النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 283

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 283

    اقلام واراء محلي

    في هذا الملف
    لا بدّ من تحرك الضمير العربي والعالمي
    راي القدس عن صحيفة القدس

    بلفور - وايزمن: محمية بريطانية ام دولة يهودية؟
    بقلم محمد جلال عناية عن صحيفة القدس

    في ذكرى انطلاقتها الـ48..فتح الحركة والهوية والمشروع الوطني
    بقلم أحمد يوسف عن صحيفة القدس

    حاجز على طريق دمشق
    بقلم غسان زقطان عن صحيفة الايام

    انـصرام؟!
    بقلم حـسـن الـبـطـل عن صحيفة الايام

    ما الذي يدور في الخفاء؟
    بقلم طلال عوكل عن صحيفة الايام

    مع "فتح"
    بقلم عاطف أبو سيف عن صحيفة الايام

    حياتنا - قنوات الوسواس الخناس
    بقلم حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة

    آخر الكلام - مزيد من المخالفات
    بقلم احمد دحبور عن الحياة الجديدة

    مفاتيح السلطة والسلام
    بقلم موفق مطر عن الحياة الجديدة

    انطلاقة العملاقة (48)
    بقلم سمير سليمان الجمل عن معا

    أوطان بلا ساسة!!
    بقلم محمود الفطافطة عن معا


    لا بدّ من تحرك الضمير العربي والعالمي

    راي القدس عن صحيفة القدس
    اذا حاولنا رسم صورة مفصلة للمشهد المأساوي الفلسطيني الراهن الذي لم يسبق له مثيل، سنرى استيطانا يتمدد ويتوسع يوميا ملتهما مزيدا من الاراضي المحتلة مع استمرار اعتداءات وحشية يومية يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين العزّل في الضفة الغربية تحت سمع وبصر وحماية الجيش الاسرائيلي وحملة تحريض سافرة تشنها الحكومة الاسرائيلية ضد شعبنا وحقوقه وقيادته، وعلى الاراضي تواصل هذه الحكومة الاسرائيلية حملات الدهم والاعتقال واجراءات منع حرية التنقل في الاراضي المحتلة، عدا عن الاستمرار في تنفيذ مخططات تهويد القدس العربية المحتلة وتفريغها من اهلها الفلسطينيين وفوق هذا وذاك تمارس الحكومة الاسرائيلية ابشع انواع الابتزاز السياسي بحجزها للمستحقات الضريبية للسلطة الوطنية في محاولة لتركيعها، كما تسير بممارساتها تلك الطريق تماما امام عملية سلام جادة وحقيقية.
    يضاف الى هذا المشهد الازمة الاقتصادية المالية التي وصفها امين عام الجامعة العربية نبيل العربي بـ «الطاحنة» امس بعد ان نكثت العديد من الدول العربية بوعودها وتعهداتها بتوفير شبكة امان مالية للسطة الوطنية ليلتقي هذا النكوث العربي مع الضغط الاسرائيلي في تجويع شعبنا ودفعه لتقديم تنازلات سياسي، وهو مايدفع الى التساؤل حول طبيعة المرحلة القادمة وما يرسمه ويحيكه اعداء الحرية والعدالة والحق لشعبنا وقضيته في مؤامرة جديدة باتت بعض خيوطها واضحة.
    ان ما يجب ان يقال هنا ان شعب فلسطين هو المستهدف وقضية فلسطين هي المستهدفة مهما كان الثوب الذي يرتديه اولئك الذين يمارسون كل هذه الضغوطات ومهما كانت الحجج والذرائع الواهية التي يسوفونها.
    ولذلك وفي الوقت الذي يحيي فيه شعبنا الذكرى الثامنة والاربعين لاغلاق ثورته المعاصرة وفي الوقت الذي يتفرج فيه العالم اجمع على المأساة الفلسطينية المتواصلة ولا يهب الاشقاء العرب لنصرة فلسطين وشعبها، فان من الضروري التأكيد ان شعبنا الذي نهض من تحت الرماد بعد نكبة عام ١٩٤٨ ثم خاض وفجر ثورة حملت لواءحركات التحرر العالمية وحفرت اسم فلسطين عميقا من ضمير ووجدان كل احرار العالم، هذا الشعب لا يمكن ان تكسر ارادته وتصميمه على الحرية والاستقال بعد مسيرته العظيمة على مدى عقود والتي قدم خلهلا قوافل الشهداء والجرحى والاسرى. واذا كان البعض يوهم نفسه ان فلسطين ستركع بمثل هذه الضغوط المالية - الاقتصادية او يمثل ذلك التحريض الاسرائيلي السافر والممارسات الاسرائيلية التي أقل ما يقال فيها انها انتهاك صارخ للشرعية الدولية والمواثيق حقوق الانسان، فانه يراهن على سراب.
    واذا كان المشهد الفلسطيني الراهن لا يخلو من تلك النقطة السوداء التي تمثل الانقسام المأساوي فان شعبنا لا زال يتطلع وسط هذه التحديات الجسام الى انهاء هذا الانقسام ويستبشر خيرا بكل المؤشرات التي ظهرت مؤخرا بقرب استعادة الوحدة الوطنية بين مختلف القوى السياسية خاصة وان شعبنا موحد بطبيعته ولا يقبل استمرار هذا الانقسام.
    كما ان ما يجب ان يقال ايضا ان من العار ان تقف فلسطين وسط كل هذه التحديات فيما يبقى العالم العربي والاسلامي متفرجا في الوقت الذي يستطيع فيه نصرة فلسطين واهلها وقضيتها.
    ومن العار ان يبقى المجتمع الدولي صامتا ازاء الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها اسرائيل بحق شعب باكمله وازاء استهتارها بالشرعية الدولية وبارادة الغالبية الساحقة لشعوب وامم الارض التي عبر عنها قرار الجمعية العامة الاخير بالاعتراف بدولة فلسطينة «تحت الاحتلال» بصفة مراقب في المنظمة الدولية.
    ولذلك نقول ان الوقت قد حان كي تسارع الامة العربية والاسلامية الى نصرة فلسطين ودعم نضال شعبنا العادل نحو الحرية والاستقلال وحان الوقت تعلن الشرعية الدولية عن رضها لاستمرار مأساة الشعب الفلسطيني وكي يبادر المجتمع الدولي بموقف جاد وملزم لتمكين شعبنا من تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني بانهاء احتلال غير مشروع يعتبر من ابشع الاحتلالات التي عرفها عالمنا المعاصر.

    بلفور - وايزمن: محمية بريطانية ام دولة يهودية؟

    بقلم محمد جلال عناية عن صحيفة القدس
    كان موقع فلسطين الجغرافي على امتداد التاريخ هو كنزها الذي يتخاطفه الطامعون من حولها وعن بعد، منذ العصور القديمة وحتى ايامنا هذه.
    تولى تحتمس الثالث (١٤٩٠ - ١٣٣٦ ق.م) عرش مصر بعد ان بلغ الاربعين من العمر، واستطاع ان يصبح سيد الموقف في الشرق الاوسط كله. وقاد سبع عشرة حملة عسكرية ناجحة، من بينها كانت معركة «مجدو» شرق حيفا في فلسطين.
    اما الاسكندر الاكبر (٣٥٦ - ٣٢٣ ق.م) ملك مقدونيا وابن فيليب الثاني. فبدأ تنفيذ مشروع محاربة الفرس الذي ورثه عن ابيه في ٣٣٤ق.م . فقضى قرابة عام لاخضاع فلسطين، ثم اتجه الى مصر، فاستسلم له حاكمها الفارسي. واسس مدينة الاسكندرية وهو في طريقه الى معبد الوحي في سيوه.
    اما الجيوش الصليبية فزحفت من تركيا الى فلسطين (١٠٩٩) فاحتلت عسقلان والقدس. ولكن صلاح الدين الايوبي هزم الصليبين في معركة حطين (غرب طبريا) عام ١١٨٧، التي مهدت لاسترداد القدس من الصليبيين.
    وغزا السلطان سليم الاول العثماني سوريا (١٥١٦) واحتلها بعد معركة «مرج دابق» ثم اتجه جنوبا عبر فلسطين، واحتل مصر عام (١٥١٧) بعد معركة الريدانية، خرج الامبراطور نابليون الاول، معبود الشعب الفرنسي الذي حول جيشه من جنود جوعى الى جيش منظم في العام ١٧٩٩ بحملة الى سوريا. ولكن الحملة اخفقت امام اسوار عكا المنيعة في فلسطين.
    وفي العام ١٨٣٢ توجهت حملة مصرية بقيادة ابراهيم باشا (فاتح عكا) ولكن الدول الاوروبية التي كانت تنتظر انهيار تركيا لترث ممتلكاتها، اكرهت محمد علي باشا (١٨٤٠) على حصر حكمه داخل الحدود المصرية.
    لم يكن الحكام العثمانيون الرسميون على الاغلب من سكان المناطق التي يحكمونها، ولا يجيدون اللغة التي يتحدث بها اهل تلك المناطق، ولا يقيمون فيها زمنا كافيا لنسج روابط مع سكانها. فكانوا يتولون قيادة الجنود الذين لم تكن اعدادهم قادرة على فرض السلطة دون مساعدة. فاختار العثمانيون ان يبقوا على البنية المفيدة قائمة. لذلك انتعشت سياسة الاعيان. اما الاعيان فكانوا اولئك الذين يستطيعون القيام بدور سياسي للوساطة بين الحكومة والشعب.
    كانت سياسة الاعيان تظهر في اوضح صورها في المدن المقدسة كالقدس لان على السلطة العثمانية ان تحافظ على شرعيتها في العالم الاسلامي بسيطرتها على المدن المقدسة، وعلى طرق الحج. وفي مثل هذه المدن كان الاعيان من احفاد طبقة ارستقراطية عريقة وذات ارتباط بالشؤون الدينية.
    عندما ازدادت المصالح وامتد النفوذ الاوروبي الدبلوماسي في الامبراطورية العثمانية اتجهت جماعات كثيرة لطلب حماية القنصليات الاوروبية. ومع انهيار النظام التجاري القديم، فان نمو التجارة الاوروبية وفر الثراء والقوة الاقتصادية للمسيحيين واليهود الذين كانوا يتمتعون بحماية القنصليات الاجنبية.
    ان سياسات «تركيا الفتاة» دفعت بالاعيان العرب الى تبني الفكرة القومية العربية كوسيلة لمقاومة «تركيا الفتاة» و «لجنة الاتحاد والترقي». فبعزل السلطان عبد الحميد تلقى الاعيان العرب ضربة قوية بطردهم من مراكزهم بدعوى انهم كانوا من اعوان نظام السلطان. وبالاضافة الى ذلك، فان لجنة الاتحاد والترقي تدعم سياسة التتريك بفرض اللغة التركية لغة رسمية في التعليم والادارة الحكومية في جميع انحاء الامبراطورية العثمانية. فدعم العروبيون من الاجيال الجديدة فكرة اتحاد سوريا وفلسطين، وسافر بعضهم الى دمشق للعمل في حكومة الملك فيصل المؤقتة.
    ولكن قلة من الاعيان دعموا ثورة (١٩١٦) الهاشمية، ولم يعترفوا بفيصل ممثلا لهم، وظلوا موالين لاستنبول حتى احتلال الحلفاء لها عام ١٩١٨.
    في الفترة التي كانت فيها الامبراطورية العثمانية تنهار بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كانت بريطانيا تضمر توسيع امبراطوريتها على أنقاض الامبراطورية العثمانية، وجهت الحكومة البريطانية كل جهودها السياسية والدبلوماسية واستعداداتها العسكرية لتحقيق هذه الغاية، واستطاعت بحنكتها ودهائها تجنيد الاضداء في خدمة مصالحها.
    بدأ العداء للسامية (كراهية اليهود) في روسيا من منطلق ديني . وكانت الكراهية الدينية لهم مبعثها كما يقول الاسكندر الثالث : «انهم اليهود هم الذين صلبوا المسيح وسفكوا دمه» . وفي ظل هذه الكراهية كان تحول اليهودي الى المسيحية كافيا ليريحه من عناء هذه العداوة.
    في نهاية القرن التاسع عشر، بدأ عداء عنصري ضد اليهود يتشكل في اوساط البلاط الامبراطوري، وبين كبار المسؤولين الروس. وتحالف الفلاحون مع هؤلاء الذين يلقون باللائمة على اليهود ويتهمونهم بأنهم سبب فقرهم وسوء حالهم. ويقول اليهود بأنه قد تولد من هذا المزيج بين التيار الوطني الروسي، وجماهير الشعب الروسي ما اطلق عليه اليهود اسم «الفاشية المعاصرة». ولقد تجسد هذا التيار في «اتحاد الشعوب الروسية»، الذي تعزى اليه عمليات التعذيب والمذابح التي كان يتعرض لها اليهود.
    تحت تأثير الضغوط التي تعرض لها اليهود في روسيا القيصرية، وضعوا بين خيارين: الاول هو الهجرة الى اقطار اوروبا الغربية والولايات المتحدة الاميركية. اما الخيار الثاني فهو الانضمام الى الجماعات الثورية مثل المنظمة الماركسية «الديمقراطية الاشتراكية» وغيرها من المنظمات السرية.. وهذا ما ادى ببريطانيا لدعم الحركم الصهيونية بكل قواها لابعاد اليهود عن الشيوعية، ولتجنيدهم في خدمة بريطانيا.
    لم تكن المنظمة الصهيونية في افضل حالاتها عند بداية الحرب العالمية الاولى. حيث لم تحظ الحركة الصهيونية بدعم اليهود حتى في اوروبا الشرقية. وفي العام ١٩١٤ انشأت المنظمة الصهيونية «مكتب الشؤون اليهودية» في كوبنهاجن عاصمة الدانمرك، ولكن المكتب لم يكن فعالا، حيث مكث قادة الحركة الصهيونية في بلدانهم وعانت الحركة الصهيونية من التفتت والبعثرة.
    عندما اشتعلت الحرب العالمية الاولى (١٩١٤/٧/٢٨)، فانها رفعت اهمية فلسطين بشكل مفاجىء في حسابات الحلفاء العسكرية. حيث اصبحت قناة السويس تشكل الاهمية المركزية لسياسة بريطانيا في الشرق الادنى فكانت تمثل ممرا حيويا للتجارة والقوات العسكرية البريطانية، فقد سبق للقوات العثمانية محاولة غزو قناة السويس في كانون الثاني ١٩١٥، وفي آب ١٩١٦ من فلسطين.
    وفي خريف ١٩١٥ عقدت اتفاقية بين الشريف حسين والسير هنري مكماهون. حيث تسلم الشريف حسين رسالة من مكماهون، اعلنت بأن بريطانيا مستعدة للاعتراف ودعم استقلال العرب في كل المناطق التي حددها الشريف «حسين» باستثناء مناطق من سوريا تقع غرب دمشق وحمص وحماة وحلب». وفي المقابل فان الهاشميين العرب سوف يشاركون الحلفاء في الحرب ضد تركيا، على ان يأخذوا النصح والارشاد من بريطانيا العظمى.
    في الحقيقة، اقترح لويد جورج في بداية الحرب ضم فلسطين الى بريطانيا وعندما اصبح لويد جورج رئيسا للوزراء، وبلفور وزيرا للخارجية، رأت الحكومة الجديدة ان اتفاقية سايكس بيكو (بريطانيا) - بيكو (فرنسا) ليست كافية لضمان المصالح البريطانية في فلسطين، وان اليهود كشعب تابع يمكن استخدامهم كوتد للسيطرة البريطانية كما هو حال العرب يملكون ولا يحكمون. وان لويد جورج لم يكن له اية علاقة باتفاقية سايكس - بيكو، ويعتبرها وثيقة حمقاء قائمة على حسابات خاطئة. وكان كل من مارك سايكس، وليوبولد امري، ووليم، ورزمبي - غور وكلاء وزارة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط يؤيدون الشراكة مع الصهيونيين.
    في الحقيقة لم يكن اي من الحلفاء غافلا عن هدف بريطانيا من دعمها للصهيونية. في ١٩١٧/٤/٦، اخبر سايكس نظيره الفرنسي بيكو بأن جهود بريطانيا العسكرية في فلسطين يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار في مؤتمر الصلح. كذلك لم يجهل الصهيونيون دورهم كامتداد للسياسة البريطانية ففرحوا ورحبوا بهذا الدور للدعم والصداقة التي اصبحت رسمية مع هذه القوة الامبراطورية العظيمة. وطلب البريطانيون من اليهود ان يؤكدوا في بريطانيا وجميع البلدان الاخرى بأنهم يؤيدون الحماية البريطانية للديار المقدسة.
    في شهر حزيران ١٩١٧، حث جيمس آرثر بلفور (balfour) وزير الخارجية البريطانية الصهيونيين انفسهم على صياغة الاعلان البريطاني بالالتزام بتحقيق الوطن القومي اليهودي ليقدمه بنفسه لوزارة الحرب مع توصية منه.
    المثير للدهشة ان المعارضة الشديدة للاعلان جاءت من الوزير اودين مونتاجو الوزير اليهودي الوحيد في الحكومة البريطانية لشؤون الهند. وفي ١٩١٧/٩/٣ هدد بالاستقالة لان الاعلان سوف يثير المسلمين الهنود. ولكن معارضة مونتاجو ومعه جيرترودبل واللورد كيرزون لم تغير مواقف بلفور وسمطس ولويد جورج وانما ادت الى تلطيف الاعلان. وفي ١٩١٧/١١/٢ صدر في حينه رسالة موجهة من جيمس ارثر بلفور وزير الخارجية البريطاني الى اللورد روتشيلد (Rothschild) رئيس الاتحاد الصهيوني البريطاني. وان عبارة «وطن قومي» كانت غير متداولة في اوساط السياسة الدولية، ولم تضع حدودا للوطن القومي اليهودي. وفي العام ١٩١٨، صارح بلفور احد اصدقائه قائلا :«ان املي الشخصي ان ينجح اليهود في تأسيس دولة يهودية في فلسطين» وهذا هو واقع الحال في السياسة الخارجية للدول: اهداف كاذبة معلنة، واهداف خفية حقيقية. ولا بأس من معاقبة انفسنا بهذا السؤال:«هل كان العرب لاعبين ام العوبة في لعبة تقرير المصير؟».

    في ذكرى انطلاقتها الـ48..فتح الحركة والهوية والمشروع الوطني

    بقلم أحمد يوسف عن صحيفة القدس
    في تاريخ حركات التحرر الوطني تنفرد دائماً اسماء قوى نضالية يعود لكفاحها الفضل في قيادة المشروع الوطني أو الاسهام في بعث الحراك الشعبي لمواجهة المحتل.. ففي فيتنام – مثلاً - هناك الفيت كونج وهوشي منّه، وفي الجزائر هناك أحمد بن بيلا وجبهة التحرير الوطني، كما هناك أن نيلسون مانديلا والمجلس الوطني الأفريقي (ANC) في جنوب أفريقيا، أما في إيرلندا فهناك مايكل كولينز والجيش الجمهوري (IRA)، وهلمَّ جرا.

    وفي فلسطين، هناك أبو عمار وحركة التحرر الوطني (فتح) والتي كان – ومازال - لها قصب السبق في تنظيم الجهود وتحريك الطاقات الفلسطينية في الوطن والشتات، وحشدها خلف فكرة العمل المسلح من أجل هدف التحرير والعودة وقيام الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة.
    لا شك أن لحركة فتح رمزية تاريخية يجب الاقرار بها، ولها سيرة نضالية لا يمكن التنكر لها، وتحوي سجلاتها قوائم طويلة من الشهداء والأسرى والمعتقلين والجرحى، ولها حضور في قلوب الملايين من أبناء فلسطين في الداخل والخارج.. كما أن علينا أن لا ننسى كيف حافظت الحركة بتاريخها النضالي الطويل وعلاقاتها الدولية على هوية الشعب الفلسطيني؛ تلك الهوية التي بذلت إسرائيل والحركة الصهيونية العالمية كل الجهد في محاولات تغييبها وطمس معالمها.
    إن هذه حقيقة يجب أن نعترف بها لحركة فتح، وبدرجات متفاوتة إلى الرفاق في الجبهة الشعبية الذين واكبوا هم أيضاً مشروع الكفاح المسلح والعمل السياسي منذ بداياته الأولى.
    فتح أبو عمار: الرمز والقضية
    ربما يدرك كل من عاش خارج هذا الوطن واستقر به المقام في بعض الدول الغربية أن السيد ياسر عرفات – رحمه الله – كان هو بمثابة البصمة الوراثية (DNA) للشعب الفلسطيني وهويته الوطنية. لقد كنا - أحياناً - نحتاج لذكر اسمه ونحن نُعّرف بأنفسنا وببلدنا، حتى يفهم البعض من أي بقاع الأرض نحن، وما الذي يمثله بلدنا العزيز. لقد كنا نقول لمن يسأل: من أين أنت؟ إنني من فلسطين.. فيرد باستغراب وتردد: باكستان..!! تشدد على النطق بالقول: فلسطين، فيصدمك رده المتلعثم: أفغانستان..!! تعاود القول بعناد واعتزاز، لا.. أنا من فلسطين؛ الأرض المقدسة، القدس، المسجد الأقصى، كنيسة القيامة، ياسر عرفات.. عندها يهز رأسه علامة الفهم، ويردد بإعجاب ياسر عرفات. عندئذ ترفع له الابهام "أصبع البصمة"، وتقول: نعم.
    لقد صنع الأخ الشهيد (أبو عمار) لهذا الشعب هوية الفلسطيني الثائر في وجه المحتل، وهوية المناضل من أجل قيم الحرية والكرامة الإنسانية، وهوية المنتفض ضد الظلم والقهر والاستبداد.. هوية رسمت ملامحها كوفية الفدائي وطفل الحجارة الذي يتحدى - بكل جسارة وإصرار- آلة الحرب والعدوان الإسرائيلية، ويجدع بمقلاعه أنف الغطرسة الاسرائيلية، ويكسر شوكة جيش الاحتلال المدجج بآلة القتل والدمار، هوية الاستشهادي الذي يحمل روحه على كفيّه ليهب لشعبه الحياة، ويبعث - بدمه وأشلائه الطاهرة - في جسد أمته ربيع النهوض والشهود الحضاري.
    هذه هي ملامح القضية في أبعادها النضالية والوطنية والقومية والعالمية، والذي عبرت عنه استطلاعات الرأي، حيث أشارت بأن أكثر من 85% من العرب يرون أن القضية الفلسطينية هي قضيتهم، فيما المسلمون يعتبرونها القضية المركزية الأولى للأمة، أما العالم فقد أعرب عن تأييده لمنح فلسطين وضع "دولة بصفة مراقب" في الأمم المتحدة، حيث صوتت 138 دولة من بين 193 لصالح القرار.
    إن هذا تاريخاً ناصعاً لإخواننا في حركة فتح يجب أن لا نطوي عنه الذكر صفحاً، بل يوجب علينا أن نتحدث – بإنصافٍ - عنه وأن نشيد به.. اليوم - وفي الذكرى الميمونة للانطلاقة الـ48 - فإن هذا هو الوقت المناسب لاستدعاء التاريخ وتذاكره، والقول بالفم المليان: "الفتحاوي أخي، ونِعم الأخ.. وفي قمرة عينيه أشعر بالراحة وأستطيب الأمان في حياض موطني".
    حركة فتح: صفحات البداية ومسار الانطلاق
    في منتصف الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن الماضي، غادر الكثير من عناصر الحركة الإسلامية قطاع غزة إلى بلدان الخليج العربي، وذلك إثر الملاحقات الأمنية التي قامت بها أجهزة النظام المصري الذي كان يتولى الإشراف الإداري على شؤون القطاع.. وهناك في بلدان الخليج، وجدت هذه العناصر لها ملاذاً آمناً وفرَّ لها البيئة التي شجعتها على التحرك والتفكير بضرورة قيام حركة تحرر وطني، تعمل من أجل تحريك الأمة وحشدها بهدف تحرير الوطن السليب.
    إن الذي يقرأ تاريخ تلك المرحلة – بتمعنٍ وإنصاف – لا يمكنه أن يُشكك في توجهات تلك المجموعة أو يطعن في نواياها.. نعم؛ ربما أخذ الخلاف بُعداً أوسع في مداه من كل التوقعات، حيث كانت النقاشات - في البداية - بين تلك العناصر الإسلامية ذات طابع فكري، حاول فيه أولئك الأخوة إقناع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين بجدوى الفكرة، وجذب الجماعة إلى مربع الرؤية التي تبلورت ملامحها لهم، ولكن "الموقف والقرار" كان لدى الإخوة في قيادة التنظيم الإخواني – آنذاك – هو أن هذا المشروع لن يُكتب له النجاح، لأن النظام العربي سيعمل على إعاقة تحركاتهم على أراضيه، كما أنه لن يسمح لهم بممارسة الكفاح المسلح عبر حدوده مع دولة الاحتلال؛ باعتبار أن ذلك يمكن أن يشكل تهديداً لمصالحه وكيانه السياسي.
    على أية حال، انتهت المجادلات أو السجالات الفكرية إلى خروج تلك المجموعة الإسلامية من التنظيم الإخواني، حيث توسع بعد ذلك مجال عملها وطرائق حشدها لمشروعها الوطني، وتمكنت من استقطاب الكثير من الشخصيات الفلسطينية المقيمة في دول الخليج.. وفعلاً كانت هذه النواة الإخوانية المكونة من خليل الوزير(أبو جهاد)، صلاح خلف (أبو إياد)، سليم الزعنون (أبو الأديب)، محمد يوسف النجار (أبو يوسف)، سعيد المزين (أبو هشام)، رفيق النتشة (أبو شاكر)، محمود عباس (أبو مازن).. إضافة إلى إخوانهم في الحركة الوطنية؛ ياسر عرفات (أبو عمار)، هاني الحسن (أبو طارق)، كمال عدوان (أبو رامي)، فاروق القدومي (أبو اللطف)...الخ هي من قام بإنشاء حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح) التي انطلقت في العام 1965.
    في العام 1969، أي بعد عام من معركة الكرامة بالأردن، تمَّ اختيار الأخ (أبو عمار) رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث نجحت حركة فتح في بسط السيطرة عليها، ومد أجنحة نفوذها على كل فصائل العمل الوطني المنضوية تحتها.
    حاول (الإخوان المسلمون) في الأردن - في أواخر الستينيات - ترميم علاقتهم بحركة فتح وبمنظمة التحرير الفلسطينية، حينما فتحوا باب التطوع لكوادر الحركة الإسلامية للالتحاق بالعمل المسلح، والذي كان الأردن - بعد نكسة 67 - منطلقاً له.. وقد احتضنت الثكنات التي أقامها الإخوان - وعرفت باسم "معسكرات الشيوخ" - الكثير من أبناء الحركة الإسلامية، والذين وفدوا متطوعين من بلدان عربية وإسلامية مختلفة، ليشاركوا في معركة تحرير بيت المقدس، وفك قيد المسجد الأقصى الأسير.. وقد أقام الإخوان علاقة تنسيقية جيدة مع حركة فتح من حيث التسليح وتدريب كوادرها الإسلامية.
    ومع أحداث أيلول الدامية من عام 1970، رحل "مقاتلو الثورة الفلسطينية" إلى لبنان، وانفضّ سامر "معسكرات الشيوخ"، وعاد الخلاف في تفسير وقائع الأحداث، حيث اتخذ (الإخوان المسلمون) قراراً بعدم التورط في الصراع الدائر بين "مقاتلي الثورة" والنظام الأردني، باعتبار أن هذه ليست هي معركتهم أو أرض الوغى التي جاءوا يطلبون الشهادة على ثراها. وانتهت بذلك "الساحة" التي اعتقدت كوادر الحركة الإسلامية عام 1970 أنها المنطلق لمشروعها الجهادي على أرض فلسطين، إذ قام الجيش الأردني بتصفية قواعد الفدائيين، وتعقبهم إلى جرش في آخر حصونهم، بينما انسحب الإخوان المسلمون إلى مقراتهم ومراكزهم وقواعدهم سالمين، حيث إنهم لم يروا هناك من مصلحةٍ في مقاتلة الجيش الأردني.
    المشروع الوطني: برامج متعددة وخيارات متكاملة
    إن من المعروف في الساحة السياسية والنضالية الفلسطينية أن حركة فتح منذ انطلاقتها في كانون الثاني 1965 وحتى تأسيس السلطة الوطنية في عام 1994 وما أعقبها من إدارة الشأن الفلسطيني في الداخل، وهي تعمل على استيعاب الآخر الوطني تحت عباءتها، تاركة مساحة محدودة الأبعاد لكل فصيل للتعبير عن هويته الحزبية، وممارسة ما يراه من أشكال النضال السياسي والعسكري، ولكن على هذا "الأخر الوطني" أن يفهم أن حركة فتح وقاطرتها الممثلة بالسلطة الفلسطينية هي من يقود ويحدد دروب وطرائق انجاز المشروع الوطني وفق المعايير التي حددتها اتفاقية أوسلو، وتمّ تدشينها في واشنطن عام 1993.. لذلك، نعم؛ هناك قوى وفصائل وطنية عديدة منضوية داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن مسارات هذا "الكل الوطني" متسقة ومتناغمة، وهي لا تنحرف عن المساق أو الغاية التي تريدها حركة فتح؛ باعتبار أنها رائدة المشروع الوطني الفلسطيني.. لا شك أن هذه القوى والفصائل كان – ومازال - لها حق الاعتراض وتسجيل مواقفها المتباينة وتعبيراتها السياسية المختلفة، ولكن في النهاية ما تريده حركة فتح والسلطة الفلسطينية هو ما يتوجب الالتزام به والسير على هداه.
    إن الحقيقة التي لا يختلف عليها عقلاء هذا الشعب وحكماؤه هي أن القضية الفلسطينية أكبر وأعقد من أن يستوعبها - في هذه المرحلة - برنامج فصائلي واحد، كما أنه لا يمكن حمل الشعب الفلسطيني كله في اتجاه واحد؛ فالشارع الفلسطيني في رؤيته لمشروعه الوطني ليس على قلب رجل واحد. فهناك من يؤيد المقاومة كخيار، وهناك من يؤيد العمل السياسي كخيار أيضا، وهناك من يدعو إلى الجمع بينهما، وبالتالي لا ينبغي قصر الرؤية على اتجاه واحد، لأنه من الضروري تجنيد كل وسيلة – مهما صغرت – لصالح المشروع الوطني. من هنا تأتي أهمية الشراكة السياسية التي يجد معها كلُّ فصيل مساحة للعطاء والتضحية – بصدق – من أجل الوطن.
    فالشراكة السياسية هي الرد على كل من يدَّعي بأن الساحة الفلسطينية هي عبارة عن "خطوط متوازية لا تلتقي"، وهي صدع بالحق لكل من يصطنع وهماً ويختلق عذراً للتهرب من فرصة ذهبية لتوحيد الصف الفلسطيني وتعزيز فعالية قواه الوطنية والإسلامية.. إذا لم نلتقِ ونتوحد فلن نتحرر وننعم بالحرية والاستقلال، والحقيقة المرة التي يجب ألا تغيب عن أذهاننا أن الخطوط إذا بقيت في أدبيات الفصائل وقناعات قياداتها "متوازية" فإن فلسطين والتحرير سيظلان أيضاً خطين متوازيين..!!
    إن مرحلة التحرر لا تحتمل الصراعات الداخلية والنزاعات الفصائلية، ولا الغرق في صغائر الأمور وهوامشها، بل هي مرحلة كبيرة تتطلب عقولاً كبيرة وجهوداً كبيرة وحكمة "صاحب الزمان" ورشده.
    إن مرحلة التحرر الوطني لها مقوماتها وأسسها الخاصة التي يجب فهمها واستيعابها، حتى لا تختلط بمراحل أخرى تؤثر عليها أو تحرفها عن مسارها الصحيح.. وباختصار، يمكن فهم طبيعة مرحلة التحرر على النحو التالي:
    - هي مرحلة تقتضي تجنيد كل طاقات الشعب ومن يناصره لصالح التخلص من الاحتلال.
    - وهي مرحلة ذات أبعاد نضالية تحتاج إلى التضحية، وتقوم على العطاء والبذل ضمن رؤية مدروسة وخطة متفق عليها.
    - وكذلك هي مرحلة تقوم على تحقيق انجازات ملموسة (تراكمية) والانتقال – بذكاء ودهاء - من مربع لمربع آخر متقدم.
    - كما أنها مرحلة تتداخل فيها قوة السلاح مع القدرة على الانجاز السياسي.
    إن علينا أن نجتمع على فهم مشترك لمشروعنا الوطني، باعتبار أن ما يمكن أن تلتقي عليه القوى السياسية والاجتماعية الفلسطينية، لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وطموحاته الوطنية في التحرر والاستقلال والعودة وتقرير المصير، باستخدام كافة الوسائل المشروعة.
    إن النجاح في التصدي للمشروع الصهيوني الاستيطاني يحتاج إلى رصِّ الصفوف وتوحيد الجهود والتحرك على هدى بوصلة واحدة تصل ما انقطع من علاقات بين أبناء الوطن الواحد. إن الوقت ليس في صالح أحد، والمستفيد الوحيد هو دولة الاحتلال، التي سرّعت من وتيرة عملياتها الاستيطانية في الضفة الغربية وداخل القدس الشرقية بهدف تهويد المدينة المقدسة.
    إن ما يجمعنا داخل أسرة المشروع الوطني الفلسطيني أكبر بكثير مما يفرقنا، وأن مساحة المشترك بيننا تكفي للأخذ بأيدينا جميعاً إلى ما فيه الخير لنا ولوطننا ولمستقبل قضيتنا وأمتنا.. ففلسطين تعشعش في وجداننا الوطني ووعينا الجمعي، وحق العودة مطلب لا يختلف عليه من هم داخل الوطن أو في خارجه، وعروبة فلسطين لكل ساكنيها هي أحد ثوابت القضية وركن من أركانها.. كما المسجد الأقصى بمكانته الدينية والتاريخية هو نقطة الجذب والحيوية في العقل والوجدان العربي والإسلامي لفلسطين.
    إن وجود شعبنا تحت الاحتلال يستلزم منا تأكيد شراكة الجميع في وضع الرؤية الاستراتيجية للوطن.. إن كل ما حولنا يشي بحاجتنا إلى تفكيك كل بؤر التوتر ومضخات التصعيد، والسماح بانسياب الجهد الوطني والإسلامي في عملية تكاملية تعاظم من إمكانيات صمودنا في وجه مخططات الاطراف المناهضة لنا.
    إن الشراكة السياسية كمصطلح للتعايش وحل النزاعات الداخلية هو آلية تعاطت معها الكثير من شعوب العالم التي مزقتها الحروب الطائفية والإثنية والدينية، حيث وجدت في الشراكة السياسية طوق النجاة الذي يحمي الجميع من الغرق.. ونحن وإن كنّا في مجتمعنا الفلسطيني أكثر انسجاماً وتجانساً في التركيبة الاجتماعية، إلا أن النبرة الحزبية والفصائلية قد نخرت في عظام شعبنا، واستوطنت نخاعنا الشوكي بشكل يهدد أساسات مشروعنا الوطني، ومستقبليات نسيجنا الاجتماعي وفعلنا المقاوم.
    لذلك، ونحن نتحرك في اتجاه المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام علينا أن نؤسس لمرتكزات استمرار الوفاق والاتفاق فيما بيننا، وعلى أصحاب الحناجر ومنتحلي صفة الصقور أن يكفوا ألسنتهم عن الاتهامات والتجريح الذي يتجرع شعبنا غثائياته على الفضائيات صبح مساء.. إن على الجميع أن يفهم بأننا شعب يحتاج إلى من يمد له يدُّ العون الإنساني والسياسي والمعنوي، وهذا يستدعي أن نكون صفاً واحداً، يخاطبنا الآخرون بالقول: "إنك شعب جئت على قدر"، فينتصر لمظلوميتنا كلُّ حرٍّ شريف في هذا العالم.. وعلينا أن نتذكر جميعاً أنه لا يمكن بناء وطن على أرضٍ رخوة وقاعدة من الخلاف والتربص والتحريض والخصومة.
    إن الطريق للتعايش والحفاظ على مقدرات شعبنا وقوى الفعل المقاوم فيه تتطلب أن نبني نظاماً سياسياً قائماً على مفهوم الشراكة، يتمثل فيه الجميع كلٌّ بحسب حجمه وقاعدته الجماهيرية، لا يتفرد فيه طرف على الآخرين، وأمهات المسائل يجب أن تؤخذ - في مثل وضعيتنا - بالإجماع، وينطبق على حالة التعامل فيما بيننا مقولة أبي بكر (رضي الله عنه) للأنصار في اجتماع السقيفة: "لا تفتاتون بمشورة ولا تقضى دونكم الأمور".. شركاءٌ في الدم، شركاءٌ في القرار، وهذا الوطن نحرره معاً ونبنيه معاً.
    ختاماً: تطلعات وأمل
    أتمنى على كل فتحاوي أن يحرص على اصطحاب حمساويٍ معه لمهرجان الانطلاقة، كما أتمنى على كل حمساوي أن يهنئ أخيه وجاره الفتحاوي ويبارك له هذه الذكرى، لأنها هي البداية – إن شاء الله – لزوال الغمة التي عكرت صفاء علاقاتنا الوطنية، ونهاية الاحزان التي حطت رحالها بديارنا منذ الأحداث الدامية في حزيران 2007.
    إننا نريد أن نبدأ عامنا الجديد بروح تفاؤلية عالية تملؤها معاني الحب والتآخي والوئام والأمل؛ اليد باليد والكتف بالكتف، والعيون – من أجل الوطن - على زنادها ساهرة.
    نتمنى بعد هذه الانطلاقة، وقبل أن يطوي شهر كانون الثاني - من العام الجديد - أشرعته ويغادرنا إلى سجل الذكريات، أن تعود لعلاقاتنا الوطنية طهارتها وصدقيتها، وأن نخرج معها من ثوب النرجسيات و"الأنا" الفصائلية إلى فضاء الوطن، وأدبيات الوطن، واحتفاليات الوطن ومناسباته الوطنية والدينية.
    أتمنى في كلمة الأخ الرئيس (أبو مازن) بذكرى الانطلاقة الـ48 أن تتضمن الإعلان الرسمي عن دعوته لأمناء فصائل العمل الوطني والإسلامي للقاء بالقاهرة في منتصف أو نهايات شهر كانون الثاني 2013 أو حتى بدايات شهر شباط، لتدشين مسارات التحرك القادم؛ بدأً من عودة المجلس التشريعي للانعقاد، إلى التحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتجديد شباب المجلس الوطني الفلسطيني، والتفاهم على صيغة لحكومة انتقالية تدير العملية الانتخابية صيف هذا العام الجديد. ولعلي هنا أعيد ما قلته في مقال سابق بعنوان: "من الانتصار إلى المنصة، ومن المنصة إلى المجهول"، بأن شعبنا ينتظر من قيادته السياسية أن تعبر به إلى الانتصار الثالث وهو تحقيق المصالحة الوطنية، وليس التوقف طويلاً عند نشوة الفرحة بالانتصار العسكري والسياسي، حتى لا نفجأ بأننا بدلاً من أن نتنفس الصعداء بالخروج من النفق منتصرين، والتمتع بمشاهدة إشعاعات النور والفضاء، نجد أنفسنا - متسمرين باستغراب - أمام باب نفق جديد..!!
    تهنئة من القلب لحركة فتح بانطلاقتها الـ48، وهنيئاً للوطن بفرحة عام جديد.

    حاجز على طريق دمشق

    بقلم غسان زقطان عن صحيفة الايام
    على طريق دمشق ـ قبل أكثر من ستة عقود ـ أوقفَ عبد القادر الحسيني سيارتَه أمام حاجز للجيش السوري، نزل عبد القادر الذي كان في طريق عودته إلى القدس؛ بعد تلقيه أنباءً عن تجدّد الهجوم على ضواحي القدس والطرق المؤدية إليها، منهياً محاولته الأخيرة للحصول على السلاح الضروري، أي سلاح ممكن للدفاع عن المدينة المهدّدة بالسقوط في كل لحظة، وافتقار أبنائها إلى السلاح، أي سلاح.
    وبينما كان خطباء الأمة يواصلون تلميع منابرهم وتدبيج فتاواهم وخديعة شعوبهم، كان المقاتل الفلسطيني الذي سيستشهد بعد ساعات في "القسطل" ـ التي تحمي الطريق إلى القدس ـ يقف على حاجز للجيش السوري، حاجز لم يطلب منه جنوده الذين يقودهم ملازم شاب الوقوف، ولكنه توقّف وطلب من الملازم الشاب أن يتبعه إلى صندوق السيارة، في الصندوق تمدّدت أربع أو خمس بنادق مستخدمة، أشار عبد القادر إلى البنادق، وقال للملازم الشاب المشدوه:
    "هذا هو ما منحته الأمة للقدس".
    أغلق الصندوق، وعاد إلى سيارته، وواصل اندفاعه وحيداً مع خمس بنادق على طريق دمشق - القدس. كل ما كان يطالب به وفّره ذلك الحاجز على الطريق، كان بحاجة إلى شاهد، وكان الملازم السوري الشاب وجنوده شهوده على الخديعة.
    الآن يعيد التاريخ نفسه، على الرغم من أن طريق دمشق - القدس لم تعد سالكةً منذ أكثر من ستة عقود، وعلى الرغم من أن عبد القادر قد استشهد، وملازم الحاجز وجنوده أخذتهم الدنيا.. والزمن.
    تضغط الدول العربية المانحة على منظمة التحرير الفلسطينية، تضغط بالصمت والتجاهل وعدم الإيفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني، تضغط الدول العربية بقوة وشراسة، وتستنكر وتشجب وتدين، في الوقت نفسه، دون أن يرف للناطقين باسمها جفن، مشاريع الاستيطان وتهويد القدس. شبكة الأمان التي وعدت بها الجامعة العربية لم توفّر الأمان لأحد ولا للوزراء الذين نسجوها ببلاغتهم المثيرة للسخرية، والتي لم تعد تقنع أحداً، تماماً كوعد الـ 500 مليون دولار العربية المقررة لدعم صمود القدس، والتي فقست في وسائل الإعلام وطافت ولم تصل القدس.
    كل ما نحتاجه هو الشهود، أن نفتح خزانة الأشباح، ونعلن ببساطة ووضوح كيف تحدث الأمور، أين هي شبكة الأمان؟ وما هي قيمة الدعم الذي وصل ولمن ولأي أغراض؟ على الناس أن يعرفوا ما الذي يقال في الغرف بعيداً عن وسائل الإعلام والناطقين بأسماء المانحين العرب، هذه مسؤولية وطنية وأخلاقية، ولا ينبغي ـ ولم يعد مقبولاً ـ الصمت وتركهم يتغطّون ببلاغتهم ويواصلون خديعة شعوبهم ونهبها وتعذيبها وخذلان فلسطين وقتل أبنائها، أن نجردهم من فلسطين التي تعيّشوا على عنائها وصبرها وكفاحها ونتركهم مكشوفين كما هم وكما يليق بهم أن يكونوا.
    افتحوا الصندوق أمام الأمة حتى لا نكون جزءاً من الدور البائس للأنظمة العربية وأدوار ممثليها الجدد الهزليين.

    انـصرام؟!

    بقلم حـسـن الـبـطـل عن صحيفة الايام
    تعجبني مفردة "انصرام" في وصف توالي الزمان: الأيام والشهور والسنوات، ربما لأنها قريبة من مفردة "صرماي" وهي ضرب من النعال. انصرم العام ٢٠١٢ ولا أصفه بـ "الصرماي" إلا في أزمة الرواتب (لأن الجود العربي غير موجود!).
    لكن، تحيرني اشتقاقات لغة الضاد بين مفردات "ماء قراح" و"قريحة شعرية" و"قرحة معدية".
    مع عام يطل (يذر بقرنه!) أحتار بين ركوب مركب الشعر (وهو ليّن) ومركب السياسة (وهو خشن) ومركب الحياة (وهو بين بين).
    نبدأ العام الجديد شعرياً، ولو أنني فشلت في نسبة بيت الشعر الى الشاعر في قوله: ".. وأهلكني تأميل يوم وليلة / وتأميل عام بعد ذاك فعام" .. لكن اسعفتني ذاكرتي المضروبة على نسبة بيت الشعر الى الشاعر المتنبي في قولته: "أريد من زمني ذا أن يبلغني / ما ليس يبلغه من نفسه الزمنا"
    ولعله ينطبق على حالتنا في سعينا الى "كان اسمها فلسطين وعاد اسمها فلسطين".
    لي قريحتي الشعرية ايضاً، وقد جادت علي بالقول: "لي العمر ما شاء الزمان واشتهيت / صبحاً على جنح الفراشة" / "يمشي المكان في المكان الى المكان .. وأنت يمشيك الزمان".
    سوف يمشيني ويمشيكم الزمان، لكن هذا المكان الفلسطيني يدور حول نفسه، او يدور الزمان حول ميقاته الميلادي، ففي هذه الارض ولد التأريخ الميلادي (وليس التاريخ).
    إنها بلاد عجيبة، يقول الجغرافيون الألمان عنها إنها "قارة صغيرة" فهي رأسها في الثلج وقدماها في الصحراء، وهي فريدة ايضاً لأن بلاد الديانات السماوية الثلاث، ذات ثلاث بدايات للزمن: الميلادي (الذي يقود تأريخ الأزمنة) والعبري (الذي يستعيد قصة الخليقة في ستة أيام، مع أن نصف الاميركيين يؤمنون أن عمر الارض لا أكثر من ستة آلاف عام!).. واخيراً، الزمان الهجري الاسلامي.
    أظن، وبعض الظن ليس إثماً، أن عبارة "تؤلف ولا تؤلفان" منسوبة للعرب .. وربما للعجم لا فرق، ولكنها ألفّت ثلاثاً وستؤلف ثلاثا ورباعاً وخماساً .. والى ما شاء الله!
    لا أعرف - أعرف لماذا اختارت "فتح" العظيمة آخر ليلة في العام المنصرم لتبدأ تاريخاً فلسطينياً، أظنه الميلاد الثاني في ارض الميلاد، وهذه السنة الـ ٤٨ ميلادية - فتحاوية - نضالية، وقد "عاد اسمها فلسطين" لكنها تبقى في زمن النبوات والنبوءات لتصير دولة!
    طوبى لمن عاش ليلة الانتقال من سنة الى اخرى، ومن سنوية الى أختها، ومن الفية ثانية الى ثالثتها في العام ٢٠٠٠، والحمد لله انني عشتها شخصيا ووطنيا، شخصيا في آخر رقصة لي وكانت في "المطل" المغلق الآن برام الله التحتا وشاركنا الراحل حسين البرغوثي، ووطنياً بالانتفاضة الثانية. نعم سهرت ورقصت رغم حظر السلطة السهر العام والرقص العام في ذلك العام احتراماً لشهداء كانوا يسقطون.
    "يسألونك عن الروح .. قل الروح من أمر ربي"، لكن يسألونك عن الدولة؟ قل الدولة آتية لا ريب فيها، مع أنني لا أدري هل اعيشها ام لا، لأنها مسألة زمان قد يكون بالسنوات وقد يكون بالعقود من السنوات. هل قيامة فلسطين قيامة على اسرائيل؟
    هناك مصري عاشق لمصر اسمه جمال حمدان وله كتاب "مصر عبقرية المكان" وأظن ان لفلسطين - المقدسة "عبقرية الزمان" ليس لأن التأريخ الميلادي ولد فيها، ولكن لأن الثورة الفلسطينية كانت نوعاً من "عبقرية الارادة" جعلت العرب في فلسطين شعباً في نظر أنفسهم، ثم شعباً في نظر العالم، وقالها الفرنسي كزافيه بارون عنواناً لكتابه في سبعينيات القرن المنصرم.
    منذ مطالع الالفية الثالثة يقول ساسة العالم بفلسطين - دولة، وأخيراً في العام المنصرم ٢٠١٢ قالتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.
    لا شيء يرعب اسرائيل اكثر من انبعاث فلسطين، شعباً ودولة، وقد عدّتهم مجرد "عرب" فإذا بهم يتحاربون مع عرب الانظمة ومع أنفسهم. جيد أن يغار الاسرائيليون من عنادنا ونضالنا وصبرنا .. وايضا من شعار "ونساويهم بنا" وصحيح انهم الاقوى الآن، لكن لم يغادروا عقلية "سور وبرج" بينما قرانا ومدننا "مسيجة بالمدى المفتوح"!
    غيري يلوم السلطة (وأنا ألومها ايضاً) لكن يلوموننا على تعدد خياراتها بين الدولة وحل السلطة، وبين المفاوضات والانتفاضة، وبين الكونفدرالية والدولة المستقلة.
    كل ما في الأمر أننا المحاصرون من اسرائيل (والعرب) ولكن خياراتنا تحاصر خيارهم الوحيد: تأبيد الاحتلال. احتلال سوف "ينصرم" ذات يوم ذات عام.. ذات جيل. "احنا وإياهم والزمن طويل" كما قال ياسر عرفات!

    ما الذي يدور في الخفاء؟

    بقلم طلال عوكل عن صحيفة الايام
    لا بد أن السلطة والمنظمة والرئيس محمود عباس، والسياسة الفلسطينية عموماً يواجهون أمراً جللاً، حتى يهدد الرئيس بحل السلطة الوطنية، أو تسليمها إلى نتنياهو. وإضافة إلى النفي الذي صدر عن الدكتور صائب عريقات، بشأن احتمال حل السلطة على الأقل في الظروف الراهنة، فإننا نعتقد أن تصريحات الرئيس إنما تعبّر عن درجة عالية من الاحتجاج، أكثر مما أنها تعبّر عن بحث حقيقي في موضوع بقاء أو رحيل السلطة كخيار، فهذه مسألة وطنية، تحتاج إلى نقاش وطني جدي ومن نوع مختلف وفي إطار جملة من الخيارات.
    نعلم أن السلطة تُعاني أزمة مالية، تفرضها بالأساس الولايات المتحدة وإسرائيل، ويفرضها العرب الذين تعهدوا في قمة بغداد، ثم في اجتماع الدوحة مؤخراً، بأن يوفّروا للسلطة شبكة أمان مالية، لكنهم تخلّفوا بشكل جماعي عن الوفاء بهذا الالتزام.
    الدكتور نبيل العربي، قالها بصريح العبارة، لكنه لم يشرح الأسباب التي تدعو العرب للانضمام إلى القوى التي تمارس عملية ضغط وابتزاز مالي للسلطة، ولم يشرح الأسباب التي أدت إلى امتناع وزراء الخارجية العرب عن الذهاب إلى رام الله، وقيل إنهم من هناك سيعلنون عن مبادرة جديدة تتعلق بالمفاوضات والعملية السلمية.
    لا يصدق أحد أن وزراء الخارجية العرب كانوا سيذهبون إلى رام الله لتهنئة الرئيس عباس والسلطة بعد الإنجاز الذي تحقّق في الأمم المتحدة بشأن مكانة فلسطين، ولا نظن أيضاً أن هؤلاء كانوا سيذهبون إلى رام الله في إطار رغبة بعضهم في تطبيع العلاقة مع إسرائيل، فالدخول إلى رام الله، سيكون عبر الحواجز والموافقات الإسرائيلية، وليس كما هو حالهم عندما قاموا بزيارة إلى قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.
    ونعلم أيضاً أن أمير قطر، قرر تأجيل زيارته، وربما يمتنع عن القيام بها، لأسباب بروتوكولية، أو شكلية، أو لأنه يرفض تحميلها على مبدأ التطبيع، إذ لا بد أن تكون هناك أسباب سياسية، يسعى العرب إلى تحقيقها، والحصول على موافقة الرئيس والقيادة الفلسطينية عليها قبل أن يقوموا بزيارتهم، وقبل أن يقدموا للسلطة ما تحتاجه من المال.
    الأمر غريب إلى حد كبير، ففي أوقات سابقة، كانت إسرائيل تبدي حرصاً على أن تقوم الولايات المتحدة، بتوفير المال للسلطة، وأن تسمح للممولين بأن يقدموا التزاماتهم، وكانت إسرائيل أيضاً تبادر إلى تحويل أموال المقاصة للسلطة حين تواجه أزمة مالية أقل وطأةً من التي تواجهها هذه المرة.
    وحين كانت إسرائيل تهدّد بمنع تحويل مستحقات السلطة المالية، كانت الولايات المتحدة تحثها على تحويل هذه الأموال، فيما كانت الدول الأوروبية ملتزمةً بتقديم ما يترتب عليها من التزامات مالية، فما الذي حصل حتى تتوافق كافة الأطراف، الأوروبية والأميركية والإسرائيلية والعربية، على وقف تحويل الأموال للسلطة بما يهدد قدرتها على الوفاء وبالحد الأدنى من التزاماتها؟
    ثمة ما يُحاك في الخفاء، ويستوجب من السلطة إبداء الاستعداد لتقديم التنازلات التي يستطيع الرئيس عباس القبول بها، وإلاّ لما كان هذا الصمود الفلسطيني، ولما كان هذا الحصار الذي تفرضه كافة الأطراف على السلطة من باب المال وربما أيضاً يجري توظيف وسائل أخرى في إطار ممارسة الضغط والابتزاز.
    يقال إن الإدارة الأميركية بعد فوز أوباما بولاية ثانية، قد أوكلت للاتحاد الأوروبي، القيام بدور أكثر فاعلية تجاه إحياء عملية السلام، وأن هذه بصدد إعداد مبادرة سياسية تقوم على فرض الحل على الأطراف من ناحية وتتجاوز مسألة المفاوضات المباشرة من ناحية ثانية.
    مثل هذه المبادرة التي لم يكشف أحد أمرها حتى الآن، تحتاج إلى تحضير الميدان، والمقصود بالميدان طرفا الصراع، ولكن مما تقدم يبدو أن الضغط يتركّز على الطرف الفلسطيني دون الإسرائيلي، ولهذا يجري استخدام العرب لتفعيل عملية الضغط، من أجل انتزاع مواقف من السلطة.
    إسرائيل الآن تتحضّر لانتخابات عامة ستجري بعد نحو ثلاثة أسابيع، ولذلك فإن مؤشرات الضغط عليها، إن كان ثمة ما يستدعي الضغط هي مسألة مؤجلة إلى ما بعد الانتخابات. والأرجح أن إسرائيل لن تواجه ضغوطاً ثقيلةً فعالةً من العيارات الثقيلة التي تتعرّض لها السلطة الفلسطينية الآن. وربما لا تنجح هذه الضغوط مع إسرائيل التي يحكمها ويتحكّم فيها اليمين الإسرائيلي الذي يعمل على أجندة سياسية لا تسمح بقيام دولة فلسطينية، ولا تسمح، بوقف الاستيطان أو التنازل عن تهويد القدس واعتبارها عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة، قبل أيام كان الرئيس محمود عباس يهدد بمحاسبة إسرائيل بسبب مشاريعها الاستيطانية، التي تعرّضت لانتقادات دولية واسعة وبنبرة عالية، اعتقد معها الرئيس أنه سيكون بالإمكان في ظل تلك الأجواء، نقل ملف الاستيطان إلى المحاكم الدولية.
    الآن يدرك الرئيس أن الأمر ليس سهلاً، وأن من يقومون بممارسة الحصار المالي على كثرتهم، سيكونون هناك، لإفشال أي مساع فلسطينية تحاول محاسبة إسرائيل ومعاقبتها، ولذلك فإنه لا يجد سبيلاً إلاّ التهديد بحل السلطة، التي لا يرغب أحد في حلها أو انهيارها.
    الأطراف التي تمارس عملية الحصار والضغط والابتزاز لا تأخذ تهديدات الرئيس عباس بشأن حل السلطة على محمل الجد، ولذلك كان عليه أن يتخذ خطوات عملية أكثر جدية في نقل الرسالة الفلسطينية الرافضة لكل هذا المجرى.
    تبدأ الخطوات الفعّالة في فضح المستور الذي تسعى إليه الأطراف الدولية والعربية، وكشف الحقائق أمام الفلسطينيين، لا لتبرئة ذمته فقط، وإنما لتحشيد الشعب الفلسطيني خلف الموقف الوطني، إن عملية الفضح لا بد أن تشمل الدول العربية التي تتخلّف عن الوفاء بالتزاماتها وواجباتها المالية تجاه السلطة، غير أن الخطوة الأخرى المهمة تكمن في المبادرة باتجاه المصالحة الفلسطينية، وتجاوز كافة الحسابات التي تؤدي إلى تأخيرها، إن تحقيق المصالحة، هو الذي يضمن للفلسطينيين أن يعيدوا صياغة إستراتيجياتهم وخياراتهم، ويضمن إطلاق طاقة المقاومة الشعبية على اتساعها وعمقها بما يكفل إفشال هذه المخططات.

    مع "فتح"

    بقلم عاطف أبو سيف عن صحيفة الايام
    قد لا يعرف الفلسطيني سبباً محدداً كان وراء انتمائه لـ"فتح"، وقد لا يعرف لحظةً معينةً وجد نفسه فيها فتحاوياً، وهو قد يجد صعوبةً في تفسير شعوره الفتحاوي، وعاطفته تجاه الفكرة الفتحاوية، كما أن كل فلسطيني في لحظة صفاء مع ذاته سيجد أن به شيئاً من "فتح" يصعب عليه، أيضاً، نكرانه، ويصعب عليه أن يغطيه ولو بالإسمنت المسلّح. ثمة شيء في "فتح" ارتبط بفلسطين، ووجد جذوره في تماهيه مع القضية وتفاصيلها كما مع الجماهير وأحلامها وحتى خيباتها. الفلسطيني ليس بحاجة إلى أن يعبّر عن هذا ولا أن يبرره، فهو يجوز القول إنه يولد فتحاوياً بالفطرة وحتى إن وجد له تنظيماً آخر، فإن شيئاً من "فتح" يبقى في نفسه أو روحه.
    ليس لأن طريق الحرية الفلسطيني مضاء بأرواح آلاف الشهداء الذين قدمتهم الحركة في سبيل القضية ومشروع التحرر وكان ومنذ السنوات الأولى قادة الحركة أول من يقدمون أرواحهم في سبيل أن يظل هذا الطريق مضاءً، وليس لأن "فتح" امتلكت جرأة تفجير الثورة في زمن التنظير الفكري والعقائدي وزمن الاستسلام العربي والإسلامي للنكبة وآلامها، وليس لأن "فتح" حملت البندقية في وقت كان فيه الكل ينظر إلى خارج فلسطين بحثاً عن الحقيقة، فيما الحقيقة كانت في الذات الفلسطينية القادرة على الانبعاث من ركام النكبة إلى سماء الثورة وفضائها الرحب. وليس لأن "فتح" امتلكت مقدرة التبصّر وصوغ البرامج السياسية القادرة على حماية هذا الشعب من ويلات التآمر وسطوة الواقع العربي المرير. من أجل هذا كله وأيضاً لأن "فتح" وجدت نفسها في نسيج الحياة الفلسطينية وفي أتون الواقع الفلسطيني.
    قد تكون "فتح" لم تنجح في تحقيق كل غايات الثورة التي فجّرها ياسر عرفات ورفاق دربه، وقد تكون الأفكار الكبرى التي خطّها ياسر عرفات وخليل الوزير وصلاح خلف ومحمود عباس وأبو يوسف النجار وكمال عدوان وغيرهم في جلسات التأسيس في خمسينيات القرن الماضي لم تجد طريقها كلها إلى التحقق. لكن الفكرة الفلسطينية التي حملتها روح "فتح": فكرة الفلسطيني المقاتل المدافع عن حقه الباحث عن حريته المؤمن بذاته حتى وإن امتلكت إسرائيل سلاحاً نووياً ظلت هي كنه الشعار الفتحاوي "ثورة حتى النصر". لم تكن المسيرة بلا أخطاء كما لم تكن الطريق بلا عثرات، لكن ظلت "فتح" تعبّر عن أصالة الغايات الفلسطينية والتطلعات الوطنية، ونجحت في عبور المضائق وتخطي العواصف والقفز فوق حقول الألغام ببعض النجاح وبعض الفشل ربما، ولكن لم ينته الشعب الفلسطيني كما أرادت النكبة له، ولم ينس الأبناء بعد موت الآباء كما لم تغطِّ ملفات القضية طبقات الغبار والنسيان، بل صارت القضية الفلسطينية الأكثر سخونةً في العالم. فكم من قضية في إفريقيا وآسيا يموت فيها الآلاف سنوياً لا تحظى بربع ما تحظى به فلسطين من اهتمام ورعاية. دون أن يعني هذا أن المجتمع الدولي قادر فعلاً على إلزام إسرائيل وفرض شيء عليها. لكن نجحت فلسطين في أن تظل حاضرةً وإن كانت مظلومة لم تنصف.
    كما أن "فتح" كانت معين الوطنية الفلسطينية وهي معناها في أنقى صوره، فالكل الفلسطيني ينهل من "فتح". كما أن كل فلسطيني فيه شيء من "فتح". حتى أن كل التنظيمات الفلسطينية وجدت أثراً من "فتح" في سلوكها وممارستها كما في قاموسها السياسي وبرامجها السياسية. وليس ذنب "فتح" أن القاموس الوطني الفلسطيني لها فضل في اشتقاق مفرداته كما في تطوير معانيه وتركيب عباراته. وإن بحثاً لغوياً كما فقهياً في هذا القاموس وفي المتداول من منطوق السياسة الفلسطينية سيكشف عن أثر "فتح" وبصمتها في كل منحنى وكل زاوية وكل مرحلة تطوّر فيها العقل السياسي الفلسطيني.
    قد يشاء البعض أن يقول إن "فتح" هيمنت على المنظمة والسلطة وبالتالي تمتعت بمزايا كثيرة لم تمنح لغيرها وعليه امتلكت أفضلية البقاء والتأثير. وهؤلاء ينسون حقيقة أن المواقع السياسية أولاً تمنح بشرعية كفاحية ونضالية وأن حضور "فتح" الوطني وبين جماهيرها هو من أعطى "فتح" هذه الفرص، ولو أن الجماهير الفلسطينية لم تجد نفسها في "فتح" لما وجدت "فتح" نفسها عامود الخيمة ولا حامية المشروع، ولا روح الجسد الفلسطينية. فـ"فتح" من أعطت للمؤسسة وجودها. فمنظمة التحرير وجدت لتكون مدخلاً لنفوذ العرب وهيمنتهم على الشعب الفلسطيني، كما أن السلطة الفلسطينية بكل العثرات التي مرت بها رأت فيها "فتح" نواة الدولة الفلسطينية. فياسر عرفات لم يكن يرى في اتفاق أوسلو الذي توصل إليه إلا مشروع الدولة. وكما قال البابا في ذلك الزمن القروسطي وهو ينظر إلى تزيين مايكل أنجلو قبة الفاتيكان "كنت أفكر في لوحة وكان يفكر في معجزة". كانت "فتح" تفكر في معجزة فلسطينية رغم كل الصعاب والآلام.
    لابد أن هذا الحديث لم يغب عنه في أي كلمة الصورة الأبهى في الحياة الفلسطينية والطلة الأكثر إشراقاً في قضيتنا. فياسر عرفات كان فلسطين وكان المعبّر الأصدق عن قضيتها، وربما عرف كثير من مواطني العالم فلسطين من ياسر عرفات. كان هذا واجد الفكرة الفتحاوية. كانت "فتح" وما زالت تعني فلسطين. لم تنهل من أي نبع خارجي ولم تتكئ إلى أي طرح فكري خارج الخيمة الفلسطينية، ولم تستعن يوماً بقوة غير فلسطينية. كانت فلسطين هي بوصلة "فتح" وهي باروميتر مقياس مدى قرب الناس والدول من "فتح".
    حين تمر بجوار مقر السرايا الحكومي السابق في غزة الذي حولته آلة الدمار الإسرائيلية لساحة، فثمة أطفال وشباب وشيوخ يتجولون في المكان منهمكين في تنظيفه وتزيينه استعداداً لمهرجان انطلاقة فتح الثامنة والأربعين. ثمة إحساس بالتواصل في قافلة طويلة سارت على الطريق بدأت بفكرة أصيلة حملها الآباء وظل الأبناء لها أوفياء. إحساس بأن فلسطين رغم كل ما يمر بها بخير وأن المستقبل الفلسطيني رغم سحب الانقسام التي ستتبدد أيضاً بخير؛ لأن فلسطين الأرض للفلسطينيين ولأن ذات الفكرة الكامنة في الروح الفتحاوية هي الفكرة الفلسطينية الأصيلة التي تتأسس عليها فكرة الفلسطيني في كل تنظيماته وتشكيلاته الحزبية.

    حياتنا - قنوات الوسواس الخناس

    بقلم حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
    بدأ الأزهر في مصر الاكتتاب لإطلاق فضائية دينية وسطية لمواجهة الانتشار المتنامي لقنوات دينية تبث الفتنة والبغضاء والحقد بين المسلمين,يمكن تسميتها بقنوات الوسواس الخناس ويقود أغلبها جهلة ومتمولون من ذوي المآرب السياسية والمصالح الشخصية والحزبية التي تفرق ولا توحد. وفي الوقت ذاته بدأت وزارة الإعلام السعودية دراسة إغلاق بعض الفضائيات الدينية التي تدعو إلى الفتنة الداخلية، وأيضاً حبذا لو عمد العراق إلى وقف كثير من القنوات المذهبية التي تبث الغث وتترك السمين وتعبث بالدين كما شاء ممولوها وكأنها ناطقة باسم اللادين.
    أحد المتدينين من أتباع الإسلام السياسي في مصر تذمر من أن عامة الناس عندما يشاهدون ذوي اللحى بدأوا يشتمونهم علناً واقترح ارتداء زي شيوخ الأزهر الذين يحظون باحترام. فطالما عرف هذا الملتحي أن لحيته سياسية بحتة وتحض على الفتنة والانقسام فلماذا لا يعتدل ويؤدي أمانة الدين السمح؟ ولماذا لا يتطاول الناس على الأزهريين، ولماذا يتطاول أتباع التيارات السياسية المتظاهرة بالدين على الأزهر؟
    إن من يتابع بعض القنوات التي تدعي الدين يكتشف أنها تبعد المشاهد عن الدين وتخاطب العواطف الدينية وليس العقل وتلعب بمشاعر عامة الناس خاصة المرأة الضعيفة. فهذا يشبه الرئيس مرسي بالرسول صلى الله عليه وسلم وذاك بيوسف عليه السلام، وآخر يرى في لحية مرسي معجزة، وثالث يعبر عن حبه له وأخرى تقول إنها رأته في المنام ست مرات، وتوقع البعض أن يدخل الأقباط في الإسلام في عهده.. ربما لأنه حكم فعدل فأمن ولم ينم من خشية الناس حول الاتحادية وليس خشية من الله. بينما هو لم ينصف بين المسلمين فكيف يجذب الأقباط.
    لو افترضنا أن هذه القنوات دينية فلماذا لا تتوحد في خطابها؟ ولماذا تختلف فيما بينها حتى في طول اللحية وقص الشوارب وشكل الزبيبة الصناعية التي هي من أثر الكي وليس السجود. لقد أوقعت هذه الفضائيات الأذى في المسلمين ومزقتهم وخرقتهم أكثر من القنوات المعادية أو الإباحية. وقد قرأت عتاباً كتبه معلق مصري عادي حول الأزهر جاء فيه إنه يعاتب جمال عبدالناصر لأنه في عهده حظر على الطلبة الحاصلين على معدل 50 في المئة الالتحاق بكليات علمية أو أدبية جامعية فلم تقبلهم سوى كليات الشريعة. بمعنى آخر أن ذوي التحصيل المتدني لا تقبلهم سوى كلية الشريعة. ولهذا فإن أغلب خريجي الشريعة من الصف الأخير من الطلبة وهؤلاء ربما «يبصمون» الدين غيباً ولا يفقهون روحه ونصوصه. كما أن تسييس الدين لم يرد لا في القرآن ولا في السنة فالحوار الذي جرى في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حول خلافته حيث اختلف الأنصار والمهاجرون حول الإمارة لم ترد فيه أية إشارة إلى شرع الله أو سنة رسوله بل كان الحوار سياسياً دنيوياً فلم يحاول أحد التمسح بالدين لتزكية نفسه أو غيره. ولعلنا نذكر هنا أن اقحام الدين في السياسة يضر بالدين ويسطحه ويجعله وكأنه دين وضعي وليس منزلاً من السماء. فعندما آلت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان وكان وقتها في المدينة منكبا على قراءة القرآن مبتعداً عن الحكم والسياسة لأن التقاسم بين بني أمية وآل عمرو بن العاص كان يقضي بخلافة ابن عمرو بن العاص ولما قيل له إن الخلافة أتته وكان يقرأ القرآن رفع رأسه وأغلق المصحف وقال هذا آخر عهدي بك. فهو يدرك أن الحكم سياسة والسياسة تفسد الدين.. ومن يمارس السياسة لا بد وأن يقل دينه. نتمنى أن تلتهم قناة الأزهر القنوات الأفعوية التي تبث الفتنة.. ونتمنى إغلاق قنوات الفتنة في كل مكان. إذ تكفينا الفتن التي يختلقها الأعداء.. أعداء العرب والإسلام.

    آخر الكلام - مزيد من المخالفات

    بقلم احمد دحبور عن الحياة الجديدة
    ليس تخلف وزراء الخارجية العرب عن مرافقة أمين عام الجامعة إلى فلسطين مجرد خلل بروتوكولي، بل إنه مرتبط، عند من يقرأ الأحداث، بالأزمة المالية الخانقة التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، ولست من السذاجة بحيث أفسر تخلف وزراء الخارجية بعدم رغبتهم في إحياء شبكة الأمان التي أقرها العرب مالياً لدعم فلسطين، فالقصة تتجاوز أن تحرجهم السلطة إذا طرحت استحقاقات شبكة الأمان لأن الذي يقصر في أداء الواجب لن يحرجه العتاب، ولكن المسألة تتلخص في كلمتين وحرف جر: ابحث عن أمريكا..
    فاليانكي الأمريكي لم ينكر غضبه على السلطة الوطنية لأنها رفعت قضيتها إلى الجمعية العمومية وفازت بعضوية مراقب في المنتظم الأممي، وبسرعة البرق تحول الغضب الأمريكي إلى مقاطعة وتجفيف موارد، وبممارسة الضغط على المانحين بمن فيهم العرب لإيقاف دعم الفلسطينيين. وفي السياق ذاته نستطيع أن نرى ونفسر غياب وزراء الخارجية العرب عن موعد فلسطين، وهم الذين أعلنوا على الملأ عن عزمهم على مرافقة الأمين العام للجامعة العربية، ولا يحتاج المراقب المحايد إلى كبير ذكاء ليدرك أن تليفونات العواصم العربية قد رنت في وقت واحدا تقريباً لتستقبل «نصيحة» سيدة العالم الحر بعدم الذهاب إلى فلسطين؟!
    فهل يندم الفلسطينيون على تقدمهم خطوة في اتجاه تثبيت حضورهم في العالم؟ لقد تبرع اليانكي الأمريكي بالتحذير فالتهديد، وها هو يمارس تنفيذ الوعيد، ولكن متى كانت خطوات الفلسطيني متناغمة مع الرغبة الأمريكية المتماهية مع الخط الإسرائيلي؟ إن تاريخ السياسة الفلسطينية المعاصرة مرتبط بالتحذيرات المتعجرفة التي لو استجاب لها الفلسطينيون لما فعلوا شيئاً من أجل قضيتهم، بل إن الوجود الفلسطيني على الساحة الدولية هو، في جوهره، مخالفة استفزازية في حسابات الصهيوني الذي يسعد أمريكا أن تسعى إلى إرضائه واستبعاد ما يعكر مزاجه.. ولهذا لا نأتي بجديد إذا قلنا مسبقاً إننا سنرتكب المزيد من المخالفات من وجهة النظر الأمريكية، بل إننا لا نملك خياراً غير هذه المخالفات ما دام الراصد الصهيوني سيحصي علينا أي نجاح في أي سياق، و «الراعي» الأمريكي جاهز لإنزال العقوبات..
    إن هذه البدهيات المؤلمة، لا تصرفنا عن مواصلة مشروعنا الوطني بطبيعة الحال ولكنها تضعنا في حالة احتكاك مع المنظومة العربية التي إن كنا لا ننكر ما قدمته لفلسطين فلن ننسى خذلانها لفلسطين لمناسبات كثيرة، ومع ذلك نقول: إن من خلع ثيابه فقد تعرى.. ولن نتخلى عن ثيابنا العربية حتى لو شحت موارد الدعم ولو غاب وزراء الخارجيات العربية عن زيارتنا، فنحن عرب لا لمجرد أننا نرغب في ذلك، بل لأننا كذلك.. وبهذه الصفة فإننا ملتزمون بواجباتنا ولن نتنازل عن استحقاقاتنا.
    أما على المستوى الوطني، فقد أنجزنا ما لا يستهان به، وما احتفالات حماس في عيدها الوطني داخل الضفة، واحتفالات فتح المزمعة لمناسبة ذكرى انطلاثة الثورة في غزة، إلا إشارة على خطوة نوعية في اتجاه الوحدة الوطنية، وما دام الأمر كذلك فإلى المزيد من المخالفات التي تزعج المزاج الأمريكي: لن نتنازل عن تحقيق وحدتنا الوطنية، وسنعمق صلتنا العضوية بالعالم بحيث لن نكتفي بعضوية مراقب، وسنواصل تربية أبنائنا على أن فلسطين وطنهم وان العودة حق مقدس، إلى آخر هذه المخالفات التي هي مصدر اعتزازنا الدائم، والتي نستعد باستمرار لتحمل تبعاتها عن طيب خاطر.

    مفاتيح السلطة والسلام

    بقلم موفق مطر عن الحياة الجديدة
    عندما لا يستطيع اشخاص مصنفون في خانة « قادة» فهم مغزى ومعاني كلمات ورسائل الرئيس ابو مازن لقادة اسرائيل ومجتمعها السياسي، فهذا يؤشر اما الى خلل خطير في ميكانيكية التواصل لدى الشخص أو انه من محترفي التلاعب بوعي الجمهور، والارتكاز على حائط المصادر الاسرائيلية ومنها الاعلام للهجوم على منهج وسياسة الرئيس ابو مازن، رغم علم الجميع انه يسير على منهج وبرنامج سياسي واحد واضح، ويتحدث بلسان واحد، وله وجه واحد، وانه واحد من الزعماء القلائل في العالم الذين يتميزون بهذه الصفة ان لم نشأ القول انه الفريد من زعماء العالم ورؤساء الدول وقادة حركات التحرر الذين يأخذون الصدق منهجا للتعامل مع شعوبهم وخصومهم.
    يؤمن أبو مازن بأن القائد الحقيقي هو من يرفع الناس من دائرة الظلم والموت العبثي الى دائرة العدالة والحياة، لا من يرفع كرسي زعامته ويرسم هالة قيادته على انقاضهم وجثثهم، القائد هو الذي يصارع المستحيل لحماية الناس، لا يحتمي بهم.
    لم تكن السلطة الوطنية الفلسطينية هدفا استراتيجيا، وانما هي هدف مرحلي لنقل الشعب الفلسطيني نحو الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة بعاصمتها القدس، رفع الشعب الفلسطيني اركان مؤسساتها كنواة للدولة على أرضه، وفرضها بنضاله وارادته، كسلطة تعبر عن قدراته الابداعية وجدارته كبقية شعوب العالم بقيام دولته الحرة الديمقراطية.. لكن الاحتلال الاستيطاني أرادها سلطة مجردة من المسؤولية القانونية، وعلامات ورموز السيادة.
    لم يكن قرار السلطة اختراعا او صناعة اسرائيلية، ولا هو ابداع اميركي كما يتخيل البعض!! وانما هدف وطني أقره المجلس الوطني منذ عام 1974، عندما اعلن قراره اقامة السلطة الفلسطينية على أي شبر يتم تحريره من ارض فلسطين، وهذا يعني ان السلطة لم تكن وديعة اسرائيلية او اميركية لدينا حتى نردها اليهم، كما ذهب بعضهم لتفسير كلام الرئيس ابو مازن، ولم تكن السلطة حزبا، او جماعة حتى نعلن حلها، فالسلطة مولود ارادة ونضال شعب منظمة التحرير الفلسطينية، شعب فلسطين الذي مضى باصرار وصمود وتحد مع ابو مازن حتى نال شهادة اعتراف من دول العالم بميلاد دولته، وسجلها في قيد الدول حتى وان كانت حتى الساعة محتلة.
    لم يهدد الرئيس ابو مازن بحل السلطة، لكنه تحدى نتنياهو المضي الى ما لا نهاية بمخطط الاستيطان والاحتلال والحصار المالي، ففي حديثه الى صحيفة هآرتس قال الرئيس ابو مازن حرفيا: «نحن نريد خلق فرصة لعملية سياسية ذات مغزى بعد قرار الامم المتحدة الاخير، حيث اصبحت فلسطين دولة في المنظمة الدولية، وعليه فنحن نريد اطلاق عملية سياسية تقوم على اساس التزامات الجانبين... من جانبنا نلتزم بما علينا في كل المجالات ومن جانب اسرائيل عليها التزامان، الاول وقف الاستيطان والثاني اطلاق سراح المعتقلين وخاصة الذين اعتقلوا قبل اوسلو، فهذه ليست شروطا، انها التزامات، نحن معنيون بالتعاون مع العرب والاتحاد الاوروبي ومع اميركا والصين واليابان وكل دول آسيا وافريقيا الهند والبرازيل واللجنة الرباعية الدولية لخلق فرصة نحدد سقفا زمنيا لها، على اساس عملية سياسية حقيقية.. أما في حال الفشل في خلق فرصة حقيقية لاطلاق عملية سياسية جدية لانهاء الاحتلال ورفضت اسرائيل وقف الاستيطان والافراج عن المعتقلين واصرت على الاستيطان، فالسلطة لن تعود قادرة على الاستمرار».
    قال ابو مازن أمام وفد لحزب ميرتس الاسرائيلي جاء الى رام الله ان: «استمرار السلطة بلا سلطة وافراغها من مضمونها وولايتها من قبل اسرائيل سيؤدي لانهيارها». وهذا يسمع الاسرائيليين أن اسرائيل هي وحدها المسؤولة عن تداعيات اجراءاتها المالية والاقتصادية والسياسية والاحتلالية والاستيطانية وانتهاكاتها لحقوق الانسان الفلسطيني على أرض الدولة الفلسطينية المحتلة.
    كان ضروريا ان يسمع ويقرأ الاسرائيليون تحذيرات الرئيس عباس، فلعلهم يضغطون على حكومتهم، ويعرفون الذي سيجلب لهم وللمنطقة مصيرا مجهولا اذا ما انهارت آمال الشعب الفلسطيني بعملية السلام،
    يجب ان يدرك الاسرائيليون أن حكومتهم وقادة أحزابهم يريدون ان يكونوا زعماء على اشلاء الفلسطينيين والاسرائيليين معا، ودماء انسانية مسفوكة من الجانبين، فالاحتلال ارهاب، والاستيطان لا شرعية له اطلاقا، وباطل حسب القانون الدولي، وحصار الفلسطينيين بلقمة عيشهم ودوائهم وتعليمهم، لا يمكن التعايش معه، وان المسؤولية الأخلاقية تحتم على المجتمع الاسرائيلي ان يعمل ويتجه نحو السلام كما يعمل ويتجه الشعب الفلسطيني مع قائده نحو عملية سلام ناجعة تفضي الى حل دولتين. فمفاتيح السلام بالمنطقة هي انهاء الاحتلال وايقاف الاستيطان، والاعتراف بدولة فلسطين وحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس، التي كانت وستبقى مفتاح السلام بالمنطقة والعالم.

    انطلاقة العملاقة (48)

    بقلم سمير سليمان الجمل عن معا
    يصادف يوم غد ذكرى ميلاد العملاقة، ذكرى ميلاد حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
    سوف تنطلق الاحتفالات وترفرف الرايات الصفر في سماء المدن الفلسطينية المختلفة سترفع الرايات وتنطلق الأناشيد والهتافات الوطنية.
    نعم انها الذكرى الثامنة والأربعين (48) عاما على ميلاد الحركة العملاقة، التي أطلقت الرصاصة الأولى في وجه العدو الصهيوني، وفي وجه كل أعداء الأمة العربية والإسلامية.
    نعم ايها الفتحاويون حق لكم أن تفرحوا وترفعوا رؤوسكم عالياً بانتمائكم إلى حركتكم ألعملاقة حركة (فتح).
    نعم نحن فتحاويون ونفتخر ونعتز بهذه الحركة التي اسست وما زالت تؤسس للحرية والاستقلال ولكن بأشكال متعددة من النضال ، فالفتحاويون ليسوا متزمتين ينتهجون نهجاً واحدة وطريقاً واحدة، فهم على استعداد للسير في الجبال والصحارى للوصول الى الهدف المنشود، فالوصول إلى الهدف وعدم الانحراف عن المبادىء الأساسية، والثوابت الوطنية هو غايتنا.
    ابناؤك جنود ومقاتلين في وقت المعركة والقتال، وساسة وجماهير في وقت السلم، فهذا المنطق السليم، فكافة الأيديولوجيات الموضوعة هي ايديولوجيات من صنع البشر، والسير في طريق متعرجة كما هو الحال في ايامنا تلك يتطلب البحث عن اشكال متعددة للنضال من اجل الوصول إلى الهدف المنشود. فحق لك ايها الفتحاوي ان ترفع رأسك عالياً لأنك من عائلة الفتح، نعم انها عائلة الفتح، فقد أرسى لنا مفجر الثورة الفلسطينية الشهيد المرحوم ياسر عرفات مبادىء وأسس عظيمية ومنها أننا الفتحاويون عائلة واحدة.
    وفي ظل هذه الفرحة العارمة التي نحتفل بها في ذكرى انطلاق العملاقة، الذكرى (48)، حري بنا ان نستذكر ذكرى النكبة، نكبة فلسطين، التي سلبت الأرض، وأضاعت الجزء الأكبر من وطننا الحبيب بأيدي الصهاينة.
    نعم يجب أن لا ننسى تلك الذكرى الأليمة، وان تبقى في ذاكرتنا وذاكرة أطفالنا ما حيينا.
    نعم ذكرى فرح وذكرى ألم، ولكن الألم يجب أن لاينسينا فرحتنا بانطلاق عملاقتنا، ويجب أن نجعل هذه الذكرى العظيمة اساسا وعمادا لمحاسبة المقصرين في حق هذه الحركة العملاقة والعظيمة، وهنا أقول: السيد لا يبقى سيدا والعبد لا يبقى عبدا، فم من تلميذ تفوق على معلمه، وكم من صاحب عمل أصبح أجيراً، والعكس بالعكس، فهذه الدنيا.
    وفي هذه المناسبة اتمنى أن يتم إعادة هيكلة العملاقة.........حتى تبقى كذلك، لنتخلص من السلبيات الموجودة ونعزز الايجابيات ومهما تطلب ذلك........فالمصلحة العامة اسمى واعلى وأنبل من المصلحة الخاصة.........ومصلحة العملاقة وشموخها اسمى وأنبل من مصلحة العديد.

    أوطان بلا ساسة!!

    بقلم محمود الفطافطة عن معا
    عندما صدح الإمام محمد عبده بمقولته الشهيرة " لعن الله كل من ساس ويسوس وسائس وسياسة " لم يكن دافعه كراهية السياسة كمفهومٍ وفكرة؛ بل كان منطلقه في ذلك تجرد الممارسة السياسية من القيم السامية وحقنها بالمصالح الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة على حساب المنافع العمومية.
    هذه المأثورة التي أطلقها الإمام عبده يمكن إلباسها كرداءٍ للجسد العربي ماضياً وراهناً؛ حيث أن المسؤولين العرب رأوا في فكرة السياسة بريق لامع لاقتحام هذا الحقل وإضفاء الشرعية على وجودهم وديمومة تمسكهم بسدة الحكم في الوقت الذي تعاملوا فيه بسلوكٍ سياسي مقيت ومتناقض لهذه الفكرة من خلال الترهيب للأضداد والأنداد حيناً والترغيب لمن وجدوا فيهم أداة طيعة لتبرير مواقفهم وتمرير خططهم أحياناً.
    هذا الرداء يُغطي عموم المشهد العربي دون أن يُقلع عن أي حيز جغرافي أو نظام سياسي في بلاد العرب( نستثني بعض دول الربيع العربي). فـ " الساسة" العرب استمرأوا الغفلة والتبعية مع ممارسة تبادلية الإقصاء وهيمنة الاستثناء في حين أُقحمت السياسة في صراعات وهمية وفرعية لتهيمن على ضرورات الإرادة والوعي والبناء والتوحد والتمكين.
    الممارسة السياسية التي اتبعها ولا يزال قادة العرب تتماهى إلى حد الاندماج مع وصايا ميكافيلي في كتابه " الأمير" ؛ تلك الوصايا التي رأت في المكتسبات والمصالح الفردية غاية مثلى تبرر إنتاج الاستبداد والفساد والاستعباد تارة وانتهاج طرق الابتذال والإذلال تارة أخرى..
    هذه الممارسة أخذت أشكالا وألواناً عديدة؛ فحينا نجدها تمارس كمنطوق لأمثالٍ مادتها الأنانية المصفحة بغلاف الهيمنة والتهميش كـ" اللهم نفسي والطوفان من بعدي" و" أنا الدولة والدولة أنا " و " أنا أيضاً ومن ثم أنا أيضاً" و" فخار يكسر بعضه " . وتارة نجد هذه السياسة تستقوي بمفردات العجز والاغتراب والتواكل كـ " الحيط الحيط وقل يا رب الستيرة" و" الكف لا يناطح مخرز" و" إذا تصارعت الدول أحفظ راسك"..
    وفي صورةٍ ثالثة نجد هذه الممارسة تنبعث منها رائحة الاصطفاف الخبيث ضد الشقيق والصديق بحيث تتحول علاقة التوحد في الدين والجغرافيا والتاريخ واللغة والمصير والمستقبل إلى قيمٍ سلعية مادية تتحدد بمعايير السوق السياسي وخطوط منحنيات البورصة الخارجية..
    هذه السلوكيات الخالية من السمو والرقي الإنساني تمثل البذور المجبولة بمادة الصراع البيني والداخلي في بنية بنى وهياكل الوطن العربي؛ الأمر الذي أوصلها إلى دولٍ مجزأة ؛ ساستها تبع، واقتصادها تبعي وريعي، ومجتمعاتها هشة ومفككة، تتناحرها العصبية والأقليات والفئويات الإيديولوجية والاثنية.. بينما علومها فمنتحلة أو ضعيفة في حين أمنها عارٍ واستعراضي ..
    السياسة التي مارسها ولا يزال المسؤولين العرب فقيرة الحال رغم أن مصدرها غني في التشريع والمثل .. فعندما أصل النبي محمد عليه السلام ومن ثم الخلفاء الراشدين للسياسة الشرعية الرشيدة نعم الحيز السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة الإسلامية ـ بثلاثيته المسلمة واليهودية والمسيحية ـ بعدالة حقة وبعدلٍ منصف وبحرية ندر نظيرها وجوديا..
    هذه السياسة الشرعية التي أصل فيها ولها فلاسفة ومفكرين مسلمين كثر أهمهم ابن أبي الربيع والماوردي وابن تيمية والغزالي والفارابي وابن رشد ضمنت لنا حكاماً حكماء ومخلصين لأوطانهم ولشعوبهم... هذه السياسة الحكيمة كفلت وجود علاقة عضوية بين العلم والحكم .. بين القوة والسلطان .. بين الحرية والمسؤولية .. بين العدالة والإنتاج... بين الأصالة والتحديث...
    ساسة نعموا بلقب الأوصاف المتخمة بنرجسية التعالي والهيمنة دون أن يحظوا بنعيم الخصال الحقيقية والقيم السامية.. فالحاكم الرشيد هو الذي يجب أن يكون حكيما كما قال أفلاطون .. حاكم يدرك العدل ويتدارك الأخطاء لا أن يعممها ويعمقها ضماناً لهيمنة تحتكر واستمراراً لحكم متوارث بغيض ...


    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 274
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:36 PM
  2. اقلام واراء محلي 273
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:35 PM
  3. اقلام واراء محلي 272
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:34 PM
  4. اقلام واراء محلي 271
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:33 PM
  5. اقلام واراء محلي 270
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:31 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •