النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 404

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 404

    اقلام واراء محلي 404

    في هذا الملـــــف:
    حمـــاس التــي نــريـــد ..
    محسن ابو رمضان/وكالة سما

    مصير حكومة سلام فيّاض
    هاني المصري/الأيام،أمد

    غزة وأمن سيناء
    رجب ابو سرية/الأيام

    نقطة ضوء-"فتح" والنساء واليد الطالبانية..!
    حسن خضر/الأيام

    استهتار اسرائيلي جديد... بالمؤسسات الدولية والعالم !!
    حديث جريدة القدس

    سورية..اللعبة واللاعبون
    نبيل عمرو/جريدة القدس

    الوقوف والتوقف في مُربّع النكبة
    محمود الريماوي/جريدة القدس

    الخروج من المتاهة !
    عزام توفيق أبو السعود/جريدة القدس

    هل يمكن أن تطير حمامة السلام مرة أخرى؟
    تقرير خاص /جريدة القدس

    قراءة في خطاب النكبة
    مهند عبد الحميد/الأيام

    حياتنا - التنكيل المتبادل
    حافظ البرغوثي/الحياة الجديدة

    محمد عساف رئيساً للوزراء والفصائل تُستبدل بعمالقة الكرة
    د. صبري صيدم/الحياة الجديدة

    التسوية ليست على حساب المصالحة
    دياب اللوح/وكالة معا

    هدم منازل الفلسطينيين سياسة تشريد وتهجير
    حنا عيسى/وكالة معا

    الولايات المتحدة وإستراتيجية إجهاض ثورات الربيع العربي..
    عمر القاروط/وكالة سما

    تحدي سيناء بقلم: حسام الدجني
    pnn

    أفريقيا سوق للأسلحة الإسرائيلية
    مصطفى اللداوي/ pnn،أمد

    دواء الفراق في بقاء الأشواق
    د.امديرس القادري/أمد

    جمال نزال بين الشريعة وفتح والمجلس التشريعي و الهجوم على المراة
    باسل ترجمان/امد














    حمـــاس التــي نــريـــد ..
    محسن ابو رمضان/وكالة سما
    اكتسبت حركة حماس شعبيتها ونفوذها الجماهيري الكبير والذي تخطى أعضائها ومناصريها ليصل إلى أوساط اجتماعية واسعة ، من فئات وشرائح اجتماعية مختلفة ، بسبب دورها المقاوم وقدرتها على إيجاع العدو عبر العمليات العسكرية المختلفة وخاصة بعد تأسيس السلطة عام 94 وذلك في اطار رفضها لاتفاق أوسلو وملحقاته المتعددة ثم إبان الانتفاضة الثانية ، والتي كان العمل العسكري المباشر عنوانها الرئيسي .
    لقد ادى الدور المقاوم لحركة حماس إلى ردود فعل عنيفة من قبل الاحتلال، حيث قام باغتيال العديد من الرموز والكوادر القيادية ابرزهم الشهداء أحمد ياسين، وإبراهيم المقادمة ، وعبد العزيز الرنتيسي ، واسماعيل أبو شنب، وسعيد صيام ، ونزار ريان ، وكان آخر القياديين والذين اغتالتهم طائرات الاحتلال الحربية القائد محمد الجعبري، الذي قاد كتائب القسام الذين شكلوا عنواناً بالصمود والمقاومة الباسلة التي اصبحت مصدر فخر واعتزاز لشعبنا بكافة فئاته السياسية والاجتماعية خاصة في مواجهة العدوان العسكري الوحشي في نهاية عام 2008 وبداية عام 2009 ، هذا العدوان الذي أدى إلى استشهاد حوالي 1500 شهيد وجرح ما يقارب ال 5000 جريح ، وكذلك الدور البطولي لكتائب القسام وباقي قوى وأجنحه المقاومة في عدوان نوفمبر 2012 والذي أدى إلى استشهاد حوالي 175 شهيد وجرح ما يقارب ال 900 جريح ، في عمليات احتلالية تندرج في اطار جرائم الحرب .
    وعليه فحركة حماس بالذهن الشعبي هي حركة المقاومة التي قدمت الشهداء والتضحيات الكثيرة الرافضة لاتفاق أوسلو والتي تضع بسلم أولوياتها قضية التحرر الوطني ومواجهة الاحتلال ، وهي التي تتمسك بالثوابت وترفض المفاوضات التي استغلتها إسرائيل لفرض الوقائع الجديد على الأرض عبر الاستيطان وبناء الجدار وتهويد القدس والسيطرة على منابع المياه ومنطقة الأغوار وحصار قطاع غزة ،وهي الحركة الرافضة لمظاهر الفساد المالي والإداري ،والذي يتم عبره استغلال الموقع والنفوذ كوسيلة لتحقيق المصالح الفردية أو الفئوية .
    لقد أدى هذا التصور إلى تأييد الناخبين لكتلة الإصلاح والتغيير والتي فازت عبر انتخابات شفافة ونزيه بالأغلبية في المجلس التشريعي والتي جرت في 25/يناير /2006، عقاباً على أداء حركة فتح السياسي والتفاوضي وكذلك عقاباً لها على سوء أدائها وذلك عبر مظاهر الفساد التي انتشرت رائحتها بصورة كريهة داخل أوساط المواطنين .
    تحاول بعض الأوساط الإقليمية التأثير على المسار السياسي لحركة حماس ، في محاولة لاستنساخ ما حصل مع حركة فتح ، باتجاه دفعها " للاعتدال" تحت شعارات الواقعية السياسية وإدراك موازين القوى وصولاً لقبولها بالمجتمع الدولي، ومن أجل تخطى شروط اللجنة الرباعية الدولية الظالمة التي وضعت شروط ثلاث للاعتراف بحركة حماس منها " الاعتراف بإسرائيل، وبالاتفاقات الموقعة ، وإدانة العنف " .
    إن تخصيص مبلغ 450 مليون دولار كمرحلة أولى لإعادة بناء واعمار قطاع غزة إلى جانب المساعدات المالية الأخرى من قبل دولة قطر تأتي في سياق المسعي الرامي إلى دفع حركة حماس للانتقال من مربع المقاومة إلى الاعتدال ، علماً بأن قطر تلعب دوراً سلبياً في إطار الحراك الشعبي العربي عبر تعزيز النزعات الجهوية والقبلية والطائفية وعبر دعم المجموعات المتطرفة في مواجهة الأنظمة الوطنية كما يجرى في سوريا الأمر الذي سيؤثر سلباً على مستقبل الدولة السورية ، حيث هناك خطراً على تجزئتها إلى ثلاثة أجزاء ، كما تحاول احتواء نتائج التحركات الشعبية العربية عبر استيعاب القوى السياسية التي وصلت إلى السلطة وإعادة تعزيز روابطها مع القوى الرأسمالية العالمية في إطار سياسة اقتصادية تسير وفق منهجية الليبرالية الجديدة في إطار استخدام ذات الأدوات التي كانت تستخدم من قبل الأنظمة السابقة في مجال تبديد الحريات وحقوق المواطنين .
    كما يتضح خطورة الموقف القطري من القضية الفلسطينية في مشروع تبادل الاراضي الذي يعنى تبديد عناصر القضية بما يشمل التنازل عن حق العودة وتشريع الاستيطان والتمهيد لفكرة الدولة اليهودية التي اشترطها نتنياهو على العرب لتحقيق التسوية.
    هناك العديد من الملاحظات على الأداء الإداري والاقتصادي والحقوقي لحكومة حركة حماس في قطاع غزة ،حيث ما زالت الحكومة تدير شؤونها بوصفها جزء من بنية الحركة ، بالرغم من أن استحقاقات الحكومة التي تدير المجتمع تختلف عن استحقاقات ومعايير الحركة فالحكومة هي عبارة عن عقد اجتماعي ما بين المواطنين وبينها وتستند إلى مرجعية الدستور .
    وبالتالي فالمطلوب منها مزيداً من الانفتاح على قطاعات المجتمع ومنظماته الاجتماعية والحقوقية المتعددة ، فهناك العديد من التشريعات والقوانين التي تسن من قبل كتلة الاصلاح والتغيير فقط دون مشاركة الكتل البرلمانية الأخرى ومنظمات المجتمع المدني، تعطى انطباعاً بمحاولة تنميط المجتمع برؤية فكرة محددة ، خارج اطار القانون الاساسي الذي ارتضاه الجميع كقاعدة للانتخابات التي تمت في يناير /2006 ، كما أن الأداء الاقتصادي فيما يتعلق بالأنفاق والتصرف بالممتلكات العامة والضرائب تثير أسئلة واستفسارات عديدة من المواطنين ورجال الأعمال ، والعاملين بالمجال العام من أكاديميين وإعلاميين وسياسيين ونشطاء المجتمع المدني.
    إن الملاحظات الخاصة بالأداء الاقتصادي والإداري والقانوني تسحب نفسها ايضاً على قضايا الحريات العامة من خلال القيود المفروضة على الحق بالتجمع السلمي وتشكيل الجمعيات والشركات غير الربحية والتشكيل النقابي ، وحرية الحركة للافراد وغيره من القضايا ذات العلاقة بالحقوق التي يكفلها القانون الاساسي كمرجعية عليا لاية حكومة في الوطن ، علماً بأن جهاز القضاء لم يعط مؤشرات بالاستقلال والقدرة على انصاف المواطنين امام اية اجراءات تقوم بها السلطة التنفيذية قد تشكل مساً بحقوقهم وحرياتهم .
    وعليه فإن استمرار التمسك بخيار المقاومة خارج التأثيرات الاقليمية والقطرية، وتحسين الأداء الإداري والقانوني والاقتصادي بات مطلوباً لكي تيم الحفاظ على مكانة حماس بالذهنية الشعبية كحركة مقاومة .
    إن استمرار حمل حماس للقب المقاومة يقضى بالضرورة إلى تقديم البعد الوطني الكفاحي عن البعد الايدولوجي العقائدي فهي لم تعلن إلى الآن أنها تحولت إلى حركة دعوية، فاذا كان مشروعاً في دول ذات سيادة وحققت مفهوم الدولة عبر آلاف السنين ، التنافس الديمقراطي بما يتعلق بهوية الدولة وطبيعة الدستور بين قوى الإسلام السياسي من جهة والقوى اليسارية والليبرالية من جهة أخرى، فالحالة الفلسطينية تختلف حيث اننا نواجه عدواً شرساً يستهدف الجميع ، وبالتالي فالأولوية تكمن في بعد التحرر الوطني على غيره من قضايا الخلافات الفكرية والعقائدي ، الذي إذا ما تم تفاعله بالمجتمع فإنه سيدخله في اتون صراعات داخلية لا تحمد عقباها بما يعمل على تفتيت وحدة النسيج والاجتماعي بدلاً من تماسكه كشرط للصمود في مواجهة الاحتلال الذي يستهدف الارض والمقدسات والشعب والهوية .
    إن إصدار قوانين مثل قانون العقوبات والتعليم وغيره يؤدي إلى محاولة لتغليف وتنميط المجتمع وفق رؤية أيديولوجية محددة ، تقدم الفكري على غيره من الأولويات وخاصة الأولوية الرامية للحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي في اطار ضرورة بذل الجهد لتحقيق التماسك بالمجتمع كقاعدة للصمود الوطني ، كما أن الاستمرار في سن القوانين وكذلك قيام الرئيس محمود عباس بإصدار قرارات بقوة القانون يؤدي إلى تكريس بنيتين قانونيتين تشريعيين مختلفين عن بعضها البعض واحدة في قطاع غزة والثانية بالضفة الغربية بما يهيئ الأرضية لتحويل الانقسام إلى انفصال استراتيجي .
    إن الملاحظات على أداء حكومة حماس في غزة لا يعنى بأية حال من الأحوال الموافقة او التبرير لما يجرى بالضفة الغربية عبر استخدام وسائل قهرية وتعسفية أبرزها التنسيق الأمني المدان والمرفوض والمضايقات على أفراد وكوادر وجمعيات حركة حماس إلى جانب الرقابة الغليظة على حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي خاصة تجاه أحزاب المعارضة التي تعتبر حركة حماس جزءً أساسياً منها بالضفة الغربية .
    صحيح أن الانقسام أفرز آليات من الفعل ورد الفعل بين الحكومتين في غزة والضفة الغربية ، ولكن هذا لا يعطى الحق لأياً منها لتجاوز مبدأ سيادة القانون والقفز عن القانون الاساسي الذي يشكل المرجعية لكافة القوى والفاعليات ما لم يجر تغيره إلى الآن .
    فالتنافس بين الحكومتين يجب أن يدفع لمزيد من العلاقة الإيجابية مع المواطنين لضمان كرامتهم وصيانة حقوقهم وتحقيق العدل الاجتماعي لهم ، وليس عبر إجراءات تؤدي إلى سيطرة الحكم على المجتمع بما يعزز من الضغوطات على المواطنين وذلك بدلا من العمل على توفير مسببات الراحة لهم ، خاصة أنهم هم الذين تحملوا الكثير جراء الحصار والاحتلال والتفوا حول المقاومة في عدوانيين شرسين أكد من خلاله المواطنين انحيازهم لمسار الكفاح وخيار المقاومة ، وقد صمدوا في ارضهم ولم يبرحوها رغم القنابل التي كانت تستهدفهم وأعمال القتل الممنهجة من قبل آلة الاحتلال الهمجية.
    لقد بات مطلوباً إعادة التمسك بالأسس التي ساهمت بالتفاف الجماهير حول حركة حماس وذلك عبر استمرار التمسك بخيار المقاومة وهو ما يتم تأكيده من قبل قادة الحركة باستمرار وبتصويب الأداء باتجاه يعمل على صون الحريات ويحترم كرامة المواطنين ويدير الاختلاف بصورة ديمقراطية خلاقة ، تراعي التعددية الثقافية والسياسية بالمجتمع .
    لقد آن الأوان للسعي الجاد لإنهاء ملف الانقسام والدفع باتجاه اعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة من المشاركة والديمقراطية بحيث يتم اعادة انتخابات كافة المؤسسات الفلسطينية التي انتهت ولايتها القانونية ومدتها الزمنية ، الأمر الذي يتطلب اعادة تجديد شرعيتها عبر صندوق الاقتراع ، بما يشمل الانتخابات للرئاسة وللمجلس التشريعي وللمجلس الوطني الفلسطيني تنفيذاً لاتفاق القاهرة ، علماً بأن إعادة بناء وتطوير م.ت.ف كقائدة لعملية التحرر الوطني يجب أن تحظى على الأولوية الرئيسية في مسار المصالحة الوطنية.

    مصير حكومة سلام فيّاض
    هاني المصري/الأيام،أمد
    جاء الاتفاق الجديد بين "فتح" و"حماس" على تأجيل تطبيق ما تم الاتفاق على تطبيقه من "اتفاق القاهرة" و"إعلان الدوحة" لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ليؤكد مرة أخرى أن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة متعذر حتى في إطار إدارة الانقسام لا إنهائه.
    سيركز هذا المقال على مصير حكومة سلام فيّاض وليس على الجدول الزمني الجديد.
    في نهاية نيسان الماضي، أُعلِن أن الرئيس بدأ التشاور لتشكيل حكومة جديدة خلفًا لحكومة سلام فيّاض التي قدمت استقالتها لأول مرة في 23/2 ثم جددت الطلب في 7/4 وقبلت في 13/4.
    وفق القانون الأساسي، من المفترض أن يقوم الرئيس بتكليف شخص آخر لتشكيل حكومة تخلف الحكومة المستقيلة بعد أسبوعين على استقالتها كحد أقصى، على أن يقوم رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها خلال مدة أقصاها خمسة أسابيع، وستنتهي هذه المدة في الثاني من حزيران المقبل، بينما من المفترض أن تشكل حكومة الوفاق الوطني خلال ثلاثة أشهر، أي في مدة أقصاها 14/8، وهذا الأمر يعني أن هناك فترة تبدأ من الثاني من حزيران المقبل وحتى إشعار آخر، ومن المفترض أن يُملأ الفراغ الحكومي فيها من خلال أحد ثلاثة احتمالات:
    الاحتمال الأول. أن يبقى سلام فيّاض رئيسًا للحكومة، خلافًا للقانون الأساسي، إلى أن تتشكل حكومة الوفاق الوطني، وسيتم تبرير هذا الانتهاك الجديد للقانون بـ"المصلحة الوطنية العليا" التي لها أولوية على كل ما عداها، وبحجة أن القانون معطل في ظل الانقسام، إلى حد أن الرئيس والمجلس التشريعي قد تجاوزا الفترة القانونية لولايتيهما منذ سنوات من دون الاحتكام إلى الشعب مرة أخرى.
    وهذا الاحتمال لن يبقى واردًا إذا استمر إصرار سلام فيّاض على الاستقالة وعلى ترك المنصب خلال الفترة القانونية، خصوصًا أن استقالته لم تكن عادية، وإنما نتيجة أزمة وخلافات تفاعلت فيها العوامل الداخلية والخارجية بصورة تجعل بقاء الحكومة مهينًا لجميع الأطراف.
    الاحتمال الثاني. أن يكلف الرئيس شخصية مستقلة بتشكيل حكومة أو أن يترأسها بنفسه بقوامها الحالي، وهذا صعب جدًا، لأنه يضع كل المسؤوليات بيد الرئيس لفترة غير معلومة، وكذلك لا أحد يصدق حقًا أن حكومة الوفاق الوطني ستتشكل في منتصف آب المقبل، لأن هناك مواعيد كثيرة تم تجاوزها، فلا يوجد ما يجعل ويضمن أن يكون الموعد الجديد مقدسًا، ويمكن أن تكون إحدى الشخصيات التي يتم تكليفها من ضمن الحكومة الحالية، مثل نبيل قسيس المستقيل من وزارة المالية أو غيره، لأن هذا لا يعني تشكيل حكومة جديدة؛ أو من خارجها، مثل: محمد مصطفى، رامي الحمد الله، زياد أبو عمرو، منيب المصري.
    الاحتمال الثالث. تكليف شخصية فتحاوية بتشكيل حكومة يشارك فيها ممثلون عن فصائل أخرى ومستقلون، ولكنها ستكون حكومة "فتح" لا حكومة تشارك فيها مثلما حدث منذ وقوع الانقسام وحتى الآن.
    تتمثل رغبة الرئيس، وهو صاحب القرار، في إعلانه أن سلام فيّاض سيستمر في الفترة الانتقالية إلى حين إجراء الانتخابات، ويمكن أن يُكَلَّف مرة أخرى بتشكيل الحكومة، وهذه الرغبة الرئاسية مستمدة من أن فيّاض مقبول دوليًا، وتحديدًا من أميركا، وأنه حمل العبء عن الرئيس حين تحمّل الإدارة بكل عجرها وبجرها طوال الفترة الماضية منذ وقوع الانقسام وحتى الآن، وأنه إذا كلف نفسه أو شخصًا آخر برئاسة الحكومة مهما كان مستقلًا أو فتحاويا سيرسل رسالة إلى أن الاتفاق على تشكيل حكومة وفاقية خلال أشهر ليس جديًا ولا يتمتع بأي مصداقية.
    الكرة إذًا في ملعب فيّاض، وهل يقبل الاستمرار في رئاسة حكومة تسيير الأعمال حتى إشعار آخر؟ أم يصر على مغادرة المنصب مع انتهاء الفترة القانونية لتشكيل حكومة جديدة؟ هو يستطيع إذا أراد أن يعلن أن اليوم الثاني من شهر حزيران المقبل هو آخر يوم له في رئاسة الحكومة، وأنه لن يداوم في اليوم التالي وعلى الرئيس أن يتعامل مع هذا الأمر.
    فياض مصرّ على المغادرة، كما ينقل المقربون منه، وأنه لن يتراجع هذه المرة، وبدأ يتصرف على أساس أنه راحل، من خلال حصر لقاءاته الرسمية وإجراء لقاءات غير رسمية، ولكن السياسة لا تعرف الثبات، فهي متحركة في ضوء المتغيرات والمصالح، فإذا رأى فيّاض أن بقاءه في الحكومة - خصوصًا إذا حصل على دعم وغطاء الرئيس في مواجهة الهجمات الفتحاوية المتلاحقة عليه، بحيث يكون رئيس حكومة صاحب صلاحيات وليس موظفًا عند الرئيس بدرجة رئيس حكومة - سيساعد على تحقيق طموحه السياسي المستقبلي، فإنه يمكن أن يبقى مع أن هذا صعب، وإذا رأى أن بقاءه سيعرضه لنفس الهجمات السابقة وسيضر بمستقبله السياسي فإنه سيصر على الرحيل، خصوصًا في ظل التشاؤم الذي نُقِل عنه عن فرص نجاح جهود كيري.
    الطموح السياسي حق لكل شخص، وطموح فيّاض هو لعب دور سياسي مستقبلي واضح بمؤشرات عديدة، آخرها إعلانه بأنه يفكر في خوض الانتخابات القادمة وسيواصل العمل السياسي بعد مغادرة منصبه الحالي، ونفيه أنه قبل منصبًا في صندوق النقد الدولي أو أي مؤسسة دولية أخرى، حتى كيري بنفسه الذي ساهم من خلال إصراره السري والعلني على بقاء فيّاض بتقديم الاستقالة وقبولها من الرئيس، بعد التدخل الأميركي الفظ لصالح استمراره، أعلن أن فيّاض سيواصل العمل السياسي.
    إصرار فيّاض على الرحيل وارد، خصوصًا أن الأسباب التي أدت إلى الاستقالة لا تزال قائمة، وهي ضرورة أن يعرف أن النظام الفلسطيني عمليًا رئاسي، وليس مختلطًا (رئاسي – برلماني)، مثلما ظهر بعد استحداث منصب رئيس الحكومة وإجراء التعديلات على القانون الأساسي؛ وعدم رحيله وارد مع أنه مستبعد، خصوصًا في ظل رغبة الرئيس وأطراف عربية ودولية والإدارة الأميركية، التي أبلغت القيادة الفلسطينية بأن لا مشكلة لديها للتعامل مع رئيس حكومة جديد مناسب، ولكن المشكلة عند الكونغرس الذي من المشكوك فيه أن يتعامل مع أي شخص آخر بديلًا من فيّاض.
    إن إصرار فيّاض على الرحيل بعد الإعلان عن الاتفاق على تشكيل حكومة الوفاق الوطني خلال ثلاثة أشهر سيظهره بعديم المسؤولية وكأنه هو المعرقل للمصالحة.
    وما يعزز بقاء فيّاض على الأقل خلال شهر حزيران المقبل أن مصير جهود كيري ستتضح خلال هذه الفترة، فإذا حققت تقدمًا سيعزز احتمال بقائه وسيبعد المصالحة، وإذا فشل سيسرع في رحيله ويزيد من احتمال تشكيل حكومة وفاق وطني (لا تعني بالضرورة إنهاء الانقسام إذا لم تترافق مع العمل المتوازي والمتزامن على توحيد المؤسسات، خصوصًا الأجهزة الأمنية، والاتفاق على برنامج سياسي يجسد القواسم المشتركة، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير بحيث تضم مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي).
    المشكلة كانت وستبقى أعمق وأكبر من تشكيل حكومة ومن سيترأسها، فهي تتعلق بشعب وأرض واقعين تحت الاحتلال، وتتعلق بالحاجة إلى طريق قادر على إنهاء الاحتلال، وإنجاز الاستقلال الوطني، والعودة، وتقرير المصير.
    فطريق المفاوضات الثنائية برعاية أميركية من دون أوراق قوة وبلا مرجعيات وضمانات حقيقية وآلية تطبيق ملزمة وجدول زمني قصير؛ فشل سابقًا ومحكوم عليه بالفشل، كما أن نجاحه يعني شيئًا واحدًا وهو تصفية القضية الفلسطينية عبر حلول انتقالية أو نهائية، وعندما يتم اختيار طريق جديد، طال انتظاره، يتم في ضوئه النظر فيما إذا كنا بحاجة إلى تشكيل حكومة وفق ما تم منذ تأسيس السلطة وحتى الآن، أو بحاجة إلى حل السلطة أو تغيير شكلها ووظائفها وإعادة النظر في التزاماتها، وعندها سيتم اختيار رئيس الحكومة أو عدم اختياره بما يناسب الوضع الجديد.

    غزة وأمن سيناء
    رجب ابو سرية/الأيام
    للمرة الأولى منذ نحو ثلاث سنوات، يعود مشهد تكدس المسافرين الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة، على جانبي الحدود مع مصر، في رفح، بما يعيد للأذهان، ان مشكلة الحصار ما زالت قائمة بأقسى فصولها قتامة، رغم كل ما حدث من تطورات، خاصة في الجانب المصري، حيث ان تغيير النظام في مصر، لم يحل المشكلة بشكل أساسي ولا حتى رئيسي، رغم أن حركة حماس كانت تصر خلال عهد النظام المصري السابق، على أن نظام مبارك، هو من يفرض هذا الحصار، وأحياناً كانت تندفع في توظيفها السياسي المجافي للحقيقة، بالقول إن السلطة الفلسطينية والرئيس أبو مازن هما من يفرض هذا الحصار!.
    ورغم أنه قد مر أكثر من عامين على إسقاط حكم مبارك في مصر، ونحو عام على وصول الإخوان الى سدة الحكم في قصر الاتحادية إلا أن وضع غزة الداخلي لم يتحسن في شيء، ربما ان حكم "حماس"، أو حكومتها في غزة قد تنفست الصعداء، باحتواء الضغط الداخلي الذي كانت تواجهه والخاص بالمطالبة بإنهاء الانقسام، لكن أحوال المواطنين لم تتحسن في شيء، فمازالت مشكلة الكهرباء قائمة، ومشاكل الغاز والوقود، والبطالة المتفاقمة، بل ويزداد الضغط الداخلي على الحريات الشخصية والعامة، وحتى ان شبح الحروب الإسرائيلية لم يختف، بل إن إسرائيل قد شنت في عهد مرسي حرباً ثانية على غزة، قبل نحو ستة أشهر.
    مع ذلك فقد توقفت "حماس" عن انتقاد الموقف المصري، ربما لأن من يجلس على كرسي الحكم في الدولة الشقيقة المجاورة، هو شقيق "حماس" في الأيديولوجيا والتنظيم السياسي الإخواني، وربما لأنه قد تأكد لها بأن هناك قضايا سياسية، وأمنية، مرتبطة بالمصالح العليا للدولة، لا تخضع لحسابات الحكومات السياسية الآنية والضيقة.
    جون كيري وزير الخارجية الأميركي، كان قد رفض في حواره مع الصحافيين في مطار بن غوريون بعد زيارته للمنطقة متجهاً الى لندن، المنطق الذي يبرر رفض إسرائيل لإقامة الدولة الفلسطينية ارتباطاً بإطلاق الصواريخ من غزة، بقوله، ان الانسحاب من غزة كان من جانب واحد، ولم يكن نتيجة اتفاق سلام، أي ان السلطة ليست ملزمة بتبريد جبهة غزة، على الأقل كما كان الحال بعد اتفاقات أوسلو، وهذا يعيد مجدداً السؤال حول الهدف الذي سعت إليه إسرائيل من جراء إقدامها على الانسحاب من غزة من طرف واحد.
    مرة أخرى نجدنا مضطرين الى القول إن هدف إسرائيل كان أولاً أمنياً، وقد كانت تبدي تذمرها من وحل غزة، بالمعنى الأمني منذ العام 1987، وثانياً سياسياً، لوضع حد لتنامي قوة الضغط عليها لإقامة دولة فلسطينية موحدة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 67، وهكذا تحول عبء غزة الأمني شيئاً فشيئاً على كاهل مصر، صحيح أن سيناء، وفق اتفاقات "كامب ديفيد"، تعتبر خاصرة أمنية ضعيفة، لكن تشجيع حركة حماس لأسباب أيديولوجية/ سياسية، المجموعات السلفية والمسلحة، في عهد مبارك، ساهم مع عوامل أخرى، لها علاقة بمحور إيران ـ "حزب الله" ـ سورية، بإحراج مصر وانشغالها ليس بالحدود في رفح وحسب، وإنما أيضاً بالحالة الأمنية في سيناء كلها.
    ثم تفاقمت المشكلة، حين بدأت تلك المجموعات السلفية الجهادية القيام بعمليات في المنتجعات السياحية المصرية، وضد أهداف إسرائيلية، داخل حدود الدولة العبرية، ثم تدحرجت كرة الثلج، بتفجير أنابيب الغاز عدة مرات، وما أن انشغلت القاهرة بالوضع الداخلي، حتى بدأت تظهر سيناء ـ شيئاً فشيئاً، وكأنها خارج نطاق سيطرة الدولة المصرية.
    طبعاً وصلت الحالة ذروة دامية بمصرع ستة عشر جندياً مصرياً في رمضان الماضي، أي قبل عام تقريباً، وها هي تدخل منعطفاً آخر بخطف الجنود السبعة، من قبل المجموعات السياسية المسلحة، والتي هي خارج القانون المصري في كل الأحوال، وكأن سيناء في علاقتها بالقاهرة، تعيد صورة غزة، المتمردة على السلطة، قبل الانقلاب بسنوات قليلة.
    المصلحة الوطنية الفلسطينية والمصرية المشتركة والعليا تقتضي أن تفرض الدولة المصرية سيادتها وقانونها على سيناء، وعلى غزة أن تساعدها أمنياً وسياسياً في ذلك، وكل الخشية أن تكون هناك أصابع خارجية، تدفع باتجاه ان تخرج سيناء من إطار الدولة المصرية، وأن تخلق حالة من الفوضى السياسية، بحيث تفتح الحدود مع غزة، على مصراعيها، وتفرض دولة فلسطينية/ مصرية، ربما لا تكون فلسطينية ولا مصرية، دولة إسلامية او أي شيء، بين فلسطين ومصر، في غزة وسيناء، دولة غزة وسيناء، ولعله ارتباطاً بهذا تظهر المعركة الأمنية في سيناء، مستوى التباين بين مؤسسة الجيش، وهي مؤسسة الدولة المصرية المركزية الآن، ومؤسسة الرئاسة، التي مازال موقفها متبايناً بين الوفاء لمتطلبات الدولة، والالتزام الحزبي الإخواني، كما هو شأن "حماس"، التي أظهرت سياساتها، مدى التعارض بين المصالح الوطنية، وتحقيق الأهداف الحزبية الإخوانية.


    نقطة ضوء-"فتح" والنساء واليد الطالبانية..!
    حسن خضر/الأيام
    لا أنتمي إلى "فتح" أو غيرها، ولكن أعتقد أن "فتح" هي آخر، وأهم، وأكبر، ورقة في يد الحركة الوطنية الفلسطينية المنكوبة والمنهوبة، في مقاومة موجة الأصولية. يستمد هذا الكلام مبرره من "مقالة" مهرها شخص، نطق في مناسبات سابقة باسم "فتح"، بتوقيعه، وفيها عداء للنساء، وتجليات طالبانية، ربما كانت الأولى في تاريخ الحركة.
    لن يجادل أحد في حق المعني بالأمر، أو غيره، في تبني ما شاء من أفكار شخصية، بما فيها كراهية النساء، وتقليد لغة الطالبان. فهذا شأنه. ولكن لا يحق لشخص ينطق باسم حركة كانت دائماً منفتحة ومتنوّرة، أن يقول كلاماً كهذا. ولا أعتقد أن ما جاء في "مقالة" الشخص المعني يعبر عن "فتح". ومن المنطقي، في حالة كهذه، أن تنأى الحركة بنفسها عن هذا الكلام، وأن تقول للمعني بلغة لا لبس فيها: لا يحق لك الكلام باسمنا.
    ولكن لماذا "تكبير" الموضوع؟
    لأن مسألة النساء هي مفتاح المفاتيح، وأم المعارك، بداية من مفهوم المواطنة، وانتهاء بمفهوم الدولة. وما بين هذا وذاك معنى ومبنى الحرية، وآليات التفاوض الاجتماعي بين فئات اجتماعية مختلفة، تتبنى وجهات نظر متباينة، وتحتاج إلى تسويات سلمية، لتعزيز مبدأ التعايش.
    يتجلى مقياس الحرية في المسافة التي تقفها الدولة من الحريات الفردية والعامة، وقضايا الأخلاق، والضمير. كلما ابتعدت عن هذا كله، واعتبرته خارج اختصاصها؛ ارتفعت نسبة الحرية. اختصاص الدولة هو حماية الحريات الفردية والعامة.
    إذا أصبحت الحريات الفردية والعامة، وما يتصل بها من قضايا الأخلاق والضمير، من اختصاص الدولة، تكون جزءاً من وظيفة البيروقراطية، وتتجلى في مدخلات ومخرجات، وفي آليات وأدوات محددة سلفاً للتعريف والتصنيف، والإعلام والإفهام، والضبط والقياس. ولهذه الأشياء كلها، فرادى، ومجتمعة، دلالات ومضامين سياسية.
    مَنْ يفشل في إقامة الصلة بين المعاني السائدة للأنوثة والذكورة، ومسائل من نوع بنية وهوية السلطة السياسية، وآليات التفاوض الاجتماعي، وإمكانيات التعايش السلمي، لن يفهم كيف يمكن تحليل مفهوم السلطة السياسية، ولماذا لا تنفصل هذه عن تلك.
    إذا أردنا أن نكون، دائماً، أقرب إلى الواقع، من الضروري رؤية السياسة في كل شيء، حتى في الأزياء والموضة، والرياضة، والمدرسة، وإشارة المرور في الشارع، وروتين الحياة اليومية، ولغة الجسد، والخطاب العام. تحيل كل هذه الأشياء إلى، وتنجم عن، معنى ومبنى السلطة السياسية، (باعتبارها فكرة، وجهازاً إدارياً، وأداة للضبط والقياس) في هذا المجتمع أو ذاك.
    ثمة أدوات للضبط والقياس تُصاغ في قوانين، ومصادر عامة تمثل منجماً من ذهب في كل محاولة لتقنين وتعريف الحريات الفردية والعامة. وتجدر ملاحظة أن المصادر المعنية لا تُسهم في توليد أدوات للضبط والقياس، إلا إذا تعرّضت للتأويل أولاً، وعوملت بطريقة انتقائية ثانياً.

    وعلى رأسها، طبعاً، الأعراف والتقاليد والعادات السائدة. وغالباً ما تسمع شخصاً يقول لك: هذا يتعارض مع عادات وتقاليد شعبنا. وهذه المرافعة شائعة في العالم العربي، وغالباً ما تنحصر في موضوع الأخلاق. ولكن هل التعذيب في السجون من تلك التقاليد، هل نهب وإهدار الثروات العامة، وإفقار الناس، جزء من تلك التقاليد، وهل تكميم الأفواه، ومصادرة الحريات، وعدم الاعتراف بحق الناس في المعارضة جزء من تلك التقاليد؟
    والصحيح، سواء تعلّق الأمر بالضمير والأخلاق، أو بكل شيء آخر، أن لا ناقة "لشعبنا" (شعبه) في هذا كله ولا جمل. والأصح أن "شعبنا" (شعبه) تفاوض على مدار قرون وأجيال لخلق أشكال من التعايش والتسويات، بما يضمن السِلم الاجتماعي. وأن هذه وتلك كانت انعكاساً لمعنى ومبنى السلطة السياسية في هذا الزمن أو ذاك. والأصح، أيضاً، أن تجليات مختلفة لما تحقق من تعايش وتسويات في أزمنة مضت، أصبح ضيّقاً على "شعبنا" (شعبه).
    ونتيجة هذا الضيق أصبح الانفصام الفردي والجمعي الحل الوحيد، والمُحتمل، للتعايش مع المأزق، طالما تعسّر الخروج منه: انفصام في اللغة بين عامية حميمة وصريحة لا تحظى بالاعتراف، وفصحى بليغة سائدة، وسيّدة، لكنها كاذبة. انفصام بين الشخصي والعام، لا يتجلى الأوّل في الثاني إلا في محاولة للتماهي معه، ولا يحضر الثاني في الأوّل إلا كحارس ورقيب.
    فلنسيّس: لا مواطنة دون حقوق كاملة ومتساوية للنساء. حق النساء في المساواة الكاملة لا يُستمد من كونهم أمهات، وزوجات، وبنات، وأخوات، وحبيبات، ولا يُستمد من حقيقة أن بينهن العالمِات، والمثقفات، والفنانات، والمحاميات، والأكاديميات، والمناضلات. الحق يُستمد من فكرة المساواة بين المواطنين، دون تمييز في الجنس (بمعنى ذكر أو أنثى) ولا في اللون (أبيض، أسود) أو العقيدة الدينية (مسلم، مسيحي، يهودي، بوذي). المرأة متساوية، فقط، لأنها مواطنة.
    تبدو هذه التصوّرات بسيطة على الورق، ولن تتحقق في بلادنا، وفي العالم العربي، في وقت قريب. وبقدر ما يتعلق الأمر بفلسطين، نعاني من الاحتلال، ومن تمزقات وتشوّهات اجتماعية تشيب لهولها الولدان، ناهيك عن تجارب حماس في الهندسة الاجتماعية. ومع ذلك، وعلى الرغم منه، في بلادنا منظمات نسوية مهنية محترفة ومحترمة، ونساء يتسمن بالقوة والشجاعة والبراعة.
    المرأة، كما جاء في أهم وثائق منظمة التحرير الفلسطينية هي "حارسة نارنا المقدسة". وعندما تحاول المس بمكانها ومكانتها يد طالبانية، تصبح التصوّرات، حتى وإن كانت بسيطة، وعلى الورق، جزءاً من خارطة للطريق، ومحاولة للقول: في الموقف من مسألة النساء ما ينبئ بهوية الدولة، التي كانت حلماً لأجيال، وما يبرر، مُسبقاً، التفكير في احتمال تحويلها إلى واقع على الأرض، أو الإفاقة من الحلم على كابوس.


    استهتار اسرائيلي جديد... بالمؤسسات الدولية والعالم !!
    حديث جريدة القدس
    بعد مشاورات مطولة وما تردد عن وجود اتفاقات متبادلة في المؤسسة الدولية للعلوم والثقافة "اليونيسكو" تقرر وبموافقة اسرائيل المبدئية ايفاد لجنة لتقصي الحقائق في القدس كان من المقرر ان تصل الى المدينة المقدسة امس، إلا ان اسرائيل رفضت الزيارة وقيل أولا انها وضعت شروطا رفضتها اللجنة الدولية، ومن بين هذه الشروط عدم زيارة أماكن معينة كباب المغاربة والحفريات الاسرائيلية حول الحرم القدسي وأسفله.
    وهذه ليست المرة الأولى التي تبدي اسرائيل فيها استهتارا كاملا بالمؤسسات الدولية وترفض دخولها حتى الى الاراضي الفلسطينية وليس الى اسرائيل نفسها، او ترفض الالتزام بأية قرارات او توصيات دولية أيضا.
    على أية حال فان الزيارة حتى لو تمت لم تكن لتغير شيئا مما تمارسه اسرائيل ضد كل المواقع الأثرية وتغيير معالمها او هدمها كليا والقضاء عليها رغم أهميتها التاريخية الكبرى، كما تفعل في قبور الأمويين والمعالم في محيط الحرم القدسي الشريف وخاصة في منطقة حائط البراق وسلوان جنوبي الحرم وأسفله وما تخطط له من مساع لاقتسام الزمان والمكان في ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين ومسرى النبي محمد (ص).
    إلا ان في هذا التصرف عبرة لمن يريد ان يدرك، ان لم يكن قد ادرك بعد، تتمثل في ان اسرائيل ليست معنية بالأمم المتحدة ولا مؤسساتها ولا قراراتها، ولا تبالي بأية مواقف معارضة لسياساتها، وهي ماضية قدما في تنفيذ مخططاتها خطوة خطوة.
    والعبرة هنا هي للقيادة الوطنية وللأمة العربية والعالم الاسلامي، وهي دعوة لهم للاستيقاظ من سباتهم السياسي والتفكير بواقعية في ما يجب اتخاذه من خطوات. والغريب في هذا المجال ان الجامعة العربية استجابت لنداء المعارضة السورية على ضوء المعركة الاستراتيجية في القصير وتقدم الجيش النظامي، وقررت الاجتماع بعد غد الخميس لبحث الموضوع وتدارس أبعاده، واتخاذ ما يلزم من اجراءات.
    كما ان هذا الموقف يتزامن مع زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى المنطقة خلال ايام قليلة، للبحث عما يسمونه ايجاد معبر للتفاوض والخروج من مأزق الجمود الحالي، في الوقت الذي تغلق فيه اسرائيل كل المعابر والاحتمالات ولا تترك أي مبرر للتفاوض حاليا او لاحقا، ويقف المجتمع الدولي، والولايات المتحدة بالمقام الأول، اما صامتا او مؤيدا لهذه الممارسات الاسرائيلية، مما يشجع اسرائيل على التمادي في هذه السياسة العمياء التوسعية ... !!

    سورية..اللعبة واللاعبون
    نبيل عمرو/جريدة القدس
    دخل القتال الدموي الشرس في سورية عامه الثالث، ولا احد قادر على توقع النهاية، فهنالك اجتهادات كثيرة ومتناقضة حول مصير الثورة والنظام، فالمحللون ينقسمون على هذه المسألة، وكل لديه من الحجج والقرائن ما يعزز وجهة نظره. ولو صدقت استنتاجات الفريق الاول من المحللين لكان بشار الاسد الان اما تحت الثرى او لاجئا سياسيا في دولة ما، وفي المقابل فان اصحاب وجهة النظر الاخرى لو صدقوا.. لرأينا ثورة خمدت وانتهت، ونظاما قمعيا استمر وتجذر، وعلى المدى المنظور لا التحليل الاول يبدو مضمونا ولا الثاني كذلك. اذا فان الوضع النموذجي للاعبين الكبار هو بقاء الوضع على حاله، فمن خلال القتال طويل الامد يعظّم كل طرف اسهمه في شركة الدم ويوطد نفوذه في سورية مهما كان المصير الذي ستؤول اليه .

    وهنا سأحاول عرض حسابات كل طرف من اطراف اللعبة وابدأ بايران:

    ان الدولة الاقليمية العظمى صاحبة المشروع النووي والاحلام الامبراطورية القديمة ترى في المسألة السورية مستويين احلاهما مر.

    المستوى الاول هو هزيمة النظام الحليف، وبالتالي هزيمة الاجندة المشتركة بين حزب الله وايران والنظام في سورية.

    ان سقوط ما يسمى بمثلث الشر وغيابه عن معادلة القوى الحيوية والفعالة في المنطقة .. هو اشد ما تخشاه ايران وتتخوف منه.

    المستوى الثاني، هو استمرار الاقتتال الى اطول مدى ممكن. وعلى الرغم من ان الحرب في سورية تشكل استنزافا خطرا للقوى والطاقات الايرانية ولحزب الله كذلك الا ان هذا الوضع يظل افضل بكثير من سقوط نظام دمشق والتفاعلات المترتبة عن هذا السقوط مستقبلا.

    وخلف ايران تظهر روسيا بصورة ملحة، ذلك ان الاستثمار الروسي في سورية انتج حتى الان نفوذا متناميا للدولة التي كانت عظمى، وتتطلع لان تعود كما كانت. ومن هو افضل من الشرق الاوسط ومفتاحه السوري يمكن ان يوفر هذا النفوذ الذي يصل حد الشراكة في مصير منطقة بأسرها.

    اذا فان تواصل الاقتتال في سورية، لا يضر موسكو بل انه المناخ النموذجي لتعظيم النفوذ، والعودة الى وضع القطب الدولي الذي لا يمكن تجاهله او تجاوز رد فعله ليس فقط ازاء الوضع في سورية بل ربما في الكثير من مناطق العالم.

    اما امريكا، التي تبدو ومنذ بداية الازمة حتى الآن وكأنها بلا سياسة تجاه سورية، فهي تشعر بالرضا عن استمرار القتال، حيث تتجمع عناصر القاعدة ومن لف لفها على الساحة السورية، وحسب اكثر التقديرات تواضعا فان مقتلة يومية تنظم لهؤلاء على يد جيش ليس مواليا لواشنطن وفق الحسابات التقليدية المباشرة خصوصا وان الولايات المتحدة ما تزال في غمار حرب كونية ضد الارهاب ، والقاعدة هي الرمز الاساسي لهذه الحرب.

    كذلك فان اضعاف الجيش السوري امر لا تكرهه واشنطن اذ ترى ان ما سيتبقى من الجيش السوري النظامي ربما يصلح لترتيب المعادلة الداخلية الجديدة في سورية بعيدا عن قدرات استراتيجية تشكو منها اسرائيل.

    اذا.. فليتواصل القتال على الساحة السورية ويقين واشنطن ان هذه الغيمة لابد وان تسقط امطارها اخيرا على حقولها.

    اما اسرائيل فلها وضع خاص واستثنائي في اللعبة، فلقد برعت في الاستيلاء على خلاصات الحروب التي تتم على هذه الشاكلة، فهي تدرك ان ما يجري في سورية هو حرب استنزاف للدولة النوعية الاهم في العالم العربي، اذ مهما بدا نظام الاسد الاب والابن في دمشق مسالما ومحافظا على جمود الجبهة الشمالية، الا ان مخاوف اسرائيل من سورية لا يمكن ان تنتهي. ولقد ظهر ذلك حين اغدق رابين على الاسد الاب، بمشروع حل يستعيد فيه نظام دمشق جميع الجولان باستثناء اشبار قليلة على شاطئ البحيرة، مقابل سلام وتطبيع كاملين مع سورية. ان من يقدم مشروعا كهذا يدرك اهمية اخراج سورية من حالة الحرب مع اسرائيل. ان استمرار القتال في سورية يعني اخراج هذا البلد الهام موضوعيا من حالة الحرب، ذلك ان اي وضع سيأتي في سورية بعد هذه الحرب، سيحتاج وقتا طويلا جدا لترميم ما تهدم من البنية التحتية والفوقية، مع احتمالات صفر لبلوغ قدر معقول من التوازن العسكري مع الدولة العبرية.
    الا ان اسرائيل المصابة بدوار القوة تظل مسكونة بقلق بديهي، ذلك ان النظام القادم في سورية، قد لا يسيطر تماما على الوضع هناك وقد تستبد الفوضى لفترة انتقالية طويلة لا تستطيع اسرائيل قراءة مدى تأثيرها الامني والاستراتيجي عليها.
    كذلك فان اسرائيل تستذكر التحول الذي وقع في مصر، وما انتج من تهديد جدي بمساحة سيناء الشاسعة والخطرة. لهذا فان استمرار القتال هو الوضع النموذجي لاسرائيل. فمالذي تريده اكثر... فحزب الله يخسر، وايران تخسر، وسورية الكيان تخسر، واي خطر يأتي بعد هذه الخسارات جميعا يبدو بالنسبة لاسرائيل قابلا للمعالجة او الاحتواء.

    هذه هي خلفيات وآفاق اللعبة واللاعبين على ارض سورية.

    فالاقوياء يستفيدون من اي تطور.

    والضعفاء يدفعون ثمن اي تطور.

    وهذه هي القواعد الثابتة في السياسة مهما كانت اللعبة، وأياً كان اللاعبون.


    الوقوف والتوقف في مُربّع النكبة
    محمود الريماوي/جريدة القدس
    مرت الذكرى الخامسة والستون لسقوط فلسطين قبل أيام باستحضار المناسبة في مخيمات اللجوء بصورة متواضعة، وبالغة الرمزية لم تتردد أصداؤها خارج المحيط الضيق لأمكنة الاحتفالات، وأصدرت الفصائل الفلسطينية بيانات بالمناسبة، ويشك المرء في أن أحداً من ذوي العلاقة قد توقّف عند تلك البيانات .
    ولعل أفضل استذكارات للمناسبة هي التي جرت على أرض الوطن الأم أمام أنظار الخصم الذي أقام دولته على الأرض المسلوبة . ولا يود المرء هنا الذهاب بعيداً إلى درجة الخلوص مثلاً إلى ضمور معنى النكبة في أوساط الشعب المنكوب، وكذلك لدى شعوب شقيقة متضررة .
    فواقع الحال يفيد أن الصراع العربي - الاسرائيلي بات أكثر فأكثر مسألة إقليمية ودولية وإلى درجة تكاد تطغى على البُعدَيْن الوطني والقومي للمسألة . وخلال ذلك فإن التحديات الذاتية داخل الإقليم، تطغى بدورها على القضية التي ظلت لعقود: مركزية وتحظى بأولوية .
    من العراق إلى مصر، ومن سوريا إلى لبنان فالأردن فإن التحديات الداخلية معطوفة على استقطابات دولية، تشكل أولوية لهذه البلدان تتساوى في ذلك الأنظمة والمجتمعات . ولعلها من الشواهد ذات الدلالة الكبيرة أن تتعرض دمشق لقصف اسرائيلي قبل أيام من ذكرى النكبة، فيما آلاف من اللاجئين ينزحون من مخيمات سوريا إلى مخيمات لبنان (لبنان الوحيد المستعد لاستضافتهم . .)، كل ذلك فيما سوريا منهمكة حتى الأذنين في أزمتها الداخلية - الإقليمية الطاحنة .
    على هذا النحو تبدو الأمور متشابكة ، فيتم عملياً إقصاء الصراع مع اسرائيل عن سُلّم الأولويات، ومن جانبه فإن الطرف الفلسطيني يتطوع بالاستجابة الآلية لهذه المؤثرات الإقليمية وتقييداتها، ويرهن المصير الوطني رهناً تاماً بها، مُضحياً بالفاعلية الذاتية ومُبْخِساً قيمتها وجدواها، مؤمّلاً بأن تهبّ رياح مواتية ذات يوم كي يقتنصه!
    وفيما تم تكييف الحق الوطني الثابت في إطار دولة على الضقة والقطاع، فإن المآل السياسي منذ عقدين انتهى إلى سلطة مقيدة لم تلبث أن انشقت عنها سلطة ثانية في قطاع غزة، بما يكرس الانفصال “التاريخي” بين الضفة والقطاع منذ أن انضمت الضفة الى الأردن، وانضم القطاع إلى مصر مطلع خمسينيات القرن الماضي . . خلافاً للمغزى الذي أطلقه الراحل ياسر عرفات لدى عودته في العام 1993 إلى الوطن عبر قطاع غزة، قبل أن ينتقل إلى رام الله .
    وسط هذا الجو القاتم أذاع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لمناسبة حلول ذكرى النكبة، تقريراً أفاد فيه أن عدد الفلسطينيين المقيمين على أرض فلسطين التاريخية حتى نهاية العام 2012 قد ارتفع إلى 8 .5 مليون نسمة يتوزعون بين 7 .2 مليون في الضفة و7 .1 مليون في قطاع غزة و4 .1 مليون داخل الخط الأخضر .
    وذلك من جملة 6 .11 مليون فلسطيني . وفي الحسابات الديموغرافية فإن عدد الفلسطينيين يناهز نحو 47 في المئة من إجمالي المقيمين على أرض فلسطين التاريخية اذ يناهز عدد اليهود نحو 3 .6 مليون نسمة (وذلك باللجوء إلى معدل وسطي للإحصاءات الفلسطينية والاسرائيلية) . وقد تمت زيادة عدد اليهود نتيجة السياسة المنهجية في ربع القرن الأخير على الخصوص، ليس فقط باجتلاب اليهود الروس والفلاشا، بل بجذب يهود من كل مكان في العالم بما في ذلك من فرنسا مثلاً .
    غير أن هذه الأعداد والنسب التي تثير قدراً من التفاؤل بتوازن ديموغرافي ينبغي ألا تحجب واقعاً قاتماً في الضفة الغربية التي تحتضن أكبر عدد من أبناء الوطن المقيمين على أرضهم . فجدار الضم والتوسع المقام في الضفة الغربية وبطول 680 كلم، قد تم إنجاز ستين في المئة منه وهو يقتطع 12 في المئة من أراضي الضفة ويعزل 300 ألف مواطن فلسطيني معظمهم في القدس وما حولها . إضافة إلى حصار نحو 850 ألف مواطن .
    هكذا مع بناء الجدار وعزل منطقة القدس، فإن الضفة الغربية تحولت إلى كانتونات إما مغلقة مثل القدس، وإما شبه مغلقة مثل قلقيلية شمالي الضفة، ومن اللافت أنه فيما يتواصل بناء الجدار على قدم وساق، فإن الجانب الفلسطيني أوقف معركته السياسية بشأنه منذ سنوات، ولم يعد أحد يأتي على ذكره إلا في مناسبات عابرة! وإمّا القدس (الكبرى) المحتلة، فيفرض المحتلون وقائع على الأرض تكاد تحدد مسبقاً نتائج أية مفاوضات مستقبلية..
    وعلى الجانب الآخر في قطاع غزة، فإن حماس معنية في المقام الأول والثاني بتوطيد سلطتها، ونسج علاقات إقليمية مع حكومات الربيع العربي الإسلامية، وباتت الضفة الغربية المحتلة بالنسبة إلى الحركة حُلماً يراودها لتوسيع مدى سلطتها، بدل المساهمة مع الجميع في بلورة برنامج وطني مشترك لتوحيد أشكال ومظاهر الجهد الوطني لإزالة الاحتلال .
    حقاً إننا ما زلنا في مربع النكبة فلسطينياً وإقليمياً ودولياً .


    الخروج من المتاهة !
    عزام توفيق أبو السعود/جريدة القدس
    دون شك فان الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحالي الذي وصلنا إليه قد أدخلنا في متاهة كبرى، نسير فيها دون دليل واضح يقودنا كي نخرج من هذه المعضلة التي تم اقتيادنا إليها، وتبدو كأنها فخ ، أو مجموعة من الطرق المسدودة داخل هذه المتاهة التي نسير فيها في أيام ماطرة، وأصوات الرعد ولمعان البرق يلفنا من كل صوب وحدب، ولا نملك أية مظلة تقينا شدة تقلب الأحوال الجوية وقسوتها، أو أننا نعتقد أن لدينا مظلة ، لكنها لا تحمينا لكثرة الثقوب التي تنخرها!
    لدينا حكومة... وعمليا ليس لدينا حكومة! لدينا دولة... وعمليا ليس لدينا دولة ... لدينا ميزانية.. وعمليا ليس لدينا لا ميزانية ولا موازنة... لدينا غطاء عربي... وعمليا ليس لدينا غطاء عربي... لدينا دعم دولي... وعمليا ليس لدينا أي دعم حقيقي... لدينا مشروع مصالحة وطنية ... وعمليا ليس لدينا مصالحة أو نوايا حقيقية غير التسويف في المصالحة... لدينا انفصال حقيقي بغيض... وليس لدينا إلا محاولة عمل ترتيبات إدارية ترسخ هذا الانفصال ... لدينا مدينة القدس... وعمليا لدينا مدينة تهرب من بين أيدينا وتتسرب منا ومعها أحلامنا بها كعاصمة لدولتنا!! .
    هل نحلم بربيع فلسطيني يخرجنا من هذه المتاهة وهذه التناقضات؟ لا أعتقد أن حلمنا هذا متاح في الوقت الحالي وفي الظروف الحالية، فقد رأينا الربيع العربي في كل الدول العربية التي خاضت تجربة هذا الربيع، وكيف أصبح حالها.... ربيع عربي تم ركب أمواجه من تيارات وأحزاب وأحلاف ودول أقحمت نفسها في دهاليز هذا الربيع العربي فزادت من عمق المتاهة ، وأطالت طرقات هذه المتاهة ، وعقدت الأمور لتجعل شعوب العالم العربي، التي عاشت القهر والظلم، تشعر بأن أحوالها قبل الربيع العربي كانت أفضل، وأن حركات شباب العروبة تختطف منها ليجد هؤلاء الشباب أنفسهم مسلوبي الإرادة أكثر، وفي قمة الإحباط!
    كمواطن فلسطيني، كان يعتقد أن حكومة التوافق الوطني أيا كان شكلها، قادمة خلال خمسة وثلاثين يوما! مضى أكثر من نصفها.. لكنه فوجئ في اجتماع القاهرة الأخير بين فتح وحماس بأننا نتحدث عن ثلاثة أشهر! وهذه ليست المرة الأولى التي نسمع عن مهلة الثلاثة أشهر، فقد مرت علينا مثلها الكثير، وتقطعت سبل الحوار، وتقطع معها الأمل باتفاق، حتى أصبحت... وأنا المواطن العادي، اشعر بأن هذه المهل وهذه الأشهر الثلاثة ليست إلا "ضحك على الذقون" أو رش الرمل على العيون.. وعود ثم وعود .. نسمع فيها قرقعة ولا نرى طحنا !
    وكمواطن عربي .. كان يعلق الآمال على وقوف العرب إلى جانبه في تمسكه بالأرض وأحلامه بالوطن في شموخ وإباء، يرى العرب يسارعون لتقديم تنازلات مجانية على حدود عام 1967، دون أن يسمعوا من الجانب الإسرائيلي أية نية ولو شفوية في التقدم خطوة واحدة من جانبهم مقابل تنازلاتنا هذه.. أشعر هنا بأنه ليس لدي أي ظهر عربي يحميني، وان مقولة قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى والأهم قد تلاشى مفهومها بعد خمسة وستين سنة من النكبة التي ساهم ضعف الجيوش العربية في حدوثها عام 1948.
    وكمواطن مقدسي.. أشعر بكل خيبة أمل يمكن أن تحصل، وأنا أسمع عن مشاريع إسرائيلية في القدس الشرقية العربية، ليست في مجال الاستيطان وسرقة الأرض، وبناء وحدات سكنية لليهود فقط ليسكنوا القدس، وإنما في مشاريع اقتصادية ترسخ توحيد القدس إسرائيليا، وتعوق وتعقد أية فرصة كي تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية، وآخر مثال على ذلك مشروع التلفريك الهوائي الذي سيربط جبل الزيتون العربي بحائط المبكى، لتسهيل وصول المصلين اليهود إليه... أما المصلين العرب... فحدّث ولا حرج كيف يتم قمعهم ومنعهم من الصلاة في المسجد الأقصى... وحتى المليار دولار التي خصصت للقدس في قمة الدوحة.. فقد خصصت مع شروط وقف التنفيذ مثلها مثل الوعود بالأموال الكثيرة التي سبقتها.
    لا أريد أن ابدو متشائما أو محبطا، لكنها الحقيقة، التي لا أعيشها وحدي... وإنما يعيشها جميع الناس في القدس، وربما في فلسطين وهم يرون أننا نتجمع بأعداد غفيرة، ونشد الرحال الى رام الله للمشاركة في انطلاقة حركة أو جبهة .. ولا نسمع عن شد رحال حقيقي هدفه القدس وقضية القدس والمسجد الأقصى، نسمع عن مؤتمرات خطابية ومشاريع لتشخيص أوضاع تم تشخيصها سنة بعد سنة، ولم يتغير التشخيص، ولا نسمع عن مبادرة عملية على الواقع لحل القضايا التي قمنا بتشخيصها مرة تلو الأخرى، وأنفقنا على التشخيص والخبراء مبالغ لو أنفقناها على الأرض في القدس، لعملنا بعض التغيير على طريق إبقاء الوجه العربي الإسلامي المسيحي للمدينة !
    في ظل هذه المتاهة التي نعيشها، لا أدري هل نحلم بنفق واقعي يخرجنا منها ويوصلنا الى ما نصبو إليه؟ أم أننا يجب أن نبقى نعيش مع الروحانيات، وندعو الله أن ييسر لنا أمرنا ويشرح لنا صدورنا ويهدينا سواء السبيل؟ كي نسير في الطريق السليم. ولا حول ولا قوة إلا بالله !


    هل يمكن أن تطير حمامة السلام مرة أخرى؟
    تقرير خاص /جريدة القدس
    في أعقاب الربيع العربي، ووسط تفاقم الأزمة في سورية، قبعت عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية المتعثرة في خلفية المشهد الدبلوماسي الدولي. لكن وفداً من جامعة الدول العربية التي تمثل 22 بلداً حاول يوم 29 نيسان الماضي إعادتها إلى الواجهة عن طريق مراجعة وتعديل الخطة التي كانت الجامعة قد اقترحتها لأول مرة منذ أكثر من عقد.
    بينما كان يتحدث بعد اجتماع مع وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، أعلن رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي ترأس الوفد، أنه في حين أن مبادرة السلام للعام 2002 دعت إلى انسحاب إسرائيل الكامل إلى حدود ما قبل العام 1967، فإنه من الممكن أن ينص الاتفاق النهائي على مقايضات طفيفة في الأراضي. وهكذا، أشار البيان القطري باسم الجامعة العربية، ضمنياً، إلى أن بعض المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضي المحتلة في الضفة الغربية يمكن أن تظل جزءاً من إسرائيل. وقد ضم الوفد وزراء خارجية كل من مصر والأردن والمغرب وفلسطين، والأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، بالإضافة إلى بعض كبار الدبلوماسيين اللبنانيين والسعوديين.
    وكان الرئيس محمود عباس قد قبل بتبادلات طفيفة في الأراضي من حيث المبدأ في العام 2008 خلال محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إيهود أولمرت، قبل انهيار المفاوضات. لكن الإعلان الأخير لجامعة الدول العربية يمثل الخطوة الحقيقية الأولى نحو إحياء عملية السلام منذ زار باراك أوباما إسرائيل في آذار وشرع السيد كيري في مجموعة رحلاته المكوكية في جميع أنحاء المنطقة. ويأمل الأميركيون وجامعة الدول العربية بأن يوفر ذلك للسيد عباس فرصة للتراجع عن موقفه القائم على عدم العودة إلى طاولة المفاوضات ما لم توقف إسرائيل توسيع المستوطنات أولاً.
    مع ذلك، وفي حين أشاد السيد كيري بتصريح الجامعة العربية بوصفه "خطوة كبيرة جداً إلى الأمام"، كانت ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية أكثر حذراً. وقال كبير المفاوضين، صائب عريقات، إن الإعلان جاء منسجماً مع الموقف الرسمي الفلسطينيين. لكن حماس، حركة المقاومة الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة، رفضته على الفور، وقالت إن الجامعة العربية ليست مخولة بتقديم تنازلات نيابة عن الفلسطينيين. كما أن بعض الدول العربية، التي شعرت بالاستياء من مسعى قطر الصغيرة، كانت غير متحمسة أيضاً. ولم يُدل الأردن بتعليق فوري، في حين قالت مصر إن شيئاً لم يتغير حقاً.
    من جهته، تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ببرود إذا لم يكن بالرفض، خشية أن يعني قبول أميركي بمبادرة جامعة الدول العربية تعيين حدود العام 1967 كأساس للدولة الفلسطينية. ودعا جامعة الدول العربية إلى أن تعترف أولاً بإسرائيل كدولة يهودية، وهو طلب لم يسبق لإسرائيل أن قدمته لمصر ولا للأردن قبل أن يوقعا معاهدات سلام معها. وقد رحب أعضاء آخرون في ائتلاف نتنياهو الحاكم بالتنازل العربي، لكنهم حثوا عن تبادلات أكبر في الأراضي.
    ومن جهتهم، دان الليبراليون الإسرائيليون نتنياهو لأنه بدا رفضوياً كما كان حال العرب قبل بدء عملية السلام المضنية. ويقول ماتي شتاينبرع، رجل الاستخبارات الإسرائيلي الرفيع السابق: "هناك تقارب في العدوانية بين بيبي نتنياهو وحماس. يقول إنه يقف ضد قيام دولة واحدة ثنائية القومية، لكنه ليس مستعدا لدفع ثمن قيام دولتين".
    على الرغم من أن الأميركيين أعربوا عن أملهم في أن بيان الجامعة العربية وقبول السيد عباس الحذر سيضعان الكرة في الملعب الإسرائيلي، يواجه نتنياهو ضغوطاً داخلية قليلة ليتعامل معها. فقد رحبت تسيبي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية التي أعطيت مهمة تنسيق مفاوضات محتملة مع الفلسطينيين، بالتعديل على المبادرة بوصفه "أنباء طيبة" لكنها قالت إن إسرائيل لا يمكنها قبول إصرار الجامعة العربية المتواصل، ولو أنه صامت، على أن للاجئين الفلسطينيين وأبنائهم الحق في العودة إلى إسرائيل.
    ومن جهة أخرى، فإن الآمال بأن يائير لابيد، وزير المالية، الذي يرأس ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحاكم، قد يقنع نتنياهو بالسعي بجدية للتوصل إلى تسوية على أساس الدولتين، شرعت بالتبدد أيضاً. وقد عمد السيد لبيد، الوسطي نسبياً، إلى تعزيز تحالف تكتيكي مع البيت اليهودي، وهو حزب ديني يقف ضد إقامة دولة فلسطينية، وأيد دعوة زعيمه، نفتالي بينيت، إلى أن أي انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية يجب أن يطرح للاستفتاء. ومن مجلس الوزراء الإسرائيلي المكون من 22 عضواً، قال يعقوب بيري، وزير العلوم الذي كان يتولى رئاسة جهاز الأمن الداخلي (الشين بيت) إنه يجب على إسرائيل أن تأخذ اقتراح الجامعة العربية على محمل الجد.
    أما شيلي يحيموفيتش، زعيم حزب العمال المعارض، والذي ركز على القضايا الاجتماعية المحلية، فقد أعرب عن تأييده للإعلان، في حين عرض بنيامين بن اليعازر، وهو عضو مخضرم من حزب العمل في البرلمان، الانضمام إلى حكومة نتنياهو إذا كان سيقبل بذلك. ويقول عوفر زالزبيرغ، المحلل الإسرائيلي الذي يدرس تأثير أيديولوجية المستوطنين على صناع القرار في البلاد: "إن هذا الموقف ليست حديثاً جديداً". أما معسكر السلام الإسرائيلي الذي اعتاد جلب مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع، فقد أصبح صوته بالكاد مسموعاً في الوقت الحاضر.
    ومع ذلك، فإن مشاركة دول الجامعة العربية في قمة إسرائيلية فلسطينية، والتي يأمل بعض الدبلوماسيين بانعقادها الشهر القادم في العاصمة الأردنية، عمان، أو في واشنطن، ربما تعيد عملية السلام الغارقة في الغيبوبة إلى الحياة مرة أخرى. ويرغب بعض الإسرائيليين الذين يؤيدون تسوية الدولتين في تحويل الشكل من محادثات ثنائية إلى متعددة الجنسيات، بحيث قد تتمكن القوى الإقليمية من تخفيف قوة المساومة الإسرائيلية على الفلسطينيين. وقد شرعت الصين مؤخراً بالانضمام، على نحو غير اعتيادي، إلى اللاعبين في ميدان التسوية.
    يقول عساف شارون من مولاد، وهي مؤسسة فكرية إسرائيلية حمائمية جديدة: "لقد أثبتت العملية الثنائية التي بدأت في أوسلو في العام 1993 فشلها لأكثر من عقد من الزمان". وكان قد وضع مؤخراً ورقة يدعو فيها إلى إحياء التنسيق متعدد الأطراف، والتي أعاد بموجبها الأميركيون إطلاق عملية السلام في مدريد في العام 1991. وقد ضم ذلك المؤتمر الروس ومجموعة من الدول الأوروبية والعربية أيضاً، فضلاً عن الفلسطينيين والإسرائيليين. ويضيف شارون: "لقد حان الوقت للعودة إلى مدريد".


    قراءة في خطاب النكبة
    مهند عبد الحميد/الأيام
    ماذا فعلنا في الذكرى الخامسة والستين للنكبة؟ هل نسير باتجاه تجاوز نتائجها المأساوية؟ ام أننا ندخل في نكبات جديدة؟ او على وشك الدخول في نكبة جديدة؟ الاسلوب الذي نحيي فيه الذكرى رسميا وشعبيا يلخص الاستجابه. فقد غلب الطابع الاحتفالي ليضفي ملمحا سرياليا على المشهد برمته. كثيرون سألوا بسخرية: هل احتفلت بالنكبة؟ وكانت الاجابة شبه موحدة تقريبا: احتفلت وسمعت الخطاب نفسه الذي اسمعه كل عام. خطاب ذو نص واحد يغلب عليه وصف حالنا كضحية من غير زيادة او نقصان، التكرار والانفصال عن الواقع سمة مشتركة لخطابات الذكرى الخامسة والستين فضلا عن افتقادها للحرارة والصدق. كثير من المحتشدين في الساحات لا يستمعون ولا ينجذبون للخطباء المنتقين بغير عناية، وسرعان ما يغادرون او يثرثرون في شؤون أخرى إذا كانوا لا يستطيعون المغادرة. شبان وفتية لا يروق لهم سماع الخطباء، فيختصروا بالذهاب الى حواجز الاحتلال يمطروها بالحجارة في محاولة للرد على المحتلين الذين صنعوا النكبة.
    ولا جديد في الشعارات المعلقة في الشوارع والساحات، بل هناك استعارة لشعار ذكوري بامتياز عفا عنه الزمن يقول: من لا يدافع عن أرضه لا يدافع عن عرضه. الشعار يشطب بجرة قلم النساء (نصف المجتمع) باعتبارهن عِرضا ينبغي الدفاع عنه من قبل الذكور، وهو بهذا الموقف يشطب التطور الذي طرأ في الواقع وفي منظومة القوانين التي تلزم بالمساواة بين الجنسين وبإزالة كل أشكال التمييز ضد النساء.
    التمسك بحق عودة اللاجئين إلى وطنهم ورفض التراجع عنه هو جوهر الرسالة التي أطلقتها احتفالات الإحياء هذا العام وكل الاعوام السابقة تقريبا. هذا الموقف يأتي كرد فعل على التنازل الذي قدمه بعض المفاوضين بإجازة رسمية فلسطينية وقدمته مبادرة السلام العربية حين تحدثت عن حل متفق عليه بين جميع الاطراف لقضية اللاجئين، معطية بذلك دولة الاحتلال حق النقض. التمسك بحق اللاجئين غير المنقوص موقف مهم وضروري، لان قضية اللاجئين هي جوهر الصراع الفلسطيني والعربي – الاسرائيلي وحلها حلا عادلا عبر تطبيق القرار الدولي رقم 194 هو الاثبات العملي على جدوى الحل السياسي. الخلاف ليس على الموقف المبدئي الذي يحظى بموافقة وتأييد الشعب الفلسطيني ولا على أهمية التأكيد عليه بنبرة عالية الصوت. الخلاف هو حول علاقة حل قضية اللاجئين بإزالة الاحتلال من الاراضي المحتلة منذ عام 1967، وبحق تقرير المصير للشعب بما في ذلك إقامة الدولة المستقلة، وبتحقيق المساواة كبديل للتمييز العنصري الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في مناطق 48. لا يمكن فصل قضية اللاجئين عن اهداف النضال الاخرى الاساسية، واي فصل يجعل الشعب مجزءا ومنقسما ويجعل العملية برمتها متعثرة وغير قابلة للتطبيق.
    ذكرى النكبة هذا العام وكل عام مناسبة لتقييم حالة الشعب الفلسطبيني وحركته السياسية ومؤسساته وانجازاته وإخفاقاته ومناعته في مختلف المجالات، مناسبة لاستكشاف عناصر القوة والضعف، توطئة لادخال التعديلات المطلوبة . مناسبة لفحص استراتيجية النضال ومستوى تطبيق البرامج، وصولا للنقد والمساءلة والمحاسبة. في هذه الحالة تتحول الذكرى الاليمة الى حالة من البحث المشترك عن مخرج وحلول تمكن الشعب من مغادرة حالة النكبة وقطع الطريق على احتمال الوقوع في نكبات جديدة والاقتراب التدريجي من الحل.
    في الذكرى الـ 65 للنكبة كان ينبغي التوقف عند مسألتين على درجة كبيرة من الخطورة:
    أولا: الاخفاق في حماية الارض من النهب الكولونيالي الاستيطاني، والاخفاق في حماية الشعب داخل فلسطين من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين وحماية المخيمات الفلسطينية في سورية والعراق وليبيا ولبنان من تهجير وتشرد جديدين. قد تكون النتيجة إخفاقا نسبة الى موازين القوى، لكن هل جاء الاخفاق بعد محاولات كافية وجدية ؟ الموضوع بحاجة الى تقييم بمناسبة مرور الذكرى.
    ثانيا: تفكك وحدة مكونات الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة والقدس ومناطق 48 والشتات.التفكك نسبي، لكنه يسير في خط هابط وخطير، يترافق هذا التفكك مع الانفصال بين المؤسسة الرسمية وامتداداتها والقطاعات العريضة من الشعب في الاماكن المختلفة.ان هذا يطرح وحدة الشعب وعملية التمثيل المرتبطة بالاستجابة للحاجات الضرورية. لماذا حدث التفكك والانفصال ومن المسؤول؟
    وفي الذكرى الـ 65 للنكبة من المفترض ان يتركز البحث والتفكير في مهمات من نوع:
    اولا: اعداد عقد وطني جديد يتوحد الشعب على أساسه. الميثاق الوطني القديم عبر عن مرحلة تاريخية ضمن واقع عربي ودولي وفلسطيني مختلف عن الواقع الجديد، ولا يستطيع الاجابة على التحولات والتغيرات القائمة، وهو غير قابل للتعديل، ولا يجوز تعديله كما حدث بعد إنشاء السلطة. الوضع الجديد يستدعي وضع صيغة جديدة متلائمة مع حاجة الشعب الفلسطيني ومصالحه وحقوقه الاساسية غير القابلة للتصرف، ومع التحولات. مطلوب عقد يحدد الاهداف المشتركة لكل مكونات الشعب ويحدد قواعد العمل والنضال في إطار المشروع الوطني المتجدد والقابل للتطور والتطوير.
    ثانيا: تحقيق الوحدة الوطنية استنادا للعقد الوطني الجديد، من خلال تمثيل مكونات الشعب في أطر منظمة التحرير، وإعادة بناء مؤسسات المنظمة استنادا لذلك، وبما يضمن تجديد البنية السياسية والفكرية والتنظيمية، وانبثاق قيادة عصرية ملتزمة بالقواعد الجديدة.
    ثالثا: الانفتاح على قوى الثورة العربية الحقيقية وفتح حوار حول النضال المشترك والمصالح المشتركة وحول تغيير القواعد التي اعتمدها النظام العربي المستبد والتابع وبخاصة اتفاق كامب ديفيد، وربط كل تحول ديمقراطي عربي حقيقي بالقضية الفلسطينية انطلاقا من المصالح المشتركة والروابط العميقة، والتصدي المشترك للتواطؤ الرسمي العربي مع السياسة الاميركية المنحازة لدولة الاحتلال الاسرائيلي.
    رابعا: توطيد علاقات التحالف الفلسطيني مع النضال العالمي استنادا لمبادىء الحرية والعدالة والسلم والمساواة وفي مواجهة الحرب والتدخل الاستعماري ونشر القواعد العسكرية والاحتلال والهيمنة والعنصرية. عوفك الارتباط مع الحلول السياسية التي تنطلق من المصالح الاستعمارية والنيو ليبرالية. والانطلاق من المهمة المشتركة وهي مقاطعة ومعاقبة دولة الاحتلال.



    حياتنا - التنكيل المتبادل
    حافظ البرغوثي/الحياة الجديدة
    التنكيل بات سمة ما يسمى الربيع العربي حيث يعمد النظام وأزلامه وشبيحته وبلطجيته وعسسه الى التمثيل بالجثث والتمتع بقتل الرضع والنساء واغتصاب الفتيات ثم قتلهن.. ويرد المعارضون بالافعال نفسها، وكلنا شاهدنا جثث صبية سوريين تم تعذيبهم وقتلهم وشاهدنا جثث جنود وشبيحة تم التنكيل بهم.. كما شاهدنا ذلك في ليبيا.. ومصر ايضا حيث جرى سحل بعض الناس وقتل آخرين، لكن الوضع المصري أقل سوءا من غيره وقد شاهدنا رأس جندي سوري فوق جمر كانون نار.. ورضعا تم قتلهم.. ثم ذلك الكائن المدعي ثورية الذي يقتلع قلب جندي سوري ويهم بابتلاعه.. ثم اعدام جنود سوريين في دير الزور.. ولعلني اشرت في عدة مقالات الى ان صاحب الحق لا يقلد صاحب الباطل في سلوكه حتى لا يتساويا، واشرت الى اننا كفلسطينيين لا يجب ان نأتي بأي عمل يمارسه الاحتلال ضدنا حتى لا نتساوى معه ونفقد انسانيتنا لأن صاحب الحق لا يتخلى عن انسانيته، فمن الطبيعي ان يتنصل صاحب الباطل من انسانيته لمجرد انه على باطل فانه لا يرى غضاضة في ارتكاب أعمال وحشية، ولهذا لا اظن ان المسلمين داهموا بيت ابي سفيان للانتقام من زوجته التي دبرت مقتل سيد الشهداء حمزة واقتلعت كبده.. لأن الحق لا يتشبه بالباطل الا اذا كان الباطل في النظام وفي المعارضة، وهو ما يحدث في سوريا وحدث في ليبيا ايضا، ويحمي الله مصر من الهبوط فيه. فلا اظن ان اناسا بهذه العقلية المشوهة سيحررون وطنا لأنهم عبيد الشيطان والوحشية.. ولا اظن ان نظاما بهذه الوحشية ايضا يمكنه ان يستمر. ولعل اسوأ ما حدث في العالم العربي ان الناس باتت تخشى من الثورة على اي ظالم بعد الذي شاهدوه من افتراس متبادل فلا فروسية ثورية ولا عدالة رسمية فيما يحدث بل مجرد نهب وقتل وسلب واغتصاب متبادل قبح الله من بدأ هذا السجال ففي رأسه نعال وليس عقالا.


    محمد عساف رئيساً للوزراء والفصائل تُستبدل بعمالقة الكرة
    د. صبري صيدم/الحياة الجديدة
    هكذا وبتجرد اقترح أحد المواطنين أمام جمعٍ من الناس هذه الصيغة التي تهكم فيها على الوضع السياسي الحالي في فلسطين نتيجة تأخر المصالحة وانصراف الناس عن متابعة شؤونها كونها لم تتم بغض النظر عن حلقات الوفاق والاتفاق التي تمت في القاهرة وفي الدوحة من قبل.
    وما أن أنهى صاحبنا اقتراحه حتى انفجر الحضور بالضحك لما وجدوه في الفكرة من ظرافة المقترح وخفة الروح. لكن الحضور عاد وأبدى إعجابه بما قاله الرجل معتبراً أن الخروج عن المألوف سيشكل انفراجاً للوضع القائم.
    ليسهب أحدهم بالقول إن شعبية المذكورين تتفوق على شعبية الفصائل رغم انقسام المجتمع في الولاء للفريقين المقصودين وهما ريال مدريد وبرشلونة، انقسام يقول فيه المتحدث بأنه محبب ومثير وينطوي على بعدٍ رياضي واجتماعيٍ مهم.
    المحزن في الأمر هو هروب الجميع نحو الضحك للخروج من أزمة الحال وكأننا نعيش اليوم في عالم من الجنون. هروب من الواقع يسجله متابعة المطرب الشاب محمد عساف وإثارة مستجدة يراها الناس مع نجمي الكرة الإسبانية.
    وعندما يأتي الموضوع على موقع رئيس الوزراء ورغم كونه قد حسم في عالم الوفاق فنجد الإعلام في كثير من الأحيان وحسب رأي المراقبين قد ضخّم هذا الموضوع ربما لما يضفيه من إثارة.
    لا شك بأن طرفة هنا ونكتة هناك لا تحسم موقفاً شاملاً للشارع الفلسطيني لكن هذا الإحلال المعنوي الملموس اليوم وإن تعاظم في حياة الناس فهو مؤشر خطير على بداية الابتعاد الفعلي عن عالمي الوفاق والحكومة وهو بدء مرحلة النفور من الفصائل السياسية وظهور مواقف وتوجهات جديدة يحملها الشارع.
    لا شك بأن الفصائل على اختلافها ستكون الخاسر الأول في حال طال أمد النقاش في المصالحة وعليه فإن جنون الأفكار سيسبق في وقعه أفكاراً كثيرة عن الجنون ذاته وعندها سيفتح الباب للمزيد من التهكم و مظاهر الاستخفاف.


    التسوية ليست على حساب المصالحة
    دياب اللوح/وكالة معا
    تُحاول بعض الأصوات والأطراف الربط سلباً, وتشكيل وصياغة حالة من الوعي السياسي والوطني والاجتماعي بأن أي ذهاب باتجاه المفاوضات والتسوية السياسية سوف يكون على حساب الجهود المبذولة لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية, وتذهب هذه الأصوات في بعض الأحيان لخلق انطباع بأن الذهاب إلى التسوية سوف يكون على حساب المصالحة, والعكس صحيح تماماً حيث أن هناك أصوات وأطراف أخرى تُرَّوِجُ بأن المصالحة الفلسطينية ليست في صالح التسوية وجلب السلام.

    تُمثِّل المصالحة الوطنية الفلسطينية شأناً فلسطينياً داخلياً، ومصلحة عليا وضرورة وطنية مُلحة للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة والهامة في تاريخ ونضال الشعب الفلسطيني, إذ أنه بدون إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي أثر سلباً على مجمل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية الفلسطينية, وبدون تحقيق المصالحة العميقة في المجتمع الفلسطيني بين الأخوة والأشقاء والأهل أبناء الشعب الواحد وأصحاب القضية الواحدة، لن يكون هناك أي تقدم في أي مسار آخر من المسارات الوطنية والسياسية, فالركن الأساس وحجر الزاوية في إحراز أي تقدم وأي تغيير في الوضع الوطني والسياسي الفلسطيني، مرتبط ارتباط وثيق بإنجاح الجهود المبذولة لإنهاء الانقسام وجلب السلام الداخلي والمصالحة الوطنية وتعزيز وحدة الموقف الوطني والسياسي الفلسطيني والعمل الوطني المشترك بين الأطراف والقوى الفلسطينية كافة, فلا حل سياسي ولا تسوية للصراع إلا من البوابة الفلسطينية, بوابة الوحدة الوطنية, بوابة الشراكة الوطنية لصهر وتوحيد طاقات وإمكانيات الشعب الفلسطيني كافة في بوتقة واحدة, نحو تجسيد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة العتيدة كاملة السيادة والمتصلة وعاصمتها القدس الشريف.

    إن موقف حركة فتح ثابت واستراتيجي من إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية والسياسية الفلسطينية, وحركة فتح جاهزة وعلى أتم الاستعداد للتعاون والعمل لإنجاح الجهود المبذولة برعاية الأشقاء في مصر, لتنفيذ ما تمَّ الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة وتفاهمات القاهرة الأخيرة, وترى بأن تشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني والذهاب نحو الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني تمثلان الخطوة الأولى نحو الخروج من مربع الانقسام إلى رحابٍ أوسع وأكبر لا حدود له من الشراكة الوطنية والنضالية والسياسية, ونحو آفاق واسعة من السلام الداخلي والتنمية المستدامة لإنجاز الاستقلال الوطني وبناء الاقتصاد الفلسطيني وإقامة مجتمع العدالة والمساواة, مجتمع محكوم بالقانون, ودولة القانون والمؤسسات.
    وفي المقابل إن إعطاء القيادة الوطنية الفلسطينية فرصة للجهود والمساعي المبذولة من الجانب الأمريكي, وأطراف دولية أخرى وخاصة من الأصدقاء في الصين, للخروج بالتسوية السياسية من حالة الجمود والمأزق الذي تمر فيه, على أساس حل الدولتين, والوقف الكامل لبناء وتوسيع المستوطنات, وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين من السجون والمعتقلات الإسرائيلية, وعلى أساس الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة الدولة المستقلة المتصلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس الشريف, وعلى أساس المبادرة العربية للسلام الُمقرَّة والمعتمدة من القمة العربية في بيروت (2002م), هذه المبادرة غير القابلة للتعديل لازالت تُشكل أساساً سياسياً متيناً للتسوية وقاعدة للحل على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وخاصة القرار الدولي (194), وعلى أساس مبدأ الأرض مقابل السلام, حيث أن إعطاء فرصة من القيادة الوطنية الفلسطينية لهذه الجهود والتحركات السياسية لا يعني بأي حال من الأحوال إنها سوف تكون على حساب الجهود والمساعي المبذولة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة.
    إن حركة فتح إذ تُعطي الأولوية والأهمية القصوى لإعادة ترتيب الأوضاع الفلسطينية في كافة المستويات, واستعادة الوحدة الوطنية التي هي أساس أي نجاح وطني وسياسي, فإنها تدعم وتبارك أي تحرك سياسي على أساس الثوابت المذكورة أعلاه, لإنهاء الصراع والاحتلال الإسرائيلي, وجلب السلام العادل والشامل, وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة العتيدة, فالتسوية السياسية لم ولن تكون على حساب المصالحة الوطنية والأهلية والمجتمعية الفلسطينية التي هي أساس البناء الوطني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي الفلسطيني.

    هدم منازل الفلسطينيين سياسة تشريد وتهجير
    حنا عيسى/وكالة معا
    تعتبر سياسة هدم منازل المواطنين من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي أحد أبرز الممارسات اللاانسانية، والتي بدأت فصولها منذ أن احتلت اسرائيل الاراضي الفلسطينية سنة 1967 كنمط من انماط العقوبات الجماعية .. والغريب في الامر بأن سلطات الاحتلال منذ ذلك التاريخ من احتلالها للإراضي الفلسطينية انتهجت سياسة هدم المنازل بحجج مختلفة، منها: الذرائع الامنية، أو بدعوى دون ترخيص، أو لمخالفتها سياسة السلطات الاسرائيلية للإسكان او قرب هذه المنازل من المستوطنات أو لوقوعها بمحذاة الطرق الالتفافية .. الخ. وللعلم فأن سلطات الاحتلال في منهجها المنظم في هدم البيوت تستند لنص المادة (119) فقرة (1) من قانون الطوارئ البريطاني لسنة 1945 مع معرفتها المسبقة بأن هذا القانون تم الغائه لحظة انتهاء فترة الانتداب على فلسطين .
    واستمرت سلطات الاحتلال بهدم منازل المواطنين في قطاع غزة حتى دخول السلطة الفلسطينية في 1/7/1994 اما بالنسبة للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية فما زالت سياسة الهدم تتواصل يوميا رغم المناشدات الدولية الداعية اسرائيل الى وقف سياسة هدم المنازل، ففي العام 2004، دعا مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة اسرائيل لوقف هدم المنازل الفلسطينية وفقا لقرار رقم 1544 / 2004، حيث نص القرار على.. ان مجلس الامن دعا اسرائيل الى احترام التزامتها بموجب القانون الدولي الانساني ولا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافا لهذا القانون.
    ومؤخرا وتعليقا على اعمال الهدم الاسرائيلية، قال فيليب لوثر – نائب مدير برنامج الشرق الاوسط، وشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية بتاريخ 21/7/2010 أن "أعمال الهدم تعمق بواعث القلق بان هذا ليس سوى جزءاً من استراتيجية حكومية ترمي الى ابقاء السكان الفلسطينيين من الاجزاء الواقعة فيما يعرف بالمنطقة ج من الضفة الغربية، التي تسيطر عليها اسرائيل سيطرة تامة فيما يخص يخص مخططات التعمير والبناء".
    كما تواصل سلطات الاحتلال هدم المنازل الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس الشرقية بأعداد كبيرة تحت مبررات غير قانونية وزائفة لخدمة خططها المستقبلية الهادفة الى اقتلاع وطرد اكبر عدد من المواطنين الفلسطينيين من ديارهم واراضيهم لبناء المزيد من المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية، والبؤر الاستيطانية العشوائية، والطرق الالتفافية، والقواعد العسكرية الاسرائيلية .. وتسعى اسرائيل في الاونة الاخيرة لهدم الممتلكات الفلسطينية في المناطق الخاضعة لسيطرتها بغية:

    1- السيطرة على الاراضي في هذه المناطق لمنع نقل هذه الاراضي الى الفلسطينيين والحفاظ عليها من أي اتفاق نهائي بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني.

    2- تهجير المواطنين الفلسطينيين من المناطق المحاذية للمستوطنات الاسرائيلية غير القانونية.

    3- مصادرة الاراضي الفلسطينية لبناء جدار الفصل العنصري.
    وعلى ضوء ما ذكر اعلاه، فان سياسة هدم المنازل والممتلكات العائده للمواطنين الفلسطينيين تندرج تحت سياسة التطهير العرقي وتعتبر مخالفة جسيمة لنص المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحرم تدمير الممتلكات ايا كانت ثابتة أو منقولة .. الخ، وانتهاكاً صارخاً لنص المادة 17 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر بتاريخ 10/12/1948 والتي تنص على أنه " لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً."
    لذا، ان ما تقوم به اسرائيل من هدم لمنازل وممتلكات المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وما يترتب عليه من آثار سلبية يعد انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الانساني حيث تحاول اسرائيل من خلال هذه السياسة تشريد المواطنين الفلسطينيين من اراضيهم وتهجيرهم وحرمانهم من حقهم الشرعي في العيش بأمن واستقرار.


    الولايات المتحدة وإستراتيجية إجهاض ثورات الربيع العربي..
    عمر القاروط/وكالة سما
    تشير المواقف الأمريكية من الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من عامين خصوصا مماطلتها في تبني سيناريو لحسم الصراع لصالح الثوار وإنهاء حكم بشار الأسد، ووقف عمليات القتل والتعذيب والتشريد والتدمير التي تشهدها سوريا إلى أن هناك نوايا ومخططات أمريكية غير تلك المعلنة تسعى من خلالها الولايات المتحدة لإطالة أمد هذا الصراع لأطول قدر ممكن من خلال التلاعب بالأدوات المتحكمة والمؤثرة فيه، واستنزاف قدرات وطاقات هذا البلد وشعبه ومقدراته بحيث يتحول إلى بلد منهك، ومدمر، ومجزأ، ومستنزف، وعاجز عن إغاثة نفسه، وإعادة بناء ذاته، وإعادة بناء دولته، وإعادة تأهيل نفسه وفق رؤية الثورة الإصلاحية، وبذلك تتحول سوريا إلى بلد بلا أنياب ولا مخالب ولا مقدرات في مواجهة "إسرائيل".
    إن الدبلوماسية النشطة التي يقودها جون كيري وزير الخارجية الأمريكي منذ توليه هذا المنصب، والعودة إلى ما يشبه "دبلوماسية المبعوثين" الأمريكيين للشرق الأوسط التي عرفناها في عقدي السبعينيات والثمانينيات مع احتدام الصراعات في الشرق الوسط تؤكد أن ثمة أخطار جامحة تهدد "إسرائيل" ، وأمنها، وتفوقها العسكري، وقدراتها الرادعة في المنطقة وأن إدارة اوباما تسعى لتطويقها والحيلولة دون تصاعدها لحد يقلق "إسرائيل" ويفقدها القدرة على السيطرة على مفاتيح الحركة والمناورة في المنطقة. ولذلك كان الضوء الأخضر ل"إسرائيل" بضرب سوريا خلال الأسابيع الخيرة، والعمل في قلب النطاق الحدودي مع سوريا عبر الجولان من قبل الولايات المتحدة، إنما يرمي إلى إتاحة الفرصة ل"إسرائيل" لتأكيد قوتها واختبار قوتها الرادعة وضمان تفوقها عن كل جيرانها العرب، وتوجيه رسائل إلى كل الأطراف في المنطقة بأن حدود الثورات العربية لا يمكن أن يسمح له بتشكيل أية تهديد أو مخاطر على مصالح وأمن "إسرائيل" وقوتها الرادعة.
    إن عودة الإدارة الأمريكية للحديث عن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإعادة الاعتبار للدور الأردني الإقليمي، ودعم السلطة وتحذيرها من التقدم بالمصالحة، وتجسير العلاقات مع القاهرة على قاعدة الحفاظ على اتفاقات كامب ديفيد وهدوء الحدود مع "إسرائيل" ، والضغط على دول الشرق الوسط الصديقة للولايات المتحدة لتعزيز نشاطاتها ضد ما يسمى "بتيار القاعدة في المنطقة"، والدعوة لتنشيط علاقات "إسرائيل" بدول الإقليم، إنما تكشف عن تبنيها لإستراتيجية " إجهاض ثورات الربيع العربي"، وإعادة بناء التحالفات الإقليمية بالشراكة مع الولايات المتحدة، ومحاصرة التيارات والجماعات المناوئة لـ"إسرائيل" في المنطقة، ووقف محاولات بناء مشروع الدولة القومية القوية في المنطقة باعتبار ذلك يمثل خطرا استراتيجيا لوجود وأمن ومستقبل "إسرائيل" في المنطقة.
    فقد تحدثت التقارير أن هيجل وزير الدفاع الأمريكي الذي زار إسرائيل مؤخرا تعهد بالتزام الولايات المتحدة الحفاظ على تفوق "إسرائيل" في الشرق الأوسط أمام كل دولة أو تنظيم، قائلاً "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها". موقع عكا 10/5/2013. وقال في ذات التصريحات "إن الولايات المتحدة لا تستطيع حل كافة المشاكل لوحدها ولو كانت الميزانية مضاعفة، لذلك يوجد توجهات لدى الإدارة الأمريكية لخلق تحالفات جديدة في ظل التغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط".
    وفي تقرير آخر أشار إلى أن مجرد دخول "إسرائيل" المكرر إلى ميدان القتال يلاءم تماما المصالح الأمريكية والأوروبية (بل يخفف شيئا ما عن ضمائر الديمقراطيات الغربية)، وذلك بالطبع مع فرض وأمل ألا يفضي ذلك إلى تصعيد والى توسيع مقدار العنف. وجاء في ذات التقرير إن احتمال أن تتحول صورة عمل "إسرائيل" الجوية إلى نموذج لقوات حلف شمال الأطلسي في محاولة لرسم حدود المنطقة، قد يمنحها نقاط استحقاق أخرى باعتبارها كنزا استراتيجيا واضحا نجح في التغلب على حاجز الخوف والشلل الذي دُفع إليه العالم، ووجد مجال عمل فعال ومُحكم ومحدود مع ذلك لأهداف نقطية. جريدة "إسرائيل اليوم" 7/5/2013

    وكانت صحيفة "الساندي تايمز البريطانية" قد ذكرت أن "إسرائيل" تعمل بجهد مكثف على الانضمام إلى ما يسمى بالحلف الدفاعي ضد إيران مع عدد من الدول العربية المعتدلة. وبحسب الصحيفة فإن "إسرائيل" تسعى للانضمام إلى كل من الدول الآتية "تركيا، الأردن، المملكة العربية السعودية، جمهورية الإمارات العربية، وذلك بهدف خلق شرق أوسط جديد معتدل أو ما أطلقت عليه الصحيفة "هلالي معتدل". موقع عكا 5/5/2013.
    وتؤكد التصريحات الأمريكية والإسرائيلية المتتالية حول تشخيص الوضع في سوريا إلى أن بقاء الوضع الراهن هو الوضع المثالي الذي يراه الجانبين مناسبا من الناحية التكتيكية بل وربما الإستراتيجية لهما، ولذلك هما يعملان بشكل متناغم على استمرار هذا الوضع، ومنع اختلال المعادلة القائمة حاليا، والضغط على الأطراف الإقليمية والدولية للنأي بنفسها عن التدخل المباشر لحسم الصراع الراهن في سوريا.


    تحدي سيناء بقلم: حسام الدجني
    pnn
    الأمن القومي المصري يبدأ من البوابة الشرقية لمصر، ويتجاوز سيناء ليصل إلى فلسطين، وخصوصية سيناء بالنسبة للمصريين يجب أن ندركها نحن الفلسطينيين، فمعظم الغزوات التي استهدفت مصر انطلقت من الشرق (من شبه جزيرة سيناء)، 'ويشير جمال حمدان إلى ظاهرةٍ مهمة في جغرافية وتاريخ مصر منذ القدم وحتى الآن، وهى أن الدلتا في الحقيقة مفتوحة ومكشوفة من الشرق، ولذلك فإن السيناريو المفضل لمعظم غزاة مصر، عبر العصور، هو اختراق سريع لسيناء يؤدي إلى الوصول إلى الدلتا، وتهديد حقيقي للأمن المصري في عقر الدار. ولذلك يصف حمدان طريق سيناء، لا سيما طريق الشمال طريق الفرما، بأنه طريق الغزاة لكثرة ما عبره من جيوش'.

    وحديث حمدان يدعونا للتأمل في ما يجري من أحداث متلاحقة في محافظة شمال سيناء بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، فمن حادثة قتل الجنود المصريين في رمضان الفائت، إلى حوادث اقتحام مقرات الشرطة وحرس الحدود والقوات المسلحة، وعمليات إطلاق النار على السيارات العسكرية التابعة للجيش المصري، وصولاً لحوادث خطف الجنود المصريين، وآخرها حادثة خطف الجنود السبعة قبل أيام. ما يجري في سيناء يستهدف بشكل مباشر الجيش المصري، ولذلك يجب التأمل جيداً والربط بين ما يجري في منطقة سيناء من استهداف للجيش المصري، وما جرى مع الجيش النظامي العراقي بعد حرب الخليج، وما يجري اليوم مع الجيش العربي السوري، وبالمناسبة الجيوش العربية الثلاثة من أقوى الجيوش في المنطقة، ولذلك فالهدف هو تحطيم وضرب الروح المعنوية للجيش المصري وللجندي المصري، على وجه الخصوص. والكل يقول: من يقف وراء الانفلات الأمني في سيناء؟ ولماذا سيناء؟ وما هي سبل الخروج من عنق الزجاجة؟

    من أسهل الحروب وأقلها تكلفة هي الحروب بالوكالة، وهي عبارة عن حرب تستخدم فيها الدول بعض المرتزقة لتنفيذ أجندتها ضد الدولة المستهدفة، وقد يتم التجنيد لشخصية دينية أو إعلامية أو سياسية أو اقتصادية بارزة، صنعتها أجهزة مخابرات الدولة وتقدم لها المال والسلاح والمشورة، ويقع على عاتقها تشكيل مجموعات لتنفيذ ما يطلب منها من مهام، وفي سيناء نحن مع ظاهرة لبعض الجماعات المتشددة، التي لا يعرف احد عن قيادتها أو تمويلها، وتضم مجموعة من الشباب المضلل، وهؤلاء ينفذون أوامر عسكرية، ويظنون أنهم بها يتقربون من الله. ولو بحثنا لماذا سيناء سنعلم أن إسرائيل صاحبة المصلحة الكبرى فيما يجري بسيناء، للأسباب التالية:

    1- قرب سيناء من قطاع غزة، فإسرائيل تعمل على استثمار حالة الإعلام

    المصري المجند ضد قطاع غزة وضد الأنفاق، وبذلك تحقق إسرائيل هدف وقف تهريب السلاح للمقاومة، ويسبب ذلك احراجاً للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين.

    2 وجود اتفاقية كامب ديفيد، التي تحدد بنودها عدد القوات المصرية والمعدات التي تدخل المنطقة، وإبقاءها ضعيفة مع ربط البقاء بالعمل بالاتفاقية، بالمساعدات والمنح الأمريكية والغربية لمصر.

    3- من أكثر الحدود استقراراً وأمناً ما قبل ثورة يناير المجيدة هي الحدود

    المصرية الإسرائيلية، وعليه عملت إسرائيل على بناء مطاراتها ومصانعها وقواعدها ومفاعلها النووي بالقرب من الحدود المصرية الإسرائيلية، وربما تعمل إسرائيل على خلق ذرائع لإعادة احتلالها حماية لعمقها الاستراتيجي.

    4- نتيجة لتهميش سيناء من قبل النظام السابق، ساهم اليأس والبطالة والفقر بشكل كبير في توفير أرضية مهمة لوجود انفلات وعنف، وربما سهل المهمة على إسرائيل لاستثمار الحالة الاجتماعية والأمنية المتردية.

    إن الخروج من عنق الزجاجة وإعادة استقرار سيناء يتطلب ثلاثة قرارات جريئة من الدولة المصرية على النحو التالي:

    1- الإسراع في تنفيذ مشاريع التنمية في سيناء، وفتح حوار مجتمعي مع قبائل

    وشيوخ سيناء ومع الجماعات الجهادية فيها.

    2- التوافق مع الفلسطينيين على إقامة منطقة تجارية حرة في منطقة الحدود بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية، والبدء الفوري وبالتوافق مع الحكومة الفلسطينية على إغلاق الأنفاق الواصلة بين غزة ومصر.

    3- مطالبة إسرائيل بفتح اتفاقية كامب ديفيد من جديد، والعمل الفوري على ضبط الحالة الأمنية بها، وهذا مرتبط بالحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


    أفريقيا سوق للأسلحة الإسرائيلية
    مصطفى اللداوي/ pnn،أمد
    أصبحت إسرائيل منذ تسعينيات القرن العشرين المورد الرئيس للأسلحة والأجهزة العسكرية والعتاد الحربي وتكنولوجيا الحرب المتطورة، وأجهزة التشويش، إلى العديد من الدول الأفريقية، خاصةً تلك التي تشهد صراعاتٍ عسكرية، واضطراباتٍ قبلية، وحروباً داخلية أو حدودية مع دولٍ مجاورة، مما يجعلها في حاجةٍ دائمة إلى السلاح والعتاد، خاصة الذخيرة وأحياناً الأسلحة الخفيفة التي تتطلبها حروب العصابات، والعمليات العسكرية التي تشبه الغزو، وفي طبيعتها المباغتة، والكر والفر.

    كما أنها تمد دولاً أفريقية بالعديد من الخبراء والفنيين العسكريين الإسرائيليين، ورجال المخابرات المدربين، وضباط أمن وعسكريين متقاعدين، ومجموعاتٍ أمنية خاصة لتدريب وحدات المهام الخاصة في بعض الدول الأفريقية، وتدريب وتأهيل الحراسات الخاصة، والمرافقة الأمنية الشخصية، الخاصة بالرؤساء والوزراء والقادة العسكريين وكبار مسؤولي الدولة، حيث يقوم بهذه المهام ضباطٌ متقاعدون، ممن يملكون القدرة والكفاءة، وممن سبق لهم الخدمة في هذه المجالات، فيقومون بأنفسهم بهذه الأدوار، أو يقومون بالوساطة لإتمامها عن طريق جهاتٍ أخرى، خاصةً إذا كان من المتعذر عليهم دخول بعض الدول الأفريقية، أو العمل فيها بحرية كالسودان مثلاً، أو أخرى ترفض أن تستخدم أرضها للتآمر على جيرانها.

    يتعاون عددٌ من الضباط الإسرائيليين في إنشاء شركاتٍ أمنية خاصة، تكون إسرائيل مركزها، أو تؤسس لها مراكز رئيسية في الكونجو وكينيا وأوغندا وأثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقية، التي تتميز في علاقاتها القوية مع إسرائيل، والتي يشعر الإسرائيليون فيها بنوعٍ من الأمان، فيفدون إليها، ويشترون المزارع، ويبنون المعامل، ويفتحون المصانع، وتكون لهم فيها مصالح تجارية واقتصادية كبيرة، حيث يشعر الإسرائيليون بنوعٍ من الإطمئنان في الدول الأفريقية التي تكون أغلبية سكانها من غير المسلمين، أو يكون لقادتها احساسٌ بالخوف من المسلمين، من أن يشكلوا أكثرية، أو يقوموا بانقلاباتٍ عسكرية تطيح بهم، وتقوض أركان حكمهم، خاصةً إذا كانت ولاءاتهم الدينية أقوى من ولاءاتهم الوطنية، وارتباطات تنظيماتهم وجماعاتهم خارجية أكثر مما هي داخلية، الأمر الذي يزين لهم تحالفهم مع إسرائيل، وتعاونهم معها.

    تعتبر إسرائيل القارة الأفريقية كلها سوقاً مفتوحة لمختلف الأنواع من الأسلحة، وحقلاً جاهزاً لإجراء الكثير من التجارب فيها، ولكنها تركز في مبيعاتها للأسلحة إلى الدول الأفريقية على أنواع من الأسلحة الخاصة، وذلك وفق الأهداف المرجوة من الأسلحة، فهي تصدر الأسلحة الفردية الخفيفة كبندقية العوزي الإسرائيلية الصنع لعدة أسباب، منها التخلص من مخزونها الكبير من بنادق العوزي، لافساح المجال أمام أجيالٍ جديدة من البنادق الحديثة، فهي وإن كان جيشها يعتمد البندقية الأمريكية أم 16، إلا أنها تنتج وتطور أنواعاً مختلفة من البنادق، التي تتميز بصغر الحجم، وخفة الوزن، ودقة الإصابة، وكثافة النيران، وتقوم بإجراء تجارب عديدة عليها بغية تطويرها وتحسينها، الأمر الذي يراكمها في مخازنها بكمياتٍ كبيرة من أجيالها القديمة، فترى أن أفضل طريقة للتخلص منها هو توريدها إلى دولٍ أفريقية، هبةً أو بيعاً، إذ هذا أفضل بكثير من الحفاظ عليها في المخازن أو إتلافها.

    كما أن السياسة الإسرائيلية المتبعة في أفريقيا تحرص على أن يكون السلاح الفردي متوفراً بين أيدي المواطنين الأفارقة، إذ أنه وقود التمرد، وشرارة الصراعات الداخلية، والمادة الكفيلة بإشعال الحروب والنزاعات القبلية والحدودية، التي تمكنها من التدخل في الشؤون الأفريقية، وإيجاد موطئ قدمٍ لها في أي مشكلة أو معركة، فوفرة السلاح في أيدي المواطنين، يسهل عليهم اللجوء إليه واستخدامه لحسم أي خلاف، ويقود بسرعة إلى تشكيل اصطفافاتٍ وجماعاتٍ متباينة، سواء على أساسٍ عرقي وديني، أو على أرضية مصالح ومنافع، كما أن بيعه وتسويقه قد لا يلزمه أحياناً موافقة الدولة والتزام سياساتٍ ضابطة، بل قد يقوم بهذا الدور أفرادٌ ومجموعات بقصد الانتفاع والتجارة.

    كما تحرص إسرائيل على أن تورد للدول الأفريقية أجيالاً مختلفة من الصواريخ والقذائف المختلفة، بقصد تجريبها، والتعرف على آثارها، والتثبت من دقة إصابتها، ومعرفة درجة تدميرها، بالإضافة إلى قذائف عديدة، مضادة للدروع والأفراد، تحمل على الكتف، أو تطلق من قواعدٍ ومنصات، ولديها قدرات مختلفة على الاختراق والإصابة، ولكن ينبغي تجريبها في الحروب، والتثبت من جدواها وفعاليتها على أرض المعركة، ما يجعل من توريدها لدولٍ أفريقية يشكل منفعةً حقيقية لإسرائيل، قبل أن تكون نافعة وضرورية للدول الأفريقية، فضلاً عن أن أطرافاً كثيرة في أفريقيا تسعى للحصول على السلاح الإسرائيلي وتعتقد بفاعليته وجدواه.

    كما تحتاج إسرائيل إلى مناطق لتجرب فيها الأسلحة المحظورة، والقنابل المحرمة دولياً، وهي تجد صعوبة كبيرة في تجريبها داخل فلسطين المحتلة، نظراً لصغر المساحة، وكثافة السكان، واحتمالات الخطورة وإنعدام درجات الأمان المطلوبة، الأمر الذي يفرض عليها البحث عن مناطق جغرافية غير بحرية لتجريبها، والتعرف على آثارها، وهو ما كانت تتعاون فيه سابقاً مع حكومات جنوب أفريقيا العنصرية، ولكنها خسرت هذه الفرصة مع سقوط النظام العنصري، وتولي حكوماتٍ ديمقراطية تعارض إسرائيل الحكم فيها، وهي تختلف معها في سياساتها الاحتلالية للأراضي الفلسطينية، بل وتدين فيها ممارساتها القمعية، مما حرمها من مناطق حرة كانت تجرب فيها أسلحتها وقنابلها بسهولة.

    وتقوم الاستراتيجية الإسرائيلية في أفريقيا على أن يكون من بين الدول الأفريقية عددٌ من الدول القوية المتفوقة، التي تمتلك السلاح، وتحوز على قوة الردع، وتستطيع الحسم في أي معركة، كما يمكنها التدخل أفريقياً لصالح أي طرفٍ ضد آخر، وتحقيق الكسب له، أو رجحان الكفة لمصالحه، مما يشكل خطراً على الدول الأفريقية القوية نسبياً بالمقارنة مع الدول الأفريقية الأخرى، كمصر والجزائر وليبيا والسودان، على أن تأمن إسرائيل هذه الدول، وتطمئن إليها، ولا تشعر بالخوف من تعاظم قوتها على مصالحها في أفريقيا، ولا تخشى من خروجها عن الفلك الإسرائيلي، وخضوعها لنفوذِ دولٍ وقوى أخرى معادية، فتحاول أن تكون دوماً قريبة منها، تقدم لها النصح والمشورة، وتساعدها في اكتساب القدرات والمهارات والخبرات لتحافظ على تفوقها.

    أفريقيا التي كانت لنا، أرضاً وشعباً ومقدرات، أصبحت تتفلت من بين أيدينا، وتخرج عن إطارنا، وتذهب بكل خيرها إلى عدونا، ولكننا نحن من فرط وباع، ونحن من ترك وتخلى، فهل نلوم أنفسنا، أم نحملهم المسؤولية ولا نعذرهم ...


    دواء الفراق في بقاء الأشواق
    د.امديرس القادري/أمد
    على ما يبدو فإن الكتابة عن ذكرى المناسبات الوطنية قد تحولت عند كتاب " كار السياسة " إلى ما يشبه الواجب المدرسي عند تلاميذ المدارس ، فما أن تهل وتحط ذكرى ما حتى نجد المقالات تنهمر كزخ المطر ، وهذا ما رأيناه وعايشناه مؤخرا مع ذكرى النكبة الفلسطينية التي لا تخلف وعدها بالحضور لزيارتنا في الخامس عشر من آيار من كل عام ، فعلى مدى خمسة وستون عاما ومناسبة النكبة تواظب على أن تطل برأسها علينا من نوافذ الذاكرة التي تحيط بنا عبر أرجاء المكان الأربعة ، فلا مجال للهروب إلى الأمام أو حتى لتقمص دور اللامبالاة أو لتمثيل دور عدم الإهتمام ، فالتذكر على الأقل يفترض فيه أن يكون واجب وطني عند كل شرفاء وأحرار هذه الأمة وعلى الأخص مثقفيها وكُتابها المخلصين والصادقين في تناول همومها .
    مفاتيح العودة إلى فلسطين تنتشر وتغطي كامل رقعة المكان والكل يتباهى برفعها ، فحق العودة إليها مقدس وقانوني ، فكيف لا نتذكره في المحطة السنوية للنكبة ؟ الشموع والمشاعل أنارت ظلام الليل في العاصمة رام الله التي كانت تسهر قبل أيام من حلول ذكرى النكبة على وقع أجمل عرض أزياء تطوعت لتقديمه مجموعة من فتياتها التي لا مانع لديهن من إستعراض لحمهن وعوراتهن أمام الجمهور المتعطش الذي كان يلتف حول شارع العرض !.
    وكذلك هو الحال مع عشرات الحملات الإحتفالية التي رفعت فيها الجماهير مختلف الشعارات ، ولا ننسى أيضا السلاسل البشرية الإستعراضية التي انتحب وبكى المشاركين فيها على فلسطين وإغتصابها ، ولن نقلل من شأن المجموعات التي إحتشدت على الحدود المتاخمة لفلسطين كما حصل في الجنوب اللبناني على سبيل المثال فما دامت العودة حلم دائم ، فما المانع في أن نعيش ذلك الحلم ولو ليوم واحد من باب التغيير و" شمة الهواء " في هذا الفصل الربيعي الجميل ؟!
    ولأن النكبة ستظل محطة سوداء في التاريخ الإنساني الحديث على الأقل في نفوس ما يقارب 12 مليون فلسطيني حسب اخر الإحصائيات ، فلا مانع من أن نملأ السماء بالبالونات والرايات السوداء تعبيرا عن الحزن الدفين والمستوطن في القلوب والصدور ومنذ أن وقعت النكبة وحتى يومنا الراهن الذي نحتفل فيه بذكراها الخامسة والستون ، فحتى رئيس السلطة محمود عباس وفي الكلمة التي خاطب بها شعبه لم يجد سوى التعبير عن شعوره " بالمرارة " من وقوع النكبة ، فشكرا لسيادته ، وذكرى النكبة تتقدم من فخامته بالإعتذار والأسف على ما احدثته له وتسببت به من مرارة ، ولا ننسى بطبيعة الحال الفصائل التي فرضت عليها ذكرى النكبة أن تتوحد وتخرج في مظاهرات وإعتصامات مشتركة متناسية الإنقسام والخلاف الذي يعصف بالعلاقات القائمة فيما بينها .
    هذه بعض الصور والأشكال التي رافقت إحتفالات هذا العام ، والتي غالبا ما تنتهي بمجرد دخول اليوم التالي الذي تتوقف معه معايشة الذكرى التي إعتدنا على أن تمر علينا كزوبعة في فنجان مناسباتنا الذي إمتلأ وفاض ، فنكسة حزيران على الأبواب وعلينا الإستعداد لإستقبالها بذات الجمل والمفردات وبذات الكتابة الشكلية التي لا مضمون فيها ولا جوهر ، فالدوران حول الساقية يجب ان يتواصل لأنه هو الأهم من وجود الماء أو من عدمه وللأسف.
    هذا هو حالنا اليوم مع نكبة فلسطين والتي لم يعد مطلوبا منها سوى أن تأخذ بيدنا نحو المزيد من النكبات ما دام خطابنا وقولنا مهزوم ويقطر ذلا وضعفا وخذلانا ، فشكرا لكل الذين كتبوا وهتفوا وانتحبوا ، وشكرا لكل الذين شعروا وأحسوا وتعاطفوا معها ، وشكرا لكل الذين أشعلت الذكرى نار الحنين في صدورهم لبلداتهم وقراهم ، وشكرا للربيع العربي وللصيف والخريف والشتاء ، شكرا لكل الذين تحدثوا من دون أن يتركوا لا شاردة ولا واردة إلا وأعطوها حقها .
    لكن ، وقبل الإنتهاء من كتابة هذه السطور فإن من الواجب الوطني والنضالي والأخلاقي أن نُذكر الجميع بأن كل ما فعلوه ما عاد يؤثر على شعرة واحدة في جسد كيان هذا الغاصب والمحتل الصهيوني ، فالصخب الذي أثرناه لا يعنيه ولا يكترث له ، فالمهم عنده هو أن تغيب المقاومة وأن تبقى على رفها الذي وضعت عليه ، وعليه فإن بعض الصدامات والإحتكاكات في القدس وغيرها من المدن الفلسطينية ، ليست سوى حالة قد اعتاد عليها ، وهو كفيل وقادر على قمعها ولجمها وإمتصاص كل ما فيها من الغضب الشعبي الفلسطيني ، فافعلوا أيها الفلسطينيون والعرب والمسلمون كل ما يحلو لكم من طقوس الشجب والإدانة والإستنكار ، ولكن إياكم أن تمدوا أيديكم إلى البنادق ولتحذروا من إطلاق رصاصة واحدة علينا .
    في ذكرى النكبة هذه هي المعادلة التي نريد أن نضعها نصب أعين الجميع من فلسطينين وعرب ومسلمين ، فكل الفعل الذي أقدمتم عليه هو ما دون الصفر في نظر عدوكم ما دام خاليا من إستحقاق المقاومة التي يرتعب ويخاف منها ، وحتى يعود المجد والإعتبار للبندقية ورصاصها الذي لا يخلف الوعد ، فلا مانع من أن نداوي هذا الفراق المزمن لفلسطين ولترابها ببقاء الأشواق والحنين لها وللعودة إليها كاملة غير منقوصة من البحر إلى النهر، ففي ذلك ما يزعج ويقلق هذا العدو ! .


    جمال نزال بين الشريعة وفتح والمجلس التشريعي و الهجوم على المراة
    باسل ترجمان/امد
    بدون مبرر يفسر حدة الهجوم على المرأة الفلسطينية ومطالبتها بحقوقها وفرض قانون يحد من الظلم وانتهاك كرامتها والذي تجسده القوانين الحالية في فلسطين سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة، شن الاخ جمال نزال هجوما على المرأة الفلسطينية ولم يترك اتهاما يمكن ان يلصق بها لم يوجهه فاصبحت المطالبات بتعديل القوانين التي تتنهك كرامتها ضربا من الاسترزاق في دنيا المنظمات غير الحكومية واصبح تطبيق الشريعة هو الحل لمواجهة هذا الهجوم الامبريالي النسائي الذي يريد هدم اخر قلاع الرجولة الشماء في مجتمعنا المحتل رجالا ونساء .
    في حركة التاريخ الفلسطيني المعاصر والتي تميزت بعدم تدوينه يسقط نضال المرأة الفلسطينة في الصراع من ذاكرة الكثيرين وتعود لمفاهيم الشيطنة بانها سبب البلاء ومن اخرجت ادم من الجنة ولكن ولله الحمد لم نحملها ليومنا هذا سبب ضياع فلسطين لان الرجال حينها كانوا هم من تصدى .
    تردي اوضاع المرأة الفلسطينية لم يبدا اليوم فمنذ اوسلو وحنين العودة لحكم مجتمع الذكور يطل سريعا وعنيفا في مجتمعنا الذي عاش منعزلا ربع قرن عن التحولات الثقافية والسياسية في العالم العربي فبقي منزويا في تخوف من ان يؤدي اي انفتاح اجتماعي يهز اسس ما اعتبره شكل مواجهة الاحتلال بعد هزيمة 67 .
    الحركات الثورية التي كان للمراة الفلسطينية والعربية دور فاعلا فيها طوال عمر الثورة الفلسطينية وجدت في التخلي عن منطق الثورة ووهم التحول الى حكم ذاتي محدود تحت الاحتلال فرصة ذهبية للتخلص من دور المراة الطليعي والذي فرضته بتضحياتها وعطائها وعدد الشهيدات والاسيرات والمناضلات اللواتي شكلن حالة رفعت من اهمية وقيمة هذا النضال امام الجميع .
    الهجوم على المراة والذي اختلط فيه كل شيئ من فتح الى الرئاسة والمجلس التشريعي الى اليسار العميل يشكل حلقة جديدة في مسار التقهقر ومحاولات هدم وكسر دور المراة في مجتمعنا المحتل .
    الخوف من تعاظم دور المرأة في مجتمعنا يعيدنا لسؤال مزمن حول ماذا نريد حقا ان يكون دورها .
    المطالبة بالحرية والتحرر من الاحتلال هدف شعبنا وليس هدف رجالي فقط والحرية لن تتم دون ان يتحرر مجتمعنا من محاولات جره قسرا لزمن تجاوزه الواقع ومازال يداعب احلام البعض بالعودة لعصر الجواري والاماء وصولا الى الحلم بالحور العين الذي يداعب عقول الكثيرين في الدنيا والاخرة .
    في فلسطين المنقسمة على ذاتها بحكم انفصال غزة قسرا تحاول حماس ان تنتهك كرامة المراة وحقوقها بسن قوانين لاتمت لاحترام الذات الانسانية بصلة وكل ذلك في ما تسميه احترامها ومطالبتها بتطبيق الشريعة .
    الخوف اليوم هو ان فتح التي فقدت مفكريها ومنظريها تنجر بضغط محاولة استدرار المزاج الشعبي للتحول وبدون مبررات من حركة تحرر وطني الى جماعة تطالب بتطبيق الشريعة امر يدعو للتوقف مطولا امامه خاصة وان الفراغ الفكري الذي تعيشه الحركة يجعل من السهل على كل من تصارعه فكرة في لحظة ما ولسبب خاص ان يسقطها على فتح ويجعل المطالبة بتبنيها او يلبسها قالب الموقف الحركي امرا سهلا .
    الكل يتفق ان فتح اليوم ترهلت وتعيش على تاريخ ارثها النضالي تتغطى به والعجز عن التحرك الفكري والنضالي والسياسي يكبلها على كل المستويات ، لكن هذا الارث لن يبقى للابد يغطي ترهلها وعوراتها وامام هذا الجمود يصبح التقوقع والتزمت والانغلاق ميزات الفكر والممارسة .
    المراة الفلسطينية اليوم في نضالها من اجل التحرر من قوانين الظلم الاجتماعي المبطنة باسم الشريعة هي جزء حي من نضال شعبنا للحرية ومحاولات تعطيل نصف المجتمع في حياة شعب يسعى للحرية امر سيخدم بالتأكيد من يريدون ان تستمر الاوضاع كما هي عليه .
    في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني لم اتصور يوما ان شهيداتنا واسيراتنا ومناضلاتنا دخلن بكل شجاع واقتناع ساحة النضال من اجل ان يكون في مجتمعنا من يطالب بتنفيذ عقوبات الجلد والرجم واعتبار النساء شر يجب ان يمنع من التفكير والعمل والخروج لانهن سبب الفتنة والبلاء .
    عندما ضرجت الشهيدة دلال المغربي ارض فلسطين بدمها لم تكن تطالب بتطبيق الشريعة بل كانت تسير مع رفاق دربها لتحرير الوطن والانسان وليس لتطبيق الشريعه ، والمجتمع الفلسطيني والذي يشكل الاسلام جزء رئيسا من تكوينه وثقافته يحتاج الى من يخرج به من طور التكفير والتهديد الى طور رحابة الفكر والقبول بالاخر وعدم تسليط سيوف الله على رقاب العباد بايدي من ينصبون انفسهم وكلاء باسمه .
    مشروع الكيانية الفلسطينية القادمة لن يكتب له الوجود والبقاء ان لم يكن قادرا على ان تتماشى قوانينه مع كل المعاهدات والمواثيق الدولية ويقدم صورة مشرفة لمعنى نضال الانسان الفلسطيني من اجل الحرية وايمانه بها وتعلقه بكونية اهدافها .

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 365
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-08, 10:20 AM
  2. اقلام واراء محلي 310
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:15 AM
  3. اقلام واراء محلي 309
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:14 AM
  4. اقلام واراء محلي 308
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:14 AM
  5. اقلام واراء محلي 276
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:38 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •