أقلام وآراء عـــــــــــــربي
|
في هذا الملـــــف:
تساؤلات عن «فتح» ومستقبلها...
ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
بوادر تشير إلى أكثر من انتفاضة ثالثة
ضياء الفاهوم عن الدستور الأردنية
في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية
يوسف مكي عن دار الخليج
الكونفدرالية في التوقيت
أمجد عرار عن دار الخليج
معذرة سيادة الرئيس محمود عباس فقد وقعنا في خطأ نأمل ألا يتكرر
درويش عبدالنبي(عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الصحافيين الفلسطينيين) عن السياسة الكويتية
منظمة التحرير والتمثيل الفلسطيني
عدنان مكاوي)كاتب فلسطيني) عن السياسة الكويتية
نجحت الثورة فكيف تنجح الدولة!!
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
خريطة فلسطين الشاردة في كتاب بريطاني!
فخري صالح عن الدستور الأردنية
أيا أبا الحُسيْنِ أوباما: إماَّ نحن وإمَّا 'إسرائيل'؟
أ. د. علي الهيل(أستاذ جامعي وكاتب قطري) عن القدس العربي
ملايير قطر لن تحترق
مصطفى صالحي عن الشروق الجزائرية
الإخوان يقعون فى غرام اليهود
محمد ابو الغار عن المصري اليوم
إخوان قطر
محمد سلماوي عن المصري اليوم
مصريون ولو كانوا إخواناً مسلمين
حمدي رزق عن المصري اليوم
هل بدأ تساقط أوراق الخريف العربي؟!
كلمة الرياض بقلم يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
هاجل مرشح أوباما لوزارة الدفاع رفض إدراج حزب الله على قائمة الإرهاب وتوجيه ضربة لإيران
عن الزمان العراقية
تساؤلات عن «فتح» ومستقبلها...
ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
صار لحركة «فتح» من العمر نحو خمسة عقود تقريباً، احتلت في معظمها مكانة القيادة في الحركة الوطنية الفلسطينية وعند معظم الفلسطينيين، لكن هذه الحركة بدءاً من عقدها الخامس، بدأت تفقد مكانتها تلك، ما تجلّى في خسارتها الانتخابات التشريعية الثانية (2006)، ثم خسارتها لقطاع غزة (2007)، وذلك لصالح حركة «حماس»، التي باتت تنازعها القيادة والمكانة في السياسة والمجتمع الفلسطينيين، لا سيما مع انقسام النظام السياسي بين سلطتي الضفة وغزة.
ليس المجال هنا لمناقشة العوامل التي تكمن في تراجع دور «فتح»، وانحسار مكانتها، وتحديد المسؤولية عن كل ما حصل، إذ جرى الحديث عن ذلك في مرات سابقة، لذا فالأولوية الآن تتركّز في الإجابة على سؤالين، أولهما، هل مازال ثمة حاجة إلى حركة مثل «فتح»؟ وثانيهما، هل يمكن استنهاض هذه الحركة؟ وما السبيل الى ذلك؟
قبل الإجابة عن السؤالين المذكورين، ينبغي القول بأنه لا توجد حركات او احزاب سياسية تبقى على حالها إلى الأبد، فهذه شأن كل الظواهر المجتمعية والسياسية تنشأ وتشبّ وتزدهر في مراحل معينة، وفي ظروف محددة، ثم تتعرض لأعراض التآكل والذبول والأفول في مراحل وظروف أخرى، وهذا ما حصل للأحزاب الشيوعية والقومية وغيرها، وهو ماحصل حتى لمعظم أحزاب الحركة الوطنية الفلسطينية، التي برزت في الثلاثينات، وانتهت مع النكبة (1948).
هذا يعني أن «فتح»، بدورها، باتت تقف بين مسارين، فإما الاستمرار والنهوض أو الانحسار والأفول، لكن أي تموضع لهذه الحركة في أي من المسارين يعتمد على كيفية إدراكها لهذا الواقع، وعلى ما تفعله، أو لا تفعله، لسلوك أي من هذين الطريقين.
ومع التأكيد بأن مواقف هذه الحركة، وطريقة عملها، وخياراتها الكفاحية والسياسية، لم تكن منزّهة عن الأخطاء، والثغرات، والمخاطر، إلا أنها ما زالت تحظى على شعبية واسعة عند الفلسطينيين، وما زالت موضع ثقة أو أمل بالنسبة اليهم. وفي الحقيقة فإن هذا الوضع يتغذّى من أسباب عديدة، ضمنها، أولاً، أن هذه الحركة هي التي شكّلت عمود الهوية الوطنية الفلسطينية، ورافعة النهوض الوطني الفلسطيني. وثانياً، لأن هذه الحركة بدت الأكثر شبها بشعبها، والأكثر قرباً لمفاهيمه ومداركه السياسية، لا سيما مع كونها حركة وطنية تعددية متنوعة تضم أطيافاً من مجمل التيارات السياسية، وليست مجرد حزب أيدلوجي لتيار بعينه. ثالثاً، لقد عرفت «فتح»، طوال تاريخها، بأنها الأكثر حرصاً على استقلالية القرار الفلسطيني، لا سيما أنها خاضت الكثير من المعارك في سبيل ذلك. رابعاً، لا يوجد في الحقل السياسي الفلسطيني، أو لم يتشكّل بعد، أي بديل مقنع عن «فتح»، مع ملاحظة التراجع الكبير في دور ومكانة الفصائل الأخرى (الجبهات). خامساً، إن حركة «حماس»، على شعبيتها، تبدو ممثلة لتيار سياسي وأيديولوجي بعينه، لا سيما أنها لم تنجح في اختبار السياسة والقيادة، فهي لم تثبت نفسها كنموذج أفضل في إدارتها للسلطة في غزة، كما أنها عادت، ولو بمصطلحاتها، الى مربع «فتح»، لجهة قبولها بخيار حل الدولة في الضفة والقطاع وانتهاج المقاومة الشعبية والتهدئة إزاء اسرائيل.
ويستنتج من ذلك أن الحقل السياسي الفلسطيني، وبصورة موضوعية، ما زال بحاجة ماسة الى حركة وطنية عريضة مثل «فتح»، سواء كان اسمها «فتح»، في حال استطاعت هذه الحركة استنهاض ذاتها، وهو الوضع الأفضل والأسهل، أو كان لهذه الحركة اسماً آخر في حال لم تستطع «فتح» استنهاض ذاتها.
هذا يفيد بأن هذه الحركة في حال أرادت الاستمرار والنهوض واستعادة مكانتها، معنية بمراجعة طريقها وخياراتها السياسة بطريقة نقدية ومسؤولة، ونفض الترهل والجمود في بناها وعلاقاتها الداخلية، وتجديد شبابها، وإعادة الاعتبار لذاتها كحركة تحرر وطني.
وبشكل أكثر تحديداً، فإن ما كان يصلح في «فتح» القديمة، من خطابات سياسية وأشكال عمل وبنى لم يعد ينفع في الظروف الجديدة، ومع كل التطورات والتحولات السياسية الحاصلة، إن في المجتمع الفلسطيني، او على صعيد الصراع مع اسرائيل. والحال من الواضح بأن من أسباب ضمور «فتح»، وتراجع دورها ومكانتها، له علاقة بظهور أعراض الشيخوخة عليها، في مقابل شبابية «حماس»، والمشكلة أن الشيخوخة في حالة «فتح» لا تقتصر على العمر، وإنما هي تطاول تقادم بناها وأشكال عملها، وتراجع اهليتها النضالية، لا سيما بعد تحولها الى سلطة.
فوق كل ذلك، ومن استعراض واقع «فتح» اليوم، يمكننا ملاحظة أنها تقف في مواجهة مشكلات عديدة، حتى بالمقارنة مع «حماس». مثلاً، فإن «فتح» ليس لديها مرشح رئاسة للسلطة او للمنظمة، لكن «حماس» لديها. وبينما تبدو «حماس» شابة وطموحة ونشطة، تبدو «فتح»، على الأغلب، هرمة ومترهلة، وبينما تعيش «فتح» على تاريخها، فإن «حماس» تحاول ان تصنع وقائع جديدة. وبينما لم تبد قيادة «فتح» أي تجاوب مع ثورات الربيع العربي، لا في مصر ولا في تونس او ليبيا أو سورية، بدت «حماس» أكثر التقاطاً لتلك اللحظة السياسية، وأكثر قدرة على استثمارها. أيضاً، ومنذ الانقسام، ومحاصرة غزة، لم تبذل قيادة «فتح» جهوداً مناسبة لرفع هذا الحصار، وظلت ترهن ذلك بإعادة الوحدة، كورقة ضغط على حماس، وبالمحصلة فإن هذه استفادت من هذا الواقع وظلت تخلق المعادلات التي تعزز شرعيتها كسلطة وقيادة. أخيراً، وبينما ظلت قيادة السلطة في الضفة تتحدث عن الخيارات البديلة، من دون تفعيل هذه الخيارات (باستثناء مسألة الاعتراف بالدولة ـ كعضو مراقب)، ومن دون فتح المجال لأي شكل من أشكال المقاومة الشعبية، للخروج من واقع الاحتلال المريح والمربح، فإن «حماس» كانت ترتب أوضاعها في غزة على نحو مكّنها من التعامل مع العدوان الإسرائيلي الأخير، ما عزّز من مكانتها على الصعيدين الداخلي والخارجي، في حين بدت قيادة «فتح»، وهي قيادة السلطة والمنظمة خارج الموضوع.
الآن، وبعد كل ما جرى، بات من الملحّ أن تدرك قيادة «فتح» هذا الواقع، وأن تستجيب إلى تحدياته، وأن تعمل على تغييره بطريقة حاسمة، وضمن ذلك تغيير البنية القيادية لهذه الحركة، واستعادة روحها كحركة تحرر الوطني تشبه شعبها وتتماثل مع قضيته، وإلا فإن هذه القيادة ستسجّل في التاريخ بأنها المسؤولة عن أفول هذه الحركة.
أيها الفتحاويون انفضوا الوهن عن أجسامكم وانهضوا... قضيتكم ما زالت أمامكم، و «الربيع العربي»، رغم مشكلاته وثغراته، يناديكم، ويفسح المجال لكم، فهو فرصتكم أيضاً.
بوادر تشير إلى أكثر من انتفاضة ثالثة
ضياء الفاهوم عن الدستور الأردنية
إن ما يجري حاليا في كثير من بلاد العرب من انشقاقات وانقسامات وحروب مكشوفة ومستورة بين أهلها يصب في مصلحة أعداء الأمة العربية وخاصة ما يجري من اقتتال دموي في سوريا يجب وقفه فورا وفقا لما يراه المبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي؛ المشهود له بالحكمة الدبلوماسية الجزائرية والعربية والدولية . وكما ارتأى كثير من المحللين السياسيين أيضا فإن الإبراهيمي حاول كل جهده لكي يكون وسيطا محايدا وأن من الواجب على الفرقاء أن يأخذوا ذلك بعين الاعتبار لأنه ليس للمبعوث الدولي أي مصلحة في أن لا يكون محايدا .
ومما ارتآه أصحاب رأي لهم شأنهم أنه لم يعد هناك ما يبرر للعرب عدم ذودهم عن حياض الأمة والدفاع عن أراضيها في وجه من لا يريدون العيش بسلام معها بل ويضمرون كافة أشكال الشر لها مثل ذلك الذي يضمره ويعلنه ليلَ نهار عنصريو الكيان الصهيوني الغاصب الذي أقيم في قلب بلاد العرب لاستمرار إشغالهم عن التوجه بكل قواهم من أجل تحقيق تنمية كبرى تحول دون اعتمادهم على منتجات ومصنوعات دول أخرى .
وبعد أن أصبحت غطرسة المسؤولين والمتطرفين العنصريين الإسرائيليين الآخرين وتماديهم في تحديهم لكل القوانين والقرارات الدولية ورفضهم حتى الاستماع لنصائح أصدقائهم واضحة للعالم وضوح الشمس هل ما زال غير جلي أن الصهاينة لا يفهمون إلا لغة القوة ؟ وهل ما زال غامضا على أحد أن بعض الدول الكبرى لا تفهم هي أيضا إلا لغة المصالح التي للأسف لا يجيدها المتمكنون من العربان ؟
الحقيقة أن تأييد 138 دولة من دول العالم في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني لطلب فلسطين عضوية مراقب في الأمم المتحدة يعتبر انتصارا على طريق مزيد من الانتصارات السياسية الفلسطينية المدعومة بكفاح فلسطيني كبير مقبل بإذن الله يعيد فيه الفلسطينيون للقدس بهاءها بأيديهم ويستعيدون ما سرق منهم بتآمر صهيوني غربي يناقض كل الشرائع السماوية والمبادئ والقوانين التي اتفق عليها البشر في ميثاق الأمم المتحدة بعد ويلات الحرب العالمية الثانية.
إن أقل المطلوب الآن من الأمم المتحدة أن تعمل على اتخاذ إجراءات دولية صارمة ضد إسرائيل في مسعى لإجبارها على القيام بواجباتها تجاه السلام في منطقة الشرق الأوسط الذي ارتضاه العالم على أساس حل الدولتين وليس على أساس الأطماع الإسرائيلية غير المحدودة وتصرفات المستوطنين العنصريين القتلة المدمرة وشديدة الوقاحة والظلم التي يجب أن يعاقبوا عليها عاجلا أو آجلا .
ومما تجدر الإشارة إليه وصف مصادر أمنية إسرائيلية ما تعرض له الفلسطينيون خلال الأيام القليلة الماضية بأنها حملات دهم لاعتقال النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة لمنع تحول المواجهات الأخيرة إلى انتفاضة ثالثة وغاب عن هذه المصادر أن حملات الدهم الحمقاء تشير إلى إشعال أكثر من انتفاضة ثالثة . إنها تشير إلى إشعال مقاومة شعبية ضد كافة أشكال الاحتلال الوقح واستيطانه الكريه في القدس وفي كافة أنحاء الضفة الغربية أغلب الظن أنها لن تتوقف حتى زوال الاحتلال ومن ثم فلكل حادث حديث.
في الآونة الأخيرة تساءل كثير من الفلسطينيين حول أمور كثيرة من بينها: إلى متى يبقى العرب صامتين عما يجري من ظلم فاحش في بلاد المسجد الأقصى المبارك وكنيسة المهد ؟ وإلى متى يشغل العرب أنفسهم بصراعات داخلية مقيتة دامية وعدوهم الاستئصالي يتربص بهم جميعا الدوائر ؟ ألم يع العرب بعد أن وجودهم كلهم أصبح في خطر ؟
ومن حق الشعب العربي الفلسطيني أن يلفت انتباه إخوانه العرب إلى ما آلت إليه من أوضاع مزرية في البلاد التي سمّاها أعداء الأمة بلاد الربيع العربي وأن يقول لهم ولأبناء فصائله : بالله عليكم اتبعوا على الفور الأساليب الحضارية في حل مشاكلكم خاصة وأنه قد آن الأوان كي يسند العرب إخوانهم الفلسطينيين بأفعال لها وزنها في مساعدتهم على إنهاء الاحتلال الكريه لوطن عربي طال احتلاله والعبث بحقوق أهله وتحدي أمته.
في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية
يوسف مكي عن دار الخليج
منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية في مطلع العام ،1965 مرت قضية تحرير فلسطين بمحطات عدة، كانت المحطة الأولى فيها، قد تزامنت بتوافق عربي وفلسطيني، على تحرير كامل التراب الفلسطيني، والقضاء على الكيان الصهيوني . وخلال المرحلة الأولى، مثل اللاجئون في المخيمات، بسوريا والأردن ولبنان العمود الفقري للثورة الفلسطينية . ولم يكن للفلسطينيين بالداخل، سواء بالأراضي التي أقيم عليها الكيان الغاصب، أو بالضفة والقطاع، دور يستحق الذكر في قيادة الكفاح الفلسطيني . وهو ما يفسر التمسك الفلسطيني الراسخ، بتلك المرحلة بالتحرير الكامل، وبحق العودة .
إثر احتلال الكيان الصهيوني، للضفة والقطاع في عدوان ،1967 تغيرت الصورة، وأخذ التحول يسير تدريجياً، نحو انتقال جاذبية الصراع مع العدو، من المخيمات بالشتات إلى الأراضي المحتلة . ومنذ منتصف السبعينات، شهدت الضفة والقطاع نهوضاً شعبياً، في مواجهة المحتل .
ومع التراكم النضالي والتاريخي لكفاح الفلسطينيين، بالضفة والقطاع، وهزيمة الفلسطينيين بالأردن، وهشاشة وضع المقاومة في لبنان وسوريا، تغيرت أهداف الكفاح الفلسطيني ووسائله، فأصبح التوجه نحو إقامة سلطة فلسطينية، بالأراضي التي ينسحب منها العدو، إما بالكفاح المسلح، وإما عن طريق المفاوضات والحلول السلمية . واتجه النضال الفلسطيني إلى المزاوجة بين حمل السلاح والتفاوض للوصول إلى حلول سلمية للصراع مع العدو الصهيوني .
مرحلة النهوض بالضفة والقطاع، كانت المقدمة، لمحطة أخرى، تمثلت في الدعوة، تحديداً إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، عن طريق المفاوضات، بما يتضمن الاعتراف بوجود دولتين مستقلتين على أرض فلسطين التاريخية، دولة “إسرائيل” في الحدود التي قامت عليها منذ تأسيس الكيان الصهيوني العام ،1948 حتى نكسة حزيران، ودولة فلسطينية على أراضي الضفة والقطاع .
الانتقال إلى هذه المحطة، رغم صخب الشعارات التي طغت عليها، عنى التنازل عن حقوق كثيرة للفلسطينيين، حقوق قانونية أقرت بها هيئة الأمم المتحدة، وأهمها قرار تقسيم فلسطين رقم 181 الذي قسم فلسطين مناصفة بين اليهود والسكان الأصليين . وهو قرار رفضه العرب، لأسباب عدة أهمها أن فلسطين هي أرض عربية لا يملك أي أحد كائناً من كان حق التفريط فيها . وأيضاً لأن القرار لم يأخذ بعين الاعتبار، النسبة والتناسب بين أعداد السكان الأصليين، الفلسطينيين العرب، والمهاجرين الجدد الذين سطوا على الأرض .
وعنى أيضاً، أن القيادة الفلسطينية، منحت نفسها حقوقاً، لم يمنحها لها الفلسطينيون بالشتات، هي التنازل عن أرضهم في حيفا ويافا والناصرة، وبقية المدن والبلدات التي سطا عليها الصهاينة العام ،1948 وذلك في محصلته يعني أن القيادة تنازلت عن حق العودة، حتى وإن لم ينص على ذلك في وثائق رسمية موقعة بين هذه القيادة والكيان الصهيوني . كما أنها انتقلت بمفهوم الصراع، من صراع وجود إلى صراع على مناطق متنازع عليها، بين “شعبين” . وجردت الصراع العربي الصهيوني، من أبعاده التاريخية والحضارية .
وبانتقال القيادة الفلسطينية، إلى التفاوض السلمي، والمباحثات الماراثونية، منذ اعتراف الإدارة الأمريكية بمنظمة التحرير برئاسة ياسر عرفات، في نهاية الثمانينات من القرن المنصرم، فإنها حرمت الفلسطينيين من حق الدفاع عن النفس، وحق تقرير المصير، في مواجهة المحتل، وهو حق ضمنته شرعة الأمم، ومبادئ القانون الدولي .
والنتيجة المنطقية، لهذا الانتقال، في الأهداف والاستراتيجيات، هو تتويج ذلك بإلغاء كل المواد التي تؤكد الحرص على تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وأيضاً حق عودة اللاجئين بالشتات إلى ديارهم، والقبول بإقامة دويلة فلسطينية على أقل من عشرين في المئة من فلسطين التاريخية . وقد صدق على هذا الانتقال، إعلان الاستقلال الصادر عن المجلس الوطني للمنظمة في الجزائر العام ،1988 والذي حظي بموافقة أغلبية أعضاء المجلس على مشروع “الدولة” على أي جزء يتم تحريره من فلسطين باعتباره هدفاً مرحلياً تكون الدولة فيه “لاستكمال مشروع الثورة والتحرير والعودة” .
وليس من شك، في أن العبارة الأخيرة، هي من باب ذر الرماد بالعيون، ذلك أن التناقض واضح وصريح، بين الاعتراف بمشروعية وجود الكيان الصهيوني، والتنسيق الأمني معه، وبين اعتبار قيام الدويلة الفلسطينية بالضفة والقطاع، خطوة على طريق التحرير الشامل للأرض الفلسطينية .
المحطة الأخيرة من الصراع، هي أنه في غمرة انشغال قيادة منظمة التحرير، بإقناع المجتمع الدولي والصهاينة، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، بالضفة والقطاع، يضمّ الصهاينة أكثر من 53 في المئة من تلك الأراضي، ولم يتبقَّ ما يمكن التفاوض بشأنه سوى 47 في المئة، يجري بناء المستوطنات الصهيونية فوقها الآن بشكل حثيث، بحيث لا يبقى في نهاية المطاف ما يمكن التفاوض عليه .
في المحطة الأخيرة، أيضاً وجود سلطتين فلسطينيتين، أحداهما في رام الله والأخرى في قطاع غزة . ورغم كل ما يقال عن مفاوضات واحتمالات الوحدة بين الشطرين، فإن كل المؤشرات تقول باستحالة ذلك، فقد رفضت حماس الوحدة مع القطاع، يوم لم يكن لها حلفاء في مصر وتونس وليبيا، ويوم لم تعلن نصراً مؤزراً على الصهيانية . فكيف يمكن أن تقبل الآن بذلك، وقد حصدت الكثير، وأصبح بحوزتها أوراق ضغط كثيرة على سلطة “أبومازن”، ليس أقلها قبول الصهاينة لها، وتوقيعهم اتفاقية هدنة معها .
هل نحن على أبواب انتقال تاريخي؟ أو أن ما بني على خطأ سيكرس نماذج بائسة، عاجزة عن مقابلة استحقاقات الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة؟ . . أسئلة في الجواب الصحيح عنها، تكمن استراتيجية الخروج من النفق، وإعادة الاعتبار إلى قضية فلسطين .
الكونفدرالية في التوقيت
أمجد عرار عن دار الخليج
ثمة ما يطبخ في الخفاء والعلن ضد العروبة التي تتوجّس قوى استعمارية من نهضتها . ما يمكن أن نقرأه من موقف صدر عن أربعة مخيمات فلسطينية في الأردن يصب في هذا الاتجاه، بل يشعل الضوء الأحمر الذي يحذّرنا بأن هناك دائماً ما هو أخطر من الخطر القائم، لا سيما حين يأتي هذا التحذير متزامناً مع محاولات أشد خطورة جرت لإقحام اللاجئين الفلسطينيين في أزمات عربية داخلية وبغطاء مخز من بعض الجهات الفلسطينية . الاتهام صدر عن وجهاء المخيمات الأربعة في الأردن لجهات ما بالسعي لزج المخيمات الفلسطينية في مؤامرات تستهدف الأردن، وبالتالي استهداف القضية الفلسطينية .
لم يكشف لنا بيان مخيمات الوحدات والحسين والنصر والطالبية هوية هذه الجهات ذات الأهداف والأجندات المخفية والمشبوهة والساعية إلى ليّ ذراع الأردن لتحقيق أهداف شيطانية وتحقيق مصالح سياسية غير نزيهة من شأنها بث الفتنة بين أبناء الشعب الواحد . وحين يؤكد وجهاء المخيمات الأربعة مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فهذا يأتي في سياق الرد على الأهداف المشبوهة للجهات المشار إليها، وبالتالي يجدّد وجهاء المخيمات حرصهم على وحدة النسيج الشعبي والمجتمعي في الأردن، وهي وحدة لا تتعارض بأي حال من الأحوال مع حفاظهم على هويتهم الخاصة كلاجئين متمسّكين بحقهم في العودة إلى فلسطين .
هذا الموضوع يأتي متزامناً مع إحياء الحديث عن الكونفدرالية الفلسطينية - الأردنية، علماً أن مكمن الخطورة ليس في الكونفدرالية بحد ذاتها، بل بالتوقيت المشبوه والمرتبط بمخططات إقليمية دولية ليست بريئة تسعى لصبغ الصراع العربي - الصهيوني بلون آخر، لسحبه إلى دهاليز مظلمة ومخارج بعيدة عن المشروع الوطني الفلسطيني والقومي العربي .
من حق كل فلسطيني وعربي مخلص أن يشعر بارتياب من طرح الكونفدرالية مع الأردن، في الوقت ذاته الذي خرجت فيه بعض التصريحات الغريبة عن عودة اليهود إلى مصر و”تعويضهم” . هناك خشية من أن هناك من ينحت مساراً متوازياً يتضمن إلحاق قطاع غزة بمصر، وما تبقى من الضفة الغربية بالأردن تحت عنوان الكونفدرالية .
القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية حاولت وضع النقاط على الحروف من خلال تأكيدها بأن الكونفدرالية تأتي بعد إقامة الدولة الفلسطينية، إذ إن الكونفدرالية تكون عادة بين دولتين مستقلتين، أما الحديث الآن عن هذا الخيار فإنه بمنزلة وضع العربة أمام الحصان . ولكي توضع الأمور في نصابها فإن من المهم التذكير بأن هذا التحذير من أي حديث عن إلحاق الضفة بالأردن وغزة بمصر، لا يعني مناهضة التوجّه الوحدوي بين أي كيانين عربيين، بل يأتي تعبيراً عن تصحيح البوصلة النضالية التي يجب أن تشير إلى اتجاه واحد في هذه المرحلة، وهو أن أي بحث أو نقاش أو مبادرة تبعد القضية الفلسطينية عن مسار التحرر الوطني، ليس من شأنه سوى إثارة الشبهات والريبة وافتراض سوء النوايا لدى أصحابها .
ليس أمام الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة سوى تحقيق أهدافه بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين االفلسطينيين إلى ديارهم، وبعد ذلك يقرر هذا الشعب بإرادة حرة ومستقلة وعبر استفتاء، خياراته السياسية وطبيعة علاقاته، بما في ذلك خيار الارتباط بالأردن أو مصر أو بكليهما .
معذرة سيادة الرئيس محمود عباس فقد وقعنا في خطأ نأمل ألا يتكرر
درويش عبدالنبي(عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الصحافيين الفلسطينيين) عن السياسة الكويتية
الضبابية وعدم وضوح الرؤية وغياب النصوص القانونية والدستورية في تحديد المفاصل الرئيسية في طبيعة النظام السياسي الفلسطيني تفتح الباب على مصراعيه أمام التأويل وخلط الأوراق وتجاوز مساحات فهم حدود الصلاحيات, وقد لاحظنا ذلك مع بداية تشكيل السلطة الوطنية وكيف طغت هذه السلطة على منظمة التحرير وهي وليدة لها, وكيف طغى المجلس التشريعي على المجلس الوطني رغم ان اعضاء المجلس التشريعي ليسوا أكثر من اعضاء في منظومة المجلس الوطني الفلسطيني, وكيف بدأت الصراعات بين حكومة السلطة الوطنية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حتى كادت هذه السلطة ان تسحب من المنظمة ولجنتها التنفيذية صفة التمثيل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني, وهذا ما شجع الدكتور محمود الزهار بعد تعيينه وزيرا للخارجية ان يدخل في ملاسنة وصدام مخجل مع رئيس الدائرة السياسية في مؤتمر وزراء الخارجية العرب المنعقد آنذاك في تونس, وهذا ما شجع اسماعيل هنية على رفض قرار الاقالة الصادر عن رئيس اللجنة التنفيذية, رئيس السلطة الوطنية وتشكيل ما يسمى حكومة غزة المقالة.
انا هنا لا اوجه اللوم الى الزهار او اسماعيل هنية فقط, ولكنني بحكم المنطق اوجه اللوم الى غياب النصوص التي لم تحدد طبيعة الكيان السياسي الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية وهيكلها الاساسي من رأس الهرم الذي يشكله رئيس اللجنة التنفيذية واعضاؤها, والمجلس الوطني الفلسطيني بلجانه المختلفة كمجلس امة ومجلس شعب أو مجلس نيابي لا يجوز معه تشكيل اي مجلس مواز آخر. ودوائر منظمة التحرير الفلسطينية حسب مهماتها المختلفة من الدائرة السياسية الى دائرة الوطن المحتل الى دائرة الشؤون الثقافية والتربوية الى دائرة التنظيمات الشعبية ودائرة الصندوق القومي الفلسطيني مع تحديد مهمات كل مفصل من هذه المفاصل باعتبار ما للمنظمة من شخصية سياسية واعتبارية لا يجوز ان توازيها اي سلطات اخرى في أي مؤسسات اخرى يتم انشاؤها فيما بعد لا في الصلاحيات ولا في المهمات ولا في مستوى التمثيل السياسي العام للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات, ولا في مستوى الرقابة الإدارية والمالية في مختلف مناحي الحياة العامة لشؤون الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج, بما في ذلك ادارة حركة الصراع مع الكيان الاسرائيلي ووضع ستراتيجيات المواجهة والمرحلية في اطار الستراتيجية العامة لنضال الشعب الفلسطيني.
ولتكريس هذا المفهوم كان من الواجب بعد اعلان تشكيل السلطة الوطنية ان تتضمن النصوص مهمات هذه السلطة بحدود ما وجدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيسها وفق مصالح الشعب واحتياجاته ومتطلبات حياته اليومية, ولكي لا تكون هناك ازدواجية في الصلاحيات والسلطات مع منظمة التحرير الفلسطينية كان من المفترض ان يعطى للسلطة وفق النصوص القانونية والدستورية حجمها الحقيقي بانها ليست الا ادارة تتفرع الى دوائر عدة يكون على رأس كل دائرة مديرها وليس وزيرها كما هي الحال الآن, والذي ولد حالة من الغرور افرزت حالة الانقسام وحكومة غزة وحكومة رام الله التي نعيشها الآن, فالمرجعية هي منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها رئيس اللجنة التنفيذية ورئيس دولة فلسطين. ومن الأهمية بمكان ان نعي هذه الامور الآن وبخاصة بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية لكي يتم الاستفادة من التجربة السابقة, والتخلص من الضبابية وعدم وضوح الرؤية صحيح ويجب ان نتعامل مع انفسنا على اساس ما حصلنا عليه من اعتراف, وصحيح اننا يجب ان نتعامل مع الأمم المتحدة ومع دول العالم على هذا الاساس وصحيح ايضا اننا يجب ان نفعل هذا الاعتراف بكل السبل كافة ولكننا يجب الا ننسى اننا مازلنا دولة تحت الاحتلال, واننا نسعى على الاستقلال والاعتراف التام, وان ما حصلنا عليه من اعتراف يضعنا أمام تحديات أكبر تتطلب اولا ان نكرس وجود منظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني, وان تكون المنظمة هي رأس الدولة ومرجعيتها واداة حمايتها وتحقيق وجودها, وان نعمل جميعا على حمايتها والالتفاف حولها سياجا واقيا لها بوحدتنا الوطنية وصدق النية والاخلاص للقضية والولاء للوطن, وان نرفع صوتنا عاليا الى جانب الرئيس وصوت منظمة التحرير الفلسطينية.
نطالب الدول العربية الشقيقة بالدعم والمساندة في مواجهة قرار تجفيف الموارد المالية - والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني في المحافظة على قراره الوطني المستقل, والانتصار له في قضيته العادلة وفي تطلعاته نحو الحرية والاستقلال وتقرير المصير.
ويبقى الوطن العربي بقياداته وشعوبه هو العمق الستراتيجي لقضيتنا ومكانة قدسنا الشريف.
منظمة التحرير والتمثيل الفلسطيني
عدنان مكاوي)كاتب فلسطيني) عن السياسة الكويتية
القرار العربي باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني يحتاج إلى إعادة نظر على اعتبار أن حركة »حماس« وهي التي تمثل الكثير من الشعب الفلسطيني وتسيطر على قطاع غزة منذ سنوات عدة غير منضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية ولا منتظمة فيها كما أن حركة الجهاد الاسلامي, وهي حركة فلسطينية فاعلة ايضا في الساحة الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية ومنذ سنوات غير منضوية أو مشتركة في منظمة التحرير الفلسطينية كذلك!
فكيف نبقى نردد بعد ذلك أو نستمر في رفع شعار أن »منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي »الوحيد للشعب الفلسطيني« وهي لا تضم أكبر فصيل فيه, ومن دون مبالغة أكثر من نصف هذا الشعب المتمثل في حركتي »حماس« و»الجهاد الإسلامي«?!
لذلك فإني آخذ على أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبدربه وهو من حزب الشعب انحيازه التام للسلطة الفلسطينية في رام الله في صراعها مع حركة »حماس« في غزة بدلاً من أن يسعى حثيثاً الى ضم »حماس« و»الجهاد« وكل الحركات والجبهات الفلسطينية الفاعلة والمؤثرة في الساحة الفلسطينية الى منظمة التحرير الفلسطينية لتكون بالفعل هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني كله في الداخل والخارج.
وما دمنا تطرقنا للداخل والخارج الفلسطيني, أقصد داخل الضفة الغربية وقطاع غزة وخارجهما في جميع بلاد العالم, فإني أؤكد ان السلطة في رام الله التي تهيمن عليها حركة »فتح» تقريباً وتعتبر نفسها وليدة منظمة التحرير الفلسطينية لا تمثل خير تمثيل الشعب الفلسطيني في الخارج, فجل اهتمامها على الداخل ومن في الداخل, وخصوصاً عند توزيع الأرباح- إن جاز لنا هذا التعبير التجاري- ولنضرب مثالاً - كي لا يكون كلامنا مرسلاً بلا دليل- فمن المعروف بأن هناك نحو خمسين مقعداً للطلاب للفلسطينين في الجامعات الأردنية الحكومية, تقدمهم مطلع كل عام دراسي جامعي أو ترشحهم السلطة الفلسطينية, وتقدمهم عبر سفارتها في عمان للجهات المعنية الأردنية, فيدرسون في جامعاتها المرموقة مجاناً, وحسب الاتفاقية المبرمة بين الطرفين الفلسطيني والأردني, يشمل مفهوم الطلاب الفلسطينيين من هم داخل الضفة والقطاع ومن هم خارجهما, لأن السلطة الفلسطينية تمثل جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج أو هكذا يجب أو هكذا يقول رجال السلطة ورجال سفاراتها في مشارق الأرض ومغاربها.
ومع هذا أو رغم هذا نجد كل الأسماء التي تقدمها سفارة »فلسطين) في عمان من فلسطينيي الداخل, أقصد الضفة والقطاع إن لم يكن من الضفة الغربية وحدها, فلماذا لا تضم هذه القائمة السنوية طلاباً فلسطينيين - متفوقين في الثانوية العامة الكويتية أو السعودية أو في دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول التي تعيش فيها الجاليات الفلسطينية?!
ذلك مجرد دليل, ولدى أدلة أخرى لمن يريد أن يسمع ويتأكد بأن منظمة التحرير الفسطينية أو ابنتها الكبرى السلطة الفلسطينية في رام الله لا تمثل كل الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة أو خارجهما- الآن - وقد حان الموعد أو آن الأوان لتصحيح المسار وإدخال الاصلاحات, وعاش الربيع العربي في كل مكان.
نجحت الثورة فكيف تنجح الدولة!!
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
فجأة فتح الناس أعينهم في كل بلاد العرب، ليبدي الكثير منهم اعتراضات جوهرية على الدولة ويرون فيها أنها سبب لحرمانهم وتخلّفهم وقهرهم، ولا ينظرون إلى أي خلل أخر إلا ذلك الذي يرونه في النظام القائم ومؤسسات الدولة.. وهم يقارنون في ذلك بالدولة الغربية وحياة الغربيين.
يلاحظ المسافر العربي لأي من دول الغرب الفوارق الرهيبة بين الحياة في بلده وبلاد الأجانب، ويتناول حديثه عن النظام في الطرقات والإدارات والحافلات والحياة بشكل عام في محلات التجارة والجامعات وسوى ذلك.. ويكاد المسافر العربي أن يقع في المحظور فيفقد الثقة بأن بلاده يمكن أن تمنح مواطنيها يوما من الأيام شيئا من ذلك.. ويمعن المتحدثون وهم على حق بنسبة كبيرة في الحديث عن حقوق الأفراد الاجتماعية والصحية والسياسية والترفيهية التي توفر لهم حياة كريمة، ويتواصل الحديث المأخوذ بحياة الغربيين إلى أنك تشعر -كما قال لي أحد العرب العاملين في تنظيفات مطار شارلي ديغول - أنه يعيش في حياة شبيهة بخلافة عمر بن الخطاب.
لا يستطيع المختلف مع الغرب ولنظام الحياة الاقتصادي الاجتماعي فيه، أن ينكر كثيرا مما يذهب إليه المعجبون والمأخوذون بحياة الغرب.. ولكن يذهب البعض من هؤلاء إلى التذكير بجرائم الغرب وظلمه الذي أوقع بنا خسائر فادحة ولا زالت آثار عدوانه علينا شاهدة، ولن تزول من الواقع إلا بعد سنين طويلة ولن تزول من أنفسنا إلا بعد قرون من الزمن.. وهكذا نصبح في دائرة من الحديث غير المنطقي وغير الموضوعي، فإما أننا نلاحظ ما يسير في المشهد باندهاش وإعجاب، وإما أن نتجاوز الواقع ونذهب إلى التذكير بما فعل الغرب بنا ونزيد على ذلك أن هذه الحضارة المدنية المتقدمة في الغرب، إنما قامت على حساب ثرواتنا وإمكانات الجنوب.
في كلتا الحالتين من وصف الحالة نكون قد ابتعدنا عن التشخيص المنطقي والصحيح والمفيد، ونظل بأي منهما من دون مستوى الاستفادة والتطور وهذا ما انعكس في ثقافتنا وآدابنا وأحزابنا، ولم يسلم من هذا التحليل المنهار أمام الغرب أو الرافض جملة وتفصيلا له إلا القليل من النابهين في الأمّة، من دون أن يكون لهم أي أثر فاعل في حياة الناس.
كان ينبغي أن ندرك قيمة الضريبة والجمارك في الدولة الغربية على اعتبار أنها أحد كفتي الميزان، فكما أن الدول في الغرب تقدّم خدمات جليلة للأفراد والجماعات والمجتمع، فإن الناس كذلك يقدّمون للدولة ضريبة فائقة من أصغر موظف وأصغر بيت إلى أكبر موظف وأكبر شركة وحسب الدخل المالي، وهنا لابد من ملاحظة أن المسألة لا تظل أخلاقية في ركنها الثاني إنما يحميها قانون وأجهزة تلاحق بقسوة وحزم أي مخالفة أو تهرّب ضريبي.
في باب حقوق الناس على الدولة كما في باب حقوق الدولة على الأفراد، نرى في الغرب انتظاما وشفافية وحزما لا تفريط معه، أما في بلداننا فإننا نعيش تهتكا في أنظمة حياتنا وتبادل العلاقة بيننا والدولة.. وهذا ما سيجعل الفشل نتيجة كل ثوراتنا العربية مالم نؤمن بأن علينا واجبات كما أن علينا حقوقا.. وهنا نتساءل عن حجم المبالغ الطائلة المهدورة والمنهوبة من قبل التجار والمؤسسات نتيجة التهرّب الضريبي.. فهل بعد هذا نطالب بحقوق!!؟ نحن بحاجة إلى الفهم بعيدا عن المواقف المستلَبة.
خريطة فلسطين الشاردة في كتاب بريطاني!
فخري صالح عن الدستور الأردنية
في تصريح باعث على الاستغراب، ومثير لعلامات الشك، دعا القيادي الإخواني المصري د. عصام العريان في نهاية العام الماضي يهودَ مصر للعودة إليها فمصر مازالت وطنهم رغم رحيلهم عنها منذ ما يقترب من سبعين عاماً. وادعى العريان أن الزعيم الوطنيّ القوميّ العربي المصري الراحل جمال عبد الناصر طرد اليهود من مصر بعد ثورة يوليو 1952، رغم أن حقائق التاريخ تكذّب هذا الادعاء وتنقضه من أساسه، وثمّة أكوامٌ من الكتب والدراسات التي كتبت حول المسألة، خصوصا في ما يتعلق بفضيحة لافون وأصابع الموساد الإسرائيلي التي تدخلت لإجبار يهود مصر على الرحيل. وقد قوبلت دعوة القيادي الإخواني، الحريص، كما يبدو، على دغدغة مشاعر الصهاينة ولوبياتهم المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها أكثر من اهتمامه بمشاعر إخوته من المصريين والفلسطينيين والعرب، بالترحيب والتهليل على الجانب الآخر، وكذلك بقوائم التعويض المعدّة منذ زمن لمطالبة مصر بدفع ثمن أملاك يهود للدولة الصهيونية (ثلاثمائة مليار دولار كما قدرتها تلك القوائم)، تمهيداً لتجريف الاقتصاد المصري المتهالك المتداعي وإفقار الشعب المصري، المبتلى بحاكميه قبل ثورة 25 يناير وبعدها، أكثر فأكثر.
في المقابل، ولكي نضرب مثلا للمقارنة فقط، تنشر صحيفة الجارديان البريطانية في عددها الصادر أول أمس عن الضجة التي أثارتها مُدرّسة يهودية بريطانية عندما احتجت على كتاب تمارين في اللغة الإنجليزية يحتوي خريطةً كُتب عليها «فلسطين المحتلة» بدلاً من «إسرائيل». وقد اعتذرت دار غارنِت Garnet البريطانية، المتخصصة في نشر الكتب المدرسية والتعليمية، والتي نشرت الكتاب عام 2003، عن هذا الخطأ الفادح (!) رغم أن الكتاب ليس متداولا في السوق، وقد حلّت محلّه كتب تمارين أخرى نشرتها الدار. فكتبُ تعليم اللغة الإنجليزية تتغير بصورة مستمرة، كما أن الكتاب هو مجرد كرّاس للتمرينات كان في حوزة طالب أردني. ومع ذلك فقد حققت الدار البريطانية الشهيرة في الحادثة، ووعدت باستبدال أي نسخة متداولة من الكتاب لدى أي مؤسسة تعليمية في العالم بنسخة بديلة، وسحب أي نسخة موجودة في السوق من ذلك الكتاب الذي يحكي (دون أن يقصد على الأغلب) حقيقة أن إسرائيل هي فلسطين المحتلة. ولم تكتف الدار بالوعد بسحب أي نسخة شاردةٍ من كتاب التمارين العتيق، التي لا بد أنها ستكون متهالكة ممزقة الأوراق مسوّدة الصفحات، بل إنها ألقت اللوم على فريق التحرير السابق الذي حلّ محلّه فريق التحرير الجديد، وكأنها تريد أن تقول إن ثمّة «مؤامرة على وجود إسرائيل» مارسها متعاطفون مع الفلسطينيين لم تستطع الدار التعرّف إلى هويتهم، كما ادعت في البيان الذي أصدرته ووزعته على الصحف ووسائل الإعلام المختلفة!
إسرائيل ولوبياتها الكثيرة، وصهاينتها من جميع الأشكال والألوان، يقفون بالمرصاد للفلسطينيين والعرب، ومحبيهم الذين بلا حول ولا طول في العالم. وهم يتابعون الإعلام والمطبوعات والمؤتمرات والندوات، دون أن تفوتهم كلمة هنا أو صورة هناك، يرقدون مفتوحي الأعين دفاعا عن إسرائيل التي تعلّق في الكنيست خريطة تقول إن حدودها من الفرات إلى النيل. فهل يفهم أولو الألباب؟
المشكلة أننا نتعامل مع ذهنيّتين مختلفتين تماما؛ ذهنية تظن أن تقديم التنازل تلو التنازل لإسرائيل وصهاينتها وحماتها يجلب المنافع، الفردية وعير الفردية، وذهنيّة أخرى تعرف من أين تؤكل الكتف وتستخدم كل الوسائل، المشروعة وغير المشروعة، لمحو حق الفلسطينيين الوطني والتاريخي والإنساني في بلادهم. هم يحمون إسرائيل، التي تغطي على خريطة فلسطين بالفعل، بالرموش والأعين، وبعض العرب يتبرع لهم بأراضٍ وأملاك جديدة. فمتى نفهم أن العلاقات الدولية لا تدار بالانتهازية السياسية وذهنيّة الشيكات على بياض؟
أيا أبا الحُسيْنِ أوباما: إماَّ نحن وإمَّا 'إسرائيل'؟
أ. د. علي الهيل(أستاذ جامعي وكاتب قطري) عن القدس العربي
ما الجديد وما الغريب وما العجيب في اعتراض إدارتي أمريكا الشمالية كلها الولايات المتحدة وكندا (التي غدت تنافس سيدتها وجارتها الكبرى على استجداء الود الصهيوني) ومثلهما أوروبيا طبعاً بريطانيا وألمانيا على تطوير التمثيل
الفلسطيني في الأمم المتحدة إلى 'دولة مراقب غير عضو'؟ كان ذلك متوقعا أكثر من توقع مرأى الشمس اللاهبة في صيف جزيرة العرب، وهل كنا نتوقع أن نرى حليب الشاة أسود؟ إنه موقف نمطي تقليدي تاريخي إستاتيكي. كلا الحزبين 'الديكتاتوريين' الديمقراطي والجمهوري (وهو ما ينسحب على الوضع الإنتخابي البريطاني والألماني والأوروبي بنسب متفاوتة) لا يستطيع أيٌّ من مرشحيهما أن يدخلا السباق إلا بموافقة اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة (إيباك).
هذاالإستنتاج ليس من عندنا هذا هو كلام مُستنتجٌ من الأمريكيين أنفسهم من كتاب ومفكرين وغيرهم ممن تثارُ حفيظتهم أن بلدهم الكبير القوة العظمى مُختَطفٌ من عصابات ومافيا (الإيباك) واللوبيات الصهيونية اليهودية الإسرائيلية، ومن 'إسرائيل' نفسها، هذه البعوضة التي تؤذي أمريكا الشمالية كلها الولايات المتحدةو كندا في أهم حصونها: الرئاسة الأمريكية.
الشخص ليس مهما. النظام هو نفسه منذ (فرانكلين روزفلت) اللوبي الصهيوني هوالمتحكم في أي قرار يتعلق بالعالم العربي والإسلامي أو (بالشرق الأوسط)، وهي تسمية جيوسياسية غايتها تكريس الوجود الصهيوني وإقصاءً لعبارة ولمفهوم 'العالم العربي'. ألم يرَ(بنو يعربٍ)، كيف أن كل الذين إعتلوا سُدَّةَ البيت الأبيض، مروا من خلال حارس البوابة وهي لجنة (إيباك) ولوبياتها المتجذرة والمنتشرة كقمل الكلااب على امتداد الجسد الأمريكي والكندي والأوروبي؟ بل إن (مِتْ رومْني) أحدث في الأمة الأمريكية خرقا غير مسبوق بأنْ لم يكتفِ بذلك فحسب وإنما ركب طائرته و'شد أكباد الإبل' كما كان يقول العرب القدماء، إلى فلسطين المحتلة أو 'إسرائيل' مستعطفاً موافقة الكيان الصهيوني على ترشيحه، وكاد أنْ يفوز لولا حسابات أمريكية داخلية حالت دون ذلك.
و إنْ سالَ سائلٌ عن (فرنسا)، فتصويتها لصالح القرار سببه هو أن لا تُرى فرنسا بكل تاريخها الثوري، وهي التي تقف بصلابة مع الثورات الشعبية العربية أو ما يمكن أن يوصف أو لا يوصف بدول (الربيع العربي وهي بالمناسبة تسمية غَرَضية أمريكية أوروبية)، وخاصة صدارتها على أمريكا وأوروبا في دعمها الثورتين الليبية والسورية، وإنْ كان عدم نقدها أو لومها على الأقل 'لإسرائيل' لحروبها العدوانية على (غزة) متماهيا دائما مع الموقف الأمريكي البريطاني الألماني الأوروبي عموماً. ولعلنا في زحمة السياسة المكيافيلية ذات الكيل بمكيالين وحساباتها المسيطرة على أمريكا وأوروبا، نعطي نقطة إيجابية للحكومة الفرنسية التي أيدت تصويتها لصالح دولة فلسطين بمناشدتها للكيان الصهيوني بالتوقف عن بناء مستوطنات إضافية في الضفة والقدس على خلفية إعلان حكومة (نتنياهو) تشييد 3000 وحدة سكنية إضافية فيهما.
وعلى كلٍّ، حتى بالمغتصبات أو المستوطنات الحالية، يصعب إلى درجة الإستحالة إقامة الدولة الفلسطينية.
وعليه؛ فقد كان ردنا على الذين هللوا لمجيء (أوباما) ثم لإعادة إنتخابه، أربع سنوات كابوسية أخرى على العرب والمسلمين، نابعاً من فهم البنية التحتية للنظام الأمريكي الرئاسي على أن الصهيونية أُسُّهُ الأسيس. فقد راينا كيف أن
رئاسة (أوباما) وإعادتها لم تختلف لا نوعا ولا كيفا عن سابقيه - المزيد من غارات طائرات بدون طيار DRONES على الأبرياء في اليمن وباكستان وأفغانستان (والسودان وغزة بواسطة 'إسرائيل') والمزيد من المآسي والكوارث والبلايا والضوء الأخضر 'لإسرائيل' لقتل الفلسطينيين في غزة.
إذن، البديل هو ذهاب العرب بعقل جمعي واحد إلى (أوباما) والقول له: إنْ لم تكن قاضيا ومحاميا عادلاً في الشرق الأوسط فإننا سنبيع نفطنا للروس والصين ونغلق القواعد الأمريكية في العالم العربي ونوقف أي وكل تعاون مع أمريكا، وبالتالي خلق لوبي عربي موازٍ لإيباك واللوبي الصهيوني المتغطرس أمريكيا وأوروبيا.
صدقوني أمريكا والغرب محتاجان إلينا في إيران وفي أبعاد إستراتيجية أخرى كثيرة غير أن حكومات العرب غير قادرة على اتخاذ مثل هكذا خطوة. السبب هي تعتقد أن أمريكا هي السبب في ديمومتها والواقع هو أن مواطنها
وشعبها هو مصدر أمنها الحقيقي. فلْتهتم به قليلاً.
ملايير قطر لن تحترق
مصطفى صالحي عن الشروق الجزائرية
قطر تستثمر5 مليار دولار في الجزائر، والأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، يحل بالجزائر للمرة نون، خبر عادي تتداوله مختلف وسائط الإعلام العربية والدولية، لكن غير العادي هو أن الجزائر الجمهورية الوحيدة في العالم العربي التي تحظى بهذا الدعم والتزكية، في وقت استثمرت قطر الملايير في إلهاب ثورات الشارع العربي لإسقاط الأنظمة "الدكتاتورية" في باقي الجغرافيا العربية غير الملكية، تونس، ليبيا، مصر، اليمن، وسوريا، كما أن الجزائر تعيش بحبوحة مالية استثنائية عجزت الطاقات والقدرات الداخلية عن استغلالها.
هذه مفارقة سياسية ودبلوماسية كبيرة من دون شك، تحمل الكثير من الإيحاءات، داخلية وخارجية، أهمها أن هذه الأموال القطرية لن تحترق في الجزائر، وهو ما يؤشر إلى استحالة وصول كرة نار "ثورات" الربيع العربي الرابضة على الحدود والمسيطرة على أفكار البعض، إلى الجزائر، بسبب قوة دفاعات الجزائر وتراجع الإيعازات الخارجية، حيث كان يعتقد أن دورها سيأتي بعد "حرق" سوريا، وهي فسحة زمنية ومالية إضافية تسمح لها بمتابعة اشتعال نيران أخرى في جبهات حدودية أخرى.
كما يعني تعامل قطر أيضا أن الجزائر وخياراتها "المتميزة" لامست رضا الدوحة، العاصمة العربية الجديدة التي أصبحت تقرر وتنافس، رغم حجم قطر الصغير على الخارطة، على الجزائر وسياساتها، ومن خلالها حظوتها بتقبّل ومصداقية خاصة لدى المجموعة الدولية، ولا سيما دوائر صياغة وصناعة السياسات الكبرى التي توجّه العالم، واشنطن وباريس بالنسبة إلى الجزائر، إذ من غير المعقول أن نقول بأن ما حدث في دول "الربيع العربي"، والدور القطري المحوري فيه، كان من بنات أفكار القيادة القطرية دون أي اعتبار آخر.
ويبرز إقدام قطر على الاستثمار في الجزائر، والذي يبدو استثناءا مقارنة مع سلوكها مع باقي الأنظمة العربية غير الملكية، جدوى وفعالية خيارات السلطات العمومية المعتمدة في التعامل مع الخارج، وذلك انطلاقا من الدور الإيجابي الذي يلعبه رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة شخصيا، رغم أنها كثيرا ما كانت محل انتقادات لاذعة، بسبب استقلاليتها وبعدها عن منطق المجاملة والمراوغة أو المصلحية والمزاجية، أو سياسة الاندماج والتكيّف الظرفي مع "الوضع الراهن"، مع رفض القفز على القانون الدولي والقيم الأساسية للدولة، كما حدث مثلا مع أحداث ثورات الربيع العربي، وخاصة في تونس ليبيا وسوريا، ومؤخرا فيما تعلّق بأزمة مالي..
كما تترجم زيارة الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، للجزائر للمرة السادسة في ظرف سنتين، عمق العلاقة بين البلدين المبنية على الثقة والمواقف، وخاصة دعم الجزائر لقطر في نزاعها مع البحرين حول سيادتها على بعض الجزر، وفي سعيها لاحتضان نهائيات كأس العالم 2022، فيما أخذت قطر بيد الجزائر سنوات الأزمة الأمنية وكسّرت الحصار، إلى جانب استثمارها في عدة مشاريع.
وبالمحصلة، فؤن زيارة أمير قطر وتمويل مشاريع بقيمة 5 ملايير دولار، تؤكد تجاوز بعض الهزّات التي عرفتها العلاقات الثنائية أثناء الأزمة الليبية، جراء تناقض مواقف البلدين إلى حد التصادم، وكذا مفاضلة دول الخليج بين الدول العربية في الدعم والاستثمار من خلال دعوة المغرب والأردن إلى الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، وليس بطالب منهما، حيث تكون زيارته في ماي 2011، قد خفّفت حدة التوتر وطوت المسألة وأعادت الثقة بينهما، وها هما البلدان يقطفان ثمرتها.
الإخوان يقعون فى غرام اليهود
محمد ابو الغار عن المصري اليوم
لا أحب أن أعلق على ما قاله د. عصام العريان عن عودة اليهود المصريين وتعويضهم مادياً باعتباره رأياً شخصياً، ولكننى أريد أن أقول إن رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة بمجلس الشورى ونائب رئيس الحزب، حين يتحدث فى موضوع ذى أهمية وخطورة شديدة على مستقبل الوطن لا يمكن أن يعتبره عاقل رأياً شخصياً إلا إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين جماعة وهمية بايظة وغير منضبطة وكل قيادى فيها يقول ما يريد. بالطبع الإخوان جماعة شديدة الانضباط والعضو فيها كلامه بمقاس وحسابات دقيقة.
الأمر ببساطة أن الإخوان يريدون أن يستمر التأييد الأمريكى الشديد لهم بمنتهى القوة ولذا أرادوا أن يلعبوا على وتر الولاء المطلق من أمريكا إلى اليهود وإسرائيل ويريدون تعميق العلاقات مع أمريكا، واستكمال باب الود والحب مع إسرائيل.
المعروف أن موقف الإخوان الرسمى المعلن فى الشارع من اليهود خلال ثمانين عاماً كان خطاباً شديد العنصرية، وكان وصف اليهود بالخنازير هو الأمر الطبيعى فى اجتماعاتهم العلنية ومن على منابر مساجدهم وفى صحافتهم، وكتبهم وكان الهتاف الرسمى للآلاف فى الشوارع والجامعات حتى الآن هو «خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود» وهو بالطبع يعنى أنه سوف يعود للقضاء على اليهود، ولم يفرقوا بين اليهودية كدين والصهيونية كمشروع سياسى.
وأعود إلى عام 1947، حيث كان اليهود المصريون وعددهم حوالى ثمانين ألفاً من 15 مليون مصرى فى ذلك الوقت وكان أغلبهم لا يؤمن بالصهيونية، وقد خرج معظم اليهود خوفاً ورعباً لأسباب كثيرة، كان أولها وأهمها هو الهجوم على المنشآت والمحال والمتاجر اليهودية وحرقها وهو ما قام به الجهاز السرى للإخوان المسلمين وهو أمر مسجل فى كل الوثائق التاريخية، مثل كتابى الرافعى وطارق البشرى، ثم قاموا بالاشتراك مع حزب مصر الفتاة فى حرق حارة اليهود وهى حى متكامل ومات فيه أعداد كبيرة من اليهود المصريين بالإضافة إلى الخسائر المادية.
فما هو الجديد فى الأمر، حتى يقوم الإخوان المسلمون فى مصر بهذا الإعلان الغريب؟ الأمر ببساطة هو القول والتصريح بما تضمر غيره وهى سياسة معروفة تاريخياً لجماعة الإخوان المسلمين ولا يعتبرونها عيباً أو نقصاً فى الأخلاق، لأن الغاية تبرر الوسيلة.
ما هو تأثير هذا التصريح على أمريكا وإسرائيل؟ الأمر ببساطة هو أن إسرائيل سوف تستغله فى إخراج كل المقولات والأحاديث والتسجيلات الإذاعية والتليفزيونية عن الإخوان فى سيرة اليهود خلال ثمانين عاماً، لتظهر للعالم كله أن الإخوان أكبر الكذابين، وهى مقولات لا تسر عدواً ولا حبيباً، بالإضافة للابتزاز المادى الذى قد نتعرض له.
من ناحية أخرى أحب أن أطمئن المصريين أن كبار الأغنياء من اليهود باعوا كل ممتلكاتهم فى الفترة من 1947 إلى 1954 وأن الأغنياء منهم أصحاب الجنسيات الفرنسية والإنجليزية صودرت ممتلكاتهم عام 1956 عقب العدوان الثلاثى وتم تعويضهم بالكامل فى نهاية عام 1957. أما الطبقة المتوسطة فقد خرجت من مصر بين عامى 1954 و1957 بعد أن باعت معظمها ممتلكاتها بسرعة بعد عدوان 1956 وأخذ قرار الخروج، أما فقراء اليهود فلم يمتلكوا شيئاً، وكل من كان له حق ناله من القضاء المصرى وآخرهم أصحاب فندق سيسيل بالإسكندرية.
إن ما كان يملكه اليهود فى مصر ولا يزال موجوداً هى المعابد اليهودية وكلها مغلقة وتعبث بها الفئران ما عدا معبد عدلى وبن عزرا فى القاهرة والنبى دانيال فى الإسكندرية وهى لم تكن مملوكة لأفراد، وإنما للجالية كلها التى كانت جزءاً من الشعب المصرى وبالتالى فهذه المعابد ملك للشعب المصرى وليس لأى فرد فى مصر أو خارجها، وأخيراً يجب أن يعلم الإخوان المسلمون أن الضحك على دقون البسطاء من المصريين بعبارات دينية تعمق الكره فى المسيحيين قد تنجح فى مصر، ولكن هذه العبارات لن تنجح مع اليهود أو إسرائيل أو أمريكا.
و أخيراً إذا كان الإخوان يخطبون ود اليهود الذين تركوا مصر منذ أكثر من خمسين عاماً فالأولى بهم أن يخطبوا ود المسيحيين المصريين الذين يعيشون بينهم ويتوقفون عن تهديد كنائسهم ومصالحهم وحياتهم حتى هاجر منهم الآلاف.
يا حضرات الإخوان كفوا عن الافتراء والظلم والكذب وأرجوكم ألا تعيدوا مسلسل العنف الذى اشتهرتم به سنوات طوالاً وأن تبدأوا بتغيير تفكير الهيئة التى من قياداتها خيرت الشاطر والتى أصدرت بياناً جباراً بأنه حرام على المسلمين أن يقولوا لمسيحيى مصر «كل سنة وانتم طيبين». وأنا أقول لكل مسيحى فى مصر كل سنة وأنت طيب وأنتم جميعاً فى قلوبنا.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
إخوان قطر
محمد سلماوي عن المصري اليوم
أكتب من دولة قطر، حيث وصلت فى زيارة خاصة إلى هذه الدولة العربية الوحيدة التى ليس بها تنظيم للإخوان المسلمين بعد أن حل التنظيم نفسه بنفسه عام 1999.
ولقد كان لقطر تاريخ ممتد مع الإخوان يعود إلى منتصف القرن الماضى حين وصلت الموجة الأولى من الإخوان من مصر عام 1954 بعد أن وصلت المواجهة بينهم وبين ثورة يوليو إلى حد محاولتهم اغتيال زعيمها الراحل جمال عبدالناصر، أما الموجة الثانية فقدمت من سوريا عام 1982 وتبعتها موجة ثالثة من السعودية بعد تفجيرات سبتمبر عام 2001.
ولمدة الثلاثين عاماً الأولى كان تنظيم الإخوان القطرى خاضعاً تماماً للقيادات المصرية، وقد انتعش تحت حكم حاكم قطر آنذاك الشيخ على بن عبدالله آل ثان الذى وثق فى الإخوان ومنحهم الفرصة للعمل داخل دولته.
وقد كان لتنظيم الإخوان فى قطر تأثير واسع على المجتمع البدوى المحافظ، حتى أصبحوا فى غيته أى سلطة دينية فى الدولة المرجع الدينى الأول والأخير فى بيئة لم يكن يتعدى أفرادها آنذاك عشرات الآلاف.
وقد قام الإخوان بتأسيس وزارة التربية والتعليم فى قطر وكذلك معهد الدراسات الدينية، وأصبح لهم قياداتهم الدينية القطرية من أمثال الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود، الذى توفى عام 1997 والشيخ عبدالله إبراهيم على الأنصارى، الذى توفى عام 1989.
ولأن الإخوان فى قطر بعكس الجماعة الأم فى مصر كانوا ملتزمين بمقولة إنهم ليسوا طلاب سلطة فإن نشاطهم لم يخرج قط من مجال الدعوة إلى مجال العمل السياسى الخفى، كما كان الحال فى مصر منذ بداية إنشاء جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، والتى لجأت إلى العمل السرى وإلى استخدام العنف والقيام بالاغتيالات.
وفى عام 1999 واجه الإخوان فى قطر لحظة مصيرية حيث كان عليهم أن يختاروا بين الالتزام بالدعوة أو الانسياق إلى العمل السياسى الذى بدأ يتبلور من خلال المجلة التى أسسوها والتى أصبحت تعبر عنهم وعن آرائهم فى الشأن العام وهى مجلة «الأمة القطرية» فقرروا وقف المجلة وحل التنظيم، باعتبار أن الدعوة الإسلامية وسائلها متاحة دون الحاجة إلى تنظيم كان قد بدأ ينجرف تدريجياً تحت تأثير الجماعة الأم فى مصر إلى ساحات أخرى للعمل بعيدة كل البعد عن الدعوة الإسلامية.
مصريون ولو كانوا إخواناً مسلمين
حمدي رزق عن المصري اليوم
صديق كان على سفر إلى فضائية عربية شهيرة للحديث عن جماعة الإخوان ومخططاتها، رجوته ألا يذكر المعتقلين الأحد عشر المقبوض عليهم فى الإمارات أخيراً بسوء، وألا يعين ضاحى خلفان عليهم، وألا يكون سكيناً مصرية فى جنب هؤلاء المطلوبين إماراتياً، وألا يستخدم معلوماته الوفيرة حول المخططات الانقلابية الإخوانية فى تمكين الإمارات من رقبة هؤلاء، لأنهم فى النهاية مصريون ولو كانوا إخواناً مسلمين، وعدنى خيراً ألا يمس هذه القضية من بعيد أو قريب، وألا يكون على إخوانه فى محنتهم التى قد تطول أو تقصر حسب الجهد التفاوضى القطرى فى هذا الملف بين أبوظبى والقاهرة».
والرجل على ما أقول شهيد، لا أنا ولا هو كمصنفين «أعداء للجماعة» فى عرف قواعدها الذى تستقيه من ماعون الكراهية فى قلب قياداتها، نتمحك فى الإخوان، ولا نريد منهم جزاء ولا شكوراً، وحدّاية الإخوان مبتحدفشى كتاكيت، وإن حدفت بتحدف «وقيع» يسيل عليه لعاب الواقعين وهم كثر.
أيضاً لا نمن على المرشد ولا رهطه بالامتناع عن الإخوان فى موقف حرج خارجياً، يُعتقل نفر منهم بتهم هى محل تحقيق، ولا نساعد الخارج، حتى ولو كان عربياً، فيما ذهب إليه تجاه مصريين ولو كانوا إخواناً، هم فى النهاية مصريون، ولكننا نتمسك بالمصرية التى هى أكبر وأرحب من الإخوانية الضيقة التى بها يتدثرون، ويسافر منهم الحداد الإخوانى ورئيس المخابرات المصرى لبحث ملف الـ11 إخوانياً فقط، ولدى الإمارات 350 مصرياً آخرون، صحيح العرف الإخوانى يقول «الأقربون أولى بالمعروف»، ولكن العرف الذى نعتنقه «المصريون أولى بالمعروف»، كان حتماً ولابد من نظر قائمة المعتقلين المصريين كاملة غير منقوصة، والحمد لله أنها صارت بين أيدينا بعد اعتقال الإخوان الأحد عشر، وقبلها كان المعتقلون المصريون نسياً منسياً.
صحيح الإخوانية صار لها ناموسها الغبى، ومن يناهضها كمن يناهض السامية، وكتبت من قبل مقالاً ضافياً حول «اللاإخوانية» على نسق «اللاسامية» ولكن ما نعانيه فى مصر من حكم وتحكم وتجريس وتشميس وسحل وضرب إخوانى لا يدفعنا خطوة واحدة ضد المعتقلين الإخوان فى محنتهم لأنهم مصريون، هذا المفهوم الذى يغيب عن جماعة بديع، وأخطر شىء أن يتسمى المعتقلون فى الإمارات بمعتقلى الإخوان، وأن يتحدث عنهم ويكتب عنهم - فقط - الإخوان والموالون.
اكتبوا عن محنتهم هو أقرب للتقوى، ولا يجرمنكم شنآن قوم ألاّ تعدلوا بين المصريين، لابد أن تهرع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، ليبرالية ومدنية وأهلية، إلى التدافع لتشكيل فريق قانونى على مستوى رفيع للدفاع عن المتهمين المصريين فى الإمارات، المتهمون المصريون الكل كليلة، بلا تمييز ولا تفرقة، وعلى من يستطيع المساهمة من الساسة المصريين ممن لهم علاقات وثيقة بدولة الإمارات أن يهرع لنجدة هؤلاء، وكما كان الوفد الشعبى المصرى عاملاً حاسماً فى جسر الهوة المصرية السعودية، لابد من جسر الهوة المصرية الإماراتية، أقول المصرية ليست الإخوانية، بوفد شعبى مصرى، كفانا إخوانية وتخويناً، المصريون فى الإمارات يصرخون، وامصرااااه.
هل بدأ تساقط أوراق الخريف العربي؟!
كلمة الرياض بقلم يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
ثورات الشعوب لا تعترف بالظرف الزمني الدولي - فهي تنفجر لأسبابها وقانون تفاعلاتها، وما حدث في الربيع العربي لم يكن له مقدمات، حيث فاجأ نفس الدول، والمراقبين العرب والعالميين، ومع أن الزخم الذي صاحبها كان عاصفاً بين فرح باقتلاع الدكتاتوريات المهيمنة على الحياة السياسية والعامة، وبين مراقب يخشى تداعياتها داخلياً وفي محيطها، وثالث دولي لا يعلم موقعه بين هذه التطورات المتسارعة والتي ظل وجهها وطنياً فقط دون رفع شعارات تهاجم أو تتهم وتعادي تلك الدول، أو لا تشعرها بالخوف..
من خلال رصد مجريات الأحداث وجدنا التيار الإسلامي الغالب، لأنه الوحيد المنظم والمتغلغل بالأوساط الاجتماعية من الطبقة الوسطى والدنيا، ولم تكن أصوات الليبراليين بالحجم المنافس، وحتى المثقف يمينياً أو يسارياً كان مهمشاً في هذه الأوساط، وقد برز الصحفي والناشر، والمحاور على الفضائيات بتياراتها المختلفة وأصبح من يؤثر ويصوغ ويوجه الرأي العام بين المتنافسين والمنقسمين بين مؤيد لحزب وتنظيم أو معارض، لكن خطورة هذه التوجهات أنها قسمت المجتمع وأصبحت لا تتحفظ على إبراز الطائفية وعناصر التطرف، والتصريحات التي أخذت دور المحرض والكابح للحريات، وبغياب نظام يحدد نسب الحرية الإعلامية، دخلت قوى خارجية بدعمها المادي لتضيف عبئاً على هذه الدول الناشئة، مما خلق فوضى منظمة قد تدفع بعدة أطراف إلى تصعيد الخصومات، وربما استخدام القوة لديها وسط حياد تام من الجيش وقواته المسلحة التي نأت بنفسها أن تكون طرفاً في الصراع، وهو موقف ايجابي، لكن في حال تعدت الحدود الأمنية بسبب تجاذب تلك التيارات، هل يصبح الجيش البديل ونعود إلى عصر الانقلابات وما تلاها من حكومات عسكرية نفعية وقمعية تحتكر السلطات وتقف ضد الحريات؟
لا يتعلق الأمر بالأزمة السياسية وحدها، فالفوضى التي صاحبت هروب الأموال وتعطل الاستثمارات والسياحة، واستنزاف المخزون النقدي مما استدعى رفع الأسعار لمختلف السلع الأساسية، ومضاعفات البطالة، أدى إلى نشوء واقع جديد أي تصاعد المتطلبات المادية من العملات الصعبة لايقاف تدهور عملات هذه الدول، مما جعلها تلجأ للاقتراض من صندوق النقد الدولي، أو المطالبة بمساعدات من دول عربية وإسلامية وخارجية، لكن ربط تلك الشروط محددة وإصلاحات لا تتطابق مع اشتراطات البنك، والصندوق الدوليين، وكذلك الدول المانحة التي تقيس معوناتها على المواقف السياسية لتلك الدول حين تنفلت التصريحات والهجوم الإعلامي عليها، تأخذ بحسابات خاصة تقيس بها مدى الرابط السياسي مع دول الربيع، والذي نشأ في ظل سياساتها حالة من الاضطراب وعدم التنسيق والذهاب إلى منطقة الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها باسم إلهاب الرأي العام الداخلي لكسب أصوات أو بناء أحلام وخلق اتهامات لدول تحتاج معوناتها ومواقفها مع الدول الخارجية..
الصورة ليست زاهية لأن التطورات وصلت إلى حد سلبي على الحالة الشعبية وهو ما يتطلب رؤية جديدة تعالج الأسباب وتبنى عليها النتائج.
هاجل مرشح أوباما لوزارة الدفاع رفض إدراج حزب الله على قائمة الإرهاب وتوجيه ضربة لإيران
عن الزمان العراقية
الأقرب لقيادة البنتاغون جمهوري خالف حزبه وانتقد حرب العراق
انطلاقا من كون السناتور الجمهوري السابق من ولاية نبراسكا تشاك هاجل من اوائل من انتقدوا حرب العراق في فترة مبكرة فقد كان يقول احيانا لزملائه في مجلس الشيوخ ممن لم يجرؤوا على توجيه النقد إذا كنتم تريدون وظيفة مضمونة.. فاذهبوا لبيع الأحذية.
والآن يقترب الرئيس الديمقراطي باراك أوباما الذي يشكل فريقه لفترة الولاية الثانية في رئاسته من اختيار هاجل صاحب الفكر المستقل لوزارة الدفاع. وإذا صدق مجلس الشيوخ على هاجل فسيتعين عليه الإشراف على انسحاب القوات الأمريكية من منطقة حرب أخرى هي أفغانستان والتعامل مع خفض النفقات.
وذكرت مصادر في الحزب الديمقراطي أن الإعلان الرسمي عن ترشيح هاجل مساء الاثنين.
وهاجل محافظ يناصر القيم الاجتماعية التقليدية وشارك في رئاسة حملة جون مكين الفاشلة لخوض انتخابات الرئاسة في عام 2000 وربما يبدو اختيارا بعيدا كوزير للدفاع في إدارة أوباما لولا معارضته لحرب العراق التي شنها الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش. وكانت تلك الحرب هي التي جعلت نجم أوباما يبزغ أيضا على المستوى القومي. قبل أربع سنوات قال أوباما إن العراق ليس القضية الوحيدة التي يتفق فيها رأيه مع رأي هاجل وهو من المحاربين القدامى في حرب فيتنام والذي نال عدة أوسمة. وقال أوباما في آب 2008 بعد شهر من اصطحاب هاجل معه في جولة بالعراق إنه جمهوري متمسك بمواقفه لكن أكثر ما نتفق فيه تشاك وأنا هو كل مسألة في السياسة الخارجية . ومنذ طرح اسمه في العام الماضي كمرشح لتولي منصب وزير الدفاع قال بعض الجمهوريين إن هاجل كان يعارض مصالح اسرائيل في بعض الأحيان. ويشير منتقدوه إلى أنه صوت ضد العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران وأدلى بتصريحات تنطوي على قدر من الاستخفاف عن نفوذ ما أسماه اللوبي اليهودي في واشنطن. كما أن هاجل ينتقد حجم الجيش الأمريكي وصرح لصحيفة فاينانشال تايمز عام 2011 بأن وزارة الدفاع مترهلة وفي حاجة إلى تقليمها . كان هاجل عضوا في الكونغرس لفترتين ومثل ولاية نبراسكا وترك الكونغرس عام 2008. وهو الآن أستاذ بجامعة جورجتاون لكنه يشارك أيضا في رئاسة المجلس الاستشاري الاستخباري الذي يقدم المشورة للرئاسة وعضو في مجلس السياسة التابع لوزير الدفاع.
ومنذ أن ترك هاجل مجلس الشيوخ كان منتقدا كبيرا لحزبه. وقال لصحيفة فاينانشال تايمز عام 2011 إنه يشعر بالاشمئزاز من الممارسات غير المسؤولة التي صدرت عن الجمهوريين خلال الجدل الذي دار حول سقف الديون. وفي عام 2012 أعلن تأييده لمرشح ديمقراطي لمجلس الشيوخ من نبراسكا وهو السناتور السابق بوب كيري بدلا من الجمهوري ديب فيشر الذي فاز.
ولن يكون هاجل أول جمهوري يخدم مع أوباما كوزير للدفاع. فقد كان أول وزير دفاع يختاره أوباما هو روبرت جيتس وكان من بقايا نظام الرئيس الجمهوري بوش.
وعندما كان هاجل في مجلس الشيوخ عضوا بارزا في لجنة العلاقات الخارجية ولجنة البنوك ولجنة المخابرات كثيرا ما كان يشتبك مع زعماء الحزب بشأن السياسة الخارجية والدفاعية. وشارك في رعاية تشريع للحد من القيود التجارية الأمريكية على كوبا وفي اقتراع رفض فرض عقوبات على إيران وليبيا. وفي عام 2002 قال هاجل إن الولايات المتحدة عليها أن تحاول تحسين العلاقات مع الدول التي وصفها بوش بأنها تشكل محور الشر وهي العراق وإيران وكوريا الشمالية. وفي العام ذاته عندما أبدى هاجل شكوكا بشأن حشد إدارة بوش للحرب في العراق وصفته مجلة ويكلي ستاندرد المحافظة بأنه جزء من محور التهدئة . لكن هاجل وافق بالفعل خلال اقتراع على منح الرئيس سلطة تنفيذ الغزو الذي تم في اذار عام 2003.
وفي وقت لاحق قال هاجل إنه يأسف على ذلك التصويت وأصبح منتقدا شديدا للصراع. وفي كانون الثاني 2007 كان الجمهوري الوحيد في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لدعم قرار غير ملزم ينتقد قرار بوش بإرسال المزيد من القوات إلى العراق. وقال هاجل لأعضاء مجلس الشيوخ إن عليهم أن يتخذوا موقفا إزاء القضية التي تسبب أكبر انقسام في البلاد منذ فيتنام الحرب التي شارك فيها لكنه قرر لاحقا إنها كانت خطأ. وأدى موقفه إلى قيام خلاف بينه وبين مكين وقام جمهوريون آخرون بتعنيفه. وقال ديك تشيني النائب السابق للرئيس بوش لمجلة نيوزويك أؤمن بشدة بوصية رونالد ريجان الحادية عشرة.. لا تتحدث بسوء عن جمهوري زميل لك.. لكن من الصعب جدا في بعض الأحيان الالتزام بذلك إذا تعلق الأمر بتشاك هاجل .
حفيظة الجمهوريين
وفي عام 2008 لم يؤيد هاجل علانية اوباما لكن زوجته ليليبت فعلت ذلك وجلست مع ميشيل زوجة أوباما خلال آخر مناظرة رئاسية. تغيب هاجل عن المؤتمر الجمهوري عام 2008 للسفر إلى أمريكا الوسطى والجنوبية. بعد ذلك أثار حفيظة الجمهوريين أكثر عندما صرح لصحيفة أوماها وورلد هيرالد إن قول إن سارة بيلين مرشحة منصب نائب الرئيس مع المرشح الجمهوري للرئاسة جون مكين ستكون مؤهلة لأن تكون رئيسة كان تجاوزا . وكان ينظر له شخصيا في فترة ما على أنه يصلح لخوض انتخابات الرئاسة في 2008 وكانت هناك تكهنات بأنه سينضم إلى مايكل بلومبرج رئيس بلدية نيويورك كمستقل. وبدلا من ذلك قال في أيلول 2007 إنه سينسحب من العمل السياسي ويتقاعد من مجلس الشيوخ عندما انتهت فترته عام 2008.
ولد هاجل عام 1946 ونشأ في نبراسكا وكان الابن الأكبر وحقق ثروة من خلال إطلاق شركة للهاتف المحمول في الثمانينيات. كما كان والده رجلا عسكريا ومن قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية وتوفي مصابا بأزمة قلبية عندما كان تشاك في سن 16 عاما.
تطوع هاجل وأخوه الأصغر توم في فيتنام وأنقذ هاجل حياة توم هناك عندما سحبه من سيارة محترقة.
لكن السناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام قال لشبكة سي. ان. ان ان هاغل سيكون وزير الدفاع الاكثر عداء لاسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة ، معتبرا ان ترشيحه خيار مثير للجدل . واضاف لم يقل فقط انه يجب التفاوض مباشرة مع ايران وان العقوبات لا تعطي نتيجة، انما قال ايضا ان اسرائيل يجب ان تتفاوض مع حماس، وهي منظمة ارهابية تطلق آلاف الصواريخ على اسرائيل .
وتابع غراهام انه كان ايضا بين 12 عضوا في مجلس الشيوخ رفضوا توقيع رسالة موجهة الى الاتحاد الاوربي من اجل ادراج حزب الله اللبناني على لائحة المنظمات الارهابية . وقال السناتور الجمهوري جون كورنين من تكساس انه سيعارض تعيين هاغل لانها ستكون اسوأ رسالة يمكن ان نبعث بها الى صديقتنا اسرائيل وبقية حلفائنا في الشرق الاوسط . ويتولى هاغل حاليا رئاسة مجلس المعلومات التابع للبيت الابيض بعد ان مثل نبراسكا وسط في مجلس الشيوخ من 1997 الى 2009. وهو ايضا من قدامى المحاربين في فيتنام وحاصل على عدد من الاوسمة الرفيعة. ومن المعروف عن هذا الجمهوري المعتدل انه كثيرا ما كان يعارض مواقف حزبه في مجال السياسة الخارجية منتقدا بصفة خاصة استراتيجية الرئيس السابق جورج بوش في العراق. وفي مقابلة صحافية نشرت في الاونة الاخيرة نفى هاغل ان يكون مؤيدا للمقاربات السلمية. وقال انا اؤيد استخدام القوة وانما بعد عملية صنع قرار متأنية جدا ، مضيفا سابذل كل ما بوسعي لتجنب حرب لا معنى لها وغير ضرورية . واذا ثبت مجلس الشيوخ تعيينه كوزير للدفاع فسيكون على هاغل التعامل مع الاقتطاعات الكبرى في ميزانية انفاق الجيش وانهاء جهود الحرب في افغانستان والتحضير لاسوأ السيناريوهات المحتملة في ايران وسوريا. وتعتبر التعيينات الادارية في الولايات المتحدة قضايا بالغة الحساسية لان جلسات الاستماع تتيح لاعضاء مجلس الشيوخ فرصة استبعاد مرشح غير مرغوب به او تسجيل نقاط سياسية. وحالت معارضة غراهام واثنين من اعضاء مجلس الشيوخ البارزين الجمهوريين كيلي آيوت وجون ماكين الشهر الماضي، دون وصول سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة سوزان رايس الى منصب وزيرة الخارجية. وكانت رايس المرشحة الاوفر حظا لخلافة هيلاري كلينتون على رأس الخارجية الامريكية. لكن دفاعها عن الادارة في قضية الهجوم على القنصلية الامريكية في بنغازي في 11 ايلول الماضي الذي ادى الى مقتل السفير الامريكي في ليبيا، وضعها في خط المواجهة مع الجمهوريين ما ادى الى عرقلة ترشيحها. ومن غير المعتاد ان يرفض مجلس الشيوخ تعيينات رئاسية في مناصب وزارية ويحظى الديموقراطيون حاليا بغالبية حاسمة في مجلس الشيوخ.