النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 350

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 350

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]

    • [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
    • تغريدة الصباح .. أسرى الحرية والتضامن المنقوص
    • جريدة القدس / محمود شقير
    • جولة اوباما بين التوقعات والواقع
    • ج القدس / حديث القدس
    • على قيادة "حماس" أن تدرك....
    • ج الايام / علي جرادات
    • سياحة أوباما في إسرائيل
    • ج القدس/ الياس حرفوش
    • نتنياهو مجدداً : ماذا نفعل؟
    • ج الايام / أشرف العجرمي
    • فلسطينيو الداخل: خطة فاشلة لاجتثاث الشعب والأرض
    • ج القدس / اوكتافيا نصر
    • نتنياهو الثالث: حكومة اليمين الأيديولوجي الصلب !!
    • ج الايام / هاني حبيب
    • كيف تكون ثائرا دون ان تكون ارهابيا ؟هل نعانق الامريكان ام نخنقهم ؟
    • معا / ناصر اللحام
    • أوباما في عالم إسرائيل الجديد
    • ج القدس / ديانا بينتو
    • ومضة: عجيب أمركم!
    • وفا / صبري صيدم
    • ماذا ستفعل يوم 21 آذار؟
    • ج الايام / حسن البطل
    • حياتنا - زيارة أوباما
    • جريدة الحياة / حافظ البرغوثي
    • بانوراما أولُّها خصمٌ وآخرُها أوباما
    • ج الايام / توفيق وصفي
















    تغريدة الصباح .. أسرى الحرية والتضامن المنقوص
    جريدة القدس / محمود شقير
    حينما شاهدت سوسن شاهين وهي تتحدث في برنامج "فلسطين صباح الخير" توقفت ملياً عند جملتها التي نطقت بها من على شاشة التلفاز، ملخصة معاناة أهالي الأسرى الذين لا يكفون لحظة واحدة عن التفكير بمصائر بناتهم وأبنائهم في السجون الإسرائيلية. قالت يومها ما مفاده: حتى الآن لا يهتم بالأسرى سوى أهاليهم.
    وجدتُ الشكوى نفسها تتكرر على لسان الحاج صالح والد الأسير الكاتب باسم الخندقجي الذي يقضي حكماً في السجون الإسرائيلية مدته ثلاثة مؤبدات. زرت أسرة باسم في البيت والتقيت والديه وعمه خالد وأخويه وأختيه، ودار بيننا حديث عن واجب الحزب تجاه باسم الذي انتخب في المؤتمر الأخير عضواً في اللجنة المركزية للحزب. تحدثنا عن لفتة إنسانية لا بد منها هنا، وعن مبادرة إعلامية لا بد منها هناك. وكنت وعدت الأسرة بأن أنقل عتبها إلى قيادة الحزب، وفعلت، وتلقيت إجابات تدلل على الاهتمام.
    مع ذلك، تظل الشكوى مشروعة لأن الأمر يتعلق بمصير إنسان قد يقضي عمره في السجن. تحدثنا أثناء اللقاء عن كتابات باسم الشعرية التي تنم عن موهبة أكيدة، وعن مخطوطته الروائية التي قرأتها من قبل وكتبت لها مقدمة تليق بها.
    ولاحظت أن الأسرة مسكونة بسيرة باسم الذي أنهى حتى الآن ثمانية أعوام في السجن. وأدركت أن في ذلك سداً للفراغ الذي تركه باسم في حياة الأسرة وفي البيت، وفيه استحضار للغائب الذي طال غيابه، وما كان ينبغي له أن يغيب لولا هذا العدو الذي لم يقبل باسم بشروطه المذلة، مثلما لم يقبل بها آلاف الأسرى الذين يقبعون الآن في سجون الاحتلال.
    حينما زرت سوسن شاهين وأختها نسيم في خيمة الاعتصام المنصوبة أمام مقر الأمم المتحدة في رام الله وجدتهما وقد ضمر جسداهما تحت وطأة الإضراب عن الطعام، احتجاجًا على استمرار اعتقال الأسرى، وبخاصة أولئك القدامى الذين مضت سنوات طويلة على احتجازهم في السجون. كانت سوسن مصرة على مواصلة الإضراب، وثمة على جدران الخيمة صور لأسرى عديدين من بينهم حسام زهدي شاهين، الشقيق الأكبر لسوسن ولنسيم، الذي يقضي حكمًا بالسجن مدته سبع وعشرون سنة أمضى منها عشر سنوات.
    ذكّرتها بما قالته عن الاهتمام بالأسرى حيث هو مقتصر على أهاليهم حتى الآن. ووافقتها الرأي من دون أن أنفي أنا أو تنفي هي وجود تحركات شعبية تضامنًا مع الأسرى واحتجاجًا على استمرار أسرهم، وعلى الظروف القاسية التي يعيشونها في الأسر. لكن الحقيقة الجارحة تؤكد أن هذا التضامن لا يزال في أضعف حالاته، وأن تلك التحركات لا تزال محدودة، والمشاركون فيها في معظم الأحيان هم أهالي الأسرى، ومعهم قلة من الناس ومن مسؤولي ومنتسبي التنظيمات السياسية.
    والسؤال الأساس هو: أين المسيرات والاعتصامات التي يحتشد فيها عشرات الآلاف من الناس تضامنًا مع الأسيرات والأسرى؟ أين الجهد الإعلامي المنظم ليس على الصعيد المحلي وحسب، وإنما على الصعيد الدولي الذي من شأنه أن يفضح وحشية الاحتلال، ويسهم في الضغط على حكام إسرائيل لفك قبضتهم عن مصائر أبنائنا وبناتنا في السجون؟ أين النشرات التي يمكن توزيعها عبر سفاراتنا في العالم عن الأسرى؟ وأين الكتب التي تتحدث عنهم وعن سيرهم الشخصية وعن أطفالهم الذي ينتظرونهم، وعن حقيقة أنهم أسرى حرية، وليس أي شيء آخر مما يدعيه المحتلون في دعايتهم البغيضة الحاقدة؟ أين الجهود المثابرة التي تجعل من قضية الأسرى خبزنا اليومي وخبز العالم، وليست مجرد رفع عتب نمارسه بفتور بين الحين والآخر؟ أين وأين وأين؟.

    جولة اوباما بين التوقعات والواقع
    ج القدس / حديث القدس
    يبدأ الرئيس الأميركي باراك اوباما جولته التي طال الحديث عنها للمنطقة هذا اليوم، وستكون اسرائيل محطته الأولى، في حين من المقرر أن يزور فلسطين غدا ليلتقي الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية. وستكون في حوزته حصيلة ما يعرضها في رام الله على محاوريه الفلسطينيين، ولا يتوقع الكثيرون أن تسفر محادثاته في اسرائيل عن حلحلة للموقف الاسرائيلي المتعنت خصوصا في موضوع التوسع والبناء الاستيطاني.وليس عبثا أو مصادفة أن كبار المسؤولين في البيت الأبيض قللوا من سقف توقعاتهم لمردود هذه الزيارة. فالتجارب السابقة وغير المريحة للرئيس الأميركي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أظهرت أن نتنياهو يتمسك بالاستيطان باعتبار هذه القضية مسألة مبدأ من وجهة نظره. وذهبت سدى كل العروض السخية ماليا وأمنيا التي قدمها اوباما خلال فترة رئاسته الأولى لرئيس الوزراء الاسرائيلي من أجل تجميد الاستيطان ولو لشهرين أو ثلاثة أشهر.وهناك الكثير من المطالب الفلسطينية ندعو الرئيس الأميركي للاهتمام بها ومناقشتها خلال محادثاته في اسرائيل ومنها ملف الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، وما تتعرض له القدس من تهديدات التسع الاستيطاني وهدم المنازل والجدار الفاصل الذي يبتلع آلاف الدونمات الفلسطينية، واعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية.وليس من الحكمة إغفال الأهمية التي يوليها الرئيس الأميركي لهذه الزيارة، حتى لو قللت المصادر الأميركية من سقف التوقعات المواكبة لها. وربما كان اوباما يريد التواصل مباشرة مع الاسرائيليين الذين غسلت الدعاية الرسمية أدمغتهم وجعلتهم يعتقدون أن أوباما ، وهو الذي كان من أكثر رؤساء الولايات المتحدة دعما لاسرائيل أمنيا وسياسيا، هو" منحاز ضد اسرائيل". وهو بهذه الجولة التي سيبدؤها باسرائيل يؤسس لفكرة مفادها أن مقترحاته - إن كان سيقترح أي مبادرات سلمية، وهذا سابق لأوانه كما يبدو- فهي لا تخدم المصالح الفلسطينية وحدها، وإنما هي في مصلحة عملية السلام ككل ومصلحة اسرائيل بنفس القدر، وربما أكثر من ذلك.ومن هنا فالزيارة بروتوكولية في رأي بعض المراقبين وهدفها الأساس هو الترويج اسرائيليا لأي مبادرة سلمية مقبلة، إذا افترضنا أن مثل هذه المبادرة قد تتبلور في المطبخ السياسي الأميركي. والسؤال هو :هل سيتمكن الرئيس اوباما من تحقيق هذا الهدف، حتى وإن كان هامشيا قياسا إلى سعيه الذي لا ينكره أحد خصوصا عندما تولى منصبه لأول مرة لإنجاز عملية سلام وفقا لخطة حل الدولتين، واصطدام مساعيه هذه بجدار الرفض الاسرائيلي الذي يزداد تصلبا وتشددا يوما بعد يوم؟.وإذا كان المسؤولون الأميركيون أنفسهم قد خفضوا من سقف توقعاتهم إزاء جولة رئيسهم هذه، فليس من المنطقي أن نتوقع ما لم يتوقعوا، وإنما يشير واقع الوضع السياسي الاسرائيلي وتركيبة الائتلاف الحكومي التي شكلها نتنياهو مؤخرا، والتي يشير المحللون إلى أنها أكثر يمينية وتطرفا من سابقتها، إلى أن هذا الواقع الصعب سيفرض نفسه على نتائج زيارة اوباما لاسرائيل- إلا إذا أدرك الشارع الاسرائيلي أن الولايات المتحدة هي الحليف الأخير والقوي لاسرائيل، وأن مصلحة اسرائيل قبل مصلحة أي جهة أخرى تكمن أساسا في التجاوب مع أي طروحات سلمية قد يتقدم بها اوباما. وتؤكد كل الظواهر والمؤشرات أن هذا الافتراض مستبعد إلى حد كبير على الأقل في ظل المعطيات الراهنة لدى الجمهور الاسرائيلي المرتاح لوضعه الاقتصادي المزدهر والأمني المستقر دونما حاجة لمبادرات سلام من أي جهة جاءت، وحتى لو كان مصدرها الولايات المتحدة ورئيسها الزائر.

    على قيادة "حماس" أن تدرك....
    ج الايام / علي جرادات
    ككرة لهب تتدحرج ثمة مشكلة بين حركة "حماس" والجيش المصري. مشكلة آخذة بالتحول إلى مشكلة بين "حماس" والحركة الوطنية المصرية المعارضة لسلطة "الإخوان". بدأت المشكلة باتهام عناصر من "حماس" بالمشاركة في اقتحام السجون وتحرير الأسرى بعد أيام من اندلاع ثورة 25 يناير. ثم باتهام الحركة بالضلوع في عمليات تفجير خطوط أنابيب تزويد إسرائيل بالغاز المصري وفي تدريب عناصر من شباب "الإخوان" وفي عدم ضبط الحدود والأنفاق أمام تنقل المجموعات المسلحة من سيناء إلى غزة وبالعكس. وبلغت المشكلة مستوى خطيراً باتهام عناصر من "كتائب القسام" بالضلوع في "مذبحة رفح" التي راح ضحيتها 16 جندياً مصرياً. نفت قيادة "حماس" جميع هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً واعتبرتها محاولة من بقايا النظام السابق وأدواته الإعلامية للإيقاع بين الحركة والجيش المصري وقيادته السياسية الجديدة. لكن المشكلة هنا، وبمعزل عما إذا كانت "حماس" دخلت فعلاً أو أُدخلت ظلماً فيها، هي ليست مجرد مسألة أمنية تحسمها نتائج التحقيقات الجارية وأحكام القضاء المتوقعة، إنما هي مشكلة سياسية بامتياز من حيث:
    1: أن تداعيات هذه المشكلة وانعكاساتها السلبية لا تصيب "حماس" التنظيم و"السلطة"، فحسب، بل تصيب أيضاً فلسطينيي قطاع غزة، خصوصاً، والشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية،عموماً.
    2: أن هذه المشكلة بهذه التداعيات والانعكاسات السلبية لا يمكن فصلها عما تخطط له إسرائيل في السياسة والأمن تجاه قطاع غزة الذي تحاصره وتتحكم بدور أساسي في لعبته.
    3: سذاجة سياسية ما بعدها سذاجة الاعتقاد أن بالإمكان حل هذه المشكلة أو التقليل من تداعياتها من دون إنهاء الانقسام الجيو سياسي بين غزة والضفة.
    4: أن هذه المشكلة، شاءت قيادة "حماس" أو أبت، هي تفريع لتعاملها مع الاستقطاب السياسي المصري من منطلق أيديولوجي، وبوصفها فرعاً لجماعة "الإخوان المسلمين"، دون أن تنتبه لتبعات ذلك عليها كتنظيم وطني فلسطيني، وبالتالي على سكان غزة، بل وعلى الفلسطينيين وقضيتهم الوطنية، عموماً، خاصة بعد انكشاف مدى تفرد جماعة "الإخوان" بسلطة ما بعد ثورة 25 يناير وإقصائها لبقية ألوان المجتمع السياسي والمدني المصري، إذ ثمة معنى سياسي كبير لدخول أطراف من الحركة الوطنية المصرية على خط هذه المشكلة، علماً أن هذه الأطراف كانت، ولا تزال، الأكثر جدية في تبني القضية الفلسطينية ودعمها، بل، وكان لها، ولا يزال، موقف وطني من حصار غزة رغم خلافها واختلافها الفكري مع حركة "حماس".
    5: أن هذه المشكلة هي واحدة من تجليات موقف سلطة "الإخوان" في مصر من القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي عموماً، كموقف يعيد، وربما بصورة أسوأ، موقف النظام المصري السابق ذاته، سواء لناحية خضوعه للشروط الإسرائيلية كما كرسها الملحق الأمني لمعاهدة كامب ديفيد، أو لناحية التبعية السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة كراعٍ لهذه المعاهدة. وهو ما يفسر خيبة أمل قيادة حركة "حماس" التي ظنت أن تولي جماعة "الإخوان" سلطة الدولة المصرية سيفضي، (تلقائياً وسريعاً)، إلى تبني موقف مختلف على الأقل فيما يخص الحصار المفروض على غزة.
    6: أن هذه المشكلة غير مفصولة عن حسابات قيادة حركة "حماس" الخاطئة تجاه التحولات العاصفة الجارية في أكثر من قُطرٍ عربي، وفي مصر وسورية بالذات، حيث استعجلت أو استعجل أحد أجنحتها أمر الإقدام على استدارة في تحالفاتها السياسية العربية والإقليمية لتكتشف أن اندفاعها نحو تركيا العضو في حلف الناتو قط لا يعوض خسارتها النسبية أو الكلية لدعم إيران العسكري، وأن ما تحظى به من دعم مالي قَطري يبقى في إطار أجندة سياسية مختلفة عن أجندة الدعم المالي الإيراني، وأن الدعم السياسي من النظام المصري "الجديد" لا يرتقي إلى دعم النظام السوري. فالأخير، على الأقل، وإن لم يحارب إسرائيل بنفسه منذ العام 1973، فإنه تجرأ على تقديم الدعم العسكري لـ"حماس" وحزب الله سواء بشكل مباشر أو بوصفه حلقة وصل للدعم الإيراني. وهو الأمر الذي لم تنكره قيادة "حماس"، وإن شاب حديثها عنه كثير من التلعثم، بل الجحود، بعد استدارتها السياسية الأخيرة، ارتباطاً بموقف جماعة "الإخوان المسلمين" من الأزمة السورية.
    على أية حال، إن ما ينبغي على قيادة حركة "حماس" أن تدركه كتنظيم فلسطيني يتعامل مع هذه المشكلة المعقدة هو:
    لئن كان التقلب، تقدماً وتراجعاً، هو ديدن مواقف الانظمة الرسمية العربية، القديمة منها والجديدة، من القضية الفلسطينية، فإن الثبات على دعمها وتحمل أعبائها هو ديدن مواقف الشعوب العربية منها منذ نشوئها في مطلع القرن الماضي وحتى اليوم. وهذا ما أنجب تلاحم حركة التحرر الوطني الفلسطيني بألوانها مع حركة التحرر العربي بمشاربها، عدا التفافهما معاً حول الأنظمة العربية الأكثر جدية في مقارعة إسرائيل ومناهضة رعاتها، وأولها الولايات المتحدة. لذلك كان منطقياً أن يكون النظام المصري الناصري هو أكثر الأنظمة العربية شعبية وقبولاً لدى أحزاب وقوى حركة التحرر العربية، ومنها الفلسطينية، إذ لم يعد سراً، ولا بحاجة إلى برهان، أن قيادة هذا النظام كانت، بالفعل قبل القول، أكثر القيادات العربية تحملاً لأعباء قضايا الأمة، وأولها القضية الفلسطينية.
    ولعل عداء جماعة الإخوان المسلمين للقيادة الناصرية وإنكارها الأيديولوجي لمنجزاتها الوطنية والقومية والاجتماعية، ناهيك عن وقوفها إلى جانب خصومها من الأنظمة العربية المتحالفة بثبات مع الولايات المتحدة هو السبب الأساس لنفور مكونات حركة التحرر الوطني العربية والفلسطينية من الجماعة، بل واتهامها بعدم الجدية وتناقض الأفعال والأقوال فيما خص قضايا الاستقلال الوطني والقومي العربي، عموماً، وقضية فلسطين منها، خصوصاً. لكن انخراط فرع الجماعة الفلسطيني منذ العام 1988 في عملية النضال ضد الاحتلال، وإن بعد تأخرٍ لعقود، قد أفضى إلى ارتفاع أسهم هذا الفرع "الإخواني" الذي صار اسمه "حماس" عند شعوب الأمة وحركاتها الوطنية بمشاربها الفكرية القومية واليسارية والليبرالية. لكن ولأن هذه الأسهم مُنحت للحركة ارتباطاً بانخراطها في النضال ضد الاحتلال، فإن أمر بقائها أو زوالها أو تقدمها أو تراجعها يبقى مرهوناً بمدى جرأة قيادة الحركة على نقد وعدم الطبطبة على موقف سلطة جماعة "الإخوان المسلمين" من الصراع العربي الإسرائيلي، وجوهره القضية الفلسطينية، كموقف جاء نسخة طبق الأصل عن موقف نظام مبارك المخلوع، من جهة، وعلى مدى تجرئها على نقد موقف سلطة الجماعة الاستحواذي الإقصائي في مصر وتونس، من جهة ثانية، وعلى مدى تجرئها على نقد انخراط الجماعة في جوقة الداعين إلى تدخل حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة في أزمة سورية المستهدفة كدولة وليس كنظام فقط، من جهة ثالثة. هذا ما ينبغي على قيادة حركة "حماس" أن تدركه وأن تتصرف كتنظيم فلسطيني على أساسه، فمشكلة الحركة مع الحركة الوطنية المصرية ليست مجرد مشكلة أمنية، وإن بدت كذلك، إنما هي مشكلة سياسية، بل ويمكن أن يتسع نطاقها ويمتد إلى الحركات الوطنية العربية عموماً. فالاستقطاب الفكري السياسي الدائر في مصر له امتداداته في بقية الأقطار العربية، ناهيك عن أن مصر هي مرآة الأمة ومعيار عافيتها، وعن أن غزة تقع في التحليل الأخير ضمن نطاق الأمن القومي لمصر الدولة، بمعزل عن طبيعة سلطتها السياسية ولونها واسمها.

    سياحة أوباما في إسرائيل
    ج القدس/ الياس حرفوش
    كان من الضروري أن يحزم الرئيس الأميركي باراك أوباما حقائبه ويتوجه إلى زيارة إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية، كي يقفز ملف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الواجهة ويحظى بشيء من الانتباه، بعد أن غرق في قعر الاهتمامات خلال فصل «الربيع العربي» الطويل.
    غير أن هذه الزيارة محكومة بالفشل حتى قبل أن تبدأ . فكل التوقعات مصحوبة بخيبة الأمل، ولا تشير إلى أكثر من جولة سياحية للرئيس الأميركي في «ربوع» القدس وتل أبيب ومدينتي رام الله وبيت لحم. فقد أعد بنيامين نتانياهو استقبالاً سيئاً لأوباما، بإسراعه إلى تشكيل حكومة جديدة ستكون وظيفتها الفعلية منع أي تقدم على طريق السلام، حتى لو خطر لأوباما أن يشد عضلاته ويعيد تذكير الإسرائيليين بأهمية الوصول إلى حل لنزاعهم مع الفلسطينيين على أساس الدولتين.
    صحيح أن الأحزاب الدينية المتشددة هي خارج الحكومة الجديدة، غير أن من هم داخلها، والذين يشكلون الثقل الأساسي فيها، مثل نفتالي بينيت، زعيم حزب «البيت اليهودي» أو حتى يائير لابيد الذي صعد نجمه كزعيم لحزب «ييش عتيد» (هناك مستقبل)، سوف يكفلون «الفيتو» ضد أي تقدم في عملية السلام، حتى لو أراد نتانياهو الإيحاء للأميركيين وللعالم أنه يعمل من أجل ذلك.
    برنامج بينيت الانتخابي كان قائماً على الدعوة إلى ضم 60 بالمئة من أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل، كما أنه يصرح علناً بأنه يستبعد قيام دولة فلسطينية «لمئتي سنة على الأقل». أما لابيد، وعلى عكس ما يبدو من خطابه غير المتشدد، ورغبته في وقف إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية، فإن هاجسه الأساسي، كما أشارت حملته الانتخابية، هو «نسيان الأزمة مع الفلسطينيين» والالتفات إلى الداخل الإسرائيلي، وإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية تلبي مطالب تظاهرات «الربيع الإسرائيلي» التي خرجت في شوارع تل أبيب وسائر المدن في صيف العام 2011، وكانت، للمرة الأولى في تاريخ الدولة العبرية، خالية من أي إشارة إلى مأزق السلام أو إلى مستقبل علاقات إسرائيل مع محيطها العربي.
    وعلى عكس الأزمة مع الفلسطينيين التي يضعها الإسرائيليون في أسفل سلم أولوياتهم، تبرز الأزمة مع إيران بشأن برنامجها النووي في مقدمة هذه الاهتمامات. وهنا أيضاً لا يلتقي أوباما ونتانياهو على موقف واحد، على رغم أن اللغة التصعيدية حيال طهران تكاد تكون متقاربة. ففي حين لا يرى رئيس حكومة إسرائيل سوى حل عسكري لهذه الأزمة عن طريق ضرب المفاعلات الإيرانية، يكرر أوباما، كما فعل في مقابلته الأخيرة مع المحطة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، أن «كل الأوراق على الطاولة»، وذلك في محاولة للوقوف في الوسط بين رغبة إسرائيل وبين قرار الإدارة الأميركية باللجوء إلى الحلول الديبلوماسية لتسوية هذا النزاع، في غياب أي قرار من القيادة السياسية أو من البنتاغون باللجوء إلى الوسائل العسكرية.
    الجمود إذن هو سيد الموقف في العلاقات الإسرائيلية الأميركية، مثلما هو في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية. وهو جمود يستفيد منه الإسرائيليون، فيمضون في بناء المستوطنات بلا منازع، ويقيمون «أوضاعاً جديدة على الأرض»، كما يسمونها، لاعتقادهم أن من شأنها أن تقطع الطريق في المستقبل على أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية، بعد أن تكون معظم الأراضي التي ستقوم عليها هذه الدولة في الضفة الغربية قد اصبحت في أيدي المستوطنين اليهود، فضلاً عن التهويد المستمر في القدس، الذي يهدف في الأساس إلى إنهاء الحلم الفلسطيني في أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الموعودة.

    نتنياهو مجدداً : ماذا نفعل؟
    ج الايام / أشرف العجرمي
    استطاع بنيامين نتنياهو ان يشكل حكومته الجديدة من ائتلاف كان متوقعا بصورة كبيرة بعد تحالف كتلتي (يوجد مستقبل) و(البيت اليهودي) اللتين تضمان نفس عدد مقاعد كتلة (الليكود - بيتنا) (٣١مقعداً). ولم تكن لديه خيارات كثيرة فقد اضطر الى التخلي عن حلفائه من المتدينين (حركة "شاس" وحركة "يهدوت هالتوراة")، ومنذ الان لديه معارضة لا تقتصر على الكتل العربية واليسار الصهيوني، بل تضم جهات يمينية أصولية اعتادت عدم الابتعاد عن أموال الدولة التي تحصل عليها بصورة سخية من خلال وجودها في الحكومة.
    الحكومة في تركيبتها الجديدة هي يمينية في الجوهر وان كانت تضم كتلتين من الوسط هما ( يوجد مستقبل) التي يترأسها يائير لابيد و(الحركة) بزعامة تسيبي ليفني. والمناصب الحساسة والمهمة فيها لشخصيات قنينة متطرفة وخصوصا وزارة الدفاع التي أسندت الى موشي يعلون المعروف بتطرفه ومحاباته للمستوطنين. والخارجية التي يشغلها رئيس الحكومة حالياً بانتظار انتهاء شريكه أفيغدور ليبرمان من معالجة ملفه القضائي وصدور تبرئة له من تهمة الفساد. ومن الواضح ان المستوطنين هم المستفيد الاكبر من التشكيلة الجديدة بعد حصولهم على حقيبة الإسكان التي تولاها أوري اريئيل المستوطن المعروف بتطرفه.
    ليس واضحاً كيف ستتصرف الحكومة الجديدة في الملف السياسي بعيداً عن تشكيل اللجنة المسؤولة عن ملف المفاوضات والتي تضم رئيس الحكومة ووزير الدفاع والخارجية بالاضافة الى وزيرة العدل تسيبي ليفني التي ستكون أقلية مع اغلبية متشددة. فالمنطق يقول انها لن تذهب الى اي مكان، وان نتنياهو لن يكون بمقدوره ان يتقدم في معالجة الملف السياسي خطوة واحدة حتى لو أراد لان حكومته ستسقط فورا اذا اقدم على خطوة لا تروق لحركة (البيت اليهودي) التي بإمكانها حل الحكومة. ولكن في السياسة احيانا لا يوجد منطق وكل الامور متحركة وتتحكم بها المصالح التي قد تبتعد عن الشعارات والجمل الأيديولوجية.
    الشيء المؤكد ان نتنياهو لن يسارع من تلقاء نفسه الى اي فعل سياسي حقيقي لانه اصلا لم يضمن برنامج حكومته شيئاً محدداً في هذا الشأن. ولكن بات واضحاً كذلك ان الوضع لا يمكن ان يستمر على هذا النحو، فالمناطق الفلسطينية المحتلة تشهد توترا حقيقيا ينذر بانفجار في أية لحظة. والمنطقة العربية وخصوصا البلدان التي شهدت حراكاً شعبياً والتي لاتزال تحت تأثيره تعاني من حالة عدم استقرار. والعالم لم يعد يحتمل بقاء ملف الصراع مفتوحا الى ما لا نهاية. وبالتالي يمكن ان تحمل الفترة القادمة تطورات سياسية غير عادية اذا ما قررت المجموعة الدولية التحرك الفعلي لاحداث تغيير جدي في الوضع الراهن. هنا قد يضطر نتنياهو الى احد خيارين اما الدخول في مواجهة مع العالم وقسم من أصدقاء اسرائيل، او التماشي مع التوجه الدولي في اطار محاولة لكسب الوقت ورؤية ما يمكن ان يحدث من تطورات وبهذا يهدد حكومته او يصل الى تفاهم مع شركائه في اليمين بأن لا شيء جدياً سيحدث.
    في كل الأحوال هناك واقع جديد لدينا وفي اسرائيل ودول الاقليم وعلى الساحة الدولية يجب ان نتعاطى معه بمنتهى الجدية ليس تحسباً لحدوث تطورات جديدة فقط، بل أيضاً لجهة التأثير فيما يمكن ان يحدث. فهناك حكومة إسرائيلية جديدة يجب ان تتعرض لضغوط دولية، حتى تغير سياستها وتخضع لإرادة المجتمع الدولي في انهاء ملف الصراع مرة أخيرة والى الأبد.
    ولا شك ان التفاعل الإيجابي مع التطورات الجارية سيضمن للفلسطينيين تحقيق إنجازات اكبر وافضل على كل المستويات، وفي هذا السياق ينبغي ان نجد طريقة للإجابة إيجابياً عن اي جهد دولي لاستئناف العملية السياسية اذا تضمن ذلك ممارسة ضغط ما على اسرائيل وحصل تغيير في الموقف الاسرائيلي من قضية البناء في المستوطنات، حتى لو لم يكن الموقف الاسرائيلي يستجيب تماماً للمطالب الفلسطينية. فامكانية الاستفادة من الموقف الدولي تكون اكبر في حالة الاندماج في عملية سياسية اكثر من البقاء خارجاً انتظارا للتغيير الذي قد لا يحدث. وهذا يتطلب واقعية ومرونة وقدرة على الاستفادة من اي متغير ولكن دون التنازل عن جوهر العملية السياسية ومرجعياتها الدولية. المهم ان نكون مبادرين وقادرين على الفعل الصحيح في الوقت المناسب.
    نحن خسرنا كثيراً من قلة المبادرة والبقاء في نفس المكان على الرغم من ان الموقف الفلسطيني محق. فلا يكفي ان نكون على حق في اطار دولي لا ينتصر دائماً للحق ويرتبط اكثر بمصالح الدول الكبرى القادرة على التأثير في مجريات الاحداث على الساحة الدولية دون الأخذ بالاعتبار مصالح الأطراف الضعيفة والمغلوبة على أمرها.
    وليس قدراً أن نبقى في حالة انتظار. لدينا الان فرصة في زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمنطقة لاتخاذ مبادرة ما يمكن ان تساعد في خلق ميكانيزمات لإحياء العملية السياسية، على الرغم من وجود رسائل متناقضة بفحوى وهدف زيارته سواء أكان يملك خطة سياسية ام لا فهو لا يستطيع تجاهل هذا الصراع الملتهب والذي يمكن ان يشعل المنطقة بأسرها. وسيكون اكثر قدرة على الفعل عندما نعمل على مساعدته ونكون ايجابيين في اي مسعى سياسي حقيقي.
    الان نحن في مكانة دولية افضل بعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين ويجب الاستفادة من ذلك بالحد الأقصى الممكن وهذا لا يتأتى الا بفعل سياسي محدد وليس بالانتظار. السؤال هو في كيفية الفعل والتحرك.


    فلسطينيو الداخل: خطة فاشلة لاجتثاث الشعب والأرض
    ج القدس / اوكتافيا نصر
    وُجِدت الجليل قبل النصوص القديمة وكل الكتب المقدّسة. تأخذنا القيادة عبر الطرق المتعرّجة في قرى الجليل ومدنها في رحلةٍ عبر تاريخ أرض وشعبها. وقد انفتحت عيناي على الواقع عندما زرتها أخيراً في رفقة المؤرّخ الفلسطيني جوني منصور الذي لفت انتباهي طوال رحلتنا إلى الأدلة الوافرة على ما يسمّيه هو وباحثون آخرون، الخطة الاسرائيلية القديمة لـ"تهويد" مختلف جوانب الحياة الفلسطينية بإزالة أكبر قدر ممكن من رموز فلسطين العربية واستبدالها بالوجه الجديد لإسرائيل وسكّانها اليهود الأوروبيين في معظمهم الذين هاجروا إليها بعد عام 1948.
    يقول منصور "إنها ممارسة خطرة ومدروسة جيداً". فإلى جانب ترحيل العرب أو حشرهم في مناطق وأحياء معيّنة، تقوم هذه الخطة على تغيير أسماء الأماكن من العربية إلى العبرية، واقتلاع أشجار الزيتون، واستبدالها بأنواع الأشجار الأضخم والأكثر اخضراراً التي "تحاكي أجواء الوطن الأم بالنسبة إلى الأعداد الكبيرة من اليهود الأوروبيين الذين هاجروا إلى إسرائيل". ويوضح منصور ان هذا كله بدأ بعد إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 وهو يستمرّ حتى يومنا هذا.
    والنتيجة هي خيانة للطبيعة في ذاتها. إنها تولّد إرباكاً من حيث ما كان موجوداً من قبل، وما اقتُلِع من المكان، وما زُرِع بدلاً منه. لا شك في أن الطبيعة أصبحت أكثر غنى واخضراراً، لكن هويّتها الحقيقية ضاعت في السياسة اذ يتنازع الفرقاء على من كان هنا أولاً ومن هم السكّان الأصليون الحقيقيون. يعلّمنا التاريخ الحقيقة الآتية: لا يهم من كان هنا أولاً أو من احتل الأرض ومتى. الأهم، في الجانب الأكثر براغماتية، هو الحاضر ومن ينتمي فعلاً إلى الأرض ومن هو متجذّر فيها في مقابل من زُرِع فيها. في حين أن التاريخ يُعيد نفسه، يعلّمنا أيضاً أن الأمور تتغيّر باستمرار، ولا شيء يبقى هو نفسه إلى الأبد.
    يشكّل العرب اليوم نحو خمسين في المئة من السكّان في شمال إسرائيل. كما أنهم يمثّلون عشرين في المئة من مجموع السكان. تشير كل البحوث إلى أنهم يتّجهون نحو التساوي في العدد مع اليهود، وقد يتفوّقون عليهم في المستقبل، الأمر الذي يسبّب قلقاً كبيراً لإسرائيل. المستوطنات في الجليل واقعٌ، لكنها لا تتمتّع بالنفوذ نفسه الذي لتلك القائمة في الضفة الغربية أو القدس. فهذه المستوطنات محاطة بقرى ومدن عربية ناجحة ومزدهرة لا تزال تنمو بوتيرة مطّردة. ينشط عدد كبير من الفلسطينيين في بناء المنازل في قراهم وبلداتهم، حتى إن بعضهم يختار العيش هناك ويتنقل إلى المدينة ذهاباً وإياباً بداعي العمل.
    من جهة أخرى، لم يعد لدى إسرائيل عدد كافٍ من المستوطنين كي تُسكنهم في الجليل. تكثر اللافتات التي تشير إلى مختلف أنواع الحسومات والعروض، وتكاد تتوسّل الناس لشراء منازل في المستوطنات الجديدة. من الواضح أن إسرائيل بلغت الحد الأقصى من حيث اعداد اليهود الذين تستطيع إغراءهم للعودة إلى إسرائيل والسكن في هذه المستوطنات. والجليل خير مثال على ذلك: أراضٍ شاسعة تكفي جميع الفلسطينيين في مختلف أنحاء العالم، لكنها خالية في الوقت الحالي بانتظار تسوية ما، وقد يطول الانتظار...
    علمّني عرب الداخل درساً: أذعن أسلافهم للسيطرة الإسرائيلية على أرضهم. أصبحوا مواطنين إسرائيليين ليس بخيار منهم، في حين تحوّل معظم الفلسطينيين الآخرين لاجئين في البلدان المجاورة. ناضلوا من طريق البقاء في أرضهم وحمايتها. قاوموا من خلال الحفاظ على لغتهم العربية وهويتهم الفلسطينية على رغم كل المحاولات لطمسهما. إنهم يتسلّحون بصبرهم وعزمهم.
    لعلّ وجودهم في الداخل منحهم الصفاء الذهني اللازم للتفكير والتصرّف بطريقة مختلفة. لا يقلقون في شأن "العودة" لأنهم لم يغادروا أرضهم قط. والجنسية الإسرائيلية هي ورقة رابحة في أيديهم، لأنها تتيح لهم العمل من داخل المنظومة، ويكفي أنهم موجودون وأنهم ينمون ويزدادون عدداً، بما يجعلهم يتحوّلون تهديداً لا يستهان به إلى جانب التهديدات الكثيرة التي تطرحها المقاومة العسكرية أو السياسية.
    لا تفرض إسرائيل الخدمة العسكرية الإلزامية على سكّانها العرب، وهذا أكبر مؤشّر لعنصرية الدولة الإسرائيلية حيالهم. كما أن معظم العرب لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وهذا مؤشّر واضح لكون الغالبية الكبرى من العرب في إسرائيل لم تخسر هويتها الفلسطينية الحقيقية. حتى أنني قد أقول إنهم لا يزالون الأكثر أصالة وتركيزاً على الهدف بين جميع الفلسطينيين، لأنهم مكثوا في أرضهم فيما يخوض الآخرون نضالاً للعودة منذ أكثر من ستين عاماً.
    في الظاهر، أو بالنسبة إلى الناظر من الخارج، قد تبدو الحياة كأنها تسير كالمعتاد، ولكن لا يزال العرب الإسرائيليون، في أعماقهم، يرون أن إسرائيل هي المحتل، ولا تزال إسرائيل تعاملهم على أنهم خاضعون للاحتلال.

    نتنياهو الثالث: حكومة اليمين الأيديولوجي الصلب !!
    ج الايام / هاني حبيب
    ليست حكومة يمين، ولا هي حكومة وسط، وليست حكومة يسار بالتأكيد، ليست هذا كله، إنها فقط حكومة المستوطنين، مهما كانت تسمية الوسط الحزبي الذي يرحبون به أو الشعارات التي يرفعونها، تلك هي باختصار حكومة نتنياهو الثالثة التي كنا نحسب في بداية الأمر أن أحزاب الوسط ستسيطر عليها، فالأمر لا يُقاس فقط بالتشكيلة الحكومية من خلال المشاركين فيها، بل بالمواقع الحكومية التي يتحكمون بها، والواضح أن المستوطنين فقط، هم الذين يتحكمون في سياسة هذه الحكومة الداخلية والخارجية، وفي القلب منها، مسألتا الاستيطان والمفاوضات مع الجانب الفلسطيني وفي هذا السياق، بالإمكان أن نرى بوضوح أن المستوطنين وليس غيرهم هم الذين سيرسمون هذه السياسة في الاتجاهين.
    الخطأ الذي وقع به بعض المحلّلين لمجرى المفاوضات لتشكيل الحكومة الثالثة لنتنياهو، أنهم اعتمدوا في خلاصاتهم على طبيعة الجولات التفاوضية بين رئيس الحكومة وأحزاب الوسط التي لها الدور الأساسي في تشكيل الحكومة، ولكن عندما وصلت الأمور إلى نهاياتها، وتم توزيع الحقائب الوزارية تبين أن المستوطنين وحدهم، لهم اليد العليا في رسم السياسات، اعتمد هذا البعض من المحلّلين والمتابعين، وأنا واحد منهم، على التركيز على قضايا، كان يظن أنها أساسية في توصيف هذه الحكومة، وعلى سبيل المثال تم الاعتماد على الشعارات والمواقف المتعلقة بالمساواة في العبء وتجنيد المتزمتين وإعادة إحياء الطبقة الوسطى، والتخلص من الأحزاب "الحريدية" التي تم تشكيل الحكومة من دونها، كذلك تم النظر إلى مواقف تسيبي ليفني، وبعض مواقف لبيد، على أنها من الممكن أن تسمح بإعادة الحياة إلى العملية السياسية مع الفلسطينيين، غير أن هذا الاعتماد على هذه المواقف والسياسات، هو الذي أوقع العديد في خطأ توصيف الحكومة بأنها حكومة وسط.
    معظم المناصب المتعلقة بالاستيطان باتت بيد المستوطنين أنفسهم، فوزير الإسكان أوري اريئيل، من "البيت اليهودي" الذي يعتبر الاستيطان أولوية مطلقة ولا يعترف بالحدود بين إسرائيل 1948 وإسرائيل 1967، هذا الحزب يصرح بأن أي تقدم حتى لو كان محدوداً في العملية السلمية مع الفلسطينيين، مرفوض تماماً إذا كان هناك أي انسحاب من أي جزء من المناطق المحتلة، وكان هذا الوزير مع ينتسي ليبرمان في مجلس "يشع" الاستيطاني والذي يتحصن في موقعه الاستيطاني على منصب "مديرية أراضي إسرائيل"، وهو الموقع الذي سيشكل سنداً حقيقياً لوزير الإسكان.

    وقيل إن لابيد الذي احتلّ موقع وزارة المالية، ربما لن يمكن هؤلاء وغيرهم من تمرير سياساتهم الاستيطانية، ليس بسبب موقفه من الاستيطان، ولكن لأنه كوزير للمالية، مكلف بإعداد الميزانية التي ينبغي أن تقلص عجزاً بمقدار 17 مليار شيكل، بما لا يجعله قادراً على تمويل متزايد للعمليات الاستيطانية بما يتوافق وطموحات المستوطنين، إلاّ أن المستوطنين أكثر حذاقة إذ إن نيسان سلوميانسكي، من "البيت اليهودي"، أيضاً، سيترأس لجنة المالية في الكنيست، وهذا يعني أن تمرير أية قضية ذات طابع مالي حكومي، من قبل لبيد، لن تمر من دون موافقة هذه اللجنة ورئيسها في الكنيست، وهو ما يقتضي عقد صفقات لتمرير المشروعات الاستيطانية وتمويلها من قبل الحكومة، ولا ننسى أن سلوميانسكي كان عضواً في مجلس "يشع"، أيضاً، ما يعني أن الشركاء الثلاثة هم في الأصل من هذا المجلس الاستيطاني، وهو ما يكفي لتوصيف هذه الحكومة بأنها حكومة مستوطنين بالدرجة الأولى.
    وكان توصيفاً دقيقاً من قبل أحد المحلّلين السياسيين في إسرائيل، لوزير الدفاع الجديد موشيه يعلون الذي عمل منذ التسعينيات في الضفة الغربية ثم رئيساً لشعبة الاستخبارات، وتجربته في كلا المجالين أشارت إلى وقوفه إلى جانب الاستيطان، الأمر الذي دفع به الى الابتعاد عن "حزب العمل" وأصبح عضواً قيادياً فاعلاً في "الليكود"، وفي جناحه الأكثر يمينية بشكل خاص.
    أما نائب وزير الدفاع، فقد تم انتقاؤه بدقة بالغة، فداني دانون من أشدّ الاستيطانيين تطرفاً، وهو الذي قاد الهجوم في الكنيست على النواب العرب، وعلى الأخص على النائب طلب الصانع، وهو الذي كان أكثر تطرفاً خلال الحربين الإسرائيليتين على قطاع غزة، وكان ينادي بتدمير القطاع بشكل نهائي بعد احتلاله، الأمر الذي يجعل من وزارة الدفاع في ظل هذه الحالة، إنما هي وزارة دفاع مجلس "يشع" الاستيطاني.
    ويراهن البعض، على أن هذه الحكومة، لن تستمر طويلاً في ظل معارضة قوية، قد يكون هذا صحيحاً إلى حد ما، ذلك أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، أدت إلى تشكيل حكومة باتت تضع المعايير الدقيقة لليمين الإسرائيلي، فلم يعد يميناً دينياً، بل يميناً أيديولوجياً صلباً، ولعلّ هذا ما يفسر اتفاق الائتلاف الحكومي الجديد على أن تصبح نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية القادمة أربعة بالمائة، كي لا تكون هناك فرصة للأحزاب الصغيرة في الوصول الى الكنيست، خاصة الأحزاب العربية، مع رهان، على أن هذه الأحزاب الصغيرة مطالبة بالتوحد، ومع وجود تناقضات عديدة، بعضها أيديولوجي بالنسبة للأحزاب الدينية، وتعارضات تمنع ـ حتى الآن على الأقل ـ توحد الأحزاب العربية، فإن اليمين الإسرائيلي الصلب، سيأخذ إسرائيل إلى مستقبل تضيع فيه الطبقتان الفقيرة والوسطى، وستظل الطبقة الغنية الثرية، هي التي ترسم سياسة الدولة، بما فيها الموقف المتعنّت من العملية السلمية!!.


    كيف تكون ثائرا دون ان تكون ارهابيا ؟هل نعانق الامريكان ام نخنقهم ؟
    معا / ناصر اللحام
    كيف يمكن ان تكون ثائرا دون ان تكون ارهابيا؟ كيف تناضل من اجل وطنك وتحمي كرامته وكرامة اهله دون ان تدخل في دائرة البيع والشراء مع برنامج الادارة الامريكية الداعم للاحتلال؟ كيف يمكن ان يخرج مسؤول على شاشة التلفزيون ويتحدث عن المشروع الوطني وفي نفس اليوم يتوجه الى غرفة مغلقة ويجتمع مع عملاء السي اي ايه من دون ان يسقط في وحل النجاسة؟ كيف تخرج تظاهرات تطالب بدفع الرواتب وفي نفس الوقت تخرج تظاهرات ضد زيارة اوباما؟
    اسئلة ليست سهلة ... لا سيما اذا كان الحديث عن الواقع الفلسطيني الراهن.
    ولانني لا اعرف الاجابة على هذه الاسئلة، اذهب مرة اخرى واقرأ مذكرات رئيس السي ايه جورج تينيت وماذا كتب عن الزعيم عرفات، لعلني اجد ما يمكن ان يشير الى اي زاوية من زوايا الاجابة المعقدة.
    يقول تينيت في كتابه الذي صدر في اكثر من 500 صفحة: عرفات كان المشكلة، وكان العقبة كأداء امام تسوية سلمية، ويقرر هنا مشاركته في اعداد خطة امنية لاعداد القوات الامنية الفلسطينية باعتبار ان الحل السياسي يعتمد في النهاية علي الحل الامني وهنا يشير لمحادثاته مع مسؤولي الامن الفلسطيني في القدس، جبريل الرجوب ومحمد دحلان وامين الهندي، وفي الوقت الذي يقر فيه بوجود كفاءات فلسطينية الا انه يقرر قائلا ان رجال الامن الفلسطيني والمخابرات لم يكونوا يعرفون كيف يشغلون الحاسوب قبل ان تبدأ المخابرات المركزية برنامجها لاعداد وتأهيل الامن الفلسطيني.
    ويعترف تينيت ان العلاقات والاتصالات التي تعود لفترة زمنية طويلة، وعن تعامله مع عرفات يقول ان الاخير كان احيانا يدفعه لحافة الجنون واحيانا اخرى كان يود ان يعانقه.
    ويتذكر انه كان يحضر مع عرفات حفل عشاء عند بطريرك الروم الارثوذكس في بيت لحم وكان تينت حينها نائبا لمدير المخابرات وذكر عرضا انه من اصول يونانية وعندها انشرح وجه عرفات لسماع الامر وهش وبش واخذ ينثر عليه الهدايا.
    وفي الاعوام اللاحقة سيجد تينت انه في مواجهة دائمة مع عرفات لكن العراك وسوء الفهم لم يتحولا الى امر شخصي، وفي احيان كثيرة كان يدخل على مكتب عرفات ويجد فيه 40 شخصا يتجادلون بصوت عال ويحركون ايديهم مما كان يذكره باليونانيين الذين عرفهم وتربى معهم في كوينزيصف تينت علاقته مع عرفات بقوله في الحقيقة، احب في الاسرائيليين عشقهم للحياة وما فعلوه من اجل الدفاع عن انفسهم وانشاء الدولة ومع ذلك فأنا متعلق بالفلسطينيين وعرفات جزء من هذا.
    وملخص الامر ان عرفات كان يعرف ان امريكا هي بوابة العالم، ويعرف انها الداعم الاول والثاني والثالث لاسرائيل كقوة احتلال، ومع ذلك اضطر للعب في هذه اللعبة، لعبة ان تكون ثائرا من دون ان تتنازل عن الثوابت !!!! لعبة ان تجلس مع السي اي ايه وفي نفس اليوم تحافظ على كرامة البندقية الوطنية!!!!
    لم يختلف الامر كثيرا ايام ابو مازن، وان اختلفت الوجوه والادوات ... فاللعبة مستمرة وعلى نفس القواعد والاصول... والفرق هنا ان ردود الفعل الناجحة لم تعد تلك البدائية... وانما ردود الفعل التي تصب في خدمة الخطة المركزية من اجل الحرية والاستقلال.
    انها أشبه أن تمشي تحت المطر من دون ان تبتل، او ان تسير في حقل الغام من دون ان تفقد ساقيك، او ان تصادق السي اي ايه وتبقى انت هو نفس الثائر الفدائي الذي يعرفه الناس !!! وهل السؤال اختياري اساسا ؟
    فلم يعد السؤال اذا نريد او لا نريد؟ بل كيف يمكن ذلك ؟؟؟؟.

    أوباما في عالم إسرائيل الجديد
    ج القدس / ديانا بينتو
    الآن بعد أن نجح بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة من مجموعة ضخمة ومحيرة من التباديل والتوافيق المحتملة بعد الانتخابات، هل تحركت سياسة البلاد إلى الوسط؟ الحقيقة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيكون مخطئاً إذا تصور ذلك فيما هو يستعد للقيام بأول زيارة رسمية لإسرائيل.
    لا شك أن النتيجة غير المتوقعة التي حققها حزب يائير لبيد الجديد (هناك مستقبل) بالحصول على المركز الثاني في الانتخابات الأخيرة غيرت تركيبة الحكومة: فقد خرج الحزبان الدينيان الرئيسيان، ساش ويهدوت هتوراة، في حين دخل حزبان وسطيان أصغر حجماً، كاديما وهاتنوا (الحركة). لكن أولئك الذين تنفسوا الصعداء ارتياحاً بسبب الضعف الذي أصاب حزب نتنياهو، الليكود، وبقية الأحزاب اليمينية المتطرفة في البلاد، لا بد أن يظلوا على نفس القدر من التخوف والقلق مثل أي وقت مضى.
    لقد انتهت المساومات السياسية في الوقت الحالي، وتبدو النتائج مؤكدة. فسوف يعود نتنياهو رئيساً للوزراء، وقد أصبح كل حزب -في السلطة أو خارجها- على استعداد لمنع، أو تمييع، أو إضعاف أي سياسة قد تتمكن الحكومة الجديدة من تبنيها. والسؤال المطروح في إسرائيل اليوم لا يدور حول ما إذا كان الوسط سيكون قادراً على الصمود، بل ما إذا كان ذلك قد يشكل أي أهمية.
    على الصعيدين المحلي والدولي، لم تتحرك إسرائيل كثيراً إلى الوسط بقدر ما تبنت نمطاً جديداً من الإجماع الوطني الذي بدأ في الظهور في العام 2011. وأثناء الفترة من أيار وحتى حزيران من ذلك العام، وفي حين كان المجتمع الدولي ما يزال يناقش تبادلات الأراضي المحتملة في إطار تسوية سلمية تصبح بعيدة المنال على نحو متزايد مع الفلسطينيين، كان الإسرائيليون يركزون على المعركة المحلية الدائرة حول قضية تنظيم الجبن الأبيض.
    وكانت أفضل دلالة أشارت إلى الإجماع الجديد هي تلك الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي اندلعت بعد شهرين، وشارك فيها الشباب من الإسرائيليين المحبطين اقتصادياً الذين ينتمي أغلبهم إلى الطبقة المتوسطة، والذين ربما كانوا منقسمين سياسياً بين حزب العمل من يسار الوسط والليكود تحت زعامة نتنياهو. ولم يرد آنذاك أو الآن أي ذِكر للحاجة إلى مبادرات سلام؛ أو التفكير في الحالة الذهنية للفلسطينيين غير المرئيين الآن (في أعين الإسرائيليين) والذين انعزلوا الآن داخل جانبهم من الجدار الأمني؛ أو مظاهر التفاوت المتزايد وعدم المساواة التي تفصل بين المواطنين الإسرائيليين من أصل عربي ومواطنيهم اليهود.
    وبتمثيل تطلعات الإسرائيليين من الطبقة المتوسطة الذين يسعون إلى الحصول على صفقة اقتصادية أفضل، أصبح يائير لبيد ونافتالي بينيت من حزب البيت اليهودي القومي بمثابة الوجهين للعملة التي سُكَّت حديثا، أحدهما مدعوم بهوية عرقية قومية منغلقة على ذاتها في بلد يرى نفسه وحيداً في العالم. وقد تكون هذه الهوية علمانية أو دينية؛ وقد تسعى إلى ضمان حالة سوية للطبقة المتوسطة، وقد تعلن نسخة إسرائيلية من إعلان "المصير الاستعماري الحتمي" الأميركي في القرن التاسع عشر -ولا يوجد تعارض بين الوضعين. وفي كلتا الحالتين، فإن البلد لم يعد مستجيباً لتوقعات وآمال ومخاوف عالم ما يزال يركز (بشكل متزايد الخفوت) على حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
    ولا تستمع إسرائيل حتى إلى صهاينتها الشيشرونيين، الذين ربما كان أفضل ممثل لهم هو الروائي عاموس عوز. فقد توقفت إسرائيل ببساطة عن السعي إلى التوفيق بين هويتها اليهودية والتزامها بالديمقراطية، وذلك لأنها توقفت عن معالجة التناقض المتمثل في القضية الإسرائيلية الفلسطينية.
    والأمر ببساطة أن هذا التناقض لم يعد مناسباً لإسرائيل الجديدة. فعلى الرغم من الإحباطات الاقتصادية العميقة التي يواجهها العديد من المواطنين من الطبقة المتوسطة (لم يحتج الفقراء المعوزون حقاً)، فقد أصبحت إسرائيل قوة اقتصادية وعسكرية عالمية. وتعيش الدولة بشكل متزايد داخل واقع افتراضي خاص بها، فالبرغم من قربها الجغرافي من الدول المجاورة التي تمر أغلبها بحالة ما قبل الحداثة الثورية، فإنها تظل في الوقت نفسه أبعد ما تكون عنها.
    الواقع أن إسرائيل أصبحت الآن على قدم المساواة مع كل القوى الجديدة الصاعدة في عالم تحكمه العولمة بشكل متزايد. وقِلة من هذه القوى تتبنى الديمقراطية، ولا توبخ أي منها إسرائيل بسبب سياساتها الاستيطانية في الضفة الغربية أو تكترث، مثل الولايات المتحدة، بالسلام في الشرق الأوسط. فما الذي قد يدفع إسرائيل إذن إلى الاستمرار في التركيز على الغرب الذي تمكن منه الضعف والذي لا يكف عن تأنيبها؟
    لم يعد الانقسام العلماني/الديني القديم يتمتع بقدر كبير من البروز اليوم. فقد أصبحت إسرائيل دولة تنتمي إلى تصنيف ما بعد الحداثة، التي تنتج أشكالاً جديدة -ومذهلة في بعض الأحيان- من التآزر بين طليعتها المتفوقة تكنولوجيا، وهوياتها العلمانية والدينية المتزايدة التقليدية، والنظرة العرقية القومية الإجمالية. والآن، يتعايش ماضيها التوراتي القديم بسلاسة مع حاضرها بالغ الحداثة. وقد بات بوسع أثريائها الجدد أن يعيشوا بسهولة في مستوطنات نائية في "يهودا والسامرة" وينتقلوا يومياً إلى مواقع مشاريعهم في المدن الساحلية.
    كما أصبح الجيش بالفعل خاضعاً لهيمنة كوادر قومية ودينية، حتى بالرغم من عدم تجنيد الأصوليين المتطرفين –وهو أحد مطالب المعسكر الوسطي في سياق الضغط من أجل تقاسم الأعباء الوطنية بشكل أكثر عدلاً. ونتيجة لذلك، تبدو دولة إسرائيل وأنها تقترب أكثر من نظيراتها الآسيويات، التي تركز على الإبداع الاقتصادي ولا تبالي بالقيم العالمية أو السلام.
    إن إسرائيل فخورة الآن بانتمائها إلى عالم خاص بها، حيث تشعر بالحرية في العمل بشكل أحادي الجانب والسخرية من الانتقادات الضعيفة التي تأتيها من قِبَل أوروبا (والآن جزئياً من قِبَل الولايات المتحدة). ولا يوجد سبب يدعونا إلى الاعتقاد بأن حكومة نتنياهو الجديدة قد تسعى إلى إحياء عملية السلام المحتضرة، باستثناء الوعود الشفهية والتدابير الشكلية.
    لا ينبغي لأحد أن يتوقع توقف التوسع الاستيطاني. بل إن العكس تماماً هو الصحيح، فالمستوطنات تقدم إسكاناً أرخص من المتاح في داخل إسرائيل، وهي بالتالي تحل واحدة من المشاكل الاقتصادية الرئيسية التي تواجه الطبقة المتوسطة في البلاد.
    إن "الخطوط الحمراء" في إسرائيل تتحول بشكل ما دوماً إلى خطوط مرسومة على الرمال، ثم تختفي مع أقل هبة رياح. ويبدو أن التوازن الهش الذي تعرضه الحكومة الجديدة لن يسفر إلا عن تعزيز هذا التفسير الرصين.
    لا شك أن أوباما سوف يجد في إسرائيل بلداً تحرك بالفعل، وإنما ليس باتجاه الوسط الضائع. إنها تتحرك في مدار خاص بها.

    ومضة: عجيب أمركم!
    وفا / صبري صيدم
    غريب بالفعل أمر كندا وتصرفاتها بالنسبة للقضية الفلسطينية، فهذه الدولة الوديعة القائمة على أكتاف المهاجرين المالكين للعقل والمال تتصرف بصورة تصعب على الفلسطينيين فهمها.
    فما أن أعلنت القيادة الفلسطينية عن رغبتها التوجه إلى الأمم المتحدة قبل عامين إلا وبدأت كندا بإبداء مواقف تعبر عن امتعاض من هذا الأمر تارة بالقول إن هذا الأمر سيعطل عملية السلام وتارة بالقول إن القضية الفلسطينية لا تحل في الأروقة الأممية.
    وخلال عشرات اللقاءات والاجتماعات حاول كثيرون من الساسة وأبناء فلسطين المخلصين شرح عدالة القضية وبغضهم لاستطالة أمد الاحتلال المقيت وتفسيرهم لموجبات التوجه للأمم المتحدة باعتبار أن كل السبل قد جربت في المسار السياسي وأن مفاوضات عقدين من الزمن مع إسرائيل قدمت نتيجة محصلتها صفر.
    لكنك كنت تخال في حديثك مع زوارك الرسميين من كندا بأنك تتحدث مع نفسك، فنقاط الخطاب الاسترشادية التي خطتها المؤسسة الرسمية الكندية لهم بقيت على الدوام تتكرر دونما تغيير، فمهما حاول البعض منا الشرح والتفصيل فإن جدران الصد التي رسمت في تلك النقاط كانت واضحة وواضحة جداً.
    والباحث في شؤون التركيبة السياسية الكندية وضعف تأثير الشتات المهاجر من أبناء الدم والعروبة والدين يعرف أن مآل الموقف الكندي كان واضحا، لكن طريقة التعبير عن الموقف جاوزت التوقعات في صراحتها الواضحة بصورة تكون ربما وأقول ربما تجاوزت نبض الشارع الكندي وقاربت التزلف المستميت للاحتلال ولوبياته الضاغطة فأساءت لفلسطين والفلسطينيين.
    التطور المحزن الأكبر هو إصرار كندا على الإجهار بموقفها لدرجة توقعت معه الفضائيات العربية عشية التصويت لعضوية فلسطين المراقبة أن يكون خطاب وزير خارجية كندا أسوء وقعا من خطاب إسرائيل.
    موقف الحكومة الكندية أردفته بالتهديد بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية إن ذهبت نحو التصويت لتعود بعد أن حصلت فلسطين على دعم ساحق لتتراجع عن هذا التهديد وترسل ممثليتها في رام الله إلى مكاتب القيادة الفلسطينية لتعلمها بأنها لن تقطع المساعدات.
    لكن وما أن عادت قضية الأسرى العادلة إلى واجهة الأحداث عالميا قبل أسابيع واستؤنف الحديث عن التوجه لمحكمة العدل الدولية حتى عادت كندا إلى معزوفتها السابقة، بل خرج وزير خارجيتها أمام إعلام بلاده وفي لقاءٍ مع أنصار إسرائيل في أمريكا ليهددنا جميعا بما سنلقاه من وبال شديد إذا ما فعلنا ذلك.
    لذا فإن منطق الخارجية الكندية قائم على معاقبة الضحية والإمعان في ظلمها بل مطالبتها بأن تقبل بالضيم والغبن والإجحاف وأن لا ترفع إصبعاً واحداً للشكوى والاعتراض.
    لهذا فإن وزير خارجية كندا جون بايرد يقول ضمنا بأننا يجب أن نقبل بما يواجهه أسرانا وما يقوم به الاحتلال من مستوطنات وجدار وتهويد للقدس وسرقة للمياه وحصارٍ لغزة وحجب لترددات الاتصالات وتوسيعٍ لنقاط التفتيش والإصرار على يهودية الدولة!! أي منطق هذا الذي يحتمل توجها كهذا؟.
    ربما نفهم كفلسطينيين مواقف بعض الجزر التي دأبت للتصويت ضدنا في الأمم المتحدة ليس لكوننا ناصبناها العداء وإنما لارتباطاتها الدولية التي تحتم عليها مواقفها المؤسفة، لكننا لن نفهم أبداً مواقف كندا التي لم يسجل التاريخ أية مواقف استعداء تجاهها لا مع منظمة التحرير ولا من إخوتنا المهاجرين فيها والذين سجلوا ويسجلوا كل يوم أداءً غايةً في المهنية والاحترام.
    نعم أمور كهذه لا تحكمها السذاجة ولا العاطفة وإنما المصالح والحسابات الداخلية والخارجية والتي تدفع بعض الدول للوقوف ضدنا بصورة أكثر براعة ودبلوماسية من الموقف الكندي الذي يمثله اليوم رأس خارجيتها.
    إن التساوق مع الاحتلال في زمن 'التطبيل والتزمير' لربيع العرب ليس انتصارا للديمقراطية، وإن شرعنة الاحتلال وتبرير ظلمه وجوره في زمن انهار فيه أعتى الاحتلالات ليس بطولة، فاستجداء دعم المبشرين ببقاء الاحتلال والمدافعين عنه هو إمعانٌ واضحٌ في الجريمة وإرفاد محزن لسطوة الشر، فهل يقف بلد بحجم كندا قريبا لمراجعة الذات والتمييز بين القاتل والمقتول؟.

    ماذا ستفعل يوم 21 آذار؟
    ج الايام / حسن البطل
    على الأغلب، لن تشعر ليلة 20/21 آذار بالانتقال من فصل الشتاء إلى فصل الربيع، عبر برزخ الاعتدال الربيعي. نوماً هنيئاً أو ليلة بيضاء! على الأغلب، ستحمل باقة ورد مثلاً إلى أُمّك في يومها/ عيدها العالمي، الموقوت عمداً على بداية الاعتدال الربيعي.. أو ربما ستكون في المقهى وشيشة التنباك في فمك أو ورق الشدّة في يدك، أو بصرك شاخصا على فضائية ما تبثّ وقائع حيّة لزيارة المستر أوباما لـ "مقاطعة" عرفات في رام الله. .. وأنا؟ سأقرأ، أولاً، في الصحف ماذا قرّرت لجنة تنسيق الدول المانحة في بروكسل لتعويم و"تعكيز" الاقتصاد الفلسطيني، وسأقرأ ثانياً تغطية لقاء أوباما مع نخبة مختارة أميركياً من شبيبة فلسطين في إحدى المؤسّسات بمدينة البيرة القريبة من "المقاطعة"، وسأُقارنها بلقائه مع نخبة مختارة أميركياً من طلبة الجامعات الإسرائيلية. لماذا حصيلة لقاء بروكسل للمانحين أهم من زيارة تستمر 5 ساعات لـ "مقاطعة" عرفات في رام الله؟ لأنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان".. وهذا صحيح ولأن "أعطنا خبزنا كفافَ يومنا".. وهذا صحيح، أيضاً! .. ولأن اجتماع بروكسل هو نتيجة جملة تقارير دولية وفلسطينية توالت على مدى أسابيع منذ تقرير البنك الدولي الافتتاحي، فإلى تقرير صندوق النقد الدولي التالي، إلى تقرير المستر توني بلير، المندوب الخاص للجنة الرباعية.. وأخيراً، تقرير حكومة السلطة إلى المؤتمر "فلسطين: دولة تحت الاحتلال" وتقرير "بكدار" السنوي عن وضع الاقتصاد الفلسطيني في عام النحس هذا؟ هذه التقارير مبنية بعضها على بعض، أو أنها "نسخ كربون".. ولكن بألوان قاتمة أو رمادية أو ملونة، وهي محصّلة وضع غير عادي، لأنه حسب تقريري البنك والصندوق الدوليين فإن مؤسسات السلطة قادرة نظرياً على حمل عبء الدولة.. لولا عبء الاحتلال المغلف بالعديد من الأغلفة: غلاف جمركي واحد بين دولة متقدمة اقتصادياً وسلطة نامية، وغلاف أمني لا يحدّد حدود الأمن الإسرائيلي، من حدود السيادة، من حدود الاستيطان؛ واستيطان يتبع أغلفة أمنية ـ سياسية ـ اقتصادية بين مناطق (أ. ب. ج). .. وأخيراً، إن كان لزيارة أوباما معنى إضافي، فهو أن إسرائيل وفلسطين "غلاف دبلوماسي" واحد في الزيارات الرسمية لكبار الزائرين الأجانب.. وهذا منذ الزمن الأوسلوي، أو الزمن الماضي ـ المستثمر، دون زمن المستقبل الذي تحاول التقارير الدولية والزيارات السياسية فتح كوّة فيه اسمها "دولتان لشعبين".. صرنا نستقبل كبار الزوار بمراسيم تليق بدولة على الطريق، لكنها مشروع دولة يقوم فيها البنك والصندوق ولجنة الدول المانحة بمهمة "وزير مالية أعلى" أي يتولى الهندسة الخارجية للبيت، تاركاً لوزير مالية السلطة أن يكون تنفيذياً، أي الهندسة الداخلية وتوزيع الأثاث. نعم، قرأت التقارير الدولية الصادرة عن البنك والصندوق وممثل الرباعية وجميعها إعادة صياغة عن تقرير البنك، لكن تقرير السلطة إلى لجنة تنسيق المانحين هو الأهمّ والعملي، فقد وضع عبء القيود الإسرائيلية على عمل ومشاريع السلطة والناس في المنطقة (ج) في المقدمة لا في التقارير الدولية. *** يزورنا الرئيس الـ 44 لمدة خمس ساعات سيمضيها (جلسة رسمية، مؤتمر صحافي، وجبة خفيفة، لقاء مع الشبيبة) و26 دقيقة في كنيسة المهد، وربما يعلن في مؤتمره الصحافي الرئاسي عن رفع القيود المالية الأميركية على السلطة عقاباً لها على قرار الدولة الصادر عن الجمعية. وأنا؟ لن أحمل لافتة احتجاج ولا لافتة ترحيب، لكني أودّ طرح سؤال: لماذا أمسكَ سلفك جيمي كارتر بمصباح علاء الدين السحري وصنع سلاماً بارداً بين مصر وإسرائيل؟ ولماذا لا تحمل لا المصباح، ولا البساط السحري، ولا مشروع مبادرة سياسية.. ومع ذلك تقول إن العام 2014 عام الدولة، كما قال سلفه إن العامين 2005 و2008 سيكونان عام الدولة. ".. أهلكني تأجيل عام بعد ذاك فعام"! .

    حياتنا - زيارة أوباما
    جريدة الحياة / حافظ البرغوثي
    شهدت زيارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش للاراضي الفلسطينية احتجاجات فلسطينية في رام الله رغم ان مواقفه السياسية كانت متقدمة على الرئيس الحالي باراك اوباما. فقد كان الرئيس بوش يدعو لدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 بما فيها القدس. وحاول حتى آخر لحظة في رئاسته ان يحصل على ورقة تفاهم اولية بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسبق ايهود اولمرت ليختتم بها ولايته لكن الاسرائيليين فتحوا الصندوق الاسود الذي يدمر أية تفاهمات مثلما فتحوه ضد اسحق رابين واغتالوه فتم اغتيال اولمرت سياسيا لمنع التوصل الى اي اتفاق.
    الآن يأتي اوباما في زيارة شرق اوسطية ثانية في مستهل ولايته الثانية وقد تراجعت المواقف الاميركية عن موقف بوش.. وتراجعت المواقف الاسرائيلية عن موقف اولمرت, بينما ظل الموقف الفلسطيني على ما هو عليه لأنه موقف يستند الى حقوق عادلة غير قابلة للتغيير المزاجي, وقد لا يضيرنا وجود احتجاجات على زيارة أوباما ونحن نعيش اوضاعا سياسية واجتماعية واقتصادية متفاقمة نحو الأسوأ وأوضاعا سياسية في ظل حكومة استيطانية ذئبية اعلن بعض قادتها منذ تشكيلها عن اعتزامهم المضي قدما في سياسة الاستيطان وسلب الارض والتطهير العرقي في القدس المحتلة والأغوار بلسان افيغدور ليبرمان حليف نتنياهو وبينيت زعيم حزب البيت اليهودي الرئيس السابق لمجلس الاستيطان. فالأصل ان نوصل احتجاجنا الى الرئيس الزائر ولكن دون اهانات شخصية كالدوس على صوره، مع علمنا انه لا يحمل في جعبته أية مشاريع او اقتراحات فورية ومع علمنا انه سيبادل الاسرائيليين خطابه الشهير في جامعة القاهرة بخطاب في الجامعة العبرية، وانه متلاحم مع السياسة الاسرائيلية التي تحاول ابعاد الأنظار عما ترتكبه بحقنا وتضخم من التهديد الايراني.
    عملياً لم يعد وضعنا مريحاً مثلما كان أيام بوش او اثناء الزيارة الاولى لاوباما للقاهرة. فلم يعد العنصر الفلسطيني فاعلا في الشرق الاوسط وباتت الاحزاب الاسلامية التي ناهضت اوباما في زيارته الاولى خير جليس وحليف ومركوب للأميركيين في المنطقة، وهي حصان طروادة الاميركي الجديد الذي لا يشق له غبار في عملية تدمير البنى القائمة في المنطقة لاصطناع شرق أوسخ هزيل وفق المنظور الاميركي الاسرائيلي الاخواني بل ان المشروع الوطني الفلسطيني التحرري بات في مهب الريح لأن المفهوم الآخر أي لقوى الاخوان وأنظمتها الجديدة المباركة اميركيا يدفع باتجاه انهاء هذا المشروع لصالح اي مشروع يكون الاخوان طرفا فيه.
    من هنا نرى ان الاميركيين لن يأسفوا كثيرا فيما لو سقط مشروعنا التحرري لأن البديل الزاحف مستعد لأية مقايضات تفريطية بل ان وجودنا السياسي حتى الآن يرجع اساسا الى ان اميركا تريد ذلك وليس لأننا قادرون على فرضه في ظل الردة الكاسحة في المنطقة العربية. فالرئيس الاميركي الذي اتهمنا بتجاوز الخطوط الحمراء لأننا ارتكبنا »جريمة« طلب العضوية في مجلس الأمن ثم الجمعية العامة وعاقبنا شر عقاب مذاك، لا يحتاجنا بل نحن من يحتاجه إن أردنا الابقاء على حيوية مشروعنا التحرري. ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم. فالمتنطعون على ابواب البيت الابيض كثر.. لكننا ليس بينهم والحمد لله.. فالمهم الآن حماية مشروعنا الوطني في خضم موات دول وشعوب في المنطقة, فلم نعد رقما صعبا في المنطقة, بل صرنا رقما قابلا للضرب والقسمة والجر والسحل. فأهلا بالرئيس اوباما ضيفا على فلسطين لعله يسمع منا مع الترحيب بعض الأنين .




    بانوراما أولُّها خصمٌ وآخرُها أوباما
    ج الايام / توفيق وصفي
    * لا يكتمل خازوقُ تأخُّرِ الراتب إلا بخازوق خصمِ نحو عُشرِه، والأشد وطأة على المُتخوزق أن لا يجد تفسيرا لهذا التعسف المؤلم، فيضيع في لجة الأقاويل والتبريرات، ثم يقرر أن يكتفي بما آل إليه، شاكرا الله على لطفه في القضاء.
    * مرحى لجباة الضرائب والمخالفات والرسوم، ومرحى لمن يدفعون لهم، في توافق عجيب بين الحاكم والمحكوم، ما دام لمن يحتج حقُّ الشكوى والاحتجاج، بالإضراب أو الهتاف أو العويل، شرط ألا يبلغ حدّ تعكير صفو المجتمع وأمنه.
    * بؤسٌ شامل تعكسه أخبارنا المحلية، يكرر إنتاجَها إعلامنا الوحشي، مبقيا لإبداعه أن يتألق في أخبار هامشية، كفوز رياضي نادر أو رقم قياسي في صنع المسخن أو المفتول، وعليه أن يستعد لتغطية حماسية لصناعة أكبر قرص فلافل!
    * ينبع التشاؤم في غزة من تجدد واقعية الانقسام وتبدد أوهام المصالحة، التي يعلمون أنها لن تبدل بؤسهم بالنعيم، لكنهم يأملون أن تخفف من وطأته قليلا، يعيشون على خيط هلامي من الأمل يُبقي لهشيمهم بعض الدفء، قبل اليأس بقليل.
    * ربيعٌ حار، القطط تتفيأ في ظلال الجدران، والأشجار تورق وتبرعم وتزهر في أيام، يُسنّنُ فيها الرضيع ويمشي ويغني، أما الجراد المُحتَفى بغزوه فلا يحتاج إلى تشبيه، يكاد يُخفي ضوء النهار، مثيرا الرعب أكثر من الدهشة، وهو يُغير كجيش!
    * نهنئ الشراونة على صيامه وصبره على القهر والحرمان وإجبار السجان أن يصغي إليه، ونواسيه على حرية ناقصة مغلفة بصفقة "الإبعاد" وكأنها أخف وطأة من النفي، الذي تريد إسرائيل أن تجعله مصير كل من يحذو حذو الأسير الهمام.
    * سمكٌ من كل الأنواع، "بس النفس مسدودة، والجيب فاضي"، تتردد في الشراء، فالرائحة غير مشجعة، والبائع يسبل عينيه وهو يقسم أن السمك "طازة"، وزبونٌ يشكك في مصدر الأسماك، مصرية أو بلدية، بحرية أو برك، فتؤثر الانسحاب.
    * أوباما مخيب الآمال في فلسطين، لكن الأوهام تراود البعض فيطلبون الدبس من "دقن" النمس، وكأن في بدن الأخير بقعة غير واخزة! يأتي أعزبَ بهيئة من لا يريد إضاعة الوقت، كلاعب يُعزَل عن امرأته لضمان تركيزه على اللعب والفوز.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 299
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:21 AM
  2. اقلام واراء محلي 298
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:20 AM
  3. اقلام واراء محلي 297
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:19 AM
  4. اقلام واراء محلي 296
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:18 AM
  5. اقلام واراء محلي 281
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:44 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •