النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 410

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء عربي 410

    اقلام واراء عربي 410
    28/5/2013

    في هذا الملــــف:
    فلسطين… ملاحظات أساسية حول فكرة تبادل الأراضي مع إسرائيل
    بقلم: ماجد عزام عن القدس العربي

    أين صارت أخبار القدس والاستيطان والاسرى؟!
    بقلم: حسام الوحيدي عن القدس العربي

    الاستقواء بالمصالحة
    بقلم: ناجي صادق شراب عن الخليج الاماراتية

    ثرثرة "حمساوية"!
    بقلم: عبدالعظيم محمود حنفي عن السياسة الكويتية


    مؤتمر دولي لتقسيم غنائم قتال العرب بالعرب
    بقلم: حبيب راشدين عن الشروق المصرية

    سايكس بيكو-ات إسلاموية!
    بقلم: ماجد الشّيخ عن الحياة اللندنية

    عندما تحن الشعوب إلى الماضي
    بقلم: علي ابراهيم عن الشرق الأوسط

    لماذا التدريبات العسكرية في إسرائيل؟!
    بقلم: سلامة العكور عن الرأي الأردنية

    الربيع العربي: مشكلات وحلول
    بقلم: نجيب عيسى عن السفير البيروتية

    كيف نستعيد سيناء؟
    بقلم: مصطفى كامل السيد عن الشروق المصرية



    فلسطين… ملاحظات أساسية حول فكرة تبادل الأراضي مع إسرائيل
    بقلم: ماجد عزام عن القدس العربي
    المنتدى الاقتصادي العالمي ‘دافــوس′ الذي أسسه كلاوس شواب استاذ الاقتصاد السويسري ومتبني ايديولوجية السوق الحرة والعولمة، الذي يدّعي انه يسعى للوصول الى حلول مستدامة لازدهار الاقتصاديات بعدة استراتيجيات منها دعم خصخصة الخدمات الاساسية وتحرير السوق وجذب استثمارات اجنبية لتوفير عملات صعبة تدعم ميزانيات الدول المضيفة، وذلك من خلال التناغم مع الاقتصاد العالمي والنظام المالي والمصرفي الدوليين، الذي ينتج عن تفاهمات بين رجال الاعمال في الشركات الكبرى ومتخذي القرارات في الدول المشاركة.
    في الاردن اقيم المؤتمر عدة مرات وعلى ضفاف البحر الميت في 21/6/2003، واخر في 15/5/2004، والموعد الثاني له هو ذكرى نكبة احتلال فلسطين الحبيبة، الذي لم يتم اختياره عبثا، ويلاحظ ان المشاركين في منتدى ‘دافوس′ الاردن الاول كان من بينهم رؤساء مجالس ادارات اربع شركات متعددة الجنسيات، وان ثلاثا منها شركات امريكية، والرابع رئيس شركة نستلة، الذي استلم جائزة دعم الاقتصاد الصهيوني من حكومة نتنياهو.
    وكان من جدول اعماله ‘مستقبل العراق وطرق اعادة البناء والجغرافيا السياسية للنفط’، ومشروع قناة البحرين (الميت والاحمر) تقنيا وماليا، والتعاون لحل مشاكل المياه اقليميا، والجذب والاحتفاظ بالاستثمار الاجنبي المباشر، الذي تمخض عن وضع خارطة الطريق لاعادة اعمار (استعمار) العراق، الذي تمخض في ما بعد عن تضاعف الاستثمارات الاجنبية في العراق من 3 بلايين لتصل الى 60 بليون دولار امريكي عام 2013، بحسب تقرير ‘منظمة جيركا الجنوب شرق اسيوية’، بالاضافة الى اطلاق المشروع الامريكي لاصلاح البرامج التعليمية وسياساته في المنطقة العربية، ويقوم على تقرير التنمية البشرية العربي، الذي يبرر التدخل الامريكي في المنطقة الذي اطلقته الامم المتحدة وتبنته ريما خلف الهنيدي وحاضرت عنه في اكثر من ندوة.
    والان يقام المنتدى بتــــاريخ مقارب ايضا لتاريخ نكبة احتلال فلسطين الحبيبة وبشكل اســتفزازي كبيــر لنــا، فهو منتدى امبريالي بمشاركة صهيونية ويمثل القيادات التنفيذية لرأس المال العالمي، الذي يهدف الى توسيع الامبراطورية الامريكية من خلال هيمنة شركاتها على مقدرات العالم، خاصة النامي.
    كما يهدف الى التطبيع السياسي والاقتصادي مع الكيان الصهيوني المحتل تحت شعار ‘الســـلام’ والاندماج بالاقتصاد العالمي وجذب استثمارات اجنبية والتنمية المستدامة وغيرها من الجمل الرنانــة ولا شك يتخلله توقيع اتفاقيات تعاون سياسية واقتصادية مع الكيان الصهيوني المحتل وغيره وجلها سرية، والشعب اخر من يستشار او حتى يعلم. باعتقادي الشخصي المتواضع ان هذا المؤتمر سياسي بوعاء اقتصادي تجميلي، للاستمرار فـــي نهب خيرات الدول النامية، وعلى رأسها الدول العربـــــية والاســــلامـــية وقد تزامن موعد انعـــــقاد المؤتمــر الاخــــير مع الكــــارثة السورية بعد ان انهكت مفاصل الدولة والجيش رغم صمودهـــما لــفترة قيــــاسية، ولكن يبــــدو وكأن القـــرار قد اتخذه الغرب بالتوصل الى حل، (بغض النظر عن رئيس الدولة المرتقب او الحل في المــدى المنظور او المتوسط) الذي يتواءم مع القوى الاستعمارية العالمية، وعلى رأســــها الولايات المتحدة وحليفتها الكيان الصهيوني المحتل، وبالتوافق مع روســيا، وان كانت تبدو معارضة، لتقاسم الغنائم تحت حجة اعادة اعمار (استعمار) ســــورية العروبــة، التي ساهموا في تدميرها وذلك لتقسيم كعكة مقدراتها بعقود طويلة الامد، وهذا كله سيوزع على الشركات الكبرى العابرة للقارات لتشجيعها على انهاء هذا الملف بحجج قد تبدو علمية منطقية، والغريب اننا نبقى صامتين لا نحرك ساكنا ومجلس النواب لا ينطق ببنت شفة بهذا الخصوص، ولا حتى مؤسسات المجتمع المدني ولا الناشطون المناهضون للتطبيع.

    أين صارت أخبار القدس والاستيطان والاسرى؟!
    بقلم: حسام الوحيدي عن القدس العربي
    ان للقدس كينونة تحط بهدوء في قلب كل فلسطيني ولكن اين القدس، التي تُقضم وتُسرق جهاراً نهاراً امام عيون ساكنيها الذين حلموا يوماً بقدس عربية فلسطينية تتعانق مع باقي العواصم العربية، لقد اقبلنا على عملية السلام برمتها من اجل فلسطين عامة والقدس خاصة، ولكن تتعاقب علينا الحكومات الاحتلالية، حكومة تلو حكومة مثبتةً الخرائط الاستيطانية، خارطة تلو خارطة، حيث ان الخارطة التالية اكثر توسعاً وقضماً واستيطاناً لقدسنا الشريف من سابقاتها من خرائط الاستيطان لتصل اخيراً الى خارطة e1، ولو تفحصنا الخارطة الجغرافية للقدس الشريف من بداية عملية السلام مروراً بمرحلة حصار الفارس الشهيد القائد ابو عمار ووصولاً الى ذروة الاستقرار في هذه الايام واعلان دولة فلسطين في الامم المتحدة، لوجدنا بأن الاستيطان ازداد زيادة متطردة في قدس الاقداس، واصبحت القدس في قلب واحة استيطان وليس الاستيطان في قلب القدس حتى وصلنا الى تعبير جديد بشأن القدس وهو اختلاف معالم المدينة، اختلال معالم زهرة المدائن، واصبحت قدس في مقدسات وليس مقدسات في قدس، اي ان عاصمتنا التاريخية المقدسة اضمحلت واصبحت لا تعرف الا من خلال ما تبقى من مقدساتها، وغرق شعبنا الفلسطيني في هموم القدس واصبحت لوحة المركبات الصفراء واحدة لا تفرق ما بين المقدسي وغير المقدسي، واصبحت مقولة فخامة الاخ الرئيس الشهيد ياسر عرفات (ليرفع شبل من اشبالنا او زهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق مآذن القدس وكنائس القدس واسوار القدس) هي الحلم الذي يعيش شعبنا الفلسطيني من اجله وهي الامل الذي يحملقون عيونهم به .
    وهناك استيطان من نوع آخر، انما هو استيطان الحرية للانسان الفلسطيني في وطنه، انما هو علاقة الاسر بالقدس والاستيطان، استطاع الاحتلال الاسرائيلي بديمقراطيته المبطنة التي تخفي ورائها دهاء التحايل ان يخفي معالم القدس الشريف باستيطانه اللا محدود، ولكن ما الذي يجنيه الاحتلال من زج عشرات الألاف من الاسرى في سجون الاحتلال، جزء كبير منهم يحصل على محكمة المؤبدات. وهو اثبات هيمنة الاحتلال ما فوق الارض وما على الارض وما تحت الارض، اما ما فوق الارض فهو الانسان الفلسطيني، الاسير الفلسطيني ليصلوا الى حد الخنوع وكسر الانف لهؤلاء الابطال للجمهم ولجم شعبنا بعمومه عما يحصل لما على الارض وما تحت الارض. يزج شعبنا في سجون الاحتلال ويقضم ما على ارضنا الفلسطينية ويسرق ما في ارضنا الفلسطينية.
    القدس والاستيطان والاسرى ثلاثة اضلاع مهمة في قضيتنا الفلسطينية ولكن هذه الاضلاع الثلاثة في حياتنا الفلسطينية المعاصرة لا تشكل مثلثاً لأننا امام احتلال يغرقنا في خضم قضية ويسد علينا حتى ابواب الحراك الدولي، ويجيد عملية التمثيل بحيث ان هذا الاحتلال يصور للعالم بانه هو الضحية ونحن الجلادون. ولكن شعبنا الفلسطيني سيبقى متشبظاً بارضه كشجر الزيتون.

    الاستقواء بالمصالحة
    بقلم: ناجي صادق شراب عن الخليج الاماراتية
    لعل من أبرز المظاهر اللاعقلانية والغرائبية في المشهد السياسي الفلسطيني هذه القدرة على التعايش والتكيف مع بنية الانقسام التي أصبحت متجذرة حتى على مستوى الفرد العادي، الذي لم يعد يبالي وغير قادر على التمييز بين الانقسام والمصالحة . ومن المظاهر اللاعقلانية أيضاً قدرة كل من القوتين الرئيستين المتحكمتين مواصلة الحديث عن المصالحة، ووضع الشعب الفلسطيني بل القضية الفلسطينية في داخل نفق لا نهاية له، وعدم قدرتهما على الجهر بصوت صريح بأنهما لا تريدان المصالحة، ولا أمل في التغلب على حالة الانقسام، وأن على الشعب الفلسطيني أن يكيّف نفسه مع هذه البنية الانقسامية . وهي الحالة الأقرب إلى الواقع، التي تتوافق أيضاً مع حالة التفتيت والانقسام على المستوى العربي، ومن باب أولى البدء في تثبيت الانقسام الفلسطيني الذي هو المدخل لتفتيت الكيانات العربية إلى كيانات صغيرة على أسس جديدة من المذهبية والطائفية والعشائرية والدينية .
    ومع ذلك لا تقوى أي من القوتين الرئيستين على هذا الإعلان الصريح والواضح، وكل منهما يستقوي بالمصالحة، وينبري للدفاع عنها، وما زالتا متمسكتين بالتلويح بها، لأنها ما زالت هي سفينة النجاة الوحيدة لغرق أي منهما . وهذا الذي يفسر هذه التصريحات القوية في التمسك بالمصالحة كخيار استراتيجي، وباعتبارها مصلحة وطنية فلسطينية، وثابتاً من الثوابت الفلسطينية، والحقيقة عكس ذلك لأن الذي يفرض هذه الخيار هو الطبيعة الاحتلالية للأراضي الفلسطينية، وعدم إنهاء الاحتلال “الإسرائيلي”، وعدم قيام دولة فلسطينية . ولو توفرت هذه المعطيات، أي الدولة الفلسطينية الكاملة، وإنهاء الاحتلال “الإسرائيلي” لأخذ الانقسام شكلاً آخر . ولكنها الحالة الفلسطينية التي يختبئ الكل داخل عباءتها، ولعدم قدرة أي منهما على تحقيق هذا الثابت .
    وهنا تتضح بعض أبعاد الصورة الفلسطينية أنها حالة من عدم القدرة والعجز في إنهاء الاحتلال، وحالة من التبعية السياسية الخارجية، ورهن القرار الفلسطيني لحسابات إقليمية ودولية، وبالتالي المفاضلة هنا لمصلحة الانقسام الذي يتعمق مع كل يوم في غزة والضفة .
    وعندما تغيب الثوابت، يبقى هدف الانقسام والانفراد بالحكم والسلطة قائماً، وحتى يبقى ويستمر الكل، فإنهم يحتاجون إلى غطاء ألا وهو ثوب المصالحة، والتمسك بمظاهرها، والاحتماء بها . وهنا تتعدد هذه المظاهر التي من أبرزها: التمسك بمسميات السلطة الوطنية الفلسطينية، وبمسميات الوزارات التي أوجدتها وأسست لها الانتخابات الفلسطينية الأولى نفسها وفقاً لاتفاقات أوسلو المنشئة للسلطة الفلسطينية، وما زالت المصالحة تعبر وتجسد نفسها بوحدانية الرئاسة الفلسطينية، التي على رأسها رئيس واحد للسلطة الفلسطينية، وبعدم القدرة على التخلي عن إطار منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وبوجود تمثيل دبلوماسي واحد يمثل سلطة سياسية واحدة، ووجود دولة فلسطينية واحدة حتى لو كانت تحت صفة مراقب، لكن لا أحد يستطيع أن يرفض اعتراف الأمم المتحدة بها . ومن المظاهر التي لن تستطيع بنية الانقسام أن تتغلب عليها هي وحدانية الشعب الفلسطيني وقدرته في الحفاظ على كينونته وشخصيته الوطنية، أو النكبة بكل تداعياتها وآثارها الاقتلاعية لم تطمس هوية هذا الشعب، لذا فإن الانقسام لن يقدر على تفتيت وتجزئه هذه الشخصية التي عجزت حتى “إسرائيل” عن طمس خصائصها وملامحها الوطنية، وهي السبب الرئيس في بقاء القضية الفلسطينية حية .
    هذه هي الحالة الصعبة التي يعجز الفلسطينيون، وتحديداً فتح وحماس على فك رموزها، وإيجاد حل لها . والبديل لذلك هو التمسك بالمصالحة مظلة حامية وراعية للانقسام . لكن خطورة هذا الواقع أنه قد يصل ببنية الانقسام إلى مرحله يصعب التغلب عليها، واستئصال جذورها، لأنها ستكون قد وصلت إلى ما هو أعمق من بنية الانقسام السياسي، وهو الانقسام الذي قد يقود إلى تذويب وضياع القضية الفلسطينية . وهذا ما ينبغي التحذير منه.

    ثرثرة "حمساوية"!
    بقلم: عبدالعظيم محمود حنفي عن السياسة الكويتية
    المشهد : وقف الرجل خطيبا في صلاة الجمعة في غزة مزهوا بنفسه وبدلا من ان يتناول ما يهم مستمعيه فاذا به يقف ملقيا التنبيهات والنصائح الى مصر, مستدركا بأنه من دافع الاخوة بحكم ان من يقبض على السلطة في مصر اخواني واخ مثله في تنظيم الاخوان المسلمين, لا تغلقوا المعبر مهما حدث وعدلوا اتفاقية كامب ديفيد والافضل ان تلغوها وعليكم ان تعمروا سيناء.
    الرجل هو المدعو اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس المنقلبة على الشرعية الفلسطينية, والتي مزقت الوحدة الفلسطينية اربا اربا, ويرفض المصالحة الفلسطينية لانه لا شيء يعلو على حلاوة الجلوس على عرش امارة في غزة التي يحكمونها بالحديد والنار, متخذين من انفسهم تجار مقاولات من تجارة الانفاق غير الشرعية بمزاعم حصار غزة ورغم فتح معبر رفح المصري الايام كلها طوال ال¯ 24 ساعة, ورغم وجود ستة معابر اخرى بخلافه. تطاول الرجل على مصر ليملي عليها ماذا تلغي? وماذا لا تلغي? وماذا تعمر? وفي اي منطقة ولا تعمر. ما دخل هذا الرجل المليشياوي? اليس الاجدى به الانتباه لتعمير قطاع غزة والمشردين في القطاع بلا منازل ? اليس الاجدى به ان يتأمل المانحين القلقين من تحويل إسهاماتم إلى الفساد? وحيث مليشياته من أفراد الأمن يتلقون رواتبهم من حقائب ورقية مليئة بالنقود. وهل يسأل الرجل نفسه: لماذا تقاعس عن بناء المؤسسات في غزة ليقتدي بما تم في الضفة الغربية? كم من المدارس التي بنتها حركته في غزة وكم من الطرق عبد وكم انبوب مياه امد القطاع بها? الرجل وحركته من اخفاق الى اخفاق ومن فشل الى فشل .
    ونتساءل :اين مبدأ الشفافية الاقتصادية وتدقيق حساباتهم في غزة, اين أنفقت اموال ارباح تجارة الانفاق السرية والى اي جيوب مافاوية تذهب? اين ممارساته من ممارسات حكومة فياض الذي يلعنونه ليل نهار? وفقاً ل¯ المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" برئاسة خليل الشقاقي, بلغ الدعم الجماهيري لحكومة فياض 53 في المئة - بدءاً من النصف الثاني من عام 2011 - متقدماً بفارق 19 نقطة عن حكومة "حماس" في غزة. وما دمنا نتحدث عن حركة حماس نلاحظ غياب الرؤية التفصيلية في حديث الحركة عن البرنامج السياسي, اتدرون لماذا? لانها حركة تكره الديمقراطية وتمقت الراي الآخر.
    لذا يجمع المحللون على اخفاق حركة حماس في الجوانب التي تتعلق بتحسين ظروف الفلسطينيين الاقتصادية والاجتماعية والإدارية. وعدم الفصل بين ما هو هدف حركي وما هو هدف حكومي, وحكومة حماس لا تهتم بتحقيق مشاريع آنية تلامس احتياجات المواطن اليومية, وتحتكر الاعلام وتحارب الاعلام غير المنضوي تحت توجهاتها .مع استمرار الداء الذي يصيب حركة الاخوان المسلمين وهي الثنائيات المتناقضة المرتبطة بالتجربة الاخوانية, مثل ثنائية المقاومة والحكم وثنائية الإيديولوجية والديمقراطية, فالايدلوجية فاشية بامتياز تمقت الحرية وتمقت الديمقراطية ولا ترى الا فرض ما تراه لصالحها الخاص.ان ممارسات حماس وحماسياتها الكلامية ادت الى انقسام الفلسطينيين وهذا الانقسام أدى بالوضع الفلسطيني إلى نتيجة مؤسفة هي أنه لا مفاوضات ولا مقاومة, وتم اختزال القضية الفلسطينية في مقولات الحصار والمعبر, في حين يتم إهمال قضايا أساسية مثل القدس والتوطين والتهويد واللاجئين وحق العودة. ان حركة حماس لا تملك مشروعاً متكاملاً, ولذلك تتخبط بين التجريب المفرط والعدمية المطلقة, فمن حيث المبدأ تقترب حماس من برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وجوهره دولة فلسطينية في حدود عام 1967. وتؤشر تصريحات قادتها عن الهدنة الطويلة مع اسرائيل ولو الى مئة عام وحماس لن تفعل خيار المقاومة طالما بقيت في السلطة. وفي الوقت الذي تتقوض فيه أركان المشروع الوطني الفلسطيني "الهوية والاستقلال والدولة" لا تبدي حماس قلقاً كبيراً, وتبدي استعدادها للتعامل مع النتائج التي ستتمخض عنها الخطوات الإسرائيلية, ليس من موقع الرفض والمجابهة واللجوء إلى القانون الدولي أو المجابهة الميدانية, وإنما على قاعدة التعاطي القدري والقبول السلبي... واخيرا انصح الرجل الا يثرثر في موضوعات تفوقه و ليست من شأنه والا ينسي نفسه لانه يتحدث عن مصر . وما ادراك ما مصر!

    مؤتمر دولي لتقسيم غنائم قتال العرب بالعرب
    بقلم: حبيب راشدين عن الشروق المصرية
    لأن الربيع العربي كان كما أريد له أن يكون: وسيلة لتهيئة جغرافية العرب للقسمة، فإن التوافق الأمريكي الروسي الأخير حول عقد مؤتمر دولي لتسوية الأزمة السورية، سوف يحسم معركة قتال العرب بالعرب على بساط أخضر، وحول طاولة مستديرة ترسم في غياب العرب خط اقتسام الكبار لنفط الصغار من العرب.
    يوم الأربعاء الماضي احتضنت عمان لقاء أصدقاء سورية الذي حول عن مساره التقليدي من لقاء بين المتحالفين من الغرب والعرب في مشروع إسقاط نظام بشار الأسد إلى لقاء عاجل يعيد صياغة الموقف المشترك من المؤتمر الدولي القادم بجنيف حول سورية، وشهد دوران المتآمرين على سورية بمائة وثمانين درجة، نقلهم من خيار التهديد بالتدخل العسكري الوشيك إلى الدخول في ما يشبه الشراكة مع الروس وحلفائهم في إيجاد مخرج سياسي للنزاع في سورية، وربما في إعادة تقسيم الغنائم من قتال العرب بالعرب.
    فهل كان هذا تغييرا غير متوقع في الموقف الأمريكي يبرر حالة الارتباك في موقف العرب من دول الخليج وحليفيهما الأوروبيين الأكثر حماسة لإسقاط الرئيس السوري: فرنسا وبريطانيا؟ أم أن المتابعة الدقيقة لمفردات الأزمة السورية وأبعادها الجيوسياسية العالمية كانت تبشر منذ البداية بحصول مثل هذا التوافق بين القوتين العظميين إن عاجلا أم آجلا، بصرف النظر عما يريده حلفاؤهم في هذا الطرف أو ذاك؟ أم أن التحول الحاصل على الأرض، باستعادة النظام السوري زمام إدارة الصراع مع المجاميع المسلحة، وتحقيقه لبعض الانتصارات العسكرية بدعم مباشر من حزب الله، يكون قد أقنع الأمريكيين بأن تمديد الصراع لم يعد لصالح حلفائهم، وقد يرتد على الجميع بانتصار عسكري للنظام لا يبقي للمفاوض ما يتفاوض عليه؟
    لعبة القمار بين الكبار بدماء العرب

    فمع بداية الأزمة السورية كنت مع من استشرف نهاية فعاليات ما سمي بالربيع العربي في بلاد الشام، وأنه لن يأتي برنامج الفوضى الخلاقة أكله إلا بسقوط دمشق كما سقطت بغداد وطرابلس وإلى حد ما القاهرة، بل كان الغرب يعوّل على سقوط دمشق السريع من أجل إسقاط ما هو أهم من بعض رؤوس النظم العربية النافقة، وأعني به سقوط "محور إيران سورية حزب الله" الذي ينهي التواجد الصيني الروسي في قلب العالم المشبع بالنفط والغاز.
    ومنذ البداية استدرج النظام العربي الرسمي بقيادة دول الخليج إلى الاشتراك المفلس في تقويض بلد عربي محوري بحجم ومكانة سورية.
    فقد خرج عرب الخليج من قبل مهزومين، مثقلين بإنفاق عسكري ضخم، حين وجهتهم الولايات المتحدة الأمريكية إلى تمويل الحرب العراقية الإيرانية قبل أن يموّلوا الحرب الأمريكية على العراق، فيما حصل الإيرانيون من غير حاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة على الغنيمة الإستراتجية الكبرى في العراق، وقد استلموه على طبق من ذهب من أيدي أوباما، وسوف تنتهي الأزمة السورية، ليس بسقوط النظام السوري كما يحلم أهل الخليج والسذج من النخب السياسية والدينية لأهل السنة في المشرق العربي، بل بسقوط سورية ولبنان بالكامل لصالح قوة إقليمية سوف تتشكل من إيران والعراق وسورية ولبنان، مدعومة سياسيا وعسكريا من قبل الثنائي الصيني الروسي، الذي رسا قراره على أخذ نصيبه من كعكة الشرق الأوسط، ولو بالمجازفة بحرب كونية تمتد من كوريا شرقا إلى الخليج غربا.
    تعلق العرب بالصقر الأمريكي الجريح
    لقد كان بوسع العرب أن يقرأوا تبعات الهزيمة الأمريكية في العراق وأفغانستان، وتراجع قوتها الصلبة والناعمة، ومعها الغرب المثقل بتبعات الأزمة الاقتصادية، وتآكل أسهمهم وحصتهم من السوق العالمية لفائدة دول البر يكس الناشئة، وكان عليهم أن يتدّبروا القتال الروسي الصيني المستبسل لصالح دعم وتثبيت الموقف الإيراني في الملف النووي الساخن، وأن إيران حتى بعد بسط نفوذها في العراق، لا يمكن لها أن تفرط في كنزها الإستراتيجي في سورية: منفذها الوحيد على حزب الله.
    ولأجل ذلك رأينا كيف بدا الموقف الأمريكي والغربي مترددا في الملف السوري قياسا مع تدخلهم الفج في ليبيا، فقد أدركوا منذ اللحظة التي خرجت فيها الصين وروسيا عن حالة الارتعاش التقليدية داخل مجلس الأمن، واستعمال الفيتو ثلاث مرات لحماية النظام السوري، أدركوا أن المواجهة في سورية لن تكون فقط مع النظام بل مع حلفائه الأقوياء، وأنه في لحظة ما سيكون عليهم الدخول في مفاوضات مع روسيا والصين وإيران بقصد تدبير حل سياسي.
    البداية كانت من لقاء جنيف الأول، الذي اعتمد كإطار مرجعي، قبل أن ينصرف كل طرف لتجميع أوراق التفاوض على الأرض السورية، بالدماء السورية والأموال العربية، وكان منها لحظات التصعيد العسكري التي شهدناها في الشهور الستة الماضية، وسوف تكون النهاية في المؤتمر الدولي المقترح، والذي سوف يبحث في جلساته المفتوحة سبل الحل السلمي للأزمة السورية، فيما يعكف الروس والصينيون والأمريكيون داخل القاعات المغلقة على بناء توافقات أوسع حول مصير الشرق الأوسط برمته وخطوط التوازن في عالم متعدد الأقطاب يفرض اليوم فرضا على الولايات المتحدة المتراجعة.
    نحو رسم خط تقاسم نفط العرب
    أحد المحللين العرب من الخليج وصف ما هو قادم بـ"سيكس بيكو جديد" أي تقسيم جديد للشرق الأوسط بين القطبين، وكان حري به أن يصف ما هو قادم ببناء جدار برلين جديد يقسم قلب العالم إلى شطرين هما على تماس مع منابع النفط والغاز، بحيث يكون لكل قطب حرية التصرف في نصيبه دون تدخل الطرف الثاني.
    "لقد أصبح متاحا تشكيل مشرق عربي بقيادة إسلام سياسي لا يمانع في تقبل الكيان الصهيوني كشريك في الجغرافية السياسية، وربما كشريك في قيادتها، يعيد الحياة للمشروع الصهيوني التاريخي"
    في جميع هذه الترتيبات التي سبقت لقاء بوتين وكيري، لم يكن لما بقي من العرب نصيب يذكر، ورأينا الحليف الأمريكي يبيع حلفاءه الخليجيين في بحر ساعة من زمن اللقاء مع الطرف الروسي، ولا نعلم يقينا ما طبيعة التنازلات الروسية، التي لن تكون بطبيعة الحال، لا على حساب حليفهم الإيراني، ولا على حساب النظام السوري، وأغلب الظن أن لها صلة بالملف الفلسطيني ابتداء، ثم بما ستفعله الولايات المتحدة بالجغرافية العربية غرب خط اقتسام نفط العرب، وتحديدا فيما تحظره لإعادة هيكلة منطقة الخليج حتى تستقيم مع مفردات الربيع العربي، وقد أصبح متاحا تشكيل مشرق عربي بقيادة إسلام سياسي لا يمانع في تقبل الكيان الصهيوني كشريك في الجغرافية السياسية، وربما كشريك في قيادتها، يعيد الحياة للمشروع الصهيوني التاريخي بغرس الكيان الصهيوني إلى الأبد في جسم الشرق الأوسط.
    بداية "التراجع الأمريكي الكبير"
    الأرجح أن السؤال الأخير تفصيلي حتى وإن كان قد سرّع القرار الأمريكي الروسي بتحديد موعد للمؤتمر الدولي، وأنه لم يفاجئ الحلفاء الأوروبيون، وقد رأيناهم يسوفون بشتى الطرق حيال طلب تسليح المعارضة السورية، لأن الضوء الأخضر الأمريكي المنتظر لم يصلهم، ولو حتى في شكل إيماءات كتلك التي حصلوا عليها في العدوان على ليبيا، ولم يكن البريطانيون والفرنسيون ليتجاهلوا الرسالة الروسية والصينية التي حرمت منذ البداية تجديد تجربة ليبيا.
    وحدهم عرب الخليج أصيبوا بما يشبه الصدمة والترويع، وظلوا إلى آخر لحظة يراهنون على تدخل أمريكي غربي، أو في الحد الأدنى على تسليح غربي ذي شأن للمعارضة السورية، يحيد الطيران السوري من المواجهة. وقد جاءت الصدمة وخيبة الأمل على قدر جهل عرب الخليج بحقيقة الحرب الدولية الدائرة في سورية، وقد شاركوا في إشعال فتيلها وتمويلها بالمال والرجال بتشجيع أمريكي غربي لم يختلف في الأيام الأولى عما كان عليه الموقف الغربي في الأزمة الليبية، ولا بد أنهم لم يقرأوا أصلا ما يشغل صانع القرار الأمريكي منذ بداية ما يسميه المحللون الإستراتيجيون الأمريكان بـ"التراجع الأمريكي الكبير" الذي فرض على القوة العظمى الأوحد نقل مركز الارتكاز نحو المحيط الهادي في مواجهة التنين الصيني الصاعد، وتنظيم الانسحاب الآمن من أوحال الشرق الأوسط.



    سايكس بيكو-ات إسلاموية!
    بقلم: ماجد الشّيخ عن الحياة اللندنية
    في عدد الثلثاء من «الحياة» (21 أيار/مايو) كتب الزميل حازم صاغيّة تحت عنوان «سايكس – بيكو: خير إن شاء الله؟» هجاء ونقداً لكل أولئك الذين حملوا ويحملون اتفاقية سايكس - بيكو كل أوزار هذه البلاد والمجتمعات والدول، وكأننا كنا قبل تنفيذ تلك الاتفاقية بلاداً موحدة ومجتمعات مشدودة لحبل الوحدة المزعومة والمفترضة، ثم جاء الاستعمار الكولونيالي ليبدد هذه الوحدة. وهنا الخطيئة التي يقع فيها أصحاب المنطق الشعاراتي والحماسي في رؤية الوقائع كوقائع افتراضية لا واقعية. وهذا هو مقتلنا.
    لهذا لم يكن توقيع سايكس وبيكو لاتفاقية تقاسم النفوذ والهيمنة الاستعمارية بين الاستعمارين الفرنسي والبريطاني آنذاك، سوى المدخل إلى حفظ الوحدات الإدارية والسياسية، واستتباعها إلى قوة الهيمنة الكولونيالية التي تتبع لها، بمعنى أنه لم يجر تقسيم بلد أو بلدان، وتوزعها مغانم لهذا الطرف أو ذاك، أو تفتيتها وتجزيئها ونقلها من حال إلى حال، وذلك على رغم الأضرار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أصابت البلدان التي توزعها «سايكس بيكو»، حتى تقاسم بعض العائلات على جانبي الحدود. كل هذا ولم يصب الوهن مجتمعات تلك الدول أو ذهبت أدراج التفكك، وانعدمت فيها السياسة، أو استبيحت المواطنة وحقوقها، إلاّ في ظل تسيّد الاستبداد السياسي المحلي أو الوطني سدة السلطة الشمولية فيها. ومن بعدها ما آلت إليه من هيمنة الأنظمة الانقلابية العسكرية التي سادت في تلك الآونة، وما زالت إلى اليوم تفعل بنا الأعاجيب.
    إذا كان هذا نصيبنا، أفراداً ومجتمعات ودولاً، من دول الكولونيالية الاستعمارية، فإن نصيبنا اليوم من «أمراء» الطوائف والمذاهب ما هو أكثر بكثير مما أصابنا من «سايكس بيكو» الأول، وحراسه من الأنظمة الاستبدادية، فها نحن اليوم نتعرض لأكثر من التفتيت والتجزئة، نتعرض لحروب أهلية ومقاتل جماعية، وعمليات إبادة مبرمجة وممنهجة، وصولاً للقتل الإجرامي إن خالفنا مجرد مخالفة رأي هذا «الأمير» أو ذاك من المستشيخين الجدد، أصحاب الجاه والسلطان وسطوة «السلاح الجهادي» الذي نزل منازل شتى، إلا المنازل التي ينبغي النزول عندها لمنازلة الأعداء الحقيقيين لما يزعمون أنه الدين والأمة وشرع الله وشريعته.
    وإذ أصابنا ما أصابنا من الاستبداد السياسي، والتغول السلطوي من لدن ورثة أنظمة «سايكس بيكو» الأول، فما يصيبنا اليوم من فارضي «سايكس بيكوات» إسلاموية، بقوة الأمر الواقع، وواقع «الأمر الإلهي» لسلطة تجدد ذاتها باسم التدين، واستلاب إرادة الناس الأحرار ذوي الكرامات، بات يتجاوز كل قدرة وإمكانية مجتمع أو تجمع أو جماعة على التحمل والصبر، على حالة لا يمكن توصيفها إلا بكونها «حالة عدمية» لا تجد ما يسندها من مرجعيات قديمة أو حديثة. حيث إن غياب الثقافة وتغييب العقل لا يمكنه أن يولد أو ينتج، إلا تلك الحالة العدمية في عماء التدين الشعبوي، الآخذ بالتضخم والخروج عن كل المعايير، حتى تلك الموصوفة قديما بكونها من «الدين الحق».
    منذ عدد من السنين، لم نعد أمام «سايكس بيكو» واحد، نعايشه أو نتعايش معه في بلادنا، لقد أصبحنا نتعايش مع «سايكس بيكو - ات» متعددة في بلادنا، كلها ذات طابع وسمات إسلاموية، كلّ يمترس خلف «إمارته» كسلطة لا تماريها أية سلطة، وكلّ لا «ينطق عن الهوى»، على العكس من كل الآخرين، ما استوجب ويستوجب تكفيرهم وتخوينهم وإخراجهم من جنة السلطة، كفرقة ناجية هي الأولى بـ «الإمارة» كـ «سلطة إلهية» مطلقة. ألا يرقى هذا إلى أكثر مما جرّته اتفاقية «سايكس بيكو»، وفعلته تجزيئاً وتفتيتاً في بلادنا ومجتمعاتنا التي لم تكن موحدة أصلاً، ولكن الأنكى من ذلك أن يجري إدراج تلك الروح التقسيمية والتقاسمية في عداد «المقدس» الديني، وإلباسها لبوس ومسوح السياسة، حين يجري خلطها ومزجها بتدين يغالي في أطروحاته وتنظيراته التي ما أنزل الله بها من سلطان.
    وهنا لا تختلف تلك القوى التي استولت وصادرت «ثورات الربيع العربي» في مهامها التفتيتية التي أحالت بلاداً عامرة نسبياً وموحدة، إلى مرتع لصراعات لا قبل لمجتمعاتنا ودولنا بها، فأي أمل بوحدة سياسية وإدارية يمكن أن تبقى في حضرة الغياب الكلي لوطنية جامعة، يجري استبدالها بأكثر من تلك الروح التي أشاعتها اتفاقية سايكس بيكو، ورزحت تحت وطأتها بلادنا ومجتمعاتنا كل تلك السنين، من دون أن تتأثر وحداتها الكبرى أو الصغرى، السياسية والإدارية، ولكن مع هيمنة تلك القوى الإسلاموية، فهي ولأسباب كثيرة ولوجود علة أساسية فيها، وفي حال قيض لها القبض على السلطة، لاكتفت بنشر هيمنة وسطوة «سلطتها الأميرية» على الضد من وجود الدولة أو الاعتراف بها، ولو في قرية واحدة تطبق فيها ما تزعمه أنه الحدود الشرعية للشريعة. فأي وحدة سياسية أو إدارية يمكن أن تستمر في ظل هيمنة قوى هذه طبيعتها وطبعها، مهما حاولت وتحاول الظهور بغير ذلك، كحال «الأخونة» و «السلفنة» و «الطلبنة» وغيرها من الفرق التي تعتبر كل منها نفسها هي «الفرقة الناجية»؟. أما الآخر – كل آخر – فهو مادة للإخضاع أو للإقصاء أو للقتل... وهذا هو وعدهم ووعيدهم لنا أفراداً وجماعات وتجمعات ومجتمعات... ودولاً، وانظروا لذاك الصراع المحتدم اليوم في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية... وكل بلاد طاولها وسوف يطاولها ذاك «الجنون السلطوي» الهادف للانقلاب على الدولة، ووطنية الأمة، ووحدتها السياسية والإدارية.

    عندما تحن الشعوب إلى الماضي
    بقلم: علي ابراهيم عن الشرق الأوسط
    عندما يحن الناس إلى الماضي، و«أيام زمان»، كما يقولون، باعتباره أفضل من واقعهم اليوم أو مستقبلهم، فإن ذلك يعني أن هناك شيئا خطأ قد حدث.
    المفترض أن الزمن يمضي إلى الأمام، وعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، والماضي لا تهمله الشعوب مهما كان قاسيا أو ارتُكبت فيه فظائع، لكنها إذا كانت حالتها النفسية صحية تتعامل معه كتاريخ أو تراث تستفيد منه ويقويها وتتعلم منه، أما إذا حنّت إليه، واعتبرت أن ماضيها أفضل من مستقبلها أو حاضرها، فإن هناك مشكلة.
    في البلقان، الذي كان سببا للحرب العالمية الأولى، وشهد في التسعينات أسوأ نزاع دامٍ في قلب أوروبا منذ الحرب العالمية الأولى، هناك موجة تكتسب زخما شعبيا يسمونها يوغونوستالجيا، أي الحنين إلى عصر يوغوسلافيا الموحدة، قبل أكثر من 30 عاما، في فترة حكم الزعيم الشيوعي تيتو.
    المدهش أن هذه النوستالجيا لا تقتصر على كبار السن الذين عايشوا فترة يوغوسلافيا الموحدة، لكنها امتدت إلى أجيال شابة ولدت بعد تفكك يوغوسلافيا السابقة، واحدة بعد الأخرى، في التسعينات، إلى 6 جمهوريات، ويبدو أنها تقارن بين واقع حالي، وما كانت تسمع عنه من تعايش في إطار دولة واحدة، فتحن إلى الماضي.
    ما يحن إليه الناس هناك، حسب التقارير التي نقلتها وكالات الأنباء، خلال الاحتفالات التي أقيمت السبت الماضي بمناسبة الذكرى السنوية لميلاد تيتو (1892) هو ما يعتبرونه فترة سلام واستقرار خلال حكمه الذي استمر 35 عاما، استطاع خلالها الزعيم الراحل، من خلال قبضة حديدية مخففة ونمط شيوعي أقل حدة من بقية دول الستار الحديدي، أو الكتلة الشرقية السابقة، أن يحافظ على اتحاد بين 6 جمهوريات في كيان واحد، والتعايش بين مكونات هذه الدولة من أرثوذكس وكاثوليك ومسلمين.
    وبعد وفاته في 1980، وتصاعد موجة الشعور القومي لكل جمهورية ومكونها العرقي أو الديني، تفكك الاتحاد، وبدأ الصراع نتيجة ما اعتبره الآخرون هيمنة الصرب على الاتحاد، ووصل إلى حد دموي روّع العالم مع المذابح والقتال الأهلي، خاصة في البوسنة، ثم كوسوفو، ليحصد 100 ألف قتيل، ويدمر مدنا بكاملها، ويشرد أو يهجّر ملايين، في أول حرب على أرض أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وتدخل حلف الـ«ناتو» لحماية الأقلية المسلمة من مذابح جنرالات وسياسيين مهووسين يُحاكمون الآن في محاكم دولية.
    كانت لحظة جنون استسلم فيها الناس لشعارات سياسيين وجنرالات شعبويين وعنصريين لجأوا، بدلا من حل المشكلات بالسياسة والحكمة، إلى السلاح والترويع والقتل، فرسخوا الأحقاد والتباعد، وسمحوا بالمذابح في عصر لا يقبل أو يسمح بالتطهير العرقي، لم يتقدم أحد اقتصاديا ولم يتحسن مستوى المعيشة، إن لم يكن قد تدهور مقارنة بعهد الدولة الموحدة.
    الحقيقة أن الحنين إلى الماضي لا يعني أن هذا الماضي كان كله حسنات، فبالتأكيد أن بذور ما حدث في التسعينات تكمن في يوغوسلافيا السابقة التي حكمها تيتو 35 عاما، فالانهيار بعد رحيله يعني أن النظام السابق لم يضع الأسس الصحيحة للاستمرار بعده في المستقبل، أو أنه لم يرَ جيدا بوادر التحول في النظام الدولي، والظروف الجديدة التي يخلقها سقوط نظريات الاقتصاد الشمولي الموجه السابقة.
    هذا لا ينفي مسؤولية الجيل الذي أشعل لحظة الجنون المدمرة هذه، التي دفعت ثمنها الأجيال اللاحقة لها، ورتبت أوضاعا على الأرض تحتاج جهود عشرات السنين لإصلاحها، وقد لا يجري إصلاحها على الإطلاق، وعلى الأجيال التعايش مع تداعياتها.
    ليست يوغوسلافيا السابقة فقط وحدها التي ارتكبت أخطاء تدفع الأجيال اللاحقة ثمن تداعياتها، فهناك كثير من النماذج التاريخية لحالات مشابهة، يجري تجاوزها والتعلم منها فيما بعد، فالدول والشعوب تدخل حروبا وتخسرها، أو تتعرض إلى كبوات بأشكال مختلفة وتنهض من جديد، لكن أخطر هذه الكبوات أو لحظات الجنون هي الاقتتال الداخلي، عندما ينقسم المجتمع ويقاتل بعضه بعضا، فيتحول الأمر إلى مثل السرطان؛ خلايا الجسم تدمر بعضها بعضا، على وهم أنها تدافع عن نفسها، فتكون النتيجة تدمير النفس بلا عودة إلى الوراء.
    هل هناك دروس نتعلمها في المنطقة العربية من لحظة الجنون البلقانية في التسعينات، التي خلقت اليوم ظاهرة الحنين إلى الماضي قبل 30 عاما كوسيلة هروب من الواقع الحالي؟ الإجابة لا تحتاج إلى اجتهاد كبير، والخوف أنه في بعض مما نراه يجري على الأرض أو أمام أعيننا، فقد يكون الأوان قد فات لتعلم أي دروس، والضرر وقع بلا عودة إلى الوراء.
    لماذا التدريبات العسكرية في إسرائيل؟!
    بقلم: سلامة العكور عن الرأي الأردنية
    لا يختلف المراقبون على أن اسرائيل تؤسس لحاضرها ولمستقبلها بالاعتماد على القوة العسكربة والاستعداد لشن حروب استباقية في المنطقة .. فهي لا تعير اهتماما لفرص السلام .. ولا تضع خططا وبرامج سياسية أو اقتصادية أو أمنية على اساس احتمال سيادة أجواء السلام .. بل على أساس سيادة اجواء الطوارئ واحتمالات تفجير الحروب في أي لحظة .. وممارساتها الاستفزازية في الاراضي الفلسطينية المحتلة وشحن الاجواء الامنية بحملات القتل والاعتقالات بالجملة في صفوف الفلسطينيين أو مصادرة الاراضي واقتلاع المزارع واقامة المستوطنات عليها بذريعة ضمان حماية أمن الدولة العبرية ,إنما يدل على أنها لاتفكر في السلام أو في احتمالات تحقيقه في المنطقة ..
    أما عدوانها على لبنان في العام 2006 م وعدوانها على قطاع غزة في العام 2008م وغاراتها الجوية على مناطق مأهولة في سوريا هذا العام وقبل هذا العام فإنما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها تعتبر نفسها في حرب دائمة مع الدول والشعوب العربية .. فهي أي اسرائيل شاركت في العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة عام 1956 م ..
    وشنت حربا عدوانية على الامة العربية في 5حزيران 1976 م واحتلت صحراء سيناء حتى قناة السويس والضفة الغربية والجولان .. وشنت حربا اخرى في العام 1973 م , والحبل على الجرار .. فلديها الاستعداد الدائم لشن المزيد من الحروب المحدودة والشاملة ..
    وتأكيدا على ذلك فقد أعلن الجيش الاسرائيلي قبل يومين عن اجراء تدريب عسكري شامل يغطي جميع انحاء اسرائيل لمحاكاة رد الفعل في حال تعرضت اسرائيل لهجوم مزعوم او موهوم بالصواريخ يشمل الرؤوس الحربية غير التقليدية ..
    ويشارك الجيش ووزارة الدفاع وسلطة الطوارئ والبلديات ومنظمات الانقاذ في التدريب «نقطة التحول 7 «الذي يستمر حتى يوم الاربعاء ..ويسارع الاسرائيليون الى الملاجئ والاماكن الآمنة تحت الارض عند سماع دوي صفارات الانذار ..وهذا التدريب ليس الاول ولن يكون الاخير ..
    فمنذ سبع سنوات واسرائيل تشهد تدريبات عسكرية بدون انقطاع .. أما الدول العربية التي لا ترى خيارا لإنهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي سوى خيار السلام فقد وافقت على جميع مبادرات السلام الامريكية التي أجهضتها اسرائيل .. وقدمت مبادرة سلام عربية تعترف باسرائيل التي تقوم على « 78%» من اراضي فلسطين ..والقبول بدولة فلسطينية تقوم على « 22% « من فلسطين ..
    وأخيرا القبول بتبادل للاراضي !!.. لكن اسرائيل ترفض المبادرة العربية وتستعد للمواجهات العسكرية والحروب حيثما شاءت ومتى شاءت رغم مزاعمها الكاذبة عن حرصها على تحقيق السلام .. ومزاعمها عن رغبتها بالسلام ليس إلا لشراء المزيد من الوقت وزرع ارضي القدس الشرقية والضفة الغربية بالمستوطنات .. وعندئذ لا يظل شيء يفاوض الجانب الفلسطيني عليه .


    الربيع العربي: مشكلات وحلول
    بقلم: نجيب عيسى عن السفير البيروتية
    على الرغم من أن رياح «الربيع العربي» التي بدأت تهب من تونس ابتداء من خريف عام 2010 كانت واضحة الاتجاه بأنها ستعصف بالأنظمة السائدة في الوطن العربي، إلا أنها في الوقت ذاته كانت مجهولة الأساليب والأدوات والتوجهات في ما بعد، صحيح أنها، منذ اللحظة الأولى، كانت تنشد التحرر والحرية والكرامة والسيادة، لكن المسافة كانت شاسعة بين الواقع الموضوعي والهدف المنشود، ما عرّض ويعرّض تلك الرياح الربيعية لمطبات وعواصف معاكسة في ظل غياب بوصلة سياسية ناظمة... المهم أن تلك الرياح الربيعية العربية عصفت ببعض من تلك الأنظمة، والبقية ستأتي برغم التعثر، فتلك الرياح عصفت نهائياً بعقود من السكونية المجتمعية، والاستلاب الإنساني، والخنوع لأنظمة استبدادية سادت ومادت بين المحيط والخليج لعقود مديدة ارتكبت خلالها كل ما يخطر على البال من الموبقات والجرائم، لم توفر واحدة منها:
    من أول الفساد والنهب والنفاق السياسي والتخريب النفسي والاجتماعي والأخلاقي والثقافي والاقتصادي، إلى انتهاك شامل للحقوق الأساسية للمواطن العربي قمعاً وتوحشاً وقتلاً لحشره في دائرة من الخوف والرعب.
    ومن إلغاء تام للنشاط السياسي وللأحزاب السياسية، ومن احتكار تام للقرار السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي وتسخيره لخدمة الاستبداد، ومن متاجرة بالقضايا الوطنية وتحويلها من قضايا مقدسة إلى سلع للمساومة في أسواق النخاسة.
    ومن تبعية تامة لقوى الهيمنة الخارجية مقابل شرط وحيد هو: دعم أنظمة الاستبداد وامتداح جرائمها بحق الشعب العربي والمجتمع العربي.
    ومن تفريط بالسيادة الوطنية والحقوق القومية وعقد الصفقات العلنية بدءاً من الصفقات مع الصهاينة وليس انتهاء بصفقات مع دول الجوار الإقليمي، ومحاور النظام الدولي مقابل شرط وحيد هو إطلاق يد أجهزة النظام الاقليمي في الوطن العربي لتعبث بالأجزاء وبالكل العربي معاً لقطع الطريق على أي مشروع نهضوي تحرري تنويري في الوطن العربي يذهب بطغاة الداخل وهيمنة لصوص الخارج...
    باختصار شديد، كانت جميع مبررات الثورة في الوطن العربي على الأوضاع القائمة قد تراكمت، ومؤشر فساد الأنظمة وجرائمها ونهبها وتبعيتها وتفريطها قد ضرب رقماً قياسياً، والأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية باتت لا تطاق، حتى أن سفه الأنظمة وتهافتها بلغ أقصاه، ولم يعد لديها ما تضيفه فباتت تكرر جرائمها، ما وضعها أمام طريق مسدود، حيث اقتصر اهتمامها على استنقاع الواقع بهدف وحيد هو الإبقاء عليه كما هو، وتأبيد السيطرة عليه، والإمساك بمفاصله، وهذا وذاك مخالف لنواميس الإنسان النوعية، وللنواميس النوعية للمجتمعات البشرية التي لا تعرف الثبات على حال، فالقانون الأساسي للإنسان، وللمجتمعات هو تجدد الحاجات، والسعي للتطور المستمر...
    لكن المعضلة كانت في أن تلك الثورة العربية «الحلم» التي لا مفر منها، بل، والتي تأخرت أكثر مما يحتمل الواقع الموضوعي في الوطن العربي، كانت تفتقد في الوقت ذاته أدواتها، وتفتقد الحوامل التنظيمية والفكرية. فعلى مدى عقود نجحت أجهزة الأنظمة الاستبدادية في تصحير الحياة السياسية في الوطن العربي، وتدمير الأحزاب السياسية، ولاحقت بوحشية منقطعة النظير حتى الأشلاء من تلك الأحزاب التي انكفأت إلى النضال السري، وصادرت الأنظمة مصادر المعرفة والإعلام والنشر لتسويق الخنوع والنفاق والاستلاب والارتزاق الرخيص وسيطرت على التعليم وشوّهت مناهجه، وحوّلت مؤسسات السلطة ونقابات المهن والجمعيات ذات النفع العام إلى أبواق تبث السموم في المجتمع، واخترقت المؤسسات الدينية وحوّلت منابرها إلى منابر للنفاق وتمجيد الحاكم وتأليهه، ودمرت النسيج الاجتماعي بإثارة العصبيات الدينية والإثنية والطائفية والمذهبية كي ينشغل المجتمع بتلك الصراعات عن مقاومة الاستبداد والفساد والسلطة الغاشمة...
    هكذا، وفي ظل تلك الأوضاع البالغة التعقيد، بات الحديث عن الثورة أو التغيير ضرباً من الأوهام... حتى أن الطغاة استووا على عروشهم باطمئنان، فلديهم مخبرون ينقلون لهم دبيب النملة، والشعب استسلم للخوف إلى درجة أنه يمكن تسييره بمسيرات مليونية تمجيداً للسلطان الذي يمقتون رؤيته، وإلى درجة اقتنع معها الحاكم بأنه معبود الجماهير، وأن المس بسموّه أو سيادته أو جلالته هو مسّ بالسيادة الوطنية.
    هكذا كانت الثورة قد أضحت ضرورة لا مفر منها ولا بديل منها، وفي الوقت ذاته فإن حواملها التقليدية من أول الأحزاب السياسية إلى آخر القوى الثورية المنظمة، غائبة أو مغيبة، فكيف لتلك الثورة ان تقوم إذاً! تلك كانت المعضلة، لكن الشعوب الحية لا تعدم عادة إبداع الوسائل والأدوات، وإن كانت الثورة من دون حواملها وأدواتها ووسائلها وأساليبها المنظمة ستكون أكثر كلفة، كما ستكون محفوفة بالمخاطر، وقد تكون إمكانات اختراقها وسرقتها وحرفها عن مساراتها كبيرة، كما أن المراحل الانتقالية إلى الدولة العادلة المنشودة قد تأخذ وقتاً طويلاً يمكن ان تتخللها ويلات ومصاعب. فما خربه الاستبداد خلال عقود وما أثاره من أحقاد عصبوية وجراح غائرة قد يحتاج إلى جهود مضنية لتجاوز عمليات الثأر والفوضى في المرحلة ما بين سقوط منظومة الاستبداد وبناء مؤسسات الدولة العادلة والتي قد تحتاج وقتا طويلا، خاصة مع غياب الحوامل والأدوات المنظمة كما أسلفنا، لكن مهما كان الثمن باهظاً، ومهما كانت المخاطر كبيرة لا بديل من الثورة.. ذلك ان استمرار أنظمة الاستبداد والفساد سيراكم من تلك المشكلات، ومع كل يوم يمر ستكون كلفة الثورة والتخلص من الاستبداد أكبر وأكثر إيلاماً.
    نقول ذلك الآن، ونؤكده بأكبر قدر من الوضوح، لأن الشباب العربي، ومن خارج سياق الحركات والأحزاب والجماعات السياسية المنظمة المنهكة والخائفة، مستلبة الإرادة والأدوات، أبدع أساليب وأدوات للثورة ليست في قواميس الثورات عبر التاريخ البشري. فقبل الربيع العربي كان أي حديث جدي عن ثورة ما، يقتضي الحديث عن التنظيم الحزبي والضبط والربط والقيادة «الكارزمية» وأدوات الثورة وجناحها المسلح وإيديولوجيتها المحكمة وعناصر الدعم الداخلية والخارجية وإلا يكون الحديث مجالاً للتندر والسخرية.
    هكذا جاء الربيع العربي من خارج هذا السياق فكان مفاجأة وكان «زين العابدين بن علي» أولى الضحايا حيث هرب في ليل. صحيح ان الحكام بين المحيط والخليج تحسسوا رؤوسهم بعد ذلك لكنهم قالوا بصوت واحد، وإن كان بلهجات مختلفة: أنا لست «بن علي» ودولتي ليست دولة تونس!! وكان أول من صدح بذلك نظام مبارك حيث أعلن أبو الغيط وزير خارجيته جواباً عن سؤال: هل تعتقد ان ما حصل في تونس سينتقل إلى مصر؟ أجاب ساخراً: «كلام فارغ»، فكان حسني مبارك أول الملتحقين بزين العابدين، وتكرر الجواب ذاته في الأقطار الأخرى لكن النتائج كانت مختلفة حيث تعثرت رياح الربيع العربي في بعض منها، ما أتاح للبعض الآخر من الحكام تفاديها ولو كان ذلك إلى حين...
    ما يعنينا هنا أن الأوضاع الانتقالية التي يعيشها الشعب العربي في الأقطار التي سقطت فيها الأنظمة، وفي الأقطار التي تطور فيها الصراع وامتد لمدد زمنية طويلة كانت أوضاعاً مضطربة إلى حد كبير. طفت على السطح كل الآفات الاجتماعية التي تراكمت خلال عقود من الاستبداد وتفاعلت مع تدخلات خارجية لها مصالحها الحيوية في الوطن العربي والتي تتعارض مع نهوض عربي يدير مصالح الأمة وثرواتها المادية والبشرية وفق مصالح الأمة وليس وفق مصالح قوى الهيمنة الاقليمية والدولية.
    ترتبت على ذلك فوضى عارمة وممارسات سلبية، ما دفع بالأسئلة الحيوية إلى الواجهة: أمن أجل هذا كان الربيع العربي؟ أمن أجل هذه البدائل المشوهة قدم الشعب كل تلك التضحيات؟ أمن أجل هذه الفوضى والتخبط وانعدام الرؤية كانت هذه الثورة؟ على الأقل الأنظمة الاستبدادية كانت توفر شيئا من الاستقرار، كان الخوف من أجهزة الأمن سيد الموقف، الآن كل مواطن يخاف على أمنه الشخصي... وهكذا سلسلة من المقارنات بين ما كان وما هو كائن. وزاد في الطين بلة ان بقايا قوى النهوض والتحرر وفصائلها التي كانت تبرر فشلها بتوحش الأجهزة الأمنية انضمت إلى جوقة المشككين عوضاً من أن تتقدم الصفوف لتجاوز المراحل الانتقالية.
    كان عليها أن تعقد المقارنة بين الواقع المستجد والمستقبل المنشود، وكيف يمكن تحقيقه، لكنها قوى ماضوية بطبعها وهكذا، عوضاً عن أن يتحول ميدان التحرير في القاهرة وساحات التحرير والحرية في تونس واليمن وليبيا إلى ساحات تحرير عربية لاستكمال تحرير الوطن العربي من أنظمة الاستبداد تحولت إلى ساحات للتشكيك بالثورة العربية وبالربيع العربي وإلى ميادين للتشاتم والتخندق مع من بقي من الطغاة، وكأن النهضويين العرب لم يحسموا الأمر منذ عقود بأن النظام الإقليمي في الوطن العربي هو نظام واحد عضوياً ووظيفياً عبر التكامل العضوي بين الحكام، وأن الفروق النسبية في الأزياء والمسميات والارتباطات الإقليمية والدولية لا تعكس فروقاً في الوظائف.

    كيف نستعيد سيناء؟
    بقلم: مصطفى كامل السيد عن الشروق المصرية
    بعيدا عن الجدل الدائر حول تفاصيل عملية العثور على الجنود السبعة المختطفين فى سيناء ومصير خاطفيهم، يجمع كل المراقبين أن التحدى الذى يمثله وجود الجماعات الموصوفة بالجهادية فى شبه جزيرة سيناء للأمن القومى المصرى هو خطير وحال، ولم يكن اختطاف الجنود إلا واحدا من مظاهر هذا التحدى لأمن مصر ولأمن مواطنى سيناء. ولذلك فالمطلوب الآن وبشدة هو وفاء القيادة السياسية بوعدها باستمرار جهود تحقيق السيادة المصرية على كل أنحاء سيناء، وخصوصا شمالها. ويقتضى ترجمة هذا الوعد والذى سبق أن قطعته على نفسها، خطوات بعضها ربما حاولت القوات المسلحة القيام به من قبل، والبعض الآخر يقتضى فكرا جديدا وجهودا دبلوماسية متعددة الأطراف.
    أولى خطوات المواجهة هى بكل تأكيد الدور الذى تقوم به أجهزة المعلومات فى المخابرات العامة والمخابرات الحربية والأمن الوطنى. هل تتوافر لدى هذه الأجهزة معلومات كافية ومتجددة حول عدد الجماعات المسلحة الموجودة فى سيناء وكيفية وصولهم لها، وجنسياتهم، هل هم من أبناء سيناء؟ وإذا كان بينهم أجانب كما تشير تقارير صحفية عديدة فما هى جنسياتهم؟ وما هى أهدافهم من الوجود فى سيناء؟ وماهو مدى تسليحهم وحدود قدراتهم؟ الإجابة عن هذه الأسئلة ضرورية لتحديد الأساليب الصحيحة للمواجهة.
    إذا كانت أغلبيتهم من أبناء سيناء، فإن ذلك يدعو إلى اكتشاف الأسباب التى تجعل مواطنين مصريين سيناويين ينخرطون فى مثل هذه التنظيمات وصلة ذلك بالتهميش غير المسئول لشمال سيناء وغياب جهود التنمية الحقيقية فيه رغم كثرة ماقيل عن مشروع تنمية سيناء والذى لم يتقدم كثيرا لا فى العهد السابق ولا بعد ثورة يناير، وإذا كانوا يضمون أجانب، فإن المواجهة لا بد وأن تشمل مراقبة الحدود واستكمال المعلومات عن التنظيمات التى ترسل هؤلاء إلى سيناء. تشير مصادر صحفية إلى أن عدد هذه الجماعات فى سيناء يتجاوز سبعة آلاف، وأنها تسيطر على ما يزيد على ألف مسجد. لو صحت هذه الأرقام فإنها تكشف عن حجم التحدى الذى تواجهه السلطات المصرية وهى تتعامل مع هذا الملف الخطير، فلن تكتفى مثل هذه الجماعات بمجرد الوجود فى سيناء، ولكنها لابد وأن تستثمره بما تعتبره عملا جهاديا فى مواجهة السلطات المصرية والأهالى لصعوبة وصولها إلى إسرائيل.
    ولا شك أن المواجهة المسلحة مع هذه الجماعات تقتضى أساليب خاصة لا تجدى فيها الدبابات والمدرعات والأسلحة الثقيلة، ولكنها مهمة يجب أن تقع بالأساس على فرق العمليات الخاصة محدودة العدد والمدربة جيدا على أساليب حرب العصابات المضادة، وهناك شواهد على أن القيادات العسكرية والأمنية أصبحت تدرك هذه الحقيقة. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه الخطة يستلزم زيادة عدد القوات المصرية الموجودة فى المنطقة «ج» الملاصقة للحدود مع غزة وإسرائيل. مما يقتضى معاودة النظر فى ملحق معاهدة السلام الخاص بذلك، وليس من المحتمل أن تضع إسرائيل عقبات كبرى أمام هذا التعديل، فعلينا أن نعترف بأن هذا التعديل يحقق مصلحة مشتركة لكل أطراف تلك المعاهدة.
    ولا يمكن لهذه الجهود الأمنية أن تنجح إلا إذا تضامن معها أهل سيناء. والطريق إلى ذلك هو أولا تغيير أسلوب تعامل الأمن مع مواطنى سيناء والعدول عن الأساليب التى تعودت عليها وزارة الداخلية معهم والتى انطوت على انتهاك خطير لحقوق الإنسان خصوصا من اشتبهت فيهم عن غير حق أجهزة هذه الوزارة، وهو ثانيا من خلال مشروع تنمية سيناء الذى لا يبدو أنه قد ترجم إلى واقع. وإذا كان من الصحيح أن قسما من آلاف «الجهاديين» الموجودين هناك هم من شباب سيناء، فإن واحدا من أسباب إبعادهم عن مثل هذه الأنشطة هو توفير العمل اللائق والدخل الكريم لهم وتمتع كل مواطنى سيناء بالحد الأدنى الضرورى من الخدمات الأساسية التى يبدو أنها تنقصهم إلى حد كبير.
    وفى هذا المجال لابد من الإقرار بأن تنمية سيناء تحتل أولوية تفوق بكثير كل هذا الاهتمام بما يسمى إقليم قناة السويس، لأسباب متعددة منها أن تنمية سيناء هو هدف يحظى بقبول وطنى عام على العكس من مشروع تنمية إقليم قناة السويس الذى يثير كثيرا من الخلافات ويلقى معارضة حتى بين مواطنى هذا الإقليم. فضلا على أن الدراسات الخاصة بتنمية سيناء موجودة على حين أن الدراسات الخاصة بالمشروع الآخر لم تبدأ بعد. وبينما تؤدى تنمية سيناء إلى تعزيز الأمن الوطنى، يخشى بعض الناقدين لمشروع إقليم قناة السويس أن يؤدى إذا ما جرى تنفيذه وفقا للمشروع المنشور عنه إلى تهديد الأمن الوطنى بدخول شركات وعناصر لا تعرف هويتها الكاملة وسيطرتها على مساحات واسعة فى هذه البقعة ذات الأهمية الإستراتيجية لأمن مصر.
    ولا شك أن حظر وجود هذه الجماعات المسلحة فى سيناء لا يمكن أن يتم طالما استمر وجود الأنفاق المتصلة بغزة فمنها ربما تأتى هذه العناصر، ومن خلالها تهرب، وعن طريقها تحصل على السلاح أو تقوم بتهريبه، ولا يكفى ردم الأنفاق الموجودة للقضاء على ظاهرة الأنفاق هذه، فسوف تستمر الأنفاق طالما استمر الحصار الفعلى الذى تفرضه إسرائيل على غزة حتى وإن ادعت بتخفيفه، ولذلك يجب على السلطات المصرية المبادرة بإقامة منطقة تجارة حرة مع غزة فى المساحة المجاورة لحدود مصر مع القطاع، وأن تتغلب على معارضة إسرائيل والولايات المتحدة لهذه الخطوة لأن التجربة الواقعية أثبتت أن حصار غزة أصبح بطريقة غير مباشرة يمثل تهديدا للأمن الوطنى فى مصر. ويجب توضيح أبعاد هذه الخطوة للرأى العام المصرى، وأنها السبيل للقضاء على المخاوف من أن تصبح سيناء هى الوطن البديل للفلسطينيين، فاستقرار الأوضاع فى غزة هو الذى سيقلل من رغبة الفلسطينيين فى مغادرتها.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 376
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-21, 09:59 AM
  2. اقلام واراء عربي 327
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:33 AM
  3. اقلام واراء عربي 279
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:21 PM
  4. اقلام واراء عربي 278
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:15 PM
  5. اقلام واراء عربي 277
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:14 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •