النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 445

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 445

    اقلام واراء محلي 445
    10/7/2013

    في هذا الملـــــف:
    في حرّيّة الرّأي والتّعبير بقلم: مادونا عسكر
    pnn/ مادونا عسكر

    المحرر السياسي: لا ذنب لغزة في تهور 'حماس'
    وفا - المحرر السياسي

    حياتنا - الفتن والفساد
    ج الحياة / حافظ البرغوثي

    تغريدة الصباح - مصر.. لا لسفك الدماء
    ج الحياة / محمود شقير

    عندما تتساقط الاوراق
    ج الحياة / يحيى رباح

    الجهاد ضد من ..؟!
    ج الحياة / محمود ابو الهيجاء

    جماعة "الإخوان" وبعض أسئلة الخسارة
    ج الحياة / عدلي صادق

    نحو إعادة تقييم الأولويات
    ج الايام / كريستوف ديونڤالد وأودو كوك

    فلسطين ومصر
    ج الايام / توفيق وصفي

    مصر: مؤامرة ممتدة على ثورة مستمرة
    ج الايام / علي جرادات

    خطأ "الإخوان" القاتل: مصر ليست غزة
    ج الايام / أشرف العجرمي

    أميركا.. والدور الاستخدامي لـ "الجماعة" !
    ج الايام / بقلم: هاني حبيب

    كيف يؤدي كيري "الأغنية"؟
    ج الايام / حـسـن الـبـطـل


    في حرّيّة الرّأي والتّعبير بقلم: مادونا عسكر

    pnn/ مادونا عسكر
    إنّه لحقّ مقدّس أن يمارس الإنسان حرّيّته في طرح رأيه والتّعبير عنه، بل هو الحقّ الواجب احترامه وتقديسه بغية بناء إنسان يرتقي إلى مستوى إنسانيّته الحقيقيّة، لأنّه بدون ممارسة هذا الحقّ نخلق أشباه آلات تتلقّى الأمور دون أي تفاعل أو تأثّر بما يدور من حولها. وتُعتبر حرّيّة الرّأي والتّعبير حقّاً لأنّها العامل الأساس في تطوير الإنسان، فكريّاً وروحيّاً، فيعبّر عن هواجسه وأفكاره بغضّ النّظر عن صوابيّتها أو أخطائها. إلّا أنّ هذه الحريّة تفترض أصولاً محدّدة تعتمد أولاً وبشكل أساسيّ على الأخلاق الرّفيعة الّتي تمكّن الإنسان من إيصال أفكاره، وإلّا تحوّلت إلى فرض للرّأي بعيداً عن الأصول الإنسانيّة.

    وتتأصّل فينا أصول هذه الحرّيّة أو هذا الحقّ بدءاً من التّربية العائليّة، حيث يتيح الأهل لأولادهم الفرص للتّعبير عن أرائهم أيّاً كانت، وذلك بالإصغاء لهم ومناقشتهم وتوجيههم. كما يتطلّب هذا الأمر الكثير من المرونة والانفتاح واحترام اختلاف الآخر من قبل الأهل. فالعائلة هي المكان الأوّل الّذي يكتشف فيه الإنسان اختلافه عن الآخر. ولعلّ المرحلة الأكثر صعوبة الّتي يمرّ بها الأهل، مرحلة المراهقة. تلك المرحلة الّتي ينتفض فيها الإنسان على نفسه وعلى مجتمعه فيثور على الكثير من العادات والتّقاليد والأفكار باحثاً عن حرّيّته وعن شخصيّته الّتي يرجو أن تكون كما يشاء هو وليس كما يشاء الآخر. وإذا أجدنا الاستماع والإصغاء إلى المراهق وثورته فقد نخرج بما يساهم في تطوير المجتمعات أو أقلّه وضع اليد على السّلبيّات الّتي يعاني منها المجتمع. وقلّما نجد في مجتمعاتنا العائليّة تلك الممارسة لحرّيّة الرّأي والتّعبير بدليل ما نراه من سلوكيّات أولادنا وشبابنا. فما زلنا وإلى اليوم نشهد قمعاً غير متعمّد من الأهل لأفكار الأبناء وهواجسهم، وذلك بهدف التّربية على الطّاعة والامتثال. وإن سمح بممارسة هذا الحقّ فقد يٌسمح به للشّاب وليس للفتاة، ممّا يساهم في تغذية العنصريّة والتّفرقة بين شخص وآخر. فالحقّ هو الحقّ سواء أكان لهذه الفئة أم تلك، ولا يكون حقّاً إلّا إذا مارسه الجميع بشكل متساو وعادل.

    ولمّا كان أولادنا لا يتربّون على أصول وقواعد ممارسة حرّيّة الرّأي والتّعبير خرجوا إلى المجتمع حاملين في داخلهم هذا الكبت، منتظرين فرصة لتفجيره. فغدا سلوكهم فوضويّاً وغير ممنهج، إذ وهم في صدد التّعبير عن رأيهم، اتّخذوا المنهج الّذي تربّوا عليه ألا وهو فرض الرّأي وليس طرحه، ناهيك عن عدم قبول الرّأي الآخر واحترامه. وعندما نتحدّث عن احترام الرّأي الآخر، فهذا يعني الإصغاء له ومناقشته بشكل حضاريّ بغض النّظر عن الاقتناع به أو لا. إذ ما هو حقّ لي هو حقّ للآخر أيضاً، وبالتّالي وبالسّماح للآخر بممارسة هذا الحقّ نساهم في بناء مجتمع يتقارب فيه النّاس بأفكارهم أو أقلّه يبحثون عمّا يجمعهم ولا يعود هاجسهم الوحيد القضاء على بعضهم البعض، في حرب تجسّد صراع البقاء الفكريّ والوجودي.

    الرّأي الشّخصي لا ينفي رأي الآخرين ولا يمنعه من الصّوابيّة ولا يُبعد عنه الخطأ، فالرّأي ليس قانوناً يُعمل به أو بنداً دستوريّاً وجب الالتزام به. وإنّما الرّأي هو خلاصة تجربة شخصيّة، وحصيلة تجارب حياتيّة وفكريّة ساهمت في بناء الإنسان، وقد تتوافق مع شخص وتتعارض مع آخر.

    ولمّا كانت أصول وقواعد حرّيّة الرّأي والتّعبير تعتمد بشكل أساسيّ على الأخلاق، فلا بدّ من الكلام عن نقاط ثلاث تندرج في السّلوك الفكريّ الأخلاقي السّليم لنتمكّن من التّكلّم عن حريّة رأي وتعبير كحقّ مقدّس.

    - النّقطة الأولى: التّواضع وعدم الادّعاء.

    كثرت في مجتمعاتنا هذه الأيّام المطالبة بالحرّيّة وبشكل خاص حرّيّة الرّأي والتّعبير، وذلك لأنّنا ولسنين طويلة نواجه قمعاً فكريّاً وجسديّاً وحتّى روحيّاً، ممّا حوّل حياتنا بشكل أو بآخر إلى سجن نحيا فيه آليّاً دونما الإحساس بقيمتنا الفرديّة كمؤثّرين في المجتمع ومساهمين ببنائه وتطويره. فإمّا نحن بمواجهة القمع السّياسي الّذي يمنعنا من طرح أفكارنا السّياسيّة ما لم تتوافق والسّياسة العامة، إمّا القمع الفكريّ الّذي يحيل بيننا وبين الأعراف والتّقاليد البالية الّتي لم تعد تتناسب وعصرنا الحاليّ، وإمّا القمع الدّينيّ الّذي يخنق في داخلنا كلّ التّساؤلات الّتي تجول في خاطرنا بغية الوصول إلى الحقيقة. هذا القمع الّذي يخضع له الإنسان بسبب الخوف والرّعب الّذي يفرضه الأقوى، بحيث يتمكّن من السّيطرة والتّحكّم، لا بدّ أنه سيأتي يوم إمّا يثور فيه على هذا القمع وينتفض، وإمّا يموت خانعاً خاضعاً.

    ولئن اختار الإنسان أن يثور ويكسّر أغلاله ويتحرّر من هذا القمع وهذه السّلطة المستحكمة بحياته وفكره، ولأنّه لم يتدرّب بشكل منهجيّ على مواجهة القمع منذ البداية ورفضه وعدم الخضوع له، ثار بشكل عشوائيّ وفوضويّ، وصوّر لنفسه مطالب محدّدة تتوافق ونظرته الشّخصيّة بعيداً عن نظرة الآخر.

    بالمقابل إذا طوّر الإنسان نفسه وتثقّف، وكوّن في داخله شخصاً مستنيراً ومتحرّراً من كلّ قيد وواجه القمع والتّسلّط، وجب عليه الأخذ بعين الاعتبار من لم تُتح له الفرص للسّعي لهذا التّحرّر نتيجة الظّروف الاجتماعيّة. ولا يجوز التّعالي عليه والاستخفاف به، واعتباره درجة ثانية في المجتمع، فيرذله ويحاول بدوره فرض رأيه عليه وبالتّالي قمعه.

    فما نشاهده اليوم من الطّبقة المثقّفة بأغلبها يعبّر عن تعالٍ وتكبّر خاصة إذا تمكّن المثقّف من فرض رأيه والنّجاح في اكتساب شريحة لا بأس بها من المجتمع في صفّه. والإشارة هنا إلى الفئة المثقّفة دون سواها، لأنّها هي الطّبقة المعوّل عليها في توعية المجتمع وانتشاله من جهله وتخلّفه. كما أنّها الطّبقة المعوّل عليها في رفع مستوى المجتمع وليس إغراقه في نوع جديد من التّطرّف، ألا وهو التّطرّف الثّقافي إن جاز التّعبير. فالطّبقة المثقّفة عليها التّمسّك برأيها كمبدأ وليس التّعصّب له دونما المحاولة لاستيعاب من هم أقلّ ثقافة ووعي. فبين التّمسّك بالرّأي والتّعصّب له، فرق شاسع، فالأوّل، هو ثقة بالرّأي وبفعاليّته على مستوى المجتمع، أمّا الثّاني فهو عمى للعقل والقلب يحوّل النّضال من أجل قضيّة ما إلى حرب شرسة تستخدم فيها كلّ الأسلحة في سبيل البقاء والانتصار.

    التّواضع يسمح لمن يعتبر نفسه مثقّفاً ومدركاً لرسالته الإنسانيّة، أن يتفهّم الآخر ويستوعبه ويحاول جاهداً زرع المفاهيم السّليمة في نفسه وعقله بهدف التّغيير والتّطوّر. ومن غير المسموح مواجهة الجهل بالتّعالي والتّكبّر، لأنّ النتيجة ستكون سلبيّة وغير مرضية، إذ إن الجاهل سيواجه هذا التّعالي بعنف وشراسة بغية إثبات وجوده.

    والتّفهّم لا يعني تبرير سلوك مشين أو قبيح، ولا يعني غضّ النّظر عن أي تصرّفات تعيق المسيرة الإنسانيّة الحرّة وإنّما التّفهم يعني عدم استفزاز الطّرف الآخر واستفزاز سلوكه غير السّوي، وتوخّي التّصرّف بردّات فعل على أن يكون التّصرّف مرتكز على الحكمة والوعي.

    - النّقطة الثّانية: عدم الانجرار إلى المجادلات السّخيفة.

    إنّ الثّقافة تفترض مستوى معيّن من النّقاش يتحلّى بأدبيّات الكلام والحوار، كما تتطلّب حكمة في طرح الرّأي وتسليط الضّوء على السّلبيّات والأخطاء. ولا يجوز لمن يعدّ نفسه مثقّفاً أن يستخدم ألفاظاً نابية وغير لائقة بحجّة أن الطّرف الآخر يستخدمها وإلّا انتفت عنه ثقافته إذ إنّه انحدر إلى مستوى محاوره وأصبح مثله. ومتى تحوّل أي نقاش أو حوار إلى مجموعة شتائم وكلام سفيه فعلى المثقّف أن ينسحب ويحافظ على مكانته دون أن يحتسب ذلك هزيمة له. فتغيير المجتمعات وتطويرها لا يندرج ضمن حسابات ضيّقة ومصالح فرديّة.

    كما أنّه لا يجوز لمن يدّعي الثّقافة والحرّيّة أن يتّخذ نفسه ديّاناً للبشر فيبدأ بفرز النّاس بين مؤيّد ومعارض، لأنّه بذلك يتساوى مع أي محاور متطرّف. فالمتطرّف هو من نصّب نفسه والياً على البشر ويبرمجهم بحسب تشدّده وتعصّبه لقناعاته. أمّا المعتدل فهو ذاك الّذي يتمسّك بقناعاته دون أن يفرضها على أحد، محترماً الجميع على حد سواء.

    وما نشاهده اليوم، أو ما يثير قلقنا هو مشاهدة بعض المثقّفين الّذين يجنحون إلى التّطرّف، ولا يختلفون كثيراً عن أؤلئك الّذين يقصون الآخر لمجرّد أنّه مختلف عنهم. فالحركات التّكفيريّة لم تعد مقتصرة على الجركات الدّينيّة وحسب، وإنّما بدأت تتعدّاها إلى الحركات الثّقافيّة.

    - النّقطة الثّالثة: احترام إنسانيّة الآخر.

    أنت تدرك إنسانيّة الآخر، إذن أنت حرّ ويحقّ لك أن تعبّر عن حرّيّتك. أمّا وأن نستهزئ بإنسانيّة الآخر أيّاً كانت توجّهاته أو انتماءاته أو عقيدته فهذا مشين بحق المثقّفين. احترام إنسانيّة الآخر هي الأولى في سلّم الأولويّات الأخلاقيّة، أيّاً كان سلوك الآخر. قيمة الإنسان تكمن في شخصه وليس في معتقده أو انتمائه أو رأيه أو قناعته، وبالتّالي يجب ألّا ننتقص من إنسانيّته لمجرّد أنّه لا يتوافق وقناعاتنا.

    كما أنّ احترام إنسانيّة الآخر لا تحول دون إبراز أخطائه بهدف الحرص على المجتمع، وإنّما باحترامنا لإنسانيّته نقصّر المسافة بين الدّافع والهدف لنبلغ مآربنا الأساسيّة دونما التّلهي بمهاترات وسجالات لا تعدّ ولا تحصى.

    إنّ تغيير المجتمعات للأفضل، وتحريرها من الجهل والتّخلّف يتطلّب عملاً دؤوباً ونضالاً شريفاً في سبيل نهضتها وتطوّرها ولا يتطلّب مجادلات وثرثرات من هنا وهناك لا تهدف إلا لهدر المزيد من الوقت وإغراق ما تبقّى لنا من ثقافة في مستنقعات الجهل.

    المحرر السياسي: لا ذنب لغزة في تهور 'حماس'
    وفا - المحرر السياسي
    أقحمت قيادات 'حماس' نفسها في ما لا شأن لها فيه، واندفعت بطريقة متهورة، في الموقف والسلوك تجاه مخاض مصر الباحث عن الديمقراطية والحرية والخلاص من الاستبداد، ووضع هؤلاء القادة أنفسهم في تصادم مباشر مع إرادة الشعب المصري العظيم التواق إلى التغيير.
    بالأمس فقط طوى الجيش اللبناني صفحة مؤامرة في صيدا كادت تعصف بالسلم الأهلي في لبنان وأعلن عن تورط عناصر من 'حماس' فيها، وقبل الأمس تورطت 'حماس' في الاحتراب الداخلي السوري فانحازت بالموقف والسلوك إلى طرف ضد طرف، ما أفقدها حضنا نعمت بدفئه وقتا طويلا.
    ستدفع قيادة حماس، بالتأكيد، ثمنا مستحقا لتهورها وهو ما بدأ ينتقده علنا بعض من قيادتها، وهذا ليس شأننا، ولكن أن يدفع الشعب الفلسطيني برمته، خاصة أهلنا في قطاع غزة، ثمن أخطاء قيادة 'حماس' الفادحة، فهذا ما لا تقبله القيادة الفلسطينية التي اختطت طريقا غاية في الوضوح إزاء التحولات السريعة التي تشهدها المنطقة.
    لقد أكد الرئيس محمود عباس، في غير مناسبة، على حياد فلسطين، وعلى اجتناب التدخل في الشؤون الداخلية العربية، أعلن تلك السياسة الحكيمة ونفذها بدقة وشفافية عالية، ما أكسبه احترام وثقة الدول العربية على اختلافها وتنوع مشكلاتها.
    وفيما يخص مصر تحديدا، باعتبارها الدولة العربية الأقرب والأكبر والأكثر تأثيرا، وباعتبارها من ضحى من أجل فلسطين بالغالي والنفيس من دماء أبنائها وقوت شعبها، فإنها تستحق منا وقفة إجلال وتقدير لشعبها، ولقواها الحية، مثلما تستحق منا احترام إرادة ملايينها التي هتفت من أجل التغيير بملء حناجرها.

    'حماس' ليست فصيلا سياسيا فحسب، إنها الفصيل الذي اغتصب السلطة في قطاع غزة، وعلى ذلك فإن مغامراتها السقيمة في الشأن العربي، وفي الشأن المصري تحديدا، لن تنقلب عليها فقط، بل إن نتائجها الكارثية ستنسحب أيضا على أهلنا في القطاع للأسف.

    إن القيادة الفلسطينية التي تعرف حجم المخاطر المتأتية من تلك السياسة المتهورة تعمل بكل الجهد الممكن لتقليص الآثار الخطيرة لمواقف وسلوك 'حماس'، وهي تجري اتصالات حثيثة مع كل الأطراف المعنية لتجنب شعبنا في غزة المزيد من المعاناة بسبب السياسات المتهورة واللامسؤولة لقيادات في حركة 'حماس' وأجهزة إعلامها.

    حياتنا - الفتن والفساد
    ج الحياة / حافظ البرغوثي

    مع الاسف ليس شهر رمضان من الاشهر الحرم الاربعة التي حرم فيها القتال عربيا منذ القدم، فالاشهر الحرم هي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم.. وكان العرب في الجاهلية يحرمون القتال فيها وفي بداية الاسلام ثم نسخت الآية التي تحرم القتال لاحقا «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض منها اربعة حرم». واظن ان النسخ وجب في حروب المسلمين ضد المشركين لكنه يظل ساريا ضد المسلمين انفسهم لان دم المسلم على المسلم حرام شرعا طوال شهور السنة، فحرمة الدم سارية دوما حتى يوم القيامة، ولا يجوز لاي مسلم ان يقاتل اخاه المسلم تحت اية ظروف فالقاتل والمقتول في النار ولا ينطبق هنا القول قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، لان الجميع في النار والعياذ بالله.. ونحن اذ نستهل اليوم شهر رمضان المبارك.. شهر التقوى والتقرب الى المولى عز وجل، شهر الصبر والصدقات وصلوات الليل وكبح الشهوات لا بد لنا ان نتذكر الحديث الشريف ان كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. وقوله تعالى «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما» النساء 93. وقيل عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ان الكبائر هي الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين.

    فالمراقب لعمليات القتل والذبح الجارية في بعض الاقطار العربية يستنتج اننا انحدرنا خارج ديننا حتى اننا لم نتمسك بأية حرم بما فيها الاشهر الحرم التي كان الجاهليون يحترمونها، فالاقتتال بين المسلمين حرام شرعا مهما كانت ظروفه، ولا يغفر لنا ان بعض المسلمين اقتتلوا في فتن سابقة منذ مقتل عثمان بن عفان وما تلاه فمن شارك في الفتن ومارس القتل خرج من الاسلام، «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب» سورة الانفال. فالفتن لا تصيب الظالم وحده بل الجميع واذا ظهرت فإنها تجلب معها الفساد وما اكثر الفساد والفتن في ايامنا.

    تغريدة الصباح - مصر.. لا لسفك الدماء
    ج الحياة / محمود شقير

    دماء المصريين التي سالت قبل أيام، كان ينبغي تجنّب إراقتها بأية وسيلة ممكنة. وهذا لا يعني أنني أصدّق الدعاية التي تقول إن الجيش أطلق النار على المعتصمين أثناء تأديتهم للصلاة. وقد يبدو أقرب إلى التصديق إقدام قيادة المعتصمين على استفزاز الجيش، ما أدّى إلى النتيجة الدموية التي وقعت، وإلى استثمارها لشنّ حملة تحريض واسعة ضدّ الجيش وضدّ القوى السياسية المساندة له، ولكسب مزيد من الأنصار في الداخل والخارج.

    ولأنّ ما وقع في حاجة إلى تحقيق جدّي للوقوف على الحقيقة، فإن الحرص على مصر وعلى عدم توريط أبنائها في صراع دموي، ينبغي أن يكون في رأس اهتمامات القوى السياسية المتصارعة على السلطة الآن.

    وفي حين أنني مع خيارات الشعب المصري من أجل ترسيخ حقّه في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فإن التطوّرات السياسية التي لعب الجيش فيها دورًا حاسمًا، مستندًا في ذلك إلى زخم الاحتجاجات الشعبية، قد تبقى موضع جدل مشروع وحوارات متشعّبة، لتسويغ ما جرى أو عدم تسويغه. ذلك خاضع لحركة الواقع السياسي، ولقياس مدى ما اشتمل عليه من صحة أو خطأ في ضوء ما ستسفر عنه التجربة من نتائج.

    وما يهمني في هذا الصدد، وفي ما يتعلق بمصر وبلدان الربيع العربي، التأكيد على وضع دساتير ولوائح وقوانين تنظّم العلاقة بين القوى السياسية المختلفة، بحيث لا يتمّ إقصاء أية قوة سياسية، ولا يتمّ استئثار أية قوة سياسية بالسلطة، ما قد يغريها بإقصاء الآخرين، أو بمحاولة نشر نفوذها وتعزيز تحكّمها بالدولة وبالمجتمع، وهو ما حاولت جماعة الإخوان المسلمين فرضه على مصر خلال عام من حكمها للبلاد.

    ولعلّي أعود قليلاً إلى الوراء، لأشير إلى أنني رحّبتُ منذ البداية بثورات الربيع العربي، وأيّدتُ طابعها السلمي وطموحها إلى تغيير الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة التي حوّلتْ بلدانها إلى مزارع خاصة بها وبأتباعها من النخب الفاسدة، وأمعنتْ في إهانة كرامة المواطنين وفي إساءة توزيع الدخل القومي بين طبقات المجتمع.

    غير أن الطابع السلمي للثورات لم يستمر بسبب شروع الأنظمة الحاكمة في استخدام العنف المسلّح لإسكات الناس، ما تسبّب في استدراج الثورات في بعض بلدان الربيع العربي إلى استخدام السلاح للرد على عنف الأنظمة، أو استقدام قوى أجنبية لحسم الصراع، وما أسهم في وصول قوى الإسلام السياسي إلى السلطة، من خلال استثمار المشاعر الدينية للناس، وتسخير الدين لحسم نتائج الانتخابات، والانفراد بالحكم بشكل أو بآخر، من دون تقديم بدائل اقتصادية واجتماعية مقنعة. ولم يعد خافيًا أن قوى حاكمة في المنطقة، عملت بوسائل عدّة لتعزيز نفوذها في بلدان الربيع العربي، ولحرف الثورات عن مسارها. يضاف إلى ذلك أن ثمة قوى أجنبية على رأسها الولايات المتحدة الاميركية وبعض البلدان الأوروبية، عملت وما زالت تعمل على التدخل في مسار الثورات لجرّها بعيدًا من أهدافها الصحيحة، ولترسيخ التبعية للمراكز الإمبريالية.

    عندما تتساقط الاوراق
    ج الحياة / يحيى رباح

    كما تقول وقائع الثورة المصرية المستمرة، التي يتابعها العالم من اقصاه الى اقصاه فان الذي اسقطته ثورة الخامس والعشرين من يناير المصرية، عبر موجتها الثانية التي تجسدت بشكل خارق في الثلاثين من يونيو الشهر الماضي، ليس هو فقط الدكتور محمد مرسي، وليس هو فقط جماعة الاخوان المسلمين وتفريعاتها، بل الذي سقط بشكل اكبر هو تلك الصياغة الجديدة للمنطقة بأسرها (مشروع الشرق الاوسط الجديد ) انطلاقا من مصر بصفتها القاعدة الاكبر والاهم والاكثر اشعاعا وتأثيرا في المنطقة على المستوى التاريخي.

    وهذه الصيغة الجديدة –المؤامرة – كان الاخوان المسلمون قد تورطوا فيها مع سابق اصرار وتعمد، ونفذوا اول مراحلها من خلال حركة حماس، في مواجهة المشروع الوطني الفلسطيني، مشروع الاستقلال، مشروع اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية اي القدس الشريف، والوصول الى حل نهائي يشمل عودة اللاجئين حسب مقتضيات القرار 194، ومنذ اقدمت حماس على تنفيذ خطيئة الانقسام، ومنذ وصل محمد مرسي الى مقعد الرئاسة المصرية فقد جرى دفع حماس للموافقة على هدنة طويلة الاجل مع اسرائيل، وهذا ما ورد باتفاق التهدئة الاخير، ثم انهاء القضية الفلسطينية من خلال التوطين في سيناء، وهو ما رفضه الشعب الفلسطيني في انتفاضته الكبرى عام 1955، الانتفاضة في قطاع غزة التي التقطها الرئيس جمال عبد الناصر كلحظة سياسية خارقة، ومن خلالها جرت كثير من التحولات في السياسة الخارجية والتي انعكست آثارها على سائر المنطقة.

    عندما تتساقط الاوراق، فان مزيدا من الانكشافات الخطيرة تحدث، وهذا هو مأزق حركة حماس الآن، فالثورة المصرية مستمرة عبر انطلاقتها الثانية، ومع سقوط الاوراق تتكشف الحقائق، وتنقلب الادوار رأسا على عقب، وقد اودع القاضي المصري الشجاع خالد محجوب اسباب قراره التاريخي بتحويل قضية اقتحام السجون المصرية، وخاصة سجن وادي النطرون الذي كان من بين نزلائه اربعة وثلاثون سجينا من قيادة الاخوان المسلمين على رأسهم الدكتور محمد مرسي نفسه! واسباب الحكم تقع في اربعين صفحة مزودة بالوثائق وشهادات الشهود واتصالات تلفونية مسجلة واقراص مدمجة، وفي هذه الوثائق – كما يعلم الجميع –اتهام صريح لحركة حماس بأنها شاركت في ذلك الهجوم!

    والقوى الثورية المصرية تتوقع انه كلما تقدم التحقيق في القضية، فسوف تسقط اوراق جديدة، وسوف تتكشف حقائق جديدة، وسوف يتبع ذلك بالضرورة تدفيع الاثمان من قبل المتورطين! واذا كان النظام الذي يسيطر عليه الاخوان المسلمون قد سقط، والرئيس المطرود محمد مرسي اصبح فعليا قيد الاعتقال والتحقيق !!! فما بالكم بكل من قبل ان يكون أداة، مجرد أداة، في ذلك المخطط الرهيب؟

    المسألة اذا تخطت مرحلة السكوت او الانكار او التنصل، ورغم ان قوى الثورة المصرية تفرق وتميز بوعي كامل بين الشعب الفلسطيني وحركة حماس، ولكن ما ان تشتعل النار حتى يتطاير الشرر واول الشرر ان الانفاق تدمر في عملية متواصلة، والجيش المصري الباسل الذي يدمر هذه الانفاق سيسعى حتما للاحاطة بكل اسرارها، وخاصة ان الرأي العام المصري يضغط بكل حيويته لاستكمال كشف الحقائق المتعلقة بمقتل ستة عشر جنديا مصريا قتلوا في شهر رمضان الماضي في رفح، فمن قتلهم وكيف؟! وفي اختفاء ثلاثة ضباط قبل ذلك، من اختطفهم وكيف وما هو مصيرهم؟! وفي اختطاف سبعة جنود اطلق سراحهم دون الاعلان عن الخاطفين فكيف اختطف اولئك الجنود السبعة ولماذا وكيف تمت عملية الافراج؟!

    كما ترون، الاوراق المتساقطة كثيرة والانكشافات كثيرة، والتداخلات كثيرة، ومثلما ان جريمة قتل المناوئين برميهم من فوق اسطح الابراج في غزة في احداث الانقسام عام 2007 وجد لها صدى شبيه في مصر، فكذلك حركة تمرد المصرية وجد لها صدى في قطاع غزة، وحين تولد الفكرة فان الواقع يمكن ان يغذيها بتداعياته العبقرية، وشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة لديه هذه الجاهزية في التفاعل مع الحقائق والاحداث، فكيف اذا كانت حماس تصر على ارتكاب الخطايا والرهانات الوهمية بينما شعبنا يدفع الثمن، وشعبنا لم يقبل ان يكون في حالة قطيعة مع الشعب المصري الذي كان دائما درعا وسندا لقضيته العادلة.

    أقول ذلك:

    داعيا حركة حماس الى عدم الهروب الى الامام كعادتها وعدم ركوب رأسها بعناد غير منطقي، فحين يحدث الطوفان فلن يكون لها مأمن سوى عودتها لتكون تحت سقف شعبها الفلسطيني الذي طعنته بقوة خلال الانقسام ركضا وراء الاوهام!
    فهل تملك حماس الاهلية لذلك؟ ام انها ستظل تهرب من الشمس الى العتمة ومن العقل الى الوهم والجنون؟


    الجهاد ضد من ..؟!
    ج الحياة / محمود ابو الهيجاء

    لا أميل لتصديق ما نشرته صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية، ان حركة حماس اعلنت الجهاد المقدس ضد الجيش المصري، لكن ماذا لو كان ما نشرته صحيحا، فكيف يمكن لأي خطاب او اي احد ان يبرر هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية المصرية لدولة هي ليست اية دولة في هذه المنطقة، وانما هي الدولة المركزية او كما تسمى الدولة الاقليم، اكثر من ذلك ان هذا التدخل يأتي اذا ما كان صحيحا، ضد الارادة الشعبية المصرية بأغلبيتها الساحقة، بما يعني احتمال ان تصبح هذه الاغلبية كارهة لاسم فلسطين والفلسطينيين معا، ولن نراهن هنا على وعي النخبة للتفريق الموضوعي بين حركة حماس كجزء من الاخوان المسلمين، وبين الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية التي لا تزال بحاجة لكل محبة عربية او عالميةـ والاخطر من ذلك سياسيا وعقائديا كيف يمكن لأحد ان يفهم او يتقبل اعلانا للجهاد ضد جيش عربي، كالجيش المصري الذي له من الشهداء في سبيل القضية الفلسطينية الكثير الكثير، ولا يعلن الجهاد ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي او لتحرير الاقصى والذي ما زالت شعارات المقاومة وحدها دون شعارات الجهاد تتصدى لهذه المسألة ودون فعل بطبيعة الحال ...!!! أتمنى حقا ان يكون خبر الصحيفة الاسرائيلية غير صحيح تماما، والا فان حماس تذهب الى مصير الجماعة نفسها وهي تنتحر اليوم بتمسكها بالنكران والمكابرة والتمسك بما اسميه خطاب الوهم الاخواني الذي يرى ان التاريخ يمكن ان يعود الى الوراء .

    نعم نتمنى ان يكون الخبر مفبركا، لكن على حركة حماس ان تعلن صراحة انها ليست في هذا الوارد ولا هي راغبة في الانتحار على هذا النحو، وان لم تعلن ذلك، فعليها وليس امامها الا ان تواجه المثل العربي الذي يقول على نفسها جنت براقش» ....!!!.


    خيال إسرائيل وملاحظات على ديمقراطيتها الأسطورية

    تحليل للملاحظات الختامية على تقارير إسرائيل الدورية من الثاني إلى الرابع التي اعتمدتها لجنة حقوق الطفل الدولية
    في دورتها الثالثة والستين (27 أيار - 14 حزيران) 2013

    جاءت ملاحظات لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل رداً على التقرير الذي قدّمته إسرائيل، بمثابة صفعة قوية جداً لدولة الاحتلال وأنظمة «العدالة» فيها، فقد حملت هذه الملاحظات التي جاءت في 79 نقطة انتقادات قوية لم يسبق لأي جهة أممية ومنظمة من منظمات الأمم المتحدة تقديمها ضد إسرائيل، وقد تمحور الرد ليس فقط حول احتلالها لأراضي الغير وعنصريتها، بل امتد أيضاً ليشمل ادّعاءها بأنها أفضل من العديد من دول العالم، وأنها واحة الديمقراطية والحضارة في الشرق الأوسط، وليؤكد التقرير أن هذه الديمقراطية ما هي إلا ادّعاء.

    وبالعودة إلى رد اللجنة الذي أصدرته في جلستها الثالثة والستين، وبعد دراسته بتروٍ أفصّل الرد في أربعة بنود رئيسية تشكّل كلها إدانة واضحة لإسرائيل كاحتلال وكممارسات عنصرية، وهي تتركز في التالي:

    إسرائيل دولة استعمارية

    فقد أكدت اللجنة في معرض ردّها على عدم شرعية الاحتلال ومظاهره المختلفة وإدانتها له على مطالبة إسرائيل ليس فقط بإنهاء الاحتلال بل أيضاً بالانسحاب من جميع المستوطنات والكف عن نقل سكانها إلى المناطق المحتلة للاستيطان فيها. وتذهب اللجنة إلى أبعد من ذلك في انتقادها لإسرائيل وذلك لعدم تقديمها في التقرير الذي قدّمته للجنة أية معلومات عن فلسطين المحتلة ومرتفعات الجولان السوري المحتل وعن وضع الأطفال الذين يعيشون في هذه المناطق (البند الثالث، نقطة 7)، حيث تتجاهل بذلك أنها دولة احتلال وأنها تُخضع الملايين من سكان المناطق المحتلة لسيطرتها وسياساتها.

    إسرائيل دولة عنصرية

    تنتقد اللجنة إسرائيل لممارسة العنصرية ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني، بل أيضاً ضد قطاعات أخرى من المجتمع الإسرائيلي نفسه بما في ذلك المهاجرون وطالبو اللجوء السياسي؛ حيث أكّدت اللجنة بأن مخصصات الميزانية، بما في ذلك الميزانية المكرسة للصحة، لم تعد تميز ضد العائلات العربية الإسرائيلية وأطفالهم فقط، بل تعدتها لتميز ضد أطفال منتمين للطبقات والفئات المحرومة والمستضعفة لا سيما البدو والإثيوبيين، وكذلك أطفال العمال المهاجرين وطالبي اللجوء. (البند الرابع، النقطة 14/c)
    وأعربت اللجنة عن قلقها بأن عدم التمييز ليس منصوصا عليه صراحة في القوانين الأساسية في إسرائيل، وعن قلقها أيضاً إزاء اعتماد المزيد من القوانين التمييزية خلال الفترة المشمولة بالتقرير والتي تؤثر على الأطفال الفلسطينيين في المقام الأول في جميع جوانب حياتهم، كما أنها تميّز ضد الأطفال العرب في إسرائيل، والبدو، والأطفال الإثيوبيين، إضافة إلى أطفال العمال المهاجرين وطالبي اللجوء. وتشعر اللجنة بقلق عميق إزاء إنشاء وسائل منفصلة لخدمات النقل والطرق وكذلك تنفيذ نظامين قانونيين منفصلين حيث تصل إلى الفصل الفعلي، وتؤدي إلى عدم إمكانية المساواة بين الأطفال اليهود والفلسطينيين في التمتع بحقوقهم. (البند الرابع، نقطة 21)
    كما تحدثت اللجنة عن شعورها بالقلق من أن متوسط الإنفاق لكل طفل في التجمعات العربية أقل من الثلث مما هو عليه في التجمعات اليهودية، وأن فشل إسرائيل بأن تأخذ في الاعتبار عدم تكافؤ مستوى الموارد المقدمة إلى النظم الصحية يزيد من مستوى الفوارق المستمرة فيما يتعلق بالمؤشرات الصحية بين الأطفال العرب واليهود (البند الرابع، نقطة 13).

    إسرائيل دولة انتهكت كافة مبادئ اتفاقية حقوق الطفل

    اتهمت اللجنة إسرائيل بانتهاك المبادئ الأربعة الرئيسية لاتفاقية حقوق الطفل دون أي استثناء، فقد تحدثت اللجنة عن انتهاك إسرائيل لمبدأ عدم التمييز (البند الثالث، نقطة c/21، والبند الرابع، النقاط 29، 30، 49، 61)، وانتهاك مصالح الطفل الفضلى (البند الثالث، نقطة 23)، إضافة إلى انتهاك الحق في الحياة والبقاء والنمو (البند الثالث، نقطة 25)، والحق في المشاركة (البند الثالث، نقطة 27).

    إسرائيل دولة غير ديمقراطية

    ومن النقاط الجريئة التي تضمنها رد لجنة حقوق الطفل حول التقرير الإسرائيلي التأكيد على أن إسرائيل تقوم بالعديد من الممارسات غير الديمقراطية مثل الممارسات الضارة ضد الأطفال، واستخدام العقاب البدني والعنف ضد الأطفال، وتطبيق بعض القوانين الدينية المستندة على الشريعة اليهودية، وعدم الشفافية، إضافة إلى انتشار بعض المظاهر السلبية مثل الفقر، والآثار المترتبة على خصخصة الخدمات والبنية التحتية؛ ففي (البند الرابع، نقطة 14 /ب) أكدت اللجنة أنه ليس هناك شفافية في وضع الميزانية وبطريقة تشاركية من خلال إجراء حوار عام مع المجتمع ولا سيما مع الأطفال، وعدم وجود مساءلة مناسبة من قبل السلطات المحلية للموازنات الموضوعة، حيث يعتبر ذلك من أهم مظاهر الديمقراطية.

    وفي سياق المؤسسات الأهلية وبربطها بموضوع حماية حقوق الطفل، أوضحت اللجنة أن إسرائيل لا تحترم المجتمع المدني، حيث أعربت اللجنة عن أسفها لعدم توافر معلومات كافية بشأن إشراك المجتمع المدني في إعداد تقرير الدولة الطرف (إسرائيل)، وأن المنظمات غير الحكومية لا تشارك بصورة منتظمة في تخطيط السياسات والقوانين للأطفال كما أقرت به الدولة الطرف في تقريرها. وعلى الجانب الفلسطيني الخاضع لسلطة الاحتلال، تعرب اللجنة عن قلقها من أن إسرائيل تنظر للمنظمات غير الحكومية الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبشكل متزايد كتهديد للأمن القومي وتخضعها لجملة من المضايقات كالإغلاق والتعطيل واعتقال وحرمان موظفيها من تصاريح العمل. كما وتشعر اللجنة بالقلق أيضاً إزاء الحرمان من تصاريح العمل للأجانب العاملين في المنظمات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث إن هذه القيود التي تمارسها إسرائيل موجودة فقط في الأنظمة القمعية (النقطة 17).

    وفيما يتعلق بالقوانين الدينية المستمدة من الشريعة اليهودية، أوصت اللجنة بأن تكفل إسرائيل «بقدر الإمكان، احترام حق الطفل في أن يعرف هوية والديه في حالة كونه مُتبنياً أو مولوداً خارج إطار الزواج ولم يعتَرف به أيٌّ من والديه»، حاثّة إياها على ضمان أن تكون القوانين الدينية متماشية مع الاتفاقية التي تتضمن عدم استخدام اللغة المهينة كتوصيف الأطفال المولودين خارج إطار الزواج بأطفال الحرام وغير الشرعيين (النقطة 32).

    وخلال حديث اللجنة عن العقاب البدني أوصت اللجنة إسرائيل باتخاذ تدابير فعالة للقضاء على العقاب البدني والنفسي بما في ذلك نتائجه من خلال تنفيذ التوعية العامة والمهنية من خلال برامج وحملات، وتعزيز أشكال إيجابية وغير عنيفة في تربية الأطفال والانضباط كبديل للعقاب البدني، وإنشاء آليات شكاوى للطفل.

    كما قالت اللجنة إنها تشعر أن الفقر بين الأطفال ارتفع على مر السنين، وأن واحداً من أصل ثلاثة يعيش تحت خط الفقر أو على حافة منه. إضافة إلى خصخصة الخدمات الاجتماعية ومحدودية الوصول إلى الخدمات المجانية التي تزيد من الصعوبات عند الأطفال وأسرهم (البند الرابع، نقطة 57).

    وفيما يتعلق بممارسات إسرائيل بشأن المياه، أشارت اللجنة إلى نقص المياه الشديد الذي يواجه الأطفال الفلسطينيين وأسرهم والأطفال البدو في النقب بسبب الحظر على الوصول إلى الموارد الطبيعية، وفرض قيود على استخدام المياه وتدمير الخدمات بما في ذلك الطرق التقليدية في الحصول على الماء كاستعمال الصهاريج. ناهيك عن معارضة سلطات الدولة لإنشاء مرافق معالجة مياه الصرف الصحي في القدس الشرقية، وتوفير فرص الحصول على مياه الشرب النظيفة والصالحة للشرب للأسر البدوية والأطفال الذين يعيشون في ما يسمى بـ «القرى غير المعترف بها» حتى في الحالات التي قضت المحكمة العليا بأن القرى يجب أن تحصل على المياه (البند الرابع، النقطة 59).

    وبشأن التعليم، أوصت اللجنة إسرائيل بالتوقف عن مطالبة الوالدين بدفع الرسوم والتبرعات غير الرسمية الأخرى لتعليم أطفالهم، واتخاذ التدابير الضرورية للتنفيذ الفعلي لقانون التعليم الإلزامي وضمان أن التعليم يظل مجاناً (نقطة 62)، كما كررت اللجنة قلقها من محدودية التربية المدنية التي تحث على السلام في إسرائيل وأن هناك عسكرة واسعة للنظام التعليمي. إضافة إلى إزالة معلومات هامة عن التاريخ الفلسطيني والتراث والعلم والمدن من الكتب المدرسية التي وزعت في عام 2011 لجميع المدارس الخاصة والحكومية في القدس الشرقية، (نقطة 65).

    ويذكر التقرير أنه إضافة للممارسات التي تدلل على عدم تمتّع إسرائيل بالديمقراطية التي تدّعيها، أنها أيضاً متخلفة عن العديد من الدول، حتى غير الديمقراطية منها، من حيث عدم تصديقها على بعض الاتفاقيات الدولية الهامة كما أفادت اللجنة، وفي هذا المضمار أوصت اللجنة بأن تقوم إسرائيل ومن أجل مواصلة تعزيز إعمال حقوق الطفل، التصديق على جميع المعاهدات الأساسية لحقوق الإنسان والتي هي ليست طرفاً فيها بعد، وهي البروتوكول الثالث الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إجراء الشكاوى الفردية، واتفاقية الاختفاء القسري، وكذلك البروتوكولين الاختياريين للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية، والحقوق الاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ( نقطة 75).
    وفي الختام أود التأكيد على أن أهمية ملاحظات اللجنة الدولية تحمل عدّة أوجه، فهي لا تكشف فقط التكتيكات الاستعمارية الإسرائيلية، وسياساتها العنصرية؛ وانتهاكاتها الخطيرة والعديدة لحقوق الإنسان وخاصة حقوق الأطفال، وضعف الشفافية، وتقييد الحريات المدنية، وعدم العدالة الاقتصادية والاجتماعية، لكنها تكشف أيضاً ادعاءات إسرائيل بأنها دولة ديمقراطية وتقدمية وبأنها تشكل وضعاً استثنائياً في هذه المنطقة من العالم. ولا بدّ من التأكيد على أنه أصبح من المعروف أن لجنة حقوق الطفل هي صوت جسور وقوي، وأن قوة ملاحظاتها تُظهِر أنه أصبح من غير المقبول تجاهل انتهاكات إسرائيل المتكررة، وأن الوقت قد حان لمحاسبتها.

    * المفوّض العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

    جماعة "الإخوان" وبعض أسئلة الخسارة
    ج الحياة / عدلي صادق

    خفّت المملكة العربية السعودية، الى مساندة شعب مصر، بعد أن استعاد شارعها السياسي، ثورته المختطفة، بعون حاسم من القوات المسلحة. ففضلاً عن الواجب الإسلامي والقومي، الذي لطالما تحسسته السعودية في تعاطيها مع مصر وسائر الأقطار العربية؛ إلا أن ثمة أمراً لافتاً يستوجب التوقف عنده، وهو أن جماعة "الإخوان" لم تعد تلقى وداداً من الرياض، ولا مجال لتعليل ذلك على قاعدة مزاعم ارتهان، تخضع له إرادة أي طرف يجافي هذه "الجماعة" لأن الأميركيين أنفسهم، يمدون لها حبل الوداد. فللعلاقة بين "الإخوان" والسعودية تاريخ طويل، تأسس بمبادرة من مؤسسها حسن البنا، تبعتها مواقف وعلاقات مديدة، جعلت البنا من الزائرين الدائمين للمملكة العربية السعودية في أيام الملك عبد العزيز، وجعلته ممن يؤدون العمرة في كل سنة، طلباً للمال.

    كان مؤسس المملكة، عبد العزيز آل سعود، قد أحس بذكائه، وبفطرته البدوية، منذ محاولة حسن البنا الأولى، في العام 1935 الحصول على موطئ قدم لتنظيم "الإخوان المسلمين" في السعودية؛ أن الأمر ينطوي على مخاطرة من جنس الافتئات والفتنة. وهذا عينه، هو ما لم يعلم مكمن شروره، الساسة الراهنون، إلا في الشهور الأخيرة. فعندما تأمل عبد العزيز اسم الجماعة، وهو "الإخوان المسلمين" (هكذا، بـ "أل" التعريف) تساءل كيف يكون هؤلاء هم الإخوان المسلمون، وماذا نكون نحن إذن؟ فكأنما استشعر الرجل، في مجرد التسمية، شُبهة التعدي على إيمان الناس. لكن الرجل المحنك، لم يشأ أن يدع الرجل يمضي دون الاستفادة منه، شرط التسليم بموقف سعودي قاطع، هو أن لا مكتب لجماعة "الإخوان" في السعودية. وقد استجاب حسن البنا بأريحية، توخياً للعون الدائم. وفي رحلة العام 1935 تلك (وكانت رحلة حج بالسفينة، الى بيت الله الحرام)؛ كان حاضراً د. محمد حسين هيكل، صاحب كتاب "حياة محمد" الذي التقى البنا للمرة الأولى، فيما السفينة تمخر عباب البحر. كان هيكل، من قامات مصر السياسية والفكرية، وقد عرض عليه البنا ترؤس "الجماعة" لكي تزدهي به، فاعتذر الرجل بأدب، متعللا بانشغالات السياسة والكتابة. لكن الرحلة، ومكانة المرحوم د. هيكل، وصداقته لحافظ وهبة، المصري أصلاً، الذي يستضيفه في بيته، وصديق الملك عبد العزيز ومستشاره وسفيره الأثير في بريطانيا فيما بعد؛ مكنت هيكل من الاطلاع على فحوى المعونة السعودية لحسن البنا، وعلى آليات دفعها، إذ كان الشيخ محمد سرور صبحان، نائب وزير المالية هو المسؤول عن دفع "المعلوم" لمؤسس "الإخوان". وسارت الأمور لسنوات طويلة على هذا المنوال. ثم جاءت التطورات بعدئذٍ، بمصادفات جعلت البنا على يقين بأن هيكل لا يكن له احتراماً، بسبب تزلفه من أجل المال. فقد تسلم الرجل وزارة المعارف، وسرعان ما قرر نقل حسن البنا، مدرس الخط العربي في إحدى ابتدائيات القاهرة، الى مدرسة في "قنا" بصعيد مصر. استشعر البنا الخطر، ولم يكن قادراً على الاحتجاج، فكانت القنبلة هي الحل. ألقيت "الرمانة" على سيارة هيكل في الظلام، فأصابت سقفها، وتعرضت زوجة الرجل لصدمة قوية اقتضت علاجاً لعدة أشهر ـ حسب مذكرات ابنها أحمد ـ ونجا د. هيكل!

    كان البنا، في زياراته الى السعودية، يتوجه الى السفارة الأميركية في الرياض، ويقابل ديبلوماسياً متدني الدرجة، أصبح فيما بعد السفير الأميركي في القاهرة، بعد عودة العلاقات المصرية الأميركية غداة حرب 1973. فقد كتب الديبلوماسي الأميركي المغمور في الأربعينيات، هيرمان آيلتس، مذكراته وقال إنه كان على معرفة طيبة وعميقة بمرشد "الإخوان" وقال شيئاً مهماً يفتح الباب لتفسيرات منطقية، وهو أن لقاءاته بالبنا في الرياض، كانت تحدث في بعض الأحيان، في منزل المسؤول السعودي عن التمويل، وهو الشيخ الصبحان. ولم يكن من قبيل المصادفة، أن الأميركيين اختاروا "آيلتس" لمنصب السفير في القاهرة، مع عودة "الجماعة" الى المشهد المصري، عندما استعان بها السادات للانقضاض على الإرث السياسي القومي، المناهض للأميركيين على خُطى جمال عبد الناصر!

    إخواننا السعوديون، ظلوا يساعدون البنا و"الجماعة" على قاعدة الدعاء "الله يبعدك ويسعدك". وكانوا يحفظون لمرشد "الإخوان" أنه خالف توجهات الملك فؤاد، عند الإعلان عن تأسيس المملكة العربية السعودية. فقد أنكر الملك الفاسد المقامر فؤاد حق السعوديين في تأسيس دولتهم، طمعاً من جانبه، في أن يكون خليفة للمسلمين بعد سقوط الخلافة العثمانية. فعلى الرغم من المديح المعيب، من قبل "الإخوان" للملك الفاسد فؤاد، الذي نصح ابنه فاروق بأن يحذو حذوه فيتخذ لنفسه خليلة يهودية (قد فعل الابن مع "إيرين") تعينه على قضاء حوائج شتى؛ إلا أن "الإخوان" اعترفوا بالدولة السعودية التي رفض فؤاد الاعتراف بها، وأجزلوا الثناء على قيامها، وهذا ما جعل الملك عبد العزيز، يرد لهم التحية بمفردات مالية وحسب!

    وإمعاناً في العرفان للموقف السعودي المالي، بادر البنا، وهو الذي كان يتمنى العمل مدرساً في إحدى المعاهد الدينية السعودية ـ حسب خطاباته لوالده التي نشرها شقيقه جمال البنا ـ الى تغيير شعار "الجماعة" لكي يصبح توأماً شبيهاً بالعلم السعودي. ففي اللائحتين الأولى والثانية لجماعة "الإخوان" تقرر أن يكون المصحف هو الشعار، غير أن الدراهم استحثت التعديل، ليصبح الشعار سيفين وبينهما المصحف، محاطاً بعبارة عجيبة تجعل الموت "في سبيل الله" أسمى الأماني. أي الموت بالضرورة هو الأمنية الأسمى، وليس النصر أو الحياة الكريمة أو سلامة الأمة!

    مضت العقود، وكانت اعتبارات السياسة وصراع المحاور العربية، تقتضي دوام العون ودوام التربح، الى أن جاء العام 2002 عندما اضطر الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز الى صب جام غضبه على "الجماعة" باعتبارها "ناكرة الجميل وناكثة العهد ومسؤولة عن إفساد الأمة وعن استخدام الدين لتحقيق مكاسب سياسية صغيرة". ذلك علماً بأن السعوديين بطبعهم محتشمون في تصريحاتهم، متكتمون، ومُقلّون جداً في هجاء الآخرين. فقد رشح في تلك السنة، أن "الجماعة" سعت الى تأسيس تنظيم نسائي في المملكة، لكن المسائل بدت أعمق من ذلك!

    ظلت الراية خضراء، لكن السياسة في السنوات الأخيرة، اكتست لوناً عنابيّاً قرضاوياً قطرياً. لكن أمراً ظل يستحث الأسئلة ويتعطش للإجابات: لماذا خسرت "الجماعة" المملكة العربية السعودية، و"الإمارات" والكويت، هي خاسرة أصلاً في سائر البلدان؟
    إن كان هذا السؤال، ليس الأكثر إلحاحاً، فربما يكون استفسارنا الأهم: كيف ولماذا كسبت "الجماعة" التعاطف الأميركي، ولماذا يأسف الإسرائيليون لسقوط حكمها في مصر، بينما خطابات "رابعة" تروي للناس عكس ذلك؟!.

    نحو إعادة تقييم الأولويات
    ج الايام / كريستوف ديونڤالد وأودو كوك

    خلُص خبراء صندوق النقد الدولي منذ عامين إلى أن السلطة الفلسطينية قادرة على تطبيق السياسات الاقتصادية السليمة المنتظرة من دولة تعمل بكفاءة. واستند هذا التقييم إلى التقدم الهائل الذي أحرزته في بناء مؤسسات المالية العامة والقطاع المالي والسياسة الاقتصادية. ولا يزال هذا التقييم في محله، ولكن على السلطة الفلسطينية ـ والجهات المانحة ـ أن تعيد تقييم الأولويات.

    وتتضمن هذه الأولويات تخفيض فاتورة الأجور لإتاحة المجال أمام الاستثمار في التعليم والبنية التحتية العامة ولضمان استمرارية الأوضاع المالية والاقتصادية في المستقبل. وهذا التحول الكبير في تخصيص الموارد العامة ليس أمراً سهلاً وستطلب التعاون والدعم من المجتمع الدولي.

    ولا شك أن السلطة الفلسطينية تواجه تحديات جسيمة. فحوالي واحد من كل أربعة فلسطينيين باحثين عن فرصة عمل لا يستطيع العثور عليها. وبلغت البطالة بين الشباب معدلا شديد الارتفاع قدره 37%، كما تباطأ النمو ليصبح أدنى بكثير من المستوى اللازم لتوفير فرص العمل. ويعاني القطاع الخاص قيوداً على الواردات والصادرات وحركة السلع والأشخاص، بالإضافة إلى القيود التي تمنع الحصول على الأراضي والمياه والموارد الأخرى.

    ويركز الإنفاق العام تركيزا كبيرا على الأجور ومعاشات التقاعد والتحويلات، بدلا من التوجه إلى الاستثمارات العامة التي تمثل احتياجاً ملحاً. أما معونة المانحين التي تستهدف بناء القدرات الإنتاجية، فتُستخدم بدلا من ذلك في تمويل عجز الموازنة الذي بلغ العام الماضي 1.7 مليار دولار (17% من إجمالي الناتج المحلي) بينما ظلت الفواتير المستحقة دون سداد ـ ما يلحق الضرر بالقطاع الخاص أيضاً. وفضلا على ذلك، يلاحَظ ارتفاع دين البنوك إلى 1.3 مليار دولار. ويؤدي هذا النموذج المالي إلى الإضرار بالاقتصاد، كما أنه غير مُرْضٍ بالنسبة للمانحين، ولا يمثل طريقة قابلة للاستمرار في إدارة الموارد العامة.

    ومن المؤكد أن كثيراً من المشكلات الاقتصادية في الضفة الغربية وغزة ترجع جذورها إلى الصراع الذي دام طويلاً مع إسرائيل، وأن حل هذا الصراع هو الكفيل بإخراج الاقتصاد من وضعه الحرج أكثر من أي حل آخر. وهناك جهود مهمة تُبذل في هذا الاتجاه بقيادة السيد جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، تكملها خطط مكتب ممثل اللجنة الرباعية بهدف تنشيط القطاع الخاص، وكذلك الدعوة للعمل التي أطلقها رجال أعمال إسرائيليون وفلسطينيون تضافرت جهودهم تحت شعار "كسر الجمود".

    ويرحب صندوق النقد الدولي بهذه الجهود ويؤمن بضرورة مساندتها. ومع ذلك، فالوقت عامل حاسم، ولا يسعنا الوقوف انتظاراً لانفراج الموقف بينما تتدهور موارد السلطة الفلسطينية ويتعثر اقتصادها. فيجب على كل من المانحين والسلطة الفلسطينية التوصل إلى سبيل لضمان استمرارية الموارد العامة في ظل أي سيناريو.

    وتنفق السلطة الفلسطينية 17% من إجمالي الناتج المحلي على أجور موظفيها مقابل 8% من إجمالي الناتج المحلي تنفقها مصر، و5% من إجمالي الناتج المحلي تنفقها الأردن. ويأتي تضخم فاتورة الأجور ومعاشات التقاعد على حساب نفقات أخرى أكثر دعماً للإنتاجية، كما يتسبب في ارتفاع معدلات العجز. وهناك تحسن في تحصيل الإيرادات، لكن ضعف الامتثال الضريبي وسخاء الإعفاءات الضريبية يتسببان في ضياع المزيد من الإيرادات. ومن المؤكد أن القطاع الخاص يعاني، لكن توليد الاستثمارات وتوفير فرص العمل من خلال الحوافز الضريبية أمر مشكوك فيه نظرا لأنها غالباً ما تُمنح في صورة إعفاءات ضريبية طويلة الأجل دون استهداف المستحقين. ومن الممكن تخفيض الإنفاق على الأجور والحد من الحوافز الضريبية، واستخدام بعض المدخرات والإيرادات الإضافية في تخفيض العجز والاستثمار في التعليم والبنية التحتية.

    وللمانحين دور حيوي في هذا الصدد أيضاً. فينبغي مراعاة الوضوح في تحديد المعونة المتوقعة، ويُفضَّل أن يتعهد كل المانحين بما سيقدمونه من معونة لعدة سنوات قادمة. فمن شأن هذا أن يعزز الثقة، ويدعم الاستثمار والنمو، ويتيح للسلطة الفلسطينية إجراء التعديلات اللازمة في الموازنة. وبمرور الوقت، ومع انكماش العجز، يمكن أن يحوِّل المانحون المعونة من دعم الموازنة إلى المساعدة في الاستثمار الموجه للتعليم والبنية التحتية وتنمية القطاع الخاص. وإذا سارت الأمور على النحو الأمثل، يمكن أن يعود الوضع إلى ما كان عليه في الفترة 1998-1999، حين كان كل الدعم تقريباً يستخدم في التنمية الاقتصادية وليس في تمويل الموازنة. ويستطيع المانحون المساعدة أيضاً من خلال التعهد بتقديم دعم إضافي كلما تقدمت السلطة الفلسطينية في إصلاح الموازنة.

    ولا بديل لتخفيف القيود الإسرائيلية المفروضة على نطاق واسع، حتى يتسنى إزالة القيود التي تكبل القطاع الخاص. ويتعين أن تشمل هذه الجهود كافة قطاعات الاقتصاد، دون ربطها بمشروعات محددة. وفي نفس الوقت، يمكن للمانحين والسلطة الفلسطينية إحراز تقدم بصرف النظر عن القيود القائمة. فمن خلال إعادة توجيه أولويات الموازنة ومعونة المانحين على نحو يربط بين تعهدات الدعم من المانحين وتنفيذ إصلاحات الموازنة وفق إطار متعدد السنوات، يمكن أن يعمل الطرفان معاً لبناء اقتصاد فلسطيني ديناميكي يمتلك موارد عامة قابلة للاستمرار.

    *يعمل المؤلفان في صندوق النقد الدولي. كريستوف ديونڤالد هو رئيس بعثة الضفة الغربية وغزة، ومقره واشنطن العاصمة، وأودو كوك هو الممثل المقيم، ومقره القدس الشرقية.
    فلسطين ومصر
    ج الايام / توفيق وصفي

    قاتل زعيمنا الراحل ياسر عرفات ومعه كل الوطنيين الفلسطينيين من أجل الحفاظ على كنزهم الثمين "استقلالية القرار الفلسطيني"، رغم نسبية الأمر، فلا أحد يمتلك قراراً مستقلاً بالمعنى المجرد، إلا الله في علاه.

    لم يكن الحفاظ على هذا الكنز أمراً يسيراً بيُسر إطلاق تعويذة "القرار المستقل"، وكان لا بد من تميمة حاكمة مانعة يتعلق بها أبو عمار ورفاقه على مر عقود من الكفاح المسلح والسياسي، عنوانها عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول العربية، واعتبار أن شأن أي بلد شأن خاص بشعبه وقيادته، بالرغم من الأخوة والجيرة والمصاهرة والتاريخ المشترك، ليس لأننا سلبيون أو انتهازيون، ولا لأننا نؤثر السلامة، فمشروعنا الوطني برمته ليس مشروعاً للمسالمين ولا الجبناء، ولكن لأننا في حاجة للجميع، سواء كنا ضيوفاً لاجئين أو عاملين في بلادهم، أو لأن لبلدنا حدوداً مشتركة معهم، كجيراننا الأشقاء في سورية ولبنان والأردن ومصر.

    عشنا وعملنا وتعلمنا في بلادهم، وانخرطنا في الكفاح السياسي وغيره على أراضيهم، تدرب فدائيونا فيها، تنقلنا بينها ولذنا بها، وكان كل ذلك يتم برضا الأنظمة الحاكمة المتعاقبة على حكم هذه البلدان وتحت عيونها، وكنا نعلم على الدوام أن هناك معارضة داخلية لكل نظام من بني جلدته، ولنا بالضرورة موقفنا من ذلك كما يقول الرئيس محمود عباس، لكننا لا نتكلم، ويكفي أن حقيقة كوننا محط أنظار الشعوب العربية كمدرسة في التمرد والكفاح كانت سبباً دائماً لنقدنا من هذا النظام أو تلك المعارضة.

    لقد أُجبرنا للحفاظ على الحد الأقصى من الاستقلالية في المحيط الشقيق المُضيف على السير دائماً على حد السيف، بين حانا ومانا، بين النظام والمعارضة، ودفعنا ثمن ذلك غالياً إن لم يكن استراتيجيا أكثر من مرة، والحقيقة أن من دفع ومازال يدفع الثمن هو أبناء الشعب الفلسطيني هنا وهناك، كالكويت التي انخسف عديد الفلسطينيين فيها إلى نحو 10% فقط، بعد أن كانوا يشكلون أغلبية المقيمين فيها بعد الكويتيين.

    إن أكثر ما يؤذي الأفراد الفلسطينيين تعميم النقمة عليهم كشعب، حين يتدخل طرف منهم في نزاع داخلي عربي، داخل البلد نفسه أو بين بلدين، كما يحدث في سوريا ولبنان ومصر، ويدفع الفرد الفلسطيني ضريبة شأن لا مصلحة حقيقية له فيه، وقد يصل الأمر إلى دفع حياته ثمنا لذلك، عدا أضرار وخسائر لا حصر لها، أشدها صعوبة ترميم ما انكسر في صورتنا كفلسطينيين أصحاب قضية تستوجب أعلى قدر من الحكمة، بالإضافة إلى فشلنا في الحفاظ على ما تبقى من كنزنا الموروث، الاستقلالية!

    لا أُفضّل حكم الإخوان المسلمين المُطلق، فهذا زمن قد ولّى، لكن التجربة المصرية التي لم تنته بعد تؤكد أنه لا بد لهم من الحفاظ على وجودهم في المشهد السياسي، لمصلحة بلدهم وليس لمصلحة حزب أو جماعة، تلسعني حقيقة ما نعانيه في فلسطين، خصوصا في غزة، التي يظن الإخوة في حماس أن في إمكانهم حكم غزة كنموذج لحكم فلسطين بشكل منفرد، بالاعتماد على حسابات تتنافى واستقلالية القرار الوطني المستقل، والنهاية عزلة لها وعزلة لأهل غزة وفلسطين.

    لا نملك في أول شهر رمضان الكريم إلا الدعاء لمصر أن تمر من هذه المحنة، التي تتضمن الكثير من الإيجابيات والمخاطر، مخاطر قد لا تقف آثارها عند حدود مصر العزيزة، بل كل من يحبها ويحتمي بها.

    وفي سياق ذي صلة، أسأل الرئيس الأميركي باراك أوباما عطفا على تهنئته للمسلمين بحلول شهر رمضان: من أين ستأتي المسرات التي تتمناها للمسلمين وبلادك تزرع ألغاما وتنصب مكائد لبلادنا، حماها الله من كل سوء.

    مصر: مؤامرة ممتدة على ثورة مستمرة
    ج الايام / علي جرادات

    ثورة 25 يناير المصرية ـ ككل ثورة ـ حدث تاريخي فاصل أطلق صيرورة تغيير لا يمكن إيقافها إلا بإنهاء البنية السياسية الاجتماعية الاقتصادية السابقة عليها، وإحلال بنية جديدة محلها، وفي أقلة إجراء تعديلات جوهرية عليها. لكن هذا وذاك لم يكن ليكون دون الدخول في تعرجات والتواءات تفرضها حقيقة أن الثورات ليست قطاراً يسير على خطين مستقيمين، إنما على درب وعرة فيها الصعود والهبوط، وفيها التضحيات والإنجازات. وغني عن الشرح أن الشعب المصري-ككل شعب يعيش زمناً ثورياً- تعلم في كل يوم من العامين الماضيين أكثر مما تعلمه في سنين من الزمن العادي. لذلك كان من الطبيعي لدرجة البداهة أن تأخذ ثورة 25 يناير مداها بوصفها علاجاً له ديناميكيته الخاصة وموجاتها المتتالية التي جاء بعضها جامحاً كجموح حصان انطلق بعد حجز طويل، ما يجيز القول: إن موجة 30 يونيو هي، وإن كانت الأعلى حتى الآن، إلا أنها- على الأغلب- لن تكون الأخيرة، لكنها في الحالات كافة راكمت على انجازات موجة 25 يناير، وأضافت أولياً:
    1: شقت طريق العزل الجماهيري لأقوى تيارات "الإسلام السياسي"، "الإخوان"، بعد انكشاف عجزه وفشله، واتضاح أنه مجرد إجابة خاطئة على أسئلة الثورة الصحيحة. ففي 30 يونيو الماضي استعاد الشباب المصري زمام المبادرة، وأطلق أعتى موجات ثورة 25 يناير حتى الآن، وفجَّر غضب شعب أطاح السلطة السياسية لجماعة "الإخوان"، كجماعة محافظة ركبت موجة الثورة، وخطفت جهد مشعلها الحقيقي، (الشباب)، وصانع انجازها الفعلي، (الشعب)، عبر توسل المقدس الديني، وتقمص دور القائد الثوري الديمقراطي، وإبرام الصفقات مع قوى الثورة المضادة بقيادة الولايات المتحدة، خارجياً، ورجال المال والأعمال، داخلياً، بغرض احتواء حدث 25 يناير التاريخي، ووضع سقف لأهدافه، وحرف مساره الثوري عبر إدخاله في دهليز مسار دستوري ليبرالي، أوصل السيد مرسي كممثل لجماعة "الإخوان" لمنصب رئاسة الجمهورية. وهو ما استغله لمصلحة تمكين جماعته، وكانت ذروة ذلك عندما انتهك الدستور وتجاوز صلاحياته وأصدر "إعلاناً دستورياً" جعله حاكماً بأمره بغرض تمرير مشروع دستور غير متوافق عليه. وكل ذلك في إطار تسهيل عملية "أخونة" الدولة والمجتمع والاستئثار بالسلطة وإقصاء الآخرين عنها.

    2: عمقت مفهوم الثورة في ذهن الناس، حيث لم تعد الثورة مسألة تغيير شخوص، فمرسي، (مثلاً)، صار في الوعي الشعبي علامة فاشلة لتيار سياسي يعيد انتاج سياسات نظام مبارك، داخلياً وخارجياً، اجتماعياً واقتصادياً، أي "استبدال رأسمالية السيجار برأسمالية السواك"، وفقاً لصياغة حمدين صباحي الذكية، حيث حل رجال مال وأعمال "الإخوان" بقيادة خيرت الشاطر وحسن مالك محل رجال مال وأعمال نظام مبارك بقيادة أحمد عز وحسين سالم.

    3: زادت انتباه القوى والتيارات السياسية والحركات الشبابية للثورة إلى حاجات الناس الواقعية، بحسبان أن تلبيتها، هو القول الفصل في الحكم على جدارتها، والمعيار الأساس لتقدم أو تراجع شعبيتها.

    4: عمقت وعي الناس بالدور الأميركي التخريبي وارتباطاته في الداخل ممثلة ببقايا نظام مبارك، ومن ركب موجة الثورة في غفلة من مشعلها، (الشباب)، وصانعها، (الشعب). وقد تجلى ذلك في إعادة الاعتبار لمفهوم السيادة والاستقلال الوطنييْن ورفض التهديدات والابتزازات الأميركية، ما يعني اتساع وتعمق الوعي الشعبي بأن مصر حتى لو تخلصت من حكم أقوى تيارات "الإسلام السياسي"، "الإخوان"، فإن الولايات المتحدة بوصفها قائد الثورة المضادة خارجياً، لا تريدها دولة عَقْدِيَّة خارج التبعية السياسية والأمنية لها، وخارج استمرار إدراجها في دواليب نظام اقتصاديات الليبرالية الجديدة ومفاهيمها تجاه ما يسمى دول "العالم الثالث"، وهي المفاهيم العنصرية الاستعمارية ذاتها المرادفة لعبء "الرجل الأبيض" كما صاغه جون ستيوارت مل الذي قطع بأن "الغرب المتمدن" هو وحده القادر على الأخذ بيد "الشرق المتخلف"، والوصول به إلى درجة "الرقي والحضارة"، وأن "الغرب" بذلك إنما يتحمل أعباء "تمدين الشرق". ماذا يعني هذا الكلام؟

    بموجة 30 يونيو من موجات ثورة 25 يناير دخل الشعب المصري-بقوة- على خط الصراع الدائر بين تعبيريْن سياسييْن لطبقة الرأسمالية الكمبرادورية ذاتها، هما تيار"الإسلام السياسي بطبعة الإخوان" وتيار"الانفتاح الساداتي بطبعة مبارك"، ما يؤدي إلى إنهاك هذيْن التعبيريْن، وإفساح المجال أمام بروز تعبيرات سياسية جديدة، وربما تعديلات على الدور القيادي لشرائح الطبقة الرأسمالية المصرية، ما يجبرها على إعادة صياغة خطابها باتجاه عقلاني رشيد يحمل مهمة إعادة بناء الوطنية المصرية بصورة أكثر تجانساً، وبما يمكِّن من إعادة صياغة نظام حكم قائم على العلاقات المدنية في نظام برجوازي ديمقراطي يفك ثنائية إما "الدولة الدينية" أو "الدولة العسكرية"، أي نظام ينتهج سياسة اجتماعية اقتصادية هي أقرب إلى "الرأسمالية الاجتماعية" التي بمقدورها الحفاظ على استقرار النظام. تتبدى ملامح ذلك في ما أطلقته موجة 30 يونيو من مبادرات اقتصادية اجتماعية لجمع تبرعات تستهدف الرد على التهديد-الابتزازي- بقطع المعونة الأميركية، وفي دعوة الجمعيات الخيرية الوطنية إلى الحلول محل الجمعيات "الإخوانية" التي تقدم أعطيات الإعاشة لنحو مليون أسرة مصرية، وفي مبادرة بعض الرأسماليين الوطنيين بطرح مشاريع اقتصادية كبرى ذات طابع انتاجي تنموي، خاصة في محور بور سعيد سيناء. وهو ما من شأنه أن يرفع عدد سكان سيناء إلى مليون نسمة. هذا ناهيك عن رؤى تنموية مختلفة تقدم بها العديد من العلماء والمفكرين والسياسيين المصريين مثل عالم الفضاء، فاروق الباز، والمفكر الاقتصادي الكبير، أحمد سيد النجار، والسياسي اللامع، مصطفى الجندي، نائب رئيس البرلمان الإفريقي، الذي طرح حلاً يعطي مصر دورا مركزيا في تنمية بلدان حوض النيل، بما لا يحرم دول المنبع من الحق في التنمية، ويزيد من حصة مصر في مياه النيل. إذاً ثمة بعد اجتماعي للثورة آخذ بالتعمق بعد أن غيبت سياسة الانفتاح والخصخصة الفكر التنموي المنتج الذي ساد مصر في العهد الناصري لمصلحة سيادة الفكر الكمبرادوري الاستهلاكي والإفقاري في آن. لقد اكتشف المصريون العاديون المنخرطون في الثورة أنه لم يكن هنالك نظام يتمتع باستقلال وطني ناجز، لا في عهد مبارك، ولا في عهد "الإخوان"، ما جعل شعار الكرامة الوطنية مرادفاً لشعار السيادة والاستقلال الوطنييْن. هنا يتبين أن قوى الثورة الفعلية التي اشغلها الإخوان وبقايا نظام مبارك في لعبة تغيير الشخوص، قد اصطدمت بحقيقة مفادها، أن الأمر يتعلق بتغيير بنية فاسدة تابعة وخاضعة أدرجت مصر، سياسة واجتماعاً واقتصاداً وأمناً وثقافة، في دواليب نظام الليبرالية الجديدة المعولم بقيادة الولايات المتحدة.

    قصارى القول: موجات ثورة 25 يناير تترى، وكما لم ينفع لاحتواء موجتها الأولى لجوء "الإخوان" إلى توسل المقدس الديني ونظام الأعطيات وتقمص دور حامي "الشرعية الدستورية" وعقد الصفقات مع قوى الثورة المضادة، داخلياً وخارجياً، فإنه لن ينفع لإيقاف اندفاع السيل الجارف لجولتها الثانية لجوء "الإخوان" إلى ممارسة العنف ووعيد إغراق مصر في أتون حرب أهلية. فالشعب المصري قرر-بعشرات الملايين- تصحيح مسار ثورته، وطلائعه الشبابية قررت-بإبداع وطموح ثوري لا حدَّ لهما- اقتحام عنان السماء وتقديم التضحيات المفروضة في سبيل إنجاز مطالب هذه الثورة السلمية في "العيش والحرية والعدالة والكرامة والاستقلال الوطني". ما يعني أن مصر بعد 30 يونيو الماضي صارت فعلا أمام مؤامرة "إخوانية" ممتدة على ثورة شعبية مستمرة. ولا عجب.
    فأوروبا خاضت حروباً داخلية وخارجية على مدار عشرات السنين حتى استقرت دولها القومية الديمقراطية المدنية الحديثة. بقي القول ليت "الإخوان" يقرون بأن قيادتهم، وتيارها الصقري بالذات، هي المسؤولة عن سقوط سلطتهم في مصر، وعن كل ما ستتركه ارتدادات هذا السقوط المدوي من آثار عميقة على مكانة تنظيم "الإخوان" ودوره في الوطن العربي كله. إذ بهذا الإقرار- المراجعة- فقط يمكن تجنيب مصر الدولة و"الإخوان" التنظيم- المطلوب ترخيصه وفقاً لقوانين دولة وطنية ديمقراطية مدنية حديثة- جريرة تمادي قيادة جماعة "الإخوان" في حماقة ممارسات العنف التكفيري التي أطلقها خطاب المرشد، بل المحرِّض، العام للجماعة، وغيره من رموز التيار الصقري في قيادتها.

    خطأ "الإخوان" القاتل: مصر ليست غزة
    ج الايام / أشرف العجرمي

    تتسارع الأحداث في مصر بعد إقالة الرئيس محمد مرسي وإعلان حركة "الإخوان المسلمين" الحرب على الجيش والمؤسسات وغالبية الشعب المصري بقرار مباشر من قيادات الحركة وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع الذي أعلن الحرب من ميدان رابعة العدوية هو وبعض القيادات الأخوانية الأخرى مثل محمد البلتاجي الذي يعترف بطريقة غير مباشرة بوقوف "الإخوان" خلف العمليات الإرهابية التي تنفذ ضد الجيش وقوات الأمن في سيناء، حيث طالب بإعادة مرسي للرئاسة كشرط لوقف العمليات في سيناء.وكان التصعيد الدموي مقابل الجيش باستهداف الحرس الجمهوري الذي تمت مهاجمته وإطلاق النار عليه، وإطلاق النار على المتظاهرين من الخلف حسب فحص جثث القتلى الذين بلغ عددهم 51 في هذه المواجهات، وبلغت الأمور حداً إلى مستوى الاعتداء على الكنائس ورجال الدين ، ووضع قنبلة كانت معدة للتفجير تحت كوبري(جسر) الجامعة في قلب القاهرة. ومن الواضح أن الأمور لن تهدأ بسهولة في ظل هذا التصعيد الدموي والإرهاب الذي يعود بنا إلى التاريخ الطويل لحركة "الإخوان" في ممارسة العنف وهم الذين ادخلوا الاغتيالات والتفجيرات في مصر منذ ما قبل ثورة العام 1952، بما في ذلك محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

    وتحاول حركة"الإخوان المسلمين" تكرار تجربة "حماس" في قطاع غزة، وهم استخدموا نفس أساليب الإرهاب التي استعملتها "حماس" ضد المواطنين في قطاع غزة لإخافتهم والسيطرة عليهم بما في ذلك إلقاء الناس من على أسطح المنازل. غير أنها في اعتمادها على نصائح قادة "حماس" ومستشاريهم وعلى خبرتهم القمعية العملية لا تميز بين الواقع المصري والواقع ألغزي قبل الانقلاب الحمساوي، ففي مصر يدور الحديث عن ثورة شعبية لا مثيل لها في العالم أدت إلى تغيير نظام "الإخوان" الذي لو اتيحت الفرصة لهم للتحكم في مقدرات مصر لكانت خسارة مصر لا تقدر ولكانت الكارثة الكبرى في التاريخ المصري.وإذا كان الوضع في غزة محكوماً بفوضى السلاح وباتهامات للسلطة الفلسطينية بالفساد والتنازل، وبتفكك وتهلهل الأجهزة الأمنية التي كانت تعاني من قطع الرواتب، وفي ظل رأي عام منقسم وغير ناضج لتقدير أبعاد ما تفعل "حماس" التي لم تفهم مغزى الانتصار في الانتخابات والحصول على الأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني، والتي رأت في فوزها رخصة في القضاء على الواقع القائم قبلها وتغييره بالكامل وإقصاء الآخرين من مواقع التأثير والقرار، فالوضع في مصر مختلف كلياً ليس فقط بحركة الشعب الواسعة الأكبر في التاريخ المعاصر ، بل كذلك بوجود الجيش المصري الوطني الموحد والذي يشكل صمام الأمان لدولة مصر وشعبها، وهذا الجيش مع قوات الأمن الأخرى منسجمون تماماً أهداف ثورة الشعب التي تريد التغيير نحو الأفضل في ميدان تعزيز الديمقراطية والحرية في مصر وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولا طموح للجيش في تولي السلطة أو تحقيق مكاسب سياسية لقادته.

    هذا الانسجام بين الجيش وبين الشعب يجعل من أهداف "الإخوان" في العودة إلى السلطة عبر الإرهاب والتخويف وممارسة العنف ضرباً من المستحيل مع عدم إنكار قدرتهم في التخريب والعبث الذي ينعكس على استقرار البلاد وأمنها. ولعل ما حصل ضد الحرس الجمهوري وفي سيناء مؤشر على ما يفكر به قادة "الإخوان"، ولكنه في المقابل سلاح ذو حدين. ففي هذا العصر الذي تلعب فيه وسائل الإعلام وأجهزة الاتصال بمختلف أشكالها بما فيها أجهزة التليفون المحمولة دوراً مهماً في كشف الحقائق ونقلها مباشرة إلى الجمهور لم يعد بإمكان أي جهة أن تخبئ وجهها الحقيقي خلف شعارات أو أزياء أو مناورات،وما حدث مع الأشخاص الذي قاموا بإلقاء شبان من فوق احدي البنايات والذين تم القبض عليهم بعد نشر صورهم، وكذا ما حصل مع محاولة اتهام الجيش بقتل متظاهر عندما قام أحد الأشخاص بإطلاق النار على هذا المتظاهر الذي يؤيد "الإخوان" وتصويره وهو ينقل سلاحه إلى شخص آخر بعد تنفيذ فعلته. و هكذا سرعت أحداث التصعيد إجراءات السلطة الانتقالية التي يمثلها الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور للانتقال إلى وضع الاستقرار بتشكيل مؤسسات الدولة،فكان الإعلان الدستوري الجديد الذي نشر أول من أمس والذي يؤكد على مضامين وأهداف الثورة كمنطلقات للعمل، وأيضاً يتضمن إجراءات محددة بتواريخ لأجراء تعديل على الدستور المعطل الذي صاغته جماعة "الإخوان" وحلفائها خلافاً لرغبة الغالبية من قوى الشعب. وأجراء الانتخابات البرلمانية وبعدها الانتخابات الرئاسة قبل نهاية هذا العام.

    وأهم ما ينص عليه الإعلان الدستوري هو مشاركة قوى الشعب وكفاءاته بتعدديتها السياسية والفكرية والدينية والمهنية في إعادة صياغة الدستور ، وخاصة في اللجنة التي سيعرض عليها ما يتم صياغته من تعديلات يقوم بها الخبراء في مجال القضاء والقانون والمشكلة من 50 عضواً يمثلون المجتمع المصري بكل تلاوينه. وهذا عملياً يساهم في خلق أوسع إجماع شعبي على الخطوات القادمة التي تؤمن انتقال سريع للسلطة لمؤسسات منتخبة تعبر عن إرادة الشعب وعن أهدافه وطموحاته في حياة أفضل.ولعل النجاح في تكليف رئيس جديد للحكومة هو د.حازم الببلاوي خطوة على هذا الطريق الصحيح.

    "الإخوان" خسروا معركة الرأي العام في مصر وانكشفوا بسرعة لأوسع قطاعات الشعب بأنهم لا يملكون مشروعاً نهضوياً أو تنموياً يقوم على الديمقراطية ويطلق العنان لطاقات الشعب في عملية بناء وتطوير للواقع. وبأنه لا يهمهم سوى التمكن من السلطة وخدمة الجماعة على حساب الشعب تماماً كما تفعل "حماس" في غزة، وهي التي وقعت في أخطاء جسيمة بتدخلها السافر والمفضوح بمجرى الأحداث هناك منذ عهد الرئيس مبارك وحتى الآن باعتراف أشخاص تم القبض عليهم ومعلومات لدى الأجهزة الأمنية المصرية وباعتراف قادة من "حماس" ينتقدون هذا التدخل ويحذرون من عواقبه. وخسارة "الإخوان" الفادحة ستقود على خسارة ليس أقل لحركة"حماس" على كل المستويات وليس هناك من مخرج سوى العودة لحضن الشرعية وإنهاء حالة الانقسام وعودة الوحدة الوطنية بكل صورها وإشكالها.

    أميركا.. والدور الاستخدامي لـ "الجماعة" !
    ج الايام / بقلم: هاني حبيب

    كمعظم المواطنين العرب، خاصة هؤلاء الذين اعتادوا متابعة الأحداث، كنت أتنقّل بين مختلف الفضائيات المصرية المستقلة خاصة، لأتعرف على ما يجري في الشقيقة مصر من أحداث عاصفة، وقد لفت انتباهي أحد المحلّلين السياسيين، في إحدى القنوات المصرية، عندما أراد أن يؤكد، وفقاً لنظرية المؤامرة، أن ما يجري في المنطقة ومن "ربيع عربي" على وجه الخصوص هو مجرد مخطّط أميركي يهدف إلى ترجمة نظرية "الفوضى الخلاّقة" في التطبيق العملي، وما يجري في مصر الآن، هو أهم حلقة من حلقات هذا المخطط. مشيراً ـ المحلّل السياسي ـ إلى أن الولايات المتحدة تواجه هذه الأيام، أكثر من أي وقت مضى، فشلاً ذريعاً في الحفاظ على قواتها في أفغانستان في مواجهة مع الإرهاب "القاعدي" و"الطالباني"، بينما هي تستعد لإخلاء قواتها من هناك العام القادم، لكن في كل يوم تقريباً، تشن القوى الإرهابية هجمات متصاعدة على قوات التحالف الغربي، الأميركية منها على وجه الخصوص، لكن ـ وما زال الحديث له ـ تردد الولايات المتحدة بعدم التدخل الواضح في الشأن السوري، من شأنه إطالة زمن التقاتل الداخلي، وفي ذلك تدمير للجيش السوري، لكن وفي السياق ذاته، فإن قوى الإرهاب، أخذت تهاجر من أفغانستان والعراق، إلى سورية، الأمر الذي يخفف على القوات الأميركية من عبء القتال في أفغانستان، كما يخفف عبء مواجهة الحليف "المالكي" في العراق من عبء مواجهة الموجات الإرهابية السنّيّة ـ حسب وصفه.

    ما أدهشني في هذا التحليل، أنه اعتبر الموقف الأميركي المتردد إزاء ما يجري في جمهورية مصر العربية يعود إلى إرادة أميركية، لخدمة مصالح الولايات المتحدة في إضعاف الجيش الأهم والأكثر تنظيماً وقوة، والذي لم يتورط في الإشكاليات والأزمات الداخلية، من خلال طمأنة "جماعة الإخوان" إلى إسناد واشنطن لمواقفها، ما يشجعها إلى جرّ الجيش المصري للدخول في أتون الاحتراب الداخلي، والأهم من ذلك، كما يقول، توفير أرضية صالحة لجذب قوى الإرهاب من أفغانستان والعراق إلى شبه جزيرة سيناء على وجه الخصوص، لمواجهة الجيش المصري، وأن واشنطن التي تسيطر على الوضع بإمكانها أن تضمن أن قوى الإرهاب لن توجه سلاحها إلى إسرائيل، كما يحدث الآن بالضبط.

    عودة إلى الوراء، سنوات قليلة، تحيل هذا التحليل من الافتراض إلى الواقع، وبعيداً عن نظرية المؤامرة، من خلال تأكيد الطبيعة الاستخدامية لجماعة "الإخوان المسلمين" من قبل "جهات أخرى"، ويقال على هذا الصعيد: إن السادات استخدم "الجماعة" في مواجهته مع القوى القومية والناصرية.. ثمّ قتل على يد "الجهاديين"، الذين أفرج عنهم مبارك بعد إلقاء القبض عليهم، بضغط أميركي، كي يتحول هؤلاء الجهاديون إلى أفغانستان لمواجهة ومقاتلة النظام الشيوعي في أفغانستان، بعد أحداث سبتمبر في أميركا، اقتنعت واشنطن أن الإسلام الوسطي بقيادة "الإخوان المسلمين، هو الذي بإمكانه مواجهة الإسلام المتطرف الذي تقوده "القاعدة"، وربما هذا ما يفسر ترحيب واشنطن بوصول "الجماعة" إلى الحكم في جمهورية مصر العربية اعتقاداً منها، أن "الجماعة" هي الأقدر على مقارعة "التطرف الإسلامي" بقيادة "القاعدة" ومشتقاتها، واستثمرت واشنطن ذاك الشره والعطش للسلطة من قبل "الجماعة" لمساعدتها في السطو على ثورة 25 يناير، ممهدة السبيل لها، للوصول إلى السلطة تحت يافطة ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع (!).

    وقد رأينا، في الشهور الماضية كيف باتت شبه جزيرة سيناء، دولة "شبه مستقلة" تحكمها عصابات الإرهاب، من دون أن تقوى القوات المسلحة المصرية، بدون أن يتوفر غطاء سياسي، لمواجهتها، ما زاد في قوتها وشكيمتها، باعتبارها القوة الاحتياطية الهائلة لـ "الجماعة"، وها نحن نعايش كيف بات الوضع في تلك المنطقة الحسّاسة والهشّة، شبه جزيرة سيناء، بعد الثورة التصحيحية في 30 يونيو، وإزاحة مرسي و"الجماعة" من سدّة الحكم، ما يفسر اليوم أحد أهم أسرار الأمس، وإجابة واضحة على السؤال المتكرّر: لماذا لم تتم إزاحة الأسرار عن النشاط الإرهابي في شبه جزيرة سيناء، ولماذا لم تقم القوات المسلحة المصرية بدورها في هذه المواجهة، وقد تبين من خلال وثائق نشرت مؤخراً، أن الجيش المصري ظل بدون أوامر وتعليمات لمثل هذه المواجهة، وبينما ظلت إسرائيل "صامتة" على ما يحدث على مقربة من حدودها، فإنها كانت تعلم تماماً أن هذه العصابات لن تهدد أمنها، وأن مهمتها الأساسية هي إضعاف الجيش المصري، إلى درجة أن لا تعود هناك ثقة من قبل الشعب المصري بجيشه الذي يعتبر مقصّراً وضعيفاً ولا يقوى على حفظ أمن وحدود البلاد.

    قد يكون الربط بين هذه المقارنات، مجرد ضعف في التحليل، والاستنجاد بنظرية المؤامرة للتحايل على التحليل المنطقي، وقد يشكل هذا الربط مجرد تعبير عن مستوى من مستويات الخيال، إلاّ أن العديد من المسائل التي تم اعتبارها في الماضي مجرد مؤامرة مصطنعة، تبين أنها حقيقية إلى درجة أن لا أحد قد صدقها في حينه، واليوم نرى أنفسنا ونحن نشاهد ونتابع ما يجري أن ليس في الأمر إلاّ الربط بين أحداث نجدها منطقية تماماً في أجواء ليس فيها من المنطق شيء!

    كيف يؤدي كيري "الأغنية"؟
    ج الايام / حـسـن الـبـطـل

    مثلكم همّي الراهن مصري، وكان سورياً، والهمّ المصري يطغى على صفحة "آراء" "الأيام" ومعظم صفحاتها.. ومن ثمّ، صار لي كم يوم أشذّ على ما يطغى على آراء الصحيفة وصفحاتها.

    ومن هتافات ميادين مدن مصر، حيث النشيد في ميدان غيره في ميدان قريب.. إلى أغنية فيروز الشهيرة: "زوروني كلّ سنة مرّة" والبعض يقول إن أغنية المفاوضات على امتداد عشرين سنة.. إلاّ شهورا، صارت نشازاً، أو بلغة الطبّ مثل حملٍ خارج الرحم؟
    كيف يؤدّي جون كيري أغنية المفاوضات؟ ربما زوروني (أزوركم!) كلّ شهر مرّة، وقريباً زيارته السابعة في سبعة شهور، وزارنا من قبل أكثر من دزينة وزراء خارجية أميركان.. لكن ليس "زوروني كلّ سنة (أو شهر) مرّة؟!

    ما علاقة الهمّ المصري بالأغنية الفيروزية؟ إنها غير علاقة "حرب أكتوبر" 1973 بما أسماه الرئيس السادات "ضباب" حرب الهند والباكستان عام1971، فأجّل "حرب العبور" ريثما تنقشع.
    ضباب "الربيع العربي" ينتشر ولا ينقشع، لكن ترافقه مفاوضات فلسطينية ـ إسرائيلية على كافة المستويات: ثنائية ودولية، علانية وسريّة، حزبية وشعبية.. وفكرية بطبيعة الحال!
    بتعبير آخر، فوق أوتوستراد مشروع كيري، كما في الطرق الالتفافية والجسور المعلّقة، وحتى في أنفاق تحت أرضية.. وهذا خلاف المفاوضات العربية ـ الإسرائيلية، التي دارت على مستويين رسمي علاني وسرّي.

    خلال أيام قليلة، أدار فلسطينيون لقاء مع نشطاء "ليكوديين" ومن حركة "شاس" في مقر م.ت.ف برام الله، وكذلك ندوة سياسية نظمتها "مبادرة جنيف" 2003 في الكنيست.. ولكم أن تصدقوا من تشاؤون!

    لا أظنّ أن للمفاوضات شعبية لدى الفلسطينيين، ولا لكبار المفاوضين الفلسطينيين، وبخاصة كبير المفاوضين صائب عريقات، رغم أنه يقول: 80% من المفاوضات تجري خارج قاعات المفاوضات الرسمية.
    هناك شيء في المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية غير موجود في المفاوضات العربية ـ الإسرائيلية، ومنه استطلاعات رأي مشتركة لعيّنات من الرأي العام لدى الشعبين.
    في آخر استطلاع من نوعه شارك فيه معهد روكفلر والمركز الفلسطيني للدراسات بعض المفاجآت (المتوقّعة) ومنها أن (62%) مقابل (33%) من الإسرائيليين يؤيدون خطة "الحلّ بدولتين" في مقابل 55% من الفلسطينيين يؤيدون و46% يعارضون.

    لكن خيار الحلّ غير نتيجة خيار التفاوض لأن (68%) من الإسرائيليين لا يتوقعون نجاح المفاوضات، في مقابل (64%) من الفلسطينيين، وأيضاً، (63%) من الإسرائيليين و(69%) من الفلسطينيين يعارضون خيار الدولة الواحدة المزدوجة القومية (32% من الإسرائيليين و30% من الفلسطينيين يؤيدون).

    في آخر جولاته، قال كيري إن الجانبين طلبا منه العودة في جولة جديدة، بينما تسخر "نيويورك تايمز" من دأب جولات كيري، بينما تهتز أوضاع المنطقة خارج فلسطين ـ إسرائيل.
    على رغم نوعٍ من الصمت أوصى به كيري، فقد تسرّبت خطوط عامة لمشروعه، يمكن تلخيصها بقوانين لعبة كرة القدم، وخلاصتها أن الرميات الركنية (شروط بدء التفاوض) ستلعبها إسرائيل، لكن ضربات الجزاء (بلانتي) التي هي شروط جوهر التفاوض ستلعبها فلسطين، لأنه أحال مسألة دولة على خطوط 1967 إلى خطابي الرئيس باراك أوباما في تاريخ التفاوض مع إسرائيل محطات ومفاوضات، فقد بدأنا حضور زور في مدريد، ثم في وزارة الخارجية الأميركية (مفاوضات الردهة).. وحصل "الاختراق" في أوسلو الذي كان قناة سرية ثانية؟
    والآن، مفاوضات على جميع القنوات العاملة، بما فيها قناة مع حزب "الليكود، حيث حضر 50 شخصاً منه اللقاء مع الفلسطينيين في مقر م.ت.ف، إضافة إلى شخصيات بارزة في "شاس".
    ***
    قلت إن همّي مصري، وما حصل أمام مقرّ "الحرس الجمهوري" خطير، وأخطر منه الإعلان الدستوري في 8 تموز عن رئاسة الجمهورية، ففي المادة الأولى جاء "مبادئ الشريعة الإسلامية، التي تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذهب أهل السُنّة والجماعة، المصدر الرئيس للتشريع".

    هذه أول مرة في مشروع دستور مصري تأتي عبارة "في مذهب أهل السُنّة والجماعة"؟!

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 395
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-14, 09:39 AM
  2. اقلام واراء محلي 297
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:19 AM
  3. اقلام واراء محلي 296
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:18 AM
  4. اقلام واراء محلي 295
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:17 AM
  5. اقلام واراء محلي 294
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:13 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •