النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 339

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء عربي 339

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif[/IMG]


    • في هذا الملــــف:
    • هل يمكن قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة؟!
    • بقلم: لطفي خلف عن القدس العربي
    • هل قضى الربيع العربي على قضية فلسطين؟
    • بقلم: الكوري ولد احميتي (كاتب موريتاني) عن القدس العربي
    • هل هي إرهاصات انتفاضة ثالثة؟
    • بقلم: إبراهيم عباس عن المدينة السعودية
    • “الانتفاضة الثالثة” . . العقبات والكوابح
    • بقلم: مأمون الحسيني عن الخليج الإماراتية
    • فتح والجهاد وحماس ثلاثي والنبع واحد (4)
    • بقلم: حسن خليل حسين عن السبيل الأردنية
    • الفلسطينيون واتفاقات جنيف
    • بقلم: عليان عليان عن السبيل الأردنية
    • ما كان ينبغي لـ «دولة فلسطين» أنْ تبدأ به!
    • بقلم: جواد البشيتي عن الوطن القطرية
    • خطوة بالاتجاه الصحيح ولكن..
    • بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
    • «الحرس»: أسئلة إسرائيلية.. مقصورة
    • بقلم: نهلة الشهال عن السفير البيروتية
    • لماذا يستمر حديث السلام؟...أوباما قادم لهدف واحد: «إسرائيل»
    • بقلم: نعيم إبراهيم عن الوطن السورية
    • علاقة واشنطن وتل أبيب المتجددة
    • بقلم: عماد الدين أديب عن الشرق الأوسط
    • العلاقات الأمريكية ــــ الإسرائيلية عشية زيارة أوباما لإسرائيل
    • بقلم: دوري غولد عن الشروق المصرية
    • أسئلة ما بعد «الربيع»

    بقلم: سليمان الهتلان (كاتب وإعلامي سعودي) عن الحياة اللندنية
    الرأسمالياتُ الحكوميةُ والربيعُ الدامي
    بقلم: عبدالله خليفة عن أخبار الخليج البحرينية
    سياسة واشنطن والكيل بمئة مكيال
    بقلم: أحمد الجارالله عن السياسة الكويتية




    هل يمكن قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة؟!
    بقلم: لطفي خلف عن القدس العربي
    لا يحلو لي أبدا أن أطرح ما يمليه علي ضميري في قضايا وأمور محبطة وواقعية لئلا أتهم أولا بأنني من مروجي وأنصار أصحاب ثقافة الهزيمة، ولأنني ثانيا غير معتاد على النبش في قضايا تجر وراءها تساؤلاتٍ وتساؤلات قد تفضي في نهاية المطاف إلى تيئيس المتلقي اليائس أصلا، بسبب الهموم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشتركة في الوطن العربي من محيطة الزاخر بمشاكل الهجرة والفقر والحروب بأشكالها، إلى خليجه 'حارس' البوابة العربية الهزيل من 'الغول الفارسي'.
    لكن الشعب الفلسطيني الذي عايش تجربة الانتفاضة الأولى وما أعقبها من انتفاضات وهبات وعاش تبعات اوسلو، وما تمخض عنها من مصائب كبيرة، ما زال يعاني من آثارها وأوجاعها الكثيرة، وعايش تجارب صمود غزة، دون أن ينسلخ عن جواره الاقليمي وكذلك هبات الشعوب العربية التي لم يهدأ أوارها حتى الآن لخلافات طفت على السطح، وجذورها متأصلة في النفوس وكان لا مجال لظهورها لأن الهدف الاسمى للجماهير العربية كان سحب الكراسي من تحت أنظمة بالية وفاسدة، وحان الآن دور التجاذبات السياسية والتصفيات الحزبية.
    وفلسطين ليست في كوكب آخر فقد تأثرت وتحركت شوارعها وضجت بسبب الانقسام الحاد، لانه أصبح مرضا مزمنا عصيا على الشفاء والزوال، وعواقبه الوخيمة زلزلت أركان البيت الفلسطيني المهلهل أصلا تحت نير الاحتلال ومضايقاته.
    الجدار العنصري البغيض ساهم في اضعاف الحالة الاقتصادية للأسرة الفلسطينية ومنع الكثير من الايدي العاملة من الوصول إلى الداخل للعمل، فتفاقمت البطالة واتسعت رقعة الفقر لدى الشريحة العظمى في المجتمع الفلسطيني. أما بالنسبة للابتزاز الاسرائيلي وحجز العائدات الضريبية، فقد ساهم أيضا في اضعاف الحالة الاقتصادية أيضا لدى شرائح كبيرة أخرى، فحل الفقر واصبح شغل الناس الشاغل البحث عن لقمة العيش وساهمت البطالة في انحراف الشباب عن متابعة السياسة وما يجري خلف الكواليس من انتكاسات ورضوخ من اجل استرداد ما فقدناه ماديا، فأصبحنا نبتز سياسيا ونتنازل عن طموحات وأماني وأحلام رسمناها من أجل أمور أخرى ضئيلة وصغيرة.
    الاستيطان الاسرائيلي السرطاني لا يتوقف، والقتل اليومي الممنهج أيضا بسبب مقاومة الجدار مستمر، وقضية الأسرى لا زالت عالقة والتصفيات الجسدية في صفوفهم تزداد يوما عن يوم، والعرب منقسمون كعادتهم ما بين مؤيد ومعارض للثورات العربية، صحيح أن الضغط يولد الانفجار، والمعاناة تقود إلى الرفض والخروج على المألوف ، لكن الظروف التي توفرت وسبقت الانتفاضة الأولى، ليست متوفرة حاليا ولا يمكن أن تعود، والسبب في ذلك أن لقمة العيش كانت متوفرة، فانعدم وجود طبقة تحت خط الفقر في ذلك الحين، والضفة لم تكن مجزأة إلى كانتونات كما هو الحال اليوم، والمستوطنون كانوا كالارانب في تنقلاتهم من مستعمرة ألى أخرى تحميمهم الدوريات المتنقلة مع كل سيارة تتحرك لهم ،حينها كانت الظروف مهيأة جدا لانتفاضة عظيمة لإشعال مثل تلك الانتفاضة، فأنى ستنقشع كل سحب الانقسام وتتوفر لقمة العيش ويزال الجدار ويلغى مشروع دايتون الأمني، ليستطيع الشعب الفلسطيني في الضفة على الأقل، أن يعيد أمجاده ،ويحمل على عاتقه من جديد تبعات الأمانة لتجديد المسارالمقاوم، ويشعل انتفاضة ثالثة تطيح بأحلام ليبرمان التوسعية والإقصائية ألى مزابل التاريخ!
    هل قضى الربيع العربي على قضية فلسطين؟
    بقلم: الكوري ولد احميتي (كاتب موريتاني) عن القدس العربي
    تعيش الامة العربية هذه الايام مرحلة من أدق المراحل التي مرت بها خلال مسيرتها التاريخية الطويلة وهو ما يجعلنا بحاجة ملحة الى نخبة عربية واعية لمتطلبات المرحلة وواعية لمسؤولياتها القومية ومستعدة لتحمل تلك المسؤوليات من نشر للوعي بين صفوف الجماهير بهدف تاطيرها وتوجيهها حتى تستوعب خطورة ما يخطط لهذه الامة من مؤامرات تهدد كيانها، والمسؤولية هنا تقع في الدرجة الاولى على القوى القومية دون غيرها لأنها وحدها المؤهلة للقيام بهذه المسؤولية لكونها صاحبة المصلحة وهي القادرة على قيادة الجماهير نحو التقدم والوحدة ومواجة مخططات الاعداء الهادفة الى تمزيق الامة بهدف السيطرة على ثرواتها، ان الامة في حاجة هذه الايام الى حراك شعبي قوي يؤسس لبعث الخط القومي، الذي يجعل في مقدمة اهتماماته النضال من اجل الاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية وإعادة بناء تحالف يعيد السلطة للشعب ويرسخ المبادئ القومية واليسارية والليبرالية الاجتماعية ويرد الاعتبار لمبادئ القومية العربية، ليس بدواعي تصحيح المسار فقط وإنما أيضا من أجل المستقبل.
    ولأننا وبعد سنتين من الحراك العربي أو ما يسميه الغرب بـ'الربيع العربي' وهو حراك شعبي قوي قاده شباب يطمح إلى الحياة الكريمة المتمثلة في توفير فرص العمل وسيطرة الشعب على مقاليد السلطة التي علق عليها آمالا كبيرة واعتبرها الكثيرون ثورة لا بد أن تغير الأنظمة القائمة، بغية تمكن الشعب العربي من التحكم في أموره من خلال الممارسة الديمقراطية التي- إن تمت- لا بد وأن تحدث نقلة نوعية في الوطن العربي من حيث ممارسة السلطة وتسخير الثروات العربية لخدمة الشعب وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وتمكن كذلك من نقلة نوعية للعمل العربي المشترك، تؤدي إلى تحرير الأرض المحتلة في فلسطين وسورية ولبنان.
    ورغم هذه الآمال العريضة، فإنه- وللأسف الشديد- سرعان ما خابت آمال الشعوب العربية، سواء منها من كان له الفضل في إحداث هذه التغيرات أو من تابعها آملا منها الخير لوطننا العربي الذي ما زال يعيش على هامش ما يحدث من نهضة علمية واجتماعية في العالم، ناهيك عن الممارسة الديمقراطية التي لم يعد من الممكن لأي شعب التقدم من دونها وهي الغائب الأكبر في وطننا العربي .
    واليوم، وبعد أن تغيرت بعض الأنظمة التي كانت تحكم في عدة أقطار عربية ومن ضمنها أكبر دولة عربية مصر، نلاحظ أن الأمور في هذه الدول تسير نحو الأسوأ من حيث الوضع الاقتصادي وغياب الممارسة الديمقراطية، حيث أن الأنظمة الجديدة أصبحت أكثر تسلطا من تلك التي كانت قائمة، ولأن الهم الوحيد للحكام العرب الجدد هو تصفية ما تبقى من قوى الممانعة غير مهتمين بكون العدو: إسرائيل ما زلت تحتل ارضنا، اننا لم نعد نسمع كلمة واحدة عن قضية العرب المركزية: قضية فلسطين التي تم إعداد خطة غربية ذكية لإنهائها من خلال الإطاحة بالأنظمة التي تدعمها أو يمكن أن تدعمها وإشغال المواطن العربي بأمور لا يمكن أن تؤدي إثارتها إلا إلى المزيد من التمزق كسني وشيعي ومسيحي وعلوي الي غيرها من المصطلحات التي كنا نظن ان الانسان العربي تجاوزها منذ فترة طويلة.
    ان هذا الاحياء للطائفة المذهبية والعرقية وحتى القبلية لإشغال الشعب العربي في امور لا يمكن ان تؤدي به إلا الى مزيد من التخلف كانت نتيجــــتها ما نشاهده اليوم من تدمير للبنى التحتية وتسليح لقوى الإرهاب وضرب قوى المقــاومة في سورية ولبنان، حتـــــى من طرف الأنظمة التي كان عليها أن تسموا إلى مستوى الاهتمامات الكبرى للأمة مـــع أننا ندرك أن من يحكمونها ليسوا هم من أحدث التغيير، لكن باستلامهم للسلطة كان عليهم إشراك القوى التي أحدثت التغيير الذي استغل من طرف الغرب ليجيء بهذه الأنظمة الجديدة التي أصبح الجميع يدرك علاقاتها القديمة- الجديدة بالقوى الاستعمارية التي لا سعي لها سوى التحكم في الثروات العربية وهو ما تم لها.
    لقد كانت مصر قلب العروبة النابض وما زالت تمثل وجهة للجماهير العربية، خاصة وأن شعبها قام بثورة حضارية أثبتت وعيه وقدرته على مواجهة الأحداث بما يخدم مصالح الأمة.
    هذه المؤامرة لن تتوقف عند البلدان التي اشتعلت فيها النيران حتى الآن بل ستطال الجميع خاصة الدول التي لديها إمكانيات اقتصادية أو ثروات طبيعية مهمة. لأن الأمر يتعلق بـ'سايكس بيكو' جديد تتم فيها إعادة تشكيل خريطة المنطقة بما يخدم اللاعبين الرئيسيين: الدول الغربية والعثمانيين الجدد.
    وعليه فإن الإنسان العربي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بإدراك هذه الحقائق والعمل على إفشال هذا المخطط التآمري الخطير.
    هل هي إرهاصات انتفاضة ثالثة؟
    بقلم: إبراهيم عباس عن المدينة السعودية
    يتأهّب الشعب الفلسطيني لإحياء ذكرى مرور قرن على بدء مسيرته النضالية ضد الاستعمار والصهيونية، التي بدأت مع دخول الجنرال اللنبي القدس نهاية العام 1917؛ بهدف أساس هو تنفيذ وعد بلفور، لإقامة دولة يهودية في فلسطين. والحقيقة أن المقاومة الفلسطينية بدأت قبل ذلك بعدة سنوات، فقد تزامن انطلاق المقاومة مع بدايات الهجرة اليهودية إلى فلسطين نهاية القرن التاسع عشر، من خلال التصدّي للمستوطنات الصهيونية الأولى مثل: الخضيرة، وملبس، وبتاح تكفيا.
    بداية عام 1965 انطلقت ثورة "فتح" المسلحة؛ بهدف تحرير الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1948، وفي غضون ذلك انطلقت العديد من التنظيمات الفلسطينية التي انخرطت في أعمال المقاومة ضد المحتل. بعد نكسة حزيران 67 ازدادت عمليات المقاومة، وحققت العديد من الانتصارات عام 1968 (معركة الكرامة)، و1978 (جنوب لبنان)، والسنوات التي تلت حتى حرب لبنان (1982) التي أدّت إلى رحيل قوات م.ت.ف إلى العديد من الدول العربية، وخلال تلك الفترة ظلّت عمليات المقاومة مستمرة داخل الأراضي المحتلة.
    في عام 1988 بدأت رحلة التنازلات الفلسطينية. وكانت أوسلو (1993)، وما تلاها من مفاوضات إسرائيلية - فلسطينية نقطة التحوّل الكبرى التي غيّرت المسيرة النضالية الفلسطينية. والحقيقة أن "أوسلو" والمفاوضات لم تكن سيئة إلى هذا الحد، ولكن الكارثة تمثّلت في أن القيادة الفلسطينية فشلت في تحقيق بنود الاتفاقية، التي تشكل جوهر الاتفاقية، وأهمها أنها اتفاقية مؤقتة للحكم الذاتي تستمر لفترة أقصاها 5 سنوات، تُقام في نهايتها دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 بعاصمتها القدس الشريف.
    الإسرائيليون -في المقابل- نجحوا في تحقيق كافة البنود التي تصب في مصلحتهم، والتي يأتي في مقدمتها الجانب الأمني، حيث تدنّت أعمال المقاومة، ووصلت إلى نقطة العدم تقريبًا في السنوات الأخيرة، بعد أن كانت تصل إلى مئات العمليات يوميًّا قبل أوسلو، ونجحت إسرائيل على مدى 18 عامًا من المفاوضات في مضاعفة أعداد المستوطنات والمستوطنين أضعافًا مضاعفة.
    يمكن تلخيص هذه البانوراما التي تجسد مأساة الشعب الفلسطيني أن هذا الشعب دفع ثمنًا باهظًا من أرواح أبنائه، ودماء شهدائه عبر عشرات السنين على أمل أن يتوّج هذا النضال، وتلك التضحيات بدولة فلسطينية قابلة للحياة، بموجب قرارات الشرعية الدولية، لكن ما نراه الآن تحوّل سلطة الحكم الذاتي المؤقت إلى وضع نهائي، وانتهاء عصر المقاومة، والانتفاضات الفلسطينية، رغم استمرار الاحتلال، وأساليب القمع الصهيونية ضد الفلسطينيين التي تتمثل بشكل أساس -عشية زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والرئيس الأمريكي باراك أوباما لإسرائيل، وأراضي السلطة الفلسطينية لحث الفلسطينيين والإسرائيليين للعودة إلى طاولة المفاوضات- في مشهد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ أكثر من سبعة أشهر، واستشهاد البعض منهم تحت طائلة التعذيب، فيما أصبح احتجاز أموال الضرائب المستحقة للفلسطينيين التي تحتجزها سلطات الاحتلال سلاحًا لتجويع الشعب الفلسطيني، بعد أن أصبحت الانتفاضة تعني لدى الكثيرين -بما في ذلك بعض القيادات الفلسطينية نفسها- تخريبًا لعملية السلام.
    الأسئلة التي تفرض نفسها في خضم هذا الوضع المتشابك الذي يزيد في تعقيده وصول المصالحة الفلسطينية إلى طريق مسدود: أين هي عملية السلام الآن؟ وهل ستظل دويلة أوسلو، ودويلة غزة، وضعًا مستمرًا إلى ما لا نهاية؟ وإذا كانت المقاومة والانتفاضة سلاحًا بلا جدوى، فهل كان الشعب الفلسطيني مخطئًا طيلة مائة عام من النضال والتضحيات؟ وهل يكمن الحل في "الانتفاضة الثالثة"؟

    “الانتفاضة الثالثة” . . العقبات والكوابح
    بقلم: مأمون الحسيني عن الخليج الإماراتية
    لا يختلف اثنان على أن أوضاع وظروف الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وفي القلب منها مدينة القدس التي تكتمل دائرة تهويدها، باتت ناضجة تماماً لاندلاع انتفاضة ثالثة من خلال بوابة الأسرى التي استقطبت عشرات آلاف المتظاهرين، وفجّرت سيلاً من المواجهات مع جيش الاحتلال، إثر استشهاد الأسير عرفات جرادات . ذلك أن ما يتعرض له هؤلاء القابعون تحت الاحتلال منذ نحو ستة وأربعين عاماً، يتجاوز عمليات السرقة المتواصلة لأراضيهم، وبناء وتوسيع المستوطنات، وجرائم القتل والطرد والاعتقال وهدم المنازل المستمرة منذ عقود، إلى رزمة ضخمة من الممارسات “الإسرائيلية” اليومية، من نمط التنكيل على يد المستوطنين، والاقتحامات العسكرية للقرى والمخيمات، والاستيلاء على البيوت “لأغراض عسكرية”، وإغلاق الطرق، والإهانة في الحواجز، ومنع الخروج من غزة أو الضفة، والعيش في ظل الأرض التي صودرت، إما لمستوطنة مجاورة، وإما لجدار الفصل، والانتظار لساعات في مكاتب ما يسمى “الإدارة المدنية”، والتحقيقات المذلّة في أقبية المخابرات المختلفة، والإدانات بالجملة في المحاكم العسكرية، فضلاً عن القيود الاقتصادية القاسية التي حوّلت حياة مئات آلاف الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق .

    وعليه، وعلى قاعدة العثور على مقدمات ونذر إضافية للانتفاضة الثالثة، كالقول إن الفلسطينيين لم يفكروا “بمصدر رزقهم” عندما أطلقوا الانتفاضتين، الأولى والثانية، والحسم بأن الانتفاضات الشعبية أكبر من التنظيمات ومن القيادات، وأكبر من دولة الاحتلال، والتأكيد أنه، ومثلما فاجأت تونس ومصر الجميع، يمكن للشعب الفلسطيني أن يفاجئ الجميع أيضاً بانتفاضة ثالثة، والزعم أن الشعوب تفرز قيادات ميدانية جديدة لا تأخذ تعليماتها من جهات “تنظيمية” أعلى منها، في إشارة إلى مواقف كل من “فتح” و”حماس” غير المعنيتين الآن، وفق معظم التقديرات، بانتفاضة جديدة، يصر العديد من المراقبين والمحللين على أن الفلسطينيين يقفون اليوم على أبواب انتفاضة ثالثة لن تكون موجهة فقط ضد الاحتلال، وإنما ستوجه كذلك بعضاً من جهدها وفعالياتها ضد الانقسام الذي فرض أولويات مضرّة: الحزبي على حساب الوطني، والعقائدية على حساب الفلسطينية . لا بل إن بعضهم أشار إلى التواتر الزمني للانتفاضات الفلسطينية (مرة كل 13 عاماً تقريباً) للتأكيد أن ما نشهده هو بداية الانتفاضة الثالثة .
    غير أن كل ذلك، وبصرف النظر عن صحة ووجاهة المقارنة المعقودة ما بين الحالة الفلسطينية التي تواجه عدواً قومياً استيطانياً وظيفياً، ومثيلاتها العربيات التي أفرزت نظماً سياسية تعمل تحت المظلة الأمريكية، وتغرق شعوبها في بحر من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . كل ذلك لا يقدم مقاربة واقعية وموضوعية شفافة للحال الفلسطينية التي تمر بظروف معقدة لا تفسرها الظواهر المرئية الطافية على سطح المشهد، ولا يستقيم معها النظر من زوايا ضيقة تحجب أجزاء واسعة من الصورة .
    ولعلنا لا نجانب الصواب إذا ما زعمنا أن ثمة ضبابية وارتباكاً وتباينا في الحديث المتخم بالانفعال والعواطف عن طبيعة ووظيفة الانتفاضة التي دخلت القاموس الدولي، من حيث إنها شكل من أشكال “حرب الشعب” الطويلة الأمد . وهي، بهذا المعنى، مازالت مستمرة، وعلى شكل موجات، منذ نحو سبع سنوات (المسيرات والاحتجاجات على الجدار وعمليات الاستيطان، مسيرات بلعين الأسبوعية، إضرابات الجوع . . .) .
    ومع أن أحداً لم يحدد طبيعة الانتفاضة المتوقعة ومداها، غير أن ثمة ضرورة لتسليط الضوء على بعض العقبات والمعضلات التي تؤثر، وبشكل ملموس، في تفجّر انتفاضة شاملة ليس وفق مواصفات بعض القادة الذين يرون فيها مجرد أداة ضغط، لتحسين شروط التفاوض، وإنما وفق المقاييس المتوقعة من قبل البعض، أي انتفاضة شاملة وعنيفة تستطيع تحقيق إنجازات ملموسة في أسرع وقت ممكن، وذلك انطلاقاً من معطيين متداخلين: دروس الانتفاضتين السابقتين، وواقع الفلسطينيين الذي يدب على الأرض في الأراضي المحتلة تحت ظلال سلطتين متنافستين، الأولى تدعو إلى الحذر و”عدم الانجرار” إلى الاستفزازات “الإسرائيلية”، والثانية تتحدث بصوتين: صوت وقف النار والاستقرار والتنمية حين يتعلق هذا بقطاع غزة، وصوت الجهاد والكفاح المسلح عندما يتعلق الأمر بأي مكان آخر .
    يمكن، وبعجالة، وبصرف النظر عن التقديرات والإجراءات “الإسرائيلية” التي تنحو باتجاه التخفيف من بعض القيود المفروضة على الفلسطينيين، والإفراج عن أموال الضرائب العائدة إلى السلطة، والاستنتاج، على هذا الأساس، أن حظوظ تفجّر انتفاضة فلسطينية على نطاق واسع باتت أقل من السابق، يمكن التذكير بأنه في الانتفاضة الأولى التي وجه إليها “اتفاق أوسلو” ضربة مميتة، كان الاحتلال، وكان الوضع الاقتصادي الفلسطيني الجيد، وكانت قيادتان متنافستان واحدة وطنية تضم فصائل المنظمة، وأخرى إسلامية، وفي الثانية، كانت السلطة الفلسطينية، وكان التراجع اللافت للفعاليات الشعبية لمصلحة المقاومة المسلحة .
    وأما في الثالثة المأمولة، فثمة دولة فلسطينية “غير عضو” معترف بها، وانقسام فلسطيني أفقي وعمودي يتكرّس باستمرار، ووضع اقتصادي وسياسي سيّئ جداً، فضلاً عن تآكل التفاؤل الذي رافق ما يسمى “ثورات الربيع العربي”، وتراجع منسوب الأمل بتأكيدها البعد القومي لحركتها التغييرية عبر بوابة فلسطين وقضيتها الوطنية، دون أن يلغي كل ذلك وجود مزيج وطني وسياسي واقتصادي واجتماعي فلسطيني محتقن يمكن انفجاره، وعلى نطاق واسع، في أية لحظة .

    فتح والجهاد وحماس ثلاثي والنبع واحد (4)
    بقلم: حسن خليل حسين عن السبيل الأردنية
    بعد تشرد الثورة الفلسطينية وتمزقها على سفوح المرتفعات السودانية عام 1982م، وجبال اليمن بشقيها شمالا وجنوبا، وفي العراق والأردن وتونس والجزائر وشمال لبنان، ورقود القيادة الفلسطينية في تونس ومصالحتها مع مصر مبارك في ظل الخنوع والانحناء، وخلال فترة الضياع وانتصار «إسرائيل» وعربدتها، تحرك نفر من شباب الجامعات في مصر بقيادة شاب يدعى فتحي الشقاقي، ومعه صديقه محمد الهندي الطالبان في كلية الطب بالقاهرة، وهما من شباب جامعة الإخوان المسلمين، حيث رأيا في حركة الجمود الفلسطيني بقيادة حركة فتح في تونس، ومعها حوالي عشرة فصائل فلسطينية تتحرك كلما تحركت فتح، وفصائل الصاعقة السورية والجبهات الشعبية الثلاث التي توالدت من رحم الجبهة الشعبية الأم بزعامة الدكتور جورج حبش، حيث جعلت من البقاع اللبنانية وشمال لبنان ميدانا لوجودها في برزخ عام 1984م – 1990م، ومجالا لتحركها في ظل ظروف مشابهة تلك التي انطلقت خلالها حركة فتح عام 1965م، فقام فتحي الشقاقي ومحمد الهندي بالاتصال بقيادة الإخوان المسلمين في مصر، وحاول الجميع عمل شيء بالنسبة لمقاومة الاحتلال.
    وقد امتلأت الساحة الفلسطينية بالمنظمات التي تقاوم أو تدعي أنها تقاوم، ويبدو أن جماعة الإخوان كانت لها نظرة غير متعجلة؛ مما أدى إلى تمرد شباب فلسطين الذين نظموا أنفسهم تحت راية أسموها «الجهاد الإسلامي» بقيادة ابن غزة فتحي الشقاقي الذي أوضح وجهة نظره في كتيب حول فكرة الجهاد في فلسطين ضد الاحتلال اليهودي، واختلافه مع جماعة الإخوان المسلمين.
    وبدأ هذا التنظيم الجديد عمله على أرض الواقع بعمليات نوعية من شأنها أن تشد إليه الأنظار؛ فكان أن قام التنظيم باغتيال ضابط مخابرات إسرائيلي في منطقة الشجاعية بغزة برتبة «ميجر»، مما أدى إلى عملية انتقام إسرائيلي غاضبة ضد المواطنين الأبرياء، كما انقض شباب الجهاد في مدينة القدس على دفعة يهودية متدينة من خريجي المعاهد الدينية كانت تؤدي قسم الولاء لـ»إسرائيل»، فقُتل منهم عدد كبير؛ مما أشاع الذعر لدى حكومة «إسرائيل» وجنونها في الرد على الفلسطينيين، والبحث عن المنتمين لهذا التنظيم الجديد، فكان أن شاع اسم هذا التنظيم في وسائل الإعلام، ولقد قام أعضاء الجهاد بتسليح أنفسهم بشق النفس، معتمدين على الذات؛ بحيث اشتروا لهم أسلحة من جيوبهم الخاصة، حيث باع بعضهم متاعه كالثلاجات أو السيارات، واشتروا بقيمتها سلاحهم الشخصي.
    وعانى بعضهم الكثير حتى يستطيع شراء السلاح الذي يلزمه، وأحس شعب فلسطين بهذا التنظيم، واسمه المثير للحماس، بينما قامت مؤسسات مختلفة فلسطينية وعربية وإسلامية كإيران بدعم هذا التنظيم، وقامت جهات معينة بترويج إشاعات تقول إنه تنظيم إيراني، لكن الجهاد واصلت مسيرتها معتمدة على سمعتها التي بنتها بنضالها ونظافة أيديها، وكان سلوكها سببا في وجود احتكاك بين أعضائها وآخرين ينتمون لحركة فتح، وتعرضت كثيرا لمضايقات من قبل حركة فتح، لكنها شقت طريقها رغم الصعوبات، خاصة بعد استشهاد كثير من أبنائها وحاجة عائلاتهم إلى مساعدات حياتية، فاضطرت إلى إقامة علاقة مع منظمة التحرير؛ ليقوم صندوقها القومي ومؤسسة أسر الشهداء بتقديم مساعدات لأسرهم، وقام العقيد معمر القذافي بإقامة جسور مودة معهم، والتقى أمينهم العام الدكتور فتحي الشقاقي في طرابلس.
    وبعد يومين من اللقاء، وفي أثناء مروره بجزيرة مالطا لقي مصرعه في الفندق الذي يقيم فيه؛ مما أثار شبهة حول العقيد معمر القذافي، وهذا الاغتيال إثر خلاف معه حول أسلوب جهاده، وفشل القذافي في التنسيق معه على أمور معينة تماما، كما حدث في السبعينيات مع موسى الصدر الزعيم الشيعي اللبناني الذي قتله القذافي بأسلوب رخيص واضح المعالم!
    وحيث كان النصر حليف حركة حماس وحلفائها في معركة «حجارة من سجيل» التي أرغمت «إسرائيل» على التوسط؛ لإيقاف إطلاق النار، وفيها أعطت «إسرائيل» حركة حماس بعض المكاسب مثل: فتح معبر رفح طيلة النهار، لتدخل منه معدات البناء الثقيلة دون شروط لإعمار غزة؛ مما جعل الجنرال باراك يفكر في اعتزال السياسة؛ هربا من الجحيم الذي أوقعته فيه حركة حماس وأحرجته انتخابيا وأمام مناصريه الذين لم يعودوا ينظرون إليه كقائد لا يهزم يستحق أن يكون قائد حزب العمل، وفقد بعد معركة «السجيل» ألقه العسكري، وعبقريته القيادية، ربما نهائياً.
    بينما ارتفعت أسهم حماس نسبيا في وجه الرئيس محمود عباس صاحب فكرة عدم عسكرة المواجهة مع «إسرائيل»؛ لتفوقها العسكري على الثورة الفلسطينية! الذي يردد دائما أنه سيمنع نهائيا حدوث أية مواجهة مسلحة مع «إسرائيل» لتفوقها العسكري على الفلسطينيين! مما أدى إلى هبوط معنويات الشعب الفلسطيني، أو حدوث إحباط لدى مقاتلي الثورة الفلسطينية الذين كانوا يحاربون «إسرائيل» في القرن العشرين بسلاح بدائي قديم نخر فيه الصدأ، ورغم هذا كانوا يقومون بمواجهات عسكرية مع العدو دون تردد أو خوف، كما حدث في معارك الكرامة وغور الصافي والشريط الفلسطيني من غور نهر الأردن في مستعمرات جيشر وسمخ والجبل الأخضر، وربما قرب «تل أبيب»، وفي صفد والجليل وكريات شمونة، وفي خارج فلسطين وفي الألعاب الأولمبية؛ مما جعلهم يشكلون رادعا للرعب لدى «إسرائيل» إلى أن أصاب الثورة الفلسطينية الخور والضعف في أواخر عهد القائد ياسر عرفات.
    وفي عهد خليفته محمود عباس متحزما بمحمد دحلان وياسر عبد ربه وتوفيق الطيراوي، وتصريحات رئيسهم المتتالية حول جهله باستعمال المسدس، وأنه لن يسمح في ظل قيادته باستعمال السلاح أبدا ضد «إسرائيل»؛ مما جعل فلسطين تتراجع معنويا، وجعل فريقا من الانهزاميين يظهر في الساحة الفلسطينية ويسيطر على الساحة الفلسطينية في كل المجالات، وضاع وسط الزحام الأخ القائد محمد غنيم (أبو ماهر) الذي كان يؤمل منه أن يجدد الدماء في عروق بعض القيادات في الأرض المحتلة، وظهرت قيادات جديدة في الصف الأول للثورة الفلسطينية بعد وفاة ياسر عرفات مسموما، وأبو علي مصطفى قائد الجبهة الشعبية خليفة د.جورج حبش، وظهور قيادات باهتة ينقصها الحسّ الثوري والخطاب الجماهيري، وفقدانها الألق القيادي، والـ»كاريزما» النضالية.



    الفلسطينيون واتفاقات جنيف
    بقلم: عليان عليان عن السبيل الأردنية
    عانى الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا يزال يعاني معاناة قاسية؛ جراء الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدره، وما نجم وينجم عن هذا الاحتلال من جرائم متعددة على صعيد المجازر الدموية المستمرة، والـ»هولوكوست» المفتوح، أو الإبعاد، أو الزج بآلاف الفلسطينيين رجالاً واطفالاً ونساءً وكهولاً في سجون الاحتلال، أو على صعيد مصادرة الأراضي والاستيطان والجدار، أو على صعيد السطو على مصادر المياه، وتقطيع الوطن بالحواجز العسكرية، وتدمير المزروعات وتجريف الأراضي.. إلخ.
    والمأساة الكبرى أن الأسرى الفلسطينيين الذين يدفعون الثمن غالياً في معتقلات الاحتلال سنوات وسنوات من أعمارهم، دفاعاً عن تحرير الوطن وحريته، غير مشمولين باتفاقية جنيف الثالثة؛ باعتبارهم أسرى حرب ومناضلين من أجل الحرية، فتلك الاتفاقية تنص على توفير الشروط الصحية والطبية والإنسانية للأسرى، وتوفير المعاملة اللائقة وتوفير الحماية لهم، وعدم تعرضهم للتعذيب.. إلخ، ومن ثم تحريرهم.
    كما أن الصليب الأحمر الدولي هو الآخر لا يتعامل مع الأسرى الفلسطينيين بصفتهم «أسرى حرب»، بل بصفتهم جزءاً من شعب واقع تحت الاحتلال؛ وبالتالي يخضعون كبقية الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة لاتفاقية جنيف الرابعة التي تفرض على سلطة الاحتلال توفير الحماية له، وعدم فرض سياسة العقاب الجماعي بحقه، وبخاصة وفق البابين الثالث والرابع.
    فهذه الاتفاقية التي وضعت عام 1949 تعاملت مع الحروب بين الدول، ومع حالات الاستعمار التقليدي، لكنها لم تعالج وضع الأسرى في ظروف الاستعمار «الكولونيالي» القائم على نفي الآخر وطرده من وطنه والاستيلاء على ممتلكاته، كما هو الحال بالنسبة للاستعمار الاستيطاني الإجلائي العنصري الصهيوني لفلسطين.
    فالمادة (4) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 -الخاصة بأسرى الحرب- تشتمل على ستة بنود؛ من ضمنها: أن يكون للمقاتلين لباس وشارة مميزة يمكن تحديدها من بعد، وأن يحملوا السلاح جهراً، وأن يقودهم شخص مسؤول عن مرؤوسيه.. ألخ.
    والأسئلة التي تطرح نفسها هنا: هل يستقيم هذا الوضع مع المقاومين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ضوء هذا النوع من الاستعمار؟ هل يتوجب على المقاتلين الفلسطينيين أن يلتزموا بذلك؛ بما يعني كشف أنفسهم لسلطات الاحتلال بزيهم وشاراتهم وسلاحهم؟ وهل عليهم أن يكشفوا عن المسؤولين عنهم؟ ولم يتبق على المقاتلين الفلسطينيين حتى تشملهم اتفاقية جنيف الثالثة، سوى أن يبلغوا العدو عن مكان وزمان العمليات الفدائية التي ينوون القيام بها!!
    لقد طالب الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان منذ عام 1967، بتطبيق اتفاقية جنيف الثالثة بأبوابها الستة وملاحقها الخمسة على الأسرى الفلسطينيين، لكن دونما جدوى؛ بدعوى أن الاتفاقية لا تنطبق عليهم!
    كما طالب الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، ومنظمات حقوق الإنسان على مدى 33 عاماً بتطبيق اتفاقات جنيف الرابعة عليه، وبخاصة البابان الثالث والرابع؛ بوصفه شعباً خاضعاً للاحتلال يتوجب حمايته، وعدم فرض سياسة العقاب الجماعي ضده، ولكن دونما جدوى، رغم أن اتفاقية جنيف الرابعة تنطبق عليهم! والمبرر المزعوم عدم وجود دولة فلسطينية.
    في ضوء ما تقدم لابد من تأكيد بديهية محددة، ألا وهي أن القوة هي الأساس لتحرير الأسرى، فمن خلال القوة ممثلةً بنجاح المقاومة في أسر عدد من جنود العدو الصهيوني، تمكنت المقاومتان الفلسطينية واللبنانية من تحرير آلاف الأسرى عبر صفقات تبادل متعددة منذ عام 1967 وحتى اللحظة الراهنة.
    كما أن تعديل ميزان القوى على الأرض، وعلى أرضية المقاومة وتثميرها سياسياً هو الكفيل بتطبيق اتفاقات جنيف الرابعة؛ لضمان حماية الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، ولوضع حد لغطرسة العدو، ووضع حد لمهزلة «أنه دولة فوق القانون» بدعم من إمبريالية الولايات المتحدة.
    وفي ضوء ما تقدم يتوجب على الجانب الفلسطيني ما يأتي:
    أولاً: إعادة الاعتبار لـ»تقرير غولدستون»، الخاص بجرائم العدو في حربه العدوانية على غزة عام 2008، والعمل على تفعيله دولياً بعد أن صوت مجلس حقوق الإنسان بالإيجاب عليه عام 2009.
    ثانياً: إعادة الاعتبار للرأي الاستشاري، الصادر عن محكمة العدل الدولية عام 2004، بخصوص جدار الضم والتهجير العنصري الذي اعتبر «الجدار» باطلاً قانوناً وتجب إزالته، وأنه يتوجب على «إسرائيل» دفع التعويضات عن الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني جراء بنائه، والذي اعتبر الاستيطان الإسرائيلي برمته باطلاً قانونياً.
    ثالثاً: توظيف إنجاز حصول فلسطين على صفة «دولة غير عضو» في الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ باتجاه التوقيع على اتفاقية روما للدخول في معركة تقديم لائحة اتهام لمجرمي الحرب الإسرائيليين إلى محكمة الجنايات الدولية، وكذلك التوقيع على اتفاقات جنيف الثالثة والرابعة، الخاصة بالأسرى وبالشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
    رابعاً: أن يعمل الجانب الفلسطيني بالتنسيق مع القوى الإقليمية الرئيسية (الجامعة العربية، منظمة المؤتمر الإسلامي، منظومة عدم الانحياز، الاتحاد الإفريقي وغيرها من المنظمات الإقليمية المؤيدة نضال الشعب الفلسطيني) على إجراء تعديل على اتفاقية جنيف الثالثة، وخاصةً الفقرة 2 من المادة الرابعة من الباب الأول؛ بحيث تعالج قضية الأسرى في ضوء الاحتلال «الكولونيالي» الإجلائي حتى يصبح الأسرى الفلسطينيون مشمولين بها.

    ما كان ينبغي لـ «دولة فلسطين» أنْ تبدأ به!
    بقلم: جواد البشيتي عن الوطن القطرية
    «دولة فلسطين» هي الآن عضو مراقب في الأمم المتحدة، وإنَّ أحداً من المتضلِّعين من الصراع القومي التاريخي بين «إسرائيل» والشعب الفلسطيني لا يمكنه التشكيك في الأهمية السياسية ـ التاريخية لهذا الإنجاز الفلسطيني، ويكفي دليلاً على ذلك أنَّ إسرائيل لم تَعْرِف من الرُّدود العقابية والانتقامية والرَّدعية (حتى الآن) على هذا «التجرُّؤ الفلسطيني» إلاَّ ما يتَّسِم بمزيدٍ من الطَّيش والنَّزق واللاعقلانية، وكأنَّها خرجت عن طورها، وبما يُوافِق هذا الذي قُلْت تماماً يمكننا وينبغي لنا أنْ نفهم ما ترتكبه من جرائم تعذيب قاتِل (أو حتى القتل) في حقِّ فلسطينيين لم يمضِ على اعتقالها التعسفي لهم إلاَّ وقتاً قصيراً.
    ومع ذلك، وحتى الآن، لم تَعْرف القيادة الفلسطينية صانعة ذلك الإنجاز كيف تستثمره بما يُحْدِث فَرْقاً يُعْتَدُّ به (أو نوعياً) في مُجْمَل الوضع الفلسطيني، وكيف تقيم الدليل، من ثمَّ، على أنَّها أهلٌ لهذا التحدِّي المزدوج: تحدِّي الحدث، أو الإنجاز، نفسه لها أنْ تكون، بقرارها وتصرُّفها وفعلها، على مستوى أهميته التاريخية، وتحدِّي إسرائيل لها أنْ تأتي بما يُقْنِع شعبها بالأهمية السياسية العملية والواقعية للاعتراف بـ «دولة فلسطين» على أنَّها عضو مراقِب في الأمم المتحدة، وإلاَّ كانت النتيجة النهائية والعملية هي شَحْن الموقف الإسرائيلي بشيء من المنطق، لأنَّ حكومة نتانياهو لن تجد مشقَّة، إذا ما ظل الفلسطينيون عاجزين عن استثمار إنجازهم، في إثبات أنَّ تَمَاثُل حالتين (حالة ما قبل الاعتراف، وحالة ما بعده) إنْ عنى شيئاً فلا يعني إلاَّ أنَّهما حالة واحدة!
    لقد عرف الفلسطينيون كيف يسيرون في الطريق إلى نيويورك، لكنَّهم لم يسيروا بعد في الطريق التي شَقَّها لهم «إنجاز نيويورك»، ولو أردتُّ التكلُّم بإيجاز عن هذه الطريق لقُلْت إنَّها «الطريق من نيويورك إلاَّ مفاوضات (أو استئناف مفاوضات) السلام عَبْر انتفاضة فلسطينية ثالثة (انتفاضة شعبية واسعة، سلمية بوسائلها وأدواتها وطرائقها)».
    كان ينبغي للفلسطينيين أنْ يفهموا الطريق الجديدة التي شقَّها لهم «إنجاز نيويورك» على هذا النحو، لأنَّ أيَّ فَهْمٍ آخر له يمكن أنْ يتسبَّب برؤية فيها كثير من الاختلاط والتشوُّش، وقد حدث هذا إذْ فُهِم انفجار الحراك الشعبي الفلسطيني بعد، وبسبب، الجرائم البشعة التي شرعت ترتكبها إسرائيل في حقِّ الأسرى الفلسطينيين، على أنَّه «نتيجة» يريدها، ويسعى إليها، الإسرائيليون، ويتعيَّن على الفلسطينيين، من ثمَّ، أنْ يقطعوا الطريق على إسرائيل، من طريق عدم انجرارهم إلى «الفوضى».
    إنَّ المجتمع الدولي لن يتحرَّك بما يوافِق «المعاني الكامنة» في الاعتراف بـ «دولة فلسطين» على أنَّها عضو مراقِب في الأمم المتحدة، تحتل إسرائيل إقليمها، وعليه، من ثمَّ، أنْ يسعى سعياً جاداً وحقيقياً لرفع هذا الاحتلال، إلاَّ إذا تولَّت انتفاضة فلسطينية ثالثة (وأخيرة) مهمة أنْ تُظْهِر له، وتشرح، هذه المعاني، وأنْ تَجُرُّه وراءها إلى الأمام.
    إنَّ احتلالاً فَشِل في إقناع الفلسطينيين أنفسهم بأهمية وضرورة أنْ يتصالحوا للخلاص منه، لن ينجح في إقناع المجتمع الدولي بأهمية وضرورة أنْ يسعى في رَفْعه عن إقليم دولة اعْتُرِف بها على أنَّها عضو مراقب في الأمم المتحدة.
    «دولة فلسطين» لم تَقُمْ حتى الآن بما يمكنها، وينبغي لها، القيام به، توصُّلاً إلى إثبات وتأكيد أنَّها لا تختلف (من الوجهة القانونية والحقوقية) عن سائر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلاَّ في أمْرٍ واحد، هو عدم تمتعها بالحقِّ في التصويت، وكان ينبغي لها أنْ تبدأ ممارَسة حقوقها المعترف بها دولياً بعقد اتفاقيات مع الدول العربية المجاورة لها، فَلِمَ لم تَدْعُ مصر والأردن إلى عقد اتفاقيات تُنَظِّم كل الشؤون الحدودية بينها وبينهما، فمعبر رفح، على وجه الخصوص، يجب أنْ يُفْتَح تماماً ونهائياً، عملاً باتفاقية حدودية (جديدة) بين دولتي فلسطين ومصر، والمعابر والجسور مع الأردن يجب أنْ تشملها اتفاقية ثانية (جديدة، ثنائية، لا يد، ولا إصبع، لإسرائيل فيها) حتى إذا مَنَعَت إسرائيل تنفيذها توجَّهت الدولتان (فلسطين والأردن) بالشكوى إلى الأمم المتحدة، وسارتا قُدُماً في المسار القانوني الدولي، فإنَّ حاجة الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الاستيراد والتصدير عبر الموانئ الإسرائيلية، وإلى أنْ تتولَّى إسرائيل جباية الرسوم الجمركية نيابةً عن السلطة الفلسطينية، يجب أنْ تنتهي، لأنَّ بانتهائها تبدأ «دولة فلسطين» بممارسة شيء من سيادتها.
    خطوة بالاتجاه الصحيح ولكن..
    بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
    القنصلية العامة للاتحاد الاوروبى في القدس و رام الله أصدرت تقريرا على جانب كبير من الاهمية، ويستحق الثناء عليه، ويمكن اعتباره اداة ضغط على دولة الاحتلال الاسرائيلي ولكن.. يبقى الامر في الاطار النظري ما لم تترجم الاقوال الى افعال فورية ليشعر الاسرائيليون ان في الامر جدة وتصميما على عدم اهدار «حل الدولتين».
    هذا التقرير «غير الملزم» والصادر عن قناصل وممثلي دول الاتحاد الاوروبي في القدس ورام الله يشدد على ان الاستيطان بكل أشكاله عمل غير شرعي ويخالف القانون الدولي، وأن الاستمرار فيه هو اكبر تهديد يواجه عملية السلام وحل الدولتين، وبالتالي أوصى الأوروبيون بعدم التعامل أو الاستثمار أو التبادل التجاري أو التعاون العلمي، أو الزراعي أو الصناعي، أو الاقتصادي مع المستوطنات.
    لاشك انه تقرير نوعي متطور ومتقدم في الطريق نحو معالجة السياسة الاستيطانية الاسرائيلية التي تستهدف تدمير أي فرصة للتسوية قابلة للحياة، ولكنه يفتقر الى «الجدية» لغياب المواقف الاوروبية «العملية» بما ينسجم ويتلاءم مع التقرير ومع مواقفها الرافضة بشدة للاستيطان الذي يهدد بقوة «حل الدولتين»، فالوضع لا يحتاج الى مثل هذه التقارير «الصماء» على الرغم من اهمية ما جاء فيها من حقائق يدركها القاصي والداني، ويعترف بها المجتمع الدولي ولكنه يتعامى عن سلوك الطريق السوي لتصحيح المسار وصولا لنتائج تخدم السلام والاستقرار العالمي، فالوضع يحتاج بإلحاح الى مواقف عملية لردع الاحتلال عن تغوله الاستيطاني المتصاعدة وتيرته وبشكل «منهجي ومتعمد واستفزازي».
    الفكرة مثمنة، ولكنها تبقى منحصرة في هذا الإطار طالما انه لم يتخذ الاتحاد الاوروبي خطوة عملية باتجاه التطبيق، الامر الذي سيرغم الاحتلال الاسرائيلي على اعادة النظر في السياسة العنجهية المتغطرسة تجاه هذا الملف الذي يمثل البوابة الحقيقية التي تقف على مسربين اما المضي في الاستيطان والقضاء على الامل بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس واما ان تنسف السياسة الاستيطانية ما يسمى بـ «حل الدولتين».

    «الحرس»: أسئلة إسرائيلية.. مقصورة
    بقلم: نهلة الشهال عن السفير البيروتية
    مثيرة رؤية ستة قادة لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، («الشين بت»)، يتحدثون بشكل علني وحر أمام الكاميرا. ومثير أكثر التقاط ما تؤشر إليه مواقفهم. في الجانب الأول، تفرض المقارنة نفسها على مشاهد عربي لا يمكنه، بإزاء ما يرى، إلا أن يسأل نفسه عن الأسباب التي تحول دون توفر قادة كهؤلاء في بلداننا، عقلانيون، بما أن العقلانية هي قبل كل شيء رؤية متفحصة، نقدية، للعالم وللنفس، وأصحاب كفاءة عالية بما يخص مهمتهم. لا يمكن للمشاهد العربي إلا أن يتذكر أن هؤلاء هم أعداؤه، لأنهم قادة أحد أجهزة إسرائيل الأكثر فعالية، لأنهم من نظَّم القمع في فلسطين، من أصدر الأوامر باغتيال المناضلين الفلسطينيين وبحملة «تكسير عظام الأذرع» الشهيرة أثناء الانتفاضة الأولى. ولكن هذه الوقائع تزيد من منسوب ذلك الشكل من «الإعجاب» المستند إلى الغيرة، إلى المقارنة مع الذات والتأسف عليها. وهناك بالطبع الصعيد الفردي، حيث يرى المشاهد شخصيات قلقة، بعيدة عن اليقينية الواثقة المنتجة للخطابية الجوفاء و... الكاذبة.
    ولكن الجانب الثاني هو الأهم. تكشف مداخلات القادة الستة المعضلة العميقة والوجودية لإسرائيل. هم لا يتقصدون ذلك، وربما لا يعونه. فهم لا يضعون مصير بلدهم موضع بحث. لا كشرعية النشأة، ولا كحتمية المآل. هم يناقشون من ضمن دائرة القائم. يتأسفون لغياب الرؤية الإستراتيجية حول «الصراع» الفلسطيني ـ الإسرائيلي. قد يقول متشائل (بحسب «سعيد أبي النحس» رائعة الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي) «ولكنهم على الأقل يتساءلون». أسئلة لا تصل إلى نهاياتها، لا تذهب خلف معطيات العجز لتنبش أسبابه، بل هي تتجنب ذلك بشكل منهجي: ماذا لو لم يكن هناك رؤية ممكنة من دون القبول بتغيير أساس نشوء إسرائيل، وهي مشروع شديد الخصوصية، يمزج معاً مقاربة استعمارية استيطانية وعنصرية بغلاف يستلهم الخرافة بالدرجة الأولى، مرفوعة إلى مصاف الحقائق التاريخية المدعّمة بالإيمان الديني.
    ثم إسرائيل «مشروع»، وهذا بذاته إشكالية تضيء على مقدار الاصطناع أو الفبركة كما في كل مشروع. وهي مشروع جديد، وفي كل جدة قدر كبير من الهشاشة. وهي أخيراً مشروع يقوم على النزاع. وكان يجدر بأسئلة هؤلاء القادة أن تتطرق إلى ظاهرة لافتة: لم يُهزم الفلسطينيون كمطالبة وطنية تحررية رغم مرور 64 سنة على نشوء إسرائيل، وما يقرب من القرن على إقرار الفكرة نفسها (إذا اعتدّينا بمؤتمر بال الأول بسويسرا في 1897، يكون الزمن أكثر قليلاً، وإذا أبقينا على وعد بلفور 1917 نكون بصدد الاقتراب من المئة عام). لماذا لم يهزموا بينما تكاتفت كل الظروف ضدهم؟ هذا هو السؤال الأول والتأسيسي الذي يجدر به إقلاق راحة هؤلاء السادة.
    وبالتأكيد، فالجواب عليه ليس تقنياً (الفعالية القمعية و/أو الاستيعابية)، ولا هو سياسي بالمعني المباشر الذي يستعيد فكرة إسحاق رابين عن تسوية تاريخية ألقى بها الصهاينة المتشددون في المزبلة، باغتيال صاحبها أولاً، وبمجمل المسار الذي ساد إسرائيل مذاك وحتى اللحظة ثانياً، والذي يسمى تأدباً «انحياز متواصل إلى اليمين» (وكأن المشكل يحل باليسار الاسرائيلي الصهيوني!). ثم أن تلك التسوية، لو نجحت ـ وعلى فرض ـ لم تكن بقادرة على محو الظلم التاريخي الذي يتمثل بسلب فلسطين وتهجير أبنائها. ولكانت ربما وفَّرت إطاراً مؤقتاً لمرحلة، مرشحة حقا لأن تكون قصيرة.
    وعلى أية حال، فليس من العقلانية البحث في افتراضات غير متحققة ولا يوجد مؤشرات على احتمال تحققها. فقد عُقدت اتفاقيات أوسلو، ثم بدأ الطرف الإسرائيلي يستدرك، ويعدل ويؤجل في التنفيذ، قبل اغتيال رابين وبعده، بوجود شريكه بيريز الذي راح يبرر التخلي المتدرج والعنفي عن بنود تلك الاتفاقيات وروحها، إلى أن ماتت. ولا يوجد اليوم أي أثر عليها سوى «السلطة الفلسطينية» التي حُوِّلت بحكم الواقع إلى إدارة محلية تساعد الاحتلال. وليس مصادفة أن يعود إلى البروز بقوة المشروع «الراديكالي» لدولة واحدة لكل قاطنيها، الذي لم يغب نظرياً يوماً. وهو في حقيقته محاولة لحل معضلة وجود خمسة ملايين مهاجر يهودي من كل أرجاء العالم، أتوا إلى فلسطين تباعاً، وانخرطوا في مشروع عدواني مجنون وغير قابل للحياة، اسمه إسرائيل. ذلك أن الفلسطينيين لن يرموهم في البحر!
    يتأسف أحد قادة «الشين بت» في الفيلم أن جهازه لم يتمكن من توقع الانتفاضة الأولى، رغم أن تلك هي مهمته. لم يتوقع ولم يستبق. ويقول هو، كما رفاقه في الشريط الوثائقي وفي المهمة: «إسرائيل تربح كافة المعارك ولكنها لا تكسب الحرب». ألا يجدر هنا البحث عن السبب العميق للإقرار بالواقع هذا؟ يقول واحدهم: «نحن نمارس بصورة متواصلة التكتيك، وبغياب تام للاستراتيجيا». هل لأن الاستراتيجيا ستوصل إلى الاستحالة القائمة فعلا؟ جميع هؤلاء الستة كانوا ضباطاً في الجيش الإسرائيلي لسنوات، ومعظمهم كان يمكنه الطموح لدور سياسي كبير.
    جميعهم يؤكد فشل سياسات الجيش والسياسيين الإسرائيليين معاً، نقد لا يندرج في مجال التنافسات بين الاجهزة أو الحزازات الشخصية، ولا يجب ان يجعل العرب ينامون على حرير. يقول أكثر من واحد منهم، إن الجهاز يحتك بالفلسطينيين، لأنه مكلف باختراقهم وباستجواب من يُعتقل منهم. وهذا بخلاف الجيش الذي يقصفهم عن بعد ولا يعرفهم، وبخلاف السياسيين الذين راحوا يلتقون بمسؤولي السلطة الفلسطينية فحسب، وهذا غير كاف للتعرف إلى الفلسطينيين الحقيقيين والى «دوافعهم».
    وصف التعذيب يتولاه آمي ايالون، أكثرهم سياسية، الذي امسك بجهاز الأمن الداخلي العام 1995 عقب اغتيال رابين، واستقال منه العام 2000 ليصبح بعد ذلك عضواً في «الكنيست» عن «حزب العمل»، منافساً لإيهود باراك بشدة على زعامته، مطلقاً «مبادرة سلام» مع سري نسيبة، ثم وزيراً بلا حقيبة العام 2007. يبدو متأثراً، يعرف أن المقياس الأخلاقي منتهك، ولكنه وفي الوقت نفسه «واقعياً»، مبرراً الأمر بالحاجة لاستنطاق «الإرهابي» لحماية أرواح إسرائيلية، عسكرية ومدنية.
    ماذا خلف كل ذلك؟ فراغ كبير. لأن السيد أيالون وأقرانه يسجلون تكراراً عجز «الاغتيال الهادف» عن محو المقاومة الفلسطينية: «أسلوب وقائي، ولكنه غير فعال»، يقولون واحداً تلو الآخر. ما الأسلوب الفعال أيها السادة؟ يقول يوفال ديسكن، آخر قادة الجهاز الذي خرج إلى التقاعد العام 2011، «الاستمرار في الحوار»، ويبدو في ذلك مختبئاً خلف وهم، لعله يعرف أكثر من سواه مقدار شكليته. ألم يسمع هؤلاء بـ«الحق»؟ يشبه ديسكن في تمزقه تلك النكتة الفلسطينية التي شاعت اثر الانتفاضة الأولى والتي تقول إن الإسرائيليين يقتلون الفلسطينيين ثم يصرخون مطالبين ليس بسيارة إسعاف للقتلى والجرحى الذين سقطوا، بل بـ«طبيب نفسي»، لأن ما يقومون به يعذبهم، إنسانياً على المستوى الفردي، وسياسياً، لأنه يثير التساؤل حول مصير «الديموقراطية» الإسرائيلية.
    ولا يعني ذلك أن التساؤل هو مجرد كذب وتمثيل وتبرئة سهلة للضمير. فقد نشأت حركة «الرافضين» (Refusnik) من قلب الجيش الإسرائيلي. وهناك كتاب جميل عن رفض طيارين إلقاء قنابلهم فوق مدينة صور في حرب 1982. وهي حركة توسعت تباعاً، وينتهي أعضاؤها في الأغلب الأعم مناضلون... ضد الصهيونية نفسها وإسرائيل، وأنصار للحل الوحيد الذي يبدو، للمفارقة، واقعياً: دولة واحدة، ينتهي فيها التفوق الإسرائيلي أو اليهودي ويصبح هؤلاء الذين جاؤوا إلى هذه الأرض، وذريتهم، كما يقول ميشيل فارشافسكي، (ابرز المناضلين المناهضين للصهيونية، مؤسس مركز المعلومات البديل Alternative Information Center الذي ما زال يعيش في القدس) يهوداً شرقيين، أبناء المنطقة بالتبني، حتى لو كانت أصولهم بولونية!
    الفيلم الذي أراده مخرجه الإسرائيلي درور موريح، كمحاولة لإظهار وجه قادة الشين بت، وتجسيد ملامح شخصيات بشرية يخترقها القلق والتقلب (ما يراه كتحد كبير، لأن الجهاز وأصحابه هم تعريفاً «خفيون» ومقررون) انتهى في هذا الوثائقي - الوثيقة فيلماً سياسياً. سيذهب إلى «الأوسكار»، ونزل الى الصالات في الولايات المتحدة... وعرضته قناة «أرتي» في 5 آذار.

    لماذا يستمر حديث السلام؟...أوباما قادم لهدف واحد: «إسرائيل»
    بقلم: نعيم إبراهيم عن الوطن السورية
    بداية استميح القارئ الكريم المعذرة وأرجو أن يكون صدره رحباً يتسع لغيض من فيض عناوين مقالات وتحليلات وتعليقات ودراسات صهيونية وفلسطينية وعربية وأجنبية تناولت زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المرتقبة في الشهر المقبل إلى المنطقة، وهي بالمناسبة اختيارات من بين عشرات العناوين حتى كتابة هذه السطور..
    - أوباما في مهمة تاريخية: إقامة فلسطين..
    - زيارة أوباما: اعتراف إسرائيلي بفلسطين مع إبقاء الاحتلال!..
    - بانتظار أوباما..
    - تشريقة أوباما الثانية..
    - زيارة أوباما للمنطقة هل تحقق اختراقاً في عملية السلام؟
    - زيارة أوباما و«جعبة» المصالح والأهداف
    - أهداف زيارة أوباما للمنطقة..
    - أوباما آتٍ
    - ماذا نتوقّع من الرئيس أوباما حامل جائزة نوبل للسّلام؟..
    - تكاليف زيارة أوباما للبلاد: 15-20 مليون شيكل..
    - تشكيل الشرق الأوسط الجديد الضامن الأكيد لأمن إسرائيل..
    - زيارة أوباما المقررة لإسرائيل أكثر من رسالة طمأنة..
    - زيارة أوباما إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية: آمال كبيرة وتوقعات صغيرة..
    - أوباما إلى المنطقة وبيده «العصا والجزرة»؟!..
    - زيارة أوباما لن تعزز فرص السلام..
    ماذا بعد؟
    بالتأكيد يستطيع القارئ المدقق والمتمعن والمتابع أن يتعرف على أسباب ونتائج زيارة أوباما من خلال قراءة العناوين السالفة، وهي بكل تأكيد لا تحتاج إلى كبير عناء في التحليل والتركيب، وبالتالي لست آتياً بجديد عما ذكره الكتاب والمحللون والخبراء والإستراتيجيون في تناولهم لهذه الزيارة (الميمونة) اللهم إلا في قضية وجود الكيان الصهيوني، إذ لم أقرا فيما كتب ونشر إلا ما ندر حول تأكيد أن هذا الكيان لقيط زرع في هذه الأرض بالإكراه عن طريق الإرهاب والقتل والإجرام والتآمر مع بلاد هذا الضيف القادم وغيرها من دول الاستعمار والهيمنة والاستكبار بالتواطؤ مع كثير من أبناء جلدتنا (أنظمة وأحزاب وحركات يعرفها القاصي والداني) ومن ثم فإن وجوده غير شرعي على أي جزء في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ولا أريد العودة إلى وقائع التاريخ في كل ذلك، لأنها معروفة لدى كثير منا. لذلك فإن الزيارة لن تكون في أسبابها ونتائجها إلا في صالح الكيان الصهيوني (مشروعاً وأهدافاً ووجوداً على حساب الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية) وكل ما عدا ذلك تفاصيل في كيفية تثبيت هذا المشروع والوجود (القسري) له..
    إذن أوباما قادم من جديد، وفي قلبه ووجدانه وضميره وسياسته الداخلية والخارجية إسرائيل وكل ما عداها تزيين لقالب الحلوى الإسرائيلي- الأميركي ليس إلا.. هو أكد ذلك في خطاب حال الاتحاد قبل أيام في مستهل ولايته الثانية.. فهل كان ذلك مفاجأة؟ أم شكل صدمة؟ أم خطوة تأتي في سياق تأكيد العلاقات الأميركية- الإسرائيلية الراسخة؟ هذا الأمر صحيح تماماً بدليل التصفيق الحاد ولمرات عديدة ولفترات طويلة الذي لقيه الخطاب داخل قاعة الكونغرس الأميركي مترافقا مع الابتسامات العريضة وانشراح صدور أعضائه عند الحديث عن إسرائيل الحليفة- الصديقة- العزيزة- وربما الآمرة الناهية في كل شيء. وبدليل استمرار الكيان الصهيوني حتى الآن في ممارسة كل ما حرمته الشرائع السماوية والقوانين الوضعية بحق الإنسان صاحب الحق الوجودي في هذه الديار المقدسة.
    ومع ذلك قد يتساءل بعض منا، هل نتفاءل ونفرح؟ أم نتشاءم ونيئس؟ أم نتشاءل ونعيش حيارى كسابق عهود الإدارات الأميركية؟ أسئلة ربما تكون مكررة للمرة (....) أترك ملء الفراغ لكم.
    في محاولة للإجابة عن هذه التساؤلات أحيل القارئ إلى ما كتبه أحد الصهاينة في صحيفة هآريتس مؤخراً حيث يقول: إن الأهداف السياسية للولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة متماثلة. وبالنسبة للدولتين ليست إقامة الدولة الفلسطينية هدفاً بحد ذاته بل فقط وسيلة لتحقيق الهدف الأكبر. هدف أميركا هو تعزيز مكانتها في العالم من خلال نقل العالم الإسلامي إلى جانبها. أما إسرائيل فهدفها هو تسوية سياسية مع العالم العربي واعتراف العالم الإسلامي كله بها. على إسرائيل أن تتطلع، إذاً، إلى تسوية إقليمية واسعة، ليست إقامة دولة فلسطينية إلا أحد عناصرها، وبفضلها سيصل سفراء العرب إلى القدس.
    ويقول صهيوني آخر في الصحيفة ذاتها: لنفترض أن التفاوض سيستأنف؛ فيم سيتحدثون هناك؟ أصبحت الصيغة القديمة «الأرض مقابل السلام» أبعد مما كانت من قبل. فنتنياهو يعارض أي تخل عن أرض بحجة أن كل أرض ستخليها إسرائيل ستتحول فوراً إلى «قاعدة إرهاب إيرانية». ويُصر أيضاً على أن يظل الجيش الإسرائيلي موجودا على طول نهر الأردن مسيطراً على حدود الفلسطينيين الخارجية. وإن تقلبات الربيع العربي وخطر انهيار النظام في الأردن يعززان في الظاهر موقفه، وهو أنه لا ينبغي المخاطرة الآن.
    أميركياً سربت مصادر دبلوماسية قبل عدة أيام أن بعض مستشاري الرئيس الأميركي ناقشوا في لقاء «متحرر من الرسميات» داخل البيت الأبيض، المواضيع والسياسة الخارجية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي وذلك عشية جولة الرئيس أوباما إلى المنطقة وخرجوا بنتيجة أن تشكيل الشرق الأوسط الجديد هو الطريق الأسلم لطمأنة إسرائيل ودعم أمنها، وأن الضمانات الأمنية التي ستتوافر لإسرائيل في أي مفاوضات مع الفلسطينيين يجب أن تتصدر أي تفاهمات أو اتفاقيات مستقبلية.
    وقالت المصادر: إن هؤلاء المستشارين أكدوا أن الجانب الأهم في جولة أوباما المرتقبة، هو التأكيد لإسرائيل أن أميركا ما زالت الحارس الأمين والضامن لأمن «الدولة اليهودية»، وأن الرئيس أوباما سيعلن ذلك صراحة في خطاباته العلنية التي سيوجهها للإسرائيليين، ومن خلال كلماته في لقاءاته مع قادة إسرائيل، وأشارت المصادر نقلاً عن مستشارين للرئيس الأميركي بأن أوباما لن يقف طويلاً خلال زيارته لإسرائيل عند موضوع المستوطنات، ولن يتحدث عن ضرورات ومواقف صلبة في هذه القضية، ولن يتحرك ضد إسرائيل أو يتخذ أي خطوة قد تؤثر على صورة إدارته في أوساط اليهود، وهو لن يسمح لنفسه ولن يسمح له بأن يسيء إلى الحزب الديمقراطي المقبل على بعض التحديات الداخلية.
    مرة أخرى ماذا يعني ذلك وهو غيض من فيض حول التحالف الإستراتيجي بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية؟ بالتأكيد ليس خافياً أن هناك إستراتيجية واضحة المعالم تربط بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، تقوم على دعم سياسي وعسكري واقتصادي مطلق له، واعتباره جزءاً من الأمن القومي الأميركي، وتوفير كل ما يحتاجه لإبقائه متفوقاً على كل دول المنطقة، وتأمين مظلة سياسية دائمة لحمايته من أي مساءلة كي يبقى خارج الشرعية الدولية والقانون الدولي مهما ارتكب من اعتداءات وانتهاكات ومجازر تصل إلى حد جرائم الحرب. ثم إن الولايات المتحدة مستعدة لوضع مصالح الكيان الصهيوني أولاً، والتخلي عن مصالحها الحيوية في المنطقة، إذا كان الأمر يقتضي إرضاء اللوبي الصهيوني، وكثيراً ما تراجعت الإدارات الأميركية المتعاقبة، ومن بينها إدارة أوباما، عن مواقف إرضاء للكيان الصهيوني وبما يضرّ بمصالحها. في مقابل هذا التحالف الإستراتيجي حد التماهي المطلق، يتمسك الرسميون الفلسطينيون والعرب بإستراتيجية التسول التي تقوم على انتظار ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة فقط.. وهي لن تقدم شيئاً إلا المزيد من الوهم حسب تأكيد مثقف عربي وهو دون شك صادق في تقديره هذا.. فلماذا يستمر حديث السلام مع شذاذ آفاق، وجودهم على هذه الأرض هو نقيض للسلام ولمستقبل البشرية؟

    علاقة واشنطن وتل أبيب المتجددة
    بقلم: عماد الدين أديب عن الشرق الأوسط
    كلام نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في المؤتمر السنوي لـ«الأيباك» أول من أمس عن الربيع العربي يدعو للتأمل العميق.
    قال بايدن في كلمته «إن ظهور حالة الربيع العربي في المنطقة جعلت الولايات المتحدة وإسرائيل تتابعان الحدث بأهمية، إلا أن الشعور بالأمل أولا، ثم عدم اليقين في اتجاهات دول الربيع العربي، جعلت واشنطن وتل أبيب في قلق».
    وربط جو بايدن الوضع القلق والبعيد عن اليقين بالوضع المقلق المماثل في إيران. وأكد بنيامين نتنياهو ثم إيهود باراك في كلمتيهما أن الخطر الإيراني هو أمر لا يمكن السكوت عنه.
    وأشار بايدن إلى أن هناك خلافا تكتيكيا بين واشنطن وتل أبيب حول أسلوب التعامل مع المخاطر النووية الإيرانية.
    وتأتي هذه الإشارة إلى الخطة الإسرائيلية العسكرية الساعية إلى توجيه ضربة جدية مجهضة قبيل شهر يونيو (حزيران) من العام الحالي، وهو السقف الزمني الذي توقعته إسرائيل لاكتمال عمليات التخصيب النووي الإيراني.
    وتعتقد واشنطن أن أي عمليات عسكرية إسرائيلية ضد إيران هي نوع من المغامرة غير المحسوبة؛ لأن مخاطرها على المصالح الأميركية في العراق والخليج وممرات تصدير النفط وأسعاره ستكون هائلة.
    ويأتي مؤتمر «الأيباك» هذا العام الأول من نوعه منذ 7 سنوات الذي لا يشارك فيه الرئيس الأميركي ولا رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولا يتم فيه تقديم أي وعود مالية بزيادة مساعدات اقتصادية أو عسكرية من قبل الإدارة الأميركية للحكومة الإسرائيلية.
    الرئيس أوباما مشغول في ملفاته الداخلية، ورئيس الوزراء الإسرائيلي يعيش تحت سيف مسلط على رقبته من أجل التمكن من تشكيل حكومة ائتلاف ذات أغلبية برلمانية بعدما وافق الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس على منحه 14 يوما إضافية للتمكن من حل عقدة تشكيل الحكومة. هنا تبرز عدة أسئلة جوهرية حول مستقبل العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، أهمها:
    أولا: من الذي سيقود إدارة الصراع في المنطقة خلال الأشهر القليلة المقبلة فيما يخص الملف الإيراني ومستقبل الوضع في سوريا؟ هل كلمة تل أبيب هي العليا أم واشنطن؟
    ثانيا: هل سياسة نتنياهو التقليدية في المراوغة والمراوحة في ذات المكان بالنسبة للملف الفلسطيني مستمرة كما هي؟ وهل ستقبل واشنطن باستمرارها وتحمل نتائجها السلبية؟
    ثالثا: هل فشل دول الربيع العربي في إثبات القدرة على إدارة شؤون المنطقة بشكل يطمئن واشنطن سوف يعيد الرهان الأميركي بالكامل على الحليف الإسرائيلي وحده دون سواه؟ أسئلة جوهرية في الإجابة عنها يكمن مستقبل المنطقة خلال الشهور المقبلة.

    العلاقات الأمريكية ــــ الإسرائيلية عشية زيارة أوباما لإسرائيل
    بقلم: دوري غولد عن الشروق المصرية
    قدّمت صحيفة «نيويورك تايمز» بتاريخ 8 /1/2013 لمحة خاطفة واستثنائية عن مستوى التعاون الاستخباراتى بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وذلك عندما تحدثت عن حصول الجيش الإسرائيلى على معلومات عبر الأقمار الصناعية تشير إلى أن القوات السورية بدأت بإعداد قذائف محملة بمواد كيميائية، وأنه يجرى تركيب هذه القذائف على مركبات بالقرب من قواعد سلاح الجو السوري. وبحسب التقديرات، فإن هذه القذائف ستكون جاهزة للاستخدام خلال ساعتين من اللحظة التى يصدر فيها الرئيس الأسد أوامره.
    ووفقا للصحيفة، فقد نقلت إسرائيل المعلومات التى حصلت عليها إلى البنتاجون، والتى على أساسها بدأ الرئيس أوباما العمل على تشكيل ائتلاف دولى هدفه منع الأسد من استخدام السلاح الكيميائى فى الحرب الأهلية في سورية. وتوجهت الولايات المتحدة إلى روسيا والصين وتركيا، وإلى بعض الدول العربية التى تشعر بالقلق إزاء ما يمكن أن يفعله الأسد. ويمكن القول إن ما نشرته الصحيفة يشكل دليلا على الطابع الخاص للعلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وهذا ما يجب علينا أن نتذكره عشية زيارة أوباما لإسرائيل.
    خلال الحرب الباردة قدّمت إسرائيل إلى الولايات المتحدة معلومات عسكرية تتعلق بمنظومات السلاح السوفييتى التى حصلت عليها من مخازن السلاح السورية والمصرية. وفى سنة 1966 زودت إسرائيل الولايات المتحدة بطائرة ميغ 21، حصل عليها الموساد من العراق.
    خلال الأعوام التى أعقبت ذلك، أعطت إسرائيل واشنطن منظومة سوفييتية كاملة مضادة للطائرات. وما قول رئيس الاستخبارات الجوية الأمريكى السابق الجنرال جورج كينغ، أن الولايات المتحدة لم تكن قادرة على الحصول على هذه المعلومات الاستخباراتية من هذا المستوى على الرغم من أن لديها خمس وكالات للاستخبارات ــ سوى دليل على تقدير الولايات المتحدة الكبير للمساعدة الأمنية التى تقدمها إسرائيل.
    فى 11 سبتمبر بدت العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل أوثق من أى وقت مضى، ولا سيما فى ظل الخطر الجديد المتمثل فى الإرهاب العالمي. فالسبيل إلى تحقيق الانتصار فى هذه الحرب هو الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة عن التنظيمات، وعن زعمائها. ويتطلب هذا الأمر تعاونا استخباراتيا كان العديد من الدول فى الماضى يرفضه بما فيها إسرائيل.
    وفى مقال كتبه رئيس شعبة الأبحاث فى الاستخبارات العسكرية يوسى كوبرفاسر فى سنة 2007، وتناول فيه طبيعة الإصلاحات التى تقوم بها إسرائيل على الصعيد الاستخباراتى، يتضح أن أهم مجال لهذه الإصلاحات كان فى مجال التعاون الاستخباراتى الدولي. واستنادا إليه، فإن عمل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية لا يقتصر حاليا على حاجات إسرائيل الأمنية، بل يتناول أيضا جمع وتحليل المعلومات التى تكون الولايات المتحدة، فى كثير من الأحيان، المستفيد الأساسى منها.
    ويتناول التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل كثيرا من المجالات، ويشكل حضور ضباط أمريكيين تجربة إطلاق صاروخ حيتس 3 هذا الأسبوع نموذجا لهذا التعاون. كما أن حجم المناورات العسكرية المشتركة ازداد كثيرا وبلغ حده الأقصى. وتأتى بصورة دائمة بعثات من مركز التدريب والعقيدة العسكرية للجيش الأمريكى إلى إسرائيل كى تعلّم دروس العمليات العسكرية للجيش
    الإسرائيلى فى الضفة الغربية والجنوب اللبنانى وقطاع غزة. وليس من المستبعد أن نكتشف أن جزءا من الخطط التى استخدمها الجيش الأمريكى في الفالوجة فى العراق فى سنة 2004، مأخوذ من المعارك التى دارت فى جنين . فى سنة 2002.

    أسئلة ما بعد «الربيع»
    بقلم: سليمان الهتلان (كاتب وإعلامي سعودي) عن الحياة اللندنية
    أن تحتفي بالربيع العربي لا يعني بالضرورة أن تحتفي بنتائجه. وأن تمارس فضيلة النقد - والنقد القاسي أحياناً - إزاء ما آلت إليه الأحوال في بلدان «الربيع» لا يعني ردّاً فكرياً ضد أفكار «التغيير» و «التطوير» و «الإصلاح» التي تنشدها وتنادي بها منذ زمن، ومن قبل أيام الربيع. لكننا في عصر شاهد على أننا في العالم العربي لم نتغير كثيراً حتى وإن سقطت أنظمة سياسية وتوارت أجيال وزادت أعداد الشباب وامتلكنا أحدث أجهزة الاتصال والتواصل. فتهم مثل «العمالة» و «الخيانة» و «التواطؤ» غدت مرتكزات جوهرية في خطابنا العربي منذ عقود. من وقف ضد الانقلابات العسكرية، في زمانها، اتُهم بالعمالة، ومن رفض أفكاراً كالقومية والاشتراكية اتُهم بالخيانة والرجعية، ومن وقف ضد الإقصاء باسم الدين اتُهم بالكفر والإلحاد.
    وها نحن اليوم نشهد عصراً جديداً من التخوين والإقصاء. فثنائية «معي» وإلا فأنت «ضدي» هي اليوم سيدة المشهد. هكذا، صار المرء في حيرة من أمره: إن عبّر عن قلقه إزاء هيمنة الإسلام السياسي على المشهد كان هدفاً سهلاً لتهم التخوين والعمالة وفتاوى التكفير. وإن كان ضد هيمنة «الإخوان المسلمين» على المشهد السياسي في مصر أو تونس فهو تلقائياً مصنف من أعوان «النظام السابق» وفي دائرة «الفلول». ففي هكذا بيئة، لا يمكنك أن تعارض «الإخوان» إلا إن كنت ضد الربيع العربي. ولا يمكن أن تشكك في قدرة الأنظمة الجديدة على الخروج من «عنق الزجاجة» إلا لكونك ضد الثورة ومن عملاء حكومات تخشى من تداعيات الربيع وتحارب شباب الثورة، وإن تحدثت في أن «الإخوان» مارسوا انتهازية سياسية في أقبح صورها وقطفوا بسببها ثمار «الربيع» سُلّطت ضدك سهام التخوين وتهم العمالة لأميركا ومن أدوات التغريب.
    يا سبحان الله: صارت العلاقات الودية اليوم مع الأميركيين حلالاً على «الإخوان» حرام على غيرهم؟ هي عند «الإخوان» مناورات سياسية، لكنها مع غيرهم عمالة وتآمر؟ المؤلم، في هذا المناخ المتأزم والملوث بكل أشكال التناقض والفوضى، أن يبقى العقل العربي، مثل ما كان قبل «الربيع»، أسيراً للفكرة التي تقدس الفرد على حساب الأمة و تستبدل ديكتاتورية الفرد بديكتاتورية الأيديولوجيا والجماعة.
    وكل ما سبق لا يتعارض مع وجاهة الثورة التي انطلقت من تونس وامتدت سريعاً إلى مصر وليبيا واليمن وسورية. الحقيقة أنها (الثورة) جاءت إلى تلك البلدان متأخرة جداً. كل المقدمات السابقة لها كانت واقعاً شديد القسوة يعانيه المواطن هناك يومياً. القضية ليست في مبدأ الثورة نفسه. ولا في وجاهة أسبابها واستحقاقها. لكن المشكلة في تداعياتها وما آلت إليه في بعض مناطق الربيع.
    صحيح أن الثورة الحقيقية تبدأ بعد سقوط الديكتاتور. وصحيح أن الثورة الفرنسية استغرقت ثمانية عقود حتى بانت وجوهها. وصحيح أيضاً أن من الظلم أن نتوقع أن تصلح الثورة في سنتين ما أُفسد على مدى أربعة عقود أو أكثر. كل هذا عندي صحيح. لكن معظم المؤشرات تكاد تؤكد أن الثورة التي كان شباب التغيير وقودها قد اختطفت وبدأت تتجه للدائرة ذاتها، ولكن في أشكال جديدة، التي انطلقت بسببها.
    فهل يعقل أن يأتي بديل السيئ سيئاً إن لم يكن أسوأ؟ وكيف لنا أن نصفق ونغني لقطار نراه – عياناً بياناً – يتجه بمن فيه نحو الهاوية؟ وهنا نعود إلى جدال متجدد حول التنمية والديموقراطية: أيهما يأتي أولاً؟ أصبحتُ اليوم على قناعة شديدة الوضوح أنه لا ديموقراطية صادقة في بيئة محاصرة بالفقر والجهل وقلة الحيلة.
    ومن دون تنمية إنسانية شاملة تُعنى بالعقل والاقتصاد والبنى التحتية التي تؤثر في أنماط حياة الناس وتفتح أمامهم أبواباً واسعة للمعرفة والتفكير الحر فلن تتحقق ديموقراطية ولن تزهر أشجار «الربيع»! ومن دون ثورة في الفكر، تُخرج العقل العربي من سجن الماضي وتنهي قطيعته مع الراهن، سيبقى التغيير شكلياً يستبدل وجوهاً قديمة بأخرى جديدة. وسيبقى التشبث بالسلطة المتسلطة هو الغاية.
    هذا بالضبط ما يحدث اليوم في مصر تحديداً. فـ «الإخوان» هناك، ومعهم أتباعهم خارج مصر، همهم الأول اليوم هو احتكار السلطة أطول مدة ممكنة. ولا مشكلة في طموحهم في السلطة لو كان الطريق إلى تلك الغاية إيماناً مخلصاً بمبدأ تداول السلطة وبتنمية حقيقية على الأرض تمنحهم شرعية البقاء طويلاً في السلطة كما هي الحال مع رجب طيب أردوغان وحزبه في تركيا. فلو لم يُقدم حزب العدالة والتنمية أجندة الاقتصاد على غيرها، من دون الانشغال بالمؤامرات من أجل الهيمنة على مفاصل الدولة، لما بقي الحزب يقود مسيرة التنمية المبهرة في تركيا حتى اللحظة. ما الذي يمنع القافزين – حديثاً - إلى السلطة في تونس ومصر من قراءة تجربة «العدالة والتنمية» قراءة عميقة وواعية واستثمارها في التأسيس لنظام يجعل من التنمية أصل الأولويات وأكثرها أهمية؟ وهم إن فعلوا فسيجدون الناس تلتف حولهم تلقائياً من دون حاجة إلى وصاية المرشد أو نصائح طهران.

    الرأسمالياتُ الحكوميةُ والربيعُ الدامي
    بقلم: عبدالله خليفة عن أخبار الخليج البحرينية
    لم تستطعْ الشعوبُ في الشرق أن تتحررَ من الرأسماليات الحكومية الشمولية بسهولة، لكن لم تزل الرأسمالياتُ الكبرى قويةً وتدافع عن خنادقها التي تحاصرُهَا الشعوب.
    معركةُ الشعب السوري هي بؤرةُ المشهدِ الحادة الرهيبة.
    كانت السيطراتُ على الطبقات العاملة خلال عقود هي العمودُ الفقري لتشكيل رأسماليات غير ديمقراطية ذات ثقافة استبدادية بأشكالٍ ماركسية وإسلامية زائفة.
    ووجدت الطبقاتُ العاملةُ نفسَها بلا قيادات، والفئاتُ الصغيرة والفلاحية الكثيفة غير المتمركزة إنتاجاً وتخطيطاً وعقلاً في سوريا لم تبدأ النضالَ الديمقراطي الطويل الدائب، فلم تَحدث تراكماتٌ تمنع هذه المذبحة.
    الشكلُ الديني الذي تغلغل في عظام الكادحين هو مضمونُ التيهِ الذي تكوّن في نضال هؤلاء الناس الذين فقدوا بوصلةَ الرؤية الموضوعية، فحين تظهر أشكالُ الوعي الديني الضبابية تكون الجماهيرُ تائهة، تقودها فئات انتهازية تسخرُ المقدسَ لما هو وضيع، وتغدو الأهدافُ ملتبسة، ويلبس الحراميةُ ملابسَ الثوار، ويتم تضييع العلاقات الموضوعية الطبقية التي يمكن تغييرها إلى دخان لغوي، فالقوى الصغيرة الاجتماعية الانتهازية الكثيفة لا تريد للطبقات العاملة أن تتوحد وتؤثر وتصنع تيارات ديمقراطيةً صلبة.
    هذا ما فعله الحراميةُ في الثورات الكبرى، حين خدعوا الطبقات العاملة بأن نصرهم وشيك، وانهم هم الحكامُ وموزعو الثروة على أنفسهم، ولكن الإدارات البيروقراطية والعسكرية تنامت وأمسكتْ الخزائن ومفاتيحَ القطاعات العامة.
    هذا ما يقرأهُ حراميةُ الثورات المغدورة في روسيا وإيران والصين يخافون من تصاعدِ نمطٍ آخر في الثورات العربية، بأن يظهر الشكلُ الديمقراطي التعددي الحر، وأن تكون القطاعات العامة مراقبة وموجهة من قبل برلمانات منتخبة حقيقية.
    ولتضييعِ وعي الطبقات العاملة لابد من استثمار الوعي الديني الضبابي الانتهازي بين جماعة النصرة التي تجعلُ الناسَ ترفضُ الثورة، وتكرِّهَهم في الدين، وبين جماعة الإخوان التي يُمهد لها عبر تزيين وجودهم ونموذجهم من خلال خلق التناقض الحاد بينهم وبين النصرة هذا الشكل الشرس من القتل المماثل للعدو.
    جماعاتُ الثوراتِ المغدورة تقومُ بتضييع الوعي الثمين الذي تكوّن، وهو الوعي الديمقراطي العلماني العقلاني، زهرةُ النضالِ المتوجة في تُربِ المذابح.
    وهم في مناوراتِهم وحفاظهم على الخزائن المسروقة من الشعوب يوسعون دوائرَ الحرائق، لتمضي النار من بلد إلى آخر.
    التشدد في دول الثورات المسروقة خلافاً للدول التي عاشتْ بأشكالِ تطورٍ عادية غير حادة، هو نتاجُ الخوف من الثورات، حيث جرت فيها الثوراتُ الانقلاباتُ بأشكالٍ كاسحة دموية، ولهذا فالناسُ غير قادرين فيها على التعبير والتنظيم والاحتجاج، وهم يكبتون مشاعرهم رغم الظروف السيئة في الاقتصاد والأجور والمساكن والبطالة وارتفاع الأسعار وتدهور العملات ولهذا تخاف الطبقاتُ العليا من انفجارات مماثلة فلم تكون بيئةً سياسية عقلانية... لكن لديهم قواهم الاستخباراتية التي تراقبُ وتقيس مقاديرَ الحرارة المتصاعدة في الشعوب.
    ولهذا يتعاونون على الشعب السوري البطل، وبطبيعة الحال لا يتركون الشعوبَ الأخرى في مساراتِها المستقلة من أجل الترويجِ لنموذجهم الفاشل، أو لعدم وقوف البشر مع الشعب السوري.
    تصعيد القوى الدينية المتذبذبة المسيطر عليها هو أمرٌ خطر لأن الوعي الديني المحافظ خداعٌ ومرواغ، وقد تمّ التلاعب بالمقدس فيه، ومن هنا لا حرامَ لديه.
    ظهور التيارات العقلانية الديمقراطية العلمانية أمرٌ ممكن وهو أمرٌ حتمي كذلك، لأنها البوصلة في تحديد الطرق الاجتماعية المأمونة، وهي التي تمثل كذلك جذور الأديان والتيارات الإنسانية أيضاً، عبر تلاقي مختلف الطبقات وصراعها السلمي الحضاري التعاوني وحفاظها على ملكياتها العامة والخاصة وعدم إستخدام آراء فوق الواقع وتجارب دموية شمولية تم تجاوزها.

    سياسة واشنطن والكيل بمئة مكيال
    بقلم: أحمد الجارالله عن السياسة الكويتية
    نسف وزير الخارجية الأميركية جون كيري في القاهرة ببضع كلمات كل أسس سياسة إدارته طوال العقود الماضية, أو بالأحرى كرس التناقض التاريخي فيها, فحين يقول إنه "مطمئن لديمقراطية الرئيس المصري محمد مرسي", في الوقت الذي يسيل الدم في شوارع القاهرة وبورسعيد وغيرهما من المدن جراء الاحتجاجات على حكم الاخوان المسلمين الذي أدخل مصر دهليز الحرب الأهلية, يؤكد بذلك أن الولايات المتحدة الأميركية لا تكيل فقط بمكيالين, إنما تفتقد للمعايير الصحيحة التي تبنى عليها سياسات الدول.
    فكلام وزير الخارجية الأميركي إشارة غير مباشرة إلى أن مصر لن تكون بعيدة من نموذج الديمقراطية الأميركية في العراق التي بشرت بها حين غزته عام 2003 فيما هو اليوم يغرق بالحروب الأهلية ويتجه إلى التقسيم.
    بعد احداث 11 سبتمبر عام 2001 دفعت الولايات المتحدة بقواتها إلى كل من افغانستان والعراق تحت شعار محاربة الإرهاب والتطرف, ورغم انها لا تزال ترفع هذا الشعار نراها تضع يدها بيد الجماعة التي خرجت من تحت عباءتها كل الجماعات المتطرفة, بدءا من "التكفير والهجرة" في سبعينات القرن الماضي وصولا إلى تنظيم "القاعدة" العدو الأول للولايات المتحدة حاليا, فأي ديمقراطية يصنعها حكم "الاخوان" تلك التي يتحدث عنها السيد كيري, الا اذا كان يعتبر فعلا أن فوضى الدم في الشرق الأوسط تحقق مصالح بلاده الستراتيجية, وعندها فقط يجب أن نعيد النظر في تحالفاتنا معها, لأنها تقول لنا بطريقة غير مباشرة انها اختارت الارهاب حليفاً لها بدلاً من الدول الآمنة المستقرة.
    السياسة الأميركية الملتبسة هذه تثير أكثر من علامة استفهام, فبينما هي مع حرية الشعب المصري, كما كانت تزعم, حيث وقف حاكم البيت الأبيض ليقول للرئيس السابق حسني مبارك "تنح الآن", مؤكداً أن "الآن يعني الآن" وليس غداً ودافعاً بكل قوته السياسية إلى اسقاط الحكم الشرعي في مصر, نراه اليوم يقف في المنطقة الرمادية بالنسبة إلى سورية, فهو مع حرية شعبها لكنه ليس مع دعم ثورته لنيل حريته, بل أكثر من ذلك تعتبر واشنطن أن طهران عدوها التاريخي, وأساس محور الشر في العالم, وفيما تمارس أقصى الضغط على المجتمع الدولي لعزلها تحاورها من خلف الكواليس, وتتردد كثيرا في اتخاذ أي اجراء جراحي ينهي التهديد الإرهابي الإيراني المزمن في المنطقة, الذي لم يقف عند حدود تفريخ العصابات المسلحة في لبنان والعراق, بل وصل إلى حد التدخل المباشر في شؤون الحلفاء الأساسيين للولايات المتحدة في الخليج, ولا سيما البحرين حيث مقر قيادة اسطولها الخامس, ورغم ذلك تقف موقفاً خجولاً ومتردداً من التدخل الايراني في هذه المملكة العربية, وهو موقف يكاد يكون تشجيعاً على استمرار العدوان, ما يوحي بأمرين, إما أن تكون سياسة واشنطن الخارجية أصيبت بالخرف, وإما انها تستخدم الإرهاب فزاعة بينما هي اليوم ترعاه عبر تبنيها لحكم الاخوان المسلمين الذين أغدقت عليهم الوعود الاقتصادية والسياسية, أكان في مصر او تونس.
    أمام هذه السياسة الأميركية الغامضة لا بد لدول "مجلس التعاون" أن تكون حذرة جداً حيال وعود ادارة البيت الأبيض حتى لا تلدغ مرة أخرى من أقرب الحلفاء لها, الذي يرى في الفوضى الدموية المصرية ديمقراطية, رغم أن ما يجري لا يعدو كونه ترجمة حرفية لنظرية وزير الحرب الإسرائيلي الراحل موشي ديان قبل 45 عاما حين قال:"اذا استطعنا اسقاط عسكر عبدالناصر وايصال الاخوان المسلمين إلى سدة الحكم فسنشم رائحة الموت والدماء في كل بقعة من مصر, فلتكن تلك غايتنا وحربنا بمساعدة الأصدقاء الأميركيين", فهل تريدنا واشنطن اليوم أن نشم رائحة الدم والموت في كل العالم العربي بتشجيعها لحكم الخراب الذي بدأ بسفك دماء المصريين؟

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 314
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-07, 11:20 AM
  2. اقلام واراء عربي 297
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:02 PM
  3. اقلام واراء عربي 296
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:02 PM
  4. اقلام واراء عربي 295
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:01 PM
  5. اقلام واراء عربي 294
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:00 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •