النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 394

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 394

    اقلام واراء محلي 394

    في هذا الملـــــف:
    مقدسيون بدون قادة يتطلعون إلى فيا
    بقلم: داود كتاب عن جريدة القدس
    العدوان الإسرائيلي على سورية: شامتون ومكشوفون!!
    بقلم: هاني حبيب عن جريدة الأيام
    الدين والسياسة
    بقلم: عدلي صادق عن الحياة الجديدة
    عن العدوان الإسرائيلي على سورية
    بقلم: علي جرادات
    القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة
    بقلم: حنا عيسى عن وكالة معا
    مبادرة العرب .. حبر على ورق
    بقلم: غسان مصطفى الشامي .. معا
    ومضة: انهيار يتلوه انهيار
    بقلم: صبري صيدم عن وكالة وفا
    مخطط برافر، التحريض وخطاب عسكرة النقب
    بقلم: ثابت ابو راس عن وكالة PNN


    حياتنا - استهداف الاقصى
    حافظ البرغوثي/الحياة الجديدة
    يأتي اعتقال الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية , في أوج حملة يهودية متطرفة ومسعورة تستهدف الحرم القدسي الشريف, فمنذ سنة كثف المستوطنون بدعم علني من الشرطة والحكومة الاسرائيلية من اعتداءاتهم على المسجد الاقصى لخلق وقائع جديدة من حيث هيمنة الاحتلال عليه ومنع المصلين من دخوله , وفتحه امام المستوطنين بعد ان استكمل الاحتلال بناء الكنس والسيطرة على محيط المسجد الاقصى وهي الخطوات الشبيهة بما قام به الاحتلال في الحرم الابراهيمي في الخليل حيث بدأ بالسماح للمستوطنين بالدخول اليه ثم منع المسلمين من دخوله ثم تقسيم الحرم لاحقا فالسيطرة عليه كليا, ومنذ فترة يحاول الاحتلال تكرار السيناريو نفسه في المسجد الاقصى,من حيث تكثيف الجماعات الاستيطانية من اقتحاماتها لساحاته, ومحاولة بناء كنيس قرب القبة المشرفة,ناهيك عن الرغبة الاحتلالية الكامنة في نفوس المتطرفين بهدم المسجد وقبة الصخرة لبناء الهيكل كما ظهر في الفيلم الترويجي للخارجية الاسرائيلية عن القدس. فاسرائيل عمليا لم تعد تخشى اي ردود على ممارسات المستوطنين ولا على انتهاكاتها الرسمية, فهي راضية ومطمئنة من ان رياح الربيع العربي تنعش استيطانها وتحجب ممارساتها بحق الارض والمقدسات , وان هناك من يفتي بتحريم زيارة المقدسات وكأنه يساهم في ذلك، فالوضع الفلسطيني بانقسامه وهزاله ايضا يوفر المناخ الملائم للاحتلال لكي يواصل مشاريعه في القدس الشريف ضد المقدسات وضد اهلها الصامدين، فالتنكيل بالمقدسيين بات امراً يوميا من حيث هدم المنازل والتشريد ومصادرة الارض والبيوت واعتقال الاطفال والفتية, وقد بات ضروريا ان تكون هناك وقفة ضد السياسة الاسرائيلية, ولعل قرار مجلس النواب الاردني بطرد السفير هوالبداية لاعادة الوعي الى الشارع العربي وتوجيه البوصلة الى المقدسات بعد ان حولها مقاولو التثوير والتحالفات المشبوهة نحو اهداف انتقامية تدميرية داخلية بحيث صارت اسرائيل المندوب السامي في المنطقة تؤدب انظمة وتتحالف مع غيرها وتستوطن وتقتل وتعتقل وتستبيح المقدسات ولسان حالها يقول انها ليست اقل من اي نظام بائد او نظام انابيب اميركي ربيعي سائد. في أسوأ الاوقات السابقة كان الرد على اي عدوان على المسجد الاقصى كما حدث في انتفاضة النفق وانتفاضة الاقصى بعد زيارة شارون هو الاقسى والان لا يجد الاقصى سوى مجموعات من المصلين تحاول الدفاع عنه وكأن الامة اصيبت بما ألمّ بها ايام المغول فلم تعد ترهب الا نفسها.

    من التضامن الى التطاول !
    يحيى رباح/الحياة الجديدة
    حرصت قدر ما استطيع طيلة الاسبوع الاخير ألا ألبي الحاح العديد من وسائل الاعلام, بالحديث عن زيارة الشيخ يوسف القرضاوي, الى قطاع غزة ،لأن لي على المستوى الشخصي موقفا سلبيا جدا من هذه الزيارة ومن كل نسق الزيارات المشابهة, ولدي رأي شخصي قد لا يوافقني عليه الكثيرون بان نسق الزيارات الى غزة المستمر منذ سنوات قد فقد كل ملامح للتضامن مع اهل القطاع المحاصر من البر والبحر والجو ، والمخنوق بالحزام الامني الذي يكتم انفاسه, والمقيد بتهدئة مجحفة لا معنى لها ولا يوجد ادنى التزام اسرائيلي بمفاعيلها, والمثقل بالبطالة الشديدة الوطأة لعشرات الالاف من الخريجين الجامعيين, والمحتقن بنوع من السلوكات الاجتماعية القسرية, بينما الزيارات تأتي وتذهب ولا شيء يتغير على الاطلاق !
    فالحصار هو الحصار, والانقسام يأخذ نفسا جديدا من خلال المجاملات المنافقة المقصودة وغير المقصودة, لأن الكثيرين من الزائرين ليس لديهم الا هدف واحد, التقاط الصور مع اشلاء قتلانا وركام بيوتنا، وآلام العاطلين عن العمل, صور يلتقطها هؤلاء الزوار بطريقة احتفالية جارحة, ويستخدمونها في حملاتهم الانتخابية, وفي التسويق لأنفسهم, وفي الادعاء بأنهم ابطال ذهبوا الى خطوط النار ! بل ان بعضهم عاجز في بلاده كل العجز عن ممارسة الفصاحة في الخطابة إلا فوق رؤوسنا.
    سبحان الله كيف ان المنافقين من السياسيين ورجال الدين يحولون كل شيء الى نقيضه تماما, حيث في البدايات كان يأتي المتضامنون بزوارق تمخر عباب البحر, فنشعر نحن اهل القطاع بأنهم بذلوا مجهودا وخاطروا بركوب البحر, بل بعضهم خاطر بحياته كما في السفينة التركية مرمرة! ولكن سرعان ما فترت الهمة, وتحولت زيارات التضامن الصادقة الى مراسم برتوكولية مملة وتافهة جدا ،حيث بعض الزوار يأخذون اذنا وضمانة من اسرائيل قبل ان تطأ اقدامهم ارض قطاع غزة ! وبعضهم لم يمجدوا بطولة الشعب الصامد بل دبجوا المدائح في الانقسام ! بل اكثر من ذلك فان حملات التضامن الشعبية الصادقة انداحت الى الخلف وحل محلها ما يشبه العمليات التجارية في تجارة التضامن ! فعلى سبيل المثال لا الحصر, انتشرت في بعض بلدان العالم العربي والإسلامي مئات من لجان التضامن خلال الحرب الاسرائيلية المجرمة ضد قطاع غزة في نهاية 2008 وبداية 2009, وتكاثر عدد الخبراء العسكريين المزيفين على شاشات الفضائيات كأنهم الطحالب وهم يحملون في ايديهم عصيا صغيرة يشيرون بها الى خارطة قطاع غزة, كما لو انهم يشيرون الى عمليات عسكرية تحدث في قارة مجهولة ! مع ان القطاع بسكانه –كما قال الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل زميل الشيخ القرضاوي – لايعادل جزءا من حي شبرا احد احياء القاهرة مما دفعه الى اقتراح بضم القطاع وأهله الى مصر, والسلام ختام.
    المئات من لجان وجمعيات التضامن ما ان انتهت تلك الحرب الاسرائيلية الاجرامية مخلفة وراءها آلاف الشهداء والجرحى والأسرى وعشرات الآلاف من البيوت المهدومة, وما ان انتهت الحرب حتى تلاشت تلك الجمعيات التضامنية, بعد ان حصل اصحابها ما استطاعوا تحصيله باسم الدم الفلسطيني, ثم انتهى الموسم ولم نعد نرى منهم احدا.
    اعتقد ان الزيارات الاخيرة ومن بينها زيارة القرضاوي تندرج في هذا السياق السلبي, وأنها تشكل انحدارا دراماتيكيا من صدق التضامن الى عبث التطاول.
    يا اشقاءنا العرب والمسلمين, ما نطلبه منكم وطنيا وقوميا وإسلاميا وأخلاقيا, اكبر من ذلك بكثير, فو الله انكم جميعا اقل خبرة في النضال والصمود وعبقرية البقاء من أي مواطن مقدسي يتشبث ببيته الآيل للسقوط في القدس التي تطلقون الفتاوى بتحريم زيارتها تاركينها للصهاينة, فكيف تجيزون لأنفسكم ان تنفلت ألسنتكم بما لا تفعلون, وكيف تصدعون الرؤوس بالحديث المكرر عن الحلال والحرام, ولماذا تشايعون الانقسام وتكرهون المصالحة, ولماذا تلبسون الباطل بالحق ان كنتم تؤمنون؟ ان كل زيارة فيها تحرض على بقاء الانقسام والاعتراف به, وتشجيع على التيه في صحراء سيناء, وتحفيز على التشبث بالأوهام, ودعوة للكراهية بين ابناء الشعب الفلسطيني الواحد, هي نوع من التطاول الذي يسيء لكم ولسمعتكم ايها الزائرون العابرون.

    زيارة غزة ليست فتوى!
    عادل عبد الرحمن/الحياة الجديدة
    مجددا يعود موضوع زيارة غزة للواجهة مع إصرار الشيخ يوسف القرضاوي على زيارتها ، رغم انه يعلم ان زيارته للقطاع لا تخدم مصالح الشعب العليا، وتمس بمكانة ودور الشرعية الوطنية، وتعمق الانقسام وخيار الانقلاب على حساب الوحدة الوطنية.
    لكن الشيخ يوسف القرضاوي، الاخواني الشهير، أَصم أذنيه، وأغلق عينيه عن رفض الغالبية العظمى من ابناء الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لزيارته لمحافظات الجنوب. وأدار الظهر لمشاعر الشعب الفلسطيني، ولم يأبه باية تداعيات تخريبية لزيارته على وحدة الارض والشعب الفلسطيني، ولم يرَ سوى ما تراه حكومة إمارة قطر وجماعة الاخوان المسلمين وقيادة الانقلاب الحمساوية في غزة، مما دفعه الى المضي قدما للقيام بالزيارة المضرة والمسيئة للشعب الفلسطيني.
    القرضاوي صاحب الدور المشبوه عربيا وإسلاميا، الذي لعب دورا مريبا وتخريبيا في العديد من الساحات العربية، لم يتورع طيلة سنوات الانقلاب الحمساوي الاسود عن التحريض على القيادة الشرعية، ودعم خيار الانقلاب، وساهم بفتواه المتكررة على تعميق الانقسام. وبزيارته لمحافظات غزة يكرس سياساته المتناقضة مع مصالح الشعب الفلسطيني الدنيا والعليا.
    زيارة القطاع ليست فتوى دينية. وإن اعتقد الشيخ القرضاوي ، رئيس رابطة علماء المسلمين ، انها كذلك، فهي كالعشرات والمئات من فتاوى شيوخ من أتباعه، والتي تتناقض مع روح الدين واهداف الشعب العربي الفلسطيني.
    ومجددا يمكن للمرء، ان يؤكد ان المشكلة في زيارة محافظات الجنوب الفلسطينية إضافة الى ان خلفية الزوار السياسية، هي، خلفية متواطئة مع قيادة حركة حماس، وتساوق مع توجهات جماعة الاخوان المسلمين، وتنفيذ لمخطط تعميق الانقسام وفق الرؤية الاسرائيلية ومن يتناغم ويتساوق معها من اهل النظام العربي، تعود (المشكلة) الى ضعف وضبابية الموقف الرسمي الفلسطيني، وعدم تمكن القوى الوطنية والشعبية من اتخاذ موقف جاد من تلك الزيارات، اي عدم تمكنها من النزول للشارع واعلان موقف رافض للزيارات, لأن القائمين بالزيارات لا يعولون كثيرا على البيانات الصادرة عن القوى السياسية، لانها لا تعني شيئا للزائر. ولكن في حال خرجت القوى الوطنية والجماهير عموما لاعلان موقف ضد هذه الزيارت، عندئذ سيفكر اي زائر الف مرة قبل ان يقرر الزيارة.
    آن أوان بلورة رؤية وطنية جدية رسمية وشعبية لمجابهة زوار الشؤم لمحافظات الجنوب الفلسطينية للحؤول دون ترسيخ خيار الانقلاب. لأن السياسات المغمغمة لا تساعد في مجابهة تداعيات تلك الزيارات التخريبية. الكرة في مرمى القيادة السياسية والقوى الوطنية وقطاعات الشعب المختلفة لوضع حد للاستهتار بمصالح الشعب العليا.



    الفتح ومغاليق كُثر
    عدلي صادق/الحياة الجديدة
    لست، من الوجهة السياسية، مع التطيّر ولا مع تضخيم واقعة الزيارة، التي يؤديها الشيخ القرضاوي الى غزة. لكن اللافت، هو أن منطق السجال، الذي يدور حول هذه الزيارة، أعاد الناطقين الحمساويين الى مبالغات كيدية مضادة، جعلهتم يروْن في يوسف القرضاوي، فاتحاً يُستقبل بصفته هذه. فأي فتح مبهرٍ هذا، الذي فتحه القرضاوي، فَتَحَ الله بيننا وبينه، وبين مستقبليه من قومنا، بالحق؟!
    ليكن حالنا، كحال سيدنا نوح، الذى دعا ربه فأجابه، كما جاء في سورة الشعراء: "رب إن قومي كَذِبون، فافتح بيني وبينهم فتحاً، ونجِّني ومن معي من المؤمنين". ففي الحقيقة لا نعلم للقرضاوي سوى فتحيْن لا ثالث لهما، واحد منهما خاص وشخصي، كان فيه فاتحاً في شيخوخته، لصبا الصغيرة الجزائرية أسماء بن قادة، وكان قاهراً للسحاب حسب وصفه هو نفسه. فبعد أن وقع في غرام الصبية الطالبة، كتب في مذكراته لا في مذكراتنا: "إن سحاب التردد، سرعان ما انقشع عندما أشرقت شمس الحب. فهكذا هو العشق، جنون. والجنون فنون، والحياة شجون، ولله في خلقه شؤون"!
    قبل ذلك الفتح، الذي تحقق كاملاً، تعرض في مذكراته الى المقدمات، فقال بالحرف: "لقد شاء الله أن يتطور الاعجاب الى عاطفة دافقة، والى حب عميق، لا يدور حول الجسد والحِس، كما هو عند كثير من الناس، بل يدور حول معان مركبة، امتزج فيها العقل بالحس، والروح بالجسم، والمعنى بالمبنى، والقلب بالقلب، وهذا لا يعرفه الا من عاشه وعاناه"!
    كان ذلك فتحاً خاصاً، لا شأن لنا به، لا سيما وأن الفاتح، سجّله كتابةً، بتفصيلاته، لكي يظل قدوة للمريدين والمريدات، ممن يرغبون في تجديد شموسهم!
    أما الفتح الثاني، فهو مجرد محاولة فتح، لأنه لم يكتمل. أو هو، بالأحرى، فتح بالمقلوب. فقد طار الشيخ يوسف الى أفغانستان، في آذار (مارس) 2001 ومعه رهط من المؤمنين، لكي ينقذ أصنام بوذا، من حقد وعدوان مسلمي الطالبان ومتفجراتهم، محملاً بفتواه وشروحاتها. كان الهدف المعلن، الذي ركز عليه، هو تحاشي غضب البوذيين الغاضبين في القارة الآسيوية، ومن بينهم بوذيو بورما الذين يشنون اليوم حرب إبادة، ضد مسلمي الروهينغيا، ويدفعون بعباد الله، الى حافة البحر، أو الى مضيق "ملقا" ثم يحرقونهم!
    وفي الحقيقة، يمكن أن تؤخذ محاولة الفتح تلك، كمؤشر للتفاؤل من زيارة غزة. فلعل الشيخ يمنحنا من منبره، مرتبة صنم بوذي، ويرى في كيانيتنا الفلسطينية، شيئاً لا ينبغي أن يُنسف. ولديه، من الحجج الشرعية ما يضفي على شرحه للمسعى الكريم، سلاسة وخفّة وعناصر إقناع. فولي الأمر، في قطر، كان الراعي لاتفاق ينص على تنفيذ الاتفاق. لعله يتلو على سامعيه من مؤمني فلسطين، آيات بينات، فيما هو يحتفظ لنفسه بصفة الفاتح، إذ يقول رب العزة في سورة الفتح: "فعلم ما في قلوبهم، فأنزل السكينة عليهم، وأثابهم فتحاً قريباً ومغانم كثيرة يأخذونها". ليكن الفتح مظفراً هذه المرة، ينبلج به أحد المغاليق الكُثر في حياتنا وأوقاتنا. وليُنجِز الشيخ، بيعة الرضوان، وليسأل قبلها: على ماذا تختلفون؟ على مقاومة تطاردون بقاياها، أم على هدنة تتسابقون اليها، أم على أمراء ورؤساء، تتنافسون على ودادهم؟!
    إنني هنا، باسم الدولة الفلسطينية المعلنة في الأمم المتحدة؛ أتوجه للشيخ يوسف القرضاوي بالتماس متواضع، وهو أن يُكرّس المساواة في كلامه العاطر، بيني وبين الصنم البوذي، على أن يحتفظ كل منا، أنا والصنم، بعقيدته وأمنياته ومقاصده. فإن لم ينصفنا الشيخ وينقذنا من النسف، بشراً وكياناً وسياقاً سياسياً في طريق الاستقلال والتحقق الوطني والحرية؛ فليأخذ أمرنا باعتبارنا صنماً مشروخاً!
    يا شيخنا الرائج، اتق الله فينا. نحن لا نتزيد في التطلب. فلو استبد بنا الطمع، لتمنينا عليك أشراقة لشمس الحب، وتبديداً للسحاب. إن المغاليق كثر. وجماعتك، الذين تزورهم، يمثلون ـ للأسف ـ أحد الأقفال المنيعة. فلتفتح قفلاً واحداً فتح الله عليك!
    أما أن يُحكى عنك، باعتبارك فاتحاً دونما فتح، وأن تُستقبل بصفتك هذه؛ فهذه ثرثرة من عجاج الغائبين عن الوعي بالتاريخ، وعن الوعي بالسياسة!

    القرضاوي .. غزة لا ترحب بك
    بهاء رحال/الحياة الجديدة
    من أفتى قبل أشهر قليلة بتحريم زيارة المسجد الأقصى والقدس واعتبرها زيارة لا تجوز شرعاً بحكم أن الزائر سوف يمر عبر الحواجز والمعابر التي يسيطر عليها الاحتلال الاسرائيلي وقد راح بتصريحاته وفتواه الى أبعد من هذا حيث اعتبرها زيارة تندرج تحت مسمى التطبيع مع الكيان الصهيوني وأن الدين لا يقبلها وأن الشرع يرفضها ويمنعها، هذا المفتي يأتي الى غزة على رأس وفد من علماء الاتباع له وشيوخ الضرورات تبيح المحظورات ليمر عبر معبر رفح البري الذي يخضع لسيطرة أمنية تشرف عليها ولو من بعيد قوات الاحتلال الاسرائيلي، فتفرح الحكومة المقالة هناك وترحب بالزيارة وبالضيف القادم اليها من أحضان قطر بينما تحزن غزة المجد والمقاومة لهذه الزيارة لا لشيء بل لأنها ترفض فكرة الإذعان المزورة والمزيفة وترفض ما يحمله اليها هذا الداعي من املاءات جديدة ومن فتاوى حملت المنطقة برمتها الى الهاوية والى زيادة الفرقة والانقسام، فتاوى حللت سفك الدماء وتناست قول الرسول العظيم «أن تهدم الكعبة حجراً حجرا أهون عند الله من اراقه دم انسان مسلم» أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهذا ما ينساه القرضاوي ومن لف لفيفه من شيوخ الطاعة لاميركا وقطر فهم يقتلون أحلامنا ويهدمون أوطاننا ويخونون ضمائرهم وزماننا ويبيعون كرامتهم في سوق النخاسة وينكحون ويتناكحون زوراً وكفراً باسم الدين والايمان والثورة ثم يقصمون ظهرنا بفتوى والغريب أن البعض ما زال يصدقهم ويرحب بهم والبعض ما زال يتخذهم اولياء صالحين يعتبرهم ملائكة على الارض تمشي.
    زيارة غزة حلال كما أرادها أن تكون القرضاوي وزيارة القدس حرام، زيارة بيت أبي سفيان في غزة حلال وزيارة المسجد الأقصى حرام، عن أي جهل يتحدث هذا وبأي العبارات التي تليق به سنخاطبه، لكني ومن منطلق احترامي للقارئ لن أنعته بما يليق به وأضع أمامكم هذه الزيارة التي تفتح باب الاجتهاد الشخصي لكل واحد وواحدة بأن يستفتي قلبه فقط وألا يستمع في زماننا لكثير من فتاوى بعيدة عن أصل الدين في هذا العالم الممتلئ بفتاوى مدفوعة الأجر من شيوخ يشدون الرحال الى غزة ويمنعون كل من يشد الرحال الى القدس.
    القرضاوي بغزة.. فما حكم الصلاة وراء آثم؟!
    موفق مطر/الحياة الجديدة
    الأخلاق هي الفارق بين شيخ يستخدم الدين وسيلة لتأجيج الصراعات السياسية الطائفية المذهبية بين الشعوب والأمة الانسانية, مشبع بمفاهيم الولاء للجماعة فقط, وبين قائد عقلاني انسان رحيم مشبع بالافكار الخلاقة, وصفات القيادة, يفيض بالولاء للضمير الانساني, مشبع بالسلام الحق مع نفسه والناس اجمعين.
    قال القرضاوي : لا يستحق عباس الإعدام فقط، وإنما يستحق الرجم..فرد الرئيس ابو مازن وقال : « أيريد أن يرجمني أخي في مكة ؟! لا يجـوز للشيخ المفكر القرضـاوي أن يبني فتواه على إشاعات ودعايات».
    استمرأ مشايخ في زمان ثورة تكنولوجيا الاتصال والتواصل لعبة الفتنة السياسية والمذهبية والطائفية، فغلفوها بالفتاوى اللامعة وبثوها على العامة، الذين قد لا يستطيعون التمييز بين معنى النفاق والنفوق.. فيدلقون فتاويهم على الموضة وحسب الطلب !!
    قال القرضاوي في فتوى أطلقها: « من حق الفلسطينيين أن يدخلوا القدس كما يشاءون، لكن بالنسبة إلى غير الفلسطينيين، لا يجوز لهم أن يدخلوها..و تحريم الزيارة لعدم إضفاء شرعية على المحتل، ومن يقوم بالزيارة يضفي شرعية على كيان غاصب لأراضي المسلمين، ويجبر على التعامل مع سفارة العدو للحصول على تأشيرة منها».
    لا يحتاج القرضاوي لتأشيرة من سفارة (اسرائيل) فالتأشيرة الدائمة مدى الحياة معه بشهادة مطلقته الشابة !!.. لكن لا باس أن يسأل القرضاوي « اخوانه بمصر» ان كانوا قد حصلوا له على تأشيرة دخول من اسرائيل لزيارة غزة ام لا، كما خالد مشعل وموسى ابو مرزوق وأمير قطر الذي قال في شهر شباط الماضي ان غزة محاصرة وطالب برفع الحصار عنها..فما الفرق بين الأرض المحتلة وتلك المحاصرة أم أن ارض غزة ليست ارضا للمسلمين، كما يقول دائما وحسب مفاهيمه المبثوثة في الشريعة والحياة ؟! ولا بأس بسؤال منه لأمين عام حركة الجهاد الاسلامي, عمن منعه من زيارة غزة ؟!.
    سر الشيخ القرضاوي في المخدع.. وزائر تل ابيب وصاحب العلاقات السرية لا تخفى على زوج مظلومة, فأسماء بن قادة طليقة القرضاوي قالت : « للقرضاوي علاقات سرية مع الموساد الإسرائيلي وزار تل أبيب سنة 2010، حاصل على شهادة تقدير من الكونغرس الأمريكي, ويتقن اللغة العبرية كتابيا و نطقا وهذا ما دفع قطر لمصادقته وعقد جلسات معه نظرا لموقعه الاستراتيجي الديني و منصبه في رابطة العالم الإسلامي» ... اما نحن فنصدقها.. لأنها مظلومة.. ولأنه لم ينكر شهادتها!!.
    قال افيغدور ليبرمان : لم يكن للفلسطينيين وطن او نظام حكم او سلطة في يوم من الأيام !!
    فاثنى القرضاوي على قوله وقال: «ان منظمة التحرير قد ذهبت الى التهلكة» .. فهل تراهم شركاء في مشروع انكار وجود وهوية الشعب الفلسطيني الوطنية, اما تراه يحسب شعبنا كأتباع لشيخ الطريقة القرضاوية.. ما أخطر من الدمار الشامل بالنووي او الكيميائي إلا الدمار الشامل لعقل الانسان ووعيه ولفكرة الانتماء للوطن والإنسانية.. فالأسلحة الأولى تذيب الأشياء والمواد الصلبة أما هؤلاء فإنهم يدمرون عقل الانسان سيد الأرض وما فيها وما لها وما فوقها وما تحتها من اشياء.
    بصم القرضاوي بزيارته لغزة المحاصرة على ان المقاومة هي اعمال عدائية ضد اسرائيل!!
    فقد قال: «إن القدس لن تعود إلا بالمقاومة والجهاد وتضافر جهود الأمة العربية والإسلامية»...لكن ألا يعلم القرضاوي ان «اخوانه المسلمين» فرع فلسطين «حماس» قد وقعوا اتفاقا مع اسرائيل ينص على ايقاف كل الأعمال العدائية من قطاع غزة باتجاه حدود اسرائيل, وان ضامن هذا الاتفاق هم ذاتهم الاخوان المسلمون الحاكمون في مصر الآن ؟!.. أم تراه جاء مباركا هذا التحول النوعي في سياسة «اخوانه»؟!.
    احتل يوسف القرضاوي مكان الشاب وائل غنيم على منصة جمعة النصر بمصر بقوة عضلات حراسه, وسطا جهارا نهارا أمام عدسات وكالات الأنباء على انجازات ثورة الشباب بمصر. فبكى وائل حينها وما زال بكاء المصريين الأحرار حتى الساعة وهم يبحثون عن ثورتهم المسروقة.
    دعا القرضاوي الله لأن يثبت خطى حاكم دمشق بشار الأسد على الحق، وقال ان الاميركيين يفرضون عليه العقوبات ويهددونه لأنه وقف ضد التأله الأمريكي في العالم !!!.. هذا عندما كان يحج الى دمشق لشد عروة «الاخوة العشرة» ليشكلوا اطارا بديلا عن منظمة التحرير, يوم جلس وسط خالد مشعل وأحمد جبريل بشهادة سفير طهران الذي اشبع العروبة حينها شتما وذما وقذفا على مسامعهم، ثم عاد بعد فشل الاخوة الأعداء ليقول: «لا بد للشعب السوري أن ينتصر على الطاغية بشّار، الذي قتل شعبه بكل الوسائل.. يكون آثما كل من دعم أو وقف مع نظام الأسد ضد الشعب السوري!! لم نك نعلم أن الله يتقبل دعاء الآثمين ايضا ؟!..فالقرضاوي نفسه «بعضمة لسانه» وجلبابه وبإمامته لما يسمى اتحاد علماء المسلمين دعا في خطبة جمعة، دولة الخلافة الحديثة, امبراطورية العدل في الدنيا, الولايات المتحدة الأميركية المتألهة, للتدخل في سوريا وان تفعل أمرا لله وان تحكم ضميرها من اجل الشعب السوري !!!. (ههههههههه) !!! وشر البلية ما يضحك.
    انتبهوا يا أهلنا بغزة فصلاتكم وراء آثم باطلة ..باطلة ..باطلة.

    زيارة ثقيلة
    محمود أبو الهيجاء/الحياة الجديدة
    لا يمكن لأي وطني فلسطيني ان يقرأ زيارة صاحب فتاوى الفتنة الشهير الشيخ يوسف القرضاوي لغزة، سوى انها زيارة لضرب المصالحة الوطنية وتعطيلها، وتكريس سلطة الامارة الحمساوية هناك، سلطة الانقسام الذي سيظل خنجرا في خاصرة مسيرة التحرر الوطنية، وانتظروا خطبة القرضاوي في الجمعة المقبلة من جامع العمري لكي تتأكدوا من ذلك.
    سيمجد القرضاوي سلطة الانقسام بوصفها الامارة الربانية التي ستقيم العدل في هذه الدنيا بعد ان امتلأت جورا, وبالطبع لن يعني ذلك سوى شرعنة الانقسام وتكريسه, ومن المثير للانتباه ان هذه الزيارة تأتي في وقت تبدو فيه مسيرة المصالحة الوطنية كأنها عادت خطوات عديدة الى الوراء، وبمعنى انها تأتي لتثبيت هذه العودة، وتوسيع خطاها نحو التراجع الشامل لنعود الى نقطة الصفر ان ظلت هذه النقطة ممكنة في مكانها...!!
    اكثر من ذلك لا أظن ان القرضاوي سيحمل معه خطبة جمعة فحسب، بل لا شك ان في جعبته كلاما اخوانيا آخر وربما كلاما قطريا ايضا، لترتيبات مقبلة تعطي الامارة الحمساوية في غزة مساحة اوسع في العمل السياسي، التفاوضي مع اسرائيل بصفة خاصة كما اعتقد, ولأن هناك انباء تتحدث عن زيارة مرتقبة لامير قطر لاسرائيل...!!
    اخيرا اقول لو جاءنا "الشيخ" من باب البيت لقلنا له اهلا وسهلا، لكنه يدخل من ثغرة في جدارنا أحدثتها قذائف الانقلاب الحمساوي، ولأننا لا نراه يحاول سد هذه الثغرة بل توسيعها، فمن الصعب ان نقول له اي كلمة من كلمات الترحيب، ولا شيء سوى: اتق الله بشعب فلسطين وقضيته أيها الشيخ ...!

    48 مرّة.. حتى الآن؟
    حسن البطل/الأيام
    رأيتُ كثيراً من شظايا الرصاص، على كثير من الجدران، في كثير من البلدان والأماكن.. لكن، تبقى محفورة في الذاكرة، آثار الطلقات على حجر أصفر من جدران مبنى في بئر السبع.
    المبنى كان مقر شرطة، وآثار الرصاص عليه جزء لا يُمحى من ذاكرة النكبة، وهو المبنى الوحيد القديم الباقي من بئر السبع العربية.
    بئر السبع اليهودية ذات عمارات عالية، بعضها مكسوّة جدرانها بالزجاج الدخاني، وشوارعها هي الأكثر عرضاً وطولاً واستقامة من شوارع غزة وأريحا، والمدينة يمكن أن تصير "لاس فيغاس" إسرائيل!
    أعرف أين يقع مفاعل ديمونا بالتقريب، ولا أعرف أين تقع عزبة "سدي بوكر" حيث اختار بن ـ غوريون مدفنه، ليؤكد أن "مستقبل إسرائيل هو في تهويد الجليل والنقب".
    أعرف أين تقع "راهط" و"الكسيفة"، ولا أعرف أين تتبعثر القرى الأربعون في النقب غير المعترف بها إسرائيلياً.. لا ماء ولا كهرباء.
    في السنوية الـ 65 للنكبة قال كاتب إسرائيلي: على إسرائيل أن "تتصالح مع النكبة" لكن لجنة برافر ثم لجنة بيغن ـ الابن أوصيتا بمخطط تهويدي هو الأوسع منذ يوم الأرض في الجليل 1975، لمصادرة أكثر من 700 ألف دونم أخرى من بدو النقب، وتجميع السكان البدو على 1% من أرض النقب، بينما هم يطالبون بتثبيت ملكيتهم على الأكثر من 5% من أراضي النقب. بدو؟ البروفيسور قريناوي من بدو النقب صار يدير معهداً بحثياً راقياً في إسرائيل (برافر أوصى بمخطط تهويدي شديد، وبيغن ـ الابن أوصى بمخطط تهويدي أقلّ وطأة، والحكومة تراجعت عن قبول خطة بيغن، واعتمدت خطة برافر لتهجير 35 ألف مواطن.
    هل يبدو كلامي وصفياً وسردياً؟ حسناً، في أيار من العام 2013 قامت سلطة الأراضي في إسرائيل بهدم قرية "العراقيب" غير المعترف بها للمرة الـ48، أي أن السكان أعادوا بناءها 47 مرة، وعلى الأغلب سيعيدون بناءها للمرة 49.
    ربما لا يوجد في قصة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على الأرض مثل هذه "العملية السيزيفية". كم مرة رفع الأسطوري "سيزيف" الإغريقي الصخرة من السطح إلى القمة، وكم مرة تدحرجت الصخرة إلى السطح؟
    هل هذه رواية أدبية ـ ملحمية أم هي فيلم درامي.. أم قصة واقعية تماماً، ومن تفاصيلها أن البدو يزرعون القمح والشعير بعلاً، وقبل الحصاد تأتي الطائرات الزراعية وتبيد زرعهم بالمواد الكيماوية، بذريعة أن الأرض بملكية الدولة!
    ما هي خلفية السعار الاستيطاني الجديد لتهويد النقب؟ يريدون، مثلاً، نقل منشآت عسكرية وصناعية من وسط البلاد إلى النقب، بما فيها مقر وزارة الدفاع "هكرياه" (القرية) في تل أبيب ومصانع "غليلوت" الكيماوية في حيفا، لأن أسعار العقارات في تل أبيب في سابع سماء، وفي النقب "ببلاش"، ولأن المصانع الكيماوية في حيفا تحمل تهديدا للناس في حالة إصابتها في الحرب.
    هذا سبب اقتصادي عقاري، لكن السبب الديمغرافي ـ الأيديولوجي هو الأساس: يجب تهويد النقب، ليكون سكانه العرب أقل من 32% من السكان اليهود حالياً.
    الصورة في الجليل أقل أو أكثر قباحة، لأن الفلسطينيين يشكلون نصف سكان الجليل الأوسط، وقرب مدينة الناصرة أقاموا "نتسريت عليت" وصرح رئيس بلديتها أن لا مكان لمدرسة عربية ابتدائية فيها، لأن هُويّتها "يهودية إلى الأبد".. ولو بوسائل "لا يجوز الجهر بها"؟!
    نعود إلى الرقم 48 المطبوع بشدة في الذاكرة النكبوية الفلسطينية منذ 1948، انهم يرسمون الرقم 48 بالأحمر والرقم 19 بالأبيض، ويطبعون الرقمين على بلوزة سوداء يرتديها الشباب في كل سنة من سنويات النكبة.
    اندلعت انتفاضة "يوم الأرض" 1976 رداً على مخطط لمصادرة 22 ألف دونم (ترمز إليها إسرائيل بالمنطقة 09).. وعلى الأغلب ستندلع انتفاضة أرض أكبر في النقب، لأن المصادرة تطال 700 ألف دونم.
    ماذا يعني تهويد الجليل والنقب.. والضفة؟ إسرائيل "تصالح" أرض الشعب الفلسطيني، ولا تصالح الشعب، ولا نكبته.. وتريد منه الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل؟!

    ربيع أم خريف صحراوي؟
    طلال عوكل/الأيامووكالة سما
    مع فارق الأحوال والدوافع والأهداف، فإن الجيش الإسرائيلي يتبع منهجاً واحداً حين يبحث عن ذرائع وردود فعل من قبل الطرف المستهدف لشن حرب، أو ارتكاب عدوان واسع. هذا ما وقع قبل الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف 2006، وهذا ما حصل مع الاعتداءات والحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهذا ما يحصل مع سورية، تعتمد الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية نهج تحضير الجبهة الداخلية عبر المناورات العسكرية الهادفة، وعبر حملة إعلامية تقوم بتضخيم المخاطر الأمنية الاستراتيجية للطرف الآخر، مترافقة مع حملة علاقات عامة دولية لضمان التأييد أو التفهم أو محدودية ردود الفعل. ثم تحضر لعدوانها أو حربها من خلال عمليات قصف محتملة أو توغلات، أو انتهاكات للسيادة على الأرض وفي الجو، فإن جاء رد الفعل من الطرف الآخر المستهدف بما يكفي لتبرير العدوان بادرت إليه، وان صبر على تلك الانتهاكات والاستفزازات، صعدت من هذه الانتهاكات إلى الحدّ الذي لا يمكن احتماله فيكون لها ما تريد. في حالات معينة يطول الصبر اما لاعتبارات سياسية، أو ضعف وتردد، وإما لإدراك الطرف الآخر بما تسعى إليه إسرائيل، وحتى لا يعطيها الذريعة التي تنتظرها. فتلجأ إسرائيل إلى استفزاز قوى وجماعات لا تنضبط للسياسة العامة، ولا رؤية سياسية لديها تمنعها من الرد فيكون ذلك مبرراً للعدوان.
    القصف الإسرائيلي الذي استهدف مركز جمرايا ومستودعات للواء السوري 105 على مقربة من جبل قاسيون الذي تستظل في أحضانه العاصمة السورية، كان من العنف والشراسة، ما يدفع أيوب للخروج عن صبره، لكنه لم يخرج النظام السوري عن صبره، إن كان صمته صبراً. ذلك القصف لم يكن لا الأول ولا الثاني ولا العاشر، منذ اندلاع الصراع الداخلي في سورية، لكنه كان الثاني خلال ثمان وأربعين ساعة، إذ سبقه قصف استهدف قافلة سلاح قيل إنها متوجهة لصالح حزب الله. ومع أن الأنباء أشارت إلى أن إسرائيل أرسلت إلى الرئيس السوري رسالة تطمئنه أنها لا تستهدف الإطاحة بنظامه، إلاّ أن قصف مركز جمرايا، لن يكون الأخير، والأرجح أن يتبعه قصف أشد عنفاً وإيلاماً إلى أن يستفز رداً سورياً، تتخذه إسرائيل مبرراً لتوسيع عدوانها وتوسيع الفرص أمام التدخلات الأجنبية المباشرة، خصوصاً الأميركية أو المدعومة أميركياً.
    ونلاحظ أن نتنياهو لم يغير برنامج زيارته للصين إلاّ بضع ساعات قليلة وتستمر لخمسة أيام، ما كان له أو لغيره في أي بلد في العالم أن يفعلها لو أنه يشعر بالحد الأدنى من التهديد على بلاده جراء ما قامت به من عدوان. يعرف نتنياهو أن سورية في وضعيتها الراهنة منشغلة ومنشغل جيشها في الصراع الداخلي، وان هذا الجيش تحول إلى شرطة داخلية، ومعنوياته مهزوزة، هذا فضلاً عن أن سورية التي تدرك أبعاد العدوان الإسرائيلي وأهدافه لا ترغب في تقديم ذريعة لتصعيد التدخل الخارجي، فيما النظام يحقق المزيد من التقدم على جبهة قتال المعارضة المسلحة. وفق الخيارات المتاحة فإن النظام يلوذ بالصبر، ويكتفي بإصدار قرار يسمح لقوى المقاومة الفلسطينية تنشيط عملها العسكري من الجولان، وهو أمر لم يسمح به النظام منذ حرب تشرين 1973.
    يعرف أركان النظام أن هذا القرار غير قابل للتحقيق على نطاق واسع، ففصائل المقاومة الموجودة في سورية باستثناء الجبهة الشعبية القيادة العامة لا تملك وجوداً مسلحاً، لا مقاتلين ولا أسلحة، وجبهة الجولان بالنسبة لها جبهة جديدة كان محظورا عليها الاقتراب منها حتى للتصوير الترفيهي.
    وبغض النظر عن الموقف من الصراع الدائر في سورية، إن كان لصالح تأييد النظام، أو لتأييد معارضيه، فإن المشهد الذي سبق القصف الإسرائيلي الأخير، وتبعه، يشكل استفزازا لكل ذي عقل، ولكل ذي إحساس وطني أو قومي.
    هل يعقل أن يستنجد بعض الحكام والأمراء العرب، بالولايات المتحدة علنياً، للتدخل العسكري، على غرار ما حصل في ليبيا، من أجل حماية المعارضة التي يتهدد وجودها النظام؟ وهل يعقل أن يشارك بعض الأئمة المسلمين الكبار في حملة التحريض من أجل استعجال الرد والتدخل الأجنبي في سورية؟
    هل أصبحت إسرائيل هي ملاذ إنقاذ شعوبنا العربية وأداة نهضتها وحريتها حتى يحتفل مقاتلو المعارضة بالعدوان الذي شنه الجيش الإسرائيلي على مواقع الجيش السوري؟ وهل يمكن لعقل سوي أن يقبل شخص إحراق العلم الفلسطيني احتفاء بدور نقيضه المحتل الإسرائيلي؟ أين يمكن أن نعثر على هذا المشهد إلاّ في إسرائيل ومن قبل غلاة المتطرفين؟ أي ربيع هذا الذي ينتظر سورية المدمرة على رؤوس جيشها وأهلها، ومثقفيها، وسياسييها ومعارضيها، أم أن علينا أن ننتظر خريفاً قاحلاً صحراوياً؟
    مخز المشهد العام، ويدعو للتقزز والاشمئزاز، ذلك أن إسرائيل الطامعة لأن تكون شريكاً للولايات المتحدة في إعادة رسم خارطة المنطقة والدولة التي تسعى وراء توسيع نفوذها ومصالحها، لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تفعل ما يفيد الطامحين إلى الحرية والاستقلال والديمقراطية، ولا يكتمل المشهد إلاّ حين نسجل خجلنا مما قامت به شرطة حماس في خان يونس أول من أمس حين قمعت بالقوة اعتصاماً بادرت إليه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احتجاجاً وإدانة للقصف الإسرائيلي بدون أن يحمل المعتصمون ما يفيد أو يشير إلى تأييدهم للنظام السوري. إذا كان هذا هو حال الأمة، فإن علينا جميعاً أن نعيد النظر فيما يجري في طول المنطقة وعرضها.

    زيــارات قطـــاع غـــزة
    حمادة فراعنة/الأيام
    تتقاطر الوفود البرلمانية والحزبية والنقابية إلى فلسطين لزيارة قطاع غزة لسببين أولهما للتضامن مع أهالي القطاع بهدف كسر الحصار الإسرائيلي الظالم المفروض تعسفاً على قطاع غزة، والمطالبة بإنهائه ووقفه، وأن لا يبقى أهل القطاع أسرى للبرنامج العدواني الإسرائيلي في مواصلة حشرهم واعتقالهم الجماعي، لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي ورغباته وخطواته وإجراءاته، بما يتعارض مع حقوق الإنسان وتطلعات الشعب الفلسطيني، لاستعادة حقوقه المشروعة الكاملة غير المنقوصة، في المساواة في مناطق 48 والاستقلال لمناطق 67 والعودة للاجئين.
    الهدف التضامني مع أهالي القطاع، لإبراز معاناتهم والتعاطف معهم والمطالبة بالإفراج وفك الحصار عنهم خيار صائب، وانحياز مشروع، يستحق الاحترام والتقدير لكل مبادر لهذا التوجه المطلوب، في وجه العدو الإسرائيلي المشترك وسياساته وإجراءاته وعدوانيته.
    أما السبب الأخر وراء تقاطر الوفود البرلمانية والحزبية والنقابية لفلسطين – قطاع غزة، فهو تأييد حركة حماس ودعمها والانحياز لخياراتها، وهو توجه يحمل من الخطيئة والإدانة ما يكفي، من أجل وقفها والخجل منها لأكثر من سبب :
    أولاً: لقد نفذت حركة حماس انقلاباً عسكرياً ضد الشرعية واستولت منفردة على السلطة في قطاع غزة، وعطلت وبدلت أجهزة الأمن والمجلس القضائي والمؤسسات الحكومية وجعلتها من لون حزبي واحد ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
    ثانياً: تتولى حكومة إسماعيل هنية وهي من لون حزبي واحد إدارة السلطة منفردة في قطاع غزة وتمنع أي نشاط سياسي أو حزبي للقوى السياسية الأخرى ولا تشركها في الإدارات الحكومية وفي سلطة وسلطات اتخاذ القرار، وهي بذلك لا تختلف عن وسائل وأساليب وهيمنة أحزاب حسني مبارك وعلي عبد الله صالح ومعمر القذافي وزين العابدين بن علي في مصر واليمن وليبيا وتونس، من سلطة الحزب الواحد واللون الواحد والرؤية الواحدة.
    ثالثاً: لقد انتهت ولاية الرئيس محمود عباس، وكذلك المجلس التشريعي الذي تستند إليه حركة حماس لمواصلة شرعيتها الدستورية، أو اغتصاب الشرعية تحت غطاء المجلس التشريعي الذي انتهت ولايته، ومع ذلك ترفض حركة حماس إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية، وهي التي أعطتها الشرعية القانونية والدستورية في تولي السلطة حينما حصلت على الأغلبية البرلمانية، وكلفها الرئيس محمود عباس بتشكيل الحكومة في شباط 2006، فكيف يمكن للزائرين الانحياز لسلطة ترفض إجراء الانتخابات وترفض الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وهؤلاء الزوار سواء كانوا برلمانيين أو حزبيين أو نقابيين وصلوا إلى مواقعهم القيادية عبر صناديق الاقتراع، وهم في نفس الوقت ينحازون لطرف سياسي يرفض الانتخابات ويرفض الاحتكام إلى صناديق الاقتراع ومبدأ تداول السلطة.
    ولهذا، ولهذه الأسباب وغيرها، إن دوافع هذه الزيارات من هذا المنحنى، لا تلبي تطلعات الشعب الفلسطيني ولا تخدمه بل وتكرس الانفصال وتكافئ الانقلاب وتعزز الانقسام ولا تستجيب لدعوات الوحدة في مواجهة العدو الوطني والقومي والديني والإنساني الواحد، ولا تدفع باتجاه الانحياز إلى الفعل الديمقراطي بإعلاء قيم التعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع وتداول السلطة وفق إفرازات الانتخابات ونتائجها، ولهذا كله يجب أن تكون مرفوضة وعدم الاستجابة لها، وهذا لا يعني مقاطعتها، بل يجب تحويل الزيارات إلى عناوين وشعارات واضحة ملموسة معلنة وهي:
    أولاً: رفض الحصار الإسرائيلي الظالم واستكمال خطوات الاستقلال لقطاع غزة كاملاً، والدفع باتجاه وضع برامج تنموية كي يتحول قطاع غزة إلى نموذج من الحرية والتنمية والتعددية.
    وثانياً: رفض الانقسام بكافة مظاهره ووسائله وأدواته، لا أن يتحول قطاع غزة إلى نموذج انقلابي إخواني أحادي من لون واحد، بل يجب دفع حركة حماس، ومطالبة قياداتها بالعمل على تجديد شرعية الرئيس والمجلس التشريعي عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية وصولاً إلى انتخابات المجلس الوطني حتى تكون كافة مؤسسات الشعب الفلسطيني ديمقراطية ومنتخبة وتقوم على التعددية التي تفرزها نتائج صناديق الاقتراع.
    لا شك أن الذي ينظم ويدعو لهذه الزيارات ويعمل على تنسيقها ونجاحها وتغطية دوافعها واحتياجاتها فصائل حركة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وتركيا والخليج العربي وأوروبا وغيرها، وهم بذلك يقومون بواجب حزبي لدعم رفاقهم في حركة حماس، كفصيل تابع لحركة الإخوان المسلمين، ولذلك فإن الأحزاب الأخرى والتيارات السياسية اليسارية والقومية والليبرالية مطالبة بالقيام بالدور القومي عبر المشاركة في هذه الزيارات، وتأدية الواجب دعماً للشعب الفلسطيني ضد العدو المشترك، وبعيداً عن سياسات الإخوان المسلمين الانفرادية الأحادية، وأهدافهم الحزبية ذات الطابع الاستئثاري الرجعي المرفوض.




    ضرب سورية: حماقة إسرائيلية من العيار الثقيل
    د. عبد المجيد سويلم/الأيام
    كما يعرف القرّاء فأنا لا أهيم حباً بالنظام السوري، وأعتبر أن هذا النظام هو المسؤول الأول والمباشر عما يتم وعما تم حتى الآن من تدمير هائل لهذا البلد العربي الشقيق، ومن تهديد خطير لوحدة ترابه الوطني، وتماسك مجتمعه الذي عرف على الدوام، مجتمعاً ينبض بالعروبة والوجدان القومي والأصالة الوطنية والتوق نحو التحرر والوحدة والحرية والديمقراطية. بل أعتبر أن النظام هو من أجّج الضغينة الطائفية، وهو بالذات الذي يقود البلاد إلى التقسيم وربما التمزق، أيضاً. ليس هذا فحسب بل إن النظام هو الذي رفض الحوار منذ البداية، وأدار ظهره للمطالب الشعبية واستخدم كل أشكال القمع والقتل بأبشع الصور وأكثرها دموية وقسوة. وهو نفس هذا النظام الذي استجلب من خلال تعنّته وغطرسته ودمويته بعض، إن لم نقل كل قوى التطرف ومهّد لها الطريق في مشهد هو أقرب إلى التفكير الجهنمي الذي حوّل غاية الحفاظ على النظام بكل مفاسده وهمجيته مبرراً لكل هذه الوسائل المنحطة في التعامل مع مطالب الكرامة والحرية التي نادى بها الشعب السوري الشجاع إلى أبعد حدود الشجاعة.
    ولكن ومع كل ذلك فإن دخول بعض الفصائل المسلحة على خط العنف الطائفي وبدء عرقلة كل المساعي العقلانية لوقف هذا الجنون والدعم الهائل الذي تتلقاه هذه الفصائل المتطرفة والمغرقة في تشددها ورجعيتها وتخلف مفاهيمها وأدواتها من قبل إمبراطورية الغاز المسيّل على هيئة مليارات وبدون حساب أصبح يلقي بظلال قاتمة من الشك على صيرورة الأهداف الوطنية والديمقراطية المعادية للنظام وجبروته وقسوة أساليبه القمعية.
    إسرائيل كانت سعيدة كل السعادة بهذا القتل الجماعي الذي يقوم به النظام، ثم زادت سعادة على سعادة بعد دخول الغاز دولار على خط العنف الطائفي، واحتدام الحرب حول كل شيء باستثناء الحرية والكرامة التي نادى بها الشعب السوري ودفع من أجلها بشجاعة نادرة ثمناً باهظاً للغاية.
    كل ما يهم إسرائيل هو تدمير الدولة السورية وتدمير وإضعاف الجيش السوري وتمزيق وتفتيت المجتمع السوري وتحويل إعادة اللحمة الوطنية إلى نوع من المستحيل.
    اختارت إسرائيل مساحة تدخلها في سورية وحددتها في إطار واحد ووحيد وهو "وصول" الأسلحة الحساسة بما فيها الكيماوية إلى حزب الله وإلى بعض المنظمات المتطرفة الأخرى في الداخل السوري.
    وإسرائيل والحالة هذه هي "الوحيدة" التي تحدد زمان (هذا الوصول) وهي الوحيدة التي تحدد مكانه، وبالتالي فهي وحدها من يحدد حجم الضربات ونوعيتها، والأسلحة المناسبة لهذه الضربات.
    إسرائيل "واثقة" من أن النظام قد ضعف إلى درجة يجعلها مطمئنة إلى "صحة" ما تقدم عليه وما تقوم به دون أن تدفع ثمناً يذكر ودون أن يشكل لها أي تهديد من أي نوع كان، خصوصاً وأن ردة فعل النظام أصبحت بالنسبة لها (أي إسرائيل) معروفة وروتينية حتى عندما كان النظام أقوى مما هو عليه الآن وبما لا يقاس.
    أزعم هنا أن الحماقة الإسرائيلية تكمن هنا بالذات وأزعم أن هذه الحماقة هي من النوع القاتل. كيف؟ ولماذا؟ إسرائيل تعرف أن هدف الضربة الأخيرة أبعد وأبعد بكثير من "تلفيقة" الأسلحة الإيرانية (الذاهبة!!) إلى حزب الله. النظام السوري يعرف هو بدوره أن القضية أبعد من ضرب (مستودع للصواريخ).
    إسرائيل تعرف أن النظام يعرف هدف الضربة وحجمها، والنظام يعرف أن إسرائيل تعرف أهداف الضربة وأبعادها، ولهذا فإن خيارات النظام باتت محدودة وفي أضيق الحدود وأصبح ظهر النظام إلى الحائط.
    إما أن يقبل النظام بلعبة نتنياهو والتي ستتحول إذا بقي النظام على "موّاله" القديم وجملته الشهيرة (ستردّ سورية على العدوان الإسرائيلي في الوقت المناسب) إلى نوع من التنكيل بالنظام قبل سقوطه الذي بات في ضوء واقع من هذا النوع حتمياً وأقرب من أي وقت مضى، وإما أن يعتبر النظام بأن لعبة نتنياهو واللعبة الإسرائيلية عموماً هي فرصته المواتية للإفلات من مصيره المحتوم.
    لاحظوا معي ردة فعل النظام هذه المرّة!!
    النظام وعلى لسان بعض المحسوبين عليه قال إنه سيرد على إسرائيل في أية مرة قادمة (وهذا كلام جديد وجديد جداً) وبأنه (أي النظام) قد أعطى الأوامر الآلية المباشرة للرد على أية مرة قادمة دون مراجعة أو طلب الأوامر (وهذا جديد وجديد جداً).
    النظام قال، أيضاً، إنه ومنذ هذه اللحظة سيزود المقاومة في لبنان وغير لبنان (بكل أنواع الأسلحة وتلك المتطورة منها) وهذا جديد وجديد جداً، إضافة إلى ما قاله النظام بأنه سيسمح لفصائل المقاومة الفلسطينية بالعمل من جبهة الجولان وهذا جديد، أيضاً.
    إذا استمر نتنياهو بلعبته في سورية فالنظام سينتحر عملياً إذا لم يرد، وإذا تراجع نتنياهو وتوقف عند هذه الضربة الأخيرة فإن النظام يكون قد حقق ردعاً لم يحققه في أي يوم من الأيام، وهو سيغتنم هذا الردع لتحويل (وصول الأسلحة إلى لبنان) (وفتح جبهة الجولان) سيفاً مسلطاً على نتنياهو وورقة في يد النظام وليس في يد إسرائيل.
    قد يكون النظام وصل إلى درجة متهالكة من الضعف وبالتالي ليس هناك من شيء يخيف نتنياهو، ولكن الوقائع على الأرض لا توحي بذلك، وأغلب الظن أن حسابات إسرائيل هذه المرة خاطئة بالجملة وصحيحة فقط في بعض أنواع المفرق ويبدو أن إسرائيل قد ارتكبت في الضربة الأخيرة حماقة كبيرة ومن النوع القاتل.

    طرطشات المال قادم مع كيري
    د. فتحي أبو مغلي/الأيام
    • ذكرت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية، ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري يعكف على إعداد خطة لإقامة مشاريع عملاقة تقدر بمليارات الدولارات في المناطق الفلسطينية بهدف منع انهيار السلطة الفلسطينية وخلق فرص عمل لآلاف العمال الفلسطينيين. اذا كان هذا كل ما سيأتي به السيد كيري في رحلته القادمة للمنطقة فاعتقد اننا نسير نحو تطبيق تصورات بيريس للمنطقة والتي مفادها تنمية اقتصادية وسلام اقتصادي وديمومة الاحتلال. نرى انه يتوجب على المستوى السياسي الفلسطيني أن يؤكد للجانب الاميركي ان السلام اساسه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة اما المشاريع العملاقة ومليارات الدولارات فهي لازمة وضرورية لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال 46 سنة وجزء من تعويضات الفلسطينيين على المعاناة التي تكبدوها ولا يزالون من ممارسات المحتل وتبقى الثوابت هي الثوابت امام المفاوض الفلسطيني كأساس للوصول الى سلام دائم وعادل.
    • لا تحتاج اسرائيل لتثبت انها بلد الفساد فأحصائياتها تتكلم عنها، فقد كشفت منظمة أبحاث السوق السوداء "هافُكسكوب"، ان عائدات اسرائيل من تجارة الفساد بأشكالها المختلفة بلغت 7.05 مليار دولار ناتجة عن تجارة المخدرات وصالات القمار وتزوير العملة وتجارة الاعضاء والاهم الدعارة حيث ان هناك بين 15 – 20 الف امرأة تمارس الدعارة ثلثهن من القاصرات.
    • نصف دول الاتحاد الأوروبي (بريطانيا وفرنسا وهولندا والنمسا وإسبانيا والدنمارك ومالطا ولوكسمبرغ وبلجيكا وفنلندا وإيرلندا وسلوفينيا) أبلغت وزيرة الخارجية كاترين اشتون، دعمها لقرار وضع علامات خاصة على منتجات مستوطنات الضفة والقدس، من قبل شبكات التسوق العاملة على أراضيها. اذا كان هذا موقف اوروبا من منتجات المستوطنات الاسرائيلية فما هو موقف مواطننا من كافة المنتجات الاحتلالية، الا يشجعنا القرار الاوروبي على اتخاذ قرار شعبي وطني بمقاطعة المنتجات الاسرائيلية بشكل كامل؟.
    • اكد نتنياهو خلال لقائه مع مسؤولي وزارة خارجيته، ضرورة التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين، بشكل يضمن منع تحويل إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، كما طلب من الدبلوماسيين التركيز على الترويج لفكرة ان أساس الصراع لا يدور حول المستوطنات ولا الحدود الجغرافية، وإنما حول وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية. فهل اكدنا نحن مثلاً ان اساس الصراع هو احتلال اسرائيل لكامل التراب الفلسطيني وطرد وذبح اهلها وان حل الدولتين يعني تنازل الفلسطينيين عن 76% من وطنهم مقابل السلام ولكن لا سلام دون الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية وبعودة اللاجئين واطلاق سراح الاسرى وتثبيت حقنا في مياهنا وازالة المستوطنات؟ وهل يجرؤ وفد مؤتمر قمة قطر على طرح هذه الثوابت على كيري؟


    أطفال "غرنيكا" السورية
    ليانة بدر/الأيام
    من الذي لا يعرف اللوحة الخالدة التي رسمها بيكاسو لمذبحة الفاشيين لأهل قرية غرنيكا خلال الحرب الأهلية الإسبانية؟
    صنع بيكاسو العشرات والمئات من اللوحات التي ظل يرسمها على مدار أشهر قليلة محاولاً إعادة تركيب ما جرى في القرية من قتل واستباحة للمدنيين، وفي النهاية جمع منها العناصر التي شكلت لوحة غرنيكا المؤثرة. الأجساد القتيلة جنباً إلى جنب مع الخيول الذبيحة. السكين المحلق في الفضاء والوجه الآدمي الطائر في الهواء صارخاً بالأسى والرعب. المصباح المضيء منفصلاً عن قاعدته وطائراً في فضاء دبق إثر التفجيرات.
    صنع بيكاسو لوحة "غرنيكا" التي لا يمكن لأي منا أن يغمض العينين ولا يراها محلقة تطوف في الهواء حاملة عار الإنسانية التي شاهدت مذابح الفاشيين وسمحت بأن يجري ما يجري.
    جثث الأطفال في عين البيضا حافظت على جمالها وبراءتها حتى حينما اصطفت في حلقات ورزم إثر إبادتها وقتلها. من يصدق أنه يمكن لأطفال أن يحتفظوا بالجمال رغم تحويلهم القسري إلى جيف؟ وسط أكوام جثثهم لأول مرة نشاهد جمالاً يتحدى أزهار الربيع البرية التي لم تجف بعد. ترسم ملابسهم الملونة وصنادلهم وأقدامهم الحافية أقواساً من الأمل المسحوق بأدوات الموت لنعرف كم من أغنيات قُتلت في مهدها، وكم من الضحكات والألوان قد انتهت من سجل البشرية عبر موتهم الهمجي. وكم ارتدّت البشرية الحالية إلى عار لا يغفر حين تغض الطرف عن قاتليهم وكان ما يجري محض نتيجة لمعركة اعتيادية؟ معركة بين من؟ بين شبيحة متحدرين من نسب دراكولا وبين أطفال. يا إلهي! مجرد أطفال. أولاد وبنات لا يتجاوزون الرابعة أو الخامسة أو أقل. ومجموعة الشبيحة التي قامت بها ترسل بصورها القتالية إلى الشاشات الإلكترونية كي تثبت خلودها الوحشي ككل نفس دنيئة لامبالية تعتبر قتل الأطفال مجرد نزهة أو ملهاة.
    لن أقول إن صور القتلة الباسمين وهم يحملون كلاشنكوفاتهم وسكاكينهم ذكرتني بالأفراح والاحتفالات وحفلات عزف الجيتار والرقص التي حملتها صور الفاشيين في مخيم ضبية والكرنتينا وجسر الباشا وتل الزعتر خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
    لن أقول إنني للمرة الأولى في حياتي أشعر بأن لوحة غرنيكا ما عادت تعبر عما يجري من قتل وجريمة في سورية، لأن الفاشيين هناك في تلك الآونة كانوا يعترفون بأنهم قتلة، ولأنهم لم ينكروا ما اقترفوه.
    الجديد في سورية وفي مذبحة عين البيضا وبانياس والمذابح التي سبقتها أن النظام يستخدم مبدأ cut and paste " "حيث يقترف جرائم الهول ثم يُلصقها بإرهابيين أو أشباح تحافظ على سمو طهارته المزعومة. النظام لا يدنس الأطفال وحدهم ولا المشهد الطبيعي ولا الوصف الإنساني فقط، وإنما يقتل النظام اللغة، أيضاً، ويذبحها بسكين الكذب الجائر من دون رحمة. النظام يسهم في جعل اللغة العربية التي كبرنا على جمالها مستودعاً جاهزاً للكذب والجريمة.
    النظام يدعي منذ سنوات أنه يحمي سورية ويدافع عنها فيما يرسل جيوشه ومدافعه وصواريخه القتالية ودباباته إلى أطفال صغار ما زلنا نسمع صدى أغانيهم وضحكاتهم وأصواتهم المزقزقة حتى بعد موتهم المرعب.
    النظام يرسل إلى إسرائيل التي تقصف سورية بطيرانها الحربي جملةً وحيدةً مقتطفةً من اللغة العربية التي نحبها، جملة مدنسة بالكذب والنفاق، وهي أنه "سيحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب"، أما أي رد وما معنى المناسب، فيمكننا أن نفهم فوراً حين يعلن النظام العبقري ذاته أنه يفتح حدوده أمام الفلسطينيين "أح..." سأقولها بالعامية. ولماذا "الفلسطينيون" الذين شحنهم النظام إلى الجولان بالمئات كي يقتل الأعداء مجندي جيش التحرير في الحروب السابقة بمجانية كاملة ودون أن ترمش لهذا النظام عين أو رمش ؟!
    النظام! لن أتكلم عنه لأن أفعاله وجرائمه في التواطؤ ضد الفلسطينيين على مر عقود معروفة أصلاً.
    النظام!! الذي أدار معارك المخيمات اللبنانية العام ١٩٨٤، وأفرغ صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة وغيرها من سكانها الفلسطينيين، إما قتلاً أو تهجيراً أو إبادة وهدماً، لا يشبع من ازدراد الكذب وبلعه.
    النظام مثل ديناصور متوحش معروف ومكشوف تماماً.
    بقي عليه فقط استباحة اللغة أكثر وأكثر كي يعلم من لا يعلمون، سواء أكانوا في سورية أم خارجها، أن التاريخ يرسم خطوطه التي لا تُمحى حين تتجاوز الجريمة كل ما سبق في تاريخ الجنس البشري، وأن أطفال عين البيضا رسموا بتوهج أجسادهم الصغيرة المذعورة ودمائهم التي تلطخ ملابسهم نهاية نظام متوحش يتخبط مثل ثعبان سام يلدغ نفسه بنفسه لفرط جنونه.

    جرائم وحشية .. إلى متى؟!
    راسم عبيدات /القدس
    جرائم وعمليات القتل وأيا كانت الذريعة أو السبب،فهي لا يمكن تبريرها أو التماس العذر لها،فهي جرائم بوهيمية ووحشية وتعبير عن حالة بدائية بامتياز،يرتكبها اناس فقدوا وتجردوا من كل معاني الإنسانية،وتحولوا الى وحوش وذئاب بشرية،وهم أناس تسيطر عليهم غرائز حيوانية، يؤشر الى أزمات إجتماعية عميقة في المجتمع،وقتل الطالبة الجامعية ميناس قاسم،أي كانت دوافعه وأسبابه فهو جريمة بشعة،تؤشر الى عمق تفككنا وتحللنا الإجتماعي،وما آل إليه المجتمع من إنهيار قيمي وأخلاقي،والجريمة المرتكبة أيا كانت دوافعها وأسبابها،فهي عدا عن كونها قتل خارج القانون،أو أنها متعارضة مع كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية،فهي تأتي في ظل حالة من الفلتان وإنعدام الأمن والأمان التي يشهدها مجتمعنا الفلسطيني،وغياب السلطة والقانون والمحاسبة الرادعة لمرتكبي مثل هذه الجرائم،والتي إن كانت ضحيتها امرأة أو فتاة تغلف زورا بغلاف الشرف،في ظل وضع يغتصب فيه شرف الأمة من محيطها الى خليجها وتدنس مقدساتها دون أن نحرك ساكناً،بل ونتجند للمساهمة في عملية الاغتصاب تلك،كما يجري الان في الشام،حيث نجد التصفيق والفرح والإبتهاج من عربان الردة للقصف الإسرائيلي على الشام،والتغليف هنا حتى يتم تبرير عملية القتل وتخفيف الحكم بحق القاتل،أي منحه رخصة لارتكاب الجريمة،وتشجيعا لغيرة على ارتكاب جرائم مشابهة.
    وفي الوضع الفلسطيني الراهن،ومع دخول مجتمعنا الفلسطيني مرحلة الاستنقاع أو ما بعدها،أي مرحلة الانهيار الكلي والشمولي، لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن حوادث عنف في المجتمع الفلسطيني جريمة قتل هنا واختطاف هناك واحتراب عشائري وقبلي مقيت،إبتزاز وزعرنات وعربدة وبلطجة وتعد على الحقوق والكرامات للناس،ويبدو أن القدس لا يكفيها ما فيها،والتي تصبح وتمسي كل يوم على إستيطان وهدم وإقتحامات....، لكي نساهم بأيدينا في حالة تدميرنا الذاتي،حيث أصبح القتل يتم بشكل سهل وعلى أتفه الأسباب وبدم بارد.
    والعنف والجرائم تتصاعد وتزداد حدتها ووتيرتها في مجتمعنا المقدسي،رغم أن المنطق والعقل يقول،أنه يجب ان تنخفض الى أدنى مستوياتها ومعدلاتها،لما يمارس ويرتكب من جرائم بحقنا من قبل الإحتلال،ولكن يبدو أن العصبوية القبلية والجاهلية وإنعدام القيم والأخلاق والتي وصلت حد الأزمة الشاملة،والتفكك المجتمعي والأسري،وغياب الردع والمساءلة والمحاسبة الحاسمة،هي من تساهم في تصاعد وتفاقم مثل هذه الظواهر، وهي لم تكن مؤثرة وفعالة في لجم ووضع حد لهذا الرعاع الهائج عن الإستمرار في عنفه وجرائمه،ونحن نشهد جنوحاً ورجوعاً وإنسحاباً كبيرين نحو الجاهلية والقبلية والعشائرية،وهذه الحوادث والجرائم التي تتصاعد يوماً بعد يوم في مجتمعنا الفلسطيني تنذر بعواقب وخيمة على النسيج المجتمعي الفلسطيني الآخذ في التفكك والانهيار.
    وهناك من يرجع حوادث العنف والجرائم تلك بأشكالها ومظاهرها المتعددة(عنف جسدي ونفسي واجتماعي وعاطفي ولفظي ) إلى عامل رئيس ألا وهو وجود الاحتلال الإسرائيلي،هذا الاحتلال الذي يمارس كل أشكال وأنواع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني من قتل واعتقال ومصادرة أراض وهدم منازل وحصار وتجويع وعزل وجدران وغيرها،فهذه الجرائم تخلق حالة واسعة من الإحباط واليأس والضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية،والتي تنفجر على شكل سلوك عنيف وعدوانية بين مختلف فئات الشعب الواحد،فالانتظار على الحواجز العسكرية لساعات طويلة على سبيل المثال لا الحصر،من شأنه دفع الناس إلى ممارسة العنف سواء اللفظي أو الجسدي،وانتظار الأهالي أمام بوابات السجون الإسرائيلية لساعات طويلة من أجل زيارة أبنائهم الأسرى قد يفضي للنتائج ذاتها،وكذلك سياسة الحصار والتجويع تؤدي نفس الغرض،فنحن ندرك أن الاحتلال يعمل بشكل ممنهج ومنظم على تخريب البنية الاجتماعية الفلسطينية كاملة،وله الدور الرئيس والهام في هذا الجانب،ولكن ليس الاحتلال وحده من يتحمل المسؤولية في هذا الجانب فلا شك بأن الجهل والتخلف والمواريث الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية المتخلفة وغياب الوعي وانتشار ثقافة الدروشة والتكفير والتخوين وعقلية امتلاك الحقيقة المطلقة وشيوع المفاهيم الخاطئة في التربية،وكذلك انفصال العقيدة عن السلوك والتدين عن الأخلاق،كلها من العوامل التي تدفع نحو انتشار مظاهر العنف في المجتمع الفلسطيني على نطاق واسع،وخاصة إذا ما ترافق ذلك مع غياب للسلطة والعناوين والمرجعيات وشيوع الفلتان بأنواعه وأشكاله المختلفة،وتسييد ثقافة البلطجة والزعرنة والاستزلام.
    ولعل ما ارتكب من جريمة قتل بشعة بحق الطالبة ميناس قاسم،تستدعي من كل الغيورين على مصلحة الوطن والقدس من قوى ومؤسسات وعشائر وفعاليات ورجال دين وإصلاح وغيرهم،الجلوس والتفكير بشكل جدي،في كيفية لجم ومحاصرة مثل تلك الظواهر،ووضع حلول جذرية لها،بعيداً عن الديباجات والشعارات والحديث عن الصلح والكرم العربي الأصيل،وغير ذلك من عبارات النفاق والدجل والتي لا تصمد على أرض الواقع،فالمطلوب هنا حزم وقانون يسري على الجميع،بعيداً عن أية حلول تخلق ظلماً اجتماعياً أو شعورا بالغبن عند هذا الطرف او ذاك.
    وممارسة العنف في المجتمع الفلسطيني لا تقتصر على شكل واحد من أنواع العنف والسلوك العدواني،والذي نرى تجسيداته وتجلياته العملية من خلال جرائم القتل والخطف والتخريب والاقتتال والاحتراب العشائري والشللية في المدارس القائمة على العشائرية والجهوية والبلدية،بل ونرى ان هذا العنف يمتد ليطال النساء والأطفال،وفي هذا الجانب نسجل بأن البعض يرجع العنف الممارس بحق المرأة مرده إلى حالة الإحباط واليأس وتردي الأوضاع الاقتصادية والتي تضطر وتدفع بالرجل إلى ممارسة والقيام بسلوك عدواني تجاه زوجته او أخته أو ابنته،ولكن يضاف الى ذلك الثقافة الأبوية والتسلطية والقمعية السائدة في المجتمع وما يرافق ذلك من نظرة وتقاليد اجتماعية بالية ودونية للمرأة ككائن بشري،حتى أن البعض لا ينظر ويتعامل مع المرأة فقط على أساس أنها "فقاسة دجاج" ومكانها الوحيد هو المطبخ،بل وأبعد من ذلك كبضاعة وسلعة يستبدلها متى يشاء،أو رجس ونبتة شيطانية،فهو عندما يتحدث عن المرأة يقول "أجلكم وأعزكم الله"،والعنف بحق المرأة ليس حكرا على العنف اللفظي بل يمتد للجوانب الجسدية والاقتصادية والعاطفية،حيث يحرم الكثير من الأزواج زوجاتهم من التحكم في مرتبها اودخلها ،وفي الجانب العاطفي نشهد تزايداً في الاعتداءات الجنسية.
    لن ينقذنا من هذا العنف الاحتلال وأجهزته الشرطية،فهو الذي يوفر كل المقومات لاستمرار العنف في مجتمعنا،هو وأدواته المأجورة من يوفرون السلاح المشبوه والسموم ويغذون قضايا الاحتراب والخلافات العشائرية والطائفية،فشرطة الاحتلال التي تحضر أو تستدعي لفض أي اشتباك أو احتراب اجتماعي عائلي أو عشائري،تنتظر حتى نهاية أو هدوء الاشتباك أو الاحتراب العائلي والعشائري ولسان حالها يقول "فخار يكسر بعضه" والكثير من الجرائم والاعتداءات تسجل ضد مجهول ولا تحل ألغازها،ولكن إذا ما تعلق الأمر بعمل مقاوم أو سلاح نظيف،فقوات الاحتلال وشرطته توصل الليل بالنهار من أجل معرفة من يقف خلف تلك الأعمال أو السلاح،وكذلك مشكلة العنف لا تحل بالندوات والمحاضرات وورش العمل واللقاءات المتلفزة وفنجان القهوة ونشر الصكوك العشائرية في الصحف والحديث عن التسامح والكرم العربي الأصيل مع التقدير لكل جهد أو نشاط يبذل في هذا الاتجاه،وعلاجه ليس مسؤولية القادة والزعماء وحدهم،بل هو مسؤولية جماعية تبدأ من رب الأسرة وتنتهي بأعلى سلطة سياسية واجتماعية ودينية وتربوية،وجوهر الحل يكمن في التوعية والتثقيف من خلال المناهج التربوية والتعليمية،وسن تشريعات وقوانين رادعة في هذا الجانب،فالعنف بقصد أو دونه يصب في خانة الخدمة المباشرة للاحتلال،وهو تمرد وخروج عن كل قيم وأخلاقيات شعبنا الوطنية والاجتماعية والدينية وغيرها.
    ونحن نفهم أن مجتمعنا الرازح تحت الاحتلال ينقصه الكثير من الأماكن أندية ومؤسسات ثقافية واجتماعية وفنية يفرغون فيها الكثير من طاقاتهم،ولكن هذه المؤسسات بالحد المتوفر منها تقع عليها مسؤولية كبيرة،في وضع ورسم خطط وبرامج تسهم في توعية الشباب وتثقيفهم،والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم وتفريغها في مجالات تنتشل مجتمعنا من براثين الجهل والتخلف والعشائرية والقبلية والطائفية والانهيار....الخ.
    والعنف دائماً وأبداً ليس سلاح الأقوياء،بل لغة الخائفين والعاجزين وهو ليس شرفاً ورجولة،واستمراره وتصاعده بوتائر عالية وغير مسبوقة في مجتمعنا الفلسطيني،أصبح يهدد وجودنا كأفراد وشعب،وهو رديف لسياسة فرق تسد والفوضى الخلاقة التي تمارسها قوى الاستعمار والاحتلال بحق شعبنا وأمتنا العربية،فلنعمل بشكل وجهد جماعي من أدنى درجات السلم حتى أعلاها لمحاربة واجتثاث هذه الظاهرة المدمرة.

    صيحة من أجل العراق
    الحسن بن طلال/القدس
    تدور في ذهن كل منَّا هذه الأيام مشاغل أمتنا العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج، وأحوال أمتنا الإسلامية الموزعة في كل أركان الأرض. وأسباب المشاغل مختلفة، ولكنها متشابهة في سلبيتها، للأسف الشديد. وكل المفاهيم التي نحاول أن ننظّر من خلالها لما يدور حولنا من أحداث، غير كاف لبناء سرد ناظم للأسباب، على الرغم من أنني أشدد على جانب التفاؤل دوماً في محاولة تفسيرها، بالسعي لمعرفة جوهر المشكلات وكنه التحديات.
    اليوم
    واليوم عندما أكتب، أو أوجه نداء من أجل العراق، فأنا أدرك حجم الحساسية التي قد تتولد من صيحة عاقلة في ظل الظروف المشحونة بالعواطف، وما يمكن أن تذهب إليه التكهنات حول الأسباب والدواعي، لكن العزاء في أنني دائماً أكتب عن العراق وغير العراق من بلاد وطننا العربي الكبير، وكثيراً ما أوجه النداءات للأشقاء العرب للتضامن أمام التحديات التي تواجههم، والتعاون في صد التعديات التي تجابههم. وعليه، فليقرأ الناس صيحتي اليوم على هذا الأساس الراتب من الانشغال المصيري بقضايا الهمّ العام لأمتنا العربية.
    نعم، تحدثنا وكتبنا ونبهنا ووجهنا النداءات وحذرنا كثيراً من أن وحدة العراق ينبغي أن تكون خطاً أحمر، وأن ممسكات الوحدة الوطنية العراقية خط أحمر، وها نحن نعيد الحديث نفسه، ليس حباً في التكرار ولكن تأكيداً على نهجنا المعروف في فهم الأمور وتحليلها، حيث كنا ندرك أن الوضع المثالي الذي يتمتع به العراق قد تؤثر عليه الحادثات، وكأن هناك مؤامرة كبرى خفية تخطط للإيقاع بنا جميعاً كأمة ممتدة في نزاع شامل تحت مسوغات واهية، تلك المؤامرة التي تبدو ظاهرة للعيان في بلادنا القريبة والبعيدة، وتتبدى في بعض ما تعانيه شعوبنا من مصاعب لا تخفى على عين كل محب لعروبته.
    ونعم، إن ما يمر به العراق الآن من ظروف صعبة وتحديات جمة، يجعلنا نصر على أن نرفع صوت العقل والحكمة، وألا نجعل الضيق الذي نستشعره جراءها، ومهما كانت درجته، يقودنا إلى اختيارات خطأ لا تحمد عقباها، فما زال لدينا متسع من الوقت، وما زلنا نتأمل الخير في الجميع ومن الجميع ولأجل الجميع، اللهم إلا من لا نحسب أنهم من أبناء العراق، ممن ارتبطت مصالحهم بأجندات الخارج والعابثين بأمن العراق الوطني واستقراره الاجتماعي، ولا أظن أن من ينتمي للعراق بحق سيكون من بين هؤلاء، أو مؤيداً لمؤامرتهم على وطنه.
    لقد كان العراقيون منذ فجر التاريخ أسرة واحدة وما زالوا، وسيبقون -بإذن الله- يتنادون إلى تعزيز وحدتهم أكثر كلما أطلت بوجهها التحديات، ويتكاتفون في الأزمات، ويتآزرون في لحظات الخطر. ولأن العراقيين، بفئاتهم المختلفة وتنوعهم الغني وتعددهم الفريد، لا وجود لهم كعراقيين إلا بهذا الوطن، العراق، الذي ينبغي أن يحافظوا عليه بتضامنهم ووحدتهم، مثلما حافظ عليه آباؤهم وأجدادهم بالمهج والأرواح والعمل الجاد، آملين أمناً واستقراراً في الحاضر، ورقياً وازدهاراً في المستقبل.
    وهذا لا يعني أنهم كانوا فوق البشر، ولا القصد منه أنهم منزهون عن الخطأ، ولكن لأنهم كانوا، طوال تاريخهم المديد والمجيد، يمتلكون القدرة على تجاوز المعضلات التي تعترض سبيلهم بحصانة المشترك بينهم وضمانات الانتماء، ويتكاتفون أكثر بما يجمع بينهم، باعتبارهم كشعب عراقي شركاء بالتساوي والعدل في ما يصيبهم من ضُر وفي ما يحصلونه من خير.
    وما يجري اليوم
    وما يجري اليوم في المشهد السياسي العراقي، رغم ما يكتنفه من صعوبات، ينبغي أن يعطي فسحة للأمل، وفرصة للإصلاح، ودفعة لتخطي التحديات، إذا ما استمرت حكمة العقلاء، أو تحكم أهل الحل والعقد بمفاصل الحل، من خلال رؤية موضوعية وتصور مشترك، لتصويب منهاج الحوار الوطني الموضوعي، وترتيب طرائق النقاش العام العقلاني، وتعديل ما يعوج من مسارات المعالجات، وتقويم ما ينحرف من اتجاهات الفعل الجماعي القاصد بتمامه مصالح الوطن العراق وخير المواطن العراقي.
    إن أحد أهم الخطوات الإصلاحية المطلوبة من عقلاء العراق هو المحاولة المستمرة لإنقاذ مفهوم المواطنة العراقية من أي أضرار يمكن أن تلحق به، فالمبادئ التي تأسس عليها العراق ينبغي أن تظل راسخة رسوخ الإيمان بها والتمسك بأهدابها وأهدافها، خاصة طريقة العراقيين في التفكير كشعب واحد موحد، وكيف يجعلون كلمتهم مشتركة في العملية السياسية، مما يمكنهم من تجاوز أزمات السياسة والاقتصاد والاجتماع، التي تطل برأسها بين الفينة والأخرى.
    يجب أن تتوافر لدى كل الأطراف كل الخيارات العقلانية ذات الصلة بمصلحة العراق، والإجراءات العملية الخاصة بعملية الإصلاح التي يطالب بها الناس، والتي بدورها لديها ما تفعله مع السعي لتحقيق الغايات الجماعية لهذا الإصلاح. ولا يوجد أحد يجادل ضد الأولوية القصوى لهذا الإصلاح والسعي لتحقيق غاياته، إذ إن كل من يفعل ذلك فهو آثم بحق الوطن، ومصالح المواطن، ويزداد الإثم إذا كانت الشهادة على عملية الإصلاح، التي تحدد مستقبل البلاد وتقرر مصير العباد، مجروحة السند أو منقوصة العدد.
    وإذا كان كل المطالبات بالإصلاح على حق، سيكون الساكت عنها كالناطق بالباطل. فلماذا يسيء بعض العراقيين تفهم البعض الآخر؟ ألا يدركون أنه قد تعب في بناء هذا العراق الوطن الآباء والأجداد، فهل يعقل أن يضيعه الأحفاد؟ وهل يدركون ويتداركون واقعهم ويقدرون حجم خسارتهم، لا سمح الله، إن ساروا على نهج غير الذي وضعوه؟
    وهذه الأسئلة الحرجة ينبغي أن لا تُنسي الجميع الدور الذي بُذل ولايزال يُبذل من العقلاء والحكماء لإيجاد الحلول التي يتوافق عليها العراقيون للخروج بوطنهم من كل معاناة يكابدها، أو تحديات يواجهها، أو التعاون على تطلعات خيرة يسعى لتحقيقها، أو مراقٍ عليا ينهض لبلوغها، ولا يزال هذا الدور معقد الآمال، ومحط الرجاء، الذي نسأل الله ألاّ يخيب.
    الجميع
    فالجميع مطالبون بضرورة أخذ الحيطة والحذر في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العراق والمنطقة، وعدم السماح للمصطادين في الماء العكر من تحقيق أهدافهم وزرع الفتن بين أبناء الوطن الواحد، وذلك بالتمسك بالثوابت العراقية الوطنية، التي تشكل استمرارية وجود العراقيين المشترك، ووضعها نصب أعينهم، والعمل بما يؤكد ولاءهم لها، والتزام قيم الحوار، الذي لا بد أن يأخذ الشكل الصحيح، الذي يفضي للنتائج الصحيحة.
    لهذا، فإن كل أهل العراق بحاجة للحكمة والعقلانية وليس للمشاعر والعواطف الطارئة، وهم بحاجة لضبط النفس والتكاتف والتآلف ووحدة الصف، وقطعاً ليس للانفعالات الملتهبة ودعوات التفرق والتشرذم. وفي الوقت نفسه، عليهم الاستعداد الدائم لطوارئ الأيام ومحدثاتها، فما حدث في السنوات الماضية هو امتحان عسير لهم جميعاً، وطريق جديد يعيدون به اكتشاف قدرتهم في التعامل مع الأزمات، وثباتهم على الاهتزازات التي يمر بها العراق، مثلما تمر بها أقطارنا العربية الأخرى.
    إنني أوجه دعوة صادقة، وصيحة حرَّى، إلى أهلي في العراق جميعاً ألا يقعوا في أتون الفتنة، التي من السهل جداً إشعالها ولكن من الصعب إطفاؤها مهما عملوا، لأنه عندما تكون النفوس مشحونة والعقول مغيبة، قد يصعب على الجميع إيجاد المخرج. ولأنه إذا لم يعقل العراقيون واقعهم، ويجمعوا أمرهم، ويوحدوا صفوفهم، ويتعقلوا في خياراتهم، ويبذلوا كل الجهود المخلصة من أجل المصلحة العامة، سينجرفون إلى ما لا تحمد عقباه. لذا، نأمل أن تكون السماحة الاجتماعية مقصدهم، والحكمة مدخلهم، والعقلانية ديدنهم، مع البصيرة الثاقبة، وكل التجرد والموضوعية.
    وجه أخر شنيع للمؤسسات الدولية في قطاع غزة
    عمر شعبان/وكالة معا
    لا شك أن الانقسام الفلسطيني و الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة قدما فرصاً ذهبية لبعض المؤسسات الدولية و موظفيها للإستفادة بشكل هائل من التمويل الدولي و العربي الذي تم ضخه لمواجهة آثار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. كثير من المؤسسات الدولية التي كانت على وشك الإفلاس فتحت مكاتب لها في قطاع غزة كي تستفيد من حصة التمويل الدولي و الإسلامي المخصص لقطاع غزة. هذه المؤسسات لا تستفيد فقط في تمويل مكاتبها في الاراضي الفلسطينية بل تخصص نسبة لا تقل عن 30% لدعم مكاتبها الرئيسة في بلدانها. تصنف بعض المؤسسات الدولية منطقة قطاع غزة كمنطقة عمل خطرة رغم مجافاة الواقع لهذا الزعم. إن الخطر الأساسي الذي يجعل قطاع غزة منطقة خطر هو الإجتياحات الإسرائيلية المتوقعة وعمليات الاغتيال التي تقوم بها القوات الإسرائيلية من وقت لآخر رداً على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، وهو ما انخفض كثيراً في الشهور الماضية.
    يتقاضى موظفو المؤسسات الدولية العاملون في قطاع غزة مخصصات ضخمة مقابل ما يسمى "بدل مخاطر"، لذا فإنه من مصلحة بعض المؤسسسات الدولية و بعض موظفيها، خاصة الذين يعملون في مجال الأمن، أن يتم تضخيم المخاوف الأمنية بما يمكنهم من تسويق تبريرات حصولهم على هذا المخصصات و ضمان وظائفهم لأطول فترة ممكنة. إن تضخيم المخاوف الأمنية يصب في مصلحة بعض المؤسسات و موظفيها و يسبب إساءة شديدة لفلسطينيي قطاع غزة، و يرسم صورة قاتمة عن الحياة في القطاع و هو ما ينفيه الواقع. فعدد الحوادث التي تحدث في قطاع غزة هي أقل بكثير جدا من نظيرتها التي تحدث في أكثر عواصم العالم أمناً.
    نتفهم جدا المخاوف الامنية للمؤسسات الدولية ، لكن أن يصل الأمر ببعض المؤسسات الدولية أن تتصرف كأنها كيانات مستقلة داخل قطاع غزة وبطريقة إستعلائية و متعجرفة، فهذا يتناقض مع أبسط أسس العمل الإنساني الذي تطرحه هذه المؤسسات في برامجها و ينتهك أصول الضيافة و الإحترام التي يكنها فلسطينيو قطاع غزة تجاه هذه المؤسسات.
    منظمة الأونسكو في غزة أقامت بوابة صغيرة لا يزيد عرضها عن 60 سنتيميتر بداخلها عمود دوار يسمح بدخول شخص واحد فقط. هذه البوابة تلزم أي شخص يرغب بالدخول إلى جنة الانسكو أن يسلم نفسه لهذه البوابة كي تدور به لتلفظه إلى الناحية الثانية بعد التأكد من نقائه أمنياً. هي بوابة مشابهة تماما للبوابات الدوارة التي تستخدمها الحكومة الاسرائيلية على معابرها مع الاراضي الفلسطينية. يبدو أن الأونسكو، وهي إحدى منظمات الأمم المتحدة قد قررت أن تنقل تجربة الاحتلال الإسرائيلي في تنظيم حركة الفلسطينيين على المعابر. لكن الحق يقال أن بوابات الاحتلال الاسرائيلي بكل قسوتها هي أكثر رحمة و رأفة من منظمة الأونسكو، حيث أن البوابات المستخدمة على المعابر الاسرائيلية أكثر رحابة و إتساعاً من بوابة الأونسكو.
    قبل عدة أعوام مرت سيارة تابعة للصليب الاحمر في قطاع غزة على لغم أرضي كان مزروعا على طريق بيت حانون، و هو حادث استنكره المجتمع الفلسطيني بشكل حاد. إلا أن مدير الصليب الأحمر في ذلك الوقت قرر أن يصادر نصف مساحة الشارع الممتد أمام مقر الصليب الأحمر السابق في شارع الجلاء بغزة مانعاً السيارات من التوقف أمام المقر. إن تصرف مدير الصليب الأحمر في حينه لم يختلف عن سلوك المستوطنين الاسرائيلين الذي يقومون بمصادرة عشرات الدونمات الزراعية في حال تعرض أحدهم إلى رشق بالحجارة. هذا ما قلته لمدير الصليب الاحمر الأسبق في محاولة لاستنكار هذا السلوك الذي يتناقض كلياً مع فلسفة عمل الصليب الأحمر، المؤسسة التي أسسها طبيب سويسري كي تعمل فقط في مناطق النزاع .
    كيف يمكن لمؤسسة تتبع منظمة الأمم المتحدة التي تأسست في أربعينات القرن الماضي من أجل حماية السلم العالمي و مشاركة الشعوب المغلوبة على أمرها هموها، أن تقوم بهذ السلوك المشين، سلوك يفوق في قسوته نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، و كيف يمكن لهذه المؤسسات الأممية أن تطرح موقفا رافضا للإجراءات الإسرائيلية على المعابر و هي تمارس نفس السلوك و بدرجة أكثر بشاعة. أي فهم يحكم الموظف الأممي الذي تفتق عقله عن فكرة تركيب بوابة بمثل هذه البشاعة على مقر الأونسكو! كيف سمح هذا الموظف لنفسه بأن يبني هذه البوابة اللعينة بينه و بين مواطني قطاع غزة في حين ينص عقد وظيفته على خدمتهم و ليس إذلالهم! مثل هذه الموظف الذي يتمتع بكرم و احترام أهل قطاع غزة، كان يجب عليه ان يقابل المعاملة بالمثل !
    يبدو أن كثير من موظفي الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية بحاجة ماسة إلى "إعادة تثقيف" و قراءة لأبجديات العمل الانساني و الأممي في مناطق النزاعات. عليهم أن يعرفوا أن أفضل أنواع الحماية هي تقدير المجتمع الذين يعملون معه و ليس من خلال الانفصال عنه و ممارسة سلكويات عنجهية و إستعلائية تمس كرامتهم، ألا يكفي قطاع غزة الحصار الإسرائيلي لتأتي مؤسسة أممية لتمارس نفس السلوك.
    يبدو أن السيد بان كان مون، أمين عام منظمة الامم المتحدة الذي وصفته في مقال سابق بأنه رجل لا طعم له و لارائحة، لا تشعر به إذا حضر و لاتفتقده إذا غاب، يسعى مع موظفيه إلى تحويل مكاتب الامم المتحدة في العالم إلى ثكنات عسكرية بعد أن نجح بشكل مرموق في تحويل منظمة الأمم المتحدة من مؤسسة تعمل على منع الصراعات و تحقيق العدل في العالم إلى شركة مقاولات كبيرة.
    على منظمات المجتمع المدني و الحكومة و الشعب في قطاع غزة التعبير بقوة عن رفضهم الشديد لهذا السلوك المعادي ليس للمجتمع الفلسطيني فقط بل لمبادئ تلك المؤسسات ذاتها.

    الاعتذار للصحافيين: من يعتذر للمواطنين ويقدم المعتدين للقضاء؟
    مصطفى ابراهيم/وكالة معا
    حق الناس في الاعتصام والتظاهر والتجمع السلمي مكفول وفق القانون، ومن حق الناس التعبير عن ارائهم بحرية ومن دون قمع او تقييد، فالاعتذار الذي قدمه بعض المسؤولين في حكومة حماس للصحافيين الذين تم الاعتداء عليهم اليوم من قبل الشرطة واحتجازهم ومنعهم من ممارسة عملهم وتقييد حريتهم بالاحتجاز اثناء تغطيتهم اعتصاما سلميا دعت اليه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في خان يونس مدان ومرفوض ومخالف للقانون ومعايير حقوق الانسان.
    بيانات الشجب والإدانة والاستنكار لا تكفي، فحركة حماس وحكومتها عودتنا على تقديم الاعتذار للصحافيين وزيارتهم في مكاتبهم واستعدادها لتقديم التعويض عن الخسائر المادية التي اصابت ادواتهم وكاميراتهم، وفي السابق تقدمت الحركة والحكومة بالاعتذار لأشخاص أو عائلات تم الاعتداء عليهم، والاعتذار يكون حسب الشخص الذي يتم الاعتداء عليه والمكان الذي يعمل فيه، فلم نسمع عن قيام الحركة والحكومة بتقديم اعتذارا علنياً للمواطنين باستثناء عدد قليل من الذين تم الاعتذار لهم وفي حالات تكون صارخة.
    فالاعتذار لا يعيب حركة حماس وحكومتها وهو دليل قوة وليس ضعف، و الأجدر بالحركة والحكومة أن تقدم اعتذارا علنيا لجميع المواطنين الذين تعرضوا للاعتداءات في خان يونس، وتقوم بفتح تحقيق جدي في كل ما يجري من الانتهاكات المتكررة و قيام أفراد الشرطة بالاعتداء بالضرب بقسوة على المواطنين من دون سبب في ما يشبه سياسة العقاب الجماعي خلال الإعتصامات السلمية.
    وكل مرة يكون اعتداء على الصحافيين تتعهد الحكومة بفتح تحقيق وتشكيل لجان تحقيق وحتى الان لم نسمع عن استخلاص العبر من تلك الاعتداءات المتكررة، وكذلك لم نسمع عن قيام الحكومة بمحاسبة أو تقديم أي من الأشخاص الذين نفذوا اعتداءات سابقة خطيرة لحقوق الانسان، ولم يتم الكشف عنهم ومحاسبتهم، أو تقديمهم للمحاكمة العادلة.
    ولم تقدم الحركة او الحكومة اعتذارا للمواطنين الذين تعرضت حقوقهم لانتهاكات، وهي متهمة بتصنيف المواطنين درجات وتتعامل معهم بحسب مكانتهم وعملهم، ومطلوب منها عدم التمييز في معاملة الموطنين و الحد من الاعتداء على الحريات العامة والشخصية، وحرية الرأي والتعبير وحق الناس في تلقي الاخبار وتبادلها وعدم معاملة المواطنين معاملة مهينة وقاسية و حاطة بالكرامة.

    تفكيك الكيان العربي !
    محمد السودي/وكالة معا
    من يقرأ المشهد العربي الملتبس بشكل متأنٍ يجد أن ماتتعرض له المنطقة من انواء عاصفة لايخرج عن نطاق مشاريع قديمة ًمتجددّة رسمتها الدوائر الإستعمارية بهدف تفكيك الكيان العربي القوي دولةً تلو الأخرى لإضعافه وتقسيمه إلى دويلات هزيله غير قادر على حماية نفسه من خلال تغذية الفتن والصراعات المذهبية والطائفية " لأجل عيون اسرائيل"القوة الضاربة المتقدمة للنظام الرأسمالي العالمي المتوحش وضمان مصالحه الحيوية بالسيطرة على ثروات المنطقة الغنيّة بالنفط والمواد الخام الأخرى فضلاً عن كونها أسواق تصريف إستهلاكية من الدرجة الأولى لذلك لم تغب أنظارها عن المنطقة للحظة واحدة ومنذ خمسينات القرن الماضي أبّان فترة المدّ القومي الذي أرعب الدوائر المتنفذه في العالم الغربي ووضعت خطوط حمراء لإعاقة الوحدة العربية والتكامل السياسي والإقتصادي واهتمّت الإدارات الأمريكية بكونها تشكل رأس القطب القيادي لمعادلة الحرب البارده بوضع خطط استراتيجية من خلال إرسال لجان مختصّة ووفود أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى منطقة الخليج العربي لاستكشاف أفضل السبل للسيطرة على منابع النفط والممرات المائية في حال حدوث أزمات تعيق انسيابية تصدير النفط الى الأسواق الأمريكية والغربية وكذا تأمين حرية التجارة عبر الممرات البحرية .
    اسرائيل بدورها خاضت حروبها العدوانية التوسعية في إطار القضاء على عناصرالقوة العربية وضرب حركات التحرر المتنامية تجلى ذلك بوضوح بمشاركتها الميدانية بالعدوان الثلاثي على مصر عبد الناصر الثورة الفتية بعد تأميم قناة السويس هذه الخطوة الجريئة التي الهبت مشاعر الجماهير من المحيط إلى الخليج مطالبة بالمزيد من الخطوات التي من شأنها الأرتقاء بمكانة الأمة التي تليق بها، وأيضاً جاء عدوان الخامس من حزيران الذي إدى إلى هزيمة الأنظمة الرسمية العربية وتصدرت طلائع المرحلة اللاحقة إزدهار الثورة الفلسطينية المعاصرة التي أضحت الهدف المركزي لقوات الإحتلال وحلفائه للقضاء عليها وحرفها عن مسار تحرير الأرض وزجّها في أتون التناقضات والصراعات العربية، العربية التي تفاقمت بعد خروج مصر السادات من الحاضنة العربية إثر توقيع معاهدة كامب ديفد ، أما ضرب مفاعل تموز النووي العراقي بتاريخ السابع من حزيران عام 1981 فقد كان ذروة الأهداف والصيد الثمين التي سعت اسرائيل للقضاء عليه بكونه يشكل عامل توازن القوة النووية العربية، بمساعدة الإستخبارات الأمريكية وبعض العلماء الفرنسيين الذين أشرفوا على بنائه مستثمرةً انشغال العراق بالحرب العراقية الإيرانية التي استنزفت مقدرات البلدين الجارين حيث قال "اسرائيل شاحاك" مؤلف كتاب أسرار مكشوفة "أعتقد انه من الواجب تذكير القراء غير الصهاينة أن جلّ اهتمام اسرائيل ينصبّ بفرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط من خلال انفرادها بسياساتها النووية لوحدها"، استهداف علماء الذرّة العرب والمسلمين وتجنيد بعضهم وأخيراً تدميرالمنشأة العلمية السورية في منطقة الكبر التابعة لمحافظة دير الزور في التاسع من سبتمبر عام 2007 كان خير دليل على تصميم هذا الحلف غير المقدس تجريد العرب من أي امكانية للوصول إلى ناصية العلم والتقدم الذي تتمتع به الشعوب الأخرى حتى لو كان لأغراضٍ سلمية في وقت تمتلك ترسانتها النووية أكثر من مائتتي وخمسين رأساً نووياً غير خاضعة للرقابة الدولية.
    لقد أوغلت اسرائيل وشريكتها أمريكا في عدوانهما ولم تتوقفا عند حدود واجتاحت العاصمة اللبنانية بيروت للقضاءعلى حركة المقاومة الوطنية اللبنانية وإخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية إلى المنافي البعيدة ثم أوكلت لحلفائها المحليين ارتكاب المجازر البشعة بحق أهالي المخيمات الفلسطينية في صبرا وشاتيلا ، وحين أدركت أنه لايمكن القضاء على المقاومة الفلسطينية مهما بلغت المسافات والتضحيات شنّت الغارات على ضواحي العاصمة التونسية في محاولة فاشلة للقضاء على القيادة الفلسطينية ومارست الإغتيالات وعمليات الإختطاف والإعتقالات غير أن إرادة القتال كانت تنتصردائماً على جبروت القوة الغاشمة ، أظهر الشعب الفلسطيني للقاصي والداني مدى التناغم الكفاحي عندما شعر بالمخاطر المحدقة بالمشروع الوطني وهبّ منتفضاً بحجارة الأرض ضد الغزاة ولم تستطع أدوات القمع وقنابل الغاز والرصاص المطاطي والحي وتكسير العظام وقتل الأطفال الأبرياء كسر الإرادة الوطنية .
    إن كل انجاز حققه الحلف الصهيوأمريكي قابله تراجع وانكفاء في الجانب الرسمي العربي وانحسرت أفاق التعاون العربي بل زالت معاهدة الدفاع العربي المشترك وأضحى التقوقع في حدود الدولة الوطنية أمراً مألوفاً دون أدنى اعتبار لطموحات وأماني الشعوب التواقة للحرية والديمقراطية حيث ساد الظلم والإستبداد وانعدمت فرص الإيمان بالمستقبل لدى الشباب وازداد الفقراء فقراً والأغنياء غناً بينما انساقت بعض الأنظمة وراء المخططات الخبيثة لقاء الحفاظ على رؤوسها وحملت السلاح جنباً إلى جنب مع الغزاة الجدد دون وازع أخلاقي وفتحت أراضيها مرتعأً للقوات الأجنبية ومخازن أسلحة للدمار والخراب ، لهذا لم يكن غريبا اندلاع الثورات العربية من ميادين القهر وأزقة الحرمان المزمن ، لم تكن انطلاقتها مؤامرة خارجية على الإطلاق كما يحاول البعض تشويه صورتها بالرغم من التداعيات التي فتحت الأبواب على مصراعيها أمام كل الإحتمالات نتيجة النزيف الدموي المستمر، لكن قوىً مؤطرة أكثر تنظيماً لها أجندات سياسية كانت تتحين الفرص الملائمة لركوب موجة الغضب الشعبى العارم استطاعت أن تحرف المسار عن أهدافه الحقيقية باتجاهات لاتختلف كثيراً عن الأنظمة المستبدّة وأيضا بالرجوع إلى الدول المتنفذة بعد أن تخلت عن حلفائها القدامى الذين كانوا يلقون الرعاية والحماية دون غير أبهة بمسميات وتوجهات الأشخاص اذا كانوا يلبوّن مصالحها ومصالح اسرائيل في المنطقة .
    تبقى القضية الفلسطينية هي المعيار الأساسي الذي تقيس به الشعوب مدى مصداقية حكامها فعلاً لاقولاً بعد التجارب المريرة التي عانتها تحت شعار كل الأمكانيات لمواجهة الإحتلال وتحرير الأرض الفلسطينية ، المبادرات العربية التي تتنازل عن الثوابت لن تعيد الحقوق لأصحابها ، ولا زيارات المشايخ والرؤساء الإستعراضية لقطاع غزة تنهي الإنقسام ، فلسطين لها بوابة واحدة فمن أراد القدوم اليها فسيلقى كل الترحيب أما الدخول عبر النوافذ فله مســـــمى واحد فقط !!!!!


    القدس بين عدوان إسرائيل وزيارة القرضاوي
    وسام زغبر/وكالة معا
    هجمة إسرائيلية شرسة تتعرض لها مدينة القدس المحتلة لب الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين ولكنها الأكثر شراسة منذ احتلالها في الرابع من حزيران 1967. فالكيان الإسرائيلي يتغول في المدينة المقدسة ويستبيح مقدساتها مرة تلو الأخرى دون أي تحرك فلسطيني أو عربي ودولي سوى سيل من الإدانات والمطالبات بإنقاذ مدينة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
    فإسرائيل تستغل استمرار الصمت الفلسطيني المنغمس في انقسامه العبثي والبحث عن السلطة والمصالح الذاتية دون الاكتراث على ما يحصل في فلسطين عامةً ومدينة القدس على وجه الخصوص من تهويد ومصادرة وعزل وقتل وتشريد وعراقيل تضعها سلطات الاحتلال الاسرائيلي. كما وتستغل انغماس العرب والمسلمين في قضايا ثانوية على حساب فلسطين ومقدساتها.
    فعجلة التاريخ تذكرنا بتقصير العرب والمسلمين بفلسطين والقدس على مر التاريخ، ففي 21 اغسطس/ آب عام 1969 أي بعد احتلال القدس بعامين تم احراق الجناح الشرقي من المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين على يد المتطرف الإسرائيلي مايكل دينس روهن الذي أدعى الاحتلال الاسرائيلي حينها انه معتوه، وكان الرد على جريمة حرق الأقصى بانشاء منظمة المؤتمر الإسلامي وعقد أول مؤتمر قمة اسلامي في المغرب. ولكن التاريخ يعيد ذاته فتصريحات غولدا مائير رئيسة وزراء حكومة الاحتلال بعد حرق المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين، والتي قالت فيها، "لم انم طوال الليل كنت خائفة من أن يدخل العرب اسرائيل افواجا من كل مكان، ولكن عندما اشرقت شمس اليوم التالي أعصابي ارتاحت عندما وجدت العرب لا يتقنون إلا الشجب والاستنكار وعلمت ان باستطاعتنا ان نفعل اي شيء نريده".
    فلم يعد غريباً على العرب والمسلمين أنفسهم اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي على المقدسات الاسلامية والمسيحية، فقبل أيام حاصرت قوات الجيش الاسرائيلي كنيسة القيامة بالقدس في سبت النور وعيد الفصح ووضعت العراقيل امام وصول المسيحيين إلى الكنيسة لإقامة شعائرهم، وكذلك الحال خلال الأسبوع الجاري في منع المصلين المسلمين من الوصول الى المسجد الأقصى للصلاة واغلاقه واستباحته من قبل المستوطنين واقتحامه من باب المغاربة بحماية شرطة الاحتلال لأداء صلوات تلمودية في ذكرى احتلال القدس الـ46 او حسب ما يسمون "توحيد القدس" ، بل وادهى من ذلك مداهمة منزل مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين واعتقاله، كذلك اعتقال مصطفى أبو زهرة رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس، كما فعلت قبل ذلك باعتقال الشيخ رائد صلاح ومنعه من الوصول الى القدس ومنع طالبات العلم من الدخول للأقصى.
    فبالأمس القريب لم يتوحد المسلمون، في زيارة القدس لغير الفلسطينيين بل وضعوا الفتاوى في تحريم الزيارة تحت ادعاء ان القدس تقبع تحت الاحتلال ولا يجوز للمسلم ان يأخذ تصريح للزيارة من الاسرائيلي المحتل للأرض، فيما تغرق عدد من الدول العربية في فتح السفارات والممثليات والمكاتب التجارية مع كيان الاحتلال وعلى رأسها دولة قطر التي ترسم فيها خطط الفوضى والتنازلات في دول العالم العربي وتصدر الفتاوى وتساق آلتها الإعلامية لخدمة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل.
    فكل ما يجري في فلسطين والقدس ومقدساتها اليوم يتزامن مع زيارة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برفقة أكثر من 50 عالماً إسلامياً إلى قطاع غزة، في زيارة وصفتها حركة حماس بالهامة وعارضتها بعض الفصائل الفلسطينية باعتبار القرضاوي شخصية مثيرة للجدل لتدخله السافر في ما يجري في عديد الدول العربية والتحريض واصدار الفتاوى لاستباحة البلدان العربية والاسلامية على يد الاستعمار الاجنبي.
    والمستغرب ايضاً دعوات القرضاوي للجهاد في سوريا كما كان قبلها في ليبيا وفتاويه المثيرة للجدل اثناء الانتخابات المصرية، وعدم ادانة العدوان الاسرائيلي على سوريا، بينما لم نسمع أي من الدعوات والفتاوى في ما يجري في فلسطين وما تتعرض له المقدسات الاسلامية والمسيحية، أليس فلسطين أحق في الجهاد ضد الاحتلال الاسرائيلي التي تُدنس مقدساتها ويُقتل أبنائها ويُأسرون على يد إسرائيل.
    لم نسمع فتوى علماء المسلمين ومن الشيخ القرضاوي على وجه الخصوص عن موقف وفد الجامعة العربية في واشنطن وقبوله بالتنازل عن فلسطين لصالح الاحتلال فيما يعرف بتبادل الأراضي وتشريع الاستيطان وتهويد القدس والقتل والعدوان على فلسطين، بينما تتعالى الأصوات في غزة ترحيباً بالقرضاوي.


    مبادرة السلام العربية ... لماذا الآن؟
    د. يوسف صافى/وكالة معا
    فقط من باب التذكير، فقد أطلقت قمة بيروت العربية في العام 2002 مبادرة السلام العربية التي أكدت على أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، و التي دعت إسرائيل لقبول المبادرة و إعادة النظر في سياساتها، والجنوح للسلم من خلال إعلانها أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي، وبالانسحاب الكامل من الاراضى العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران 1967، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الاراضى الفلسطينية المحتلة منذ 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية، متعهدة، إذا ما حصل ذلك من قبل إسرائيل، باعتبار النزاع العربي الاسرائيلى منتهيا والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة، وإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
    وفقط من باب التذكير أيضا، فقد جاء الرد الاسرائيلى الرسمي مباشرة بعد الإعلان عن مبادرة السلام العربية وقبل أن يجف الحبر الذي كتبت به بأن هذه المبادرة "لا تساوى قيمة الحبر الذي كتبت به"، وهو ما تأكد بالملموس على الأرض، فها نحن في العام 2013 فلا مبادرة السلام العربية قبلت، ولا انسحاب اسرائيلى من الاراضى العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران تحقق، ولا حلاً عادلة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 تحقق، ولا دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية قامت على الاراضى الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين تضاعف الاستيطان الاسرائيلى في الاراضى الفلسطينية المحتلة وتحديدا في القدس الشريف بشكل غير مسبوق، وتعاظمت مخططات التهويد والتقطيع، وأقيمت الجدران والحواجز، وازدادت وتيرة الحصار والإغلاق والاجتياحات، وتم رفض كل المحاولات الدولية لتجميد الاستيطان كليا أو جزئيا من اجل العودة إلى طاولة المفاوضات، وتم رفع سقف المطالب الإسرائيلية لتصل إلى مطالبة الجانب الفلسطيني بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل فقط من اجل القبول بالدخول في مفاوضات سلام مع الجانب الفلسطيني لا يعرف لها أول من آخر .... الخ، وان كان التطبيع العربي ما ظهر منه وما بطن كتعهد عربي ضمن مبادرة السلام العربية قد تحقق على ارض الواقع الأمر الذي لم يعد يخفى على احد !!!!!.
    أن نطرح مبادرة سلام عربية إنما هو شئ محمود، أن نقول للعالم أننا كأمة عربية دعاة سلام إنما هو أمر حضاري، أن نلقى حجرا عربيا من اجل تحريك المياه الراكدة عالميا لإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على الاراضى المحتلة منذ الرابع من يونيو 1967 و إيجاد حل عادل للاجئين الفلسطينيين فهذا أمر يستحق الاحترام والتقدير، ولكن حين نقوم كأمة عربية بكل هذه المواقف الايجابية تجاه إسرائيل وتجاه العالم ولا نجد بالمقابل إلا الاستخفاف وعدم الاكتراث والاحتقار من كل الجهات ذات العلاقة خلال فترة تزيد عن عشر سنوات اى منذ الإعلان عن مبادرة السلام العربية العام 2002 ، فإننا نكون بكل تأكيد أمام أسئلة كبيرة كثيرة : لماذا كثر حديث الأطراف ذات العلاقة بعملية السلام في الشرق الأوسط خلال الأشهر الماضية وتحديدا بعد زيارة "كيرى" رئيس الدبلوماسية الأمريكية للمنطقة حول أهمية مبادرة السلام العربية كمرجعية لعملية السلام في المنطقة؟ لماذا استيقظ العالم ألان من جديد وبعد سبات عميق على أهمية مبادرة السلام العربية؟ هل أدرك اللاعبون الكبار أخيرا خطيئتهم حينما تنكروا لمبادرة السلام العربية ولليد العربية الممدودة للسلام؟ لماذا المطالبات القطرية السابقة في أكثر من مناسبة، وخاصة خلال مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في الدوحة، بسحب مبادرة السلام العربية من سوق التداول السياسي؟ هل كان تكتيكا سياسيا يصب في خانة الضغط على الولايات المتحدة وأوروبا والعالم وإسرائيل لإلقاء حجر عربي لتحريك المياه الراكدة فيما يخص الملف الاسرائيلى الفلسطيني؟ ما هي الخلفيات؟ ما هي الأهداف؟ .... الخ.
    لقد جاءت زيارة الوفد السباعي العربي لواشنطن ولقائه مع وزير الخارجية الامريكى "جون كيري" ونائب الرئيس الامريكى "جو بايدن" ومن ثم تصريحات رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني ( ضرورة أن يستند الاتفاق بشأن حل الدولتين على أساس خط حدود 4 حزيران عام 1967، مع إمكانية التبادل لأجزاء بسيطة من الأرض بالقيمة والمثل) وما تلاها من ردود أفعال وتصريحات وتسريبات صحفية لتؤكد وجود طبخة سياسية يتم إنضاجها على نار هادئة لتسوية الملف الفلسطيني الاسرائيلى تشارك فيها أطراف هامة ذات علاقة بالملف الفلسطيني الاسرائيلى، من ابرز ملامحها:
    • خلال اجتماع "بلير هاوس"، قال "كيرى" للوفد السباعي العربي انه لا يتحدث عن "إدارة" الصراع الفلسطيني الاسرائيلى، ولكنه يتحدث عن "إنهاء" هذا الصراع.
    • تسعى الإدارة الأمريكية لتقديم إطار عمل أو قل (مبادرة سياسية) في الأشهر القريبة القادمة تشجع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلى على استئناف المفاوضات على أساس الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية بعد تعديلها لتتضمن أن يستند الاتفاق بشأن حل الدولتين على أساس خط حدود 4 حزيران عام 1967، مع إمكانية التبادل لأجزاء بسيطة من الأرض بالقيمة والمثل، والاعتراف بيهودية دولة إسرائيل.
    • حسب مصادر إسرائيلية في تل أبيب، تتضمن مبادرة السلام الأمريكية خطة لاستئناف المفاوضات على مسارين متوازيين في الصيف المقبل على أساس مبادرة السلام العربية: المسار الأول بين إسرائيل والفلسطينيين، والمسار الثاني بين إسرائيل والجامعة العربية، بعد موافقة لجنة المتابعة العربية على إضافة بند يفتح المجال أمام تبادل الاراضى بين إسرائيل والدولة الفلسطينية العتيدة، خصوصا وان نتانياهو كان قد ابلغ كيرى انه يرفض العودة إلى حدود الرابع من حزيران 1967، ويطالب بالاعتراف بالتغيرات التى طرأت خلال سنوات الاحتلال، حيث أقيمت عشرات المستوطنات التي يطالب بأن تضم الى إسرائيل.
    • حسب صحيفة "الحياة اللندنية"، فقد ذكرت مصادر دبلوماسية غربية ان مبادرة السلام الأمريكية ستتضمن خطة لتقديم رزمة اقتراحات لإعادة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلى إلى طاولة المفاوضات، وتشمل خطوات سياسية (مفاوضات نهائية في ملفي الحدود والأمن، وشكل من أشكال تجميد الاستيطان في الضفة الغربية)، وخطوات اقتصادية (تسمح للسلطة الفلسطينية بإقامة مشاريع في المنطقة "ج "الواقعة تحت السيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية التي تبلغ مساحتها 60 % من مساحة الضفة الغربية، ناهيك عن تقديم مساعدات أمريكية لتنشيط الاقتصاد الفلسطيني)، ومفاوضات أمنية تراعى احتياجات ومصالح الجانبين الفلسطيني والاسرائيلى .
    • هناك إجراءات بدأ تنفيذها على الأرض من قبل الجانبين الفلسطيني والاسرائيلى، فحسب (القدس العربي) اللندنية، فقد التزم السباعي العربي بوقف كل المساعي الفلسطينية للانضمام لوكالات الأمم المتحدة، وتعهد بوقف ملاحقة إسرائيل قضائيا في المحافل الدولية، إذا تم طرح المبادرة الأمريكية للسلام في المنطقة، الأمر الذي أكده وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي حين أعلن عن قرار السلطة الفلسطينية تجميد مساعيها للانضمام إلى بعض وكالات الأمم المتحدة بصفة دولة، أو تقديم شكاوى ضد إسرائيل إلى المحكمة الدولية، ما لم تنفذ إسرائيل مشاريع بناء في منطقة E-1 بين القدس و معاليه ادوميم. بالمقابل، وحسب راديو الجيش الاسرائيلى، فان نتانياهو ابلغ قراره بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية قبل بضعة أيام الى وزير الإسكان "أورى ارييل" العضو فى البيت اليهود.
    • وفى تطور لافت، فقد دخلت دولة بحجم الصين على الخط، فحسب ما ذكره نائب السفير الصيني لدى فلسطين "لى هونغ يو" خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر السفارة الصينية فى رام الله بتاريخ 7/5/2013، فقد طرح الرئيس الصيني "شى جينغ يينغ" خلال مباحثاته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس فى بكين رؤية صينية من أربع نقاط لتسوية القضية الفلسطينية تتضمن:
    1) إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والتعايش السلمي بين دولتي فلسطين وإسرائيل، وان إقامة الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة على أساس حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعتبر حقا غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني، ومفتاحا لتسوية القضية الفلسطينية، وحق بقاء إسرائيل وهمومها الأمنية المعقولة يجب ان تكون موضع الاحترام الكافي .
    2) التمسك بالمفاوضات باعتبارها الطريق الوحيد الذي يؤدى إلى السلام الفلسطيني والاسرائيلى، وان على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلى التكيف مع التيار العصري وتبادل التنازلات لتقريب المسافات بينهما .
    3) اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف بناء المستوطنات ومنع أعمال العنف ضد المدنيين الأبرياء، ورفع الحصار عن قطاع غزة ومعالجة قضية الأسرى الفلسطينيين بشكل ملائم بما يهئ ظروفا لازمة لاستئناف مفاوضات السلام .
    4) ان تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بين جميع الفصائل الفلسطينية يساهم في استئناف وتدعيم مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلى، علما بأن "نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل يتواجد الآن فى زيارة رسمية للصين ومن المؤكد ان الرؤية الصينية ستعرض عليه، ولربما يكون بينه وبين الرئيس ابو مازن لقاء فى بكين حول هذه الرؤية التى تنسجم تماما مع مبادرة السلام العربية بعد تعديلها.
    إجمالا، اعتقد ان المنطقة ستشهد خلال الأشهر القليلة القادمة تحركات لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية و لربما العربية الإسرائيلية، وهذا يحتم علينا كفلسطينيين إنهاء ملف الانقسام فورا دون اى مماطلة أو تأخير أيا كانت المبررات، ومن ثم وضع إستراتيجية فلسطينية متفق عليها من قبل الكل الفلسطيني تقوم على دراسة موضوعية لنقاط قوتنا ونقاط ضعفنا دون تقزيم أو تهويل، وما هو متاح لدينا من نافذة فرص وما يقابلنا من تهديدات، لنكون على أتم الجاهزية مسلحين باليات إبداعية موضوعية تمكننا من مواجهة تحديات المرحلة القادمة بكل كفاءة واقتدار.

    إسرائيل تضرب وتصيب وتهرب وتضحك
    د. مصطفى يوسف اللداوي/وكالة سما
    إلى متى سيبقى الكيان الصهيوني ينفذ عملياته العسكرية والأمنية بخبثٍ ومكرٍ ودهاء، يتسلل بصمت، ويضرب في الخفاء، وينسحب بسرعة، بعد أن يصيب الأهداف المرصودة، محاولاً ألا يترك أثراً، أو يخلف اعترافاً يدل عليه، معتقداً أن أحداً لا يعرف أنه المنفذ، وأنه الذي يقف وراء الكثير من الهجمات العسكرية، حيث ينتهز فترات الضعف، وانشغال الأمة، فيغير بطائراته على أهدافٍ مرصودة، فيصيبها أو يدمرها، ثم يفر هارباً، قافزاً في الهواء، يضرب رجليه ببعضهما فرحاً وزهواً، فقد أصاب أهدافه، وحقق غايته ورجع، بينما الحكومات العربية تنظر إليه بعجزٍ وذلٍ وهوان، وتراه وهو ينسحب، وتسمع صوته وهو طَرِبٌ، وتراه وهو يوزع كؤوس الخمر، ويشرب نخب الانتصار، ويتبادل التهاني والمباركات، إذ لا يقوى على أن يرد عليه أحد، أو يعامله بالمثل نظام، الأمر الذي زاد في غطرسته، وجعله يتمادى أكثر في غيه، فقد ضمن العاقبة، وأمن الإنتقام، واطمأن إلى أن أحداً لن يطلق الصواريخ عليه.
    اعتاد الإسرائيليون على التوغل عميقاً في أرضنا العربية، وضرب أهدافنا في القلب والخاصرة، غير مبالين بالرأي العام الدولي، وغير آبهين برد الفعل العربي الناقم والمنتقم، وكانوا قد جربوا انتهاك الأجواء العربية أكثر من مرةٍ، فعرفوا العاقبة، وخبروا رد الفعل، فتمادوا وأمعنوا، وهاجموا واعتدوا، ووطنوا أنفسهم بعد كل عمليةٍ ناجحةٍ مخافة أن تصيبهم صواريخ العرب الورقية والكلامية، فرفعوا حالة الأمن إلى الدرجات القصوى، وحصنوا سفاراتهم، وأبعدوا عائلاتهم، وكثفوا متابعاتهم الأمنية لئلا يفاجئهم العرب بما لم يعتادوا عليه.
    فقد أغارت الطائرات الإسرائيلية في العام 1981 على مجمع تموز النووي العراقي، ودمرت البرنامج النووي العربي الأول مبكراً، وأجهضت محاولات امتلاك العرب لقوةٍ نووية، وتبجح الإسرائيليون باعترافهم أنهم من دمر المفاعل النووي العراقي، وأكد زعيمهم آنذاك مناحيم بيغن أنه كيانه سيواصل ضرب الأهداف العربية المعادية لكيانه في كل مكان، وامتص النظام العراقي الضربة، وابتلع الإهانة، وتجرع المهانة، وصمت، ولكنه أكد أنه يحتفظ بحق الرد، في الزمان والمكانين المناسبين، ولكن الزمان لم يأتِ، والمكان لم يتحدد بعد، وضاع المفاعل.
    وأقدت الطائرات الإسرائيلية في سابقةٍ خطيرة على انتهاك الأجواء والأراضي التونسية في العام 1985، وأغارت على حمامات الشط الآمنة الوادعة، ودمرت مقار منظمة التحرير الفلسطينية، وقتلت العشرات من رجالها وقادتها، وخلفت وراءها دخاناً كثيفاً، ما كاد أن ينقشع حتى كان الإسرائيليون يعترفون أنهم من أغاروا على تونس، وأنهم من دمر مقار المنظمة فيها، ولكنهم لم يعيروا تهديات تونس والعرب اهتماماً، وأقفلوا عائدين إلى قواعدهم الجوية، ليتهيأوا لغارةٍ جديدة.
    وفي العام 1988 أقدمت فرقة من الكوماندوز الإسرائيلية بالتسلل إلى أحد أحياء تونس العاصمة الراقية، حيث يقم أبو جهاد الوزير الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، صاحب ملف القطاع الغربي المسؤول عن كافة العمليات العسكرية في فلسطين المحتلة، فاغتالته وتأكدت من مقتله، وقفلت عائدة إلى زوارقها التي أنزلتها على الشواطئ التونسية، دون أن تفقد عنصراً منها، أو يصيبها من العملية ضررٌ أو أذى.
    أما السودان فقد اعتاد العدو الصهيوني على انتهاز انشغاله المضني والدائم في الصراع المسلح في الجنوب، أو حول دارفور وكردفان، فاستغل انهماك الحكومة، وانشغال الجيش، وفوضى الحياة، فضلاً عن ضعف القدرات العسكرية لدى السودان، فأغار على قلبه وأطرافه أكثر من مرة، واستهدف معامله ومصانعه، وأغار على قوافله ورجاله، فقتل وخرب ودمر، وانسحبت طائراته وهو يعلم أن العرب لن يثوروا من أجل السودان، ولن يغضبوا لاختراق أجوائه وانتهاك سيادته، فانسحبوا وهم يهددون، واعترفوا وهم يتوعدون.
    ونجحوا في الدخول إلى دولة الإمارات العربية فرداى وجماعات، ولاحقوا فيها القيادي الكبير محمود المبحوح، ونالوا منه في أحد فنادق دبي، وحاولوا أن يمسحوا آثار جريمتهم، وألا يتركوا خلفهم ما يدل عليهم، ولكن أسماءهم كشفت، وأدوارهم عرفت، وتفاصيل جريمتهم الخبيثة فضحت، ولكن أحداً من المجرمين على كثرتهم لم يعتقل، ولم يلاحق أياً منهم، بل عادوا إلى البلاد التي جاؤوا منها وكأنهم لم يرتكبوا جريمة، ولم يقتلوا قائداً، وربما عاد بعضهم مرةً أخرى إلى دبي، مطمئتأً آمناً غير خائف.
    وفي سوريا اعتاد الكيان الصهيوني على استباحة أجوائه، واختراق سيادته، والتحليق في سمائه، فحلقت طائراته العسكرية فوق القصور الرئاسية والمواقع العسكرية، ودمرت منشأةً علمية، عسكريةً أو نووية، المهم أنها سورية، ولم تنكر أنها التي قامت بهذه الأفعال، بل جاهرت بها، لتعود من جديد، وتغير على أهدافٍ عربيةٍ في سوريا، فتحيل الأرض والمكان إلى قطعةٍ من جهنم، ولهيبٍ من يوم القيامة، ولكنها كانت تدرك أنها ستعود من رحلتها بصيدٍ وفير، وكسبٍ كبير، إذ لن يعترض طريقها أحد، ولن يجبرها على الندم انتقامٌ أو تهديد.
    أما لبنان وفلسطين، الضفة الغربية وقطاع غزة، فأمرهما يختلف، وحالهما مغاير، فالعدو الصهيوني قد اعتاد على الإغارة والقصف، والقتل والاغتيال، ولكن المقاومة اعتادت أيضاً على الرد والانتقام، فهي تتوجع وتتألم، وتفقد وتخسر، ولكنها دوماً تجبر العدو على أن يصرخ من الألم، ويرفع الصوت طالباً من المجتمع الدولي حمايته، ولجم المقاومة ومنعها، ووضعِ حدٍ لانتقامها وعملياتها، إذ أن صواريخها حاضرة، ونيرانها جاهزة، وقراراتها مستقلة وحرة، وعقيدتها القتالية نقية وصافية، لا يشوبها تشويهٌ أو خداع، فهي تهدد وتتوعد، وتقول وتفعل، وتحدد وتنفذ، وتوجع وتؤلم، وتبكي وتدمي.
    يجب أن تنتهي سياسة العدو التي اعتاد عليها، اضرب واهرب، أو اقتل بمسدسٍ كاتمٍ للصوت وانكر ولا تعترف، فلن يحملك المجتمع الدولي أي مسؤولية، ولن يقوى أحدٌ على اتهامك ومحاسبتك، ينبغي أن تنتهي هذه العنجهية الإسرائيلية، وأن نضع حداً حقيقياً وفاعلاً لها، فيجب علينا ألا نسمح للعدو بالهروب إن ضرب، وبالإنكار إن اعتدى، ولكن نرد عليه بالمثل، ونعامله بما هو أشد وأقسى، ليكون له درساً وعبرة، ونرد له الصاع صاعين، واللطمة على الخد لطمتين موجعتين على الخدين الاثنين، تؤلمانه وتبكيانه وتعلمانه، لئلا يعود لمثلها، وتكرار شبيهاتها، فالثمن يجب أن يكونَ غالٍ ومؤلم، وغائر وموجع.
    المقاومة هي خير من يفهم العدو الإسرائيلي ويتعامل معه، فهي تعرف اللغة التي يفهمها، وتدرك مواطن الضعف عنده، ومكامن الألم في جسده، وتعرف حال شعبه، وقدرتهم على الصمود والاحتمال، وهي تدرك قوة شعبها، وروح أمتها، وتعرف أن الأمة تتحمل المزيد، وتصبر على الجراح، ولكن شرط الرد والانتقام، لذا فقد أمطرتهم بالصورايخ، ووعدتهم بالمزيد منها، بعضها من الشمال يدمي ويقتل، وآخر من الجنوب يخيف ويرعب، ولكنهما كلاهما، في فلسطين ولبنان، أدركا أن هذه هي المعادلة، فلا شئ اسمه الاحتفاظ بحق الرد، في الوقت والزمان المناسبين، وإنما هو ردٌ فوريٌ آنيٌ موجعٌ ومؤلم، أما المكان فحيث تصل صورايخ المقاومة، حسب مداها المجدي والقاتل، المهم أنها تصل وتصيب، وتقتل وتخرب وتدمر، وتخيف وترعب وترهب، فتبرد قلوبنا، وترسم البسمة على شفاهنا، وتعيد الأمل إلى نفوسنا وكل أجيالنا، فبهذا في كل زمانٍ ومكان، لن تضرب إسرائيل وتهرب، ولن تصيب وتفرح، بل ستخيب وتهرب، وستبكى وتدمع.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 360
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-15, 10:54 AM
  2. اقلام واراء محلي 358
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-02, 08:10 AM
  3. اقلام واراء محلي 357
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:25 AM
  4. اقلام واراء محلي 356
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:25 AM
  5. اقلام واراء محلي 355
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:24 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •