اقلام واراء محلي 406
في هذا الملـــــف:
- فضيلتكم.. رجولتكم، وحال المعذبين في قطاع غزة
معا / نافذ غنيم
- فدائيات الدولة وآسيا في الدولة
pnn /منتصر العناني
- محطات ضرورية على طريق المصالحة
pnn / بدر الدين بن الشيخ حمدي مدوخ
- ماذا بعد الحكومة الجديدة؟
ج.الايام / د. عبد المجيد سويلم
- هل ستشعل صواريخ س 300 حربا اسرائيلية ؟
أمد/ واصف عريقات
- حماس لـ"فياض" .."أسألك البقاء"!
أمد/ حسن عصفور
- انا الفوضى في نظامكم ...!!
ج.القدس/ يونس العموري
- القضية بحاجة الى اكثر من التوبيخ
ج.القدس/ حديث القدس
- هكذا تتطابق الأقوال مع الأفعال..
ج.الايام / طلال عوكل
- طرطشات الدرة يقتل من جديد
ج. الايام / د.فتحي أبو مغلي
- من رفح المصرية " كنتاكي " مع التحية
أمد/ د.امديرس القادري
فضيلتكم.. رجولتكم، وحال المعذبين في قطاع غزة
معا / نافذ غنيم
صار قطاع غزة مختبرا للتجارب وميدان لإقحام المصطلحات في غير مكانها، كل شيء أصبح جائز في هذا الزمان، ولعل من يسمع شكوى وتذمرات وعديد النكات الشعبية الساخرة عندنا، يدرك حجم الألم، وربما حالة الاغتراب التي تجتاح كثير من أبناء شعبنا بسبب ما نحن عليه، الأخطر من ذلك محاولة توصيف حالة المجتمع في غير مكانها، رغبة من قبل البعض لإسقاط أجندتهم عليها، فعندما يقال نشر الإسلام، يُفهم وكأن مجتمعنا كافر ووثني، وهناك من يريد أن يعيده للإسلام، وعندما يقال نشر الفضيلة، تشعر بان هناك رذيلة تجتاح المجتمع، وان المظهر العام له غير محافظ، ولما تسمع مصطلح مراقبة مستوى الرجولة، تفكر مليا في ذلك، باحثا عن ميزان الرجولة الذي سيوزن أفعال الناس، لتشعر بان هناك مخططا إسرائيليا غربيا من اجل تأنيث الذكور، ولا اعرف ربما تذكير الإناث، لكي يختلط الجنسان، فلا نعرف الفصل بينهما . وهنا أتسال هل ضمنا ونحن نتحدث عن الرجولة أننا نستعر من نساء بلادنا ؟!
افهم أن يقال أن هناك ظاهرة بعينها تتنافى مع القانون، وتضر بالآخرين تحتاج إلى تصويب بدءا بالنصح والإرشاد والتوجيه، مرورا بوسائل الضغط المحسوب، وانتهاء بالعقاب وفقا للقانون واستنادا لأحكام القضاء، وأنا هنا اقر بان هناك العديد من الظواهر تحتاج لذلك، المهم كيف، وعلى أي أساس .
قبل كل شيء وللإنصاف أقول بان هناك أشياء ايجابية قد جرى علاجها في قطاع غزة، وعلى سبيل المثال الحد من ظاهرة الفلتان الأمني، وتهذيب النعرة العشائرية، هذه الأشياء وغيرها لا يمكن لعاقل إلا أن يدعمها، وفي ذات الوقت ان لا يصمت عن العديد من الأشياء التي لا تستقيم وطبيعة مجتمعنا، او تلك الإجراءات التي يجب التوقف عندها. وهنا اقول:
الفضيلة لا تقتصر على أشياء بعينها ، ولا تُفصل وفق المزاجات .. ولا يمكن ان تبدأ وتنتهي من حيث يريد البعض، حيث تنكسر عندما تمس مصالح المتنفذين ومن لهم حسابات خاصة في الحزب الحاكم.. لم المس هذه الفضيلة بإجراءات حاسمة على أبواب الأنفاق الحدودية التي تهرب الحبوب المخدرة – برغم بعض الإجراءات - والتي تأخذ الشباب إلى واقع التردي والانحدار؟ أين الفضيلة من سياسة إفقار الناس بسبب ارتفاع الأسعار والضرائب والرسوم التي تفرض على كل شاردة وواردة برغم شعار "نحن محاصرون الحقونا ياعالم" ؟ هذا الفقر الذي يأخذ الناس إلى مهاوي الرذيلة وكل موبيقات الحياة، أين الفضيلة عندما تستشري سياسة التمييز بين من ينتمي للحزب الحاكم وبين الآخرين، سواء كان ذلك في مجال التوظيف او توزيع المساعدات وغيرها ؟ أين فضيلتكم وقد تحول شعبنا "لعدو وناهب" للثورات ومصدرا للعنف في نظر من دعمونا وأحبونا من الشعب المصري ؟ حتى أن الفلسطيني بات مشبوها ومكروها في بلد طالما اشتاق لها واعتبرها وطنه الثاني ... أقنعوني بفضيلتكم عندما توقعون اتفاق وقف "إطلاق نار" مع الاحتلال الإسرائيلي المجرم بواسطة مصرية يوصف المقاومة بالأعمال العدائية؟! وما طعم الفضيلة التي تتحدثون عنها مع مواصلة تعميق انقسام الشعب والوطن الذي تتحملون مسئوليته مناصفة مع الآخرين؟.. طمنونا على فضيلتكم عندما تكسبون من الوقود المهرب عبر الأنفاق ما يزيد عن 250% بعد التكلفة، كله على حساب الشعب المغلوب على أمره والمحاصر؟ سلموا على شمس فضيلتكم عندما افتيتم بتحريم السجائر وتامين المركبات، ليصبح ذلك محللا عندما توليتم زمام السلطة، بل وفتحتم شركاتكم الخاصة من اجل ذلك !! ولماذا لم تصل الفضيلة إلى جيوب من اغتنوا واكتنزوا الذهب والفضة ليصبحوا أغنياء المرحلة في وقت قياسي، دون أن تجرى مساءلتهم وفقا لمبدأ " من أين لك هذا" ؟ أقنعوني كيف تتجلى الفضيلة في ظاهرة تزايد أعداد المتسولين في قطاع غزة، وارتفاع معدل الطلاق بصورة مخيفة، وتصاعد المشاكل الأسرية، وانخفاض قدرة الشباب على الزواج؟ وأين هي الفضيلة عندما تقتحمون خصوصيات الناس، وتضعوهم في مربع الإجرام دون ذنب اقترفوه سوى أنهم يلبسون ويتكلمون ويعيشون كما أرادوا لأنفسهم !! وهل انتصبت فضيلتكم عندما منعتم في رفح – على سبيل المثال – إقامة خيمة اعتصام تضامنا مع الأسرى نظمتها القوى الوطنية والإسلامية بتاريخ 7/4/2013م ؟!
نهج بدأ بخطوة صغيرة، كبر وتفرع وامتد، هم يتسربون إلى عمق المجتمع وفق منطق التدرج، يبدأون بتمرير موقف "ما"، يتحسسون ردة فعل المجتمع، يتراجعون إذا ما علت وتيرة الاحتجاجات، ثم لا يلبثوا أن ينقضوا من جديد، وعندما يجدون صمتا يذهبون إلى ما هو ابعد ومتدحرج.
يمسكون الآن بتلك القضايا التي تداعب مشاعر المواطنين مستغلين الموروث الثقافي القائم، وأحيانا ما يدغدغ مشاعر الناس الدينية، مستفيدين من عاطفة الناس، وهشاشة الوعي الديمقراطي في بلادنا، لكن الخطير في الأمر بان السير بهذا الاتجاه يعني ترويض المجتمع والتدرج به وصولا للانقضاض على ما هو ابعد وأعمق، واقصد هنا ضرب كل من يعارض فكرهم وسياستهم وتوجهاتهم، حينها سيسهل قمع واعتقال وتشويه الآخرين دون مقاومة مجتمعية فاعلة.
ياقوم .. مجتمعنا مجتمع مسلم لا تكفروه ضمنيا بقراراتكم وتوجهاتكم، عالجوا اعوجاج البعض على قاعدة القانون، ميزوا بين حريات الناس بموجب نصوص القانون، وبين المسلكيات التي تضر بالآخرين لتعالجوها بأساليب الترغيب لا التنفير، ولا تأخذوا المجتمع لما ليس عليه.. فمجتمعنا وسطي بطبيعته، وهو الطموح دائما للانطلاق والإبداع بعيدا عن القولبة والإسقاطات التي قد يخضع لها البعض أحيانا، لكنها بالتأكيد ستجد تفاعلاتها اللاحقة، ولعل في تجارب الشعوب ما يفيد ويعلم الكثير .
فدائيات الدولة وآسيا في الدولة
pnn/ منتصر العناني
دولة فلسطينية عتيدة وعاصمتها القدس الشريف نٌكرسَّها معا من خلال مواقع مختلفة كلٌ بجهده وإنتمائه الذي يٌحتم عليه الإنجرار وراء دعم التوجهات نحو ما نحلم أن نكون كباقي شعوب العالم كما نريد لنحقق حٌلم الشهيد ياسر عرفات وكل شهداء الوطن الغالي وتكريما لمن قدموا حياتهم خلف القضبان دفاعا عن القضية والأرض .
فدائيات فلسطين والكرة الفلسطينية حطت محطات مساهمة وقوية امام العالم بنقل الرسالة وتثبيت وتكريس ما أشرنا اليه نحو الهدف في إصابة الهدف الذي نتطلع أن يكون في الصميم في الحضور الآسيوي الدولي على أرض فلسطين دون النظر الى النتيجة مؤقتا في عمل نشهد بقدرة القائمين على ترسيخه من أجل الوطن في التصفيات الآسيوية على ارض دولة فلسطين رغماً عن أنف الإحتلال وهذا بحد ذاته إنتصار جديد لدولة فلسطين وفي قلب القدس العاصمة لنحاكي العالم بأن فلسطين ارض وشعب ودولة وعاصمة وأن الإحتلال إلى زوال .
الإنتصار التي سجلته الرياضة الفلسطينية في التصفيات هنا على ارضنا الحبيبة ولأول مرة لسيدات آسيا هو إنتصار تاريخي آخر هو وجبة جديدة وشوكة في حلق الإحتلال بأننا قادمون نحو النصر الأكبر وهنا أقول وأنحني إجلالا لكل سيدات الدول التي تشاركنا وشاركتنا في هذا العرس الفلسطيني الآسيوي والدولي .
فدائيات فلسطين الخسارة والربح في هذه البداية لا تعنينا كثيرا ً بقدر تحقيق الربح الاكبر بتحقيق الرسالة والمغزى الأكبر بتثبيت وترسيخ دولتنا ورسائل هامة مع العالم الحاضر معنا خصوصية فلسطين وكذلك وضع من حضروا بصورة المعاناة لهذا الشعب وحلقة الإحتلال الأضعف (وزنقته) أمام إرادة سعب جبار عرفاتي بكل أشكال المقاومة والسلام والصمود والتحدي والإرادة تبقى ساكنة بروح شعبنا الكبير والعظيم .
أسجل إعتزازي وافتخاري بإتحاد كرة القدم الفلسطيني الذي بدأ مشوراه بإنتماء العاملين فيه في ولهذا الشعب الكبير بعظمة رجاله المنتمين والملتصقين بالأرض لدورهم في اللحاق جماهير وفية للملاعب في حكاية فدائيات كتبن قصة شعب وتحية للحضور ولأيادي النصر وللعلم الذي عانق العالم ليقول نعم لفلسطين وتعيش فلسطين .
محطات ضرورية على طريق المصالحة
pnn / بدر الدين بن الشيخ حمدي مدوخ
المصالحة الفلسطينية هدفٌ ترنو إليه قلوب الفلسطينيين جميعاً في شتى تواجدهم، ويشاركهم ذلك الأمل جميع المخلصين من أبناء الأمة الإسلامية والعربية بالإضافة للعديد من المتابعين للشأن الفلسطيني من الأصدقاء والمناصرين للقضية الفلسطينية من غير العرب والمسلمين.
إلا أن هذا الحلم وذلك الأمل كلما دنا من التحقق ظهر ما يفسده ويعيق الوصول إليه، فتعود النفوس لتنكفأ على نفسها ويغادر العديد منها - في كل جولة - من مربع الأمل لمربع اليأس!
لذلك كان لزاماً على كل منصف ومثقف أن يوضح للناس أين الخلل، وما هو المطلوب، وما هي المحطات اللازمة لتحقيق ذلك الحلم والهدف، فالمعظم يسمع قول الله تعالىوَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - آل عمران103)، ويتساءل لماذا لا نتصالح إذاً؟ لماذا لا نستجيب لهذا النداء الإلاهي ونعتصم بحبل الله جميعا؟ بل ونطرح سؤالاً قد يراه البعض جريئاً : هل الذهاب للمصالحة اعتصام بحبل الله؟
الحقيقة أن القرآن واضح وصريح، وقواعده معروفة، فالإشكال في فهم الناس لآياته لا في الآيات نفسها، فالإعتصام بحبل الله لا يتحقق إلا بشروط واضحة وجلية موضحة في الآيات التي سبقت الآية السابقة، وعليه فإن عدم إدراك ذلك من قبل الأطراف الفلسطينية نفسها أو المجتمع الفلسطيني أو الراعين لهذه المصالحة، يجعل عقولهم في حيرة وأذهانهم عاجزة أحياناً عن التحليل أو الإستنباط!
فالقرآن وضح أن أول محطة للصلح بين المسلمين فيما بينهم على طريق الإعتصام والتوحد، هي محطة عدم إطاعة غير المسلمين أو الركون إليهم، يقول الله تعالى : (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ – آل عمران 100)، فهذه المحطة لا تستقيم إلا بفهم الإيمان ومتطلباته من الأطراف جميعاً. إذاً لا بد من جميع أطراف المصالحة عدم السماع إلى هذا الفريق أو ذاك من المغرضين من أهل الكتاب أو غيرهم، وعدم الركون لوعودهم وإغراءاتهم مهما كانت ومهما زينوها لنا.
المحطة الثانية على طريق المصالحة : اتباع نهج الله ورسوله، لا نهج غيرهم، وهذا مطلوب من الجميع : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ – آل عمران 101) فالهداية للصلح وعدم النزاع والخلاف هي بالإعتصام بالله أي بهديه وهدي نبيه، وهذا الهدي باقٍ في البشر إلى يوم الدين، وهذه المحطة مبنية على المحطة الأولى لأن عدم الإلتفات لهذه الفئة من أهل الكتاب يتطلب إلتفات لغيرهم، وغيرهم يجب أن يكون منهج الله ومنهج رسوله، فننطلق في الصلح على القواعد والثوابت التي لا تغضب الله ولا تنتقص من حقوق عباد الله، وهذا ما نسميه بالإستعداد الثقافي والنفسي لإتمام عملية المصالحة لإرضاء الله تعالى ومن ثم المؤمنين.
بعد هاتين المحطتين تأتي المحطة الثالثة، وهي تقوى الله سبحانه وتعالى حق تقاته وذلك من جميع الأطراف (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ – آل عمران 102) هذه التقوى هي محصلة للمحطتين السابقتين، ولا يمكن أن تتحقق إلا بهما، لأن بهما يبتعد الإنسان عما يغضب الله ويقترب مما يرضيه سبحانه. كما أن الإستعداد لخوض غمار أي شيء لا ليكون مجدياً إلا بالتسلح بما يمنع من الإنزلاق أثناء هذه العملية الصعبة، لأن أهواء النفوس والمتطلبات الضيقة والميزات التنظيمية والحركية المرجوة قد تطغى على الأهم والأسمى وهو وحدة الصف والكلمة والوطن.
بعد كل هذه الخطوات يمكن، بعدها تتحقق المصالحة : (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا)، هذه الخطوة هي باكورة طبيعية وثمرة ناضجة وهدف محقق لما سبق وبيناه في المحطات الثلاث السابقة، ولنلاحظ هنا : (بحبل الله)، و(جميعا)، وهذه إشارة إلى ضرورة البقاء على طريق الله والوفاء بمتطلباتها، ومن جميع أطراف هذه المصالحة لا من طرف دون طرف، ودون ذلك فلن تتحقق المصالحة وإن بدأت فلن تستمر، ولذلك انتهت هذه الآية بقول الله (لعلكم تهتدون).
ولتثبيت هذه الوحدة وتلك المصالحة بعد إتمامها، لا بد من دوام تذكر جميع الأطراف فضل الله عليهم، بأن ألف الله بين قلوبهم، وأن أي قوة أخرى لن تستطيع ذلك مهما كانت وأياً كانت، وهذا بحد ذاته من آيات الله لسبب بسيط، وهو أنه سبحانه وتعالى خلق هذه القلوب وهو أعلم بما يصلحها، وهو وحده فقط القادر على توحيدها وتقريبها من بعضها البعض وإذهاب الضغائن والأحقاد منها.
والسؤال المهم، ماذا لو لم يلتزم أحد الأطراف بهذه المحطات والشروط؟ يجيب القرآن كذلك، فيقول : (وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ – الحجرات 9)، ففي هذه الحالة لا يجوز أن نبقى على الحياد، بل لابد للجميع من الضغط على الطرف الرافض لهذه الشروط وتلك التوجهات القرآنية، ليرجع لرشده ويستجيب لأمر الله، لأن الله لا يريد للمؤمنين أن يتفرقوا أياً كان حالهم، في السلم أو الحرب، فما بالنا إن كانوا يقاتلون عدواً يحتل أرضهم ويهدد مقدساتهم ويعتقل أعرافهم وكبراءهم، كما أن الله يريد لكل إنسان ـن يأخذ دوره في المجتمع ويكون إيجابياً لا سلبياً، ويصدح بالحق لتبقى الأمة حية وقوية.
إن الحيادية في المصالحة مخالف للهدي القرآني، وهذا يعني أننا سنبقى مكاننا ما لم يأخذ كل طرف مكانه الصحيح وفق الرؤية القرآنية ويقوم بدوره الذي وضعه القرآن الله، سواء كان مناصراً لأحد الأطراف المتنازعة أو كان مصلحاً لها
إذاً مما سبق يتضح لنا السبب في عدم إتمام المصالحة حتى اللحظة، ونستطيع أن نستنبأ متى ستحقق، فعلى الجميع، أطراف المصالحة أو الراعين لها، من أهل فلسطين أو غيرها، أن يدركوا ذلك، ويعلموا أن لا مناص مما ذكرنا، وإلا سيصبح الحديث عن مغالبة فئة لفئة، وإن بدت في ثوب مصالحة، وهي ليست بذلك، لأنه قد يُدعم طرف من جهات خارجية على حساب طرف فيتمكن منه، إلا أن الأيام دول، والعدو لا يريدنا موحدين إلا على شروطه وحسب أجندته بما يخدم مصالحه ومشروعه، وهذا ما يجب أن نحذر منه جميعاً، وصدق الله القائل (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم).
ماذا بعد الحكومة الجديدة؟
ج.الايام / د. عبد المجيد سويلم
بات واضحاً الآن أن الحكومة الجديدة ستشكل بقرار (مرسوم) من سيادة الرئيس خلال عشرة أيام (على الأبعد) من يومنا هذا، وهو الأمر الذي أصبح بالإمكان الحديث الصريح عن أبعاده وما سيترتب عليه.
من حيث المبدأ فإن ما قيل عن تولّي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مهام "الحكومة" (إلى حين انجلاء الصورة مع حركة "حماس") ليس له أساس من الصحة ولم يطرح على أي جدول أعمال، وهو خارج نطاق التفكير الفلسطيني، وكل ما قيل بهذا الصدد ليس إلاّ فبركات صحافية من صحف، لا تجيد في الواقع سوى هذه الفبركات وما شابهها، وهي صحف "نجحت" بتحرير فلسطين عدة مرات متتالية و"خلقت" عوالم ثورية متكاملة عَبر مثل هذه الفبركات بالذات ولا عَبر أي شيء آخر.
لدى هذه الصحف "خرائط" دقيقة للحالة الوطنية في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، ولديها قوائم نهائية حول الثوريين والوطنيين والتقدميين والثائرين، كما أن لديها قوائم أكثر أهمية حول "بطولات" متخيّلة وحول دول خائنة وأخرى ثورية وشخصيات فاسدة وأخرى نزيهة، ولديها شارات ملوّنة مواتية لكل الأطياف السياسية على امتداد وجود الأمة، وكل ما تقوم به هذه الصحف في الواقع هو لصق الشارة على الطيف المعني وإعداد المادة الصحافية المناسبة للوضع الجديد والطيف الموصوم أو الموصوف.
باختصار ليس لدى هذه الصحف من هموم خاصة باستثناء الفبركات ولصق الشارات وتحضير الطبخة الصحافية المناسبة. وبما أن عودة الدكتور سلام فياض لتولّي مهام الحكومة الجديدة مسألة مستبعدة تماماً، وبما أن الرئيس ليس مضطراً لتولّي رئاسة هذه الحكومة، فإن تكليف شخصية وطنية مستقلة برئاسة الحكومة أصبح أمراً محتّماً ولم تعد المسألة تحتاج إلى الكثير من التكهُّن.
واضح في ضوء ذلك أن مهمة هذه الحكومة من الزاوية النظرية هي ملء الفراغ الدستوري بانتظار انقضاء الأشهر الثلاثة، التي قيل إنها ستكون المهلة الأخيرة للاتفاق على الحكومة التي سيتولاّها سيادة الرئيس لفترة وجيزة، وبحيث يتم خلال ثلاثة أو أربعة شهور أو ستة شهور (على أبعد حدٍّ متوقّع) إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتلك التي تتعلق بالمجلس الوطني بعد الانتهاء من إعداد الصيغة النهائية لقانون انتخابات هذا المجلس.
هذا كله من الزاوية النظرية، أما من الزاوية العملية فواضح أن الحكومة الجديدة يمكن أن يمتد عمرها إلى سنوات طويلة إذا ما تبيّن أن حركة "حماس" ليست بوارد الاتفاق على الخطوات المحددة في اتفاقي "الدوحة" و"القاهرة"، بل ويمكن القول ومنذ الآن إن حكومة من هذا النوع حتى ولو جرى بين الحين والآخر إجراء بعض التعديلات عليها بما في ذلك شخص رئيسها فإنها ستتحول من حكومةٍ لملء الفراغ الدستوري الطارئ إلى حكومة "دائمة" أو طويلة الأمد وإلى حين ظهور معالم سياسية جديدة لمرحلة سياسية جديدة.
ومن الزاوية العملية، أيضاً، فإن حكومة ملء الفراغ ستكون أمام مهمّات (حكومة الرئيس) التي كان مفترضاً تشكيلها، وفي حال وصلت "المفاوضات" بين "فتح" و"حماس" إلى طريقٍ مسدود كما كان عليه الوضع حتى الآن ومنذ سنوات طويلة فإن حكومة ملء الفراغ ستكون مطالبة بالبحث عن الصيغ المناسبة لإعادة بناء النظام السياسي (في حدود الانتخابات الرئاسية والتشريعية)، كما ستكون مطالبة بإعادة رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية في الضفة والقطاع في ضوء المعالم السياسية الجديدة للمرحلة المقبلة. الكل يأمل أن لا نصل إلى الطريق المسدود من جديد، والكل (الوطني) ما زال يراهن على انتصار العقل وهزيمة الانقسام والخروج وإلى غير رجعة من مستنقع القبيلة السياسية، ومن أوهام "الكانتون" (الإسلامي) إلى رحاب الهُويّة الوطنية والمشروع الوطني، إلاّ أن السياسة المحنّكة تقتضي توفير العدد الأوفر من الخيارات والبدائل.
لا يوجد في الأفق (إذا أردنا الصراحة والوضوح) ما يُبشّر بانفضاض أزمة المصالحة خلال الأشهر الثلاثة التي قيل إنها (المهلة السحرية)، ولا يوجد ما يوحي بأية أجواء أو مناخات جديدة. على العكس من كل ذلك فإن افتعال "المعارك" والأزمات "وتطوير" أساليب جديدة للتراشق الإعلامي والفبركات السياسية هو سيّد الموقف، والأمور على هذا الصعيد بالذات تنذر فقط باشتداد الحملات الإعلامية والفبركات السياسية وافتعال المزيد والمزيد من الأزمات و"المعارك".
كل المؤشرات تقول إن الأزمة (أزمة المصالحة) أبعد وأعمق من (تأخير إنجاز قانون انتخابات المجلس الوطني) ومن اختلاف على شهر أو عدة شهور لمواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهي (أي الأزمة) أكبر وأكثر تعقيداً من هذه "الفنيّات" الإجرائية. إنهاء الانقسام باعتباره الكارثة التي حلّت بالشعب الفلسطيني وبما يشبه النكبة الجديدة هو الموضوع الأكبر والأهمّ على جدول أعمال الكلّ الوطني الشامل.
فإما أن يتم إنهاء هذا الانقسام بالتوافق أو الاتفاق أو أن يتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية والتشريعية والسياسية التي تجعل من "بقاء" قطاع غزة (ككيان سياسي منفصل) أمراً خارج الإجماع الوطني، وخارج الشرعية الوطنية الدستورية، وخارج الشرعية الإقليمية والدولية بقدر ما هو ممكن ومتاح.
علينا أن نقدم لبعضنا بعضاً كل ما يمكن وحتى أبعد من كل ما يمكن من تنازلات بهدف الوصول إلى التوافق الوطني الشامل على إنهاء الانقسام. ولكن علينا بنفس الدرجة من الإرادة والحزم أن نتوافق (بأوسع إطار وطني ممكن) على تلك الخطوات القانونية والتشريعية والسياسية لتحويل انفصال أو تكريس انفصال غزة إلى مستحيل سياسي، وعلى الحكومة الجديدة أن تعرف وأن تحضر نفسها لمرحلة جديدة (إن أتت لا سمح الله) ليس فيها مجال للهرب أو الهروب أو التهرُّب، وعلى القيادة الفلسطينية كما أرى أن توضّح للشعب رؤيتها لخطتها الوطنية في مواجهة تكريس الانقسام والانفصال في حال إن فشلت كل المحاولات لثني حركة "حماس" عن طريق الأوهام الانفصالية.
صحيح أن حركة "فتح" تتحمل مسؤولية كبيرة في شق هذا الطريق ولكن قيمة هذا التوجه تكمن في التوافق الوطني الشامل عليه.
هل ستشعل صواريخ س 300 حربا اسرائيلية ؟
أمد/ واصف عريقات
اعلان قائد سلاح الجو الاسرائيلي عمير ايشيل في الذكرى الأربعين لحرب رمضان العربية الإسرائيلة أمام اجتماع الأمن القومي في معهد فيشر للدراسات الاستراتيجية للفضاء والجو قرب تل ابيب بان صواريخ ارض جو اس 300 روسية الصنع في طريقها الى سوريا وتحذيره من اندلاع حرب مفاجئة على الحدود مع سوريا وقوله ان جيشه على اهبة الاستعداد لهذا السيناريو، يجب أن يؤخذ على محمل الجد بغض النظر عن تفسيراته حين قال "ان الدولة السورية تتفكك بسرعة ما قد يعني ان اسطول السلاح السوري قد ينقلب ضد اسرائيل في اية لحظة, وعلى الاسرائيليين الاستعداد لصراع طويل ومؤلم اذا دخلت قواتهم معركة مع حزب الله او ايران التي تدعمه.
ما يجب التوقف عنده أيضا مما قاله ايشيل بأن الحرب المباغتة لا تزال ممكنة وهو ما يعني بأن قيادات اسرائيل ما زالوا يفكرون بذات العقلية القديمة التي تعتمد انماط الحروب الخاطفة والسريعة والعزل والتطويق والوصول للقلب بالخرق السريع بعد استخدام سياسة الأرض المحروقة، حيث توعد وقال:"في اية حرب قادمة ان تستخدم اسرائيل كل قوتها وان تعمل 100% ضد خصومها وليس مثل حرب لبنان الثانية"، ندرك جيدا ان الدافع الأساسي لتحذير ايشيل هو خشيته على فقدان التفوق الجوي الإسرائيلي الذي يتحمل هو مسؤوليته، حيث قال ان امتلاك اسرائيل للتفوق في سلاح الجو هو الذي يدفع السوريين للبحث عن سلاح دفاعي صاروخي، وما يعزز التحليل قول قائد سلاح الجو الاسرائيلي" ان نظام الاسد حاول كل جهده لامتلاك سلاح الدفاعات الجوية الافضل في العالم وان هذه الدفاعات لا تشكل تهديدا جديا فحسب وانما يعطي سوريا الثقة بالنفس للقيام باعمال لم تكن من قبل تفكر في عملها"، وحينما اشار الى ان انظمة الصواريخ التي تريد سوريا امتلاكها ليست من انواع الاسلحة التي يمكن ان تتصورها وانما هي من جيل جديد ومختلف كليا.
وحين قال" بكل ذعر ان هذه الصواريخ لا رادع لها ولا شيء يوقفها وان الاخرين يمكن ان يسألوا انفسهم ما هي اضرارها فقط وليس اكثر"، وهنا نتذكر ما سمي بعملية سلامة الجليل وكان من أسبابها المعلنة تعاظم نفوذ وقوات م.ت.ف بشكل عام ومدفعيتها وصواريخها بشكل خاص.
تحذير ايشيل حمال اوجه لتفسيرات متعددة استنادا للتناقض الذي جاء فيه ففي البداية تحدث ايشيل عن الحدود مع سوريا لكنه خصص الحرب تجاه حزب الله وايران، واضاف معترفا بان اسرائيل تعيش ظرفا مختلفا عن حرب 1973 (مصر وسوريا) ويمكن تفسير قصده من تكملة حديثه حين قال سنخوض حربا مختلفة وعلينا الاستعداد لها بقدرات مختلفة، في اشارة ضمنية لحرب اقليمية، كما ناقض نفسه حين تحدث عن حرب المباغتة واستخدام كامل الطاقة العسكرية وما تعنيه من عقيدتهم والحرب الخاطفة في نفس الوقت تحدث عن صراع يطول، وفي تناقض آخر بدأ الحديث عن موضوع كبير واستراتيجي خطير بالنسبة لإسرائيل وهو الصواريخ روسية الصنع التي ستحدث الخلل الإستراتيجي في ميزان القوى حيث ستؤثر بشكل مباشر على امكانية التفوق الجوي الاسرائيلي، وختم بالقول بأن التراكمات الصغيرة قد تؤدي الى تدهور سريع على الحدود، في اشارة ضمنية لما جرى من قصف سوري وتدمير آلية عسكرية تجاوزت الحدود في الجولان، لم يفصح قائد سلاح الجو عن توقيتات الحرب لكنه قال" لست ادري ان كان هناك وقت للإستعداد للحرب ام لا"؟ هذه التناقضات تعكس حالة القلق والإرتباك التي تمر بها القيادات الإسرائيلية، وهي سببا كافيا لاتخاذ قرارات مغامرة لا تنتظر فيها المصادقة من الحلفاء بل تريد توريطهم، خاصة بعد زيارة نتنياهو الأخيرة لموسكو التي قيل عنها انها فاشلة لعدم قدرة نتنياهو على اقناع الرئيس الروسي بوتين بما حمله من أفكار ومطالب من جانب، ومن جانب آخر عدم التوافق الإسرائيلي الأمريكي حول ضرب المشروع النووي الإيراني.
وفي استعراضنا لدوافع الحروب الأخيرة على جنوب لبنان عام 2006 وقطاع غزة عام 2008 و2012 وما تتحدث عنه اسرائيل اليوم نجدها لاتختلف كثيرا من وجهة نظرهم وتعتبرها قيادات اسرائيل اسبابا كافية للتوجه للحرب، لا سيما وان هناك تصريحات اخرى تصب في ذات السياق ومنها حديث رئيس اركان جيش الإحتلال بيني غانتس في تخريج احدى دورات جيش الإحتلال حيث قال ان جيشه امام سيناريو توتر متعدد الجبهات وليس على جبهة واحدة، وأن عدم الإستقرار الراهن في المنطقة يضع اسرائيل امام مواجهة عدة جبهات وان في الأجواء مشهد جديد سيغير وجه المنطقه، كما قال" نحن يجب ان نعمل بايجابية ونفاذ وتنسيق متكامل ومتعدد من اجل ضمان النصر على التحديات المستقبلية ومن اجل الحسم السريع لكل مواجهة تنشأ.
نائب وزير الخارجية الاسرائيلي زئيف الكاين كان الأكثر وضوحا حين قال ان اسرائيل لن توافق على تغيير قواعد اللعبة في هضبة الجولان.
تعودنا على سماع مثل هذه التحذيرات والتهديدات من القيادات الاسرائيلية السياسية والعسكرية وهي ليست جديدة، لكن الجديد في هذه التصريحات واعتبارها اسبابا كافية للتوجه للحرب خمسة :الأول المشهد الجديد الذي سيغير وجه المنطقة والثاني عدم الإستقرار والثالث المجهول الذي تريد اسرائيل تحويله لمعلوم، وقد تحدث عنهم رئيس الاركان الإسرائيلي، والسبب الرابع الخلل في ميزان القوى بامتلاك سوريا صواريخ اس 300 الذي تحدث عنه قائد سلاح الجو والخامس عدم سماح اسرائيل بتغيير قواعد اللعبة، وقد تحدث عنه نائب وزير الخارجية الاسرائيلي مما يعني تدخلهم بشكل مباشر.
هناك دوافع وأسباب عديدة تشعل الحروب في العالم، وإن لم تتوفر هذه الدوافع فإن اسرائيل تتقن فن صناعتها ، فهل ستكون صواريخ س 300 احداها هذه المرة؟
حماس لـ"فياض" .."أسألك البقاء"!
أمد/ حسن عصفور
رغم أن الصورة لا تزال غائمة وضبابية بخصوص ملئ الفراغ الحكومي، إلا أن حركة "حماس" سارعت للتعامل الفوري مع "النميمة الصحفية" بأن هناك حكومة جديدة سيتم الاعلان عنها خلال الأيام القادمة مع نهاية "الأجل الدستوري"، الاشاعات لم تحدد بعد كيف هي تلك الحكومة، لكنها تعرض أكثر من خيار لرئاستها، البعض يعتقد أن الرئيس عباس سيلجأ لاختيار شخصية قادرة على تنفيذ كل ما يطلب منه دون أن يفكر بأنه "رئيس وزراء"، أي أنه أقرب لصيغة سكرتاريا تنفيذية منه الى رئيس الحكومة، وهو ما يراه هؤلاء اقسى الخيارات الممكنة، رغم انه اقربها ايضا، فليس صعبا أن تجد من يقبل باللقب ويتنازل عن المهام، باعتبار أن الرئيس محمود عباس هو صاحب الصلاحيات المطلقة في تقرير ما سيكون لاحقا، خاصة وأن حركة "فتح" لا تود أن يبرز لها سلام فياض جديد..
خيار ضعيف وهزيل ولكنه خيار ممكن، فيما يعتقد آخرون أن الرئيس محمود عباس سيتولى شخصيا هذه المهمة الى حين تشكيل الحكومة التوافقية، وقد يعيد غالبية التشكيل القائم مع الاستعانة بخدمات د.نبيل قسيس كنائب رئيس وزراء ووزيرا للمالية، مع صلاحيات بادارة العمل التنفيذي الحكومي، وهو المقترح الذي يتفاعل وتراه بعض الدوائر "مخرجا مناسبا"، باعتبار أن حركة حماس وافقت اصلا على رئاسة عباس للحكومة التوافقية، لذا تعتقد تلك الدوائر أن رئاسة عباس لحكومة ملئ الفراغ المؤقتة هي الحل المناسب..
وقد يكون ذلك صحيحا باعتباره حلا في سياق الأزمة والارتباك، ولكن هذا الاقتراح سيكون مخالفا مخالفة واضحة للقانون الأساسي، فليس من حق الرئيس تكليف نفسه بنفسه، وما حدث مع اتفاق الدوحة، جاء تجاوزا للقانون تحت عباءة "المصلحة العليا"، ولذا الدخول في مسار تجاهل القانون الأساسي سيفتح طريقا جهنميا على "شرعية دولة الرئيس عباس"، قد تنال من "شرعية فخامة الرئيس عباس"، اقتراح يبحث حلا لمأزق بخلق أزمة دستورية، ليس زمنها أو مجالها، ولذا لا يجب الدخول في هذا "النفق المظلم"..
وتناول بعضهم تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير القيام بمقام الحكومة، خروجا من "مأزق" انتجه اتفاق "شراء الوقت" بين طرفي "ديمومة الانقسام"، لكن خطر هذه الاقتراح يفوق خطر تكليف عباس برئاسة الحكومة.. وبعد القناعة المطلقة لدى دوائر صنع القرار في رام الله، بأن سلام فياض راحل راحل بلا رجعة في ظل المشهد الراهن، لم يعد أمامهم سوى العودة الى المربع الأول بتكليف شخصية تقبل دور "السكرتير التنفيذي المؤقت"، وسيتم تسويق الاقتراح بكل "التبجيل السياسي" الممكن، وبالتأكيد لن تغيب "المصلحة الوطنية العليا" عن هذا الترويج.. وظيفة لها مقابلها ولكن عليها حمل ثقيل لمن سيقبل، وعليه التنازل مبكرا عن "مقومات الكرامة الشخصية" لصالح "المصلحة العليا"، ولا شك أنه قد ينال "وسام الشجاعة" و"الفداء والتضحية"..
ولكن مع ارتباك دوائر قرار رام الله، تفاجئنا حركة "حماس" بموقف يحمل من الطرائف الكثير، فجأة اعتبرات أن اي تشكيل لحكومة جديدة هو "عمل تخريبي" ويهدف الى عرقلة "اتفاق المصالحة"، وكلام له أول ولا يوجد له آخر، ولكنه يكشف أن مصيبة التناقض السياسي في حماس يفوق بأضعاف مضاعفة ما تعيشه فتح في اختيار موظفا عاما لقبول مهمة لا تبدو مقنعة لرجل سوي، حماس ترفض أي تشكيل حكومي جديد، دون أن تتحف الشعب الفلسطيني فيما هو "البديل" للمأزق السياسي – القانوني..
موقف حماس ليس سوى تجسيد لموقف المناكفة السياسية، والمعارضة لأي موقف يأتي من رام الله، لا تفكر بأن الرئيس عباس وحركة فتح ملزمين احتراما للقانون، حتى لو كان بمظهره الخارجي، تشكيل حكومة جديدة حتى انتهاء فترة "الأشهر الثلاثة" والتي قد تصل الى "السنوات الثلاثة" بحكم التجربة.. ان تعارض حماس تشكيل حكومة جديدة، فهي عمليا تعلن تمسكها بحكومة د.سلام فياض كي تستمر الى أن تحل "حكومة التوافق" بعد عمر مديد، ومع أن د. سلام فياض يعلنها ليلا نهارا وأخبر كل من هب ودب بأنه لن يستمر وأعلنها صراحة "أسالك الرحيلا"، فرفض حماس لأي تشكيل جديد هو اعتراف منها برغبتها بقاء فياض، فهل تخلت عن موقفها المعادي واكتشفت أنه "الرجل المناسب في الزمن المناسب"..
موقف حماس يشكل لغزا من ألغاز تبدأ ولا تنتهي في المشهد العام لحال "بقايا الوطن"، وهو مؤشر على حجم الكارثة المخزونة بداخله.. الرفض لمجرد الرفض والشتيمة من اجل البقاء ..تلك هي نتيجة موقف يشكل أحد أغرب المواقف السياسية التي يبدو أنها لن تنتهي، ما دام في "الانقسام بقية"!
ملاحظة: هل ستمنح القيادة الفلسطينية مهلة زمنية جديدة لـ"كيكي أفندي"، لأنه لا زال بحاجة لوقت لاقناع "بيبي"..سنرى تصريحات "المغرد الذكي" بعد اللقاء!
تنويه خاص: ليت قادة "حماس" يدركون أن كثرة الكلام عن عبارة "أمن مصر من أمن فلسطين القومي" يشكل استفزازا لأهل المحروسة.. وكأن غزة باتت "دولة عظمى"!
انا الفوضى في نظامكم ...!!
ج.القدس/ يونس العموري
أنا ﺍﻟﻮﺿﻰ ﻓﻲ نظامكم .... وﺃﻧﺎ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻓﻲ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻜﻢ ... ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻔﺎﺷﻞ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻜﻢ .... وقد اكون ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﻓﻲ اعرافكم .... وحتما سأكون الكافر وفقا لمقاييسكم ...
هي الفرضيات التي تغزونا ليل نهار وربما بلحظة نتوه وتتوه معنا كل اشكال امكانية التنبؤ بحقيقة المستقبل القريب لطبيعة النظام المُراد له ان يسيطر على المنطقة في ظل الانهيارات الكبرى الحادثة في اقليمنا الشرق اوسطي وتغير معالم الخارطة الوجودية له ...
والكثير من الخيارات والاختيارات المطروحة والطارحة لذاتها فثمة من يسوق ويحاول بشتى السبل والوسائل الترويج للمشروع الفارسي وتعزيز مفاهيم مشروع الدولة الاسلامية وحكم الاسلام وان يكون الاقليم الجغرافي لمفهوم الدولة الراهنة ليس جمهورية اسلامية واحدة إنما جزء من الجمهورية الاسلامية الكبرى الذي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه القائد المدرك للذمة الملزم قراره.
ويتناقض هذا المشروع بشكل مباشر مع مفهوم الخلافة الاسلامية واعادة الاعتبار لها والبيعة واجبة ومن يموت في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية وللمرشد العام ان يحدد حقيقة وطبيعة شكل البيعة ومجلس الشورى يباشر فتاواه دون حسيب او رقيب وله حق الولاية على ذلك وما بين المشروع الاسلامي الفارسي وذاك المنطلق من بيداء الخليج وصولا الى ارض الكنانة والجهاد في افغانستان من موجبات العصر الجديد ما بين هذه المشاريع مسافات متناقضة، والصراخ والضجيج بات سيد الموقف هذا على الضفة الاولى المقابلة لبحر تلاطم امواج التناقضات والخربشات التي تعصف بها الساحة الشرق اوسطية عموما.
وبالمقابل يتصاعد نجم الليبرالية الجديدة التي باتت ترى في الاوطان والاقطار مشاريع بزنس للشركات عابرة القارات والمتعددة الجنسيات ذات النظرة المعولمة وللعولمة حساباتها الراشدة ...
وتأجيج الصراع الطائفي والمذهبي على تفسير معاني كلام الرب في اوجه والكل يعلم ويدرك ان الله محبة وحب وادراك قبل ان يكون معتقدا مذهبيا يتناحرون بالتفسير والتفاسير عند اعتاب النصوص الربانية وما بين الحلال والحرام مسافات ومساحات من حقنا ان نتعايش معها ومن خلالها وان نقرر بشانها وان لا يتم تغييبنا وان نصبح مجرد كائنات منفذة لتعليمات من يولي نفسه وكيلا للرب على الارض ...
يحاولون ان يسموا انفسهم بالكثير من الاسماء والعناوين ويكفرون من يختلف معهم وقد يخرجونه من الملة ومن الأمه وحينما يعتلون المنصة يعلنون انهم يملكون الحقيقة الحصرية ويحللون ويحرمون ويؤججون الفتن ومن يتجرأ من العامة الفقراء على ممارسة نمطه الحياتي الطبيعي فحتما هو الزنديق الفاجر بأعرافهم ولابد من ممارسة كل وسائل الترغيب والترهيب حتى يكون واحدا من رعاياهم ، وان كان من سادة القوم او من النخبة فثمة الكثير من الوسائل من الممكن التعاطي معه من خلالها لعل اهمها اتهامه بالكفر واقامة الدعاوي عليه وفقا لما يسمى بنظام الحسبة.
وحرية الرأي والتعبير عنها واحدة من افعال الشياطين لطالما انها لا تتوافق او تتساوق مع ما يقوله ارباب المعبد الماسورين خلف نصوص قالها اسلافهم عن طريقة التنظيم لجماعة الاخوان المسلمين او لحزب التحرير او لمن ينطق اليوم باسم الجهاد في سبيله ارباب القاعدة ربائب البنتاغون ووكالة المخابرات الامريكية والجدد على الساحة السلفيين والوهابيون الممولون من نفط الخليج الوطن البدوي الكبير هذا الوطن الذي تمت تسميته باسم عائلة واضحت مزرعة مملوكة حصريا للعائلة وحيث ان للدين رعاة فكان لهم ما كان من ابتداع النهج الجديد في اسواق الطرق الدينية والمناهج التفسيرية والشغل الشاغل لكل من يتنطح بالقول الكريم تعليم العباد اداب دخول بيت الخلاء ولبس الدشداشة والعباءة والحجاب وتحليله وتحريمه وللمقاييس العلمية مكامن اخرى ...
وأولى القبلتين ما زالت بانتظار فعلهم وحرث افكارهم، وحينما اعتلوا المنصة واصبحوا متحكمين برقاب العباد وقد اضحوا الملوك والامراء لم يغيروا شيئا عما فعله من كانوا متهمين قبلهم بالتفريط وبيع المقدسات والاقداس في مزادات الاسواق الاممية بل انتظرنا طويلا حينما قال السيد الكبير اوباما الشهير عن ان القدس لن تكون الا العاصمة الابدية للدولة العبرية وانتظارنا طال لسماع الصوت الهادر من ارض الكنانة الجديدة غضبا واستنكارا او زمجرة قوية من تونس الخضراء وهي محكومة بالحكم الاسلامي المعبر عنه من خلال جماعة الاخوان المسلمين فكان الصمت سيد الموقف بل ان اسكات الصوت سيدا فعليا للموقف .
ليس سكونا او سكوتا فحسب بل اسكاتا للرعاع ومن تخول له نفسه ان يحتج او ان يقول قولا متناقضا لما قاله السيد الكبير اوباما العظيم ... فهو مانح العطايا لهم ومن كان له الفضل الكبير في ان يكونوا سادة المشهد في اقطارهم وهو من يمنح الملك لهم ومن ينزعه عنهم ان اراد ذلك وتبقى اللحظة التاريخية هي من تحدد اولويات المرحلة وفقا لحسابات دقيقة على اسس المعادلة الوجودية لما تسمى بالمنطقة الشرق اوسطية ....
ومنظومة التعامل معهم لابد أنها منضبطة بالرغبات، والقشور باعرافهم هي الاساس والاساسيات، وما كان ممنوعا قد يصبح بلحظة مسموحا ... والادلة على ذلك كثيرة جدا في ظل وقائعنا الراهنة فكامب ديفيد لن تلغى ولن يتم تعديلها ممن كانوا بالأمس يخونون ويكفرون من وقعها واوقع مصر والعرب ببراثينها بل اصبحوا هم المدافعين عن ضروراتها والمعونة الامريكية واحدة من دعائم الاقتصاد المصري العتيد بصرف النظر عن الشروط والاشتراطات التي تكبل الشقيقة الكبرى في عوالم اتخاذ القرار على المستوى الوطني والاقليمي وحتى الدولي ... وامكانية تجريم التطبيع في القانون التونسي مناهضا للكياسة السياسية بعرف حزب النهضة ومن يقف من وراءها .....
والجريمة تبقى واحدة بصرف النظر عن مرتكبها ومن يروج لها ومن يحاول التبرير لفعلها الا انه وفي هذه المرة لا شك ان الكثير من الجرائم بحق الوطن الجغرافيا والانسان ترتكب باسم الدين الحنيف وكلام الله علماً ان الدين بريء من كل الجرائم التي ارتكبت باسمه .
القضية بحاجة الى اكثر من التوبيخ
ج.القدس/ حديث القدس
من المقرر ان يصل وزير الخارجية الاميركية جون كيري الى المنطقة اليوم لدى بدء زيارة جديدة في اطار جولاته المكوكية للبحث عما يسمونه ايجاد الظـروف والبيئة السياسية المناسبة لاستئناف عملية المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية.
وقد سبقت هذه الزيارة حادثة قيل انها غير عادية تمثلت بتقديم كيري احتجاجا حادا وصل حد التوبيخ الى السفير الاسرائيلي في واشنطن مايكل اورون على خلفية اضفاء الشرعية على اربعة مواقع استيطانية بالضفة، ووصفت مصادر اسرائيلية هذا التوبيخ بانه اول مواجهة من نوعها بين الادارتين الاميركية والاسرائيلية.
ومن المعروف ان الاستيطان يشكل العقبة الاساسية امام استئناف المفاوضات وهو سبب توقفها اصلا، وتؤكد القيادة الفلسطينية باستمرار ان وقف الاستيطان سيؤدي الى تحريك العملية السلمية فورا، لكن اسرائيل لا ترفض ذلك فقط وانما تعمل العكس تماما اي انها تواصل الاستيطان بكثافة وتشرع المستوطنات التي توصف بالعشوائية، وفي كل مناسبة ودون مناسبة يؤكد كل مسؤوليها وقادتها انه لن يتوقف ابدا، ويجيء تشريع المواقع الاستيطانية الاربعة في هذا السياق. واذا كانت واشنطن غاضبة فعلا فان غضبها يجب ان يكون ضد الاستيطان عموما وليس ضد تشريع المواقع فقط.
ويعتقد بعض المراقبني ان "التوبيخ" اقرب ما يكون الى "عتاب" بين الاصدقاء رغم ما قيل عن حدته، وقد يكون هدفه تلطيف الاجواء قبيل الزيارة، والمساعي لعقد اجتماع في الاردن بني كيري وكل من الرئيس ابو مازن ورئيس اسرائيل شمعون بيريس على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي يم الاحد القادم، حيث اكدت مصادر متعددة ان هناك مساعي لعقد ندوة حول السلام في الشرق الاوسط على هامش اعمال المؤتمر يشارك فيها المسؤولون الثلاثة والملك عبد الله ملك الاردن وربما آخرون ايضا.
سواء انعقدت الندوة ام لا، وسواء شارك فيها الرئيس ابو مازن ام لا، فأن ما تؤكد عليه القيادة الفلسطينية ان لا تفاوض دون وقف الاستيطان والممارسات الاسرائيلية المستمرة يوميا ضد اية احتمالات للسلام والعمل على قتل كل امكانات لتحقيق حل الدولتين، سواء بالاستيطان او تهويد القدس وتغيير ملامحها وطابعها وتزييف تاريخها وتهجير ابنائها ورفض مجيء لجنة اليونيسكو للبحث في هذه الممارسات، وكذلك ما يسمى بكل حق ومنطق، مجازر هدم البيوت في القدس وغيرها من المواقع والمدن والقرى الفلسطينية واعتداءات المستوطنين ضد البشر والشجر والحجر من شمالي الضفة الى جنوبها.
القضية بحاجة الى اكثر من توبيخ حول تشريع مستوطنات جديدة، وتتطلب مواقف اميركية ودولية جادة وحقيقية ضاغطة لوقف كل الممارسات الاسرائيلية التي لا تعرقل عملية السلام او استئناف المفاوضات فقط وانما تقتلها وتقضي على كل فرص التوصل اليها مهما تكررت الزيارات واشتدت لهجة التوبيخات.
هكذا تتطابق الأقوال مع الأفعال..
ج.الايام / طلال عوكل
من غير الممكن تجاهل ما ورد في خطاب وزير داخلية الحكومة المقالة في غزة، أثناء تخريج دورة من الضباط وصف الضباط، ذلك أننا نتحدث عن مستوى سياسي وتنفيذي متقدم، يتجاوز مستوى الناطقين الرسميين باسم الإعلام الحكومي، والحكومة، ووزارة الداخلية الذين يسارعون إلى نفي حدوث بعض الإجراءات التعسفية التي تصدر عن بعض الجهات التنفيذية ويعزونها إلى سلوكيات فردية.
الخطاب تحدث عن معايير الرجولة المسموح بها، ونموذجها الدفعة من الضباط وصف الضباط الذين تم تخريجهم، غير أن الأمر يذهب إلى ما هو أبعد من التعبير المباشر.
على كل الناس أن يكونوا متدربين أو مشاريع متدربين، ومقاومين على طريقة الضباط، وإلاّ فقدوا معايير الرجولة، وعلى كل الناس أن ينتموا إلى الإطار التنظيمي الذي ينتمي إليه الضباط المتخرجون وإلاّ فإنهم يفقدون معايير الرجولة أو بعض أهمها.
من حق أي مسؤول أو كادر أو حتى عضو، مهما كانت طبيعة مسؤولياته أن يفتخر بانتمائه الفكري والسياسي والحزبي، ولكن ليس إلى حد التعصب وإنكار وجود وحقوق الآخرين، ورفض التنوُّع الاجتماعي والسياسي، والفكري، ما يؤدي إلى رفض مبدأ الشراكة، ورفض التعددية.
ويشير حديث الوزير عن معايير الرجولة، أيضاً، إلى أن الإجراءات القاسية التي اتخذتها بعض المجموعات الشرطية قبل حوالي شهر، بملاحقة الشباب ذوي البنطال الساحل، وتسريحات الشعر اللافتة للنظر، هذا الحديث يؤكد أن تلك الإجراءات ليست فردية، ولا هي معزولة، كما قيل وقتها، حين احتج الكثيرون على ذلك السلوك.
في الخطاب ذاته يوجه الوزير اتهاماً إلى بعض منظمات حقوق الإنسان التي تتلقى تمويلاً من جهات أجنبية وتعمل وفق أجنداتها وأهدافها، ما يعني أن ثمة إجراءات قادمة تنتمي إلى سياسة معتمدة لملاحقة تلك المنظمات وإغلاقها.
تلك المنظمات، هي التي شاركت وساهمت في إنجاز تقرير غولدستون بشأن الحرب الإسرائيلية البشعة على قطاع غزة نهاية العام 2008، وهي المنظمات التي تواصل وتعمل على كشف وفضح انتهاكات الاحتلال للحقوق الجمعية والفردية ولحقوق الشعب الفلسطيني.
وتلك المنظمات هي التي تساهم، أيضاً، في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في الكثير من المحافل الدولية، ولتعريف المجتمع الدولي بحقيقة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العنصرية ضد الفلسطينيين. والحال أن معظم منظمات المجتمع المدني بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان، تتلقى تمويلاً من جهات خارجية، في ظل غياب القدرة على تحقيق مبدأ التمويل الذاتي من مصادر فلسطينية سواء حكومية أو شعبية. هذه المنظمات لا تستخدم الأسلحة، ولا أي نوع من أنواع الأسلحة حتى تهدد بها أحداً، أو ترغم أحداً على عمل ما، إذ ليس لديها سوى توظيف واستخدام القانون الدولي، والالتزام بالقوانين الوطنية خلال أدائها مهماتها.
لعلّ الأهم فيما صدر عن الوزير، قوله من لا يعجبه ذلك فليرحل، ما يعني أن حكومة "حماس" بصدد اتخاذ إجراءات قسرية على الناس وبحق المؤسسات "المشبوهة"، على خلفية إما أن تخضع، أو ترحل. ينطوي هذا الكلام على أبعاد خطيرة، ففلسطين ليس ملكاً حصرياً لا لحزب ولا لحركة ولا لطائفة أو فئة، حتى لو تجاوزت شعبيتها 90% وهو أمر يستحيل حدوثه، إلاّ إذا تم تنظيف البلاد من غير المنتمين لهذا الحزب أو الفصيل الذي يملك القوة، وهو أمر أكثر من مستحيل.
غير أن ما ورد في خطاب الوزير، لا ينطوي على أي قدرٍ من الغرابة، والاستثنائية، ذلك أنه يندرج في سياق سياسة الأسلمة التي يجري فرضها على الواقع في قطاع غزة ويؤكد أن كل تصريح أو كلام عن الشراكة والتعددية، والديمقراطية، والحريات، هو تصريح أو كلام استهلاكي للإعلام فقط.
إذا كان الواقع، والوقائع الملموسة هو من يرسم المشهد العام وملامح الهُويّة التي تتشكّل بغير إرادة الشعب الفلسطيني، فإن الواقع والوقائع تُحيلنا إلى مراجعة العديد من الإجراءات التي تندرج في السياق ذاته، حتى لو حاولت بعض التصريحات "الرسمية"، التنصل منها.
ويُحيلنا الواقع والوقائع المحددة، إلى أمثلة قريبة لا تزال سارية المفعول من حيث آليات التحضير والبحث والنقاش، ونقصد مشاريع القوانين التي تواصل كتلة "الإصلاح والتغيير" في المجلس التشريعي مناقشتها وهي قانون التعليم، وقانون العقوبات.
هذان القانونان ليسا معزولين، ولكنهما يؤكدان الرؤية القائمة على أسلمة المجتمع، سواء فيما يتعلق بطبيعة السلوك والقيم، والهُويّة أو فيما يتعلق بصاحب القرار في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية. وبالمناسبة فإن ما صدر من قوانين وتشريعات، وقرارات ومراسيم لها قوة القانون، خلال السنوات الست الماضية يصل إلى حوالي مئتي قانون وقرار، في حين ان كل ما صدر خلال دورة المجلس التشريعي السابق ومدتها أحد عشر عاماً، كان حوالي مئة وسبعة وعشرين قانوناً ومرسوماً وقراراً. المسألة ليست مسألة كم على أهميتها، وإنما لنا أن نتصور حجم ونوع التضارب في محتويات هذه القوانين والتشريعات، وكيف يمكن تحقيق مصالحة حقيقية، إذا حصل ذلك في ظل هذا التضارب الخطير، والدمار الكبير الذي لحق بمؤسسات المجتمع المدني، وبمفردات الهُويّة الوطنية.
طرطشات الدرة يقتل من جديد
ج. الايام / د.فتحي أبو مغلي
• مشروع الميزانية الإسرائيلية لعامي 2013 و2014 كشف عن قيام إسرائيل بافتتاح ممثلية دبلوماسية في إحدى دول منطقة الخليج قبل عام ونصف العام، دون أن يتم الكشف عن اسم تلك الدولة. يا ترى من هو الشقيق المستعجل والذي اعتبر أن مشروع السلام العربي المعدل اصبح نافذاً و"بده يلحق حاله"؟.
• لجنة التحقيق الإسرائيلية التي شكلها وزير الدفاع موشيه يعالون، للتحقيق في ظروف مقتل الطفل محمد الدرّة العام 2000، تؤكد أن الدرّة لم يقتل ولم يصب حتى بأذى إنما تأثر هو ووالده بالغاز المسيل للدموع الذي أطلق عليهما وانه ما زال حياً، وان الفيديو الذي تم نشره سابقاً مفبرك. أمام هذا الكذب الإسرائيلي الفاضح، مطلوب من السلطة ان ترد بطلب تشكيل لجنة تحقيق دولية تدحض الأكاذيب الإسرائيلية وتفضح واحدة من ابشع جرائمهم.
• اعلن رئيس هيئة مكافحة الفساد الأستاذ رفيق النتشة أن نسبة الفساد في فلسطين منخفضة جداً مقارنة مع الدول المجاورة، ونحن نتفق معه على ذلك ولكن لماذا كل هذه الضجة المفتعلة حول الفساد في السلطة الفلسطينية؟ كما اكد النتشة أن المجلس التشريعي هو المرجعية الأساسية لأي مسألة رقابية أو تشريعية، ونحن نتفق معه على ذلك، ولكن أين هو المجلس التشريعي؟.
• كل التحية لأعضاء الحملة الوطنية لحرية حركة الفلسطينيين "بكرامة" على جهودها المثمرة في تقليل معاناة المسافرين الفلسطينيين إلى الأردن، نتمنى لهم كل التوفيق في عملهم الذي يجب الا يتوقف حتى إنهاء الوجود الإسرائيلي على معبر الكرامة وضمان حرية الحركة للناس التي ضمنتها كافة المواثيق الدولية وتحد منها إجراءات الاحتلال الإسرائيلي.
• أعلن مسؤول أممي أن نصف سكان اليمن البالغ عددهم 24 مليون شخص بحاجة لمساعدة إنسانية، محذراً من انعكاس هذه الأوضاع المتدهورة على المكتسبات السياسية وزعزعة الاستقرار. وحذر المسؤول الأممي وهو منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن من احتمال انهيار عملية الانتقال السياسي إذا لم تتم معالجة الوضع الإنساني بطريقة دراماتيكية، موضحاً ان الصراع الدائر بين الشمال والجنوب في البلاد إلى جانب الجفاف وارتفاع مستويات الفقر منع السكان من الحصول على الخدمات الأساسية. هذا ويعاني أكثر من مليون طفل من سوء تغذية حاد منهم 250 ألفاً يواجهون خطر الموت ما لم يتم توفير المساعدات الفورية. هذا باختصار حال اليمن الذي كان سعيداً قبل أن يبتلى بالأنظمة الدكتاتورية والفساد والصراعات القبلية.
• "الكنتاكي" في غزة مهرب عبر الأنفاق من مصر، خبر مسخ يدل على ما وصلنا إليه من انحدار في المفاهيم الوطنية ومقاومة الحصار، لدرجة أن الإعلام الإسرائيلي قد استخدم هذه الواقعة التي تناقلتها وسائل إعلامنا وكأنها إنجاز ليسخر من مقولة أن قطاع غزة محاصر. وصحتين وعافية لمن تناول وجبة كنتاكي مهربة ومبروك للاحتلال ولشركة كنتاكي الدعاية المجانية التي حصلت عليها، كل وفق مصلحته.
• الاتحاد الأوروبي يتراجع عن قراره بتمييز البضائع الواردة من المستوطنات ويؤجل تنفيذ القرار بناء على طلب أميركي وضغط إسرائيلي، إذا كان هذا حال السياسة الأوروبية والموقف الأميركي حيال الغطرسة الإسرائيلية فكيف لنا كفلسطينيين أن نثق بأن كيري قد يحمل في جعبته اقتراحات متوازنة لتقريب وجهات النظر والوصول إلى حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
من رفح المصرية " كنتاكي " مع التحية
أمد/ د.امديرس القادري
عندما تتراجع وتنخفض وتائر ومناخات المقاومة للمحتل الصهيوني الغاصب فمن الطبيعي أن ينشغل الناس في البحث عن ثانويات الحياة ، آخر مستجدات هذا الإنشغال جاء من محافظة غزة الفلسطينية حيث نقلت لنا العديد من وسائل الإعلام كيف ينشغل الناس هناك في هذه الأيام بقطع دجاج كنتاكي التي بدأت في الوصول إلى القطاع المحاصر منذ سنوات وذلك عبرعشرات الأنفاق التي لا تزال تعمل بين الجانبين الفلسطيني والمصري ، ولتأمين هذا الوصول فقد تم إفتتاح مكاتب خاصة بموظفين يعملون على مدار الساعة لتلبية حاجة الراغبين من أهل القطاع في تذوق قطع هذا الدجاج الشهية ! .
رحلة التوصيل من محلات كنتاكي في رفح المصرية وحتى تصل إلى هذه المكاتب في القطاع المحاصر تحتاج إلى ثلاثة ساعات على الأقل ، وهناك يقوم الزبائن بإستلام طلباتهم التي قاموا بدفع ثمنها وأجور توصيلها مسبقا ، الوجبة قد تصل باردة بعض الشيء بالرغم من الحقائب الخاصة التي تستعمل في نقلها بهدف المحافظة على سخونتها ، ولكن المتحمسين للفكرة من أنصار دجاج كنتاكي لا يرون في هذه البرودة التي تصيب قطع الدجاج أثناء رحلة التوصيل على أنها تشكل عائق يمنع أكلها ، فالمهم هو التمتع بالمذاق الشهي الذي تحمله أفخاذ وصدور هذا الدجاج . حركة حماس التي تسيطر على كل صغيرة وكبيرة داخل حدود القطاع المحاصر لم ترحب بالفكرة لأنها لا تعتبر هذا الدجاج من الضرورات ، وأكدت على أنها ستقوم بملاحقة ومتابعة القائمين عليها ، هذا ما جاء في تعليق أحد مسؤوليها على الموضوع لدى سؤاله لمعرفة موقف الحركة من هذه التجارة الجديدة التي بدأت تروج مؤخرا عبر الأنفاق التي لا تزال تشكل الطريق والشريان التجاري الرئيسي لنقل البضائع من مصر إلى القطاع .
هيئة الإذاعة البريطانية الناطقة بالعربية هي صاحبة السبق الإعلامي في إماطة الغطاء عن هذه التجارة الجديدة التي أصبحت محل تندر واسع على ألسن الآف الغزاويين ، فهذه فالإذاعة وعلى مدى يومين من هذا الأسبوع أفردت في نشرات أخبارها حيزا كبيرا لتقرير مراسلها في القطاع الذي أشرف على إعداد التغطية الإعلامية اللازمة لهذا الخبر . في ذات الوقت يتواصل ولليوم السابع وبقرار رسمي من الحكومة المصرية إغلاق معبر رفح الذي يشكل المنفذ الوحيد لسفر الفلسطينين لخارج القطاع وبكل ما يعنيه ويفرضه هذا الإغلاق من مشقة وعذاب على حركة الناس العالقين في المعبر والذين راحوا يفترشون قطع الكرتون وأوراق الصحف لتحميهم من حر النهار وبرد الليل ، مرضى وأطفال ونساء وشيوخ لا ذنب لهم ينتظرون على أمل إعادة فتح المعبر ، في ذات الوقت الذي يتطوع فيه السيد إسماعيل هنيه رئيس الحكومة المؤقتة ليعرب عن تفهمه لأسباب هذا الإغلاق من الطرف المصري ، يواصل دجاج كنتاكي عبوره الآمن عبر الأنفاق غير آبه بهذا الإغلاق الرسمي للمعبر ، ولأنه وعلى ما يبدو يمتلك على الأرض سلطة أقوى من قرارات الحكومات ومن تصريحات رجال السياسة .
فلسطين المنكوبة ، وفي ظل أجواء الربيع العربي راهنت ولا تزال تتطلع إلى وصول المزيد من الدعم الوطني السياسي والعسكري من الشقيقة الكبرى مصر ، لا شك في أنها ستغض الطرف مؤقتا عن تهريب دجاج كنتاكي من رفح عبر الأنفاق لينعم به شعب القطاع ، لكنها قد لا تصبر طويلا على هذا التأخير في مدها بالإحتياجات الفعلية التي سوف تساعد على تحريرها وعلى كنس المحتل الغاصب عن ثراها المقدس والطاهر ، هكذا هي فلسطين التي تعيش في هذه الأيام على وقع الذكرى الخامسة والستون لنكبتها وتشريد شعبها وهذا هو صبرها وإنتظارها اللذين لا حدود لهما .
ختاما ، لا بد لنا من القول بأن اللحوم والدجاج والأسماك لا دور لها في تحرير الأوطان المحتلة وبغض النظر عن كونها مهربة أو قانونية ، وشعب غزة وكل قواه الوطنية من الذين صبروا وانتصروا على كل أشكال العدوان وما نتج عنه من حصار وتجويع جائر يواصل فرضه الكيان الصهيوني عليهم ، لا شك بأنهم في غنى عن كل دجاج العالم ، فمخزون الصمود بالعزة والكرامة والهامات العالية كفيل بسد كل إحتياجاتهم الأخرى ثانوية كانت أو رئيسية ، على الأقل هذا ما كانوا يثبتونه دائما على أرض الواقع عبر تمسكهم بالمقاومة وهم يواجهون الكوارث والشدائد والمحن .


وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - آل عمران103)، ويتساءل لماذا لا نتصالح إذاً؟ لماذا لا نستجيب لهذا النداء الإلاهي ونعتصم بحبل الله جميعا؟ بل ونطرح سؤالاً قد يراه البعض جريئاً : هل الذهاب للمصالحة اعتصام بحبل الله؟
رد مع اقتباس