[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]
- [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
- شهر التضحيات
- بقلم: حافظ البرغوثي - الحياة
- تغريدة الصباح - السَّفَرُ الأَوَّلُ
- بقلم: محمد علي طه - الحياة
- مقال ومستقيل
- بقلم: فؤاد أبو حجلة - الحياة
- استقالة فياض: حماقة وأذى الأميركيين
- بقلم: عدلي صادق - الحياة
- وداعاً سلام فياض...
- بقلم: يوسف أبو عواد - الحياة
- شكراً سلام فياض
- بقلم: حسن البطل - الايام
- نعرف ما مضى وننتظر ما سيأتي...
- بقلم: طلال عوكل - الايام
- أكثر من إسلام سياسي واحد
- بقلم: د. عاطف أبو سيف - الايام
- نيسان ... شهر يوم الأسير الفلسطيني ورحيل العظماء
- بقلم: راسم عبيدات - القدس
- رقاب ومقصلة ..حكاية أي رئيس وزراء عندنا...
- بقلم: نبيل عمرو - القدس
- أولويات المرحلة فلسطينيا..
- بقلم: بركات شلاتوة – القدس
- بـعـد اسـتـقـالــة فـيــاض
- بقلم: غسان زقطان - الايام
شهر التضحيات
بقلم: حافظ البرغوثي - الحياة
توافق اليوم ذكرى اختطاف قوات الاحتلال للنائب مروان البرغوثي اثناء عملية الاجتياح وحصار مقر الرئيس الراحل ابو عمار في عام 2002 حيث رقص المستوطنون الاسرائيليون فرحا بهذا الاعتقال، وتوافق غدا ايضا ذكرى اغتيال القائد خليل الوزير ابو جهاد في تونس حيث رقص الاسرائيليون فرحا باغتياله ايضا، وكذلك وافقت قبل ايام ذكرى اغتيال القادة الثلاثة ابو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان في بيروت في العاشر من نيسان، كما وافقت في الثامن منه ذكرى استشهاد القائد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل وتحول استشهاده الى نكسة لقوات الثوار ادت الى مجزرة دير ياسين.
انه التاريخ من الدم والتضحيات الذي لم ينقطع وقدم فيه شعبنا خيرة قادته وابطاله قرابين على طريق الحرية والاستقلال. ولعلنا لا ننسى ايضا رحيل القائد الفتحاوي اللواء فوزي النمر قبل ايام ايضا وهو بطل الخلية الفتحاوية في عكا في بداية احتلال الضفة وغزة عام 1968. وهو الذي اكد وحدانية النضال الفلسطيني في مجموعته الفدائية الاولى. فرحل النمر تاركا صفحات من تاريخ فتح الثورة والفداء في رواية توفيق فياض عن مجموعته الفدائية. ويروي زميلنا نادر جلال البس الذي علم عن وجود النمر في سجن الرملة عام 1984 ان السجان كان يذل مجموعته في السجن فنادوا على النمر الذي جاء اليهم مرفوع الهامة مفتول العضلات واستمع الى شكواهم فنادى على السجان وأمسكه من رأسه وضربه في قضبان الباب ومن تلك اللحظة تغيرت معاملة السجان فالنمر كان على اسمه لا يخشى احدا.
ان هذه الصفحات المجيدة من تاريخ فتح في هذا الشهر تكفي لانعاش الذاكرة والتي تتكلل بعد يومين بيوم الأسير الفلسطيني حيث ما زالت سجون الاحتلال تشهد على الاغلبية الفتحاوية المناضلة في السجون بقيادة ابو القسام فالحركة التي قدمت اعضاء مركزيتها شهداء منذ البدء لا يمكن لمرضى اللحظات المريضة ان تلغي تاريخها وكينونتها المتصلة بالأمل الفلسطيني في الحرية والاستقلال. فما زال النداء الأخير للقائد الحسيني للقادة العرب يتردد في آذان الشرفاء وما زال دم اعضاء المركزية والقادة منذ شارع فردان في بيروت حتى تونس حتى المقاطعة وشما في ذاكرتنا جميعا لا يمحى الا بالاستقلال وتحقيق طموحات هؤلاء الذين ضحوا من أجل الوطن.
ما زال الاسرى في السجون يخوضون نضالهم البطولي لفداء انفسهم بالفداء، وهم واثقون من الحرية والنصر، وما زال ابو القسام يشكل حالة ثورية توحد المجموع الفلسطيني بفكره الذي يجمع ولا يفرق وبراءته الثورية التي لم تلوث بالمؤثرات المادية والمعنوية الطارئة، وما زال ابو القسام يمثل املاً وامتداداً لهؤلاء الابطال من القادة الذين شقوا الطريق الى الوطن وكان لهم فضل الاستشهاد بالاسبقية، فسلام عليهم جميعا في جنات الخلد وسلام على اسرانا في يومهم فيوم الحرية ليس ببعيد.
تغريدة الصباح - السَّفَرُ الأَوَّلُ
بقلم: محمد علي طه - الحياة
غمرني الفرح عندما اختارني الحزب الشيوعيّ "راكاح" لأشارك في وفده في مهرجان الشباب الديموقراطيّ العالميّ في هافانا عاصمة جمهوريّة كوبا الاشتراكيّة في صيف العام 1978 فقد كان هذا سفري الأول إلى خارج البلاد، والسفر الأول مثل الحبّ الأول تبقى حلاوته في القلب وفي الروح عقوداً، ولا ينساه المرء أبدا، كما تترك جراحه في النفس ندوباً لا تمحوها ولا تزيلها أيّة عمليّة تجميل عصريّة.
في طريقنا من البلاد إلى كوبا قضينا يومين في مدينة سيناي السياحية الرومانية ويومين آخرين في مدينة موسكو عاصمة الاتحاد السوفييتي يومئذ، وقد بهرني جمال الطبيعة مثلما بهرني منظر الكرملين والساحة الحمراء وضريح لينين.
كان شوقي لرؤية العالم الاشتراكيّ، حلم البشرية ومخلّصها من الاستغلال ومن الفقر ومن الجوع ومن الاضطهاد، وكان حلمي بالتعرف على الشعب الكوبيّ البطل الذي تحدّى جبروت الاستعمار الاميركيّ لا يقلان عن شوقي ورغبتي بلقاء شبان عرب وبخاصة فلسطينيون بعد ثلاثين عاما من الحصار السياسيّ والإنسانيّ والاجتماعيّ والثقافيّ الذي فرضته علينا حكومات إسرائيل منذ النكبة.
قضيتُ أسبوعين غنيين في هافانا والتقيت بعشرات الشابات والشبان من فلسطين والجزائر واليمن وسوريا ولبنان والبحرين والعراق وليبيا وكان من بينهم الكاتب الروائيّ الكبير الياس خوري والشاعر الفلسطينيّ الكبير أحمد دحبور الذي كان يسألني يوميا كلما التقينا عن حيفا وعن وادي النسناس ما أوحى لي بكتابة قصة قصيرة أحبّها اسمها "خارطة جديدة لوادي النسناس".
فرحتُ في تلك الأيام وأنا أشاهد آلاف الشابات والشبان من أوروبا وآسيا وإفريقيا واميركا الجنوبية توشّح أعناقهم الكوفيات الفلسطينية تضامنا مع الرئيس ياسر عرفات وشعبه وثورته.
وحزنتُ يومئذ لأن السلطات الكوبية حالت، بطريقة ذكية ولبقة، بين وفدنا وبين المشاركة في المهرجان الكبير الذي ألقى فيه ياسر عرفات خطابه فلم نرَ الرجل ولم نسمعه. كما أحزنني موقف اخوتنا الليبيين والعراقيين منا فقد كنا بنظرهم وفدا صهيونيا وصل إلى هافانا بجوازات سفر إسرائيليّة وليس بجوازات سفر عربيّة ولو من جزر القمر.
عدتُ إلى الوطن مشتاقا للقاء العائلة التي لم أتصل بها ولم تتصل بي طيلة أيام رحلتي لأن قريتي وبفضل "المساواة التامة" بين مواطني دولة إسرائيل كانت خالية نظيفة من أيّ تلفون عموميّ أو خصوصيّ. وما أن هبطت الطائرة في مطار اللد الذي صار اسمه مطار بن غوريون وإذ بضابط شرطة يقف على بابها متجهما وينادي باسمي ثم يصادر جواز سفري ويقودني إلى سيّارة عسكريّة.
تأبّط ذراعيّ شابان قويان من رجال الأمن وقاداني إلى قاعة استقبال الأمتعة انتظارا لحقيبتي. سألتهما: هل أنا معتقل وهل معهما أمر قضائيّ باعتقالي؟ فلم يجيبا ونظرا إليّ باستعلاء وكأنهما يقولان: "عربوش" ويسألنا!
كان المستقبلون والعائدون والمسافرون في قاعة المطار يقفون للحظات ويحدّقون بي ولعلهم كانوا يظنّون أنّ أمن المطار ألقى القبض على إرهابيّ خطير أو على تاجر مخدرات أو على إنسان هارب من العدالة.
سرق أبناء "الهيك وهيك" الفرح الذي جنيته من رحلتي ولم ينقذني من أذاهم سوى شجاعة صديقي الشاعر النائب توفيق زياد الذي حضر لاستقبال ابنته وهيبة العائدة من مخيم أرتك للأطفال في الاتحاد السوفييتي فلما شاهدني صرخ بصوته الجهوريّ المعروف: ما هذا يا فاشيست؟
وكان صراخ. وكان شجار. وكان هرج. وكان مرج. وكان تجمهر. وهرول ضابط كبير وناولني جواز سفري.
مقال ومستقيل
بقلم: فؤاد أبو حجلة - الحياة
باستقالة الدكتور سلام فياض يصبح لدينا رئيسا وزراء أحدهما مستقيل في رام الله والثاني مقال في غزة، ولأن الرئيس أبو مازن كلف الدكتور فياض بتسيير الأعمال فإن حكومته لا تزال عاملة في الضفة، ولأن ابو العبد هنية رفض إقالته وتمرد على السلطة فإن حكومته لا تزال أيضا عاملة في القطاع، ما يعني أن لدينا حكومتين واحدة بشرعية مؤقتة والثانية من دون شرعية في وطن تخضع أثلاثه الثلاثة للاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ يستمد شرعية مدعومة اميركيا وممولة عربيا ومغطاة دينيا من خلال الفتاوى التي يجود بها شيوخ السلفية والحكمة السياسية التي يلوذ بها الاخوان المسلمون لتجنب غضب الاميركي.
لا أعرف دوافع استقالة الدكتور فياض ولست معنيا بالبحث عنها لقناعتي بأن بروفات الحكومات فشلت تماما في بلادنا بسبب الاحتلال، ومهما كانت هوية المرشح لرئاسة الحكومة الجديدة فإنه لن يستطيع القفز عن هذا الواقع وسيظل محاصرا بقرارات الاحتلال وحصاره وسياساته الكريهة، لذا أتابع باستغراب ما يتسرب من أخبار عن حراك فتحاوي لترشيح رئيس وزراء من الحركة.. وكأن فتح ليس لديها ما يكفيها من الأزمات والورطات الناتجة عن تصديق وهم السلام مع عدو تخيفه مشروعات الحل السياسي أكثر مما تخيفه العمليات الانتحارية.
إذا خرج الدكتور فياض بشكل نهائي من مقعد رئيس الوزراء فإن هذا الشاغر الوظيفي ينبغي أن يكون مفتوحا لشخصية سياسية وإدارية مقتدرة من خارج فتح التي لا تحتمل تحميلها فشلا جديدا، ويكفي لكي نستوعب الدرس أن ننظر إلى واقع التراجع الكبير في شعبية حركة حماس في غزة بعد أن تشبثت بالسطة واختارت إدارة القطاع، فالشعب دائما يحمل سلطته مسؤولية الفقر والبطالة وتدني الخدمات لكنه لا يتوقع من فصائله الوطنية غير النضال لتحقيق الحرية.
لسنا دولة بعد، ولا داعي لهذا الصراع على الكراسي، ويكفينا فخرا تفردنا بوجود حكومتين ورئيسي وزراء قبل وجود مطار في بلادنا.
استقالة فياض: حماقة وأذى الأميركيين
بقلم: عدلي صادق - الحياة
التدخل الأميركي الصفيق، في الشأن الداخلي الفلسطيني؛ أوقع د. سلام فياض في حرج غير مسبوق، سواءٌ كان ذلك الحرج هو سبب الإعلان الحاسم عن استقالته، ومن ثم قبول الرئيس عباس لها، أو كانت المسببات والحيثيات الأخرى، الأسبق، هي السبب الذي لا مزيد بعده!
الأميركيون يتصرفون بطريقة، وكأن لا رأي عام فلسطينياً يُخشى تقييمه السلبي، للشخصية العامة التي يتحدثون عنها سلباً أو إيجاباً. أو كأن صحيفة أعمالهم ومواقفهم، جعلتهم في قائمة الأصدقاء الأوفياء للشعب الفلسطيني، أو كأن وساطتهم لتحقيق التسوية، برهنت على أنهم يتمتعون بالصدقية والعدالة والحيادية، وبالتالي هم يتصرفون وكأن إعرابهم عن التمسك بشخص ما، سيُعلي من شأنه وسيعزز صدقيته على المستوى الوطني.
بدا واضحاً في سياق التطورات الفلسطينية الداخلية الأخيرة، أن هؤلاء الأميركيين، لا يستمزجون رأي خبرائهم، كلما تعلق الأمر بمواقف وتصريحات حول الشأن الفلسطيني، ربما لاعتقادهم أن التعاطي مع هذا الشأن، لا يستحق التدقيق، وبالتالي لا قيمة عندهم لردود أفعال المجتمع الفلسطيني على أي موقف.
وفي الحقيقة، يقودنا الإمعان في هذا التصرف الأميركي الفج، حيال استقالة فياض؛ الى قناعة بأن الرجل لم يكن في موضع حرص الأميركيين عليه. فلا يجهل السذج منهم، أن الطريقة التي تحدثوا بها، من شأنها إضعاف الرجل والإساءة اليه، ووضعه في موقف وكأنه عنوان ومبرر الضغط الأميركي على القيادة السياسية الفلسطينية، وأنه رجل الأميركيين، وضمانة الأمن، وبرهان استقامة خط السلطة، وهذا كله لا يرضاه فياض ولا غيره، لأن خيار التسوية العادلة والمتوازنة، هو الذي اعتمدته القوى الوطنية كافة، لا سيما في بدايات العملية السلمية، وقبل الانقلاب الإسرائيلي عليها، من قبل قوى اليمين العنصري الصاعد الى الحكم.
كانت حماقة الموقف الأميركي، بممارسة الضغوط العلنية، على السلطة الفلسطينية بخصوص استقالة فياض؛ تؤثر عميقاً ليس على الرجل المعني بالأمر وحسب، وإنما تؤثر على الكيان الفلسطيني برمته. ولم يكن ثمة ما يجعل قيادة السلطة، ترضخ سريعاً وعلناً لهكذا ضغوط. فقبل الإعلان عن قبول استقالة فياض، كانت هناك مقاربات لحلول التفافية، كأن يُعاد تشكيل الحكومة برئاسة الرجل نفسه، لكي يُصار الى طي موضوع وزير المالية ضمن عملية تغيير أوسع. لكن الأميركيين صعّدوا، وبدل اعتماد القنوات الديبلوماسية، أرسلوا ضغوطهم عبر مؤتمر صحفي علني، فأوقعوا رئيس الحكومة الفلسطينية في مأزق، لا خروج منه إلا بالخروج من النظام السياسي كله.
وعلى الرغم من مساوئ إدارة فياض للجهاز الحكومي، وبصرف النظر عن معارضة قطاعات فصائلية واجتماعية لدوره، وتحسسهم من طموحاته؛ فإنه كان ماضياً في طريقه لا يلوي على شيء. لذا كان أصدقاؤه وخلصاؤه، ينتقدون تبرمه من العوائق، وتعجله في تقديم الاستقالة. وعندما جاء أسبوع تركيز الأميركيين سلباً، على "جبهة النصرة" في سوريا، وتركيزهم إيجاباً على د. سلام فياض في فلسطين؛ فقد جاءت النتائج معكوسة، إذ انبرى كل المحزونين على ضحايا الشعب السوري، للدفاع عن "النصرة" وارتفع رصيدها، وبات كل المتأففين من السياسة الأميركية التي لا تعرف العدالة، يرغبون في فشل المسعى الأميركي لإبقاء فياض في فلسطين. ومن هنا جاءت الإساءة للرجل بتخفيض رصيده الشعبي، بينما ليس في وسع أي كان، أن ينتقص من وطنيته إن اجتهد وأخطأ، أو اجتهد وأصاب!
وداعاً سلام فياض...
بقلم: يوسف أبو عواد - الحياة
مخطئون من يظنون أن اقتصادنا سينتعش برحيل سلام فياض، ومخطئون من يظنون أن خليفته سيكون بيده عصى سحرية تتيح لكل موظف أن يدخل بطاقته في جهاز الصراف الآلي ليسحب ما شاء من راتبه بنهاية كل شهر، ومخطئون من يهللون ويتنفسون الصعداء برحيل هذا القيادي الفلسطيني الذي يشهد له حتى الأعداء أنه طاهر الكفين في زمن سرى في دوائرنا الفساد المالي والإداري كالنار في الهشيم.
أقول هذا وأنا لست من طاقم وزارته ولا مستشاريه ولا عضواً في طريقه الثالث، أو حتى انتفعت منه بشيء في حياتي، وإن كان قد رشحني للعمل كمستشار إعلامي لوزيرة الشؤون الاجتماعية قبل عامين وبعد اعتماد المخصص المالي للوظيفة طار العصفور، وانتهى الترشيح إلى إقصاء مما يمارس فوق وتحت الطاولة في أرض المحشر والمنشر...
إن مشاكلنا الاقتصادية في الوطن هي للأسف مخرج بالغ التعقيد يخضع لمنظومة من العوامل الداخلية والخارجية والسياسية والاحتلالية وعلى رأسها الانقسام وتبعاته على الخزينة حين يستنزف نصف الموارد ولا يساهم فيها بشيقل واحد...
سلام فياض كإنسان وطني يرفض أن ينظر إليه أنه رجل اميركا أو كندا أو الغرب عموماً، وربما زاد في عناده وإصراره على الاستقالة هذه السمة التي لا يسره أن تلصق به بما قد يساء تفسيره...
حتى صح فيه المثل "إن من الحب ما قتل".
شكراً سلام فياض
بقلم: حسن البطل - الايام
.. فإلى "فياضية بلا فياض" لماذا؟ لأن المستقبل وضع بصمته إن لم يكن على النظام الفلسطيني فعلى مأسسة هذا النظام، أي على إرساء تقاليد إدارية ومؤسساتية، وحتى سياسية، أيضاً.
فياض هو رئيس الوزراء الثالث منذ اعتماد "فصل السلطات" العام 2004، وسبقه مؤسس نظام الفصل السيد محمود عباس، ثم أحمد قريع (أبو علاء).
حكومة فياض الأخيرة هي الـ 13 لكن بطاقة خدمته العامة عمرها 9 سنوات تحت مسؤوليات ومسمّيات: وزير المالية، رئيس حكومة تصريف الأعمال، وأخيراً رئيس حكومة مخوّلة الصلاحيات، دون أن ننسى مسؤوليته وزيراً للمالية في حكومة "الوحدة الوطنية" القصيرة بعد فوز "حماس" في الانتخابات 2006 ثم انقلابها.
لم تكن الحكومتان السابقتان (عباس 2003، قريع) حكومتي الرئيس عرفات عن حق وحقيق، فقد كانتا مفروضتين عليه.. ولو نوعاً ما.
كما لم تكن حدود الصلاحيات واضحة حتى العام 2003 بين رئيس السلطة ورئيس الوزراء.. فاستقالا لهذا السبب. تلك كانت مرحلة مشوّشة من اختلاط صلاحيات نظام رئاسي كامل وفعلي وتاريخي، بنظام برلماني. "الدستور المؤقت" كان خاضعاً عملياً لتفسيرات واجتهادات وتأويلات.
حاول البرلمان الأول المنتخب 1996 أن يشرّع كبرلمان فعلي لدولة قائمة، وأن يحدّ من سلطات الرئيس عرفات، وكادت حكومة أحمد قريع (أبو علاء) تسقط في امتحان الثقة بالبرلمان، مع أنها "حكومة الرئيس"، فسارع رئيس الوزراء أبو علاء إلى تقديم استقالته إلى رئيس السلطة.
منذ العام 2007 تصرّفت حكومة "تصريف الأعمال" برئاسة فياض حقاً كأنها "حكومة الرئيس" ومنحها الرئيس صلاحيات حقيقية، بل ومنحها غطاءً سياسياً من رصيده كرئيس للحركة ورئيس منتخب للسلطة، بينما حكومة فياض لم تحصل على الثقة من البرلمان الثاني الذي سيطرت "حماس" على غالبية مقاعده.
كانت للرئيس عباس، بعد الانقلاب الغزي، الفطنة حتى لا تبدو "حكومة تصريف الأعمال" هي حكومة الأقلية الفتحاوية وحلفائها في البرلمان، بل حكومة كفاءات وطنية اكسترا ـ فصائلية فتحاوية من رجال الصف الثاني في الفصائل.
أما رئيس الوزراء فكان مستقلاً عن "فتح" تنظيمياً، لكن ليس مستقلاً عن مشروعها الوطني المتوائم مع مشروع م.ت.ف الوطني، رغم أنه زعيم كتلة "الطريق الثالث" التي أحرزت مقعدين.
رغم هزيمة "فتح" في الانتخابات، وبسبب هزيمتها، فقد تعامل العالم مع "حكومة الرئيس" بوصفها الحكومة الشرعية، لأن الرئيس منتخب، ولو قاطعت "حماس" الفائزة في الانتخابات انتخابات رئاسته.
كانت التحالفات الفصائلية في إطار م.ت.ف، والمجالس الوطنية المتعاقبة، واجتماعات منتظمة للجنة التنفيذية للمنظمة، ذات خبرة ساعدت في إدارة التحالفات والانشقاقات كذلك، وبنيت عليها "الخلفية العباسية" في الرئاسة، لأن عباس هو "رجل مؤسسات دستورية"، بينما كان عرفات "رجل مؤسسات وطنية".. ولكل مرحلة رجال!
الأزمة الوزارية التي "أطاحت برئيس حكومة الرئيس أقدم من الأزمة المالية السلطوية، لكن "النظام الفلسطيني" حافظ على تماسكه نظراً للثقة بين رئيس السلطة ورئيس حكومته. لم نشعر أن "حكومة رأسين" تحكمنا!
شهدت السنوات السبع لحكومة/حكومات فياض سنوات سِمَانا وأخرى عِجَافا. في السنوات السِمَان وضع فياض خطة مدروسة ثلاثية السنوات وناجحة لبناء مؤسسات تحمل دولة الاستقلال على أكتافها.. لكن، في السنوات العِجَاف 2012ـ2013 جرى تحميله مسؤولية الأزمة المالية، وفيها عادت حكومته "حكومة رواتب" مع أن سبب الأزمة سياسي، أي من مضاعفات وتبعات معركة رفع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، إضافة إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية، والعقوبات المالية الإسرائيلية والأميركية.. وحتى العربية.
الاستقالة وقبولها جاءا بعد أن تحلحلت، ولو إلى حين، الأزمة المالية، ولكن الأزمة الوزارية بين رئيس الوزراء ووزير مالية جديد واستقالته، بدت كأزمة ثقة وصلاحيات، أيضاً، بين الرئيس ورئيس حكومته.
الرئيس قَبِلَ الاستقالة في أنسب الأوقات، أي بعد اكتمال سجل الناخبين الوطني، والطريق نحو انتخابات و"صلحة" وحكومة كفاءات وطنية موحدة.. و"حماس" متملّصة على جري عادتها؟
فياض أرسى تقاليد مأسسة وأصول إدارة الأزمات الداخلية، وهو لذلك يستحق الشكر، دون التفات لتحاملات بعض "فتح" وكل حركة "حماس".
على أمل أن لا تطول فترة "حكومة تسيير الأعمال" للمرة الثانية كما طالت في المرة الأولى. فياض "رجل دولة".
نعرف ما مضى وننتظر ما سيأتي...
بقلم: طلال عوكل - الايام
أثارت استقالة الدكتور سلام فياض رئيس الحكومة قدراً كبيراً من الاهتمام الإعلامي والسياسي ليس لدى الفلسطينيين فقط وإنما لدى أوساط سياسية وإعلامية عربية ودولية.
لم يكن في وارد الرئيس محمود عباس، أن ينتهي التوافق بينه وبين الدكتور فياض على النحو الذي وقع، فلقد ظل الرئيس يتمسك به في موقعه كرئيس للحكومة منذ ست سنوات، أي خلال مرحلة الانقسام بطولها، وذلك رغم أن الدكتور فياض تعرض خلال كل تلك الفترة لانتقادات من قبل قيادات في حركة فتح، ولأنه كان مرضياً عنه من قبل الرئيس عباس، وأطراف دولية واسعة، بما في ذلك دول ومؤسسات فإن حركة فتح ما كانت لتصدر بياناً صريحاً يطالب باستقالة فياض كالذي صدر مؤخراً عن المجلس الثوري لحركة فتح، وبصرف النظر عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء استقالة فياض وقبولها من طرف الرئيس عباس، إلاّ أن الأهم على ما يبدو هو أن الدكتور فياض، كدور ووظيفة، قد انتهى من وجهة نظر حركة فتح، فلقد أدار الوضع الداخلي في ظل أزمات كثيرة، مرت بها السلطة، كان على فتح في الأساس أن تتحمل هي المسؤولية عن تجاوزها بحكم دورها القيادي المحسوم للسلطة. الأزمات التي اجتازتها الحكومة بقيادة فياض، تبدأ من الآثار الخطيرة التي ترتبت عن الانقسام الفلسطيني، والأزمة السياسية التي رافقتها، سواء تمثلت بالصراع مع العدو الإسرائيلي أو بجمود عملية السلام أو التداعيات السياسية للانقسام مروراً بأزمات مالية واقتصادية، وأزمة الشرعية، وأزمة العلاقة مع المجتمع الفلسطيني وأزمات أخرى، اجتهد في مواجهتها ومعالجتها الدكتور فياض بمهنية عالية وإخلاص وطني، كان فياض من أصحاب وجهة النظر السياسية التي تقول إن على الفلسطينيين أن يبدؤوا رحلة بناء الدولة من تحت أي من خلال بناء مؤسساتها على الأرض، ثم يتم تتويج ذلك بتحقيق بعدها السياسي، وذلك على عكس ما يراه آخرون، من أن الدولة تبنى بقرار سياسي يطول أمد انتظاره وتحقيقه.
وخلال السنوات الماضية، ارتفعت قيمة الموازنة العامة، لكي تشمل مخصصات مهمة لصالح الاستثمار وبناء المؤسسات الخدمية والإنتاجية وجرى تكييف المؤسسات الأمنية والشرطية، التي نجحت في إنهاء الفوضى الأمنية والإدارية في الضفة.
البعض أحال مسألة الاستقالة وقبولها إلى تقدم ملف المصالحة الفلسطينية ومن موقع اتهام فياض بأنه عقبة أمام المصالحة، وبالتالي فإن هذا البعض يتوقع البدء بإنجاز بنود المصالحة. في حقيقة الأمر فإن هذه الإحالة تنافي الواقع، ولا تهدف سوى إلى اتهام فياض بأنه كان عنصراً معطلاً للمصالحة ليس أكثر.
واقعياً فإن فياض حتى في أوقات سابقة على الاستقالة لم يكن عنصراً معطلاً فلقد أكد غير مرة استعداده للاستقالة لصالح حكومة التوافق الوطني، فضلاً عن أنه وحكومته رهن بقرار سياسي من الرئيس محمود عباس، على اعتبار أن الحكومة هي حكومته وتنفذ برنامجه وحين تخرج عن الإطار السياسي والبرنامجي فإن الرئيس هو المسؤول.
وعلى كل حال، فإنه عدا التصريحات الواضحة التي صدرت عن حركة حماس، وغيرها، وتنفي أن للأمر علاقة بالمصالحة، فإن إعلان الدوحة، الذي تضمن اتفاقات بين الرئيس ورئيس المكتب السياسي لحماس ويحمل الرئيس المسؤولية عن تشكيل حكومة الوفاق، ذلك الإعلان قد تجاوز فعلياً مسألة مسمى رئيس الحكومة والخلاف الذي نشب حوله في وقت سابق. كان واضحاً منذ وقت طويل أن التمسك بتسمية فياض من قبل فتح لرئاسة حكومة الوفاق، قبل إعلان الدوحة، إنما يشكل ذريعة للتهرب من استحقاقات المصالحة ولو أن الظروف كانت مناسبة لتحقيق المصالحة لكان بالإمكان وبسهولة تجاوز ما سمي آنذاك عقبة سلام فياض. هل يعني غياب فياض الذي يصر على استقالته، أن المصالحة باتت قريبة المنال؟ بصراحة لا توجد أي مؤشرات على أن الرئيس بصدد إصدار مرسوم رئاسي للبدء بمشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني الموعودة، ما يعني أن ملف المصالحة لا يزال داخل الثلاجة، ومن غير المحتمل أن يخرج منها قبل مرور بضعة أشهر، أما كيف بدأت الأزمة؟ فذلك يعود إلى الثاني من آذار، حين قدم الدكتور نبيل قسيس وزير المالية استقالته وقبلها الدكتور فياض، ورفضها الرئيس، ما ترك خلافاً حول الصلاحيات بين رئيس الحكومة ورئيس السلطة، لكن اختيار توقيت انفجار الأزمة على النحو الذي وقع فإنه يعود إلى طبيعة الظروف السياسية.
الآن يستطيع الرئيس تحمل تبعات استقالة فياض الذي يتهمونه بموالاة أميركا والغرب الرأسمالي، والقادر على إنقاذ السلطة من أزماتها المالية. الإدارة الأميركية، لم تخفِ رضاها عن فياض، وكان ذلك أكثر من واضح خلال زيارة الرئيس أوباما، وزيارات وزير خارجيته للضفة الفلسطينية، وكذلك يحظى فياض برضى الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية ما لا يستطيع تجاهله الرئيس عباس، ولكن يمكن تجاوز هذا القبول لشخصية ودور فياض، الآن حيث المطلوب القرار السياسي للرئيس بشأن المساعي الأميركية لإحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات. لقد انتهت حقبة فياض بكل ما لها وعليها، والآن يترتب على حركة فتح أن تتحمل المسؤولية المباشرة، أما نحن فعلينا الانتظار والمراقبة عسى أن يكون قادم الأيام أفضل من سابقه.
أكثر من إسلام سياسي واحد
بقلم: د. عاطف أبو سيف - الايام
هل يوجد حقاً شيء اسمه إسلام سياسي؟ وإذا كان هذا الإسلام السياسي ظاهرة، فهل هو ظاهرة واحدة متعددة الاوجه ام أنه مجموعة من التمظهرات المختلفة لفكرة ذات أصول واحدة؟ لقد درجت العادة على إطلاق مصطلح الإسلام السياسي على التنظيمات التي تستخدم الدين الإسلامي مرجعية في افكارها للوصول للسلطة. المصطلح ظهر في الأساس في الدوائر البحثية الغربية، وهو بحاجة للكثير من المراجعة والتدقيق، لكنه اخذ جواز سفره مع الحكم الديني في إيران وتصاعد حالات إحياء استخدام الدين في الاحزاب السياسية في المنطقة العربية، وبالتأكيد مع نجاح التجربة التركية. ومع صعود الاحزاب الدينية على إثر الانتخابات التي اعقبت الإطاحة ببعض النظم العربية خاصة في تونس ومصر وليبيا، فإن البحث في مستقبل هذا الإسلام السياسي أخد اكثر من منحى. لم يغب يوماً عن النقاش استحضار حالات مثل التجربة الماليزية والصراع في باكستان والسودان.
في حقيقة الامر ثمة ملاحظتان هنا، واحدة مفاهيمية والثانية إجرائية. فمن حيث المفهوم فمن المشكوك فيه ان ثمة تشابها كبيرا بين كل تلك الحالات التي يشار إليها بالإسلام السياسي، وهذا ما يقود إلى المشكلة الإجرائية التي تجعل تحليل كل إسلام سياسي مرتبطا بالسياق السياسي الخاص به. فالإسلام السياسي التركي لا يمكن فهمه دون فهم الصراع على هوية المجتمع وليس على مؤسسات الدولة، وفي إيران فإن فكرة الثورة وتصديرها ارتبطت اكثر بالمذهب الشيعي، ويمكن سحب الامر على مجمل التكوينات السياسية الإسلامية. وهو ما يقود إلى سؤال هذا المقال: هل يوجد شيء واحد اسمه إسلام سياسي!!
تعثر الإسلام السياسي بطبعته العربية بشكل لافت ولم يفلح في أي من المواقع التي صعد فيها للحكم في تقديم تجربة نجاح واحدة من غزة مروراً بالقاهرة وانتهاء بتونس وغيرها من مدن الربيع العربي. وربما يكون من المبكر ان يصدر مثل هذا الحكم إلا أن واقع الحال لا يقترح بأن النجاح المرتقب بات قريباً فعوامل الفشل ومظاهره تجري في نهر التجربة وتصبغها بلونه. ثمة العديد من العوامل التي يمكن لها أن تفسر هذا الفشل ويمكن للبعض ان يبتدع اعذاراً ويوزع تهماً على اطراف مختلفة بأنها عملت على تقويض التجربة. لكن التعمق والتبصر في حقيقة الامر يعود بالتحليل إلى كنه ومضمون الإسلام السياسي في المنطقة العربية ووضعه لنفسه منذ اللحظة الاولى لميلاده في حالة تصادم وعداء مع الدولة الوطنية وبرامجه الإحلالية لهذه الدولة، فهو يريد أن يهدم كل شيء لكي يبدأ كل شيء بنفسه. فالدولة الوطنية ومؤسساتها مستوردة وهو وإن استغل الديمقراطية والتعددية وروح الثورة الجماهيرية فلكي يتمكن من القفز إلى سدة الحكم. طبعاً لم تكن تجربة الإسلاميين مع الدولة الوطنية التي نشأت بعد تحلل الاستعمار في المنطقة العربية (الاستعمار المادي) ايجابية فهم تعرضوا للسجن والملاحقة في فترات طويلة بسبب خلافهم وعملهم ضد الدولة وتصادمهم مع نخبها. وكان هذا التصادم في جوهره مكمن الازمة التي تستمر حتى الآن والتي تأخذ طابع عدم الثقة وفي مرات عدم الثقة المفتعل. فالإسلام السياسي لم يتعرض للملاحقة صدفة مثلاً في مصر إلا بعد حادثة المنشية الشهيرة ومحاولة اغتيال عبد الناصر. وبعجالة فإن الإسلام السياسي وضع نفسه في حالة تصادم مع الدولة الوطنية الحديثة انطلاقاً من أنها ليست الوريثة الشرعية لدولة الأمة التي مزقها الاستعمار.
في المقابل، نجحت تجارب الإسلاميين في تركيا وإيران وماليزيا وغيرها ولأسباب مختلفة. في تركيا لم يختلف الإسلاميون على الدولة ولم يناطحوا الدولة ويطالبوا بتغييرها بل إنهم وافقوا على قواعد اللعبة السياسية وقدموا مقاربة مختلفة لم تمس فكرة الوطنية التركية كما يرغب الإسلاميون العرب. بل إنهم بحثوا عن سبل استخدام هذه القومية في تعزيز فكرتهم. عرف أردوغان العلمانية بطريقة جريئة في خطابه في جامعة القاهرة بأنها أن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع مواطنيها. لقد بحث المفكرون الإسلاميون الأترك امثال فتح الله جولن عما يميز الإسلام في تركيا عنه في المنطقة العربية وفي منطق الفرس وكان الجواب في طبيعة الدولة التركية وديمقراطتيها. يقدم راينر هيرمان في كتابه "تركيا بين الدولة الدينية والدولة المدنية: الصراع الثقافي في تركيا" تحليلاً عميقاً حول ذلك. في المقابل وفيما لم تحقق التجربة الإيرانية الديمقراطية إلا أنها بنت الدولة بطريقة معاصرة وطورت من قدراتها العسكرية مستخدمة أيضاً القومية الفارسية في تعزيز هوية الدولة. في ماليزيا أيضاً نجحت التجربة في إحداث تقدم اقتصادي وتعزيز لبنية الدولة. وخلال كل تلك التجارب كان ثمة نقاش وجدل فكري واطروحات مختلفة حول الدين والسياسة والاقتصاد من أربكان وجولن واردوغان نفسه في تركيا وشريعتي والخميني في إيران ومهاتير محمد في ماليزيا.
الخطر في مثل هذه المقاربة انها تفترض ان الإسلام السياسي يمكن له ان ينجح في اغلب الحالات إلا في الحالة العربية. وكما اقترح "سبيزوتو" عند مناقشة المقاربة الثقافية لعلاقة الإسلام بالديمقراطية متسائلاً: كأن ثمة دينا مع الديمقراطية ودينا آخر ضده. لكن الخوف من هذه المقاربة لا يمكن له أن يعمينا عن حقيقة فشل الإسلام السياسي العربي في خلق التنمية ولا في تمكين الدولة وتحقيق النهضة الاقتصادية او العسكرية حتى لمواجهة التحديات ولا في خلق نظام حكم ديمقراطي يحتذى به.
المؤكد حتى انه داخل التجربة العربية ثمة حالات اختلاف بين إسلام سياسي في هذا البلد وإسلام سياسي في ذاك، فالتجربة الفلسطينية تختلف عن المصرية كما تختلف الاثنتان عن المغاربية وعن السودانية. إن أهم المغالطات النظرية التي يتم الوقوع فيها بسبب وقوع التحليل ضحية هذا الارتباك المفاهيمي هو القول ان الإسلام السياسي في البلد الفلاني يمكن له أن ينجح لأن التجربة التركية نجحت في كذا وكذا. لا يعدو الأمر أن يكون اكثر من تفكير رغبوي. لأن الحقيقة تدلل على أن الإسلام السياسي العربي يجب ان يبحث عما يميزه ويعمل ضمن التطلعات العامة لمواطني دولته لا ضمن رؤية أممية شمولية تتجاوز حاجات المواطنين واحلامهم. فقط عندها يمكن للإسلام السياسي العربي أن يكون عربياً اولاً واخيراً كما هو الإسلام السياسي التركي تركياً ولا شيء آخر والإيراني فارسياً. فلا شيء اسمه إسلام سياسي ونقطة.
بـعـد اسـتـقـالــة فـيــاض
بقلم: غسان زقطان - الايام
في احتساب نقاط الاتفاق القليلة بين " فتح " و " حماس "، وهي قليلة ولكنها جوهرية، يمكن تسجيل الاتفاق الصامت على تعويم المصالحة كاستراتيجية هادئة وطويلة النفس، والتخلص من سلام فياض كهدف بدأ يتراكم ، لغايات مختلفة، لدى الفصيلين منذ تولي فياض حقيبة المالية في عهد الراحل ياسر عرفات، عندما كانت حملة " حماس " في ذروتها محمولة على اتهام الراحل بالفساد المالي والتفريط الوطني، تلك الحملة التي ولدت مع حماس في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وحتى وفاة ياسر عرفات في المشفى الباريسي، والتي نجحت حماس خلالها في تجنيد اطراف عديدة من " فتح " و " اليسار " و" المستقلين " والبسطاء، وهو أمر يمكن ملاحظة تكراره هذه الأيام فيما يشبه "مصيدة مغفلين" نجح الإخوان المسلمون في إعادة انتاجها وترميمها واثبتت فعاليتها في دول الربيع العربي، مصر على وجه الخصوص، حيث تم تجنيد نفس الأشخاص والقوى تقريبا، وتحت نفس الشعارات، بحيث قفز الإخوان على موقع السلطة، وبدؤوا بنصب المصائد من جديد لنفس الأشخاص.
يظن البعض في أن تولي فياض لرئاسة مجلس الوزراء في السلطة الوطنية هو ابعاد لحركة فتح عن موقع القرار، على الأقل في الضفة الغربية، ولو تذكرنا خسارة الحركة لقطاع غزة، الذي تأكد الآن انه سيطول، فالأمر سيبدو وكأن فتح قد ابعدت بشكل اجرائي ومقصود، في نفس الوقت، عن موقع القرار.
لهذا ربما أخذت " موقعة " مناكفة فياض والهجوم عليه شكل "المواجهة"، وبدا ان الأزمة خاصة بـ " فتح " وليس بالشأن الوطني، ولهذا ايضا بالغ البعض في التعامل مع استقالة رئيس الوزراء بصفتها " انتصارا " على " الضغوط الأميركية " !، بكل ما يعنيه هذا الفهم من سذاجة وتبسيط، رغم ان حكومة فياض هي في النهاية حكومة فتح، ورغم ان الأزمة الاقتصادية ليست، على الإطلاق، نتيجة لبرنامج الحكومة، بل هي محصلة لواقع سياسي يرهن الاقتصاد الفلسطيني بالتبعية للاحتلال والاعتماد على المنح الخارجية والانقسام، وهي كما هو واضح ثلاثة ملفات تتولى م.ت.ف مسؤوليتها..
وسيكون من السذاجة ايضا تجاهل الزلزال السياسي الذي يتأهب في المنطقة ويحيط بفلسطين وبمفهوم حل القضية الفلسطينية، والذي سيشمل المبادئ التي قامت عليها العملية التفاوضية خلال العقدين الماضيين.
لا تشكل حكومة فياض حلما وطنيا، فهي كما نعرف جميعا تعاني من "هلهلة" وسوء ادارة مؤلم في بعض الحقائب، وقد شاب بعض وزرائها شبهة الفساد، ما ادى الى اعفائهم الى حين انجلاء الأمور...، كان بالإمكان، مثلا، ببساطة اسقاط الحكومة عبر استقالة جماعية لوزراء فتح والفصائل واعفاؤنا من هذا النشيد الطويل
الذي اختتم بهتافات الانتصار و "الله أكبر" التي ارتفعت هنا في الضفة وهناك في غزة. والآن يمكن بهدوء تذكر قصيدة قسطنطين كفافيس الشهيرة "بانتظار البرابرة" وتمثلها.
رقاب ومقصلة ..حكاية أي رئيس وزراء عندنا...
بقلم: نبيل عمرو - القدس
اخيرا قبلت الاستقالة الالف التي هدد بها او قدمها الدكتور سلام فياض، منذ توليه منصب رئيس الحكومة الفلسطينية غداة انقلاب حماس في غزة.ولو كنت مكانه، لطلبت من الرئيس عباس بلهجة مصممة لا تحتمل التأويل .. بان يسرع في تشكيل حكومة جديدة، فليس مناسبا المراوحة داخل ازمة هي من النوع الذي لا حل لها الا بالتحايل عليها.ولو استمر فياض لفترة طويلة تحت مسمى " تصريف الاعمال" او لو اعيد تكليفه بعد ايام او اسابيع فان جرحا عميقا وربما يكون قاتلا سيصيب شخصيته وصورته .. والدكتور سلام مهما بلغ نفوذ او اتساع منتقديه الا ان له رصيدا بنسبة معقولة بين الناس، وبين القوى المؤثرة في الحياة السياسية الفلسطينية اقليمية كانت ام دوليةوبصريح العبارة .. اقول..ومن موقع الصديق والداعم..غادر الموقع، ولا تسجل على نفسك تشبثا لا ينجب الا الازمات.. ولا تضع نفسك تحت تقاطع النيران الصديقة التي هي اقوى مفعولا في الحاق الاذى، من النيران المعادية.غادر الموقع فانت لا تصلح في زمن الصحوة المبكرة او المتأخرة على آثام العلاقة مع امريكا.. وفي زمن يتبارى كثيرون في اظهار القدرة على تجاوز الازمات السياسية والاقتصادية والوحدوية ولا ينقصهم لتحقيق ذلك الا ابتعادك عن طريقهم وفتح الابواب امام افكارهم وقدراتهم.غادر يا اخي وافسح المجال لغيرك، ولا تقبل ان تقترن بك فكرة ان فلسطين عاقر ، غادر لان البقاء في الموقع لعقود هو من اختصاص اعضاء اللجنة التنفيذية وانت لست عضوا...ودعني افترض بانك وافقت على تحريضي لك بالمغادرة، وخلال ايام سيضطر الرئيس الى اسناد المهمة التي ستكون سهلة بعد رحيلك الى احد ابناء فلسطين الذين نجحوا في مجال ما ولعلهم ينجحون فيما هو اكبر واكثر تعقيدا.وهنا يصبح من حقنا تخيل حكومة نموذجية على رأسها رئيس وزراء ذو رؤية ثاقبة وقدرات استثنائية ، يعمل معه وزراء مميزون مبدعون قادرون على ادارة شؤون البلاد والعباد بمهنية عالية ونجاحات اكيدة، ولا ارى ما يمنع ذلك ولا ارى استحالة في تحقيق امر كهذا .. ففلسطين غير العاقر انجبت فيما مضى عباقرة تميزوا على مستوى الكون كله ، فلم لا نفتش على امثال هؤلاء ونسند اليهم ادارة المشروع المتعثر المسمى بمشروع السلطة الوطنية التي هي مقدمة لتحقيق مشروع الدولة.ولكي تبرهن يا صديقي سلام بانك متعاون ومتفان ومنكر لذاتك، فلتبقى في الوطن بوصفك نائبا منتخبا ولتقدم النصيحة والمشورة لخلفك تحت شعار كلنا جنود للوطن وكلنا في خدمة الشعب!!عندما يتم تكليف فلان الفلاني بتشكيل الحكومة الجديدة سوف تسلط اضواء كاشفة على من وقع الاختيار عليه وسوف يحاسب على كل ما حوسبت انت عليه ولن يسامحه الناس لو اشاد به الامريكيون والاوروبيون وحتى الاسرائيليون ، ولن يسامحه الرأي العام لو لم يحقق اكتفاء ذاتيا ، يجعلنا في غنى عن عقوبات الكونجرس وتحفظات الدول المانحة واهانات انتظار مزاج نتنياهو كي يصفو ليحول لنا بعض مالنا، ويمرمر قلوبنا وحياتنا ويعتصر روحنا كل اخر شهر لقاء حفنة من الشواقل هي في الاصل لنا.ان خلفك رئيس الوزراء الجديد سواء كان قياديا في فتح او صديقا او نصيرا او مستقلا..يجب قبل ان يرحب بالتكليف، ويبتهج به وقبل ان تنتعش الصحف العطشى للاعلان بفعل سيل التهاني مدفوعة الاجر، ان يفكر قليلا ان لم يكن لديه الوقت كي يفكر كثيرا في ان رئيس وزراء فلسطين ليس مغنما يسعد به من تستقر كرة الروليت على رقمه بل انه تحد لا ينجي القابل به، الا التفوق في الانجاز عمن سبقوه، والانجاز المطلوب ليس تسليك الرواتب " بالكرتة" شهرا بشهر، ولا مشاركة الفلاحين قطاف الزيتون فتلك فعلها من سبقوه ولم تنفع، وليس الاكثار من الحديث عن الثوابت وايراد الايات الكريمة التي يفهم منها اشادة بجبروت الشعب الفلسطيني .. ان مثل هذه الانجازات متاحة في كل زمان ومكان، بل انها تشهد هذه الايام فائضا يصل حد الكساد لكثرة عرضها على بسطات السياسة ودكاكين النفوذان دولة رئيس الوزراء العتيد وما ان يضع يده على المصحف الشريف مقسما بالله وكتابه على ان ....ان دولة رئيس الوزراء الذي لم نعرفه بعد وسأصدم لو كان اسمه سلام فياض ، عليه ان يشرع في كتابة السطر الاول من استقالته وذلك من قبيل الاحتياط .. او ان يجهز رقبته لاستقبال المقصلة التي ما نجا منها احد ممن سبقوه.
أولويات المرحلة فلسطينيا..
بقلم: بركات شلاتوة – القدس
والآن بعد أن قالت إسرائيل بملء فيها “لا” لمبادرة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإعادة إحياء مفاوضات التسوية، هل تنحو واشنطن نحو تحميل اسرائيل مسؤولية التعطيل؟ ان ذلك لن يحصل طالما أن الموازين لا زالت مختلّة.. مبادرة كيري بحد ذاتها تأخذ في الحسبان وجهة النظر الإسرائيلية، أي البدء بقضيتي الحدود والأمن، وهي الأسطوانة الإسرائيلية المشروخة التي تكاد لا تخلو من أي خطاب أو تصريح إسرائيلي، كما أنها ذريعة إسرائيلية لمصادرة الأرض الفلسطينية وممارسة العدوان “الوقائي” ضد الدول العربية . لذا لم تتطرّق المبادرة إلى إطلاق سراح الأسرى الذين يواجهون الموت في كل لحظة، بل تم الحديث عن “بادرة حسن نيّة” يتم على أساسها إطلاق أسرى ما قبل أوسلو، وهذا أمر جيّد لكن ماذا عن بقية الأسرى خاصة المضربين عن الطعام والمرضى وأصحاب المؤبدات؟ أليست الأولوية لهم ولوقف الاستيطان الذي لم يبق للفلسطينيين أرضاً ليقيموا دولتهم عليها، ولوقف انتهاكات الاحتلال المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ووقف التهويد المتسارع للقدس الشريف؟ وبما أن الجانب الاسرائيلي يرفض إزالة أي من الحواجز العسكرية الخمسمئة التي تقطّع أوصال الضفة الغربية وتشل حياة الفلسطينيين، كما يرفض إعادة فتح الطرق التي أغلقها أمام حركة الفلسطينيين، فكيف له أن يمنحهم أي شيء حقيقي على طاولة المفاوضات؟ واضح أن هدفه من التفاوض هو التغطية على انتهاكاته واستيطانه وتهويده أمام ما يسمّى “المجتمع الدولي”، من دون إعادة أي من الحقوق للشعب الفلسطيني . لذلك فإن المطلوب من الجانب الفلسطيني ألا يعلّق الكثير من الآمال على الوعود الأمريكية، أو زيف ما يسمّى “السلام الاقتصادي” الذي نادى به كيري ومن قبل نتنياهو، لأن في ذلك تثبيطاً لعزائم الفلسطينيين وإلهاءً لهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة، وعن مقاومتهم، ويتجلّى ذلك في التصريح الأمريكي بشأن “عدم الاستعجال” في إعادة إطلاق المفاوضات وحديث الرئيس الامريكي باراك أوباما عن “فرصة” رغم إفشال اسرائيل لجهود وزير خارجيته . وطالما أن جولة كيري لم تحقق الحد الأدنى المطلوب لإطلاق أي بصيص أمل لأفق سياسي، على الجانب الفلسطيني معاودة تحركاته للانضمام إلى المنظمات الدولية ورفع دعاوى أمام القضاء الدولي لمحاكمة الجانب الاسرائيلي على انتهاكاته، يسبق ذلك عمل لا يحتمل التأجيل لإطلاق سراح الأسرى الذين يصارعون الموت في عتمة المعتقلات الاسرائيلية .
كما لا يجب إغفال ترتيب البيت الداخلي من خلال جهود حقيقية صادقة لإنهاء الانقسام العبثي الذي فتت صخرة الصمود الفلسطيني، ويكون ذلك بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على انتخابات عامة ليقول الشعب الفلسطيني كلمته، والأكيد أنه ليس عاقراً فلديه كفاءات وطنية قادرة على قيادة السفينة وإيصالها إلى بر الأمان .
نيسان ... شهر يوم الأسير الفلسطيني ورحيل العظماء
بقلم: راسم عبيدات - القدس
شهر نيسان،شهر كثرت فيه المآسي والألام والأحزان الفلسطينية، ففي هذا الشهر ارتكبت العصابات الصهيونية مجزرة بحق اهالي قرية دير ياسين الفلسطينية،حيث قتلت سكانها شيبة وشباباً،شيوخاً ، نساءاً وأطفالاً بدم بارد،وعملية القتل تلك لم تكن فقط بدافع القتل على خلفية العنصرية والكره والحقد على الشعب الفلسطيني،بل ان تلك العملية كانت بهدف ترويع شعبنا الفلسطيني،وحمله على الهجرة ومغادرة الوطن، لتحقيق مشروع سياسي يستهدف طرد وتشريد وإقتلاع شعبنا الفلسطيني من أرضه.
وبالفعل نجح المشروع الصهيوني في طرد وإقتلاع وتهجير جزء كبير من أبناء شعبنا الفلسطيني،والذي أصبح بفعل النكبة خارج حدود الوطن في مخيمات اللجوء في دول الطوق العربي وفي الشتات،ولكن رغم النكبة وما عنته من اقتلاع وطرد وتهجير لشعبنا،إلا أن هناك من بقي وصمد من شعبنا مؤكداً للحركة الصهيونية،بأن هذا الشعب مثل طائر الفنيق ينهض من تحت الرماد،وأن نظريات قادته عن شعبنا بأن كباره يموتون وصغاره ينسون لن تتحقق وهذا الشعب مهما تعرض للعسف والظلم والطغيان القمع،سيبقى مسكونا بحق العودة للوطن ولا بديل غير الوطن،فهذا حق فردي وجمعي لا يسقط بالتقادم ولا بالمبادرات ولا ب"الجهبذة".
وفي هذا الشهر ايضا استشهد القائد خليل الوزير"أبو جهاد" أحد أبرز قادة الثورة الفلسطينية،وأحد الأركان الأساسية لحركة «فتح»، حيث اغتاله جهاز الموساد الاسرائيلي في تونس،وعملية الاغتيال تلك لم تكن في إطار وسياق تصفية قيادات الثورة الفلسطينية المناضلة وذات الفعل والتأثير في الساحة الفلسطينية فحسب، بل لكون أبو جهاد هو من وقف على رأس قيادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى،انتفاضة الحجر في كانون أول /1987 ،وهو الشخصية الفلسطينية التي لها علاقة مباشرة بالقيادات الميدانية لحركة فتح،والقادر على أن يكون موحداً للساحة الفلسطينية بأحزابها وفصائلها، حيث لعب دوراً بارزاً في عودة الوحدة واللحمة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بعد ما اختلفت فصائلها عقب دورة المجلس الوطني الفلسطيني في عمان، ولكون أبو جهاد أيضاً المسؤول العسكري المباشر لساحة الداخل،فإنه جرى استهدافه.وفي هذا الشهر أيضاً جرت تصفية القائد الجبهاوي ابراهيم الراعي في سجون الاحتلال وزنازينه ،بعد رحلة تحقيق قاسية معه استمرت قرابة عام . هذا المناضل الاسطورة الذي رفض ان يبوح بأي سر من أسرار حزبه ورفاقه في أقبية التحقيق،وليوجه لطمة قوية لجهاز "الشاباك" ،وليرسي مع رفاق حزبه في الجبهة الشعبية مدرسة الصمود في أقبية التحقيق،وليصبح بعد ذلك الرمز والعنوان الذي يتغنى به الشعب الفلسطيني في الصمود والتضحية،وقد أقدم الاحتلال على اغتيال هذا الرفيق،لكونه يدرك جيداً أن استمرار بقاءه ووجوده أسيراً أو حراً طليقاً، سيبقى يشكل خطراً على دولة الإحتلال، وسيصبح الرمز والنموذج لكل من يعتقل من أبناء شعبنا الفلسطيني،ولكن لم يدرك ويتعلم أنه بإستشهاد الرفيق الراعي في أقبية التحقيق غدا رمزاً وعنواناً ليس لمناضلينا،بل لكل أبناء شعبنا الفلسطيني،وكذلك تجذرت مدرسة الصمود في التحقيق التي كان للجبهة الشعبية دور بارز في ولادتها .وفي شهر نيسان أيضاً اغتالت وحده مختارة من جهاز الموساد وقفعلى رأسها ايهود براك القادة الفلسطينيين الثلاثة أبو يوسف النجار وكمالناصر وكمال العدوان،وعملية الاغتيال تلك تأتي في إطار الحساب المفتوح معقادة المقاومة الذين لعبوا دوراً بارزاً في عملية ميونخ الشهيرة حيث كانت اسرائيل تعتبر بالتحديد ابو يوسف النجار احد قادتها،وترى في كمال ناصر والعدوان من قادة الفكر والرأي والموقف في الساحة الفلسطينية،وهيترى في الكلمة المقاتلة خطر عليها كما هي البندقية المقاتلة،وقبلهم اغتالت الشهيد المناضل الأديب،الكاتب،السياسي غسان كنفاني،فهي ترى بمثل هؤلاء القادة والرموز العظام خطراً على دولتها وجودها وامنها.وفي شهر نيسان يأتي يوم الأسير الفلسطيني،حيث يوجد اكثر من 4700 أسير في سجون الاحتلال ومعتقلاته وزنازينه،وما يزيد عن سبعين منهم مضى على وجودهم في الأسر عشرين عاماً فما فوق،والعديد منهم فقدوااحبة وأعزاء لهم وهم خلف القضبان،دون أن يتمكنوا من إحتضانهم أو ان تقر أعينهم برؤيتهم أو إلقاء نظرة وداع عليهم،ومنهم من كبر اطفالهم وتزوجوا دون ان يتمكنوا من مشاركتهم لحظات فرحهم،ومنهم من نهشت الأمراض جسده بفعل طول الفترة وعتمة السجن وعسف السجان ورطوبة الجدران والاهمال الطبي،ومنهم من استشهد داخل الأسر جراء سياسة الاهمال الطبي تلك والتي كان آخر ضحاياها الأسير المناضل ميسرة ابو حمدية، ومنهم من إستشهد جراء التعذيب والتحقيق كالأسير عرفات جرادات، وما زالت قائمة الأسرى الشهداء تكبر وتتوالى،وأيضاً الأسرى تشن عليهم من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها حرباً شاملة من أجل كسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم،ومصادرة منجزاتهم ومكتسباتهم والتعدي على حقوقهم،وفي إطار هذه الحرب الشاملة،خاض أسرانا البواسل الكثير من معارك الأمعاء الخاوية"الإضرابات المفتوحة عن الطعام" من أجل ذلك، واليوم يخوض الأسير المناضل سامر العيساوي أطول إضراب مفتوح عن الطعام،من أجل استعادة حريته،حيث جرى إعادة اعتقاله بعد أن جرى تحرره في صفقة الوفاء للأسرى،تحت حجج وذريعة خرق شروط الصفقة،وهو الان يقترب من الموت،مما يتطلب منا أن نتحمل مسؤولياتنا على كل المستويات تجاه كل أسرانا البواسل،وعلينا أن نقرن القول بالفعل بأن يكون هذا العام ،عام الحرية لأسرانا،ورغم ذلك نقول بأن شهر نيسان شهر الحزن والألم ورحيل العظماء.


رد مع اقتباس