أقــلام وآراء إسرائيلي 366
14/6/2013
في هــــــذا الملف
الاسلام السياسي في الخليج
بقلم: يوئيل جوجانسكي،عن نظرة عليا
لماذا ينبغي ان ندعم الثوار في سورية
بقلم: موشيه ماعوز،عن هآرتس
اسرائيل لا تكف عن مهاجمة قوافل السلاح
بقلم: أوري مسغاف،عن هآرتس
رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد ونائباه سيحافظان على تركة سلام فياض
بقلم: دوف فايسغلاس،عن يديعوت
مطلوب وزير خارجية
بقلم: أسرة التحرير،عن هأرتس
المعاناة الدائمة والانتظار الطويل الخانق اللذان يمر بهما العمال الفلسطينيون في طريقهم للعمل داخل اسرائيل
البحث عن الزمن المفقود: ليلة في حاجز ترقوميا
بقلم: عميره هاس،عن هأرتس
الاسلام السياسي في الخليج
بقلم: يوئيل جوجانسكي،عن نظرة عليا
يدعي استطلاع نشره مؤخرا معهد ‘بيو’ للبحوث بأنه توجد في الشرق الاوسط أغلبية تؤيد جعل الشريعة قانونا للدولة. ورغم أن التعريفات والمناهج تتغير بالنسبة لاي جانب من القوانين الاسلامية يجب أن تتبع وعلى من تنطبق، فان اغلبية كبيرة في المنطقة، هكذا حسب الاستطلاع، تفضل ان ترى علاقة وثيقة أكثر بين السياسة، الحكم والاسلام وتحتفظ بالاعتقاد بان للقرآن والحديث ما يقولانه عن شكل تنظيم المجتمع والحكومة. ولا يفترض بالنتائج أن تكون مفاجئة. فمؤيدو الاسلام السياسي كالاخوان المسلمين، والاحزاب التي تدور في فلكهم وكذا حركات مشابهة، اثبتوا بانهم شعبيون للغاية ويشاركون بحجم واسع في الهزة الاقليمية وآثارها.
تبدو دول الخليج العربية مستقرة، على الاقل مقارنة بعموم المنطقة. ومع ذلك، فان الهياكل السياسية والاقتصادية في دول الحكم المطلق تشهد ضغطا تتحدى فيه أجزاء لا بأس بها من السكان النخب الحاكمة. فالسعودية، اتحاد الامارات، الكويت، البحرين، قطر وعُمان وقفت منذ الان امام حركات معارضة مختلفة على مدى السنين. ولكن في معظم الحالات لم تنجح هذه الحركات في الانتشار، ومالت لان تمثل اجزاء ضيقة جدا من السكان. ومن خلال جملة من استراتيجيات البقاء الداخلية والخارجية نجحت الانظمة في الحفاظ على الاستقرار.
تعزز العنصر الديني ليس أمرا جديدا في المنطقة. ورغم ذلك فان سلوك بعض من الانظمة الملكية يدل بوضوح على التخوف المتزايد من التهديدات من جهة الاسلام السياسي على مواصلة حكمها. وتتراوح الامثلة من المحاكمة المتواصلة ضد نحو مئة من اعضاء ‘الاصلاح’ المنظمة المتماثلة مع الاخوان المسلمين في اتحاد الامارات، ممن اعتقلوا في السنة الاخيرة (قبل ذلك أعلنت السلطات عن اعتقال ‘خلية للاخوان المسلمين المصريين’ دربت محليين على الانقلاب ضد النظام)، وحتى حل البرلمان الكويتي الذي انتخب في شباط/فبراير 2012 وكان متأثرا بالقوى الاسلامية وشبه الاسلامية. وذلك، خلافا لقطر، التي ان كانت لا تحكمها حركة الاخوان المسلمين، فانها متماثلة وداعمة لافكارها (فالامارة تبقي في نطاقها منذ الستينيات على يوسف القرضاوي الذي وإن كان لا يتبوأ مكانة رسمية في الحركة الا أنه معروف بصفته المرجعية الدينية الايديولوجية العليا للاخوان).
حتى الان تخدم المقارنة بين الاحداث التي المت بالدول، التي اجتازت الهزة في الشرق الاوسط، وبين الوضع في الانظمة الملكية، تخدم وتساعد الحكام على ‘اقناع′ رعاياهم، بانه من الافضل لهم أن يواصلوا احترام العقد غير المكتوب وبموجبه تعمل هذه الدول ـ الحكم يوفر ويدعم معظم الخدمات ـ مقابلها لا يطالب المواطنون بالمشاركة السياسية. ولكن، على مدى الزمن فان نجاح الانظمة الجديدة في مصر وتونس كفيلة بان تؤثر على الانظمة الملكية وتظهرها كمعارضة للديمقراطية. ثانيا، وعدت الانظمة الملكية بقدر كبير من التغييرات الدستورية، ونفذت القليل جدا. ويبدو أنه في المرة القادمة لن تكفي الوعود أغلب الظن، إذ يتعين عليها أن تتقدم ‘بخريطة طريق’ لتنفيذ الاصلاحات السياسية، وتتجاوز مجرد الضريبة الكلامية.
ويرتبط الخوف المحدد من مؤيدي الاسلام السياسي بحقيقة أنهم يقترحون طريقة بديلة للمباني السلطوية القائمة، توفر اطارا سياسيا الى جانب الشرعية الدينية. وليس الاسلام السياسي مجرد امكانية لطريقة بديلة فالديمقراطية الغربية هي أيضا هكذا وهو ليس مجرد منافس للاساليب القائمة التي تدمج الاسلام بالدولة كالعلاقة بين عائلة آل سعود والمؤسسة الدينية الوهابية بل انه تهديد للنظام القائم. وبتعبير آخر، فانه بسبب العنصر الديني الذي فيه ولما كان العديد من الحركات يحث على انتخابات ديمقراطية ويشارك فيها، فانه يعرض بديلا حقيقيا وناجعا للقيادة الحالية، التي أثبتت نفسها بانها قادرة على اسقاط حكومات في دول كمصر وتونس. ورغم أن الزعماء الاسلاميين أبدوا براغماتية انطلاقا من الاضطرار فليس من المسلم به ان يبقى هذا الوضع. معقول أن تواصل دول الخليج السياسة الخارجية والداخلية التي طبقتها منذ بداية الربيع العربي في محاولة لمنع الاضطرابات وتعطيل عناصر تهديد استقرار الحكم ومحاولة التأثير بقدر الامكان على العنصر الاسلامي كسياسة اخرى. وحقيقة أن السعودية تمنح مساعدة لمصر وبالتوازي تحاول ابعاد الاخوان المسلمين عن الائتلاف الرسمي للمعارضة السورية وتساعد الاردن الذي يقاتل هو ايضا ضد الاسلام، فانها نموذج لمثل هذا السلوك المزدوج. ومع ذلك، تؤدي هذه السياسة تجاه العناصر الاسلامية ـ مثل دعوة اتحاد الامارات العربية الى دعم مشترك من دول الخليج ضد الاخوان المسلمين مقابل دعم قطر للمنظمة وللحركات المرافقة لها ـ تؤدي الى التوتر بين دول الخليج وتخلق تصدعا في غلاف الوحدة نتيجة للربيع العربي (الذي وجد تعبيره مثلا في المعارضة المشتركة للقذافي والاسد). ويمكن لهذه الخلافات أن تثقل على من له مصلحة في تشكيل جبهة موحدة ضد عدو مشترك. مثال على ذلك المصاعب التي تواجهها الادارة الامريكية في محاولتها لبلورة جبهة سنية موحدة. والدليل هو أنه رغم التأييد العام الذي قدم للمعارضة للاسد، تجد الدول صعوبة في الوصول الى التوافق فيما بينها على العناصر المعارضة السورية التي ينبغي دعمها.
ولا تبدي دول الخليج كقاعدة ارتياحها من انجازات ‘الاخوة’ ويتغذى هذا الشك في السعودية بعلاقات المنافسة والتوتر الشديد بين المدرسة الوهابية والاخوان المسلمين، التي تجد تعبيرها على مدى السنين في الهجمات المتبادلة. ومع أنه في الخمسينيات والستينيات وجد العديد من الاخوان المسلمين ملجأ من وجه القومية العربية في نطاق المملكة، الا ان الاسرة المالكة السعودية بقيت متحفظة منهم (لم تسمح لهم باقامة فرع في المملكة)، وكثيرا بعد تأييد الاخوان المسلمين لاحتلال الكويت ولا سيما في سنوات ما بعد عمليات 11 ايلول/سبتمبر 2001، بالحديث علنا وبشدة ضدهم. وفي السياق السوري، مع ان السعوديين معنيون بان يسقط الاسد كسبيل لاضعاف ايران، الا انهم يخشون، وان لم يكونوا يعربون عن ذلك علنا، من صعود محافل اسلامية متطرفة كالاخوان المسلمين، الامر الذي من شأنه أن يؤدي الى نشوء كتلة ‘خضراء’ من الدول التي تقودها هذه الجماعات الاسلامية.
كجزء من محاولتها صد الاسلام السياسي نفذت الانظمة الملكية اعتقالات وقائية، تدخلت في اجهزة القضاء واحبطت قدر الامكان اعمال المجتمع المدني. كما تستخدم السلطات القرآن لتبرير حظر الاحتجاجات ومطالبة المواطنين بطاعة زعمائهم. غير أن الثورات في المنطقة لم تعط فقط الامل لمواطني دول الخليج والحركات المحلية التي سعت الى الاصلاح السياسي، بل تجعل من الصعب على الانظمة مواصلة تصوير معارضيها كـ’اعداء الشعب’ حتى ان كانت لهم اجندة اسلامية.
حتى لو تشكلت جبهة موحدة من دول الخليج تجاه الاخوان المسلمين أو تجاه حركات مشابهة تمثل صيغة للاسلام السياسي، فان هذا لا يضمن الحصانة ضد شعبية هذه الحركات. وبالمقابل، فان فشل الحركات الاسلامية يمكن أن يساعد الانظمة الملكية في اقناع رعاياها بان البديل ليس جذابا أو قابلا للعيش. وصحيح حتى الان، السؤال ‘اين كنت تفضل أن تعيش، هنا أم هناك؟’ هو بالفعل حجة مقنعة، ولا سيما في ضوء الوضع الصعب لمصر. ومن جهة اخرى، فان نجاحا محتملا للحركات الاسلامية سيطرح بديلا للوضع الراهن السياسي القائم في الخليج. عمليا، معقول أن الديمقراطية العلمانية التي تحقق نجاحا ستكون أفضل في نظر الانظمة الملكية في الخليج على نجاح مشابه تحققه حركة بقيادة اسلامية. وذلك لانه على الاقل في الحالة الاولى ستكون الشرعية الدينية التي يخشون منها، بارزة في غيابها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لماذا ينبغي ان ندعم الثوار في سورية
بقلم: موشيه ماعوز،عن هآرتس
موقف اسرائيل بالنسبة للحرب الاهلية النازفة في سورية بقي مشوشا. بعض من مسؤولي الحكومة والجيش يهددون سورية باعمال رد عسكرية قاسية اذا واصلت هذه اطلاق النار من سلاح خفيف ضد أهداف في الجولان. آخرون، وبينهم على ما يبدو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ايضا، يلمحون أو يسربون ان علينا ان نتمنى انتصار بشار الاسد، لانه برأيهم هو ‘الشيطان المعروف’ الذي لا يزال يسيطر على جيشه وعلى مخزونات السلاح الكيميائي، براغماتي في موقفه من اسرائيل، ومقبول كشريك للتسوية السياسية. وبتقديرهم، بديل الاسد هم مسلمون متطرفون كرجال القاعدة من كارهي اسرائيل الواضحين، ممن سيعرضوننا للخطر بشكل متطرف.
ويوجد مسؤولون يفضلون ان تستمر الحرب الاهلية مع القتل المتبادل وانقسام سورية الى مناطق مستقبلية ذات حكم ذاتي للعلويين، الدروز والاكراد. وبرأيهم، حذار على اسرائيل أن تتدخل في هذه الحرب، او ان تتمنى انعدام أو تفكك سورية.
من الصعب تقدير التطورات في سورية، ولكن يحتمل أن يكون ممكنا التأثير عليها انطلاقا من الحرص على المصالح الاستراتيجية، الاقليمية والعالمية لاسرائيل، والحساسية الانسانية الجارية خلف حدودنا الشمالية. وذلك لانه كيف يمكن لدولة اليهود أن تقف جانبا عندما يواصل الاسد ذبح شعبه (80 90 الف نسمة قتلوا حتى الان).
من الجانب الاقليمي، نظام الاسد هو الحلقة الضعيفة في محور الشر المتطرف الشيعي بقيادة ايران (وبمشاركة حزب الله). هذا هو عدونا الاخطر، وكذا لدول اسلامية سنية مثل تركيا، السعودية، الاردن وبعض دول الخليج. ومثل هذه الدول، على حكومة اسرائيل أن تعرب علنا عن تأييدها لـ’الجيش السوري الحر’، وللقيادة المدنية للتيار المركزي للثوار المسلمين، علمانيين ومتدينين (بمن فيهم الاخوان المسلمون)، الذين سيكون معهم ايضا ممكنا اجراء مفاوضات عند وصولهم الى الحكم. هكذا تلمح اسرائيل للثوار السنة وللدول السنية بانها ترغب في الارتباط في حلف استراتيجي اقليمي يعمل على اسقاط نظام الاسد ويضعف ايران وحزب الله ايضا.
ولكن من أجل المضي في هذا الحلف قدما على اسرائيل أن تقبل مبادئ مبادرة السلام للجامعة العربية من العام 2002، التي اقرت مؤخرا بصيغة اكثر اعتدالا وتحظى بتأييد اغلبية الدول السنية. مثل هذه الخطوة كفيلة بان تساعد في انخراط اسرائيل في منظومة استراتيجية اقليمية جديدة، برعاية الولايات المتحدة.
الحقيقة هي أن الجيش السوري الحر ليس متبلورا وقويا بما فيه الكفاية، القيادة المدنية للثوار لا تزال منقسمة، وفي اوساط الثوار ايضا مقاتلون من القاعدة وجماعات سلفية متطرفة اخرى. ولكن رغم الدافعية والايديولوجيا الراديكالية لهذه المجموعات، فانها تعد بضعة الاف من المقاتلين، معظمهم ليسوا سوريين وهم لا يمثلون التيار المركزي للسكان المسلمين السنة في سورية.
في جهد مشترك ومنهاجي لتركيا، السعودية، قطر والاردن، وبمساعدة مكثفة من الولايات المتحدة والناتو، سيكون ممكنا تعزيز وبلورة الجيش السوري الحر (الذي يعد نحو 50 الف مقاتل اليوم)، لخلق مناطق فصل واسعة داخل الحدود الشمالية لسورية ومنع نشاط سلاح الجو السوري في هذه المنطقة. واضح أن ايران وروسيا ستعارضان خطوات عربية ـ غربية كهذه، وستواصل دعم حكم الاسد وصد نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة. المؤتمر الدولي في هذا الموضوع (الذي كان يفترض أن يعقد في بداية الشهر)، لن يحل المشكلة بل سيطيل فقط ايام الاسد في الحكم.
مثلما في كوسوفو، على الناتو والولايات المتحدة أن يتخذا سياسة التدخل العسكري لمنع ذبح المواطنين، قطع الحلف بين الاسد وايران ومساعدة ممثلي الاغلبية الاسلامية السنية (70 في المئة) على الاستيلاء على الحكم في دمشق. على اسرائيل بالطبع ألا تكون متدخلة مباشرة من ناحية عسكرية في سورية، ولكن يمكنها أن تساعد سرا في المعلومات الاستخبارية الدقيقة عن المنظومة العسكرية للاسد، وكذا توسع المساعدة الانسانية للاجئين والمصابين السوريين. كم أن اسرائيل ملزمة بان تستغل علاقاتها الطيبة مع الولايات المتحدة كي تحركها نحو منح رعاية عسكرية استراتيجية للثوار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل لا تكف عن مهاجمة قوافل السلاح
بقلم: أوري مسغاف،عن هآرتس
قبل بضعة اسابيع، في حماسة الجدل في ميزانية الدفاع، دخل في المعركة اسم اللواء احتياط غيورا آيلاند. فعلى أثر زعمه انه يمكن الاقتطاع من الميزانية اقتطاعا عميقا، نسب اشخاص مجهولون في الجهاز الى موقفه بواعث مرفوضة، هي الانتقام وخيبة الأمل لأنه لم تُصدَر له رخصة تصدير أمني. وكانت المفاجأة الكبرى في مصارعة الوحل هذه من وجهة نظري أن آيلاند الذي كان في الماضي رئيس شعبة التخطيط في الجيش الاسرائيلي ورئيس مجلس الامن القومي، يريد ان يشتغل الآن بتجارة السلاح. لكنني تذكرت مبلغ كوني مثل أكثر الاسرائيليين غارقا في ظلام السذاجة والجهل والانكار.
يوجد مواطنان اسرائيليان مثاليان على الأقل يطلبان إلينا أن نستيقظ على الواقع. فقد أنتج السينمائي يوتام فيلدمان فيلم ‘المختبر’، وهو فيلم توثيقي عن صناعة السلاح الاسرائيلية. ومن جملة ما يوصف فيه الانتقال السريع لضباط كبار في الجيش الاسرائيلي الى الاشتغال بالتصدير الأمني. ويحصر العناية في هذا الجهاز القانوني الذي يُمكّن هذا الانتقال، دونكيشوت آخر اسمه إيتي ماك وهو محامٍ مختص بحقوق الانسان. فقد نُشر في صحيفة ‘هآرتس′ هذا الاسبوع أن اسرائيل باعت باكستان ومصر والجزائر واتحاد الامارات والمغرب معدات أمنية في السنوات الخمس الاخيرة. وليست هذه الخمس السعيدات وحدها لأنه تظهر في وصفة التصدير الأمني الى جانبها 125 دولة اخرى، فاسرائيل الصغيرة هي من أكبر مصدري السلاح في العالم.
رفع المحامي ماك استئنافا في الآونة الاخيرة الى المحكمة العليا، طالبا أن تأمر جهاز الامن بالكف عن اخفاء من يربح من هذا الامر عن الجمهور. وهذا أحد الأسرار المحفوظة في الدولة وهو سر من الذين يعتبرون في النادي الذهبي الذي يمنح اعضاءه الحق في الاتجار بالسلاح الاسرائيلي. يصعب ان نصدق لكن هذه الغابة الكثيفة نُظمت دستوريا في 2007 فقط. وهي تشتمل الآن على 1006 شركات و313 مشتغلا مستقلا. وأُصدر لها الى اليوم نحو من 19 ألف رخصة تسويق و8716 رخصة تصدير.
والحديث عن حلقة مغلقة وعن ثلة من ذوي العلاقات من الضباط المتقاعدين يتمتعون بهذا الحق الزائد الذي يمنح لهم في الظلام ومن دون مدة تبريد. انها علاقة مريضة بين المال والسلطة والأمن، تستعمل عالما كاملا تحت الرادار العام. ولقد جرى ‘تنظيمها’ في الحقيقة في اطار قانون الرقابة على التصدير الأمني، لكن هذا تنظيم جزئي جدا لأن التنظيم تم داخل أسوار الجهاز، ولأنه كذلك فهو لا يخضع لرقابة المجتمع المدني. حسبنا ان نذكر مثلا ايهود باراك الذي كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة اركان ويتجه الى ‘التصدير الامني’ (أي الاتجار بالمعدات والخبرة) في كل مرة يحصل فيها على ‘عطلة’ من السياسة.
لكن التأثير القيمي والاخلاقي لوجود كل اولئك المصدرين الممتازين يتجاوز كثيرا شؤون الادارة السليمة. لأن الجمهور الاسرائيلي لم يواجه قط بصورة عميقة حقيقة ان سلاحا اسرائيليا وخبرة عسكرية اسرائيلية واعدادا اسرائيليا تتدفق بلا انقطاع الى جميع أنحاء المعمورة. هذه حقا هي ذراع الجيش الاسرائيلي الطويلة وهي تبلغ الى كل مكان ويشمل ذلك أشد نظم الحكم ظلاما وأكثر الصراعات قسوة. إن الصناعات الامنية هي في الحقيقة عنصر حاسم في منعة الاقتصاد الاسرائيلي، فهي تُدخل مليارات من العملة الاجنبية وتهب آلاف اماكن العمل لكن لها ثمنا.
إن معنى هذا النشاط هو ان اسرائيل تؤدي دور لاعبة مركزية في سباق التسلح العالمي. ويحدث هذا بسبب الطمع وبلادة الحس الاخلاقية اللذين يسهل جدا حفزهما حينما يتم كل شيء في الظلام. وعلى مر السنين ضعفت حتى القيود المتواضعة، الى درجة ان جهاز الامن اليوم أصبح محتاجا الى جهات أكثر اتزانا تحد من جماحه، مثل بريطانيا التي حظرت على اسرائيل تصدير منظومات تشتمل على مركبات بريطانية الى روسيا وسيريلانكا وتركمانستان. ونحن نبيع طُغاة افريقيا ايضا سلاحا، بل إننا وصلنا الى ايران (هل تتذكرون ناحوم منبار؟). والشيء الأساس أننا في آخر النهار ما زلنا نهاجم قوافل وسفن السلاح في صيحات هجوم ونُجهد أنفسنا في إفشال صفقات آخرين ونعظ العالم كله في الاخلاق. فيا للعار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد ونائباه سيحافظان على تركة سلام فياض
بقلم: دوف فايسغلاس،عن يديعوت
نجح الدكتور سلام فياض منذ سنة 2002، أي منذ عُين وزيرا للمالية، وبعد ذلك خلال سنوات ولايته لرئاسة الوزراء، في أن يغير تغييرا جوهريا نظام الحياة في السلطة الفلسطينية. فمن وجهة الحكم تقررت نظم ادارة سليمة، وتقررت قواعد ادارة مالية مناسبة واستُعملت شفافية ميزانية وفُرضت رقابة حسابية مناسبة على نشاط السلطة المالي.
ومن الوجهة الاقتصادية ـ شجع تحسن سلوك السلطة دولا من العالم على اعادة تجديد الدعم المالي لها، وطورت المساعدة المالية التي أخذت تزداد مع اجراءات اقتصادية داخلية كتشجيع الاستثمارات الاجنبية والمحلية اقتصاد السلطة وحسنته. ومن الوجهة الامنية تمت اعادة تنظيم قوات الامن الداخلي واستبدل آلاف رجال الشرطة والقادة من أبناء جيل الانتفاضة بقوة امنية جديدة مطورة قللت كثيرا الجريمة البشعة وعملت في نجاعة على منع الارهاب الموجه الى اسرائيليين.
وتحسنت جدا الحياة في يهودا والسامرة وتضاءلت البطالة وزاد معدل دخل الفرد وجُددت السياحة، وأصبح الهدوء والسكينة والاستقرار حقيقة جوهرية مستمرة. يقول رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن وفياض ايضا منذ زمن بعيد إن الارهاب جلب على الفلسطينيين ضررا سياسيا واقتصاديا واخلاقيا فظيعا. ويعلم أبو مازن ان الشرط المسبق لتسوية سياسية اسرائيلية فلسطينية هو استمرار الهدوء والاختفاء المطلق للارهاب والعنف. وليس هذا طلبا اسرائيليا فقط فكل دول العالم، ولا سيما تلك التي تدعم السلطة الفلسطينية بسخاء، ستطلب من الفلسطينيين بشدة الاستمرار في اقامة هدوء الواقع الجديد.
وهكذا منذ أنهى رئيس الوزراء فياض مدة ولايته عين أبو مازن بدلا منه اشخاصا يريدون ويستطيعون ضمان استمرار وجود الاستقرار والهدوء. وقد عُين الدكتور رامي الحمدالله رئيسا للوزراء وهو انسان ذو صيت اكاديمي مدهش وإن كانت تعوزه التجربة الرسمية، وهو معروف في بلده وفي العالم بأنه مدير نشيط ونافع وعملي. ويصفه أحد اصدقائي وهو رجل اعمال فلسطيني يعرف الدكتور الحمد الله جيدا بأنه رجل ‘نافع يتوخى الهدف وعملي يعرف جيدا ما يريد ويعمل على تحقيقه’. وهو على يقين من نجاح الدكتور الحمدالله، لأنه كما يرى ‘مخلوط من المواد المطلوبة للمنصب’. وعُين الدكتور محمد مصطفى نائبا لرئيس الوزراء وهو اقتصادي ورئيس سلطة الاستثمارات الفلسطينية وكان في الماضي عاملا رفيع المستوى في البنك الدولي. والدكتور مصطفى معروف في العالم ومُجل وخبير وذو تجربة في الشؤون الاقتصادية والادارة العامة.
كلاهما ‘مختص’ جاء من القطاع العام، وهما شخصان مثقفان ومعتدلان وعمليان، تربيا على قيم الثقافة والحضارة ونهج الحياة الغربي. وكلاهما ذو صلات وتقدير في العالم، ولا شك أن هذين الشخصين سيعملان على الحفاظ على ‘تركة فياض’. فليس من العجب اذا ان سارع متحدثو حماس في غزة الى التنديد بالتعيين. وقد امتنع أبو مازن من ان يُعين للمنصب الجديد أحدا من حرس فتح التقليدي، ومن قدماء جيل المقاومة والثورة مثل جبريل الرجوب، الذي تحدث مؤخرا في التلفاز اللبناني عن أنه لو ملك الفلسطينيون قنبلة ذرية لكان من المناسب ان تُلقى على اسرائيل.
يتبين في هذه المرة ايضا أن أبو مازن زعيم واعٍ ومسؤول ومتزن. فربما كان تعيين اشخاص آخرين ربما يكونون مقبولين أكثر يتلقاه الشارع الفلسطيني بالتشجيع لكن ارادة الاستمرار في الاستقرار والحفاظ على العلاقات السليمة بالدول الغربية واحتمال احراز تسوية سياسية مع اسرائيل حثته على أن يقرر قرارا مختلفا وهذا إظهار للمسؤولية.
من المهم ان تُعاود حكومة اسرائيل تذكرها أن أبو مازن لن يكون هناك الى الأبد وأنه سيصعب على اسرائيل ان تجد شريكا أفضل منه في تسوية سياسية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مطلوب وزير خارجية
بقلم: أسرة التحرير،عن هأرتس
محاكمة أفيغدور ليبرمان، التي استؤنفت مرحلة الشهادات فيها في القدس أمس، لن تنتهي حسب التقديرات الا في شهر تشرين الاول/اكتوبر، بعد نحو عشرة اشهر من اضطرار ليبرمان الاستقالة من منصب وزير الخارجية، مع بيان المستشار القانوني للحكومة عن رفع لائحة اتهام ضده. وفي هذه الفترة تودع الحقيبة في يد رئيس الوزراء، في وظيفة جزئية فقط وبشكل يبث استخفافا بوزارة الخارجية، بصلاحياتها وموظفيها.
لقد أجبر ليبرمان بنيامين نتنياهو على أن يحفظ له حقيبة الخارجية، بشكل مشكوك في دستوريته، وعدم النظامية العامة لهذه الخطوة يصرخ الى السماء. ليبرمان كان وزير خارجية اشكاليا، مثلما يتضح من قضية السفير في روسيا البيضاء زئيف بن آريه، التي توجد في مركز محاكمته، ولكن حسبما افادت به ‘هآرتس′ أول امس، من الصعب منذ الان معرفة ما هو اسوأ، وزير خارجية اشكالي ام حقيقة أنه لا يوجد وزير مسؤول عن وزارة مهمة ومركزية بهذا القدر.
السياسة الخارجية لاسرائيل يديرها اليوم رئيس الوزراء وجهاز الامن، مع شريك كبير، البيت الابيض في واشنطن. ويدحر الدبلوماسيون الاسرائيليون الى مواقف هامشية من الوساطة والدعاية؛ وهم لا يحظون بشروط أجر مشابهة لتلك التي تمنح لوزرائهم الذين يخدمون في الجيش الاسرائيلي، في المخابرات، في الموساد وفي الشرطة او لعاملي الصناعات الامنية. وفي المداولات في المواضيع الاستراتيجية المحملة بالمصائر تبرز وزارة الخارجية في غيابها، فالمسائل المهمة حقا العلاقات مع الامريكيين، الفلسطينيين، الاردنيين والمصريين تتقرر في أماكن اخرى ومن خلال مبعوثين شخصيين ووزراء مسؤولين عن وزارات مختلفة. حجاي هداس يعمل في افريقيا، بتكليف من رئيس الوزراء، لايجاد دولة تستوعب طالبي اللجوء؛ يوسف تشخنوفر كان مبعوث نتنياهو الشخصي الى تركيا في كل ما يتعلق في اتصالات المصالحة؛ اسحق مولخو تولى الملف الفلسطيني. وزارة الخارجية تطلع على الامور من الصحف في مواضيع عملها. ولا يتذكرون في الحكومة اهميتها الا عندما يحتاجون الى خدماتها الادارية، قبيل زيارات للوزراء أو ترتيبات لشؤون الضباط.
ان اعادة بناء وزارة الخارجية هو أمر حيوي، من دون صلة بهوية رئيس الوزراء او خطه السياسي. نتنياهو، وزير الخارجية عمليا، زار وزارة الخارجية مرة واحدة فقط في الاشهر الثلاثة التي مرت منذ اداء الحكومة اليمين القانونية. هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. على نتنياهو أن يعين وزير خارجية، رغم أنف واستياء المتهم ليبرمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
المعاناة الدائمة والانتظار الطويل الخانق اللذان يمر بهما العمال الفلسطينيون في طريقهم للعمل داخل اسرائيل
البحث عن الزمن المفقود: ليلة في حاجز ترقوميا
بقلم: عميره هاس،عن هأرتس
‘الانتقال اليوم رائع جدا’، بهذا أثنى أحد المارة في حاجز ترقوميا على المدير تسيون من وزارة الدفاع. وكان ذلك يوم الاحد في حوالي الخامسة والنصف صباحا. وأثنى عمال آخرون ايضا على سرعة مرورهم في ذلك الصباح من الأقفاص الحديدية والأبواب الدوارة. ‘ليكن كل يوم كهذا’، تمنوا لكنهم عبروا عن خشية ان يكون ذلك بسبب حضور صحيفة ‘هآرتس′ و’رقابة الحواجز′.
أكان المرور من عائق القضبان والتفتيشات أسرع مما كان حقا في الاسابيع الاخيرة، لا سيما ايام الاحد الاخيرة؟ يمكن ان نستنتج من حديث تسيون لصحيفة ‘هآرتس′ ومن رد وزارة الدفاع ان التغيير هو ثمرة خيال العمال فقط، لأن الوضع حسن دائما والمرور سريع وسهل دائما. وتقول وزارة الدفاع ان مدة المرور من نقطة بدء الحاجز الى الخروج الى باحة السفر سبع دقائق في المعدل لكل شخص. لكن بحسب حسابات مراقبين مستقلين كانت مدة المسار في يوم جيد كيوم الاحد الماضي 28 دقيقة، أما في ايام اخرى فهي 71 دقيقة للشخص كما تم قياس ذلك في 26 أيار/مايو.
ويلائم هذا الفرق في العدد ايضا الفرق الكبير في وصف الحاجز: ‘المنظومة الأكثر انسانية في مجال المعابر’، كما قال لصحيفة ‘هآرتس′ موظف رفيع المستوى في مديرية معابر وزارة الدفاع كان في الحاجز يوم الاحد. وهو مكان استنزاف جسمي ونفسي وإذلال واستخفاف، كما يقول العمال.
يحتاج فلسطينيون من الضفة الغربية ذوو تصاريح دخول الى اسرائيل الى المرور بـ 11 حاجزا تتحمل المسؤولية عنها مديرية المعابر. وتقوم بالتفتيش الامني شركتان خاصتان وهما: ‘ثلج ابيض’ في جنوب الضفة و’موديعين إزراحي’ (استخبارات مدنية) في المركز والشمال. وتقول وزارة الدفاع انه يمر في كل يوم أكثر من 25 ألف فلسطيني من هذه الحواجز. والعدد في ترقوميا بين أعلى الاعداد إن لم يكن هو الأعلى، فبين الرابعة والسابعة صباحا يمر من 4 آلاف الى 5 آلاف شخص. في ساعات الصباح الأبكر يخرج عمال رجال: عمال الزراعة أولا ثم عمال البناء بعدهم. وبعد ذلك تخرج عاملات وتجار وآخرون ايضا.
يشغل 50 مفتشة ومفتشا من شركة ‘ثلج ابيض’ مراكز التفتيش المختلفة في هذا الحاجز. ويضاف اليهم عدد من رجال الحراسة المسلحين من العمال المباشرين من وزارة الدفاع يتجولون في الحاجز، وفريق الادارة ايضا. وقد اشتكى العمال في الاشهر الاخيرة من ان المرور من الحاجز أصبح عذابا حقيقيا: فهناك الزحام والاكتظاظ الى درجة صعوبة التنفس، وأناس يصابون بجروح بسبب الزحام، بل يوجد من يُغمى عليهم.
وقد جاءت نشيطات رقابة الحواجز الى الحاجز في يوم الاحد الماضي وتحدثن الى العمال. وفي ذلك اليوم سمعنا ان الحال في ذلك اليوم ‘كانت أفضل مما كانت في ايام سبقت’. وأُرسل تقرير كتبته اثنتان منهن فُصلت فيه شكاوى العمال الى مديرية المعابر في يوم الخميس الماضي.
ذكر متحدث وزارة الدفاع أمس في رده على صحيفة ‘هآرتس′ انه ‘خلافا لما زُعم لا نعرف دعاوى تتعلق بالزحام والاكتظاظ’، لكن صورا في الاسابيع الاخيرة مشوشة في الحقيقة لأنها تمت سرا تُظهر أناسا محشورين داخل الفراغات المحاطة بالقضبان المختلفة داخل الحاجز، ويتسلقون الشبك الحديدي ويتعلقون به أو يقفون على ارضية ضيقة مرتفعة داخل المنطقة، إما لتنفس الهواء وإما للقفز الى مقدمة الصف في اللحظة التي تُفتح فيها الأبواب الدوارة.
في يوم الاحد حينما وصلنا الى الحاجز في الثالثة صباحا كان يقف في الصف نحو من 100 شخص خارج منطقة الحاجز. وكان بضع عشرات اشخاص اجتمعوا في فراغ انتظار محاط بصفيح، وهم يستلقون ويجلسون على قطع من الورق المقوى. جاءوا قبل الثانية بعد منتصف الليل قاصدين ان يكونوا أول من يدخلون منطقة التفتيش. وفي الثالثة واربعين دقيقة قاموا واحتلوا اماكنهم في ‘الكُم’ وهو قفص معوج يسوق الصف الى الباب الدوار، وهو الاول بين خمسة على الأقل يمر منها كل شخص الى ان يخرج من الحاجز.
وفي الساعة الثالثة وخمسين دقيقة ضغط شخص ما زرا ففتح الباب الدوار الاول. وتقدم الصف في الخارج سريعا ووقف فجأة. ففي فراغ الانتظار الثاني بين الباب الدوار الاول والباب الدوار الثاني اجتمع بضع عشرات من العمال. وفي فراغ الانتظار هذا وهو مُشبك محاط بالصفيح ايضا، غرفة رقابة. ويمكن ان تلاحظ من خلال الزجاج القاتم ألواحا وأزرارا ومُشغلا أو اثنين ورجلا مع بندقية طويلة. ورُكبت في السقف آلات تصوير. ويقول أحد العمال انه رُكبت ايضا اجهزة تنصت تنقل كل همسة الى الموجودين في غرفة الرقابة وتُسمع توجيهات بين الفينة والاخرى بمكبرات الصوت.
قُسمت المجموعة الاولى وسُيرت الى بابين دوارين يفضيان الى فراغ ثالث يتشعب الى اربعة مسارات، في كل واحد منها باب الكترومغناطيسي وآلة تصوير شفاف للحقائب والمحافظ. ولكل مسارين غرفة رقابة فيها نحو من خمسة مفتشين ومفتشات أو ستة وبعد ذلك تأتي مواقع تفتيش بطاقات الهوية، ثم موقع التفتيش البيومتري لبصمات الاصابع. ويوجد بابان آخران يفصلان بين الحاجز والباحة التي ينتظر فيها العمال نقلهم الى العمل.
يبدو ان السر هو في وقت الانتظار بين فتح باب دوار وآخر، وبين الانتظار بين كل محطة تفتيش واخرى. يزعم العمال ان المفتشات والمفتشين في الايام السيئة ‘يلهون’ ببساطة في غرف رقابتهم، ويتأخرون في تفتيش البطاقات ويدعون مجموعة الانتظار الثانية تنتظر الى ان يخرج آخر شخص من المجموعة التي قبلها من محطة التفتيش، ويتضاحكون بينهم. ويدفعون في وزارة الدفاع هذه المزاعم. وعلى كل حال كان وقت الانتظار بين محطة واخرى في يوم الاحد الذي انضممت فيه الى العمال في هذا المسار، كان قصيرا.
على حسب معايير لا يعرفها العمال يوجه المفتشون والمفتشات عددا منهم الى آلة رنتغن لتصوير الجسم. ويتقدمون اليها عن طريق غرفة انتظار مغلقة أُغلقت بباب من الحديد ‘كما في ملجأ’. ويجمع المفتشون والمفتشات عدة اشخاص في الغرفة المغلقة ثم ينقلونهم ليصوروا بالآلة. وقد قيل لـ’رقابة الحواجز′ انه يُجمع هناك في الأكثر 12 شخصا. لكن العمال يقولون انهم يجمعونهم في مجموعات تشمل بين 20 الى 40، وينتظرون هناك نوبة ‘تصويرهم’ بالآلة التي لا يعلمون مبلغ خطر اشعاعها على صحتهم.
في يوم الاحد، تحدث لصحيفة ‘هآرتس′ شخص في نحو الخمسين من عمره عن انه يُطلب اليه ان يدخل ويخرج الى آلة التصوير ومنها اربع مرات.
ويُطلب اليه في نهاية الامر ان يخلع ملابسه. وقضى ساعة هناك وحينما خرج من منطقة الحاجز تحدث باكيا تقريبا عن انه تبين له ان سيارة نقله قد غادرت وان عليه ان يعود كما جاء.
وتحدث عمال آخرون عن انه طُلب اليهم ان يدخلوا الآلة ويخرجوا عدة مرات. وفي كل ذلك الوقت بقي سائر العمال في الغرفة المغلقة، يطلبون الهواء ليتنفسوا كما قالوا. واستنتجوا ان شيئا ما قد تعطل في الآلة.
وجاء عن وزارة الدفاع ردا على ذلك ان ‘منظومة الفحص عن الناس مثل المنظومات الموجودة في المطارات، ترمي الى ان تضائل الى أدنى حد الحاجة الى التفتيش الجسمي فبقاء الناس في منطقة آلة الفحص لا يزيد على 6 دقائق. ومن الزائد ان نذكر ان تفتيشا آخر بآلة الفحص أفضل من تفتيش جسمي يطول أكثر’. وجاء عنها ايضا ان آلات الفحص سليمة وتجري عليها اختبارات سلامة كل يوم (لأنه لم يُطلب رخصة زيارة الحاجز مسبقا لم يُسمح لصحيفة ‘هآرتس′ ان ترى الغرفة المغلقة).
في يوم الاحد الماضي أُجيبت ناشطتان من رقابة الحواجز تحدثتا الى أحد المفتشين وطلبتا الاستيضاح بشأن الغرفة المغلقة، أُجيبتا ‘آه، غرفة الموت’.
وينكرون في وزارة الدفاع إنكارا تاما أن يسمي المفتشون الغرفة المغلقة بهذا الاسم. ومهما يكن الامر فان الحبس والانتظار في هذه الغرفة المغلقة في وقوف مستمر أصبحا رعب الجميع. وقبلت وزارة الدفاع دعوى واحدة من رقابة الحواجز وهي أن رقم الهاتف الذي يفترض ان يتصل به العمال في حال حدوث مشكلة لم يرد كما تم الوعد. وتم اصلاح ذلك فورا كما ورد في رد الوزارة.
في الثالثة والنصف فجرا، حينما كان طرف صف الانتظار الاخير لا يُرى من بدايته، طلب داود ابن الثامنة والخمسين وهو عامل بناء يعمل في اسرائيل منذ 35 سنة ان يقول شيئا ما فقال: ‘حينما يشترون سلعة يريدونها جديدة وصالحة. أما أنتم الاسرائيليون فتشترون قوة عملنا نحن الفلسطينيين وتصل اليكم مستعملة ومتعبة’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ


رد مع اقتباس