النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 410

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 410

    اقلام واراء محلي 410
    28/5/2013

    في هذا الملـــــف:

    أسرار طلب هنية الغاء كامب ديفيد ؟! (1-2)
    موفق مطر/الحياة الجديدة
    حياتنا - الحرية للرأيحافظ البرغوثي/الحياة الجديدة
    تغريدة الصباح- كم من الاوطان ايها المنفى!
    احمد دحبور/الحياة الجديدة
    منظمة التحرير عنوان الشعب
    عادل عبد الرحمن/الحياة الجديدة
    حلاوة الكلام وفظاعة الفعل!
    د. صبري صيدم/الحياة الجديدة
    الكلام مقابل السلام!
    يحيى رباح/الحياة الجديدة
    ... الاغراءات الاقتصادية !!!
    حديث القدس
    السياحة في القدس ... بين البقاء على الفُتات .. والسعي للتطوير
    عزام توفيق أبو السعود/جريدة القدس
    منظمة التحريرالفلسطينية... نحو إعادة بناء جديدة
    سليمان الوعري/جريدة القدس
    ضد الاستيطان وضد معاقبة حكومة الاستيطان
    محمود الريماوي/جريدة القدس
    السعودية وتركيا سياسة التداول لا المحاور
    عبد الاله بلقزيز/جريدة القدس
    حفلة سمر.. على شاطئ البحر الميت؟
    حسن البطل/الأيام
    رغيف الخبز أم النّضال ... الاقتصاد أم السّياسة؟
    هاني المصري/الأيام
    دافوس البحر الميت : ليس لدى الرئيس من يفاوضه !
    رجب ابو سرية/الأيام
    تدخل حزب الله في سورية غير مشروع
    مهند عبد الحميد/الأيام
    رسالة الي ابناء حركة فتح
    سري القدوة/وكالة معا
    لا مقايضة على الحقوق الوطنية الغير قابلة للتصرف
    زهران أبو قبيطة/وكالة معا
    الدم والبارود لغة العرب الفصحى ...
    د. مصطفى يوسف اللداوي/وكالة سما
    تنميط غزة ..! ...
    أكرم عطا الله/وكالة سما
    السياحة أبرز أساليب الصراع الثقافي في القدس
    حنا عيسى/PNN
    الوطن ليس غاليا
    رشيد شاهين/PNN
    منظمة التحرير الفلسطينية الهوية والكيان والدور المطلوب
    عباس الجمعة/PNN


    أسرار طلب هنية الغاء كامب ديفيد ؟! (1-2)
    موفق مطر/الحياة الجديدة
    ما الذي دفع اسماعيل هنية لفك عقدة لسانه فجأة ليطالب مصر – التي يحكمها الاخوان المسلمون - بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل ؟!
    لا يمكن فصل مطالبة هنية هذه عما حدث وما زال يحدث في سيناء والقاهرة بمصر، وبمتغيرات والتحولات الدراماتيكية المتسارعة للأحداث في سوريا، ومصير علاقة حماس المهددة بالقطيعة النهائية مع ايران وحزب الله، ناهيك عن الرغبات الشخصية القائدة للمواقف لدى الذين يرون أمور الدنيا والسياسة والحياة بعين واحدة... ويعرض صاحب الرؤية ليس لقصور وضيق في الرؤية وحسب بل الى ضعف في الذاكرة تجعله ينسى ما فعل بالأمس، فهنية على ما يبدو قد نسي ان حماس قد وقعت اتفاق هدنة مع اسرائيل بضمانة ( الأخ المسلم الأكبر ) وصف المقاومة بالأعمال العدائية وهذا ما لم تتضمنه اتفاقيات كامب ديفيد ذاتها التي يطالب هنية الأشقاء المصريين بإلغائها ولا حتى اتفاقية اوسلو - أي العودة الى مواجهة مع اسرائيل – فيما مصر الدولة والشعب تمر في اصعب حالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية منذ استقلالها !!.
    يبدو جليا أن الخلاف بين الاخوان في مصر وفرعهم في فلسطين ( حماس) بات انعكاسا لخلافات التيارات الحمساوية المتصارعة حول عدة قضايا اهمها : الهدنة مع اسرائيل التي ادت الى تسرب اعداد من القسام الى جماعات جهادية، امتد نشاطها ليشمل سيناء، الخلاف حول الموقف من النظام السوري حيث يرى فريق ضرورة البقاء في منظومة ( ايران سوريا حزب الله )، والتخلص من هيمنة الدوحة، ومحاولة رئيس المكتب السياسي خالد مشعل اخذ حماس الى مركب المنظومة الدولية بيد قطر، فيما يرى التيار الآخر ضرورة السباحة مع التيار الدولي المضاد، والحفاظ على علاقة وطيدة مع مصدر الرزق الأساس قطر، وتنفيذ استحقاقات السخاء القطري والدعم المالي، المغدق على الاخوان الكبار بمصر والاخوان بفلسطين !!
    لم يزل لسان هنية، فهو يعني جيدا ان الخطاب قبل الأخير لحسن نصر الله الامين العام لحزب الله قد حمل في طياته دعوة لحماس بالعودة الى الركب قبل فوات الأوان، الذي يبدو ان لحظته الفاصلة هو الخطاب الثاني الذي لم يخف فيه نصر الله حجم الخلاف مع حماس – دون ان يسميها - وقوى فلسطينية اخرى، لتؤكد المعلومات الموثوقة من الضاحية الجنوبية لبيروت ان حزب الله طلب من حماس اخلاء مكاتبها وسحب جماعتها من الضاحية معقل حزب الله في بيروت، قبل الخطاب الأخير لأمينه العام الذي اعلن الحرب على خصومه ومعارضية.. ولكن على الأراضي السورية، فطلب من حماس المغادرة، حتى لا تغدر به كما فعلت مع النظام السوري ووقفت مع قوى المعارضة المسلحة بسوريا، حيث تشير معلومات موثوقة أن حماس قد دفعت بأعداد من المحسوبين عليها، او كانوا يوما في جهاز أمن المرافقة التابع لمشعل للقتال ضد قوات الأسد وحزب الله في القصير، وان بعضا من هؤلاء قد قتل والقي القبض على آخرين، قد تكون اعترافاتهم الشعرة التي ستقصم ظهر بعير العلاقة بين حزب الله وحماس، لهذا سارع هنية بإطلاق ما يمكن وصفه بشارة الاستغاثة نحو ايران وحليفها حزب الله لإنقاذ جماعته وقواعده في لبنان، وتلويح بإمكانية تفهم تدخل ايران حزب الله في سوريا، وعلاوة على ذلك الحفاظ على مصدر سلاح لحماس لطالما كشف عنه نصر الله في خطاباته، في «ضربة منية» غير مسبوقة بين حزبين مقاومين كما يدعيان، فحماس اصيبت بخيبة أمل من «تغيير جذري» في مصر لصالحهم بعد صعود الاخوان الى سدة الرئاسة بمصر، والدليل احتفاظ الجيش والمخابرات، بقدرتهم على التحكم بالوضع في سيناء، وتفهم الرئاسة المصرية لاضراب شرطة معبر رفح الذين اغلقوا المعبر احتجاجا على خطف رفاقهم السبعة، حتى ان بعض المصادر تقول ان لدى الشرطة المضربين معلومات مؤكدة حول مشاركة افراد تسللوا من غزة قد اسهموا فعلا في عملية الخطف، ويؤيد هذه المعلومات أن الرئيس مرسي قد طلب من اسماعيل هنية منع قيادات حماس وناطقيها من التوغل اكثر في موضوع اغلاق المعبر اثناء ازمة الجنود المختطفين، حتى أن مصدرا افاد بأن مرسي قد تكلم بلهجة حادة مع هنية، الذي ذهب الى المطالبة بإلغاء كامب ديفيد في محاولة لحرف عيون المتابعين والمحللين والجمهور المصري والمعنيين كالجيش والمخابرات المصرية عن حقائق ووقائع شراكة أشخاص محسوبين على حماس في عملية خطف الجنود، الأمر الذي تسبب بنشوب خلاف في قيادات حماس بغزة تمانع في توتير الأجواء مع مصر، وترفض محاولات الطرف الآخر القيام بأعمال من شأنها إضعاف هيبة الجيش والمخابرات المصرية باعتبارهما عقبة في وجه حماس لتمديد سيطرتها ونفوذها تدخلها في سيناء المصرية..... وللقراءة تتمة.


    حياتنا - الحرية للرأي
    حافظ البرغوثي/الحياة الجديدة
    رصد الدكتور ابراهيم ابراش الوضع في كثير من الأقطار وانحراف الثورات عن مسارها بالجهود القطرية القرضاوية في مقالته بعنوان "غزة لا تمنح صكوك غفران لأحد" والتي انتقد فيها الدور القطري وزيارة أميرها الى غزة. وهو مقال امتدح فيه الراحل ابو عمار الذي لم يتذلل الى أي زعيم أو نظام عربي على حساب الكرامة الفلسطينية أو حقوقنا السياسية وقالها لا مدوية في وجه واشنطن. وانتقد الدكتور ابراش خنوع وتذلل قادة من يفترض انهم قادة مقاومة أمام شيخ قطر وتساءل كيف يستقيم الحديث عن مقاومة وجهاد أمام تحالف غير الذي مع أمير قطر حليف واشنطن وصديق اسرائيل.. الخ.
    مقالة الدكتور ابراش ناقدة من موقع وطني فلسطيني وقومي عربي لما يسمى بالربيع العربي ووصل الى انتقاد الزيارة المرتقبة للشيخ القرضاوي لغزة.. "المقال نشر قبل زيارة القرضاوي" ووصفه بأنه مفتي الفتن والمنظر الديني لسياسة الفوضى الهدامة الاميركية. واختتم مقالته بانتقاد اخطاء وتقصير وتواطؤ منظمة التحرير والسلطة في رام الله وقال: ننتقد التقصير والخطأ اينما يكون وخطأ السلطة وحركة فتح لا يبرر خطيئة حماس.
    حماس لم يعجبها المقال واستدعت الدكتور متأخرة كأنها اكتشفت مقالته متأخرة واستجوبته وطلبت منه العودة لكنه رفض من موقف الكاتب والمحاضر الاكاديمي الرصين فأعادوا اعتقاله لانه رفض المثول أمام طغاة الغفلة. فحركة حماس تعيش أزمة داخلية لانها تتعقب المقاومين وتعاني من انشقاق بين تياري ايران وقطر ولذلك تلهي العامة بمسائل جانبية كملاحقة الشبان ومراقبة أطوال سراويلهم وشعرهم والفصل بين الجنسين والقبض على النارجيلة متلبسة بالدخان واشاعة المخدرات والترامال وغيره من مفقدات الاحاسيس. وسبق لها مثلاً ان طالبت شرطة رام الله بعد الانقلاب بكتاب رسمي قبل سنوات باعتقال العبد الفقير لله واقتياده مخفوراً الى مخفر الشاطئ في غزة عبر ايريز او الانفاق لمحاكمته على مخالفته قانون المطبوعات والنشر وحكمت علينا بالسجن والغرامة دون معرفة السبب. فالسلطة أي سلطة عندما تخشى الكلمة فإنها توشك على الافلاس والانهيار، ولعل الراحل ابو عمار الذي اشار اليه الدكتور ابراش كان يتسم بسعة الصدر في النقد لا مثيل لها حتى انني لو اعدت نشر ما كتبته من مقالات وانتقادات له إبان أزمته مع المجلس التشريعي وأزمة تشكيل الحكومة الاولى برئاسة ابو مازن ثم استقالتها لاستغرب القوم هامش الحرية الذي كان مسموحاً به آنذاك.
    حماس لن تستطيع كسر ارادة الدكتور ابراش حتى لو صمتت المنظمات الحقوقية ومنظمات القبض غير الحكومية التي اثبتت فشلها وخداعها لنا وللمانحين لها فهو حاد كالسيف لا يتراجع عن كلمة حق قالها ونحن نعرفه كذلك. وواجب كل المثقفين والاطر الحرة ان تدعمه وعدم المس به وبأمثاله لأن قطر ليست سوى عاهة متنقلة تنقل الفتن والفوضى ومن نصبته إماماً هو مفتي القتل الفلسطيني إبان انقلاب حماس الاسود.
    تغريدة الصباح- كم من الاوطان ايها المنفى!
    احمد دحبور/الحياة الجديدة
    يكاد هذا العنوان الا يكون لي، فما ان وضعته على الورق لانشئ فكرتي من وحيه، حتى قفز الى ذهني صديق العمر الشاعر نزيه ابو عفش، الذي تعارفنا منذ ان كنا لم نتجاوز العشرين من العمر، وها أنذا استحضر، وكل منا في السابعة والستين، قصيدته التي اسمعنيها مرارا قبل ان يضعها في كتاب عنوانه «كم من البلاد ايتها الحرية» وكثيرا ما كان يحدث هذا التوارد في الخواطر بيننا، نتيجة حواراتنا واشتباكاتنا عندما نكون معا، وحنين احدنا الى الآخر عندما نكون، كما نحن الآن، في مكانين متباعدين.
    والواقع انني انا الذي كنت اسافر وابتعد، فمحنة الفلسطيني منذ النكبة الا يقر له قرار.. وفي هذا الطواف الطويل المستمر، اذكر البلاد العربية التي كنت اترحل اليها، وما تركته في روحي وذاكرتي وكأن كلا منها وطن لي في مرحلة من عمري.
    وقد ابدأ بسورية، موطن اللجوء الاول، ومدينة حمص تحديدا، حيث ولدت صداقتي وبلغت حد التلازم مع نزيه، فكنا نختلف ونتفق في ظل هذا البلد العربي الذي وفر شعبه الطيب الجميل اقامة لي هي نوع من المواطنة، فكنت ولا ازال اقدم نفسي الى اصدقائي بصفتي الفلسطينية السورية، وستظل سورية تلازمني وتبث لهجتها الحمصية في كلامي اليومي حتى لحظة الوداع الكبير..
    ومن سورية الى الأردن الذي لم يكن مجرد بلد شقيق، بل كان الحضن الوطني الذي استقبلني فيمن استقبل من الفلسطينيين في اطار المقاومة الفلسطينية، وعلى رفضنا المطلق المبدئي لفكرة الوطن البديل، كان الاردن بالنسبة الي وطنا مجازيا، حيث اعي انه ممر الى فلسطين وليس مقرا دائما لاهلها وان تعمقت المشاعر الانسانية الاخوية في هذا الافق النوعي، وهو ما اكدته الذكريات والمصاهرات والتواصل الاجتماعي، فضلا عن مواجهة الاحتلال، حيث كان يقصفنا العدو بالطائرات فيسقط الشهداء الاردنيون والفلسطينيون جنبا الى جنب، ويبقى الاحياء منهم ليواصلوا العهد ووحدة الدم.
    وما يصدق على الاردن يتطابق مع ما تم في لبنان، فالمعاناة والعناد والعلاقة القومية الانسانية قد وحدت بيننا الى درجة الانصهار، حتى ليكاد يستحيل ان افصل ذكرياتي اللبنانية عن ذكريات اهلي عن حيفا، مع وضوح السؤال الوطني، فنحن فلسطينيون واهلنا اللبنانيون لبنانيون، وان كان حبل السرة بيننا خالدا لا ينقطع، بهذا المعنى كنت فلسطينيا لبنانيا، وفي نقي عظامي حكايات امي عن الايام الاولى لمرحلة اللجوء في حياتنا، فانتقالنا بعد ذلك الى سورية، لازور لبنان عندما يتاح لي ذلك في ضيافة عمتي او خالتي او عمي فيما بعد.. حتى اذا ارسلني عمري الى صفوف المقاومة، وجدت في هذا اللبنان موطئا حميما لا يتعارض مع الشعار الخالد: ممر لا مقر.. فبلاد الدنيا كلها هي كذلك، حتى يجتمع الماء الى الماء ويعود اللاجئون، ورحم الله السياب الذي سأل: اتراه يأزف قبل موتي ذلك اليوم السعيد؟ .. على اي حال ان لم يأزف يوم العودة فحسبي انني اعيش على امل الوصول اليه.
    ثم كانت التغريبة التونسية، حيث وصلنا، ضمن ظروف المقاومة المعروفة، الى تلك الديار السعيدة الخضراء التي تؤنس، فوقعنا على علاقات انسانية فريدة من نوعها، حتى ليمكن القول ان الفلسطيني كان سابقا يغادر البلاد التي يحل فيها، بالدموع، بسبب من الاشكالات والاحتكاكات او سوء الفهم او اضطراب العلاقة مع الحكام، الا في تونس، فقد خرجنا بالدموع ايضا، ولكنها دموع الوفاء والامتنان والعرفان لهذا الشعب العربي النبيل، بعد ان تعددت المصاهرات بيننا، وتوثقت الصداقات حتى تحولت الى ذكريات تدخل في صلب الوعي والمحبة..
    واذا كانت هذه الاوطان العربية تحضرني في هذه العجالة، فإن كثيرين غيري من ابناء النكبة الفلسطينية قد عايشوا هذه الاوطان وسواها، وكانت دائما وطنا واحدا عندما تنظر اليها بعين القلب وتحفظها في سريرة الوفاء.. ولقد كانت هذه البلاد وطنا واحدا لا حسب الاعتبارات القومية المتفق عليها وحسب، وانما على المستوى الاجرائي الذي لم تكن وحدة اللغة الا احدى اشاراته، بينما يضمر الواقع الملموس علامات ضالعة في الروح تؤكد تلك الوحدة.
    من ذلك مثلا، انني قرأت قصائدي في مختلف البلاد العربية التي ذكرت، وفي غيرها كذلك، وفي كل مرة، كنت احدس بشكل استجابة الجمهور، فهذا المقطع يرافقه اصغاء، وذاك المقطع يتلوه تصفيق، وذلك المقطع قد يمر مرور الكرام، وخلال تفاوت ردود الفعل، كان يتم ما اتوقعه حتى لو كنت اقرأ في هذا البلد للمرة الاولى، فالجمهور العربي هو هو، واستجابته او عدم استجابته كما اتوقع، اذ انه جمهور واحد وان تباعدت الحدود..
    واذا حفظنا في الطفولة بلاد العرب اوطاني، من الشام لبغدان، ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان، فإن هذا النشيد ظل لسان حالنا في هذه الاوطان بوصفها وطنا كبيرا، بل هي الوطن الكبير، وكان ما يرسلنا من هذه الاوطان اليها واقع المنفى الذي ابتلينا به منذ الخامس عشر من الشهر الخامس للعام ثمانية واربعين. وهكذا ظلت تتلقفنا الاوطان وتطردنا - حسب الحالة - وليست الاوطان المطردة الا علامة على غياب الوطن الاصلي، واحلال جرعة مستدامة من الكآبة مكانه. اسمها المنفى.. فكم من الاحلام والجراح والآمال ايها النشيد؟ وكم من الاوطان ايها المنفى؟.


    منظمة التحرير عنوان الشعب
    عادل عبد الرحمن/الحياة الجديدة
    تسعة واربعون عاما مضت على نشوء وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، تعرضت خلالها للعديد من المؤامرات والاستهداف لمكانتها كممثل وحيد للشعب العربي الفلسطيني، كانت آخرها محاولات قيادة الانقلاب الحمساوي ومن لف لفها، عندما حاولوا إيجاد إطار بديل لها. غير ان جميع المحاولات باءت بالفشل، لأن الشعب وقواه الوطنية انتصرت للمنظمة وبرنامجها الوطني الجامع وقيادتها الشرعية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس.
    غير ان مشاريع التواطؤ على المنظمة ودورها ومكانتها لم تتوقف، ولن تتوقف من قبل القوى المناهضة للمشروع الوطني الفلسطيني، الامر الذي يتطلب من الكل الوطني العمل بشكل جماعي في الوطن والشتات على تطوير هياكلها ومؤسساتها ودوائرها ولوائحها الداخلية وخاصة قانون الانتخابات للمجلس الوطني والمحكمة الخاصة به، لتتمكن المنظمة من الارتقاء بدورها، ولتبقى قادرة على التمثيل الحقيقي لابناء الشعب في اصقاع الارض المختلفة، وحامله لهموم وقضايا الشعب حتى تحقيق كامل الاهداف الوطنية في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194.
    وفي السياق، فإن الضرورة تملي على القيادة العمل على ضم كافة القوى الفلسطينية وخاصة حركتي حماس والجهاد الاسلامي، اللتين نشأتا بعد تأسيس المنظمة، ورفضتا سابقا الانضمام لاطارها الوطني الجامع لاعتبارات خاصة بهما، لعل ابرزها عند حركة حماس، افتراضها، انها تستطيع ان تكون "بديلا" عن المنظمة. ولكن عندما باءت محاولاتها بالفشل، وادركت اهمية الانخراط في المنظمة، عادت تطالب بالانضمام لها. بغض النظر عن اهدافها الذاتية وحساباتها الفئوية، فإن الضرورة تملي على القيادة الشرعية إفساح المجال للحركتين الانضمام وفق المعايير الوطنية المعمول بها، ووفق الآليات الجديدة، التي ستتبع في تشكيل قوام المجلس الوطني. لأن قوى الاسلام السياسي باتت جزءا اساسيا من القوى الفاعلة والمقررة في الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية في الوطن والشتات، ولا يمكن تجاهلها وإدارة الظهر لها.
    وبديهي التأكيد ان الاطار القيادي المؤقت المشكل من اعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة والامناء العامين للفصائل والقوى السياسية، بالاضافة لما تضمنته ورقة المصالحة المصرية واعلان الدوحة، والاتفاقات المبرمة بين حركتي فتح وحماس وباقي القوى الفلسطينية، تشكل الناظم لاشراك الحركتين المذكورتين في المنظمة.
    لكن من الضروري ان يكون هناك توافق بين مختلف القوى الوطنية على البرنامج السياسي والكفاحي والتنظيمي والاداري/ المالي الهادي لعمل المنظمة وقيادتها، لأن ذلك يشكل الضمانة الاقوى لالزام القوى المختلفة بروح العمل كفريق وطني، مع الاقرار بحق كل فصيل في الاستقلالية النسبية فيما يتعلق ببرنامجه الخاص.
    منظمة التحرير الفلسطينية، الوطن المعنوي للكل الفلسطيني، والممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني تحتاج الى تكاتف كل الجهود السياسية والديبلوماسية والكفاحية والاقتصادية والثقافية... الخ لتبقى بوصلة وعنوان كل الفلسطينيين. والتصدي المشترك لكل القوى الداخلية والخارجية، التي تستهدفها بغض النظر عن الشعار او الهدف، الذي ترفعه هذه القوة او تلك الدولة. لأن حماية م.ت.ف يعني حماية وحدة الشعب والارض والقضية والمشروع الوطني، ويصون الهوية والشخصية الوطنية من الاندثار والتبعثر.كما انه يحمي النظام السياسي الفلسطيني الديمقراطي التعددي.
    في ذكراها التاسعة والاربعين تملي الضرورة دعوة القيادات المختلفة وخاصة اللجنة التنفيذية للمنظمة لتحمل مسؤولياتها في تفعيل دورها القيادي، كقيادة اولى للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وعليها ان تخرج من حالة السبات والتبعثر، لتنهض بذاتها وبمؤسسات المنظمة ككل، وتصبح فعلا لا قولا قيادة شرعية للشعب العربي الفلسطيني في انحاء المعمورة.


    حلاوة الكلام وفظاعة الفعل!
    د. صبري صيدم/الحياة الجديدة
    وضع المنتدى الاقتصادي العالمي أوزاره قبل يومين باعتباره حرباً سياسيةً بامتياز تتنافس فيها الأفكار والمواقف وتحتدم فيها المبادرات التي تسعى لمحاكاة المفاهيم التي يطرحها الزوار.
    الكلام المقال معسول للغاية لدرجة أن المتابع للأمور يشعر أحياناً وكأن عالمنا بخير وأن جميع الحاضرين من أركان السياسة والمال ومهما ارتفع صوت أحاديثهم ونقاشاتهم هم على وفاق تام حول المفاهيم الإنسانية في الحق في الحياة والكرامة.
    لذلك يشكل المنتدى بالإضافة لكونه فرصة للعلاقات العامة جولة مكثفة من الشعارات والخطب الرنانة التي تشبع جمهوراً هنا وجمهوراً هناك.
    وعليه ومن منطلق المحاولة بادر بعض رجال الأعمال إلى الإعلان عن مبادرة أسموها كسر الجمود بين مجموعة من الاقتصاديين الفلسطينيين ونظرائهم الإسرائيليين ليتبع ذلك لقاءات لبعض شركات التكنولوجيا الفلسطينية مع شركات إسرائيلية في تل أبيب اليوم في مؤتمر يحمل عنوان "الأعمال من دون حواجز"!
    والرسالة الأهم للمشاركين الفلسطينيين ممن ينخرطون في هذا الجهد بأنه من المهم أن يفكروا ملياً بطريقة توظيف تلك اللقاءات إعلامياً ومدى استفادة إسرائيل منها في تجميل صورتها وإعطاء الانطباع بالانفتاح بينما تمارس بحق الأرض والأهل أبشع التصرفات. فبعض نظرائكم هم ممن شجعوا الفكر الصهيوني واتسع نطاق مشروعاتهم ليخدم المشروع الاستيطاني بامتياز وممن ساهموا في استدامة الاحتلال.
    أعلم تماماً حجة البعض بضرورة العمل مع كل من يؤمن بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة وعاصمتها القدس وتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني وطموحاته وتوظيفه لخدمة هذا الغرض لكن المطلوب ممن يطلقون الشعارات والكلام المعسول من الإسرائيليين أن ينفذوا شعاراتهم لا أن يقولوا ما لا يفعلون.
    فملك "الكلام مقابل السلام" شمعون بيريس مثلاً لا يوفر منصة إلا ويحاول استغلالها لتلميع ذاته حتى يبدو وأنه من حلف الحمائم لكن تجاربه لا تقول إلا أنه من قلب الصقور. وبعض زملائه المدعيّن بضرورة إنعاش السلام هم من يوسعون مشروعاتهم في المستوطنات الإسرائيلية ويقتلون حغرافيا فلسطين. هؤلاء مدعوون للإجابة على سؤال واحد: هل يا ترى هم جاهزون لوقف توسعهم التجاري في الأراضي المغتصبة مقابل إقناعنا بأنهم ملتزمون بوقف المزيد من الاعتداءات علينا؟.
    لقد تعاملنا في السابق مع العديد من الشركات العالمية العملاقة والتي أصرت على المرور عبر وكلائها في الداخل وقد كان الإصرار الدائم على أن هذا الأمر هو الاستثناء لا القاعدة وأنه يجب أن يتبدل وأن نقاشاتنا الحامية الوطيس مع ممثلي الشركات والتي تمحورت في مضمونها على الحقوق الفلسطينية أتت دائماً في صلب تجنب إعطاء الانطباع وكأن استمرار الاحتلال ومعاناتنا من ورائه ليسا موجودين. لكن ومع الإصرار على طريق الإيحاء بالتعاون أو محاولة تحريف الواقع ببعض المواد الدعائية المحرّفة انتهت الأمور عند هذا الحد.
    فتغيير الواقع الاقتصادي للفلسطينيين أمر مهم لكن إنهاء الاحتلال هو الأمر الرئيس والأولوية الأولى. فلا انتعاش ولا تطبيع ولا كرامة مع استمرار الاحتلال.
    إن حلاوة الكلام لبعض الإسرائيليين من أرباب السياسة والمال ممن تأخذهم الحمية في لقاءات تزدحم فيها عدسات الكاميرا للتصريح بضرورة إعادة حقوقنا هم نفسهم من يعودوا إلى دولة الاحتلال التي تقابل كلامهم الرنان بأفظع الأعمال من اعتداء وتنكيل بحق الفلسطينيين فهل هذا تبادل للأدوار؟ أم إطالة لعمر الاحتلال عبر المناورة وإضاعة الوقت؟ أمام استسلام للعاجز أمام صلافة جيشه؟ أم سلام اقتصادي بسبل متنوعة؟ .. لننتبه جميعاً!

    الكلام مقابل السلام!
    يحيى رباح/الحياة الجديدة
    الرئيس ابو مازن، وجه رسالة قوية جدا، وصريحة جدا، في خطابه الشجاع الذي القاه في المنتدى الاقتصادي العالمي على شاطئ البحر الميت في الاردن، حين قال بوجود كيري وشمعون بيريس ان الاجيال الفلسطينية فقدت ثقتها في السلام نتيجة السلوك الاسرائيلي، ونتيجة طرح المشاريع الوهمية، مثل الحدود المؤقتة، و الحل المرحلي، والمشاريع الاقتصادية بدون بعدها السياسي،وهي مشاريع يرفضها شعبنا بإجماع شامل.
    وهذا المنطق الشجاع الذي تحدث به الرئيس ابو مازن نابع في الاساس من الايجابية العالية التي تعاطى بها الجانب الفلسطيني مع كل الجهود والمبادرات التي تطرح من اميركا او غيرها لاستئناف عملية السلام المتعثرة، فنحن فلسطينيا احرص الناس على هذه الجهود والمبادرات، وقدمنا رؤيتنا التي ثبتت مصداقيتها وصوابيتها بان السلام لكي ينجح ويتحول الى واقع فعلي على الارض، فلا بد من متطلباته التي اصبحت واضحة للجميع بدون استثناء، وهي وقف الاستيطان وقفا معلنا وشاملا، لان هذا الاستيطان غير شرعي بالمطلق، وهو اكثر الف مرة من كونه مجرد عائق، انه نقيض السلام، وما دام هناك ذرة من سلوك استيطاني فان السلام سيظل بعيدا، بل مستحيلا !!!
    وهذا ما تعرفه الولايات المتحدة عبر انخراط كل اداراتها الجمهورية والديمقراطية في عملية السلام، منذ تم التوقيع على اتفاقية اعلان المبادئ في حديقة البيت الابيض في الثالث عشر من ايلول عام 1993، أي قبل عشرين سنة.
    والمفروض والمتوقع ايضا، ان ادارة الرئيس باراك اوباما حين تبادر الى حراك جديد في بداية فترته الرئاسية الثانية، ان تكون قد وصلت الى قناعة نهائية، بان الاستيطان والسلام لا يلتقيان ابدا، بل ان حل الدولتين المطروح على بساط البحث لا يمكن ان يرى النور بوجود اية شبهة استيطان، فما بالكم باستيطان منفلت ومعربد ومتوحش، وأصبح له وزراء يمثلونه رسميا في حكومة نتنياهو الحالية ؟؟
    لقد رحبت القيادة الفلسطينية بالزيارة التي قام بها الرئيس باراك اوباما الى المنطقة في آذار الماضي، والتقى خلالها مع الرئيس ابو مازن في رام الله الذي اكد وقتها للضيف الكبير وبشكل صريح لا لبس فيه ان الاستيطان الاسرائيلي اكبر من مجرد عائق، انه القاتل لعملية السلام، والقاتل لحل الدولتين والقاتل لجوهر الحل المنشود وهو كيان الدولة الفلسطينية المستقلة المتواصلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وهذا نفسه هو ما يكرره الاميركيون دائما، وهو نص القرار الدولي الذي اقرته الجمعية العامة في نهاية شهر نوفمبر الماضي، وليس معقولا ان يقبل الجانب الفلسطيني بأي نقاش اقل ولو بذرة واحدة من نص هذا القرار !!! والسر كله دولة فلسطينية مستقلة في حدود الرابع من حزيران !!! أما ان يأتي شمعون بيريس وليس نتنياهو، وان يلقي على مسامعنا في مؤتمر دولي الكلام المكرر الذي ليس فيه أي التزام بأي شيء، فان هذا الكلام لا يجدي نفعا، ولا يمكن للكلام ان يكون مقابل السلام.
    والسؤال هو: ما الذي بلوره جون كيري في الحراك الاميركي الجديد منذ نهاية آذار الماضي ؟؟ مع الزيارات الاربع التي قام بها الى المنطقة، واللقاءات التي جرت في البيت الابيض مع قيادات من المنطقة، والحراك الذي قامت به اللجنة الوزارية العربية في واشنطن!!! هل كل ذلك تبلور في صيغة عمل اميركية، في خطة اميركية ؟؟؟ ام ان الامور تسير على النمط القديم، حراك بلا طائل، وكلام يتبخر في الهواء!!!


    ... الاغراءات الاقتصادية !!!
    حديث القدس
    بينما كان البعض يتحدث عن السلام ومتطلباته في المنتدى الاقتصادي بالاردن، كان عشرات اليهود يقتحمون باحات المسجد الاقصى وحرماته تحت حراسة مشددة من الشرطة الاسرائيلية، كما كان بعض اليهود يقتحمون محلين تجاريين بالقدس القديمة ويستولون عليهما بدعوى انهما ملك لهم وان "المستأجر" قد توفي، وذلك في تحد صارخ لكل شروط السلم والتهدئة وتهيئة الاجواء التي يحاول الوزير الاميركي جون كيري تحقيقها لاستئناف المفاوضات.

    وفي المتدى تعالت الاصوات لتقديم الاغراءات المالية الى الدولة الفلسطينية والتي قدرها الوزير كيري باربعة مليارات دولار وقال انها ستقلل البطالة من ٢١٪ حاليا الى نحو ٨٪، وستؤدي الى ارتفاع الرواتب بنسبة ٤٠٪، ولم يتحدث كيري عن ضرورة وقف الاستيطان والاعتداءات ضد المقدسات والمواطنين واملاكهم، ولا مصادرة الارض وتهجير الناس، وانما تحدث فقط عن الاقتصاد والاموال، وهي اموال، في كل الاحوال، في سياق الوعود التي قد لا تنفذ او تنفذ بشروط غير مقبولة، تماما كاموال الدعم العربية التي سمعنا عنها للقدس وغيرها وظلت حبرا على ورق حتى الساعة.

    لقد كان الموقف الفلسطيني واضحا في هذا المجال، حيث اكد الرئيس ابو مازن رفضه للاقتصاد بديلا للسياسة وقال انه يرفض الدولة بالحدود المؤقتة وشدد على ضرورة وقف الاستيطان وكل الممارسات الاسرائيلية الاخرى لاستئناف المفاوضات، الا ان هذا ليس الكلمة النهائية بسبب وجود ضغوط قوية غربية عموما واميركية خصوصا، بمشاركة بعض الدول والجهات العربية كذلك، في هذه المرحلة، كما في المراحل السابقة حيث تعاني الدولة الفلسطينية من ضائقة اقتصادية خانقة ومن اضرابات متكررة في شتى المجالات، ويضع المانحون شروطا لتقديم المساعدات لاسباب سياسية كما تقوم اسرائيل بسرقة المستحقات الفلسطينية من الضرائب احيانا.

    ان الوعود المالية بالرخاء الاقتصادي هي مجرد وعود براقة ويجب عدم الوقوع في متاهاتها مهما اشتدت الضغوط والمضايقات السياسية والاقتصادية، واية مسارات اقتصادية يجب ان تكون مع تحرك سياسي حقيقي جاد لا مجرد فقاعات في الهواء. وان اي عاقل لا يمكن ان يفهم كيف يتحدثون عن السلام والاقتصاد بينما تستمر الممارسات بكل اشكالها في القدس وكل ارجائها وقد بلغت مساحة الارض التي صودرت لتوسيع المستوطنات في العام الماضي فقط ثمانية آلاف دونم، هذا غير الذي يحدث هذا العام ويميا تقريبا.

    نحن لا نريد "رخاء" اقتصاديا وانما نريد وطنا وارضا، ولا نريد التفافا حول حقوقنا ومطالبنا التي اجمع عليها المجتمع الدولي ويحاول اصحاب القرار الدولي تجاهلها والقفز فوقها، وانما نريد استعادة هذه الحقوق ونتمسك بها ولا نرضى عنها بديلا.

    ونحن اذ نقدر موقف القيادة القوي والمدرك لهذه المعادلة والرافض لها، فاننا نأمل ان نقف اقوياء امام الضغوط وان يصحو عالمنا العربي والاسلامي، وان يستيقظ ضمير اصحاب الثروات من ابناء امتنا لاسقاط هذه "الاغراءات" المالية كليا.


    السياحة في القدس ... بين البقاء على الفُتات .. والسعي للتطوير
    عزام توفيق أبو السعود/جريدة القدس
    عندما قمنا بالاستعداد للألفية الثالثة قبل أربعة عشر عاما .. أعدنا بناء وتطوير منشآتنا السياحية في القدس، كنا قبل ذلك نعتبر أن السنة السياحية الجيدة، هي السنة التي يصل فيها إلى الأراضي المقدسة مليونا سائح، وقد كدنا نصل إلى ثلاثة ملايين في التسعة أشهر الأولى من عام 2000 لولا بداية الانتفاضة الثانية، التي دمرت ما بناه القطاع الخاص آنذاك، حتى عانى القطاع السياحي الأمرين ، ولخمسة أعوام متتالية، أن بدأت بوادر الانتعاش السياحي تظهر بصورة بطيئة نسبيا.

    في العام الماضي وصل الأراضي المقدسة أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون سائح، وفي المقابل، خسرنا عشرة فنادق تقريبا، ونقصت الغرف الفندقية في القدس العربية بشكل ملحوظ، وهذا يعني أن أعداد السياح في زيادة مضطردة .

    وقد رأينا كيف ازدادت الغرف الفندقية في غرب المدينة بعدة آلاف من الغرف.. وهذا يعيدنا إلى الأسى لأن نذكر أن عدد الغرف الفندقية في القدس العربية قبل عام 1967 كان يقارب أل 3000 غرفة، مقابل 600 غرفة فندقية كانت يومها في القدس الغربية، أما الآن فنحن نتحدث عن أقل من ألفي غرفة فندقية في القدس العربية، مقابل حوالي عشرين ألف غرفة فندقية غرب القدس. لذلك فلا عجب أن يكون دخل القدس العربية والناصرة وبيت لحم وأريحا من السياحة هو 8% من الدخل السياحي للأراضي المقدسة.. بينما يجني الإسرائيليون 92% من هذا الدخل ، مع العلم أن الأرض المقدسة فعلا تقع جميعها في المناطق العربية.

    يخطط الإسرائيليون لرفع عدد السياح إلى الأراضي المقدسة ليصل عشرة ملايين سائح سنويا خلال الأعوام العشرة القادمة، وقد بدأت استعداداتهم على قدم وساق لبناء فنادق وتطوير مناطق سياحية وأماكن جذب سياحية إضافية، وتنويع سياحي ، ليتناسب مع هذه التوقعات .. ونحن نسمع عن ثلاثة فنادق ضخمة على طريق القدس بيت لحم، لإضعاف القيمة التنافسية لفنادق بيت لحم، ونسمع أن الإسرائيليين يخططون لبناء عدة فنادق في المنطقة من مستوطنة "معاليه أدوميم" شرق العيزرية وحتى الخان الأحمر لاستيعاب مضاعفة أعداد السياح كل خمس سنوات . ونسمع عن مشروع "التلفريك" بين جبل الزيتون وبين حائط المبكى، بالتأكيد تقوم حكومتهم بتوفير بنية تحتية، بينما الاستثمار الحقيقي هو للقطاع الخاص الاسرائيلي .. الذي يشم رائحة الربح والفرص السانحة لتحقيقه ، فيندفع بقوة للاستثمار ، وهو واثق من أن القدس قد باتت ملكا خالصا للإسرائيليين بحكم القوة، وحكم الضعف والتفسخ العربي ، أو بحكم فرض الأمر الواقع ، الذي يجعل أي حل سياسي لقضية القدس أكثر تعقيدا، وبحاجة إلى عقود من الزمن حتى يتم حله، وهي فترة كافية لأن يحقق أي استثمار أهدافه الربحية.

    ماذا يحصل في المقابل في جانبنا العربي من المدينة؟ .. نعقد مؤتمرات واجتماعات ولقاءات وندوات ، ونسعى لمنحة كي نضع تصورا أو نقوم بدراسة عن كيفية النهوض بالسياحة في القدس وفلسطين .. نخاطب أنفسنا، " ونفش" الغل الموجود لدينا، أو "ننفس" عن أنفسنا بالكلام، لكن على الأرض فنحن " مكانك سر" في أحسن تقدير أو خطوتين إلى الوراء كما هو الوضع في الحقيقة! وسنعود بعد عدة أشهر للقاء في ندوة أخرى ودراسة أخرى وممول جديد لنفس الغرض، ونفس الكلام، ونفس الأشخاص، ونفس وجبة الغداء أو العشاء في الاستراحة بين الجلسات!

    هذه دعوة كي يقود صندوق الاستثمار الفلسطيني ، أو الصناديق العربية ، أو البنوك العربية، وبالتعاون مع المخلصين من رجال القطاع الخاص في القدس ، أن يقودوا جميعا حركة تنمية شاملة في القدس العربية، وحركة استثمار حقيقي متنوع وكبير وربحي ، وواضح الهدف والرؤيا وبدون مزايدات . فإذا كانت أعداد السياح المتوقعة للأراضي المقدسة ستصل إلى عشرة ملايين فلنكن مستعدين لذلك، وليكن هدفنا أن نأكل أكبر قطعة من كعكة السياحة.

    لدينا الأماكن حتى وان صغرت، لكنها ذات القيمة الأكبر دينيا وتاريخيا ومعنويا وجمالا. لنسعى أن نبيع السائح هدية من إنتاج القدس لا من إنتاج الصين أو الهند أو باكستان! ولتكن نوايانا صادقة فقط، ولنعمل سوية من القدس ورام الله والمشرق والمغرب.. لنعمل للقدس وهدفنا أننا نريد أن نكسب وأن ننقذ، والله اسأل أن لا يريكم مكروها بعزيزة هي القدس!


    منظمة التحريرالفلسطينية... نحو إعادة بناء جديدة
    سليمان الوعري/جريدة القدس
    تصادف اليوم 28-5 الذكرى التاسعة والاربعون لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ، تأتي هذه المناسبة وأوضاع المنظمة لا تُبشر بخيّر ، بسبب المؤامرات الداخلية والخارجية والتي أدت الى إضعافها ووضعها في زاوية يصعُب الخروج منها..

    فانسداد الأفق السياسي ووقف المفاوضات واستمرار الاستيطان وتهويد القدس والتعنت الاسرائيلي من جهه ، واستمرار الانقسام الداخلي وعدم التوافق على استعادة اللُحمَة بين شطري الوطن من جهة أخرى، وعدم الاتفاق على انضمام حركتي حماس والجهاد الاسلامي لمنظمة التحرير واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني لإعادة احياء النظام السياسي الفلسطيني من جديد ، وبناء منظمة التحرير على أسُس ديمقراطية وتعدديّة وتفعيلها و/أو اصلاحها وفقاً لرؤى سياسية جديدة تتناسب مع واقع الاحتلال واستمراره في رفض تطبيق الاتفاقات الموقعة وقرارات الشرعية الدولية ، وعدم القدرة على تحقيق السيادة على الارض في تجسيد اقامة دولة مستقلة بعد الحصول على الاعتراف الاممي بدولة مراقبة في الامم المتحدة..

    وبالتالي لايمكن أن تَحل الدولة مَحل المنظمة في القريب المنظور، وهنا تكمُن أهمية اصلاح المنظمة وتفعيلها واعادة بنائها .

    إسرائيل من جانبها أضعفت الجانب الفلسطيني وراوغت وما زالت تراوغ في المفاوضات، تناور وتماطل وتعد ولا تفي بوعودها، وهي تضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ، وقامت بتقسيم الضفة الغربية عبر حواجزها وطرقها الالتفافية إلى معازل وكنتونات وهي بذلك حققت مصلحتها في عدم وجود دولة فلسطينية مستقلة متصلة ذات سيادة ، حيث أصبحت أدنى مُقومات الدولة غير موجودة .

    إن الانتخابات في بلادنا كانت بداية لأزمات سياسية واجتماعية واقتصادية لرفض التعامل معها كمبدأ ديمقراطي ونهج حياة ، واصرار بعض الاطراف على التهرب من هذا الاستحقاق الديمقراطي حيث نعيش حالياً في وضع مأزوم وفاقد لجميع الشرعيات بعد انتهاء المدة القانونية للمجلس التشريعي والرئاسة الفلسطينية وعدم التعامل بموضوع انتخابات المجلس الوطني بالجدّية اللازمة .

    إن تجارب الشعوب الإنسانية والسياسية وجدت في الانتخابات الطريقة المثلى لاختيار القيادات ومنح الشرعية للقيادة السياسية ، فالانتخابات هي مشاركة ديمقراطية تهدف الى حل الازمات السياسية من خلال صندوق الاقتراع الذي يعطي الناخب الحرية في منح الشرعية لمن يراه مناسباً .

    ان الحديث عن دمقرطة منظمة التحرير ليس بجديد ، بل هو مطلب قديم وهناك اتفاق بين الفصائل الفلسطينية والمستقلين على عقد انتخابات المجلس الوطني ، التي يجب حسم مسألة التزامن مع الانتخابات التشريعية ويجب التفريق بينهما ، ونتج عن اعلان القاهرة ما سمي " اتفاق القاهرة " في 4/5/2011 تشكيل اطار قيادي مؤقت يُنهي عمله المُحدد بإجراء انتخابات المجلس الوطني ، ولم يتم العمل في هذا الاتفاق لاسباب نعلمها جميعاً ،ما يعكس انه لم تكن هناك جديّة في اجراء الانتخابات في ظل وجود فيتو عربي واسرائيلي ودولي على إصلاح وتفعيل منظمة التحرير .

    ورغم وجود صعوبات حقيقية في انجاز انتخابات المجلس الوطني في الخارج ، الا انه يجب المحاولة مع الدول التي يتواجد فيها الفلسطينيون في الشتات وهي تتركز في الاردن وسوريا ولبنان حيث يعيش في الاردن وحده اكثر من 2 مليون فلسطيني وبحسب آخر الاحصاءات فان نصف الشعب الفلسطيني يعيش في الشتات ،لذلك يجب العمل بكل الوسائل وبجدّية تامة مع هذه الدول لايجاد آلية لانجاز هذا الملف الهام ، أو إن لم نستطع فمن الضروري إيجاد وسائل غير حزبية تكون كفيلة في اختيار أعضاء جدد للمجلس الوطني يحظون بثقة المواطنين الفلسطينيين في تلك التجمعات ،وضخ دماء جديدة لإعادة الاعتبار لدورها التمثيلي.

    إن من الخطأ ترك وضع المنظمة على هذا الحال المتردي الذي تعيشه والانتظار لحين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني في الخارج ـ هذا إن أمكن إجراؤها ـ و/ أو إعادة تشكيل المجلس الوطني، لأن ذلك قد يأخذ وقتا طويلا ، وهذا سيؤثر سلبا على الوحدة الوطنية وعلى وحدانية المنظمة في تمثيل شعبنا، حيث سيبقي قوى سياسية في الساحة الفلسطينية خارج إطار المنظمة ومؤسساتها، كما سيبقي وضع مؤسسات المنظمة ودوائرها، على ما هو عليه طيلة هذه الفترة، وهو ما سيزيد حال المنظمة سوءًا.

    وفي ظل تعذر انعقاد المجلس الوطني، باعتباره المرجع الذي يمكن أن تنطلق منه كل الإصلاحات، وبسبب الوضع السياسي الخطير الذي وصلت اليه القضية الفلسطينية ، والتي لا تسمح لنا بالانتظار حتى انعقاد دورة جديدة للمجلس الوطني، فإن المخرج الوحيد لنا من هذا المأزق هو عقد دورة سريعة للمجلس المركزي، يتم فيها اتخاذ كل الخطوات والقرارات الضرورية والملحة لإصلاح وضع المنظمة، وكلنا نعلم أن المجلس المركزي وجد لتغطية مثل هذه المهمات في فترات ما بين انعقاد دورات المجلس الوطني على أن تعرض قراراته على المجلس الوطني لاقرارها والمصادقة عليها لاحقاً ..

    وتقع على عاتق فصائل منظمة التحرير مسؤولية كبيرة لأنها لم تعمل على تطوير نفسها وتطوير برامجها السياسية والاجتماعية وفقدت جماهيريتها وفقدت القدرة على التواصل مع عامة الشعب بشكل مقنع من جهة، والضغط من اجل تطوير المنظمة من جهة اخرى ، فقد اصبحت فصائل ضعيفة منضوية تحت لواء (المنظمة/ السلطة) تنتظر موازناتها الشهرية دون الارتقاء لمستوى الاحداث التي شهدتها القضية الفلسطينية منذ توقيع اتفاق اوسلو حتى اليوم ، ولم نسمع عن أي فصيل فلسطيني انه قام بتعديل ميثاقه ليتناسب ويتوافق مع التطورات التي شهدتها القضية الفلسطينية ، ولا بد لهذه الفصائل إن أرادت الاستمرار والنجاح أن تعيد النظر في برامجها المختلفة وتحدد اهدافها بوضوح وأن تمتلك الارادة اللازمة لذلك ، وأن تجيب على السؤال المهم والصعب وبصراحة ودون مواربة ، وهو هل ما زالت الفصائل الفلسطينية فصائل تحرر وطني؟؟

    فإن كانت اجابتها بنعم فعليها طرح برنامجها التحرري من جديد ، وإن كانت الاجابة بلا فعليها طرح البرنامج البديل .

    ما لم تمتلك القيادة الفلسطينية وقيادة فصائل العمل الوطني الارادة السياسية الحقيقية للتغيير الايجابي في أوضاع منظمة التحرير فإن مشروعنا الوطني برمّته سيكون في خطر، والوقت لم يعد في صالحنا لأن الأرض تصادر يوماً بعد يوم والقدس تُهود ، وباتَ من المُلح إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وفقاً لهذه الوقائع الاحتلالية في ظل تعنت اسرائيل ورفضها تطبيق قرارات الشرعية الدولية وواقع العالم العربي والدولي من حولنا ، ولابد من اتخاذ قرار جريء بإعادة بناء المنظمة على اسس ديمقراطية وتعددية وتفعيلها وإعادة هيّبتها لتكون هي الحاضنة الحقيقية للشعب الفلسطيني بكل أطيافه في الداخل والخارج .


    ضد الاستيطان وضد معاقبة حكومة الاستيطان
    محمود الريماوي/جريدة القدس
    زار وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الأراضي الفلسطينية يوم الخميس الماضي، وقد تزامنت زيارته هذه مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، فكان من الطبيعي أن تخطف زيارة المسؤول الأمريكي الأضواء، وتشاء “المصادفات” أن تأتي زيارة رئيس الدبلوماسية البريطانية بعد نحو أسبوع من زيارة أداها وزير الدفاع الأمريكي هيغل للمنطقة، وهذا يكاد يُقاسم الوزير البريطاني اسمه! .

    في واقع الحال فإن الزيارتين للوزيرين الأمريكيين تعكسان طبيعة العلاقات الراسخة مع اسرائيل . هيغ أبرم عقود تسليح جديدة ومنح ضوءاً يتراوح بين البرتقالي والأخضر لمهاجمة إيران، أما كيري فحمل وعوداً “سلمية غير مقدسة”.

    الوزير البريطاني وبعد لقائه شمعون بيريس رئيس الدولة الاسرائيلية لم يجد الاخير ما يصرح به سوى الإشادة بزيارة الوزير الأمريكي كيري وما أسماه “مبادرته”، وكأنه لم يستقبل الوزير البريطاني!

    على أن زيارة الوزير هيغ التي شملت لبنان والأردن، لم تمر من دون أصداء، فالرجل أطلق تصريحاً قوياً دان فيه الاستيطان، وقال إنه بسبب الاستيطان فقدت إسرئيل بعض التأييد في بلاده وفي الاتحاد الأوروبي . وموقف الوزير البريطاني ليس جديداً، فقد سبق أن ارتفعت أصوات أوروبية مماثلة بهذا الخصوص على مدى نحو ثلاثة عقود مضت، كما أن منظومة الاتحاد القاري ما فتئت تشهر هذا الموقف الذي يدين الاستيطان بأوضح العبارات .

    ففي أواخر شباط من العام الجاري أصدرت بعثة من دول الاتحاد الأوروبي إلى القدس بياناً وصف بأنه شديد اللهجة تحت عنوان “تقرير القدس 2012”، وصفت البعثة الاستيطان في القدس المحتلة بأنه “منهجي ومتعمد واستفزازي ويشكل جزءاً من سياسة استراتيجية تهدف إلى جعل من المستحيل أن تصبح القدس عاصمة لدولتين”، والأهم من هذا الموقف الصائب أن البعثة دعت الدول الأعضاء ال27 في الاتحاد إلى “منع أي تعاملات مالية كالاستثمارات التي قد تؤدي إلى دعم الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة” .

    ونستذكر قبل ذلك أن الرباعية الدولية التي كانت تضم الاتحاد الأوروبي إلى جانب روسيا وأمريكا والأمم المتحدة دأبت على اتخاذ مواقف متحفظة من الاستيطان غالباً بدفع من الأوروبيين والروس.

    المشكلة ليست في أن تصريح الوزير هيغ لا جديد فيه، إذ إنه لأمر جيد التمسك بهذا الموقف الصائب والجهر به في جميع المناسبات . المشكلة أن هذا الموقف لا يقترن بأي موقف عملي سوى بعض اللفتات الرمزية مثل منع استيراد منتجات المستوطنات، وتصدير هذه المنتجات إلى الأسواق الأوروبية يمكن الالتفاف عليه بأكثر من طريقة .

    وبينما تقوم جامعات أوروبية على سبيل المثال برفض التعامل مع أي مؤسسات تعليمية ذات صلة بالاستيطان، علاوة على مبادرات أهلية عديدة في هذا الشأن، فإنه يغيب لدى الحكومات الأوروبية بما فيها الحكومة البريطانية أي موقف سياسي من شأنه الضغط على الحكومة الاسرائيلية للتفكير بوقف الاستيطان .

    ترفض الإدارات الأمريكية على الدوام إحالة قضية الاستيطان إلى مجلس الأمن تحت حجج من قبيل ترك الأمر للتفاوض و”ضرورة تشجيع اسرائيل على الانخراط في العملية السلمية لا تنفيرها منها”، فتجاريها فرنسا وبريطانيا في ذلك “على مضض”، والنتيجة أن المحفل الدولي الأعلى لا ينظر في هذه القضية، ويتم إحباط مثل هذه الخطط من طرف واشنطن بغير اعتراض أوروبي .

    وعلى مستوى العلاقات الثنائية فإن الاستيطان لا يشكل عملياً عقبة تُذكر أمام العلاقات البريطانية المتشعبة بالجانب الاسرائيلي، وكذلك هو الحال لدى أغلبية الدول الأوروبية، وهو ما يجعل الجانب الاسرائيلي يمضي في مخططاته الاستيطانية وخاصة في القدس الكبرى واثقاً أن ردود الفعل الدولية لا تتعدى الإطار الدبلوماسي، سواء من الاتحاد الأوروبي، أو غيره من الدول والمنظمات الوازنة..

    ومن المرجح أن يستمر الوضع “السياسي” على ما هو عليه في مُقبل الأيام والأعوام، مع فارق خسارة المزيد من الأرض ومصادر المياه التي يصادرها الاحتلال .

    لم يرشح شيء عن لقاء الوزير هيغ بالرئيس محمود عباس في رام الله، لكن من الواضح في ضوء تصريح هيغ أن الرجلين تبادلا الحديث بين أمور أخرى عن التوسع الاستيطاني “الذي يهدد حل الدولتين”، ولا يوفر فرصة في الرؤية الفلسطينية لاستئناف التفاوض.

    غير أن المرء يستذكر هنا أن الجانب الفلسطيني سبق أن لوّح بإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية، وقد ازدهر الحديث حول هذه المسألة بعد أن أصبحت فلسطين دولة في وضع مراقب في الأمم المتحدة، حيث يوفر الوضع الجديد لفلسطين فرصة التقدم بهذا الطلب . على أن شيئاً من ذلك لم يحدث، بل إن الحديث توقف في هذا الخصوص، وعلى الأرجح نتيجة ضغوط اسرائيلية، أو ثمرة لوعود مبهمة لا طائل منها تطوعت بها بعض الأطراف، وفي المحصلة تمت الاستجابة لها.

    في النهاية فإن الاستيطان هو مظهر من مظاهر الاحتلال العسكري، وامتداد بشري و”مدني” له، وفي غيبة أي موقف سياسي حازم من الجانب الاسرائيلي برمته، فإن الإخفاق سوف يرافق معالجة الامتدادات والأذرع، وهو ما نشهد فصوله فصلاً تلو آخر .





    السعودية وتركيا سياسة التداول لا المحاور
    عبد الاله بلقزيز/جريدة القدس
    حين سقطت بغداد في أيدي البويهيين (336ه/945م)، وأصبح الخليفة الصوري رهينة عندهم، يستظلون باسمه ويحكمون بما يشاؤون، بمقتضى مذهبهم الذي لم يكن مذهب “أهل السنة والجماعة”، لم يكن في وسع الفقهاء - حينها - إلا أن يعترفوا، ولو على مضض، بأن الخلافة انتهت حتى وإن هم ظلوا متمسكين بتصوير الخليفة الصوري خليفة، فالبويهيون فرضوا أمراً واقعاً ما كان يسع الفقهاء أن يتجاهلوه، تماماً مثلما لم يكن في مكنهم أن يحجبوا الشرعية عن حكم البويهيين .

    ولم يتغير الأمر حين دخل السلاجقة بغداد (وهم سنة يتبعون المذهب الحنفي كأغلبية أهل العراق وإن هم جاءوا من أواسط آسيا)، وحين أسقطوا حكم البويهيين (447ه/1055م) بعد نيف وقرن منه، فقد ظلت الخلافة صورية، فيما عادت السلطة الفعلية إلى السلاجقة يتوارثونها، بل يختارون “الخلفاء” من بني العباس . انتقل أمر السلطان في الدولة وفي “دار الإسلام”، إذن، إلى الأعاجم، ثم لم تلبث الصراعات السياسية أن أفضت إلى ظهور، ما أصبح يعرف في كتب فقه السياسة الشرعية، “إمارات الاستيلاء”، وهي كناية عن تغلب أمراء الحروب في النواحي والأطراف، واستيلائهم، وإعلان أنفسهم سلاطين .

    ولم يقف الفقهاء من ظاهرة “إمارة الاستيلاء” موقفاً سلبياً، بدعوى أنها نيل من سلطان “الخلاقة”، أو بدعوى أن المستولين لا يستوفون شروط شرعية إمامة “دار الإسلام”، بل ذهبوا إلى تسويغ شرعيتها من طريق القول إن سلطانها يكون مشروعاً ما إن يفوض الخليفة صاحبها أن يحكم باسمه . هكذا كان موقف الفقيه إبي الحسن الماوردي، ومعاصره الفقيه أبي يعلي الحنبلي (القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي) في ما كتباه في الموضوع في كتابيهما اللذين حملا العنوان نفسه (“الأحكام السلطانية”) . أما معاصرهما إمام الحرمين أبو المعالي الجويني - تلميذ أبي الحسن الأشعري وأستاذ أبي حامد الغزالي - فذهب مذهباً آخر مختلفاً عن سلفيه: لم ير حاجة إلى استمرار الخلافة الصورية، بل لم يتحرج في القول إن الخلافة والسلطنة شيء واحد، وأن لا شيء يمنع من أن يصير السلطان السلجوقي نفسه خليفة للمسلمين، مسقطاً بذلك شرط القرشية من شروط الإمامة . ويمكن لقارئ كتابه “غياث الأمم في التياث الظلم” أن يقف على كثير من وجوه التكييف الفقهي التي أخضع فيها الجويني العقل الفقهي الإسلامي لضرورات الواقع: عملاً بقاعدة “أحكام الضرورة” في ذلك العقل .

    كيف انتهى “حراس الشريعة” إلى التسويغ لشرعية سلطة تفتقر إلى الشرعية: حسب شروط الشرعية كما وضعوها هم أنفسهم؟ هل مرد ذلك إلى براغماتيتهم التي عرفوا بها بسبب تشبعهم بحس واقعي عال؟ هل يعود ذلك إلى تبعية “المؤسسة الفقهية”، تاريخياً، للسلطان السياسي، واعتيادها تبرير أفعال الدولة وحاكمها نهجاً في التفكير والقول؟

    ربما كان التفسيران صحيحين، أو على جانب من الصحة كبير، لكنهما لا يكفيان لفهم “نازلة” التحول الدراماتيكي الكبير في موقفهم من مسألة شرعية السلطة الجديدة، وقد بدا نقضاً لموقفهم السابق . ولعل التفسير الأوفق هو الذي يستحضر الواقع التاريخي الذي حملهم على تغيير أفكارهم، وإعادة تعريف المشروعية السياسية على نحو مختلف . وهنا لا نملك أن نتجاهل وقائع كبرى مثل انهيار نظام الخلافة، وتفكك الدولة، وتناسل الإمارات من بعضها، وتنامي الصراعات والحروب على السلطة وما استجرته من فتن وحروب أهلية، وما كان يسع هؤلاء الفقهاء أن يتمسكوا بنموذج مثالي وطوبوي للحكم والدولة والسياسة في مثل تلك الأحوال من التفكك والتآكل والاهتراء! لذلك أجبرتهم ظروفهم على إعادة النظر في منظومة الشرعية . هكذا لم تعد الشرعية تعني، في فقه السياسة الشرعية، التطابق بين السلطة والدين، وخضوع الأحكام لشرائط الثاني كما حددتها كتابات الفقهاء السنة، وإنما الشرعية في أن تقوم الدولة بواجب حفظ وحدة الأمة والجماعة - وإن كانت الجماعة صغرى في مكان محدود - وحفظ “دار الإسلام” (الوطن) من خطر الغزو الخارجي، وحفظ أمن المجتمع من الفتن التي مصيرها إلى التفكيك .

    قبل أن ينتهي الماوردي وأبي يعلي والجويني وابن تيمية (خاصة في “السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية”) إلى هذه النظرة إلى الشرعية، بعد زوال الخلافة، كان فقهاء نهاية القرن الهجري الأول، وبداية القرن الهجري الثاني، قد اهتدوا إلى مقدمات هذه الفكرة من طريق التشديد على وحدة الجماعة، وهي مقدمة عندهم على الخروج على السلطان الجائر . ليس ذلك بسبب خوفهم منه أو تقاعسهم - فأكثرهم عارض نظام الأمويين وأفكار الأمويين الجبرية - وإنما قالوا ما قالوه مخافة الفتنة والحرب الأهلية التي مزقت وحدة الجماعة الإسلامية، وكانت ذكراها مازالت - حينها - طرية في الأذهان (حروب: “الجمل”، “صفين”، “النهروان”، “كربلاء”، ثورة عبدالله بن الزبير، ثورة القراء وابن الأشعث . . التي اندلعت بين المسلمين واستمرت من ثلاثينات القرن الأول حتى ثمانيناته) .

    مناسبة هذا الكلام هي ملاحظة الفارق الفلكي بين فقهاء الأمس و”فقهاء” اليوم، فقهاء الوحدة وفقهاء الفتنة، بين الذين يستفتون عقولهم والذين يستفتون غرائزهم، بين الذين يعفّون أمام مأدبة السلطة والذين يسيل لعابهم السياسي حين يشمون روائحها، بين من يخشون سؤالهم من الله عن دماء حرضوا على سفكها، ومن لا يخشون أحداً في الدعوة إلى “الجهاد” في دماء المسلمين . ولا حول ولا قوة إلا بالله .


    حفلة سمر.. على شاطئ البحر الميت؟
    حسن البطل/الأيام
    سأضيف إلى قولة نابليون الشهيرة: الجيوش تزحف على بطونها، إلى: السلام يزحف على بطنه. لماذا البطن؟ لأنه الجزء الرخو من البدن (الضفة بطن إسرائيل الطرية.. مثلاً).
    .. لكن ماذا؟ منذ اتفق دي ـ غول الفرنسي وأديناور الألماني أواخر الخمسينات على تأسيس اتحاد بينهما في ميدان الحديد الصلب، صار هذا عمود فقري للسوق المشتركة، ومن ثم للاتحاد الأوروبي.
    كل اقتصادي ـ سياسي سيقول لك إن العالم دول وحكومات وأحلاف، لكنه، أيضاً، مصالح عالم الشركات متعددة الجنسية لإنتاج السيارات، وللصناعات الإلكترونية، ومن قبل للنفط ومشتقاته.. إلخ!
    يحكون في منتدى "دافوس" غير ما يحكون في العالم عن مقاطعة اقتصادية وأكاديمية لمستوطنات إسرائيل وجامعاتها، أي عن جعل البطن الطريّة للسلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي بمثابة عمود فقري للسلام الاقتصادي، فالأمني، فالسياسي!
    قل إنها خطة مارشال ثلاثية لبناء سوق مشتركة: أردنية ـ فلسطينية ـ إسرائيلية، أي نواة للشرق الأوسط الجديد الذي حلم به بيريس قبل ثورات "الربيع العربي"، أو قل إن السوق الثلاثية حفر أساس لعمارة تسمى "مبادرة السلام العربية".. الأساس (الاقتصاد) أولاً، ثم الهيكل (الأمن) ثانياً، ثم تشطيب المبنى وتأثيثه (السلام السياسي) ثالثاً.
    هل اطمأنّ القلب؟ لا.. لأن الآلية قد تتوقف عند مرحلة حفر الأساس، أو بناء الهيكل، لولا أن المستر جون كيري يقول إن بلاده لن تقبل بما لا يقبل به الفلسطينيون، أي دولة ذات حدود مؤقتة، بل دولة فلسطينية سيدة.
    كيف يتصوّر كيري بناء دولة فلسطينية سيدة؟ ليس فقط ببناء اقتصادها (واقتصاد الأردن وإسرائيل، أيضاً، معها)، ولا بهذا الإغواء: ستنخفض البطالة في فلسطين إلى 8%، ويرتفع إنتاجها 50% ورواتب العاملين فيها 40% يا له من حلم! بل بربط المسار الاقتصادي بالأمني، وهذا بالسياسي، لكن مع فصل عناصر التسوية النهائية بعضها عن بعض.
    كانت فكرة مفاوضات "كامب ديفيد 2000" فكرة إسرائيلية، قوامها: "لا اتفاق على شيء، قبل أن يتم الاتفاق على كل شيء". فكرة كيري الجديدة هي فصل الاتفاق على ترسيم الحدود والأمن عن اتفاقات لاحقة حول المياه واللاجئين.. والقدس، خصوصاً.
    إذا تم ترسيم الحدود يسهل الاتفاق على مسألة الأمن، وإذا تم الاتفاق عليهما يسهل الاتفاق على حل مشكلة المستوطنات، إما بالتبادلات الأرضية المتبادلة والمتكافئة، وإما بالتخيير بين الانطواء والتعويض أو البقاء تحت السيادة الفلسطينية.
    حتى تسير الخطة هذه على عجلاتها، بادر رجال أعمال من الجانبين إلى اقتراح "كسر الجمود" في موضوع "الحل بدولتين"، وحذّر رجل أعمال فلسطيني كبير الإسرائيليين: إما انتفاضة ثالثة أدهى أو دولة ثنائية القومية، والأخيرة أخطر على إسرائيل من القنبلة الإيرانية.
    أيضاً، كان بيريس، صاحب مشروع "الشرق الأوسط الجديد" نجم "منتدى دافوس"، في قبوله لمبادرة السلام العربية، وهذه تتحدث عن "حل متفق عليه لمشكلة اللاجئين" كما المبادلات الجغرافية، بعد ترسيم الحدود، ستكون متفقا عليها. ماذا تبقّى من مشاكل الحل النهائي؟ القدس وهي صراع بين إجماعين فلسطيني وإسرائيلي، لكن الإجماع الإسرائيلي انكسر بموافقة ايهود باراك على تقسيم القدس، وفق "مبدأ كلينتون"، ثم موافقة أولمرت، أيضاً.
    كان عرفات العظيم يقول: من حقي أن أحلم، وكان بيريس يحلم، أيضاً، بشرق أوسط جديد، وأما كيري فهو يبني أساس السلام بسوق مشتركة ثلاثية: أردنية ـ فلسطينية ـ إسرائيلية، وبالاتفاق على حل كل مشكلة من مشاكل الحل النهائي على حدة، بدءاً بالاقتصاد، ثم بالأمن وترسيم الحدود. المشي يبدأ بنقل خطوتين!
    أكثر الثلاثة (كيري، بيريس، عباس) تحفُّظاً هو رئيس فلسطين، لكنه أثنى على مبادرة رجال الأعمال، وعلى البدء بخطة كيري لترسيم الحدود والأمن.
    إنها حفلة سمر على شاطئ البحر الميت. هل ينفضّ السامر؟ أو لا حُمُّص في المولد؟

    أستغرب مقالك.. لا أستغرب
    تعقيباً على عمود "نصر الله وحق التدخل في سورية"، الاثنين 27 أيار:
    Rana Bishara: يحمي "حزب الله" سورية مِنْ مَنْ يا حسن؟ الشعب السوري هو وحده من يحتاج إلى حماية، لا النظام ولا "القصير" ولا مقام السيدة "زينب". بدخوله "القصير" لم ولن يحمي أحداً بل سيؤجِّج الفتن. أستغرب مقالك اليوم. فيه نبرة تعاطف مع هذا التدخل مذهبي الطابع، مع أن كتاباتك ليست كذلك في العادة بمثل هذه المواضيع.
    Mahmoud El-Khatib: التدخُّل مرفوض من حيث المبدأ، ومن أي طرف كان، لأنه يؤجِّج الصراع.
    Abedellatif Suleiman: من ينتقدون ويرفضون موقف "حزب الله" مما يحدث في سورية هم في أغلبيتهم الساحقة يتمنون تدخل حلف "الناتو" وأدواته لتدمير سورية الوطن والشعب، كي تنتصر ثورتهم التكفيرية. موقف البعض منهم نابع عن جهل كلّي مما يحدث في المنطقة وفي لعبة الأمم. قيل ويُقال إن الجاهل عدوّ نفسه.
    رغيف الخبز أم النّضال ... الاقتصاد أم السّياسة؟
    هاني المصري/الأيام
    منذ توقيع اتفاق أوسلو، ظهرت "وجهة نظر" أخذت تُعبِّر عن نفسها مؤخرًا بجرأة متزايدة، مفادُها أنّ إنجاز الحقوق الوطنيّة مسألة تحتاج إلى نضال وتضحيات، وهذا ما لا يمكن تجسيده ولا نقدر عليه. وبما أن الحل الوطني بعيد ولا يمكن الوصول إليه بحكم الاختلال الفادح في ميزان القوى، وفي ظل الضعف والانقسام الفلسطيني، وحال الوضع العربي الذي لا يسرّ صديقًا ويسعد كل الأعداء؛ فلا يمكن لنا سوى التركيز على توفير رغيف الخبز، وتعزيز الصمود من خلال بناء المؤسسات وإثبات الجدارة وإظهار حسن النية عبر الوفاء بالالتزامات الفلسطينية السياسية والاقتصادية والأمنية من جانب واحد، وصولًا إلى اعتبار الاقتصاد هو صاحب الأولوية، والمدخل لتحقيق السلام، بعد أن عجزت السياسة عن تحقيقه.
    لا مشكلة جوهرية فيما سبق إذا ميّز نفسه عن "السلام الاقتصادي" الذي يطرحه نتنياهو، وكان ضمن إستراتيجية الحفاظ على ما لدينا وعدم تقديم تنازلات جديدة أو الإقدام على مغامرات غير محسوبة في مرحلة غير مواتية، ولكن الخلل يكمن في أن ما سبق يمهد إلى الدعوات لقبول ما هو معروض على أساس أن ليس بالإمكان أفضل مما كان، حتى ولو من خلال "التواصل" مع الإسرائيليين على كل المستويات، بما فيها الأوساط اليمينيّة والاستيطانيّة والمتطرفة، في محاولة لإقناعها بإقامة دولة فلسطينيّة، حتى لو كانت على حساب قضية اللاجئين، ومنزوعة السلاح مع تبادلٍ للأراضي وترتيباتٍ أمنيّةٍ تُطمئِن إسرائيل على وجودها وأمنها في المستقبل القريب والبعيد.
    في هذا السياق، يغدو التطبيع مع العدو بكل أشكاله، خصوصًا الاقتصادي، هو الشكل الرئيسي، إن لم يكن الوحيد، للتعامل معه. فالتطبيع يراد له أن يحل محل الكفاح بكل أشكاله، وليس مهمًا هنا أن يكون الإسرائيلي الذي يتم التعاون معه مؤيدًا للحقوق الفلسطينية أم لا، مناهضًا للاحتلال أم داعمًا له، لأن التواصل مع الإسرائيليين ضروري لإقناعهم بالحقوق الفلسطينية، ولو أدى ذلك إلى تصفية هذه الحقوق أو التنازل عن بعضها أو تأجيلها حتى يظهر الشريك الإسرائيلي المستعد لتحقيقها.
    لقد بدأ تطبيق وجهة النظر بشكل جزئي منذ اتفاق أوسلو، وبشكل شامل ومنهجي منذ عشر سنوات، بعد موافقة القيادة الفلسطينيّة على خارطة الطريق، التي أعطت الأولويّة للأمن الإسرائيلي، حيث تغيرت طبيعة الصراع، وأخذ يعبر عنه وكأنه نزاع حول الأراضي، أو بين طرفين متساويين، أو حول طبيعة السلام وشكله، والترتيبات التي سيتم الاتفاق عليها، أو لتحقيق حل الدولتين، أو أنه صراع بين المتطرفين والمعتدلين من الجانبين، أو بين الإرهاب ومعسكر معاداة الإرهاب، حيث مطلوب من (الفلسطيني الجديد) إثبات معاداته للإرهاب (المقاومة) حتى النخاع.
    لماذا لا يمكن الجمع بين الحصول على رغيف الخبز والحياة الكريمة وبين النضال لاستعادة الحقوق؟ لأن تفضيل الرغيف على الحقوق أدى إلى إهدارها وعدم تأمين حياة كريمة أيضًا، بينما النضال الفلسطيني يمكن أن يحقق الأمرين معًا.
    في هذا السياق، من الطبيعي أن نجد أنصار "التطبيع المنفلت من كل القيود" يدعمون استئناف المفاوضات من دون شروط، بحجة أن هذا يمكن أن يحرج إسرائيل ويظهرها أمام العالم، وخصوصًا الولايات المتحدة الأميركيّة، بأنها المعطّل للسلام، وكأن العالم لا يعرف هذا الأمر بعد عشرين سنة مضت على أوسلو، بينما هو في الحقيقة يفتح طريق "السلام الاقتصادي" الذي يحقق لهم المزيد من النفوذ والثروة.
    كما رفض هؤلاء التوجه إلى الأمم المتحدة، لأنه سيقود إلى مواجهة مع الإدارة الأميركيّة، أما من أيده منهم ففعل ذلك على أساس توظيفه كتكتيك يهدف إلى الضغط من أجل العودة إلى استئناف المفاوضات الثنائيّة برعاية أميركيّة انفراديّة، وليس من أجل شق بديل من هذه المفاوضات.
    نفس التعامل هذا جرى ويجري مع المصالحة والمقاومة الشعبيّة ومقاطعة الاستيطان، فكل هذه الشعارات مجرد تكتيكات للضغط من أجل العودة إلى استئناف المفاوضات، بالرغم من أن الجميع بات يدرك أنها لا يمكن أن تقود إلى حل وطني، ولكنها مطلوبة حتى لا تسير الأمور نحو مجابهة متصاعدة، يتم فيها السعي لعزل إسرائيل ومقاطعتها وفرض العقوبات عليها، واستخدام الفلسطينيين لبدائل متنوعة سياسيّة وكفاحيّة تجعل الاحتلال مكلفًا لها بدلًا من أن يبقى، كما هو الآن، احتلالًا رابحًا، "احتلال خمس نجوم".
    علينا ألا نتفاجأ بهذه النتائج المُرَّة، لأن أوسلو لم يؤد إلى ضربة قاصمة لوحدة القضيّة والأرض والشعب، وفصلها عن بعضها البعض، وتقسيم كل واحدة فيها إلى أقسام، والأقسام إلى تفاصيل، ولا إلى التخلي عن أشكال النضال قبل أن تحقق أهدافها فحسب؛ وإنما أدى إلى نشوء بنية اقتصاديّة اجتماعيّة يتصدر فيها أفراد وشرائح داخل السلطة وخارجها من المستفيدين الذين ازدادوا غنًى ونفوذًا في مرحلة أوسلو، بينما أغلبيّة الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة ازدادوا فقرًا.
    يحاول أنصار وجهة النظر تبريرها بأنها كفيلة بتوفير فرص عمل للفلسطينيين، فشيء أفضل من لا شيء، خصوصًا في ظل ازدياد الوضع الاقتصادي تدهورًا. ففي الحقيقة، هذه السياسة لا تؤدي إلى حل اقتصادي، ولكنهم يمهدون الطريق أمام جون كيري الذي وعد برزمة مشاريع اقتصاديّة ضخمة بعد أن عجز عن تحقيق أي تقدم سياسي جوهري؛ لعل الفلسطينيين يقبلون بهذه الرشوة التي لن تكون سخيّة كما يتم الترويج لها، وسيحصد الحصة الرئيسية منها أفراد وشرائح قليلة، وستكون هذه السياسة إذا اعتُمِدت بديلًا من النضال لإنهاء الاحتلال وتجسيد حقوقه الوطنية.
    نعم، الفلسطيني بحاجة لِأَنْ يعيش ويحيا ويعمل ويفرح ويغني ويتعلم ويتعالج ويتطور نحو الأمام، كما هو بحاجة لأن بلاده تحت الاحتلال إلى النضال لإنهائه، خصوصًا بعد فشل ما يسمى "عملية السلام"، ولا يمكن أن نضعه في مقايضة بين حقوقه ومتطلبات الحياة الكريمة، وأن من يفعل ذلك يساهم بوعي أو من دون وعي في تبرير الخضوع للاحتلال والتعايش معه تحت عنوان "التواصل" مع الإسرائيليين لكسبهم إلى جانب الحق الفلسطيني.
    إن أكثر من عشرين سنة من التطبيع بأشكاله لن تزيد من معسكر السلام في إسرائيل ولا إلى اعتدالها، وإنما إلى المزيد من تطرفها وتعميق احتلالها وعنصريتها وعدوانيتها. فمن يريد أن يؤثر بالعدو ويزيد تناقضاته عليه أن يكون قادرًا على التأثير، وحتى يكون قادرًا يجب أن يكون فاعلًا وموحدًا وحاملًا لرؤية قادرة على التأثير ومستعد للنضال من أجلها والتضحية في سبيلها.
    إن السياسة اقتصاد مكثّف وهما وجهان لعملة واحدة، وحتى يكون الاقتصاد الفلسطيني في خدمة الفلسطينيين يجب أن يكون في خدمة السياسة، وليس قائدًا لها، وحتى يكون في خدمتها يجب أن تكون مكوناته وهيكله وأولوياته تمكن المواطن من الصمود والحياة الكريمة في ظل تكافؤٍ للفرص وعدالة اجتماعية، ومكافحة للفساد وكل أشكال الهدر، وتمكن المؤسسة السياسية من الصمود وتوسع مجال خياراتها وهامش المناورة لديها.
    فلا يمكن أن نكون تحت الاحتلال وفي حالة صراع مرشحة للتدهور، وأن نضع خططًا سياسية واقتصادية على أساس أننا في حالة سلام أو مقبلين عليه. ولا يمكن للاقتصاد أن يكون مدخلًا للسياسة وللتعامل مع إسرائيل إذا لم يكن الفلسطينيون على نفس المستوى لجهة أن تكون لديهم دولة مستقلة واقتصاد غير تابع للاحتلال.
    عندما يتحول رجل الأعمال إلى سياسي والسياسي إلى رجل أعمال، فهذا يعني أننا وصلنا إلى وضع لا نعرف فيه إلى أين نسير، وهذا أسوأ وضع يمكن أن نصل إليه.
    سابقًا، كنا نعتقد أن المقاومة المسلّحة هي الطريق فوصلنا إلى أوسلو، ومنذ أوسلو أعتقد البعض منّا أنّ المفاوضات الثنائيّة هي الطريق، فوصلنا إلى الكارثة التي نعيش فيها، وبدلًا من التفكير في كيفيّة الخروج نجد من يصر على أن نتوغل بها أكثر وأكثر. فطريق الخلاص واضح، وبحاجة إلى رؤية قادرة على تحقيق وحدة وطنية وممارسة نضال فعّال ومتراكم من أجل الاستقلال الوطني وحق تقرير المصير والعودة.
    الثورة الفلسطينيّة المعاصرة لم تحقق أهدافها وارتكبت أخطاءً وخطايا، وتعرضت إلى هزائم، ولكنها استطاعت أن تحوّل القضيّة الفلسطينيّة من مسألة إنسانيّة إلى سياسيّة، والذي يجرى حاليًّا هو محاولات للعودة إلى الوراء، بحيث تتحول القضيّة الفلسطينية إلى إنسانيّة؛ ما يسهل عمليّة تصفيتها عبر ما يَخْلُقُهُ الاحتلال على الأرض من حقائق احتلاليّة واستيطانيّة، تمهيدًا لفرض حلول انتقاليّة أو نهائيّة.


    دافوس البحر الميت : ليس لدى الرئيس من يفاوضه !
    رجب ابو سرية/الأيام
    لا ندري إن كان قد خطط السيد جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة، لتتوافق زيارته لكل من رام الله وتل أبيب، مع توقيت عقد منتدى الاقتصاد العالمي، على الجانب الأردني من البحر الميت، أم أن الأمر جاء هكذا، لمجرد توفير عناء أو مشقة السفر على الوزير الأميركي، بحيث يجري مهمته بلقاء أطراف الملف الفلسطيني / الإسرائيلي، ويشارك في ذلك المنتدى، بزيارة واحدة !
    لكن أهمية الأمر لا تكمن في هذا الجانب الذي هو في الحقيقة ليس شكليا، ولكن في الأفق الذي يحدد مسار العملية التفاوضية، التي يجري البحث في كيفية إطلاقها مجددا بين الجانبين، فوجود كيري والرئيس عباس في المنتدى الاقتصادي، يؤكد إشارة ربط العملية السياسية بالأبعاد الاقتصادية، حيث لا تخفي الأطراف، ومنذ عشرين سنة تفاوض، محاولاتها إغراء المتفاوضين السياسيين بجزرة المشاريع المشتركة وبالفوائد الاقتصادية التي يمكن أن تنتج عن السلام، الذي يمكن أن يتحقق بنتيجة التوصل الى الحل السياسي.
    فمنذ التوصل إلى أوسلو، وبهدف إقناع الشعب الإسرائيلي بها، تم شق طريق اقتصادية، من خلال متعددة الأطراف، الى جانب طريق المفاوضات السياسية، حينها في أول اجتماع للمتعددة وكان في الأردن، فاخر شمعون بيريس، عراب أوسلو عن الجانب الإسرائيلي بأن إسرائيل في ذلك العام 1995، بلغ مجموع إنتاجها القومي ما يعادل الناتج القومي لأكبر دولة اقتصادية عربية، وهي المملكة السعودية، بعد ذلك توقفت المتعددة، وربما كان توقفها أحد أسباب فشل أوسلو في نهاية الأمر.
    لكن إسرائيل، التي كانت قبل عقدين من السنين، تتطلع الى أموال الخليج العربي، والى أن يكون أوسلو جسراً للعبور إلى تلك المنطقة، التي تعد من أغنى مناطق العالم، لم تعد تلك الدولة، التي تبحث عن أسواق لتسويق منتجاتها الزراعية والسياحية، فهي الآن على عتبة أن تبدأ إنتاج وتصدير أكبر احتياطي عالمي من الغاز الطبيعي، المكتشف على سواحلها الإقليمية في البحر المتوسط، والذي سيجعل منها واحدة من أغنى دول العالم، إضافة إلى قوتها العسكرية، المتحققة ليس فقط بما تملكه من أسلحة تقليدية، ولكن مما لديها من قنابل نووية، خارجة عن إطار الرقابة الدولية.
    إغواء الاقتصاد بات أمرا تلوح به إسرائيل للجانب الفلسطيني، بل وتعرضه كحل للصراع، بدلا من الحل السياسي، وربما ايضا كان إغواء للجانب الأردني، الذي تتطلع إسرائيل الى حل المسأله الفلسطينية، من جانبها السياسي فوق أراضيه، بحيث أن دخوله ضمن دائرة التفاوض والحل، يسهل حل المأزق السياسي المستعصي، بسبب اصرار الفلسطينيين على رفض، مقترحات الدولة المؤقتة، والحل المؤقت، والأردن كما السلطة الفلسطينية يعانيان حاليا من اوضاع اقتصادية غاية في الصعوبة، لذا فربما كان فشل كيري في لقاءاته السياسية قبل أيام، في التوصل الى اتفاق على إطلاق المفاوضات، قد وجد ضالته في لقاء "دافوس البحر الميت"، للقول إنه نجح في جمع الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة مع وجود الرئيس عباس والرئيس بيريس، ولكن المشكلة تكمن في أن عباس وافق على المشاركة في هذا المؤتمر، آملا في أن يشكل العقلاء من رجال المال والأعمال الإسرائيليين، أداة ضغط على الحكومة اليمينية، للموافقة على مفاوضات سياسية حقيقية، فيما حضور بيريس، الرئيس الشكلي، لا يعني أن المستوى السياسي الإسرائيلي قد شارك في اعمال المؤتمر الاقتصادي. رغم ان كلا من عباس وبيريس، هما عرابا أوسلو قبل عشرين عاما، لكن عباس الذي صار اليوم رئيسا مقررا على الجانب الفلسطيني، لا يجد من يفاوضه على الجانب الإسرائيلي، فبيريس لم يعد يتمتع بأية اهمية سياسية في اسرائيل، رغم أنه رئيس دولة إسرائيل !
    حديث المؤتمر عن حل الدولتين وعن ضرورة إنجاح مهمة كيري، هو ما كان يبحث عنه كل من الرئيس عباس والسيد كيري، فيما نحو عشرة آلاف رجل أعمال يمثلون خمسين دولة، كانوا يبحثون عما يمكن عمله تجاه اقتصاديات دول المنطقة، جراء الخراب الذي حل فيها نتيجة "الربيع العربي"، ولعل حديث كيري عن خطة لإغاثة الاقتصاد الفلسطيني، مدتها ثلاث سنوات، من شأنها تعزيزه بنسبة 50% وتخفيف البطالة بنسبة الثلثين، ورفع الرواتب بنسبة 40%، يشبه وعد فياض قبل خمس سنوات، لكن كيري ودرءاً لسوء ظننا المحتمل، أشار إلى أن هذا يعتمد على استمرار عملية السلام، ولم ينس أن يؤكد حل الدولتين!


    تدخل حزب الله في سورية غير مشروع
    مهند عبد الحميد/الأيام
    تحت عنوان (نصرالله "وحق التدخل" في سورية) كتب الزميل والصديق حسن البطل يقول: "أراني مؤيّدا لتدخل مغاويره في سورية. لماذا؟ إذا كانت سورية أولى الاخرين بلبنان. فإن حزب الله أولى المتدخلين العرب والاقليميين والاجانب في سورية. لماذا لا ؟ انه سيدافع عن حليفه السوري كما دعم الحليف السوري كفاح الحزب ضد إسرائيل في لبنان، وكما تدعم ايران حليفها السوري.. ويضيف البطل : "نعم من حق حزب الله أن يتدخل في سورية اكثر ما يحق للاخرين من المنادين بمناطق آمنة داخل سورية، أو مناطق حظر طيران في سمائها، او حق إسرائيل في إسقاط النظام".
    دعنا ايها الصديق ننطلق من معايير مبدئية لتقييم كل أنواع التدخل في سورية. فلا يعقل التسليم بتدخل حزب الله في الحرب الدائرة داخل سورية فقط لمجرد وجود تدخلات أخرى مباشرة وغير مباشرة. ولا يجوز النظر لتدخل حزب الله كنوع من رد الجميل لنظام الاسد الذي دعم مقاومته ضد احتلال الجنوب وضد عدوان 2006 لطالما ان الطرف المتضرر هوالشعب السوري.
    المعيار الاول: هل تدخل حزب الله مشروع ام غير مشروع؟ وهذا يعيدنا الى تعريف الصراع الدائر في سورية. لا غضاضة من القول بأن انتفاضة وثورة الشعب السوري ضد النظام مشروعة. من حق الشعب الذي يعيش في كنف نظام ديكتاتوري ان يطالب باحترام حقوقه في الحرية والديمقراطية والعمل والمساواة ...الخ وكلنا يعلم ان النظام لم يستجب لكل المطالب، وفوقها نكل بكل من طالب او انتقد او دعا لهذه المطالب أو ببعضها. ومن يتشكك بسياسات النظام القمعية القهرية عليه ان يراجع الانتهاكات المدونة لدى منظمات حقوق الانسان، وشهادات المعتقلين وكتاباتهم، وبخاصة رواية "القوقعة" يوميات متلصص لـ مصطفى خليفة، وخيانات اللغة والصمت لفرج بيرقدار وغير ذلك من مراجع موثقة وموثوقة.
    كما ثارت الشعوب العربية ضد أنظمتها المستبدة والفاسدة والتابعة وكانت ثوراتها مشروعة وعادلة، بالمثل ثار الشعب السوري ضد نظامه المستبد الديكتاتوري الوراثي وكانت ثورته مشروعة. كما ان امتناع الجنود السوريين عن تنفيذ أوامر القمع الدموي وانشقاقهم وانحيازهم الى صف شعبهم ودفاعهم عنه وانتظامهم في مؤسسة الجيش الحر كان ايضا عملا دفاعيا مشروعا. الفعل الذي لم يكن مشروعا هو القمع الدموي والعقوبات الجماعية والبطش الوحشي الذي مارسه النظام ضد التمرد السلمي العفوي على امتداد نصف العام الاول من الثورة وما بعد ذلك ضد الثورة بمختلف أساليبها. حرب النظام ضد الشعب باستخدام كل الاسلحة الثقيلة غير مشروعة ابدا وعدوانية، وبفعل هذه الحرب العدوانية الظالمة فقد النظام شرعيته في مزاولة حكم الشعب السوري.
    إذا كانت حرب النظام ضد "شعبه" الشعب السوري غير مشروعة، فإن تدخل حزب الله الى جانب النظام ضد الشعب السوري بالقطع غير مشروعة وعدوانية، وتحصيل حاصل غير عادلة. ان العنصر الجوهري والمعيار الحاسم الذي جرى تغييبه من الصديق البطل ويجري تغييبه ايضا من قبل جميع المؤيدين والداعمين للنظام الديكتاتوري، هو مصالح الشعب السوري وحقوقه وفي مقدمة ذلك حقه في الحياة والعيش في أمان وحرية وكرامة. ان الذين لم يرف لهم جفن إزاء قتل أكثر من 80 الف سوري وتشريد 5 ملايين اكثريتهم الساحقة من الابرياء واعتقال عشرات آلاف المواطنين والمواطنات وارتكاب المجازر وجرائم الاغتصاب وتدمير المدن والاحياء والبلدات. هؤلاء يبررون مواقفهم بالدفاع عن سورية، وسورية بالنسبة لهم هي النظام الوراثي الدائم. يدافعون عن الوطن من خلال تأييدهم لاستباحة شعب هذا الوطن من قبل النظام. فالغاية هنا تبرر الوسيلة. الوطن هو النظام وهو كل شيء والشعب لا شيء. هؤلاء يبررون قمع ستالين الدموي لمعارضيه ولشعوب الاتحاد السوفييتي سابقا لانه دافع عن الوطن ضد النازية، وحقيقة الامر فإن ستالين دافع فعلا عن الوطن السوفييتي، لكن دفاعه لا يبرر ابدا قمعه وقتله لكل معارضيه، ولا يسوّغ أبدا نظام حكمه الديكتاتوري الشمولي الذي قاد الى الانهيار. بالمقياس ذاته يبرر المدافعون عن نظام الاسد قمعه الدموي للشعب السوري لانهم يعتقدون انه يدافع عن سورية! وحقيقة الامر لم يدافع هذا النظام عن سورية في كل المرات التي تعرضت فيها للعدوان بعد حرب تشرين 73 خلافا لستالين. ان وطنية اي نظام حكم لا تبرر ديكتاتوريته بكل المقاييس. لا تبرر استمراره بالحكم الى ما لا نهاية ولا تبرر تزوير الانتخابات وتحويلها الى طقس عبثي مثير للسخرية.
    ما ينطبق على تدخل حزب الله، ينطبق على التدخلات الاخرى، فكل التدخلات المذهبية والطائفية التي تدفع باتجاه استبدال نظام مستبد بنظام اكثر استبدادا وظلامية هي تدخلات غير مشروعة وعدائية ومرفوضة ومدانة وتنتمي الى الثورة المضادة. التدخلات التي تغذي استمرار نزف الدم وتشريد السوريين ومضاعفة معاناتهم وتدمير الدولة السورية والبنية التحتية التي تعيد علاقات التبعية والسيطرة هي تدخلات غير مشروعة وعدائية ومرفوضة.
    يبقى القول، للشعب السوري حق تأمين الحماية ليس على طريقة الناتو الذي دمر ليبيا، بل من خلال إجبار النظام على وقف استخدام القوة بكل أشكالها، مع وقف التدخلات الداعمة للثورة المضادة. وتشكيل قوة حفظ سلام من دول لم تشارك في الصراع، تشرف على تمكين الشعب السوري من تقرير مصيره بنفسه ضمن جدول زمني محدد يضمن حرية الاختيار والانتخاب، ويضمن وقف ألاعيب النظام وطرقه المسفة في التزوير والوصاية.
    بكلمة اخيرة، من المفترض ان نكون ضد كل انواع التدخل الرجعي والمعادي والطائفي، بما في ذلك تدخل حزب الله وأن نكون مع الشعب السوري وقواه الديمقراطية والثورية المستقلة. ضد ثنائية نظام مستبد من جهة وأصولية مدعومة من الخارج من جهة اخرى. من المفترض ان نكون مع خيار ثالث هو خيار حرية واستقلال الشعب السوري.

    رسالة الي ابناء حركة فتح
    سري القدوة/وكالة معا
    الي اخوتي المناضلين في حركة فتح

    الي من عرفتهم ومن لا اعرفهم

    اليكم يا ابناء الطلقة الشجاعة والكلمة الصادقة

    اليكم يا ابناء الغلابة

    اليكم يا فرسان العاصفة

    اليكم يا نهر العطاء المتجدد فينا

    تحية الفتح .. تخية الثورة .. تحية فلسطين الدولة ...

    ما اصعب ان يهان الثائر ويفقد القائد البوصلة .. ما اصعب ان نبكي علي الاطلال وان يتغني فينا الماضي دون حاضرنا .. ما اصعب ان نبحث عن لقمة العيش بين اوجاعنا وما اصعب ان نفتقد طعام اطفالنا .. وما اصعب ان نعيش غرباء في وطننا .. وما اصعب ان تكون غريبا في منفي اجباري .. وما اصعب ان تفتقد شراع التغير ..

    حينا اذ تكون مجرد رقم في سجلات الموتي وتقف في طابور الموت بانتظار تابوت الدفن فيكون التراب مثواك الاخير ..

    هذه مجرد ثرثره لم تكتمل ولم اتجرأ بعد علي كتابة الحقيقة وبين الكل وهمنا الوطن تكمن حقيقة الوجع الفلسطيني ..

    هذه مجرد كلمات تمردت علي الذاكرة العفنة لتخرج من عجزي الصامت بين اوجاع غربتي والمي وتمردي الذي لم يكتمل بعد فيكون العجز الذي نعيشه مجرد خنوع للاصنام البائدة ولتكتشف بعد انك تعيش في عصر ابره الحبشي والمعلقات الذهبية ...

    لم اتعلم لغة العجزة ولم اعرف يوما لغة الاشارة ولكن كانت للغة العربية معني السحر عندما تعبر الكلمات عن صمتك وتري الليل مع ضوء الفجر الساطع في وسط الظلام ..

    انها مساحة الحلم .. فقط حلم يراود ضعفي ليس الا ..

    فقط من حقنا ان نحلم بميلاد يوم الفتح المتجدد فينا مع ايام العاصفة ورحلة البدايات .. فانتم رجال الفتح وابطال العاصفة وانتم فرسان الياسر .. وانتم ابناء فلسطين .. ابناء حركة فتح التي فجرت الثورة وفجرت الانتفاضة والتي بنت وتبني الدولة ..

    فقط من حقنا ان نحلم ... نحلم في يوم يكرم فية شهدائنا ويكرم فية مناضلينا ويوما نحترم فية من سبقونا علي الدرب شهداء ..

    عاشت الفتح والمجد للثورة ..

    ومن نصر الي نصر وانها لثورة حتي النصر

    لا مقايضة على الحقوق الوطنية الغير قابلة للتصرف
    زهران أبو قبيطة/وكالة معا
    ان الانظمة العربية تتجاهل ما تتعرض له القدس خاصة والاراضي الفلسطينية عامة من خطر التهويد التي اصبح هدفها وسلم أولوياتها اسقاط النظام السوري لإبعاد انظار الرأي العام العالمي عن القضية الفلسطينية جوهر الصراع العربي الاسرائيلي.

    ان الدول العربية حين تتقدم بمشروع قرار للهيئة العامة للأمم المتحدة ضد سوريا يعني ان النظام العربي قد وصل للحضيض والانحراف عن البوصلة الحقيقية لأولوية الصراع مع إسرائيل ان النظام العربي الذي يتعامى عن القضية الفلسطينية ويتجاهل ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه ضد الشعب الفلسطيني ما يؤكد ان النظام العربي والجامعة العربية قد خرجت عن أهدافها وميثاقها بالدفاع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وعن حقوق الأعضاء المنتمين للجامعة العربية.

    وان الجامعة العربية أصبحت أداة تآمر على أعضائها الأمر الذي يؤكد انهيار الجامعة العربية بالاستحواذ والهيمنة هدفه وغاياته تنفيذ المشروع الأمريكي الصهيوني الهادف لتحقيق امن وترسيخ الوجود للكيان الإسرائيلي وتصفية القضية الفلسطينية، وان ما يجري في سوريا صناعة النظام العربي خضوعا وامتثالا لأوامر أمريكية تنفيذا لمخطط أمريكي صهيوني يستهدف تدمير الدولة السورية وتقسيم سوريا الى دويلات طائفية متناحرة، ان النظام العربي الذي تعامى عن ما تتعرض له القدس وما يتعرض له الأقصى من عدوان وتدنيس من قبل المستوطنين الإسرائيليين وما تتعرض له الأراضي الفلسطينية المحتلة من هجمة استيطانيه تتهدد الأراضي الفلسطينية والوجود الفلسطيني.

    الجامعة العربية لم تبادر بمشروع قرار يدين ممارسات إسرائيل، في حين خرجت بقرار لدعم المجموعات المسلحة في سوريا وسمحت لأعضاء الجامعة العربية بتقديم السلاح لها، النظام العربي يحجم عن تقديم الدعم المالي لصمود وتدعيم أهالي القدس ويتجاهل جرائم إسرائيل بحق الأقصى وتهويد القدس والأرض الفلسطينية المحتلة، وأصبحت أولوياته التآمر على سوريا، لا غرابة ان يتصادف مشروع القرار القطري المقدم للهيئة العامة للأمم المتحدة للتصويت عليه في ذكرى نكبة فلسطين، كان الأجدر والأولى في دولة قطر بصفتها رئيس القمة العربية ان تتحرك بمشروع قرار يندد بإجراءات إسرائيل تجاه ما تتعرض له مدينة القدس وما يتهدد المسجد الأقصى من خطر التقسيم بموجب ما صدر عن ما يسمى بوزارة الأديان الإسرائيلية التي تبحث إصدار مشروع قرار يسمح لليهود بالصلاة بالمسجد الأقصى.

    كان من الواجب ان تتحرك الدول العربية بمشروع قرار للأمم المتحدة لإدانة إسرائيل ووضع حد لتصرفاتها وأعمالها المخالفة للقانون الدولي ولاتفاقية جنيف ولائحة لاهاي وان تصر الجامعة العربية بمشروع قرارها لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين لأكثر من خمسة وستون عاما، مشروع القرار القطري بالصياغة العربية بالتوقيت الذي يصادف ذكرى نكبة فلسطين يؤكد ان النظام العربي تجاهل ذكرى نكبة فلسطين وهو يستهدف سوريا بنكبة جديدة لتتناسي القضية الفلسطينية، ان حقيقة موقف الجامعة العربية من القضية الفلسطينية عبر عنه رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حين وصف الموقف العربي الرسمي بالنعاج تجاه بحث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزه في (عملية عمود السحاب) ، هم حقيقة نعاج في موقفهم فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني اسود في تدمير سوريا بالدعم الأمريكي الصهيوني ولا يملكوا سوى المقايضة على الحقوق الوطنية الفلسطينية.
    لقد تعرى النظام العربي وتكشفت حقائقه ولا بد من وقفه عربيه من قبل الشعوب العربية لمواجهة التآمر الذي تتعرض له القضية الفلسطينية وخطر استمرار تهويد القدس وتقسيم الأقصى ألامه العربية مطالبه بالتحرك الجماهيري لتصحيح بوصلة الصراع الطائفي الذي تسعى اسرائيل جاهدة لتأجيجه وما صدر عن مؤتمر هرتسيليا الثالث عشر الذي وضع في سلم أولوياته تأجيج الصراع المذهبي الديني وتقسيم المنطقة إلى محور الاعتدال الذي يضم غالبية النظام العربي ويعتبر سوريا وإيران وحزب الله محور الشر ، ان معادلة الصراع في المنطقة أصبحت واضحة ومكشوفة وان السماح بالتدخلات الأمريكية الإسرائيلية الأوروبية بالشأن العربي هو ضمن المؤامرة التي تستهدف الأمن القومي العربي وتستهدف تدمير الدولة السورية لصالح الأمن الإسرائيلي.

    ما هدفت قطر لتحقيقه من مشروع قرارها المقدم للهيئة العامة للأمم المتحدة هو استمرارية الإبقاء على الصراع في سوريا واستمرارية استنزاف مقدرات الدولة السورية والهدف تدمير القوه العسكرية السورية باستهداف قدرات الجيش العربي السوري لصالح امن إسرائيل وتحقيق مصالح أمريكا الاستراتيجية، تخشى قطر وحلفائها نتائج حسم الصراع على الأرض من قبل الجيش العربي السوري الأمر الذي يعني سقوط المشروع الامريكي الذي هدفه إضعاف قدرات ألامه العربية لصالح إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية ضمن استمرارية العمل على الانقسام الفلسطيني وفصل قطاع غزه عن الضفة الغربية ضمن الرؤيا العربية لحل القضية الفلسطينية في ظل سياسة المقايضة التي ينتهجها النظام العربي بالتنازلات المجانية لإسرائيل.


    الدم والبارود لغة العرب الفصحى ...
    د. مصطفى يوسف اللداوي/وكالة سما
    لم يعد لدى العرب لغةً يتفاهمون بها فيما بينهم غير السلاح، فهي الوسيلة الأسرع، والأسهل استخداماً، والأكثر أثراً، والأبلغ وعياً، والأجدى تغييراً، والأوفر وجوداً، رغم أنهم أهل الفصاحة والبيان، وأرباب الكلمة واللسان، ينظمون شعراً كالدر، ويقولون نثراً كالجمان، ويباهون بلغتهم، ويعتزون بحكمتهم، ويتفاخرون بحلمهم، ويحفظون عن سلفهم أعظم الأشعار، وأصدق الحكم، إلا أنهم تخلوا عن تركتهم، واستغنوا عن حكمتهم، وأعيوا لسانهم، وسمموا بيانهم، وضربوا عرض الحائط بثراتهم العظيم، واكتفوا بالسلاح حكماً، وبالقوة فيصلاً، وجعلوا نيرانها العمياء تأكل الأخضر واليابس، وتقتل الصالح والطالح، وأصبح البليغ فيهم من يطلق النار أكثر، والفصيح من يقتل من أهله أكثر، وذلق السان من يقتلةً غيلةً وغدراً، ويذبح حقداً ولؤماً.

    التفاهم بالسلاح لا يحتاج إلى علم، ولا يتطلب الدراسة، ولا يلزم حامله أن يكون صاحب شهادة، أو أن يتميز بالفقه والثقافة، فقد يحمل السلاح حافي القدم، ومرقع الثياب، ومنكوش الشعر، ومن لا يغسل وجه، ولا ينظف أسنانه، ولا يزعجه رائحة العرق، ولا عفونة الثياب، ويحمله من لا يعرف شكل الحرف، ولا يميز رأس الصفحة من ذيلها، ولا يعرف العربية من غيرها، يمسك ببطاقة الهوية بالمقلوب، ولولا الصورة التي عليها لما تمكن من إدراك أنها مقلوبة، وقد يسأل حاملها أذكرٌ أم أنثى، وقد يتوه بين رقم السيارة ورقم بطاقة الهوية، فيشتاط غضباً إذ يختلفان ولا يتشابهان، وويلٌ لمن ابتسم لهم فإنه يتهم بالتهكم ويقتل، وويلٌ لمن تشابه اسمه مع غيره فإنه يعدم، وويلٌ لمن شهد عليه ملثم، أو أشار إليه مقنع، فإنه يجر ويسحل.

    السلاح في بلادنا متوفرٌ بكثرة، لكنه من نوع السلاح الذي يقتلنا ولا يجرح عدونا، ولا يلحق به ضرراً أو يسبب له ألماً، إنه من النوع الذي يقتحم بيوتنا، ويفجر تجمعاتنا، ويقضي على أحلامنا، ويدمر مستقبلنا، ويقتل أهلنا دون تمييزٍ بين طفلٍ صغير وشيخٍ عجوز، أو بين امرأةٍ ورجل، أو مقاتلٍ ومسالم، أو صامدٍ وهارب، أو باقٍ ولاجئ، أو مواطنٍ وزائر، فسلاحنا أعمى لا يميز، وضالٌ لا يهتدي، وأرعنٌ لا يفهم، يقتل بالجملة، ويعصف بأهل الحارة وسكان المدينة، ويدمر المسجد والمدرسة، ويخرب الأسواق والأزقة والحواري، إنه سلاحٌ أعمى بغيض، مخصصٌ لنا، نشتريه بأموالنا ليقتلنا، وندفع ثمنه من حليب أطفالنا لييتمنا، نحرم أنفسنا من ملذات الحياة ومظاهر العيش والترف، لنشتري به السلاح الذي يمزق أجسادنا، ويبعثر أجسامنا، ويحرق بيوتنا، وينهي آمالنا في مستقبلٍ آمن.

    رائحةُ البارود أصبحت تزكف الأنوف، تنتشر في كل مكان، تحمل معها البؤس والفقر، وتنقل إلينا الجوع واليأس، والوجوه أصبحت كئيبة، والنفوس حزينة، والثياب مغبرة، تلافيق مختلفة، لا شئ يجمعها أو ينسقها، إذ لا وقت لهندامٍ، ولا نفسَ راغبة لكويٍ أو تنظيمٍ وترتيب، تقرأ في العيون صور الشقاء، وتدرك من الهيئات الأجساد المنهوكة، والأجسام المتعبة المكلومة، وتلمس من حركة الأقدام المتعثرة درجة اليأس والقنوط التي أصابت الناس، وقد ترك البارود آثاره على كل شئ، فما من حجرٍ إلا وفيه بقية رائحة، وما من ثوبٍ إلا ويسكنه البارود، ويعشعش في جيوبه وبين ثنايا خيوطه المنسوجة، وقد عرف الأطفال رائحته فخافوه، وأدركوا أنه يحمل معه الموت ويسبب اليتم فكرهوه، وأنه يخلف الدمار، ويعيث في الأرض الفساد فرهبوه.

    البارودُ تسبب في عفونة الهواء، وتغيير الأجواء، فقد أبقى على آلاف الجثث ملقاةً في الشوارع، لا تجد من يدفنها ويواريها الثرى، ويكرمها ويسترها بالدفن، إذ أن قصف البارود يلاحق من يدفن، ويتحلف لمن يواري، وربما كثيرٌ ممن كانوا يدفنون القتلى لم يغادروا المدفن الذي حفروه، بل دُفنوا فيه مع من دَفنوا، وسكنوا القبور التي نبشوها لمواراة أهلهم، وعز عليهم أن يغادروهم فأبقاهم البارود إلى جوارهم، الذي لم يبقِ في الأرض متسعاً لآخرين، فقد امتلأ جوف الأرض بالقتلى، فما من مكانٍ إلا وأصبح قبراً، ولا أرضاً إلا وفيها جثثاً وبقايا أجساد، ولكن أحداً لا يعرف قبر ولده، ولا المكان الذي دفن فيه والده، أو أياً من أهله، فالقبور جماعيةٌ متشابهة، والجثث متداخلة ومتآكلة ومتعفنة، لا يعرفها أحد، ولا يميزها أهلٌ ولا أقارب، ولا جيرانٌ ولا معارف، ولا يوجد عليها أماراتٌ ولا شواهد.

    ألا ترون أن الأمم تتابعنا، والشعوب ترقبنا، والحكومات تغذ إلينا السير، تزودنا بالسلاح، وتمدنا بالمال لنتقاتل ونتحارب، فما أسرع الأعداء إلى نجدتنا بالسلاح المغشوش، وما أكثر المؤيدين لمزيدٍ من قتالنا، ولاستمرارٍ لاحترابنا، فقد والله احترقت بلادنا، واشتعلت النار في أثوابنا، وتزلزلت الأرض تحت أقدامنا، وقد كان حرياً برجالٍ يحقنون الدم، ويسكتون المدافع، ويوقفون إطلاق النار، ويسكنون الجراح، ويبلسمون الآلام، أفما من رشيدٍ يدرك أن روما العرب كلها تحترق وتلتهب، أم أن فينا نيرون آخر، لا تطيب لها الحياة إلا مع ألسنة النيران التي تلتهب، وأعمدة الدخان التي تتصاعد، وأعداد القتلى التي تتزايد.

    ألا ينبغي أن نعود إلى لغتنا العربية، وإلى حكمتنا اليمانية، وإلا إسلامنا العظيم، الذي يدعونا للسلم والرحمة، والتآخي والتحابب، والذي يحرم القتل، ويجرم الحرابة، ويدعو إلى الأمن والأمان والإجارة، والذي ينبذ الغدر والخيانة، ويحارب الحقد والكره والضغينة، والذي يدعو إلى العدل والإحسان، وإلى الحرية والكرامة، إلا نستجيب لتعاليم ديننا، ومصالح أمتنا نهلك ونموت، وإلا نعود إلى قيمنا ومبادئنا نندثر ونزول، فقد والله أعملنا السيف في رقابنا، وأثخناه في أجسادنا، حتى صار الدم منا أنهراً وبحاراً، وأصبحت الأرض قبوراً وأخاديداً، أما من عاقلٍ ينقذنا فيثلم السيف، أو يعيده إلى جرابه، أما من مخلصٍ مُخلِّصٍ ينقذ العباد والبلاد، ويعيد إليهم الأمن والأمان، والطمأنينية والسلم والسلام، أما لرايةِ الحق أن تعلو، ولبيارق الانتصار أن ترتفع، ولفلول العدو أن تنهزم، ولأماني الكارهين أن ترتد إلى نحورهم.

    تنميط غزة ..! ...
    أكرم عطا الله/وكالة سما
    لست من المعجبين بالفضائيات العربية التي تحترف مد أيديها في جيوب المواطنين واستغفالهم ببرامج سطحية استثمارية على نمط "أرب أيدول"، لكن نجاح فلسطيني بالوصول للتصفيات النهائية يجعل من تفاعل الفلسطينيين مع ابنهم مسألة لها علاقة بالانتماء الوطني ببراءته وطهرانيته فهم يحلمون برفع اسم فلسطين دوماً ويشعرون بالفخر حين يتردد اسم وطنهم في أشهر برنامج يتابعه الملايين في الوطن العربي.
    لهذا تبدو فكرة مهاجمة المتسابق محمد عساف خارجة عن السياق العام فيما تبدو عليه شوارع غزة من خلو أثناء بث البرنامج، والغريب أن ينشغل بعض خطباء المساجد بالتحريض على ضرورة إسقاط عساف "كضرورة دينية" وكأن نجاح ذلك الشاب الصاعد سيؤخر تحرير فلسطين، ولو كان هناك عقلاء وقرؤوا حركة الشوارع لسارعوا إلى إنقاذ الدين بإبعاده عن تلك المسألة لأن الناس ببساطة اختارت متابعة ودعم ابنهم "المحبوب"، فهي تضع الدين في موقف التضاد مع حركة وعواطف الشارع.
    لكن المسألة ليست بهذا التسطيح، فمشروع النجم الصاعد هو مشروع ثقافي مضاد لمشروع حركة حماس والتي تسعى بكل السبل لتنميط غزة "أي جعلها على نمطها"، وبالتالي فهي تكافح ضد كل ما هو مختلف عنها وهو ما درجت عليه منذ سيطرتها على القطاع واشتدت الحملة في الفترة الأخيرة سواء من يريد أن يحدد للناس كيف يسرحون شعرهم وآخر يحدد لهم شكل السروال الذي يلبسونه بمعنى أن يكون الفرد في قطاع غزة حتى بالشكل الخارجي مشابهاً للنموذج الذي تتخيله حركة حماس.
    ليس بعيداً عن ذلك قيام جهاز الأمن الداخلي بقطاع غزة باستدعاء الدكتور إبراهيم أبراش ومراجعته حول بعض آرائه التي تشكل مصدر إزعاج للحكومة منها ما كتبه عن قطر وزيارة القرضاوي لغزة، ويصل الأمر أن يطلب من كاتب كبير أن يكتب مقالاً يتحول فيه إلى ببغاء يردد فيه موقف حركة حماس وحكومتها وتلك تمثل ذروة إسقاط الكاتب، ولكن هذه تشبه القضية الأولى عملية تنميط سياسية طالما أن الحكومة ذهبت باتجاه قطر علينا جميعاً أن نسبح بمحمد حمد وإذا كانت الحكومة وقيادتها تبجل القرضاوي علينا جميعاً أن نصطف طوابير في استقباله ونردد ما يأتي في بيانات الحكومة بالرغم من أن الرجل مختلف عليه في كل الوطن العربي وليس مصدر إجماع، لكن في غزة ليس مسموحاً أن يقول الناس رأياً مختلفاً.
    إنها أسوأ عملية تنميط بل وأفشلها لمن يراقب مزاج الرأي العام في قطاع غزة، ولكن الحكومة لا تريد أن تتوقف أمام أكثر من مؤشر كان يدعوها لمراجعة هذه العملية ومنها المهرجان الذي أقيم بذكرى انطلاقة "فتح" الخصم اللدود لحركة حماس وتدافع مئات الآلاف ليس حباً في حضور الانطلاقة بقدر ما حمل رسالة احتجاج كبيرة لـ"حماس" على حكمها وسياساتها وإدارتها لقطاع غزة، وتكفي جولة لأي من مسؤولي الحزب الحاكم بقطاع غزة مساء الجمعة ليدرك أيضاً أن حملة التحريض التي شنتها حركة حماس ضد محمد عساف في واد والناس في واد آخر بعيد عن الحركة وموقفها.
    من حق الحزب الحاكم أن ينظر لمشروعه الثقافي، ولكن ليس من حقه استعمال القوة في ذلك وإذا ما قام باستعمال القوة فهذا يعني قصوراً في فهمه لطبيعة السلطة ويحتاج إلى عملية تثقيف بالدور الذي يلعبه، فالسلطة بمفهومها هي خادمة الشعب وليست حاكمته ورجال السلطة هم خدم وموظفون وليسوا سادة، هم ينفذون رغبات الناس وليس رغباتهم، يحافظون على إرث وهوية وثقافة المجتمع لا أن يستبدلوها بثقافتهم الخاصة، وهي محاولة بالتأكيد فاشلة لمن يقرأ التاريخ، ألم يحاول هتلر وصدام حسين وحركة طالبان والقذافي آخرهم تنميط مجتمعاتهم على أنماط اختاروها هم؟ فما النتيجة ؟ ذهبوا جميعهم وبقيت المجتمعات محافظة على هويتها الأصلية بتعدديتها التي فرضتها ظروف التاريخ والجغرافيا والمناخ والتجارب الشخصية الخاصة التي طبعت هوية كل شخصية أو كل جماعة وميزتها على الجماعات الأخرى.
    غزة بالذات كانت عصية على التطويع، تلك المنطقة الفقيرة الصغيرة المتمردة والمشاكسة تميزت بالتعدد منذ فجر التاريخ لم تتحول إلى مصرية حين حكمتها مصر ولم تتأسرل حين احتلتها إسرائيل بل قاتلت وقاومت ورفضت أن تكون طيعة للاحتلال، وعاقبت السلطة في الانتخابات حين شعرت أن السلطة لم تحكم كما تريد الناس، لم تكن خادمة بالمفهوم الحقيقي بل سلطة سيدة فأقالتها، والآن يبدو أن حركة حماس فهمت التفويض خطأ، انتخبت لتكون خادمة لا سيدة لتحمي وتصون ثقافة التعدد لا أن تقمع التعدد، تحمي أجهزتها الناس لا أن تصبح مصدر إزعاج وقلق وأداة خوف بالنسبة لهم وللتشكيك برجولتهم وكأن حارس الرجولة هنا وزارة داخلية تشكلت منذ سنوات قليلة ولم تنضج تجربتها بعد، فالناس تحرس رجولتها ولا تنتظر سلطة تقوم بهذا الدور، ففي سنوات الاحتلال سجل الفلسطينيون أساطير في المواقف والرجولة ولم تكن داخلية حركة حماس موجودة.
    لكن الرجولة لها مفهوم مختلف هنا هو الشكل الظاهر للشخصية النمطية الحمساوية أو كما تتصورها حركة حماس المهتمة كثيراً بالشكل الخارجي وقشور الشخصية. وللسياسة وكتابها مفهوم مختلف لدى حركة حماس هو أن يكتبوا كما تريد وللوطنية أيضاً مفهوم مختلف وهو الاقتراب أكثر من الحزب الحاكم .. هذه حالة غزة وسادتها وهي حالة تشبه الحالة العربية في مفهومها لممارسة الحكم وحتى لا نقسو كثيراً فالاستدعاءات في غزة لا تختلف كثيراً عن الاعتقالات السياسية في الضفة والتي تدق خلالها أجهزة الأمن مع نظيرتها بغزة أجراس الإنذار لتقول إن الأمور تذهب باتجاه مزيد من الدكتاتورية إذا لم يتوقف الأمر هنا وهناك، لكن الفرق بين سلطتي الضفة وغزة هو الفارق بين أنظمة الحكم الوطنية وأنظمة الحكم الإسلامية في المنطقة الأولى تصادر الحريات العامة والثانية تصادر العامة والخاصة.


    السياحة أبرز أساليب الصراع الثقافي في القدس
    حنا عيسى/PNN
    تعتبر مدينة القدس المحتلة إرثاً دينياً وحضارياً وتاريخياً، تحفل حاراتها وشوارعها وازقتها بالاماكن الدينية من كنائس ومساجد واديرة وتكايا، اضافة للعديد من المقامات والمزارات والمتاحف والمكتبات، حيث يوجد فيها حوالي 742 موقعًا، بما في ذلك 60 موقعًا أثريًّا رئيسا، وحوالي 682 معلمًا تراثيا كالقبور والكهوف والقنوات وبرك المياه والمنشآت الصناعية، إضافة إلى ما يربو عن 700 مبنى تاريخي، جعل منها قبلة للسياح من شتى بقاع الارض، للوقوف على حضارات تعاقبت، وامم تلاحقت للسكن في هذه البقعة المقدسة من الارض.

    واعتبر القطاع السياحي في القدس مصدر رزق لعدد كبير من التجار المقدسيين، لاعتماد تجارتهم على نوعين من السياحة: سياحة داخلية بحيث يتوافد للمدينة الزوار من جميع القرى والمدن المحيطة، وتعتمد عليهم المدينة كقوى شرائية منعشة للاقتصاد فيها، وسياحة خارجية بشقها التاريخي لأهمية المدينة على مر العصور، والديني وهو الأهم كون المدينة تعتبر مهدٌ للديانات السماوية الثلاث، وقد بقي هذان النوعان من السياحة يثلجان قلب التجار المقدسيين حتى عام 1967 واحتلال المدينة المقدسة.

    ولكن المحتل الاسرائيلي الغاشم باحتلاله وما اقامه من تجمعات وبؤر استيطانية، وما بناه من جدران اسمنتية احطات القدس وكبلتها، شوه هدوء المدينة وروعتها، وحجب جمالها عن العالم بأسره لتكون مدينة حصرية لليهود، حيث يعملون ليل نهار على سرقة تاريخها العربي وحضارتها الاسلامية، وتزوير حقائقها ومعالمها لتصبح القدس كما يتمنون ويحلمون، حاضنة لكنسهم وحدائقهم التلمودية ، حيث تسبب عزل الاحتلال للمدينة المقدسة عن محيطها عقب توقيع اتفاقية اوسلو عام 1993، الذي أجل قضية القدس للمفاوضات الأخيرة، باغلاق نحو 37 متجرا، واضعاف نحو 50 ٪ من قوتها الشرائية، لتسطر حكاية معاناة القطاع السياحي في مدينة القدس.

    وجراء سياسات الاحتلال وسلطاته ومخططاته التهويدية، اصبحت القدس مغلقة، لا يدخلها الا من ارادت له اسرائيل الدخول، لتصبح حلم الكثيرين وهاجس المئات... حيث يعتبر استمرار الاحتلال من أهم المعيقات التي تواجه نمو القطاع السياحي في القدس والأراضي الفلسطينية عموما؛ فهي تحول دون استغلال الموارد السياحية في القدس، ولذلك فإن زوال الاحتلال هو شرط أساسي لربط القطاع السياحي بتنمية اقتصاية مستدامة. حيث يتم رفض منح التراخيص لإنشاء أو توسعة الفنادق وعدم منح التسهيلات المالية من البنوك ثم منح الأفضلية التنافسية لقطاع السياحة الصهيوني كالقروض طويلة الأجل والإعفاءات الضريبية، اضافة الى أن الاحتلال يسيطر على جزء مهم من الموارد السياحية في القدس كسور المدينة وقلعة القدس ومتحف الآثار الفلسطيني والأنفاق الأرضية ومغارة سليمان وقنوات المياه.

    قبل حرب 1967 كان أدلاء السياحة العرب حوالي مائة وخمسين دليل سياحي في القدس، والا انه بعد عشرات السنين من الاحتلال فقد تراجع العدد بشكل كبير جراء السياسات الاسرائيلية ضد السياح العرب وما تمارسه عليهم من ضغوطات ومعيقات، يقابلها دعم أدلاء السياحة اليهود لنشر افكارهم ومزاعمهم في عقول السياح عن احقيتهم التاريخية في الارض المقدسة، حيث عملت السلطات الإسرائيلية على منح آلاف الرخص لأدلاء يهود، حرصت حرصاً شديداً على إعدادهم حسب توجهات السلطة الإسرائيلية. وبالمقابل فقد حرمت مئات بل آلاف الأدلاء العرب الذين تقدموا للحصول على رخصة دليل سياحي دون مبررات مقبولة مما دفع عشرات منهم الى العمل بدون رخص كأدلاء سياحة متجولين، رغم ما لهذا العمل من صعوبات لأن الشركات الرسمية لا تتعامل معهم ولا يحق لهم قيادة مجموعات سياحية سوى بعض الأفراد الذين يفدون وحدهم. حيث عملت وزارة السياحة الاسرائيلية على زيادة أعداد الأدلاء السياحيين اليهود مقابل تقليص أعداد العرب منهم، الذين وصل عددهم مؤخراً إلى (500) دليل مقابل (9000) دليل سياحي اسرائيلي.

    ويعتبر التراث الثقافي أحد ساحات الصراع الكبرى في المدينة المقدسة، حيث تبذل سلطات الاحتلال جهودا متواصلة لإنتاج رواية تاريخية أحادية جديدة تخدم مشروعها الاستيطاني في المدينة، تقوم على نفي التعددية والحقائق الموضوعية المتصلة بالوجود التاريخي الفلسطيني في هذه المدينة، وقد جرى توظيف مباشر لعلم الآثار في إنتاج الرواية الصهيونية المختلقة حول تاريخ القدس، حيث تسهم المؤسسة الأثرية الرسمية وهي سلطة الآثار والمؤسسات الأكاديمية الصهيونية والجمعيات الاستيطانية في إنتاج هذه الرواية وتكريسها والترويج لها. وتقدمها للسائح المحلي والأجنبي من خلال شبكة واسعة من المؤسسات والمكاتب السياحية.

    وتقوم مهمة الادلاء السياحيين اليهود على :

    1. نشر الأفكار الصهيونية حول وضع القدس والبلدة القديمة وتاريخها وفق الرؤية الإسرائيلية.

    2. يعملون على الترويج بين السياح بأن التسوق من البلدة القديمة بشكل خاص وشرقي القدس بشكل عام في غير صالح السياح لأن الأسعار في القدس العربية كما يدعون غالية جداً ويطلبون منهم التسوق في غربي القدس.

    3. اثارة الفزع بين السياح حول خطورة زيارة البلدة القديمة في المساء لأنها مليئة بقطاع الطرق العرب. وإن البقاء في غربي القدس أضمن لهم.

    والفنادق ومكاتب السياحة العربية في نفس الخندق تواجه الكثير من المشاكل، حيث تناقص عدد الفنادق في القدس منذ عام 1967 من 40 فندقاً إلى 22، لكنه ما لبث أن انتعش بعض الشيء ليرتفع عددها إلى 30 بعد أن تم إعادة فتح عدد منها. حيث يتم توجيه السياح الأجانب للفنادق الاسرائيلية التي أقيمت في الشيخ جراح وباب الخليل، وإغلاق الاحتلال لمدن الضفة وايقاف حركة السياحة المحلية، وعدم منح بلدية الاحتلال تراخيص بناء لفنادق جديدة فخمة، وارتفاع تكلفة تشغيل هذه الفنادق بالتوازي مع ارتفاع الضرائب التي تفرضها بلدية الاحتلال وبالتالي يصعب عليها تمويل ذاتها.

    سبل انعاش قطاع السياحة في القدس:

    1. دعم قطاع الساحة في القدس.

    2. التأكيد على الرواية الصحيحة للمدينة المقدسة لمواجهة الاكاذيب والمزاعم الصهيونية حول احقيتهم وتاريخهم في المدينة.

    3. تشجيع السياحة العربية للقدس لانعاش السياحة فيها من خلال التعامل مع الفنادق والمكاتب السياحية العربية.

    4. اعداد الدراسات والتقارير التي توضح انتهاكات الاحتلال لقطاع السياحة وتدميره في القدس.

    5. اعداد برشورات وكتيبات حول القدس ومعالمها واثارها تروي الحقائق التاريخية للمدينة وتوزيعها على السياح.

    6. استثمار رجال الاعمال العرب لاموالهم في القدس لدعم قطاع السياحة فيها.

    الوطن ليس غاليا
    رشيد شاهين/PNN
    انسجاما مع رغبات رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، وخطته المعروفة حول السلام الاقتصادي، وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري يعلن بالفم الملآن ان فلسطين لا تساوي أكثر من أربعة مليارات من الدولارات، وحتى هذه المليارات الأربعة مشروطة بشروط مسبقة وضعها السيد كيري.

    جاء ذلك في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد قبل يومين على ضفاف البحر الميت في الأردن.

    سيزيد راتب الموظف بحوالي 40%، هكذا كان العنوان للعديد من المواقع الإخبارية الفلسطينية، في بشرى للفلسطينيين بأن ثمن موافقتهم على التخلي عما تبقى من وطن سيكون 40% زيادة في الراتب.

    هذا هو ثمن احتفاظ دولة الاحتلال بالأغوار، وبالقدس، وبالمستوطنات الكبرى والتي ستلحقها الصغرى، وحق اللاجئين في العودة وكذلك في المياه وكل ما يمكن ان يتخيله المواطن الفلسطيني.

    هذا كله أيضا مقرون بالموافقة على يهودية الدولة وتبادل للأراضي "بنفس المقدار والقيمة" بحسب الترويج الفلسطيني.

    لكن "الوطن غالي"، أو ليس هذا ما تعلمناه منذ نعومة أظافرنا.

    بالتناغم مع هذا الإعلان، لم يتردد العديد من رجال الأعمال العرب والفلسطينيين وزملائهم في دولة الاحتلال، عن الإعلان عن "جاهزيتهم" لضخ المليارات من الدولارات من اجل استثمارها في الدولة العديدة التي ستقام على ما هو أقل من 22%من الأراضي الفلسطينية في حالة اقتطاع القدس والكتل الاستيطانية وتأجير الأغوار.

    لكن "الوطن غالي"، الم يتعلم هؤلاء في ذات المدارس، أم ترى لم يقرأ هؤلاء ذات المناهج.

    بعض المحللين ونحن معهم، يعتقدون ان الأمور لم تكن أبدا بهذا القدر من الانحطاط في الوضع الفلسطيني أو العربي بالتعامل مع القضية الفلسطينية، ويوجه هؤلاء "سهامهم" إلى ما قيل انها مبادرة أو نداء أطلقه مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين مع نظرائهم في دولة الاحتلال، ويقارن هؤلاء بين ما كان وما هو كائن، وهذه الجرأة التي وصل إليها البعض في التعاطي بهذا الشكل من العلنية غير المسبوق مع دولة الاحتلال.

    ترى هل "الوطن غالي"، أم هو غال فقط لفئة ولم يعد كذلك لفئات عديدة أخرى.

    في الصغر، عندما كنا أطفالا وشبانا يانعين، تعلمنا بأن "الوطن غالي"، وان الوطن يستحق منا كل تضحية، وما زال من آمن بذلك، يقبع منذ عشرات السنين أو اقل أو أكثر في سجون الاحتلال، وما زال الآلاف يعاني من الجراح أو الإعاقة نتيجة هذا الإيمان، وهنالك الآلاف ممن غادرنا وترك هذا العالم، معتقدا بأن خلفه من سيحمل الرسالة ليكمل الطريق.

    هل قال "احمد شوقي" وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه بالخلد نفسي، أم ترى لم يقل ذلك، هل تعلمنا أشياء لها علاقة بالخيال في المدارس، هل علمونا أوهاما راح ضحيتها خيرة شباب العرب وفلسطين، أم كانت تلك مجرد قيم وأكاذيب للاستهلاك ضمن مرحلة من المراحل؟

    كيري الذي يعرض عل أبناء فلسطين ثمنا بخسا لوطنهم، ربما لا يدرك بأن الوطن أغلى من ان يباع أو أن تتم المساومة عليه، وهو من الواضح، لا يعلم بعد ما هي العقلية وما هي الثقافة التي نشأ عليها أبناء فلسطين برغم ما قد يبدو على السطح من منظر "باهت" يحمل في ظاهره "قبولا" لواقع لن يدوم، واقع مخادع لا ينم أبدا عن حقيقة ما تحت الرماد.

    السيد وزير الخارجية الذي من الواضح انه يتبنى خطة نتانياهو الاقتصادية، يعتقد بأن من السهل بمكان ان يشتري فلسطين وقضيتها وتضحياتها بثمن بخس، وان إمارات الضعف التي تعاني منها فلسطين بسبب الاحتلال قد تقود الشعب الفلسطيني إلى التنازل عن أرضه وقيمه وتاريخه، وهو بهذا لا يدرك ان مثل هذه الفترات من "الموات"، مرت على الشعب الفلسطيني، إلا انها كانت تتبعها فترات من المد والعمل المقاوم الذي يجسد حيوية أبناء فلسطين، ورفضهم لكل مشاريع التسوية الهادفة إلى تسوية قضيتهم العادلة وخاصة فيما يتعلق بموضوع حق العودة.

    من أوحى لكيري بفكرة "بحبحة" الوضع للمواطن الفلسطيني، وزيادة الراتب 40%، لا يدرك انه بذلك إنما خدع كيري، وانه سلمه رسالة زائفة لا تنم عن الحقيقة الكبرى التي تقول بأن شعب فلسطين لن يساوم على أرضه مهما كان الثمن.

    فقط للتذكير، خلال فعاليات النكبة التي مرت قبل حوالي أسبوعين، كان الذين يشاركون في الفعاليات بمعظمهم من فئة الأطفال الذين لا يعرفون من فلسطين المحتلة عام 1948، سوى الاسم.






    منظمة التحرير الفلسطينية الهوية والكيان والدور المطلوب
    عباس الجمعة/PNN
    كان من نتائج نكبة العام 1948 تدمير الحقل السياسي الفلسطيني كما تبلور قبل ذلك في الصراع ضد الاستعمارين البريطاني والاستيطاني الصهيوني. ولم يتبلور حقل سياسي فلسطيني جديد إلا بعد سلسلة من الأحداث والتحولات كان أولها ولادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، وسبق ذلك بروز قوى فلسطينية كحركة القوميين العرب ومن ثم اتحاد طلبة فلسطين في القاهرة، وجبهة التحرير الفلسطينية الخ)، ولعل هزيمة الدول العربية عام 1967 واحتلال الكيان الصهيوني فلسطين كلها، هما اللذان مهدا الميدان لتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة في ظل نجاحات حركات التحرر الوطني والقوى اليسارية في تلك الحقبة (الجزائر، فيتنام، كوبا، حركة اليسار الجديد في أوروبا الغربية، وغير ذلك)، وقد تمثل الحدث الأبرز بدخول فصائل المقاومة الفلسطينية على منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968، وكان لاعتماد المقاومة شأن محوري في منح الهوية الوطنية الفلسطينية بعدا مقاوما بعد أن غلب عليها بعد الضحية في اثر النكبة. وتعزز البعد المقاوم بعد معركة الكرامة (21 آذار 1968) وبعد الهزيمة المدوية للدول العربية في حرب الخامس من حزيران 1967، وقد جرى تعديل الميثاق الوطني الذي نص على تحرير فلسطين كلها عبر الكفاح المسـلح، واعـتبر النظـام الأساسي للمنظمة أن جميع الفلسطينيين "أعضاء طبيعيون فيـــها"، كـما نص على أن يتم انتخاب أعضاء المجلس الوطني بالاقتراع المبـاشر، وحدد مهلة المجلس الوطني بثلاث سنوات، على أن تعقد دورة عادية سنويا. وباختصار فقد شيدت منظمة التحرير الفلسطينية حقلا سياسيا وطنيا لكن خارج إقليمها الوطني.

    وقد ساهم اعتماد الكفاح المسلح وانتماء معظم قيادات المنظمة وفصائلها من الطبقة الوسطى المتعلمة ذات الجذور الشعبية في بناء قاعدة اجتماعية واسعة للمنظمة وللفصائل، وربما ساهم في الاتجاه نفسه كون المنظمة، كمؤسسات وأجهزة ونشاط علني، تشكلت خارج فلسطين ، حيث وفرت المخيمات القاعدة الاجتماعية الأرحب لفصائلها، كما كان للاتحادات واللجان الشعبية والنقابية(المرأة والطلبة والعمال والمعلمون والكتاب والصحافيون، وغيرهم) شأن مهم في توسيع هذه القاعدة وتنظيمها إلى حد ما. وكان لليسار دور ملموس خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم في تنظيم القاعدة الشعبية، وخاصة العمال والمرأة، علاوة على الطلبة والشباب، وكان لهذا أثره في توسيع المشاركة الشعبية في الانتفاضة الأولى.

    وجاء نجاح حصول منظمة التحرير على عضوية كاملة في "اليونسكو"، ليكشف جدوى تحدي الادارة الأميركية والدخول في مجابهة مع سياسة الاحتلال الإسرائيلي، كما كشف جدوى النضال داخل منظمات الأمم المتحدة في سبيل الحقوق الوطنية.

    في سنة 1974 وقف الرئيس الشهيد ياسر عرفات على منبر الامم المتحدة حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر باليد الاخر ليؤكد على البرنامج المرحلي (برنامج النقاط العشر) الذي دعا إلى إقامة سلطة وطنية على أي أرض فلسطينية يتم تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، وكان ذلك نقطة تحول في موقف المنظمة من برنامج محوره التحرير إلى برنامج محوره إقامة دولة فلسطينية، وهو ما ترسخ لاحقا في إعلان الاستقلال وقرارات المجلس الوطني في العام 1988، وفي إبرام اتفاق أوسلو عام 1993، وقد تقاطعت حيثيات عدة لتوليد هذا التحول ودفعه إلى الاستمرار، من أبرزها تلمس الأثر السلبي لفقدان إقليم وطني كقاعدة للمنظمة وفصائلها، وتعرضت منظمة التحرير للضغوط السياسية والمالية على غرار مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد التي ضغطت على م.ت.ف. للاستجابة للضغوط الأميركية في شأن الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف، وما شابه، كما ينبغي عدم إغفال تأثير الموقف السياسي للاتحاد السوفياتي (الحليف الدولي الأهم لمنظمة التحرير) في تبني المنظمة برنامج إقامة دولة في حدود 4 حزيران 1967، وتأثير التغيير في ميزان القوى في المنطقة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، والتأثير الكبير لخروج منظمة التحرير من لبنان خلال صيف عام 1982 وتعرض مخيمي صبرا وشاتيلا لمجزرة رهيبة في أيلول من ذلك العام.

    كان من نتائج خروج منظمة التحرير من لبنان في سنة 1982 وتشتيت قواها وإبعادها عن فلسطين المحتلة وعن قاعدتها الجماهيرية (المخيمات) تراجع قدرتها التعبوية، وأثر في الاتجاه نفسه الانشقاق الذي شهدته حركة "فتح" عام 1983، والخلاف السياسي الحاد داخل منظمة التحرير في شأن التوجهات والتحالفات السياسية لقيادة المنظمة، ولم يتم تجاوز هذا الخلاف إلا في العام 1987 (في مجلس وطني توحيدي).

    وفي ظل هذه التطورات تفجرت الانتفاضة الأولى في أواخر العام 1987 التي أعادت الاعتبار لمكانة منظمة التحرير بعد أن أعلنت القيادة الموحدة للانتفاضة أنها ذراع منظمة التحرير في الأراضي المحتلة عام 1967، وانها تلتزم بتعليمات قيادة المنظمة وتوجيهاتها. وفي الوقت ذاته، أزاحت الانتفاضة مركز ثقل النضال السياسي الفلسطيني من الخارج إلى الداخل، كما أدخلت تجديدا مهما في أشكال النضال الفلسطيني لم يكن من الممكن اعتمادها في الشتات، وهي المتمثلة في المواجهة الشعبية المنظمة للاحتلال وتوليد تضامن فلسطيني شامل مع الانتفاضة. لكن هذه التجربة الثمينة لم تستكمل بفعل تحولات إقليمية ودولية مدوية (حرب الخليج وانهيار الاتحاد السوفياتي وتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين الروس إلى كيان العدو)، هذه التحولات أفقدت منظمة التحرير حلفاءها الإقليميين والدوليين ومصادر تمويلها الرئيسة، كما أضعفت سيطرة المنظمة على الحقل السياسي الفلسطيني، من خلال اقتحام قوى جديدة من خارج المنظمة الحقل السياسي وهنا اقصد قوى الاسلام السياسي .

    وفي ظل تسارع التطورات ات اتفاق اوسلو ليشكل ازكة فلسطينية جديدة ، هذا الاتفاق التي تم تحت الطالة بعد الحوار الفلسطيني الامريكي وبعد مؤتمر مدريد ، حيث شكل تحولا جذريا في تكوين الحقل السياسي الفلسطيني، عبر تحويل القرار السياسي من منظمة التحرير إلى السلطة الفلسطينية (سلطة الحكم الذاتي على أجزاء من الضفة والقطاع)، كما ترتب على الاتفاق تهميش دور فلسطينيي الشتات، وإقصاء فلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948 عن القرار الوطني، بتعبير آخر جرى تهميش متعمد لمؤسسات المنظمة لمصلحة إبراز مؤسسات السلطة الواقعة تحت سطوة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا التحول جرد الحقل السياسي الفلسطيني من مؤسسته الوطنية الجامعة، وجعله عرضة للتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية التفصيلية (من قضايا الأمن، إلى الاقتصاد، إلى المواقف السياسية، إلى الشؤون الاجتماعية) ظهر انكشاف الحقل السياسي بعد التهام السلطة الفلسطينية منظمة التحرير في قيام قيادة السلطة (إذ بات من الصعب التمييز بينهما بعد العام 1994) عام 1996 بتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني (وقبل قيام دولة فلسطينية ذات سيادة) بضغط إسرائيلي وأميركي لينسجم مع نصوص اتفاق أوسلو الذي اعترف بالمنظمة كممثل للشعب الفلسطيني من دون تحديد مكوناته ومن دون الاعتراف بحقوقه، وهذا ما عارضته الفصائل الفلسطينية وقيادات حركة فتح ، وهكذا ما عاد القرار السياسي يتم وفقا لمبدأ التوافق الذي ساد، وساهم هذا التقليد في تثبيت دعائم استقطاب حاد في الحقل السياسي، تعزز بعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية عام 1996، وكذلك عامي 2005 و2006 تحت الاحتلال، ومن دون تحديد هدف أو غاية وطنية واضحة لهذه الانتخابات، ومن دون اتفاق على كيفية التعامل مع هذه الانتخابات بما يخدم النضال الوطني التحرري.

    وامام هذه الظروف وفي ظل الانقسام الكارثي وامام المأزق الراهن للحركة السياسية الفلسطينية في فشل مسار المفاوضات الثنائية بعد عشرون عاما في التوصل إلى تسوية تتضمن الحدود الدنيا من البرنامج السياسي الوطني لمنظمة التحرير، وفشل بلورة إستراتيجية تتبنى المقاومة بكافة اشكالها كفعل شمولي يشرك جميع مكونات الشعب الفلسطيني، اصبحت الحركة السياسية الفلسطينية تفتقر إلى مؤسسات وطنية موحدة وفاعلة ومستندة إلى أسس ديمقراطية تمثيلية.

    وجاء نجاح حصول فلسطين على عضوية كاملة في "اليونسكو"، وبرز بعد ذلك خطاب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة طلبا للعضوية الدائمة من حيث مساهمته في توليد العزلة على إسرائيل وفي تعرية ازدواجية معايير الولايات المتحدة المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته التحرريةلكن هذه النقاط تكتسب جدوى تراكمية إذا ما شكلت جزءا من إستراتيجية يتشابك فيها النضال الدبلوماسي مع السياسي ومــع الجــهد التوحيـــدي الداخـــلي (المصالحة الوطنية) ومع أشكال متنوعة من المقــاومة التي تشرك مكونات الشعب الفلسطيني كله، في داخــل فلســـطين وخارجها، وفق شرط وظرف كل مـن هــذه المكونــات.

    نحن اليوم بحاجة إلى وقفة جادة في الذكرى التاسعة والاربعون لتأسيس منظمة التحرير وابرزها العمل بشكل جدي على شراكة سياسية ونضالية في مؤسسات المنظمة ، حتى لا يبقى شعار الوحدة الوطنية شعار للتغني امام الشعب الفلسطيني ، ونحن بحاجة الى مصالحة وطنية وإستراتيجية موحدة محورها الرئيسي حق تقرير المصير والحرية والعودة، وقادرة على التفاعل مع نضال حركة التحرر العربية والعالمية ضد وحشية النظام الرأسمالي ، والبت في كيفية ان تكون السلطة الفلسطينية جزء من مؤسسات منظمة التحرير وإن تكن مؤسسات السلطة أداة في مجابهة الاحتلال، بدلاً من التنسيق الأمني معه، والعمل على صوغ إستراتيجية تفسح في المجال لجميع أشكال النضال ، إستراتيجية لا تختزل الشعب الفلسطيني إلى من هو مقيم في الضفة ومن هو في القطاع، ولا التاريخ الفلسطيني الذي لم يبدأ في العام 1967، ولا تشوّه الرواية الفلسطينية بحيث تغيب عنها النكبة وما قبلها وما بعدها، أو تتجاهل التاريخ الغني للمقاومة الفلسطينية للاستعمار والاحتلال والعنصرية والتهميش المتواصل منذ أكثر من قرن من الزمن.

    أعتقد أننا مازلنا على مسافة كبيرة باتجاه الوحدة الوطنية، لكن مهما كانت المسافات فإن الوعي الوطني والمصالح الوطنية لشعب فلسطين وأهدافه الوطنية والانتماء لقضية هذا الشعب كفيل أن يغلق الفجوة بين المسافة وبين الواقع المطلوب باتجاه الوحدة الوطنية، والتعددية والديمقراطية الداخلية الفلسطينية والاختلاف الديمقراطي والسياسي والتعارضات السياسية، وليست التناقضات التناحرية هي أيضا كفيلة دائما بتقريب المسافات، المهم أن نعي كيف نتمسك ونؤكد على وعينا الوطني لحساب قضايانا الوطنية وثوابت شعبنا وحقوقه ومستقبله الوطني، وكيف نتعاطى مع هذه الأهداف الوطنية بوسائل سياسية ديمقراطية، فهذا هو المدخل الأساس والوحيد للتوصل إلى الحد الأدنى فيما يتعلق بالبرنامج الوطني أو الوحدة الوطنية على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني ، وأي تكريس للانقسام لن يكون إلا لحساب العدو الإسرائيلي والأمريكي باتجاه مزيد من التنازلات، ولذلك لا بد من الصحوة في هذه اللحظة وأخذ العبرة والدرس لتجاوز كل تناقضاتنا الداخلية واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وحدة وطنية تستلهم دروس التجربة التي تمتد لعشرات السنين تصيغ من خلالها رؤية وطنية تفتح الدرب لاستكمال المسيرة المظفرة مسيرة الحرية والاستقلال وحينها نستطيع أن نقول للشعوب العربية آن الأوان أن نفضح ونلاحق كل هؤلاء الذين يتخفون وراء فلسطين والقدس بشعارات رنانة كي يلحقوا الأذى بشعوبهم فلا طريق القدس يمر عبر التأمر على الشعب الفلسطيني ، بل يتم عبر اجبار حكومة الاحتلال على تطبيق قرارات الشرعية وأن تحقيق السلام لا يأتي بمعسول الكلام والخطب البليغة.

    ختاما: لا بد من القول ان منظمة التحرير الفلسطينية شستبقى الممثل الشرعي الوحيد والكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني، وهيالإطار الأمثل لذلك، ولكافة الفصائل على اختلافها وتنوعها واختلاف اتجاهاتها، وان ذكرى تأسيس المنظمة محطة نضالية ووطنية، بعد ان قدم الشعب الفلسطيني التضحيات الجسام، للمحافظة على منظمة التحرير الفلسطينية وفي مقدمتهم القادة الخالدون الشهيد الخالد ياسر عرفات، وفارس فلسطين ابو العباس ود. سمير غوشة، والحكيم جورج حبش، وابو علي مصطفى وطلعت يعقوب وابو احمد حلب وعبد الرحيم احمد هؤلاء القادة الذيك اكدوا على الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية ، مما يستدعي التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، واستمرار المقاومة الذي لمنوا بها.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 375
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-21, 09:58 AM
  2. اقلام واراء محلي 338
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-12, 10:27 AM
  3. اقلام واراء محلي 337
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-12, 10:26 AM
  4. اقلام واراء محلي 336
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-12, 10:26 AM
  5. اقلام واراء محلي 270
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:31 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •