لشعب كشعبنا تواق للحرية وضد الظلم ان يلتزم السكينة والصمت والحياد وهو يرى بام عينه اعمال القتل والتدمير وماكينة القتل المنفلتة بلا رادع وفيما يرى بعينيه وعلى جلده التجربة المرة مع السلطة يسمع باذنه اكاذيب السلطة واعلامها عن ان مؤامرة دولية تحاك ضد الممانعة وان عصابات مسلحة ارهابية هي من تعمل في الميدان في وصف الثورة الشعبية العارمة وهو العارف بانها ثورة في سبيل الحرية وليست ثورة في مواجهة الكفاح الوطني ضد المحتلين واعوانهم.
مظاهر التعبير عن المشاركة في الثورة:
لهذا ليس مصادفة ولا نتاج لاية خطط حول اللاجئون الفلسطينيون شعبنا مخيماتهم في سورية الى بيوت ضيافة لكل السوريين بإيوائهم وتقديم العون الإغاثي والدوائي لهم وإسكانهم في بيوتهم وليس في اليرموك وحده بل في كل المخيمات وتقاسموا مع الاخوة السوريين رغيف الخبز وشربة الماء وحبة الدواء والأغطية، الامر الذي طير عقل السلطة ووطير الشبيحة واعوانهم من الفلسطينيين جماعات احمد جبريل ومن يماثله في التواطؤ مع السلطة الذين مصيرهم مرتبط بمصير السلطة وليس بمصير شعبهم.
بهذه المبادرات ومظاهر المشاركة في الثورة بانشاء اللجان الاغاثية وتقديم العون الانساني للثائرين في سبيل الحرية وبالمشاركة في مظاهر الثورة المظاهرات السلمية اختلط الدم الفلسطيني بالسوري حيث سقط حتى الان قرابة 650 شهيد على الارض السورية في القصاص من اهلنا في المخيمات لعدم مساندتهم للسلطة وتعاطفهم مع الثائرين.
تجاوز موقف منظمة التحرير للامام:
ان ما اسهمت به المخيمات الفلسطينية في سورية هو خطوة متقدمة الى الامام وتتجاوز بعيدا في التعاطف والدعم للثورة وتفهم مطالبها وتوقها للحرية وعدم قبول ما يروج في الاعلام عن مؤامرة كونية ضد سورية موقف منظمة التحرير او الفصلان الفلسطينية التي بقيت وفية لشعار الحياد والنأي بالنفس حتى لا يثار عداء السلطة ضد المخيمات وضد ابناء شعبنا.
تباين الموقف الشعبي عن الرسمي
ان بالامكان التصريح ان الموقف الشعبي من موقف الفصلان الفلسطينية ومن موقف منظمة التحرير الفلسطينية يحظى بالقبول والاحترام والمأخذ الوحيد على المواقف الرسمية للمنظمة والفصلان المنضوية في اطار منظمة التحرير ان على المنظمة والفصلان وفيما تعلن تمسكها بموقف الحياد والنأي بالنفس عما يجري لكن ذلك لا يعفيها عن ضرورة الاعلان عن وقوفها الاخلاقي مع مطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة وادانة اعمال القتل الجماعي والمجازر التي تنفذها السلطة.
السؤال المعلق امام منظمة التحرير:
تتعرض المخيمات الفلسطينية في سورية جميعها لما تتعرض له المدن والبلدات السورية نفسها من قصف مدفعي وصاروخي ومداهمات واعتقالات واعمال قتل واعدامات في الميدان واختطاف واعمال سلب ونهب ولا فرق بين أي مخيم فلسطيني واية حارة او حي او بلدة او مدينة سورية، السلطة لم تعد تفرق بين فلسطيني وسوري وتتزايد الاعمال العدائية ضد المخيمات يوما بعد يوم ويتوحد الان الشعبان في مواجهة السلطة والاصح وحدتهما السلطة باعمالها الجرمية معا في مواجهتها.
السؤال المعلق في مواجهة منظمة التحرير والفصلان الفلسطينية المنضوية في اطارها ما الدور الذي تراه لنفسها حاليا وقادم الايام والشعب الفلسطيني يذبح كما الشعب السوري والسلطة تدفعهما للاصطفاف يوما بعد يوما ليتخندقا معا في خندق واحد توقا للحرية في مواجهتها كسلطة استبداد؟
لعبة التجويع والدولة الفلسطينية
بقلم: هاني العقاد عن وكالة معا
أدوات متعددة تستخدمها إسرائيل لتركيع الشعب الفلسطيني والنيل من صموده وكفاحه نحو الحرية و الاستقلال وتصدر العديد من غرف الدراسات الإستراتيجية والأمنية التي تتبع للمؤسسات الإسرائيلية المختلفة دراساتها من فترة إلى أخري تتناول فيها كافة أنماط المواجهة وتطورها مع الفلسطينيين و الأدوات التي يمكن لإسرائيل استخدامها لكبح ووقف التمكن الفلسطيني نحو الدولة بعد وتختلف هذه الأدوات حسب مواقف المواجهة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية وحسب الإستراتيجية الفلسطينية المناهضة للاحتلال ,فمنها ما هو دامي كما يحدث بغزة ومناطق ساخنة أخري بالضفة الغربية ,ومنها ما هو عبر الحصار وضرب الاقتصاد وإغلاق الطرق والمعابر أو الاثنين معا , لان إسرائيل تؤمن أن المال هو الذي يقيم الدولة وهو الذي يسقطها فهي عادة ما تستخدم العامل الاقتصادي لإنجاح سياستها العسكرية والاستيطانية والتهويدية , واليوم وبعد النجاح الفلسطيني الدبلوماسي الكبير وحصول فلسطين على دولة معترف بها بالأمم المتحدة وفتح الباب أمامها للدخول كطرف في كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية , بالإضافة إلى اعتبارها عضوا في منظمات ووكالات الأمم المختلفة أهمها محكمة الجرائم الدولية ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي , كل هذا جعل إسرائيل تعود للعبتها المفضلة مع الشعب الفلسطيني وهي لعبة التجويع .
لعبة التجويع الصهيونية يا سادة لم تعرفها إسرائيل الآن ولم تضع شروطها بعد وصول الفلسطينيين لنصر دبلوماسي يقود لسيادة فلسطينية على الأرض وإنما لعبة كانت تمارسها أبان الانتفاضة الأولى و هي انتفاضة الحجارة عندما كانت تفرض منع التجول لفترات طويلة على المدن والقرى والمخيمات , لكن هذه اللعبة تتطور حسب عنصرية إسرائيل وبغضها وكرهها للتعايش بسلام مع الفلسطينيين , فاليوم تمارس هذه اللعبة للابتزاز على اعتقاد أن الفلسطينيين عندما يتم حصارهم وتجويعهم للدرجة ما فان قيادتهم سوف تتراجع عن سعيها نحو تحقيق تقدم في مسيرة الاستقلال والدولة الموحدة , وبالتالي يحتج الشعب وتسود البلاد فوضي حرق وتكسير وغير ذلك , لكن لا تعرف إسرائيل أن لعبتها التي تلعبها الآن مع الفلسطينيين لعبة خطرة سوف تحرق أصابعها أولا وسوف ينتفض الشعب الفلسطيني ضد إسرائيل وليس ضد نواة الدولة الفلسطينية ,فلا يعقل أن يعيش شعبين على ارض واحدة احدهم يعيش على نفايات الشعب الأخر ويجوع وكأنه يعيش في القرون الوسطي والشعب الأخر تتاح له كل عوامل الغنى والتمكن من نصيب الشعب الأخر من الأرض .
إن كانت إسرائيل تلعب معنا لعبة التجويع لإفراغ انتصارنا في الأمم المتحدة من مضمونه فإننا يجب أن نلعب معها لعبة الصمود والبقاء وإكمال مشروع الدولة حتى تصبح حقيقة على ارض فلسطين وليس مجرد مشروع أممي ننتظر أن يساعدنا العالم فيه , ولكي نلعب اللعبة التي تحقق أحلامنا فإننا كفلسطينيين نحتاج إلى المال لكي تستمر السلطة الوطنية في برنامجها التحولي إلى الدولة ولكي يستمر هذا البرنامج يتوجب البحث عن بدائل تدعم الاقتصاد الفلسطيني وتوفر شبكة آمان غير شبكة آمان العرب الوهمية ولا اعتقد أن العقول الفلسطينية عجزت عن توفير بدائل وخاصة أن لعبة الضغط المالي والحصار الشامل التي يفرضها الاحتلال أن تطول لأنه يدرك أن المال عنصر هام لقيام أي دولة فلولا المال والدعم الأمريكي والأوروبي وأغنياء اليهود وتبرعاتهم السخية لما قامت إسرائيل.
ولان هناك لعبة خطرة تلعبها إسرائيل والعالم معها وقد يكون لبعض العرب طرف في هذه اللعبة , نقول آن الأوان لان تبنى فلسطين نفسها من خلال بناء مؤسسات اقتصادية كبري داعمة داخل فلسطين وخارجها تنتشر بكل أنحاء العالم و ليس بالعالم العربي فقط من خلال إنشاء مصانع كبري وشركات كبري ومزارع كبري يكون إنتاجها معفي من الضرائب ليغطي كافة الأسواق العربية والعالمية في معظم بلاد العالم التي تنخفض فيها تكاليف الأيدي العاملة ويتم من خلالها استثمار رأس مال فلسطيني وعربي داعم يعود بأرباحه لصالح نفقات الدولة الفلسطينية وتغطية رواتب موظفيها.
ونقول أن هذه الشركات والمصانع و المزارع تكون ملك للشعب الفلسطيني يستأجرها خارج أرضه إلى حين تمكنه من الاستقلال وحماية مؤسساته الاقتصادية ,وتديره وزارة الاقتصاد الفلسطينية وتتابع كافة عملياته وتقيم إنتاجه من فترة إلى آخري من خلال هيئات تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية , وبهذا يستطيع الفلسطينيين أن يبنوا دولتهم بمالهم وببعض المساعدات من الدول العربية والدول الصديقة دون الحاجة إلى شبكة آمان دائمة يتململ منها العرب بعد فترة من الزمان و يضطر معها الفلسطينيين للتسول مرة أخري لمواجهة اللعبة الإسرائيلية الخطرة .
ماذا بعد الاعتراف بالدولة
بقلم: ديـــــــاب اللــــــوح عن وكالة معا
ماذا بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة , رقم ( 67/19 ) بتاريخ (29 / 11/ 2012م) , الذي اعتمد فلسطين دولة غير عضو بصفة مراقب في الأمم المتحدة , سؤال يجب أن يحظى بالتفكير العميق في كافة الدوائر الفلسطينية لما يترتب عليه من مهام ومسؤوليات واستحقاقات وطنية وسياسية ودبلوماسية وقانونية , من أجل تحقيق الانتقال بالدولة إلى مرحلة العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ومنظماتها كافة , وتجسيد إقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على الأرض , وإنهاء حقبة الاحتلال الإسرائيلي بكافة أشكاله .
إن اعتراف المجتمع الدولي بفلسطين دولة غير عضو يُمثل بداية الطريق نحو تحقيق الاستقلال الوطني الكامل , فلازالت الدولة عبارة عن كيان معنوي , ودولة تحت الاحتلال , ولم يتغير من حقيقة أن الاحتلال الإسرائيلي مستفحل في الأراضي الفلسطينية , وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية رسم خارطة طريق المستقبل , وتحديد المهام والمسؤوليات , وتشخيص الاستحقاقات الماثلة أمام الشعب الفلسطيني , وكيفية التعامل معها , وإحداث النقلة النوعية المرجوة في الواقع السياسي والأداء الدبلوماسي , في إطار خطة مدروسة , والاستفادة من تجارب الآخرين , في إدارة هذه المعركة في الحلبة السياسية والدبلوماسية والقانونية الدولية .
ونحن على أبواب عام ( 2013م ) , وأمام هذه المهام والمسؤوليات والاستحقاقات الوطنية والسياسية والدبلوماسية , تتطلب وضع خارطة طريق تحدد مسار التحرك في المراحل القادمة , ومن الأهمية بمكان عدم حرق المراحل ، وأن تأخذ كل مرحلة حقها في التفكير والدراسة والعمل , وإحكام فلسفة وسياسة تثبيت الإنجاز , والبناء عليه ، لتحقيق المزيد من الإنجازات , وتحسين مستوى العمل والأداء , بما يؤكد مكانة الدولة وشخصيتها القانونية الدولية , وتعزيز قدرتها على التواصل مع دول العالم كافة المؤيدة والمعارضة والممتنعة والمتهربة , وإقامة علاقات دبلوماسية ناجحة معها , وبلورة شخصية ومكانة الدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة ومنظماتها كافة ، مما يستدعي المباشرة في إعداد خطة عمل تتضمن عمل تشخيص دقيق وجرد شامل للمهام والمسؤوليات في هذه المرحلة ، وتحديد مهام ومسؤوليات كافة الدوائر الفلسطينية .
ملامح خطة العمل والتحرك
أولاً / استعادة الوحدة الوطنية :
من الضرورة بمكان الاستفادة من المناخ الوطني العام الجيد الذي تبلور بعد الحرب على غزة , ونيل الاعتراف الدولي بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة , من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني , وتحقيق المصالحة الوطنية والمجتمعية والأهلية في الواقع الفلسطيني , لاستعادة الوحدة الجغرافية والسياسية , وبناء الشراكة الوطنية العميقة في الواقع السياسي والمجتمعي الفلسطيني , وهذه الخطوة تُمثل حجر الزاوية في بناء الصرح الوطني والسياسي الفلسطيني .
ثانياً / تشكيل حكومة فلسطينية واحدة :
تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ( حكومة دولة فلسطين ) , على أساس من الشراكة الوطنية والسياسية الشمولية , وبرنامج وطني واحد يستند إلى الثوابت الوطنية والمصالح العليا للشعب الفلسطيني , لهو الخطوة الجادة التي تعكس الإرادة السياسية العليا لكافة الأطراف , للخروج من مرحلة الانقسام المرير إلى مرحلة البناء الوطني الشامل والنضال السياسي في مرحلة تجسيد إقامة الدولة المستقلة على الأرض , وأن تكون هذه الحكومة عنصر أساسي من عناصر تكوين الدولة الأساسية , وغياب عنصر الحكومة التي تنطق باسم الدولة وتبرز شخصيتها , وتؤكد وحدانية نظامها السياسي , من شأنه أن يخلق معضلات تعيق عملية الانتقال بالدولة من دولة غير عضو إلى دولة عضو كامل العضوية .
ثالثاً/ ممارسة الانتخابات الديمقراطية :
ممارسة الانتخابات , وتداول السلطة السلمي بشكل دوري وديمقراطي , يعزز ثقة المجتمع الدولي ومؤسساته في شخصية الدولة الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني , فممارسة الديمقراطية وصيانة الحقوق والحريات العامة , والحفاظ على حقوق الإنسان , وتوفير حرية العمل السياسي , وتعميق ثقافة قبول الرأي والرأي الآخر , وإعمال الديمقراطية الشفافة , يحقق التنمية المستدامة في المجتمع الفلسطيني ويدعم بناء دولة القانون والمؤسسات , في ظل دستور يقر بالفصل الكامل بين السلطات , وبالمساواة بين الجميع أمام القانون والقضاء .
رابعاً / تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية :
تتطلب المرحلة الحالية , مباشرة العمل لاستنهاض منظمة التحرير الفلسطينية , وتفعيل دورها , وإبراز شخصيتها الوطنية والسياسية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده , وقائدة نضاله الوطني العادل , لاستكمال إنجاز المشروع الوطني , وتحويل الدولة من كيان معنوي إلى كيان سياسي وقانوني كامل ومستقل على أرض الواقع .
خامساً / على المستوى العربي :
المسؤوليات والاستحقاقات الوطنية والسياسية الماثلة أمام الشعب الفلسطيني تستوجب العمل على تعزيز العلاقات مع الجماهير العربية ، وإعادة بناء ومد جسور الثقة والتعاون مع الدول العربية كافة , فالدعم العربي أساس الدعم الدولي للشعب الفلسطيني ودولته المستقلة .
سادساً/ على المستوى الخارجي :
العمل على تعميق التحالفات الإقليمية والدولية , واستخدام كل وسائل الضغط الدولي المتاحة على إسرائيل وحكومتها , لاحترام إرادة وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع والقضية الفلسطينية , وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حق تقرير مصيره الذي دعمته ( 179 ) دولة من دول الأمم المتحدة .
وكذلك العمل بأسرع ما يمكن من أجل الانضمام إلى المعاهدات والمواثيق والبروتوكولات الدولية (31 بروتوكلاً وميثاقاً ) , والانضمام إلى اتفاقيات جنيف الرابعة , وتصبح فلسطين طرفاً فعالاً في هذه الاتفاقيات وعضواً في المنظمات الدولية كافة , والتي عددها (16) منظمة , والانضمام إلى نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية .
سابعاً / تدويل الصراع والحل
إذا ما استمرت الحكومة الإسرائيلية في رفض تجميد الاستيطان والإفراج عن الأسرى والعودة إلى طاولة المفاوضات ، هذه المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود بسبب تهرب ومماطلة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من الالتزامات المنصوص عليها في اتفاق أوسلو وخطة خارطة الطريق , وبعد فشل كافة الاتصالات الثنائية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي , وبعد انكشاف حقيقة الدور الأمريكي المنحاز لإسرائيل وفقدانه أهلية القيام بدور الراعي والوسيط النزيه لعملية السلام , لا بد من تدخل دولي قوي وضاغط ، لعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط , يعكس إرادة المجتمع الدولي ودور مؤسساته وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي , لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي , وإنصاف الشعب الفلسطيني , ورفع الظلم التاريخي الواقع عليه , وتمكينه من تجسيد إقامة دولته المستقلة على أرضه , هذه الدولة التي تُمثل إرادة الشرعية الدولية , ومدخل لجلب الأمن والسلم لمنطقة الشرق الأوسط الذي هو أساس الأمن والسلم الدوليين .
ثامناً : استمرار دور الدبلوماسية العامة النشط :
بذلت الدبلوماسية الفلسطينية في العام المنصرم ما بين دورتي الأمم المتحدة في عامي 2011م و2012م جهوداً متميزة ، شارك في إدارتها وقيادتها وتصويبها الرئيس ، والقيادة الفلسطينية ، ووزير الخارجية ، ووزارة الخارجية ، والسفارات الفلسطينية ، بدعم من جامعة الدول العربية ، والدول العربية والأصدقاء ، الذين عملوا كتفاً بكتف مع الدبلوماسية الفلسطينية لكسب أكبر تصويت دولي ممكن لصالح الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو بصفة مراقب في الأمم المتحدة .
هذا الجهد والعمل الضخم بحاجة إلى استكمال على أساس خطة مدروسة تشمل أدق التفاصيل وتحدد مراحل التحرك ، خاصة في كيفية انضمام دولة فلسطين إلى البروتوكلات والمنظمات الدولية كافة ، ويشارك في وضع وتنفيذ هذه الخطة كافة الجهات الوطنية ذات الصلة ، ويكون عنوانها وزارة خارجية دولة فلسطين ، التي تمثل عنوان الدبلوماسية الفلسطينية العامة ، والتي أثبتت أنها الجهة القادرة والمؤهلة لإدارة هذه المعركة الدبلوماسية وتحقيق أهدافها .
ومضة: نعم لمؤتمر سابع لفتح
بقلم: صبري صيدم عن وكالة وفا
نعم فتح بحاجة لمؤتمر سابع وعاجل يحاكي المرحلة الجديدة التي ولدت عقب نجاح التحول التاريخي الذي شهدته القضية الفلسطينية في أروقة الأمم المتحدة، هي بحاجة لهذا المؤتمر حتى تحدد استراتيجيتها المستقبلية وبرامج عملها ونواياها القادمة.
نعم فتح وبصراحة وبوضوح يقر بها كثيرون من أبناء الحركة بحاجة لمراجعة أوضاعها بعد متغيرات كثيرة عايشتها وتفاعلت معها أو تأثرت بها أو حتى غابت عنها خاصة في خضم المتغيرات الإقليمية وما صاحبها من تولي مدارس فكرية أخرى لزمام الحكم في دول عربية عدة.
نعم فتح بحاجة أيضاً لدراسة أدائها في حضنها الديمقراطي الأكبر فتراجع المسار الوطني الذي لم يفضي لمصالحة ناجزة حتى تاريخه وما واكب وأعقب العدوان الأخير على غزة ومخرجاته.
هي بحاجة أكثر من ذي قبل للنظر في شؤونها الداخلية ودراسة مخرجات عملها وما صاحب تفاعلها من عدمه مع محطات حساسة واكبت أداءها خلال الفترة الممتدة بين المؤتمر السادس واليوم ودراسة تحركها وجهدها في محطات مصيرية من عمرها كالانتخابات البلدية وما واكبها من تحديات ونتائج.
فتح اليوم وفي ظل العالم المفتوح الذي نعيش فيه لا تستطيع إغفال الحقائق أو حتى التغافل عنها أو تجنب مواجهتها أو تناسيها أملا في زوال مسبباتها أو على قاعدة اعتبار الوقت كفيل بنسيان تلك المسببات.
فتح بحاجة كذلك للإجابة اليوم عن أسئلة مهمة عن خطواتها المستقبلية في مفهوم مقاطعة المحتل والمقاومة الشعبية وحتى تحضيراتها الداخلية لأية انتخابات عامة دأبت على الإصرار عليها والحديث عنها التزاما باتفاقات المصالحة وبياناتها.
فتح تحدثت عن المجلس العام بعد إدراجه في نظامها المعدل وإقرار المجلس الثوري لهذا النظام وتحدثت عن المؤتمر العام في جلساتها الداخلية ومن خلال بعض التصريحات الصحفية وهي اليوم بحاجة لإقرار مبدأ العمل على التحضير للمؤتمر السابع وبأقرب فرصة ليس فقط ترتيبا وإنما انعقادا.
إن حركة فتح ليست فاعلا ثانويا في الساحة الفلسطينية، بل هي عصب رئيس وعمود فقري أساس في مسيرة التحرير، لذا فإن صناعتها للرؤية والحدث يبقى كما عهدناه شأنا داخليا يتطور ويصاغ في بيتها الداخلي وأطرها الديمقراطية المتوالية باحترام وإجلال لمسيرة الجميع من مؤسسين وكوادر ومناصرين.
من الانتصار إلى المنصة ومن المنصة إلى المجهول.!!
بقلم: أحمد يوسف عن وكالة سما
عاد القلق بشأن المصالحة الوطنية يساور الشارع الفلسطيني من جديد. نعم؛ هناك إشكالية تخص المكان المعتاد للقاءات وهو القاهرة، حيث إنشغالات مصر بوضعها الداخلي، وغياب الاستقرار السياسي وربما الأمني يجعل من مثل هذا اللقاء - هناك - عبئاً أمنياً على الإخوة في جهاز المخابرات العامة، حيث الجميع يعمل بكل طاقته للسهر على أمن البلاد ممن يتربصون بمصر الدوائر، ويعملون على تخريب وزعزعة الاستقرار فيها.
إن مصر - العزيزة علينا جميعاً – معذورة ولا يمكننا أن نُحمّلها – اليوم - ما هو فوق طاقتها، وهي تحتاج إلى بعض الوقت لترتيب أوضاعها الداخلية، واكتمال جهوزيتها للتعاطي مع اشكاليات الغير في هذه المرحلة العصيبة من تاريخها.
صحيحٌ أن مصر هي الوكيل الحصري الذي نطمئن جميعاً إلى صدقه وجديته في انجاز هذا ملف المصالحة وإنهاء الانقسام، ولكنَّ هذا لا يمنع - إذا كانت النوايا صادقة والإرادة السياسية حاضرة - من أن نعقد اجتماعاتنا في قطاع غزة مثلاً، والتسهيلات المصرية جاهزة لتوفير وصول كل من أن يرغب من فتح وحماس الخارج بالمشاركة في الحوارات؛ باعتبار أن القيادات المتواجدة أصلاً في غزة - من الطرفين - ربما لا تمتلك التفويض الكامل، وتحتاج لرفدها ببعض أساطين الفكر السياسي والحركي لتعزيز صلاحيات اتخاذ القرار ووضعه موضع التنفيذ.
لا شك أن جماهير الشعب الفلسطيني كانت تأمل سرعة التحرك باتجاه تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، خاصة بعد الانتصار العسكري في قطاع غزة والسياسي بالضفة الغربية، والذي عبرت عنهما تلك الاحتفاليات الحاشدة هنا وهناك، حيث شاهدنا وللمرة الأولي منذ الانقسام في يونيه 2007 عودة روح الود والتآخي بين الفلسطينيين، بشكل حرّك فينا الأمل وبعث التفاؤل بإمكانية جمع الشمل والتئام الصف من جديد، والعمل بطاقة وجهد مشترك للتصدي - من ناحية - للاحتلال ومخططاته المتسارعة لتهويد مقدساتنا الإسلامية والعربية واستيطان أراضي أهلنا في الضفة الغربية، والتحرك – بشكل جماعي - من أجل حرية وكرامة أسرانا البواسل في سجون الاحتلال ومعتقلاته.
للأسف؛ إن ما يظهر في المشهد العام أن كلاً من طرفي الأزمة – فتح وحماس - يحاول التأكيد أمام أتباعه ومناصريه على روعة انتصاره من خلال "المنصّة"، باعتبارها الوسط الذي ينقل للعالم صورة الحشد المليوني، الذي يمكن محاجاة الآخرين به في سياق التغني والتباهي ومنازلات "الاعجاب بالكثرة" والشعارات التي تغطي سماء الوطن.
بعد صناعة مشهد المنصّة، بكل ما فيه من تألق ونشوة، تأتي صحوة الحقيقة المؤلمة وهي أننا نمضي بشعبنا نحو الغياب والحاضر المجهول.
لقد لفت نظري هذا الجدل القائم بين فتح وحماس حول "ساحة الكتيبة الخضراء"، حيث رفضت وزارة الداخلية – لاعتبارات أمنية لا جدال فيها - السماح لحركة فتح بإجراء احتفالية انطلاقتها الـ48 من تلك الساحة، وعرضت عليها أكثر من بديل آخر للقيام بفعاليات تلك الانطلاقة؛ كملعب اليرموك بغزة أو ملعب خانيونس أو في منطقة نتساريم بالقرب من جامعة فلسطين، حيث الروابي المفتوحة والفضاء الواسع إلا أن قيادة حركة فتح ما تزال على إصرارها؛ ساحة الكتيبة يا بلاش.!!
من خلال حواراتي مع بعض إخواني وأصدقائي في حركتي فتح وحماس حول هذه القضية أجدني متفهماً لمنطق وحجج كل طرفٍ منهم، وقد سبق لي التعرض لهذه المسألة في مقال سابق بعنوان "فتح والوطن بانتظار الفرحة الكبرى"، حيث تمنيت على الطرفين البحث عن صيغة توافقية لا تحرم فتح من انطلاقتها، ولا تجعلنا نعود من جديد إلى مربع المناكفات السياسية والأمنية. وأجدني اليوم بعد تكرار الحديث مع قيادات وازنة في الطرفين لطرح مبادرتي المتواضعة، وهي السماح لحركة فتح – كما تمَّ مع حركة حماس في الضفة الغربية - من القيام بعدة فعاليات؛ واحدة سياسية مركزية بملعب اليرموك، وأخرى ترفيهية - لفرقة العاشقين - بملعب خانيونس، وبالتالي تكون الحركة أرضت جمهورها في شمال القطاع وجنوبه، وفاتحة خير يمكن البناء عليها في علاقاتنا الوطنية خلال المرحلة القادمة.
لا شك أن ساحة الكتيبة تعطي مجالاً واسعاً لخداع النظر، وتسمح لمن شاء استخدام الأرقام الفلكية لحجم الزحوف، لكن الواقع والحقيقة التي يعرفها العاملون في دائرة المساحة بالبلديات ووزارات الحكم المحلي هو أن ساحة الكتيبة لا تتجاوز الـ(40) دونماً، وهذا يعني جماهيرياً أن الحشد المدعوم تنظيمياً لكبرى فصائل العمل الوطني والإسلامي لن يتجاوز بأية حال - وعلى أبعد تقدير - المئة ألف.. ويمكننا الرد على كل من يريد المماحكة والجدل بارتفاع منسوب الأرقام والحديث عن مليونيات، بالقول: إذا كانت احتفالية أطفال "طيور الجنة" العفوية قد ملأت ساحة الكتيبة، فهل يعقل الادعاء بأن حفل هذه الفرقة الفنية تجاوز الخمسين ألفاً.!!
إنني مطمئن بأن انطلاقة حركة فتح ستملأ أية ساحات تُعطى لها، وسيمنحها مشهد الحضور ما يسمح لها أن تفخر بأنها ما تزال "أم الجماهير"، والشدو بأريحية على أنغام "غلّابه يا فتح.. غلاّبه".
إن الجميع يتطلع لاحتفالية الانطلاقة الـ48 كتعبير عن نهاية مرحلة القطيعة والأحزان وعودة السلام والوئام لحياتنا المجتمعية، وأنها الفرصة لوصل ما انقطع - سياسياً - بيننا منذ يونيه 2007.
إن الانطلاقة – بلا شك - هي أشبه بليلة الزفاف للعروسين، لكن السعادة الحقيقية التي يرومها أهل الولاية ليست هي الفرحة العابرة، بل هي استقرار الزواج بما فيه من مودة ورحمة وسكن للطرفين.. وإذا كان هذا الديكور (الانطلاقة) له أهمية خاصة للإخوة في حركة فتح وهذا حقٌ لهم، فإن الأهم هو ما سيأتي بعده، وما سوف يعقبه من تعاملات بيننا في قادم الأيام، وطبيعة التحركات التي ستنظم علاقاتنا الوطنية والنضالية، وهذا ما يتوجب أن يتفهمه إخواننا في قيادة حركة فتح.
أنا هنا أناشد إخواني في قيادة حركة فتح والأخ الرئيس أبو مازن أن لا يتوقفوا طويلاً أمام المكان الممنوح لهم، وأن ينظروا بعيداً لرؤية الفضاء الذي نتطلع لفتح أفقه واستشرافه معاً.. دعونا نتفهم مخاوف وحسابات بعضنا البعض، واعتبار أن هناك من لديه أمنيات وهواجس أو "تقدير موقف" على غير ما لدى الطرف الآخر، فالذي أعرفه أن الإخوة في حركة حماس حريصون على استثمار الأجواء الايجابية التي أعقبت الحرب على غزة، من حيث عودة حركة حماس لممارسة نشاطها – ولو جزئياً وبحذر- في الضفة الغربية، وهم يريدون - بدورهم – التمكين لإخوانهم في حركة فتح أن يفرحوا بيومهم المشهود، ولكن دون – وهنا موطن الحذر والخشية - أن يقع ما لا تُحمد عقباه، فالمندسون بين الحشود كُثر، وقد يفعلها أحدهم ليعيدنا إلى مربع الدم والتوتر بعد أن حمدنا الله بتخطيه.
إن ساحة حركة فتح التنظيمية في قطاع غزة ليست على قلب رجل واحد، وهناك في هذا الفريق أو ذاك من يتربص بالآخر ويمكر له، وهذا ما يعاظم الخوف من أن تفلت الأمور من عقالها، وتذهب بعيداً وخارج كل الحسابات السياسية والأمنية.
اكرر تمنياتي السابقة بأن لا نتوقف كثيراً حول المكان، وأن نعمل سوية من أجل انطلاقة ناجحة يمكن البناء عليها لتأمين حصوننا من الداخل، وقطع الطريق على كل من يحاول إبقاء الجرح مفتوحاً للالتهاب والتعفن.
أتمنى على أصحاب الحكمة والعقل (سُراة القوم) أن يسعفونا برأي يباعد بيننا وبين "حميّة الجاهلية"، حتى لا نفجأ بأن نهاية الضوء نفق.!!
وأختم بالمثل الفلسطيني القائل: "عُقّال بلا جُهّال راحت حقوقها، وجُهّال بلا عُقّال راحوا قطايع".
وتهانينا لإخواننا اتباع السيد المسيح - عليه السلام - بأعيادهم المجيدة، وكل عام وأنتم والوطن بخير.
التائهون في السياسة مخنثون
بقلم: محمد ناصر نصار عن وكالة pnn
في بلادي السياسة فناً أو جزءاً من السيرك ، يصبح العبد حراً أو يمسي الحر وغد ، قد نمضي للحرب يوما ً ويوماً نطرب مع الحب ، التائهون في السياسة كمن يولد مخنثاً لا إسما نالوا ولا لقباً طالوا وهنا في بلادي تتغير الظروف والأنفس ، كل يمازج نفسه مع البيئة ويحاشي ذوي النفوذ وأرباب المال من أرضي وخارجها فقد يغدو يكرهون وفجأة يصبحوا يحبون فلا هم بعقولهم فكروا ولا بضمائرهم حكموا بل بعواطفهم يجزمون ، في بلادي قد تجد نفاقا معلوم رغم شدة حزمنا في المحن والخطوب ، والسجالات معنا تطول غير أن بأسنا مع أنفسنا لا يهون ، وقد نهادن عدواً دلوداً لكن على أنفسنا لا نهون ، لا نصالح لا نسامح فقد كنا عنده في السجون .
فلا يخلوا لنا خطابا ً أو مهرجاناً لا تذكر فيه المصالحة والوحدة الوطنية ، وتجد كل الشعب ينادي بها وكل الأحزاب تدعي أنها من أولوياتها ، لكن على أرض الواقع نجد أن حركة حماس والسلطة الوطنية لا يتنازلان ولا يتراجعان عن الفرقة بين شطري الوطن ، رغم ما هناك على الأرض من تنسيق بينهم على مستوى الوزارات وحتى على الصعيد الأمني والصعيد السياسي ، إلا أنهم يدعيان عقم أي حل لوأد أي طرح للمصالحة ، فلتفترقوا كما شئتم لكن لا تقسموا شعبنا أكثر من هذه السنوات التي مضت فليكن هذا العام الجديد عام الوحدة ولا نقبل أقل من ذلك ، فلا نحتاج للوسطاء والأمراء لنصلح حالنا بل نحتاج للصدق والإرادة وروح التسامح والتنازل كل منا للأخر لنعفو ونصلح وننظر لأمام نحو درب الحرية والنصر.
الطريق نحو المصالحة والوحدة لا تتطلب الكثير منكم سوى ان تكونوا جادين في قراراتكم السياسية والحزبية ، فنحن نحترم من يقول لا بشكل مباشر دون ان يعلق المواطنين آمالاً على الوحدة فليعلن من لا يريد الوحدة ولمصالحة ويطرح بديله الحزبي ليثبت انه قد ينجح بدون الآخرين وهذا لا لن يكون فوحدة هذا الشعب متأصلة فيه رغم ما يطرأ عليه من شوائب وخبث سرعان ما تزول حين يرجع الناس لعقولهم وصوابهم ، وحين يتقبل كل منا الآخر بفكره ورأيه ونحتوي شبابنا ونحرص على مستقبل أطفالنا ، فلا حرية لشعبنا بلا وحدة وطنية ، ولتكونوا يا سادة ويا قادة جادين مع أنفسكم إتخذوا قراركم وسيحكم الشعب من هو حريص عليه وقد يخسر الطرفان أيضاً إن إستمروا في إنقسامهم في بيئة متغيرة متغلبة وأوضاع إقليمية تتبدل وتتغير ، فالوقت قد حان لإنهاء خلافاتكم والعودة إلى الأصل والقاعدة العودة إلى الشعب وثوابته لتبقوا على قاعدة صلبة وقوية لتوجه دربكم نحو التحرير والمقدسات وحرية الأرض والإنسان .


رد مع اقتباس