الإسلام: سنة أخرى من التطرف
بقلم: رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
سياسيون، رجال استخبارات ومؤرخون لم يتمكنوا من توقع الاحداث المركزية التي ألمت بالعالم في السنوات الاخيرة وبشكل عام ووقفوا مرتبكين في ضوء المفاجآت التي استدعاها وزير التاريخ. مقدرون حذرون يستشرفون المستقبل بقوا يحملون اسئلة وسيناريوهات في جعبهم في محاولة لتشخيص الميول واللاعبين الاساسيين في توقع المستقبل. يُخيل أن اللاعبين الإسلاميين في الشرق الاوسط بالذات أوضح من غيرهم وذلك لأن أجندتهم تعكس التزاما معلنا وصريحا لمحاكاة الارث الذي خلفه لهم محمد في القرن السابع.
يمكن اذا التقدير بأن حركات الارهاب الإسلامية المتطرفة من بيت الاخوان المسلمين (مثل داعش، القاعدة، حماس، الجهاد العالمي وجبهة النصرة) ستتوجه في العام 2015 القادم إلى إكمال السيطرة على العراق، سوريا ودول في افريقيا كي تقيم قواعد انطلاق لهجوم الخلافة الإسلامية على اوروبا وعلى الغرب الذي يقضم أظفاره حرجا. يمكن التقدير بأنه حيال الجهود الشيعية الموحدة برئاسة إيران والموجهة للتعاظم في الشرق الاوسط، وفي ضوء العجز الغربي، ستواصل حركات الارهاب الإسلامية في السنة القادمة اعمالها الانشقاقية ضد الدول «الكافرة» («العدو القريب»). ولاحقا ستنقل هذه الحركات أساس نشاطها إلى اوروبا «الكافرة»، وعلى رأسها الكنيسة المسيحية في روما («العدو البعيد«.)
ستستغل حركات الارهاب الإسلامية جيوب المهاجرين الإسلاميين في اوروبا، والى جانبها موجات المهاجرين الجدد من افريقيا ومقاتلي الجهاد الاجراميين ممن سيعودون من ميادين القتل في سوريا والعراق للتصعيد وللمواجهة العلنية ضد الغرب. وسيحرك هذا الوضع المتفجر اليمين الاوروبي ضد المسلمين نحو مواجهة محتمة. في هذه الاثناء، في الساحة البيتية ستواصل الدول العربية «المعتدلة» والملكية (ذات المبنى التقليدي القبلي والشرعية الدينية الهشة) الكفاح في سبيل بقائها في ظل التعلق المادي والأمني بالغرب المخادع، الذي انسحب من افغانستان ويفقد الاهتمام بمعاقله وبالنفط الاقليمي. هذه الدول، وبينها الاردن، التي هي عرضة للتهديد الإسلامي من الداخل، للانفجارات السكانية، للغرق بالمهاجرين وللتهديد الشيعي من الخارج، ستستخدم التهديد الإيراني لتوحيد الصفوف وتعميق «المصالحة» مع قطر.
معقول أن توجد هذه الدول في السنة القريبة القادمة في وضع خطر متزايد ولغرض ردع إيران «المتحولة نوويا» ستستعين سرا ايضا بالقدرات الكامنة الردعية الاسرائيلية. ولما كان هكذا يحتمل أن تُسرع السلام الفلسطيني الاسرائيلي ولكنها ستتطلع إلى النووي الخاص بها.
في الدائرة الأوسع العالم يغلي: الصين تسحق الراديكالية الإسلامية، التوتر السائد بين الهند والباكستان لا يبشر بالخير لمنطقتنا، الروس والإيرانيون يضعفون كنتيجة للعقوبات الغربية، الامر الذي يضعف روسيا والمحور الإيراني الذي يضم العراق، نظام الاسد في سوريا وحزب الله. والنتيجة – ميناء المياه الساخنة الروسي في سوريا في خطر.
تركيا، حلقة هامة في المنظومة الغربية المناهضة لإيران، تفقد العطف الغربي بسبب دعمها للارهاب الإسلامي (حماس وداعش) وانضمام مهاجرين اتراك إلى التهديد الإسلامي على اوروبا من الداخل. مكانتها في الناتو تضعف وأحلام الامبريالية لاردوغان في الشرق الاوسط تنطفيء. وفي السنة القادمة سيتضح أن المسألة الفلسطينية ليست حتى في هامش مشاكل المنطقة وهم سيحاولون «احراق النادي» والبروز. لقد قال الحكماء إنه منذ خراب الهيكل أُعطيت النبوءة للاغبياء. ننتظر لنرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
أشباح في الامم المتحدة
عباس لا يمثل كل الفلسطينيين ولا يريد توقيع اتفاق ومكانته في يهودا والسامرة متهالكة
بقلم: موشيه آرنس،عن هآرتس
المرة تلو الاخرى تحاول دول في غربي اوروبا أن تقرر الاعتراف بـ «الدولة الفلسطينية» غير الموجودة بل وأن تقرر حدودها. وبالتوازي، ينشغل محمود عباس بالمناورات الرامية إلى أن يحقق لهذه الدولة الافتراضية مقعدا في بعض من منظمات الامم المتحدة ودفع مجلس الأمن إلى أن يحدد موعدا هدفا لاقامتها وكذا نتائج المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل.
ليس لهذه الجهود سابقة في التاريخ السياسي أو في تاريخ الامم المتحدة. وهي تُذكر بالدعوة الوقحة التي أطلقها ديغول «تحيا كويباك الحرة» في الزيارة التي أجراها في مونتريال في تموز 1967، والتي لم تغير في شيء مكانة محافظة كويباك. ليس هكذا تقام الدول، ولا شك أن هذا واضح للسياسيين ولاعضاء البرلمان الذين ينشغلون في هذه المناورات. واذا كان كذلك، فلماذا يفعلون هذا؟.
ينبغي الافتراض بأن السبب هو أنهم يؤمنون بصدق بحق تقرير المصير، ويودون أن يدسوا بالقوة دولة فلسطينية في حلق اسرائيل. فقد سحرهم الشعار الجاذب: «دولتان للشعبين». وحقيقة، كيف يمكن للمرء أن يعارض مثل هذا الشعار؟ ليس الاوروبيون والامريكيون وحدهم وقعوا في حبه، بل والكثير من الاسرائيليين ايضا. غير أنه توجد هنا مشكلة واحدة يصعب عليهم تجاهلها ألا وهي أنه يوجد للفلسطينيين منذ الآن دولة خاصة بهم – الاردن، الذي 70 بالمئة من سكانه هم فلسطينيون.
اذا لم يكن الاردن تعبيرا عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فماذا هو؟ في احداث «ايلول الاسود» في 1970، حاول زعيم م.ت.ف ياسر عرفات السيطرة عليه، بدعوى أن الحديث يدور عن ارض فلسطينية عمليا. فلماذا بالتالي ليس مستعدا الاردن لأن يمثل الفلسطينيين ولا يطالب بأن يضم اليه يهودا والسامرة وقطاع غزة؟.
المؤيدون لاقامة دولة فلسطينية واولئك الداعون إلى «دولتين للشعبين» يعرفون تماما الجواب على هذا السؤال. فالاردن لا يريد المزيد من الفلسطينيين في اراضيه، واذا كان كذلك، فان المطلب الحقيقي هنا هو اقامة دولة فلسطينية اخرى. هم يريدون أن تتخلى اسرائيل عن سيطرتها في يهودا والسامرة وتضع حدا لما يسمونه «الاحتلال» لهذه المناطق. هذا هو الهدف الحقيقي لكل المناورات الدبلوماسية الاخيرة: يريدون اقامة دولة فلسطينية ثانية بكل الوسائل، الشرعية والمرفوضة.
رد اليسار الاسرائيلي على ذلك هو: ولم لا؟ تعالوا نتحرر من عبء «الاحتلال» ومن يهمه آثار هذه الخطوة. وبالفعل، بعد خروج الجيش الاسرائيلي، من شأن المنطقة أن تستولي عليها حماس أو داعش، ومن شأن وضع السكان الفلسطينيين أن يتفاقم بلا قياس، ومن شأن المراكز السكانية الاسرائيلية أن تعاني من نار الصواريخ، ومن شأن استقرار الاردن أن يهتز، ولكن من يهتم؟ اغلب الظن، هذه النتائج أفضل في نظرهم من الوضع الراهن الحالي.
مشكلة اخرى يتجاهلونها هي أنه لا يوجد اليوم سبيل للانتقال من النقطة أ إلى النقطة ب – أي من الوضع الحالي إلى الاتفاق على اقامة دولة فلسطينية ثانية. عباس لا يمثل كل الفلسطينيين. مكانته في يهودا والسامرة متهالكة، وهو متعلق بتواجد الجيش الاسرائيلي. لا يريد أن يوقع على اتفاق مع اسرائيل كما أنه لا يمكنه أن يطبق مثل هذا الاتفاق اذا ما وقع عليه، وهو على علم بذلك. ولهذا فهو يفضل أن يكون شبحا في الامم المتحدة.
إن اولئك الذين يطلقون النداء العليل «دولتين للشعبين» منقطعون تماما عن الواقع. يحتمل أنهم لا يرون ذلك، ولكن معقول أكثر الافتراض بأنهم لا يريدون أن يروا ذلك. الكثيرون منهم مُعادون لدولة اسرائيل، مهما كانت حدودها. وهم لا يحبون حقيقة أن اسرائيل أصبحت دولة قوية قادرة على الدفاع عن نفسها ضد العدوان والارهاب. في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط فقدوا بوصلتهم الاخلاقية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
حصاد سنة في السياسة
الانتخابات القادمة لن تحسم من سيكون رئيس الوزراء بل في أيدي أي من الاحزاب سيكون أسيرا
بقلم باروخ ليشم،عن يديعوت
مع مرور يوبيل من السنين على قصاص الأثر الاعمى، ها هو تذكير لبرنامجهم الفكاهي في انتخابات 1984. شايكا ليفي يجلس أمام كومة من الصحف وهو يضحك ويبكي على نحو متبادل. «وهذه فقط صحف نهاية الاسبوع»، يقول بآهة. هذه هي صورة وضع سياسيينا، قبيل الانتخابات التالية، حسب صحف نهاية السنة.
نتنياهو. «كوكاكولا» تصدرت على مدى السنين المبيعات فتفوقت على «بيبسي كولا»، ولم تأبه بها على الاطلاق. ذات يوم، عندما بدأت «بيبسي كولا» تشبه خصمها، شرعت «كوكاكولا» بحملة ضدها. سارعت «بيبسي» إلى نشر اعلان كبير في الصحف تحت عنوان «الجبار تراجع»، بمعنى أنه خائف. هذا ما يحصل اليوم لنتنياهو عندما يساويه العمل في الاستطلاعات. يتراجع خوفا ويهاجم اليسار. وهو لم يعد نتنياهو المنتصر في انتخابات 2013 بل نتنياهو الخابي في انتخابات 1999.
بينيت. ظاهرا، يدور الحديث عن قصة نجاح ثابت في أعقاب صعوده في الاستطلاعات. ودعاية «أنا لا أعتذر» التي أطلقها تدل على أنه كسر يمينا ويؤيد فكرة شعب وحده يسكن. هذه رسالة ممتازة من أجل تجنيد اصوات اليمين المتطرف وملاحقة الليكود وقضمه. تجاه الوسط السياسي، الذي بدونه لا يمكن أن يكون رئيس وزراء في اسرائيل، هذه فكرة سيئة. بينيت لم يعد يمكنه أن يكون أخا لبيد، بل فقط الأخ الاكبر لنتنياهو.
هرتسوغ. رغم التحسن في وضع حزبه وفي صورته الشخصية، لا يزال لا يندفع إلى الامام. مع 23 – 24 مقعدا يحصل عليها في الاستطلاعات يمكن لهرتسوغ في افضل الاحوال أن يشكل حكومة أول بين متساوين كُثر. يحتمل أن من هذه الضائقة سيولد شعاره المظفر في الانتخابات: بوجي ليس زعيما، ولكنه صاحبك الذي سينجح في ادارة ائتلاف من المتناقضات. ليس كثيرا، ولكن هذا يضعه في موقف تفوق مقارنة بنتنياهو الذي فشل في هذه المهام.
لبيد. هو يعرف جيدا الشعار المعروف للشامبو ضد القشرة: لا فرصة ثانية لك لأن تعطي انطباعا أولا. رئيس «يوجد مستقبل» يفهم بأن هالته ستصل، اذا ما وصلت، في مستقبل أبعد. وكي يحصل هذا يتعين عليه أن يثبت بأن السياسي الجديد السيء قادر على أن يكون سياسيا قديما جيدا، وأن يختار بشكل افضل اخوته للطريق.
ليبرمان. كيف حصل أن سياسيا شعاره هو «ليبرمان أنا أصدقه» يختار دوما لقائمته الاشخاص الذين لا يمكن تصديقهم؟ فالتحقيق في الفساد بين رجاله يلقي بظلال حقيقية على مدى الاستقامة في حزبه. ينقصه فقط أن تتبين وعوده الآن للناخبين، في أنه مع المسيرة السياسية، كأحبولة انتخابية. لن يصدقه أحد بعد اليوم.
درعي. في الاعلان الاول الذي أخرجه أوري زوهر لشاس في 1984 قيل «جئنا إلى هنا، من كل المنافي، كي نعيش بطهارة وقداسة… المشكلة الحقيقية هي الوضع المتدهور للشبيبة في البلاد… عندما تكونون في صندوق الاقتراع لا تنسوا أن تميزوا بين القداسة والرمل». درعي، مجرم مُدان يدير حرب تشهير مع ايلي يشاي، هو المقدس. الشبيبة المتدهورة هي التي قاتلت في حملة «الجرف الصامد». عندما تذهبون إلى صندوق الاقتراع لا تنسوا التمييز بين المقدس والرمال.
كحلون. قطع الطريق المعاكس من لبيد وتحول من سياسي قديم إلى جديد. وفي هذه الاثناء هذا لا يقول كثيرا عن كحلون بل يقول أكثر عن الجمهور، فهو يعتمد جدا على سيارته القديمة لدرجة أنه سيسره أن يستخدم اطارات مجددة فيها.
حسب الاستطلاعات، يمكن لشايكا ليفي أن يضحك وأن يبكي في اعلانات انتخابات 2015 ايضا. فهي لن تحسم من سيكون رئيس الوزراء بل في أيدي أي من الاحزاب سيكون هو أسيرا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بيبي رئيس المعارضة
تولى نتنياهو رئاسة الوزراء لثلاث ولايات ويخوض حملة اتخابية سلبية مفادها أن منافسيه أسوأ منه
بقلم: عوزي برعام،عن هآرتس
مرة اخرى يجلس في ستوديوهات التلفزيون ناطقون معروفون بلسان اليمين. ومرة اخرى يُعدلون ربطات أعناقهم، ينظرون إلى الكاميرا بعيون مفتوحة، وبلا أي ابتسامة يعدون بالحفاظ على القدس في مواجهة اليسار، يُقسمون بأن «القدس قدسنا إلى الأبد»، يطلقون ملاحظة ما عن العدو الخالد أبو مازن، وينصرفون من الاستوديو.
ويقود هذه الحملة الهزيلة والمنقطعة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. فنتنياهو يختص في خلق مراكز جدال في الحملات الانتخابية، حسب التخطيط الاستراتيجي، لدرجة أن القول السخيف عن المجنزرات التي سنضطر إلى الوصول فيها إلى المبكى تبدو كالتقرير عن المستشار الامريكي، الذي يفحص عمق المشاعر، ولكنه يتجاهل جملة المشاكل الحقيقية التي يقف أمامها رئيس الوزراء.
لقد تنافس نتنياهو في عدة حملات انتخابية، في بعضها انتصر وفي بعضها هُزم، ولكن بالاجمال، حسب عدد الايام التي تولى فيها المنصب، يمكن الادعاء بأن هدفه تحقق في معظم الحالات. وعلى الرغم من ذلك فانه لا يزال يتوجه إلى الجمهور ليس كرئيس الوزراء، بل كرئيس المعارضة، الذي يسعى إلى تغيير الحكم. وبطبيعة الحال، فان رئيس الوزراء وشركاءه في الحكم يفترض أن يعرضوا في الحملة سلسلة من الانجازات، بينما رؤساء المعارضة يفترض أن يعرضوا البديل. كل ذلك، ضمن امور اخرى، من خلال حملة سلمية ضد الحكومة التي يسعون إلى تغييرها.
ولكن رئيس الوزراء الحالي «أخذ» منهم هذا السلاح. وهو يُجري بلا خجل حملة سلبية ضد كل خصومه، هدفها واحد – عرضهم كاسوأ منه. فنتنياهو يطلب من الجمهور في هذه المعركة الانتخابية الثقة المتجددة. ويُخيل أن روح أجزاء واسعة من الجمهور قد ملّته ولهذا فهو يركز على الادعاء بأن هناك اسوأ منه. احيانا يلقي في حديثه بجملة ما عن ثورة في المواصلات، أو عن خطط الخصخصة، ولكن كل قول ايجابي يخطيء الخط الحقيقي لحملته – في أن يعرض باقي المرشحين، بأحزابهم كاسوأ.
يمكن أن نفهم ضائقة نتنياهو حين يطلب من الجمهور الثقة المتجددة. ففي الجرف الصامد أظهر ضبطا مثيرا للانطباع للنفس. ولكنه كشف ما سعى اليمين دوما إلى اخفائه – قيود القوة. في الساحة الدولية تتلقى اسرائيل ضربات في جبهتين: في الساحة الرسمية معارضة متزايدة من دول في اوروبا وفي العالم للسياسة الاسرائيلية في المناطق، وفي الساحة غير الرسمية – ولا سيما في العالم الاكاديمي – تعاظم الجهود لفرض مقاطعة شاملة على اسرائيل. وحتى وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، تذكر في الدقيقة الـ 91 أن يوضح بأن سياسة حكومته الخارجية كانت فاشلة وهو الآن يراهن على مبادرة تتضمن الجامعة العربية والفلسطينيين.
في الساحة الاجتماعية – الاقتصادية الوضع تدهور فقط منذ الاحتجاج الاجتماعي. فالفوارق آخذة في الاتساع، والطبقة الوسطى تتآكل، والشباب الذين يكبرون هنا، يعملون ويتعلمون، يوجد لهم أمل صغير في أن يتمتعوا بالتقاعد في المستقبل وبمأوى في الحاضر.
حملة نتنياهو واعية لهذه الاخفاقات، ولهذا فهي تحاول وصف الوضع بتعابير سلبية. «اوروبا لاسامية» – وحُلت المشكلة السياسية؛ «لبيد كان وزير المالية الأكثر فشلا» – ووجد السبب للازمة الاقتصادية – الاجتماعية. صحيح أن جزء من المخاطر التي يصفها نتنياهو هي مخاطر حقيقية. مثلا، تعاظم قوة الإسلام المتطرف. ولكن سياسة أُقعد ولا تفعل شيئا، من جهة، وسياسة الضم والاستيطان، من جهة اخرى، ستزيد فقط شدة المخاطر. يكاد لا يكون هناك سابقة في العالم لرئيس وزراء يتولى مهام منصبه لسنوات عديدة ولا يتنافس في حملة الانتخابات على انجازاته. وخسارة أن تكون هذه السابقة تحصل بالذات عندنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
على ميرتس أن يتنافس في الانتخابات لوحده
توافق ميرتس مع العمل ولبيد لن يزيد الفرص لإقامة حكومة تحدد اتجاها جديداً
بقلم: حاييم جومز أورون،عن ، هآرتس
أوري افنيري رجل كثير الحقوق في معسكر السلام الاسرائيلي. فقبل أن يعرف المعسكر بأنه كذلك كان افنيري هناك ليحدد خطا قيميا وضميريا كفيلا بأن يؤدي بالصهيونية إلى شاطيء الأمان حيث دولة قومية يهودية تسكن إلى جانب دولة قومية فلسطينية وتعيش بسلام مع المجال العربي.
أما الآن فهو يسعى إلى أن يشير لميرتس ومؤيديه، انطلاقا من الاحترام الشديد والحذر، مشورة تدعي أنها براغماتية. ففي مقاله الاسبوع الماضي يدعي بأن على ميرتس أن يرتبط بالقائمة المشتركة للعمل والحركة، إلى جانب يوجد مستقبل ولاحقا مع «كلنا» لموشيه كحلون.
يعتقد افنيري بأن مثل هذه القائمة كفيلة بأن تعيد معسكر الوسط – اليسار إلى الحكم. أما أنا فأختلف معه، سواء على المستوى السياسي البراغماتي للغاية، وبالاساس على المستوى القيمي – الديمقراطي. فاقتراحه ليس فقط سيضر معسكر الوسط – اليسار بل وسيمس ايضا بفرص اعادة اسرائيل إلى مسار السلام والعدالة الاجتماعية.
لنبدأ بالمستوى البراغماتي: الهدف هو بلورة ائتلاف يضم في عضويته 61 نائبا أو أكثر، من اجل اقامة حكومة جديدة بدون الليكود وبدون البيت اليهودي.
مثل هذا الائتلاف سيضم شركاء يكونوا مستعدين للعمل معا من اجل ابعاد اسرائيل عن التطرف اليميني والعنصرية واجراء تغيير في سلم الاولويات الاجتماعي والسياسي.
كي يقام مثل هذا الائتلاف ينبغي استنفاد كل صوت، والعرض على الناخب لسلسلة من البرامج التي يمكنه أن يصوت لها. ليس مؤكدا على الاطلاق بأن قائمة مشتركة، من ميرتس حتى لبيد وكحلون تحقق هذا الهدف، العكس هو الصحيح. هناك ناخبون كثيرون كفيلون بأن يصوتوا لتسيبي لفني، يئير لبيد أو لموشيه كحلون، ولكنهم لا يريدون أن يروا في القائمة نواب ميرتس، ذوي المواقف الواضحة في مواضيع السلام. هم مستعدون لأن يرتبطوا بهم في ائتلاف، ولكنهم لن يصوتوا لهم. ومن الجهة الاخرى هناك ناخبون يريدون أن يضمنوا لصوتهم أن يُسمع في الكنيست بشكل حاد وواضح في صالح سياسة اقتصادية عادلة، في صالح المساواة بين الجنسين، بين القوميتين وبين القطاعات الاخرى في المجتمع، ولا يثقون بلفني، لبيد أو كحلون بأن يُسمعوا هذا الصوت، ولهذا فانهم سيصوتون لميرتس.
في الغالب الوحدة لا تثبت نفسها. يكفي النظر إلى الوحدة بين الليكود واسرائيل بيتنا في الانتخابات الاخيرة كي نفهم بأن الكامل احيانا يكون اصغر من مجموع أجزائه. فضلا عن ذلك، ففي التسعينيات وبداية سنوات الالفين ثبت أن بالذات عندما جمع حزب العمل اصوات أكثر في الوسط، نجح ميرتس في أن يجمع اصوات أكثر في اليسار. وكلاهما صعدا معا وهبطا معا.
افنيري يكرر انتقادا معروفا على ميرتس وكأنه حزب «ميله الطبيعي هو الحفاظ على طهارته»، بمعنى الجلوس في موقف الناظر وعدم توسيخ يديه. أما الواقع فمختلف. ميرتس جلس في حكومة اسحق رابين ودعمه أتاح تمرير اتفاقات اوسلو، وحقق تغييرا في الموقف من عرب اسرائيل وأدى دورا مركزيا في الجهود لتقليص حجوم عدم المساواة.
لقد جلس ميرتس ي حكومة اهود باراك وهناك ساعد في دفع الخروج من لبنان إلى الأمام وحقق التقدم الكبير في الاتصالات نحو الاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني والاسرائيلي السوري، وهذه فرص فوتت في نهاية المطاف. وكان وزراؤه من افضل الوزراء في هذه الحكومات، وجلس مع شاس والمفدال. ومن المعارضة تعاون مع حكومة اريئيل شارون كي تتمكن من تنفيذ فك الارتباط.
عندما قرر ميرتس ألا ينضم إلى أي حكومة لم يكن هذا أبدا لاعتبارات الطهارة أو لاعتبارات الراحة الائتلافية. في كل كنيست اسرائيلية في العقود الاخيرة لم يكن منافسا لنواب ميرتس في الاستعداد «لتوسيخ» الأيادي في المستنقع السياسي من اجل السلام والتغيير الاقتصادي – الاجتماعي. ويوجد لميرتس معيار واحد للدخول إلى الحكومة – احتمال حقيقي للتغيير. لا يوجد احتمال كهذا في حكومة برئاسة نتنياهو، ولهذا فان ميرتس هو الوحيد المستعد لأن يعلن منذ اليوم بأنه لن يجلس في مثل هذه الحكومة، ليس لأنه متحمس لأن يكون في المعارضة بل لأنه غير متحمس لأن يضلل مواطني اسرائيل.
يوجد حد لقدرة خلط الهويات الايديولوجية للاحزاب، دون أن تتحول إلى أداة فارغة، مجموعة من المرشحين التي ليس خلفهم سوى اسم وصورة الرئيس. في نظري، شعار الانتخابات القادمة لا يمكنه أن ينحصر بـ «فقط إلا بيبي»، هذا يجب أن يكون نتيجة الانتخابات.
على كتلة الوسط ـ اليسار أن تعرض بديلا لمواطني اسرائيل. وميرتس هو جهة هامة في هذه الكتلة وله دور هام كرمز لليسار. أما وحدة ميرتس مع العمل، الحركة ولبيد فلن تزيد الفرص لاقامة حكومة تحدد اتجاها جديدا لاسرائيل؛ والسير المنفصل لميرتس والاحزاب الاخرى سيفعل ذلك. علينا أن نضرب اليمين برأسين متوازيين.


رد مع اقتباس