النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 308

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 308

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
    في هذا الملــــــــــف:
    ممارسات قمعية وغير إنسانية
    حديث القدس عن جريدة القدس

    اسرائيل: فوز المتطرفين والأكثر تطرفاً
    فايز رشيد عن جريدة القدس

    سراب السلام وحل الدولتين
    عمر شحادة( عضو المجلس المركزي الفلسطيني) عن جريدة القدس

    المشرق العربي والعودة إلى نقطة البداية
    بول سالم عن جريدة القدس

    أطراف النهار - النقب: فصل من الكذبة الكبيرة !
    حسن البطل عن جريدة الأيام

    من برافر .. إلى بيغن: قضية النقب المنسية !!
    هاني حبيب عن جريدة الأيام

    نتنياهو قبل وبعد الانتخابات
    أشرف العجرمي عن جريدة الأيام

    عـــن "الـــلا إخـــوانــيــة"
    علي جرادات عن جريدة الأيام

    زي شرعي ... بالحُسنى!
    توفيق وصفي عن جريدة الأيام

    حياتنا - طيور واخوان
    حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة

    الصبيَنة السياسية: لا يُفتى و»مالك» في المدينة
    عدلي صادق عن الحياة الجديدة

    مشعل وفيتو غزة
    عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة

    الحوار... الفريضة الغائبة؟
    يحيى رباح عن الحياة الجديدة

    حكم غير قابل للطعن على المتهمين أدناه
    رائد حامد السلوادي عن الحياة الجديدة

    الادارة الامريكية ... والفوضى الخلاقة في العالم العربي
    عبد الرحمن صالحة عن وكالة معا
    الصفات السبعة للفكر التكفيري ...
    إبراهيم علوش عن وكالة سما الإخبارية
    ممارسات قمعية وغير إنسانية
    حديث القدس عن جريدة القدس
    أحد مراكز حقوق الإنسان في اسرائيل وهو "بتسيلم" وثق جانبا من أساليب القمع التي يستخدمها الاحتلال الاسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني الذين يحتجون على الممارسات الاسرائيلية، بما فيها تداعيات إقامة الجدار الفاصل وابتلاعه للأراضي الزراعية، ومنعه المواطنين من الوصول إلى أراضيهم لزراعتها أو قطف محاصيلها. هذا الجدار الذي يشكل كارثة إنسانية وبيئية واقتصادية على سكان القرى والمدن الفلسطينية التي يمر وسطها، ويقطع أوصالها.
    وفي الأساس، فإن الاحتلال بحد ذاته يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية والمبادىء الإنسانية الأساسية، وبالتالي فإن ممارساته كلها تنتهك القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان. ومنها الجدار الفاصل الذي أدانته محكمة العدل الدولية، وطالبت بإزالة ما أقيم منه ووقف بناء ما لم يتم بناؤه من مساره المخطط. فلماذا تواجه السلطات الاسرائيلية المواطنين المتضررين من إقامة هذا الجدار الكارثي بهذه الأساليب القمعية، بدلا من الامتثال لقرار محكمة العدل الدولية المشار إليه؟.
    والممارسة الاحتلالية الثانية، ضمن العديد من هكذا ممارسات، هي هدم البيوت الفلسطينية وتشريد العائلات من الأطفال والنساء والشيوخ، وحرمانهم من السقف الذي يحميهم مطر الشتاء وثلوجه وبرده، وحر الصيف. وهذه البيوت أقيمت بجهود المواطنين وعرقهم وكدهم لسنوات طويلة، وليست منة من الحكومة الاسرائيلية كالتي تقدمها للمستوطنين الذين يخالفون جوهر وروح قوانين التنظيم والبناء لأن الوحدات السكنية التي تقدم لهم بالمجان مبنية على أرض مصادرة أو مسلوبة من أصحابها الفلسطينيين. ومع إدراك السلطات الإسرائيلية لهذه الحقائق، فهي تواجه أصحاب البيوت المهدومة بالضرب والاعتقال والصعق الكهربائي. وهذا ما يحدث في حالات كثيرة، ومنها ما نقلته تقارير الأخبار أمس الأول عما وقع في وادي الربابة بسلوان :.فقد أطلقت قوات الأمن الاسرائيلية- حسب هذه التقارير- قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي. وأصيبت ثلاث سيدات فلسطينيات بهذه القنابل أثناء هدم بيت وغرفة وبركس في ذلك الحي المقدسي.
    وأشارت التقارير إلى إطلاق الكلاب البوليسية على السكان، واستخدام الصعقات لكهربائية لدى اعتقال الشبان الفلسطينيين. وهذه التقارير الموثقة بالأسماء تثبت أن هذه الممارسات الاحتلالية ليست مجرد اتهامات نظرية، وإنما هناك وقائع تدعمها وتؤكد صحتها، وقد سجلت منظمة حقوق الإنسان الاسرائيلية نفسها بعضا من هذه الأساليب في التقرير الذي نشرته أمس الأول.
    وجاء في تقرير هذه المنظمة أن "العيارات المطاطية تطلق على النشطاء الفلسطينيين والأجانب من مسافة أقصر مما تسمح به التعليمات، بحيث قد تكون فتاكة". وقالت المنظمة إن "هذه العيارات تطلق أحيانا على قاصرين وعلى الأقسام العليا من أجسامهم. وربما يتم إطلاق الرصاص على عابري سبيل أو على متظاهرين لم يلقوا حجارة، ولم يشكلوا أي خطر على قوات الأمن الاسرائيلية. وأحيانا يتم إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في ظروف لا يشكلون فيها أي خطر على تلك القوات".
    هذه الممارسات القمعية الاسرائيلية يفترض أن تهتم بها المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وتطبيق القانون الدولي في حالات من هذا النوع. فالشعب الفلسطيني يجب أن يُعامل بكرامة وإنسانية، وليس بهذه الأساليب التي عفى عليها الزمن، وكانت مستنكرة حتى في ظلام العصور الحجرية والقرون الوسطى.
    اسرائيل: فوز المتطرفين والأكثر تطرفاً
    فايز رشيد عن جريدة القدس
    دللت نتائج انتخابات الكنيست التاسعة عشرة، على فوز المتطرفين والأكثر تطرفاً الذين حصلوا على الأغلبية النسبية من ال 120 مقعداً (أكثر من 60 صوتاً)، الأمر الذي يشي بأن الحكومة القادمة ستكون أكثر تطرفاً من الماضية القائمة .
    نرى من الضروري بداية توضيح مفهومي اليمين واليسار في إسرائيل: إنهما نسبيان، قد ينطبقان على مفاهيم الأحزاب فيما يتعلق بالحياة الداخلية الإسرائيلية بتطبيقاتها الاقتصادية بشكل خاص، لكن المفهومين لا ينطبقان على وجهات النظر السياسية لكل أحزاب اليمين وما يسمى باليسار..
    فباستثناء الحزب الشيوعي والقوائم العربية، فإن كافة أحزاب المعسكرين متطرفة حتى العظم، ولا يمكن الجمع بالطبع بين التطرف كمعتقد أيديولوجي-سياسي وبين مفهوم اليسار بمعناه العلمي المصطلح والمتعارف عليه . لذلك في ما يتعلق برؤية الأحزاب الإسرائيلية للتسوية (ما يسمى بالسلام) مع الفلسطينيين والعرب، فإن الأكثر دقة في توصيف هذه الأحزاب جميعها هو القول: الأحزاب الأقل تطرفاً، الأحزاب المتطرفة، والأحزاب الأكثر تطرفاً .
    كثيرون من المراقبين رأوا في فوز قائمة الحزب الجديد “هناك مستقبل” الذي يتزعمه ييش عتيد ب 19 مقعداً، إضعافاً لنتنياهو، باعتبار الحزب ينتمي إلى تيار “الوسط”! إن هذا الحزب يختلف مع الليكود في السياسات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية وليس في السياسات وتحديداً في التسوية مع الفلسطينيين والعرب، لذلك سارع نتنياهو بعيد إعلان النتائج إلى التصريح بأنه بدأ مشاوراته مع هذا الحزب لضمه إلى الائتلاف الحكومي القادم . أما زعيم الحزب يئير لبيد فقد صرح بأنه لن يعمل مع ائتلاف يهدف إلى منع نتنياهو من تسلم رئاسة الحكومة .
    حزب “شاس” للمتدينين الشرقيين حصل على 11 مقعداً . حزب “البيت اليهودي” حصل على 11 مقعداً، حزب “يهودات هاتوراه” حصل على 7 مقاعد، فحتى من دون ييش عتيد يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة بأغلبية 61 مقعداً وبحزبه تصبح مقاعد الحكومة 80 مقعداً .
    نتنياهو قد يستجيب لبعض اشتراطات حزب ييش عتيد الاقتصادية والاجتماعية من أجل ضمه إلى الائتلاف الحكومي مثلما فعل مع الأحزاب الدينية ما دامت كافة هذه الأحزاب متفقة على السياسات الاستيطانية وعلى المواقف من التسوية . إن السياسات العامة للحكومة الإسرائيلية المقبلة ستتلخص فيما يلي:
    على صعيد الداخل الإسرائيلي، فإن نسبة تدخل الأحزاب الدينية في الشأن السياسي ستتزايد، الأمر الذي يجبر الحكومة الإسرائيلية المقبلة (المؤهلة في الأساس) على الانصياع لطلبات واشتراطات هذه الأحزاب في الحياة الاقتصادية والأخرى السياسية والتطبيقات الاجتماعية أيضاً، وهذا أكثر ما شهدناه في الحياة الإسرائيلية، في الائتلاف الحكومي (القائم) التي تقوم بتصريف الأعمال حالياً . وهو سيتزايد في المرحلة المقبلة، وذلك سيؤثر اقتصادياً في إسرائيل من ناحية اقتطاع مليارات من الشواكل لصالح هذه الأحزاب من الميزانية الإسرائيلية وسيزيد من نسبة العجز الحالية .
    هذا بدوره سيؤدي إلى اقتطاعات كبيرة من أموال أشكال الضمان المختلفة لتلبية احتياجات واشتراطات هذه الأحزاب وسط مظاهر يتآكل فيها القطاع العام لصالح الخاص (سياسة نتنياهو)، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى أشكال كبيرة من الاحتجاجات .
    على صعيد الداخل الفلسطيني ستشهد المرحلة القادمة المزيد من التضييق عليهم في إسرائيل بالمعنيين الحياتي بكافة أشكاله وسبله، والقانوني من خلال سن قوانين عنصرية جديدة ضدهم، وسط أجواء من تصاعد وتنامي المظاهر العنصرية في اسرائيل . سيتفنن اليمين الأكثر تطرفاً في إسرائيل في اختراع الأساليب التي يستطيع من خلالها إجراء ترانسفير للكثير من العرب، وفي خلق التعقيدات السياسية الاقتصادية، الاجتماعية لهم بحيث يتم دفعهم دفعاً وبخاصة الشباب إلى الهجرة الطوعية . كذلك ستزداد الدعوات إلى تحقيق شعار “يهودية دولة إسرائيل” لتكون خالصة نقية لليهود من دون وجود العرب فيها .
    على صعيد التسوية مع الفلسطينيين بدايةً فإن كافة الأحزاب الإسرائيلية هي مع إبقاء القدس عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل وهي ضد حق العودة للاجئين، ومع اللاءات الأخرى الإسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية ، وهي مع الاستيطان الذي ستزداد وتائره، حيث إن نسبة ما تبقى لإقامة الدولة الفلسطينية من مساحة فلسطين التاريخية،ستقل كثيراً عن النسبة الحالية 12% وليس 22% وفق آخر الإحصائيات، حيث يستحيل بشكل مطلق إقامة هذه الدولة بالمعنى الواقعي العملي .
    ثم إن كافة الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة والأكثر تطرفاً مع بقاء التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية، وهذا ما يدعو إلى التساؤل، ماذا سيبقى من أراض لإقامة دولة عليها؟ أين هي الفروقات في رؤية التسوية بين الأحزاب الإسرائيلية؟ أين هو اليمين وما يسمى باليسار في هذه التشكيلات الحزبية؟
    على صعيد التسوية مع العرب إذا كان من يسمون ب(الحمائم) في إسرائيل مثل بيريس، أولمرت، تسيبي ليفني، كانوا قد رفضوا ما يسمى ب(مبادرة السلام العربية) ولكن بكلمات دبلوماسية .
    إذا كان هؤلاء قد رفضوها صراحة (مع أنها تتجاهل حق العودة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة) فهل سيقبلها نتنياهو وليبرمان وعوفوديا يوسف؟ إسرائيل باختصار تريد استسلاماً كاملاً من العرب والفلسطينيين على قاعدة “السلام مقابل السلام” وليس “السلام مقابل الأرض” .
    على الصعيد الخارجي ستقبل القوى الغربية والعديد من الدول بإسرائيل أيّاً كان من يحكمها .
    وبعد، ألم يحن الوقت لنا، فلسطينيين وعرباً، إدراك حقيقة إسرائيل ؟ وأن نبني الاستراتيجية والتكتيك السياسي المفترضيْن الموائميْن لطبيعة هذه الدولة؟ وأن نحرر عقولنا من إمكانية قيام سلام معها؟ وأن نستعد لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة؟ الحكومة القادمة في اسرائيل ستستمر في فرض حقائقها على الأرض، من دون إعارة الاهتمام لا لقوانين دولية ولا لخواطر آخرين.


    سراب السلام وحل الدولتين
    عمر شحادة( عضو المجلس المركزي الفلسطيني) عن جريدة القدس
    منذ مؤتمر مدريد وتوقيع اتفاق اوسلو عام 1993 في حديقة البيت الابيض في واشنطن، بات ما يسمى بحل الدولتين أنشودة الدبلوماسية الدولية في الشرق الاوسط ولحن وسائل الاعلام اليومية الذي تصدح به صباح مساء في كل رواق وإثر كل لقاء .
    ولعل من غرائب الامور أن دأب معظم الساسة العرب على تكرار هذه العبارة المعولمة حتى إدمانها وغيرها من المصطلحات السياسية التي استدخلت الى لغة وثقافة جيل بكامله على النقيض من حقائق السياسة اليومية والواقع اليومي المعاش، ما جعل من "حل الدولتين" ترنيمة السياسة الرسمية العربية، بما يوحي للناس بأن مشروع التسوية المسمى بحل الدولتين هو السبيل الذي لا سبيل سواه، كي يحظى الشعب الفلسطيني "المغلوب على أمره"بحقوقه السليبة ودولته المستقلة وعاصمتها القدس.
    وبشكل غير مسبوق، فإن ما يسمى بحل الدولتين بات يظهر ويتمظهر بوصفه الصيغة التصفوية للقضية الوطنية،صيغة جرى تصميمها للوصول الى حل سياسي فلسطيني اسرائيلي عبر المفاوضات الثنائية الانفرادية في ظل "الاعتراف الفلسطيني الرسمي باسرائيل مجهولة الحدود ونبذ الارهاب والالتزام بالاتفاقيات الامنية والاقتصادية " دون شروط على الاحتلال والاستيطان وبعيداً عن مؤسسات الامم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية .
    وبرغم ذلك،وحصاد الشعب المُر لخيار اوسلو، يجادل البعض بأن ما يجري هو موقف اجماع فلسطيني وتنفيذا لاعلان الدولة ووثيقة الاستقلال التي اقرت في المجلس الوطني عام 1988 في الجزائر بفضل انتفاضة الحجارة انتفاضة الحرية والاستقلال، رغم خلو وثيقة الاستقلال من ذكر لما بات يعرف بشروط الرباعية وفق ما يسمى بحل الدولتين ، وتناقض هذه الوثيقة الكامل مع صيغة التسوية التي جرى تعميمها وتعويمها لتكريس ديمومة التفاوض والانقسام الفلسطيني والعربي..
    وعلى النقيض من الحاجة الحياتية الملحة للمراجعة السياسية الجادة لمسيرة أوسلو ونهجها والتزاماتها وافرازاتها في ظل التحولات العربية والدولية الجارية،بالعودة خطوة الى الخلف وانهاء الانقسام والتمسك ببرنامج الاجماع الوطني المسنود بقرارات المؤسسات العربية والاقليمية والشرعية الدولية وآخرها رفع مكانة فلسطين لدولة مراقبة، يعوّل البعض في مجرى السياسة العملية الجارية على التعلق بوعود حل الدولتين او بالهروب لاستبداله بالقفز عن الاهداف الوطنية الراهنة والمباشرة، نحو اهداف بعيدة لن تفضي في الواقع السياسي الراهن لا لدولة واحدة ولا لدولتين، بل لاطلاق ستار من الدخان على انفلات الاستيطان وارهاب المستوطنين الذي كرسته من جديد الحقائق الدامغة في توجهات المجتمع الاسرائيلي ونتائج انتخاباته التشريعية للكنيست.
    إن ثمار مسيرة مدريد واوسلو وما راكمت من المصطلحات السياسية والاوهام المتحققة، لا يجوز ان تقود الى تعميم حالة الاحباط والضعف السياسي والثقافي بالاستسلام والارتهان لحلول ومفاوضات ومرجعيات خادعة وخرائط مضللة لانهاية لها، لأن مشروع التسوية المسمى حل الدولتين ليس قدراً.
    فانتزاع الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس دون شروط وليس "حل الدولتين"، كان منذ 25 عاماً بفضل انتفاضة الحجارة امكانية واقعية، واليوم تثبت الوحدة الميدانية والانتصار في معارك الصمود الوطني الذي حققه شعبنا في غزة والامم المتحدة، بأن الامكانية الواقعية لبسط سيادة الدولة الفلسطينية المتحققة في أروقة الامم المتحدة اكبر من اي وقت مضى، اذا ما استعدنا الوحدة الوطنية وروح الانتفاضة المدعومة بكفاح شعبنا ونضاله المتنوع داخل الوطن وخارجه.
    وهو ما يتطلب من لجنة الاطار القيادي لتفعيل وتطوير منظمة التحرير وتنفيذ اتفاق المصالحة، التي ستلتقي في الثامن من شباط القادم في القاهرة ومن كافة القوى السياسية والاجتماعية وبخاصة من طرفي الانقسام،الإصغاء لأنين ابناء شعبنا المتعالي من مخيمات اللجوء والمعتقلات ومن القرى والمدن والأغوار والنقب،ولنداء غزة التي خرجت عن بكرة ابيها تدق جدران خزان الانقسام،وذلك بالتوقف الفوري عن هدر طاقات وموارد الشعب الفلسطيني المادية والمعنوية في معارك ثانوية على حساب التناقض الرئيس مع الاحتلال،ونبذ تقاسم السلطة المتحوّل الى" نظام "محكوم بمنطق وقواعد الفئوية والذاتية والاستحواذ والمحاصصة،وبالكف عن التذرع بأعذار لا تسمن ولا تغني من جوع في تعليل ديمومة إدارة الانقسام، فالشعب يمهل ولا يهمل ..

    المشرق العربي والعودة إلى نقطة البداية
    بول سالم عن جريدة القدس
    بعد مئة سنة من بدء المشرق العربي رحلة بناء مجتمعات سياسية حديثة، يبدو أن تجربتنا منيت بالفشل وعدنا إلى نقطة البداية. فقد انهار لبنان في سبعينيات القرن الماضي، وتفكّك العراق في التسعينيات وخلال العقد المنصرم، وتنخرط سورية اليوم في أتون حرب أهلية تمزّقها. وعلى عكس مصر وتونس وبلدان عربية عدة أخرى، لم نتمكّن من الحفاظ على وحدة المجتمع ولا سيادة الدولة. وفيما ندخل في المشرق فترة من الانقسام الشديد وعدم اليقين مستقبلاً، هل سنتمكّن من إيجاد طريق العودة إلى الوحدة الوطنية وبناء الدولة الحديثة، أم أن انحدارنا نحو الفرقة والنزاع والتراجع عصيّ على التغيير؟
    قبل مئة عام، كان أجدادنا مشاركين فاعلين في النهضة العربية التي كانت تتوق لأن تستبدل النظام العثماني الآفل بدول ومجتمعات حديثة، تقوم على مبادئ تقرير المصير الوطني والمساواة وحقوق المواطنة وتمكين المرأة والتقدم الاجتماعي والعدالة الاقتصادية والتنوير. انهار النظام العثماني بالفعل، لكننا وجدنا أنفسنا أمام تحدٍّ جديد يتمثّل بالانقسامات السياسية التي أوجدها اتفاق سايكس-بيكو وحُكْم قوى الانتداب الأوروبية. لكن على رغم ذلك، أتيحت لمجتمعاتنا الفرصة لبناء مؤسّسات سياسية ديموقراطية ومجتمع مدني فاعل وأنظمة تعليمية واقتصادية حديثة. وتميّزت تلك الفترة بقدر كبير من العمل السياسي الخلاّق وتأسيس حركات وأحزاب سعت إلى صياغة مستقبل عربي أفضل.
    في عهد الاستقلال الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، تمت إزالة العقبات التي تسبّب بها الحكم العثماني أو الانتداب الأوروبي، وأصبحنا سادة مصيرنا. بيد أن تقدّمنا السياسي المأمول تباطأ بدل أن يتسارع. فالحركات التي بشّرت بالوحدة والحرية وصلت إلى السلطة لتأسيس دول الحزب الواحد الامنية وتأجيج الصراعات بين بعضها البعض.
    جرى تدمير المؤسسات الديموقراطية الوليدة لمصلحة أنظمة ديكتاتورية شمولية، بينما في حالات أخرى، كما هو الحال في لبنان، أُهملت تلك المؤسّسات لكي تضعف وتضمحلّ. كما جرى تبديد طموحات الوحدة الوطنية والمواطنة المتساوية لمصلحة هيمنة جماعة واحدة على الجماعات الأخرى. وفي البلدان التي تعاني من ضعف الدولة مثل لبنان، ظهر التفكّك الوطني في وقت مبكر، في عام 1958، ومن ثّم على نحو أكثر تدميراً في عام 1975. في سورية والعراق، أسهمت القبضة الحديدية الديكتاتورية في تأخير عملية التفكّك، إلا أنها جعلتها أكثر إيلاماً ودموية عندما وقعت.
    استعاد شباب «الربيع العربي» في العامين الماضيين روح النهضة العربية، داعين إلى الحرية والوحدة الوطنية والحقوق المدنية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي. لكن في المشرق، كان تأثير الارتداد إلى الطائفية والمذهبية والانتماء العرقي والقبلي أكثر قوة. ففي العراق استغلّت حكومة المالكي فرصة الانسحاب الأميركي قبل عام من الآن للقضاء على خصومها، واستبعاد مبدأ الشراكة الفعلية في الحكم، ومحاولة تعزيز قبضتها على السلطة، غير آبهة بالتفكّك والحرب الأهلية الزاحفة التي تقود البلاد إليها. وفي سورية يبدو النظام الحاكم، الذي يُفترض أنه قام على مبادئ حزب البعث المتمثّلة بالوحدة والحرية والاشتراكية، عازماً على ضرب الوحدة وتأجيج حرب أهلية طائفية واضطهاد شعبه كي يجبره على الخضوع وحماية الثروات البليونية التي تراكمت لدى رموزه.
    أما المعارضة السورية، التي اتفقت في البداية بوجه عام على إقامة نظام ديموقراطي تعدّدي في مرحلة ما بعد الأسد، فقد تجاوزتها الآن حركة جهادية راديكالية تسعى إلى إقامة دولة دينية توتاليتارية قد تجعلنا نتحسّر على الإمبراطورية العثمانية.
    وفي لبنان، كان أفضل ما تفتّقت عنه العقول السياسية هو طرح ما يسمى قانون الانتخابات «الأرثوذكسي» الذي يقود إلى قفزة تاريخية إلى الوراء باتجاه ترتيبات سياسية تشبه التي كانت سائدة في العصر العثماني، عندما مارست كل ملّة وجوداً سياسياً مستقلاً من دون أن تشارك لا بالمبدأ ولا بالفعل في أي مشروع وطني وازن.
    الواقع هو أن المشرق مفلس سياسياً. ففي ظل غياب أفكار وحركات جديدة لتوحيد مجتمعاتنا وتحديد طريق جماعي وعقلاني للمضي قُدُماً، سنغرق أكثر فأكثر في معمعة الانقسام والتفسّخ. ولكن أين هي هذه الأفكار التي ستمضي بنا قُدُماً؟ أين هي نهضة الفكر السياسي التي أضاءت العقود الستة الأولى من القرن الماضي؟ لقد اصطدمت أحلام الوحدة العربية بواقع الانقسام والسلطوية.
    فإذا كنا قد عجزنا عن الحفاظ على الوحدة والحرية حتى في الوحدات الوطنية الصغيرة، فهل كنّا سننجح في وحدات سياسية أكبر؟ بالإضافة إلى ذلك، اصطدمت طموحات الاشتراكية العربية بواقع الفساد وسُوء استخدام السلطة، وجرى إضعاف زخم المجتمع المدني من خلال تأثير الروابط الأسرية والقبلية و «الهويات القاتلة» ذات الانتماءات الدينية والعرقية. وواجهت الاندفاعة لتمكين المرأة الحدود الجامدة للنظام العربي الأبوي السائد. كما فشلت محاولة بناء المواطنة والهوية الوطنية في مواجهة الهويات الطائفية الأكثر قوة.
    في الواقع، كان القرن العشرون هو «القرن الضائع» كما وصفه الراحل الكبير غسان تويني. فها نحن نجد أنفسنا في المشرق في عام 2013، في نقطة انطلاق أسوأ مما كنا عليه في عام 1913. فقد كانت منطقتنا آنذاك تعجّ بالنشاط والتفاؤل لبناء مستقبل عربي مستنير وديموقراطي ومدني. كنا خارجين من خمسة قرون من الحكم العثماني ونتطلّع إلى اقتناص فرص تتيح لنا التحرّر وامتلاك القرار الوطني وبناء نظام سياسي مدني ثقافي اقتصادي جديد.
    واليوم وعلى رغم أنّ مصيرنا في أيدينا ولم نعد خاضعين للهيمنة الأجنبية، ما زلنا نفتقر إلى رؤية موحّدة ومشروع شامل للاستفادة من الفرص التي تنتظرنا. وفي ظل حرص كل جماعة على تعظيم هيمنتها أو الاستفادة منها إلى أقصى حدّ ممكن، دمّرنا المشروع المشترك الذي يمكن أن يوفّر الأمن والكرامة والمشاركة والرخاء للجميع.
    سيستغرق خروجنا من هذا الليل المظلم سنوات طويلة. ولذا علينا أولاً أن نقدّر عمق الانقسام والضعف الذي غرقنا فيه، ومن ثم علينا أن نبدأ في صياغة الأفكار والمشاريع التي يمكن أن تفضي بنا إلى طريق الخلاص من هذا الواقع القاتم. ولا بدّ أن تستند هذه الرؤى إلى مبادئ الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية التي نادى بها واستشهد من أجلها شباب الربيع العربي. ومن ثمّ يتعيّن علينا أن نعمل على تنظيم الحركات الاجتماعية والسياسية التي ستوصلنا إلى الخلاص. ولا شك أن إنجاز ذلك الهدف سيستغرق سنوات طويلة، فقد أهدرنا بالفعل قرناً كاملاً، فدعونا لا نهدر قرناً آخر.


    أطراف النهار - النقب: فصل من الكذبة الكبيرة !
    حسن البطل عن جريدة الأيام
    "سيزيف" أسطورة إغريقية أخرى، ولا أعرف كم مرّة رفع هذا الصخرة من الوادي إلى الجبل، ولكنها قصة حقيقية في النقب، حيث هدمت إسرائيل قرية "العراقيب" 44 مرة، وأعاد سكانها بناءها 43؟
    أشرت، هنا، من قبل إلى "سيزيفية" هذا العناد "ونحن أكثر شعوب الأرض عناداً" كما قال صلاح خلف "أبو إياد" في غير مجال من مجالات صراع محوره الأرض، ومنها تتفرع المجالات.
    تجدون جذور القصة وفروعها في مؤلفات "عارف العارف" وهو خير من دوّن صراع الأرض في النقب، ولكن هذا المؤرخ لم يعش الفصل الحالي من صراع النقب على الأرض بين التهويد الإسرائيلي وسكانه البدو.
    زرت بئر السبع، عاصمة النقب، مرتين إحداهما في الشتاء ففوجئت ولم أفاجأ، فهي مدينة الشوارع المخططة المستقيمة والمتقاطعة، والعمارات العالية، ولم أفاجأ بتهويدها ولا بالروسيات فيها وخلوها، تقريباً، من سكانها الأصليين. بئر السبع عاصمة نقب فلسطين، وأما "عاصمة" سكانها الأصلييين فهي "راهط".
    "راهط" أقرب إلى "مدينة"، لكن 59 مركزاً آخر لبدو النقب تعدّ "قرى غير معترف بها": لا بناء دائماً، ولا تمديدات كهرباء وماء.. وإذا زرع البدو حقولاً من الشعير، قامت طائرات "الدورية الخضراء" بإماتتها بمواد كيماوية.
    "الصهيونية هي تهويد الجليل والنقب" كما قال بن ـ غوريون، وهذه عملية مديدة منذ إقامة الدولة.. ومنذ سنوات بدأ فصل جديد فيها، يتركز حول نزاع على أراض مساحتها 180 ألف دونم، بعد مصادرة مئات آلاف الدونمات قبلها.
    "قوانين الطوارئ" البريطانية و"قوانين الملكية" العثمانية هما ركيزتان في سياسة القمع والتوسع والتقويض الإسرائيلية. تريد إسرائيل "تركيز" السكن البدوي، لكن مقابل السيطرة على الأراضي، علماً أن توارث الأراضي في النقب، قبل إقامة إسرائيل، كان يتم أحياناً شفهياً (الكلمة هي الكلمة) وأحياناً مع سند ملكية، يبرهن على حراثة الأرض عشر سنوات متصلة، وهذا متحقق في الصراع على 180 ألف دونم.
    المساومة اللئيمة بدأت مع لجنة "غولدلبرغ"، والتسوية المجحفة بدأت مع "لجنة برافر" قبل سنوات.. وأخيراً جاء بني بيغن لاقتراح تسوية أخرى، وبدلاً من تسجيل 20% من هذه الأرض ثم 50% عرض بيغن 62,5% للتطويب، وأما بقية مئات آلاف الدونمات المصادرة من قبل فيمكن التعويض الرمزي عليها بالمال البخس!
    بيغن ـ الابن، وهو جغرافي وأحد "أمراء" الليكود، زار الخيام، وشرب القهوة، والتقى مجالس القرى "غير المعترف بها" وأكاديميين من البدو، ونواباً عرباً، وجمعيات حقوق إنسان إسرائيلية.. ثم قدم اقتراحه إلى حكومة نتنياهو، التي فكرت بسلق الاقتراح قبل رحيلها ووضع الجميع أمام أمر واقع.. وهذا لم يتم لأسباب قانونية واعتراضات بدوية.
    صورة حياة البداوة التقليدية لم تعد كما كانت، إلا في ظروف العيش في "قرى غير معترف بها" وهناك أكاديميون ونواب كنيست من بدو النقب، لم يعد يسهل خداعهم والكذب عليهم (مثلاً أنهم يهود في الأصل.. وأسلموا) وتجري في مدينة راهط مهرجانات مركزية في "يوم الأرض" الفلسطيني.
    وفي جانب آخر، تشكو إسرائيل من ديمغرافية البدو العالية التي تماثل ديمغرافية الأصوليين والمستوطنين والمتدينين اليهود.. وأيضاً من تأثير النواب العرب في الكنيست لجهة توعية البدو إلى حقوقهم.
    في السنوات الأولى لإقامة إسرائيل، اتبعت إسرائيل سياسة لئيمة للتهويد، فقامت بطرد قبائل وعشائر إلى الأردن، ثم نقلت قبائل وعشائر أخرى إلى أرض القبائل المطرودة، وفي الحالتين اعتبرت الأراضي "أرض دولة" مباشرة أو غير مباشرة، ثم لاحقت البدو المطرودين من النقب إلى الضفة، وتقوم بإبعادهم عن ما تسميه "أراضي دولة"، أيضاً، فهي الوريثة للانتداب وقوانينه، وللحكم الأردني.. وطبعاً لقانون الأراضي العثماني، وها هي تحاول نزع ملكية الفلسطينيين لمعظم أرض الضفة باعتبارها "أرض دولة" تخضع لاعتبارات "المنطقة ج".
    في الضفة تحاول إسرائيل التمييز بين استيطان على "أراضي الدولة" وآخر على "أراض بملكية خاصة" ولكنها تتجاوز هذا التمييز" وتسطو على "أراض خاصة" في الكثير من الحالات.
    في نقب فلسطين أرض أكثر من كافية للتدريبات العسكرية، ولكن إسرائيل تتذرّع بها، أيضاً، في الضفة لإبعاد البدو وغير البدو ومصادرة أراضيهم.. وحتى ردم وهدم آبار جمع مياه المطر؟!
    القصة الكبيرة بدأت من الكذبة الأكبر: شعب بلا أرض لأرض بلا شعب.. "داود وجوليات" صارت معكوسة ولكن "سيزيف" الفلسطيني! قصة مستمرة.

    من برافر .. إلى بيغن: قضية النقب المنسية !!
    هاني حبيب عن جريدة الأيام
    بينما كنت أتابع عملية الاقتراع أثناء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إسرائيل، لفت نظري وقائع هذه العملية لدى الجماهير العربية في النقب، ولاحظت أن هناك عدداً من القرى العربية، لم ولن يتمكن أهلها من القيام بحقهم الانتخابي إذا رغبوا، نتيجة لوضعهم "الخاص" الذي يمنعهم من الناحية العملية، الادلاء بأصواتهم، إذ إن العديد من قرى النقب تصنف في إسرائيل باعتبارها "غير معترف بها" وهذا يعني ببساطة قاتلة، عدم قيام الدولة بتوفير الخدمات العادية الضرورية لسكان هذه القرى، كما تمتنع شركات المواصلات والنقل، العامة والخاصة، عن إقامة محطات أو التوقف عند هذه القرى، كما أن لجنة الانتخابات المركزية، لا تضع صناديق انتخابية للاقتراع في هذه القرى، وتوقفت أثناء متابعتي عند قرية اسمها "أم النعم" لا تنعم بأية خدمة من الخدمات الضرورية للحياة، وقد أغراني الاسم بمتابعة، الشأن العربي في النقب والاهتمام بهذه المنطقة الحيوية والمنسية في فلسطين المحتلة.
    وفوجئت، خلال متابعة عملية الاقتراع أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عقد اجتماعاً لحكومته ـ الانتقالية ـ في الوقت الذي كان من المنتظر فيه أن يكون متابعاً للانتخابات ونتائجها، وتبين أن الأمر جد مهم وخطير، إذ إن هذا الاجتماع الحكومي، كان يهدف إلى إقرار مشروع بيني بيغن حول "أراضي النقب" ويبدو أن نتنياهو، بعدما علم أن الحكومة القادمة، لن يكون بوسعها المصادقة على هذا المشروع، فإن الفرصة الزمنية محدودة لإقرار هذه الخطة، لكي تصبح أمراً واقعاً، ومع أن الحكومة الانتقالية، هي حكومة تسيير أعمال من الطبيعي أن لا تقدم على اتخاذ قرارات يمكن تأجيلها، وأنها فقط يمكن لها اتخاذ قرارات مصيرية ولا يمكن تأجيلها، فقد لوحظ أن هذا التسرع من قبل نتنياهو، أن الأمر بالغ الخطورة والأهمية، وفقاً لحساباته ورؤيته لعملية التهويد المستمرة بلا انقطاع.
    منذ العام 1948، قامت إسرائيل بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، أما في النقب، كجزء من هذه الأراضي فقد صادرت مئات آلاف الدونمات، وجمعت عشرات آلاف المواطنين العرب في سبع بلدان تفتقر إلى البنية التحتية لظروف الحياة الطبيعية الملائمة، وحسب الإحصاءات الإسرائيلية، فإن هذه البلدات تعاني من أعلى مستويات الفقر والبطالة على الإطلاق، إلاّ أن هذه البلدات، رغم كل ذلك، أفضل حالاً من سكان قرى أخرى، رفضت إسرائيل الاعتراف بها، وهي غير موجودة على الخارطة لا شكلاً ولا عملاً، يعيش فيها قرابة مائة ألف شخص.
    في عهد رئيس الحكومة الأسبق أولمرت، تشكلت لجنة تحقيق خاصة سميت باسم رئيسها "غولدبرغ" أوصت بمصادرة مئات آلاف الدونمات والإبقاء على غالبية القرى غير المعترف بها، إلاّ أن حكومة نتنياهو، لم تجد في هذه الخطة ما يكفي من السطو على أراضي القرى غير المعترف بها، ولاحقتها من خلال تشكيل لجنة تحقيق ثانية، سميت باسم رئيسها أيضاً "برافر" لوضع خطة لتحقيق توصيات اللجنة السابقة والأخذ بالاعتبار، إنهاء حالة القرى غير المعترف بها، ليس من خلال الاعتراف بها بطبيعة الحال، بل بواسطة تهجير وتشريد سكانها، وجاءت خطة برافر، كما أراد لها نتنياهو أن تكون: ترحيل قرابة 30 ألف مواطن فلسطيني ـ التقديرات تقول إن الرقم يبلغ 70 ألفاً، وتدمير 30 قرية قائمة، والإبقاء على عشر قرى أخرى، ومصادرة 800 ألف دونم من مجموع 900 ألف دونم هي ملكية المواطنين العرب الفلسطينيين!!
    وشهدت فترة حكم نتنياهو، عمليات الاقتلاع والمصادرة وهدم البيوت والقرى تنفيذاً لخطة "برافر" هذه غير أن صلابة موقف أهالي القرى في النقب، وعدم الاستسلام لإرادة الاحتلال، وإعادة بناء ما تهدمه قوات الاحتلال فرض على حكومة نتنياهو واقع أن ليس بالإمكان تنفيذ هذه الخطة عملياً، ما أدى إلى تجميد العمل بها، وإتاحة المجال لمناقشة "تعديلات" تقدم بها بيني بيغن، الوزير في حكومة نتنياهو، وهو ما تم في المناقشة التي جرت في اجتماع الحكومة الإسرائيلية المشار إليها آنفاً، أما ما قيل بشأن "التعديلات" فإنها لا تمس جوهر خطة برافر، إلاّ من حيث الفوارق الزمنية في التطبيق، وقد بنت حكومة نتنياهو بشكل نهائي هذه الخطة في اجتماعها الأحد الماضي.
    ولم يتبق أمام المواطنين الفلسطينيين في النقب إلاّ المزيد من الصمود في وجه عملية الاقتلاع المنهجية هذه، وليس هناك من خيار آخر، غير أن المؤلم في هذا الأمر، أن هذه القضية رغم مخاطرها، لا تزال قضية منسية، لا تقترب منها وسائل الإعلام كثيراً، وبالكاد يتذكرها النواب العرب في الكنيست، وعلى المستوى الشعبي، فإن تحركات محدودة في المناسبات، تضع هذه القضية في الاهتمامات المؤقتة، مع أن هذه المسألة لا تقل خطورة، عن قضايا الاقتلاع والمصادرة في القدس والضفة الغربية وفي النهج التمييزي العنصري الذي تمارسه حكومة الاحتلال الإسرائيلي إزاء شعبنا الفلسطيني في كافة مناطق 1948، ولم تأخذ هذه المسألة حقها في المجالات الإعلامية والسياسية والحقوقية والقانونية وحتى الأخلاقية، إذ تتم عملية سرقة مكشوفة ومعلنة بوقاحة سارق يعيد محفظة مسروقة إلى صاحبها من دون أن يعيد النقود التي كانت بها، ويهدد السارق المسروق باسترجاع المحفظة الفارغة إذا ما اعترض.
    لقد آن الأوان، كي يتم التعامل مع هذه المسألة، كباقي قضايا العنصرية والتمييز والاقتلاع الأخرى على الأقل، والاكتفاء بالثقة بقدرة المواطنين الفلسطينيين في النقب على الصبر والصمود، غير كافٍ بطبيعة الحال، وهم بحاجة إلى مؤازرة حقيقية فاعلة، خاصة من قبل أهلنا في كافة مناطق 1948، كي لا تظل هذه القضية منسية، كما كانت على الدوام!!


    نتنياهو قبل وبعد الانتخابات
    أشرف العجرمي عن جريدة الأيام
    لا شك أن نتيجة الانتخابات العامة التي جرت قبل أيام في إسرائيل تعتبر ضربة موجعة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فهي من حيث عدد المقاعد التي حصل عليها ائتلاف "الليكود - يسرائيل بيتينو" في البرلمان (31 مقعداً) تشكل خيبة أمل كبرى حيث كان نتنياهو وشركاه يتوقعون الحصول على أكثر من 40 مقعداً، أي التحول إلى الحزب الكبير الذي تتمحور حوله الأحزاب الصغيرة الأخرى والذي يضمن له تشكيل حكومة مستقرة ومريحة مع من يشاء من الأحزاب و الحركات الأخرى وعلى قاعدة برنامجه هو. وعملياً صوت الإسرائيليون ضده بحجب ثقة نسبي عنه ورفضوا سياسته الداخلية والخارجية، وخاصة السياسة الاقتصادية التي اعتمدها خلال السنوات الماضية والتي أضرت بصورة ملموسة بالطبقة الوسطى في إسرائيل عدا الطبقات الفقيرة، وكانت عملية التصويت امتداداً لحركة الاحتجاج الاجتماعي التي بدأت في صيف العام 2011 والتي رفعت مطالب اقتصادية - اجتماعية ضد سياسة الحكومة وضد الغلاء الفاحش في أسعار الوقود والحاجيات الاستهلاكية الأساسية ومن أجل توفير مساكن للشباب، والتي ساهمت في فوز حركة "ييش عتيد" بزعامة السياسي الجديد يائير لبيد بالمكانة الثانية بعد ائتلاف نتنياهو- ليبرمان وحصوله على 19 مقعداً.
    كما أنه تصويت ضد سياسته الخارجية القائمة على تخويف الإسرائيليين من البعبع النووي الإيراني الذي يتطلب قائداً بمستوى نتنياهو يعرف كيف يتعامل معه. وهذا هو السبب الذي أغرى رئيس "كديما" شاؤول موفاز للانضمام إلى حكومة نتنياهو ما ساهم في إضعاف "كديما" بل تدميرها، عندما لم يحقق موفاز شيئاً من برنامجه على أي مستوى من المستويات. وتصويت ضد سياسة نتنياهو القائمة على استبعاد العملية السياسية مع الجانب الفلسطيني واستبدالها بسياسة استيطانية ساهمت في زيادة عزلة إسرائيل وفشلها في منع الفلسطينيين من الحصول على الاعتراف الدولي بدولتهم بأغلبية أصوات دول العالم الساحقة. على الرغم من أن قسماً كبيراً من الجمهور يصدق الأكذوبة التي تقول إنه لا يوجد شريك فلسطيني للتفاوض ومقابلة يد نتنياهو الممدودة للمفاوضات دون شروط. فهو اضطر من أجل كسب أصوات الجمهور اليميني إلى الكشف عن وجهه الحقيقي عشية الانتخابات عندما أعلن رفضه لفكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ورفض مبدأ حل الدولتين.
    الآن يحاول نتنياهو استبدال فكرة الحزب الكبير القائد بائتلاف واسع مستقر ولكن هذا ليس سهلاً، ليس بسبب إحجام الأحزاب والقوائم الانتخابية عن المشاركة في الحكومة، فإغراء الحكومة يؤثر على عدد كبير من السياسيين، ولكن لأن الشركاء المحتملين يختلفون حول العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فعلى سبيل المثال هناك خلاف جوهري بين حركة (يوجد مستقبل) برئاسة يائير لبيد وبين الأحزاب الدينية الأصولية حول ما يقول عنه لبيد تقاسم العبء في الدولة كناية عن فرض الخدمة العسكرية على الأصوليين اليهود والمواطنين العرب. وهناك تناقض في المواقف السياسية حول التسوية وحل الدولتين بين حركة لبيد من جهة وتكتل "الليكود - يسرائيل بيتينو" و(البيت اليهودي) بقيادة نفتالي بينت من الجهة الأخرى. وتوجد خلافات حول سياسة نتنياهو الاقتصادية وفي هذا يلتقي لبيد مع بينت ومع حركتي "شاس" و "يهدوت هاتوراة" بشكل نسبي ضد نتنياهو.
    وما يهم نتنياهو الآن هو تشكيل الحكومة بأوسع تشكيل ممكن حتى لا يكون تحت رحمة يائير لبيد أو أي حزب أو حركة أخرى وخاصة الأحزاب الدينية التي شكلت فيما بينها جبهة واحدة لتعزيز موقفها في الحكومة القادمة. وحتى لا يفشل وتنتقل الكرة إلى لبيد الذي لم يخف في لقاء تليفزيوني رغبته في ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة في الانتخابات القادمة علماً أن موضوع تغيير طريقة الحكم مطروح على جدول أعمال الحكومة القادمة، حيث من المرجح جداً العودة إلى انتخاب رئيس الحكومة مباشرة من الشعب. ويعتقد نتنياهو أنه عندما يشكل حكومة يضمن لنفسه على الأقل سنتين في الحكم كرئيس حكومة يمكنه أن يدجن فيها الأحزاب الأخرى وربما إضعافها كما حصل مع "كديما" في السابق.
    وبعد الفشل في تحويل الموضوع الإيراني إلى رأس أولويات الحكومة وتوجيه ضربة لإيران بدعم من الولايات المتحدة وتحت غطائها، بعدما رفضت إدارة أوباما صراحة قيام إسرائيل بضرب إيران بل وسخرت من قدرتها على تدمير البرنامج النووي الإيراني، وبعدما رفض رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي ورؤساء الأذرع الأمنية في إسرائيل هذه الفكرة ورفضوا ادعاءات نتنياهو بتجاوز إيران للخطوط الحمراء في تطوير الذرة على المستوى العسكري، يلجأ نتنياهو في هذه الأيام إلى الترويج لفكرة انتقال أسلحة الدمار الشامل السورية وخاصة السلاح الكيماوي إلى أيدي "حزب الله" والقاعدة بعد تفكك الجيش السوري وفقدان سيطرته على مواقع تخزين هذا السلاح ،أو قيام النظام السوري كنوع من الانتقام بتحويل قسم من السلاح لحلفائه في لبنان. فمن جانب يريد نتنياهو الإيحاء للأحزاب الأخرى بأهمية المشاركة في الائتلاف الحكومي على خلفية التحديات الكبيرة التي تواجه إسرائيل، وهذا يأتي على خلفية نشر بطاريات صواريخ "بتريوت"، وبطاريات القبة الفولاذية في الشمال. ومن جانب آخر يحاول التمهيد لما يقولون في إسرائيل أنه ضربة وقائية ضد سوريا لمنع تسرب السلاح الكيماوي. وهكذا يبدو أن نتنياهو قبل الانتخابات هو نتنياهو بعد الانتخابات مع فارق بسيط هو ضعف حزبه وائتلافه اليميني، الذي لم يفلح في السابق على الاتفاق على تمرير موازنة العام 2013، واضطر إثر ذلك إلى تقديم موعد الانتخابات. ومهما يكن ائتلاف نتنياهو وحكومته القادمة من المتوقع أنها قد لا تعمر طويلاً، ومن الواضح أنه لن يغير من سياسته إلا إذا تعرض لضغوط قوية خارجية وداخلية. ونحن نستطيع أن نساهم في ذلك إذا امتلكنا زمام المبادرة وخرجنا من دائرة الانتظار وردود الأفعال.

    عـــن "الـــلا إخـــوانــيــة"
    علي جرادات عن جريدة الأيام
    بخطاب "شيطنة" الخصوم، و"تأليه" الذات، وبناء تنظيم "إسبارطي" حديدي الانضباط، نجحت جماعة "الإخوان" المصرية في كسْبِ قاعدة شعبية واسعة رفعتهم إلى السلطة بعد ثمانية عقود من الوجود في صفوف المعارضة. لكن اللافت والحامل لمفارقة تحتاج تفسيراً، هو أن تكون ثمانية شهور، (فقط)، من الوجود في السلطة كافية لإظهار فشل الجماعة في الحكم والحفاظ على شعبيتها، بل، وكافية لتأسيس معارضة سياسية وشعبية آخذة بالتوسع والتعمق والتوحد ضد سلطتها. بوسع قيادة "الإخوان" تفسير الأمر كله بكراهية خصومها المسبقة، (الأيديولوجية)، للجماعة، بل، وبوسعها أن ترفع هذا التفسير إلى منزلة اتهام خصومها بـ"اللا إخوانية"، وكأن "اللا إخوانية" هذه جاءت رغماً عن تاريخ ممارسات الجماعة المعارضة والسلطة، وليس بفضل، وبسبب، هذا التاريخ المتخم بـ"تـأليه" الذات وتفضيلها على الموضوع. وبتقديم الحزبي على الوطني. وبمساواة برنامج ثورة 25 يناير العام ببرنامج الجماعة الخاص. وبمساواة الواقع المتحرك بالأيديولوجي الثابت، كأنه هو.
    هذا ناهيك عن عدم إدراك أن ما بعد ثورة 25 يناير هو غير ما قبله تماماً؛ وأن زمن الحزب الواحد قد ولى إلى غير رجعة؛ وأن زمن "الحاكم بأمره" في تجربة "نظام الملة العثماني" صار خارج الممكن التاريخي؛ وأن زمن تحصين قرارات السلطة التنفيذية ضد رقابة القضاء الشعب، قد انتهى؛ وأن العودة إلى قانون حالة الطوارئ، وإجراءات فرض حظر التجول، صارت غير مجدية في التعامل مع جماهير مدن قناة السويس الثائرة التي سخرت منها، وتحدتها، ناهيك عن أنها لن تكون مجدية، (بالتأكيد)، مع جماهير بقية المدن المصرية، وخاصة العاصمة والإسكندرية؛ وأن شعباً ثار لن يهدأ إلا بتحقيق مطالبه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؛ وأن حسماً سريعاً ومستقراً لنتائج ثورة 25 يناير المختطفة غير ممكن، ما دام الشباب الذي نال شرف إطلاق شراراتها طاقة ثورية موضوعية فاعلة يلتف الشعب حولها؛ وأن الاتكاء على التحالف مع الولايات المتحدة الناهبة إياها لمواجهة الشريك الوطني المطالب باستكمال تحقيق مطالب الثورة لن يحصد سوى ما حصده نظام مبارك المخلوع إياه من هذا التحالف المفضي إلى ضرب الاستقلال والسيادة الوطنيين؛ وأن التهدئة مع إسرائيل العدوانية التوسعية إياها من أجل التفرغ لتثبيت التفرد بالسلطة وإقصاء المنافسين، (شركاء الأمس)، عنها، لن يحصد سوى ما حصده "ذخر إسرائيل الإستراتيجي" المُطاح، مبارك، من خضوع وطني للشروط الأمنية الإسرائيلية؛ وأن استمرار العداء الأيديولوجي للتجربة الناصرية، بكل ما لها من انجازات وطنية وقومية واجتماعية، رغم ربع كأسها الفارغ، لن يفضي إلا إلى زيادة التمسك الشعبي المصري، بل، والعربي، بهذه التجربة، وإلا لكان بلا معنى العودة غير المسبوقة إلى رفع صورة قائدها في ميادين الثورة المملوءة عن بكرة أبيها بملايين بسطاء المصريين يهتفون بشعارات "يسقط.. يسقط حكم المرشد"، و"الريِّس قالها مِن زمان....الإخوان مالهمْشِ أمانْ"، بل، وإلى مفاجأة أن يحصل رمز تجديد هذه التجربة، حمدين صباحي، على ملايين الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية؛ وأن اتهام المنافس الوطني بـ"الكفر" صار عملة عتيقة؛ وأن تهمة "الفلول" وتلقي التمويل الأجنبي ونشر الفوضى أصبحت بمثابة نكتة، خاصة وأن هذه التهم صادرة عن جماعة مجهول مصدر تمويلها، ومكشوفة صفقاتها مع بقايا النظام المخلوع، ومعروف حدَّ الفضيحة تبنيها لسياسته الخارجية والاجتماعية الاقتصادية إياها المنحازة لطبقة سماسرة كبار رجال المال والأعمال والتجار الكمبرادورية الفاسدة والمفسدة والمرتهنة على حساب عشرات ملايين المصريين المطحونين بالفقر والبطالة والأمية والعيش في "العشوائيات" والمقابر.
    على أية حال، بوسع قيادة جماعة "الإخوان" أن تتجاهل كل ما سبق من أسباب ملموسة تفسر مفارقة أن تكون ثمانية شهور، (فقط)، من الوجود في السلطة، كافية لضرب مصداقية سياسية وشعبية احتاج "الإخوان" إلى ثمانية عقود لبنائها، بل، وأن تكون كافية لإنتاج ظاهرة "اللا إخوانية"، لا على مستوى الشعب المصري وقواه الوطنية وشبابه الناهض، فحسب، بل، وعلى مستوى بقية الشعوب العربية، أيضاً. هنا، وبعيداً من التفسيرات "الإخوانية" الأيديولوجية ، ثمة مفارقة ترتقي إلى حدود الظاهرة التي يصعب تفسيرها من دون الاتكاء على، واستخدام، مقولات، وأدوات تحليل، علم الاجتماع السياسي، أولاها تلك القائلة بضرورة عدم الخلط، (بوعي أو بجهالة)، ما بين السيطرة والهيمنة، كمفهومين كثيراً ما يتم اعتبارهما مترادفين، والحقيقة أنهما مختلفان. إذ صحيح أن كلا منهما تعني سيادة على آخر، إلا أن السيطرة تعني سيادة قائمة على إكراه المسود، سواء قاوم أو لم يقاوم، وهذا ما تمارسه، بالتمام والكمال، سلطة "الإخوان" الناشئة، بينما تعني الهيمنة سيادة قائمة على قبول المسود، سواء عبَّر قبوله عن وعي حقيقي لمصلحته، أو عن وعي زائف لها، وهذا ما يصعب على سلطة "الإخوان"، بطبيعتها المحافظة، تمثله. هذا على الرغم من أنه كان لافتاً، وذا معنى، (مثلاً)، إيراد المهيمن كواحد من أسماء الله الحسنى، بينما جاءت سيادة المُسيطر مذمومة لقوله تعالى مخاطباً رسوله: "لستَ عليهم بمسيطر"، ولقوله: "وجادلهم بالتي هي أحسن".
    عليه، لئن كان في غير وسع جماعة الإخوان المسلمين" أن تدرك، حتى، تمييز الدين اللغوي بين السيطرة والهيمنة، فإن من باب أولى ألا تدرك فرق المضمون بينهما، وهو الفرق الذي كان المفكر المناضل الإيطالي، غرامشي، قد طور صياغة هيغل، فماركس، له، مقدِّماً بذلك أهم نقد ماركسي للفهم "الستاليني" لموضوعة السلطة، وهو ما أُعتبر من أهم مساهمات غرامشي النوعية، في النظرية، عموماً، وفي علم الاجتماع السياسي، خصوصاً، بالقول:
    حيثما تلجأ السلطة، (أي سلطة)، إلى قيادة الناس بالإكراه، واستخدام وسائل القوة العارية، وإقصاء الآخر، تكون سيادة "السيطرة"، المرادفة للديكتاتورية بنظاميها: الطغيان، (غياب القانون)، والاستبداد، (التعسف في تطبيق القانون)؛ وهو ما يفضي، تلقائياً، ومنطقياً، إلى لجوء المعارضين لمثل هذه السلطة، إلى اتخاذ العنف، (المواجهة الشاملة كما سماه)، سبيلاً، أساسياً، لإسقاطها. بينما تفضي سلطة قيادة الناس بالإقناع، وقبول التنافس مع الآخر، إلى سيادة "الهيمنة" (hegemony)، المرادفة للديمقراطية البرجوازية الليبرالية، بأشكالها، ومستوياتها، سياسياً واجتماعياً؛ وهو ما يضطر المعارضين لمثل هذه السلطة، تلقائياً، ومنطقياً، أيضاً، إلى اتباع طرائق النضال الجماهيري السلمي، و"حرب المواقع البرلمانية"، سبيلاً، أساسياً، للوصول إلى السلطة، والتداول السلمي لها.
    بقي القول: كان المظهر السلمي هو المظهر الطاغي في ثورة 25 يناير، لكن يبدو أن قيادة جماعة "الإخوان المسلمين" التي لم تحظَ بشرف إشعال أو قيادة هذه الثورة، تصر على دفع موجتها المتجددة في الذكرى السنوية الثانية لاندلاعها، نحو متاهات عنف لا تحمد عقباه على مصر الدولة والشعب والمجتمع والدور والمكانة، لكن الأمل، كل الأمل، يبقى في ما تبديه القوى الوطنية والائتلافات الشبابية، من صبرٍ، وطول نفس، وحرصٍ على استمرار سلمية ثورة شعبهم حتى تحقيق مطالبها، وفي ما يبديه جيش مصر الوطني، (حتى الآن)، من حرصٍ على حماية مقدرات مصر الدولة وممتلكاتها، إنما دون حماسة للتعرض لجماهير الشعب المصري وتظاهراته السلمية كما تدعوه إليه جماعة "الإخوان" التي لم تكتفِ بالخروج من الميدان، فقط، بل، تصر، أيضاً، على قمع احتجاجاته السلمية المتجددة التي بفضلها، أساساً، وأولاً، بلغت السلطة المُراد استخدامها وسيلة لإعادة إنتاج النظام المخلوع، وإن بحلة جديدة، و"أيادٍ متوضئة"، ومناورات مكشوفة عمادها لعبة "الغاية تبرر الوسيلة" البائسة، التي لم تحصد حتى الآن غير ظاهرة "اللا إخوانية"، ونظن أنها لن تحصد في المستقبل غير توسيع هذه الظاهرة وتعميقها، مصرياً وعربياً في آن.

    زي شرعي ... بالحُسنى!
    توفيق وصفي عن جريدة الأيام
    ارتدت ابنتي الكبرى الحجاب وهي في الرابعة عشرة، بعد تعرضها لضغط "بالحسنى" تارة وبالإقصاء تارة من عدد من المدرسات آنذاك، بالإضافة إلى مضايقات من مراهقي المنعطفات المؤدية إلى المدرسة، مؤثرة السلامة في كل الأحوال، بالرغم من إقرارها وهي تنزع المنديل لحظة عودتها إلى المنزل بأنه يخنقها!.
    كان هذا في أواخر القرن العشرين، أما في العقد الثاني من القرن الحالي فقد ازدادت الصورة كوميدية وتراجيدية في آن، فابنتي الصغرى ذات الخمسة عشر ربيعا التي أنعم الله عليها بشعر جميل وتصلي وتصوم تطرح فجأة عزمها على التحجب، منوهة إلى أن ذلك سيقتصر على المدرسة. وبعد حوار استقصائي لمعرفة دافعها للتحجب أوجزته في أن النظرة السائدة للسافرات في أوساط الطالبات والمعلمات سلبية، وأن المحجبة هي الأفضل والأكثر جنيا للمدائح، حتى لو كانت ضعيفة دراسيا ورعناء، غير أنها عدلت عن تغيير شكلها بعد اقتناعها بأن هذه حرية شخصية، وليست مقياسا لحسن السلوك أو سوئه.
    واليوم أسوق حكاية ابنتَي مع الحجاب ليس لأني ضد ارتدائه، فزوجتي محجبة بقرارها الشخصي الذي أحترمه، وكذلك شقيقاتي وعماتي وخالاتي، وأعتبر أنه يقي الفتيات والنساء الفاضلات من وقاحة العيون والألسنة والأيدي في بيئة متعصبة، يغلب عليها لون واحد، لكنني أرى أن وضعه في مرتبة القوانين والإلزام انتهاكٌ لحرية المرأة في شأن يخصها، ما دامت لا تتعرى ولا تتمايل ولا تُغوي في مكان عام، بل أرى أن إجبار طالبات جامعيات على ارتداء الحجاب دون قناعة ورضا تام قمعٌ لا يقل قسوة عن منع فتيات محجبات من دخول عدد من الجامعات الأوروبية، لعله الوجه الآخر من حضارة القرن الحادي والعشرين، قبحه الله من قرن.
    والمثير للسخرية تلك الإشارات من إدارة جامعة الأقصى وعدد من مسؤوليها إلى أن القضية تتعلق بنحو 1% أو 2% فقط من الطالبات، لأن 98% منهن كما يقول أحدهم ملتزمات، لكنه يؤكد أن هذا الأمر (فرض الحجاب) ليس بالجديد، وكأنه يشدد على سريان مفعوله، بالرغم من كونها جامعة حكومية، من المفروض أن تكون للجميع، السافرات والمحجبات.
    واللافت أن الأغلبية الساحقة من الطالبات اللاتي تحدثن للصحافة رفضن مبدأ الإلزام والفرض في قضية تتعلق بالحرية الشخصية بمن فيهن الطالبات المحجبات، دون أن ينفين تأييدهن للحجاب ورفضهن المبالغة في التبرج وضيق الملابس، لكنهن أكدن أن السبيل لذلك التوعية والدعوة للسلوك التحجبي بـ "الحسنى".
    رئيس الجامعة نفسه يقول: إن الأمر "لا يُقصد به الفرض بقدر ما هو أن ترتدي الطالبات اللباس الذي يليق بهن جامعيا"، مردفا أنه يعني اللباس المحتشم الذي لا يثير! يثير مَن يا دكتور، فالكلية كلها بنات باستثناء الأساتذة والإدارة، والمفترض أن هؤلاء آباء وإخوة لا يثيرهم ضيق البنطلون ولا طول التنورة ولا الجاكيت.. قرار وبالحسنى، أكاد أضحك وأبكي في آن!
    أخشى ما أخشاه أن حملة "ترسيخ القيم الفاضلة" التي لا ينفصل عنها قرار تحجيب طالبات جامعة الأقصى تهدف ضمن أهدافها إلى ترسيخ لون واحد للمجتمع الغزي، وهي من مظاهر الانعزالية والإقصائية بالقانون، لون واحد، شكل واحد، مفهوم واحد، وماذا أيضا؟
    المثير للاستهجان وربما التهكم أن عدد مسيحيي غزة لا يشكل 1% من سكان القطاع المسلمين السُّنَّة، إذ لا تكاد ترى ثلاث أو أربع فتيات سافرات بين كل ألف أنثى في غزة، ويكاد المصلون والصائمون فيها يزيدون على 90% من أهلها، فلِم كل هذا التشدد والقسوة وانتهاك الحريات، ليقال "هذا مظهر طالباني أو إخواني"، إلا إن كان ثمة توجه لصبغ كل شئ بلون إسلاموي، وما عدا ذلك سيُحسَبُ خارجا على شرعهم أو فاسقا من الطابور الخامس؟
    هذا من جانب، ومن جانب آخر كيف يتسق هذا السلوك وغيره من أشكال التلوين الوحداني مع المصالحة العتيدة، هل يعني هذا أن غزة ستظل كما هي والضفة كذلك؟ ممنوع السفور والجينز في غزة ومسموح في الضفة؟ ترى مسؤولية من بالتحديد بلوغنا هذا المسار؟ هل نحن بصدد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتأتي أيام يجبرنا فيها صبي أو راشد ملتحي على التوجه للصلاة في المسجد، ولو كان المرء منا جُنبا؟
    أما جامعة الأقصى فإن عليها قبل أن تثير الدنيا وتربك طالباتها وذويهن بهذه القرارات الرجعية أن تلتفت إلى مهمتها الأساسية في التعليم وتطوير طلبتها، فأهل هؤلاء الطالبات يدفعون أموالا لتعليمهن، وليسوا بحاجة لمن يربيهن، إلا إن كانت الجامعة قد أصبحت تابعة لوزارة الأوقاف أو جهاز الدعوة في حكومة حماس!
    وحسنا فعلت الجامعة بعودتها عن قرار التحجيب الإلزامي وإلغائه، بعد أن فوجئت بردود فعل غير متوقعة، بالرغم من مخاوف تجدد تفعيله، بعد أن تهدأ الزوبعة التي أثارها!.




    حياتنا - طيور واخوان
    حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
    تحط طيور على الطاولة وانت تتناول الطعام على حافة بركة الماء في فندق رويال مريديان في ابو ظبي، وتلتقط طعامها من طعامك دون ان تخشى من الانسان، فقد اعتادت على الاقتراب من البشر دون خوف لأن قوانين الامارات تحظر المس بالطيور، فصرت تجدها في كل مكان، وقد حاولت شراء منشار آلي للأشجار فكان اصحاب المتاجر يستهجنون الطلب، لأن قوانين الامارات تمنع قطع الأشجار اوالمس بها .. ومع ذلك فان هذا التعايش بين البشر والشجر والطير يخدشه أحيانا بعض ممن لا يريدون لدولة الامارات خيرا، فقد أحالت النيابة العامة الى المحكمة 94 مواطنا اماراتيا بتهمة العمل على قلب نظام الحكم والتآمر وبث الاخبار التحريضية واقامة شركات لخدمة التنظيم والاتصال بجهات خارجية هي جماعة الاخوان المسلمين، ولم تحول النيابة بعد تسعة مصريين آخرين اعتقلوا على خلفية تشكيل خلايا لجماعة الاخوان في مصر وهذا أدى الى توتر العلاقات بين الجماعة الحاكمة في مصر ودولة الامارات التي رفضت الافراج عن المعتقلين باعتبار ان قضيتهم تمس أمن الدولة وتعالج قانونيا وليس سياسيا.
    دول الخليج عامة كانت وربما ما زالت على مر العقود الماضية الملجأ الآمن لجماعة الاخوان وأفرادها الذين وجدوا أرضا خصبة في العمل والتداخل مع التيارات الدينية والجمعيات الخيرية في هذه الدولة وممارسة النشاط العلني خاصة اخوان مصر إبان الحقبة الناصرية فجمعوا الأموال الوفيرة من المساجد وأموال الزكاة والتبرعات وجندوا العناصر، وبعد ما يسمى بالربيع العربي نشطت خلاياهم النائمة مجددا لخدمة الجماعة في مصر وبعضهم ذهب بعيدا في محاولة خلق بؤر ناشطة لقلب نظام الحكم كما حدث في الامارات، ذلك ان الاخوان يرون الحاجة الملحة في الاستحواذ على الحكم في بلد ثري لتمويل تمددهم على مستوى العالم العربي والاسلامي واتخاذه قاعدة متقدمة في المشرق العربي، وخرجت تصريحات علنية من بعض قادة الاخوان في مصر وتونس بهذا المعنى حول السعودية والامارات وخرجت ايضا تسريبات حول الكويت والاردن كمحطة تالية بعد سوريا، حيث ان دولة قطر اجتهدت لتنصيب جماعة الاخوان على رأس المعارضة السياسية في مؤتمر الدوحة مع انهم ليسوا الفاعلين الأقوى على الارض في سوريا. ومشكلة الاخوان دائما هي التحالف الخطأ في الوقت الخطأ ومن موقع التبعية وليس الند.. فقد تحالفوا مع الانجليز في مصر ضد حزب الوفد .. وتحالفوا مع ثورة يوليو بعد نجاحها ثم انقلبوا عليها بعد ان فشلوا في السيطرة عليها .. وتحالفوا مع اعداء عبد الناصر عربا وأميركان وانجليز .. ثم تحالفوا مع السادات ضد التيار القومي والاشتراكي في مصر ثم انقلبوا عليه .. وتحالفوا مع نظام مبارك سراً ودخلوا الانتخابات أكثر من مرة تحت مسميات مختلفة بالتوافق مع النظام .. ونأوا بأنفسهم عن المقاومة الفلسطينية ثم تحالفوا معها بعد قيام السلطة وأعدوا سرا للانقلاب عليها وهو ما حدث لاحقا في غزة. وقد ظنوا ان الضوء الاميركي الاخضر في مصر سيتيح لهم التغلغل في كل البلاد العربية باعتبارهم الحصان الرابح الذي تراهن عليه السياسة الاميركية لقمع التيار الجهادي والقومي وقطف ثمار الربيع العربي طالما ضمنوا المصالح الاميركية والاسرائيلية في المنطقة، ولهذا نلمس النبرة الاستعلائية في خطابهم السياسي تجاه بعض الدول وتجاه قوى الثورة الاخرى في البلاد التي شهدت خلع أنظمة، ومن هنا نفهم محاولة النظام المصري الجديد مد يده نحو ايران لتحييد قوة كبيرة يرون فيها منافسا مستقبليا لهم على مستوى الساحة العربية في المشرق ويحاولون تهدئة العلاقات معها حتى يتاح لهم العمل دون ازعاج في مخطط الاستحواذ على البلاد العربية تباعاً بدعم اميركي بائن.
    في الحالة الاماراتية ليس هناك مبررات »اخوانية« تبيح التآمر لأن دولة الامارات كانت منذ نشأتها حاضنة وداعمة للقوى العربية القومية والاسلامية دون تمييز، لكنها في الوقت نفسه حرصت على عدم زج نفسها في الصراعات البينية واجتهدت لدعم أغلب الاقطار العربية بمشاريع ضخمة لم يسبقها اليها أحد خاصة مصر، لكن ثمة عداء يكنه الداعية يوسف القرضاوي للامارات منذ فترة طويلة خاصة بعد منعه من دخول الامارات، وهو الذي بادرالى شن حملة منبرية ضد هذه الدولة كما شنها ضد آخرين متخذا من قطر منبرا له في قلب الخليج، فالدولة الاماراتية لديها فلسفة خاصة تجاه الآخرين على أرضها وهي عدم المس بالنسيج الاجتماعي الداخلي، فالوافد جاء ليعمل ويعيش وليس لنقل أفكاره وأحزابه اليها .. وهي تعي ان رياح »الربيع« العربي باتت تتحول الى رياح سموم في بلدانها وتريد درء هذا الخطر عنها بأية وسيلة .. فهي عمليا بين فكي المرشدين .. مرشد الثورة في طهران ومرشد الجماعة والاخوان في مصر ولا تحتاج الى ارشاد من أحد لأنها بلغت سن الرشد، فيما بلغ الآخرون سن اليأس, فشتان بين أخونة بلد وبين أسلمته, لأن الأسلمة تعني ألتآخي والأخونة تعني التنآئي.

    الصبيَنة السياسية: لا يُفتى و»مالك» في المدينة
    عدلي صادق عن الحياة الجديدة
    يُصاب بعض الناس بداء التصابي أو الصبينة، في الاجتماع وفي السياسة، وفي العقائد وفي الفكر. وكان المفكر الإسلامي الجزائري، مالك بن نبي قد ركز في مطلع السبعينيات، وبطريقة ذكية، على ما ستقع فيه «الصحوة الإسلامية» من أمراض مرجعها الكبت والإحساس بالنقص، وطول أمد الهزيمة النفسية. وقال الرجل الذي توفي في العام 1973 إن إخواننا الإسلاميين، سُيصابون بآفات التكديس والهذر الكلامي وسينتجون نمطهم الوثني الخاص. ورأى أن السمات العامة للمرض الحضاري، تراكمت في الذات عبر قرون، وباتت مع التوغل في التردي، تعمل على إبراز صبيانية الجماعات، وسبباً في تفشى الوعي الزائف في ثنايا الخطاب العربي الإسلامي المعاصر، أو خطاب الأنا الإسلاموية الجديد. وفي الحقيقة، ينطبق هذا القول على الكثيرين من غير الإسلامويين. ويُقال في بعض الدراسات إن العامل الاستعماري كان حاسماً وفعالاً في مفاقمة وإدامة مرض الصبيانية السياسية، من خلال التدليس الإمبريالي، وغوايات المستعمر البغيض أثناء الصراع، التي تدفع النخب الرازحة تحت نيره الى ترف الخطابة بالغليظ والخارق من الوعود. وغرض الاستعمار هو تمديد فترة الأوهام وإنعاش أحلام «بسبسة» ولا مانع أن يبشر خطيب إسلاموي أو يساري، بفتح قريب للأندلس مثلاً، أو لزهرة المدائن وأكنافها، شريطة أن يكون حسن السير والسلوك الأمني. فمن جراء خطاب كهذا، تنعقد للعدو فوائد جمة، إذ تؤخذ مفردات الخطاب غطاء لتبرير وتمرير سفالة المستعمر، ولإيقاع المزيد من الأذى في لحمنا وعظمنا ورزقنا وأوقاتنا. فالكلام عندئذٍ يشهد علينا أمام عالم لا يقيس بمسطرتنا. أما الخطاب الناضج العقلاني، لا الصبياني والاستعراضي الكذوب، فهو الذي يزعج الأعداء، لأنه يتعلق بالممكن الذي يعرف العدو طبيعته من حيث انه، حين يتحقق، سيكون متبوعاً بممكن آخر لن يُتاح بدونه!
    وفي الحقيقة كان المفكر الإسلامي الجزائري المستنير، مالك بن نبي، قد زادها قليلاً بكلامه الصادم أو الجارح وإن كان هؤلاء يستحقونه فعلاً. فهو يرى أن نخبة المثقفين الخطابيين، لا تزال أسيرة مرحلة «أفول حضاري لا يُنتج سوى حشود بشرية، تشبه قطعان الغنم. فبرغم كمها العددي، فهي لا تقدر أن تصنع لنفسها عالماً من الأشياء النافعة والأفكار، لأن العطالة مست جميع نواحي الحياة، وتزامن مع العطالة عرضٌ نفسي أخطر من الداء ذاته، يتمثل في أعذار العطالة، التي نلاحظ وجودها في أبسط أعمالنا اليومية»!
    هذا ما قاله رجل غادر عالمنا الى رحاب الله قبل أربعين سنة، وقال مثله كثيرون، منهم شيخ أسبق للأزهر الشريف، هو عبد الحليم محمود، الفقيه العالم النابغة، المتوفى قبل نحو ربع القرن. ومالك بن نبي، لا يرقى الشك الى غيرته على الإسلام والمسلمين، وليس أدل على ذلك، مما كتبه راشد الغنوشي ـ الذي التقى به وتعرف عليه شخصياً ـ في مقالة عنه، رأى فيها أن مالك هو المكمل الطبيعي لسيد قطب، لأن الرجل يُسعف وينير الطريق الى الواقع والى كتاب الله، وليس ثمة أفضل من مالك بن نبي، صاحب سلسلة الحضارة، على هذا الصعيد. فإن كان الحديث في الحضارة، فلا يُفتى ومالك في المدينة»!
    يحسن بمتصدري الرهط المؤمن، ان يقلعوا عن الخطاب ذي الوعود القصوى والحث على مواجهة الواقع والمجاهدة في كل الميادين لكي نتقدم، دون التسليم للأعداء أو التنازل على أي حق من حقوقنا. فالعمل السياسي والكفاحي، في خضم هذا الواقع وعلى الخرائط، يتطلب صحواً واستنارة وصدقية وزهداً ومقومات كفاح، ولا يتطلب جلخاً للألسنة ومعطاً للكلام. إن المرتجى، يتعلق بثقافة جديدة وعمل حقيقي وسلوك آخر!


    مشعل وفيتو غزة
    عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
    ما زالت معركة رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس مطروحة على بساط مجلس الشورى، الذي لم يلتئم حتى الآن لاعتبارات خاصة بالحركة، إن كان لجهة عقد الاجتماع العام في مكان آمن، أو للاتفاق على المرشحين لرئاسة المكتب السياسي. وايضا لاسباب موضوعية تتعلق بالتطورات الخطيرة الجارية في مصر، التي يحكمها الاخوان.
    الصراع ما زال محصورا بين الرئيس الحالي للمكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، ونائبه الدكتور موسى ابو مرزوق. واي اسماء اخرى قد ترشح لهذا المنصب، لا حظوظ تذكر لها. لكن مشكلة الرجلين تكمن في قطاع غزة، التي انتزعت من ابو الوليد اثناء زيارته للقطاع في شهر كانون الأول الماضي، حق النقض (الفيتو) على اي توجه سياسي او تنظيمي في الحركة.
    قبول خالد مشعل لفيتو غزة، كان مربوطا بمناورة تكتيكية لقطع الطريق على القوى الرافضة لقيادته الحركة في اقليم غزة، وايضا لكسب ثقة التيار النافذ في قيادة الانقلاب، خاصة تيار اسماعيل هنية، الذي اعلنه مشعل رئيسا فعليا لحماس في المهرجان المركزي بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقة «حماس». رغم ان مشعل يعرف جيدا، ان هنية لا يملك الكاريزما لاتخاذ اي قرار على الصعد المختلفة، بعكس ابرز خصومه محمود الزهار، الذي يتوق ليس لقيادة غزة فقط، بل وقيادة الحركة كلها، لهذا شن اكثر من حملة ضد خالد مشعل شخصيا لازاحته عن مركز القرار.

    وهو ما ساهم في دفع ابو الوليد للاعلان بشكل واضح عن عدم نيته الترشح لرئاسة المكتب السياسي منذ الرابع من أيار 2011، والذي عاد وأكده عشية زيارته لمحافظات غزة. لكن عينه لم تحد للحظة عن الموقع. ولهذا وافق على تقديم الطعم لاقليم غزة، اضف الى تعميق تحالفاته التنظيمية مع تكتل اسماعيل هنية، اولا لكسبه نصيرا لدعمه في اي معركة لاحقة، وثانيا لتقليم أظافر الزهار، ورد الصفعة له، وثالثا لقطع الطريق على منافسه موسى ابو مرزوق. لا سيما وان الاقتراح القطري في المؤتمر الثامن لتنظيم الاخوان المسلمين في السودان نهاية العام الماضي، بتشكيل مؤسسة موازية للجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامية، الذي رشح خالد مشعل لرئاستها فشل، ولم يحظ بالقبول، كما لم يحظ ابو الوليد بالدعم المطلوب.
    كما ان حظوظ خالد مشعل، تضاعفت لثقة مكتب الارشاد لجماعة الاخوان، الذي يشارك بنسبة لا تقل عن 25% من اصوات المقترعين في مجلس الشورى؛ كما ان قطر تدعم بقوة مواصلة مشعل لرئاسة المكتب السياسي، وايضا لدعم تركيا لشخصه في مواجهة اي منافس بمن فيهم موسى ابو مرزوق، الذي ايضا حاول المناورة مع غزة، لكسب ودهم، وتعزيز التحالف معهم، لا سيما وانه من لاجئي القطاع، وتربطه بالعديد من قيادات الانقلاب علاقات خاصة.
    لكن على ما يبدو ان حظوظ الدكتور موسى تراجعت مؤخرا، في ظل الدعم الواسع بما في ذلك غزة لمواصلة مشعل رئاسة المكتب السياسي للحركة. غير ان ابو الوليد يريد ان يستعيد باليسار ما اعطاه لاقليم غزة باليمين. اي يريد ان ينتزع منهم الفيتو. لأنه لا يقبل سيفا على رقبته ورقبة القرار السياسي للحركة كلها. لا سيما وانه يرفض معزوفة قيادة الانقلاب في غزة، التي تعتبر انها تحملت العبء الاكبر من التضحيات في رفع مكانة الحركة إن كان في المواجهة مع قيادة منظمة التحرير والسلطة واجهزتها الامنية او في تحمل عبء التضحيات نتاج عمليات الاغتيال الاسرائيلية لقيادات وكوادر الحركة في القطاع، بالاضافة للاجتياحات العسكرية المتواصلة. ولديه رؤية مغايرة لمنطق الاستئثار، الذي تنفذه مجموعة غزة بتلاوينها وكتلها المختلفة والمتناقضة. وتواصل سياسة الانقلاب داخل صفوف الحركة وخارجها كما فعلت مع الشرعية الوطنية.
    مناورة مشعل بمنح الفيتو لحماس غزة، محدودة الزمن، وهو ما بات معلوما للجميع، ان رئيس المكتب السياسي الحالي، أكد في مجالسه، ان الموافقة على مواصلة دوره بقيادة المكتب السياسي، يحتم على اقليم غزة التخلي عن الفيتو طوعا، وإلا فليبحثوا عن بديل، وتقديره انهم لن يجدوه، لأن القوى النافذة داخل حماس وخارجها باتت تروج لولاية جديدة لأبو الوليد.

    الحوار... الفريضة الغائبة؟
    يحيى رباح عن الحياة الجديدة
    في الأربعينيات من القرن الماضي, كتب المفكر الإسلامي الكبير عباس العقاد, صاحب سلسلة العبقريات المشهورة, كتابه الذي أثار قدرا كبيرا من ردود الأفعال, وكان عنوانه " التفكير, الفريضة الغائبة " وهي بالفعل الفريضة التي ما زالت غائبة على امتداد العقود والسنين في عالمنا العربي والإسلامي على وجه الخصوص.
    أتابع هذه الأيام تطورات الأوضاع في مصر, على اعتبار أن الثورة المصرية التي قامت قبل سنتين هي أكثر الثورات سلمية قياسا إلى بقية نماذج الربيع العربي !!! والنماذج الأخرى التي تعتبر خارج تصنيف الربيع العربي, مثل العراق بعد الانسحاب الاميركي, وفلسطين بعد الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة, ولبنان والأردن والبحرين وغيرها.
    ما هو الغائب الأكبر في كل هذه الأحداث وتداعياتها
    الجواب: إنه الحور, هو الضرورة الغائبة, والمصلحة الغائبة, والفريضة الغائبة, وكل ما نسمعه منذ سنوات ونطلق عليه حوارا, ليس سوى موجات متتالية من الهذيان والعجز, والمنظومات الكلامية الفارغة, والتعبير بافدح صورة ممكنة عن الأنانيات الحزبية, والطائفية, والعرقية, والايديولوجية, لدرجة أن مصطلح الحوار نفسه فقد كل معانيه ودلالاته في بلادنا وأصبح مجرد استعراضات موسمية للفشل.
    لماذا؟ مع أن الحوار هو وحده الطريق الآمن المؤدي إلى المصالح المشتركة, كما أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لإثراء الرؤى والأفكار, وجعل الحلول للمشاكل المعقدة ممكنة, وجعل الأبواب والنوافذ على المستقبل مفتوحة لا تغلق أبدا.
    أغلب الظن أننا نستدعي من تراثنا القديم أبشع لحظات الجاهلية الاولى, حين كنا امة مهملة في قلب الصحراء, بينما الذي في الأطراف يتبعون الإمبراطوريات المتقاتلة, فيدخلون تبعا لذلك في معارك لا تخصهم, وليس لهم فيها ناقة ولا جمل, تماما مثلما يحدث هذه الأيام, حيث نصدع بما هو مطلوب منا للقوى الإقليمية والدولية, دون حتى أن نعرف مثلا على امتداد السنتين الاخيرتين, لماذا تدخل حلف الأطلسي وحسم الأمر بسرعة مذهلة في ليبيا, وتوصل إلى صيغة وسط في اليمن, بينما يرفض التدخل المباشر حتى الآن في سوريا؟
    ولماذا نعترف بصوت صارخ صبيحة كل يوم ان الانقسام الفلسطيني هو فعل شاذ بكل المعاني, وأنه مناقض بالمطلق لكل الضرورات والخصوصيات الفلسطينية بصفتنا شعبا واقعا تحت الاحتلال ومبعثر الهوية في آن واحد !!! وأن هذا الانقسام في الأصل فكرة وتخطيطا وآليات ومصلحة هو صناعة إسرائيلية !!! ثم بعد هذا كله يبقى هذا الانقسام, ويتوحش هذا الانقسام, وننام ملء جفوننا بينما هو لا ينام, ويؤذينا هذا الانقسام في جوهر عدالة قضيتنا صباح مساء, ولكنه رغم ذلك يبقى, ويبقى, ويبتدع كل الوسائل المقيتة للبقاء ؟؟؟
    بل إنني أعتقد أننا من كثرة ما نفخنا في نيران الحقد والكراهية لتتوهج أكثر, نسينا أننا حرضنا قواعدنا الجماهيرية على الانفلات, وقطع الحبال, وعدم العودة إلى الحظيرة !!! وحولنا الطوائف في بلادنا والأعراق المندمجة منذ آلاف السنين, من مكونات ثرية لشعوبنا إلى مجرد جاليات تحت الطلب !!! وأنزلنا الملايين إلى الشوارع عبر الأكاذيب الملونة, ثم لحقنا بهم, كما فعل أشعب البخيل, حين وجه الصبية الذين يضايقونه في القرية إلى عرس موهوم يقدمون فيه اللحم والثريد, ثم عندما ذهبوا عنه لحق بهم لعل أكذوبته تتحول إلى حقيقة !!!
    الحوار هو الفريضة الغائبة في كل النماذج العربية, سواء النماذج التي يطلق عليها اسم الربيع العربي, أو تلك التي يطلق عليها اسم الخريف العربي !!! الحوار أصبح معناه الوحيد إحراق الوقت سدى, وقطع الطريق على الفرص المتاحة, وإتاحة الفرص للقوى الإقليمية والدولية من حولنا, حتى تفرغ من مشاكلها ثم تأتينا بعد ذلك بالحلول كما تشاء, فهذا أسهل شيء لنا, لان الحرية هي أعلى درجات المسؤولية, والمسؤولية مبادرات واجتهادات صعبة, وتنازلات لبعضنا مؤلمة, وجراحات ضرورية, فلماذا نتحمل كل ذلك ؟؟؟ لماذا لا ننتظر أقدار الأخرين ؟؟؟
    آه يا أمتنا العربية, كم تعانين وتدفعين الثمن الباهظ, بسبب وحشة وفراغ وخسائر الفرائض الغائبة.

    حكم غير قابل للطعن على المتهمين أدناه
    رائد حامد السلوادي عن الحياة الجديدة
    انتهاك يتلوه انتهاك.. بحق اللغة العربية، والمُنتهِك هم من حقُّهم أن يحكُموا إذا حكموا بالعدل، وأن يدافعوا عن ذوي الحقوق، المحاكمُ بقضاتها وكُتّابها وأقلامها والمحامون أصحاب الأرواب السوداء... يتمسكون بقوانينَ وضعية حديثة، ويتراخون أمام قوانين اللغة، تجدُهم يحفظون المواد والقوانين وسنة إصدارها، لكنَّهم يعجزون عن التفريق بين موضع نصب ورفع، فيرفعون مجرورًا وينصبون مجرورًا آخر، وبعملهم هذا يجروننا واللغةَ إلى هاوية،،، ويَنصبون مرفوعًا فينصبّ عليهم لومنا وعتابنا.. وكلّنا أملٌ بأن تتسع صدورهم لنقدنا، وتتفتح أذهانهم لقولنا هذا، فمحاكمنا بنوعيها النظاميةِ والشرعية نصوص أحكامها ودعاواها مثقلةٌ بالأخطاء اللغوية: نحويًّا وصرفيًّا وإملائيًّا، وإليكم بعضًا منها، تاركًا لكم الحكم، تقرأ في نصوصهم: «وهم من ورثة المتوفي فلان...»، أفلا يعلمون أنَّ المتوفي هو الله جلَّ جلاله، وأنَّ (المتوفى) هم البشر أجمعون، ويكتبون: «لذى اقتضى التنويه...»، فـ(لذى) هذه حقها يا أصحاب الحقوق أن تكتب (لذا) فتدبروها، ومن أخطائهم العويصة أن نصوصهم المكتوبة تهمل إرجاع الضمير إلى صاحبه الأصلي، ويكون النص هنا فيه خلل في اللفظ والمعنى، ما يجعلنا نشكك فيما يكتبون أو يحكمون، فنقرأ لهم: «إلى المتهمين فلان، وفلان، وعلان، وعلانة...» فيعدد أربعة أو خمسة يزيد أو ينقص، ولكنّه بعد سطرين أو أقل يفاجئُك بضمير الاثنين أو المفرد «عليكما أن تدفعا...، أو عليك أن تراجع...»، أو يكتب: «إلى المتهمين فلان بن علان...»، ولا تجد في النص كلِّه إلا متهمًا واحدًا، فتضربك الحيرة قبلاً وبعدًا بحثًا عن متهم ثان و/أو ثالث فتفشل؛ لأنّ كاتب النص الرسمي هذا يجهل إحالة الضمائر إلى أصحابها ويعجز أمام المثنى والجمع.
    ومن أخطائهم النحويّة التي تقتلك قبل أن تقتل اللغة التي داخلك، كتابتُهم: «كمتهمان فارّان»، وطلاب الصفين الخامس أو السادس الأساسيين يدرسون أنّ (الكاف) حرف جرّ، فحقُّها أن تكون (كمتهمين فارّين)، أو أن يكتبوا: «تعدان فاران»، فالأصل فيمن يستخدم الفعل (تعدان) أن يعلم أنّه سينصب مفعوليه و(فارّين) هو المفعول الثاني، ويكتبون جاهلين أو متغافلين: «لم تقوم، ولن تقم»، لا يا قضاتنا ومحامينا وكتابنا، نقول: (لم تقم، ولن تقوم). ويخاطبون المؤنث في قولهم: «إذا لم تبد أو تحضر إلى المحكمة...»، وهذا خطأ غليظ، فالفعلان (لم تبد ولم تحضر) وأشباههما إذا خاطبت بهما جنس حواء بعد (لم) تحذف النون وتبقي الياء فأصل الفعلين (تبدين، وتحضرين) وعند جزمهما يصبحان (لم تبدي ولم تحضري)، أما من دون ياء (لم تبد ولم تحضر) فيكون الحديث لابن آدم. وهذا غيض من فيض، وإذا شئتم أزودكم بأمهات أخطائهم، فعوا وتبصروا.
    إذًا، الأمر بحاجة إلى روية وتأن، وبعض الدراسة لا تنقص من صاحبها، بخاصة أننا نتحدث عن أساسيات في اللغة لا خلافات عليها ولا فيها، وهي نصوص رسمية صادرة عن مؤسسات ذات اعتبار واحترام في المجتمع؛ لذا (طبعًا بالألف القائمة)، حكمتُ أنا كاتب هذا المقال على المتهمين المذكورين أعلاه بتصويب لغتهم ومراجعتها أو الالتحاق بدورات في قواعد اللغة، حكمًا غير قابل للطعن أو الاستئناف، ويعفى من ذلك من يُثبِت خلاف ما ادعيت. اللهُ وسلامة لغتي الحبيبة وسمعة دوائرنا من وراء القصد. وإلى محكمة أخرى.

    الادارة الامريكية ... والفوضى الخلاقة في العالم العربي
    عبد الرحمن صالحة عن وكالة معا
    كُتِبَ الكثير، وسيكتبُ التاريخ أكثر عن الثورات العربية الحديثة التي تضرب الشرق الاوسط من تونس إلى مصر مروراً بليبيا وسوريا واليمن، وربما غيرها. والواضح أن الشارع العربي ينتظر أن يطول التغيير كل الأنظمة التي جارت على شعبها .
    ان الثورات العربية المعاصرة التي نشهدها في كل بلد عربي هي ثورات عربية بالفعل ولكن من صنع غربي اوروبي وتحديدا " امريكي " والدليل علي ذلك قد يكون معروف عند البعض والبعض الاخر لا يعرفونه وهو ان العداء الامريكي للعالم العربي بداء بظهور منذ ان قامت الأداة الامريكية باستخدام حرب المصطلحات . ابرزها مصطلح الشرق الاوسط الكبير و ثاني مصطلح الفوضى الخلاقة ، والتي سوف يركز مقالي عليهما بشكل كبير .
    الشرق الاوسط الكبير، هو مصطلح أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش على منطقة واسعة تضم كامل البلدان العربية إضافة إلى تركيا، إسرائيل، إيران، أفغانستان وباكستان. أطلقت الإدارة الأمريكية المصطلح في إطار مشروع شامل يسعى إلى تشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي حسب تعبيرها، في المنطقة. أعلن عن نص المشروع في مارس 2004 .
    وهذا مصطلح شكلي وواهي ومفرغ من الداخل . ان الادارة الامريكية حسب تعبيرها للمصطلح يهدف الي الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة العربية ولكن في الباطن خلاف ذلك الهدف منه اثارة الطائفية والفصائلية والثورات والأزمات ولطمس الحضارة العربية التي اوشكت ان تدخل نطاق اخر وتحقق بصمات مميزة .
    الفوضى الخلاقة شعار طرحته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوناليزا رايس منذ ما يقارب العامين في البحر قبالة محور فيلادلفيا، ولم يكن اختيارها لمكان طرح هذا الشعار هباءً، بل كان مدروسا على خط يفصل بين قارتين أسيا وإفريقيا، مما يعني أن هذه الفوضى ستكون محصورة بين سفوح أسيا وسفوح إفريقيا على الأرض العربية .
    لقد شعرت الادارة الامريكية في السنوات القليلة الماضية ، ان الاهداف التي رسمتها علي اجندتها المختصه بشأن العالم العربي مخالفة للواقع وهذا لا ينسجم مع اهداف الادارة الامريكية فقامت بمحاربة العالم العربي بأساليب دبلوماسية سلمية فدعت العالم العربي الي ممارسة الديمقراطية و ممارسة الحريات المتعددة ودعت العرب للانفتاح علي العالم الخارجي ودعت الي دمج المعارضة في الدول العربية في الحكم وكأنه العالم العربي عالم غير متحضر وغير ديمقراطي ولا يعرف الحريات إلا علي يد الامريكان و أوروبا وللأسف لقد انجرت وهوت بعض الانظمة العربية الي ما كانت ترسم اليه الادارة الامريكية بالفعل وقد تم ذلك من خلال قيام الادارة الامريكية بتأسيس بعض الاحزاب و الاطراف والعناصر في البلدان التي هوت في مستنقع الازمات وقد يتساءل البعض ان مطالب امريكيا للعالم العربي مطالب شرعية لكن المتفحص والمدقق في مطالب الادارة الامريكية يرى ان الهدف هو اسقاط الانظمة العربية الحاكمة في العالم العربي و اثارة الفوضه الخلاقة في المنطقة و الاقليم العربي وحتي ينشغل العالم العربي بنفسه . هذا بالنسبة للعامل الخارجي والرئيسي الذي يتمثل بالإدارة الامريكية لقيام الثورات ، اما العامل الداخلي و الذي لا يقل اهمية عن العامل الخارجي الا وهو جبروت وطغيان واستبداد الانظمة العربية علي شعوبها.
    ان الدول العربية التي شهدت الثورات هي الدول التي كانت علي سلم اولويات الإدارة الامريكية لتصفية حساباتها معها من العراق في البداية مستخدمة الخيار العسكري فيها الي تونس ثم الي ليبيا مرورا بمصر وسوريا واليمن.


    الصفات السبعة للفكر التكفيري ...
    إبراهيم علوش عن وكالة سما الإخبارية
    من يفجر نفسه في مدنيين عرب، ومن يضع المتفجرات في سوق أو شارع مزدحم أو مرفق عام، ومن يهم بجز عنق أو أوصال مواطن عربي آخر، أو أسير أو جريح، لم يولد بالضرورة مختلاً أو مجرماً أو معتوهاً أو مشبعاً بالكراهية العمياء لهذا الحد، بل ثمة "ثقافة" و"فكر" اخترقه كالفيروس ليحوله إلى أداة طيعة قابلة للاستخدام الدموي، أداة لا تعقِل، ولا يمكن التفاهم معها بالحوار، ويسهل إطلاق عنفها المجنون ممن يخططون ببرود لاستهداف الوطن والمواطن.
    ومع أن اللحظات التي تنفلت فيها جحافل "الحشاشين الجدد" من عقالها ليست أبداً لحظات حوار أو مناظرات عقلية، حين لا يعود ثمة مفر من واجب إيقافهم عند حدهم لاحتواء الدم والدمار الذي يتركونه في أثرهم، فإن ذلك لا يعفينا من التفكير ملياً بتلك "الثقافة" وذلك "الفكر" الذي يدمن حامله القتل والتمثيل والتفجير والتدمير وسفك الدماء وقتل المدنيين.
    فهو أولاً "فكر" يتطلب تعطيل العقل تماماً، ولهذا يمثل التتمة الطبيعية لفتاوى "إرضاع الكبير" و"نكاح الوداع" الخ... فهو "فكر" اللافكر الذي يعادي العقل من ناحية مبدئية، ويرفض أحكامه المنطقية.
    وهو ثانياً "فكر" يتطلب تعطيل الإيمان، وكل ما هو سامٍ ومتسامح ورحيم في الدين، واستبداله بتفسيرات وحشية متعصبة لم يعرف لها الإسلام مثيلاً في تاريخه. وكما جاء في سورة يونس: ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين.
    وهو ثالثاً "فكر" معادٍ للإنسان كإنسان، يحتقر الحياة البشرية، وكل ما يمثله الإنسان من مشاعر وأفكار وقوة وضعف وعلاقات إجتماعية وحريات شخصية. وتشكل استباحة الإنسان وحياته وأمنه وحريته هنا انتهاكاً صريحاً للحكم القرآني الوارد في سورة المائدة: أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا.
    وهو رابعاً "فكر" مناهض لفكرة الوطن، يحول المواطن المخالف في الطائفة أو العرق، أو الذي ينتمي لنفس الطائفة سوى أنه يرفض مبايعة "عصبة الحشاشين الدمويين"، إلى هدفٍ لا عصمة لدمائه وأمنه وبيته وأملاكه، مما يقوض النسيج الاجتماعي ويفتح الباب على مصراعيه للحروب الأهلية والتهجير والتدمير وتفكيك المجتمعات.
    وهو خامساً "فكر" يشكل النقيض الموضوعي لفكرة النهضة التي اشتغل بها مفكر العرب منذ محمد علي باشا في بداية القرن التاسع عشر، وهو "فكر" معادٍ صراحة لمفهوم الدولة الوطنية، وللفكرة القومية، العروبية بالأخص.
    وهو سادساً "فكر" معادٍ للمرأة ككيان، وكوجود، وكحقوق، يريد وأدها وهي حية، إذا الموءودة سئلت، بأي ذنب قتلت... والوأد في القرن الواحد والعشرين له أشكالٌ أدهى وأمر من أشكاله الجاهلية القديمة.
    وهو سابعاً "فكر" رعاه الاستعمار واستخدمه تاريخياً لضرب تجارب النهضة والتحرر الوطني في العالم الثالث، من الهند لأفغانستان للوطن العربي، فهو "فكر" يبرر لنفسه التعاون مع الاستعمار عندما يرى ممثلوه ذلك مناسباً... والغريب أن هذا هو الجانب الوحيد "المرن" في ذلك "الفكر".
    لذلك كله لا بد من إعادة إحياء الفكر القومي العروبي، والفكر النهضوي بكل أشكاله، وفكر التحرر الاجتماعي والوطني، كشرط ضروري لمعالجة الظاهرة الشيطانية من جذورها، حتى لا نبقى في حيز الحلول الدموية التي تمثل في الواقع نقطة قوة "فكر" اللافكر و"ثقافة" مناهضة الوطن والإنسان.
    وما كان لمثل هذا "الفكر" أن ينمو لولا ضمور الفكر القومي واليساري والإسلامي المتنور...

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 289
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:17 AM
  2. اقلام واراء محلي 280
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:43 PM
  3. اقلام واراء محلي 279
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:42 PM
  4. اقلام واراء محلي 278
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:41 PM
  5. اقلام واراء محلي 277
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:40 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •