العيش مع الفلسطينيين
بقلم:عاموس عوز،عن هآرتس
المضمونيدعو الكاتب إلى إقامة تبني خيار مشروع الدولتان، الفلسطينية والاسرائيلية، وإلا فهناك خياران والخيار الأول سيكون دولة عربية واحدة من البحر إلى النهر، والخيار الآخر سيكون اقامة دولة يهودية عنصرية ودكتاتوية تقمع العرب، وهذا الخيار لن يصمد طويلاً)
لنبدأ بالامر الاكثر أهمية بشأن الحياة والموت لدولة اسرائيل. اذا لم يكن هنا دولتين وسريعا فستكون هنا دولة واحدة. واذا كانت هنا دولة واحدة فهي ستكون دولة عربية من البحر إلى النهر. واذا كانت هنا دولة عربية فلن نحسد أولادنا وأحفادنا.
لقد قلت: دولة عربية من البحر إلى النهر ولم أقل دولة ثنائية القومية: باستثناء سويسرا فان كل الدول متعددة القوميات تصرف بأسنانها غضبا (بلجيكا واسبانيا)، أو أنها انهارت أو تمر بحمام دموي (لبنان، قبرص، يوغسلافيا والاتحاد السوفييتي).
اذا لم يكن هنا دولتين وسريعا فمن الممكن جدا من اجل اعاقة اقامة دولة عربية من البحر إلى النهر تكون تسيطر عليها، بصورة مؤقتة، دكتاتورية ذات سمات عنصرية، دكتاتورية تقمع بيد من حديد العرب والمعارضين من اليهود. دكتاتورية كهذه لن تُعمر. تقريبا فانه لا توجد أي دكتاتورية لاقلية مضطهدة للاغلبية قد عمرت في العصر الحالي. ايضا في نهاية هذا الطريق تنتظرنا دولة عربية من النهر إلى البحر، وقبل ذلك ربما ايضا مقاطعة دولية أو حمام دموي أو كلاهما.
يوجد عندنا كل أنواع الحكماء الذين يُحدثوننا أنه لا يوجد حل للصراع، ولهذا فانهم يدعون إلى فكرة «ادارة الصراع». «ادارة الصراع» ستبدو مثلما بدا الصيف الاخير. «ادارة الصراع» تفسيرها هو استمرار لحرب لبنان الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والرصاص المصبوب وعمود السحاب والجرف الصامد وقوس مشدود والجزم الحديدية والضربات القاتلة. وربما ايضا انتفاضة أو اثنتين في القدس والمناطق. إلى حين انهيار السلطة الفلسطينية وصعود حماس، أو جسم أكثر تطرفا من حماس. هذا هو معنى «ادارة الصراع».
الآن سنتحدث لحظة عن حل الصراع: منذ 100 سنة وأكثر (يمكن أن ندعوها «100 عام من العزلة») لم يكن لدينا فيها ساعة أفضل لانهاء الصراع. ليس بسبب أن العرب تحولوا فجأة ليصبحوا صهيونيين، وليس جراء أنهم مستعدون الآن للاعتراف بحقوقنا التاريخية على البلاد، ولكن بسبب أنه يوجد الآن وفي المستقبل المنظور لمصر والاردن والسعودية ودول الخليج ودول المغرب وحتى لسوريا بشار الاسد عدوا أكثر الحاحا وأكثر فتكا وأكثر خطرا من دولة اسرائيل.
قبل 12 سنة وضعت أمامنا مبادرة السلام السعودية التي هي في الاساس مبادرة الجامعة العربية. لا أوصي بأن تسارع اسرائيل في التوقيع على هذه المبادرة ولكنها بالتأكيد مناسبة لنجري حولها مفاوضات ونساوم عليها. كان علينا القيام بذلك منذ 12 سنة، وربما كنا سنكون في مكان آخر تماما. لو قُدم لنا عرض كهذا في ايام بن غوريون وليفي اشكول، في ايام لاءات القمة العربية في الخرطوم، لكنا خرجنا جميعا للرقص في الشوارع.
دعوى وليس حقاً
سأقول الآن أمرا مختلَفا فيه: على الاقل منذ حرب الايام السنة في 1967 فاننا لم ننتصر في أي حرب. ولا في حرب يوم الغفران. الحرب ليست لعبة كرة سلة حيث فيها يحصل على الكأس من يحقق عددا أكبر من الاهداف. في الحرب حتى لو أننا أحرقنا دبابات أكثر مما حرق العدو وأسقطنا عددا أكبر من الطائرات واحتللنا اراضٍ من العدو، فلا يعني ذلك أننا انتصرنا. المنتصر في الحرب هو من يحقق هدفه، والخاسر هو من لا يحقق هدفه. في حرب يوم الغفران كان هدف أنور السادات هو انهاء الوضع الراهن الذي نشأ في 1967 وقد نجح في هذا. لقد هُزمنا لأننا لم نحقق هدفنا، ولم نحققه لأنه لم يكن لنا هدف وايضا لم يكن بالامكان أن يكون لنا هدف يمكن تحقيقه بالقوة العسكرية.
هل قلت بهذا إن القوة العسكرية أمر زائد، لا سمح الله. في كل لحظة معطاة في السبعين سنة الاخيرة، فان قوتنا العسكرية تقف دائما بيننا وبين الخراب والتدمير. وعلينا أن نتذكر فقط: عندما يدور الحديث عن اسرائيل وجاراتها، فان قوتنا العسكرية يمكنها فقط أن تمنع. أن تمنع كارثة. أن تمنع تدمير. أن تمنع ضربة جماعية لسكاننا، ولكن أن ننجح في الحروب، لا نستطيع. ببساطة لأنه ليس لنا أهداف يمكننا تحقيقها بالقوة العسكرية. وبسبب ذلك، فانني أرى في فكرة «ادارة الصراع» وصفة لمشكلة بعد مشكلة، ولا أريد القول لهزيمة إثر هزيمة.
الكثير من الاسرائيليين يعتقدون ـ أو أنهم يغسلون دماغهم من اجل الاعتقاد ـ أنه فقط اذا أخذنا عصا طويلة جدا وضربنا بها العرب ضربة اخرى أقوى وأشد، فانهم سينذهلوا وسيتركوننا لشأننا مرة والى الأبد، والامور ستسير بشكل جيد. لقد مر نحو 20 سنة ولم يتركنا العرب لشأننا رغم عصانا الكبيرة. في هذه الايام فان سلطتنا القمعية في المناطق المحتلة تعمل على انهيار السلطة الفلسطينية. بسقوطها سنجد أنفسنا نقف أيضا في الضفة أمام حماس، إن لم يكن اسوأ من ذلك، ملايين الفلسطينيين المستعبدين وعديمي الحقوق. نحو ثلث اراضي الضفة تمت سرقته من قبل اسرائيل والسرقة مستمرة.
اليمين والمستوطنون يقولون لنا إن لنا حقوق على كل ارض اسرائيل، وحقوق على جبل الهيكل، ولكن ماذا يقصدون بكلمة حق. الحق ليس ما أريده بشدة ولا أنني أشعر بدرجة كبيرة أنه يعود لي، لكن الحق هو ما يعترف الآخرون به بأنه حقي. اذا لم يعترف الآخرون بحقي، أو اذا كان جزء منهم يعترف بحقي، عندها فان ما هو موجود ليس حقاً لكنه دعوى. هذا هو الفرق بين الرملة ورام الله، بين حيفا ونابلس، بين بئر السبع والخليل: كل العالم، بما في ذلك معظم العالم العربي والإسلامي (باستثناء حماس وحزب الله وإيران)، يعترف اليوم بأن حيفا وبئر السبع هي لنا، لكن لا أحد في العالم باستثناء المستوطنين ومؤيديهم في اليمين المتطرف الامريكي، يعترف بأن نابلس ورام الله لنا. هذا هو الفرق بين الحق والدعوى.
يقول المستوطنون وداعموهم: «يوجد لنا حق على كل ارض اسرائيل»، ولكن في الحقيقة فانهم يقصدون القول لنا شيئا آخر تماما: ليس أن هناك حق لنا ولكن علينا واجب ديني أن نتمسك بكل شبر. عندما أقف بالقرب من ممر للمشاة فبالتأكيد يعني أن لي الحق في قطع الشارع، ولكن اذا رأيت شاحنة مسرعة نحوي بسرعة 100 كم في الساعة، فان لي ايضا الحق الكامل بألا استخدم حقي ولا أقطع الشارع.
أتحدث مثلا عن جبل الهيكل. لماذا لا يكون لليهود الحق في الصلاة في جبل الهيكل؟ ولكن يوجد لنا ايضا حق بألا ننفذ في هذا الجيل هذا الحق. يوجد بيننا أناس يرون أن الصراع مع 200 مليون عربي هو أمر صغير عليهم، لقد بات مكروها لديهم، لقد بدأ يُضجرهم، يريدون اثارة. هم يريدون أن يجرونا إلى حرب مع كل الإسلام، مع اندونيسيا وماليزيا وتركيا وباكستان النووية. أنا اسأل هل نريد الموت من اجل الصلاة في جبل الهيكل؟ هذا ليس مكتوبا في أي مكان في المصادر الاسرائيلية. هذا ليس أمرا نموت دونه. من يريد تمرير حرب عالمية من اجل جبل الهيكل ـ بدوني، فليتفضل. بدون اولادي وبدون أحفادي.
ايضا الحرب ضد كل الإسلام لا تكفيهم. هناك من يجرونا إلى حرب ضد كل العالم. قبل نحو اربعين سنة، في اليوم التالي لانقلاب 1977 وصعود الليكود إلى الحكم، كان أحد محرري الصحف سعيدا جدا من الانقلاب، لدرجة أنه افتتح مقاله الرئيس بالكلمات التالية التي لا تنسى: «إن انتصار حزب الليكود في الانتخابات في اسرائيل يعيد امريكا إلى حجمها الحقيقي». هناك اليوم ايضا كما يبدو محاولة اسرائيلية لارجاع امريكا إلى حجمها الحقيقي. لتدمير التحالف بين امريكا واسرائيل لصالح تحالف بين يميننا المتطرف وبين اليمين المتطرف في امريكا. يقولون لنا الآن التالي: «زعيم العالم الحر يصارع وحده ضد المشروع النووي الإيراني. لماذا الرئيس براك اوباما يشوش عليه؟».
محظور علينا دائما أن ننسى أنه على الاقل مرتين في تاريخنا وجدنا أنفسنا في حرب ضد العالم تقريبا، وفي المرتين انتهى الامر بصورة سيئة جدا.
أرى أنه في ايام ليست بعيدة سنجد عمالا في امستردام ودبلن أو في مدريد سيمتنعون عن معالجة طائرات «إل عال»، والمشترون سيقاطعون المنتوجات الاسرائيلية ويُبقونها على الرفوف، والمستثمرون والسياح سيبتعدون عن هذه البلاد، والاقتصاد الاسرائيلي سينهار. نحن الآن على الاقل في منتصف الطريق إلى هناك.
لقد علمنا بن غوريون أن دولة اسرائيل لا تستطيع الصمود بدون دعم دولة عظمى واحدة على الأقل. أي دولة عظمى؟ هذا أمر متغير. مرة بريطانيا ومرة حتى روسيا ستالين ومرة بريطانيا وفرنسا وفي العقود الاخيرة الولايات المتحدة. ولكن التحالف مع الولايات المتحدة هو بالتأكيد ليس جزءً من انظمة الطبيعة. هذا التحالف هو عنصر متغير وليس عنصر ثابت. أحد المميزات المهمة جدا في حياة الانسان وحياة الشعوب هو التمييز بين ما هو ثابت وما هو متغير. خلال عقود قاموا باخافتنا من أنه اذا قمنا باعادة المناطق فان «جيشا سوفييتيا سيظهر بالقرب من كفار سابا». لا استطيع القول لكم بصورة مؤكدة إننا اذا أخلينا المناطق فان كل شيء سيكون مدهشا، ولكن يمكننا القول بيقين إن جيشا سوفييتيا بالقرب من كفار سابا لن يكون.
نفس اولئك الذين أخافونا من جيش سوفييتي سيظهر على مداخل كفار سابا يخيفوننا الآن بأننا اذا انسحبنا من المناطق فستحلق صواريخ فوق تل ابيب ومطار بن غوريون وكفار سابا. لا أعرف بالتأكيد اذا كان هذا صحيحا أم لا، لكنني استطيع القول لكم بكل الصلاحيات الموجودة لدى رقيب في الجيش الاسرائيلي بأنه يمكن اليوم أن تصيب الصواريخ مطار بن غوريون وتل ابيب وكفار سابا ليس فقط من قلقيلية بل ايضا من العراق وباكستان وحتى من اندونيسيا. مرة اخرى، كما في موضوع الجيش السوفييتي في كفار سابا فان أمامنا عدم تمييز محزن بين المتغير والثابت. اذا لم يكن اليوم فهو غدا أو بعد غد، سيكون بالامكان الاصابة باصابة قاتلة ودقيقة بالصواريخ من كل نقطة في العالم بكل نقطة في العالم. هل سنرسل جيش الدفاع لاحتلال كل الكرة الارضية؟.
إن كون الولايات المتحدة هي حليفتنا ـ هذا متغير. يمكنه أن يتغير. إن كون الفلسطينيين هم جيراننا وأننا نعيش في قلب العالم العربي والمسلم ـ هذا ثابت. حتى خطر الذرة هو أمر متغير وليس ثابت نظرا لأنه حتى لو أننا نحن أو آخرين قمنا بتفجير المنشآت النووية الإيرانية فاننا لا نستطيع أن ندمر المعرفة. ونظرا لأن باكستان النووية يمكنها غدا أن تتحول إلى دولة إسلامية متطرفة أكثر من إيران. ونظرا لأنه لا يوجد من سيمنع أعداءنا الاغنياء من شراء السلاح النووي الجاهز وتوجيهه ضدنا. وفي الاساس بسبب أنه بعد بضع سنوات فان كل من يرغب في سلاح ابادة جماعية يستطيع الحصول عليه. ايضا هنا فان الثابت يجب أن يكون هو قدرة ردع اسرائيل، أما قدرات اعدائنا، القدرات النووية وغيرها، فهي أمر متغير غير متعلق بنا في نهاية الامر. لقد قلت إنه خلافا لعدد من اصدقائي في اليسار الحمائمي، فانني لا استطيع التعهد بأننا اذا خرجنا من المناطق باتفاق سلام فان الكل سيكون مدهشا. لكني متأكد بأنه اذا بقينا في المناطق فالامر سيكون اسوأ. اذا بقينا في المناطق، ستقوم في نهاية الامر دولة عربية من البحر إلى النهر.
في هذه النقطة أريد انتقاد نفسي وعدد من اصدقائي في اليسار الحمائمي. هناك ملايين الاسرائيليين ربما كانوا سيتنازلون عن المناطق مقابل السلام، لكنهم لا يثقون بالعرب. هم لا يريدون الخروج كأغبياء، هم يخافون. يجب ألا نستخف بالخوف ونسخر منه، يمكن محاولة التخلص من الخوف. يمكن محاولة صده. ربما لن تضر باليسار الحمائمي المشاركة قليلا في هذا الخوف. هناك ما يخيف. يجب عدم تحقير انسان يخاف سواء كان على حق أو لا. يجب مناقشة السلام مقابل الارض ليس باستهزاء ولا بسخرية ولكن كأناس يوازنون بين هذا الخطر وذاك.
خطأ آخر لبعض اصدقائي في اليسار الحمائمي. احيانا يبدو لهم أن السلام موضوع على رف عال في حانوت العاب بمجرد أن تمد يدك ستصل اليه. الوالد اسحق رابين تقريبا لمسه في اتفاقات اوسلو، ولكنه بخل في دفع كامل الثمن ولم يحضر لنا اللعبة. الوالد اهود باراك تقريبا لمسه في كامب ديفيد لكنه بخل في دفع الثمن وعاد بدون سلام. كذلك الامر مع الوالد اهود اولمرت ـ والد بخيل، والد لا يحبنا بما فيه الكفاية. وإلا لكان دفع كامل الثمن واحضر لنا منذ فترة السلام المأمول.
كل هذا غير مقبول علي. اؤمن بأنه للسلام أكثر من شريك واحد، المثل العربي يقول «يد واحدة لا تصفق». ولكن اليوم يوجد لنا شريك للمفاوضات. من يغسلون الدماغ قالوا لنا طوال سنوات إن ياسر عرفات قوي جدا وسيء جدا. الآن يقولون لنا إن أبو مازن ضعيف جدا. يقولون لنا طالما أن الفلسطينيين يقتلوننا فلا يمكن أن نصنع معهم سلام، وعندما يتوقفون عن قتلنا فليس هناك سبب لصنع سلام معهم.
بيت ذو عائلتين
أحد المنطلقات الصهيونية الاساسية منذ عشرات السنين هو: لسنا وحدنا في هذه البلاد، لسنا وحدنا في القدس. ايضا لاصدقائي الفلسطينيين أقول نفس الشيء، لستم وحدكم في هذه البلاد، ليس هناك مناص من تقسيم هذا البيت الصغير إلى شقتين أصغر. نعم، بيت ذو عائلتين. الجدار الجيد يصنع جارا جيدا، كتب الشاعر روبرت بروست.
فكرة الدولة ثنائية القومية التي نسمعها من اليسار المتطرف ومن اليمين المروض هي في رأيي نكتة محزنة. لا يمكن أن نتوقع من الاسرائيليين والفلسطينيين بعد 100 سنة من الدم والدموع والكوارث أن يقفزوا فجأة إلى سرير الزواج ويبدأوا شهر العسل.
لو أنه في 1945 اقترح أحدهم توحيد بولندة والمانيا بدولة واحدة ثنائية القومية لكانوا قد وضعوه في مستشفى الامراض العقلية. لقد كنت كما يبدو الاول الذي كتب بعد وقت قصير من الانتصار الكبير في حرب الايام الستة أن «الاحتلال سيفسدنا»، وفي نفس المقال كتبت أن الاحتلال يفسد المحتلين.
لا نستطيع نحن والفلسطينيون التحول غدا إلى «عائلة واحدة سعيدة». نحتاج إلى طلاق معقول. بعد فترة ربما يأتي التعاون. سوق مشتركة فيدرالية، لكن في المرحلة الاولى البلاد يجب أن تكون بيتا تعيش فيه عائلتين، لأننا لن نذهب من هنا إلى أي مكان آخر، ليس لدينا مكان نذهب اليه، وكذلك الفلسطينيين لن يذهبوا إلى أي مكان، لأنه لا يوجد لديهم مكان يذهبون اليه. إن الشجار بيننا وبين الفلسطينيين في أساسه ليس رواية هوليوودية بين الاخيار والاشرار، لكنها تراجيديا الحق مقابل الحق، هكذا كتبت قبل خمسين عاما تقريبا، وبهذا اؤمن اليوم ايضا، العدل مقابل العدل، واحيانا للأسف عدم العدل مقابل عدم العدل.
طبيب جراح في غرفة الطواريء، عندما يكون أمامه جريحا مصابا بعدة اجهزة، سيسأل نفسه بما سنبدأ أولا، ما هو المستعجل، ما هو الشيء الذي سيقتل الجريح؟ في حالة دولة اسرائيل ليس الاضطهاد الديني وليس السكن الذي يمكن الوصول اليه، وحتى ليس ثمن «الميلكي»، لكنه استمرار الصراع مع العرب الآخذ في التحول إلى حرب ضد كل العالم. حرب كهذه تعرض للخطر جوهر وجودنا. ربما هذا هو المكان لنكشف السر الامني السري جدا لدى اسرائيل، هذا السر هو أننا في الحقيقة ضعفاء جدا ودائما كنا ضعفاء جدا أكثر من كل أعدائنا معا.
أعداؤنا منذ عشرات السنين تغمرهم البلاغة المتوحشة حول تدمير اسرائيل ورمي اليهود في البحر. لقد كانوا يستطيعون بسهولة ارسال ضدنا مليون مقاتل أو مليونين أو ثلاثة ملايين. لم يرسلوا لنا في أي مرة أكثر من عشرات الآلاف لأنه ورغم البلاغة القاتلة فان وجود اسرائيل أو تدميرها لم يكن بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت، لا لسوريا ولا لليبيا ولا لمصر ولا حتى لإيران، ربما فقط للفلسطينيين، لكن لحسن حظنا هم أصغر من أن يتغلبوا علينا. في الحاصل العام أعداءنا كان يمكنهم التغلب علينا منذ زمن لو كان لديهم دافعا حقيقيا وليس دافعا بلاغيا ودعائيا للقيام بذلك. إن مغامرتنا في جبل الهيكل من شأنها، لا سمح الله، اعطاءهم هذا الدافع.
لست متأكدا أنه يمكن انهاء هذا الشجار في يوم وليلة مع العرب. لكن يمكن المحاولة. اعتقد أنه كان بالامكان منذ فترة تقليص الصراع الاسرائيلي الفلسطيني إلى صراع اسرائيلي غزي.
من الصعب أن تكون نبيا في ارض الانبياء. هناك الكثير جدا من المنافسة لكن تجربتي علمتني أنه في الشرق الاوسط كلمات «الى الأبد، أبدا أو بأي ثمن» تفسيرها شيء ما بين 6 اشهر و30 سنة. لو قالوا لي عند تجندي للاحتياط في سيناء في حرب الايام الستة وفي هضبة الجولان في حرب يوم الغفران أنني سأسافر لزيارة مصر والاردن بتأشيرة مصرية وتأشيرة اردنية على جواز سفري الاسرائيلي وأنني الحمامة الساعية إلى السلام، كنت سأقول: «لا تبالغوا، ربما اولادي أو أحفادي، لكن ليس أنا».
في الختام أريد لفت الانتباه إلى حقيقة أنه منذ عشرات السنين تحدث في هذه البلاد نوبة ذهبية ثقافية في الأدب والسينما والفن والهاي تيك والفلسفة والعلم والتكنولوجيا. بصورة عامة فان الناس يتحدثون بشوق عن «النوبة الذهبية» فقط بعد مرورها. اسرائيل موجودة منذ عقود في ذروة هذه النوبة الذهبية الخلاقة. تل ابيب مثلا، المدينة العبرية الاولى، هي في رأيي منتوج جماعي لنا وليست أقل أهمية بل ربما أكثر أهمية من الأدب الديني الذي كُتب في الشتات أو من الشعر السفارادي. ربما تل ابيب ليست أقل أبهة من التلمود البابلي، وهي واحدة من انتاجاتنا الجماعية في ارض اسرائيل.
هناك من يستخف بهذا المنتوج لأن الثقافة العبرية تبدو له يسارية جدا. لقد كان وما زال هناك في العالم أنظمة معتادة على التحريض ضد الثقافة بسبب حقيقة أنه تقريبا دائما وتقريبا في كل الازمان والامكنة فان للعديد من منتجي الثقافة توجهات معارضة.
الآن يأتي اعتراف بسيط: أنا أحب اسرائيل حتى عندما لا استطيع تحملها، واذا كتب علي أن اسقط ذات يوم في الشارع فأرغب في السقوط في شارع في اسرائيل، ليس في لندن أو باريس أو برلين أو نيويورك، بل هنا يرفعوني. وعندما أقف ثانية على قدمي فبالتأكيد سيكون هناك عدد ليس قليلا من الذين يريدون رؤيتي أسقط. لكن اذا سقطت ثانية فانهم سيرفعونني.
أخاف جدا على المستقبل. أخاف من سياسة الحكومة وأخجل بها، أخاف لأن التزمت والعنف الآخذ في الانتشار عندنا يخجلني. لكن يروق لي أن أكون اسرائيليا، يروق لي أن أكون مواطنا في دولة فيها 8 ملايين رئيس حكومة، 8 ملايين نبي، 8 ملايين مسيح. كل واحد وصيغته الشخصية في الخلاص، كلهم يصرخون، وفقط القليلين يصغون. ليس مُملا هنا، واحيانا ربما يكون مُسليا من ناحية روحانية ومن ناحية المشاعر. ما رأيته هنا في حياتي أقل كثيرا وأكثر كثيرا مما حلم به آبائي وأجدادي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
خيارات إجبارية لمنع الإنهيار
أياً كان الرئيس القادم للحكومة فلن يكون أمامه الكثير من الوقت وعليه إتخاذ خطوات حاسمة في العديد من المواضيع
بقلم:براك ربيد،عن هآرتس
المضمونيقول الكاتب إن نتنياهو عاد إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية في عام 2009 للمرة الثانية، دون أن يحمل أي إستراتيجية واضحة، وتطرق الكاتب الى خطاب نتنياهو الأخير في الكونغرس، حيث قال إن هذا الخطاب أدى إلى مستوى غير مسبوق من الشرخ العميق في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتحدث الكاتب عن فشل العلاقة مع الفلسطينيين بسبب سياسة نتنياهو)
في بداية نيسان 2009 دخل بنيامين نتنياهو للمرة الثانية إلى منصب رئيس الحكومة. لقد عاد إلى المكتب الاكثر أهمية في الدولة وهو مسلح بالكثير من الطموحات السياسية وبعدد من المساعدين المخلصين، ليس أكثر من ذلك. رغم عشر سنوات من التيه في الصحراء السياسية وفي مقاعد المعارضة فقد عاد نتنياهو إلى المنصب بدون استراتيجية أو برنامج عمل لمعالجة القضايا السياسية الكبيرة التي وضعت في حينه على طاولته.
حينذاك أعطى نتنياهو ورجاله للصحافيين الاسرائيليين والدبلوماسيين الاجانب الذين لديهم حب الاستطلاع وبدأوا يتساءلون كيف ينوي معالجة مواضيع مثل العملية السياسية والوضع في غزة في أعقاب عملية «الرصاص المصبوب» والعلاقات مع سوريا والبناء في المستوطنات، أعطى جوابا سحريا. «نحن نبدأ بعملية اعادة فحص السياسات». نتنياهو ورجاله تعهدوا في نيسان 2009 بأن تنتهي العملية حتى سفره إلى الولايات المتحدة وبعد مقابلته الاولى مع براك اوباما في البيت الابيض في 18 أيار.
أخيرا انتهى «الفحص المجدد» للسياسات بوثيقة من ثلاث صفحات صاغها مستشار نتنياهو رون ديرمر قبل سفر نتنياهو إلى الولايات المتحدة، وتضمنت في الاساس رسائل إعلامية حول الامور التي اسرائيل غير مستعدة للقيام بها.
عدد ليس قليل من الموظفين الكبار الذين خدموا في الجهاز الحكومي في السنوات الستة الاخيرة، بعضهم ترك الخدمة وبعضهم ما زال هناك، يزعمون أنه فعليا وطوال الولايتين الاخيرتين لنتنياهو لم تكن له في الحقيقة استراتيجية أو برنامج منظم بخصوص القضايا السياسية الامنية الموجودة على برنامج العمل. في اغلب الحالات هو يُجر خلف الاحداث، والسياسات ـ اذا كانت هناك سياسات ـ تمت بلورتها من خلال الحركة.
العديد من الازمات والحروب ومبادرات السلام وحتى التغيرات السياسية مرت في السنوات الستة الاخيرة على العالم بشكل عام وعلى الشرق الاوسط بشكل خاص. رغم ذلك جزء كبير من القضايا التي كان يجب على نتنياهو أن يبلور نحوها استراتيجية في 2009 بقيت على حالها في 2015 مع فرق واحد ـ أصبحت أكثر تعقيدا مما كانت. فيما يلي قائمة جزئية:
الخلاف مع الولايات المتحدة
خطاب نتنياهو في الكونغرس في الاسبوع الماضي أدى إلى مستوى غير مسبوق من الشرخ العميق في العلاقات بين البيت الابيض في واشنطن ومكتب رئيس الحكومة في القدس. تصعب المبالغة في كبر الاهانة لاوباما ورؤساء الادارة تجاه نتنياهو وبالضرر الذي اصاب العلاقات بين الدولتين بعد هذه الازمة المستمرة.
في البيت الابيض لن يقولوا ذلك في أي يوم، ولن نكون مخطئين اذا قدرنا أن اوباما ورجاله يفضلون رؤية اسحق هرتسوغ رئيسا للحكومة القادمة. رغم ذلك، حتى في الاستطلاعات الاخيرة، كان تقدير الادارة الامريكية أن احتمالات استمرار نتنياهو في ولاية اخرى أكثر من احتمالات قيام هرتسوغ باحداث انقلاب سياسي.
اذا نجح هرتسوغ في الانتخابات وشكل الحكومة فسيكون من السهل عليه نسبيا اصلاح العلاقات مع البيت الابيض. وبكلمات اخرى، مع ذهاب نتنياهو ستختفي السحابة التي تعكر العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة. ما سيبقى لهرتسوغ هو تعيين شخصية رفيعة، رسمية ومجربة، لمنصب السفير في واشنطن، وأن يبدأ في بناء شبكة حميمية من علاقات الثقة مع اوباما. نقطة الانطلاق لذلك ستكون أفضل بكثير من التي كانت لنتنياهو في يوم ما.
إن حل ازمة العلاقات مع البيت الابيض سيكون معقدا أكثر اذا استمر نتنياهو في ولاية اخرى. كبار رجال الادارة الامريكية يرون في نتنياهو جزءً من المشكلة وليس جزءً من الحل، لكنهم يفهمون أنهم سيضطرون إلى العمل معه اذا تم انتخابه. رغم ذلك ومن اجل العودة إلى علاقات عمل سليمة مع اوباما فان على نتنياهو تنفيذ عدد من الاجراءات المؤلمة من جهته. الخطوة الاولى ستكون تنحية المقرب منه السفير في واشنطن رون ديرمر، المقاطع من البيت الابيض، واستبداله بشخص مهني ليس له توجها سياسيا يكون رجال الادارة الامريكية مستعدون للتعامل معه.
الاتفاق مع إيران
رغم أن الفجوات في المفاوضات بين الدول العظمى وإيران ما زالت كبيرة، فان الطرفين سيبذلان ما في استطاعتهما من اجل التوصل إلى اتفاق حتى الموعد المحدد لذلك في نهاية حزيران. رئيس حكومة اسرائيل القادم الذي سيؤدي القسم في أيار سيضطر إلى التأثير خلال الشهرين الأولين لولايته في صيغة الاتفاق الآخذ في التبلور بقدر استطاعته. وأكثر من ذلك، رئيس حكومة اسرائيل القادم سيضطر إلى البدء بسرعة بالاتصالات مع الولايات المتحدة والدول العظمى بخصوص اليوم التالي للاتفاق. اسرائيل ستكون ملزمة بالتنسيق مع الادارة الامريكية والدول المشاركة في المفاوضات فيما يتعلق بموضوع ـ ما يعتبر خرقا للاتفاق من جانب إيران وما هي العقوبات وخطوات الرد على هذا الخرق. اضافة إلى ذلك، نتنياهو وكذلك هرتسوغ سيضطران إلى التوصل إلى تفاهمات مع البيت الابيض بخصوص أي ضمانات امنية تستطيع اسرائيل الحصول عليها من الامريكيين في أعقاب الاتفاق مع إيران.
العلاقات مع السلطة الفلسطينية
العلاقات مع الولايات المتحدة هي جنة عدن مقابل الازمة الشديدة التي وصلت اليها اسرائيل مع الفلسطينيين. قائمة عناصر هذه «الطبخة» القابلة للانفجار طويلة: فشل محادثات السلام، القطيعة بين القيادتين الاسرائيلية والفلسطينية، تجميد الوضع السياسي، محاولة الفلسطينيين تمرير قرار أحادي الجانب في مجلس الامن يحدد الأسس لحل الصراع، الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي وتقديم دعوى ضد اسرائيل حول عملية «الجرف الصامد» في غزة والبناء في المستوطنات، خطوات الرد الاسرائيلية التي شلت الاقتصاد الفلسطيني، الخطر من وقف التنسيق الامني وانهيار السلطة.. الخ.
في الحملة الانتخابية الحالية أظهر نتنياهو وهرتسوغ علنا الشك تجاه احتمال التوصل إلى اختراق سياسي أمام الفلسطينيين. تحفظ نتنياهو من خطاب بار ايلان ومن حل الدولتين وزعم أن الأمر ليس ذا صلة مع الواقع الراهن. هرتسوغ قال إنه سيحاول تحريك عملية السلام بل سيسافر لالقاء خطاب سياسي أمام المجلس التشريعي في رام الله، لكنه أظهر الشك بوجود شريك فلسطيني جدي.
الفرق الأساسي بين نتنياهو وهرتسوغ في الموضوع الفلسطيني لا يتعلق بهذه المواقف بل فيما يتعلق بالعلاقة التي يحظون بها من الجانب الفلسطيني. خلافا لنتنياهو، لاسباب تتعلق ببقائه السياسي ويتنكر ويتملص بخصوص مواقفه في الشأن الفلسطيني، فان هرتسوغ مستعد لتأييد هذه المواقف بصورة علنية. بالضبط لهذا السبب فان الفلسطينيين والمجتمع الدولي لا يثقون بأن نتنياهو جدي في توجهاته، في حين أنه يُنظر لنتنياهو في هذه المرحلة بأنه حقا يريد دفع عملية السلام.
أي كان من سيتم انتخابه فان مهمة رئيس الحكومة القادم ستكون قبل كل شيء وقف التدهور أمام الفلسطينيين وتثبيت العلاقات معهم. سواء هرتسوغ أو نتنياهو سيكون عليهما ايجاد استراتيجية توقف تصعيد المواجهة الدبلوماسية مع الفلسطينيين في الامم المتحدة، وتوقف الانهيار الاقتصادي للسلطة وتمنع اندلاع انتفاضة ثالثة.
البناء في المستوطنات
إن عقب أخيل الاساسي في علاقات اسرائيل مع المجتمع الدولي هو البناء في المستوطنات. ليس هناك موضوعا جر اسرائيل إلى مواجهات سياسية أكثر منه مع حلفائها في العالم في السنوات الاخيرة. على خلفية التهديد الحقيقي بفرض عقوبات دولية فان فضاء المناورة لأي حكومة ستنشأ في اسرائيل بعد 17 آذار في موضوع الاستيطان سيكون صفر. وكلما كانت الحكومة يمينية أكثر فان فضاء المناورة سيتقلص أكثر.
معظم رؤساء الاحزاب الذين سيكونون جزءً من الكنيست القادمة يفهمون جيدا هذا الواقع، حتى لو كانوا لا يتفقون معه أو غير مستعدين للاعتراف بذلك علنا. هكذا مثلا بنيامين نتنياهو الذي تحدث بصوت عال في الحملة الانتخابية عن دوره في الاستيطان، قام بتجميد البناء في القدس بهدوء لبضعة أشهر. نفتالي بينيت وأوري اريئيل ربما احتجا على ذلك علنا، لكن في الغرف المغلقة فهما الدوافع وقبلا هذه السياسة.
على الاقل خمسة احزاب عبرت علنا عن تأييدها لتجميد البناء في المستوطنات وفي شرقي القدس ـ القائمة العربية المشتركة وميرتس تدعمان التجميد الكامل. المعسكر الصهيوني ويوجد مستقبل وكلنا (كحلون) يدعمون التجميد الجزئي للبناء ـ في الاساس في المستوطنات خلف الجدار الفاصل أو خارج الكتل الاستيطانية الكبرى. اذا وقف نتنياهو على رأس الحكومة القادمة أو وقف على رأسها هرتسوغ ـ فان تجميد البناء في المستوطنات لن يكون مسألة هل، بل مسألة كم وكيف والى متى.
منع الحرب في غزة
بعد أكثر من نصف سنة على عملية «الجرف الصامد» فان الواقع في غزة لم يتغير. صحيح أن اطلاق النار توقف ولكن غزة بقيت قنبلة موقوتة. الوتيرة البطيئة لعملية الاعمار، الازمة الاقتصادية والانسانية في القطاع، زيادة الحصار المصري على حماس وفشل المصالحة الداخلية الفلسطينية، كل ذلك يخلق الشعور لدى الطرفين أن جولة العنف القادمة هي مسألة وقت.
احدى المهمات الاساسية لرئيس الحكومة القادم ستكون منع الحرب في غزة وايجاد تغيير بعيد المدى للواقع في الجنوب.
لا يوجد لدى نتنياهو برنامج حول كيفية القيام بذلك. فقد قرر انهاء «الجرف الصامد» بالاساس عن طريق الرجوع إلى الوضع القائم الذي كان سائدا قبل الحرب على أمل أن التدمير الكبير الذي خلفه الجيش الاسرائيلي في القطاع سيشكل رادعا يعطي وقتا طويلا من الهدوء الامني.
هناك مواضيع كثيرة سوى هذه التي تم عرضها ـ دفع مبادرة اقليمية تجاه الاردن ومصر ودول الخليج تؤدي إلى اختراق في علاقات اسرائيل مع العالم العربي على أساس المصالح المشتركة بشأن الموضوع الإيراني ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية داعش ووقف المس بمكانة اسرائيل في اوروبا ووقف عقوبات اوروبية اخرى على اسرائيل واصلاح العلاقات مع المانيا وفرنسا وبريطانيا، وكذلك بلورة استراتيجية لوقف التباعد بين الجالية اليهودية في الولايات المتحدة التي في اغلبها ليبرالية ديمقراطية وبين اسرائيل، على خلفية قضايا مثل الاحتلال في المناطق أو عدم وجود تعددية دينية في اسرائيل.
أيا كان سيكون رئيس الحكومة القادم ـ سواء قام اسحق هرتسوغ بانقلاب سياسي أو بقي بنيامين نتنياهو في السلطة ـ لن يكون له وقت كثير لمناورة مماطلة على صيغة اعادة فحص السياسات من سنة 2009.
يتوجب عليه اتخاذ القرارات في مواضيع كثيرة ـ وسريعا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
كم مرة ينبغي لرئيس الوزراء أن يثبت بأنه لا يساوي شيئا كي لا تنتخبوه مرة أخرى
بقلم: يوئيل ماركوس،عن هآرتس
المضمونيدعو الكاتب إلى عدم الخداع مرة أخرى من نتنياهو، كما يدعو إلى عدم إنتخابه مرة أخرى)
خدعتنا مرة، مرتين، ثلاث مرات – اخجل. اذا سمحنا لك بان تخدعنا للمرة الرابعة، فالخجل سيكون من نصيبنا جميعا. ان المستشارين الاستراتيجيين على رأي في أنه في المنحدر السلس الذي ينزلق فيه بيبي، كان ينبغي له أن يبدأ باحراق وثائق حساسة. في هذه الاثناء لا نرى بعد دخانا يتصاعد من ديوان رئيس الوزراء. في هذه الاثناء، دفع حتى نقدا على القهوة في سوق محنيه يهودا، ولكنه نسي أن يبلغ مسبقا عن الزيارة للصحفيين، لاعتبارات الامن، قال مساعدوه.
منذ زمن بعيد لم يكن هناك. ولكن المكان مثل البيت الثاني له. فقد ابتسم ولكن ابتسامته الشهيرة بهتت، ولكنه تصبب عرقا تحت السترة الوقائية البشرية من حوله. ولشدة أسفه لم يكن بوسعه هناك أن يلقي خطاباته الكاذبة بالامريكية. كان واضحا عليه أنه فقد ثقته بالنفس وهو يحاول أن يزيفها. وهو يشم رائحة الهزيمة.
شعار الانتخابات لبن غوريون في حينه كان “قولوا نعم للختيار”. وفي هذه الايام نقول لا لبيبي. شخصيته لا تناسبنا. غير قليل من رجال الليكود يريدون لليكود ان ينتصر ولكن لبيبي ان يخسر. فقد مله الجميع. وهو يكذب على اليمين وعلى اليسار، بالعبرية وبالانجليزية. واصدق اقوال النائبة تسيبي حوتوبيلي التي ادعت بفخار بان بيبي لم يعد يقف خلف خطاب بار ايلان ولا يقبل مبدأ الدولتين للشعبين – “لن تكون اي تنازلات وانسحابات”. فمن تجده يعاقب؟ العمل؟ شعب اسرائيل؟ ليس هناك ما يدعو الى الغرق في التخمينات. المهم ان يبقى في الحكم. ووفقا للنكتة البولندية الشهيرة فاننا اذا ما انتخبناه مرة اخرى، فاننا نستحقه.
الشعب بحاجة الى قيادة واثقا، وليست قيادة تتغذى على تخويف الناخب. نسمع مؤخرا المزيد فالمزيد من الناس ممن يقولون “لبيبي لن اصوت”. وبسبب وضعهم الشخصي، بسبب تكتيكه في أن يحظى باصوات المقهورين والمقموعين من خلال التهديد بالسلاح النووي الايراني. زعيم عديم المسؤولية يقود الدولة الى مواجهة جبهوية مع قوة عظمى مثل ايران. وردا على الخطاب المؤثر لمئير داغان، في ميدان رابين، حيث ذرف دمعة حين ذكر جده المغدور، اتهم الحكومة بانعدام الرؤيا بل واعترف بانه يخاف من قيادتنا – فماذا كان رد مكتب بيبي؟ بانه، رئيس الموساد الاسطوري، يسروي “ناكر للجميل”. اوفير اكونيس، المدعي ذو الغرة على جبينه، يذم رئيس الموساد في أنه ناكر للجميل. وانه مدين لبيبي بالعملية الجراحية التي “رتبها” له في خارج البلاد. هكذا هو الحال على ما يبدو في حكم بيبي، كل شيء شخصي. الجميع “يقدمون الجمائل” الواحد للاخر.
ان رئاسة الوزراء ليست ملكا شخصيا للمنتخبين، مثلما هو أثاث الحكومة لا يعود في قيساريا، ويوم المرأة لا يفترض أن يصبح يوم سارة. وحقيقة أن ليس لبوجي صوت رخيم مثلما لبيبي، لا تقلل من حكمته وذكائه. والدليل هو أنه رفع العمل ليصبح بديلا ذا فرصة للحكم الذي ينازع حياته السياسية. كم مرة ينبغي لرئيس الوزراء أن يثبت بانه لا يساوي شيئا كي لا تنتخبوه مرة اخرى.
اذا ما انتخب بيبي مرة اخرى، فان وضعنا في امريكا لن يتحسن في السنتين القريبتين، بعد العرض رقم ثلاثة لبيبي في الكونغرس. فاستفزاز الحكم الديمقراطي والرئيس الديمقراطي لن ينسى هكذا بسرعة. فنانسي بلوسي، رئيسة الحزب الديمقراطي، انفجرت بكاء من شدة الغضب لسماع الخطاب. والتفكير بان بيبي “خطط” الخطوة بعناية تبدو كنكتة. قبل السفر الى واشنطن كان بيبي في حالة عصف، حج الى قبر أبيه، ذهب الى المبكى ووضع بطاقة ووصف الرحلة بانها رسالة تاريخية. ليست تاريخية ولا أخذية، بل اشعالا للحرائق. طريقه مرصوفة بالاخطاء، اكثرها فتكا، من ناحيته، كان تقديم موعد الانتخابات. ينبغي الامل في أن يؤدي المقترع المسؤول واجبه الوطني: ان يسقط بيبي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
خمسون سببا يجعلنا نتخلص من نتنياهو ونتنفس الصعداء
بقلم: يغئال سيرنا،عن يديعوت
المضمونيعدد الكاتب الاسباب التي تدعو للتخلص من نتنياهو)
"لا شيء أجمل من ناحية الانسان الحر من تغيير الحكم بسلاسة، عن طريق الحسم المدني، ببطاقة الناخب"
(مناحيم بيغن، 1962، عن تغيير الحكم)
لأنه خائف، ونحن بحاجة لرجل شجاع.
لأنه سمن، ونحن ننحف.
لأنه صفى دولة الرفاه، ولكنه يعيش بالرفاه على ظهرنا.
لأنه يرتبط فقط بالزر الاحمر، ونحن بحاجة الى زعيم يومي.
لأنه بخيل ينصرف حين يأتي الحساب، ونحن نموت من بخله في غرف الطوارىء.
لأنه كذاب، ونحن نحتاج الى الحقيقة.
لأنه يتجول في العالم في سرير طائر، ونحن نستقبل بسببه بوجه عابس.
لأنه جعل حياة معظمنا صعبة جدا وحياة القلة مريحة جدا.
لأنه كان لديه حلاق ثابت في “الجرف الصامد” ونحن مزقنا بيأس شعر رأسنا.
لأنه محوط بمئة حارس ونحن بقينا وحدنا.
لأن اولاده محروسون واولادنا مكشوفون لنزواته.
لأنه يرفض الدولتين، ونحن ننجر لواحدة دامية.
لأنه لا يؤمن بالرب ولكنه يستخدم المبكى.
لانه في كل ولاياته لم يحرص الا على شيخين من اصل مليون – أبيه وأب زوجته، بينما اباؤنا وامهاتنا يذبلون في الرواق.
لأنه يؤمن بان العالم خلق بالانفجار الكبير، ولكنه يرفض الحراك عن الكرسي.
لأنه يحرض جميعنا الواحد على الاخر، ونحن نحرض بسهولة.
لأنه نسي منذ زمن بعيد ما هي الحياة الحقيقية، ونحن بحاجة لاحد ما يعرف.
لأنه يخطط لمنزل بمليار شيكل، ونحن سنواصل الحلم بشقة من ثلاث غرف.
لأنه واثق من أن كل العالم ضدنا، ولكن العالم ضدنا، بسببه.
لأنه واثق من أن صحيفة واحدة حددته عدوا، ولكن ثلاثة الصحف تعتقد ان عليه أن يذهب. والقنوات الثلاثة ايضا.
لأنه يحب ان يقضي وقته مع اغنياء العالم، ونحن نغرق.
لأنه يمس بالرئيس الامريكي، ونحن نفقد الحليف الاكبر.
لأنه ناج خبير، ونحن نحاول الطوف.
لأنه انتخب من اقل من سدسنا، ويظن أن معظمنا يؤيدوه.
لأنه يخاف من سارة، ونحن قلقون من نتائج خوفه.
لأنه خصخص كل شركة كانت لنا، ونحن لم نرَ من هذا شيكل.
لأنه يجمع القناني الفارغة، وكلنا سنجمع قريبا.
لأن له 40 مليون شيكل، ولنا ناقص متوسط من 25 الف.
لأن له بركة، ولنا توجد مصلحة مياه جديدة.
لأنه يعتقد أن العالم يتأثر به، والعالم يسخر منا.
لأنه يذكر جدا تشرتشل والشبه الوحيد: تشرتشل ايضا خاف من أبيه.
لأنه يعتقد أنه اوروبي راقٍ، فيما يبدو هو لنا كحاكم افريقي كبير السن.
لأنه يصبغ شعره بالبنفسجي، ونحن نرى سوادا.
لأنه يعتقد ان القنبلة الايرانية هامة كالحياة، ولنا توجد حياة اخرى.
لأنه يصرف انتباهنا عن السلب والنهب، ونحن نكتشفه كل صباح من جديد.
لأنه يعد، ونحن نخيب الامل.
لأنه يكره لجان التحقيق، ونحن بحاجة لها كي ننجو.
لأنه يعد بالهدوء، وحصلنا على ضجيج لا ينقطع.
لأنه يؤمن بان لا بديل لتجربته، ونحن نريد تجربة اخرى.
لأنه يقول انه الافضل، ونحن نتذكر أفضل منه.
لأنه يتحدث الانجليزية الجيدة، ونحن نريد ان يتحدث معنا العبرية.
لأنه يضغط دوما، والرذاذ يقتلنا.
لأنه وقف في الطابور مرة في باريس، ونحن عالقون فيه كل صباح.
لأنه يجري عملية جراحية في غضون ساعة حتى يوم السبت، ونحن ننتظر اشهر لفحص الـ ام.ار.اي .
لأنه يتنقل بقافلة سيارات، ونحن ننتقل الى الدراجة الكهربائية بـ 3 الاف شيكل.
لأنه عالق في الكرسي، ونحن عالقون بالمشاكل مع العالم.
لأنه يجلس في الحكم لزمن أطول مما ينبغي، والديمقراطية معناها تغيير دائم.
لأنه يعدنا بالامل بعد مئة سنة، ونحن بحاجة له الان.
لأنه عندما سينصرف الى بيته، سنتنفس الصعداء.
ملاحظة:
لاني أعرف عشرة سياسيين يمكنهم ان يحلوا محل الرجل الذي ليس له بديل، ليبدأ بترميم الحطام الان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ


يدعو الكاتب إلى إقامة تبني خيار مشروع الدولتان، الفلسطينية والاسرائيلية، وإلا فهناك خياران والخيار الأول سيكون دولة عربية واحدة من البحر إلى النهر، والخيار الآخر سيكون اقامة دولة يهودية عنصرية ودكتاتوية تقمع العرب، وهذا الخيار لن يصمد طويلاً)
رد مع اقتباس