اقلام واراء عربي 423
13/6/2013
في هذا الملــــف:
«حماس» تحذّر من حرب مخيمات جديدة
ايلي الفرزلي /السفير
صوت عربي من القدس
سلطان الحطاب/الرأي الأردنية
دعـم صمـود القـدس
رأي الدستور الأردنية
فولك وكلمة حق
أمجد عرار/دار الخليج
الحاجة أم الإبداع؟
د. صبري صيدم)كاتب فلسطيني)/القدس العربي
الطائفية والمذهبية البغيضة.. الى متى؟
د. فايز رشيد (كاتب فلسطيني)/القدس العربي
دور إسرائيل في أزمة النيل!
محمد كعوش/الرأي الأردنية
تنسيق تركي ـ إسرائيلي بشأن «انتفاضة تقسيم»
محمد نور الدين/السفير التونسية
على من تقع مسؤولية ما قد يحدث يوم 6/30 ؟
حسن نافعة/المصري اليوم
حريصون على العلاقة مع «حزب الله»
«حماس» تحذّر من حرب مخيمات جديدة
ايلي الفرزلي /السفير
ليس التوتر القائم بين «حزب الله» وحركة «حماس» سراً. الأحداث السورية هزّت دعائم حلفهما الاستراتيجي من دون أن تهدمه. لا تزال فلسطين البوصلة لكليهما، وكذلك مشروع المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، ولو أن لكل منهما مندرجاته وحساباته.
ولأن القيادتين حريصتان على حفظ خطوط التواصل، نادراً ما تخرج خلافاتهما إلى العلن. حتى أن بعض الشائعات التي تتردد بين حين وآخر، تعبر عن الحد الأدنى من الشرخ الحاصل بين الطرفين. آخر هذه الشائعات ما تردد عن خروج قيادات «حماس» من الضاحية الجنوبية، أو بشكل أدق إخراجهم منها، إضافة إلى اتهام «الحركة» بالمشاركة، سلاحاً وتدريباً، في معارك القصير، وبالتالي تحميلها جزءاً من المسؤولية عن الخسائر البشرية التي تكبدها «حزب الله» في القصير.
بالنسبة لـ«حماس»، العلاقة مع «الحزب» مبدئية، وعناوينها واضحة تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي أولاً وأخيراً. تؤكد «حماس» أن الرؤية المتناقضة للأحداث السورية ساهمت في توتير العلاقات السياسية بين الطرفين، إلا أنها لم تؤثر على التنسيق المشترك في معظم القضايا، خاصة في محاربة الفتنة المذهبية.
«حزب الله» مهتم بالتأكيد لـ«الحركة» أنه ليس مصدر الشائعات التي تتحدث عن تورطها في مواجهة «الحزب» في القصير أو تلك التي تتحدث عن خروجها من الضاحية.
لا تنكر «حماس» أنها تتعرض لبعض المضايقات في الضاحية، إلا أنها تحصرها في الإطار الفردي. الأكيد أن مكاتبها المنتشرة في الضاحية، ولا سيما مكتب ممثل «حماس» في لبنان، مكتب العلاقات الدولية، إضافة إلى مكاتب تنظيمية تهتم بالعلاقات التنسيقية، لا تزال تعمل كالمعتاد. مع ذلك تخشى «الحركة» من أن تكون هذه الشائعات شبيهة بالتي سبقت خروجها من دمشق، والتي ما لبثت أن تحوّلت إلى أمر واقع.
تعتبر «حماس» في لبنان أن ارتباطها بالحدث السوري يتمثل حصراً في معالجة قضية النازحين الفلسطينيين الذي يقدرون بـ57 ألفاً، ممن نزحوا من مخيمات اليرموك (دمشق)، سبينة (14 كلم جنوب دمشق)، درعا والجندرات (حلب).
تعرف «الحركة» أن أجواء التجييش الحادة ضدها تجعل الحديث عن ملف النازحين كأنه من خارج الواقع. وحده ما يجري في سوريا يحدد وجهة الخلافات. وفي معرض تأكيد «حماس» أنها ليست طرفاً في «الأزمة السورية»، لا تنكر أن نحو 20 شخصاًَ ممن كانوا محسوبين عليها، تبين أنهم كانوا يشاركون في عمليات القصير. لكن في المقابل، تؤكد أن هؤلاء وعلى رأسهم بهاء صقر الذي كان مرافقاً لخالد مشعل، ليسوا ضمن «كادر الحركة»(التنظيم) إنما كانوا موظفين أو مناصرين لها، وعندما غادر كوادرها (نحو 1000 شخص) دمشق، لم يغادر معظم هؤلاء.
تؤكد مصادر «حماس» أن من شارك في عمليات القصير لا يمثلها، إذ ان موقفها واضح فهي «أيدت الثورة السورية لكنها ترفض المشاركة فيها كما ترفض إعطاء مواقف مجانية لأي طرف». تسأل «حماس» كيف يمكن أن تحارب في سوريا وهي لم يسبق أن حاربت إسرائيل إلا من الداخل. ترد الحركة بذلك أيضاً على من يطالبها بفتح جبهة الجولان.
يذكّر عضو القيادة السياسية للحركة في لبنان ياسر علي بأن «حماس» لم تطلق أي موقف يدعو لإسقاط النظام، على سبيل المثال. ويقول لـ«السفير»: نحن ما زلنا مع الحل السياسي السلمي، بما يحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية. كما يؤكد أن الحركة ترفض رفضاًَ قاطعاً التدخل الخارجي في سوريا.
بعد انتهاء معركة القصير، وتفادياً لتداعياتها على الساحة الفلسطينية، عقد «حزب الله» و«حماس» اجتماعاً أولياً ناقشا فيه العلاقة المشتركة وأمن المخيمات... علماً أنه من المتوقع أن يفتح هذا الاجتماع الباب أمام اجتماعات على مستوى أعلى.
في سياق حرص «حماس» على بناء علاقات متوازنة مع المكونات السياسية اللبنانية، يسجل منذ مدة توطيد العلاقات مع «حركة أمل»، حيث يتم التنسيق معها بالكامل. حتى أن بعض من في «الحركة» لا يتردد في التأكيد أن العلاقة مع «أمل» صارت أوثق سياسياً من العلاقة مع «حزب الله»، وإن ليست بمقدار جذرية العلاقة مع «الحزب».
ما يقلق «حماس» حالياً، إضافة إلى مسألة النازحين، هو موضوع المخيمات الفلسطينية. تقر بأنه مع بداية الأزمة السورية ولد جو معارض لـ«حزب الله» فيها، لا تزال تداعياته قائمة حتى الآن، وهو ما تسعى الحركة جاهدة للحد منه.
لدى «حماس» إيمان مطلق بأنه لا غنى عن علاقات طبيعية مع محيط المخيمات، وهي لذلك «تحركت لضمان أمن شعبنا ومجتمعنا كما حرصت على منع أي تحرك ضد الحزب».
يتوقف البعض عند محاولات حرق المواد الغذائية التي قدمها الحزب لمخيم عين الحلوة، بعيد الأزمة السورية، لتشير إلى أن «المهمة ليست سهلة».
«تخشى الحركة من الفتنة المذهبية في لبنان وتعمل جهدها لمنعها بالتعاون مع «حزب الله»، لكن لا يخفي المصدر قلقه الفعلي من حرب مخيمات جديدة. وفي معرض تحذيره من حرب كهذه، يؤكد أنه إذا حصلت «لن تخرج حركة حماس من جلدها.. بل ستدافع عن أهلها».
صوت عربي من القدس
سلطان الحطاب/الرأي الأردنية
استمع الى غبطة البطريرك فؤاد الطوال القادم من القدس وهو يتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية في القدس حيث ينسحب تمثيله لها على فلسطين والأردن وقبرص وقد جاء يتحدث عن دور الاعلام العربي المسيحي..
ولأن البطريرك يقيم في القدس الشرقية وفي تفاصيلها القديمة ومن هناك ينطلق ليخدم كنيسته ورعاياه فإن الجرح الذي يحمله من أجل القدس التي ما زالت مصلوبة بالاحتلال وممزقة بمخططاته ومحاصرة بتوسعيته هذه القدس العربية تغيب الآن عن الاهتمام العربي حيث ينصرف العرب كأنظمة وتنظيمات إلى شؤون أخرى داخلية وإلى حالة من الارتباك والتعاطي مع قضايا الربيع العربي الذي لم يثمر بعد وقد يكون مروره على المنطقة مرور الريح العاتية التي تركت الأرض كعصف مأكول..
نحن بحاجة إلى الخطاب العربي المسيحي في مواجهة الصورة الظالمة عن العرب والمسلمين والتي بدأت تغطي مساحات من العالم في أعقاب احداث أيلول سبتمبر عام 2000 وقد كان الأردن من أوائل من بادروا لتوظيف هذا الخطاب دفاعاً عن الأمة وماضيها وحاضرها وشراكتها العالمية..
القدس الآن يزداد انتهاكها بالمصادرة وبناء الاستيطان وهدم بيوت المقدسيين وتهميشهم وشق الطرق الالتفافية وعزلها عن محيطها واحكام سور العزل العنصري عليها فماذا نحن فاعلون!
أمس الأول فقط أعاد رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو التأكيد بأن اسرائيل ماضية في استيطانها في الضفة الغربية والقدس وانها لن تتوقف وهذا يعني استمرار تهويد القدس واسرلتها في حين ما زالت الجهات العربية المعنية تضع عيونها برجاء على وصول المبعوث الأميركي كيري وزير الخارجية لتعاود الشكوى حيث لا تمتلك شيئاً غيرها..
في كلام البطريرك وأنا أستمع اليه مرارة وحسرة من واقع الاحتلال ومن طريقة التعامل حتى مع رجال الدين والتضييق في باب الخليل احد أبواب القدس وتحديد المرور منه بل والمنع ليظل فقط باب الاسباط والأبواب الجنوبية مفتوحة وهذا يعني توسيع دائرة الاحتلال حتى على مربع الأماكن المقدسة الاسلامية..
تنهض الكنيسة الآن بدور ولو محدود في التعليم للمقدسيين وفي استكمال بناء مستشفى ماريوسف الذي تبرع له الملك عبدالله الثاني وفي تثبيت المقدسيين في بيوتهم بعد أن هدمت لاستبدالها ببيوت أخرى، فالهامش الذي تتحرك فيه الكنيسة لخدمة المقدسيين أوسع من الهوامش التي لا تعطى لغيرها ولذا فإن بطريرك القدس فؤاد الطوال يحاول أن يترجم ذلك على الواقع وأن يدعم ما استطاع صمود المقدسيين والحفاظ على بقاء المسيحيين العرب في القدس بعدما تناقصت أعدادهم في عموم فلسطين وخاصة في غزة التي لم يبق منهم فيها سوى (1300) شخص فقط بعد أن كانت مهد المسيحية-الأرثوذكسية في العالم في بواكير عهدها قبل الاسلام.
في خطابه الذي استمعت اليه وشجعني على استضافته لبرنامجي «حوار مع كبار» كان يقول: «من واجب المسيحيين في الشرق الأوسط المشاركة التامة في حياة الوطن من خلال العمل على بناء أوطانهم، ينبغي أن يتمتعوا بمواطنة كاملة لا أن يعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية وكما كانت الحال في الماضي إذ كانوا من رواد النهضة العربية، وكانوا جزءاً لا يتجزأ من الحياة الثقافية والاقتصادية والعلمية لمختلف حضارات المنطقة، ها هم يرغبون اليوم وعلى الدوام في مقاسمة خبراتهم مع المسلمين مقدمين اسهاماتهم الخاصة»..
لقد كان من توصياتهم «ادخال العربية للفاتيكان واعتمادها ليتاح لذوي الثقافة العربية الحصول على المعلومات بلغتهم الأم»..
الأمة الآن بحاجة إلى كل أبنائها، إلى وحدة صفها وتحديد أهدافها إلى الدفاع عن نفسها والتصدي لكل عوامل الهدم والارهاب والعنف التي شوهت رسالتها ودورها ومسيرتها..
البطريرك شاهد على المرحلة وواقعها يلفت الانتباه إلى أن العرب يهربون من معاركهم الحقيقية إلى أخرى ثانوية وفرعية تزيدهم اختلافاً وهو في حديثه ولقائه يقدم ما يراه من دور لمسيحي الشرق في بعدين «الشراكة والشهادة»..
دعـم صمـود القـدس
رأي الدستور الأردنية
لم يعد من نافلة القول ان اولى اولويات المرحلة الحالية هي دعم صمود القدس، وهذا ما اكده جلالة الملك عبدالله الثاني اكثر من مرة، داعيا الى دعم اهلنا الصامدين في اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، لافشال المشروع الصهيوني التهويدي التوسعي.
وفي ذات السياق فلا بد من التساؤل لماذا لم تقم الدول الشقيقة، بدعم صندوق القدس الذي اقرته القمة العربية في الدوحة مؤخرا وما هو مصير الاموال التي تبرعت بها بعض الدول؟ هل جمدت في المصارف كما حدث لصندوق قمة سرت الليبية؟ وما هو دور امين عام الجامعة في هذه الحالة؟
ان ما يحز في النفس ويدعو الى الفجيعة، ان تبني الدول الشقيقة للقدس وللقضية الفلسطينية قد تراجع، ولم يعد يمثل صدارة اجندة الدول الشقيقة، في ظل المستجدات والمتغيرات التي تعصف بالمنطقة، وتشي بفوضى هدامة قد تهدم الحدود، وتعيد تقسيم الخرائط من جديد، بعد ان فقدت “سايكس بيكو” صلاحيتها، لمصلحة اعداء الامة، وفي مقدمتهم العدو الصهيوني الذي يستغل الاحداث، لتنفيذ مخططاته وخططه العدوانية، وفي مقدمتها تهويد القدس والاقصى، بعد ان استولى على 86% من اراضيها، ويعمل جاهدا وفق نهج صهيوني خبيث على تغيير معالمها العربية - الاسلامية، وتحويلها الى “جيتو” يهودي.
ان التصدي للمخططات الصهيونية لا يتم بالتنديد او الاستنكار والعويل، وانما بالعمل الجاد الذي يصب في دعم اهلنا المقدسيين من خلال دفع الضرائب عنهم، وترميم منازلهم. وترميم المدارس والمساجد والكنائس والاماكن الاثرية وتبليط الشوارع ودفع ديون المستشفيات واقامة المشاريع السكنية على غرار ما يفعله المليونير الصهيوني موسكو فيتش.
لقد اثبت الاردن وبقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني انه الاوفى لفلسطين والقدس والاقصى، والاقرب للشعب الشقيق، ومن هنا يعمل جاهدا على ترميم وصيانة الاقصى وقبة الصخرة المشرفة، وتزويدهما بكل ما يحتاجان ليبقيا شوكة في عيون العدو وفي عيون اعداء الاسلام والمسلمين، الى جانب توظيف كافة امكانيات هذا الحمى العربي وعلاقاته الطيبة مع الدول صاحبة القرار لممارسة الضغوط على العدو الصهيوني ومنعه من تدنيس الاقصى، والاعتداء على حرماته ووقف كل اعمال الهدم والبناء التي تشكل خرقا للقانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر اجراء اي تغيير ديمغرافي او جغرافي في المدينة المقدسة.
وفي هذا الصدد نذكر بتحذيرات جلالة الملك التي اطلقها اكثر من مرة بان الاعتداء على الاقصى خط احمر من شأنه ان يفجر حربا في المنطقة، لانه جزء من عقيدة اكثر من مليار وثلاثمئة مليون مسلم يعتبرون الاعتداء عليه اعتداء على عقيدتهم، وعلى اسلامهم.
مجمل القول: لم تكن القدس بحاجة الى الدعم والاسناد كما هي اليوم للوقوف في وجه المخطط الصهيوني الاجرامي الذي يعمل على تهويدها، ما يستدعي من الدول الشقيقة ان تقوم بتنفيذ قرارات القمة الاخيرة ودفع مستحقاتها الى صندوق القدس لدعم صمود الاهل واسنادهم وهم يتصدون لاعتى واشرس عدو عرفته المدينة عبر تاريخها الطويل.
ولينصرن الله من ينصره” صدق الله العظيم.
فولك وكلمة حق
أمجد عرار/دار الخليج
في زمن الاستعباد تكون الكلمة الحرة عملة نادرة . في وقت انعدام الفعل تتحوّل الكلمة إلى رصاصة . في زمن الباطل تغدو كلمة الحق قبساً من نور . وفي عصر المأجورين يظهر الناطقون بالحق بلا أجرة كعملة نادرة . هذه بعض ملامح عصر تعربد فيه “إسرائيل” ولا يقول لها العالم كفى عربدة . لماذا هذا؟ لأن من تستعبدهم وتعربد عليهم كالمقطوعين من شجرة .
لكن شخصاً مثل ريتشارد فولك المقرر الخاص للأمم المتحدة حول وضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية رفع صوته عالياً، ولم يتردد في فضح ممارسات “إسرائيل”، في تصريحات أدلى بها على مدى ثلاثة أيام متتالية بدءاً من العاشر من يونيو هذا الشهر الذي يصادف الذكرى السادسة والأربعين لاحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان السوري وشبه جزيرة سيناء .
في اليوم الأول اعتبر فولك أن “إسرائيل” ووكلاءها لن يستطيعوا تبرير الحقائق على الأرض في فلسطين المحتلة، لذا يقومون بالتشتيت والتشويه للسماح بوقوع الانتهاكات . فولك لم يهمس في أذن صديق بموقفه، بل أعلنه في مؤتمر صحفي، ولم يتردد في القول إن من العار أن توجد منظمات ضغط ينحصر هدفها في تشتيت انتباه العالم عن سجّل “إسرائيل” في مجال حقوق الإنسان، وإن حملات التشويه لا تغير الواقع الذي تفرضه “إسرائيل” عبر سرقة الأرض وضمها، وهدم المنازل وتوسيع الاستيطان واعتقال فلسطينيين من دون توجيه محاكمة، وفرض حصار قاس وظالم وعقاب جماعي على مليون وسبعمئة ألف فلسطيني في قطاع غزة .
وفي اليوم الثاني، قدّم فولك تقريره السنوي إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ودعا فيه الى إجراء تحقيق مستقل في سياسة الاعتقالات التعسفية التي تنتهجها “إسرائيل” بحق الفلسطينيين، وانتهاكاتها لحقوق الأسرى وممارستها التعذيب في سجونها . ولم يكتف بالإدانة بل طالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في وضع خمسة آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال، في سجون “إسرائيل” التي اعتقلت نحو 750 ألف فلسطيني منذ عام 1967 .
في تقريره، ألقى فولك أيضاً الضوء على واقع بائس يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال، حيث يعتمد 70% منهم على المساعدات الخارجية للبقاء على قيد الحياة، في حين أن90% من المياه غير صالحة للاستهلاك البشري .
إزاء شهادة الحق هذه، من الطبيعي أن يجن جنون الولايات المتحدة التي سبق لها أن قطعت كل علاقاتها مع مجلس حقوق الإنسان العام الماضي، لأن هذا المجلس دعا إلى التحقيق في المستوطنات الصهيونية، ذلك بناء على تقرير فولك الذي دعا إلى مقاطعة المؤسسات الداعمة للاستيطان . والآن تدعو الولايات المتحدة وكندا إلى إقالة فولك الذي يصرّ على صحّة مواقفه ودقّة تقاريره، ويتحدى هذه الضغوط ويرفض الاستقالة .
يمكننا أن نتخيل حالة الصراع مع “إسرائيل” في المحافل الدولية لو كان شخص مثل فولك مسنوداً بموقف عربي جماعي يتبناه، ولا يتركه وحيداً مثل ريتشارد غولدستون الذي أدلى بشهادة حق في شأن العدوان على غزة، قبل أن تضعه “إسرائيل” في معصرة الضغظ، وتجعله يندم ويتراجع . لكن العرب المخلصين ل “سايكس - بيكو” ينخرطون في صراع داخلي، إذا استمر، سيخرجهم من الجغرافيا والتاريخ .
الحاجة أم الإبداع؟
د. صبري صيدم)كاتب فلسطيني)/القدس العربي
ظاهرة جديدة باتت تطفو على السطح في المجتمع الفلسطيني اليوم تسترعي اهتمام الكثيرين، وإن كانت لم تصل لاهتمام إعلامي أكبر ولا حتى إلى مجتمع أوسع من الفصائل والسياسيين. هذه الظاهرة هي الإبداع العلمي المستند إلى الحاجة، وإقدام الشباب على استحداث وتصنيع تطبيقات تقنية ترتبط ارتباطا وثيقاً بالاحتياجات اليومية والمعدات اللازمة لخدمة هذه الاحتياجات في تطوير واضح لمقولة الحاجة أم الاختراع. الاختراع القائم على الإبداع في مجالات تطبيق أفكار جديدة أو خلق حلول بديلة أقل تكلفة من الحلول الشائعة عالمياً.
ففي كل يوم يعبر جيل فلسطيني أصيل عن رغبة متزايدة في الحياة الكريمة على طريقته، متسلحاً بإصرار غريب على الخروج من يأس السياسة وشح المال. هذا الجيل الذي يستفيق في كل يوم ليرى سرطان المستوطنات يقتل أرضه ونار الانقسام الفلسطيني تقوض أحلامه، لا يستسلم أمام هذا الحال ولا حتى أمام افتقاده للمال والعمل الكريم، بل على العكس تراه يتقدم الصفوف بابتكارات علمية واختراعات مهمة يدخلها إلى عالمه بشكل يومي وبصورة متميزة، يستلهم فيها أفكاره نتيجة الحاجة الماسة لما يساعده على تسيير حياته ومتطلباتها. وفي كل أسبوع وعلى امتداد فلسطين ينعقد معرض أو معرضان للإبداعات المدرسية والجامعية، التي يقر متابعوها بأنها قد تطورت بصورة كبيرة ولافتة للانتباه، ليس فقط من حيث دورية تنظيمها وإنما أيضاً بجودة النماذج المعروضة وكفاءتها.
أما موضوعات الاهتمام فتشتمل على الحاسوب والمعلوماتية وتطبيقات الهاتف المحمول والطاقة البديلة والري والزراعة والإدارة والرجل الآلي والهندسة الطبية والتصميم الهندسي والبيئة، وغيرها من مشروعات النقل والمواصلات، بما فيها حلول آمنة للطائرات والسفن، رغم قلة عدد الشباب المقيمين في فلسطين ممن تمكنوا من السفر بالطائرات والسفن.
هذه الإرادة وهذا الجيل الحالم بحياة أفضل هو ما يخيف الاحتلال كونه يمتلك من الإصرار والعزيمة ما يرعب محتليه.
لكن هذا الجيل لا يخفي سأمه من عالم السياسة وحاجته للتغيير اللازم في نسيج الحياة الفلسطينية، بالتئام الجرح الذي أحدثه الانقسام وتوفير البيئة الحامية والمطورة مالياً وفعلياً لمسيرة التعليم والتعلم، وتعزيز الريادة والسبل الحاضنة للأعمال الجديدة ومجمل قرارات إجرائية وقانونية داعمة.
المالك للإرادة اليوم هو من سيصنع التغيير في المستقبل القريب، وهو من سيملي إرادته وإن بدا محتجباً أو صامتاً اليوم.. خاصة أن ديدنه الأساس هو الحاجة أم الإبداع.
الطائفية والمذهبية البغيضة.. الى متى؟
د. فايز رشيد (كاتب فلسطيني)/القدس العربي
المراقب للوضع العربي الحالي يذهل من الاوضاع العربية، إن من حيث درجة السوء التي هي عليه، أو من حيث جدية الأخطار التي تهدد وحدة النسيج الاجتماعي العربي في المستقبل القريب، في العديد من الدول العربية، وامكانية انتقال عدواها لدول عربية جديدة. درجة الخطورة لا تكمن في الانغلاق الشديد للقطرية العربية، من اجل حماية الذات فقط، وانما في ما اصاب الامة العربية بمكوناتها الشعبية من مظاهر جديدة غريبة عن حضارة التاريخ، وتراث المنطقة وعن الشعوب، باعتبار هذه المظاهر طارئة عليه. كمثل شديد الخطورة على هذه المظاهر، هو الصراع الطائفي والمذهبي والإثني، الذي بدأ ينخر في الجسد الشعبي العربي، الآخذ في التمثل في صراعات تناحرية على حساب صراعات اخرى، من المفترض أن تكون هي الاساسية، التناحرية، التناقضية الرئيسية، كالصراع مع العدو الصهيوني. وأيضا على حساب صراعات أخرى كالصراع مع استهدافات عموم المنطقة لافراغها من محتواها التاريخي وسماتها الرئيسية المرتبطة بالتاريخ والحضارة العربية، كالاستهداف الطامح الى تحويل المنطقة الى شرق أوسط جديد أو كبير تكوّن اسرائيل فيه، ليس القوة الرئيسية فحسب وانما المكون الأساسي من مكوناتها التاريخية والحضارية، المهيمنة على المنطقة، ليس سياسيا فحسب، وانما اقتصاديا وتقريرا في الاحداث الجارية فيها. مثل أيضا على الصراعات المفترضة، الصراع ضد الاستهداف الطامح الى تفتيت الدولة القطرية العربية الى دويلات طائفية ومذهبية وإثنية، متنازعة في ما بينها ومتحاربة مستقبلا.
العلة والاسباب والخلل لا تكمن في النظام الرسمي العربي فقط، ولا في الجامعة العربية التي هي ممثل يعكس التناقضات والأحوال العربية، فقط، وانما أيضا في الاستجابة الجماهيرية لأن تتمظهر فيها التناقضات المذهبية والطائفية والاثنية، فتراها منغمسة في هذه الصراعات من دون أن تتساءل، لا عن أسبابها ولا عن استهدافاتها ولا عما ستؤول اليه، والى ماذا ستؤدي بالشعوب وبالطروحات والأهداف الجماهيرية التي كانت على لسان الفرد العربي حتى عقود قليلة ماضية، كالوحدة العربية والتكامل العربي ووحدة المعاناة والمصير المشترك. وهي اهداف صحيحة ذات آمال عريضة، قادرة في ما لو تحققت على الأجابة عن كثير من الآمال والأهداف والتساؤلات الجماهيرية الشعبية العربية، كاسئلة الديمقراطية وتحسين الظروف الحياتية، والمحافظة على كرامة الفرد العربي في كل مواقعه، باختصار احترام الذات العربية. للأسف يرافق هذه الظاهرة غياب شبه مطلق للأحزاب البينية العربية على المستوى القومي، وتقصير في عمل الاحزاب الوطنية على المستوى القطري للتأسيس للصيغ القومية. الحصيلة افتقاد وتآكل متدرج للصيغ القومية الفاعلة، اللهم الا من صيغ قديمة لا تتناسب بصيغها التنظيمــــية، ولا برؤاها المستقبلية، ولا بأساليب عملها مع المهمات ومجابهة التحديات والمخاطر المحدقة والمتربصة.
جاء ما سمي بـ’الربيع العربي’ ليصاعد من درجة تفاؤل الجماهير العربية من المحيط الى الخليج، ثم ما لبث أن تمت مصادرته من قبل قوى تحاول ارجاع التاريخ الى الوراء. لا تؤمن بالصيغ القومية، بل تدعو الى تنظيم عالمي لأداتها التنظيمية، الأمر الذي أدى الى العودة بالطرح الجمعي القومي العربي عقودا الى الوراء. وساهم في تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية في الوطن العربي وزيادة حدة تناقضاتها. الامثلة كثيرة على صحة ما نقول، ما جرى في العراق، وما يجري في العديد من من البلدان العربية حاليا، انفصال الجنوب السوداني عن السودان، الجزائر، مصر، سورية وغيرها، حيث تحولت (أو الأدق تعبيرا: في طريقها الى التحول) الأهداف الوطنية الى صراع طائفي. (هكذا أريد له ويراد له ان يكون). للأسف الحراكات الجماهيرية العربية لم تكتمل بمشاركة الأحزاب والحركات والجماعات الوطنية التقدمية الديمقراطية، القومية، التي ترى الصراعات على حقيقتها، سواء في بلدانها أو على المستوى العربي. القوى التي تسلمت الحكم في بلدان ‘الربيع العربي’ حرصت وما تزال على ابعاد هذه الأخيرة عن التأثير في قرارات بلدانها من خلال تفردها هي بالحكم واستئثارها به، وحرصها على اســتعمال الحلول الأمنية في ما يتعلق بتلك القوى.
من جهة ثانية فان هذه القوى لم تستطع السير بالحراكات الجماهيرية في بلدانها الى نهاية أشواطها، وبالتالي عجزت عن تحقيق مكاسب لها، على المستويين الوطني والقومي. فهي لم تستشرف قيام هذه الحراكات، ولم تضع برامج، لا حالية ولا مستقبلية على جدول اعمالها، ولم تجد صيغة موحدة لجهودها ولو بالمعنى المرحلي، لا أثناء الحراكات ولا بعدها. وعند اللجوء الى الانتخابات اعتمد الآخرون على خطابهم الديني، الذي نسوه وتناسوه فور صدور النتائج. حتى في ما يتعلق بالموقف من اسرائيل قاموا بتغيير وجهات نظرهم، من المطالبة بالازالة الى التعامل الواقعي (وفق وجهة نظرهم) والتعايش معها.
في أسباب الظاهرة المعنية حتما ستتعدد الآراء والاجتهادات، لا ننكر نظرية المؤامرة الخارجية بالتعاون مع دوائر داخلية، لكن المؤامرة يجب ألا تظل الشماعة التي نعلق عليها كل تقصيراتنا واخفاقاتنا وعجزنا. نحن مقصرون. أحزابنا لم تقدم مراجعة شاملة لمسيرة كل حزب فيها، ولم تذكر أين مواقع الخلل في ادائها وفي أساليب عملها، وفي رؤاها ولم تتعامل مع الأحداث كرديف مواز لها يشبعها تحليلا واستنتاجات ومهمات عمل مستقبلية، ومن ثم النزول الى الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في مجابهة الاستهدافات الداخلية والخارجية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم تستطع مع القوى الاخرى ايجاد صيغ عمل جماعية وتوحيد الشعارات المطلبية الآنية، السياسية التكتيكية، فما بال الاستراتيجية؟ من الأسباب أيضا الالهاء للمواطن العربي بمسؤوليات الحياة اليومية، الامر الذي ساهم في ابعاد المواطن نسبيا عن حياته السياسية. هذا موضوع ذو حدين فعند تفاقمه سيؤدي حتما الى الانفجار.
في ما ستؤدي اليه الصراعات الطائفية والمذهبية المتصاعدة في الوطن العربي، ستؤدي الى ظواهر سلبية كثيرة، ذكرنا بعضا منها وسنذكر واحدة من أبرزها واخطرها، ستؤدي الى عمى الألوان في رؤية الحدث! تصوروا أنه في عام 2006 عندما كان العدوان الغادر على لبنان أفتى البعض من المسلمين ‘بجواز تاأيد اسرائيل في عدوانها من أجل كسر شوكة الشيعة وخطرهم في العالم العربي! نفس الفتاوى تكررت حديثا عند القصف الصهيوني الأخير على سورية، أفتى البعض بجواز الابتهاج والفرح بالقصف الصهيوني لبلد عربي مسلم، أيضا تحت نفس الحجج. تصوروا ما وصلنا اليه من رداءة أحوال! يبقى القول انه وفي حالة استمرار هذه الصراعات الطائفية والمذهبية والاثنية.. سيكون ذلك هو المسمار الاخير في سقوط الأمة العربية الى الحضيض.
دور إسرائيل في أزمة النيل!
محمد كعوش/الرأي الأردنية
عندما زار المؤرخ اليوناني هيرودوتس مصر في القرن الخامس قبل الميلاد ادهشته حضارة وادي النيل فاطلق عبارته المشهورة « مصر هبة النيل».
وكل من زار مصر يعرف معنى هذا الوصف الذي قاله المؤرخ اليوناني (ابو التاريخ) عن وادي النيل وشعبها ونهرها الخالد الذي هو شريان حياة مصر، والذي اسماه الرحالة العربي المشهورابن بطوطة (بحر النيل).
هذا النهر البحر الذي يحمل سر التاريخ والحضارات القديمة مهدد بانتكاسة كبرى تنعكس سلبا على حياة مصر الاقتصادية والزراعية والاجتماعية، لأن النيل يمد مصر بالطاقة ومياه الشرب والري، ووسيلة نقل ومصدر خير لكل المصريين، بل هو شريان حياة لشعوب 11دولة هي بلاد حوض النيل من المنابع الى المصب، الممتدة على ضفافه في هجرته الى الشمال.
لذلك تم الاتفاق بين هذه الدول على المحاصصة والتعاون المشترك لاستغلال مياه النيل بالطرق الافضل والامثل لحفظ حقوق كل دولة في المياه وضمان السلام بين شعوب دول الحوض. وقد تم التوقيع على عدة اتفاقيات نظمت عملية التوزيع العادل للمياه ومنها اتفاقية عام 1929التي وقعتها بريطانيا نيابة عن مصر واتفاقية عام 1959 ومبادرة حوض النيل من اجل التعاون الاقليمي بين دول الحوض عام 1999.
ولكن منذ انفصال جنوب السودان، بدأت الشكوك تساور كل المهتمين من العرب الذين توقعوا الاسوأ، وقالوا ان خللا ما سيحدث في حوض النيل لأن اسرائيل دخلت على خط الدول الافريقية وخصوصا في حوض النهربهدف امساك مصر والسودان من الخاصرة الموجعة.
منذ بداية ذلك التاريخ، واعني انفصال جنوب السودان، وبموافقة مصر والسودان، قلنا ان اسرائيل افريقية قد خلقت وان على الدولتين العربيتين انتظار المتاعب، لأن اسرائيل تحول جنوب السودان الى قاعدة انطلاق جديدة في افريقيا، عبر تقديم مساعدات تقنية وخدمات عسكرية، ليس للدولة الافريقية حديثة الولادة بل لمعظم دول القارة السمراء التي كانت في وقت مضى، وقبل اتفاق كامب ديفيد، من الدول المؤيدة للقضايا العربية ومشاركة في عزل اسرائيل دوليا، استجابة للدعوة العربية بمقاطعة اسرائيل والتي بلغت ذروتها عقب حرب حزيران عام 1967.
واليوم، وبعد ظهور الازمة الخطبرة بين مصر واثيوبيا، تبين ان خمس دول تطالب بزيادة حصصها من المياه، دون الالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين كافة دول الحوض، وهو الطلب الذي رفضته السودان ومصر. وقد اتخذت اثيوبيا خطوة تصعيدية اخطر باقامة سد النهضة الجديد الذي سيحرم مصر من ثلث حصتها من مياه النيل، وهي خطوة خطيرة تمس بحقوق مصر التاريخية من المياه.
المبادرة الاثيوبية تجاوزت الاتفاقيات الدولية، ولن تؤثر على حصة مصر فحسب، بل ستلحق اضرارا بالغة بمصالح اكثر من دولة وفي مقدمتها السودان ايضا، لأن النيل الازرق الذي ينبع من الاراضي الاثيوبية يمثل 80% من مياه النيل وترتفع النسبة الى 90% في الصيف عندما تهطل الامطار الموسمية.
امام هذه التطورات التصعيدية التي جعلت مياه النيل اكثر سخونة، وقد تصل الى درجة الغليان في اي وقت نقول: ابحث عن اسرائيل في داخل هذه الازمة، لأن تل ابيب طالبت بحصة من مياه النيل منذ مفاوضات كامب ديفيد، ومع السادات بالذات.
تنسيق تركي ـ إسرائيلي بشأن «انتفاضة تقسيم»
محمد نور الدين/السفير التونسية
في الوقت الذي دخلت انتفاضة تقسيم اسبوعها الثالث من دون ظهور اي بوادر على تراجع اي من الفريقين عن مواقفهما، دخلت اسرائيل بقوة على خط الأزمة التركية مع وصول المسؤول البارز في الموساد الاسرائيلي تامير باردو الى انقرة، بصورة سرية، مساء الاثنين الماضي.
والتقى باردو خلال هذه الزيارة رئيس الاستخبارات التركي حاقان فيدان. وبحسب صحيفة «حرييت» فإن من بين المواضيع التي تم تناولها خلال هذا اللقاء، الوضع في سوريا وحجم المشاركة الايرانية هناك، والتطورات في ميدان تقسيم.
وذكرت «حرييت» أن المسؤولين الاستخباريين التركي والإسرائيلي تقاسما المعلومات المتوافرة لديهما، مشيرة الى انهما تبادلا وجهات النظر في ما اذا كان هناك دور لأجهزة استخبارات إقليمية في احداث ميدان تقسيم وحديقة غيزي ام لا. واضافت ان عامير باردو طلب موعدا للقاء رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان.
ومع تواصل الانتقادات لأسلوب اردوغان في مواجهة المحتجين، والتي استدعت تدخل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ودعوته إلى الهدوء، بات تواصل الانتفاضة يحرج اردوغان كثيراً، خصوصاً بعد الانتقادات التي وجهت إليه بانتهاج سياسة مزدوجة المعايير، والتي تبدّت في دعوته قيادات الانتفاضة الى الحوار وإيعازه الى قوات الشرطة - بأمر مباشر منه كما اجمعت المعلومات التركية - باقتحام ساحة تقسيم ومواصلة النهج العنفي في مواجهة حركة الاحتجاج.
ولاحظ معظم المحللين تراجع الدور المعتدل لرئيس الجمهورية عبد الله غول ونائب رئيس الحكومة بولنت ارينتش منذ عودة اردوغان من رحلته المغاربية، حيث تصدر اردوغان المشهد السياسي، في ما فسّر على ان مواقف غول وأرينتش لم تكن سوى توزيع للأدوار ومحاولة لتسكين المحتجين في انتظار حسم كيفية مواجهة الوضع الجديد.
ومع ان ترشيح اردوغان لرئاسة الجمهورية لا يزال قويا، غير ان أحداث اسطنبول قد تعيد الاعتبار إلى عبد الله غول، الذي قد يقرر ترشيح نفسه مجددا للرئاسة، اذا ما تبين ان ترشيح اردوغان سيثير المزيد من التوترات في البلاد.
وفي هذا السياق تساءل سميح ايديز في صحيفة «طرف» عما اذا كان اردوغان سيكون رئيسا للجمهورية، فقال انه «بعد احداث حديقة جيزي تلقت صورة اردوغان في المحافل الدولية ضربة لا يجرؤ مستشاروه على ان يقولوها له».
واضاف ايديز «يبدو أن اردوغان لم يتعلم الدرس حتى من التونسيين والمصريين الذين نزلوا الى الشوارع، فهو يواصل التصرف كما لو انه جزء من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، معتقدا انه بذلك يحصد المكاسب. لكن اتهام اردوغان للأوساط المالية والمخربين بأنها وراء الأحداث انما يثير سخرية الغرب. وأكثر من ذلك، فإن لهجة التحدي، بل الحقد، التي واجه بها اردوغان المحتجين وابتعاده عن لغة التصالح انما يجعلان من وصوله الى رئاسة الجمهورية سبباً اضافياً للانقسامات والتوترات في تركيا.
وختم ايديز بأنّ «بلداً متنوعاً الى هذا الحد دينياً ومذهبيا واثنياً واجتماعيا لا يمكن ان يدار على طريقة (الزعيم الأوحد)».
ولوحظت محاولة اردوغان المتواصلة لحرف الأنظار عن المطالب القوية للمتظاهرين من خلال الاستمرار في اتهام الخارج بحياكة مؤامرة على نظام «حزب العدالة والتنمية» والاقتصاد التركي. وفي هذا الاطار كان توقيت اردوغان الاعلان ان العقل المدبر لتفجيرات الريحانية قد اعتقل وهو يحاول الهرب الى سوريا، وأن دمشق هي التي تقف وراء هذه التفجيرات.
ولفت أيضا اتهام اردوغان الهيئات الاقتصادية وأصحاب الريع الفوائضي بتأجيج الاحتقان من أجل تحقيق الارباح، وإضعاف موقف «حزب العدالة والتنمية» مع تراجع سعر الليرة وارتفاع الفوائد بصورة كبيرة.
وخارج التفاصيل السياسية المباشرة، كان لأردوغان جولة جديدة من ترهيب المعارضين، ولا سيما المثقفين والفنانين، عندما شبّههم بـ«الانكشارية» (طائفة عسكرية من المشاة العثمانيين شكلوا تنظيماً خاصاً لهم ثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أقوى فرق الجيش العثماني وأكثرها نفوذاً)، متوعدا اياهم بأنه «بعد الآن لن تسير الأمور على هذا النحو، لأنّ من لا يحترم السلطة التي جاءت بها الأمة سيدفع ثمن ذلك».
وفي التحليلات كتبت صحيفة «ميللييت» ان احتجاجات حديقة جيزي «قدمت مساهمات مهمة جداً لتعزيز الديموقراطية في تركيا، وتقوية ثقافة العيش المشترك والأمن المجتمعي».
وتحت عنوان «الغيوم التي بددتها جيزي»، كتب ديريا سازاق في صحيفة «ميللييت» انه كان لا بد من تحركات مثل «مقاومة حديقة غيزي» لكي «تتبدد الغيوم التي ظللت ديموقراطيتنا». واضاف «لقد بدأت تتلاشى مناخات الرقابة على الاعلام الذي بدأ يرى الحقائق ويفهم جيل التسعينيات. وحده إعلام السلطة لا يزال متخلفا. المسألة ليست بضعة أشجار تقتلع من مكانها او حفنة من المتطرفين، بل جيل بكامله يريد المزيد من الديموقراطية والحرية».
ورأت صحيفة «جمهورييت» انه «بعد مرحلة تجاهل للمقاومة في (ميدان) تقسيم، اختارت السلطة اسلوب القمع الوحشي بالغاز ضد المحتجين وقد قوبل ذلك بنقد لأردوغان من جانب النائب عن حزبه ابراهيم يغيت، الذي توجه إليه بسؤال: هل تريد جر البلاد الى حرب أهلية؟ ويقتل الناس بعضهم البعض؟».
وتحت عنوان «ميدان الديموقراطية وشارع رئيس الحكومة»، كتب جنكيز تشاندار في صحيفة «راديكال»: «لم اعد احتسب عدد المرات التي تكلم فيها اردوغان خلال عشرة أيام. ربما تجاوز ذلك 17 مرة. المضمون واحد ومعيار الغضب والحدة هو السائد. لقد تحول رئيس الحكومة الى شخص يقصر كلامه على الصراخ. وأدى سلوكه في الآونة الأخيرة الى فتح الطريق واسعا ليخسر دعم حتى الذين كانوا أكثر الداعمين له في الخارج».
على من تقع مسؤولية ما قد يحدث يوم 6/30 ؟
حسن نافعة/المصري اليوم
يُفهم من تصريحات قادة ورموز معظم فصائل تيار الإسلام السياسى، وعلى رأسها جماعة الإخوان، أن هذه الفصائل تنسق فيما بينها لمواجهة الفعاليات التى تعتزم حركة «تمرد» تنظيمها يوم 6/30، كما يُفهم من هذه التصريحات أن هذه الفصائل قررت النزول إلى الشارع والتجمع فى الميادين اعتباراً من يوم 6/28 والبقاء فيها حتى يوم 6/30 للتعبير عن تأييدها للرئيس. ولأن هذا القرار يحمل فى طياته مخاطر جمة، نظراً لما قد يؤدى إليه من احتمال وقوع احتكاكات بين المتظاهرين على الجانبين واشتعال أعمال عنف قد يصعب السيطرة عليها، فهو يعدّ، فى تقديرى، قراراً خاطئاً وغير مسؤول.
يصعب تصور أن تكون فصائل تيار الإسلام السياسى قد اتخذت قراراً على هذه الدرجة من الخطورة دون تنسيق مسبق مع رئيس الدولة والحصول منه على ضوء أخضر بالمضى قدماً فى هذا الطريق الشائك. وسواء تحركت هذه الفصائل من تلقاء نفسها أو بالتنسيق مع الدكتور مرسى، فمن الطبيعى أن يتحمل رئيس الدولة المسؤولية كاملة عما يمكن أن يقع فى هذا اليوم. فإذا افترضنا أن الفصائل المتحالفة معه سياسياً قررت التحرك من تلقاء نفسها، دون تنسيق مسبق معه، فلن يكون لذلك سوى معنى واحد، وهو أن الدكتور مرسى أصبح مجرد واجهة، وليس صانع القرار الحقيقى، وأن مركز صنع القرار فى الدولة قد انتقل بالفعل إلى خارج مؤسسة الرئاسة. أما إذا افترضنا أن قرار هذه الفصائل قد اتخذ بتنسيق وتشاور مسبق، فلن يكون لذلك سوى معنى واحد أيضا، وهو أن الدكتور مرسى يتصرف الآن باعتباره رئيساً لفصيل أو لتيار سياسى معين، وليس باعتباره رئيساً للدولة أو لكل المصريين، وأنه قرر بصفته الحزبية هذه خوض المواجهة حتى النهاية مع القوى المناوئة له سياسياً. ومن الطبيعى فى مثل هذه الحالة أن يبدو كل حديث للرئيس عن «مصالحة وطنية» فاقداً لكل مصداقية ومجرد لغو أو وسيلة لإدارة الصراع السياسى بدلا من حله. لذا عليه أن يكون جاهزاً ومستعداً لأن يتحمل وحده كامل المسؤولية عن كل قطرة دم قد تُسال، لا قدر الله، فى هذا اليوم.
ينتمى كل رئيس للسلطة التنفيذية فى أى بلد فى العالم، خاصة فى الدول الديمقراطية، قبل انتخابه، لفصيل أو تيار سياسى أو أيديولوجى معين. لكن ما إن يتم انتخابه أو تعيينه على رأس هذه السلطة حتى يصبح مسؤولاً عن إدارة جميع مؤسسات الدولة، ومن ثم عليه أن يتصرف كرجل دولة وليس كزعيم لحزب أو طائفة أو عشيرة. لكى يصبح سلوك رأس السلطة التنفيذية متسقاً مع المواصفات المطلوبة فى رجل الدولة، عليه أن يطبق القانون على الجميع دون تمييز، فيلزمهم باحترامه ويعاقب كل من يخالفه أو يخرج عليه حتى ولو كان من أنصاره أو أتباعه.
من حق حركة «تمرد» أن تنظم مظاهرات للتعبير عن مطالب سياسية، أياً كان مضمونها، حتى ولو كانت تدعو لسحب الثقة من رئيس الدولة المنتخب وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، طالما أنها تلتزم بالوسائل السلمية فى التعبير عن هذه المطالب. ومن حق رئيس الدولة، فى المقابل، أن يطبق القانون، وأن يتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سلمية المظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية ومعاقبة كل من يلجأ للعنف أو يخالف القانون بأى صورة من الصور. ولأن القاعدة العامة أن الناس تخرج للشوارع فقط حين ترغب فى الاعتراض على سياسة ما أو للمطالبة بتغيير ما، وليس عندما تريد إظهار تأييدها للسياسات المتبعة، يفترض أن تكون الشوارع والميادين حيزاً محجوزاً للمعارضة وليس للتأييد. وحتى إذا افترضنا أن من حق المؤيدين للنظام الحاكم أن يدافعوا عن هذا النظام إذا استشعروا خطراً من تنامى حجم وتأثير المعارضة، فعليهم فى هذه الحالة أن يمارسوا حقهم بطريقة حكيمة لا تساعد على دفع الأمور نحو الفوضى، وهو ما يبدو غائباً عن الساحة الآن. إذ يُلاحظ للأسف أن سلوك الجماعات المؤيدة للنظام الحاكم حالياً يجنح للعنف لا للسلم، مما يشكل خطراً حقيقياً على سلامة الدولة. لذا أرجو أن يتدارك الرئيس الوضع قبل فوات الأوان، وأن يطلب من أنصاره بوضوح عدم النزول إلى الشارع هذه الأيام، أو على الأقل تأجيل مثل هذه الخطوة إلى ما بعد 30 يونيو.
إذا كانت القوى المؤيدة للرئيس تريد استعراض عضلاتها السياسية، بإظهار قدرتها على الحشد وليس على استخدام العنف ضد المواطنين الأبرياء، فهذا حقها. لكن عليها فى هذه الحالة أن تخصص لنفسها يوماً مختلفاً للتظاهر، حتى لا يختلط الحابل بالنابل، وتجنباً لإراقة الدماء. وعلى رئيس الدولة أن يدرك أن أى قطرة دم تُراق فى هذا اليوم ستعلّق هذه المرة فى رقبته شخصياً.


رد مع اقتباس