أقــلام وآراء إسرائيلي (299) الاثنيــن- 25/03/2013 م
|
في هــــــذا الملف
- خطبة اوباما: شيء من السذاجة
- بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
- الضوء الأحمر لـ 'لستم وحدكم'
- بقلم:أمير أورن،عن هآرتس
- اين اختفت الصواريخ؟
- بقلم:عوزي روبين،عن هآرتس
- بانتظار الغنيمة
- بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
- مصالحة وترميم
- بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
- الفرق بين الخطب والواقع
- بقلم:د. غابي أفيطال،عن اسرائيل اليوم
- تركيا: المصالح حسمت الامر
- بقلم:البروفيسور إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
- الكرة لدى نتنياهو
- بقلم:عاموس جلبوع،عن معاريف
|
خطبة اوباما: شيء من السذاجة
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
لقد جاء من اجل هذا. جاء من اجل هذا فقط. استمرت زيارة الرئيس اوباما لارض اسرائيل أكثر من يومين واشتملت على القبة الحديدية والقراطيس المخزونة والتقنية الممتازة.
وعلى قبر هرتسل وعلى قبر رابين وعلى 'يد واسم'. وكانت مملوءة من بدايتها الى نهايتها بشمعون بيرس وبنيامين نتنياهو وعناق امريكي اسرائيلي لم يوجد له مثيل. لكن الخمسين ساعة من الزيارة الرئاسية لم تكن ترمي آخر الامر إلا الى تهيئة الارض لتلك الدقائق الـ 18 التي تحدث فيها براك اوباما أول أمس عن السلام. قال رئيس الولايات المتحدة للاسرائيليين إن السلام ضروري وإن السلام عادل وإن السلام ممكن.
كانت زيارة اوباما لاسرائيل في آذار 2013 زيارة حب ملكية. فقد جاء أقوى رجل في العالم الى الدولة التي تقع تحت أكبر تهديد في العالم كي يعدها بالحب.
وقد غمرنا بالحب في كل لحظة. وأوحى الينا بالحب في كل خطبة وكل تفضل. لكن الضيف الملكي قاد كل هذا الحب آخر الامر الى قول لاذع من التأنيب الليّن. قال لنا براك اوباما أول أمس إنكم لا تستطيعون الاستمرار في العيش وأنتم مُحتلون. ولا تستطيعون الاستمرار في كونكم قلعة للمستوطنين. إستيقظوا أيها الاسرائيليون واتصلوا بكل الايجابي فيكم والسامي فيكم واخرجوا من شللكم وثوروا على قادتكم وصوغوا مستقبلكم بأيديكم.
وُعِد في هذا المكان أول أمس بأن تكون خطبة اوباما خطبة استيقاظ وكذلك كانت. فالخطبة العظيمة في مباني الأمة تُخزي كل واحد من الساسة القدماء والساسة الجدد الذين تنافسوا هنا في الانتخابات الاخيرة. والدعوة الى الاستيقاظ التي أُسمعت في القدس أمس تُخزي تلك النخبة الاسرائيلية التي استقر رأيها في الآونة الاخيرة على شن حرب على بني براك (الحريديين) بدل وقف الاستيطان. والعظمة التي عرضها علينا براك اوباما تُخزي القيادة الاسرائيلية الوطنية التي لا تتجرأ على مواجهة الوضع الاسرائيلي كما واجهه الرئيس الامريكي. لكنه لم يكن فيما حدث أمس تجسيد فقط للعدم السياسي المحلي.
تجسد فيما حدث أول أمس وعد منضبط بمستقبل. وهناك احتمال لأن تغير خطبة اوباما في القدس قواعد اللعب المحلي. وستوجب على واشنطن ان توجب على القدس ان تصوغ برنامج عمل سياسيا حقيقيا. وستوجب على جون كيري ان يبادر الى خطوات تضعضع حكومة المستوطنين التي نشأت قريبا. وستعطي امكانية ان نشتغل في السنوات القريبة لا بمطاردة الآباء الصغار المعادين للصهيونية بل بانقاذ الصهيونية ايضا، أن تعطيه الأمل.
لا يمكن ان نتجاهل حقيقة انه كان في خطبة اوباما شيء قليل من السذاجة ايضا لأن الرئيس العاشق لم يُبين الى الآن كيف تُعقد الجسور فوق الفرق بين القيم الديمقراطية للولايات المتحدة واسرائيل وبين قيم الشرق الاوسط الاسلامي. ولم يُثبت الرئيس صاحب الوعد الى الآن أن السلام الذي يعد به هو سلام قابل للتحقق. لكن براك اوباما أشار الى الاتجاه وبيّن الطريق وفتح باب الأمل والواجب علينا الآن ان نخرج في الرحلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الضوء الأحمر لـ 'لستم وحدكم'
بقلم:أمير أورن،عن هآرتس
إن كاتبي خطب باراك اوباما أو ربما برنامج الحاسوب، أدمجوا في خطبته في اسرائيل كل كلمات المفتاح والاسماء المهمة: النهضة والمحرقة، ويد واسم والقبة الحديدية، وبن غوريون وبيغن ورابين، وموسى ويوشع، وعائلة نتنياهو على اختلاف أجيالها. اذا كان بنيامين نتنياهو قد جاء الى مجلس النواب الامريكي والايباك ليُحدث الامريكيين بلغتهم ويحصد الهتاف المعتاد فقد جاء اوباما الى الاسرائيليين في بيوتهم ليُحدثهم باللغة العبرية. ولم يكن يعوزه سوى قوله 'صبابا'، و'أحلى' و'حفال لخيم عل هزمان'.
اذا تجاوزنا الاسلوب فان الكلمات بلغة أبناء البلاد كانت ترمي الى التعبير عن مضمون. حينما أظهر جون كنيدي تماهيا مع برلين الغربية التي كانت تحت التهديد الدائم للاحتلال السوفييتي بكلمات المانية كانت تلك رسالة سياسية، وحينما يقول اوباما 'لستم وحدكم' لا توجد هنا رسالة واحدة بل اثنتان. فالأم تقول لابنها لست وحدك هنا ولا تقصد أن توحي اليه أن الوالدين يحميانه فقط بل تقصد ان تقول ايضا لا تأكل كل شيء واترك شيئا لاخوتك.
عشية حرب الايام الستة أُرسل وزير الخارجية آبا ايبان الى واشنطن ليفحص كيف سترد ادارة جونسون على رد عسكري اسرائيلي على تحدي مصر باغلاق مضائق تيران وإبعاد قوة مراقبي الامم المتحدة. ولخص زميل ايبان، دين راسك الموقف الامريكي بجملة حازمة ومهذبة مصوغة بطريقة النفي: 'اذا لم تعملوا وحدكم فلن تكونوا وحدكم'. أي اذا لم تأخذ اسرائيل المستقلة وذات السيادة في حسابها غيرها وعملت من طرف واحد فستتحمل النتائج وحدها ايضا.
واحتيج آنذاك الى ايام اخرى والى سلسلة اجراءات دولية فاشلة (لأن الوضع سيّال وما كان صحيحا في نهاية أيار لا يكون صحيحا بالضرورة في بداية حزيران)، وكان هناك إرسال آخر لرئيس الموساد مئير عميت كي يجلب رأيا وكان تحليلا ايضا لا يقينا يتعلق بالتسليم الامريكي بخروج اسرائيل للحرب.
بعد نصف سنة من الحرب التقى رئيس الوزراء ليفي اشكول والرئيس لندون جونسون في مزرعة إل.بي.جي في تكساس. وكان من الاعضاء البارزين في الحاشية الاسرائيلية المصاحبة قائد سلاح الجو الجنرال موتي هود.
وقد نال القائد وسلاح الجو الذي اعتمد على انتاج فرنسي ولا سيما طائرات الميراج، نالا مجدهما بعملية 'موكيد' في صباح الخامس من حزيران. وبذلك تجاهلت اسرائيل شارل ديغول الذي طلب اليها ايضا ان تتذكر أنها ليست وحدها في العالم وعاقبها بحظر السلاح. وكانت مهمة هود في تكساس ان يساعد على اقناع جونسون ومساعديه بالتغلب على الصدود الامريكي التقليدي عن دور مُمدة اسرائيل الرئيسة بالسلاح وان تُمد سلاح الجو بأكثر الطائرات تقدما في تلك الفترة وهي طائرة الفانتوم.
وقال هود ان اسرائيل من غير الفانتوم ستكون أضعف وقت الازمة عن أن تتخلى عن الضربة الاولى. والمعنى من ذلك ان اسرائيل ستتخلى عن الضربة الاولى في مقابل طائرات الفانتوم وتتلقى الضربة العربية وتكتفي بضربة ثانية. وقد يكون هذا مصدر رأي غولدا مئير في صباح السادس من تشرين الاول 1973 أن الظروف السياسية لا الطلب الامريكي تمنع اسرائيل من توجيه ضربة استباقية لمصر وسوريا.
تدل جميع القضايا التالية المفاعل الذري العراقي في 1981 وحرب لبنان في 1982 وحرب العراق في 1991 والمفاعل الذري السوري في 2007 على ان اسرائيل تستطيع العمل فقط بشرط تغيير الموافقة الامريكية أو غموض على الأقل يُمكّنها من ان تزعم أنها لم تفهم وجود معارضة، أي انه كان ضوء اخضر أو أصفر خفاق، لا ضوء احمر. واوباما في قضية الذرة الايرانية قاطع بلا لبس يقول ان هذه مشكلة عالمية يجب على امريكا ان تقودها وصحيح ان اسرائيل مهددة لكنها ليست وحدها والويل لها اذا حقق نتنياهو طموحه برغم 'لا' قاطعة من واشنطن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اين اختفت الصواريخ؟
بقلم:عوزي روبين،عن هآرتس
قبل نحو اسبوعين أنبأنا روبين بدهتسور بان عالما يهوديا امريكيا، البروفيسور تد بوستول من المعهد التكنولوجي عظيم المكانة في مساشوستس، بحث فوجد ان 'القبة الحديدية' هي ظاهرا قبة أوهام، سلاح غير ناجع نجح في اعتراض 5 حتى 10 في المائة فقط من الصواريخ التي اطلقت من غزة على مدن اسرائيل في اثناء حملة 'عمود السحاب' ('كم صاروخا حقا اعترضته القبة الحديدية'، 'هآرتس'، 8/3). اذا كان هذا القول الفضائحي صحيحا، كما يلمح الكاتب (وكما سارعت وسائل الاعلام في العالم الى الاقتباس)، فانه يبدو ان مواطني اسرائيل سقطوا ضحية خدعة ذكية من جهاز الامن الذي نشر بان اكثر من 80 في المائة من الصواريخ التي وجهت نحو المناطق المبنية اعترضت ودمرت في الهواء.
قول خطير كهذا يستدعي موقفا جدا. أولا وقبل كل شيء يطرح السؤال: لو كان 10 في المائة من الصواريخ تم اعتراضه، فالى أين اختفت كل الصواريخ المتبقية؟ يدور الحديث هنا عن اعداد غير تافهة. في حالة نادرة من التوافق في الرأي بين اسرائيل وحماس نشر الطرفان معطيات شبه مماثلة عن عدد الصواريخ التي اطلقت من غزة الى اسرائيل في اثناء 'عمود السحاب': 1.506 حسب رواية اسرائيل، 1.569 صاروخ حسب رواية حماس.
وحسب تجربة الماضي، فمن شبه المؤكد ان بين ربع وثلث هذه الصواريخ سقطت، او كانت توشك على السقوط في المراكز السكانية.
وبالفعل، حسب معطيات وزارة الدفاع فان نحو 480 صاروخا كانت ستسقط في مناطق مبنية. واذا كان 10 في المائة فقط تم اعتراضه، فالى اين اختفت قرابة 43 صاروخا لم تسقط على ما يبدو في أي مكان، على الاقل ليس دفعة واحدة؟ بدهتسور وكذا البروفيسور بوستول يتجاهلان هذا التناقض.
مراجعة عاجلة لمسودة مقال البروفيسور بوستول، وصلت الى يد كاتب هذه السطور، تبين أن بينه وبين البحث العلمي الحقيقي لا توجد أي صلة على الاطلاق. بوستول معارض قديم لمفهوم الدفاع ضد الصواريخ افترض سلسلة من الفرضيات المغلوطة بالنسبة لاداء صاروخ الاعتراض في منظومة 'القبة الحديدية'،، تخلق عمليا صورة صاروخ عاجز يقدم اداء مترديا، لا يبلغ حتى ظل أداء الصاروخ الحقيقي. ودون أن يسأل نفسه لماذا تستثمر اسرائيل على الاطلاق في تطوير سلاح عاجز كهذا، توجه الى أفلام الفيديو التي التقطها مواطنون في هواتفهم الذكية والتي تظهر مسارات الدخان المتلوية لصاروخ تمير والتي لا يمكن فيها رؤية الصواريخ التي تم اعتراضها.
من هذه الصور السمائية نصف العمياء، مضاف اليها الاداء السيء للصاروخ الاعتراضي الذي اختلقه لهذا الشأن توصل بوستول الى احساس داخلي بان ليس اكثر من 5 حتى 10 في المائة من الاعتراضات دمرت الصواريخ المعادية.
وحسب اقواله، فان هذا ليس أكثر من تخمين يستند الى معلومات جزئية، ولكن الامر لا يمنعه من أن يتهم بشكل صريح دولة اسرائيل بالتضليل المتواصل. وفي نهاية 'البحث' يدعو اسرائيل والولايات المتحدة الى عدم دعم منظومة 'القبة الحديدية' بعد الان.
ومثلما يمكن لكل ذي عقل أن يقدر، فان طواقم تطوير القبة الحديدية تنشغل بشكل جارٍ بحل لغز الاعتراض منذ بدأت المنظومة بالعمل في نيسان 2011. فقد تم التحقيق بكل اعتراض واعيد بثه المرة تلو الاخرى بصورة سماء كاملة ومفصلة، التقطت من جملة الجساسات المتطورة التي تراقب وتوثق كل معركة. وتقارن النتائج بالخرائط الارضية لسقوط الرؤوس القتالية وحطام الصواريخ.
معركة الصواريخ في اثناء 'عمود السحاب' اعيد البحث والتحقيق فيها بكاملها، اعتراض إثر اعتراض سواء كان ناجحا أم لا، وكانت النتائج لا لبس فيها: معدل النجاح يتطابق مع بيان جهاز الامن.
وكما أسلفنا، فان البروفيسور بوستول هو معارض قديم لمفهوم الدفاع ضد الصواريخ، اكتسب شهرته في أنه كان أول من كشف النقاب عن أن أداء منظومة الباتريوت في حرب الخليج تخلفت بشكل متطرف عن النتائج التي نشرها الجيش البري الامريكي (بالخطأ) في ذاك الوقت. ومن شبه المؤكد أنه لو لم يكشف ذلك لكان الامر انكشف من لقاء ذاته بعد وقت ما كون كل الصواريخ التي اعترضت سواء في البلاد أم في السعودية وثقت وصورت حين كانت تصل الى الارض.
ومنذئذ يكثر بوستول من نشر بحوث تشكك في قدرة منظومات الدفاع ضد الصواريخ في القيام بغاياتها. هذه البحوث، التي 'اثبت' آخرها بان معظم تجارب منظومة الاعتراض البحري الامريكية لم تنجح، تشكل موضعا للجدال في الاسرة الفنية وغير مقبولة بصفتها مصداقة من معظم اعضائها.
حتى الان عني د. بوستول باعتراض منظومات الدفاع الامريكية. يحتمل أن يكون التوقيت لهجومه على منظومة 'القبة الحديدية' عشية زيارة الرئيس براك اوباما الى اسرائيل، ليس صدفة. في كل الاحوال، في نهاية مقاله يشير بوستول الى أنه يؤيد حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها.
و 'القبة الحديدية' هي اليوم العمود الفقري في كل ما يتعلق بالدفاع عن مدن اسرائيل وسكانها في وجه تهديد الصواريخ المتزايد من غزة ومن لبنان. من يدعي الاعتراف بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، يجمل به أن يؤيد تعزيز منظومة الدفاع ضد الصواريخ في الدولة، بدلا من أن يحاول التشكيك بها من خلال 'بحوث علمية' مزعومة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بانتظار الغنيمة
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
بعد سنتين من بدء الثورة في سوريا من المتوقع لائتلاف منظمات المعارضة ان تختار هذا الاسبوع رئيس الحكومة المؤقتة؛ او لا. هذا سيحصل أو لن يحصل في اسطنبول، حين سيكون المجلس العام للائتلاف مطالبا بان يقرر اذا كان سيطلب اليه ذلك تشكيل حكومة مؤقتة، في خلاف تام مع موقف رئيس الائتلاف، معاذ الخطيب.
الخطيب ابن 53، جيولوجي في اختصاصه، اصبح معلم فقه، مقتنع، بان مجرد تشكيل حكومة مؤقتة في الوقت الذي تكون فيه الخلافات في أوساط القيادة عميقة بهذا القدر قد يحطم الائتلاف تماما، يعظم الحرب السياسية الداخلية، التي تجري منذ الان بكل الحماسة، فيخدم النظام. واذا كان لا مفر من تشكيل حكومة ما، فان الخطيب يفضل حكومة انتقالية، حكومة تضم شخصيات من النظام السوري القائم وأعضاء من قيادة المعارضة.
بعد خمسة اشهر من انتخابه رئيسا 'للائتلاف الوطني' الجسم التمثيلي الذي حل محل 'المجلس الوطني'، الذي كف تحت ضغط الولايات المتحدة عن تمثيل المعارضة واندمج في الائتلاف الوطني اصبح الخطيب نفسه شخصية موضع خلاف.
فقد جاء من عائلة سنية هامة. والده، الشيخ محمد ابو الفرج الخطيب، كان فقيها معروفا في دمشق، وهكذا كان اباؤه ايضا. لست سنوات عمل الخطيب في شركة النفط الهولندية 'شل' كمهندس نفط، وبالتوازي تعلم الشريعة وعلم الدين في دول عديدة بما فيها هولندا، نيجيريا والبوسنة، تركيا، الولايات المتحدة وبريطانيا.
ولا ينتمي الخطيب الى الاخوان المسلمين، ولكنه يرى في الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يعتبر الزعيم الروحي للاخوان، شخصية قدوة ويقيم معه علاقات قريبة. وعندما فر من سوريا في تموز الماضي، بعد عدة فترات في السجن، وصل الى مصر، وهناك أقام علاقات وثيقة مع القيادة المصرية الجديدة ومع قادة الاخوان المسلمين.
ويقيم الخطيب علاقات قريبة ايضا مع الادارة الامريكية، الامر الذي دفع منتقديه الى الادعاء بانه يعمل كـ 'ممثل واشنطن في المعارضة'. وهذا ليس الانتقاد الوحيد تجاهه. تصريحه قبل نحو شهر بانه مستعد لاجراء حوار مع النظام، دون أن يشترط ذلك بطلب صريح من الاسد بالرحيل، أثار عليه أغلبية أعضاء الائتلاف الوطني. وفي الاسبوع الماضي كان هناك من اقترح طرح مشروع حجب ثقة عن استمرار توليه منصب رئيس المعارضة: 'انه يتصرف كديكتاتور، يأخذ القرارات دون التشاور مع قيادة الائتلاف ويقود المنظمة نحو اتجاهات غير مرغوب فيها'، كما أفادت مصادر مجهولة شبكة التلفزيون السعودية 'العربية'. وافادت مصادر اخرى بان مندوبين من الائتلاف الوطني سافروا الى السعودية وقطر، اللتين تمولان نشاطات المعارضة والجيش السوري الحر، كي تعملا على تنحية الخطيب.
واذا كان المجلس الوطني السوري اتهم بانه يسيطر عليه الاخوان المسلمون ولا يمثل كل منظمات المعارضة في سوريا فان 'الائتلاف الوطني' مشبوه الان في نظر منتقديه في أنه يخدم مصالح أجنبية. وهذا بالضبط نوع الانتقاد والخلافات التي دفعت الخطيب الى الفهم بان تشكيل حكومة مؤقتة لن يساعد في اسقاط الحكم بل سيجعل اداء الائتلاف اصعب. هذا ليس فقط خلافا داخليا بين تيارات وممثلين سياسيين. فالسعودية، قطر، الولايات المتحدة، فرنسا، تركيا وبريطانيا تشارك عميقا في سلوك المعارضة، وكل واحدة تحاول منذ الان ان تصمم لنفسها مراكز النفوذ المستقبلية في سوريا.
السعودية، مثلا، التي تخشى من سيطرة الاخوان المسلمين على الدولة، تؤيد الخطيب والمندوبين الموالين له. وبالمقابل، فان قطر، التي أصبحت ذات مكانة هامة في ادارة النزاعات في الشرق الاوسط، فانها تدفع الى الامام بالاخوان المسلمين السوريين، وحسب التقارير في مواقع المعارضة على الانترنت، فانها تطالب برحيل الخطيب. والتعليل الرسمي هو أن الخطيب مستعد للتفاوض مع نظام الاسد، ولكن خلف هذا التعليل يختبىء تطلع قطر الى تشكيل حكومة سورية مؤقتة بقيادة مرعييها. وحتى لو تشكلت حكومة مؤقتة لتكون مسؤولة عن ادارة المناطق التي حررها الثوار، فان احدا ما يتعين عليه أن يمولها وأن يدعمها. الولايات المتحدة والدول الاوروبية، التي تخضع وسائل المساعدة لديها لاقرار المجالس التشريعية، ستجد صعوبة في منافسة دول مثل السعودية، قطر والعراق، التي لا تخضع لمثل هذه الاجراءات.
على خلفية الخلافات الداخلية والعربية يمكن ايضا أن نفهم المعضلة في مسألة تسليح المعارضة في سوريا. فالولايات المتحدة، التي تخشى أن يسقط السلاح في ايدي منظمات الارهاب أو يوجه للصراع بين منظمات المعارضة، تعارض التسليح. وهي تكتفي بان تدرب في الاردن مئات المقاتلين، الذين يتعلمون كيف يستخدموا الصواريخ المضادة للدبابات والمضادة للطائرات ويجتازون تأهيلا في جمع المعلومات الاستخبارية. اما فرنسا وبريطانيا، بالمقابل، فتهددان بان تخرقا حظر بيع السلاح وتبدآ بتزويد الثوار بالسلاح. اما روسيا فتنفذ مناورات التهديد العادية خاصتها وتبعث مرة اخرى بالسفن الحربية للرسو في ميناء طرطوس، فيما تحذر من أن تسليح المعارضة هو 'خرق للقانون الدولي' بمعنى، من شأنه أن يجر ايضا خرقا من جانبها.
بعد 70 الف قتيل ونحو مليون نازح، تدخل سوريا سنة الثورة الثالثة. واذا حاكمنا الامور حسب الصراعات الداخلية، يبدو أن يوم الذكرى الثالثة لن يأتي هو أيضا بالبشائر لمواطنيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مصالحة وترميم
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
خليط من الدبلوماسية الامريكية المصممة، التقاء المصالح، التهديدات الاقليمية والخريطة السياسية الجديدة في اسرائيل، ولدت المصالحة الرسمية بين اسرائيل وتركيا. وكان ينبغي لهذه المصالحة أن تولد قبل ثلاث سنوات في موعد قريب من الاجتياح المأساوي لسفينة مرمرة حيث قتل تسعة مواطنين أتراك.
لقد سبق ان قيل عن هذه القضية البائسة كل شيء تقريبا. فقد حقق فيها من كل صوب، استخلصت منها الدروس وكان يمكن لها منذ زمن بعيد أن تدفن في ارشيفي الدولتين كحدث صعب آخر يقع احيانا بين الدول الصديقة. وبدلا من ذلك، تضخمت باضطراد يغذيها الاحساس بالكبرياء والمكانة، الى أن أحدثت شرخا عميقا وخطيرا بين الدولتين، اللتين كانت العلاقات بينهما في الماضي قدوة للاخوة والاحترام ليس فقط على المستوى السياسي والعسكري بل وعلى مستوى الشعبين ايضا.
حتى لو كان بنيامين نتنياهو جديرا الان بالثناء على اعتذاره، من الصعب أن نفهم انعدام المسؤولية السياسية لرئيس الوزراء، الذي لم يأخذ بالحسبان المخاطر السياسية حين سمح بعملية عسكرية كانت في افضل الاحوال لا داعي لها، وحين منع، بعد التورط، امكانية انهاء الازمة قبل وقت طويل.
ان حكومتي اسرائيل وتركيا مطالبتان الان بالعمل بسرعة وبتصميم لترميم العلاقات بين الدولتين وبين الشعبين. ومع ان الرواسب المريرة التي خلفتها القضية لا يمكنها أن تتبدد بين ليلة وضحاها، الا ان قادة الدولتين اثبتوا من قبل بانهم قادرون على أن يصمموا الرأي العام، ولهذا فيمكن ان نتوقع منهم ان يعرفوا كيف يعالجوا الصدمة.
الخطوات الرسمية، مثل اعادة السفيرين، الغاء لوائح الاتهام ضد ضباط اسرائيليين ودفع التعويضات لصندوق تعويض عائلات القتلى، هي فقط المنطلق لعملية الترميم اللازمة على كل المستويات. ومثلما تعلمت الدولتان، فان للتصريحات العلنية، للمواقف الاعلامية، وللبادرات الطيبة المتبادلة توجد قوة هائلة لتدمير العلاقات او لبنائها على صخرة منيعة. فبعد الدمار، تعد عملية الترميم التحدي الذي يقف امامه الان الزعيمان، وهما لا حق لهما في ان يضيعا مزيدا من الوقت.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الفرق بين الخطب والواقع
بقلم:د. غابي أفيطال،عن اسرائيل اليوم
في الثاني عشر من شباط 1945 التقى رئيس الولايات المتحدة فرانكلن روزفلت والملك السعودي عبد العزيز بن سعود على متن سفينة 'كوينسي' التي كانت ترسو في البحيرة المرة في قناة السويس. وورد في سفر تاريخ مجلس النواب الامريكي ما يلي: 'كان ذلك حديثا مهما يثير الاهتمام وعرف فيه أكثر عن المسلمين وعن المشكلة اليهودية مما كان يمكن ان يعرف من 12 رسالة'.
بعد ذلك بسبعين سنة تقريبا يبدو أن آلاف الكتب والرسائل مع الاعمال الارهابية وعشرات آلاف المقالات مع الحروب الدامية لم تجعل رؤساء الولايات المتحدة جميعا تقريبا يتغلغلون الى فهم جذر الصراع الاسرائيلي العربي، الى الآن.
إن الحماسة لخطب اوباما ولخطب نظيره الذي تحبه وسائل الاعلام بيل كلينتون يفترض ان تعلمنا شيئا ما عن كيفية الادمان بسهولة كبيرة لافكار في مستوى مدرسة شعبية وأحلام باطلة. ولذلك يحسن ان نقرأ من جديد خطبة اوباما في القاهرة وان نتذكر الاطراءات التي غمره بها المحللون السياسيون جميعا والمؤرخون ومحررو الاخبار والجمهور الموالي لليسار في الأساس.
قال يوسي سريد بلغة شاعرية هذه 'خطبة حياتنا'. 'بازاء رجل المستقبل، يبدو القادة المحليون مثل ديناصورات أفل عهدهم... جاء الرئيس الى المنطقة كي يعلن نهاية حرب الحضارات التي نفخت الريح في الأشرعة المطوية للحرب الباردة'. لكن الامر على عكس ذلك تماما. فكل ما لمسه اوباما تغير تغيرا تاما. لا حاجة الى ان نحصي عدد القتلى في الحرب الأهلية 'غير المتوقعة' في سوريا. واليكم ما قاله اوباما في خطبة القاهرة: 'للاسلام تراث فخور من التسامح. رأينا ذلك في تاريخ الأندلس وقرطبة في اثناء وجود محاكم التفتيش'. ولم يروا ذلك في دمشق وحلب. وليس من الفظيع ان يبدو ما يجري في مصر النقيض لتنبؤات اوباما ومستشاريه المسيحانية.
وتقول في نفسك هؤلاء هم المحللون الذين يُذكرون الآن بأن امريكا العظيمة اخطأت في حرب فيتنام وفي حرب ايران للعراق وفي الحرب الباردة والتنبؤ بالثورات في أنحاء العالم بعامة وبالثورة الخمينية بخاصة، وبماذا تختلف عن تنبؤات أمير المد والجزر الآن ايضا؟ وهم بدل ان يحللوا خطبة غوغائية يصفقون وبدل النقد الحكيم يُسبغون عليه لقب الملكية وشيئا من الألوهية.
اذا كان الامر كذلك فلماذا لا يوجد في الشأن الفلسطيني خاصة أي خطأ في السلوك الامريكي؟ اذا كان التصور الامريكي العام كله قد انهار فلماذا تكون الخطط السلمية الامريكية التي جرت وراءها حروبا هي التي يجب ان توجد وتستمر في جباية ثمن دموي؟ أيكون لزوم صالح المواقف العربية هو الذي يمنع حل هذا الصراع؟ لأنه ما بقوا يطلبون من اسرائيل ما ليس لها المناطق، ومن العرب ما ليس لهم السلام، فلن ينشأ سلام حقيقي.
يظن رئيس الدولة شمعون بيرس انه لا حاجة الى دراسة التاريخ. وتتصادم آراؤه التي تشبه آراء اوباما مع الحقيقة التاريخية: لأن عملية تحرر الشعوب هي تحرر شعب يسكن أرضه من نير الأجانب، وهو عند اسرائيل تحرر شعب يسكن بين أجانب وأرضه ملك لأجانب. وعلى ذلك فان الكلام على 'احتلال' غريب على المنطق والتاريخ. واذا كان حزب الله منظمة ارهابية فكيف تكون م.ت.ف منظمة التحرير الفلسطينية التي هي والدة الارهاب؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تركيا: المصالح حسمت الامر
بقلم:البروفيسور إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
كانت النتيجة العملية الوحيدة، الى الآن، لزيارة الرئيس الامريكي براك اوباما لاسرائيل انهاء الازمة الطويلة في العلاقات بين اسرائيل وتركيا. فقد استجاب زعيما الدولتين لضغوطه ووافقا على القاء خلافات الماضي وراء ظهريهما وان ينزلا عن الشجرة العالية التي تسلقاها. إن أحداث القافلة البحرية الى غزة تبدو ايضا بعيدة وهي في الأساس تافهة اذا قيست بالعاصفة التي تهب على الشرق الاوسط كله وتهدد مصالح حيوية تركية واسرائيلية على السواء. فمنذ كانت الحادثة على متن 'مرمرة' سقط نظام حكم حسني مبارك في مصر، وتغير الواقع بين اسرائيل وقطاع غزة تماما، أما في سوريا فنشبت ثورة دامية تهدد بالانتقال وراء حدود هذه الدولة، الى الاردن ولبنان والى تركيا واسرائيل ايضا.
استطاعت القدس وأنقرة طوال سنوات وجود دولة اسرائيل الـ 65 ان تحافظا على قنوات اتصال مفتوحة، واقامة علاقات سوّية أحسنت الى الدولتين، واستطاعتا ان تنشئا احيانا حتى حلفا استراتيجيا لمواجهة تحديات وتهديدات مشتركة.
وكان هذا هو الوضع في تسعينيات القرن الماضي حينما دفعت المصالح الاقتصادية والامنية أنقرة الى ذراعي القدس. ونشك في ان يُمكّن تطبيع العلاقات إثر الاعتذار الاسرائيلي لتركيا من انشاء علاقات استراتيجية وحميمة كالتي كانت بينهما في العقد الماضي، لكن لا شك في ان للدولتين مجالا واسعا للتعاون بينهما.
في المجال الاقتصادي استمرت بل ازدادت عمقا في السنين الاخيرة العلاقات الاقتصادية بين الدولتين برغم القطيعة السياسية. وقد ابتعد سياح اسرائيليون في الحقيقة عن تركيا وينبغي ان نفترض ان يعودوا سريعا زرافات زرافات الى أنطاليا، لكن العلاقات التجارية نمت وأزهرت وبلغت أرقاما قياسية لكل الأزمان. وأمل اردوغان وزملاؤه ان تفتح سياستهم المؤيدة للعرب والمضادة لاسرائيل لهم الأسواق العربية.
بيد ان الاستثمارات التركية الضخمة في سوريا احترقت بالحريق المشتعل منذ سنتين في هذه الدولة، وأصاب مصير مشابه الاستثمارات في مصر التي سقطت ضحية لعدم الاستقرار في هذه الدولة. وفي مقابل ذلك تبدو اسرائيل شريكة موثوقا بها وواعدة.
وينبغي ان نضيف الى ذلك حقول الغاز في أنحاء الحوض الشرقي من البحر المتوسط. فالتعاون مع تركيا على استغلال الحقول في المساحة التركية أو التعاون على بيع الغاز الاسرائيلي بأنابيب الى اوروبا عن طريق تركيا أمر واعد للدولتين.
لكن دُرة التاج في تطبيع العلاقات بالطبع قد تكون في المجال السياسي. وفي برنامج عمل الدولتين قضيتان ساخنتان:
الاولى سوريا. إن الثورة في هذه الدولة التي راهن اردوغان عليها لا تنتقل الى أي مكان وأصبحت هذه الدولة مستنقعا مُغرقا أخذت تركيا تغرق فيه. وهو لا يعرف كيف يفضي الى اسقاط بشار الاسد، ولا يعرف كيف يعالج تهديد السلاح المتقدم الذي قد يقع في أيد غير مسؤولة، ولا يعرف كيف يعالج اليقظة الكردية في سوريا، ولا يعرف آخر الامر كيف يمنع سقوط سوريا في أيدي مجموعات جهادية متطرفة اذا انهار نظام بشار الاسد آخر الامر. والثانية هي ايران. فالربيع العربي والزعزعة التي أصابت الشرق الاوسط على أثره كشفا بل عمقا الهاوية الفاغرة فاها بين تركيا وايران. وتتصارع هاتان على التأثير وعلى السيطرة في العراق وسوريا والساحة الفلسطينية بل في لبنان.
إن سياسة اردوغان وهي 'صفر المشكلات' في بدء ولايته أفضت به الى وضع 'صفر الاصدقاء'. فلا عجب من انه يريد الآن اصدقاء جددا. وهو يعانق بحرارة الحكم الذاتي الكردي في العراق ويريد ان يصالح الاكراد في بلاده فكان من الصحيح الآن ان ينزل عن الشجرة ايضا ويصالح نتنياهو.
لا يمكن دفن الماضي بسهولة وعلى اسرائيل ان تتذكر ان تركيا يحكمها رئيس وزراء ذو باعث قوي قلبه في الجانب الفلسطيني ومع الحركات الاسلامية في العالم العربي. لكن المصالح فوق كل شيء واردوغان يفهم هذا ايضا. وقد مكّنت هذه المصالح من المصالحة بين الدولتين وستُمكّن ايضا من الدفع قدما بالتعاون الاقتصادي والامني ايضا كما يبدو، جزئيا على الأقل. والذي سيكون نعمة على الطرفين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الكرة لدى نتنياهو
بقلم:عاموس جلبوع،عن معاريف
ثلاث نقاط في سياق زيارة اوباما: الانسان، الجوهر والاستنتاجات لاسرائيل. الانسان اوباما لم يتغير وبقي بالضبط مثلما كان قبل أربع سنوات: سياسي، خطيب بالهام علوي، متكلم فكاهي لامع، واعظ مع ايمان بالعدل، بالارادة وبالتطلعات المشتركة لكل من خلق بطبيعة الانسان، وبالخير الذي في الانسان: واعظ شعار 'yes, we can' لا يزال يشتعل في عظامه، وفي نفس الوقت يفهم في أن في عالم الواقع ليس له قدرة ولا إرادة لتحقيق القدرات العظمى للولايات المتحدة. وبشكل عام لديه ما يكفي من المشاكل الداخلية.
ولكن، في الجوهر طرأ تغيير حاسم، وهذا ما يعطي النبرة والاتجاه. المحيط الاقليمي تغير تماما. والسياسة التي أعلن عنها في القاهرة قبل أربع سنوات عناق العالم العربي والاسلامي وهجر أصدقاء الولايات المتحدة انطلاقا من الايمان بان المسلمين سيشكرون أمريكا، في ظل القناعة الذاتي بان وقف المستوطنات سيدفع الى الامام بالاستقرار في الشرق الاوسط، هذه سياسة انهارت وتحطمت. المنطقة تشتعل، وما لا يشتعل من شأنه أن يشتعل، وكذا اعلام الولايات المتحدة وصور اوباما تشتعل ايضا.
الصديقة شبه الوحيدة التي للولايات المتحدة في المنطقة هي اسرائيل. هذه صديقة مصداقة، مخلصة وقوية في جبهة التقدم العالمي؛ صديقة تتمتع بدعم الجمهور الامريكي والكونغرس الامريكي. اسرائيل هي اليوم الدولة الوحيدة في العالم (وبالتأكيد في المنطقة) التي يمكن لاوباما أن يستقبل فيها كملك. هذا هو المكان الوحيد في العالم الذي يوجد للولايات المتحدة فيه سهم آمن يحقق الارباح.
لشدة الاسف، هذه الصديقة توجد في أزمة مع تركيا الاسلامية، الصديقة الثانية للولايات المتحدة. وهي لا تساوي اسرائيل في عمق صداقتها، ولكن التعاون بينهما ضروري لمعالجة المشكلة الفورية والاكثر اشتعالا في المنطقة: الحريق في سوريا.
وعليه، فقد جلبت زيارة اوباما معها لدولة اسرائيل (على الاقل في الجانب العلني، وهو في نهاية المطاف الامر المقرر) أربعة امور مركزية: الاول هو العلاقات الشخصية الوثيقة بين اوباما ونتنياهو. هذه علاقة كلها مصلحة وطنية امريكية، ولهذا برأيي فانها ستصمد وهي ليست مثابة 'ملاطفة لغرض الصفعة'. والثاني هو الدعم الامني والمالي بعيد المدى كي تكون اسرائيل على ما يكفي من القوة كي تواجه وحدها التهديدات عند الحاجة، فيما تدعمها الولايات المتحدة وتشكل لها ظهرا. والثالث هو استئناف العلاقة الاستراتيجية مع تركيا، وهذا هام أولا وقبل كل شيء للولايات المتحدة. والرابع هو اعطاء حرية عمل سياسي واسعة لاسرائيل في المسيرة السياسية في ظل تحديد حدود الجبهة: من جهة اعتراف فلسطيني (وعموم عربي) بحق وجود اسرائيل كدولة يهودية؛ لا شروط للمفاوضات التي ينبغي في نهاية المطاف الى دولة قومية فلسطينية ذات قدرة عيش وحدود 'قابلة للترسيم' (خطوط 67 لا تذكر)؛ والامن لمواطني اسرائيل هو العنصر المركزي والحيوي في كل تسوية. ومن الجهة الاخرى، الاحتلال واستمرار السيطرة على الشعب الفلسطيني سيئان ولا يمكنهما أن يستمر واستمرار الاستيطان ضار.
الان يجب السؤال ماذا ستفعل الولايات المتحدة وماذا ستفعل اسرائيل. هنا برأيي يكمن التجديد الجوهري. اوباما جاء وقال لاسرائيل في كل كلماته العلنية (والعالم رآها وسمعها): القرارات قراراتكم وليست قرارات الولايات المتحدة. حكومة اسرائيل يجب أن تفهم بانها حصلت من الولايات المتحدة على حرية العمل كي تقرر. اذا ارادت أن تقرر اقامة المزيد من المستوطنات؟ فهذا حقها، ولكن فلتعلم م هو رأينا. اذا ارادت 'الخروج من العلبة' مع مبادرات ابداعية لتحريك المسيرة السياسية؟ فالى الامام، فنحن خلفك.
الان الكرة تنتقل الى ملعب نتنياهو. اوباما يعود الى مشاكله في الولايات المتحدة، وحكومة اسرائيل الجديدة ملزمة باتخاذ القرارات. فهل نتنياهو سيخاف. استئناف العلاقة مع تركيا في السياق الاقليمي الاستراتيجي، في ظل الاعتذار، هو مؤشر على تغلب الاعتبار الاستراتيجي على الكبرياء. فهل هكذا سيكون ايضا في سياق المسيرة السياسية؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ