النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء حماس 244

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء حماس 244

    الأربعاء
    16/1/2013

    مختارات من اعلام حماس


    • أيكون عام المصالحة الفلسطينية؟

    فلسطين الآن ،،، فهمي هويدي

    • تماسيحٌ إسرائيلية في أفريقيا

    فلسطين الآن ،،، مصطفى اللداوي

    • بين "باب الشمس" و"مرج الزهور"

    فلسطين الآن ،،، حلمي الأسمر

    • الجذور القبلية لرفض نتائج الانتخابات الديمقراطية

    فلسطين الآن ،، عبد الستار قاسم

    • جوال مرحباً.. المسئول لا يستقبل مكالمات..

    فلسطين الآن ،،، أيمن دلول

    • قرية باب الشمس: هل تكون بوابة العودة أم مجرد نشاط موسمي؟

    أجناد ،،، ياسين عز الدين

    • «باب الشمس».. البداية الحقيقية للربيع الفلسطيني

    كتائب القسام ،،، بقلم: صالح النعامي

    • إرادة التغيير

    فلسطين أون لاين ،،، د.عصام عدوان

    • قراءة في أسس الخلاف الفتحاوي – الحمساوي

    المركز الفلسطيني للإعلام ،،، صلاح حميدة

























    أيكون عام المصالحة الفلسطينية؟

    فلسطين الآن ،،، فهمي هويدي
    أدري أن مصطلح "المصالحة الفلسطينية" جرى ابتذاله، بعدما استخدم عنوانا للقاءات ومشاورات عدة، أريد بها تمييع المصالحة وتعطيلها. وبعدما توسطت لأجلها أطراف عرفنا لاحقا أنها لم تكن محايدة أو نزيهة، وأنها كانت تتحرك في إطار المخطط الإسرائيلي الرافض للمصالحة، ما لم تتم بعد استسلام غزة وتركيعها.
    المتغيرات التي حدثت في الأجواء وعلى الأرض تعطي الانطباع بالتفاؤل في ملف المصالحة الفلسطينية، وتوحي بأن أوان الكلام الجاد حول الموضوع قد حَلّ.
    ورغم ذلك، فإنني أزعم أن الكلام الجاد حول المصالحة سوف يجري في العام الحالي، وأن زيارة السيد محمود عباس للقاهرة الأسبوع الماضي كانت بمثابة خطوة في ذلك الاتجاه. وإذا سألتني لماذا التفاؤل بما يمكن أن يتم إنجازه هذا العام؟ فردّي أن المتغيرات التي حدثت في الأجواء وعلى الأرض تعطي ذلك الانطباع، وتوحي بأن أوان الكلام الجاد حول الموضوع قد حَلّ.
    لا أنكر أنني كنت أحد الذين يتشككون في إمكانية وجدوى المصالحة بين حركتيْ فتح وحماس، لأن الرئيس محمود عباس -الذي يفترض أنه يرأس منظمة التحرير ويقود حركة فتح- يتبنى موقفا يراهن فيه على الحل السياسي ويستهجن فكرة المقاومة ويرفضها، في حين أن حركة حماس تستمد شرعيتها من تبنيها لخط المقاومة، وتعتبر السلطة التي تمارسها في القطاع أحد أوجه المقاومة ولا يُلغي الأوجه الأخرى، بدليل أنها تحتفظ بسلاحها وقد استخدمته في صد الاجتياحات الإسرائيلية، جنبا إلى جنب مع حركة الجهاد الإسلامي وعناصر المقاومة الأخرى.
    أفهم أيضا أن الطرفين لم يغيرا من موقفيهما، لكن الذي تغير هو المعطيات الحاصلة على الأرض والتي تفرض على الطرفين أن يتلاقيا دون أن يتنازل كل منهما عن موقفه. وهذه المعطيات تتوزع على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، إلى جانب أن هناك متغيرات أخرى مهمة على الصعيدين الإقليمي والدولي ينبغي ألا نغفلها.
    (2)
    إسرائيليا لم يعد هناك شك في أن موضوع الدولة الفلسطينية وحل الدولتين استبعد تماما من الأجندة الإسرائيلية. وأن كل الوعود التي قدمت والاتفاقات التي تمت مع الفلسطينيين من خلال التفاهمات السياسية، لم تكن سوى فخاخ أريد بها كسب الوقت وتخدير الفلسطينيين لتغطية عملية التهويد، والمضي في الانقلاب الجغرافي والسكاني الذي يحدث على الأرض.
    وفي الوقت الذي ظلت تتمدد فيه إسرائيل على الأرض، فإنها أناطت بالسلطة في رام الله وجهازها الأمني الذي ينفق عليه ثلث الموازنة مهمة قمع الجماهير الفلسطينية، ومنع انتفاضها وثورتها في مواجهة التغول والعبث الإسرائيلييْن. وهو ما نجحت فيه حتى الآن. إلا أن استمرار ذلك النجاح ليس مضمونا، خصوصا أن مظاهر الغضب الفلسطيني في الضفة تعددت خلال الأشهر الأخيرة، حتى أصبح الحديث متواترا عن انتفاضة فلسطينية ثالثة، وعن ربيع فلسطيني تهب رياحه استلهاما للربيع العربي.
    وقد تزامن ذلك مع تسارع خُطى الاستيطان الذي قيل إنه بمناسبة الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في 22 يناير/كانون الثاني الحالي. وقيل إنه جزء من الرد الإسرائيلي على لجوء السلطة الفلسطينية إلى طلب عضوية الأمم المتحدة وقبول الطلب. وهي سياسة يتوقع لها أن تستمر خلال المرحلة المقبلة، لأن التنافس في الانتخابات حاصل بين اليمين واليمين وليس بين اليمين واليسار.
    لقد أصبح يقيم في الضفة الغربية الآن 340 ألف إسرائيلي في المستوطنات التي تم بناؤها، أما القدس الشرقية التي يتردد ذكرها في خطب القيادة الفلسطينية باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة فقد أصبح يقيم بها نحو مائتيْ ألف آخرين، يتوزعون على عشرة أحياء استيطانية تمت إقامتها تباعا. إلى غير ذلك من الخطى التي لا تدع مجالا للشك في أن ثمة قرارا إسرائيليا بشطب فكرة الدولة الفلسطينية من الأجندة الإسرائيلية.
    ورغم أن (إسرائيل) ضامنة لانحياز الإدارة الأميركية لها، وضمانها للكونغرس أشد، فإنها تدرك أن الرئيس باراك أوباما سيظل مشغولا بمشكلات بلاده الاقتصادية خلال العامين الأولين من ولايته الثانية، وهو ما قد يفسح المجال أمامها لممارسة العربدة في المنطقة. وليس معروفا في هذه الحالة ما إذا كان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي سيحاول أن يسترد اعتباره بعمل عسكري ضد غزة التي تحدَّته وكسرت كبرياءه مرتين. أو يحقق رغبته في توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، التي اعتبر مشروعها النووي على رأس تحديات (إسرائيل) الإستراتيجية. وفي كل الحالات فإن الفترة القادمة ستظل مفتوحة لمختلف الاحتمالات أمام مغامرات اليمين الإسرائيلي، وربما ألقى بعضها بظلاله على أجواء المصالحة.
    (3)
    المتغيرات على الساحات الأخرى الفلسطينية والعربية والدولية إيجابية ومهمة، وتتلخص فيما يلي:
    فلسطينيا، أضع صمود غزة في المرتبة الأولى، وأضع التطور النوعي في سلاح المقاومة في مرتبة موازية، وهو التطور الذي مكن عناصر المقاومة من إطلاق صواريخ وصلت إلى (تل أبيب)، حتى ولو لم تصب أحدا فيها، لأن فكرة وصول صواريخ المقاومة إلى عاصمة الدولة العبرية تمثل هاجسا مرعبا يؤرق القيادة الإسرائيلية، فضلا عن أنه يصيب في مقتل فكرة الأمن الإسرائيلي.
    وأحسب أن هذه النقطة بالذات كانت وراء مسارعة إسرائيل إلى طلب وقف إطلاق النار، إثر عدوانها على القطاع الذي حمل اسم "عمود السحاب" (14-22 نوفمبر/تشرين الثاني 2012)، كما أنها كانت وراء مبادرات حُسن النية التي قدمتها آنذاك، مقابل وقف إطلاق الصواريخ من غزة، في غير حالات العدوان بطبيعة الحال.
    أزعم أن ثورة 25 يناير كانت أهم متغير إقليمي لصالح القضية الفلسطينية. ذلك أنها المرة الأولى التي تبنت فيها مصر موقفا مسؤولا ونزيها إزاء القضية، تجاوزت به تلك المرحلة المخجلة التي صار فيها رئيس مصر كنزا إستراتيجياً لـ(إسرائيل).
    وقد أشار إليها الرئيس الأسبق لجهاز الموساد أفرايم هليفي في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، (من تلك المبادرات توسيع مساحة القطاع البحري أمام شاطئ القطاع لصيد الأسماك، والسماح بتجديد أسطول الحافلات والشاحنات في القطاع، كذلك السماح باستيراد مواد البناء من إسرائيل).
    ومن الملاحظات المهمة التي ذكرها الرجل أنها كانت المرة الأولى التي أجرت فيها إسرائيل مفاوضات مع حركة حماس لتخفيف الحصار عن غزة، بوساطة مصرية بطبيعة الحال. وكانت (إسرائيل) في السابق تخاطب السلطة في رام الله فقط، وترفض الحديث مع حركة حماس.

    يضاف إلى ما سبق متغير سياسي آخر له أهميته، يتمثل في قبول دولة فلسطين عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، استجابة للطلب الذي قدمه الرئيس محمود عباس ولقي تأييدا واسعا من قبل المنظمة الدولية. وعدّ ذلك الإنجاز الوحيد الذى يحسب لأبو مازن بعد الإخفاقات التي لاحقته في كل محاولات تفاوضه مع الإسرائيليين، حتى لم تعد لديه أوراق يستخدمها أو يراهن عليها.
    عربيا، أزعم أن ثورة 25 يناير كانت أهم متغير إقليمي لصالح القضية الفلسطينية. ذلك أنها المرة الأولى منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979 التي تبنت فيها مصر موقفا مسؤولا ونزيها إزاء القضية، تجاوزت به تلك المرحلة المخجلة التي صار فيها رئيس مصر كنزا إستراتيجياً لـ(إسرائيل).
    وحين طويت هذه الصفحة فإن مصر الرسمية فتحت أبوابها لممثلي المقاومة، وهم الذين لم يروا في السابق سوى مصر الأمنية دون غيرها. وفي ظل ذلك الوضع المستجد رأينا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لفتح ورمضان عبد الله الأمين العام لحركة الجهاد ورفاقهما في قيادتىْ الحركتين، في لقاء مع رئيس الجمهورية، بعد أن كان محظورا عليهم دخول أي مؤسسة رسمية باستثناء مبنى المخابرات العامة. كما رأينا رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل مجتمعا مع السيد إسماعيل هنية وغيره من المسؤولين في قطاع غزة.
    لم يكن ذلك هو المتغير الوحيد وإن كان الأهم، وإنما أسهمت تلك الأجواء في كسر حصار غزة (وليس إلغاؤه)، فزار القطاع أمير قطر ثم وفد من وزراء الخارجية العرب، كما أصبحت الوفود والمساعدات تصل إلى غزة دون عقبات تذكر.
    هذه الأجواء كان لها صداها في محيط الجامعة العربية، حيث وافق وزراء الخارجية على اقتراح للأمين العام الدكتور نبيل العربي بإعادة النظر في قرارات الجامعة السابقة المتعلقة بالتسوية السلمية مع (إسرائيل). وفي المقدمة منها المبادرة التي أطلقتها قمة بيروت في عام 2002 ولم تحقق شيئا منذ ذلك الحين، وقد فهمت أن هذه الخطوة سوف تتلوها خطوات أخرى، ربما كان في مقدمتها سحب المبادرة وتبني موقف أكثر حزما في مواجهة السياسات الإسرائيلية المتصلة بالاستيطان والتهويد.
    دوليا، كان تصويت 138 دولة في الجمعية العامة لصالح قبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة دليلا قويا على تراجع التأييد الدولي لـ(إسرائيل)، ووقوفها على أبواب عزلة سياسية لم تعرفها من قبل.
    يذكر في هذا الصدد أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن -باستثناء الولايات المتحدة بطبيعة الحال- عارضت في خطوة نادرة المشروعات الاستيطانية الأخيرة التي أعلنتها (إسرائيل). ونشرت الدول الأوروبية الأعضاء في المجلس (فرنسا وبريطانيا والبرتغال وألمانيا) إعلانا مشتركا أكدت فيه معارضتها الشديدة لتلك المشاريع، وذكرت فيه أنها تشكك في رغبة (إسرائيل) في التفاوض، فضلا عن أنها خطوة غير شرعية في نظر القانون الدولي. وباسم دول المجلس الأعضاء في حركة عدم الانحياز (أذربيجان وكولومبيا والهند وغواتيمالا والمغرب وباكستان وجنوب أفريقيا)، ندد سفير الهند بقرارات الحكومة الإسرائيلية، وطالب بوقف كل نشاط استيطاني على الفور.
    (4)
    "
    الدور المصري المفترض في المصالحة سوف يتجاوز نقل وجهات النظر ومحاولة التقريب بينها، إلى محاولة بلورة مشروع محدد للمصالحة يقدم إلى الطرفين.
    هذه الخلفية تسوغ لنا أن نقول إن القضية الفلسطينية أصبحت الآن في وضع أفضل نسبيا. وأن اختراقات حدثت في الأفق المسدود الذي سرب إلينا إحباطا مستمرا طوال السنوات التي خلت، ولم يمنعنا من الاستسلام لليأس سوى تلك الومضات المضيئة التي كانت تلوح في الفضاء مع أخبار المقاومة الفلسطينية والصمود الباسل لأهل قطاع غزة.
    لقد ظل انقسام الصف الفلسطيني هو الثغرة المؤلمة في المشهد، الأمر الذي عانى منه المسؤولون في حركتيْ فتح وحماس، وقد أدركوا أن الوقت قد حان لحديث جاد حول المصالحة، تقوم فيه مصر بدور نزيه وفاعل. وإذا صحت معلوماتي في هذا الصدد فإن الدور المصري المفترض في هذه الحالة سوف يتجاوز نقل وجهات النظر ومحاولة التقريب بينها، إلى محاولة بلورة مشروع محدد للمصالحة يقدم إلى الطرفين، يسترشد بوجهة نظر كل طرف ومقترحاته.
    والسيناريو المفترض في هذه الحالة يقضي بأن يطالب كل طرف بتقديم رؤيته ومقترحاته إلى الوسيط المصري، الذي سيتولى دراسة ما يتلقاه ويستخلص منه مشروعا يكون ملزما لفتح وحماس معا. كأننا بصدد الدخول في شيء أقرب إلى التحكيم الذي يرتضي فيه طرفان الاحتكام إلى ثالث موثوق فيه، ويمكِّن هذا الأخير من الاستماع إلى حجج كل طرف على حدة. وبعد مناقشتها يصدر الحَكَمُ قرارَه الذي يلزم الطرفين.
    حين سألت في التفاصيل، قيل لي إن المشاورات لم تدخل بعدُ طور بلورة الأفكار، وإن لقاء تمهيديا تم بين أبو مازن وأبو الوليد، سيُطلب بعده من كل طرف أن يقدم مشروعه، لتدور العجلة بعد ذلك إيذانا بميلاد المصالحة المرجوة، والتي أرجو أن تكسر الشعور بالتشاؤم من رقم 13 المعلق على جدران العام. إلا أن أبو الوليد يبدو أكثر تفاؤلا، لأنني سمعت منه في الدوحة قبل أيام قوله إن العام الجديد لن ينتهي قبل أن تتم المصالحة. قولوا إن شاء الله.



    تماسيحٌ إسرائيلية في أفريقيا
    فلسطين الآن ،،، مصطفى اللداوي
    يفتخر الإسرائيليون بأن الزمن الذي كانت فيه القارة الأفريقية السوداء حديقةً للعرب والمسلمين وحدهم دون غيرهم قد انتهى، وأن الزمن الذي كانت فيه دولها مغلقة أمام الإسرائيليين، ومحرمةً على أموالهم وشركاتهم، وخطرةً على مواطنيهم القاطنين أو الزائرين السائحين قد ولى.
    فلم يعد العرب والمسلمون هم الأقوى والأكثر نفوذاً في أفريقيا، كما لم يعد ثمة تأثير عربي وإسلامي على القرارات الأفريقية، التي باتت حرة من أي قيدٍ أو إلتزامٍ قديم، وأصبحت قادرة على إنشاء علاقاتٍ دبلوماسية مع الدولة العبرية، وفتح حدودها للمستثمرين الإسرائيليين، ولرساميل المال الإسرائيلية الضخمة، وسهلت الطريق أمام الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات، التي تدار بعقولٍ إسرائيلية وصهيونية، وتخدم السياسات الإسرائيلية، وتعمل بموجب خططٍ مدروسة، وفق تنسيقٍ واتفاقٍ مع صناع القرار في الخارجية الإسرائيلية، ومع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، ممن يتطلعون إلى اختراق النسيج المجتمعي الأفريقي على كل المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
    ما يفتخر به الإسرائيليون ويعتبرونه إنجازاً هو حقيقة لا مراء فيها، فقد بات الكيان الصهيوني حاضراً في أفريقيا، وأصبح لهم سفاراتٌ متبادلة في معظم عواصم الدول الأفريقية، وبدأت شركات الطيران الأفريقية والإسرائيلية بتسيير رحلاتٍ منتظمة من وإلى مطار اللد جنوب مدينة تل أبيب.
    وأصبحت المنتوجات الإسرائيلية المختلفة تملأ الأسواق الأفريقية، وهي سلعٌ كثيرة وعديدة، غذائية وطبية وإليكترونية وغيرها، في الوقت الذي يجوب فيه الخبراء الإسرائيليون كل الدول الأفريقية، ينفذون برامج مختلفة، ويعقدون مؤتمراتٍ وندواتٍ كثيرة، وينظمون للناشئة الأفريقية دوراتٍ تدريبية في مختلف المجالات، فيتعرفون على قدراتِ بعضهم، ويكتشفون مواهب الكثير منهم، ويرشحونهم للعمل في مؤسساتٍ إسرائيلية كثيرة تحمل أسماءً وهمية وأخرى حقيقية، إنسانية وغوثية وصحية واقتصادية، ولكنها جميعاً تخدم الأهداف الصهيونية وتعمل لأجلها ووفق أجنداتها المعدة، مستفيدين من حاجات الأفارقة الماسة، إذ يعانون من الفقر والبطالة وتدهور الأوضاع الصحية، ما يجعل قبولهم للعروض الإسرائيلية سهلاً، والاستفادة إلى أبعد مدى من قدراتهم المختلفة بأبخس الأثمان وأقلها كلفة.
    كثر الإسرائيليون في الدول الإفريقية وازداد عددهم، ولم تعد اللغة العبرية غريبةً في عواصمهم، بل بات المتحدثون بها يرفعون أصواتهم، ويجاهرون بوجودهم، ويتحدون سكان البلاد الأصلية أن يتخلوا عنهم، أو يطالبوا برحيلهم، ويضحكون هازئين في وجه العرب والمسلمين أننا دخلنا الأرض التي كانت محرمةً علينا، وقد أصبحت لنا أكثر من فناءً وحديقة، فيها نعمل ونستثمر ونبني ونؤسس، ولأهلها نبيع ومنهم نشتري، وإليها نسافر وفي أدغالها نجول، وفيها نجرب ونطور، ومن أرضها نأخذ مستلزمات أسلحتنا النووية وقدراتنا العسكرية، والمواد الخام لتشغيل معاملنا ومصانعنا.
    أما البوارج والسفن الحربية الإسرائيلية فقد جعلت من السواحل الأفريقية مرافئ لها، فيها ترسو، ومنها تزود بالمؤن والوقود، وتقيم فيها لأيامٍ طويلة، تحتك بالمواطنين وتختلط معهم، وهي تحمل على ظهرها آلاف الخبراء والمختصين في كل المجالات، في الوقت الذي أغرقت فيه أسواق السلاح الأفريقية بأسلحتها الفردية والمتطورة، حيث غدت الأسلحة الإسرائيلية هي السلاح الرئيس لدي بعض الدول الأفريقية، تزودهم بما يحتاجون منها، وتؤهلهم وتدربهم عليها، وتضع لهم الخطط والبرامج لخوض حروبهم الداخلية والاشتراك في منازعاتهم القبلية.
    الخيرات الأفريقية التي يتطلع إليها الإسرائيليون كثيرة جداً، فهي لا تقتصر فقط على تفكيك الجبهات الخلفية للعرب والمسلمين، ولا تقف عند اختراق الأحلاف القديمة، وتهديد المصالح العربية، وتعريض الأمن المائي المصري للخطر، والحصول على الماس الخام ونقله إلى معاملهم لتصنيعه وتشكيله، وإنما تمتد أطماعهم للحصول على كمياتٍ من اليورانيوم والبلوتونيوم والراديوم ومختلف العناصر المشعة التي تلزم لصناعة القنابل النووية، وتشغيل المفاعلات النووية الإسرائيلية.
    نشط اليهود الأفارقة بعد انهيار جدار المقاطعة الأفريقية مع الكيان الصهيوني، فأصبحوا عرابين للمشاريع الإسرائيلية وعيوناً لأجهزتها الأمنية، يدلونهم على كل مشروع، ويوجهونهم نحو كل كنز، وينبهونهم من كل خطر، ويخططون معهم لنقل آلاف الأفارقة اليهود إلى أرض فلسطين، ليستوطنوا فيها، ويعيشوا نعم وخيرات الأرض المباركة الموعودة، فكانوا أجهزة استطلاعٍ متقدمة وعيون تجسسية مختصة، تبحث في كل مكان، وتصل إلى كل صعبٍ وممنوع، وتقدم المعلومات والمساعدات التي تخدم الكيان الصهيوني وتقلل من آثار العزلة والحصار التي كانت مفروضة عليه، ما سهل قصف طائراتهم العسكرية لأكثرِ من هدفٍ في أفريقيا والسودان.
    ما يثير العجب والاستغراب أن صانع الفتوحات الإسرائيلية في أفريقيا هو وزير الخارجية الإسرائيلي المستقيل أفيغودور ليبرمان، وهو المتهم بأنه أفسد علاقات إسرائيل الخارجية بسياساته الحمقاء وتصرفاته الرعناء، وسلوكه الشائن مع الدول والحكومات، ولكنه نجح في أفريقيا وأحسن التسلل، وتمكن من التجوال على الكثير من عواصمها مصطحباً معه عشرات الاختصاصيين في كل رحلة، ما مهد الطريق أمام التماسيح الإسرائيلية للغوص عميقاً في المستنقعات الأفريقية، لتلتهم الأحلام العربية القديمة في أفريقيا، وتقوض مشاريع الصمود والتحدي التي راهنا عليها كثيراً.
    أليس من حقنا أن نتسائل لماذا خسرنا القارة الأفريقية، ومن المسؤول عن نجاح الدبلوماسية الإسرائيلية في اختراق حصوننا القديمة، وتفكيك أحلافنا التاريخية، وأين يكمن العيب والخلل، أهو في مسلمي أفريقيا وهم كثرٌ، ألم يقوموا بالواجب الملقى عليهم لتحصين بلادهم ومنع الإسرائيليين من التسلل إليهم، أم أنهم فضلوا المكاسب المادية والمصالح الخاصة على القيم والثوابت والشعارات الموروثة، وشعروا أن ما يقدمه لهم الإسرائيليون أكثر وأنفع مما يقدمه لهم العرب والمسلمون.

    أم أن الحكومات العربية والإسلامية قد تخلت عن واجباتها في أفريقيا تجاه المواطن الأفريقي، وهم الأقرب إليهم ديناً وجغرافيا، ولم تعد تنظر إليهم وتهتم بشؤونهم، وتركتهم وحدهم نهباً للإسرائيليين الذين أحسنوا الاختراق وأجادوا السيطرة والهيمنة، وقد رأى الأفارقة أن العديد من الحكومات العربية والإسلامية تباشر علاقاتها الطبيعية مع الكيان الصهيوني، فلماذا يكونون ملكيين أكثر من القيصر، ويتنطعون أكثر من أصحاب الشأن والقضية، ويتصدرون المواجهة في الوقت الذي يعانون فيه من الجوع والفقر والحاجة.



    بين "باب الشمس" و"مرج الزهور"
    فلسطين الآن ،،، حلمي الأسمر
    العصبية الشديدة التي تعامل بها نتنياهو مع قرية «باب الشمس» تعكس خشيته من التداعيات الكبيرة لهذه الخطوة على فاعلية النضال الوطني الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني ومشروعه الإحلالي... وكما يقول الكاتب صالح النعامي، فإن تحدي الاستيطان عبر تكريس حقائق فلسطينية مضادة، هو أعظم صور المقاومة الشعبية، التي تلحق الأذى بالاحتلال...إنها البداية الحقيقية والواعدة للربيع الفلسطيني!
    المشهد بأسره بدأ وانتهى «فيزيائيا» سريعا، لكن في المدى الواقعي، فالقصة لا يمكن أن تنتهي،
    يوم الجمعة الماضي بادر شبان من مختلف انحاء فلسطين بانشاء قرية فلسطينية في ما يعرف منطقة اي 1، وتقع الاخيرة على اراض فلسطينية شرق مدينة القدس بين مستوطنة معاليه ادوميم الواقعة على اراضي الضفة الغربية المحتلة وبين القدس، هذه الخطوة بما تحمله من جرأة ومخاطرة، جاءت رداً على القرارات الاسرائيلية بتوسيع الاستيطان في ظل غياب الرد السياسي الفعلي من قبل السلطة من جهة، وابراز لقدرات الشباب المستقل في خلق طرق و اساليب جديدة في المقاومة!
    اجتمع كثيرون، من الداخل الفلسطيني والشتات، ومن المتضامنين معهم، خلال اليومين الماضيين حول قرية باب الشمس التي استمدت اسمها من رواية الكاتب اللبناني الياس خوري «باب الشمس» الصادرة عام 1998 في الذكرى الخمسين لنكبة فلسطين الكبرى، وهي تتناول تجربة فلسطيني (يونس) التحق بالفدائيين الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين بلبنان، وكان يتسلل سراً عبر الحدود للقاء زوجته التي استمرت بالعيش في إحدى قرى الجليل. وبين مؤيد ومتابع و داعم لهذا التحرك تمحور حديث الشباب على شبكات التواصل الاجتماعي حول مدى جرأة الشباب الفلسطيني في تحدي الاحتلال وكسر حاجز الصمت على الاستيطان المتمادي في الاراضي الفلسطينية. ويدل هذا التفاعل الهائل مع خطوات كهذه، الى تعطش الشعب العربي والفلسطيني للمقاومة بشتى اشكالها ويشكل حافزاً للقيادات الداخلية بالتحرك نحو الاندماج مع تطلعات الشباب في الداخل و الشتات!
    يقول احد الشباب أن قرية باب الشمس اعادت حلم العودة عند فلسطينيي الشتات الى اليقظة من جديد واشعلت في القلوب ثورة استرداد الارض بأيدي الفلسطينيين بعيدا عن سياسات التفاوض والتنازل، بل إن قرية باب الشمس اعادت مصطلح فلسطين من النهر الى البحر، وذكرت الجميع بمخيم العودة الذي أقامه الفلسطينيون المبعدون جنوب لبنان، ذلك المخيم (مرج الزهور!) الذي دفن للأبد سياسة الترنسفير، كما يبدو أن (باب الشمس) شقت طريقا إلى حلم التحرير، بالجهد الذاتي!
    الكاتب والروائي الياس خوري، أرسل رسالة إلى اهالي القرية وطلب منهم أن يقبلوه مواطناً في هذه القرية. حيث قال عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لن أقول يا ليتني كنت معكم، فأنا معكم. أراكم وأرى كيف صار الحلم على أيديكم حقيقة منغرسة في الأرض. على هذه الأرض ما يستحق الحياة كما كتب محمود درويش، لأنكم عندما بنيتم قريتكم الرائعة أعدتم المعنى إلى المعنى، وصرتم أبناء هذه الأرض وأسيادها، أرى في قريتكم كل وجوه الأحبة الذين غابوا في الطريق إلى أرض موعدنا الفلسطيني. فلسطين هي موعد الغرباء الذين طردوا من أرضهم، ويطردون كل يوم من بيوتهم غرباء وأنتم أبناء الأرض وزيتونها وزيتها، أنتم زيتون فلسطين الذي يضيء بشمس العدل، تبنون قريتكم فيشتعل بكم نور الحرية..
    اهالي قرية بيت الشمس تم إجلاؤهم بالقوة، من قبل جنود الاحتلال، رغم قرار محكمتهم بالإبقاء على القرية، فالقانون لا يطبق على الفلسطيني، ولكن بقيت خيام القرية، شاهدا على سكانها، الذين يتربصون لكتابة عودتهم بأقدامهم، التي يدوسون بها على أعدائهم وأعداء البشرية!


    الجذور القبلية لرفض نتائج الانتخابات الديمقراطية
    فلسطين الآن ،، عبد الستار قاسم
    من الملاحظ أن بلدانا عربية ترفض نتائج الانتخابات الديمقراطية أو تتمرد عليها أو تعرقل مسيرة الفائزين في الانتخابات على الرغم من تغنّي مختلف الأطراف المتنافسة أو المتخاصمة بالديمقراطية وضرورة سيادتها وعلوّها على أساليب الحكم التقليدية.
    تفاءل العربي كثيرا بالثورات العربية واستبشر خيرا بالانتخابات بسبب خاصيتها في تداول السلطة وعاقبة من لا يعمل باتجاه السهر على هموم الجمهور، لكن التفاؤل يصطدم بمنازعات متعددة الأشكال في عدد من البلدان العربية الثائرة.
    يبدو أن هناك مشكلة حقيقية في القبول بنتائج الانتخابات، وأن عوامل اجتماعية وسياسية أخرى تحول دون الالتزام بمعايير العمل الديمقراطي تؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار التي تشهدها دول مثل ليبيا ومصر وتونس. وفي الغالب تعود هذه العوامل إلى مقومات المجتمع العربي بخاصة ما يتعلق بعوامل الافتراق الاجتماعي السياسي.
    مسلسل رفض نتائج الانتخابات
    شاهدت في عدد من البلدان العربية محاولات القفز عن نتائج الانتخابات الديمقراطية في الأطر النقابية والاتحادية الطلابية في الجامعات، ورأيت كيف يتم التنادي إلى انتخابات كمظهر ديمقراطي حضاري، ومن ثم إدارة الظهر لنتائجها كمظهر يتناقض تماما مع كل الادعاءات بالديمقراطية.
    "
    على الرغم من أن التمرد السياسي على نتائج الانتخابات يبدو وكأنه تمرد على الفكرة الإسلامية لأن القوى الإسلامية هي الفائزة في الانتخابات، فإن الإسلاميين أيضا يتمردون على نتائج الانتخابات في ليبيا والتي لم يكسبوها
    "
    ساد شبه تقليد عربي بأن يقوم الخائبون في الانتخابات بتشكيل جسم مواز للجسم التمثيلي المنتخب ليمثل جمهورهم الخاص ولو على حساب حسن سير العمل النقابي، وساد تقليد آخر أيضا وهو أن يقوم الفائزون في الانتخابات بخدمة جمهورهم الخاص وبتجاهل شبه تام لمتطلبات جمهور "الآخرين". أي أن نتائج الانتخابات لا تُحترم لا من قبل الفائزين ولا الخائبين.
    هذه ظاهرة طالما كانت بارزة في الجامعات العربية حيث يتكون مجلس طلبة رسمي من خلال الانتخابات، لكنه يتشكل مجلس طلبة مواز يمثل الفئات التي لم تفز، أو أجهزة المخابرات إذا كان المنتخبون غير موالين للنظام. ونتيجة لذلك، كانت تستمر الانقسامات والخلافات، وغالبا كان يفشل مجلس الطلبة في أداء مهامه بمهنية وبتحقيق مصالح الطلبة. لم تكن هذه النتيجة تختلف باختلاف الفائزين في الانتخابات، إذ كان الفشل نصيب أهل اليمين، وأهل الشمال.
    على المستوى السياسي العام، هناك سجل عربي حافل في رفض نتائج الانتخابات، وفيما يلي عدد من الحالات:
    1- تم رفض نتائج الانتخابات المحلية في الجزائر عام 1992، وتدخل الجيش للسيطرة على الأوضاع السياسية، وكانت النتيجة عشرات آلاف القتلى ودمار هائل في الممتلكات الخاصة والعامة.
    2- رفضت حركة فتح نتائج الانتخابات في الأرض المحتلة/67، وكانت النتيجة مزيدا من التمزق الفلسطيني، والاحتراب الذي أدى إلى قتل مئات الفلسطينيين، وتشكيل حكومتين لشعب يبحث عن تحرير وطنه.
    3- هناك همهمة مصرية برفض نتائج الانتخابات من خلال أعمال يصفها قادتها بأنها احتجاجات على قرارات مصيرية بالنسبة لمصر. لكن المراقب يرى أن زخم الاحتجاجات وأسلوبها لا يتناسب مع تطور الوضع السياسي في مصر، ولم يتدرج بطريقة سلسة تفضي إلى التفاهم بهدوء بين الفائزين والخائبين في الانتخابات.
    4- هناك أصوات في تونس تتحدث ضد نتائج الانتخابات، وتحاول قلب الطاولة على الفائزين وإجراء انتخابات جديدة قبل أن يحصل الفائزون على فرصتهم في الحكم.
    على الرغم من أن التمرد السياسي على نتائج الانتخابات يبدو وكأنه تمرد على الفكرة الإسلامية لأن القوى الإسلامية هي الفائزة في الانتخابات، فإن الإسلاميين أيضا يتمردون على نتائج الانتخابات في ليبيا والتي لم يكسبوها.
    المنبع التاريخي للديمقراطية
    انبثق النظام الديمقراطي عن صراع طويل في أوروبا بين مختلف الطبقات والفئات والأطياف، ولم يكن وليد قرار سياسي وقعه ملك أو إمبراطور، أو استنساخ لتجربة أمم غير أوروبية. خاض الأوروبيون صراعا امتد على مدى مئات السنين، واتسم بحروب داخلية دموية قاسية، وبتخريب للممتلكات وتدمير للمنشآت، وحرق للمباني والمزارع والمقرات، واستقروا بعد أن تعلموا الدروس القاسية على نظام يتخطى عوامل الافتراق ليجمعهم ولو بطريقة استاتيكية عددية فيعيشون معا في أمن وهدوء ونهضة يعم خيرها على الجميع.
    لم يحصل في التاريخ أن ازدهرت أمة بفكر غيرها، أو أن سارت نحو نهضة بأرجل غير أرجلها. الأمم تستفيد من تجارب بعضها بعضا، لكنها لا تستنسخ هذه التجارب إذا شاءت الاندفاع بقوة إلى الأمام. لم ينجح التقليد في إحراز الإبداع، وابتعد عن النجاح من أغفل تجارب غيره.
    "
    يبدو أننا نحن العرب نهيم بالتقليد، وعلى مدى سنين يعمل مثقفونا ومفكرونا على التغني بالديمقراطية والنظام الديمقراطي، فأحببنا استنساخه
    "
    يبدو أننا نحن العرب نهيم بالتقليد، وعلى مدى سنين يعمل مثقفونا ومفكرونا على التغني بالديمقراطية والنظام الديمقراطي، فأحببنا استنساخه دون المرور بالتجارب التاريخية المريرة التي أنجبته. ربما يقول قائل إنه لا ضرورة للتجارب لأننا نتعلم من غيرنا، وهو يغفل بذلك أن التجارب التي مرّ بها الأوروبيون هي التي أقنعتهم بتخطي عوامل افتراقهم.
    ما الذي يقنع العربي أن القبلية التعصبية أو الحزبية التعصبية لن تجلب عليه غير الويلات، وأن عليه أن يحترم أسس النظام الديمقراطي إذا شاء أن ينهض ويتقدم؟ للأسف الويلات نفسها هي أداة الإقناع الرئيسية.
    بالتأكيد هناك من لديه الاستعداد للاقتناع من دون ويلات، لكن هناك من المتعصبين ما يكفي لإشعال نيران الحروب والاقتتال، ومن الصعب استقرار الأمور بسهولة. المعنى أن المسيرة نحو الاستقرار الديمقراطي لا يمكن أن تتخطى التجارب الأوروبية القاسية، علما أن العرب قد لا يحتاجون إلى مئات السنين حتى يقتنعوا أن الآخر (أي المنافس الداخلي) له متطلبات ومصالح يجب أن تُحترم.
    العصبية القبلية
    يتسم المجتمع العربي بعوامل افتراق متعددة أثرت تاريخيا على تشكيل مجتمع متماسك وقوي، ويتجه نحو النهضة والبناء والتقدم في مختلف المجالات. تعتبر العصبية القبلية أهم عناصر هذا الافتراق الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى صراعات دموية وخصومات مزمنة تحول دون التعاون والعمل الجماعي. ويعرف العربي كم جرّت العصبية القبلية على القبائل العربية من غزوات متبادلة وحروب وسفك دماء.
    بالخلْق، وفق المعيار الإسلامي، خلق الله سبحانه وتعالى الناس شعوبا وقبائل لتتعارف، وفي هذا الترتيب ما يخدم الناس جميعا لأن في التعارف خيرا يؤدي إلى التعاون والاسترخاء وتحصيل الأمن. وقد رفض الرسول عليه الصلاة والسلام العصبية ووصفها بالمنتنة، وعمل على مؤاخاة مجتمع المؤمنين تقديرا منه أن هذا المجتمع لا ينهض بالعصبية وإنما بالعمل معا وفق أصول ومقتضيات الإيمان. لكن العصبية القبلية تعتدي على هذا الهدف الإلهي النبيل والسيرة النبوية السمحة لتحول الخلْق الاجتماعي إلى نقمة وضيق وشدة.
    تتميز العصبية القبلية بعدد من الأمور الخطيرة على تناغم النسيج الاجتماعي وهي: الشعور بالعلو على الآخرين مما يولد تصرفات عنصرية مقيتة، والادعاء بمعرفة الحقيقة المطلقة، وأن لا حقيقة إلا تلك التي تحملها القبيلة، والقبيلة على حق وما عداها على باطل، وتربية الفرد على التبعية، وأن لا كيان له ولا أمن ولا معين خارج القبيلة، وتربيته على الشلل الفكري، ولا ضرورة لعقله ما دام هناك عظيم يفكر بالنيابة عنه، ورفض الآخر على اعتبار أنه خارج الخيمة، والتعامل معه يجب أن يبقى ضمن دائرة الشك والمؤامرة. والمحصلة القبلية تقول "إما أنا وإما لا أحد".
    الإفراط في الأنا
    بسبب تغذية العقلية القبلية لأفرادها بالاعتزاز المفرط بالذات، والافتخار المزيف والتعالي والتكبر، تتطور لدى الفرد الأنا المفرطة سواء كانت الأنا الفردية التي تستمد أنانيتها من الانتماء القبلي أو التي تذوب بالقبيلة، لتشكل عائقا كبيرا أمام تطوير مفاهيم المجتمع الأوسع والمصلحة العامة والانتماء للأمة والالتزام بتطلعاتها.
    صاحب الأنا المفرطة له مفاهيمه الخاصة التي يعتبرها المفاهيم العامة التي يجب أن يلتزم بها الجميع، ولا مانع لديه أن ينعزل أو ينفصل أو يحارب من أجل سيادة مفاهيمه. إنه لا يرى المصلحة العامة إلا من خلاله هو، وإذا تناقضت المصلحة العامة مع الخاصة، فالخاصة تبقى عنوانه.
    المفرط في الأنا صاحب مكانة وهمية وليس استحقاقية، ويسعى دائما إلى إثبات وجوده وهيبته من خلال المديح الذاتي المتكرر، والافتخار القائم على انتصارات وهمية، وتأكيد الذات من خلال إنجازات لم تحصل. وهو لا يتوانى في الحط من الآخرين من أجل تأكيد ذاته ونفي الآخر.
    نفسيته نفسية إسقاطية وليس إنجازية، وبدل أن يثبت نفسه من خلال العمل والسهر، يرهق نفسه في ذم الآخرين وتحقيرهم والاستهزاء بمنجزاتهم، وفي هذا ما يضمن تدمير المجتمع.
    القبيلة والحزب
    انعكست العصبية القبلية على الأحزاب والتنظيمات على اتساع الوطن العربي بحيث بات سلوك المتحزب مشابها إلى حد كبير لسلوك القبلي. المتحزب المتعصب لا يدري بالضرورة عن مبادئ حزبه، ولا ضرورة لأن يدري لأن هناك في القمة من يُفترض أنه يدري أو يعلم أو يدرك، ولا ضرورة لأن يفكر لأن هناك من يفكر عنه ويقرر له ويسوقه.
    "
    لكل حزب شيخ لا يختلف كثيرا عن شيخ القبيلة إلا ببعض المظاهر، وهو يسوق الناس كأغنام ضالة تنشد خلفه مقولات ممجوجة قد تؤدي إلى ذبحها، فتذهب ضحية ما تظن أنه الواجب والحق
    "
    لكل حزب شيخ لا يختلف كثيرا عن شيخ القبيلة إلا ببعض المظاهر، وهو يسوق الناس كأغنام ضالة تنشد خلفه مقولات ممجوجة قد تؤدي إلى ذبحها، فتذهب ضحية ما تظن أنه الواجب والحق، وتقام على نفوسها المهرجانات والأهازيج.
    قلة من قادة الحزب هم الذين يعرفون مبادئ الحزب وقيمه أو نظريته الاجتماعية والنضالية والاقتصادية. الغالبية الساحقة من أعضاء الحزب عبارة عن كمّ من الناس لا يعرفون عن ماذا يدافعون ولا إلى ماذا يهدفون. وفي حالتنا العربية، هناك أمثلة ساطعة على ذلك: هناك متعصبون من أهل السنة وأهل الشيعة، ولا يدري كل طرف ماذا يطرح الطرف الآخر إلا عن تلك الأمور التي يرغب القادة في ترويجها من أجل بث الكراهية والفتنة.
    هناك قوميون يدافعون عن التجزئة العربية، وشيوعيون عن الرأسمالية، ومتدينون عن الوثنية، وديمقراطيون عن الاستبداد، ووطنيون عن التبعية للأجنبي، ووحدويون عن الانفصال. قد لا تجدهم يفعلون ذلك بالقول، إنما بالفعل.
    ومن الواضح على الساحة العربية أن الغالبية الساحقة ممن يتسلمون المناصب في الدولة يحولون المؤسسات التي يديرونها إلى مراكز لهم فيوظفون أقاربهم وأصدقاءهم وأبناء بلداتهم وأحزابهم بغض النظر عن كفاءاتهم. وبهذا يهدمون المؤسسة فتعجز عن القيام بدورها المنوط بها. وهكذا يفعلون بالدولة.
    الديمقراطية ثقافة
    الديمقراطية ثقافة وليست قرارا سياسيا. أهل الغرب يتقنونها لأنها ابنتهم ونتاج تطورهم التاريخي، أما نحن فلنا تجارب تاريخية مختلفة. ربما نحسن صنعا لو عملنا على تطوير نظام سياسي خاص بنا نحن العرب والمسلمين يقيم العدل بين الناس وينهض بالأمة جمعاء في مختلف الميادين. لكن هل من الممكن تطوير نظام تاريخي من دون معاناة؟ الإجابة نعم إذا طغا العقل على القبيلة.


    جوال مرحباً.. المسئول لا يستقبل مكالمات..
    فلسطين الآن ،،، أيمن دلول
    قبل عدة أيام حاولت جاهدا كصحفي الوصول لأحد المسئولين في إحدى الوزارات الفلسطينية أو ذوي العلاقة بالقضية التي كنت بصدد جمع معلومات عنها لنشرها وإيصال التفاصيل عنها للمواطن الفلسطيني الذي ينتظر منا كإعلاميين نقل معاناته إلى المسئولين وصناع القرار.
    حاولت الوصول إلى المسئولين في اليوم الأول وعندما لم يجبني أحدهم انتقلت للآخر، أحاول التواصل مع هاتفه المحمول الأول والثاني ولا مجيب، قلت في نفسي: لعلهم اليوم مشغولين، فأعدت الكرة في اليوم الثاني والثالث والرابع والسابع والعاشر ولكن دون مجيب!!.
    بالطبع قد يقول أحدهم: إن رقم هاتفي غير مُخزن أو محفوظ عند المسئول، وهذا كلام مردود عليهم من عدة جوانب، ألخصها في التالي:
    - إن كان رقمي غير موجود في قائمة أرقام هؤلاء المسئولين، فلماذا يعرفوا رقمي حينما يحتاجوننا كإعلاميين لتغطية فعالية أو حدث ما يصب في مصلحة هذا المسئول أو ذاك!!.
    - إن كان المسئول لا يعرف رقمي ففي كل المحاولات التي لم يرد فيها المسئولون في المرة الأولى كنت أرسل لهم رسالة على هواتفهم تعرفهم بالمتصل وطبيعة عمله، فأعود متصلا مرة أخرى، ولكن دون جدوى.. ولا يقنعني أحد بأن المسئول لا يقرأ أيضا رسائل جواله.
    - إن كان هذا المسئول لا يرد على هاتفه للصحفي أو الإعلامي، فهل نتوقع ذات يوم أنه سيكلف نفسه للرد على هاتفه وإجابة اتصال أي مواطن فلسطيني بحاجة إليه لحل مشكلة قد تصادفه في حياته، كأن يكون مريضا بحاجة إلى التنسيق للسفر عبر المعبر أو أن لديه معلومات عن أسرة فلسطينية أكلها الفقر وتركها بدون مأوى وهي بحاجة إلى مساعدة عاجلة من وزارة أو جهة مسئولة.
    إخواني المسئولين.. أعتقد بأن الشعب الفلسطيني رضي على نفسه بأن تكونوا مسئولين عن إدارة شئونه، ووافق أن تجلسوا في مكاتب فخمة وفخمة جدا.. ذات تكييف عالٍ وفيها كل الإمكانيات، كما رضي هذا المواطن المغلوب على أمره أن تكون لكم سيارات تتنقلون بها وهي بآخر موديل، تماما كما رضي لكم المكانة الاجتماعية التي تحتلونها وتتمتعون بها.
    لكن هذا المواطن الذي لا يجد له مكانا ذا أهمية على أجندتكم في رفع معاناته المتواصلة، والذي لا يجد منكم مسئولية في متابعة مشاكله اليومية في الوزارات الخدماتية المختلفة وغيرها من القضايا التي لا يتسع المجال البتة لحصرها، هو المواطن ذاته الذي لا يمكن أن يقبل على نفسه أن تبقى المعادلة على هذه الصورة المعوجة، فهي معادلة بحاجة إلى إعادة تصحيح ودراسة.
    إن ما يدفعنا لطرح قضية إعادة التصحيح هو المشاكل التي بتنا نلمسها ونلحظها بشكل واضح، وهي مشاكل لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمحو إنجازات كبيرة تقوم بها الوزارات الفلسطينية بشكل متواصل رغم الحصار والتضييق والملاحقة، غير أن نصاعة المشاريع الحكومية المختلفة سيشوهها بكل تأكيد سلبيات هنا وأخرى هناك لا يتم معالجتها جزريا، وتذكروا دوما حديث الحبيب محمد “صلى الله عليه وسلم” الذي حفظناه وحفظتموه: “كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته”.
    إن استخدام عدد من القيادات الحكومية لمبدأ تبهيت المشكلة التي قد تطفو على السطح أو تركها للزمن يميتها بأيامه أسلوب خاطئ، كان هذا الأسلوب يصلح لوقت مضى، غير أنه بات فاشلا لاستخدامه في الوقت الحالي، فلا تتركوا المواطنين أسرى للشائعات دون توضيح منكم، وأجيبوا على جوالاتكم ولا تتركونا حائرين، وإن لم تجيبوا على جوالاتكم فلا تحملوها.. أو على الأقل ابتكروا وسيلة جديدة نستطيع من خلالها الوصول إليكم والتشرف بسماع أصواتكم في مشاكلنا كما تحبوا أن تُسمعونا أصواتكم في دفاعكم عن أنفسكم حينما تصيبكم سهام المشاكل المختلفة.






    قرية باب الشمس: هل تكون بوابة العودة أم مجرد نشاط موسمي؟
    أجناد ،،، ياسين عز الدين
    بعد أقل من 36 ساعة من تشييد قرية باب الشمس داهمتها قوات الاحتلال ودمرت الخيم المنصوبة واعتقلت سكان القرية وطردتهم إلى حاجز قلنديا، في مشهد يختزل المخطط الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني بالضفة الغربية: "مكانكم داخل المعازل العنصرية (مدن رام الله ونابلس والخليل)، هذه دولتكم لكن خارجها لنا وسنأخذه قطعةً قطعة".
    خلفية عن قرية باب الشمس:
    كانت قرية باب الشمس أحدث وآخر ما توصل له نشطاء المقاومة الشعبية الفلسطينية في مواجهة أخطبوط الاستيطان والتهويد الذي تواجهه الضفة، فقد قاموا قبل فترة بإغلاق طرق الضفة سلميًا أمام سيارات المستوطنين ورفعوا لافتات تؤكد أنها طرق تعود للشعب الفلسطيني ولا يسمح للمستوطنين بدخولها، كما قاموا باقتحام مستوطنة بيت إيل ورفعوا أعلام فلسطينية على جدرانها، وقاموا بقص أجزاء من جدار الفصل العنصري عند رافات (القدس)، وقبلها اقتحموا محلات رامي ليفي المقامة داخل أحد المستوطنات.
    وبانتماء النشطاء لكافة التيارات السياسية الفلسطينية فهم يؤكدون على أن الشعب الفلسطيني قادر على العمل بشكل موحد من أجل إنجاز مهمات محددة كما حصل خلال حرب غزة الأخيرة.
    كما شهدنا توحدًا إعلاميًا من حماس وفتح في دعم هذه المبادرة، وألقت حماس بثقلها الإعلامي وراء مبادرة قرية باب الشمس بالإضافة لمشاركة عدد من المحسوبين عليها في بناء القرية والسكن داخلها، مما يؤكد على سياستها (والتي أعلن عنها مشعل أكثر من مرة) في تبني كافة أشكال العمل المقاوم وعلى رأسها المقاومة الشعبية.
    لقد كان اختيار المكان والتكتيكات موفقًا، فالمكان الذي اختير شرقي مدينة القدس والقريب من بلدة العيزرية وحي جبل المكبر ومستوطنة معالية أدوميم (والذي يطلق عليه الصهاينة اسم E1)، هو البقعة الوحيدة في محيط القدس والتي لا يوجد بها مستوطنات، حيث أحاط الصهاينة القدس بكافة جهاتها بالمستوطنات محولةً الأحياء العربية داخل المدينة إلى جيتوهات معزولة.
    فالصهاينة يخططون لإقامة مستوطنات ومقر لقيادة شرطة الاحتلال في المنطقة، لإكمال الطوق وقطع الطريق على أي دولة فلسطينية تكون عاصمتها القدس، فضلًا عن أنها ستقطع أي تواصل بين شمال وجنوبي الضفة الغربية، وفي نفس المنطقة تسكن عشيرة عرب الجهالين البدوية.
    ولعرب الجهالين قصة تلخص مأساة الشعب الفلسطيني فقد طردوا من صحراء النقب عام 1948م واستقروا في المنطقة الممتدة بين شرقي القدس والبحر الميت، وبعد حرب عام 1967م أعلنت أغلب المنطقة عسكرية مغلقة وطردوا من أماكن سكناهم أكثر من مرة من أجل إقامة وتوسعة مستوطنة معالية أدوميم لينتهي بهم المطاف أخيرًا عند مكب نفايات مركزي قريب من بلدة أبو ديس، وحتى مكب النفايات استكثره عليهم الصهاينة وقاموا ببناء أجزاء من الجدار تقطع أراضيهم وتمهد لطردهم من المكان؛ هذه باختصار قصة الشعب الفلسطيني مع المشروع الصهيوني الذي سيلاحقه حتى آخر رمق ولن يعطيه حتى مكب نفايات.
    كما اختار القائمون على قرية باب الشمس أرضًا خاصة فلسطينية لبنائها ولم يقوموا ببنائها على أرض حكومية (أميرية) لكي لا تعترض حكومة الاحتلال كونها تعتبر نفسها صاحبة الأحقية بالأراضي الحكومية، وعند التوجه للمحكمة العليا الصهيونية قال أصحاب المبادرة أنهم في سياحة وأنهم لم يبنوا بالحجر بل نصبوا خيامًا فأمهلتهم المحكمة ستة أيام حتى يخلو المكان.
    لماذا تحركت حكومة الاحتلال بسرعة؟
    لكن حكومة نتنياهو لم تمهلهم أكثر من ست ساعات وسارعت لاقتحام القرية وتفكيكها وتدميرها، فحكومة الاحتلال لا تريد أن تكسب المبادرة زخمًا شعبيًا وإعلاميًا يعطيها قوة دافعة شعبية فلسطينية وربما تدفع أطراف خارجية للتدخل لصالح أهالي القرية.
    إن قفز حكومة الاحتلال عن القوانين الصهيونية وعن قرارات المحكمة العليا (رغم أن القوانين مطوعة بشكل كبير لخدمة العنصرية الصهيونية) لا يعني إلا شيئًا واحدًا، أن هذه مبادرة خطيرة يجب قمعها ووأدها في مهدها.
    الأرض عند الصهاينة خط أحمر لا يدركه أغلب الفلسطينيون والعرب، لأنه عند وضع الأمور على المحك: محك الحق والباطل سيتعرى الصهاينة أمام العالم وتظهر لصوصيتهم أمام الجميع، موقفهم ضعيف وهزيل في قضية الأرض وحق الفلسطيني في استعادة أرضه المهددة بالمصادرة أو التي طرد منها آباءه وأجداده.
    ولعل في قرى الغابسية وأقرث وكفر برعم توضيحًا لما أريد أن أصل إليه، فقد طرد سكان هذه القرى بين عامي 1949م و1950م بأوامر عسكرية من جيش الاحتلال بترك قراهم لأسباب أمنية لمدة أسبوعين، وانتهى الأسبوعين وشهرين ومرّ أكثر من ستين عامًا ولم يعودوا، بالرغم من أنه صدرت بعد ذلك قرارات من المحكمة العليا الصهيونية تقضي بعودة أهالي القرى.
    وبعد نقاشات في الكنيسيت الصهيوني وواسطات وأخذ ورد قالوا سنسمح بعودة أهالي قريتي أقرث وكفر برعم فقط، وحتى لا يفتح ملف عودة اللاجئين الفلسطينيين جاء في قانون الكنيسيت أنها أول وآخر مرة يسمح بعودة اللاجئين (هكذا بكل وقاحة وصلافة)، ومع ذلك لم يطبق قانون الكنيست ولم يطبق قرار الحكومة وكانت هذه المرة الحجة أن أبقار المستوطنة المجاورة للقريتين لن تجد مكانًا ترعى به وتم تمييع القضية وإماتتها.
    الصهاينة يرتعبون خوفًا من حق العودة كما يرتبعون من وقف الاستيطان في الضفة الغربية، لأن ذلك يعني بداية موت مشروعهم وفتح المجال لعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه، لهذا كان التصرف السريع والصارم بتدمير القرية.
    مع أنه في الحالات المقابلة عندما يقوم المستوطنين الصهاينة بالاستيلاء "غير القانوني" على أراضي حكومية (حسب تعريف حكومة الاحتلال لأنه حسب تعريفنا كل الكيان غير قانوني) فإنها تبدأ مسرحية مساومتهم والتوسل لهم لكي يغادروا وفي النهاية تتم تسوية الموضوع بأن يقدموا طلبات للترخيص وتسوية الوضع القانوني.
    ما الذي حققته قرية باب الشمس؟
    أولًا، ساهمت بفضح الطبيعة العنصرية للكيان الصهيوني، تاركةً أداة بيد القوى الشعبية المؤيدة للقضية الفلسطينية في الغرب تحديدًا، لتشرح طبيعة الكيان الصهيوني المماثلة لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
    ثانيًا، وهي أهم نقطة فقد ساهمت بتعريف الشعب الفلسطيني على مكامن القوة لديه، فلا شك أن فتح ملف الاستيطان وحق العودة هي أداة قوية بيد الفلسطيني، لم تستغل مطلقًا والذي تعود على اللجوء والتشريد والمصادرة بدون كثير مقاومة وكأنها قدر محتوم لا فرار منه.
    بأيدينا مستندات قانونية، وأوراق ملكية، بل واعتراف صريح من الصهاينة بالأراضي التي سرقت في فلسطين (حيث تصنف على أنها أملاك غائبين) لماذا لا يتقدم الغائبون ويطالبوا بها في كل المحافل ومن خلال مبادرات مماثلة لباب الشمس؟ بأي حق وبأي قانون يمنع "الغائب" من حقه القانوني والموثق؟ إنها قوانين عنصرية مطابقة تمامًا لقوانين ألمانيا الهتلرية وجنوب أفريقيا العنصرية، موقف الصهاينة ضعيف وهزيل لكن أحدًا لم يبادر للآن.
    ثالثًا، لا شك أن الحدث يأتي ضمن عمل تراكمي يستنزف الصهاينة نفسيًا وإعلاميًا، وهذا يؤثر على مسيرة الاستيطان في الضفة الغربية وفي الكيان الصهيوني ككل، لكن بشرط استمراره وتراكمه، فحدث أو حدثين لن يعملا أي شيء.
    رابعًا، قد تكون هذه الفعاليات شرارة انطلاقة لانتفاضة فلسطينية أكثر عنفًا وقوة في وجه المحتل الصهيوني، وإن كان من المستحيل التنبؤ بمكان أو زمان انطلاق أي شرارة، لكنها تبقى احتمالية قائمة.
    أوجه القصور في النشاط الشبابي:
    اولًا، ما زالت الفعاليات بعيدة عن الزخم الشعبي الذي يعطيها قوة الاستمرار والديمومة اليومية التي تستنزف الاحتلال بحق، وخاصة أن العنصر الأساسي لأي حراك شعبي وهم طلاب المدارس الثانوية غائبين عن أغلب هذه النشاطات وخاصة ما يتم تنظيمه في مناطق بعيد عن التجمعات الفلسطينية مثل الطرق الالتفافية أو قرية باب الشمس أو المستوطنات.
    وعليه يضطر النشطاء نظرًا لمحدودية العدد والإمكانيات إلى المباعدة بين نشاطاتهم مما يفقدها الزخم اللازم ليكون مؤثرًا ومزعجًا بالنسبة للاحتلال.
    ثانيًا، بالرغم من تظاهرها بدعم المقاومة الشعبية ومشاركة عناصر من حركة فتح بهذه النشاطات إلا أن السلطة الفلسطينية لا تريدها أن تخرج عن خطوط حمراء حددها الصهاينة، فقامت أجهزتها الأمنية في أكثر من مرة باستدعاء نشطاء باللجان المقاومة للجدار وتهديدهم، وقامت بقمع أكثر من مظاهرة انطلقت من رام الله نحو مستوطنة بيت إيل الملاصقة لها، وأخيرًا قام عناصر الأمن الوقائي يوم أمس باعتقال أحد المشاركين بقرية باب الشمس بعيد الإفراج عنه من عند الصهاينة وهو الشاب قتيبة عازم من نابلس.
    وحتى في حرب غزة الأخيرة حاولت السلطة منع الصدام مع الصهاينة لكنها فقدت السيطرة على الأرض، ووجهت رسالة للصهاينة يجب أن توقفوا الحرب على غزة لأننا لا نسيطر على الميدان وقد تفلت الأمور نهائيًا من بين أيدينا.
    فالسلطة ما زالت تفكر بعقليتها الديناصورية القديمة وما زالت أجبن من أن تغضب الصهاينة، وحتى شهدنا استغلالًا مقرفًا من جانب صائب عريقات "كبير المستكشفين" لقرية باب الشمس عندما قال أنها تعبير عن إيمان القائمين عليها بحل الدولتين، علمًا بأن جميعهم تقريبًا (بما فيه المحسوبين على فتح) يرفضون هذا الحل جملةً وتفصيلًا.
    ثالثًا، بدون زخم شعبي يصعد الموقف مع المحتل وبدون رفع السلطة يدها عن الشارع، فلن نرى تدخلًا عربيًا أو دوليًا يضغط على الاحتلال، كما رأينا في غزة حيث لم يتدخل العالم إلا بعدما قصفت تل أبيب فجاءت أمريكا وقدمت حلًا فيه تنازلات للفلسطينيين، وما لم يتأزم الوضع في ميدان الضفة الغربية بما يزعج الصهاينة ستبقى هذه المبادرات مجرد حراك إعلامي يساهم يرفع المعنويات ويساهم بالتعبئة الإعلامية.



    «باب الشمس».. البداية الحقيقية للربيع الفلسطيني
    كتائب القسام ،،، بقلم: صالح النعامي
    لقد تجسدت البداية الحقيقية للربيع الفلسطيني في الخطوة التي أقدم عليها الشباب الفلسطيني يوم الجمعة الماضي بتدشين قرية «باب الشمس»، تحديداً في المنطقة الفاصلة بين القدس ومستوطنة «معاليه أدوميم»؛ لإحباط مخطط «إسرائيل» بإقامة مشروع E1.
    لا يوجد ثمة مبالغة في أن تأثير هذه الخطوة لا يقل عن تأثير صواريخ المقاومة؛ لأنها تجسد بالفعل المقاومة الشعبية الإيجابية التي تنطوي على أكبر أذى للاحتلال الصهيوني. لقد تباهى وزراء حكومة بنيامين نتنياهو بالقول إن تدشين هذا المشروع، يأتي لإسدال الستار على أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، على اعتبار أنه يحرم الدولة العتيدة من أحد أهم مقومات الدولة؛ وهو التواصل الإقليمي بين أجزائها.
    إبداع مقاوم ذو تأثير هائل
    إن ابتكار هذا النوع من أنماط المقاومة الشعبية يشكل نقطة تحول فارقة وعظيمة في تاريخ المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال؛ لأنه يوفر كل مقومات نجاح العمل المقاوم، إذ يستهدف تحقيق هدف آني، وهو إحباط مشاريع الاستيطان والتهويد، وبالتالي هو يرمي إلى الانتقال من سياسة الشجب والرفض والتنديد في مواجهة المشاريع الاستيطانية والتهويدية، إلى الرد العملي الإيجابي على الاحتلال؛ من خلال الإقدام على فعل عملي معاكس ومضاد.
    صحيح أن قوات الاحتلال بإمكانها الرد باستخدام القوة ضد أولئك القائمين على هذا النوع من الأنشطة، لكن السلوك الإسرائيلي العدائي سيكون محسوباً بشكل دقيق؛ لأنه يأتي رداً على فعل مقاوم سلمي، وبالتالي لا يمكن لـ»إسرائيل» أن تحظى بغطاء دولي في ردها العنيف على الفلسطينيين الذين يقدمون على هذه المشاريع. ولما كانت كل الدلائل تشير إلى أن الانتخابات الإسرائيلية القادمة التي ستجرى في 22 يناير الجاري، ستسفر عن فوز تحالف اليمين المتطرف بشقيه الديني والعلماني، فإنه يمكن القول إن طفرة في المشاريع الاستيطانية تنتظر الفلسطينيين، في حال لم يواجه الكيان الصهيوني بفعل مقاوم مبتكر ومؤثر.
    من هنا تبرز الأهمية الأكبرى لقيام الفلسطينيين في الضفة الغربية بإقامة هذه القرى في كل أرض تعلن «إسرائيل» نيتها إقامة مستوطنات فيها. إن هذه أفضل وصفة لتقليص قدرة حكومة اليمين المتطرف على التغول على الأرض الفلسطينية واستباحتها، ومن الواضح أن الفلسطينيين قد قصروا في حق أنفسهم، وفي حق قضيتهم عندما لم يقدموا على هذا الفعل المقاوم من قبل، فلا يعقل أن يقيم قطعان المستوطنين مئات النقاط الاستيطانية في أرجاء الضفة الغربية بدون إذن حكومتهم، ولا يتحرك الفلسطينيون لإحباط ذلك بفعل مشروع وطنياً ودولياً!
    استهداف الائتمان الدولي لـ»إسرائيل»
    إن أي رد فعل إسرائيلي عنيف على أولئك الفلسطينيين، الذين يقفون خلف هذا النوع من المقاومة الشعبية، سيلاقى ردة فعل عالمية قوية، وستكون الكثير من الدول، وتحديداً الدول الأوروبية مجبرة على اتخاذ موقف ضد السلوك الإسرائيلي؛ لأنها ذاتها أعلنت موقفاً قوياً ضد مشروع E1، بل إن الكثير من دول العالم أقدمت على استدعاء سفراء «إسرائيل» في عواصمها للاحتجاج على الخطوة؛ وبالتالي عندما يتحرك الفلسطينيون في خطوة سلمية للتعبير عن احتجاجهم العملي على سلب أرضهم ومنع إقامة دولتهم، فإن أحداً في العالم لن يكون بوسعه التغطية على العدوان الإسرائيلي.
    ومما لا شك فيه أن هذا النوع من المقاومة سيحرج إلى حد كبير إدارة الرئيس أوباما، التي اعترضت أيضاً على مشروع E1، ودعت «إسرائيل» للتراجع عنه، وبالتالي فإن هذه الخطوة قد تدفع للسطح التناقضات بين حكومة نتنياهو وإدارة أوباما؛ لأن الرد الإسرائيلي العنيف على الخطوات الفلسطينية النضالية هذه، سيقلص من قدرة أوباما على تغطية «إسرائيل» في المحافل الدولية.
    ومما لا شك فيه أن مثل هذه الخطوة ستحقق انجازاً سياسياً هائلاً للشعب الفلسطيني؛ لأنها ستعمل على تدهور مكانة «إسرائيل» الدولية بشكل غير مسبوق، مع العلم أن هذه المكانة في وضع سيئ أصلاً، وهذا يقلص قدرة «إسرائيل» على مواصلة الغطرسة، ويجعل الصهاينة يتحققون من النتائج الكارثية لخيارات حكوماتهم.
    في الوقت ذاته، فإن هذه الخطوة تضمن إعادة الاستقطاب داخل المجتمع الصهيوني على خلفية الموقف من الاحتلال، بعدما تلاشى هذا الاستقطاب نتاج المفاوضات والتعاون الأمني من جانب، وجراء اعتماد الفلسطينيين على المقاومة المسلحة فقط، على الرغم من أن «إسرائيل» تفاجأت بهذا النوع من الفعل المقاوم، إلا أن التعليقات الأولية أظهرت حجم الحرج الذي علقت فيه القيادة الصهيونية؛ لإدراكها استحالة الطعن في مشروعية هذا النوع من الأعمال المقاومة.
    تكريس فعلي للمصالحة الوطنية
    إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يكاد لا يترك مناسبة لا يشدد فيها على حماسه للمقاومة الشعبية، وذلك في معرض ذمه المقاومة المسلحة التي تعبر عنها عمليات إطلاق الصواريخ. إن فكرة إقامة القرى الفلسطينية على الأراضي المهددة بالمصادرة من أجل الاستيطان، تشكل في الواقع اختباراً حقيقياً لشعارات عباس؛ فإن كان عباس يؤمن حقاً بأهمية بالمقاومة الشعبية، فبإمكانه أن يقود هذا النوع من المقاومة الشعبية، ومن حقه دعوة كل الفصائل إلى أن تتجند من أجل انجاحه، بل عليها بالفعل وقف كل أشكال الفعل المقاوم الأخرى؛ من أجل منح هذا النوع من النضال الفرصة.
    لكن للأسف، كل المؤشرات تشير إلى أن عباس لا يمكن أن يقدم على هذه الخطوة؛ لأنها بالفعل تؤذي الاحتلال أذى بالغاً ومؤثراً، وهو ما لا يبدو أنه مستعد له.
    والأخطر من كل ذلك، أن عباس من المرجح أن يوظف عناصر أجهزته الأمنية في منع الفلسطينيين من مواصلة هذا النوع من التحرك السلمي الشعبي، في إطار التعاون الأمني مع أجهزة الاحتلال المتواصل بدون انقطاع.
    لكن على كل الأحوال، فإن قدرة عباس على التحرك في انقاذ الصهاينة محدودة أيضاً؛ لأن هذا التحرك سيضعه في تناقض فج وصريح مع كل ما يدعيه، ولا سيما في ظل عجزه عن توفير أدنى مستويات الأمن لمواطنيه، الذين يتعرضون لأبشع صور العسف والقهر من ظلم المستوطنين.
    قصارى القول.. على الفلسطينيين التوحد على هذا النوع من المقاومة الشعبية الإيجابية، التي لم توضع موضع التنفيذ في السابق، على الرغم من الطاقة الهائلة الكامنة في تأثيراتها الإيجابية.
    على الرغم من أن من حق الشعب الفلسطيني ممارسة كل أشكال المقاومة، وضمنها إطلاق الصواريخ التي شكلت مصدراً لردع الاحتلال، ولقمع إرادته في مواصلة العدوان، فإن على الفصائل الفلسطينية أن تدرس بجدية في الوقت الحالي الالتفات إلى المقاومة الشعبية في شقها المؤثر والعملي، وليس الاستعراضي الذي يهدف إلى تحقيق أكبر قدر من الإيذاء للكيان الصهيوني.




















    إرادة التغيير
    فلسطين أون لاين ،،، د.عصام عدوان
    مواضيع متعلقةتفعيل صندوق إقراض الطالب بالجامعات الفلسطينية الهلال الإماراتي يستقبل دفعة من أطباء الامتياز الثورة المصرية ومرسي والقضية الفلسطينية
    إن التغيير المنشود لإصلاح حال الأمة العربية والإسلامية، وينشده الشعب الفلسطيني، ليس مجرد شعارات، وكلمات جوفاء، بل هو فعلٌ يتحقق على الأرض، تنقلب فيه حال الأمة من السيئ إلى الحسن، ومن الضعف إلى القوة، ومن الذيلية إلى الصدارة. وهذا فعلٌ لا يتحقق بالأمنيات، ولا حتى بالدعاء، لأن الله تعالى كلفنا بالعمل وبالإعداد وبالأخذ بالأسباب. ولن يُصلح الدعاء ما أفسدته الخطوات والإجراءات التي انحرفت عن إرادة التغيير.
    في فلسطين صراع إرادات تقوده تيارات فكرية مختلفة، وقوى مجتمعية متنافسة إلى حد الصراع. وتبرز حركة المقاومة الإسلامية حماس كأحد أكبر وأهم قوى التغيير في المجتمع الفلسطيني. فهل حققت حماس التغيير الذي تنشده؟. لقد سعت حماس ومعظم التيارات الإسلامية لإقامة شرع الله ومن ثم الخلافة الإسلامية. فهل الجهد المبذول يسير في هذا الاتجاه؟ وبأي سرعة يسير؟
    ومع إدراكنا بأن معيقات كثيرة وجسيمة وُضعت في طريق حماس لإفشال قدرتها على التغيير الذي تنشده، إلا أن هذه المعيقات لا تكفي لالتماس العذر وتبرير التأخر في تحقيق التغيير. فإن التغيير لا يتحقق دفعة واحدة بمجرد فوز حماس بالانتخابات التشريعية مثلاً. ولا يحاسب أحد حماس على عدم تطبيقها الشريعة الإسلامية حتى الآن رغم أنها تمسك بزمام السلطة في قطاع غزة، وإنما يكون الحساب على الأسس التي أرستها حماس في المجتمع الفلسطيني الخاضع لسلطتها، فهل وضعت حماس أسس التغيير؟ وهل قطعت في سبيله خطوات تأسيسية يصلح البناء عليها؟
    إن أحد أهم أدوات التغيير هي الموارد البشرية. ورغم أنها هي مقصد التغيير والمستهدفة به، إلا أنها هي أداته الرئيسة. وتنمية الموارد البشرية تبدأ بالتعليم والتربية، وهذه من أسس العمل التنظيمي لدى حماس. إلا أن حماس لم تجرِ تغييراً يُذكر على مناهج التعليم، وهي مسئولة عن هذا التقصير بعد انفرادها في السلطة منذ ست سنوات. من السهل التذرع بعشرات الأسباب المعيقة. وهنا تبرز إرادة التغيير. لأن إرادة التغيير تتحدى كل الظروف وتنتصر في النهاية في فرض شروطها. ولذلك فإن إرادة التغيير في التربية والتعليم في قطاع غزة بحاجة إلى أن تتجسد من خلال خطوات واضحة تضع أسس التغيير المنشود.
    فالتعليم المدرسي مدخل أساسي لإحداث كثير من التغيير المنشود، ولا بد من وضع تصور لتحديد شكل وحجم ومحتوى وأداة ومدة تنفيذ التغيير ووضع خطة لتنفيذ هذا التصور. ولنا مثال في وكالة الغوث الدولية (الأونروا) التي فرضت من تلقاء نفسها مقرراً دراسياً إثرائياً دون إذن من الحكومة المضيفة، هو مقرر حقوق الإنسان للصفوف الابتدائية والإعدادية. وجاء هذا المقرر ثمرة لتصور واضح مبني على هدف محدد هو نشر ثقافة السلام في المجتمع الفلسطيني وبين لاجئيه كخطوة أولى على طريق تعايش الشعب الفلسطيني مع عدوه الذي طرده من أرضه. وأخذ هذا التصور شكل كتاب مقرر لكل مستوى دراسي، ومُنح حظاً وافراً من الحصص الأسبوعية ومن أساتذة أكفاء وميزانيات وجوائز ورحلات. فهل سعت وزارة التعليم في الحكومة لوضع تصورها المقاوِم موضع التربية والتعليم والتطبيق؟
    إرادة التغيير تستوجب إيجاد الأسس الكفيلة بتحقيق رؤية حماس في الحكم الرشيد المتمسك بالمقاومة وبالثوابت الوطنية، والهادف إلى تحقيق العدالة والتنمية. فكيف يكون التغيير في واقع الكهرباء في غزة. حيث عطلت هذه المشكلة المجتمع الغزي برمته وسرقت منه ثلث وقته. وكيف يكون التغيير في تدوير النفايات الصلبة، وتنمية الثروة السمكية والحيوانية والزراعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل التفكير بتصدير بعض المنتجات إلى الخارج. وكيف يكون التغيير في تطوير أوضاع التعليم الجامعي والمهني. وكيف يكون التغيير في العلاقات الدولية.
    من الواضح أن إرادة التغيير على الساحة الدولية لم تحظ بالقدر المناسب من الجهد لتحقيق التغيير المنشود. ومن الضروري الإقرار بأن الحصار الدولي المفروض على حماس أعاق حراكها الدولي والدبلوماسي كثيراً. لكن خطاب حماس ظل محافظاً على شرعية التمثيل التي بقيت في يد منظمة التحرير وسفرائها وممثليها في العالم. وقد ظلت حماس أسيرة رؤية قديمة تقضي بضرورة الدخول إلى منظمة التحرير من أجل إصلاحها والنهوض بها. وقد أدى عدم مزاحمة حماس لمنظمة التحرير في التمثيل الخارجي إلى الإبقاء على نفوذ المنظمة واستمرار التعاطي الدولي معها حيث لا يوجد منافس. ويحدث هذا في الوقت الذي تحقق فيه حماس انتصارات تاريخية على العدو في فلسطين بصورة غير مسبوقة، بينما تقف منظمة التحرير في أحسن الأحوال موقف المتفرج على المعارك الدائرة في قطاع غزة وعلى حدوده، وتعجز عن تقديم يد العون لأي فلسطيني في أي مكان.
    إرادة التغيير بحاجة إلى مال حر وتمويل غير مشروط. وغالباً ما يتلقى الفلسطينيون مساعدات خارجية تترك أثرها على مواقفهم الأيدلوجية والسياسية. ولذلك فإن توفر إرادة للتغيير يتطلب السعي الحثيث لامتلاك المال القادر على إحداث التغيير بعيداً عن الهيمنة والتأثير الخارجي. فمثلاً: كان من الممكن تجريد حملة دولية مركّزة لمدة شهرين أو ثلاثة يتم خلالها جمع مليار دولار أمريكي يتم توظيفها في استثمارات استراتيجية في بعض دول العالم في المجال الزراعي والتجاري والسياحي والصناعي، ومن ثم يتم الإنفاق على الاحتياجات الفلسطينية الرسمية والشعبية من ريعه بدلاً من الوقوع تحت تأثير القوى المانحة.
    إن القاسم المشترك الذي يمكن التوصل إليه بعد ست سنوات من حسم حماس في غزة، أن إرادة التغيير كانت غائبة، بانتظار تحقيق المصالحة الوطنية. وقد أثبت هذا السلوك فشله، ولم يعد مقبولاً الاستمرار على نفس النهج، لأن الإرادة السابقة بحاجة إلى تغيير.































    قراءة في أسس الخلاف الفتحاوي – الحمساوي
    المركز الفلسطيني للإعلام ،،، صلاح حميدة
    لفهم الخلاف الحالي بين الحركتين الفلسطينيتين لا بد من قراءة تفاصيل وخلفيات هذا الخلاف، ومن خلال هذا الفهم وهذه القراءة من الممكن أن نتنبّأ بإمكانيات حل هذه الخلافات وتذليل العقبات في طريق ( عمليّة المصالحة).
    الخلفيّة التاريخية
    أصول حركة "فتح" وعدد من مؤسسيها كانت إخوانيّة، ومن المعروف أنّ جماعة الإخوان المسلمين كانت "التنظيم العربي الوحيد الذي وضع كافّة إمكانيّاته في سبيل محاربة المشروع الصهيوني على أرض فلسطين" حسب الكثير من الباحثين والمؤرخين، ووصل مقاتلوها حتى صورباهر في القدس، ودخلوا وقاتلوا في فلسطين من مصر وسوريا والأردن والعراق، وكانت الجماعة ذات تأثير على الكثير من الفلسطينيين الذين رأوا فيها العنصر المقاتل لتحريرهم من الاحتلال، ولكن حرب نظام عبدالنّاصر عليها وضع مؤيديها الفلسطينيين في مأزق كبير، فأي مشروع تحرري فلسطيني يحتاج لدعم سياسي ناصري ودعم مالي خليجي، والشرعية السياسيّة والنّضالية كانت ستكون محل شك من قبل الجماهير في ظل التأييد الأعمى لعبد النّاصر في تلك الفترة، وفي هذه الأجواء رأى قادة تنظيم "فتح" تشكيل تنظيم غير مؤدلج، وخرج بعض القادة المؤسِّسين ل "فتح" من جماعة الإخوان حتى يتمكنوا من حرية الحركة في العالم العربي، ولذلك كانت "فتح" تعيش تحت وطأة ظروف نشأتها التاريخية، وأصبحت على الدّوام مضطرة لإثبات بعدها عن خط جماعة الإخوان المسلمين، وقد تكون لا تزال تعيش هذه الحالة حتّى اليوم في ظل بروز أسباب أخرى للخلاف، بالرغم من اضطرارها للتعاطي مع أنظمة سياسية تعتبر امتداداً لإخوانيّة الفكر والمنهج مثل تركيا ومصر وتونس وربّما غيرها في الأيّام القادمة.
    عقدة البديل
    منذ دخلت حركة "فتح" في منظمة التحرير وأصبحت قائدتها، و الإعلان أنّ منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، تتحسّس حركة "فتح" من أي تنظيم أو تشكيل فلسطيني من الممكن أن ينتقص من هذا التمثيل أو يكون بديلاً عنه، ولذلك كانت نظرة حركة "فتح" لحركة "حماس" سلبية في هذا الإطار لأنّها تمثل التنظيم الفلسطيني الوحيد القادر على انتزاع هذا التمثيل منها، إن كان انتقاصاً وهي خارج المنظّمة، أو كان بشكل كامل أو جزئي إن دخلت فيها عبر آليات ديمقراطيّة تمثيليّة، وعزّز هذا التّحسّس ما يجري من تمدّد إخواني في العالم العربي هذه الأيّام، وبالنّسبة لحركة "حماس" فهي تعتبر أنّها كحركة إخوانيّة تمّ تغييبها قسراً عن القيام بدور ريادي في فلسطين والمنطقة، وهي حركة ذات فكر ريادي، وبالتالي فمن الطبيعي أن تحاول القيام بالدور الذي يتجانس مع فكرها ومنهجها السياسي، وهي ترى منهجها يحقق إنجازات على الأرض وأنّه في ظل الربيع العربي أصبحت الأجواء أكثر ملاءمةً لتحقيق إنجازات أكثر على طريق تحرير فلسطين بشكل كامل، مع إخفاق وانحسار منهج حركة "فتح" السياسي القائم على التّسوية في فلسطين والعالم العربي.
    وحتّى لا نظلم حركة " فتح" فإنّ أطرافاّ أخرى في منظّمة التحرير من الفصائل البالغة الصّغر والشّخصيات التي ليس لها رصيد شعبي، لها دور في زيادة وتعزيز استبعاد حركة "حماس" في الإطار التمثيلي الرسمي الفلسطيني المتمثل في منظمة التحرير لأنّها ستخسر امتيازاتها تلقائياً. كما أنّ أطرافاً دوليّة وإقليمية لها دور مركزي في منع ولوج حركة "حماس" لمنظمة التحرير الفلسطينية، في ظل تمسكها باستراتيجيّتها ومواقفها السياسية التي تتصادم مع الأطار السياسي العام في المنطقة والعالم.
    البرنامج السياسي
    يعتبر البرنامج السياسي لمنظمة التحرير بقيادة حركة" فتح" من أخطر نقاط الخلاف بين الحركتين، فالتزامات منظمة التحرير التي خفّضت السقف السياسي للفلسطينيين كانت ولا زالت هي عقدة المنشار في العلاقة الحمساوية – الفتحاوية، وفي العلاقة الحمساوية مع الإقليم والخارج، وهي السبب الرئيس للحصار والحرب والعزلة السياسية التي فرضَتها الرّباعيّة الدّولية على حركة "حماس" بعد فوزها في الانتخابات التشريعيّة، ولا بدّ من التوضيح أنّ هذه العزلة بدأت بالتّفكُّك ولكنّها لم تنته بعد، وهذا يعد إنجازاً لصمود حركة"حماس" ورفضها للخضوع تحت سقف تلك الالتزامات، ولا زالت تلك الالتزامات والاتفاقيات من المعيقات الجوهريّة في طريق المصالحة لتمسّك حركة" فتح" بها بالرغم من وصول المفاوضات لطريق مسدود.
    ولتخطي هذه العقبة من المهم أن يتم الاتفاق على برنامج سياسي لا ينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني، ويستطيع من خلاله الفلسطينيون الخروج من عنق زجاجة أوسلو بأقل الخسائر، وهذا يتطلب من حركة "فتح" خطوات جريئة ومؤلمة، لأنّها تتحمّل المسؤولية عن مغامرة أوسلو.
    عقدة الانتخابات
    قد تكون الانتخابات هي الفتيل الذي فجر ما كان مخزوناً من إرث العوامل الأخرى، ففي لحظة الفوز في الانتخابات من قِبَل حركة "حماس" كانت شرارة الاحتراب الأهلي الدّاخلي، وحتى الآن يعتبر فوزها في الانتخابات انقلاباً، ولا يتمّ الاعتراف بأي إفراز من إفرازات هذا الفوز، حيث يُمنع رئيس وأعضاء المجلس التشريعي من دخول مقر المجلس وعقد أي جلسات، فضلاً عن أنّ حكومة فياض المعيّنة لم تُعرض على المجلس لتنال الثّقة، كما يُحظر على أعضاء المجلس القيام بأي نشاطات رقابيّة أو تشريعيّة أو سياسيّة، بالاضافة لاعتقال سلطات الاحتلال للنواب من ذوي النّشاط (الزّائد) في الشّارع الفلسطيني.
    بينما تلح السلطة في رام الله على ضرورة إجراء انتخابات جديدة في ظل واقع لا يمكن " أن يكون نزيهاً ويضمن تكافؤ الفرص" كما تقول حركة حماس، بالإضافة إلى إجرائها في سياق منفصل عن خلفيات الخلاف الحقيقية، وهو ما سيؤدي تلقائيّاً لتفجير الأوضاع من جديد إن تمّ التعاطي مع الانتخابات كجزئيّة منفصلة عن السياق العام للخلاف وللصراع مع الاحتلال أيضاً، كما أنّ إصرار قيادة السلطة على ألا تشمل الانتخابات الإطار التمثيلي العام ( منظمة التحرير) للفلسطينيين في الشتات، بالتوازي مع الانتخابات الداخلية، حيث أن لعبة التعيين تحت قاعدة ( إجراء الانتخابات حيثما أمكن) تفتح الباب للمناكفات وعدم إنجاز أي شيء، فوق أنّها إجراء مرفوض بشكل جذري من غالبيّة الفلسطينيين.
    عقدة الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة
    التزامات أجهزة حركة "فتح" الأمنيّة في الضّفة الغربيّة تقتضي منع أعمال المقاومة المعادية للاحتلال، وهذه لا تخفيها الحركة ولا تنكرها بحجّة أنّ تلك النّشاطات تأتي في إطار منع " المليشيات المسلحة والتّسلح خارج الأجهزة الأمنيّة"، وهذا ما يجعلها تتصادم مباشرة مع حركة"حماس" وفصائل المقاومة التي تكفل لها كافّة القوانين مقاومه الاحتلال بكافّة الوسائل.
    فيما تعتبر حركة"حماس" أنّ أجهزتها في غزّة تحمي ظهر من يقاوم الاحتلال وتيسر لهم التسلح والتدريب والحماية الأمنيّة، وتدلل على ذلك بما فاجأت به قوى المقاومة الفلسطينية الاحتلال في حرب غزة الأخيرة، ومن ضمنها أجنحة عسكرية تابعة لحركة "فتح" لافتةً الى أنّها لا تعتبر السلاح الفتحاوي المقاوم للاحتلال غير شرعي وأنها ترعاه وتحميه، كما تعتبر حركة "حماس" أنّ إنجاز تحرير مئات الأسرى في عملية التبادل كانت أجهزتها الأمنية شريكةً فيه لمحاربتها للعملاء بشراسة ومنعها لهم من اكتشاف مكان الجندي شاليط، بينما تستنكر "حماس" جهود أجهزة حركة "فتح" في منع عمليّات مشابهة كما قال أكثر من قيادي من قادتها.
    كما أنّ حركة "حماس" تعتبر أنّ العقيدة الأمنيّة التي تحكم أجهزة حركة " فتح" الأمنيّة تضع تلك الأجهزة في حالة عداء مع حركة "حماس" والمقاومة عموماً، وأنّها كانت أحد الأسباب الرّئيسيّة للصّدام المسلح بين تلك الأجهزة مع الجناح العسكري للحركة في غزة، وبالتالي هناك من يرى من عناصر وقيادات "حماس" أنّ ما يهم تلك الأجهزة هو النيل من رأس حركة "حماس" وجناحها العسكري فقط.
    ولذلك تتطلب الوحدة والتّصالح إدماج عناصر من جميع فئات الشّعب الفلسطيني في تلك الأجهزة، وأن تتغير العقيدة الأمنيّة بحيث تصبح الأجهزة الأمنيّة حارساً للشعب الفلسطيني وظهيراً لمقاومته وعنصر توحيد خلف برنامج سياسي مشترك قائم على استرداد الحقوق الفلسطينيّة كاملةً غير منقوصة.
    مما تقدّم يتبيّن لنا أنّ إمكانيّات التّصالح بين الطّرفين محدودة في هذه المرحلة، وأنّ ما يجري هو دبلوماسيّة موسميّة تكون نتاج حالة عاطفية شعبية أو ضغوطات وإحراجات عربيّة إقليميّة، وأنّ الطرفين يتعاملان في كل مفاوضاتهما مع قشور في ظل غمامة من سوء النّيّة والتّرُبُّص، وأنّ التّفاؤل بإمكانيّة حدوث اختراق هو نوع من التفاؤل في غير محلّه، وأنّ المدخل الحقيقي للمصالحة يبدأ من الإقرار بفشل مسار التسوية وضرورة الانعتاق من رِبقة الارتهان للضغوطات الخارجيّة، و مشاركة الكل الفلسطيني في مسؤوليّة الخروج من هذا المأزق.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء حماس 233
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:07 PM
  2. اقلام واراء حماس 232
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:06 PM
  3. اقلام واراء حماس 231
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:05 PM
  4. اقلام واراء حماس 230
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:04 PM
  5. اقلام واراء حماس 229
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:03 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •